سلسلة لقاء الباب المفتوح-120a
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
سلسلة لقاء الباب المفتوح
تفسير سورة الحجرات الآية ( 12 ) وآيات اخرى مختارة وما يستفاد منها .
السائل : الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
فهذا هو اللقاء العشرون بعد المائة من اللقاءات التي يعبر عنها بالباب المفتوح والتي تتم كل خميس من كل أسبوع، وهذا هو الخميس الثاني من شهر ذي القعدة عام ستة عشر وأربعمائة وألف.
نبدأ هذا اللقاء بالكلام بما يسره الله عز وجل من تفسير سورة الحجرات، قال الله تبارك وتعالى: (( يا أيها الناس إنا خلقناكم )) (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً ))
تصدير الخطاب بـ (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا )) يدل على العناية به، ولهذا روي عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال: " إذا سمعت الله يقول: (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا )) فأرعها سمعك، فإما خير تؤمر به وإما شر تنهى عنه " وإما خبر تحصل به العبرة والاتعاظ، كما قال تعالى: (( لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ )) .
وهنا يقول عز وجل: (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ )) الظن: هو أن يكون لدى الإنسان احتمالان يترجح أحدهما على الآخر، وهنا عبر الله تعالى بقوله: (( اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ )) ولم يقل: اجتنبوا الظن كله، لأن الظن ينقسم إلى قسمين:
القسم الأول: ظن خير بالإنسان، وهذا مطلوب أن تظن بإخوانك خيراً ما داموا أهلاً لذلك، وهو المسلم الذي ظاهره العدالة، فإن هذا يُظن به خيراً، ويثنى عليه بما ظهر لنا من إسلامه وأعماله.
النوع الثاني: ظن السوء، وهذا يحرم بالنسبة لمسلم ظاهره العدالة، فإنه لا يحل لأحد أن يظن به ظن السوء، كما صرح بذلك العلماء، فقالوا رحمهم الله: يحرم ظن السوء بمسلم ظاهره العدالة.
والثاني: ظن سوء بمن قامت القرينة على أنه أهلٌ لذلك، فهذا لا حرج على الإنسان أن يظن السوء به، ولهذا من الأمثال المضروبة المشهورة السائرة: " احترسوا من الناس بسوء الظن " ولكن هذا ليس على إطلاقه كما هو معلوم، وإنما المراد: احترسوا من الناس الذين هم أهل لظن السوء فلا تثقوا بهم.
المهم أن الإنسان لا بد أن يقع في قلبه شيء من الظن بأحد من الناس لقرائن تحتف بذلك، إما لظهور علامات في وجهه يظهر من وجهه العبوس والكراهية لمقابلتك وما أشبه ذلك، أو من أحواله التي يعرفها الإنسان منه، أو من أقوال تصدر منه، فيظن به ظن السوء، وهذا إذا قامت القرينة على وجوده فلا حرج على الإنسان من أن يقوم به أي يظن ظن السوء.
فإذا سئلت: أيهما أكثر: الظن المنهي عنه أو الظن المباح؟ قلنا: الظن المباح أكثر، لأنه يشمل نوعاً كاملاً من أنواع الظن، وهو ظن الخير، ويشمل كثيراً من ظن السوء، لأنه إذا لم يكن هناك قرينة تدل على هذا الظن السيئ فإنه لا يجوز للإنسان أن يتصف بهذا الظن، ولهذا قال: (( كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ )) ولم يقل: أكثر الظن ولا كل الظن، بل قال: (( كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ )).
ثم قال: (( إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ )) وقد توحي هذه الجملة بأن أكثر الظن ليس بإثم، وهو منطبق تماماً على ما بيناه وقسمناه، أن الظن نوعان: ظن خير وظن سوء، ثم ظن السوء لا يجوز إلا إذا قامت القرينة على وجوده، ولهذا قال: (( إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ )).
فما هو الظن الذي ليس بإثم؟ نقول: هو ظن الخير، وظن السوء الذي قامت عليه القرينة هذا ليس بإثم، لأنه ظن الخير هذا هو الأصل، وظن السوء الذي قامت عليه القرينة هذا أيضاً عينته القرينة.
(( إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا )) التجسس طلب المعايب من الغير.
يعني: أن الإنسان ينظر ويتنصت ويتسمع لعله يسمع شراً من أخيه، أو لعله ينظر سوءاً من أخيه، والذي ينبغي للإنسان أن يعرض عن معايب الناس وألا يحرص على الاطلاع عليها، ولهذا روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال عليه الصلاة والسلام: ( لا يخبرني أحد عن أحد شيئاً ) يعني: شيء مما يوجب ظن السوء به ( فإني أحب أن أخرج إليكم وأنا سليم الصدر ) فلا ينبغي للإنسان أن يتجسس، بل يأخذ الناس على ظاهرهم ما لم يكن هناك قرينة تدل على خلاف ذلك الظاهر، وفي هذه الجملة من الآية قراءة أخرى: (( تحسسوا )) فقيل معناهما واحد، وقيل: بل لكل واحدة منهما معنى، وأن الفرق هو أن التجسس: أن يحاول الإنسان الاطلاع على العيب بنفسه.
والتحسس: أن يلتمسه من غيره، فيقول للناس مثلاً: ما تقولون في فلان؟ ما تقولون في فلان؟ وأما التجسس فهو الذي يحال معرفة العيبوب بنفسه، وعلى هذا فتكون القراءتان مبينتين لمعنيين كلاهما مما نهى الله عنه.
لا أنتم لا تقولوا بس ...
التجسس: أن يحاول الاطلاع على معايب الناس بنفسه.
