سلسلة لقاء الباب المفتوح-096a
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
سلسلة لقاء الباب المفتوح
تفسير سورة العاديات .
الشيخ : الحمد لله ربّ العالمين وصلّى الله وسلّم على نبيّنا محمّد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدّين.
أمّا بعد:
فهذا هو اللّقاء الثّالث من لقاء الباب المفتوح لعام ستة عشر وأربعمائة وألف، والذي يتمّ كلّ يوم خميس، وهذا هو اليوم السّادسَ عشر من شهر محرّم عام ستة عشر وأربعمائة وألف، نبتدأ هذا اللّقاء بما يسّر الله تعالى من تفسير سورة العاديات:
يقول الله تبارك وتعالى: (( والعاديات ضبحاً * فالموريات قدحاً * فالمغيرات صبحاً * فأثرن به نقعاً * فوسطن به جمعاً )) إلى آخر السّورة، ولا يخفى على الجميع أن هذا قسم (( والعاديات ضبحاً )) وأنّ العاديات صفة لموصوف محذوف، فما هو هذا الموصوف؟ هل المراد الخيل؟ يعني والخيل العاديات؟ أو المراد الإبل، يعني والإبل العاديات؟
في هذا قولان للمفسّرين، فمنهم من قال: إنّ الموصوف هي الإبل، والتّقدير الإبل العاديات، ويعني بها: الإبل التي تعدو من عرفة إلى مزدلفة، ثمّ إلى منى، وذلك في مناسك الحجّ، واستدلّوا لهذا بأنّ السّورة مكّيّة، وأنّه ليس في مكّة جهاد على الخيل حتى يقسم بها.
أمّا القول الثاني لجمهور المفسّرين وهو الصّحيح: فإنّ المحذوف هو الخيل، والتّقدير: والخيل العاديات.
والخيل العاديات معلومة للعرب حتّى قبل مشروعيّة الجهاد، هناك خيل تعدو على أعدائها سواء بحقّ أو بغير حقّ فيما قبل الإسلام، أمّا بعد الإسلام فالخيل تعدو على أعدائها بحقّ.
يقول الله تعالى: (( والعاديات )) والعادي: اسم فاعل من العدو وهو سرعة المشي والإنطلاق.
وقوله: (( ضبحاً )) الضّبح: ما يسمع من أجواف الخيل حين تعدو بسرعة يكون لها صوت يخرج من صدورها، وهذا يدلّ على قوّة سعيها وشدّته.
(( فالموريات قدحاً )) الموريات: من أورى أو ورى بمعنى: قدح، ويعني بذلك قدح النّار حينما يضرب الأحجار بعضها بعضا كما هو مشهور عندنا في حجر المرو، فإنّك إذا ضبت بعضه ببعض انقدح.
هذه الإبل لقوّة سعيها وشدّتها وضربها الأرض إذا ضربت الحجر ضرب الحجر الثاني، يضرب الحجر الثاني ثمّ يشعل نارا وذلك لقوّتها وقوّة سعيها وضربها الأرض، (( فالموريات قدحاً * فالمغيرات صبحًا )): فالمغيرات صبحاً: أي: التي تغير صباحاً على العدوّ وهذا أحسن وقت يغار به على العدوّ أن يكون في الصّباح، لأنّه في غفلة ونوم وحتى لو استيقظ من الغارة فسوف يكون على كسل وعلى إعياء.
فاختار الله عزّ وجلّ للقسم بهذه الخيول أحسن وقت للإغارة وهو الصّباح، وكان النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم لا يغير على قوم في اللّيل بل ينتظر فإذا أصبح إن سمع أذاناً كفّ وإلاّ أغار.
(( فأثرنَ به نقعاً )) أي: أثرن بهذا العدوّ، وهذه الإغارة نقعاً وهو: الغبار الذي يثور من شدّة السّعي، فإنّ الخيل إذا سعت واشتدّ عدوها في الأرض صار لها غبار من الكرّ والفرّ.
(( فوسطن به جمعاً )) أي: توسّطن بهذا الغبار جمعاً أي جموعاً من الأعداء، أي: أنّها ليس لها غاية ولا تنتهي غايتها إلاّ وسط الأعداء، وهذا غاية ما يكون من منافع الخيل مع أنّ الخيل كلّها خير كما قال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: ( الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة ).
أقسم الله تعالى بهذه العاديات، بهذه الخيل التي بلغت الغاية وهو الإغارة على العدوّ وتوسّط العدوّ، من غير خوف ولا تعب ولا ملل.
أمّا المقسم عليه فهو الإنسان فقال: (( إنّ الإنسان لربّه لكنود )) والمراد بالإنسان هنا الجنس، أي: أنّ جنس الإنسان إذا لم يوفّق للهداية فإنّه كفور لنعمة الله عزّ وجلّ، كما قال الله تبارك وتعالى: (( وحملها الإنسان إنّه كان ظلوماً جهولاً )) وقيل: المراد بالإنسان هو الكافر، فعلى هذا يكون عامّا أريد به الخاصّ، والأظهر أنّ المراد به العموم، أي: أنّ جنس الإنسان لولا هداية الله لكان كنودا لربّه عزّ وجلّ.
والكنود هو الكفور أي: كافر لنعمة الله عزّ وجلّ، يرزقه الله عزّ وجلّ فيزداد بهذا الرّزق عتوّا ونفورا فإنّ مِن النّاس مَن قد يطغى إذا رآه قد استغنى عن الله، وما أكثر ما أفسد الغنى من بني آدم، فهو كفور لنعمة الله عزّ وجلّ يجحد نعمة الله، ولا يقوم بشكرها ولا يقوم بطاعة الله لأنّه كنود لنعمة الله.
(( وإنّه على ذلك لشهيد ))، إنّه: الضّمير قيل: يعود على الله أي: إنّ الله تعالى يشهد على العبد أنّه كفور بنعمة الله، وقيل: إنّه عائد على الإنسان نفسه، أي: أنّ الإنسان يشهد على نفسه بكفر نعمة الله عزّ وجلّ.
والصّواب أنّ الآية شاملة لهذا وهذا، فالله شهيد على ما في قلب ابن آدم، وشهيد على عمله، والإنسان أيضاً شهيد على نفسه، لكن قد يقرّ بهذه الشّهادة في الدّنيا وقد لا يقرّ بها فيشهد على نفسه يوم القيامة كما قال تعالى: (( يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون )).
