سلسلة لقاء الباب المفتوح-132a
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
سلسلة لقاء الباب المفتوح
تفسير سورة (ق) الآيات (10- 13) وآيات اخرى مختارة وما يستفاد منها .
الشيخ : الحمد لله رب العالمين -فاتحه- الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على نبينا محمد خاتم النبيين وإمام المتقين وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين
أما بعد :
فهذا هو اللقاء الثاني والثلاثون بعد المائة من لقاء الباب المفتوح والذي يتم في كل يوم خميس من كل أسبوع ما لم يكن هناك مانع وهذا الخميس هو الرابع والعشرون من شهر ربيع الأول سنة 1417 نبتدئ هذا اللقاء بما تيسر من الكلام على آيات من سورة ق هي قوله تعالى : (( وَنَزَّلْنَا مِنْ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكاً فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ * وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ * رِزْقاً لِلْعِبَادِ )) يقول تعالى : ((وَنَزَّلْنَا )) لأن المطر ينزل شيئا فشيئا وربما يعبر عنه بـأنزل لأنه تجري به الأودية والشعاب
وقوله : (( مِنْ السَّمَاءِ )) أي : من العلو لأن هذا المطر ينزل من السحاب وليس من السماء التي هي السقف المحفوظ بدليل قوله تعالى : (( وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ )) إذن هو ينزل من العلو والحكمة في إنزاله من العلو ليشمل قمم الجبال ومراتع الإبل والسهل والأودية لأنه لو جاء يمشي سيحا على الأرض ما وصل إلى قمم الجبال ولكن الله عز وجل جعله من فوق
وقوله : (( مَاءً مُبَارَكاً )) من بركته أنه ينبت الله (( بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ )) الجنات هي البساتين كثيرة الأشجار وسميت البساتين كثيرة الأشجار جنات لأنها تجن أي : تستر ما تحتها وكل بستان ذو شجر ملتف بعضه إلى بعض يسمى جنة وأما قوله : (( وَحَبَّ الْحَصِيدِ )) يعني به الزروع التي تحصد فذكر الله هنا الأشجار والزروع فمن الأشجار تجذ الثمار ومن الزروع تحصد الحبوب (( وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ )) خص الله النخل بأنها أشرف الأشجار ولهذا شبه بها المؤمن حيث قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( إن من الشجر شجرة مثلها مثل المؤمن ) قال ابن عمر رضي الله عنهما : ( فذهب الناس يخوضون في شجر البوادي كل يقول : هي الشجرة الفلانية يقول ابن عمر : فوقع في قلبي أنها النخلة لكني كنت أصغر القوم ) يعني فاستحيا أن يتكلم وهو أصغرهم فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( هي النخلة ) وهي الشجرة المذكورة في قول الله تعالى : (( أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ )) فلهذا خصها هنا بالذكر فقال : (( وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ )) أي : عاليات (( لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ )) أي : منضود فالطلع في شماريخه تجده منضودا من أحسن ما يكون من النضد ومع ذلك تجد هذه الثمرات تسقى بالشمراخ الدقيق اللين مع أنه قد يكون فيه أحيانا فوق ثلاثين حبة أو أكثر
(( لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ رِزْقاً لِلْعِبَادِ )) أي : فعلنا ذلك أنزلنا من السماء ماء (( فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ * وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ )) فَعَلْنا ذلك (( رِزْقاً لِلْعِبَادِ )) أي : عطاء وفضلا للعباد والعباد هنا يشمل العباد المؤمنين والعباد الكافرين لأن الكافر عبد لله كما قال الله تعالى : (( إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْداً )) والمراد هنا العبودية الكونية القدرية أما العبودية الشرعية فلا يكون عبدا لله إلا من كان ممتثلا لأمره مجتنبا لنهيه مصدقا بخبره إذن (( لِلْعِبَادِ )) يشمل الكفار والمؤمنين
(( وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً )) (( وَأَحْيَيْنَا بِهِ )) أي : بالماء الذي نزلناه من السماء (( بَلْدَةً مَيْتاً )) بلدة لما كانت مؤنثة اللفظ مذكرة المعنى صح أن توصف بوصف مذكر (( بَلْدَةً مَيْتاً )) أي : بلدا ميتا أحياه بهذا الماء الذي نزل من السماء كيف إحياؤه ؟ تجد الأرض هامدة خاشعة ليس فيها نبات فإذا أنزل الله المطر عجت بالنبات واخضرت وازدهرت فهذه حياة بعد الموت
(( كَذَلِكَ الْخُرُوجُ )) أي : مثل ذلك الإحياء الخروج خروج الناس من قبورهم لله عز وجل وإنما ذكر الله تعالى الخروج لأن من عباد الله من أنكر ذلك (( زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا )) وحجتهم أنهم قالوا : (( مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ )) كيف تحيي العظام بعد أن رمت وصارت ترابا ؟ هذا مستنكر عندهم وبعيد ولكن الله سبحانه وتعالى بين أنه ليس ببعيد وأنه كما يشاهدون الأرض الميتة ينزل عليها المطر فتحيا إذن فالقادر على إحياء الأرض بعد موتها بنزول المطر قادر على إحياء الأموات بعد موتها وهذا قياس جلي واضح