والتحسس: أن يحاول الاطلاع على معايب الناس إيش؟ قولوا يا جماعة ؟ من غيره، فيقول مثلاً: ما تقولون في فلان، أو ما سمعتم عن فلان يطلب بذلك معايبه، لما في هذا من إشغال النفس بمعايب الآخرين، وكون الإنسان ليس له هم إلا أن يطلع على المعايب، ولهذا من ابتلي بذلك أي: بالتجسس أو بالتحسس، تجده في الحقيقة قلقاً دائماً في حياته، وينشغل بعيوب الناس عن عيوبه، ولا يهتم بنفسه، وهذا يوجد كثيراً من بعض الناس الذين يأتون إلى فلان وإلى فلان: ما تقول في كذا، ما تقول في كذا فتجد أوقاتهم ضائعة بلا فائدة، بل ضائعة بمضرة، لأن ما وقعوا فيه فهو معصية لله عز وجل، هل أنت وكيل عن الله عز وجل تبحث عن معايب عباده؟ العاقل هو الذي يتحسس عن معايب نفسه، وينظر معايب نفسه ليصلحها، لا أن ينظر إلى معايب الغير ليشيعها والعياذ بالله، ولهذا قال الله عز وجل: (( إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ )) فعلى كل حال هذه آداب وتوجيه من الله عز وجل إلى الأخلاق الفاضلة، أخلاق مأمور بها وأخلاق منهي عنها.
(( وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً )) الغيبة فسرها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: ( ذكرك أخاك بما يكره ) وهذا تفسير من الرسول عليه الصلاة والسلام وهو أعلم الناس بمراد الله تبارك وتعالى في كلامه ( ذكرك أخاك بما يكره ) سواء كان ذلك في خلقته، أو في خلقه أو أحواله، أو عقله أو في ذكائه أو في غير ذلك، المهم أن تذكره بما يكره، سواء في خلقته مثل أن تقول: فلان قبيح المنظر دميم، فيه كذا فيه كذا تريد معايب جسمه.
أو في خُلُقه، بأن تقول: فلان أحمق، سريع الغضب، سيئ التصرف، وما أشبه ذلك.
أو في خِلقته الباطنة كأن تقول: فلان بليد، فلان لا يفهم، فلان سيئ الحفظ، وما أشبهها، ورسول الله صلى الله عليه وسلم حدها بحد واضحٍ بين: ( ذكرك أخاك بما يكره، قالوا: يا رسول الله! أرأيت إن كان فيه ما أقول؟ قال: إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته ) أي: جمعت بين البهتان والغيبة.
وعلى هذا فيجب الكف عن ذكر الناس بما يكرهون، سواء كان ذلك فيهم أو ليس فيهم، يجب الكف عن هذا.
واعلم أنك إذا نشرت عيوب أخيك فإن الله سيسلط عليك من ينشر عيوبك جزاء وفاقاً لا تظن الله غافلاً عما يعمل الظالمون، بل سيسلط عليه من يعامله بمثل ما يعامل الناس.
لكن إذا كانت الغيبة للمصلحة فإنه لا بأس بها ولا حرج فيها، ولهذا لما جاءت فاطمة بنت قيس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تستشيره في رجال خطبوها، بين معايب من يرى أن فيه عيباً، فقد خطبها ثلاثة: معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه، وأبو جهم بن الحارث ، وأسامة بن زيد ، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: ( أما معاوية فصعلوك لا مال له، وأما أبو جهم فضراب للنساء، انكحي أسامة بن زيد ) فذكر النبي صلى الله عليه وسلم عيباً في هذين الرجلين للنصيحة وبيان الحق، ولا يعد هذا غيبة بلا شك، ولهذا لو جاء إنسان يستشيرك في معاملة رجل قال: فلان يريد أن يعاملني ببيع أو شراء أو إجارة أو في تزويج من خطب ابنته أو ما أشبه ذلك وأنت تعرف أن فيه عيباً فإن الواجب أن تبين له ذلك، يجب عليك أن تبين ولا يعد هذا كما يقول العامة: من قطع الرزق، بل هو من بيان الحق، فإذا عرفت أن في هذا الرجل الذي يريد أن يعامله هذا الشخص ببيع أنه مماطل كذاب محتال فقل له: يا أخي! قل: لا تبع لهذا إنه مماطل إنه محتال إنه كذاب، ربما يدعي أن في السلعة عيباً وليس فيها عيب، وربما يدعي الغبن وليس مغبوناً، وما أشبه ذلك، فتقع معه في صراع ومخاصمة.
إنسان جاء يستشيرك في شخص خطب منه ابنته، والشخص ظاهره العدالة وظاهره الاستقامة وظاهره حسن الخلق، لكنك تعرف فيه خصلة معيبة فيجب عليك أن تبين هذا، يجب أن تبين ، مثلاً: تعرف أن في هذا الرجل كذباً، تعرف أنه يشرب دخاناً لكنه يجحده ولا يبينه للناس، يجب أن تبين وتقول: والله هذا الرجل ظاهره أنه مستقيم وأنه خلوق وأنه طيب ولكن فيه العيب الفلاني، حتى لو كان هذا متجهاً إلى أن يزوجه بين له العيب، ثم هو بعد ذلك بالخيار، لأنه سيدخل على بصيرة.
فعلى كل حال: يستثنى من الغيبة: وهي ذكر الرجل بما يكره إيش؟ الأخ ؟
الطالب : ...
