سلسلة لقاء الباب المفتوح-087a
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
سلسلة لقاء الباب المفتوح
إكمال تفسير سورة البينة من قوله تعالى:"إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين في نار جهنم"إلى آخر السورة.
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم .
الحمد لله، وأصلي وأسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فهذا هو اللقاء السابع والثمانون من اللقاءات التي يعبر عنها باللقاء المفتوح، وهذا هو يوم الخميس الثاني والعشرين من شهر شوال عام خمسة عشر وأربعمائة وألف.
نبتدئ هذا اللقاء بإكمال تفسير سورة البينة وقد انتهينا فيه في اللقاء السابق إلى قول الله تبارك وتعالى: (( إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين في نار جهنم خالدين فيها أولئك هم شر البرية )) بيّن الله تعالى هنا في هذه الآية بيانًا مؤكدًا بـ إنّ أن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين في نار جهنم أي في النار التي تسمى جهنم وسميت جهنم لبعد قعرها وسوادها فهو مأخوذ من الجهمة، وقيل: إنه اسم أعجمي عرّبته العرب، وأيًّا كان فإنه أعني لفظ جهنم اسم من أسماء النار أعاذنا الله وإياكم منها.
وقوله: (( إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين )) من هنا بيان للإبهام أعني إبهام الاسم الموصول في قوله: (( إن الذين كفروا )) وعلى هذا فيقتضي أن أهل الكتاب كفار وهم اليهود والنصارى، وكذلك الأمر فإن اليهود والنصارى كفار حين لم يؤمنوا برسول الله محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم وإن قالوا إنهم مؤمنون بالله واليوم الآخر ويدعون لموتاهم بالرحمة وما أشبه ذلك من العبارات التي يتزلفون بها فإنهم كاذبون، إذ لو كانوا يؤمنون بالله واليوم الآخر لآمنوا بمحمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم بل لآمنوا برسلهم، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد وجد وصفه في التوراة والإنجيل كما قال الله تبارك وتعالى في سورة الأعراف: (( الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبًا عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث )) بل إن عيسى صلى الله عليه وسلم قال لبني إسرائيل: (( يا بني إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقًا لما بين يدي من التوراة ومبشرًا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد )) فلما جاء هذا الرسول الذي بشر به عيسى بالبينات قالوا: (( هذا سحر مبين )) وكذبوه ولم يتبعوه إلا نفرًا قليلًا من اليهود والنصارى فقد آمنوا بمحمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم واتبعوه.
(( أولئك هم شر البرية )) شر البرية أي شر الخليقة لأن البرية هي الخليقة، وعلى هذا فيكون كفار من بني آدم من اليهود والنصارى والمشركين شر البرية شر الخلائق، وقد بيّن الله ذلك تمامًا في قوله: (( إن شر الدواب عند الله الذين كفروا فهم لا يؤمنون )) وقال تعالى: (( إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون * ولو علم الله فيهم خيرًا لأسمعهم ولو أسمعهم لتولوا وهم معرضون )) فهؤلاء الكفار من اليهود والنصارى والمشركين هم شر البرية عند الله عز وجل، وإذا كانوا هم شر البرية فلن يتوقع منهم إلا كل شر، لأن الشرير ينبثق منه الشر، ولا يمكن أبدًا أن نحسن الظن بهم، قد نثق بالصادقين منهم كما وثق النبي صلى الله عليه وسلم بالمشرك عبد الله بن أريقط حين استأجره ليدله على طريق الهجرة، لكن غالبهم وجمهورهم لا يوثق منهم لأنهم شر.
ولما ذكر الله حكم هؤلاء الكفار من اليهود والنصارى والمشركين ذكر حكم المؤمنين فقال : (( إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية )) والقرآن الكريم مثاني تثنى فيه المعاني، فيؤتى بالمعنى وما يقابله، ويؤتى بأصحاب النار وأصحاب الجنة، ويؤتى بآيات الترهيب وآيات الترغيب وهلم جرًّا لأجل أن يكون الإنسان سائرًا إلى الله عز وجل بين الخوف والرجاء، ولئلا يمل فإن تنويع الأساليب وتنويع المواضيع لا شك أنه يعطي النفس قوة واندفاعًا، بخلاف ما لو كان الكلام على وتيرة واحدة، فإن الإنسان قد يمل ولا تتحرك نفسه.
(( إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية )) فخير خلق الله عز وجل هم الذين آمنوا وعملوا الصالحات وهم على طبقات أربع بينها الله في قوله: (( ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين )) هذه الطبقات الأربع هي طبقات المؤمنين أعلاها طبقة النبوة، وأعلى طبقات النبوة طبقة الرسالة، ثم بعد ذلك بعد النبوة الصديقية، وعلى رأس الصديقين أبوبكر رضي الله عنه، والشهداء قيل: إنهم أولو العلم، وقيل: إنهم الذين قتلوا في سبيل الله والآية تحتمل المعنيين جميعًا بدون مناقضة، والذي ينبغي لمفسر القرآن أن الآية إذا كانت تحتمل المعنيين بدون مناقضة أن يحملها على المعنيين جميعًا، فالشهداء هم أولو العلم وهم الذين قتلوا في سبيل الله، وكلهم مرتبتهم عالية فوق سائر المتبعين للرسل إلا الصديقين قال تعالى: (( والصالحين )) وهم أدنى الطبقات، فالذين آمنوا وعملوا الصالحات على اختلاف طبقاتهم هم خير البرية، أي خير ما خلق الله عز وجل من البرايا.