(( كَذَلِكَ الخُرُوج كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحَابُ الرَّسِّ وَثَمُودُ * وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ وَإِخْوَانُ لُوطٍ * وَأَصْحَابُ الأَيْكَةِ وَقَوْمُ تُبَّعٍ )) ذكر الله هؤلاء المكذبين لفائدتين
الفائدة الأولى : تسلية الرسول صلى الله عليه وسلم بأنه ليس أول رسول كذب بل قد كذبت الرسل من قبله كما قال تعالى : (( مَا يُقَالُ لَكَ إِلَّا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ )) قيل : إنه شاعر وقيل : إنه مجنون وقيل : إنه كاهن وقد قال الله تعالى : (( كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ )) هذه فائدة لذكر قصص الأمم السابقة وهي إيش ؟ تسلية النبي صلى الله عليه وسلم لأن الإنسان إذا رأى غيره قد أصيب بمثل مصيبته يتسلى بلا شك وتهون عليه المصيبة
الفائدة الثانية : تحذير المكذبين للرسول صلى الله عليه وسلم ولهذا قال في آخر ما ذكر: (( كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ )) أي : حق عليهم وعيد الله بالعذاب وقد قال عز وجل : (( فَكُلّاً أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ )) أي : كل واحد من هذه الأمم جوزي بمثل ذنبه فعوقب بمثل ذنبه مثلا (( كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحَابُ الرَّسِّ وَثَمُودُ )) قوم نوح كذبوا نوحا عليه الصلاة والسلام وقد لبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما يعني تسعمائة وخمسون سنة وهو يدعوهم إلى الله عز وجل ولكن لم يستفيدوا من ذلك شيئا كلما دعاهم ليغفر الله لهم جعلوا أصابعهم في آذانهم واستغشوا ثيابهم تغطوا واستكبروا استكبارا وبقي فيهم هذه المدة وقد قال الله تعالى في النهاية : (( وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ )) (( كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحَابُ الرَّسِّ وَثَمُودُ )) أصحاب الرس قوم جاءهم نبيهم جاءهم نبيهم ولكنهم قتلوه بالرس وهي البئر أي : حفروا بئرا ودفنوه هذا قول
والقول الثاني : أصحاب الرس يعني أنهم قوم حول ماء وليسوا بالكثرة الكاثرة ومع هذا كذبوا رسولهم (( وَثَمُوْدُ )) وهم قوم صالح في بلاد الحجر المعروفة كذبوا صالحا وقالوا : (( ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ )) وهذا تحد فماذا فعل الله بهم ؟ أرسل عليهم صيحة ورجفة (( فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ )) (( وَعَادٌ )) كذلك أيضا عاد أرسل الله إليهم هودا فكذبوه فأهلكهم الله عز وجل بالريح أرسل الله (( عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ * مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيم )) وكانوا يفتخرون بقوتهم يقولون : (( مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّة )) فأراهم الله عز وجل قوته وأهلكهم بالريح اللطيفة التي لا يرى لها جسم ومع ذلك دمرتهم تدميرا
(( وَفِرْعَوْنَ )) الذي أرسل الله إليه نبيه موسى عليه السلام وكان معروفا بالجبروت والعناد والاستكبار حتى إنه استخف قومه وقال لهم : إنه رب قال : (( أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى )) فأطاعوه فجاءهم موسى عليه الصلاة والسلام بالآيات البينات ولكنهم كذبوا وأراهم الله تعالى آية كانوا يفتخرون بما يضاد ما جاء به موسى وهو السحر فجمعوا لموسى عليه الصلاة والسلام كل السحرة في مصر واجتمعوا وألقوا الحبال والعصي وألقوا عليها السحر فصار الناس يشاهدون هذه الحبال والعصي وكأنها إيش ؟ حيات وثعابين ورهب الناس كما قال تعالى : (( وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ )) حتى إن موسى عليه الصلاة والسلام أوجس في نفسه خيفة يعني شاهد أن كل الجو حوله ثعابين تريد أن تلتهم ما تقابله فأوحى الله تعالى إِلى موسى (( أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ )) فألقى العصا فالتهمت جميع هذه الحيات وهذا من آيات الله إذ أن الحية كما هو معروف ليست بذاك الكبر لكن تأكل هذا وكأن هذا يذهب بخارا إذا أكلت هذه الحبال والعصي السحرة رأوا أمرا أدهشهم ولم يملكوا أنفسهم إلا أن يؤمنوا ومع ذلك إيمانا تاما ألقي السحرة ساجدين وتأمل قوله تعالى : (( وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ )) ولم يقل : سجدوا كأن هذا شيء اضطرهم إلى السجود كأنهم سجدوا بغير اختيار لقوة ما رأوا من الآية العظيمة ومع هذا مع هذه الآية البينة الواضحة على صدق موسى عليه الصلاة والسلام لم يؤمن فرعون وقال : (( إِنَّ هَؤُلاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ * وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ )) فهم بأن يهجم على موسى ومن معه من المؤمنين فأمر الله موسى أن يخرج من مصر إلى جهة المشرق نحو البحر الأحمر فامتثل أمر الله خرج من مصر إلى هذه