الشيخ : إلا إذا كان على سبيل النصيحة، وذكرنا دليل ذلك من السنة، فهل هناك دليل من عمل العلماء؟ نعم في دليل، ارجع إلى كتب الرجال مثلاً تجده مثلاً يقول: فلان بن فلان سيء الحفظ، فلان بن فلان كذوب، فلان بن فلان فيه كذا وكذا، يذكرون ما يكره من أوصافه نصيحة لله ورسوله، فإذا كان الغرض من ذكر أخيك بما يكره إذا كان الغرض النصيحة فلا بأس.
كذلك لو كان الغرض من ذلك: التظلم والتشكي فإن ذلك لا بأس به، مثل: أن يظلمك الرجل، وتأتي إلى شخص يستطيع أن يزيل هذه المظلمة فتقول: فلان أخذ مالي، فلان جحد حقي، وما أشبه ذلك لا بأس، فإن هند بن عتبة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم تشتكي زوجها أبا سفيان ، تقول: ( إنه رجل شحيح لا يعطيني ما يكفيني وولدي، فقال لها الرسول عليه الصلاة والسلام: خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف ) فذكرت وصفاً يكرهه بلا شك أبو سفيان ، ولكنه من باب إيش؟ أجيبوا
الطالب : التشكي .
الشيخ : من باب التظلم والتشكي، وقد قال الله تعالى في كتابه: (( لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ )) يعني: فله أن يجهر بالسوء من القول لإزالة مظلمته، ولكن هل يجوز مثل هذا إذا كان قصد الإنسان أن يخفف عليه وطأة الحزن والألم الذي في قلبه بحيث يحكي الحال التي حصلت على صديق له، صديقه لا يمكن أن يزيل هذه المظلمة لكنه يفرج عنه، أو لا يجوز؟ الظاهر أنه يجوز، لعموم قوله تعالى: (( لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ )) وهذا يقع كثيراً، كثيراً ما يؤذى الإنسان ويجنى عليه بجحد مال أو أخذ مال أو ما أشبه ذلك، فيأتي الرجل إلى صديقه ويقول: فلان قال في كذا قال في كذا يريد أن يبرد ما في قلبه من الألم والحسرة، أو يتكلم في ذلك مع أولاده أو مع أهله أو مع زوجته أو ما أشبه ذلك، هذا لا بأس به، لأن الظالم ليس له حرمة بالنسبة لمن؟ بالنسبة للمظلوم.
ونقتصر على هذا القدر من الكلام على هذه الآية الكريمة حتى نتفرغ للأسئلة وإلى لقاء قادم إن شاء الله تعالى .
أما بعد:
فهذا هو اللقاء العشرون بعد المائة من اللقاءات التي يعبر عنها بالباب المفتوح والتي تتم كل خميس من كل أسبوع، وهذا هو الخميس الثاني من شهر ذي القعدة عام ستة عشر وأربعمائة وألف.
نبدأ هذا اللقاء بالكلام بما يسره الله عز وجل من تفسير سورة الحجرات، قال الله تبارك وتعالى: (( يا أيها الناس إنا خلقناكم )) (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً ))
تصدير الخطاب بـ (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا )) يدل على العناية به، ولهذا روي عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال: " إذا سمعت الله يقول: (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا )) فأرعها سمعك، فإما خير تؤمر به وإما شر تنهى عنه " وإما خبر تحصل به العبرة والاتعاظ، كما قال تعالى: (( لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ )) .
وهنا يقول عز وجل: (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ )) الظن: هو أن يكون لدى الإنسان احتمالان يترجح أحدهما على الآخر، وهنا عبر الله تعالى بقوله: (( اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ )) ولم يقل: اجتنبوا الظن كله، لأن الظن ينقسم إلى قسمين:
القسم الأول: ظن خير بالإنسان، وهذا مطلوب أن تظن بإخوانك خيراً ما داموا أهلاً لذلك، وهو المسلم الذي ظاهره العدالة، فإن هذا يُظن به خيراً، ويثنى عليه بما ظهر لنا من إسلامه وأعماله.
النوع الثاني: ظن السوء، وهذا يحرم بالنسبة لمسلم ظاهره العدالة، فإنه لا يحل لأحد أن يظن به ظن السوء، كما صرح بذلك العلماء، فقالوا رحمهم الله: يحرم ظن السوء بمسلم ظاهره العدالة.
والثاني: ظن سوء بمن قامت القرينة على أنه أهلٌ لذلك، فهذا لا حرج على الإنسان أن يظن السوء به، ولهذا من الأمثال المضروبة المشهورة السائرة: " احترسوا من الناس بسوء الظن " ولكن هذا ليس على إطلاقه كما هو معلوم، وإنما المراد: احترسوا من الناس الذين هم أهل لظن السوء فلا تثقوا بهم.
المهم أن الإنسان لا بد أن يقع في قلبه شيء من الظن بأحد من الناس لقرائن تحتف بذلك، إما لظهور علامات في وجهه يظهر من وجهه العبوس والكراهية لمقابلتك وما أشبه ذلك، أو من أحواله التي يعرفها الإنسان منه، أو من أقوال تصدر منه، فيظن به ظن السوء، وهذا إذا قامت القرينة على وجوده فلا حرج على الإنسان من أن يقوم به أي يظن ظن السوء.
فإذا سئلت: أيهما أكثر: الظن المنهي عنه أو الظن المباح؟ قلنا: الظن المباح أكثر، لأنه يشمل نوعاً كاملاً من أنواع الظن، وهو ظن الخير، ويشمل كثيراً من ظن السوء، لأنه إذا لم يكن هناك قرينة تدل على هذا الظن السيئ فإنه لا يجوز للإنسان أن يتصف بهذا الظن، ولهذا قال: (( كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ )) ولم يقل: أكثر الظن ولا كل الظن، بل قال: (( كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ )).
