سلسلة لقاء الباب المفتوح-082a
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
سلسلة لقاء الباب المفتوح
مقدمة عن أهمية معرفة تفسير القرآن .
الشيخ : الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: فهذا هو اللقاء الثاني والثمانون بعد المائة من اللقاء المعبر عنه بلقاء الباب المفتوح، والذي يكون كل يوم خميس من كل أسبوع، وهذا هو الخميس العشرون من شهر رجب عام خمسة عشر وأربعمائة وألف.
وكان من عادتنا أن نبدأ هذا اللقاء بتفسير آيات من كتاب الله عز وجل، لأن كتاب الله سبحانه وتعالى نزل لعدة حِكم، منها: التعبد لله تعالى بتلاوته، فإن تلاوة كتاب الله مما يقرّب إلى الله، والحرف الواحد منه ثوابه عشر حسنات، ونزل أيضًا من أجل التدبر لمعانيه حيث قال تعالى: (( كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولوا الألباب )) وهذه الحكمة غفل عنها كثير من الناس، لا أقول من عامة الناس حتى من طلبة العلم، تجد بعض الطلاب يعتنون بشرح الأحاديث أو كلام الفقهاء أو غيرهم من علماء الشريعة لكن لا يعتنون بتفسير كتاب الله عز وجل، مع أن كتاب الله هو أم الكتب كلها وإليه مرجع الكتب، وكتاب الله عز وجل هو الذي كلّفنا بأن نتدبر آياته وأن نتعظ بها، لهذا نرى أنه لا يليق بطالب العلم أن يعرض عن تفسير كتاب الله وهو يعتني بتفسير كلام غير الله عز وجل.
وابتدأنا هذا التفسير بسورة النبأ لأن هذا الجزء كثيرًا ما يقرأ في الصلوات، كصلاة المغرب والعشاء فيسمعه العامة فيحسن أن يعرفوا معاني هذا الجزء من كتاب الله عز وجل، وآيات الله سبحانه وتعالى في الكتاب العزيز متشابهة ربما تجد بعض الآيات بنصها ولفظها في موضع آخر، مثل قوله تعالى: (( يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم ومأواهم جهنم وبئس المصير )) هذه الآية وردت بلفظها في مكان آخر في كتاب الله وردت في التوبة ووردت في سورة التحريم، فكتاب الله تعالى يشبه بعضه بعضًا.
أما بعد: فهذا هو اللقاء الثاني والثمانون بعد المائة من اللقاء المعبر عنه بلقاء الباب المفتوح، والذي يكون كل يوم خميس من كل أسبوع، وهذا هو الخميس العشرون من شهر رجب عام خمسة عشر وأربعمائة وألف.
وكان من عادتنا أن نبدأ هذا اللقاء بتفسير آيات من كتاب الله عز وجل، لأن كتاب الله سبحانه وتعالى نزل لعدة حِكم، منها: التعبد لله تعالى بتلاوته، فإن تلاوة كتاب الله مما يقرّب إلى الله، والحرف الواحد منه ثوابه عشر حسنات، ونزل أيضًا من أجل التدبر لمعانيه حيث قال تعالى: (( كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولوا الألباب )) وهذه الحكمة غفل عنها كثير من الناس، لا أقول من عامة الناس حتى من طلبة العلم، تجد بعض الطلاب يعتنون بشرح الأحاديث أو كلام الفقهاء أو غيرهم من علماء الشريعة لكن لا يعتنون بتفسير كتاب الله عز وجل، مع أن كتاب الله هو أم الكتب كلها وإليه مرجع الكتب، وكتاب الله عز وجل هو الذي كلّفنا بأن نتدبر آياته وأن نتعظ بها، لهذا نرى أنه لا يليق بطالب العلم أن يعرض عن تفسير كتاب الله وهو يعتني بتفسير كلام غير الله عز وجل.
وابتدأنا هذا التفسير بسورة النبأ لأن هذا الجزء كثيرًا ما يقرأ في الصلوات، كصلاة المغرب والعشاء فيسمعه العامة فيحسن أن يعرفوا معاني هذا الجزء من كتاب الله عز وجل، وآيات الله سبحانه وتعالى في الكتاب العزيز متشابهة ربما تجد بعض الآيات بنصها ولفظها في موضع آخر، مثل قوله تعالى: (( يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم ومأواهم جهنم وبئس المصير )) هذه الآية وردت بلفظها في مكان آخر في كتاب الله وردت في التوبة ووردت في سورة التحريم، فكتاب الله تعالى يشبه بعضه بعضًا.
تفسير سورة العلق من قوله تعالى : " اقرأ باسم ربك الذي خلق " إلى قوله تعالى" الذي علم بالقلم ".