الناحية فتبعهم فرعون بجنوده على حنق يريد أن يقضي على موسى وقومه فلما وصلوا إلى البحر قال موسى قال قوم موسى له : (( إِنَّا لَمُدْرَكُونَ * قَالَ كَلَّا )) يعني لن ندرك (( إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ )) فأوحى الله إليه أن يضرب بعصاه البحر البحر الذي عرضه مسافات طويلة فضرب البحر فانفلق البحر اثني عشر طريقا وصارت قطع الماء كأنها الجبال وصارت هذه الطرق التي كانت ريا من الماء وطينا زلقا صارت طريقا يبسا بإذن الله في لحظة فدخل موسى وقومه عابرين من أفريقيا إلى آسيا من طريق البحر فلما تكاملوا داخلين وخارجين إلى الناحية الشرقية دخل فرعون وقومه نعم فلما تكاملوا داخلين وخارجين إلى الناحية الشرقية دخل فرعون وقومه فلما تكاملوا في الدخول أمر الله البحر فانطبق عليهم فلما أدرك فرعون الغرق أعلن (( آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرائيلَ )) وتأمل أنه لم يقل : آمنت بالله قال : آمنت بالذي آمنت به بنو إسرائيل لماذا ؟ إذلالا لنفسه حيث كان ينكر على بني إسرائيل ويهاجمهم فأصبح عند الموت يقر بأنه تبع لهم وأنه من أذنابهم يعني أنه يمشي خلفهم ولكن ماذا قيل له ؟ قيل له : (( آلْآنَ )) تؤمن بالذي آمنت به بنو إسرائيل وأنك من المسلمين (( وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ )) فلم تقبل توبته لأنه لم يتب إلا حين حضره الموت والتوبة بعد حضور الموت لا تنفع كما قال الله تعالى : (( وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ )) لا تنفع التوبة إذا حضر الموت نسأل الله تعالى أن يمن علينا وعليكم بتوبة قبل الموت ولكن الله قال : (( فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً )) (( نُنَجِّيْكَ بِبَدَنِكَ )) يعني لا بروحك الروح فارقت البدن لكن البدن بقي طافيا على الماء لماذا ؟ بين الله الحكمة (( لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً )) لأن بني إسرائيل قد أرعبهم فرعون فلو لم يتبين لهم أنه غرق بنفسه لكانت أوهامهم تذهب كل مذهب لعله لم يغرق لعله يخرج علينا من ناحية أخرى فأقر الله أعين بني إسرائيل بأن شاهدوا جسمه غارقا في الماء (( لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً )) ويأتي إن شاء الله بقية الكلام على ما ذكر من هؤلاء الأقوام في لقاء قادم الذي سيكون إن شاء الله عند ابتداء الدراسة لأن هذه آخر الإجازة ما فيه لقاء إلا إذا ابتدأت الدراسة إن شاء الله والآن إلى الأسئلة ولكل واحد سؤال فقط ومن كان من من أهل البلد فلا حق له في السؤال لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من كان يؤمن بالله واليوم فليكرم ضيفه ) تفضل .
أما بعد :
فهذا هو اللقاء الثاني والثلاثون بعد المائة من لقاء الباب المفتوح والذي يتم في كل يوم خميس من كل أسبوع ما لم يكن هناك مانع وهذا الخميس هو الرابع والعشرون من شهر ربيع الأول سنة 1417 نبتدئ هذا اللقاء بما تيسر من الكلام على آيات من سورة ق هي قوله تعالى : (( وَنَزَّلْنَا مِنْ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكاً فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ * وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ * رِزْقاً لِلْعِبَادِ )) يقول تعالى : ((وَنَزَّلْنَا )) لأن المطر ينزل شيئا فشيئا وربما يعبر عنه بـأنزل لأنه تجري به الأودية والشعاب
وقوله : (( مِنْ السَّمَاءِ )) أي : من العلو لأن هذا المطر ينزل من السحاب وليس من السماء التي هي السقف المحفوظ بدليل قوله تعالى : (( وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ )) إذن هو ينزل من العلو والحكمة في إنزاله من العلو ليشمل قمم الجبال ومراتع الإبل والسهل والأودية لأنه لو جاء يمشي سيحا على الأرض ما وصل إلى قمم الجبال ولكن الله عز وجل جعله من فوق
وقوله : (( مَاءً مُبَارَكاً )) من بركته أنه ينبت الله (( بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ )) الجنات هي البساتين كثيرة الأشجار وسميت البساتين كثيرة الأشجار جنات لأنها تجن أي : تستر ما تحتها وكل بستان ذو شجر ملتف بعضه إلى بعض يسمى جنة وأما قوله : (( وَحَبَّ الْحَصِيدِ )) يعني به الزروع التي تحصد فذكر الله هنا الأشجار والزروع فمن الأشجار تجذ الثمار ومن الزروع تحصد الحبوب (( وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ )) خص الله النخل بأنها أشرف الأشجار ولهذا شبه بها المؤمن حيث قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( إن من الشجر شجرة مثلها مثل المؤمن ) قال ابن عمر رضي الله عنهما : ( فذهب الناس يخوضون في شجر البوادي كل يقول : هي الشجرة الفلانية يقول ابن عمر : فوقع في قلبي أنها النخلة لكني كنت أصغر القوم ) يعني فاستحيا أن يتكلم وهو أصغرهم فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( هي النخلة ) وهي الشجرة المذكورة في قول الله تعالى : (( أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ )) فلهذا خصها هنا بالذكر فقال : (( وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ )) أي : عاليات (( لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ )) أي : منضود فالطلع في شماريخه تجده منضودا من أحسن ما يكون من النضد ومع ذلك تجد هذه الثمرات تسقى بالشمراخ الدقيق اللين مع أنه قد يكون فيه أحيانا فوق ثلاثين حبة أو أكثر
(( لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ رِزْقاً لِلْعِبَادِ )) أي : فعلنا ذلك أنزلنا من السماء ماء (( فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ * وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ )) فَعَلْنا ذلك (( رِزْقاً لِلْعِبَادِ )) أي : عطاء وفضلا للعباد والعباد هنا يشمل العباد المؤمنين والعباد الكافرين لأن الكافر عبد لله كما قال الله تعالى : (( إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْداً )) والمراد هنا العبودية الكونية القدرية أما العبودية الشرعية فلا يكون عبدا لله إلا من كان ممتثلا لأمره مجتنبا لنهيه مصدقا بخبره إذن (( لِلْعِبَادِ )) يشمل الكفار والمؤمنين
(( وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً )) (( وَأَحْيَيْنَا بِهِ )) أي : بالماء الذي نزلناه من السماء (( بَلْدَةً مَيْتاً )) بلدة لما كانت مؤنثة اللفظ مذكرة المعنى صح أن توصف بوصف مذكر (( بَلْدَةً مَيْتاً )) أي : بلدا ميتا أحياه بهذا الماء الذي نزل من السماء كيف إحياؤه ؟ تجد الأرض هامدة خاشعة ليس فيها نبات فإذا أنزل الله المطر عجت بالنبات واخضرت وازدهرت فهذه حياة بعد الموت
(( كَذَلِكَ الْخُرُوجُ )) أي : مثل ذلك الإحياء الخروج خروج الناس من قبورهم لله عز وجل وإنما ذكر الله تعالى الخروج لأن من عباد الله من أنكر ذلك (( زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا )) وحجتهم أنهم قالوا : (( مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ )) كيف تحيي العظام بعد أن رمت وصارت ترابا ؟ هذا مستنكر عندهم وبعيد ولكن الله سبحانه وتعالى بين أنه ليس ببعيد وأنه كما يشاهدون الأرض الميتة ينزل عليها المطر فتحيا إذن فالقادر على إحياء الأرض بعد موتها بنزول المطر قادر على إحياء الأموات بعد موتها وهذا قياس جلي واضح
(( كَذَلِكَ الخُرُوج كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحَابُ الرَّسِّ وَثَمُودُ * وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ وَإِخْوَانُ لُوطٍ * وَأَصْحَابُ الأَيْكَةِ وَقَوْمُ تُبَّعٍ )) ذكر الله هؤلاء المكذبين لفائدتين
الفائدة الأولى : تسلية الرسول صلى الله عليه وسلم بأنه ليس أول رسول كذب بل قد كذبت الرسل من قبله كما قال تعالى : (( مَا يُقَالُ لَكَ إِلَّا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ )) قيل : إنه شاعر وقيل : إنه مجنون وقيل : إنه كاهن وقد قال الله تعالى : (( كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ )) هذه فائدة لذكر قصص الأمم السابقة وهي إيش ؟ تسلية النبي صلى الله عليه وسلم لأن الإنسان إذا رأى غيره قد أصيب بمثل مصيبته يتسلى بلا شك وتهون عليه المصيبة
الفائدة الثانية : تحذير المكذبين للرسول صلى الله عليه وسلم ولهذا قال في آخر ما ذكر: (( كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ )) أي : حق عليهم وعيد الله بالعذاب وقد قال عز وجل : (( فَكُلّاً أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ )) أي : كل واحد من هذه الأمم جوزي بمثل ذنبه فعوقب بمثل ذنبه مثلا (( كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحَابُ الرَّسِّ وَثَمُودُ )) قوم نوح كذبوا نوحا عليه الصلاة والسلام وقد لبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما يعني تسعمائة وخمسون سنة وهو يدعوهم إلى الله عز وجل ولكن لم يستفيدوا من ذلك شيئا كلما دعاهم ليغفر الله لهم جعلوا أصابعهم في آذانهم واستغشوا ثيابهم تغطوا واستكبروا استكبارا وبقي فيهم هذه المدة وقد قال الله تعالى في النهاية : (( وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ )) (( كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحَابُ الرَّسِّ وَثَمُودُ )) أصحاب الرس قوم جاءهم نبيهم جاءهم نبيهم ولكنهم قتلوه بالرس وهي البئر أي : حفروا بئرا ودفنوه هذا قول
والقول الثاني : أصحاب الرس يعني أنهم قوم حول ماء وليسوا بالكثرة الكاثرة ومع هذا كذبوا رسولهم (( وَثَمُوْدُ )) وهم قوم صالح في بلاد الحجر المعروفة كذبوا صالحا وقالوا : (( ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ )) وهذا تحد فماذا فعل الله بهم ؟ أرسل عليهم صيحة ورجفة (( فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ )) (( وَعَادٌ )) كذلك أيضا عاد أرسل الله إليهم هودا فكذبوه فأهلكهم الله عز وجل بالريح أرسل الله (( عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ * مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيم )) وكانوا يفتخرون بقوتهم يقولون : (( مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّة )) فأراهم الله عز وجل قوته وأهلكهم بالريح اللطيفة التي لا يرى لها جسم ومع ذلك دمرتهم تدميرا
