سلسلة لقاء الباب المفتوح-142a
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
سلسلة لقاء الباب المفتوح
تفسير سورة الذاريات الآيات( 20 - 22 ) وآيات اخرى مختارة وما يستفاد منها .
الشيخ : قال الله تعالى: (( وفي الأرض آيات للموقنين )) في الأرض آيات للموقنين، ولم يبين الله عز وجل هذه الآيات بل جاءت منكرة ليشمل كل آية في الأرض سواء كانت الآيات فيما يحدث فيها من الحوادث أو كانت في نفس طبيعة الأرض وتركيب الأرض فإن فيها آيات عظيمة في الأرض آيات من حيث التركيب كما قال الله عز وجل: (( وفي الأرض قطع متجاورات )) فتجد الحجر الواحد يشتمل على عدة معادن وهو حجر واحد وترى أحياناً في الجبال جدد بيض وحمر مختلف ألوانها وغرابيب سود وتجد فيها الأرض اللينة الرخوة والأرض الصلبة إلى غير ذلك مما يعرفه علماء الجيولوجيا من الآيات العظيمة
فيها آيات من جهة الحوادث التي تحدث فيها من الزلازل والبراكين وغيرها فيها آيات أيضاً من جهة طبيعة الجو من حر وبرد ورياح عاصفة ورياح باردة ورياح دافئة وغير ذلك مما إذا تأمله الإنسان عرف بهذا قدرة الله عز وجل من جهة عرف قدرة الله تعالى من جهة وعرف حكمته ورحمته أيضاً من جهة أخرى لأن آيات الله سبحانه وتعالى يتبصر بها الإنسان لا من حيث القدرة والعظمة بل حتى من حيث الحكمة والرحمة لأن كل شيء تجده مناسباً لمكانه وزمانه وكل شيء تجده من آثار رحمة الله تبارك وتعالى المهم أن كلمة آيات نجد أنها نكرة عامة لكل ما يحدث في الأرض من آيات ولكل ما فيها من طبيعتها وتركيبها وغير ذلك آيات للموقنين أي لمن أيقن بوجود الله عز وجل وعظمته وجلاله أما من شك والعياذ بالله فإنه لن ينتفع بهذه الآيات بل قد تكون هذه الآيات ضرراً عليه فإن الآيات الكونية أو الشرعية قد تكون خيراً للإنسان وقد تكون شرا واستمع إلى قول الله تبارك وتعالى: (( وإذا ما أنزلت السورة )) يعني من القرآن (( فمنهم من يقول أيكم زادته هذه إيماناً فأما الذين آمنوا فزادتهم إيمانا وهم يستبشرون وأما الذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجساً إلى رجسهم وماتوا وهم كافرون )) كذلك الآيات الكونية من الناس من ينتفع بها ويستدل بها على ما فيها من آيات الله عز وجل ومن الناس من يكون بالعكس يؤديه ما يجده في الآيات إلى الإلحاد والعياذ بالله ولهذا قال: (( في الأرض آيات للموقنين )) يعني لا لكل إنسان بل للموقن أما الشاك والمتردد والكافر فإنه لن ينتفع بهذه الآيات
(( وفي الأرض آيات للموقنين وفي أنفسكم )) أيضاً في أنفسكم آيات (( أفلا تبصرون )) وآيات هنا محذوفة ولهذا نقول في الإعراب في أنفسكم جار ومجرور خبر لمبتدأ محذوف والتقدير وفي أنفسكم آيات والحكمة والله أعلم ونحن في علمنا القاصر نظن أن الله حذف هذه الآيات لأنها أمس بالإنسان من الأرض وأدخل بالإنسان من الأرض لأنها هي في نفسه في أنفسكم آيات، آيات النفس ليس في تركيب الجسم فحسب وليس فيما أودعه الله تعالى من القوى فحسب بل حتى في تقلبات الأحوال الإنسان تجده يتقلب من سرور إلى حزن ومن غم إلى فرح وبتقلبات عجيبة عظيمة حتى إن الإنسان في لحظة يجد نفسه متغيراً وأحيانا يجد نفسه متغيرا بدون سبب يكون منشرح الصدر واسع البال مسرورا وإذا به ينكتم ويغتم بدون سبب أحيانا بالعكس هذا بالنسبة للأحوال النفسية كذلك أيضاً بالنسبة للأحوال الإيمانية وهي أعظم وأخطر تجد الإنسان في بعض الأحيان يكون عنده من اليقين ما كأنه يشاهد أمور الغيب مشاهدة حسية كأنما يرى العرش كأنما يرى السماوات كأنما يرى الملائكة