سلسلة لقاء الباب المفتوح-098a
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
سلسلة لقاء الباب المفتوح
تفسير سورة التكاثر .
الشيخ : الحمد لله ربّ العالمين وصلّى الله وسلّم على نبيّنا محمّد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدّين.
أمّا بعد :
فهذا هو اللّقاء الثامن والتّسعون من لقاء الباب المفتوح الذي يتمّ كلّ خميس من كلّ أسبوع، وهذا هو الخميس الثامن من شهر صفر عام ستة عشر وأربعمائة وألف، نفتتح هذا اللّقاء بما انتهينا إليه من تفسير جزء سورة النّبأ حيث وصلنا إلى سورة التّكاثر.
يقول الله عزّ وجلّ: (( ألهاكم التّكاثر * حتىّ زرتم المقابر )): هذه الجملة جملة خبريّة يخبر الله عزّ وجلّ بها العباد مخاطباً لهم يقول: (( ألهاكم التّكاثر )) ومعنى ألهاكم أي: شغلكم حتى لهوتم عمّا هو أهمّ من ذكر الله تعالى والقيام بطاعته، والخطاب كما تعلمون لجميع الأمّة إلاّ أنّه يخصّص بمن شغلتهم أمور الآخرة عن أمور الدّنيا وهم قليل، وإنّما نقول: هم قليل لأنّه ثبت في الصّحيحين أنّ الله تبارك وتعالى يقول يوم القيامة : ( يا آدم! فيقول: لبّيك وسعديك، فيقول: أخرج من ذرّيتك بعثا إلى النّار، قال: وما بعث النّار؟ قال: من كلّ ألف تسمعمائة وتستعة وتسعون، واحد في الجنّة والباقي في النّار )، وهذا عدد هائل، إذا لم يكن من بني آدم إلاّ واحد من الألف من أهل الجنّة والباقون من أهل النّار، إذن فالخطاب بالعموم في مثل هذه الآية جار على أصله، لأنّ الواحد من الألف ليس بشيء بالنّسبة إليهم.
وأمّا قوله: (( التّكاثر )) فهو يشمل التّكاثر في المال، والتّكاثر بالقبيلة، والتّكاثر بالجاه، والتّكاثر بالعلم، وبكلّ ما يمكن أن يقع فيه التّفاخر، ويدلّ لذلك قول صاحب الجنّة لصاحبه: (( أنا أكثر منك مالًا وأعزّ نفراً )) فالإنسان قد يتكاثر بماله، فيطلب أن يكون أكثر من الآخر مالاً وأوسع تجارة، وقد يتكاثر الإنسان بقبيلته، يقول: نحن أكثر منهم عدداً كما قال الشّاعر:
" ولستَ بالأكثر منهم حصى *** وإنّما العزّة للكاثر " .
أكثر منهم حصى: لأنّهم كانوا فيمن سبق يعدّون الأشياء بالحصى، فمثلا إذا كان هؤلاء حصاهم عشرة آلاف، والآخرون حصاهم ثمانية آلاف صار الأوّل أكثر وأعزّ.
فيقول الشّاعر:
" لست بالأكثر منهم حصى *** وإنّما العزّة للكاثر ".
كذلك يتكاثر الإنسان بالعلم، فتجده يفخر على غيره بالعلم، لكن إن كان بالعلم الشّرعيّ فهو خير وإن كان بالعلم غير الشّرعيّ فهو إمّا مباح وإمّا محرّم، المهمّ أنّ ما يقع فيه التّكاثر العلم وهذا هو الغالب على بني آدم: التّكاثر، فيتكاثرون في هذه الأمور عمّا خُلقوا له من عبادة الله عزّ وجلّ.
وقوله: (( حتى زرتم المقابر )) يعني: إلى أن زرتم المقابر، يعني: إلى أن متّم، فالإنسان مجبول على التّكاثر إلى أن يموت، بل كلّما ازداد به الكبر ازداد به الأمل فهو يشيب في السّنّ ويشبّ في الأمل، حتى إنّ الرّجل له تسعون سنة مثلا تجد عنده من الآمال وطول الأمل ما ليس عند الشّابّ الذي عنده خمس عشرة سنة، هذا هو معنى الآية الكريمة، أي: أنّكم تلهّوتم بالتكاثر عن الآخرة إلى أن متّم.
وقيل إنّ معنى (( حتّى زرتم المقابر )): حتى أصبحتم تتكاثرون بالأموات كما تتكاثرون بالأحياء، فيأتي الإنسان أنا قبيلتي أكثر من قبيلتك، وإذا شئت فاذهب إلى القبور فعدّ القبور منّا ونعد القبور منكم فنرى أيّهما أكثر، لكنّ هذا قول ضعيف بعيد من سياق الآية، والمعنى الأوّل هو الصّحيح: أنّكم تتكاثرون إلى أن تموتوا .
وقوله: (( حتى زرتم المقابر )) استدلّ به عمر بن عبد العزيز -رحمه الله- على أنّ الزّائر لا بدّ أن يرجع إلى وطنه، وأنّ القبور ليست بدار إقامة، وكذلك ذُكر عن بعض الأعراب أنّه سمع قارئا يقرأ: (( ألهاكم التّكاثر * حتى زرتم المقابر )) فقال: " والله لنبعثنّ " ، لماذا ؟
لأنّ الزّائر كما هو معروف يزور ويرجع فقال: " والله لنبعثنّ " ، وهذا هو الحقّ.
وبهذا نعرف أنّ ما يذكره بعض النّاس الآن في الجرائد وغيرها يقول عن الرّجل إذا مات: " إنّه انتقل إلى مثواه الأخير " ، أنّ هذا كلام باطل وكذب لأنّ القبور ليست هي المثوى الأخير، بل لو أنّ الإنسان اعتقد مدلول هذا اللفظ لصار كافرا بالبعث، والكفر بالبعث ردّة عن الإسلام، لكنّ كثيرا من النّاس يأخذون الكلمات على عواهنها ولا يدرون ما معناها، ولعلّ هذه موروثة عن الملحدين الذين لا يقرون بالبعث بعد الموت.
ثمّ قال الله تعالى: (( كلاّ سوف تعلمون * ثمّ كلاّ سوف تعلمون )) قيل: إنّ كلاّ بمعنى الرّدع يعني: ارتدعوا عن هذا التّكاثر، وقيل: إنّها بمعنى حقّا.