(( وَفِرْعَوْنَ )) الذي أرسل الله إليه نبيه موسى عليه السلام وكان معروفا بالجبروت والعناد والاستكبار حتى إنه استخف قومه وقال لهم : إنه رب قال : (( أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى )) فأطاعوه فجاءهم موسى عليه الصلاة والسلام بالآيات البينات ولكنهم كذبوا وأراهم الله تعالى آية كانوا يفتخرون بما يضاد ما جاء به موسى وهو السحر فجمعوا لموسى عليه الصلاة والسلام كل السحرة في مصر واجتمعوا وألقوا الحبال والعصي وألقوا عليها السحر فصار الناس يشاهدون هذه الحبال والعصي وكأنها إيش ؟ حيات وثعابين ورهب الناس كما قال تعالى : (( وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ )) حتى إن موسى عليه الصلاة والسلام أوجس في نفسه خيفة يعني شاهد أن كل الجو حوله ثعابين تريد أن تلتهم ما تقابله فأوحى الله تعالى إِلى موسى (( أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ )) فألقى العصا فالتهمت جميع هذه الحيات وهذا من آيات الله إذ أن الحية كما هو معروف ليست بذاك الكبر لكن تأكل هذا وكأن هذا يذهب بخارا إذا أكلت هذه الحبال والعصي السحرة رأوا أمرا أدهشهم ولم يملكوا أنفسهم إلا أن يؤمنوا ومع ذلك إيمانا تاما ألقي السحرة ساجدين وتأمل قوله تعالى : (( وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ )) ولم يقل : سجدوا كأن هذا شيء اضطرهم إلى السجود كأنهم سجدوا بغير اختيار لقوة ما رأوا من الآية العظيمة ومع هذا مع هذه الآية البينة الواضحة على صدق موسى عليه الصلاة والسلام لم يؤمن فرعون وقال : (( إِنَّ هَؤُلاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ * وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ )) فهم بأن يهجم على موسى ومن معه من المؤمنين فأمر الله موسى أن يخرج من مصر إلى جهة المشرق نحو البحر الأحمر فامتثل أمر الله خرج من مصر إلى هذه الناحية فتبعهم فرعون بجنوده على حنق يريد أن يقضي على موسى وقومه فلما وصلوا إلى البحر قال موسى قال قوم موسى له : (( إِنَّا لَمُدْرَكُونَ * قَالَ كَلَّا )) يعني لن ندرك (( إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ )) فأوحى الله إليه أن يضرب بعصاه البحر البحر الذي عرضه مسافات طويلة فضرب البحر فانفلق البحر اثني عشر طريقا وصارت قطع الماء كأنها الجبال وصارت هذه الطرق التي كانت ريا من الماء وطينا زلقا صارت طريقا يبسا بإذن الله في لحظة فدخل موسى وقومه عابرين من أفريقيا إلى آسيا من طريق البحر فلما تكاملوا داخلين وخارجين إلى الناحية الشرقية دخل فرعون وقومه نعم فلما تكاملوا داخلين وخارجين إلى الناحية الشرقية دخل فرعون وقومه فلما تكاملوا في الدخول أمر الله البحر فانطبق عليهم فلما أدرك فرعون الغرق أعلن (( آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرائيلَ )) وتأمل أنه لم يقل : آمنت بالله قال : آمنت بالذي آمنت به بنو إسرائيل لماذا ؟ إذلالا لنفسه حيث كان ينكر على بني إسرائيل ويهاجمهم فأصبح عند الموت يقر بأنه تبع لهم وأنه من أذنابهم يعني أنه يمشي خلفهم ولكن ماذا قيل له ؟ قيل له : (( آلْآنَ )) تؤمن بالذي آمنت به بنو إسرائيل وأنك من المسلمين (( وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ )) فلم تقبل توبته لأنه لم يتب إلا حين حضره الموت والتوبة بعد حضور الموت لا تنفع كما قال الله تعالى : (( وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ )) لا تنفع التوبة إذا حضر الموت نسأل الله تعالى أن يمن علينا وعليكم بتوبة قبل الموت ولكن الله قال : (( فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً )) (( نُنَجِّيْكَ بِبَدَنِكَ )) يعني لا بروحك الروح فارقت البدن لكن البدن بقي طافيا على الماء لماذا ؟ بين الله الحكمة (( لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً )) لأن بني إسرائيل قد أرعبهم فرعون فلو لم يتبين لهم أنه غرق بنفسه لكانت أوهامهم تذهب كل مذهب لعله لم يغرق لعله يخرج علينا من ناحية أخرى فأقر الله أعين بني إسرائيل بأن شاهدوا جسمه غارقا في الماء (( لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً )) ويأتي إن شاء الله بقية الكلام على ما ذكر من هؤلاء الأقوام في لقاء قادم الذي سيكون إن شاء الله عند ابتداء الدراسة لأن هذه آخر الإجازة ما فيه لقاء إلا إذا ابتدأت الدراسة إن شاء الله والآن إلى الأسئلة ولكل واحد سؤال فقط ومن كان من من أهل البلد فلا حق له في السؤال لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من كان يؤمن بالله واليوم فليكرم ضيفه ) تفضل .