كأنما يرى كل ما أخبر الله به من أمور الغيب وفي بعض الأحيان يقل هذا اليقين يقل لأسباب قد تكون معلومة وقد تكون غير معلومة لكن من الأسباب المعلومة قلة الطاعة فإن قلة الطاعة من أسباب ضعف اليقين إذا قلت طاعة الإنسان ضعف يقينه قال الله تعالى: (( فإن تولوا فاعلم أنما يريد الله أن يصيبهم ببعض ذنوبهم )) وهناك أيضا أسباب لا يدري الإنسان ماهي ومنها اللهو والغفلة ولهذا قال الصحابة للرسول عليه الصلاة والسلام: ( إنا إذا كنا عندك وذكرت الجنة والنار فكأنما نراها رأي عين فإذا ذهبنا إلى أهلنا وعافسنا الأولاد والأهل أو كما قالوا نسينا ) وهكذا الإنسان كلما لهى الإنسان قلّ يقينه وقل إيمانه ومن ثم نهى الشرع عن الألعاب واللهو الباطل الذي يزداد به الإنسان بعداً عن طاعة الله وعن التفكير في آيات الله
أيضا في النفس فيها آيات في نفوس الناس من الناس من تجده هيناً لينا طليق الوجه مسرورا كل من رآه سر بوجهه وكل من جلس إليه زال عنه الغم والهم ومن الناس من هو بالعكس قطوب عبوس بمجرد ما تراه لو كنت مسروراً لأتاك الحزن والسوء هذا أيضاً من آيات النفس وهي كثيرة جدا ومن أراد المزيد من هذا والإطلاع على قدرة الله تعالى في ما في أنفسنا من الآيات فعليه بمطالعة كلام ابن القيم رحمه الله في * مفتاح دار السعادة * يجد العجب العجاب وكذلك أيضا في كتابه الصغير وهو كبير في المعنى وهو التبيان في أقسام القرآن ذكر من ذلك العجب العجاب (( أفلا تبصرون )) الاستفهام هنا للتوبيخ والإنكار كأنما يقول الله عز وجل أبصروا في أنفسكم تبصروا تأملوا تفكروا فإذا لم تعرفوا هذه الآيات فأنتم لا تبصرون فيكون الاستفهام هنا لإيش؟ للتوبيخ وإيش والإنكار ألا نتبصر وهو دعوة من الله عز وجل لعباده أن يتبصروا في الآيات إذا لم تتبصر في الآيات فاعلم أنك محروم قال الله تعالى: (( وما تغني الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون )) إذن إذا لم تنتفع بالآيات فاعلم أنك محروم وأن إيمانك ناقص (( وما تغني الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون )) فعليك يا أخي أن تتفكر في آيات الله في آيات الله الكونية وما في هذا الكون العظيم من آيات الله الدالة على عظمته وسلطانه ورحمته وحكمته وكذلك في آيات الله الشرعية ومن فتح الله عليه في الآيات الشرعية ينتفع بها أكثر مما ينتفع بالآيات الكونية إذا تأمل ما أخبر الله به عن نفسه من الأسماء والصفات والأفعال والأحكام ازداد إيماناً بالله عز وجل وعرف بذلك الحكمة والرحمة إذا تأمل فيما أخبر الله به عن اليوم الآخر وما يكون فيه من ثواب وعقاب وجزاء وحساب أيضاً ازداد إيمانا بالله وكلما تأمل الإنسان في آيات الله الشرعية ازداد إيماناً وبعض الناس الموفقين يكون ازدياد إيمانه بالآيات الشرعية أكثر من ازدياد إيمانه بالآيات الكونية
أما الإنسان الذي يفتح الله عليه في هذا وهذا فيا حبذا (( وفي أنفسكم أفلا تبصرون وفي السماء رزقكم وما توعدون )) السماء فيه رزقنا فما رزقنا هذا؟ ذهب كثير من العلماء أن المراد بالرزق هنا المطر لأن الله تعالى قال (( هو الذي يريكم آياته وينزل لكم من السماء رزقاً وما يتذكر إلا من ينيب )) فقال: (( في السماء رزقكم )) أي: المطر وسمي المطر رزقا لأنه سبب للرزق إذا أنزل الله المطر أخرجت الأرض الماء والمرعى متاعاً لنا ولأنعامنا وهذا رزق كم من أناس يكون رزقهم على ما ينزل من المطر من الزروع والحشيش والمياه وغيرها بل إن الله تعالى قال: (( أفرأيتم الماء الذي تشربون أأنتم أنزلتموه من المزن أم نحن المنزلون )) هل أحد يستطيع أن ينزل من المزن ماءً ؟ لا يمكن هل أحد يستطيع أن يخلق في المزن ماء؟ لا يمكن الله عز وجل هو الذي يتولى ذلك هذا هو مادة الرزق لولا الماء لهلكنا وتأمل قوله تعالى: (( أأنتم أنزلتموه من المزن أم نحن المنزلون لو نشاء جعلناه أجاجاً فلولا تشكرون )) لم يقل لو نشاء لم ننزله مع أنه لو شاء لم ينزله لكن قال: (( لو نشاء جعلناه أجاجا )) يعني لو نشاء أنزلناه لكن جعناه أجاجاً مالحاً لا يمكن أن يشرب وحسرة الإنسان على ماء بين يديه ولكن لا يستطيعه ولا يستسيغه أشد من حسرته على ماء مفقود لأن ماء موجوداً لا تنتفع به ولا تستطيع شربه أشد حسرة من ماء مفقود ولهذا ذكرنا الله هذه الحال أرأيتم الآن لو أن هذا المطر العذب الزلال اللذيذ صار أجاجاً مالحا ماذا تكون الحال؟ صعبة جدا ولهذا قال: (( لو نشاء جعلناه أجاجا فلولا تشكرون ))
يقول: (( وفي السماء رزقكم )) إذن الرزق هو المطر كما في الآية الكريمة (( وينزل لكم من السماء رزقاً )) ويمكن أن نقول إن الرزق الذي في السماء أعم من ذلك فقد يقال إن في السماء رزقنا من المطر وما كتب الله لنا في اللوح المحفوظ من المصالح والمنافع الجسدية من أموال وبنين وغير ذلك فيكون هذا القول أشمل وأعم
واعلم أنه ينبغي أن يراعي المستدل بالقرآن والسنة أن يراعي قاعدة مفيدة وهي إذا فسرنا النص القرآني أو النبوي إذا فسرناه بمعنى أقل وفسرناه بمعنى أعم فأيهما نأخذ ؟
الطالب : بالأعم
الشيخ : نأخذ بالثاني بالأعم لأن الأعم يدخل فيه الأخص ولا عكس اللهم إلا إذا دل دليل على أنه خاص فهذا يتبع فيه الدليل لكن عندما لا يدل الدليل خذ بالأعم لأن الأعم يدخل فيه الأخص ولا عكس فهنا إذا قلنا المراد بالرزق هنا ماهو أعم من المطر فالجواب الجواب صحيح فيدخل فيه المطر وغيره وقوله: (( وما توعدون )) والشمس والقمر وغيرها وقوله: (( وما توعدون )) يعني وفيه الذي توعدون فما الذي نوعد الذي نوعد الجنة فالجنة في السماء ليست في الأرض الجنة في السماء ولهذا قال الله تعالى في قصة آدم (( قلنا اهبطوا منها )) والهبوط يكون من أعلى إلى أسفل فالجنة في السماء وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الجنة درجات وأن أعلاها الفردوس وأنه أعلاها وأوسطها أيضاً وهو إشارة إلى أن الجنات مثل القبة أعلاها هو وسطها أعلاها قال: ( ومنه تفجر أنهار الجنة وفوقه عرش الرحمن ) إذن هي أعلى شيء نسأل الله أن يجعلنا وإياكم من ساكنيها إنه على كل شيء قدير فالذي نوعد هو الجنة فالرزق في السماء والجنة التي نوعدها في الآخرة في السماء إذن نحن أهل الأرض مفتقرون إلى السماء في الحياة الدنيا وفي الآخرة ففي السماء رزقنا في الدنيا وفيها ما نوعد في الآخرة وهو الجنة نسأل الله أن يجعلنا وإياكم من أهلها
ثم قال عز وجل: (( فورب السماء والأرض إنه لحق مثل ما أنكم تنطقون )) ونتكلم إن شاء الله على هذه الآية في اللقاء المقبل ليتسع الوقت للأسئلة فلنبدأ من اليمين في غير أهل القصيم أو في غير أهل عنيزة خاصة
الطالب : بسم الله الرحمن الرحيم
الشيخ : أهل عنيزة إن بقي من الوقت شيء لا بأس