الشيخ : هذا اللقاء اليوم سيكون الذي نتكلم عليه من كتاب الله هو سورة اقرأ، إذ أننا ولله الحمد أكملنا ما سبق يقول الله عز وجل بسم الله الرحمن الرحيم: (( اقرأ باسم ربك الذي خلق )) وفي البسملة بحث سبقت الإشارة إليه لكن لا مانع من إعادته، وهو هل البسملة آية من السورة التي تليها أم هي آية مستقلة؟ الصحيح أنها آية مستقلة وأنها ليست من السورة التي تليها، فلا هي من الفاتحة ولا من البقرة ولا من آل عمران بل هي آية مستقلة، ولهذا لو أن الإنسان في الصلاة قرأ الفاتحة بدون البسملة فصلاته صحيحة لأن البسملة ليست منها، لكن سورة براءة لم تكتب فيها البسملة لأنها لم تنزل البسملة بينها وبين سورة الأنفال، لكن اشتبه على الصحابة حين جمع القرآن فجعلوا فاصلًا بين سورة الأنفال وسورة براءة ولم يكتبوا البسملة، يقول الله عز وجل بسم الله الرحمن الرحيم: (( اقرأ باسم ربك الذي خلق * خلق الإنسان من علق * اقرأ وربك الأكرم * الذي علم بالقلم * علم الإنسان ما لم يعلم )) هذه الآيات أول ما نزل على الرسول عليه الصلاة والسلام من القرآن، هي أول ما نزل عليه من القرآن نزلت عليه وهو يتعبد في غار حراء، وكان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أول ما بدء به الوحي أنه يرى الرؤيا في المنام يراها في المنام فتأتي مثل فلق الصبح، يعني: يحدث ما يصدق هذه الرؤيا، وأول ما كان يرى هذه الرؤيا في ربيع الأول فبقي ستة أشهر يرى مثل هذه الرؤيا ويراها تجيء مثل فلق الصبح، وفي رمضان نزل الوحي الذي يكون في اليقظة، والمدة بين ربيع الأول ورمضان كم؟ ست شهور وزمن الوحي ثلاث وعشرون سنة، ولهذا جاء في الحديث أن الرؤيا الصالحة جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة.
لما كان يرى هذه الرؤيا التي تجيء مثل فلق الصبح حبب إليه الخلا يعني أن يخلو بنفسه ويبتعد عن هذا المجتمع الجاهلي، فرأى عليه الصلاة والسلام أن أحسن ما يخلو به هذا الغار الذي في جبل حراء وهو غار في قمة الجبل لا يكاد يصعد إليه الإنسان القوي إلا بمشقة، فكان يصعده عليه الصلاة والسلام ويتحنث ويتعبد لله عز وجل بما فتح الله عليه في هذا الغار الليالي ذوات العدد، يعني عدة ليالي ومعه زاد أخذه يتزود به من طعام أو شراب، ثم ينزل ويتزود بمثلها من أهله ويرجع ويتحنث لله عز وجل إلى أن نزل عليه الوحي وهو في هذا الغار أتاه جبريل وأمره أن يقرأ فقال: ( ما أنا بقارئ ) ومعنى ما أنا بقارئ يعني لست من ذوي القراءة وليس مراده المعصية لأمر جبريل، لكنه لا يستطيع ليس من ذوي القراءة إذ أنه هو صلى الله عليه وسلم كان أميًّا كما قال الله تعالى: (( فآمنوا بالله ورسوله النبي الأمي )) وقال تعالى: (( هو الذي بعث في الأميين رسولًا منهم )) فكان لا يقرأ ولا يكتب، وهذا من حكمة الله أنه لا يقرأ ولا يكتب حتى تتبين حاجته وضرورته إلى هذه الرسالة وحتى لا يبقى لشاكٍ شكٌ في صدقه، وقد أشار الله إلى هذه في قوله: (( وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك إذاً لارتاب المبطلون )) قال له: ( ما أنا بقارئ ) فغطه مرتين أو ثلاثًا ثم قال له: (( اقرأ باسم ربك الذي خلق * خلق الإنسان من علق * اقرأ وربك الأكرم * الذي علم بالقلم * علم الإنسان ما لم يعلم )) خمس آيات نزلت فرجع بها النبي صلى الله عليه وسلم يرجف فؤاده من الخوف والفزع حتى أتى إلى خديجة، وحديث الوحي وابتدائه موجود في أول صحيح البخاري من أحب أن يرجع إليه فليرجع.
يقول الله عز وجل: (( اقرأ باسم ربك الذي خلق )) قوله: (( باسم ربك )) قيل: معناه متلبسًا بذلك، وقيل: مستعينًا بذلك يعني اقرأ مستعينا باسم الله لأن أسماء الله تعالى كلها خير كلها إعانة يستعين بها الإنسان، ولذلك يستعين بها الإنسان على وضوئه ويستعين بها على أكله، ويستعين بها على جماعه فهي كلها عون (( باسم ربك الذي خلق )) إلى آخره.
وقال: (( باسم ربك )) دون أن يقول بسم الله لأن المقام مقام الربوبية وتصرف وتدبير للأمور وابتداء الرسالة فلهذا قال: (( باسم ربك )) إشارة إلى أنه عليه الصلاة والسلام قد رباه الله تعالى تربية خاصة وربه كذلك ربوبية خاصة.
(( الذي خلق )) خلق أي شيء؟ خلق كل شيء كما قال تعالى: (( وخلق كل شيء فقدره تقديرًا )) وقال تعالى: (( الله خالق كل شيء وهو على كل شيء وكيل )) فما من شيء في السماء ولا في الأرض من خفي وظاهر وصغير وكبير إلا وهو مخلوق لمن؟ لله عز وجل، ولهذا قال: (( خلق )) وحذف المفعول إشارة للعموم، لأن حذف المفعول يفيد العموم إذ لو ذكر المفعول لتقيد الفعل به، مفهوم هذا الكلام؟ يعني لو قال خلق كذا تقيد الخلق بما ذكر فقط، لكن إذا قال خلق وأطلق صار عامًّا فهو خالق كل شيء جل وعلا.