ومعنى (( سوف تعلمون )) أي: سوف تعلمون عاقبة أمركم إذا رجعتم إلى الآخرة وأنّ هذا التّكاثر لا ينفعكم، وقد جاء في الحديث عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فيما رواه مسلم أنّ العبد يقول: ( مالي ومالي ) يعني: يفتخر به، ( وليس لك من مالك إلاّ ما أكلت فأفنيت، أو لبست فأبليت، أو تصدّقت فأمضيت ) والباقي تاركه لغيرك، وهذا هو الحقّ.
الآن أموالنا التي بين أيدينا إمّا أن نأكلها فتفنى، وإمّا أن نلبسها فتبلى، وإمّا أن نتصدّق بها فنمضيها وتكون أمامنا يوم القيامة، وإمّا أن نتركها لغيرنا، لا يمكن أن يخرج المال الذي بأيدينا عن هذه القسمة الرّباعيّة.
(( كلاّ سوف تعلمون )) أي: سوف تعلمون عاقبة أمركم بالتّكاثر الذي ألهاكم عن الآخرة.
(( ثمّ كلاّ سوف تعلمون )): وهذه الجملة تأكيد للرّدع مرّة ثانية.
ثمّ قال: (( كلاّ لو تعلمون علم اليقين )) يعني: حقّا لو تعلمون علم اليقين لعرفتم أنّكم في ضلال، ولكنّكم لا تعلمون علم اليقين لأنّكم غافلون لاهون في هذه الدّنيا، ولو علمتم علم اليقين لعرفتم أنّكم في ضلال وفي خطأ عظيم.
ثمّ قال تعالى: (( لترونّ الجحيم * ثمّ لترونّها عين اليقين )):
لترونّ: هذه جملة مستقلّة ليس جواب لو، ولهذا يجب على القارئ أن يقف عند قوله: (( كلاّ لو تعلمون علم اليقين )) ونحن نسمع كثيراً من الأئمّة الذين عندهم علم يصلون فيقولون (( كلاّ لو تعلمون علم اليقين * لترونّ الجحيم )) وهذا الوصل إمّا غفلة منهم ونسيان، وإمّا أنّهم لم يتأمّلوا الآية حقّ التّأمّل، وإلاّ لو تأمّلوها حقّ التّأمّل لوجدوا أنّ الوصل يفسد المعنى، لأنّه لو قال: (( كلاّ لو تعلمون علم اليقين * لترونّ الجحيم )) صار رؤية الجحيم مشروطة بماذا؟ بعلمهم، وهذا ليس بصحيح ولذلك يجب التّنبّه والتّنبيه لهذا، إذا سمعتم أحدا يقرأ: (( كلاّ لو تعلمون علم اليقين * لترونّ الجحيم )) نبّهوه، قل: يا أخي وصلك هذا يوهم فساد المعنى، وأنت قف، أوّلاً: لأنّها رأس آية، والمشروع أن يقف الإنسان عند رأس كلّ آية، وثانياً: أنّ الوصل يفسد المعنى.
(( كلاّ لو تعلمون علم اليقين * لترونّ الجحيم )) إذن لترونّ الجحيم جملة مستأنفة لا صلة لها بما قبلها، وهي جملة قسميّة فيها قسم مقدّر والتّقدير: والله لترونّ الجحيم، ولهذا يقول المعربون في إعرابها: إنّ اللّام موطّئة للقسم، وجملة ترونّ هي: جواب القسم، والقسم محذوف والتّقدير والله لترونّ الجحيم.
والجحيم اسم من أسماء النّار.
(( ثمّ لترونّها عين اليقين )) تأكيد لرؤيتها، ومتى ترُى؟
تُرى يوم القيامة، يُؤتى بها تُجرّ بسبعين ألف زمام، كلّ زمام يجرّه سبعون ألف ملك، فما ظنّك بهذه الدّار والعياذ بالله؟ !
إنّها دار كبيرة عظيمة، لأنّ فيها سبعين ألف زمام، كلّ زمام يجرّه سبعون ألف ملك، والملائكة عِظَام شداد، فهي نار عظيمة أعاذنا الله وإيّاكم منها.
(( لترونّ الجحيم * ثمّ لترونّها عين اليقين * ثمّ لتسألنّ يومئذ عن النّعيم )) يعني : ثمّ في ذلك الوقت وفي ذلك الموقف العظيم تسألنّ عن النّعيم، واختلف العلماء رحمهم الله في قوله: (( ثمّ لتسألنّ يومئذ عن النّعيم )) هل المراد الكافر، أو المراد المؤمن والكافر؟
والصّواب أنّ المراد هو المؤمن والكافر، كُلٌّ يُسْأل عن النّعيم، لكن الكافر يُسْأل سؤال توبيخ وتقريع، والمؤمن يُسأل سؤال تذكير، والدّليل على أنّه عامّ ما جرى في قصّة النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم وأبي بكر وعمر حيث خرجوا ذات يوم من الجوع، فذهبوا إلى بستان رجل يقال له: أبو الهيثم بن التيّهان، فاستأذنوا فقال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: ( السّلام عليكم، وكانت امرأته وراء الباب فلم تردّ عليه، فقال: السّلام عليكم، فلم تردّ، فقال: السّلام عليكم، فلم تردّ فانصرف النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم وأصحابه ) ، لأنّ الإنسان إذا استأذن ثلاثا ولم يأذن له فإنّه يرجع، ( فلحقتهم وقالت: إنّي سمعت سلامكم ولكنّي أحببت أن أزداد في الخير، لأنّ الرّسول يدعو بالسّلام عليهم، فأحبّت أن يتكرّر دعاء الرّسول عليه الصّلاة والسّلام لهم، فرجعوا فسألوا عن زوجها فقالت: إنّه ذهب يستعذب الماء ) -أي يأتي بالماء العذب الطيب- ، ( فجلسوا ثمّ جاء الرّجل ففرح بهم فرحا عظيماً وقال: إنّه لا أحد أكرم أضيافا منّي اليوم )، ثمّ قطع لهم عذقا من النّخل وأتى به وألقاه بين أيديهم، فقال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: ( هلاّ جنيت ) جنيت يعني خرفت وتعلمون أنّ الخراف أن يأخذ الإنسان الرّطب فقط، فقال: ( يا رسول الله أردت أن يكون بين أيديكم البسر والرّطب والمذنّب ) لأنّ العذق يشمل هذا وهذا كل الثلاث، فأكلوا ثمّ دعوا بالماء فشربوا فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ( ماء طيّب، وطعام طيّب، وظلّ طيّب، لتسألنّ يومئذ عن النّعيم ) :
وهذا دليل على أنّ الذي يُسأل المؤمن والكافر ، لكن يختلف السّؤال، سؤال المؤمن سؤال تذكير بنعمة الله عزّ وجلّ علينا حتى يفرح ويعلم أنّ الذي أنعم عليه في الدّنيا أكرم مِن أن ينعم عليه في الآخرة بمعنى: أنّه إذا تكرّم عليه بنعمته في الدّنيا تكرّم عليه بنعمته في الآخرة، أمّا الكافر فإنّه سؤال توبيخ وتنبيه، نسأل الله تعالى أن يستعملنا وإيّاكم في طاعته، وأن يجعل ما رزقنا معونة على طاعته إنّه على كلّ شيء قدير.