ثم بيّن جزاءهم فقال: (( جزاؤهم عند ربهم جنات عدن تجري من تحتها الأنهار )) وهنا قدّم الله الثناء على المؤمنين الذين عملوا الصالحات على ذكر جزائهم، لأن ثناء الله عليهم أعظم مرتبة وأعلى منقبة، فلذلك قدمه على الجزاء الذي هو جزاؤهم في يوم القيامة (( جزاؤهم عند ربهم جنات عدن تجري من تحتها الأنهار )) جنات جمعها لاختلاف أنواعها، لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: ( إن الجنات جنتان من ذهب آنيتهما وما فيهما، وجنتان من فضة آنيتهما وما فيهما ) وإلى هذا يشير قول الله تعالى: (( ولمن خاف مقام ربه جنتان )) ثم ذكر أوصاف هاتين الجنتين ثم قال: (( ومن دونهما جنتان )) فلهم جنات، والجنات التي ذكرها الله تعالى جزاء للمؤمنين العاملين الصالحات هي عبارة عن منازل عظيمة أعدها الله عز وجل للمؤمنين المتقين فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، ولا يمكن لإنسان في هذه الدنيا أن يتصور كيف نعيم الآخرة أبدًا، لأنه أعلى وأجل مما نتصور، قال ابن عباس رضي الله عنهما: " ليس في الجنة مما في الدنيا إلا الأسماء " لكنها تختلف الحقائق اختلافًا عظيمًا.
قال عز وجل: (( جنات عدن )) العدن بمعنى الإقامة المكان وعدم النزوح عنه، ومن تمام نعيم أهل الجنة أن كل واحد منهم لا يطلب تحولًا عما هو عليه من النعيم لأنه لا يرى أن أحدًا أكمل منه، ولا يحس في قلبه أنه في غضاضة بالنسبة لمن هو أرقى منه وأكمل قال الله تبارك وتعالى: (( لا يبغون عنها حولًا )) أي: لا يبغون تحولًا عما هم عليه، لأن الله تعالى قد أقنعهم بما أعطاهم فلا يجدون أحدًا أكمل نعيما منهم، ولهذا سمى الله تعالى هذه الجنات جنات عدن أسأل الله أن يجعلني وإياكم من أهلها.
(( تجري من تحتها الأنهار )) من تحتها قال العلماء: من تحت قصورها وأشجارها وإلا فهو على سطحها وليس أسفل، إنما هو من تحت هذه القصور والأشجار، والأنهار التي ذكرها الله عز وجل هنا مجملة فصّلها في سورة محمد فقال: (( مثل الجنة التي وعد المتقون فيها أنهار من ماء غير آسن وأنهار من لبن لم يتغير طعمه وأنها من خمر لذة للشاربين وأنهار من عسل مصفى )) هذه الأنهار، وقد جاء في الآثار من وصف هذه الأنهار أنها تجري بغير أخدود وبغير خنادق، بمعنى أن النهر يجري على سطح الأرض يتوجه حيث وجهه الإنسان ولا يحتاج إلى شق خنادق ولا إلى بناء أخدود تمنع سيلان الماء يمينًا وشمالًا، وفي هذا يقول ابن القيم رحمه الله في كتاب النونية:
" أنهارها من غير أخدود جرت *** سبحان ممسكها عن الفيضان "
(( خالدين فيها أبدًا )) أي ماكثين فيها أبدًا، لا يموتون ولا يمرضون و لايبأسون ولا ينامون ولا يحزنون ولا يمسهم فيها نصب، فهم في أكمل النعيم دائمًا دائمًا وأبدًا أبد الآبدين، اللهم اجعلنا منهم رضي الله عنهم ورضوا عنه، وهذا أكمل نعيم أن الله تعالى يرضى عنهم فيحل عليهم رضوانه فلا يسخط بعده أبدًا، بل وينظرون إلى الله تبارك وتعالى بأعينهم كما يرون القمر ليلة البدر لا يشكون في ذلك ولا يمترون في ذلك ولا يتضامون في ذلك أي لا ينضم بعضهم إلى بعض ليريه الآخر، بل كل إنسان يراه في مكانه حسب ما أراد الله عز وجل. ثم قال عز وجل: (( ذلك لمن خشي ربه )) أي: ذلك الجزاء لمن خشي الله عز وجل، والخشية هي خوف الله عز وجل المقرون بالهيبة والتعظيم ولا يصدر ذلك إلا من عالم بالله كما قال تعالى (( إنما يخشى الله من عباده العلماء إن الله عزيز غفور )) وبهذا تمت هذه السورة العظيمة وتم ما تيسر لنا من الكلام على تفسيرها، ونسأل الله أن يجعلنا جميعًا ممن يتلون كتاب الله حق تلاوته إنه على كل شيء قدير. أما الآن فإنه في دور الأسئلة، ونبدأ باليمين، ولكل واحد سؤال لعله يشمل الجميع.
الحمد لله، وأصلي وأسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فهذا هو اللقاء السابع والثمانون من اللقاءات التي يعبر عنها باللقاء المفتوح، وهذا هو يوم الخميس الثاني والعشرين من شهر شوال عام خمسة عشر وأربعمائة وألف.
نبتدئ هذا اللقاء بإكمال تفسير سورة البينة وقد انتهينا فيه في اللقاء السابق إلى قول الله تبارك وتعالى: (( إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين في نار جهنم خالدين فيها أولئك هم شر البرية )) بيّن الله تعالى هنا في هذه الآية بيانًا مؤكدًا بـ إنّ أن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين في نار جهنم أي في النار التي تسمى جهنم وسميت جهنم لبعد قعرها وسوادها فهو مأخوذ من الجهمة، وقيل: إنه اسم أعجمي عرّبته العرب، وأيًّا كان فإنه أعني لفظ جهنم اسم من أسماء النار أعاذنا الله وإياكم منها.
