سلسلة الهدى والنور-537
الشيخ محمد ناصر الالباني
سلسلة الهدى والنور
كلمة من الشيخ في بيان أن العمل الصالح لا ينفع إلا إذا توفر فيه شرطان : الإخلاص و المتابعة
الشيخ : إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله (( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون )) (( يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيرا ونساءا واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا )) (( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيما )) أما بعد فإن خير الكلام كلام الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار وبعد : فمن المعلوم عند كل مسلم مهما كان علمه وثقافته أن العمل الصالح لا يفيد صاحبه شيئاً مالم يكن مقروناً بالإيمان بالله ورسوله ذلك هو الأصل الأول من أصول الإسلام شهادة ألا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأن هذا الإيمان لا يفيد صاحبه شيئاً إذا ما أخلّ به صاحبه في جانب من جوانب الإيمان وأعظم هذه الجوانب هو الإشراك بالله تبارك وتعالى ، نوعاً من أنواع الشرك الأكبر الذي حدثنا عنه القرآن الكريم مخاطباً لنا في شخص نبينا صلى الله عليه وآله وسلم حينما قال : (( لئن أشركت ليحبطنّ عملك ولتكونن من الخاسرين )) لا يشك مسلم أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم معصومٌ أن يقع في شيء من الشرك ولذلك قلنا بأن الله عزّ وجل خاطب أمته صلى الله عليه وآله وسلم حينما خاطبه ووجه خطابه إليه بما سمعتم (( لئن أشركت ليحبطن عملك )) وكذلك العمل الصالح ولو اقترن به الإيمان النافع فهذا العمل الصالح لا ينفع صاحبه إلا إذا اقترن بها أمران اثنان وفي هذه النقطة أريد أن أجعل أو أن أدير كلمتي هذه في هذه الأمسية الطيبة إن شاء الله لقد ذهب علماء المسلمين انطلاقا من قول رب العالمين (( فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا )) فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا : فهذا أول شرط لمن يريد النجاة يوم القيام (( يوم يقوم الناس لرب العالمين )) هو أن يعمل عملا صالحا ، وقد جاءت الآيات الكريمة تترى كلما ذكرت الإيمان قرنت مع الإيمان العمل الصالح ومن أشهر ما جاء في ذلك تلك السورة التي جمعت فأوعت وهي سورة العصر : (( والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر )) ولقد كان من هدي أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم هدي طالما أصبح المسلمون الخلف قد أعرضوا عن هذه العادة الطيبة التي كان عليها الصحابة حيث كانوا إذا تفرقوا ، تفرقوا بعد أن يذكر بعضهم بعضاً بهذه السورة المباركة (( والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر )) فيجب إذا بعد أن يعلم المسلم علما يقينيا ماهو الإيمان المنجي ثم يؤمن به حقاً ،يجب عليه أن يعلم ما هو العمل الصالح حتى يتقرب به إلى الله تبارك وتعالى زلفى لقد اشترط علماء التفسير عند الآية السابقة (( فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا )) شرطين اثنين وعليهما مدار الكلام الآن أما الشرط الأول فهو أن يكون العمل الذي يريد المسلم أن يتقرب به إلى الله تبارك وتعالى على وفق السّنة مطابقاً لما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من العمل الصالح وهذا معناه أن يكون متبعاً للنبي صلى الله عليه وآله وسلم وألا يكون مبتدعاً شيئاً في سنته مهما كانت نيته صالحة يبتغي بها وجه الله فلن يفيده ذلك العمل ولو كان مقترناً بالنية الصالحة ما دام أنه خالف في عمله سنة نبيه صلى الله عليه وآله وسلم .