ثم قال: (( إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ )) وقد توحي هذه الجملة بأن أكثر الظن ليس بإثم، وهو منطبق تماماً على ما بيناه وقسمناه، أن الظن نوعان: ظن خير وظن سوء، ثم ظن السوء لا يجوز إلا إذا قامت القرينة على وجوده، ولهذا قال: (( إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ )).
فما هو الظن الذي ليس بإثم؟ نقول: هو ظن الخير، وظن السوء الذي قامت عليه القرينة هذا ليس بإثم، لأنه ظن الخير هذا هو الأصل، وظن السوء الذي قامت عليه القرينة هذا أيضاً عينته القرينة.
(( إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا )) التجسس طلب المعايب من الغير.
يعني: أن الإنسان ينظر ويتنصت ويتسمع لعله يسمع شراً من أخيه، أو لعله ينظر سوءاً من أخيه، والذي ينبغي للإنسان أن يعرض عن معايب الناس وألا يحرص على الاطلاع عليها، ولهذا روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال عليه الصلاة والسلام: ( لا يخبرني أحد عن أحد شيئاً ) يعني: شيء مما يوجب ظن السوء به ( فإني أحب أن أخرج إليكم وأنا سليم الصدر ) فلا ينبغي للإنسان أن يتجسس، بل يأخذ الناس على ظاهرهم ما لم يكن هناك قرينة تدل على خلاف ذلك الظاهر، وفي هذه الجملة من الآية قراءة أخرى: (( تحسسوا )) فقيل معناهما واحد، وقيل: بل لكل واحدة منهما معنى، وأن الفرق هو أن التجسس: أن يحاول الإنسان الاطلاع على العيب بنفسه.
والتحسس: أن يلتمسه من غيره، فيقول للناس مثلاً: ما تقولون في فلان؟ ما تقولون في فلان؟ وأما التجسس فهو الذي يحال معرفة العيبوب بنفسه، وعلى هذا فتكون القراءتان مبينتين لمعنيين كلاهما مما نهى الله عنه.
لا أنتم لا تقولوا بس ...
التجسس: أن يحاول الاطلاع على معايب الناس بنفسه.
والتحسس: أن يحاول الاطلاع على معايب الناس إيش؟ قولوا يا جماعة ؟ من غيره، فيقول مثلاً: ما تقولون في فلان، أو ما سمعتم عن فلان يطلب بذلك معايبه، لما في هذا من إشغال النفس بمعايب الآخرين، وكون الإنسان ليس له هم إلا أن يطلع على المعايب، ولهذا من ابتلي بذلك أي: بالتجسس أو بالتحسس، تجده في الحقيقة قلقاً دائماً في حياته، وينشغل بعيوب الناس عن عيوبه، ولا يهتم بنفسه، وهذا يوجد كثيراً من بعض الناس الذين يأتون إلى فلان وإلى فلان: ما تقول في كذا، ما تقول في كذا فتجد أوقاتهم ضائعة بلا فائدة، بل ضائعة بمضرة، لأن ما وقعوا فيه فهو معصية لله عز وجل، هل أنت وكيل عن الله عز وجل تبحث عن معايب عباده؟ العاقل هو الذي يتحسس عن معايب نفسه، وينظر معايب نفسه ليصلحها، لا أن ينظر إلى معايب الغير ليشيعها والعياذ بالله، ولهذا قال الله عز وجل: (( إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ )) فعلى كل حال هذه آداب وتوجيه من الله عز وجل إلى الأخلاق الفاضلة، أخلاق مأمور بها وأخلاق منهي عنها.
(( وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً )) الغيبة فسرها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: ( ذكرك أخاك بما يكره ) وهذا تفسير من الرسول عليه الصلاة والسلام وهو أعلم الناس بمراد الله تبارك وتعالى في كلامه ( ذكرك أخاك بما يكره ) سواء كان ذلك في خلقته، أو في خلقه أو أحواله، أو عقله أو في ذكائه أو في غير ذلك، المهم أن تذكره بما يكره، سواء في خلقته مثل أن تقول: فلان قبيح المنظر دميم، فيه كذا فيه كذا تريد معايب جسمه.
أو في خُلُقه، بأن تقول: فلان أحمق، سريع الغضب، سيئ التصرف، وما أشبه ذلك.
أو في خِلقته الباطنة كأن تقول: فلان بليد، فلان لا يفهم، فلان سيئ الحفظ، وما أشبهها، ورسول الله صلى الله عليه وسلم حدها بحد واضحٍ بين: ( ذكرك أخاك بما يكره، قالوا: يا رسول الله! أرأيت إن كان فيه ما أقول؟ قال: إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته ) أي: جمعت بين البهتان والغيبة.
وعلى هذا فيجب الكف عن ذكر الناس بما يكرهون، سواء كان ذلك فيهم أو ليس فيهم، يجب الكف عن هذا.
واعلم أنك إذا نشرت عيوب أخيك فإن الله سيسلط عليك من ينشر عيوبك جزاء وفاقاً لا تظن الله غافلاً عما يعمل الظالمون، بل سيسلط عليه من يعامله بمثل ما يعامل الناس.