ما هو ضابط الإقسام على الله المذكور في الحديث.؟
السائل : بسم الله الرحمن الرحيم .
يا شيخ بارك الله فيكم نريد ضابط الإقسام على الله عز وجل المذكور في الحديث وهل يجوز على إطلاقه ؟
الشيخ : الإقسام على الله إنما يكون من يقين المرء وإيمانه وتصديقه وتعلقه بالله وليس كل من أقسم على الله يبره لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره ) والإقسام الذي يكون الحامل عليه الإعجاب بالنفس وبالعمل لا يمكن أن الله يبره أبدا بل بالعكس ولهذا قيل للذي ( رأى المسرف على نفسه وقال : والله لا يغفر الله لفلان قال الله له : من ذا الذي يتألى علي ألا أغفر لفلان قد غفرت له وأبطلت عملك ) على اليمين .
السائل : جزاكم الله خير .
يا شيخ بارك الله فيكم نريد ضابط الإقسام على الله عز وجل المذكور في الحديث وهل يجوز على إطلاقه ؟
الشيخ : الإقسام على الله إنما يكون من يقين المرء وإيمانه وتصديقه وتعلقه بالله وليس كل من أقسم على الله يبره لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره ) والإقسام الذي يكون الحامل عليه الإعجاب بالنفس وبالعمل لا يمكن أن الله يبره أبدا بل بالعكس ولهذا قيل للذي ( رأى المسرف على نفسه وقال : والله لا يغفر الله لفلان قال الله له : من ذا الذي يتألى علي ألا أغفر لفلان قد غفرت له وأبطلت عملك ) على اليمين .
السائل : جزاكم الله خير .
هل يجوز أداء صلاة الجمعة قبل الزوال .؟
السائل : أحسن الله إليك يا شيخ بالنسبة لصلاة الجمعة هل يصح أن تؤدى قبل الزوال ؟
الشيخ : نعم إذا صلى إمامك في بلدك فصل حتى لو صلى قبل الفجر فصل أنت تعرف الآن الجمعة كل الناس لا يؤدونها إلا بعد الزوال لأن جمهور العلماء على أنها لا تؤدى إلا بعد الزوال ولا أعلم أن أحدا خالف وأداها قبل الزوال
أما أهل العلم فقد اختلفوا فيها في دخول وقتها فمنهم من يقول : يدخل وقت الجمعة من حين ارتفاع الشمس قيد رمح يعني دخول وقت صلاة الجمعة كدخول وقت صلاة العيد إلى صلاة العصر وبعضهم يقول : إن وقت صلاة الجمعة يدخل بعد الساعة الخامسة يعني في الساعة السادسة أي : قبل الزوال بساعة وبعضهم يقول : لا يدخل إلا بعد الزوال كصلاة الظهر فالمسألة خلاف لكن نحن والحمد لله محكومون بحكومة تتبع الشرع ولا ينبغي للإنسان أن يشذ عن الناس وقد صدر من هيئة كبار العلماء في المملكة المنع من أن يتقدم أحد من أئمة الجمعة قبل الزوال اتباعا لأكثر أهل العلم ولتتفق الكلمة ولئلا يتقدم أحد فيصلي قبل الزوال ثم يكون هذا فسحة للمتخلف عن الجمعة إذا أمر قال : صليت في المسجد الفلاني أعرفت فأنت الآن عرفت خلاف العلماء
أما من الناحية العملية فالواجب على الأئمة أن يتبعوا ما يأمرهم به ولي الأمر لأن هذا من الأمور المباحة ما هو حرام وأنا قلت لك قبل قليل : لو صلى إمامك قبل الفجر من باب الفرض وإلا عاد ما أحد بيصلي الجمعة قبل الفجر نعم لكن الإنسان يتبع ما تأمره به ولاة الأمر نعم .
السائل : يا شيخ أحسن الله إليك شيخ هل يجوز شيخ التعامل بالبيع والشراء مع رجل اختلطت أمواله بالحلال والحرام ؟
الشيخ : إيش ؟
الشيخ : نعم إذا صلى إمامك في بلدك فصل حتى لو صلى قبل الفجر فصل أنت تعرف الآن الجمعة كل الناس لا يؤدونها إلا بعد الزوال لأن جمهور العلماء على أنها لا تؤدى إلا بعد الزوال ولا أعلم أن أحدا خالف وأداها قبل الزوال
أما أهل العلم فقد اختلفوا فيها في دخول وقتها فمنهم من يقول : يدخل وقت الجمعة من حين ارتفاع الشمس قيد رمح يعني دخول وقت صلاة الجمعة كدخول وقت صلاة العيد إلى صلاة العصر وبعضهم يقول : إن وقت صلاة الجمعة يدخل بعد الساعة الخامسة يعني في الساعة السادسة أي : قبل الزوال بساعة وبعضهم يقول : لا يدخل إلا بعد الزوال كصلاة الظهر فالمسألة خلاف لكن نحن والحمد لله محكومون بحكومة تتبع الشرع ولا ينبغي للإنسان أن يشذ عن الناس وقد صدر من هيئة كبار العلماء في المملكة المنع من أن يتقدم أحد من أئمة الجمعة قبل الزوال اتباعا لأكثر أهل العلم ولتتفق الكلمة ولئلا يتقدم أحد فيصلي قبل الزوال ثم يكون هذا فسحة للمتخلف عن الجمعة إذا أمر قال : صليت في المسجد الفلاني أعرفت فأنت الآن عرفت خلاف العلماء
أما من الناحية العملية فالواجب على الأئمة أن يتبعوا ما يأمرهم به ولي الأمر لأن هذا من الأمور المباحة ما هو حرام وأنا قلت لك قبل قليل : لو صلى إمامك قبل الفجر من باب الفرض وإلا عاد ما أحد بيصلي الجمعة قبل الفجر نعم لكن الإنسان يتبع ما تأمره به ولاة الأمر نعم .