1 - كلمة من الشيخ في بيان أن العمل الصالح لا ينفع إلا إذا توفر فيه شرطان : الإخلاص و المتابعة أستمع حفظ
ذكر الأحاديث المحذرة من الإحداث في الدين . (الكلام على خطبة الحاجة)
الشيخ : والأدلة التي استند واعتمد عليها العلماء في وضعهم لهذا الشرط ليكون العمل صالحاً وهو الشرط الأول الأدلة الدالة على ذلك كثيرة وكثيرة جدا من أشهرها ما سمعتم آنفاً في خطبتي لهذه الجلسة وهذه الخطبة أيضاً من الأمور التي أخل بها لا أعني المسلمين كلهم وعامتهم وإنما أعني به خاصة المسلمين فإنكم لا تكادون تسمعون درساً أو محاضرة أو توجيهاً سواء كان ذلك هكذا مباشرة أو بالإذاعة أو بأي وسيلة أخرى لا تكادون تسمعون أحداً يفتتح خطبته أو درسه أو بحثه بما سمعتم آنفاً ( إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ) إلى آخر ذلك وفيه يقول الرسول عليه الصلاة والسلام : ( وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار ) هذه الخطبة يجب أن نهتم بها نحن الذين نزعم أننا نريد أن نكون هداة للناس ندعوهم إلى اتباع الكتاب والسنة وإلى العمل الصالح ثم نحن نبدأ فنخالف هذه السنة في أول دروسنا لقد كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يخطب في الصحابة هذه الخطبة وتسمى بخطبة الحاجة وقد يستعملها بعضهم في مناسبة العقد للزواج وهي محلها في كل خطبة وفي كل درس يرجو المدرس أن يصل في درسه إلى حاجته التي يبتغيها ألا وهي أن ينتفع الحاضرون بما يسمعون منه فالنبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يفتتح خطبة كلها ودروسه كلها بهذه الخطبة التي تُعرف عند العلماء بخطبة الحاجة وكان يكرر هذا الكلام في هذه الخطبة لترسخ في أذهان الصحابة وهم بالتالي ينقلونها إلى من بعدهم : ( أما بعد فإن خير الهدى هدى محمد صلى الله عليه وآله وسلم ) وفي رواية ( فإن خير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار ) يقول العلماء المحققون إنما كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يكرر هذه الخطبة بكل مناسبة ترسيخاً لهذه القاعدة العظيمة في أذهان السامعين ( كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار ) .
شرح حديث: " من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد " والفرق بين البدعة في الدين والبدعة في الدنيا
الشيخ : من الأدلة الكثيرة التي تؤيد أن يكون العمل الصالح على ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الحديث المتفق عليه بين الشيخين بين البخاري ومسلم أما الحديث الأول حديث خطبة الحاجة فهو في صحيح مسلم أما حديثنا التالي فقد اتفق البخاري مع مسلم في روايتهما إياه من حديث السيدة عائشة رضي الله تعالى عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ) في هذا الحديث بيان يحتاجه كثير من الناس الذين تلتبس عليهم البدعة الدينية بالبدعة الدنيوية وهذه نقطة يجب أن نكون على بينة منها حتى لا يختلط علينا الحق بالباطل ذلك أن الإسلام إنما جاء ليكمل العبادات ليهيء المسلمين ليكونوا سعداء في الدنيا والأخرى وذلك بأن يشرّع لهم هذه الأعمال الصالحة التي تقربهم إلى زلفى ولم يأت لإصلاح الأمور الدنيوية التي هم يصلون إليها باجتهاداتهم وبابتكاراتهم واختراعاتهم كما ترون الآن الكفار قد سبقوا المسلمين أشواطاً كثيرة في الاختراعات والابتكارات المتعلقة بتسهيل أمور الدنيا هذه الأمور المتعلقة بالأمور الدنيوية ليس لها علاقة مطلقاً بالبدعة المذمومة شرعاً هذا الحديث الثاني يوضح لنا الحديث الأول حينما قال عليه الصلاة والسلام : ( من أحدث في أمرنا هذا ) أي من أحدث في ديننا هذا ( ما ليس منه فهو رد ) على صاحبه لذلك فلا ينبغي أن يشكل على أحد من الناس كما سمعنا كثيرا وكثيرا جدا حينما نحض المسلمين جميعا إلى أن يعودوا في عباداتهم إلى سنة نبيهم صلى الله عليه وآله وسلم ونحذرهم اتباع منا له عليه الصلاة و السلام من كل محدثة في الدين كما سمعتم ( وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار ) هذا الحديث الثاني إذن يوضح أن البدعة الضلالة ما كان لها علاقة بالعبادة وبالدين ( من أحدث في أمرنا هذا ) أي في ديننا هذا ( ما ليس منه فهو رد ) ولأمر ما نحن ننتمي إلى السلف الصالح ذلك لعلي في الجلسة السابقة تعرضت لهذا الجانب أن السلف هم الذين تلقوا القرآن وحديث الرسول عليه السلام من فمه غضا طريا هم تلقوه من الرسول عليه الصلاة والسلام مطبقاً عمليا فهم الذين فهموه فهماً صحيحاً بالتالي وجب علينا أن نفهم أمر ديننا من كتاب ربنا ومن سنة نبينا وتطبيق علماء السلف لهذه السنة .