فيها آيات من جهة الحوادث التي تحدث فيها من الزلازل والبراكين وغيرها فيها آيات أيضاً من جهة طبيعة الجو من حر وبرد ورياح عاصفة ورياح باردة ورياح دافئة وغير ذلك مما إذا تأمله الإنسان عرف بهذا قدرة الله عز وجل من جهة عرف قدرة الله تعالى من جهة وعرف حكمته ورحمته أيضاً من جهة أخرى لأن آيات الله سبحانه وتعالى يتبصر بها الإنسان لا من حيث القدرة والعظمة بل حتى من حيث الحكمة والرحمة لأن كل شيء تجده مناسباً لمكانه وزمانه وكل شيء تجده من آثار رحمة الله تبارك وتعالى المهم أن كلمة آيات نجد أنها نكرة عامة لكل ما يحدث في الأرض من آيات ولكل ما فيها من طبيعتها وتركيبها وغير ذلك آيات للموقنين أي لمن أيقن بوجود الله عز وجل وعظمته وجلاله أما من شك والعياذ بالله فإنه لن ينتفع بهذه الآيات بل قد تكون هذه الآيات ضرراً عليه فإن الآيات الكونية أو الشرعية قد تكون خيراً للإنسان وقد تكون شرا واستمع إلى قول الله تبارك وتعالى: (( وإذا ما أنزلت السورة )) يعني من القرآن (( فمنهم من يقول أيكم زادته هذه إيماناً فأما الذين آمنوا فزادتهم إيمانا وهم يستبشرون وأما الذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجساً إلى رجسهم وماتوا وهم كافرون )) كذلك الآيات الكونية من الناس من ينتفع بها ويستدل بها على ما فيها من آيات الله عز وجل ومن الناس من يكون بالعكس يؤديه ما يجده في الآيات إلى الإلحاد والعياذ بالله ولهذا قال: (( في الأرض آيات للموقنين )) يعني لا لكل إنسان بل للموقن أما الشاك والمتردد والكافر فإنه لن ينتفع بهذه الآيات
(( وفي الأرض آيات للموقنين وفي أنفسكم )) أيضاً في أنفسكم آيات (( أفلا تبصرون )) وآيات هنا محذوفة ولهذا نقول في الإعراب في أنفسكم جار ومجرور خبر لمبتدأ محذوف والتقدير وفي أنفسكم آيات والحكمة والله أعلم ونحن في علمنا القاصر نظن أن الله حذف هذه الآيات لأنها أمس بالإنسان من الأرض وأدخل بالإنسان من الأرض لأنها هي في نفسه في أنفسكم آيات، آيات النفس ليس في تركيب الجسم فحسب وليس فيما أودعه الله تعالى من القوى فحسب بل حتى في تقلبات الأحوال الإنسان تجده يتقلب من سرور إلى حزن ومن غم إلى فرح وبتقلبات عجيبة عظيمة حتى إن الإنسان في لحظة يجد نفسه متغيراً وأحيانا يجد نفسه متغيرا بدون سبب يكون منشرح الصدر واسع البال مسرورا وإذا به ينكتم ويغتم بدون سبب أحيانا بالعكس هذا بالنسبة للأحوال النفسية كذلك أيضاً بالنسبة للأحوال الإيمانية وهي أعظم وأخطر تجد الإنسان في بعض الأحيان يكون عنده من اليقين ما كأنه يشاهد أمور الغيب مشاهدة حسية كأنما يرى العرش كأنما يرى السماوات كأنما يرى الملائكة كأنما يرى كل ما أخبر الله به من أمور الغيب وفي بعض الأحيان يقل هذا اليقين يقل لأسباب قد تكون معلومة وقد تكون غير معلومة لكن من الأسباب المعلومة قلة الطاعة فإن قلة الطاعة من أسباب ضعف اليقين إذا قلت طاعة الإنسان ضعف يقينه قال الله تعالى: (( فإن تولوا فاعلم أنما يريد الله أن يصيبهم ببعض ذنوبهم )) وهناك أيضا أسباب لا يدري الإنسان ماهي ومنها اللهو والغفلة ولهذا قال الصحابة للرسول عليه الصلاة والسلام: ( إنا إذا كنا عندك وذكرت الجنة والنار فكأنما نراها رأي عين فإذا ذهبنا إلى أهلنا وعافسنا الأولاد والأهل أو كما قالوا نسينا ) وهكذا الإنسان كلما لهى الإنسان قلّ يقينه وقل إيمانه ومن ثم نهى الشرع عن الألعاب واللهو الباطل الذي يزداد به الإنسان بعداً عن طاعة الله وعن التفكير في آيات الله