(( وإنّه )) أي الإنسان (( لحبّ الخير لشديد )):
الخير هو المال، كما قال الله تعالى: (( كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصيّة )) أي: إن ترك مالاً كثيرا، فالخير هو المال، والإنسان حبّه للمال أمر ظاهر، قال الله تعالى: (( وتحبّون المال حبّاً جمّاً ))، ولا تكاد تجد أحداً يسلم من الحبّ الشّديد للمال، أمّا الحب مطلق الحبّ فهذا ثابت لكلّ أحد، ما من إنسان إلاّ ويحب المال، ولكن الشّدّة ليست لكلّ أحد، بعض النّاس يحبّ المال الذي تقوم به الكفاية ويستغني به عن عباد الله وبعض النّاس يريد أكثر، وبعض النّاس يريد أوسع وأوسع، المهمّ أنّ الإنسان محبّ للخير أي المال، لكن الشّدّة تختلف أو يختلف فيها النّاس من شخص لآخر.
ثمّ إنّ الله تعالى ذكّر الإنسان حالاً لا بدّ له منها فقال: (( أفلا يعلم إذا بعثر ما في القبور )) فيعمل لذلك ولا يكن همّه المال.
(( أفلا يعلم )) أي: يتيقّن.
(( إذا بعثر ما في القبور )) أي: نُشِر وأُظْهِر، فإنّ النّاس يخرجون من قبورهم لربّ العالمين كأنّهم جراد منتشر، يخرجون جميعا بصيحة واحدة (( إن كانت إلاّ صيحة واحدة فإذا هم جميع لدينا محضرون )).
(( وحصّل ما في الصّدور )) أي: ما القلوب من النّيّات، وأعمال القلب: كالتوكّل والرّغبة والرّهبة والخوف والرّجاء وما أشبه ذلك.
وهنا جعل الله عزّ وجلّ العمدة ما في الصّدور كما قال تعالى: (( يوم تبلى السّرائر فما له من قوّة ولا ناصر )) لأنّه في الدّنيا يعامل النّاس معاملة الظّاهر، حتى المنافق يعامل كما يعامل المسلم حقّاً، لكن الآخرة العمل على ما في القلب، ولهذا يجب علينا أن نعتني بقلوبنا قبل كل شيء، قبل الأعمال لأنّ القلب هو الذي عليه المدار وهو الذي سيكون عليه الجزاء يوم القيامة، ولهذا قال: (( وحصّل ما في الصّدور )).
ومناسبة الآيتين بعضهما لبعض، أنّ بعثرة ما في القبور إخراج للأجساد من بواطن الأرض، وتحصيل ما في الصّدور إخراج لما في الصّدور ممّا تُكنّه الصدور، فالبعثرة بعثرة ما في القبور عمّا تكنّه الأرض، وهنا عمّا يكنّه الصّدر، والتّناسب بينهما ظاهر.
(( إنّ ربّهم بهم يومئذ لخبير )) أي: إنّ الله عزّ وجلّ بهم: أي: بالعباد، لخبير، وقال: بهم ولم يقل: به مع أنّ الإنسان مفرد باعتبار المعنى، أي: أنّه أعاد الضّمير على الإنسان باعتبار المعنى، لأنّ معنى إنّ الإنسان أي: كلّ إنسان.
وعلّق العلم بذلك اليوم: (( إنّ ربّهم بهم يومئذ )) لأنّه يوم الجزاء والحساب وإلاّ فإنّ الله تعالى عليم خبير في ذلك اليوم وفيما قبله، فهو جلّ وعلا عالم بما كان، وما يكون لو كان كيف يكون.
هذا هو التّفسير اليسير لهذه السّورة العظيمة، ومن أراد البسط فعليه بكتب التّفاسير التي تبسط القول في هذا، وإنّما نحن نشير إشارة موجزة، وقد بيّنّا أوّل ما بدأنا في تفسير هذا الجزء المبارك أنّنا اخترنا لهذا لأنّه كثيراً ما يسمعه النّاس في الصّلاة الجهريّة، في المغرب والعشاء والفجر.
نسأل الله لنا ولكم الهداية والتّوفيق وأن يجعلنا ممّن يتلون كتاب الله حقّ تلاوته إنّه على كلّ شيء قدير.
أمّا الآن فإلى الأسئلة وكالعادة لكلّ واحد سؤال، نعم.
أمّا بعد:
فهذا هو اللّقاء الثّالث من لقاء الباب المفتوح لعام ستة عشر وأربعمائة وألف، والذي يتمّ كلّ يوم خميس، وهذا هو اليوم السّادسَ عشر من شهر محرّم عام ستة عشر وأربعمائة وألف، نبتدأ هذا اللّقاء بما يسّر الله تعالى من تفسير سورة العاديات:
يقول الله تبارك وتعالى: (( والعاديات ضبحاً * فالموريات قدحاً * فالمغيرات صبحاً * فأثرن به نقعاً * فوسطن به جمعاً )) إلى آخر السّورة، ولا يخفى على الجميع أن هذا قسم (( والعاديات ضبحاً )) وأنّ العاديات صفة لموصوف محذوف، فما هو هذا الموصوف؟ هل المراد الخيل؟ يعني والخيل العاديات؟ أو المراد الإبل، يعني والإبل العاديات؟
في هذا قولان للمفسّرين، فمنهم من قال: إنّ الموصوف هي الإبل، والتّقدير الإبل العاديات، ويعني بها: الإبل التي تعدو من عرفة إلى مزدلفة، ثمّ إلى منى، وذلك في مناسك الحجّ، واستدلّوا لهذا بأنّ السّورة مكّيّة، وأنّه ليس في مكّة جهاد على الخيل حتى يقسم بها.
أمّا القول الثاني لجمهور المفسّرين وهو الصّحيح: فإنّ المحذوف هو الخيل، والتّقدير: والخيل العاديات.
والخيل العاديات معلومة للعرب حتّى قبل مشروعيّة الجهاد، هناك خيل تعدو على أعدائها سواء بحقّ أو بغير حقّ فيما قبل الإسلام، أمّا بعد الإسلام فالخيل تعدو على أعدائها بحقّ.
يقول الله تعالى: (( والعاديات )) والعادي: اسم فاعل من العدو وهو سرعة المشي والإنطلاق.
وقوله: (( ضبحاً )) الضّبح: ما يسمع من أجواف الخيل حين تعدو بسرعة يكون لها صوت يخرج من صدورها، وهذا يدلّ على قوّة سعيها وشدّته.
(( فالموريات قدحاً )) الموريات: من أورى أو ورى بمعنى: قدح، ويعني بذلك قدح النّار حينما يضرب الأحجار بعضها بعضا كما هو مشهور عندنا في حجر المرو، فإنّك إذا ضبت بعضه ببعض انقدح.