3 - شرح حديث: " من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد " والفرق بين البدعة في الدين والبدعة في الدنيا أستمع حفظ
هل في الدين بدعة حسنة أم أن كل بدعة ضلالة .؟ وكيف كان موقف السلف الصالح من البدع.؟
الشيخ : هنا نحن نقول في قوله عليه السلام : ( كل بدعة ضلالة ) جاء عن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما قوله الذي يعتبر مفسراً لهذا العموم (كل بدعة ضلالة ) قال ابن عمر مفسرا وموضحا ومبينا : " وإن رآها الناس حسنة " كل بدعة ضلالة وإن رآها الناس حسنة وهذا يلفت نظرنا إلى مسألة طالما سمعناها انحرف القائلون بها عن سنة نبينا صلى الله عليه وآله وسلم ولعلي أتعرض إلى هذا فيما بعد وقريبا إن شاء الله فإني أريد أن أذكركم بتتمة لبعض هذه النصوص التي تؤكد لكم هذه القاعدة العظيمة جدا جدا (كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار ) وبخاصة بعد تفسير ابن عمر لها بقوله "وإن رآها الناس حسنة " أظن أن الكثيرين منكم قرأ أو سمع حديث العرباض بن سارية رضي الله تعالى عنه قال : ( وعظنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم موعظة وجلت منها القلوب وذرفت منها العيون فقلنا : يا رسول الله أوصنا قال: أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن ولّي عليكم عبد حبشي وإنه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة )، هنا لا توجد زيادة ( وكل ضلالة في النار ) وإنما هي في الحديث الأول حديث خطبة الحاجة الشاهد من هذا الحديث أنه يفيدنا فائدة جديدة لم تذكر في الأحاديث السابقة وهكذا يجب على كل باحث فقيه يريد أن يتفقه في السنة أن يلمّ وأن يجمع كل الأحاديث الواردة في الموضوع الواحد حتى يخرج من هذا الجمع بقضية كاملة لا نقص فيها هنا يقول الرسول عليه السلام مخبراً لنا بقوله : ( وإنه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا ) كأن سائلاً سأل والواقع أنه ما سأل لأن الله عزّ وجل يلهم نبيه صلى الله عليه وآله وسلم أن يجيب قبل أن يُسأل كأن سائل سأل : يا رسول الله إذا نحن رأينا هذا الخلاف الذي أنت تخبرنا به بقولك ( وإنه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا ) فماذا نفعل يا رسول الله ؟ إذا رأينا هذا الاختلاف الكثير فماذا نفعل ؟ فأجابهم عليه الصلاة والسلام دون أن يسألوه كما ذكرنا ( فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي ... ) إلى آخر الحديث إذا المخلص من أي فرقة ومن أي خلاف يقع بين المسلمين هو اللجؤ إلى سبيل المؤمنين الأولين حيث قال عليه السلام بلسان عربي مبين : فإذا رأيتم الخلاف فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي فهل المسلمون اليوم إذا ما وقعوا في مسألة خلافية رجعوا فيها إلى الائتمار بأمره عليه السلام هذا وغيره مما جاء في القرآن وفي السنة فإذا رأيتم خلافاً فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي الجواب مع الأسف: قلّ من يفعل ذلك من المسلمين وهم الذين يحرصون أشد الحرص على أمرين اثنين لا انفصام ولا انفصال بينهما ألا وهو معرفة السنة التي كان عليها الرسول صلى الله عليه وسلم أولاً ثم الحرص كل الحرص على تطبيقها ثانيا في أنفسهم ثم فيمن يلوذ بهم ثم فيمن يعيشون حوله وهكذا ، الآن نحن في مسألة واحدة وهي أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ذم ذماً عاماً كل بدعة في الدين فهل المسلمون وقفوا عند هذا الذم العام لكل بدعة في العبادة في الإسلام أم اختلفوا ؟ الواقع أنهم اختلفوا لأنني اعتقد أن من كان منكم من طلاب العلم بل ومن كان سامعاً للعلم ائتماراً منه بالأثر الوارد عن معاذ بن جبل رضي الله تعالى عنه حين قال : " كن عالماً أو متعلما أو مستمعاً ولا تكن الرابعة فتهلك " فلا بد أنكم إما أنكم من طلاب العلم أو على الأقل من الذين يجلسون في مجالس العلم أنكم سمعتم يوماً ما مقولة تقال في مثل هذه المناسبة " ما رآه المسلمون حسنا فهو حسن " ويضاف إلى ذلك أن بعضهم يقول : لا يا أخي هناك في الإسلام بدعة حسنة فكيف أنت تقول ( كل بدعة ضلالة ) هذه النقطة يجب أن يكون المسلم الذي يريد فعلا أن يأتمر بالآية التي نحن في صدد بيانها (( فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا )) فإن البدعة الدخيلة في الإسلام ليست من الإسلام في شيء وبطبيعة الحال ليس من العمل الصالح في شيء فإذا الإنسان المسلم تقرّب إلى الله عز وجل بما لم يشرعه الله على لسان رسول الله فذلك يكون عملاً غير صالح وبالتالي يكون عملاً غير مرجو النجاة يوم القيامة به .