والآن إلى الأسئلة، ونبدأ باليمين.
السائل : بسم الله الرّحمن الرّحيم .
فضيلة الشّيخ السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
تذكرنا أنّه في العام الماضي ذكرت لنا أنّه إذا كنّا في مجلس فلا نكرّر السّلام.
أمّا بعد :
فهذا هو اللّقاء الثامن والتّسعون من لقاء الباب المفتوح الذي يتمّ كلّ خميس من كلّ أسبوع، وهذا هو الخميس الثامن من شهر صفر عام ستة عشر وأربعمائة وألف، نفتتح هذا اللّقاء بما انتهينا إليه من تفسير جزء سورة النّبأ حيث وصلنا إلى سورة التّكاثر.
يقول الله عزّ وجلّ: (( ألهاكم التّكاثر * حتىّ زرتم المقابر )): هذه الجملة جملة خبريّة يخبر الله عزّ وجلّ بها العباد مخاطباً لهم يقول: (( ألهاكم التّكاثر )) ومعنى ألهاكم أي: شغلكم حتى لهوتم عمّا هو أهمّ من ذكر الله تعالى والقيام بطاعته، والخطاب كما تعلمون لجميع الأمّة إلاّ أنّه يخصّص بمن شغلتهم أمور الآخرة عن أمور الدّنيا وهم قليل، وإنّما نقول: هم قليل لأنّه ثبت في الصّحيحين أنّ الله تبارك وتعالى يقول يوم القيامة : ( يا آدم! فيقول: لبّيك وسعديك، فيقول: أخرج من ذرّيتك بعثا إلى النّار، قال: وما بعث النّار؟ قال: من كلّ ألف تسمعمائة وتستعة وتسعون، واحد في الجنّة والباقي في النّار )، وهذا عدد هائل، إذا لم يكن من بني آدم إلاّ واحد من الألف من أهل الجنّة والباقون من أهل النّار، إذن فالخطاب بالعموم في مثل هذه الآية جار على أصله، لأنّ الواحد من الألف ليس بشيء بالنّسبة إليهم.
وأمّا قوله: (( التّكاثر )) فهو يشمل التّكاثر في المال، والتّكاثر بالقبيلة، والتّكاثر بالجاه، والتّكاثر بالعلم، وبكلّ ما يمكن أن يقع فيه التّفاخر، ويدلّ لذلك قول صاحب الجنّة لصاحبه: (( أنا أكثر منك مالًا وأعزّ نفراً )) فالإنسان قد يتكاثر بماله، فيطلب أن يكون أكثر من الآخر مالاً وأوسع تجارة، وقد يتكاثر الإنسان بقبيلته، يقول: نحن أكثر منهم عدداً كما قال الشّاعر:
" ولستَ بالأكثر منهم حصى *** وإنّما العزّة للكاثر " .
أكثر منهم حصى: لأنّهم كانوا فيمن سبق يعدّون الأشياء بالحصى، فمثلا إذا كان هؤلاء حصاهم عشرة آلاف، والآخرون حصاهم ثمانية آلاف صار الأوّل أكثر وأعزّ.
فيقول الشّاعر:
" لست بالأكثر منهم حصى *** وإنّما العزّة للكاثر ".
كذلك يتكاثر الإنسان بالعلم، فتجده يفخر على غيره بالعلم، لكن إن كان بالعلم الشّرعيّ فهو خير وإن كان بالعلم غير الشّرعيّ فهو إمّا مباح وإمّا محرّم، المهمّ أنّ ما يقع فيه التّكاثر العلم وهذا هو الغالب على بني آدم: التّكاثر، فيتكاثرون في هذه الأمور عمّا خُلقوا له من عبادة الله عزّ وجلّ.
وقوله: (( حتى زرتم المقابر )) يعني: إلى أن زرتم المقابر، يعني: إلى أن متّم، فالإنسان مجبول على التّكاثر إلى أن يموت، بل كلّما ازداد به الكبر ازداد به الأمل فهو يشيب في السّنّ ويشبّ في الأمل، حتى إنّ الرّجل له تسعون سنة مثلا تجد عنده من الآمال وطول الأمل ما ليس عند الشّابّ الذي عنده خمس عشرة سنة، هذا هو معنى الآية الكريمة، أي: أنّكم تلهّوتم بالتكاثر عن الآخرة إلى أن متّم.
وقيل إنّ معنى (( حتّى زرتم المقابر )): حتى أصبحتم تتكاثرون بالأموات كما تتكاثرون بالأحياء، فيأتي الإنسان أنا قبيلتي أكثر من قبيلتك، وإذا شئت فاذهب إلى القبور فعدّ القبور منّا ونعد القبور منكم فنرى أيّهما أكثر، لكنّ هذا قول ضعيف بعيد من سياق الآية، والمعنى الأوّل هو الصّحيح: أنّكم تتكاثرون إلى أن تموتوا .
وقوله: (( حتى زرتم المقابر )) استدلّ به عمر بن عبد العزيز -رحمه الله- على أنّ الزّائر لا بدّ أن يرجع إلى وطنه، وأنّ القبور ليست بدار إقامة، وكذلك ذُكر عن بعض الأعراب أنّه سمع قارئا يقرأ: (( ألهاكم التّكاثر * حتى زرتم المقابر )) فقال: " والله لنبعثنّ " ، لماذا ؟
لأنّ الزّائر كما هو معروف يزور ويرجع فقال: " والله لنبعثنّ " ، وهذا هو الحقّ.
وبهذا نعرف أنّ ما يذكره بعض النّاس الآن في الجرائد وغيرها يقول عن الرّجل إذا مات: " إنّه انتقل إلى مثواه الأخير " ، أنّ هذا كلام باطل وكذب لأنّ القبور ليست هي المثوى الأخير، بل لو أنّ الإنسان اعتقد مدلول هذا اللفظ لصار كافرا بالبعث، والكفر بالبعث ردّة عن الإسلام، لكنّ كثيرا من النّاس يأخذون الكلمات على عواهنها ولا يدرون ما معناها، ولعلّ هذه موروثة عن الملحدين الذين لا يقرون بالبعث بعد الموت.