هذه الإبل لقوّة سعيها وشدّتها وضربها الأرض إذا ضربت الحجر ضرب الحجر الثاني، يضرب الحجر الثاني ثمّ يشعل نارا وذلك لقوّتها وقوّة سعيها وضربها الأرض، (( فالموريات قدحاً * فالمغيرات صبحًا )): فالمغيرات صبحاً: أي: التي تغير صباحاً على العدوّ وهذا أحسن وقت يغار به على العدوّ أن يكون في الصّباح، لأنّه في غفلة ونوم وحتى لو استيقظ من الغارة فسوف يكون على كسل وعلى إعياء.
فاختار الله عزّ وجلّ للقسم بهذه الخيول أحسن وقت للإغارة وهو الصّباح، وكان النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم لا يغير على قوم في اللّيل بل ينتظر فإذا أصبح إن سمع أذاناً كفّ وإلاّ أغار.
(( فأثرنَ به نقعاً )) أي: أثرن بهذا العدوّ، وهذه الإغارة نقعاً وهو: الغبار الذي يثور من شدّة السّعي، فإنّ الخيل إذا سعت واشتدّ عدوها في الأرض صار لها غبار من الكرّ والفرّ.
(( فوسطن به جمعاً )) أي: توسّطن بهذا الغبار جمعاً أي جموعاً من الأعداء، أي: أنّها ليس لها غاية ولا تنتهي غايتها إلاّ وسط الأعداء، وهذا غاية ما يكون من منافع الخيل مع أنّ الخيل كلّها خير كما قال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: ( الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة ).
أقسم الله تعالى بهذه العاديات، بهذه الخيل التي بلغت الغاية وهو الإغارة على العدوّ وتوسّط العدوّ، من غير خوف ولا تعب ولا ملل.
أمّا المقسم عليه فهو الإنسان فقال: (( إنّ الإنسان لربّه لكنود )) والمراد بالإنسان هنا الجنس، أي: أنّ جنس الإنسان إذا لم يوفّق للهداية فإنّه كفور لنعمة الله عزّ وجلّ، كما قال الله تبارك وتعالى: (( وحملها الإنسان إنّه كان ظلوماً جهولاً )) وقيل: المراد بالإنسان هو الكافر، فعلى هذا يكون عامّا أريد به الخاصّ، والأظهر أنّ المراد به العموم، أي: أنّ جنس الإنسان لولا هداية الله لكان كنودا لربّه عزّ وجلّ.
والكنود هو الكفور أي: كافر لنعمة الله عزّ وجلّ، يرزقه الله عزّ وجلّ فيزداد بهذا الرّزق عتوّا ونفورا فإنّ مِن النّاس مَن قد يطغى إذا رآه قد استغنى عن الله، وما أكثر ما أفسد الغنى من بني آدم، فهو كفور لنعمة الله عزّ وجلّ يجحد نعمة الله، ولا يقوم بشكرها ولا يقوم بطاعة الله لأنّه كنود لنعمة الله.
(( وإنّه على ذلك لشهيد ))، إنّه: الضّمير قيل: يعود على الله أي: إنّ الله تعالى يشهد على العبد أنّه كفور بنعمة الله، وقيل: إنّه عائد على الإنسان نفسه، أي: أنّ الإنسان يشهد على نفسه بكفر نعمة الله عزّ وجلّ.
والصّواب أنّ الآية شاملة لهذا وهذا، فالله شهيد على ما في قلب ابن آدم، وشهيد على عمله، والإنسان أيضاً شهيد على نفسه، لكن قد يقرّ بهذه الشّهادة في الدّنيا وقد لا يقرّ بها فيشهد على نفسه يوم القيامة كما قال تعالى: (( يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون )).
(( وإنّه )) أي الإنسان (( لحبّ الخير لشديد )):
الخير هو المال، كما قال الله تعالى: (( كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصيّة )) أي: إن ترك مالاً كثيرا، فالخير هو المال، والإنسان حبّه للمال أمر ظاهر، قال الله تعالى: (( وتحبّون المال حبّاً جمّاً ))، ولا تكاد تجد أحداً يسلم من الحبّ الشّديد للمال، أمّا الحب مطلق الحبّ فهذا ثابت لكلّ أحد، ما من إنسان إلاّ ويحب المال، ولكن الشّدّة ليست لكلّ أحد، بعض النّاس يحبّ المال الذي تقوم به الكفاية ويستغني به عن عباد الله وبعض النّاس يريد أكثر، وبعض النّاس يريد أوسع وأوسع، المهمّ أنّ الإنسان محبّ للخير أي المال، لكن الشّدّة تختلف أو يختلف فيها النّاس من شخص لآخر.
ثمّ إنّ الله تعالى ذكّر الإنسان حالاً لا بدّ له منها فقال: (( أفلا يعلم إذا بعثر ما في القبور )) فيعمل لذلك ولا يكن همّه المال.
(( أفلا يعلم )) أي: يتيقّن.
(( إذا بعثر ما في القبور )) أي: نُشِر وأُظْهِر، فإنّ النّاس يخرجون من قبورهم لربّ العالمين كأنّهم جراد منتشر، يخرجون جميعا بصيحة واحدة (( إن كانت إلاّ صيحة واحدة فإذا هم جميع لدينا محضرون )).
(( وحصّل ما في الصّدور )) أي: ما القلوب من النّيّات، وأعمال القلب: كالتوكّل والرّغبة والرّهبة والخوف والرّجاء وما أشبه ذلك.
وهنا جعل الله عزّ وجلّ العمدة ما في الصّدور كما قال تعالى: (( يوم تبلى السّرائر فما له من قوّة ولا ناصر )) لأنّه في الدّنيا يعامل النّاس معاملة الظّاهر، حتى المنافق يعامل كما يعامل المسلم حقّاً، لكن الآخرة العمل على ما في القلب، ولهذا يجب علينا أن نعتني بقلوبنا قبل كل شيء، قبل الأعمال لأنّ القلب هو الذي عليه المدار وهو الذي سيكون عليه الجزاء يوم القيامة، ولهذا قال: (( وحصّل ما في الصّدور )).
ومناسبة الآيتين بعضهما لبعض، أنّ بعثرة ما في القبور إخراج للأجساد من بواطن الأرض، وتحصيل ما في الصّدور إخراج لما في الصّدور ممّا تُكنّه الصدور، فالبعثرة بعثرة ما في القبور عمّا تكنّه الأرض، وهنا عمّا يكنّه الصّدر، والتّناسب بينهما ظاهر.
(( إنّ ربّهم بهم يومئذ لخبير )) أي: إنّ الله عزّ وجلّ بهم: أي: بالعباد، لخبير، وقال: بهم ولم يقل: به مع أنّ الإنسان مفرد باعتبار المعنى، أي: أنّه أعاد الضّمير على الإنسان باعتبار المعنى، لأنّ معنى إنّ الإنسان أي: كلّ إنسان.