الرد على شبهة المجوزين للبدع وتقسيمهم البدعة إلى حسنة وسيئة؟ (وبيان ضعف حديث: ما رآه المسلمون حسنا فهو حسن)
الشيخ : فهنا شبهتان تُذكران بهذه المناسبة الأولى ذكرتها مع الأخرى " ما رآه المسلمون حسنا فهو حسن " فما يكاد العالم البصير في دينه ينكر أمرا يعلم أن هذا الأمر ليس من الإسلام في شيء إلا جوبه بقوله يا أخي المسلمون هنا هكذا يفعلون وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ما رآه المسلمون حسناً فهو عند الله حسن )، وقد يحتج بعضهم بحديث آخر والحديث الأول لا يصح حتى لا يفوتني ولي عودة إليه أما الحديث الآخر فهو صحيح ولكن لا يصح الاستدلال به على معارضة قوله عليه السلام في الأحاديث السابقة ( كل بدعة ضلالة ) ( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ) وحديث العرباض بن سارية وغير ذلك ، هذا الحديث الثاني هو قوله عليه السلام ( من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة دون أن ينقص من أجورهم شيء ومن سن في الإسلام سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة دون أن ينقص من أوزارهم شيء ) هذا حديث صحيح أما الحديث الأول فهو غير صحيح ومع ذلك فلكل من الحديثين معنى غير المعنى الذي يركن إليه الذين يضربون بهذا المعنى ، القاعدة الجوهرية التي كان الرسول عليه السلام يذكر بها أصحابه بين يدي كل خطبة أما الحديث الأول ( ما رآه المسلمون حسناً فهو عند الله حسن ) نبحث الآن في الحديث من الناحية الحديثية ثم نثني عليه للكلام في الناحية الفقهية منه، أما الناحية الحديثية فالحديث أخرجه الإمام أحمد في مسنده من طريق أبي داوود الطيالسي وهذا أيضا في مسنده كلاهما بإسناد حسن عن عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه قال هو ولم يقل قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث الذي سمعتم مصدره من مسندي أبي داود الطيالسي وأحمد بن حنبل الشيباني: " إن الله تبارك وتعالى بعث محمدا رسولا وجعل له وزراء وأنصارا فما رآه المسلمون حسنا فهو عن الله حسن " أظن من كان منكم يعلم شيئاً من اللغة العربية وآدابها سيفهم ما أقوله بسرعة واضحة ال فما رآه المسلمون ال هنا في اصطلاح العلماء إما أن يكون هذا الحرف للاستغراق والشمول فيشمل كل المسلمين في كل العصور وفي كل الدهور وإما أن يكون هذا الحرف هنا ال للتعريف ما يسمى عندهم بأل العهد وهذا يفيد التخصيص ولا يفيد العموم والشمول وهذا المعنى الثاني هو المقصود في هذا الحديث الموقوف على ابن مسعود لماذا؟ لأن السباق الذي بعده جاء هذا السياق هو يتحدث عن أصحاب الرسول عليه السلام لأنه بعد أن ذكر أن الله عز وجل بعث محمداً رسولاً قال : "جعل له وزراءا وأنصارا " إذاً هؤلاء الوزراء والأنصار هم المقصودون في قوله فما رآه المسلمون حسناً فهو عند الله حسن وبخاصة أنه ذكر هذا الحديث الموقوف عليه بمناسبة اختيار أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم أبا بكر الصديق خليفة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: " فما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن " أي ما دام أن المسلمين اختاروا أبا بكر خليفة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ورؤوا أمراً حسناً بل واجباً فهو عند الله حسن وحينئذ يكون الحديث هذا الموقوف ليس له علاقة مطلقاً بموضوع ما رآه جماعة من المسلمين في عصر من العصور حسنا كلا ثم كلا ليس لهذا الحديث على أنه موقوف أكرر على مسامعكم أن هذا الحديث لا يجوز للمسلم أن يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما رآه المسلمون إلخ، وإنما يقول قال صحابي رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن مسعود: "ما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن " ويفسره على هذا النحو الذي ذكرت لكم هذا النحو الذي دلت عليه المناسبة التي فيها ذكر هذا الحديث الموقوف أولا ثم المسلمون ال للعهد أي الذين ذكروا قبل قوله : ما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن حينئذ يكون هذا الحديث يلتقي تماما مع آية في القرآن الكريم ألا وهي قول رب العالمين : (( ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا )) أي ما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن أي هؤلاء المسلمون الذين ذكروا في هذه الآية أن أحدا إذا خالف سبيل المسلمين كما لو خالف سيد المرسلين وأظن أيضا تعرضت لهذه الآية في الجلسة السابقة : (( ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين )) أي يخالف السبيل التي كان عليها السلف الأول السلف الصالح فهل كان السلف الصالح يرون أن في الإسلام عبادة لم يشرعها الرسول عليه الصلاة والسلام ولا فعلها الصحابة الكرام ومع ذلك يجوز للمسلم أن يتقرب بها إلى الله تبارك و تعالى؟ الجواب لا وبخاصة وقد ذكرنا لكم قول ابن عمر في توضيح قوله عليه الصلاة والسلام : ( كل بدعة ضلالة ) قال ابن عمر : " وإن رآها الناس حسنة " أما الأقوال الأخرى التي أثرت ورويت عن أصحاب النبي الله صلى الله عليه وسلم تأكيدا منهم بأقوالهم وبأفعالهم في هذه القاعدة العامة كل بدعة ضلالة فهي أشياء كثيرة وكثيرة جدا لا يمكن إحصاؤها في هذه الجلسة ولكن لا بأس بالتذكير ببعضها ابن مسعود رضي الله تعالى عنه الذي هو من كبار علماء الصحابة وقرائهم بخاصة حيث صحّ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( من أحب أن يقرأ القرآن غضا طريا كما أنزل فليقرأه على قراءة ابن أم عبد ) هو عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه هذا الصحابي الجليل الذي من فضله أن فقه الإمام أبي حنيفة أول الأئمة الأربعة رحمهم الله تبارك وتعالى فقه هذا الإمام أكثره قائم على أحاديث وفتاوى ابن مسعود ماذا قال هذا الصحابي الجليل قال : " اتبعوا اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتم عليكم بالأمر العتيق " هذه الحقيقة نصيحة عالم ما أحوجنا نحن أن ننصح أنفسنا بها اتبعوا أي النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه لأنهم هم الذين يمثلون سبيل المؤمنين أول من يمثل هذه السبيل هم أصحاب الرسول عليه السلام وعلى رأسهم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ابن مسعود اتبعوا ولا تبتدعوا لماذا ؟ فقد كفيتم عليكم بالأمر العتيق قد كفيتم يشير بهذا إلى نصوص في الكتاب والسنة منها الآية المشهوة ألا وهي قوله تبارك وتعالى : (( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا )) اليوم أكملت لكم دينكم إذا فقد كفيتم لقد جاء الله عزّ وجل بهذا القرآن وببيان الرسول عليه الصلاة والسلام بكل ما يحتاجه المسلمون من العبادات ولذلك لا قياس في العبادة القياس هو الأصل الرابع من الأصول الأربعة عند جماهير العلماء الكتاب والسنة والإجماع الصحيح والقياس لكن هذا الأصل الرابع وهو القياس لا يجوز أن يصار إليه في العبادات ذلك لأن العبادات محصورة بخلاف الحوادث التي تقع للناس فهي لا يمكن أن تنتهي فلذلك كان الرأي الراجح عند العلماء أن القياس مصدر بل هو المصدر الرابع من مصادر الشريعة لكن هذا القياس لا يعمل عمله في توسيع دائرة العبادة لأن الله عز وجل قد أكمل تشريع العبادات بتمامها ولذلك قال عليه الصلاة والسلام حديثين اثنين الحديث الأول في صحيح مسلم : ( ما بعث الله نبيا إلا وكان حقا عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم ) ما بعث الله نبيا إلا كان حقا أي واجبا لازما عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم ترى هل قام رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا الواجب؟ لاشك أنه قام به خير قيام وقد قال ربنا عز وجل له في القرآن : (( يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس )) الحديث الثاني وهو أمس بموضوعنا من الحديث الأول ألا وهو قوله عليه الصلاة والسلام : ( ما تركت شيئا يقربكم إلى الله إلا وأمرتكم به وما تركت شيئا يبعدكم عن الله ويقربكم إلى النار إلا ونهيتكم عنه ) رواه الإمام الشافعي في مسنده أو في سننه إذن صدق الله حينما قال : (( اليوم أكملت لكم دينكم )) الدين هو ما يتدين به الإنسان ويتقرب به إلى رب الأنام إذا قد صدق ابن مسعود حينما قال في الأثر السابق : " فقد كفيتم " أي لماذا تتعبون أنفسكم بابتداعكم العبادات في الدين وقد كفاكم رب العالمين بأن أرسل إليكم رسول مبينا موضحا كل ما أنتم بحاجة إليه من عبادات تفصيليا لا حاجة للقياس فيها إطلاقا وبخاصة إذا ما كان هذا القياس مخالفا للنصوص الصريحة المتقدمة آنفا والآثار الثابتة عن السلف الصالح ثانيا ومنها قول ابن مسعود رضي الله عنه : " اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتم فعليكم بالأمر العتيق " هذا قوله .