ثمّ قال الله تعالى: (( كلاّ سوف تعلمون * ثمّ كلاّ سوف تعلمون )) قيل: إنّ كلاّ بمعنى الرّدع يعني: ارتدعوا عن هذا التّكاثر، وقيل: إنّها بمعنى حقّا.
ومعنى (( سوف تعلمون )) أي: سوف تعلمون عاقبة أمركم إذا رجعتم إلى الآخرة وأنّ هذا التّكاثر لا ينفعكم، وقد جاء في الحديث عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فيما رواه مسلم أنّ العبد يقول: ( مالي ومالي ) يعني: يفتخر به، ( وليس لك من مالك إلاّ ما أكلت فأفنيت، أو لبست فأبليت، أو تصدّقت فأمضيت ) والباقي تاركه لغيرك، وهذا هو الحقّ.
الآن أموالنا التي بين أيدينا إمّا أن نأكلها فتفنى، وإمّا أن نلبسها فتبلى، وإمّا أن نتصدّق بها فنمضيها وتكون أمامنا يوم القيامة، وإمّا أن نتركها لغيرنا، لا يمكن أن يخرج المال الذي بأيدينا عن هذه القسمة الرّباعيّة.
(( كلاّ سوف تعلمون )) أي: سوف تعلمون عاقبة أمركم بالتّكاثر الذي ألهاكم عن الآخرة.
(( ثمّ كلاّ سوف تعلمون )): وهذه الجملة تأكيد للرّدع مرّة ثانية.
ثمّ قال: (( كلاّ لو تعلمون علم اليقين )) يعني: حقّا لو تعلمون علم اليقين لعرفتم أنّكم في ضلال، ولكنّكم لا تعلمون علم اليقين لأنّكم غافلون لاهون في هذه الدّنيا، ولو علمتم علم اليقين لعرفتم أنّكم في ضلال وفي خطأ عظيم.
ثمّ قال تعالى: (( لترونّ الجحيم * ثمّ لترونّها عين اليقين )):
لترونّ: هذه جملة مستقلّة ليس جواب لو، ولهذا يجب على القارئ أن يقف عند قوله: (( كلاّ لو تعلمون علم اليقين )) ونحن نسمع كثيراً من الأئمّة الذين عندهم علم يصلون فيقولون (( كلاّ لو تعلمون علم اليقين * لترونّ الجحيم )) وهذا الوصل إمّا غفلة منهم ونسيان، وإمّا أنّهم لم يتأمّلوا الآية حقّ التّأمّل، وإلاّ لو تأمّلوها حقّ التّأمّل لوجدوا أنّ الوصل يفسد المعنى، لأنّه لو قال: (( كلاّ لو تعلمون علم اليقين * لترونّ الجحيم )) صار رؤية الجحيم مشروطة بماذا؟ بعلمهم، وهذا ليس بصحيح ولذلك يجب التّنبّه والتّنبيه لهذا، إذا سمعتم أحدا يقرأ: (( كلاّ لو تعلمون علم اليقين * لترونّ الجحيم )) نبّهوه، قل: يا أخي وصلك هذا يوهم فساد المعنى، وأنت قف، أوّلاً: لأنّها رأس آية، والمشروع أن يقف الإنسان عند رأس كلّ آية، وثانياً: أنّ الوصل يفسد المعنى.
(( كلاّ لو تعلمون علم اليقين * لترونّ الجحيم )) إذن لترونّ الجحيم جملة مستأنفة لا صلة لها بما قبلها، وهي جملة قسميّة فيها قسم مقدّر والتّقدير: والله لترونّ الجحيم، ولهذا يقول المعربون في إعرابها: إنّ اللّام موطّئة للقسم، وجملة ترونّ هي: جواب القسم، والقسم محذوف والتّقدير والله لترونّ الجحيم.
والجحيم اسم من أسماء النّار.
(( ثمّ لترونّها عين اليقين )) تأكيد لرؤيتها، ومتى ترُى؟
تُرى يوم القيامة، يُؤتى بها تُجرّ بسبعين ألف زمام، كلّ زمام يجرّه سبعون ألف ملك، فما ظنّك بهذه الدّار والعياذ بالله؟ !
إنّها دار كبيرة عظيمة، لأنّ فيها سبعين ألف زمام، كلّ زمام يجرّه سبعون ألف ملك، والملائكة عِظَام شداد، فهي نار عظيمة أعاذنا الله وإيّاكم منها.
(( لترونّ الجحيم * ثمّ لترونّها عين اليقين * ثمّ لتسألنّ يومئذ عن النّعيم )) يعني : ثمّ في ذلك الوقت وفي ذلك الموقف العظيم تسألنّ عن النّعيم، واختلف العلماء رحمهم الله في قوله: (( ثمّ لتسألنّ يومئذ عن النّعيم )) هل المراد الكافر، أو المراد المؤمن والكافر؟
والصّواب أنّ المراد هو المؤمن والكافر، كُلٌّ يُسْأل عن النّعيم، لكن الكافر يُسْأل سؤال توبيخ وتقريع، والمؤمن يُسأل سؤال تذكير، والدّليل على أنّه عامّ ما جرى في قصّة النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم وأبي بكر وعمر حيث خرجوا ذات يوم من الجوع، فذهبوا إلى بستان رجل يقال له: أبو الهيثم بن التيّهان، فاستأذنوا فقال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: ( السّلام عليكم، وكانت امرأته وراء الباب فلم تردّ عليه، فقال: السّلام عليكم، فلم تردّ، فقال: السّلام عليكم، فلم تردّ فانصرف النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم وأصحابه ) ، لأنّ الإنسان إذا استأذن ثلاثا ولم يأذن له فإنّه يرجع، ( فلحقتهم وقالت: إنّي سمعت سلامكم ولكنّي أحببت أن أزداد في الخير، لأنّ الرّسول يدعو بالسّلام عليهم، فأحبّت أن يتكرّر دعاء الرّسول عليه الصّلاة والسّلام لهم، فرجعوا فسألوا عن زوجها فقالت: إنّه ذهب يستعذب الماء ) -أي يأتي بالماء العذب الطيب- ، ( فجلسوا ثمّ جاء الرّجل ففرح بهم فرحا عظيماً وقال: إنّه لا أحد أكرم أضيافا منّي اليوم )، ثمّ قطع لهم عذقا من النّخل وأتى به وألقاه بين أيديهم، فقال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: ( هلاّ جنيت ) جنيت يعني خرفت وتعلمون أنّ الخراف أن يأخذ الإنسان الرّطب فقط، فقال: ( يا رسول الله أردت أن يكون بين أيديكم البسر والرّطب والمذنّب ) لأنّ العذق يشمل هذا وهذا كل الثلاث، فأكلوا ثمّ دعوا بالماء فشربوا فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ( ماء طيّب، وطعام طيّب، وظلّ طيّب، لتسألنّ يومئذ عن النّعيم ) :
وهذا دليل على أنّ الذي يُسأل المؤمن والكافر ، لكن يختلف السّؤال، سؤال المؤمن سؤال تذكير بنعمة الله عزّ وجلّ علينا حتى يفرح ويعلم أنّ الذي أنعم عليه في الدّنيا أكرم مِن أن ينعم عليه في الآخرة بمعنى: أنّه إذا تكرّم عليه بنعمته في الدّنيا تكرّم عليه بنعمته في الآخرة، أمّا الكافر فإنّه سؤال توبيخ وتنبيه، نسأل الله تعالى أن يستعملنا وإيّاكم في طاعته، وأن يجعل ما رزقنا معونة على طاعته إنّه على كلّ شيء قدير.