وقوله: (( إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين )) من هنا بيان للإبهام أعني إبهام الاسم الموصول في قوله: (( إن الذين كفروا )) وعلى هذا فيقتضي أن أهل الكتاب كفار وهم اليهود والنصارى، وكذلك الأمر فإن اليهود والنصارى كفار حين لم يؤمنوا برسول الله محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم وإن قالوا إنهم مؤمنون بالله واليوم الآخر ويدعون لموتاهم بالرحمة وما أشبه ذلك من العبارات التي يتزلفون بها فإنهم كاذبون، إذ لو كانوا يؤمنون بالله واليوم الآخر لآمنوا بمحمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم بل لآمنوا برسلهم، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد وجد وصفه في التوراة والإنجيل كما قال الله تبارك وتعالى في سورة الأعراف: (( الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبًا عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث )) بل إن عيسى صلى الله عليه وسلم قال لبني إسرائيل: (( يا بني إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقًا لما بين يدي من التوراة ومبشرًا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد )) فلما جاء هذا الرسول الذي بشر به عيسى بالبينات قالوا: (( هذا سحر مبين )) وكذبوه ولم يتبعوه إلا نفرًا قليلًا من اليهود والنصارى فقد آمنوا بمحمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم واتبعوه.
(( أولئك هم شر البرية )) شر البرية أي شر الخليقة لأن البرية هي الخليقة، وعلى هذا فيكون كفار من بني آدم من اليهود والنصارى والمشركين شر البرية شر الخلائق، وقد بيّن الله ذلك تمامًا في قوله: (( إن شر الدواب عند الله الذين كفروا فهم لا يؤمنون )) وقال تعالى: (( إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون * ولو علم الله فيهم خيرًا لأسمعهم ولو أسمعهم لتولوا وهم معرضون )) فهؤلاء الكفار من اليهود والنصارى والمشركين هم شر البرية عند الله عز وجل، وإذا كانوا هم شر البرية فلن يتوقع منهم إلا كل شر، لأن الشرير ينبثق منه الشر، ولا يمكن أبدًا أن نحسن الظن بهم، قد نثق بالصادقين منهم كما وثق النبي صلى الله عليه وسلم بالمشرك عبد الله بن أريقط حين استأجره ليدله على طريق الهجرة، لكن غالبهم وجمهورهم لا يوثق منهم لأنهم شر.
ولما ذكر الله حكم هؤلاء الكفار من اليهود والنصارى والمشركين ذكر حكم المؤمنين فقال : (( إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية )) والقرآن الكريم مثاني تثنى فيه المعاني، فيؤتى بالمعنى وما يقابله، ويؤتى بأصحاب النار وأصحاب الجنة، ويؤتى بآيات الترهيب وآيات الترغيب وهلم جرًّا لأجل أن يكون الإنسان سائرًا إلى الله عز وجل بين الخوف والرجاء، ولئلا يمل فإن تنويع الأساليب وتنويع المواضيع لا شك أنه يعطي النفس قوة واندفاعًا، بخلاف ما لو كان الكلام على وتيرة واحدة، فإن الإنسان قد يمل ولا تتحرك نفسه.
(( إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية )) فخير خلق الله عز وجل هم الذين آمنوا وعملوا الصالحات وهم على طبقات أربع بينها الله في قوله: (( ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين )) هذه الطبقات الأربع هي طبقات المؤمنين أعلاها طبقة النبوة، وأعلى طبقات النبوة طبقة الرسالة، ثم بعد ذلك بعد النبوة الصديقية، وعلى رأس الصديقين أبوبكر رضي الله عنه، والشهداء قيل: إنهم أولو العلم، وقيل: إنهم الذين قتلوا في سبيل الله والآية تحتمل المعنيين جميعًا بدون مناقضة، والذي ينبغي لمفسر القرآن أن الآية إذا كانت تحتمل المعنيين بدون مناقضة أن يحملها على المعنيين جميعًا، فالشهداء هم أولو العلم وهم الذين قتلوا في سبيل الله، وكلهم مرتبتهم عالية فوق سائر المتبعين للرسل إلا الصديقين قال تعالى: (( والصالحين )) وهم أدنى الطبقات، فالذين آمنوا وعملوا الصالحات على اختلاف طبقاتهم هم خير البرية، أي خير ما خلق الله عز وجل من البرايا.
ثم بيّن جزاءهم فقال: (( جزاؤهم عند ربهم جنات عدن تجري من تحتها الأنهار )) وهنا قدّم الله الثناء على المؤمنين الذين عملوا الصالحات على ذكر جزائهم، لأن ثناء الله عليهم أعظم مرتبة وأعلى منقبة، فلذلك قدمه على الجزاء الذي هو جزاؤهم في يوم القيامة (( جزاؤهم عند ربهم جنات عدن تجري من تحتها الأنهار )) جنات جمعها لاختلاف أنواعها، لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: ( إن الجنات جنتان من ذهب آنيتهما وما فيهما، وجنتان من فضة آنيتهما وما فيهما ) وإلى هذا يشير قول الله تعالى: (( ولمن خاف مقام ربه جنتان )) ثم ذكر أوصاف هاتين الجنتين ثم قال: (( ومن دونهما جنتان )) فلهم جنات، والجنات التي ذكرها الله تعالى جزاء للمؤمنين العاملين الصالحات هي عبارة عن منازل عظيمة أعدها الله عز وجل للمؤمنين المتقين فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، ولا يمكن لإنسان في هذه الدنيا أن يتصور كيف نعيم الآخرة أبدًا، لأنه أعلى وأجل مما نتصور، قال ابن عباس رضي الله عنهما: " ليس في الجنة مما في الدنيا إلا الأسماء " لكنها تختلف الحقائق اختلافًا عظيمًا.
قال عز وجل: (( جنات عدن )) العدن بمعنى الإقامة المكان وعدم النزوح عنه، ومن تمام نعيم أهل الجنة أن كل واحد منهم لا يطلب تحولًا عما هو عليه من النعيم لأنه لا يرى أن أحدًا أكمل منه، ولا يحس في قلبه أنه في غضاضة بالنسبة لمن هو أرقى منه وأكمل قال الله تبارك وتعالى: (( لا يبغون عنها حولًا )) أي: لا يبغون تحولًا عما هم عليه، لأن الله تعالى قد أقنعهم بما أعطاهم فلا يجدون أحدًا أكمل نعيما منهم، ولهذا سمى الله تعالى هذه الجنات جنات عدن أسأل الله أن يجعلني وإياكم من أهلها.