5 - الرد على شبهة المجوزين للبدع وتقسيمهم البدعة إلى حسنة وسيئة؟ (وبيان ضعف حديث: ما رآه المسلمون حسنا فهو حسن) أستمع حفظ
نماذج من البدع (قصة أبي موسى الأشعري وابن مسعود في القوم الذين كانوا يسبحون بالحصى)
الشيخ : ويحسن أن نقدم إليكم مثلا يمس حيات كثير من المتعبدين اليوم بحسن نية ولكن بسوء عمل سوء العمل هو الابتداع في الدين اسمعوا القصة التالية القصة يرويها الإمام الدارمي في سننه بإسناده الصحيح " أن أبا موسى الأشعري جاء صباح يوم إلى دار عبد الله بن مسعود فوجد الناس ينتظرونه قال لهم : أخرج أبو عبد الرحمن عبد الله بن مسعود كنيته أبو عبد الرحمن قالوا له : لا فجلس ينتظره إلى أن خرج فقال له : يا أبا عبد الرحمن لقد رأيت في المسجد آنفا شيئا أنكرته " وأرجو الانتباه إلى هذه الكلمة والتي تليها " رأيت في المسجد آنفا شيئا أنكرته ومع ذلك لم أر إلا خيرا " كيف يجتمعان؟ رآى خيرا ومع ذلك أنكره حق له ذلك لأنه رآى عبادة لم يرها في عهد النبي صلى الله عليه وسلم " قال له : ماذا رأيت قال : إن عشت فستراه رأيت في المسجد أناسا حلقا حلقا وفي وسط كل حلقة منها رجل يقول لمن حوله : سبحوا كذا احمدوا كذا كبروا كذا وأمام كل رجل منهم حصى يعد بها التسبيح والتكبير والتحميد قال ابن مسعود : أفلا أنكرت عليهم؟ قال : لا انتظار أمرك أو انتظار رأيك قال أفلا أنكرت عليهم وأمرتهم أن يعدوا سيئاتهم فلن تضيع من حسناتهم عند الله شيء (( أحصى كل شيء عددا )) قال : لا انتظار أمرك أو انتظار رأيك عاد ابن مسعود إلى داره وخرج متلثما " هكذا " وانطلق إلى المسجد حتى لا يرى ووقف عند الحلقات فرآى ما وصف له أبو موسى فكشف عن وجهه اللثام وقال لهم ويحكم ما هذا الذي تصنعون؟ أنا عبد الله بن مسعود صحابي رسول الله صلى الله عليه وسلم لما عرفوه قالوا يا أبا عبد الرحمن حصى حصى " يعني شغلة بسيطة " حصى نعد به التسبيح والتكبير والتحميد قال : عدوا سيئاتكم وأنا ضامن لكم ألا يضيع من حسناتكم شيء ويحكم ما أسرع هلكتكم هذه ثيابه صلى الله عليه وسلم لم تبل وهذه آنيته لم تكسر " أي إن النبي صلى الله عليه وسلم حديث عهد بمفارقة الأصحاب فما آن لكم أن تحدثوا في الدين ما لم يكن معروفا في عهده عليه الصلاة والسلام فأجابوه والحق أن هذا الجواب هو لسان أكثر المتعبدين ولكن على غير هدى من ربهم نفوسهم طيبة ونواياهم حسنة ولكنهم لما خالفوا سنة الرسول عليه السلام ما أجروا إن لم يكن قد وزروا قالوا ماذا؟ " قالوا والله يا أبا عبد الرحمن ما أردنا إلا الخير " ترى هل تغني النية الصالحة عن العمل الصالح؟ أي أن يكون عمل الإنسان غير صالح لكن نيته صالحة يكفي؟ لا يكفي وهنا بيت القصيد (( فمن كان يرجوا لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا )) كما أن النية الصالحة لا تشفع للعمل الطالح فيجعله صالحا كذلك إذا كان العمل صالحا موافقا للسنة ولكن النية غير صالحة لا يفيده هذا العمل الصالح شيئا إطلاقا فلابد من اجتماع الشرطين المذكورين لما قال أولئك الناس لابن مسعود وهم صادقون فيما يقولون " والله يا أبا عبد الرحمن ما أردنا إلا الخير قال : وكم من مريد للخير لا يصيبه " هذه حقيقة مرة وكم من مريد للخير لا يصيبه أي من أراد الخير اتخذ سبيله سلك السبيل الذي يوصل إلى الخير كما قال عليه الصلاة والسلام مؤكدا لكلمة ابن مسعود بل والله أعلم والآن هذه خاطرة بدرت لي لأول مرة في