والآن إلى الأسئلة، ونبدأ باليمين.
السائل : بسم الله الرّحمن الرّحيم .
فضيلة الشّيخ السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
تذكرنا أنّه في العام الماضي ذكرت لنا أنّه إذا كنّا في مجلس فلا نكرّر السّلام.
ما حكم التيمم إذا علم الحصول على الماء قبل خروج الوقت ؟
الشيخ : نعم؟
السائل : هل يجوز لنا أن نتيمّم لمجرّد فقد الماء مع العلم أنّنا سوف نجده قبل انتهاء الوقت؟
الشيخ : يقول الله عزّ وجلّ: (( يا أيّها الذين آمنوا إذا قُمتم إلى الصّلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلَكم وإن كنتم جنباً فاطّهروا وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النّساء فلم تجدوا ماءً فتيمّموا )): فأمر أن نتوضّأ من الحدث الأصغر ونتطهّر من الحدث الأكبر إذا قمنا إلى الصّلاة، فإن لم نجد تيمّمنا، فيجوز لمن ليس عنده ماء عند دخول وقت الصّلاة أن يتيمّم، لكن العلماء -رحمهم الله- قالوا: " إذا كان يغلب على ظنّه أنّه يجد الماء قبل خروج الوقت فالأفضل أن يؤخّر التّيمّم إلى أن يصل إلى الماء ".
السائل : هل يجوز لنا أن نتيمّم لمجرّد فقد الماء مع العلم أنّنا سوف نجده قبل انتهاء الوقت؟
الشيخ : يقول الله عزّ وجلّ: (( يا أيّها الذين آمنوا إذا قُمتم إلى الصّلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلَكم وإن كنتم جنباً فاطّهروا وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النّساء فلم تجدوا ماءً فتيمّموا )): فأمر أن نتوضّأ من الحدث الأصغر ونتطهّر من الحدث الأكبر إذا قمنا إلى الصّلاة، فإن لم نجد تيمّمنا، فيجوز لمن ليس عنده ماء عند دخول وقت الصّلاة أن يتيمّم، لكن العلماء -رحمهم الله- قالوا: " إذا كان يغلب على ظنّه أنّه يجد الماء قبل خروج الوقت فالأفضل أن يؤخّر التّيمّم إلى أن يصل إلى الماء ".
ما صفة التعزية ؟ وهل يعزي غير أهل الميت ؟ وما حكمها ؟وهل تجوز المصافحة والتقبيل عندها ؟
السائل : فضيلة الشّيخ.
الشيخ : نعم؟
السائل : ما صفة التّعزية؟ وهل يعزّى غير أقرباء الميّت مثل زملائه وجيرانه؟
وهل التّقبيل أو المصاحفة عند التّعزية مشروع؟
وهل يعزّى بالهاتف أو بالذّهاب إلى منزل المعزّى؟
وهل: " التعزية عند المصاب "حديث؟
وما معناه؟
الشيخ : هذه ستّة أسئلة!
السائل : متّصلة يا شيخ.
الشيخ : ستّة أسئلة في سؤال واحد، طيب التّعزية سنّة مؤكّدة للمصاب من قريب أو صديق أو زميل أو غير ذلك.
ومعنى التّعزية تقوية المصاب على تحمّل ما نزل به من المكروه، هذه هي التّعزية ومنها الأرض العزاز يعني الصّلبة، فكأنّك تصلّب هذا الرّجل وتقوّيه حتى لا يلين أمام هذه المصيبة، بل يكون قويّا، فكلّما رأيت مصابا بماله أو فقد حبيبه أو مرض فيه أو غير ذلك أو تعزّيه.
وأحسن صيغة للتّعزية ما عزّى به النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم إحدى بناته حيث قال للرّسول الذي أرسلته إلى الرسول صلّى الله عليه وسلّم: ( مرها فلتصبر وتحتسب، فإنّ لله ما أخذ وله ما أبقى وكلّ شيء عنده بأجل مسمّى ) هذا أحسن ما يكون، وله أن يقول دعاء مناسباً مثل ما هو مشهور عند النّاس اليوم: " أعظم الله أجرك وأحسن عزاءك وغفر الله لميتك " أو غير ذلك من الدّعاء المناسب.
وأمّا التّقبيل والمصافحة فليست من سنن التّعزية إلاّ إذا كان هذا أوّل ما لقيته فإنّك تصافحه، لأنّ المشروع عند الملاقاة المصافحة، وأمّا أن تتّخذ سنّة على أنّها من سنن التّعزية فهذا بدعة، لأنّ كلّ من تقرّب إلى الله بشيء لم يشرعه الله كان مبتدعاً.
وأمّا مكانها فليس لها مكان معيّن، أيّ مكان تجد فيه المصاب وتشعر بأنّه مصاب فإنّك تعزّيه.
وأمّا زمنها فقيل: إنّها تقيّد بثلاثة أيّام من حدوث المصيبة استدلالا بقول النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم: ( لا يحلّ لامرأة أن تحدّ على ميّت فوق ثلاث إلاّ على زوج )، ولكنّ الاستدلال بهذا الحديث فيه نظر، لأنّ الحديث في الإحداد وليس في التّعزية.
والصّواب أنّ التّعزية مشورعة ما دامت المصيبة باقية، فإن نسيها أو رُئِي أنّه ليس بمصاب إلى ذاك الحدّ فإنّه لا يعزّى.