السائل : يا شيخ أحسن الله إليك شيخ هل يجوز شيخ التعامل بالبيع والشراء مع رجل اختلطت أمواله بالحلال والحرام ؟
الشيخ : إيش ؟
هل يجوز التعامل بالبيع والشراء مع رجل اختلط ماله بالحلال والحرام .؟
السائل : هل يجوز التعامل بالبيع والشراء مع رجل اختلطت أمواله بالحلال والحرام ؟ وهل يدخل ذلك في قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( فمن اتقى الشبهات ) ؟
الشيخ : نعم يجوز للإنسان أن يعامل من في ماله حلال وحرام بالبيع والشراء فقد عامل النبي صلى الله عليه وسلم اليهود وهم معروفون بأنهم يأكلون الربا والسحت اشترى منهم بل مات صلى الله عليه وسلم ودرعه مرهونة عند يهودي وما أحسن وباعتبار أنك طالب علم ما أحسن أن تراجع شرح ابن رجب رحمه الله على * الأربعين النووية * على حديث النعمان بن بشير ( الحلال بين والحرام بين ) فقد ذكر ما تطيب به نفسك إن شاء الله حتى إن ابن مسعود رضي الله عنه قال : ( من اكتسب مالا محرما ثم انتقل منه إلى غيره بطريق شرعي فلا إثم عليه له مهنؤه وعلى الأول مغرمه أو مأثمه ) عرفت إلا شيئا تعرفه بعينه أنه حرام مثل أن يبيع عليك السارق ما سرقه وأنت تعرف أن هذا هو المسروق هذا لا تشتريه المهم راجع شرح ابن رجب فهو مفيد جدا نعم .
الشيخ : نعم يجوز للإنسان أن يعامل من في ماله حلال وحرام بالبيع والشراء فقد عامل النبي صلى الله عليه وسلم اليهود وهم معروفون بأنهم يأكلون الربا والسحت اشترى منهم بل مات صلى الله عليه وسلم ودرعه مرهونة عند يهودي وما أحسن وباعتبار أنك طالب علم ما أحسن أن تراجع شرح ابن رجب رحمه الله على * الأربعين النووية * على حديث النعمان بن بشير ( الحلال بين والحرام بين ) فقد ذكر ما تطيب به نفسك إن شاء الله حتى إن ابن مسعود رضي الله عنه قال : ( من اكتسب مالا محرما ثم انتقل منه إلى غيره بطريق شرعي فلا إثم عليه له مهنؤه وعلى الأول مغرمه أو مأثمه ) عرفت إلا شيئا تعرفه بعينه أنه حرام مثل أن يبيع عليك السارق ما سرقه وأنت تعرف أن هذا هو المسروق هذا لا تشتريه المهم راجع شرح ابن رجب فهو مفيد جدا نعم .
ما رأيكم في المجلات التي تباع وفيها صور نساء .؟ وهل هذا المنكر يغير باليد .؟
السائل : فضيلة الشيخ يعرض في الأسواق التجارية وفي المحلات وفي البقالات صور مجلات من المجلات الوافدة فيها صور نساء ظاهرة للعيان الخارج والداخل فما أدري هل يحق للإنسان أن يمزق هذه الصور للحديث : ( من رأى منكم منكرا ) ؟ وما أدري ما الهدف من إدخال هذه المجلات ؟ لماذا لم تمنع ؟
الشيخ : والله ما أحب المجلات التي أشرت إليها لا شك أنها تكدر الخاطر وتولد الأسف والحزن أن يرد إلى بلادنا مثل هذه المجلات الفاسدة المفسدة وكذلك أيضا يوجد في المجلات الواردة إلينا من الأفكار المناقضة للدين تماما وللأخلاق ربما يكون إفسادها أكثر من إفساد صورة خالعة
وأما مسألة تغييرها باليد فإنه يحدث به أو يحصل به مفاسد أكبر أكبر من بقائها وهي أيضا لن تزول لو مزقتها اشترى بدالها ويحصل مفاسد وأنت تعرف الآن أنه مثلا لو أن أحدا أقدم هذا الإقدام وليس له السلطة من قبل ولي الأمر لكان في ذلك مفسدة ليس عليه هو فقط بل على كل الدعاة ولأخذ الناس صورة سيئة عن الدعاة ولهذا يجب أن يكون الإنسان حكيما فإذا كان تغيير المنكر يترتب عليه ما هو أنكر منه وأضر على أنه لا يتغير فليدعه ويشكو إلى الله عز وجل ويسأل الله عز وجل أن يرحم العباد نعم أفهمت الآن فيترك ويخاطب المسؤولين نعم .