أيضا في النفس فيها آيات في نفوس الناس من الناس من تجده هيناً لينا طليق الوجه مسرورا كل من رآه سر بوجهه وكل من جلس إليه زال عنه الغم والهم ومن الناس من هو بالعكس قطوب عبوس بمجرد ما تراه لو كنت مسروراً لأتاك الحزن والسوء هذا أيضاً من آيات النفس وهي كثيرة جدا ومن أراد المزيد من هذا والإطلاع على قدرة الله تعالى في ما في أنفسنا من الآيات فعليه بمطالعة كلام ابن القيم رحمه الله في * مفتاح دار السعادة * يجد العجب العجاب وكذلك أيضا في كتابه الصغير وهو كبير في المعنى وهو التبيان في أقسام القرآن ذكر من ذلك العجب العجاب (( أفلا تبصرون )) الاستفهام هنا للتوبيخ والإنكار كأنما يقول الله عز وجل أبصروا في أنفسكم تبصروا تأملوا تفكروا فإذا لم تعرفوا هذه الآيات فأنتم لا تبصرون فيكون الاستفهام هنا لإيش؟ للتوبيخ وإيش والإنكار ألا نتبصر وهو دعوة من الله عز وجل لعباده أن يتبصروا في الآيات إذا لم تتبصر في الآيات فاعلم أنك محروم قال الله تعالى: (( وما تغني الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون )) إذن إذا لم تنتفع بالآيات فاعلم أنك محروم وأن إيمانك ناقص (( وما تغني الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون )) فعليك يا أخي أن تتفكر في آيات الله في آيات الله الكونية وما في هذا الكون العظيم من آيات الله الدالة على عظمته وسلطانه ورحمته وحكمته وكذلك في آيات الله الشرعية ومن فتح الله عليه في الآيات الشرعية ينتفع بها أكثر مما ينتفع بالآيات الكونية إذا تأمل ما أخبر الله به عن نفسه من الأسماء والصفات والأفعال والأحكام ازداد إيماناً بالله عز وجل وعرف بذلك الحكمة والرحمة إذا تأمل فيما أخبر الله به عن اليوم الآخر وما يكون فيه من ثواب وعقاب وجزاء وحساب أيضاً ازداد إيمانا بالله وكلما تأمل الإنسان في آيات الله الشرعية ازداد إيماناً وبعض الناس الموفقين يكون ازدياد إيمانه بالآيات الشرعية أكثر من ازدياد إيمانه بالآيات الكونية
أما الإنسان الذي يفتح الله عليه في هذا وهذا فيا حبذا (( وفي أنفسكم أفلا تبصرون وفي السماء رزقكم وما توعدون )) السماء فيه رزقنا فما رزقنا هذا؟ ذهب كثير من العلماء أن المراد بالرزق هنا المطر لأن الله تعالى قال (( هو الذي يريكم آياته وينزل لكم من السماء رزقاً وما يتذكر إلا من ينيب )) فقال: (( في السماء رزقكم )) أي: المطر وسمي المطر رزقا لأنه سبب للرزق إذا أنزل الله المطر أخرجت الأرض الماء والمرعى متاعاً لنا ولأنعامنا وهذا رزق كم من أناس يكون رزقهم على ما ينزل من المطر من الزروع والحشيش والمياه وغيرها بل إن الله تعالى قال: (( أفرأيتم الماء الذي تشربون أأنتم أنزلتموه من المزن أم نحن المنزلون )) هل أحد يستطيع أن ينزل من المزن ماءً ؟ لا يمكن هل أحد يستطيع أن يخلق في المزن ماء؟ لا يمكن الله عز وجل هو الذي يتولى ذلك هذا هو مادة الرزق لولا الماء لهلكنا وتأمل قوله تعالى: (( أأنتم أنزلتموه من المزن أم نحن المنزلون لو نشاء جعلناه أجاجاً فلولا تشكرون )) لم يقل لو نشاء لم ننزله مع أنه لو شاء لم ينزله لكن قال: (( لو نشاء جعلناه أجاجا )) يعني لو نشاء أنزلناه لكن جعناه أجاجاً مالحاً لا يمكن أن يشرب وحسرة الإنسان على ماء بين يديه ولكن لا يستطيعه ولا يستسيغه أشد من حسرته على ماء مفقود لأن ماء موجوداً لا تنتفع به ولا تستطيع شربه أشد حسرة من ماء مفقود ولهذا ذكرنا الله هذه الحال أرأيتم الآن لو أن هذا المطر العذب الزلال اللذيذ صار أجاجاً مالحا ماذا تكون الحال؟ صعبة جدا ولهذا قال: (( لو نشاء جعلناه أجاجا فلولا تشكرون ))
يقول: (( وفي السماء رزقكم )) إذن الرزق هو المطر كما في الآية الكريمة (( وينزل لكم من السماء رزقاً )) ويمكن أن نقول إن الرزق الذي في السماء أعم من ذلك فقد يقال إن في السماء رزقنا من المطر وما كتب الله لنا في اللوح المحفوظ من المصالح والمنافع الجسدية من أموال وبنين وغير ذلك فيكون هذا القول أشمل وأعم