ثم قال: (( خلق الإنسان من علق )) فنص وخص خلق الإنسان تكريمًا للإنسان وتشريفًا للإنسان لأن الله تعالى يقول: (( ولقد كرمنا بني آدم وحلمناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلًا )) فلهذا نص على خلق الإنسان خلق الإنسان أي ابتدأ خلقه.
(( من علق )) اسم جمع علقة كشجر اسم جمع إيش؟ شجرة، فما هو العلق؟ العلق هو عبارة عن دودة حمراء من الدم صغيرة وهذا المنشأ الذي به الحياة، لأن الإنسان دم لو تفرغ من الدم لهلك، وقد بيّن الله عز وجل أنه خلق الإنسان من علق ولكنه يتطور وبيّن في آيات أخرى أنه خلق الإنسان من تراب، وفي آية أخرى خلقه من طين، وفي آية أخرى من صلصال كالفخار، وفي آية أخرى من ماء دافق، وفي آية أخرى من ماء مهين، في هذه الآية من علق، فهل في هذا تناقض؟ الجواب: لا، لا يمكن أن يكون في كلام الله أو ما صح عن رسوله شيء من التناقض أبدًا فإن الله يقول: (( ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافًا كثيرًا )) لكنه سبحانه وتعالى يذكر أحيانًا مبدأ الخلق من وجه ومبدأ الخلق من وجه آخر، فخلقه من تراب لأن أول ما خلق الإنسان من التراب، ثم صب عليه الماء فكان إيش؟ طينًا، ثم استمر مدة فكان حمأ مسنونًا، ثم طالت مدته فكان صلصالًا يعني إذا ضربته بيدك تسمع له صلصلة كالفخار، ثم خلقه عز وجل لحمًا وعظمًا وعصبًا إلى آخره، الخلق الآخر هذا ابتداء الخلق المتعلق بآدم، الخلق الآخر من بنيه أول منشئهم من نطفة وهي الماء المهين وهي الماء الدافق، هذه النطفة تبقى في الرحم أربعين يومًا ثم تتحول شيئًا فشيئًا، وبتمام الأربعين تنقلب بالتطور والتدريج حتى تكون دمًا علقة ثم تبدأ بالنمو والثخونة وتتطور شيئًا فشيئًا، فإذا تمت ثمانين يومًا انتقلت إلى مضغة قطعة من لحم بقدر ما يمضغه الإنسان، وتبقى كذلك أربعين يومًا، فهذه مئة وعشرون يومًا وهي بالأشهر كم؟ هاه؟ أربعة أشهر، بعد أربعة أشهر يبعث الله إليه الملك الموكل بالأرحام فينفخ فيه الروح، فتدخل الروح الجسد بإذن الله عز وجل، والروح لا نستطيع أن نعرف كنهها وحقيقتها ومادتها ما ندري من أي مادة هي، الجسد عرفنا أنه من أين؟ أصله من التراب ثم في أرحام النساء من النطفة، لكن الروح ما نعرف، ما نعرف من أي جوهر هي ولا من أي مادة (( ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلًا )) فينفخ الملك الروح في هذا الجنين فيبدأ يتحرك لأن نماءه الأول كنماء الأشجار بدون إحساس بعد أن تنفخ فيه الروح يكون آدميًّا يتحرك، ولهذا إذا سقط الحمل من البطن قبل أربعين يومًا دفن في أي مكان من الأرض بدون تغسيل ولا تكفين ولا صلاة عليه ولا شيء، وبعد أن يتم له نعم أقول إنه إذا سقط قبل أربعة أشهر دفن في أي مكان من الأرض بدون تغسيل ولا تكفين ولا صلاة عليه ولا يبعث هذا، لا يبعث لأنه ليس آدميًّا، وبعد أربعة أشهر إذا سقط يجب أن يغسل ويكفن ويصلى عليه ويدفن في المقابر لأنه صار إنسانًا ويسمى أيضًا، يسمى لأنه يوم القيامة سيدعى باسمه ويعق عنه، لكن العقيقة عنه ليست في التأكيد كالعقيقة عمن بلغ سبعة أيام بعد خروجه.
على كل حال هذا الجنين في بطن أمه يتطور حتى يكون بشرًا، ثم يأذن الله عز وجل له بعد المدة التي أكثر ما تكون عادة تسعة أشهر فيخرج إلى الدنيا، وبهذه المناسبة نود أن نبين أن للإنسان أربع دور، الدار الأولى: في بطن أمه، والثانية: في الدنيا، والثالثة: في البرزخ، والرابعة: في الجنة أو النار وهي المنتهى.
(( الذي خلق الإنسان من علق )) وش قلنا في العلق؟ اسم جمع علقة وهي دودة من الدم معروفة، وهذا أول نشأة الإنسان الذي يتكون منه مادة الحياة وهو الدم.