لكن إذا كانت الغيبة للمصلحة فإنه لا بأس بها ولا حرج فيها، ولهذا لما جاءت فاطمة بنت قيس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تستشيره في رجال خطبوها، بين معايب من يرى أن فيه عيباً، فقد خطبها ثلاثة: معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه، وأبو جهم بن الحارث ، وأسامة بن زيد ، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: ( أما معاوية فصعلوك لا مال له، وأما أبو جهم فضراب للنساء، انكحي أسامة بن زيد ) فذكر النبي صلى الله عليه وسلم عيباً في هذين الرجلين للنصيحة وبيان الحق، ولا يعد هذا غيبة بلا شك، ولهذا لو جاء إنسان يستشيرك في معاملة رجل قال: فلان يريد أن يعاملني ببيع أو شراء أو إجارة أو في تزويج من خطب ابنته أو ما أشبه ذلك وأنت تعرف أن فيه عيباً فإن الواجب أن تبين له ذلك، يجب عليك أن تبين ولا يعد هذا كما يقول العامة: من قطع الرزق، بل هو من بيان الحق، فإذا عرفت أن في هذا الرجل الذي يريد أن يعامله هذا الشخص ببيع أنه مماطل كذاب محتال فقل له: يا أخي! قل: لا تبع لهذا إنه مماطل إنه محتال إنه كذاب، ربما يدعي أن في السلعة عيباً وليس فيها عيب، وربما يدعي الغبن وليس مغبوناً، وما أشبه ذلك، فتقع معه في صراع ومخاصمة.
إنسان جاء يستشيرك في شخص خطب منه ابنته، والشخص ظاهره العدالة وظاهره الاستقامة وظاهره حسن الخلق، لكنك تعرف فيه خصلة معيبة فيجب عليك أن تبين هذا، يجب أن تبين ، مثلاً: تعرف أن في هذا الرجل كذباً، تعرف أنه يشرب دخاناً لكنه يجحده ولا يبينه للناس، يجب أن تبين وتقول: والله هذا الرجل ظاهره أنه مستقيم وأنه خلوق وأنه طيب ولكن فيه العيب الفلاني، حتى لو كان هذا متجهاً إلى أن يزوجه بين له العيب، ثم هو بعد ذلك بالخيار، لأنه سيدخل على بصيرة.
فعلى كل حال: يستثنى من الغيبة: وهي ذكر الرجل بما يكره إيش؟ الأخ ؟
الطالب : ...
الشيخ : إلا إذا كان على سبيل النصيحة، وذكرنا دليل ذلك من السنة، فهل هناك دليل من عمل العلماء؟ نعم في دليل، ارجع إلى كتب الرجال مثلاً تجده مثلاً يقول: فلان بن فلان سيء الحفظ، فلان بن فلان كذوب، فلان بن فلان فيه كذا وكذا، يذكرون ما يكره من أوصافه نصيحة لله ورسوله، فإذا كان الغرض من ذكر أخيك بما يكره إذا كان الغرض النصيحة فلا بأس.
كذلك لو كان الغرض من ذلك: التظلم والتشكي فإن ذلك لا بأس به، مثل: أن يظلمك الرجل، وتأتي إلى شخص يستطيع أن يزيل هذه المظلمة فتقول: فلان أخذ مالي، فلان جحد حقي، وما أشبه ذلك لا بأس، فإن هند بن عتبة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم تشتكي زوجها أبا سفيان ، تقول: ( إنه رجل شحيح لا يعطيني ما يكفيني وولدي، فقال لها الرسول عليه الصلاة والسلام: خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف ) فذكرت وصفاً يكرهه بلا شك أبو سفيان ، ولكنه من باب إيش؟ أجيبوا
الطالب : التشكي .
الشيخ : من باب التظلم والتشكي، وقد قال الله تعالى في كتابه: (( لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ )) يعني: فله أن يجهر بالسوء من القول لإزالة مظلمته، ولكن هل يجوز مثل هذا إذا كان قصد الإنسان أن يخفف عليه وطأة الحزن والألم الذي في قلبه بحيث يحكي الحال التي حصلت على صديق له، صديقه لا يمكن أن يزيل هذه المظلمة لكنه يفرج عنه، أو لا يجوز؟ الظاهر أنه يجوز، لعموم قوله تعالى: (( لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ )) وهذا يقع كثيراً، كثيراً ما يؤذى الإنسان ويجنى عليه بجحد مال أو أخذ مال أو ما أشبه ذلك، فيأتي الرجل إلى صديقه ويقول: فلان قال في كذا قال في كذا يريد أن يبرد ما في قلبه من الألم والحسرة، أو يتكلم في ذلك مع أولاده أو مع أهله أو مع زوجته أو ما أشبه ذلك، هذا لا بأس به، لأن الظالم ليس له حرمة بالنسبة لمن؟ بالنسبة للمظلوم.
ونقتصر على هذا القدر من الكلام على هذه الآية الكريمة حتى نتفرغ للأسئلة وإلى لقاء قادم إن شاء الله تعالى .
ما رأيكم في توسع الناس في الإستنابة في حج النفل .؟
السائل : عفا الله عنك: توسع الناس في الاستنابة في الحج، فما هي الطريقة السليمة أرجو بيان ذلك بوضوح؟
الشيخ : بارك الله فيك ، توسع الناس في الاستنابة في الحج أمر يؤسف له في الواقع، وقد يكون غير صحيح شرعاً، وذلك أن الاستنابة في النفل في جوازها روايتان عن الإمام أحمد ، رواية: أن الإنسان لا يجوز أن يستنيب أحداً في النفل ليحج عنه أو يعتمر عنه، سواء كان مريضاً أو صحيحاً.
وما أجدر هذه الرواية بالصحة والقوة، لأن العبادات يطلب من المكلف أن يقوم بها بنفسه، حتى يحصل له من العبادة والتذلل لله تعالى ما يحصل، وأنت ترى الفرق بين إنسان يحج بنفسه وإنسان يعطي دراهم ليحج عنه، الثاني ليس له حظ من العبادة في إصلاح قلبه وتذلله لله عز وجل، وكأنه عقد صفقة بيع وكّل فيها من يشتري له أو يبيع له.