واعلم أنه ينبغي أن يراعي المستدل بالقرآن والسنة أن يراعي قاعدة مفيدة وهي إذا فسرنا النص القرآني أو النبوي إذا فسرناه بمعنى أقل وفسرناه بمعنى أعم فأيهما نأخذ ؟
الطالب : بالأعم
الشيخ : نأخذ بالثاني بالأعم لأن الأعم يدخل فيه الأخص ولا عكس اللهم إلا إذا دل دليل على أنه خاص فهذا يتبع فيه الدليل لكن عندما لا يدل الدليل خذ بالأعم لأن الأعم يدخل فيه الأخص ولا عكس فهنا إذا قلنا المراد بالرزق هنا ماهو أعم من المطر فالجواب الجواب صحيح فيدخل فيه المطر وغيره وقوله: (( وما توعدون )) والشمس والقمر وغيرها وقوله: (( وما توعدون )) يعني وفيه الذي توعدون فما الذي نوعد الذي نوعد الجنة فالجنة في السماء ليست في الأرض الجنة في السماء ولهذا قال الله تعالى في قصة آدم (( قلنا اهبطوا منها )) والهبوط يكون من أعلى إلى أسفل فالجنة في السماء وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الجنة درجات وأن أعلاها الفردوس وأنه أعلاها وأوسطها أيضاً وهو إشارة إلى أن الجنات مثل القبة أعلاها هو وسطها أعلاها قال: ( ومنه تفجر أنهار الجنة وفوقه عرش الرحمن ) إذن هي أعلى شيء نسأل الله أن يجعلنا وإياكم من ساكنيها إنه على كل شيء قدير فالذي نوعد هو الجنة فالرزق في السماء والجنة التي نوعدها في الآخرة في السماء إذن نحن أهل الأرض مفتقرون إلى السماء في الحياة الدنيا وفي الآخرة ففي السماء رزقنا في الدنيا وفيها ما نوعد في الآخرة وهو الجنة نسأل الله أن يجعلنا وإياكم من أهلها
ثم قال عز وجل: (( فورب السماء والأرض إنه لحق مثل ما أنكم تنطقون )) ونتكلم إن شاء الله على هذه الآية في اللقاء المقبل ليتسع الوقت للأسئلة فلنبدأ من اليمين في غير أهل القصيم أو في غير أهل عنيزة خاصة
الطالب : بسم الله الرحمن الرحيم
الشيخ : أهل عنيزة إن بقي من الوقت شيء لا بأس
هناك كتاب فيه رد عليكم في قضية المعية أنها ذاتية فنرجوا التفصيل في هذا .؟ وهل يقرأ الكتاب أم لا .؟
السائل : وفقكم الله لما يحبه ويرضاه
الشيخ : ومن سمع آمين
السائل : أخذت كتاب من مكتبة المدرسة يقول فيه صاحبه أنه يرد على فضيلتكم في قضية قديمة مطبوع يقول أنكم تقولون معية الله لخلقه معية ذاتية أرجو الفصل في هذه القضية وهل يقرأ هذا الكتاب أو لا يقرأ؟
الشيخ : نعم نحن تكلمنا على مسألة المعية وقلنا إن المعية معية حقيقية أنه سبحانه وتعالى نفسه مع خلقه لكن ليس بالأرض وذكرنا أدلة على ذلك منها سياق الآيات الكريمة مثل: (( هو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها وهو معكم أين ما كنتم والله بما تعملون بصير )) الضمائر هذه كلها تعود إلى إيش إلى من إلى الله فإذن هو أي الله لكن لا يعني ذلك ما ذهبت إليه الجهمية الذين يقولون إن الله في الأرض فهذا نرى أنه ضلال وكفر وأن من اعتقده في ربه فهو كافر لكننا نقول هو معنا وهو في السماء فهو معنا حقيقة وهو في السماء ولا منافاة فإذا قال قائل كيف يكون معنا وهو في السماء جوابنا على هذا من عدة وجوه
الوجه الأول: أن الله قال (( وهو معكم )) وقال (( هو في السماء )) وما دام قال هو معنا وهو في السماء نؤمن بهذا وهذا ولا يمكن أن يخبر الله بشيء ثم يخبر بضده مما يناقضه أبداً واضح؟ والأمور الغيبية ولاسيما ما يتعلق بذات الله لا يجوز للإنسان أن يسأل كيف ولم لأنه مهما كان لا يمكن أن يدرك هذا مهما كان
ثانياً: أنه لا منافاة بين العلو والمعية يعني قد يكون الشيء معك وهو بعيد عنك ولهذا نقول العرب كان من كلامهم أنهم يقولون ما زلنا نسير والقمر معنا ما زلنا نسير والقطب معنا وما أشبه ذلك ومن المعلوم لكل أحد أن موضع القمر وموضع القطب في السماء وتطلق العرب عليه أنه معنا ولا يرون هذا منافيا لهذا وإذا كان لا منافاة بين العلو والمعية في حق المخلوق ففي حق الخالق من باب أولى