(( اقرأ وربك الأكرم * الذي علم بالقلم * علم الإنسان ما لم يعلم )) اقرأ تكرار للأولى، لكن هل هي توكيد أو هي تأسيس؟ الصحيح أنها تأسيس، وأن الأولى: (( اقرأ باسم ربك الذي خلق )) قرنت بما يتعلق بالربوبية، (( وربك الأكرم * الذي علم بالقلم )) بما يتعلق بالشرع، فالأولى بما يتعلق بالقدر والثانية بما يتعلق بالشرع، لأن التعليم بالقلم أكثر ما يعتمد الشرع عليه، إذ أن الشرع يكتب ويحفظ، القرآن يكتب ويحفظ، السنة تكتب وتحفظ، كلام العلماء يكتب ويحفظ، فلهذا أعادها الله مرة ثانية.
ويأتي إن شاء الله بقية الكلام على هذه الآية لأنا نحب أن يتسع الوقت للأسئلة فنبدأ باليمين.
لما كان يرى هذه الرؤيا التي تجيء مثل فلق الصبح حبب إليه الخلا يعني أن يخلو بنفسه ويبتعد عن هذا المجتمع الجاهلي، فرأى عليه الصلاة والسلام أن أحسن ما يخلو به هذا الغار الذي في جبل حراء وهو غار في قمة الجبل لا يكاد يصعد إليه الإنسان القوي إلا بمشقة، فكان يصعده عليه الصلاة والسلام ويتحنث ويتعبد لله عز وجل بما فتح الله عليه في هذا الغار الليالي ذوات العدد، يعني عدة ليالي ومعه زاد أخذه يتزود به من طعام أو شراب، ثم ينزل ويتزود بمثلها من أهله ويرجع ويتحنث لله عز وجل إلى أن نزل عليه الوحي وهو في هذا الغار أتاه جبريل وأمره أن يقرأ فقال: ( ما أنا بقارئ ) ومعنى ما أنا بقارئ يعني لست من ذوي القراءة وليس مراده المعصية لأمر جبريل، لكنه لا يستطيع ليس من ذوي القراءة إذ أنه هو صلى الله عليه وسلم كان أميًّا كما قال الله تعالى: (( فآمنوا بالله ورسوله النبي الأمي )) وقال تعالى: (( هو الذي بعث في الأميين رسولًا منهم )) فكان لا يقرأ ولا يكتب، وهذا من حكمة الله أنه لا يقرأ ولا يكتب حتى تتبين حاجته وضرورته إلى هذه الرسالة وحتى لا يبقى لشاكٍ شكٌ في صدقه، وقد أشار الله إلى هذه في قوله: (( وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك إذاً لارتاب المبطلون )) قال له: ( ما أنا بقارئ ) فغطه مرتين أو ثلاثًا ثم قال له: (( اقرأ باسم ربك الذي خلق * خلق الإنسان من علق * اقرأ وربك الأكرم * الذي علم بالقلم * علم الإنسان ما لم يعلم )) خمس آيات نزلت فرجع بها النبي صلى الله عليه وسلم يرجف فؤاده من الخوف والفزع حتى أتى إلى خديجة، وحديث الوحي وابتدائه موجود في أول صحيح البخاري من أحب أن يرجع إليه فليرجع.
يقول الله عز وجل: (( اقرأ باسم ربك الذي خلق )) قوله: (( باسم ربك )) قيل: معناه متلبسًا بذلك، وقيل: مستعينًا بذلك يعني اقرأ مستعينا باسم الله لأن أسماء الله تعالى كلها خير كلها إعانة يستعين بها الإنسان، ولذلك يستعين بها الإنسان على وضوئه ويستعين بها على أكله، ويستعين بها على جماعه فهي كلها عون (( باسم ربك الذي خلق )) إلى آخره.
وقال: (( باسم ربك )) دون أن يقول بسم الله لأن المقام مقام الربوبية وتصرف وتدبير للأمور وابتداء الرسالة فلهذا قال: (( باسم ربك )) إشارة إلى أنه عليه الصلاة والسلام قد رباه الله تعالى تربية خاصة وربه كذلك ربوبية خاصة.
(( الذي خلق )) خلق أي شيء؟ خلق كل شيء كما قال تعالى: (( وخلق كل شيء فقدره تقديرًا )) وقال تعالى: (( الله خالق كل شيء وهو على كل شيء وكيل )) فما من شيء في السماء ولا في الأرض من خفي وظاهر وصغير وكبير إلا وهو مخلوق لمن؟ لله عز وجل، ولهذا قال: (( خلق )) وحذف المفعول إشارة للعموم، لأن حذف المفعول يفيد العموم إذ لو ذكر المفعول لتقيد الفعل به، مفهوم هذا الكلام؟ يعني لو قال خلق كذا تقيد الخلق بما ذكر فقط، لكن إذا قال خلق وأطلق صار عامًّا فهو خالق كل شيء جل وعلا.
ثم قال: (( خلق الإنسان من علق )) فنص وخص خلق الإنسان تكريمًا للإنسان وتشريفًا للإنسان لأن الله تعالى يقول: (( ولقد كرمنا بني آدم وحلمناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلًا )) فلهذا نص على خلق الإنسان خلق الإنسان أي ابتدأ خلقه.