وإذا كان مريضاً وأراد أن يستنيب في النفل، فيقال: هذا لم تأتِ به السنة وإنما جاءت السنة بالاستنابة في الفرض فقط، والفرق بين الفرض والنفل: أن الفرض أمر لازم على الإنسان، فإذا لم يستطعه بنفسه وكّل من يحج عنه أو يعتمر، لكن النفل ليس بواجب، فيقال: ما دمت مريضاً وأديت الفريضة فاحمد الله على ذلك، وابذل المال الذي تريد أن تعطيه من يحج عنك أو يعتمر، ابذله في مصارف أخرى، أعن إنساناً فقيراً لم يحج الفرض أعنه بهذا المال فهو خير لك من أن تقول: خذ هذا حج عني، ولو كنت مريضاً.
أما الفرض فالناس والحمد لله لم يتهاونوا به، لا تكاد تجد أحداً يوكل عنه من يحج فريضة إلا وهو غير قادر، وهذا جاءت به السنة كما في حديث ابن عباس رضي الله عنهما، ( أن امرأة أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله! إن فريضة الله على عباده في الحج أدركت أبي شيخاً كبيراً لا يثبت على الراحلة أفأحج عنه؟ قال: نعم، حجي عنه ) .
والخلاصة: أن الاستنابة في النفل فيها روايتان عن الإمام أحمد ، إحداهما: أنها لا تصح الاستنابة، والراوية الثانية: أنها تصح الاستنابة من القادر وغير القادر.
والأقرب للصواب بلا شك عندي: أن الاستنابة في النفل لا تصح لا للعاجز ولا للقادر، وأما الفريضة للعاجز الذي لا يرجو زوال عجزه فقد جاءت بها السنة.
الشيخ : بارك الله فيك ، توسع الناس في الاستنابة في الحج أمر يؤسف له في الواقع، وقد يكون غير صحيح شرعاً، وذلك أن الاستنابة في النفل في جوازها روايتان عن الإمام أحمد ، رواية: أن الإنسان لا يجوز أن يستنيب أحداً في النفل ليحج عنه أو يعتمر عنه، سواء كان مريضاً أو صحيحاً.
وما أجدر هذه الرواية بالصحة والقوة، لأن العبادات يطلب من المكلف أن يقوم بها بنفسه، حتى يحصل له من العبادة والتذلل لله تعالى ما يحصل، وأنت ترى الفرق بين إنسان يحج بنفسه وإنسان يعطي دراهم ليحج عنه، الثاني ليس له حظ من العبادة في إصلاح قلبه وتذلله لله عز وجل، وكأنه عقد صفقة بيع وكّل فيها من يشتري له أو يبيع له.
وإذا كان مريضاً وأراد أن يستنيب في النفل، فيقال: هذا لم تأتِ به السنة وإنما جاءت السنة بالاستنابة في الفرض فقط، والفرق بين الفرض والنفل: أن الفرض أمر لازم على الإنسان، فإذا لم يستطعه بنفسه وكّل من يحج عنه أو يعتمر، لكن النفل ليس بواجب، فيقال: ما دمت مريضاً وأديت الفريضة فاحمد الله على ذلك، وابذل المال الذي تريد أن تعطيه من يحج عنك أو يعتمر، ابذله في مصارف أخرى، أعن إنساناً فقيراً لم يحج الفرض أعنه بهذا المال فهو خير لك من أن تقول: خذ هذا حج عني، ولو كنت مريضاً.
أما الفرض فالناس والحمد لله لم يتهاونوا به، لا تكاد تجد أحداً يوكل عنه من يحج فريضة إلا وهو غير قادر، وهذا جاءت به السنة كما في حديث ابن عباس رضي الله عنهما، ( أن امرأة أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله! إن فريضة الله على عباده في الحج أدركت أبي شيخاً كبيراً لا يثبت على الراحلة أفأحج عنه؟ قال: نعم، حجي عنه ) .
والخلاصة: أن الاستنابة في النفل فيها روايتان عن الإمام أحمد ، إحداهما: أنها لا تصح الاستنابة، والراوية الثانية: أنها تصح الاستنابة من القادر وغير القادر.
والأقرب للصواب بلا شك عندي: أن الاستنابة في النفل لا تصح لا للعاجز ولا للقادر، وأما الفريضة للعاجز الذي لا يرجو زوال عجزه فقد جاءت بها السنة.
هل الكلام في أهل البدع والتحذير منهم يعتبر غيبة أم لا .؟
السائل : أحسن الله إليكم، يعني الكلام في أهل البدعة، مثل أن يقال مثلاً: أنهم يؤولون الآيات والأحاديث، أو يعني يفعلون كذا وكذا أيعتبر هذا غيبة إذا كان بين الطلبة؟
الشيخ : هل يعتبر إيش؟
السائل : غيبة؟
الشيخ : غَيبة ولا غيبة ؟
السائل : غيبة غيبة .
الشيخ : الكلام في أهل البدع ومن عندهم أفكار غير سليمة أو منهج غير مستقيم، هذا من النصيحة وليس من الغيبة، بل هو من النصيحة لله ولكتابه ولرسوله وللمسلمين، فإذا رأينا أحداً مبتدعاً ينشر بدعته، فعلينا أن نبين أنه مبتدع حتى يسلم الناس من شره، وإذا رأينا شخصاً عنده أفكار تخالف ما كان عليه السلف فعلينا أن نبين ذلك حتى لا يغتر الناس به، وإذا رأينا إنساناً له منهج معين عواقبه سيئة فعلينا أن نبين ذلك حتى يسلم الناس من شره، وهذا من باب النصيحة لله ولكتابه ورسوله ولأئمة والمسلمين وعامتهم.