ثالثا : على فرض أن هذا لا يتصور في المخلوق أن يكون بعيدا عنك وتقول إنه معك على فرض ذلك فرض شيء غير واقعي نقول على فرض أن ذلك لا يقع بالنسبة للمخلوق فهو واقع بالنسبة للخالق، لأن الله تعالى محيط بكل شيء السماوات السبع والأراضون السبع في كفه عز وجل كخردلة ما هي بشيء يوم القيامة يطوي الله سبحانه وتعالى السماء كطي السجل للكتب السجل الكاتب إذا طوى الورقة سهلة عليه ماهي صعبة ويقول الله عز وجل: (( وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعاً )) كل الأرض بما فيها من بحار وأنهار وأشجار وغيرها (( الأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه )) كل السماوات السبع التي لا يعلم قدرها إلا الله عز وجل مطويات بيمينه فالله تعالى محيط بكل شيء لكن أن نقول كما قالت الجهمية إنه معنا في الأرض هذا كلام باطل كلام باطل فنحن نقول إن الله معنا حقيقة كما قاله غيرنا كشيخ الإسلام ابن تيمية وغيره من العلماء ولكننا لا نقول إنه معنا هنا في الأرض ونقول من قال ذلك فهو ضال وكافر لكن بعض الناس فهم من هذا فهماً خطأ نحن بريئون منه والحمدلله من أول عقيدتنا إلى أن نلقى الله عز وجل أن نقول إن الله في الأرض معنا في الأرض هذا لا نقول به إطلاقاً ففهم بعض الناس هذا الفهم وإذا فهم هذا فلا شك أن هذا منكر يجب إنكاره فهم إذا كانت نيتهم حسنة لا يلامون على هذا وإن كانت سيئة فالله يتولى السرائر
السائل : فضيلة الشيخ
الشيخ : دقيقة بالقصص
الشيخ : ومن سمع آمين
السائل : أخذت كتاب من مكتبة المدرسة يقول فيه صاحبه أنه يرد على فضيلتكم في قضية قديمة مطبوع يقول أنكم تقولون معية الله لخلقه معية ذاتية أرجو الفصل في هذه القضية وهل يقرأ هذا الكتاب أو لا يقرأ؟
الشيخ : نعم نحن تكلمنا على مسألة المعية وقلنا إن المعية معية حقيقية أنه سبحانه وتعالى نفسه مع خلقه لكن ليس بالأرض وذكرنا أدلة على ذلك منها سياق الآيات الكريمة مثل: (( هو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها وهو معكم أين ما كنتم والله بما تعملون بصير )) الضمائر هذه كلها تعود إلى إيش إلى من إلى الله فإذن هو أي الله لكن لا يعني ذلك ما ذهبت إليه الجهمية الذين يقولون إن الله في الأرض فهذا نرى أنه ضلال وكفر وأن من اعتقده في ربه فهو كافر لكننا نقول هو معنا وهو في السماء فهو معنا حقيقة وهو في السماء ولا منافاة فإذا قال قائل كيف يكون معنا وهو في السماء جوابنا على هذا من عدة وجوه
الوجه الأول: أن الله قال (( وهو معكم )) وقال (( هو في السماء )) وما دام قال هو معنا وهو في السماء نؤمن بهذا وهذا ولا يمكن أن يخبر الله بشيء ثم يخبر بضده مما يناقضه أبداً واضح؟ والأمور الغيبية ولاسيما ما يتعلق بذات الله لا يجوز للإنسان أن يسأل كيف ولم لأنه مهما كان لا يمكن أن يدرك هذا مهما كان
ثانياً: أنه لا منافاة بين العلو والمعية يعني قد يكون الشيء معك وهو بعيد عنك ولهذا نقول العرب كان من كلامهم أنهم يقولون ما زلنا نسير والقمر معنا ما زلنا نسير والقطب معنا وما أشبه ذلك ومن المعلوم لكل أحد أن موضع القمر وموضع القطب في السماء وتطلق العرب عليه أنه معنا ولا يرون هذا منافيا لهذا وإذا كان لا منافاة بين العلو والمعية في حق المخلوق ففي حق الخالق من باب أولى