وعلّق العلم بذلك اليوم: (( إنّ ربّهم بهم يومئذ )) لأنّه يوم الجزاء والحساب وإلاّ فإنّ الله تعالى عليم خبير في ذلك اليوم وفيما قبله، فهو جلّ وعلا عالم بما كان، وما يكون لو كان كيف يكون.
هذا هو التّفسير اليسير لهذه السّورة العظيمة، ومن أراد البسط فعليه بكتب التّفاسير التي تبسط القول في هذا، وإنّما نحن نشير إشارة موجزة، وقد بيّنّا أوّل ما بدأنا في تفسير هذا الجزء المبارك أنّنا اخترنا لهذا لأنّه كثيراً ما يسمعه النّاس في الصّلاة الجهريّة، في المغرب والعشاء والفجر.
نسأل الله لنا ولكم الهداية والتّوفيق وأن يجعلنا ممّن يتلون كتاب الله حقّ تلاوته إنّه على كلّ شيء قدير.
أمّا الآن فإلى الأسئلة وكالعادة لكلّ واحد سؤال، نعم.
ما وجه فرض الجد الثلث وثلث الباقي مع الإخوة ، والأصل أن فرض الأب والجد السدس .؟
السائل : عفا الله عنك، ما وجه فرض الثّلث للجدّ مع الإخوة وثلث الباقي والأصل أنّ فرض الأب والجدّ السّدس؟
الشيخ : بسم الله الرّحمن الرّحيم:
القول الرّاجح في هذه المسألة التي تدلّ عليه الأدلّة وقال به أبو بكر الصّدّيق وثلاثةَ عشر من الصّحابة رضي الله عنهم أنّ الجدّ كالأب سواءً بسواء، إلاّ في العمريتين فقط، فإنّ للأمّ ثلث الباقي مع الأب، ولها مع الجدّ الثّلث كاملا، والعمريتان هما:
أن يموت شخص عن زوج وأمّ وأب، أو عن زوجة وأم وأب، يعني: أن يموت الزّوج عن زوجة وأمّ وأب، فنقول: للزّوجة الرّبع إذا مات الزوج عنها وعن الأم والأب، وللأم ثلث الباقي وللأب الباقي.
أو تموت هي عن زوج وأمّ وأب فيكون للزّوج النّصف وللأمّ ثلث الباقي وللأب الباقي.
ولو ماتت عن زوج وأمّ وجدّ لكان للزوج النّصف وللأمّ الثلث كاملا وللجدّ الباقي.
وكذلك لو مات عن زوجة وأمّ وأب لكان للزّوجة الربع وللأمّ الثلث كاملا، وللجدّ الباقي.
فهاتان المسألتان وهما العمريتان هما التي يختلف فيها الأب والجدّ، أمّا ما عداها من الصّور والمسائل فإنّ الجدّ كالأب.
وأمّا مَن ذهب إلى أنّ الجدّ له أحوال، وأنّ الإخوة الأشقّاء أو لأب يرثون معه، فإنّ هذا القول ضعيف، ليس عليه دليل لا من كتاب الله ولا من سنّة رسول الله، ولا من الإجماع، ولا من القياس الصّحيح، فالصّوابّ أنّ الجدّ يُسقط الإخوة الأشقّاء أو لأب مطلقاً، وعلى هذا فيكون السّؤال الذي أوردته غير وارد ، لأنّه ليس هناك ثلث باقي، ولا مقاسمة مع الإخوة، واضح؟
السائل : وش وجه إيرادها؟
الشيخ : وجه إيرادها أنّها بناء على آراء وأفكار، يقولون مثلا: أنّ قوّة ارتباط الجد بابن ابنه أقوى من الإخوة، فيكون له الفضل والتّمييز، فيقال: هب أنّنا قلنا ذلك فما هو الدّليل على أنّ له الثّلث أو الثّلث الباقي مثلا؟ ليس هناك دليل.
الشيخ : بسم الله الرّحمن الرّحيم:
القول الرّاجح في هذه المسألة التي تدلّ عليه الأدلّة وقال به أبو بكر الصّدّيق وثلاثةَ عشر من الصّحابة رضي الله عنهم أنّ الجدّ كالأب سواءً بسواء، إلاّ في العمريتين فقط، فإنّ للأمّ ثلث الباقي مع الأب، ولها مع الجدّ الثّلث كاملا، والعمريتان هما:
أن يموت شخص عن زوج وأمّ وأب، أو عن زوجة وأم وأب، يعني: أن يموت الزّوج عن زوجة وأمّ وأب، فنقول: للزّوجة الرّبع إذا مات الزوج عنها وعن الأم والأب، وللأم ثلث الباقي وللأب الباقي.
أو تموت هي عن زوج وأمّ وأب فيكون للزّوج النّصف وللأمّ ثلث الباقي وللأب الباقي.
ولو ماتت عن زوج وأمّ وجدّ لكان للزوج النّصف وللأمّ الثلث كاملا وللجدّ الباقي.
وكذلك لو مات عن زوجة وأمّ وأب لكان للزّوجة الربع وللأمّ الثلث كاملا، وللجدّ الباقي.
فهاتان المسألتان وهما العمريتان هما التي يختلف فيها الأب والجدّ، أمّا ما عداها من الصّور والمسائل فإنّ الجدّ كالأب.
وأمّا مَن ذهب إلى أنّ الجدّ له أحوال، وأنّ الإخوة الأشقّاء أو لأب يرثون معه، فإنّ هذا القول ضعيف، ليس عليه دليل لا من كتاب الله ولا من سنّة رسول الله، ولا من الإجماع، ولا من القياس الصّحيح، فالصّوابّ أنّ الجدّ يُسقط الإخوة الأشقّاء أو لأب مطلقاً، وعلى هذا فيكون السّؤال الذي أوردته غير وارد ، لأنّه ليس هناك ثلث باقي، ولا مقاسمة مع الإخوة، واضح؟
السائل : وش وجه إيرادها؟
الشيخ : وجه إيرادها أنّها بناء على آراء وأفكار، يقولون مثلا: أنّ قوّة ارتباط الجد بابن ابنه أقوى من الإخوة، فيكون له الفضل والتّمييز، فيقال: هب أنّنا قلنا ذلك فما هو الدّليل على أنّ له الثّلث أو الثّلث الباقي مثلا؟ ليس هناك دليل.
ما حكم من يقوم للتنفل قبل حضور الخطيب بعشر دقائق أو أكثر ؟
السائل : فضيلة الشّيخ، أرى بعض النّاس يوم الجمعة وقبل دخول الخطيب بخمس دقائق إلى ربع ساعة يقوم ثمّ يصلّي نافلة، فهل لذلك من وجه؟
وهل في يوم الجمعة عند الزّوال نهي عن الصّلاة؟
الشيخ : لا وجه لهذا، أي: لا وجه لكون بعض النّاس ينتظر فإذا بقي عشر دقائق أو نحوها قبل مجيء الخطيب قام فصلّى، ولا أعلم أحدا قال بهذا القول إطلاقا.