حياتي والله أعلم أن ابن مسعود أخذ هذه الكلمة من حديثه الذي رواه عن الرسول عليه والسلام ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان بين أصحابه يوما فخط لهم على الأرض خطا مستقيما وقرأ الآية الكريمة (( وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبع السبل فتفرق بكم عن سبيله )) وخط خطوطا عن يمين الخط المستقيم ويساره وقال عليه السلام موضحا للخط المستقيم هذا صراط الله وهذه طرق على جنبي الطريق المستقيم وعلى رأس كل طريق منها شيطان يدعوا الناس إليه ) وهذا الحديث يجب أن نأخذ عبرة ما يكفي المسلم أن يعيش هكذا سبهللة فلتان في الحياة أيها الناس اتبعوا الناس لا أيها الناس اتبعوا سيد الناس أي عليكم أن تعرفوا سنة نبيكم صلى الله عليه وسلم في أمور حياتكم الدينية كلها سواء ما كان منها عقيدة أو ما كان منها عبادة أو ما كان منها سلوكا كل ذلك يجب أن يكون معلوما عند كل مسلم يرجو النجاة يوم القيامة كما قلنا آنفا فالظاهر أن ابن مسعود لما قال لهم وكم من مريد للخير لا يصيبه ! يشير إلى هذا الحديث أنهم ما سلكوا الطريق المستقيم وإذن فهم سوف لا يصلون كما قال الشاعر القديم :
" ترجو النجاة ولم تسلك مسالكها *** إن السفينة لا تجري على اليبس " ، فإذن الذي يرجو النجاة يجب أن يتمسك بسفينة النجاة وهي ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الهدى والنور قال " وكم من مريد للخير لا يصيبه إن محمدا صلى الله عليه وسلم حدثنا فقال : ( سيكون في أمتي أقوام يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ) " سيكون في أمتي أقوام يمرقون من الدين بسرعة غريبة جدا كما يمرق السهم من الرمية أي من الدابة المرمية العبرة من هذه القصة في خاتمتها " قال الذي حدث بهذه القصة فقد رأيت أولئك الأقوام " أي أصحاب الحلقات حلقات الذكر غير المشروع " قال فقد رأينا أولئك الأقوام يقاتلوننا يوم النهروان " وما معنا هذا الكلام؟ أصحاب الذكر غير المشروع هذه البدعة الصغيرة أودت بهم إلى البدعة الكبيرة وهي الخروج على علي بن أبي طالب الخليفة الراشد ومقاتلتهم له فما كان منه ولم يسعه إلا أن يقاتلهم حتى استأصل شأفتهم ولم ينجوا منهم إلا رجلين أو ثلاثة لذلك اقتبسنا من هذه القصة شبيه ما يذكره بعض الفقهاء " أن الذنوب الصغائر بريد الكبائر " الذنوب الصغائر إذا ما استمر عليها المسلم وأصر عليها فستكون عاقبة أمرها أن توصله إلى الذنوب الكبائر كذلك البدع الصغائر التي يستسهلها بعض الناس وبقولولك يا أخي شو فيها هي لا يفكر تماما كما قال بعض الفقهاء أيضا " لا تستصغر المعصية فإنها عظيمة حينما تتذكر عظمة الله تبارك وتعالى وأنه قد نهاك عنها فيجب أن تنتهي عنها " كذلك أيها المبتلى في بعض البدع تتقرب بها إلى الله تبارك وتعالى لا تقل شو فيها فيها أن الإسلام قد كمل فإذا ما قلت هذه بدعة حسنة فمعنى ذلك أنك تستدرك على هذا الرب الذي أنزل في القرآن الكريم (( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا )) وانطلقوا الآن إلى المسجد من شاء منكم وبعد الصلاة إن شاء الله نفتح باب الأسئلة حول هذا الموضوع أو أي موضوع آخر ولي كلمة فيما بعد الصلاة إن شاء الله قصيرة كما أرجو اتماما لهذا الموضوع فانصرفوا راشدين بقي في نفسي كلمات أرجو أن تكون قليلات حتى نفسح المجال لتلقي بعض الأسئلة حول الموضوع السابق إن كان هناك سائل أو حول غيره .