(( تجري من تحتها الأنهار )) من تحتها قال العلماء: من تحت قصورها وأشجارها وإلا فهو على سطحها وليس أسفل، إنما هو من تحت هذه القصور والأشجار، والأنهار التي ذكرها الله عز وجل هنا مجملة فصّلها في سورة محمد فقال: (( مثل الجنة التي وعد المتقون فيها أنهار من ماء غير آسن وأنهار من لبن لم يتغير طعمه وأنها من خمر لذة للشاربين وأنهار من عسل مصفى )) هذه الأنهار، وقد جاء في الآثار من وصف هذه الأنهار أنها تجري بغير أخدود وبغير خنادق، بمعنى أن النهر يجري على سطح الأرض يتوجه حيث وجهه الإنسان ولا يحتاج إلى شق خنادق ولا إلى بناء أخدود تمنع سيلان الماء يمينًا وشمالًا، وفي هذا يقول ابن القيم رحمه الله في كتاب النونية:
" أنهارها من غير أخدود جرت *** سبحان ممسكها عن الفيضان "
(( خالدين فيها أبدًا )) أي ماكثين فيها أبدًا، لا يموتون ولا يمرضون و لايبأسون ولا ينامون ولا يحزنون ولا يمسهم فيها نصب، فهم في أكمل النعيم دائمًا دائمًا وأبدًا أبد الآبدين، اللهم اجعلنا منهم رضي الله عنهم ورضوا عنه، وهذا أكمل نعيم أن الله تعالى يرضى عنهم فيحل عليهم رضوانه فلا يسخط بعده أبدًا، بل وينظرون إلى الله تبارك وتعالى بأعينهم كما يرون القمر ليلة البدر لا يشكون في ذلك ولا يمترون في ذلك ولا يتضامون في ذلك أي لا ينضم بعضهم إلى بعض ليريه الآخر، بل كل إنسان يراه في مكانه حسب ما أراد الله عز وجل. ثم قال عز وجل: (( ذلك لمن خشي ربه )) أي: ذلك الجزاء لمن خشي الله عز وجل، والخشية هي خوف الله عز وجل المقرون بالهيبة والتعظيم ولا يصدر ذلك إلا من عالم بالله كما قال تعالى (( إنما يخشى الله من عباده العلماء إن الله عزيز غفور )) وبهذا تمت هذه السورة العظيمة وتم ما تيسر لنا من الكلام على تفسيرها، ونسأل الله أن يجعلنا جميعًا ممن يتلون كتاب الله حق تلاوته إنه على كل شيء قدير. أما الآن فإنه في دور الأسئلة، ونبدأ باليمين، ولكل واحد سؤال لعله يشمل الجميع.
1 - إكمال تفسير سورة البينة من قوله تعالى:"إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين في نار جهنم"إلى آخر السورة. أستمع حفظ
ما حكم كتابة بعض آيات القرآن أو لفظ الجلالة على الطاولات ؟
السائل : بسم الله الرحمن الرحيم .
فضيلة الشيخ : بعض الطلاب والموظفين يلصقون على الماصات الطاولات لفظ الجلالة أو لا إله إلا الله وأحيانًا آية الكرسي فهل في هذا شيء هل هذا جائز؟
الشيخ : طاولة اللي يتكأ عليها؟
السائل : اللي يكتب عليها ويجلس عليها.
الشيخ : أما كتابة القرآن على الطاولة ثم يتكئ الإنسان عليها ليكتب أو يتكئ عليها ليستريح فإن هذا فيه نوع امتهان للقرآن الكريم فلا يكتب، وأما غير القرآن فإنه أهون ومع ذلك لا أرى حاجة لكتابته ومن أراد أن يتذكر ذكر الله فليتذكر ذلك بقلبه، وأخشى أن يكتب لا إله إلا الله ثم يأتي بعض زملائه كما جرت به العادة يحدثه ويركب على الطاولة من غير أن يشعر أو يشعر ولكن لا يبالي، أرى ألا يكتب عليها شيء حتى أيضًا حسب النظام فيما أعلم أنه ممنوع أن يكتب على الطاولات شيء.
السائل : يلصقون الملصقات.
الشيخ : حتى الملصقات أيضًا لا داعي لها، نعم.
فضيلة الشيخ : بعض الطلاب والموظفين يلصقون على الماصات الطاولات لفظ الجلالة أو لا إله إلا الله وأحيانًا آية الكرسي فهل في هذا شيء هل هذا جائز؟
الشيخ : طاولة اللي يتكأ عليها؟
السائل : اللي يكتب عليها ويجلس عليها.
الشيخ : أما كتابة القرآن على الطاولة ثم يتكئ الإنسان عليها ليكتب أو يتكئ عليها ليستريح فإن هذا فيه نوع امتهان للقرآن الكريم فلا يكتب، وأما غير القرآن فإنه أهون ومع ذلك لا أرى حاجة لكتابته ومن أراد أن يتذكر ذكر الله فليتذكر ذلك بقلبه، وأخشى أن يكتب لا إله إلا الله ثم يأتي بعض زملائه كما جرت به العادة يحدثه ويركب على الطاولة من غير أن يشعر أو يشعر ولكن لا يبالي، أرى ألا يكتب عليها شيء حتى أيضًا حسب النظام فيما أعلم أنه ممنوع أن يكتب على الطاولات شيء.
السائل : يلصقون الملصقات.
الشيخ : حتى الملصقات أيضًا لا داعي لها، نعم.