وأمّا كون الجمعة فيها وقت نهي فالصّحيح أنّ فيها وقت نهي، وأنّها كغيرها من الأيّام لعموم الأدلّة، وليس هناك دليل يدلّ على تخصيص يوم الجمعة بأنّه لا نهي فيه عند الزّوال، وقد ورد في هذا حديث ضعيف عن النّبيّ عليه الصّلاة والسّلام، وذكر شيخ الإسلام -رحمه الله- أنّه لا يُنهى الإنسان عن الصّلاة إذا كان مستمرّا في صلاته حتى يأتي الخطيب، قال: لأنّ هذا كان الصّحابة يفعلونه، لكن كونه يبقى جالسًا حتى إذا قارب وقت الخطيب قام فصلّى وهو وقت نهي فهذا لا أصل له، ولا يحلّ لهذا أن يقوم فيصلّي في هذا الوقت، إذا كان قبل الزّوال بنحو عشر دقائق.
وهل في يوم الجمعة عند الزّوال نهي عن الصّلاة؟
الشيخ : لا وجه لهذا، أي: لا وجه لكون بعض النّاس ينتظر فإذا بقي عشر دقائق أو نحوها قبل مجيء الخطيب قام فصلّى، ولا أعلم أحدا قال بهذا القول إطلاقا.
وأمّا كون الجمعة فيها وقت نهي فالصّحيح أنّ فيها وقت نهي، وأنّها كغيرها من الأيّام لعموم الأدلّة، وليس هناك دليل يدلّ على تخصيص يوم الجمعة بأنّه لا نهي فيه عند الزّوال، وقد ورد في هذا حديث ضعيف عن النّبيّ عليه الصّلاة والسّلام، وذكر شيخ الإسلام -رحمه الله- أنّه لا يُنهى الإنسان عن الصّلاة إذا كان مستمرّا في صلاته حتى يأتي الخطيب، قال: لأنّ هذا كان الصّحابة يفعلونه، لكن كونه يبقى جالسًا حتى إذا قارب وقت الخطيب قام فصلّى وهو وقت نهي فهذا لا أصل له، ولا يحلّ لهذا أن يقوم فيصلّي في هذا الوقت، إذا كان قبل الزّوال بنحو عشر دقائق.
ما معنى الدعاء: "أعوذ بك من وعثاء السفر وكآبة المنظر وسوء المنقلب " ؟
السائل : السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
أحسن الله إليك ما معنى قوله صلّى الله عليه وسلّم في دعاء السّفر: ( وكآبة المنظر وسوء المنقلب ) أرجو التّوضيح؟
الشيخ : أوّلًا: السّلام عند إلقاء السّؤال ليس بسنّة، لأنّ السّائل معنا، والصّحابة كانوا يسألون الرّسول صلّى الله عليه وسلّم في مجالسهم ولا يُسلّمون، وأمّا ما ذكرت مِن كآبة المنظر ووعثاء السّفر!
السائل : وسوء المنقلب.
الشيخ : نعم، فالمعنى أنّ الإنسان المسافر قد يعتريه في سفره أشياء تتغيّر بها خِلقته فاستعاذ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم من ذلك، نعم.
السائل : وسوء المنقلب؟
الشيخ : وسوء المنقلب معناه أن يكون انقلابه إلى أهله سيّئا إمّا بحاجة تحدث عليه أو بحاجة تكون عليهم بعد مفارقتهم، أو ما أشبه ذلك، فهو من باب إضافة الصّفة إلى موصوفها، أي: المنقلب السّيّء.
أحسن الله إليك ما معنى قوله صلّى الله عليه وسلّم في دعاء السّفر: ( وكآبة المنظر وسوء المنقلب ) أرجو التّوضيح؟
الشيخ : أوّلًا: السّلام عند إلقاء السّؤال ليس بسنّة، لأنّ السّائل معنا، والصّحابة كانوا يسألون الرّسول صلّى الله عليه وسلّم في مجالسهم ولا يُسلّمون، وأمّا ما ذكرت مِن كآبة المنظر ووعثاء السّفر!
السائل : وسوء المنقلب.
الشيخ : نعم، فالمعنى أنّ الإنسان المسافر قد يعتريه في سفره أشياء تتغيّر بها خِلقته فاستعاذ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم من ذلك، نعم.
السائل : وسوء المنقلب؟
الشيخ : وسوء المنقلب معناه أن يكون انقلابه إلى أهله سيّئا إمّا بحاجة تحدث عليه أو بحاجة تكون عليهم بعد مفارقتهم، أو ما أشبه ذلك، فهو من باب إضافة الصّفة إلى موصوفها، أي: المنقلب السّيّء.
بعض العلماء يقولون أن بول ما يؤكل لحمه نجس فهل لهم دليل على ذلك .؟
السائل : أحسن الله إليكم، شيخنا يرى بعض المذاهب .
الشيخ : نعم؟
السائل : يرى بعض المذاهب نجاسة بول ما يؤكل لحمه، فهل عندهم أدلّة على ذلك؟
الشيخ : يقول: إنّ بعض العلماء يرون أنّ بول ما يؤكل لحمه نجس، فهل لهم دليل؟
نقول: نعم، لهم دليل لكن لا دلالة فيه على ما يقولون، دليلهم أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال في الرّجل الذي يعذّب في قبره قال: ( إنّه لا يستنزه من البول )، وقالوا: إنّ البول كلمة عامة تشمل كلّ بول، لكن لا دلالة لهم في ذلك، لأنّ المراد بالبول هنا هو بوله كما جاء ذلك في صحيح البخاريّ: ( أمّا أحدهما فكان لا يستنزه -أو- لا يستبرأ من بوله )، فيكون أل في البول للعهد، العهد الذّهني، ولأنّ بوله هو الذي يتلطّخ به غالبا، أمّا بول ما يؤكل لحمه فهو نادر لا يكون إلاّ لرعاة الإبل أو الغنم والبقر، فهذا ليس لهم فيه دليل.
ونقول أيضًا: إنّه قد دلّ الدّليل على أنّ بول ما يؤكل لحمه طاهر، فقد أمر النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم العُرنيّين أن يلحقوا بإبل الصّدقة وأن يشربوا من أبوالها وألبانها، ولا نأمرهم بغسل ما أصابهم من ذلك، وأيضًا لو كان بولها نجسًا لكان حرامًا لا يجوز الاستشفاء به .