(( من علق )) اسم جمع علقة كشجر اسم جمع إيش؟ شجرة، فما هو العلق؟ العلق هو عبارة عن دودة حمراء من الدم صغيرة وهذا المنشأ الذي به الحياة، لأن الإنسان دم لو تفرغ من الدم لهلك، وقد بيّن الله عز وجل أنه خلق الإنسان من علق ولكنه يتطور وبيّن في آيات أخرى أنه خلق الإنسان من تراب، وفي آية أخرى خلقه من طين، وفي آية أخرى من صلصال كالفخار، وفي آية أخرى من ماء دافق، وفي آية أخرى من ماء مهين، في هذه الآية من علق، فهل في هذا تناقض؟ الجواب: لا، لا يمكن أن يكون في كلام الله أو ما صح عن رسوله شيء من التناقض أبدًا فإن الله يقول: (( ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافًا كثيرًا )) لكنه سبحانه وتعالى يذكر أحيانًا مبدأ الخلق من وجه ومبدأ الخلق من وجه آخر، فخلقه من تراب لأن أول ما خلق الإنسان من التراب، ثم صب عليه الماء فكان إيش؟ طينًا، ثم استمر مدة فكان حمأ مسنونًا، ثم طالت مدته فكان صلصالًا يعني إذا ضربته بيدك تسمع له صلصلة كالفخار، ثم خلقه عز وجل لحمًا وعظمًا وعصبًا إلى آخره، الخلق الآخر هذا ابتداء الخلق المتعلق بآدم، الخلق الآخر من بنيه أول منشئهم من نطفة وهي الماء المهين وهي الماء الدافق، هذه النطفة تبقى في الرحم أربعين يومًا ثم تتحول شيئًا فشيئًا، وبتمام الأربعين تنقلب بالتطور والتدريج حتى تكون دمًا علقة ثم تبدأ بالنمو والثخونة وتتطور شيئًا فشيئًا، فإذا تمت ثمانين يومًا انتقلت إلى مضغة قطعة من لحم بقدر ما يمضغه الإنسان، وتبقى كذلك أربعين يومًا، فهذه مئة وعشرون يومًا وهي بالأشهر كم؟ هاه؟ أربعة أشهر، بعد أربعة أشهر يبعث الله إليه الملك الموكل بالأرحام فينفخ فيه الروح، فتدخل الروح الجسد بإذن الله عز وجل، والروح لا نستطيع أن نعرف كنهها وحقيقتها ومادتها ما ندري من أي مادة هي، الجسد عرفنا أنه من أين؟ أصله من التراب ثم في أرحام النساء من النطفة، لكن الروح ما نعرف، ما نعرف من أي جوهر هي ولا من أي مادة (( ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلًا )) فينفخ الملك الروح في هذا الجنين فيبدأ يتحرك لأن نماءه الأول كنماء الأشجار بدون إحساس بعد أن تنفخ فيه الروح يكون آدميًّا يتحرك، ولهذا إذا سقط الحمل من البطن قبل أربعين يومًا دفن في أي مكان من الأرض بدون تغسيل ولا تكفين ولا صلاة عليه ولا شيء، وبعد أن يتم له نعم أقول إنه إذا سقط قبل أربعة أشهر دفن في أي مكان من الأرض بدون تغسيل ولا تكفين ولا صلاة عليه ولا يبعث هذا، لا يبعث لأنه ليس آدميًّا، وبعد أربعة أشهر إذا سقط يجب أن يغسل ويكفن ويصلى عليه ويدفن في المقابر لأنه صار إنسانًا ويسمى أيضًا، يسمى لأنه يوم القيامة سيدعى باسمه ويعق عنه، لكن العقيقة عنه ليست في التأكيد كالعقيقة عمن بلغ سبعة أيام بعد خروجه.
على كل حال هذا الجنين في بطن أمه يتطور حتى يكون بشرًا، ثم يأذن الله عز وجل له بعد المدة التي أكثر ما تكون عادة تسعة أشهر فيخرج إلى الدنيا، وبهذه المناسبة نود أن نبين أن للإنسان أربع دور، الدار الأولى: في بطن أمه، والثانية: في الدنيا، والثالثة: في البرزخ، والرابعة: في الجنة أو النار وهي المنتهى.
(( الذي خلق الإنسان من علق )) وش قلنا في العلق؟ اسم جمع علقة وهي دودة من الدم معروفة، وهذا أول نشأة الإنسان الذي يتكون منه مادة الحياة وهو الدم.
(( اقرأ وربك الأكرم * الذي علم بالقلم * علم الإنسان ما لم يعلم )) اقرأ تكرار للأولى، لكن هل هي توكيد أو هي تأسيس؟ الصحيح أنها تأسيس، وأن الأولى: (( اقرأ باسم ربك الذي خلق )) قرنت بما يتعلق بالربوبية، (( وربك الأكرم * الذي علم بالقلم )) بما يتعلق بالشرع، فالأولى بما يتعلق بالقدر والثانية بما يتعلق بالشرع، لأن التعليم بالقلم أكثر ما يعتمد الشرع عليه، إذ أن الشرع يكتب ويحفظ، القرآن يكتب ويحفظ، السنة تكتب وتحفظ، كلام العلماء يكتب ويحفظ، فلهذا أعادها الله مرة ثانية.
ويأتي إن شاء الله بقية الكلام على هذه الآية لأنا نحب أن يتسع الوقت للأسئلة فنبدأ باليمين.