" ترجو النجاة ولم تسلك مسالكها *** إن السفينة لا تجري على اليبس " ، فإذن الذي يرجو النجاة يجب أن يتمسك بسفينة النجاة وهي ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الهدى والنور قال " وكم من مريد للخير لا يصيبه إن محمدا صلى الله عليه وسلم حدثنا فقال : ( سيكون في أمتي أقوام يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ) " سيكون في أمتي أقوام يمرقون من الدين بسرعة غريبة جدا كما يمرق السهم من الرمية أي من الدابة المرمية العبرة من هذه القصة في خاتمتها " قال الذي حدث بهذه القصة فقد رأيت أولئك الأقوام " أي أصحاب الحلقات حلقات الذكر غير المشروع " قال فقد رأينا أولئك الأقوام يقاتلوننا يوم النهروان " وما معنا هذا الكلام؟ أصحاب الذكر غير المشروع هذه البدعة الصغيرة أودت بهم إلى البدعة الكبيرة وهي الخروج على علي بن أبي طالب الخليفة الراشد ومقاتلتهم له فما كان منه ولم يسعه إلا أن يقاتلهم حتى استأصل شأفتهم ولم ينجوا منهم إلا رجلين أو ثلاثة لذلك اقتبسنا من هذه القصة شبيه ما يذكره بعض الفقهاء " أن الذنوب الصغائر بريد الكبائر " الذنوب الصغائر إذا ما استمر عليها المسلم وأصر عليها فستكون عاقبة أمرها أن توصله إلى الذنوب الكبائر كذلك البدع الصغائر التي يستسهلها بعض الناس وبقولولك يا أخي شو فيها هي لا يفكر تماما كما قال بعض الفقهاء أيضا " لا تستصغر المعصية فإنها عظيمة حينما تتذكر عظمة الله تبارك وتعالى وأنه قد نهاك عنها فيجب أن تنتهي عنها " كذلك أيها المبتلى في بعض البدع تتقرب بها إلى الله تبارك وتعالى لا تقل شو فيها فيها أن الإسلام قد كمل فإذا ما قلت هذه بدعة حسنة فمعنى ذلك أنك تستدرك على هذا الرب الذي أنزل في القرآن الكريم (( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا )) وانطلقوا الآن إلى المسجد من شاء منكم وبعد الصلاة إن شاء الله نفتح باب الأسئلة حول هذا الموضوع أو أي موضوع آخر ولي كلمة فيما بعد الصلاة إن شاء الله قصيرة كما أرجو اتماما لهذا الموضوع فانصرفوا راشدين بقي في نفسي كلمات أرجو أن تكون قليلات حتى نفسح المجال لتلقي بعض الأسئلة حول الموضوع السابق إن كان هناك سائل أو حول غيره .
بيان خطر البدع في المجتمع .
الشيخ : ذكرت لكم آنفا أكثر من مرة في تضاعيف كلمتي الآية الكريمة (( اليوم أكملت لكم دينكم )) الخ الذي أريد أن أثني على ما مضى من البيان والكلام تنبيه الحاضرين إلى ألا ينظروا إلى هذه المسألة بنظرة اللامبالاة وقلة الاهتمام والتي قد يعبر عن ذلك بعض الناس بقولهم هذه يا أخي مسائل فرعية بل قد يقول بعضهم هذه من القشور وليست من اللباب فلا تشغلونا بالقشور عن اللباب ولا تشغلونا بالتوافه من الأمور عن مهامها فأقول تحذيرا ونصحا والدين النصيحة كما تعلمون لا يجوز أن يصدر شيء من هذا الكلام من مسلم بعد أن نُبّه على خطورة هذه القاعدة وهي قوله عليه السلام : ( كل بدعة ضلالة و كل ضلالة في النار ) مع ذاك البيان .
اضيفت في - 2004-08-16