ثمّ نقول أيضًا: الأصل في الأشياء الطّهارة فلا يمكن أن ننجّس شيئا إلاّ بدليل واضح بيّن.
إذن فالقول الرّاجح الصّواب: أنّ بول ما يؤكل لحمه وروثه طاهر، سواء كان من الإبل أو من البقر أو الغنم أو الدّجاج أو الأرانب أو الحمام أو غير ذلك، نعم.
الشيخ : نعم؟
السائل : يرى بعض المذاهب نجاسة بول ما يؤكل لحمه، فهل عندهم أدلّة على ذلك؟
الشيخ : يقول: إنّ بعض العلماء يرون أنّ بول ما يؤكل لحمه نجس، فهل لهم دليل؟
نقول: نعم، لهم دليل لكن لا دلالة فيه على ما يقولون، دليلهم أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال في الرّجل الذي يعذّب في قبره قال: ( إنّه لا يستنزه من البول )، وقالوا: إنّ البول كلمة عامة تشمل كلّ بول، لكن لا دلالة لهم في ذلك، لأنّ المراد بالبول هنا هو بوله كما جاء ذلك في صحيح البخاريّ: ( أمّا أحدهما فكان لا يستنزه -أو- لا يستبرأ من بوله )، فيكون أل في البول للعهد، العهد الذّهني، ولأنّ بوله هو الذي يتلطّخ به غالبا، أمّا بول ما يؤكل لحمه فهو نادر لا يكون إلاّ لرعاة الإبل أو الغنم والبقر، فهذا ليس لهم فيه دليل.
ونقول أيضًا: إنّه قد دلّ الدّليل على أنّ بول ما يؤكل لحمه طاهر، فقد أمر النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم العُرنيّين أن يلحقوا بإبل الصّدقة وأن يشربوا من أبوالها وألبانها، ولا نأمرهم بغسل ما أصابهم من ذلك، وأيضًا لو كان بولها نجسًا لكان حرامًا لا يجوز الاستشفاء به .
ثمّ نقول أيضًا: الأصل في الأشياء الطّهارة فلا يمكن أن ننجّس شيئا إلاّ بدليل واضح بيّن.
إذن فالقول الرّاجح الصّواب: أنّ بول ما يؤكل لحمه وروثه طاهر، سواء كان من الإبل أو من البقر أو الغنم أو الدّجاج أو الأرانب أو الحمام أو غير ذلك، نعم.
هل يجوز للناس أن يتحدثواعن السياسة في مجالسهم العامة ؟
الشيخ : نعم؟
السائل : بسم الله الرّحمن الرّحيم .
فضيلة الشّيخ يكثر في بعض المجالس الكلام عن السّياسة، وعندما تنكر عليهم يقولون السّياسة من الدّين، ويكون فيه غيبة، لكن هو المجلس فيه ذكر لله لكن بعد أن ينتهي يخوضون في مثل هذه الأمور، فما رأيكم في الجلوس معهم؟
الشيخ : أنا رأيي أنّ الكلام في السّياسة في عامّة النّاس خطأ، لأنّ السّياسة لها رجال وأقوام، رجالها ذووا السّلطة والحكم، أمّا أن تكون السّياسة منثورة بين أيدي العوام وفي المجالس فهذا خلاف هدي السّلف الصّالح، فما كان عمر بن الخطاب ومن قبله كأبي بكر رضي الله عنهما يبثّون سياستهم في مجامع النّاس، يلوكها الصّغير والكبير، والسّفيه والعاقل، أبدًا، ولا يمكن أن تكون السّياسة هكذا.
السّياسة لها أقوام متمرّسون فيها، يعرفونها ويعرفون مداخلها، ولهم اتّصال بالخارج، واتّصال بالدّاخل لا يعرفه كثير من النّاس.
ولا ينبغي للشّباب وغير الشّباب أن يمضوا أوقاتهم ويضيّعوها في مثل هذا القيل والقال الذي لا فائدة منه.
ثمّ إنّه قد يبدو لنا مثلاً أن صنيع واحد من النّاس خطأ وقد يكون الصّواب معه، لأنّه يعلم من الأمور التي علمها ما لم نعلمه نحن، وهذا شيء مشاهد مجرّب.
وغالب الذين يتكلّمون بالسّياسة إنّما يستنتجونها من أشياء لا أصل لها ولا حقيقة لها، وإنّما هي أوهام يتوهّمونها ثمّ يبنون عليها ما يتكلّمون به فيقفون ما ليس لهم به علم، وقد قال الله تعالى: (( ولا تقف ما ليس لك به علم إنّ السّمع والبصر والفؤاد كلّ أولئك كان عنه مسؤولًا )).
السائل : ما رأيكم في الجلوس؟
الشيخ : أمّا الجلوس معهم فما داموا على ذكر فاجلس معهم، وإذا قاموا يخوضون هذا الخوض الذي لا فائدة فيه فانصحهم أوّلاً، فإن اهتدوا فهذا هو المطلوب وإلاّ ففارقهم.
ثمّ إذا كان حضوركَ مجالسهم التي للذّكر يؤدّي إلى أن يغترّوا بأنفسهم أو أن يغترّ بمجيئك إليهم غيرهم فيقولون: لولا أنّ هؤلاء على خير ما جاء إليهم فلان وفلان فلا تأت إليهم أيضاً حتى للذّكر، لأنّ أبواب الذّكر والحمد لله كثيرة، نعم.
السائل : بسم الله الرّحمن الرّحيم .
فضيلة الشّيخ يكثر في بعض المجالس الكلام عن السّياسة، وعندما تنكر عليهم يقولون السّياسة من الدّين، ويكون فيه غيبة، لكن هو المجلس فيه ذكر لله لكن بعد أن ينتهي يخوضون في مثل هذه الأمور، فما رأيكم في الجلوس معهم؟
الشيخ : أنا رأيي أنّ الكلام في السّياسة في عامّة النّاس خطأ، لأنّ السّياسة لها رجال وأقوام، رجالها ذووا السّلطة والحكم، أمّا أن تكون السّياسة منثورة بين أيدي العوام وفي المجالس فهذا خلاف هدي السّلف الصّالح، فما كان عمر بن الخطاب ومن قبله كأبي بكر رضي الله عنهما يبثّون سياستهم في مجامع النّاس، يلوكها الصّغير والكبير، والسّفيه والعاقل، أبدًا، ولا يمكن أن تكون السّياسة هكذا.
السّياسة لها أقوام متمرّسون فيها، يعرفونها ويعرفون مداخلها، ولهم اتّصال بالخارج، واتّصال بالدّاخل لا يعرفه كثير من النّاس.