السائل : شيخ التحدث إلى الطلبة فيما بينهم؟
الشيخ : سواء فيما بين الطلبة أو في المجالس الأخرى، وما دمنا نخشى من انتشار هذه البدعة أو هذا الفكر أو هذا المنهج المخالف لمنهج السلف يجب علينا أن نبين حتى لا يغتر الناس بذلك.
الشيخ : هل يعتبر إيش؟
السائل : غيبة؟
الشيخ : غَيبة ولا غيبة ؟
السائل : غيبة غيبة .
الشيخ : الكلام في أهل البدع ومن عندهم أفكار غير سليمة أو منهج غير مستقيم، هذا من النصيحة وليس من الغيبة، بل هو من النصيحة لله ولكتابه ولرسوله وللمسلمين، فإذا رأينا أحداً مبتدعاً ينشر بدعته، فعلينا أن نبين أنه مبتدع حتى يسلم الناس من شره، وإذا رأينا شخصاً عنده أفكار تخالف ما كان عليه السلف فعلينا أن نبين ذلك حتى لا يغتر الناس به، وإذا رأينا إنساناً له منهج معين عواقبه سيئة فعلينا أن نبين ذلك حتى يسلم الناس من شره، وهذا من باب النصيحة لله ولكتابه ورسوله ولأئمة والمسلمين وعامتهم.
السائل : شيخ التحدث إلى الطلبة فيما بينهم؟
الشيخ : سواء فيما بين الطلبة أو في المجالس الأخرى، وما دمنا نخشى من انتشار هذه البدعة أو هذا الفكر أو هذا المنهج المخالف لمنهج السلف يجب علينا أن نبين حتى لا يغتر الناس بذلك.
ما رأيكم فيمن ينسب بعض الأقوال إلى بعض العلماء الموثوقين لينصر رأيه.؟
السائل : شيخ حفظكم الله: كثير من الناس ينسب بعض الأقوال إلى بعض أهل العلم، إذا كان هذا العالم ممن مقبول كلامه بين الناس، فمثلاً أحدهم قال: بأنه يجوز للإنسان أن يرى المبارة أفخاذ الرجال في التلفاز وقال بأن العالم الفلاني قال ذلك، فما موقف الإنسان من هذا الرجل الذي يثير الكلام على العلماء؟
الشيخ : هذه المسألة كما تفضلت توجد كثيراً من بعض الناس لأسباب متعددة، ولكن أولاً: ننصح من سمع عن أي أحد من العلماء شيئاً يستنكره، فالواجب أن يتصل بالعالم ويقول: أنا بلغني عنك كذا وكذا هل هذا صحيح أو لا؟ إما أن يكون صحيحاً فيقول: نعم قلت ذلك، فحينئذٍ تكون مناقشة بين السائل والعالم، أو يقول: هذا كذب ولم أقله، إذا قال: هذا كذب ولم أقله، فعلى الذي سمع من شخص هذا القول الذي أنكره العالم أن يتصل بالذي نقل عن العالم هذا القول، ويقول: إنني سألته وأنكر هذا، حتى لا يبثه بين الناس، وكذلك أيضاً يبين لمن سمع من هذا الذي نقل عن العالم يبين له أن هذا غير صحيح، وأما إذا كان صحيحاً وناقشه فسوف يتبين للمناقش الحق مما يقوله العالم.
ثانياً: بالنسبة لهؤلاء الذين ينقلون أقوالاً عن العلماء الذين تقبل فتواهم، ويثق الناس بهم، هؤلاء ينقسمون يعني إلى أقسام: منهم سيئ القصد، يريد أن يضل الناس ولا يجد سبيلاً إلا إذا نسب هذه المقالة إلى عالم يرتضيه الناس، أعرفت؟ فيشيع هذا عن العالم الفلاني، مثل أن يقول: قال فلان بأن حجاب المرأة وجهها عن الأجانب ليس بواجب، فيشيعه لأنه يريد ألا تستر المرأة وجهها، لكن لو قال: إني قلت أنا أو قال فلان ممن لا يوثق به ما قبل، فينسبه إلى عالم يقبل قوله، هذا واحد، فيكون هذا الناقل عن العالم غرضه إيش؟
الطالب : سيئ.
الشيخ : هو سييء لكن غرضه إثبات القول وقبول الناس له.
ثانياً: أن يكون غرضه سيئاً بالنسبة للعالم الذي نسب القول إليه، حتى يشوه سمعته بين الناس، ويقول: هذا العالم يقول كذا وكذا كيف يصدق؟ كيف يوثق بقوله؟ وما أشبه ذلك، ومعلوم أن الناس إذا رأوا قولاً شاذاً منكراً أن سوف تهبط ثقتهم بهذا العالم.
إذان هذا الناقل عن العالم قصده سيء، إما أن يكون قصده على الوجه الأول إيش؟ إثبات ما يريده من القول السيئ، وإما أن يكون مراده إيش؟ تشويه سمعة العالم حتى لا يثق الناس به.
ثالثاً: قد ينقل الإنسان القول عن العالم وهو صادق صادق أنه قاله العالم، لكن أخطأ هذا الناقل بعرض السؤال على العالم، فعرض السؤال على وجه فهم منه العالم غير ما أراده هذا السائل، لأنه لم يحسن التعبير مثلاً، ومعلوم أن العالم سوف يفتي بحسب ما سمع، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( إنما أقضي بنحو ما أسمع ) فينقل الإنسان عن هذا العالم نقلاً خطأً بناءً على إيش؟ بناء على سؤاله حيث عرضه على العالم على وجه غير سليم.
