سلسلة لقاء الباب المفتوح-153a
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
سلسلة لقاء الباب المفتوح
كلمة بمناسبة العام الجديد حول مراجعة النفس والسعي إلى استدراك مافات من العمل الصالح والدعوة إلى الله .
الشيخ : نفتتح به هذا العام الجديد، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يجعله عاماً مباركاً علينا وعلى المسلمين، وأن يجعله عام أمن وإيمان، وسلامة وإسلام، وتعاون على البر والتقوى، وتناهٍ عن الإثم والعدوان، إنه على كل شيء قدير.
من المعلوم أن العام المنصرم مر بأحداثه المؤلمة والسارة والنافعة والضارة وكلٌ سوف يراه الإنسان، كما قال الله تبارك الله وتعالى: (( يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتاً لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ * فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ )).
ومن المعلوم أن التاجر في نهاية عام تجارته ينظر في جداول عمله، وما ربح وما خسر في عامه المنصرم، حتى يستدرك ما فات، ويصلح ما فسد، وإذا كان هذا في تجارة الدنيا، فإن تجارة الآخرة يجب أن تكون أهم وأعظم في قلب الإنسان، لأن الله تبارك وتعالى يقول: (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ )).
ويقول جل وعلا: (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ))
فإذا نظر الإنسان في ديوان عمله في العام المنصرم فإما أن يعثر على واجب أهمله وتهاون به، فعليه أن يستدركه، لأن الاستدراك مع التوبة إلى الله تعالى والإنابة إليه يصلح ما فسد، ومن كان مجترأً على معاصي الله عز وجل -والإنسان غير معصوم- فإن باب التوبة مفتوح، قال الله تبارك وتعالى: (( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ )) فقال الله تعالى: (( إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً )) وهذا في حق التائبين، فإن الإنسان إذا تاب مهما كان ذنبه فإن الله تعالى يغفره له.
وقد ذكر الله أعظم الذنوب في حقه وحقوق عباده، وبين أن التوبة منها تجعل السيئات حسنات، فقال تعالى: (( وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ )) وهذه من أعظم الذنوب الأول: (( لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ )) أي: لا يشركون به والشرك أعظم الذنوب في حق الله عز وجل، (( وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ )) وقتل النفس التي حرم الله أعظم العدوان على ابن آدم، ولهذا كان أول ما يقضى في الناس يوم القيامة بالدماء، والثالث: (( وَلا يَزْنُونَ ))والزنا من أعظم الجرم في حقوق الإنسان في تدنيس عرضه، هذه الأصول الثلاثة قال الله تعالى: (( وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً )) وهذه من نعمة الله سبحانه وتعالى أن الإنسان إذا أذنب وتاب إلى الله وآمن وعمل عملاً صالحاً صارت سيئاته السابقة حسنات فضلاً من الله ونعمة، والحمد لله رب العالمين.
فالمهم أن هذا نظرنا في عامنا المنصرم، فما هو نظرنا نحو عامنا الجديد؟
إن الإنسان العاقل يجب عليه أن يعتبر ما يستقبل بما مضى، فالعام المنصرم مضى وكأنه ساعة من نهار، كأنه لحظة من اللحظات، وهكذا العام المستقبل سوف يكون كصاحبه، سيمضى سريعاً، فعلينا أن نعقد العزم والجد والاجتهاد على ما ينفعنا في ديننا ودنيانا في العمل الصالح واجتناب المحرم عسى أن نستدرك ما فات، وبقية عمر المؤمن لا قيمة له، والأعمال بالخواتيم.
ولقد أخبر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وهو الصادق المصدوق: ( أن الرجل يعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يبقى بينه وبينها إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها ) يعني حتى لا يبقى عليه وينتهي أجله، وليس المعنى: حتى لا يبقى بينه وبينها إلا ذراع من حيث العمل، يعني: أن عمله سيدنيه من الجنة، المعنى: حتى ما يبقى بينه وبينها إلا ذراع بالنسبة لأجله، ثم يسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار، أما لو عمل بعمل أهل الجنة حقيقة حتى لا يبقى بينه وبينها إلا ذراع من حيث العمل، فإن الله تعالى لن يخيب سعيه يقول: ( ومن تقرب إلي شبراً تقربت إليه ذراعاً، ومن تقرب إلي ذراعاً تقربت منه باعا ً) .
ومحال في حكمة الله ورحمته أن يخذل شخصاً أمضى عمره في طاعة الله حتى لا يبقى إلا ذراع، لكن هذا مراد الرسول صلى الله عليه وسلم، حتى لا يبقى بينه وبينها إلا ذراع، يعني: من حيث الأجل لكنه يعمل بعمل أهل الجنة فيما يبدو للناس أعوذ بالله وهو من أهل النار، أسأل الله العافية.