ولكن هل تكرّر التّعزية؟
بمعنى أنّك إذا عزّيته اليوم ثمّ رأيته من الغد هل تعيد التّعزية عليه؟
أقول: إن وُجِد سبب فنعم، فمثلا لو عزّيته اليوم وأتيته من الغد فوجدت الرّجل ما زال حزينا، وما زال يبكي مثلا، فإنّي أقول له: يا أخي اتّق عزّ وجلّ، ولا تؤذ الميّت، ( لأنّ الميّت يعذّب ببكاء أهله عليه ) ولكن ليس تعذيب عقوبة بل تعذيب تألّم وضيق نفس وما أشبه ذلك، نعم فصارت الخلاصة : أنّها لا تختصّ بأحد وإنّما تشمل كلّ مصاب، ولا تختصّ بمكان، ولا تختصّ بزمان، ما دام أثر المصيبة باقيا فعزّه، أمّا تكراره فكما علمتم: إن دعت الحاجة إلى ذلك وإلاّ فلا تكرّره.
السائل : يعزي بالهاتف.
الشيخ : نعم؟
السائل : بأي شيء يعزي.
الشيخ : بأيّ شيء يكون، التّعزية بالهاتف أو بالكتابة أو بأيّ شيء.
السائل : الذّهاب إلى البيت؟
الشيخ : لا، لا أرى الذّهاب إليهم في البيت لأنّ جرير بن عبد الله رضي الله عنه يقول: ( كنّا نعدّ الإجتماع إلى أهل الميّت وصنع الطّعام من النّياحة ) اللهمّ إلاّ أن يكون قريبا جدّا، وتخشى إن لم تذهب يعدّ ذلك من قطيعة الرّحم فهذا شيء آخر.
الشيخ : نعم؟
السائل : ما صفة التّعزية؟ وهل يعزّى غير أقرباء الميّت مثل زملائه وجيرانه؟
وهل التّقبيل أو المصاحفة عند التّعزية مشروع؟
وهل يعزّى بالهاتف أو بالذّهاب إلى منزل المعزّى؟
وهل: " التعزية عند المصاب "حديث؟
وما معناه؟
الشيخ : هذه ستّة أسئلة!
السائل : متّصلة يا شيخ.
الشيخ : ستّة أسئلة في سؤال واحد، طيب التّعزية سنّة مؤكّدة للمصاب من قريب أو صديق أو زميل أو غير ذلك.
ومعنى التّعزية تقوية المصاب على تحمّل ما نزل به من المكروه، هذه هي التّعزية ومنها الأرض العزاز يعني الصّلبة، فكأنّك تصلّب هذا الرّجل وتقوّيه حتى لا يلين أمام هذه المصيبة، بل يكون قويّا، فكلّما رأيت مصابا بماله أو فقد حبيبه أو مرض فيه أو غير ذلك أو تعزّيه.
وأحسن صيغة للتّعزية ما عزّى به النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم إحدى بناته حيث قال للرّسول الذي أرسلته إلى الرسول صلّى الله عليه وسلّم: ( مرها فلتصبر وتحتسب، فإنّ لله ما أخذ وله ما أبقى وكلّ شيء عنده بأجل مسمّى ) هذا أحسن ما يكون، وله أن يقول دعاء مناسباً مثل ما هو مشهور عند النّاس اليوم: " أعظم الله أجرك وأحسن عزاءك وغفر الله لميتك " أو غير ذلك من الدّعاء المناسب.
وأمّا التّقبيل والمصافحة فليست من سنن التّعزية إلاّ إذا كان هذا أوّل ما لقيته فإنّك تصافحه، لأنّ المشروع عند الملاقاة المصافحة، وأمّا أن تتّخذ سنّة على أنّها من سنن التّعزية فهذا بدعة، لأنّ كلّ من تقرّب إلى الله بشيء لم يشرعه الله كان مبتدعاً.
وأمّا مكانها فليس لها مكان معيّن، أيّ مكان تجد فيه المصاب وتشعر بأنّه مصاب فإنّك تعزّيه.
وأمّا زمنها فقيل: إنّها تقيّد بثلاثة أيّام من حدوث المصيبة استدلالا بقول النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم: ( لا يحلّ لامرأة أن تحدّ على ميّت فوق ثلاث إلاّ على زوج )، ولكنّ الاستدلال بهذا الحديث فيه نظر، لأنّ الحديث في الإحداد وليس في التّعزية.
والصّواب أنّ التّعزية مشورعة ما دامت المصيبة باقية، فإن نسيها أو رُئِي أنّه ليس بمصاب إلى ذاك الحدّ فإنّه لا يعزّى.
ولكن هل تكرّر التّعزية؟
بمعنى أنّك إذا عزّيته اليوم ثمّ رأيته من الغد هل تعيد التّعزية عليه؟
أقول: إن وُجِد سبب فنعم، فمثلا لو عزّيته اليوم وأتيته من الغد فوجدت الرّجل ما زال حزينا، وما زال يبكي مثلا، فإنّي أقول له: يا أخي اتّق عزّ وجلّ، ولا تؤذ الميّت، ( لأنّ الميّت يعذّب ببكاء أهله عليه ) ولكن ليس تعذيب عقوبة بل تعذيب تألّم وضيق نفس وما أشبه ذلك، نعم فصارت الخلاصة : أنّها لا تختصّ بأحد وإنّما تشمل كلّ مصاب، ولا تختصّ بمكان، ولا تختصّ بزمان، ما دام أثر المصيبة باقيا فعزّه، أمّا تكراره فكما علمتم: إن دعت الحاجة إلى ذلك وإلاّ فلا تكرّره.
السائل : يعزي بالهاتف.
الشيخ : نعم؟
السائل : بأي شيء يعزي.
الشيخ : بأيّ شيء يكون، التّعزية بالهاتف أو بالكتابة أو بأيّ شيء.
السائل : الذّهاب إلى البيت؟
الشيخ : لا، لا أرى الذّهاب إليهم في البيت لأنّ جرير بن عبد الله رضي الله عنه يقول: ( كنّا نعدّ الإجتماع إلى أهل الميّت وصنع الطّعام من النّياحة ) اللهمّ إلاّ أن يكون قريبا جدّا، وتخشى إن لم تذهب يعدّ ذلك من قطيعة الرّحم فهذا شيء آخر.