ولا ينبغي للشّباب وغير الشّباب أن يمضوا أوقاتهم ويضيّعوها في مثل هذا القيل والقال الذي لا فائدة منه.
ثمّ إنّه قد يبدو لنا مثلاً أن صنيع واحد من النّاس خطأ وقد يكون الصّواب معه، لأنّه يعلم من الأمور التي علمها ما لم نعلمه نحن، وهذا شيء مشاهد مجرّب.
وغالب الذين يتكلّمون بالسّياسة إنّما يستنتجونها من أشياء لا أصل لها ولا حقيقة لها، وإنّما هي أوهام يتوهّمونها ثمّ يبنون عليها ما يتكلّمون به فيقفون ما ليس لهم به علم، وقد قال الله تعالى: (( ولا تقف ما ليس لك به علم إنّ السّمع والبصر والفؤاد كلّ أولئك كان عنه مسؤولًا )).
السائل : ما رأيكم في الجلوس؟
الشيخ : أمّا الجلوس معهم فما داموا على ذكر فاجلس معهم، وإذا قاموا يخوضون هذا الخوض الذي لا فائدة فيه فانصحهم أوّلاً، فإن اهتدوا فهذا هو المطلوب وإلاّ ففارقهم.
ثمّ إذا كان حضوركَ مجالسهم التي للذّكر يؤدّي إلى أن يغترّوا بأنفسهم أو أن يغترّ بمجيئك إليهم غيرهم فيقولون: لولا أنّ هؤلاء على خير ما جاء إليهم فلان وفلان فلا تأت إليهم أيضاً حتى للذّكر، لأنّ أبواب الذّكر والحمد لله كثيرة، نعم.
هل هناك دليل على أن ميكائيل عليه السلام موكل بالقطر والنبات ؟
السائل : فضيلة الشيخ حفظكم الله، لقد قرأنا أنّ ميكائيل عليه الصلاة والسّلام موكّل بالقطر والنّبات، فنرجو شرح هذا الكلام حيث أنّه لا يمكن أن يكون عمله زجر السّحاب أو غير ذلك بقول وأمر لأنّ ذلك خاصّ بالله سبحانه وتعالى؟
الشيخ : نعم، هو هذا الذي شاع بين العلماء: أنّ ميكائيل موكّل بالقطر والنّبات، وليس هناك مانع أن يكون موكّلا بالقطر والنّبات بأمر الله عزّ وجلّ فيكون القطر والنّبات مسخّراً له مذلّلاً له بأمر الله، ألم تر أنّ الله تعالى قد سخّر الرّياح لسليمان عليه الصّلاة والسّلام؟!
مع أنّ الذي يسخّر الرّياح ويأمرها وينهاها في الأصل هو الله عزّ وجلّ، فللّه تعالى أن يجعل أمرًا من أمور مخلوقاته إلى أحد من المخلوقين، وليس ذلك بغريب، قبض الأرواح موكّل به ملك، يقبض أرواح بني آدم وغيرهم.
وأصل الإحياء والإماتة إلى الله عزّ وجلّ، لكنّ الله تعالى قد يوكّل أحدا من خلقه على شيء من شؤونه جلّ وعلا ويكون هذا فاعلا بأمر الله، والله تعالى إذا أراد شيئا قال له: كن فيكون، حتى في الجماد يأمره الله تعالى أن يفعل فيفعل: (( ثمّ استوى إلى السّماء وهي دخان فقال لها وللأرض ائتيا طوعًا أو كرهًا قالتا أتينا طائعين فقضاهنّ سبع سماوات في يومين )) الآية.
السائل : هل هناك دليل على أنّ ميكائيل عليه السّلام موكّل بالقطر والنّبات؟
الشيخ : هذا هو المشهور بين أهل العلم، قالوا إنّ ميكائيل موكّل بالقطر والنّبات، وأنّ إسرافيل موكّل بالنّفخ في الصّور، وأنّ جبرائيل موكّل بالوحي ينزل به من عند الله عزّ وجلّ إلى الرّسل، وقال إنّ هؤلاء الثّلاثة هم الذين كان النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم يستفتح في صلاة اللّيل بربوبيّة الله تعالى لهم حيث يقول: ( اللهمّ ربّ جبرائيل وميكائيل وإسرافيل فاطر السّماوات والأرض عالم الغيب والشّهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون اهدني لم اختلف فيه من الحقّ بإذنك إنّك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم ):
قالوا إنّما كانوا يستفتح بهؤلاء الثّلاثة لأنّ كلّ واحد موكّل بما فيه الحياة، فجبريل موكّل بما فيه حياة القلوب وهو الوحي، وإسرافيل موكّل بما فيه حياة الأبدان الحياة النّهائيّة وهو النّفخ في الصّور، وميكائيل موكّل بما فيه حياة الأرض وهو القطر والنّبات.
وهذا لا يعني أنّ الله عزّ وجلّ عاجز، الله عزّ وجلّ لو شاء لقال: كن فيكون في كلّ شيء، لكن هذا لإظهار الحكمة وإظهار قوّة السّلطان، وأنّه جلّ وعلا له جنود لا يعلمها إلاّ هو عزّ وجلّ ويعلّمنا ما شاء منها.
الشيخ : نعم، هو هذا الذي شاع بين العلماء: أنّ ميكائيل موكّل بالقطر والنّبات، وليس هناك مانع أن يكون موكّلا بالقطر والنّبات بأمر الله عزّ وجلّ فيكون القطر والنّبات مسخّراً له مذلّلاً له بأمر الله، ألم تر أنّ الله تعالى قد سخّر الرّياح لسليمان عليه الصّلاة والسّلام؟!
مع أنّ الذي يسخّر الرّياح ويأمرها وينهاها في الأصل هو الله عزّ وجلّ، فللّه تعالى أن يجعل أمرًا من أمور مخلوقاته إلى أحد من المخلوقين، وليس ذلك بغريب، قبض الأرواح موكّل به ملك، يقبض أرواح بني آدم وغيرهم.
وأصل الإحياء والإماتة إلى الله عزّ وجلّ، لكنّ الله تعالى قد يوكّل أحدا من خلقه على شيء من شؤونه جلّ وعلا ويكون هذا فاعلا بأمر الله، والله تعالى إذا أراد شيئا قال له: كن فيكون، حتى في الجماد يأمره الله تعالى أن يفعل فيفعل: (( ثمّ استوى إلى السّماء وهي دخان فقال لها وللأرض ائتيا طوعًا أو كرهًا قالتا أتينا طائعين فقضاهنّ سبع سماوات في يومين )) الآية.