ويشهد لهذا الحديث الثابت عند البخاري وغيره: ( أن رجلاً كان مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة وكان رجلاً شجاعاً مقداماً يغبطه الصحابة وينظرون إليه نظر إجلال، فقال النبي عليه الصلاة والسلام يوماً من الأيام: هذا من أهل النار، هذا من أهل النار، فعظم ذلك على الصحابة ) لماذا؟ أسألكم لأنه رجل شجاع مقدام لا يدع شاذة للعدو ولا فاذة إلا قضى عليها، فإذا كان هذا من أهل النار وهو بهذه المثابة في الجهاد، فكيف بمن دونه ( عظم ذلك على الصحابة فقال أحدهم: والله لألزمنه ) يعني: لأكونن قريناً له حتى أنظر ماذا يكون الرجل؟ .
ماذا تكون حاله؟
يقول: ( فأصيب بسهم، فجزع ) وكأنه والله أعلم جزع لأنه رجل مقدام شجاع، والشجاع لا يرضى أن يهزم ( جزع فسل سيفه ثم وضعه على صدره واتكأ عليه حتى طلع من ظهره -والعياذ بالله - فقتل نفسه ) وقاتل نفسه في النار ( فرجع الرجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال: أشهد أنك رسول الله، قال: وبم؟ قال: إن الرجل الذي قلت: إنه من أهل النار فعل كيت وكيت، ثم قال النبي عليه الصلاة والسلام: إن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة فيما يبدو للناس وهو من أهل النار ) .
أصلح الله لنا ولكم السرائر والظواهر، فالعلم على السريرة على سريرة القلب، طهر القلب، تطهر الجوارح والقلب هو الذي يبتلى يوم القيامة كما قال الله تعالى: (( أَفَلا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ * وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ )) وقال تعالى: (( إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ * يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ )) فعليك يا أخي المسلم بتطهير قلبك وتنقيته من الشك والشرك، والنفاق والحقد على المسلمين، والبغضاء والعداوة، حتى يطهر ظاهرك وباطنك.
علينا أن نستقبل هذا العام الجديد بالاجتهاد بالعمل الصالح المقرب إلى الله تبارك وتعالى، إخلاصاً لله، ومتابعة لرسوله صلى الله عليه وسلم، ولا سيما طلب العلم فإن طلب العلم نوع من الجهاد في سبيل الله، بل هو جهاد في سبيل الله، بل هو أفضل من الجهاد في سبيل الله عند كثير من العلماء، لأن الناس محتاجون إلى العلم أكثر من احتياجهم إلى الجهاد إذ أن الجهاد في معالجة إصلاح الغير، وطلب العلم في إصلاح النفس وإصلاح الغير.
فالجهاد في سبيل الله محتاج إلى العلم، وليس العلم محتاجاً إلى الجهاد في سبيل الله، ولهذا فضل كثير من العلماء المحققين طلب العلم على الجهاد في سبيل الله، وإن كان القول الراجح عندي أن في ذلك تفصيلاً بالنسبة لأعيان الناس: فمن الناس من نقول الجهاد في حقه أفضل، ومن الناس من نقول: طلب العلم في حقه أفضل، فإذا وجدنا رجلاً مستعداً للعلم حفظاً وفهماً وجلداً ومتابعة، وهو دون ذلك في الجهاد في سبيل الله، قلنا له: العلم في حقك أفضل، وإذا كان آخر شجاعاً مقداماً نشيطاً قوياً وليس بذاك في الحفظ والفهم قلنا له: الجهاد في حقك أفضل.
فالتفضيل في العبادات وهذه قاعدة ينبغي لطالب العلم أن يراعيها: التفضيل في العبادات من حيث هي، والتفضيل في العبادات من حيث الأعيان الذين يقومون بها، هذا يجب أن يعرف الإنسان الفرق.
ونحن نقول: التفضيل المطلق هو أن العلم أفضل لا شك، يعني: طلب العلم أفضل من الجهاد في سبيل الله، لكن من حيث الأعيان فيه التفصيل الذي ذكرته لكم، نقول لهذا الشخص: الأفضل أن تبقى في طلب العلم، وللآخر أن تذهب في الجهاد في سبيل الله.
علينا أيضاً أن نستقبل هذا العام الجديد بإصلاح الخُلُق مع الناس أن نلقى الناس بوجه بشوش أن نفشي السلام بيننا ابتداءً ورداً خلافاً لبعض الناس الآن تجدهم من طلاب العلم لكن لا يفشون السلام، يلاقي الإنسان صاحبه وزميله في القراءة سواء في الكلية أو في المسجد لا يسلم عليه إلا أن يشاء الله، يلاقي إخوانه في السوق لا يسلم عليهم إلا أن يشاء الله، ولهذا اشتهر عند بعض الناس عند بعض العوام والعوام هوام: أن طلاب العلم جفاة لا يسلمون وإذا سُلم عليهم يردون بآنافهم ولا يسمعهم المسلِّم، كل هذا من غرور الشيطان، فالذي ينبغي لنا بل يجب علينا أن نكون لإخواننا المسلمين أحبة متآلفين.