2 - تفسير سورة العلق من قوله تعالى : " اقرأ باسم ربك الذي خلق " إلى قوله تعالى" الذي علم بالقلم ". أستمع حفظ
ما حكم الإدخار في شركة أرامكو مع تحديد نسبة الربح ؟
السائل : بسم الله الرحمن الرحيم .
فضيلة الشيخ : نقل عنك فتوى في جواز نظام الادخار في شركة أرامكو، علمًا أن هذا النظام يحدد نسبة الربح من بداية العام فما هو قولك؟ يعني إن مضي عام يضمنون لك خمسة بالمئة وإذا أكملت عشر سنوات يضمنون لك مئة بالمئة الفائدة فما قولك بالكلام هذا يا شيخ؟
الشيخ : أقول: أحسنت أن سألت عما ينسب إلينا لأنه ينسب إلينا وإلى غيرنا من العلماء أشياء كثيرة ما هي صحيحة، لكن بعض الناس إذا راق له الشيء وأحب أن يقبله الناس جعله في عالم من هؤلاء العلماء لأجل أن يقبل، وإلا فقد كتبنا جوابًا على هذا بالخط بأن ذلك لا يجوز، لأنه ربا واضح، وقالوا: إن هذا من باب التشجيع، قلنا لهم: التشجيع يكون بغير هذا، التشجيع يقال مثلًا لمن برز في شيء من الأشياء لك نسبة يزداد بها راتبك أو يعطى مكافأة مقطوعة على تفوّقه، أما أن نسلك هذا الطريق فلا يجوز، وذكرنا هذا لكن ما أدري سبحان الله من أين جاءت هذه الفتوى التي تنسب لنا؟
السائل : لا قريب يا شيخ.
الشيخ : لا قل للذي أثارها أني سألته ويقول لا صحة لذلك، ونرى أنها لا تجوز، وهذه الشركات التي تعمل هذا العمل هي تربح لأنها تأخذ الدراهم من الناس وتجعلها في البنوك الربوية وتربح ربحًا عظيمًا ولا هي ما قصدها رحمة الناس ولا الإحسان إليهم، لكن هي تعرف من أين تؤكل الكتف، إيه نعم.
السائل : طيب ولو كان بدون فائدة يا شيخ؟
الشيخ : ما ندري هذا عاد تحتاج إلى دراسة لأن.
السائل : ...
الشيخ : إيه طيب لا مانع تفضل.
فضيلة الشيخ : نقل عنك فتوى في جواز نظام الادخار في شركة أرامكو، علمًا أن هذا النظام يحدد نسبة الربح من بداية العام فما هو قولك؟ يعني إن مضي عام يضمنون لك خمسة بالمئة وإذا أكملت عشر سنوات يضمنون لك مئة بالمئة الفائدة فما قولك بالكلام هذا يا شيخ؟
الشيخ : أقول: أحسنت أن سألت عما ينسب إلينا لأنه ينسب إلينا وإلى غيرنا من العلماء أشياء كثيرة ما هي صحيحة، لكن بعض الناس إذا راق له الشيء وأحب أن يقبله الناس جعله في عالم من هؤلاء العلماء لأجل أن يقبل، وإلا فقد كتبنا جوابًا على هذا بالخط بأن ذلك لا يجوز، لأنه ربا واضح، وقالوا: إن هذا من باب التشجيع، قلنا لهم: التشجيع يكون بغير هذا، التشجيع يقال مثلًا لمن برز في شيء من الأشياء لك نسبة يزداد بها راتبك أو يعطى مكافأة مقطوعة على تفوّقه، أما أن نسلك هذا الطريق فلا يجوز، وذكرنا هذا لكن ما أدري سبحان الله من أين جاءت هذه الفتوى التي تنسب لنا؟
السائل : لا قريب يا شيخ.
الشيخ : لا قل للذي أثارها أني سألته ويقول لا صحة لذلك، ونرى أنها لا تجوز، وهذه الشركات التي تعمل هذا العمل هي تربح لأنها تأخذ الدراهم من الناس وتجعلها في البنوك الربوية وتربح ربحًا عظيمًا ولا هي ما قصدها رحمة الناس ولا الإحسان إليهم، لكن هي تعرف من أين تؤكل الكتف، إيه نعم.
السائل : طيب ولو كان بدون فائدة يا شيخ؟
الشيخ : ما ندري هذا عاد تحتاج إلى دراسة لأن.
السائل : ...
الشيخ : إيه طيب لا مانع تفضل.