ما معنى قوله صلى الله عليه وسلم : " لألفين أحدكم متكئا على أريكته يقول هذا كتاب الله ما وجدنا فيه حلالاً حللناه وما وجدنا فيه حراماً حرمناه ... " وهل فيه دليل على وجوب متابعة النبي صلى الله عليه وسلم وكيف يوجه مع قول الأصوليين السنة ما يثاب فاعله؟
السائل : فضيلة الشيخ بارك الله في علمكم: يقول صلى الله عليه وسلم " لا يقعدن أحدكم متكئًا على أريكته يقول هذا كتاب الله هما وجدنا فيه حلالًا حللناه وما وجدنا فيه حرامًا حرمناه ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه " معنى كونه متكئًا على أريكته؟ وهل في هذا الحديث دليل على وجوب متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم؟
الشيخ : على وجوب إيش؟
السائل : وجوب المتابعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وإذا كان الأمر كذلك فقول الأصوليين يقول علماء الفكر يقولون السنة يثاب فاعله ولا يعاقب تاركه بارك الله فيك.
الشيخ : أما لفظ الحديث فليس كما قال السائل لا يقعدن أحدكم على أريكته بل قال: ( لا ألفين أحدكم متكئًا على أريكته ) وهذا تحذير من النبي عليه الصلاة والسلام أن يكون الإنسان على هذا الوصف وعلى هذه الحال عنده من الغطرسة والكبرياء ما جعله متكئًا على أريكته يأتيه الأمر من عند الرسول عليه الصلاة والسلام ويقول لا أدري ما وجدنا في كتاب الله اتبعناه يعني لا نتبع السنة، وهذا تحذير من الرسول عليه الصلاة والسلام أن يكون الإنسان على هذا الوصف ولهذا قال: ( ألا وإني أوتيت الكتاب ومثله معه أو القرآن ومثله معه ) وهي السنة كما قال تعالى: (( وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيمًا )) قال أهل العلم المراد بالحكمة هنا السنة بدليل قوله: (( وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيمًا )) ومعلوم أن رد السنة الصحيحة الثابتة عن الرسول عليه الصلاة والسلام كرد القرآن تمامًا، لأن ما جاء به الرسول عليه الصلاة والسلام من أحكام فهو كما جاء في القرآن من الأحكام، إذ هو رسول الله عز وجل فمن قال لا أقبل إلا ما جاء في القرآن قلنا إنك واقع في هذا الحديث الذي حذّر به النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أمته أن يكون على هذه الحال، ثم نقول له: إن ردك لما جاء به الرسول هو رد لما جاء في القرآن لأن الله تعالى قال: (( من يطع الرسول فقد أطاع الله )) وقال: (( ومن يعص الله ورسوله فإن له نار جهنم )) وقال الله تعالى: (( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله )) وقال تعالى: (( وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا )) إلى غير ذلك من الآيات الكثيرة الدالة على وجوب اتباع النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وأما السنة فالسنة لها اصطلاحان اصطلاح عام واصطلاح خاص، أما الاصطلاح العام فإن السنة هي طريقة النبي صلى الله عليه وسلم الشاملة للواجب والمستحب وغير ذلك، ومنه قول أنس بن مالك رضي الله عنه: " من السنة إذا تزوج البكر على الثيب أقام عندها سبعًا ثم قسم وإذا تزوج الثيب أقام عندها ثلاثًا ثم قسم " هذه السنة واجبة.
أما الاصطلاح الخاص فهو اصطلاح الفقهاء رحمهم الله حيث قسموا الأحكام الشرعية إلى خمسة أقسام واجب وسنة وحرام ومكروه ومباح، وإنما قسموا ذلك ليتبين الشيء الذي ألزم به الشرع فيكون واجب الفعل إن كان واجبًا، ويكون واجب الترك إن كان حرامًا وما دون ذلك يكون سنة في المأمور ومكروهًا في المنهي عنه، فهذا هو الفرق وعليه فلا إشكال، فصارت السنة الآن نوعان عامة وخاصة، فالعامة هي التي يراد بها طريق النبي عليه الصلاة والسلام الشامل للواجب والمستحب، وأما الخاصة فهي ما اصطلح عليه الفقهاء حيث قالوا إن السنة هي التي إذا فعلها الإنسان أثيب عليها وإذا تركها لم يعاقب، نعم.
الشيخ : على وجوب إيش؟
السائل : وجوب المتابعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وإذا كان الأمر كذلك فقول الأصوليين يقول علماء الفكر يقولون السنة يثاب فاعله ولا يعاقب تاركه بارك الله فيك.
الشيخ : أما لفظ الحديث فليس كما قال السائل لا يقعدن أحدكم على أريكته بل قال: ( لا ألفين أحدكم متكئًا على أريكته ) وهذا تحذير من النبي عليه الصلاة والسلام أن يكون الإنسان على هذا الوصف وعلى هذه الحال عنده من الغطرسة والكبرياء ما جعله متكئًا على أريكته يأتيه الأمر من عند الرسول عليه الصلاة والسلام ويقول لا أدري ما وجدنا في كتاب الله اتبعناه يعني لا نتبع السنة، وهذا تحذير من الرسول عليه الصلاة والسلام أن يكون الإنسان على هذا الوصف ولهذا قال: ( ألا وإني أوتيت الكتاب ومثله معه أو القرآن ومثله معه ) وهي السنة كما قال تعالى: (( وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيمًا )) قال أهل العلم المراد بالحكمة هنا السنة بدليل قوله: (( وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيمًا )) ومعلوم أن رد السنة الصحيحة الثابتة عن الرسول عليه الصلاة والسلام كرد القرآن تمامًا، لأن ما جاء به الرسول عليه الصلاة والسلام من أحكام فهو كما جاء في القرآن من الأحكام، إذ هو رسول الله عز وجل فمن قال لا أقبل إلا ما جاء في القرآن قلنا إنك واقع في هذا الحديث الذي حذّر به النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أمته أن يكون على هذه الحال، ثم نقول له: إن ردك لما جاء به الرسول هو رد لما جاء في القرآن لأن الله تعالى قال: (( من يطع الرسول فقد أطاع الله )) وقال: (( ومن يعص الله ورسوله فإن له نار جهنم )) وقال الله تعالى: (( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله )) وقال تعالى: (( وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا )) إلى غير ذلك من الآيات الكثيرة الدالة على وجوب اتباع النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وأما السنة فالسنة لها اصطلاحان اصطلاح عام واصطلاح خاص، أما الاصطلاح العام فإن السنة هي طريقة النبي صلى الله عليه وسلم الشاملة للواجب والمستحب وغير ذلك، ومنه قول أنس بن مالك رضي الله عنه: " من السنة إذا تزوج البكر على الثيب أقام عندها سبعًا ثم قسم وإذا تزوج الثيب أقام عندها ثلاثًا ثم قسم " هذه السنة واجبة.