وإفشاء السلام من أسباب دخول الجنة، قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( والذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أفلا أخبركم بشيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ -ثم أجاب نفسه فقال:- أفشوا السلام بينكم ) أظهروه أعلنوه، ثم المسلِّم ماذا يأتي له من الأجر؟ أجيبوا ، التسليمة الواحدة عشر حسنات، عشر حسنات باقيات لك في يوم تحتاج إليها لا تجد زيادة في حسناتك، وأنت أحوج ما يكون إليها، تجدها عند الله تبارك وتعالى، لو قيل للناس: كل إنسان يسلم نعطيه درهماً، ماذا يكون؟ يفشون السلام أو لا؟ يفشون السلام، بل يترددون على الجالس عدة مرات لأجل أن يحصلوا على زيادة دراهم، مع أن الدراهم إما فانية وإلا مفني عنها، الإنسان لن يعمر والدراهم لن تعمر لا بُد من مفارقة إما من أصحاب الأموال وإما من الأموال نفسها، ولهذا وبخ الله عز وجل من يؤثرون الحياة الدنيا على الآخرة فقال: (( بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى ))
فعلينا أيها الإخوة أن نستقبل عامنا بحسن الخلق مع الناس، فإن حسن الخلق من أفضل الأعمال حتى قال النبي عليه الصلاة والسلام: ( أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً ).
ويتعين أن يكون حسن الخلق في الدعوة إلى الله، لأن الدعوة إلى الله ليس لمجرد الإصلاح بينك وبين غيرك، أو جلب الألفة بينك وبين غيرك، لكنها لإقامة دين الله، فلا ينبغي أن نجفو في الدعوة إلى الله، بل ندعو باللطف واللين وتحمل الأذى، بل وتحمل المخالفة من المدعوين، بمعنى: أننا لا ينبغي أن نطلب أو نأمِّل الحصول على المطلوب في أول وهلة، كم بقي النبي عليه الصلاة والسلام يدعو الناس في مكة؟ كم ؟ ثلاثة عشر سنة يدعوهم إلى الله عز وجل بالتي هي أحسن بالموعظة الحسنة، بكل ما يستطيع من الوصول به إلى تحقيق مراده عليه الصلاة والسلام، ومع ذلك ربه سبحانه وتعالى وهو أعلم وأحكم ينزل عليه الأحكام فترة فترة، لم يجب من أركان الإسلام في مكة إلا ركنان فقط هما: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، والثاني: الصلاة، الباقي كله جاء في المدينة، الزكاة وإن قيل: إن أصلها فرض في مكة لكن الإنسان كان فيها مخيراً، في المدينة فُرضت الأنصبة وبينت وبين المقدار وبين أهل الزكاة، لكن هذه التربية من الله عز وجل يجب أن نأخذها محل اعتبار وألا نريد من الناس أن يصلحوا بين عشية وضحاها، هذا شيء مستحيل تأباه حكمة الله عز وجل.
إذن علينا أن نلاطف الناس في الدعوة إلى الله عز وجل، ونتحمل منهم الأذى، ونتحمل منهم البقاء على بعض المعاصي، رجاء إحسانها في المستقبل.
يوجد من الدعاة من عنده غيرة عظيمة، لكن لا يحسن أن يدعو الناس مع كبح هذه الغيرة، بمعنى: أنه إذا رأى شخصاً على منكر لم يملك نفسه من غيرته أن يعنف عليه بالإنكار، وهذا خطأ ما هو صحيح، عندما تجد إنساناً يشرب سيجارة مثلاً هل تصيح به تقول له: ويلك هذا حرام هذا حرام، أنت مصر على معصية فأنت من الفاسقين، جانبت العدل، هل هذا لائق؟ لا، أمهله دعه ثم تكلم معه بيسر، أخي ماذا تنفعك هذه؟ هل فيها منفعة؟ هل فيها مضرة؟ حتى يأخذ عن اقتناع. واعلم أن من وافقك عن قهر وسلطان فإنه لن ينتفع في الغالب، إذا صد عنك أو صددت عنه عاد إلى ما هو عليه، لكن إذا وافقك عن اقتناع فهذا هو المقصود وهذا الذي يحصل به المراد.
فعليكم أيها الأخوة باللطف في الدعوة إلى الله، وأن تقابلوا الناس بصدر رحب.