3 - ما صفة التعزية ؟ وهل يعزي غير أهل الميت ؟ وما حكمها ؟وهل تجوز المصافحة والتقبيل عندها ؟ أستمع حفظ
ما صحة الأثر أن ابن عمر تيمم وصلى وهو يرى جدران المدينة وكان هذا في أول الوقت ,فما توجيهكم إذا صح .؟
الشيخ : نعم؟
السائل : نحن والأخ حصل لنا قصة، حيث ذكر لنا أنّ ابن عمر رضي الله عنهما تيمّم وصلّى وهو يرى جدران المدينة، وكان هذا في أوّل الوقت فما توجيهكم لهذا الأثر؟
الشيخ : هذا الأثر لا أدري عنه، لكنّنا نستدلّ بالآية كما سمعتم (( إذا قمتم إلى الصّلاة )) في أيّ وقت، لكن الأفضل كما قلت: أن يؤخّر ما دام يرجو وجود الماء.
السائل : نحن والأخ حصل لنا قصة، حيث ذكر لنا أنّ ابن عمر رضي الله عنهما تيمّم وصلّى وهو يرى جدران المدينة، وكان هذا في أوّل الوقت فما توجيهكم لهذا الأثر؟
الشيخ : هذا الأثر لا أدري عنه، لكنّنا نستدلّ بالآية كما سمعتم (( إذا قمتم إلى الصّلاة )) في أيّ وقت، لكن الأفضل كما قلت: أن يؤخّر ما دام يرجو وجود الماء.
4 - ما صحة الأثر أن ابن عمر تيمم وصلى وهو يرى جدران المدينة وكان هذا في أول الوقت ,فما توجيهكم إذا صح .؟ أستمع حفظ
ما حكم نفخ اليدين للمتيمم بعد ضربهما بالأرض ؟
السائل : بسم الله الرّحمن الرّحيم .
هل يشرع للمتيمّم أن ينفخ في كفّيه بعد الضّرب بهما على الأرض، هل يشرع له أن ينفخ فيهما؟
الشيخ : نفخ المتيمّم يديه إذا ضرب بهما الأرض قد ثبتت به السّنّة عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، وهو محمول على أنّه إذا كان علق بها تراب كثير، وأمّا إذا كان لا يعلق بها تراب كثير فلا نفخ.
هل يشرع للمتيمّم أن ينفخ في كفّيه بعد الضّرب بهما على الأرض، هل يشرع له أن ينفخ فيهما؟
الشيخ : نفخ المتيمّم يديه إذا ضرب بهما الأرض قد ثبتت به السّنّة عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، وهو محمول على أنّه إذا كان علق بها تراب كثير، وأمّا إذا كان لا يعلق بها تراب كثير فلا نفخ.
ما حكم بيع التورق ؟ وهل على الشيك المؤجل زكاة إذا حال عليه الحول ؟
السائل : يا شيخ أحسن الله إليك، عرض علينا هذا السّؤال في هذا المجلس يقول: فضيلة الشّيخ محمّد السّلام عليكم ورحمة الله، أطرح عليكم هذا السّؤال وأرجو منكم الجوابَ كتابة:
تاجر يشتري من شخص سيارة بمبلغ مليونين ونصف جنيه .
الشيخ : إيش؟
السائل : يشتري سيارة بمبلغ مليونين ونصف .
الشيخ : مليونين؟!
السائل : مليونين ونصف بشيك مؤجّل، عملة .
الشيخ : عملة رخيصة يعني؟
السائل : عملة بلدنا إسلامية
الشيخ : نعم.
السائل : بشيك مؤجّل لمدّة ستّة أشهر، أو أربعة ملايين جنيه سوداني لمدّة سنة، ثمّ يبيع السّيّارة في ذلك المجلس بمبلغ مليون ونصف جنيه سوداني، ما حكم هذا البيع؟
وهل الشّيك المؤجّل إذا حال عليه الحول تجب فيه الزّكاة علماً بأنّه ما زال مستند في يد البائع الأوّل، ويقول ملاحظة: علما بأنّ قيمة السّيّارة الحقيقيّة في السّوق مليون ونصف؟
الشيخ : نعم، هو لا بأس أن يشتري الإنسان شيئا سيّارة أو غيرها بثمن النّقد حاضرًا أقلّ ممّا إذا اشتراها بثمن مؤجّل، فمثلا يقول: أنا أشتري هذه السّيّارة مثلا بعشرة آلاف نقدا أو باثني عشر ألفا إلى سنة، ثمّ يتّفقان على أحد الثّمنين قبل التّفرّق هذا لا بأس به، وليس من باب: بيعتين في بيعة كما ظنّه بعض أهل العلم، بل هذا تخيير للرّجل بين هذه البيعة أو هذه البيعة، وسوف لا ينصرفان من مجلسهما إلاّ وقد عيّنا ذلك إمّا المؤجّل أو المعجّل، وأمّا التّحويل على الثّمن بالشّيك فلا بأس به أيضا، وذلك لأنّ بيع السّيّارة بالدّراهم ليس فيه ربا.
وأمّا كون المشتري يبيع السيّارة بثمن أقلّ من أجل أن يأخذ ثمنها فهذه تسمّى عند العلماء بمسألة: " التّورّق " إن باعها على غير ما اشتراه به، وإن باعها على الذي اشتراها منه فهي مسألة " العينة ".
فصاحب السّيّارة اشتراها من زيد باثني عشر ألفا مؤجّلا إلى سنة ثمّ باعها على عمرو بعشرة آلاف نقداً هذه هي التّورّق، فإن باعها على زيد الذي اشتراها منه أوّلا بعشرة آلاف فهذه مسألة العينة.
وقد اختلف العلماء رحمهم الله في مسألة التّورّق هل هي حلال أو حرام، فاختار بعض العلماء أنّها حلال إذا احتاج الإنسان إلى النّقد يعني الثمن، واختار شيخ الإسلام ابن تيمية أنّها حرام وأنّها من العينة التي حرّمها النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم، والاحتياط أن لا يفعل، يقال: إذا كنت محتاجا دراهم فوجدت من يقرضك فهذا المطلوب وإن لم تجد فعليك بالسّلم يعني أن تأخذ دراهم بسلعة مؤجّلة تصفها وتبيّن صفاتها بأن تقول مثلا أعطني عشرة آلاف ريال وأنا أعطيك سيّارة بعد سنة صفتها كذا وكذا وتضبط بالصّفات، هذا جائز لأنّ الصّحابة فعلوه حين قدم النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم المدينة وهم يسلفون في الثّمار السّنة والسّنتين فقال: ( من أسلف في شيء فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم ).
السائل : الشّيك المؤجّل إذا حال عليه الحول؟
الشيخ : إذا حال عليه الحول قبل أن يقبضه فليس عليه شيء.
السائل : وهل الشّيك المؤجّل إذا حال عليه الحول تكون فيه الزّكاة علما بأنّ المستند له.