السائل : هل هناك دليل على أنّ ميكائيل عليه السّلام موكّل بالقطر والنّبات؟
الشيخ : هذا هو المشهور بين أهل العلم، قالوا إنّ ميكائيل موكّل بالقطر والنّبات، وأنّ إسرافيل موكّل بالنّفخ في الصّور، وأنّ جبرائيل موكّل بالوحي ينزل به من عند الله عزّ وجلّ إلى الرّسل، وقال إنّ هؤلاء الثّلاثة هم الذين كان النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم يستفتح في صلاة اللّيل بربوبيّة الله تعالى لهم حيث يقول: ( اللهمّ ربّ جبرائيل وميكائيل وإسرافيل فاطر السّماوات والأرض عالم الغيب والشّهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون اهدني لم اختلف فيه من الحقّ بإذنك إنّك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم ):
قالوا إنّما كانوا يستفتح بهؤلاء الثّلاثة لأنّ كلّ واحد موكّل بما فيه الحياة، فجبريل موكّل بما فيه حياة القلوب وهو الوحي، وإسرافيل موكّل بما فيه حياة الأبدان الحياة النّهائيّة وهو النّفخ في الصّور، وميكائيل موكّل بما فيه حياة الأرض وهو القطر والنّبات.
وهذا لا يعني أنّ الله عزّ وجلّ عاجز، الله عزّ وجلّ لو شاء لقال: كن فيكون في كلّ شيء، لكن هذا لإظهار الحكمة وإظهار قوّة السّلطان، وأنّه جلّ وعلا له جنود لا يعلمها إلاّ هو عزّ وجلّ ويعلّمنا ما شاء منها.
ألا يحتمل تفسير الخير في قوله تعالى:" وإنه لحب الخير لشديد " بالخيل للحديث " الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة " .؟
السائل : شيخ أحسن الله إليك، ألا يحتمل تفسير قوله تعالى: (( وإنّه لحبّ الخير لشديد )) بمعنى الخير هنا الخيل ؟
الشيخ : الخيل؟
السائل : الخيل.
الشيخ : نعم.
السائل : بما أنّ السّنّة مفسّرة للقرآن في قول النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أنّ ( الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة )؟
الشيخ : لا، ما رأيت أحدًا قال بهذا، أنّ المراد بالخير أي الخيل، والسّنّة تقول: ( الخيل في نواصيها الخير ) ولم يقل: هي خير، أو قال: هي الخير، وأيضا الإنسان ليس كلّ أحد يحبّ الخيل، لو أنّك سبرت أحوال بني آدم لوجدت يمكن من ألف واحد.
السائل : لمناسبة الآية لهذا ؟
الشيخ : لا يستقيم، فيصبح يحبّ الخير كلّ واحد وما يهواه! واحد يحبّ الإبل، واحد يحبّ الغنم، واحد يحبّ الحرث، واحد يحبّ التّجارة، واحد يحبّ السّيّارات.
السائل : سبب النّزول أنّه كان !
الشيخ : هذه ليس فيها سبب نزول.
السائل : أنفس مال العرب !
الشيخ : ما رأيت أحدا قال به.
السائل : بارك الله فيك.
الشيخ : نعم.
الشيخ : الخيل؟
السائل : الخيل.
الشيخ : نعم.
السائل : بما أنّ السّنّة مفسّرة للقرآن في قول النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أنّ ( الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة )؟
الشيخ : لا، ما رأيت أحدًا قال بهذا، أنّ المراد بالخير أي الخيل، والسّنّة تقول: ( الخيل في نواصيها الخير ) ولم يقل: هي خير، أو قال: هي الخير، وأيضا الإنسان ليس كلّ أحد يحبّ الخيل، لو أنّك سبرت أحوال بني آدم لوجدت يمكن من ألف واحد.
السائل : لمناسبة الآية لهذا ؟
الشيخ : لا يستقيم، فيصبح يحبّ الخير كلّ واحد وما يهواه! واحد يحبّ الإبل، واحد يحبّ الغنم، واحد يحبّ الحرث، واحد يحبّ التّجارة، واحد يحبّ السّيّارات.
السائل : سبب النّزول أنّه كان !
الشيخ : هذه ليس فيها سبب نزول.
السائل : أنفس مال العرب !
الشيخ : ما رأيت أحدا قال به.
السائل : بارك الله فيك.
الشيخ : نعم.
8 - ألا يحتمل تفسير الخير في قوله تعالى:" وإنه لحب الخير لشديد " بالخيل للحديث " الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة " .؟ أستمع حفظ
ما معنى قوله تعالى : "وما هذه الحياة الدنيا إلا لهو و لعب وإن الدار الآخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون " ؟
الشيخ : نعم؟
السائل : أنا أطلب منكم تفسير هذه الآية من القرآن .
الشيخ : هاه؟
السائل : أنا أطلب منكم تفسير هذه الآية من القرآن، بسم الله الرّحمن الرّحيم: (( وما هذه الحياة الدنيا إلاّ لهو و لعب وإن الدار الآخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون )).
الشيخ : نعم، المعنى أنّ هذه الدّنيا حقيقتها أنّها لهو، يلهو بها الإنسان.
ولعب: يلعب بها وليست جدّا.
فالعمل الدّنيويّ المحض ليس إلاّ لعب يذهب هباء.
(( وإنّ الدّار الآخرة لهي الحيوان )) أي: لهي الحياة الكاملة، الحيوان هنا ليس معناه الحيوان المعروف المراد الحياة الكاملة، كما قال الله تعالى: (( يقول يا ليتني قدّمت لحياتي )) فهي الحياة الكاملة.
وقوله: (( لو كانوا يعلمون )) يعني لو كانوا من ذوي العلم لما آثروا الدّنيا على الآخرة.
السائل : أنا أطلب منكم تفسير هذه الآية من القرآن .
الشيخ : هاه؟
السائل : أنا أطلب منكم تفسير هذه الآية من القرآن، بسم الله الرّحمن الرّحيم: (( وما هذه الحياة الدنيا إلاّ لهو و لعب وإن الدار الآخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون )).
الشيخ : نعم، المعنى أنّ هذه الدّنيا حقيقتها أنّها لهو، يلهو بها الإنسان.
ولعب: يلعب بها وليست جدّا.
فالعمل الدّنيويّ المحض ليس إلاّ لعب يذهب هباء.
(( وإنّ الدّار الآخرة لهي الحيوان )) أي: لهي الحياة الكاملة، الحيوان هنا ليس معناه الحيوان المعروف المراد الحياة الكاملة، كما قال الله تعالى: (( يقول يا ليتني قدّمت لحياتي )) فهي الحياة الكاملة.
وقوله: (( لو كانوا يعلمون )) يعني لو كانوا من ذوي العلم لما آثروا الدّنيا على الآخرة.
اضيفت في - 2005-08-27