أما الاصطلاح الخاص فهو اصطلاح الفقهاء رحمهم الله حيث قسموا الأحكام الشرعية إلى خمسة أقسام واجب وسنة وحرام ومكروه ومباح، وإنما قسموا ذلك ليتبين الشيء الذي ألزم به الشرع فيكون واجب الفعل إن كان واجبًا، ويكون واجب الترك إن كان حرامًا وما دون ذلك يكون سنة في المأمور ومكروهًا في المنهي عنه، فهذا هو الفرق وعليه فلا إشكال، فصارت السنة الآن نوعان عامة وخاصة، فالعامة هي التي يراد بها طريق النبي عليه الصلاة والسلام الشامل للواجب والمستحب، وأما الخاصة فهي ما اصطلح عليه الفقهاء حيث قالوا إن السنة هي التي إذا فعلها الإنسان أثيب عليها وإذا تركها لم يعاقب، نعم.
3 - ما معنى قوله صلى الله عليه وسلم : " لألفين أحدكم متكئا على أريكته يقول هذا كتاب الله ما وجدنا فيه حلالاً حللناه وما وجدنا فيه حراماً حرمناه ... " وهل فيه دليل على وجوب متابعة النبي صلى الله عليه وسلم وكيف يوجه مع قول الأصوليين السنة ما يثاب فاعله؟ أستمع حفظ
هل يقضي الحج عن من أخره عاماً بعد عام حتى مات ؟
السائل : بسم الله الرحمن الرحيم .
فضيلة الشيخ : رجل من سكان مكة استطاع الحج لكن ما حج صار يأخر الحج يقول كل سنة السنة القادمة حتى مات هل يقضى عليه الحج؟
الشيخ : الصحيح أنه يقضى عنه إذا كان عازمًا على فعل الحج ولكنه متكاسل، أما لو كان عازمًا على الترك فإنه لا يقضى عنه بل يبقى في ذمته يعذب به يوم القيامة إن شاء الله هذا هو التفصيل الذي تطمئن إليه النفس، ولكن ليعلم أن الحج واجب على الفور وأنه لا يجوز لمن قدر عليه أن يؤخره لقول الله تعالى: (( ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلًا )) فقيده بالاستطاعة متى وجدت الاستطاعة وجب الحج، نعم.
فضيلة الشيخ : رجل من سكان مكة استطاع الحج لكن ما حج صار يأخر الحج يقول كل سنة السنة القادمة حتى مات هل يقضى عليه الحج؟
الشيخ : الصحيح أنه يقضى عنه إذا كان عازمًا على فعل الحج ولكنه متكاسل، أما لو كان عازمًا على الترك فإنه لا يقضى عنه بل يبقى في ذمته يعذب به يوم القيامة إن شاء الله هذا هو التفصيل الذي تطمئن إليه النفس، ولكن ليعلم أن الحج واجب على الفور وأنه لا يجوز لمن قدر عليه أن يؤخره لقول الله تعالى: (( ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلًا )) فقيده بالاستطاعة متى وجدت الاستطاعة وجب الحج، نعم.
هل الجنة والنار فيها سكان الآن وهل الصراط مجتاز الآن .؟
السائل : شيخنا الفاضل وفقكم الله ونفعنا الله بعلمكم: جاء في السيرة أن النبي صلى الله عليه وسلم عندما عرج به إلى السماء اطلع على أهل الجنة فرأى أكثر أهلها الفقراء والمساكين، ثم اطلع على أهل النار فرأى أكثر أهلها النساء، ثم أيضًا جاء في سيرة التابعين أن سفيان الثوري رحمه الله رؤي في المنام فقيل له: ما صنع الله بك؟ قال: " وضعت قدمي على الصراط الأخرى في الجنة " فهل الصراط الآن يجتاز الآن وهل الجنة فيها يعني سكانها وأهل النار فيها سكانها أيضًا كذلك فما هو التفصيل في ذلك جزاكم الله خير؟
الشيخ : إيه نعم أقول بارك الله فيكم جميعًا الأمور الغيبية لا ينبغي أن نبحث فيها عن كيفيتها وأن نتعمق، لأن هذا من التنطع وقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ( هلك المتنطعون، هلك المتنطعون، هلك المتنطعون ) وقال الإمام مالك لمن سأله كيف استوى الله على العرش؟ قال له: " الاستواء معلوم والكيف مجهول " هذه الأمور يجب علينا أن نؤمن بها وألا نبحث عنها، ولهذا ألقى النبي صلى الله عليه وسلم هذا الحديث على أصحابه ولم ينبس واحد منهم بكلمة، يقول كيف ذلك يا رسول الله حتى إنه أخبر أنه سمع خشخشة نعال بلال ومع ذلك ما قالوا كيف يا رسول الله بلال في الدنيا ما ذهب إلى الآخرة ولا جاء، لكنهم آمنوا وصدقوا، فنصيحتي لكم جميعًا أن مثل هذه الأمور تؤمنون بها على ظاهرها وتقولون هي حق، وأما كيف ذلك؟ وهل أهل الجنة الآن موجودون فيها وأهل النار موجودون فيها؟ فقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم من أهل الجنة من رأى ورأى من أهل النار من رأى رأى عمرو بن لحي يجر قصفه أي أمعاءه في النار، ورأى امرأة تعذب في هرة لها حبستها ورأى فيها صاحب المحجن الذي يسرق الحجاج بمحجنه.