ثالثا : على فرض أن هذا لا يتصور في المخلوق أن يكون بعيدا عنك وتقول إنه معك على فرض ذلك فرض شيء غير واقعي نقول على فرض أن ذلك لا يقع بالنسبة للمخلوق فهو واقع بالنسبة للخالق، لأن الله تعالى محيط بكل شيء السماوات السبع والأراضون السبع في كفه عز وجل كخردلة ما هي بشيء يوم القيامة يطوي الله سبحانه وتعالى السماء كطي السجل للكتب السجل الكاتب إذا طوى الورقة سهلة عليه ماهي صعبة ويقول الله عز وجل: (( وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعاً )) كل الأرض بما فيها من بحار وأنهار وأشجار وغيرها (( الأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه )) كل السماوات السبع التي لا يعلم قدرها إلا الله عز وجل مطويات بيمينه فالله تعالى محيط بكل شيء لكن أن نقول كما قالت الجهمية إنه معنا في الأرض هذا كلام باطل كلام باطل فنحن نقول إن الله معنا حقيقة كما قاله غيرنا كشيخ الإسلام ابن تيمية وغيره من العلماء ولكننا لا نقول إنه معنا هنا في الأرض ونقول من قال ذلك فهو ضال وكافر لكن بعض الناس فهم من هذا فهماً خطأ نحن بريئون منه والحمدلله من أول عقيدتنا إلى أن نلقى الله عز وجل أن نقول إن الله في الأرض معنا في الأرض هذا لا نقول به إطلاقاً ففهم بعض الناس هذا الفهم وإذا فهم هذا فلا شك أن هذا منكر يجب إنكاره فهم إذا كانت نيتهم حسنة لا يلامون على هذا وإن كانت سيئة فالله يتولى السرائر
السائل : فضيلة الشيخ
الشيخ : دقيقة بالقصص
2 - هناك كتاب فيه رد عليكم في قضية المعية أنها ذاتية فنرجوا التفصيل في هذا .؟ وهل يقرأ الكتاب أم لا .؟ أستمع حفظ
من اغتسل غسلاً مسنوناً ولم ينو رفع الحدث هل يرتفع الحدث أم لا .؟
الشيخ : نعم يلا يلا
السائل : عفا الله عنك إذا نوى الإنسان غسلا مسنونا وعمم جسمه بالماء بدون وضوء وبدون نية رفع الحدث هل يرتفع الحدث عنه ؟
الشيخ : الذي أرى أنه لا يرتفع الحدث إذا نوى غسلا مسنونا لا يرتفع الحدث لأنه لم ينو رفع الحدث مثل لو اغتسل من غسل الميت إذا غسل الميت يسن أن يغتسل فإنه لا يجزئ عن الحدث وإذا كان لا يجزئ عن الجنابة لو كان عليه جنابة فلا يجزئ أيضا عن الوضوء بل لابد أن يتوضأ كما أن غسل الجمعة وهو واجب فيما نرى لا يجزئ عن الوضوء لأن غسل الجمعة ليس عن حدث وإنما هو للتطهر كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: ( لو تطهرتم ليومكم هذا ) فهو لا يجزئ عن الوضوء الذي يجزئ عن الوضوء هو غسل الجنابة فقط
السائل : فضيلة الشيخ بارك الله فيكم سمعت أحد المشايخ يقول إنه لا يجوز دعوة غير المسلمين بغير اللغة العربية واستدل بكتاب الرسالة للإمام الشافعي رحمه الله
السائل : عفا الله عنك إذا نوى الإنسان غسلا مسنونا وعمم جسمه بالماء بدون وضوء وبدون نية رفع الحدث هل يرتفع الحدث عنه ؟
الشيخ : الذي أرى أنه لا يرتفع الحدث إذا نوى غسلا مسنونا لا يرتفع الحدث لأنه لم ينو رفع الحدث مثل لو اغتسل من غسل الميت إذا غسل الميت يسن أن يغتسل فإنه لا يجزئ عن الحدث وإذا كان لا يجزئ عن الجنابة لو كان عليه جنابة فلا يجزئ أيضا عن الوضوء بل لابد أن يتوضأ كما أن غسل الجمعة وهو واجب فيما نرى لا يجزئ عن الوضوء لأن غسل الجمعة ليس عن حدث وإنما هو للتطهر كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: ( لو تطهرتم ليومكم هذا ) فهو لا يجزئ عن الوضوء الذي يجزئ عن الوضوء هو غسل الجنابة فقط
السائل : فضيلة الشيخ بارك الله فيكم سمعت أحد المشايخ يقول إنه لا يجوز دعوة غير المسلمين بغير اللغة العربية واستدل بكتاب الرسالة للإمام الشافعي رحمه الله
اضيفت في - 2005-08-27