ما حكم قصد مدائن صالح بالزيارة ؟وما حكم المرور عليها ؟
السائل : فضيلة الشيخ أحسن الله إليكم: ما حكم قصد مدائن صالح بالزيارة؟ وما حكم زيارتها إذا كان واحد قاصد الشمال ثم وهو راجع مر عليها مرورًا فقط؟
الشيخ : نعم، أما المرور عليه فقد مر بها النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لكنه أسرع عليه الصلاة والسلام وقنّع رأسه وأسرع، وقال عليه الصلاة والسلام: ( لا تدخلوا على هؤلاء المعذبين إلا أن تكونوا باكين خشية أن يصيبكم ما أصابهم، فإن لم تكونوا باكين فلا تدخلوا عليهم ) فلا يجوز للإنسان أن يذهب إلى هذه المدائن للتفرج والنزهة، بل للاعتبار الذي يصحبه البكاء، وإلا فهو في سلامة يتركه، وقول الرسول عليه الصلاة والسلام: ( أن يصيبكم ما أصابهم ) ليس مراده العذاب العام، لأن هذه الأمة والحمد لله لن تعذب بصفة عامة لكن أن يصيبكم ما أصابهم من قسوة القلب والإعراض والتولي عن الدين، فالمهم وحكمة ذلك أن الناس الذين يذهبون إلى هذه البلاد على غير الوجه الذي أراد الرسول عليه الصلاة والسلام سوف يقع في نفوسهم تعظيم هؤلاء لما يرون من إحكام البناء وشدته وقوته، وإذا وقع تعظيم الكافر في قلب المؤمن فإنه على خطر عظيم، أعرفت؟ فصار أن يصيبكم مثل ما أصابهم يعني بعض الناس يشبه يقول كيف هذا؟ وهذه الأمة لن تعذب بعذاب عام، نقول: قسوة القلب والإعراض عن الشريعة، نعم.
الشيخ : نعم، أما المرور عليه فقد مر بها النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لكنه أسرع عليه الصلاة والسلام وقنّع رأسه وأسرع، وقال عليه الصلاة والسلام: ( لا تدخلوا على هؤلاء المعذبين إلا أن تكونوا باكين خشية أن يصيبكم ما أصابهم، فإن لم تكونوا باكين فلا تدخلوا عليهم ) فلا يجوز للإنسان أن يذهب إلى هذه المدائن للتفرج والنزهة، بل للاعتبار الذي يصحبه البكاء، وإلا فهو في سلامة يتركه، وقول الرسول عليه الصلاة والسلام: ( أن يصيبكم ما أصابهم ) ليس مراده العذاب العام، لأن هذه الأمة والحمد لله لن تعذب بصفة عامة لكن أن يصيبكم ما أصابهم من قسوة القلب والإعراض والتولي عن الدين، فالمهم وحكمة ذلك أن الناس الذين يذهبون إلى هذه البلاد على غير الوجه الذي أراد الرسول عليه الصلاة والسلام سوف يقع في نفوسهم تعظيم هؤلاء لما يرون من إحكام البناء وشدته وقوته، وإذا وقع تعظيم الكافر في قلب المؤمن فإنه على خطر عظيم، أعرفت؟ فصار أن يصيبكم مثل ما أصابهم يعني بعض الناس يشبه يقول كيف هذا؟ وهذه الأمة لن تعذب بعذاب عام، نقول: قسوة القلب والإعراض عن الشريعة، نعم.
ما حكم صلاة المنفرد إن كانت الصفوف مكتملة ؟
السائل : بسم الله الرحمن الرحيم .
فضيلة الشيخ : دخلت مسجد ولقيت الصفوف كلها ملأى وبعد ما انتهيت من الصلاة الإمام قال لي: عيد الصلاة، لأنك صليت خلف الصفوف لوحدك، ما هو صحة الكلام؟
الشيخ : إذا جاء الإنسان ووجد الصفوف تامة فليصل خلف الصف وحده مع الإمام ولا إعادة عليه هذا هو القول الراجح من أقوال أهل العلم، والمسألة أحطنا علمًا بأن فيها ثلاثة أقوال للعلماء: القول الأول: أن صلاة المنفرد خلف الصف صحيحة ولو كان له مكان في الصفوف التي أمامه، وأن دخوله الصف على سبيل الاستحباب لا على سبيل الوجوب، وهذا مذهب أكثر الأمة الإسلامية لأنه مذهب الإمام مالك والإمام الشافعي والإمام أبي حنيفة ورواية عن الإمام أحمد، يعني معناه نص مذهب الإمام أحمد مع الذين يجيزون الصف خلف الصف ولو كان له مكان، أعرفت الآن؟ طيب.
القول الثاني: أن من صلى منفردا خلف الصف ولو لم يجد مكانا فصلاته غير صحيحة، وإذا قابلت بين القولين وجدت أن هذا في غاية ما يكون من الشدة وهذا في غاية ما يكون من السهولة.