السائل : هل يأثم ؟
الشيخ : ما يأثم لأنه غير قادر ولهذا جاء شوف الحكمة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أمر الله به بدون شرط (( وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ )) التغيير بشرط ( من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه ) ففرق الشرع بين الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وبين تغيير المنكر فأنت ليس عليك إثم لكن انصح هذا الرجل مره بالمعروف انهه عن المنكر حذره وقل : إن ما اكتسبته من هذه المجلات حرام عليك وإذا تغذى بدنك به فالنار أولى به وما أشبه ذلك من المواعظ المعروفة نعم .
الشيخ : والله ما أحب المجلات التي أشرت إليها لا شك أنها تكدر الخاطر وتولد الأسف والحزن أن يرد إلى بلادنا مثل هذه المجلات الفاسدة المفسدة وكذلك أيضا يوجد في المجلات الواردة إلينا من الأفكار المناقضة للدين تماما وللأخلاق ربما يكون إفسادها أكثر من إفساد صورة خالعة
وأما مسألة تغييرها باليد فإنه يحدث به أو يحصل به مفاسد أكبر أكبر من بقائها وهي أيضا لن تزول لو مزقتها اشترى بدالها ويحصل مفاسد وأنت تعرف الآن أنه مثلا لو أن أحدا أقدم هذا الإقدام وليس له السلطة من قبل ولي الأمر لكان في ذلك مفسدة ليس عليه هو فقط بل على كل الدعاة ولأخذ الناس صورة سيئة عن الدعاة ولهذا يجب أن يكون الإنسان حكيما فإذا كان تغيير المنكر يترتب عليه ما هو أنكر منه وأضر على أنه لا يتغير فليدعه ويشكو إلى الله عز وجل ويسأل الله عز وجل أن يرحم العباد نعم أفهمت الآن فيترك ويخاطب المسؤولين نعم .
السائل : هل يأثم ؟
الشيخ : ما يأثم لأنه غير قادر ولهذا جاء شوف الحكمة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أمر الله به بدون شرط (( وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ )) التغيير بشرط ( من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه ) ففرق الشرع بين الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وبين تغيير المنكر فأنت ليس عليك إثم لكن انصح هذا الرجل مره بالمعروف انهه عن المنكر حذره وقل : إن ما اكتسبته من هذه المجلات حرام عليك وإذا تغذى بدنك به فالنار أولى به وما أشبه ذلك من المواعظ المعروفة نعم .
هل يجوز للرجل أن يعمل في الدوائر التي فيها نساء .؟
السائل : شيخ عفا الله عنك إذا كان الرجل في بلده يصعب عليه أن يعمل في مكان لا يوجد فيه نساء حيث إن هذا البلد يكثر فيه عمل النساء فما الحكم شيخ هل يعمل لأن المجالات التي فيها النساء أكثر مجالات معظم الدوائر تجد فيها نساء شيخ فما الحكم هل يعمل وإلا ؟
الشيخ : إذا كان بارك الله فيك يمكنه أن يعمل في مكان ليس فيه نساء فليدع هذا المكان الذي فيه النساء ويعمل فيه إذا كان لا يمكنه وهو محتاج إلى العمل فليعمل وليحرص على البعد عن النساء وليغض بصره (( فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ )) نحن الآن في مثلا في بلد يعني لو كنا في بلد النساء تخرج متبرجة متطيبة هل نقول : لا تخرج للصلاة لأن السوق مملوء من هؤلاء النساء ؟ لا هل نقول : لا تخرج تأتي بحوائج البيت ؟ لا فإذا احتجت إلى العمل في هذا المكان الذي فيه النساء ولم تجد غيره وأنت في حاجة إلى المال فاعمل واحرص على البعد عن النساء وغض البصر نعم .
السائل : فضيلة الشيخ إذا صلى خلف الصف رجل والصف الأول لم يكتمل .
الشيخ : والصف .
السائل : والصف الأول لم يكتمل فما حكم صلاته مع أنه جاهل يعني صلى خلف الصلاة جاهلا منه يعني ما يعلم أن هذا لا يجوز ؟
الشيخ : أي نعم الصحيح أنه إذا صلى خلف الصف منفردا .
الشيخ : إذا كان بارك الله فيك يمكنه أن يعمل في مكان ليس فيه نساء فليدع هذا المكان الذي فيه النساء ويعمل فيه إذا كان لا يمكنه وهو محتاج إلى العمل فليعمل وليحرص على البعد عن النساء وليغض بصره (( فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ )) نحن الآن في مثلا في بلد يعني لو كنا في بلد النساء تخرج متبرجة متطيبة هل نقول : لا تخرج للصلاة لأن السوق مملوء من هؤلاء النساء ؟ لا هل نقول : لا تخرج تأتي بحوائج البيت ؟ لا فإذا احتجت إلى العمل في هذا المكان الذي فيه النساء ولم تجد غيره وأنت في حاجة إلى المال فاعمل واحرص على البعد عن النساء وغض البصر نعم .
السائل : فضيلة الشيخ إذا صلى خلف الصف رجل والصف الأول لم يكتمل .
الشيخ : والصف .
السائل : والصف الأول لم يكتمل فما حكم صلاته مع أنه جاهل يعني صلى خلف الصلاة جاهلا منه يعني ما يعلم أن هذا لا يجوز ؟
الشيخ : أي نعم الصحيح أنه إذا صلى خلف الصف منفردا .
اضيفت في - 2005-08-27