رابعاً: أن يعرض على العالم السؤال ويجيب العالم حسب السؤال، لكن الناقل يفهم الجواب خطأً، فيكون هنا الخطأ في فهم السائل لا في عرضه السؤال، بل الخطأ في فهمه للجواب، فينقل الجواب من العالم على حسب ما فهمه، فيحصل بذلك الخطأ.
فهذه أربعة أشياء كلها من أسباب النقل عن العلماء.
ولهذا قلت لك في الأول: إذا نقل عن عالم يوثق بعلمه قولاً ينكره الإنسان فالواجب إيش؟ الاتصال بهذا العالم والتفاهم معه.
الشيخ : هذه المسألة كما تفضلت توجد كثيراً من بعض الناس لأسباب متعددة، ولكن أولاً: ننصح من سمع عن أي أحد من العلماء شيئاً يستنكره، فالواجب أن يتصل بالعالم ويقول: أنا بلغني عنك كذا وكذا هل هذا صحيح أو لا؟ إما أن يكون صحيحاً فيقول: نعم قلت ذلك، فحينئذٍ تكون مناقشة بين السائل والعالم، أو يقول: هذا كذب ولم أقله، إذا قال: هذا كذب ولم أقله، فعلى الذي سمع من شخص هذا القول الذي أنكره العالم أن يتصل بالذي نقل عن العالم هذا القول، ويقول: إنني سألته وأنكر هذا، حتى لا يبثه بين الناس، وكذلك أيضاً يبين لمن سمع من هذا الذي نقل عن العالم يبين له أن هذا غير صحيح، وأما إذا كان صحيحاً وناقشه فسوف يتبين للمناقش الحق مما يقوله العالم.
ثانياً: بالنسبة لهؤلاء الذين ينقلون أقوالاً عن العلماء الذين تقبل فتواهم، ويثق الناس بهم، هؤلاء ينقسمون يعني إلى أقسام: منهم سيئ القصد، يريد أن يضل الناس ولا يجد سبيلاً إلا إذا نسب هذه المقالة إلى عالم يرتضيه الناس، أعرفت؟ فيشيع هذا عن العالم الفلاني، مثل أن يقول: قال فلان بأن حجاب المرأة وجهها عن الأجانب ليس بواجب، فيشيعه لأنه يريد ألا تستر المرأة وجهها، لكن لو قال: إني قلت أنا أو قال فلان ممن لا يوثق به ما قبل، فينسبه إلى عالم يقبل قوله، هذا واحد، فيكون هذا الناقل عن العالم غرضه إيش؟
الطالب : سيئ.
الشيخ : هو سييء لكن غرضه إثبات القول وقبول الناس له.
ثانياً: أن يكون غرضه سيئاً بالنسبة للعالم الذي نسب القول إليه، حتى يشوه سمعته بين الناس، ويقول: هذا العالم يقول كذا وكذا كيف يصدق؟ كيف يوثق بقوله؟ وما أشبه ذلك، ومعلوم أن الناس إذا رأوا قولاً شاذاً منكراً أن سوف تهبط ثقتهم بهذا العالم.
إذان هذا الناقل عن العالم قصده سيء، إما أن يكون قصده على الوجه الأول إيش؟ إثبات ما يريده من القول السيئ، وإما أن يكون مراده إيش؟ تشويه سمعة العالم حتى لا يثق الناس به.
ثالثاً: قد ينقل الإنسان القول عن العالم وهو صادق صادق أنه قاله العالم، لكن أخطأ هذا الناقل بعرض السؤال على العالم، فعرض السؤال على وجه فهم منه العالم غير ما أراده هذا السائل، لأنه لم يحسن التعبير مثلاً، ومعلوم أن العالم سوف يفتي بحسب ما سمع، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( إنما أقضي بنحو ما أسمع ) فينقل الإنسان عن هذا العالم نقلاً خطأً بناءً على إيش؟ بناء على سؤاله حيث عرضه على العالم على وجه غير سليم.
رابعاً: أن يعرض على العالم السؤال ويجيب العالم حسب السؤال، لكن الناقل يفهم الجواب خطأً، فيكون هنا الخطأ في فهم السائل لا في عرضه السؤال، بل الخطأ في فهمه للجواب، فينقل الجواب من العالم على حسب ما فهمه، فيحصل بذلك الخطأ.
فهذه أربعة أشياء كلها من أسباب النقل عن العلماء.
ولهذا قلت لك في الأول: إذا نقل عن عالم يوثق بعلمه قولاً ينكره الإنسان فالواجب إيش؟ الاتصال بهذا العالم والتفاهم معه.
هل يجوز للحاج في أثناء الحج أن يخرج خارج الحرم كالشرائع .؟
السائل : بسم الله الرحمن الرحيم .
فضيلة الشيخ : شخص يخرج إلى الشرائع خارج الحرم أيام التشريق يزور قريباً له، فيمكث عدة ساعات ويرجع؟
الشيخ : وهو حاج ؟
السائل : وهو حاج .
الشيخ : إي قل شخص حاج .
السائل : إي نعم.
الشيخ : نعم يمكث .
السائل : يمكث عدة ساعات فيرجع .
الشيخ : لا حرج في ذلك يعني لو خرج إنسان حاج في أثناء الحج
فضيلة الشيخ : شخص يخرج إلى الشرائع خارج الحرم أيام التشريق يزور قريباً له، فيمكث عدة ساعات ويرجع؟
الشيخ : وهو حاج ؟
السائل : وهو حاج .
الشيخ : إي قل شخص حاج .
السائل : إي نعم.
الشيخ : نعم يمكث .
السائل : يمكث عدة ساعات فيرجع .
الشيخ : لا حرج في ذلك يعني لو خرج إنسان حاج في أثناء الحج
اضيفت في - 2005-08-27