الشيخ : أقول: الشّيك المؤجّل، يعني الشّيك الذي كتب لإنسان بثمن مؤجّل إذا كلّم صاحب البنك وقال نعم عندي هذا صار كأنّه دين تجب الزّكاة فيه، نعم.
تاجر يشتري من شخص سيارة بمبلغ مليونين ونصف جنيه .
الشيخ : إيش؟
السائل : يشتري سيارة بمبلغ مليونين ونصف .
الشيخ : مليونين؟!
السائل : مليونين ونصف بشيك مؤجّل، عملة .
الشيخ : عملة رخيصة يعني؟
السائل : عملة بلدنا إسلامية
الشيخ : نعم.
السائل : بشيك مؤجّل لمدّة ستّة أشهر، أو أربعة ملايين جنيه سوداني لمدّة سنة، ثمّ يبيع السّيّارة في ذلك المجلس بمبلغ مليون ونصف جنيه سوداني، ما حكم هذا البيع؟
وهل الشّيك المؤجّل إذا حال عليه الحول تجب فيه الزّكاة علماً بأنّه ما زال مستند في يد البائع الأوّل، ويقول ملاحظة: علما بأنّ قيمة السّيّارة الحقيقيّة في السّوق مليون ونصف؟
الشيخ : نعم، هو لا بأس أن يشتري الإنسان شيئا سيّارة أو غيرها بثمن النّقد حاضرًا أقلّ ممّا إذا اشتراها بثمن مؤجّل، فمثلا يقول: أنا أشتري هذه السّيّارة مثلا بعشرة آلاف نقدا أو باثني عشر ألفا إلى سنة، ثمّ يتّفقان على أحد الثّمنين قبل التّفرّق هذا لا بأس به، وليس من باب: بيعتين في بيعة كما ظنّه بعض أهل العلم، بل هذا تخيير للرّجل بين هذه البيعة أو هذه البيعة، وسوف لا ينصرفان من مجلسهما إلاّ وقد عيّنا ذلك إمّا المؤجّل أو المعجّل، وأمّا التّحويل على الثّمن بالشّيك فلا بأس به أيضا، وذلك لأنّ بيع السّيّارة بالدّراهم ليس فيه ربا.
وأمّا كون المشتري يبيع السيّارة بثمن أقلّ من أجل أن يأخذ ثمنها فهذه تسمّى عند العلماء بمسألة: " التّورّق " إن باعها على غير ما اشتراه به، وإن باعها على الذي اشتراها منه فهي مسألة " العينة ".
فصاحب السّيّارة اشتراها من زيد باثني عشر ألفا مؤجّلا إلى سنة ثمّ باعها على عمرو بعشرة آلاف نقداً هذه هي التّورّق، فإن باعها على زيد الذي اشتراها منه أوّلا بعشرة آلاف فهذه مسألة العينة.
وقد اختلف العلماء رحمهم الله في مسألة التّورّق هل هي حلال أو حرام، فاختار بعض العلماء أنّها حلال إذا احتاج الإنسان إلى النّقد يعني الثمن، واختار شيخ الإسلام ابن تيمية أنّها حرام وأنّها من العينة التي حرّمها النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم، والاحتياط أن لا يفعل، يقال: إذا كنت محتاجا دراهم فوجدت من يقرضك فهذا المطلوب وإن لم تجد فعليك بالسّلم يعني أن تأخذ دراهم بسلعة مؤجّلة تصفها وتبيّن صفاتها بأن تقول مثلا أعطني عشرة آلاف ريال وأنا أعطيك سيّارة بعد سنة صفتها كذا وكذا وتضبط بالصّفات، هذا جائز لأنّ الصّحابة فعلوه حين قدم النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم المدينة وهم يسلفون في الثّمار السّنة والسّنتين فقال: ( من أسلف في شيء فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم ).
السائل : الشّيك المؤجّل إذا حال عليه الحول؟
الشيخ : إذا حال عليه الحول قبل أن يقبضه فليس عليه شيء.
السائل : وهل الشّيك المؤجّل إذا حال عليه الحول تكون فيه الزّكاة علما بأنّ المستند له.
الشيخ : أقول: الشّيك المؤجّل، يعني الشّيك الذي كتب لإنسان بثمن مؤجّل إذا كلّم صاحب البنك وقال نعم عندي هذا صار كأنّه دين تجب الزّكاة فيه، نعم.
ذكر النقولات عن شيخ الإسلام والامام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله حول فهم الحجة .
السائل : الحمد لله والصّلاة والسّلام على رسول الله .
المسألة يا شيخ حفظك الله هي مسألة فهم الحجّة، فشيخ الإسلام رحمه الله وكذلك ابن القيّم وابن العربي المالكيّ -رحمهم الله-، يقول شيخ الإسلام: " وهكذا الأقوال التي يكفّر قائلها، قد يكون الرّجل لم تبلغه النّصوص الموجبة لمعرفة الحقّ، وقد تكون بلغته ولم تثبت عنده أو لم يتمكّن من فهمها " في الفتاوى، اختلف الدّارسون لكتب شيخ الإسلام محمّد بن عبد الوهّاب رحمه الله في هذه القضيّة أيضا، وحاولت أن أفهمها ويسّر الله لي بعض النّقولات الخفيفية التي سأعرضها عليكم ليتجلّى الأمر ويكون أكثر وضوحا، رأى بعض طلبة الشّيخ رحمه الله أنّ الشّيخ لا يشترط لقيام الحجّة فهمها ونقلوا عنه بعض النّقولات ، منها: فإن حجة الله !
المسألة يا شيخ حفظك الله هي مسألة فهم الحجّة، فشيخ الإسلام رحمه الله وكذلك ابن القيّم وابن العربي المالكيّ -رحمهم الله-، يقول شيخ الإسلام: " وهكذا الأقوال التي يكفّر قائلها، قد يكون الرّجل لم تبلغه النّصوص الموجبة لمعرفة الحقّ، وقد تكون بلغته ولم تثبت عنده أو لم يتمكّن من فهمها " في الفتاوى، اختلف الدّارسون لكتب شيخ الإسلام محمّد بن عبد الوهّاب رحمه الله في هذه القضيّة أيضا، وحاولت أن أفهمها ويسّر الله لي بعض النّقولات الخفيفية التي سأعرضها عليكم ليتجلّى الأمر ويكون أكثر وضوحا، رأى بعض طلبة الشّيخ رحمه الله أنّ الشّيخ لا يشترط لقيام الحجّة فهمها ونقلوا عنه بعض النّقولات ، منها: فإن حجة الله !
اضيفت في - 2005-08-27