القول الثالث الوسط: أنك إذا وجدت الصف تامًّا فصف وحدك، لأن الله يقول: (( اتقوا الله ما استطعتم )) وأنا ليس لي استطاعة فإذا قال إنسان لك استطاعة اجذب واحدًا قلنا: هذا لا يجوز لأن جذب الواحد فيه اعتداء عليه، وفيه تشويش على بقية المصلين، وفيه قطع للصف، أما كونه اعتداء على هذا الذي جذبت فلأنك تنقله من مكان فاضل إلى مكان إيش؟ مفضول وتشوش عليه الصلاة أيضًا لأنه لا يدري ما الذي جذبه، وأما كونه تشويشًا على المصلين فلأن هذا الصف سوف يتقارب كلهم سيتحركون حركة لا داعي لها من أجل رأب الصدع في هذا الصف، وأما كونه قطعًا للصف فواضح، فإن قال قائل: يستطيع هذا أن يتقدم ويقف مع الإمام، قلنا: هذا أيضًا غلط، لأنه إذا تقدم فسوف يؤذي المصلين الذين أمامه حيث يتخللهم، وإذا كان المسجد فيه عشرون صفًا كم يتخلل؟ نعم؟ عشرين صفًّا فيؤذيهم، ثم إذا تقدم ووقف مع الإمام وجاء آخر بعده بدقيقة أو دقيقتين ماذا نقول؟ نعم؟ اذهب مع الإمام صار عند الإمام اثنان، وبعد دقيقة أو دقيقتين جاء الثالث نقول: روح مع الإمام وإذا بالإمام صفًّا كاملًا، لكن لو وقف هو بالصف وجاءه أحد صاروا صفًّا، وإن لم يأته أحد فكونه مع الجماعة في الأفعال وإن لم يكن معهم في الصف خير من كونه ليس معهم لا في الصف ولا في الأفعال، فلهذا هذا القول الوسط اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، واختيار شيخنا عبد الرحمن بن سعدي رحمه الله على أنه متى وجد الإنسان الصفوف تامة أمامه فليدخل مع الإمام ولو صلى وحده وصلاته صحيحة، لكن إن كنت أعدت الصلاة بناء على كلام الإمام فعلى خير تكون الصلاة الثانية نافلة إن كانت الأولى صحيحة، أو تكون صحيحة والأولى نافلة إن كانت الأولى غير صحيحة، غير صحيحة يعني فرضًا، ولكن القول الراجح عرفته الآن، أنك إذا جئت والصفوف تامة فصل مع الإمام ولو كنت منفردًا، نعم.
فضيلة الشيخ : دخلت مسجد ولقيت الصفوف كلها ملأى وبعد ما انتهيت من الصلاة الإمام قال لي: عيد الصلاة، لأنك صليت خلف الصفوف لوحدك، ما هو صحة الكلام؟
الشيخ : إذا جاء الإنسان ووجد الصفوف تامة فليصل خلف الصف وحده مع الإمام ولا إعادة عليه هذا هو القول الراجح من أقوال أهل العلم، والمسألة أحطنا علمًا بأن فيها ثلاثة أقوال للعلماء: القول الأول: أن صلاة المنفرد خلف الصف صحيحة ولو كان له مكان في الصفوف التي أمامه، وأن دخوله الصف على سبيل الاستحباب لا على سبيل الوجوب، وهذا مذهب أكثر الأمة الإسلامية لأنه مذهب الإمام مالك والإمام الشافعي والإمام أبي حنيفة ورواية عن الإمام أحمد، يعني معناه نص مذهب الإمام أحمد مع الذين يجيزون الصف خلف الصف ولو كان له مكان، أعرفت الآن؟ طيب.
القول الثاني: أن من صلى منفردا خلف الصف ولو لم يجد مكانا فصلاته غير صحيحة، وإذا قابلت بين القولين وجدت أن هذا في غاية ما يكون من الشدة وهذا في غاية ما يكون من السهولة.
القول الثالث الوسط: أنك إذا وجدت الصف تامًّا فصف وحدك، لأن الله يقول: (( اتقوا الله ما استطعتم )) وأنا ليس لي استطاعة فإذا قال إنسان لك استطاعة اجذب واحدًا قلنا: هذا لا يجوز لأن جذب الواحد فيه اعتداء عليه، وفيه تشويش على بقية المصلين، وفيه قطع للصف، أما كونه اعتداء على هذا الذي جذبت فلأنك تنقله من مكان فاضل إلى مكان إيش؟ مفضول وتشوش عليه الصلاة أيضًا لأنه لا يدري ما الذي جذبه، وأما كونه تشويشًا على المصلين فلأن هذا الصف سوف يتقارب كلهم سيتحركون حركة لا داعي لها من أجل رأب الصدع في هذا الصف، وأما كونه قطعًا للصف فواضح، فإن قال قائل: يستطيع هذا أن يتقدم ويقف مع الإمام، قلنا: هذا أيضًا غلط، لأنه إذا تقدم فسوف يؤذي المصلين الذين أمامه حيث يتخللهم، وإذا كان المسجد فيه عشرون صفًا كم يتخلل؟ نعم؟ عشرين صفًّا فيؤذيهم، ثم إذا تقدم ووقف مع الإمام وجاء آخر بعده بدقيقة أو دقيقتين ماذا نقول؟ نعم؟ اذهب مع الإمام صار عند الإمام اثنان، وبعد دقيقة أو دقيقتين جاء الثالث نقول: روح مع الإمام وإذا بالإمام صفًّا كاملًا، لكن لو وقف هو بالصف وجاءه أحد صاروا صفًّا، وإن لم يأته أحد فكونه مع الجماعة في الأفعال وإن لم يكن معهم في الصف خير من كونه ليس معهم لا في الصف ولا في الأفعال، فلهذا هذا القول الوسط اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، واختيار شيخنا عبد الرحمن بن سعدي رحمه الله على أنه متى وجد الإنسان الصفوف تامة أمامه فليدخل مع الإمام ولو صلى وحده وصلاته صحيحة، لكن إن كنت أعدت الصلاة بناء على كلام الإمام فعلى خير تكون الصلاة الثانية نافلة إن كانت الأولى صحيحة، أو تكون صحيحة والأولى نافلة إن كانت الأولى غير صحيحة، غير صحيحة يعني فرضًا، ولكن القول الراجح عرفته الآن، أنك إذا جئت والصفوف تامة فصل مع الإمام ولو كنت منفردًا، نعم.
اضيفت في - 2005-08-27