الحاصل أني أنصح لكم ألا تتعرضوا لمثل هذه الأسئلة، أما موقفي أنا فيها فهو موقف الصحابة رضي الله عنهم أن أقول آمنت بالله وبرسول الله وبما جاء عن الله ورسوله ولا أتجاوز ذلك وأقول إن الرسول عليه الصلاة والسلام في المعراج أخبرنا عما رأى وهو حق نعم، وأقول إذا لزمنا هذه الطريق استرحنا وأي واحد يسألنا نبين له أن هذا لا طريق للعلم به وأن موقفنا منه هو التفويض أي تفويض الكيفية إلى الله عز وجل أما المعنى فنعم نعرف المعنى، نعم.
الشيخ : إيه نعم أقول بارك الله فيكم جميعًا الأمور الغيبية لا ينبغي أن نبحث فيها عن كيفيتها وأن نتعمق، لأن هذا من التنطع وقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ( هلك المتنطعون، هلك المتنطعون، هلك المتنطعون ) وقال الإمام مالك لمن سأله كيف استوى الله على العرش؟ قال له: " الاستواء معلوم والكيف مجهول " هذه الأمور يجب علينا أن نؤمن بها وألا نبحث عنها، ولهذا ألقى النبي صلى الله عليه وسلم هذا الحديث على أصحابه ولم ينبس واحد منهم بكلمة، يقول كيف ذلك يا رسول الله حتى إنه أخبر أنه سمع خشخشة نعال بلال ومع ذلك ما قالوا كيف يا رسول الله بلال في الدنيا ما ذهب إلى الآخرة ولا جاء، لكنهم آمنوا وصدقوا، فنصيحتي لكم جميعًا أن مثل هذه الأمور تؤمنون بها على ظاهرها وتقولون هي حق، وأما كيف ذلك؟ وهل أهل الجنة الآن موجودون فيها وأهل النار موجودون فيها؟ فقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم من أهل الجنة من رأى ورأى من أهل النار من رأى رأى عمرو بن لحي يجر قصفه أي أمعاءه في النار، ورأى امرأة تعذب في هرة لها حبستها ورأى فيها صاحب المحجن الذي يسرق الحجاج بمحجنه.
الحاصل أني أنصح لكم ألا تتعرضوا لمثل هذه الأسئلة، أما موقفي أنا فيها فهو موقف الصحابة رضي الله عنهم أن أقول آمنت بالله وبرسول الله وبما جاء عن الله ورسوله ولا أتجاوز ذلك وأقول إن الرسول عليه الصلاة والسلام في المعراج أخبرنا عما رأى وهو حق نعم، وأقول إذا لزمنا هذه الطريق استرحنا وأي واحد يسألنا نبين له أن هذا لا طريق للعلم به وأن موقفنا منه هو التفويض أي تفويض الكيفية إلى الله عز وجل أما المعنى فنعم نعرف المعنى، نعم.
إذا حكم الحاكم بغير ما أنزل الله فما الضابط في تكفيره ؟ وما هوالدليل على أن الحاكم لا يكفر إلا إذا استحل ؟ وكيف يعرف الاستحلال وهو في القلب ؟
السائل : فضيلة الشيخ : يقول أكثر أهل العلم أن الحاكم بغير ما أنزل الله إذا كان لا يستحل الحكم بغير ما أنزل الله ويعلم أن حكم الله خيرًا من حكم غيره فهو لا يكفر إلا بشرط الاستحلال فما هو الدليل على أنه لا يكفر إلا أن يكون مستحلًّا لذلك؟ وإذا كان الاستحلال لا يكون إلا في القلب باعتقاد الشيء حله من حرامه كيف لنا أن نعرف أن هذا مستحل أو غير ذلك وجزاكم الله خير؟
الشيخ : نعم، أولًا: بارك الله فيك لابد أن نعلم أن معنى تكفير الإنسان نقله من الإسلام إلى الكفر، ويترتب على هذا أحكام عظيمة من أهمها استباحة دمه وماله وهذا أمر عظيم لا يجوز لنا أن نتهاون به، يعني مثلًا لو قلنا هذا حلال وهذا حرام بغير علم أهون مما إذا قلنا هذا كافر وهذا مسلم بغير علم، ومن المعلوم أن التكفير والإسلام إنما هو إلى الله عز وجل، فإذا نظرنا إلى الأدلة وجدنا أن الله وصف الحاكمين بغير ما أنزل الله بثلاثة أوصاف فقال: (( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون )) وقال: (( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون )) وقال: (( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون )) ووصف الحكم بغير ما أنزل الله بالجهل فقال: (( أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكمًا لقوم يوقنون )) فلابد أن نرى مخرجًا من هذه الأوصاف التي ظاهرها التعارض ولا مخرج لنا في ذلك إلا أن تطبق على القواعد الشرعية، فمثلًا إذا جاءنا رجل ورفع الحكم الشرعي وأحل بدله قوانين تخالف ما أنزل الله على رسوله فهذا لا شك أنه مستحل، لأنه رفع الحكم نهائيًّا ووضع قانونًا من عنده من وضعه أو من وضع من هو أسوأ حالًا منه فهذا كافر، لأن رفعه للأحكام الشرعية ووضع القوانين بدلها يعني أنه استحل ذلك لكن يبقى عندي هل نكفر هذا الرجل بعينه أو ننظر حتى تقوم عليه الحجة، لأنه قد يشتبه عليه مسائل الأمور الدنيوية من مسائل الأمور العقدية أو التعبدية، ولهذا تجده يحترم العبادة ولم يغير فيها لا يقول مثلا إن صلاة الظهر تأتي والناس في عمل نؤجلها إلى العصر أو صلاة العشاء تأتي والناس محتاجون إلى النوم والعشاء نقدمها إلى المغرب مثلًا يحترم هذا، لكن في الأمور الدنيوية ربما يتجاسر ويضع قوانين مخالفة للشرع فهذا من حيث هو كفر لا شك فيه، لأن هذا رفع الحكم الشرعي واستبدل به غيره، ولكن لابد أن نقيم عليه الحجة وننظر لماذا فعلت ذلك؟ قد يلبّس عليه بعض العلماء الذين هم علماء دولة فيحرفون الكلم عن مواضعه من أجل إرضاء الحاكم، فيقولون مثلًا: إن مسائل الدنيا اقتصاديًّا وزراعيًّا وأخذًا وإعطاء موكول إلى البشر، لأن المصالح تختلف ثم يموهون عليه بقوله صلى الله عليه وسلم: ( أنتم أعلم بأمور دنياكم ) أو ( بأمر دنياكم ) وغالب الحكام الموجودين الآن غالبهم جهلة لا يعرفون شيئًا، فإذا جاء إنسان كبير العمامة طويل الأذيال واسع الأكمام وقال له هذا أمر يرجع إلى مصالح والمصالح تختلف بحسب الزمان والمكان والأحوال والنبي عليه الصلاة والسلام قال أنتم أعلم بأمر دنياكم ولا بأس أن ترفعوا القوانين التي كانت مقننة في عهد الصحابة وفي وقت مناسب إلى قوانين توافق ما عليه الناس في هذا الوقت فيحللون لهم ما حرم الله، ويقولون مثلًا: الربا نوعان ربا استثماري وربا استغلالي، فالأول جائز والثاني حرام مثلًا ثم يكتب اكتب هذه المادة فيكون جاهلًا، لكن إذا أقمنا عليه الحجة وقلنا هذا غلط وهذا خطأ وتحرييف من هذا العالم الذي غرك ثم أصرّ على ما هو عليه، حينئذ يحكم بكفره ولا نبالي، فالحاصل أن العلماء رحمهم الله قسموا هذا التقسيم من أجل موافقة هذه النصوص المطلقة للقواعد الشرعية المعلومة، نعم.
الشيخ : نعم، أولًا: بارك الله فيك لابد أن نعلم أن معنى تكفير الإنسان نقله من الإسلام إلى الكفر، ويترتب على هذا أحكام عظيمة من أهمها استباحة دمه وماله وهذا أمر عظيم لا يجوز لنا أن نتهاون به، يعني مثلًا لو قلنا هذا حلال وهذا حرام بغير علم أهون مما إذا قلنا هذا كافر وهذا مسلم بغير علم، ومن المعلوم أن التكفير والإسلام إنما هو إلى الله عز وجل، فإذا نظرنا إلى الأدلة وجدنا أن الله وصف الحاكمين بغير ما أنزل الله بثلاثة أوصاف فقال: (( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون )) وقال: (( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون )) وقال: (( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون )) ووصف الحكم بغير ما أنزل الله بالجهل فقال: (( أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكمًا لقوم يوقنون )) فلابد أن نرى مخرجًا من هذه الأوصاف التي ظاهرها التعارض ولا مخرج لنا في ذلك إلا أن تطبق على القواعد الشرعية، فمثلًا إذا جاءنا رجل ورفع الحكم الشرعي وأحل بدله قوانين تخالف ما أنزل الله على رسوله فهذا لا شك أنه مستحل، لأنه رفع الحكم نهائيًّا ووضع قانونًا من عنده من وضعه أو من وضع من هو أسوأ حالًا منه فهذا كافر، لأن رفعه للأحكام الشرعية ووضع القوانين بدلها يعني أنه استحل ذلك لكن يبقى عندي هل نكفر هذا الرجل بعينه أو ننظر حتى تقوم عليه الحجة، لأنه قد يشتبه عليه مسائل الأمور الدنيوية من مسائل الأمور العقدية أو التعبدية، ولهذا تجده يحترم العبادة ولم يغير فيها لا يقول مثلا إن صلاة الظهر تأتي والناس في عمل نؤجلها إلى العصر أو صلاة العشاء تأتي والناس محتاجون إلى النوم والعشاء نقدمها إلى المغرب مثلًا يحترم هذا، لكن في الأمور الدنيوية ربما يتجاسر ويضع قوانين مخالفة للشرع فهذا من حيث هو كفر لا شك فيه، لأن هذا رفع الحكم الشرعي واستبدل به غيره، ولكن لابد أن نقيم عليه الحجة وننظر لماذا فعلت ذلك؟ قد يلبّس عليه بعض العلماء الذين هم علماء دولة فيحرفون الكلم عن مواضعه من أجل إرضاء الحاكم، فيقولون مثلًا: إن مسائل الدنيا اقتصاديًّا وزراعيًّا وأخذًا وإعطاء موكول إلى البشر، لأن المصالح تختلف ثم يموهون عليه بقوله صلى الله عليه وسلم: ( أنتم أعلم بأمور دنياكم ) أو ( بأمر دنياكم ) وغالب الحكام الموجودين الآن غالبهم جهلة لا يعرفون شيئًا، فإذا جاء إنسان كبير العمامة طويل الأذيال واسع الأكمام وقال له هذا أمر يرجع إلى مصالح والمصالح تختلف بحسب الزمان والمكان والأحوال والنبي عليه الصلاة والسلام قال أنتم أعلم بأمر دنياكم ولا بأس أن ترفعوا القوانين التي كانت مقننة في عهد الصحابة وفي وقت مناسب إلى قوانين توافق ما عليه الناس في هذا الوقت فيحللون لهم ما حرم الله، ويقولون مثلًا: الربا نوعان ربا استثماري وربا استغلالي، فالأول جائز والثاني حرام مثلًا ثم يكتب اكتب هذه المادة فيكون جاهلًا، لكن إذا أقمنا عليه الحجة وقلنا هذا غلط وهذا خطأ وتحرييف من هذا العالم الذي غرك ثم أصرّ على ما هو عليه، حينئذ يحكم بكفره ولا نبالي، فالحاصل أن العلماء رحمهم الله قسموا هذا التقسيم من أجل موافقة هذه النصوص المطلقة للقواعد الشرعية المعلومة، نعم.
اضيفت في - 2005-08-27