واعلم أنك إذا دعوت غيرك إلى الحق أو أمرته بالمعروف أو نهيته عن المنكر .
طيب .
من المعلوم أن العام المنصرم مر بأحداثه المؤلمة والسارة والنافعة والضارة وكلٌ سوف يراه الإنسان، كما قال الله تبارك الله وتعالى: (( يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتاً لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ * فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ )).
ومن المعلوم أن التاجر في نهاية عام تجارته ينظر في جداول عمله، وما ربح وما خسر في عامه المنصرم، حتى يستدرك ما فات، ويصلح ما فسد، وإذا كان هذا في تجارة الدنيا، فإن تجارة الآخرة يجب أن تكون أهم وأعظم في قلب الإنسان، لأن الله تبارك وتعالى يقول: (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ )).
ويقول جل وعلا: (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ))
فإذا نظر الإنسان في ديوان عمله في العام المنصرم فإما أن يعثر على واجب أهمله وتهاون به، فعليه أن يستدركه، لأن الاستدراك مع التوبة إلى الله تعالى والإنابة إليه يصلح ما فسد، ومن كان مجترأً على معاصي الله عز وجل -والإنسان غير معصوم- فإن باب التوبة مفتوح، قال الله تبارك وتعالى: (( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ )) فقال الله تعالى: (( إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً )) وهذا في حق التائبين، فإن الإنسان إذا تاب مهما كان ذنبه فإن الله تعالى يغفره له.
وقد ذكر الله أعظم الذنوب في حقه وحقوق عباده، وبين أن التوبة منها تجعل السيئات حسنات، فقال تعالى: (( وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ )) وهذه من أعظم الذنوب الأول: (( لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ )) أي: لا يشركون به والشرك أعظم الذنوب في حق الله عز وجل، (( وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ )) وقتل النفس التي حرم الله أعظم العدوان على ابن آدم، ولهذا كان أول ما يقضى في الناس يوم القيامة بالدماء، والثالث: (( وَلا يَزْنُونَ ))والزنا من أعظم الجرم في حقوق الإنسان في تدنيس عرضه، هذه الأصول الثلاثة قال الله تعالى: (( وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً )) وهذه من نعمة الله سبحانه وتعالى أن الإنسان إذا أذنب وتاب إلى الله وآمن وعمل عملاً صالحاً صارت سيئاته السابقة حسنات فضلاً من الله ونعمة، والحمد لله رب العالمين.
فالمهم أن هذا نظرنا في عامنا المنصرم، فما هو نظرنا نحو عامنا الجديد؟
إن الإنسان العاقل يجب عليه أن يعتبر ما يستقبل بما مضى، فالعام المنصرم مضى وكأنه ساعة من نهار، كأنه لحظة من اللحظات، وهكذا العام المستقبل سوف يكون كصاحبه، سيمضى سريعاً، فعلينا أن نعقد العزم والجد والاجتهاد على ما ينفعنا في ديننا ودنيانا في العمل الصالح واجتناب المحرم عسى أن نستدرك ما فات، وبقية عمر المؤمن لا قيمة له، والأعمال بالخواتيم.
ولقد أخبر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وهو الصادق المصدوق: ( أن الرجل يعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يبقى بينه وبينها إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها ) يعني حتى لا يبقى عليه وينتهي أجله، وليس المعنى: حتى لا يبقى بينه وبينها إلا ذراع من حيث العمل، يعني: أن عمله سيدنيه من الجنة، المعنى: حتى ما يبقى بينه وبينها إلا ذراع بالنسبة لأجله، ثم يسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار، أما لو عمل بعمل أهل الجنة حقيقة حتى لا يبقى بينه وبينها إلا ذراع من حيث العمل، فإن الله تعالى لن يخيب سعيه يقول: ( ومن تقرب إلي شبراً تقربت إليه ذراعاً، ومن تقرب إلي ذراعاً تقربت منه باعا ً) .
ومحال في حكمة الله ورحمته أن يخذل شخصاً أمضى عمره في طاعة الله حتى لا يبقى إلا ذراع، لكن هذا مراد الرسول صلى الله عليه وسلم، حتى لا يبقى بينه وبينها إلا ذراع، يعني: من حيث الأجل لكنه يعمل بعمل أهل الجنة فيما يبدو للناس أعوذ بالله وهو من أهل النار، أسأل الله العافية.
ويشهد لهذا الحديث الثابت عند البخاري وغيره: ( أن رجلاً كان مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة وكان رجلاً شجاعاً مقداماً يغبطه الصحابة وينظرون إليه نظر إجلال، فقال النبي عليه الصلاة والسلام يوماً من الأيام: هذا من أهل النار، هذا من أهل النار، فعظم ذلك على الصحابة ) لماذا؟ أسألكم لأنه رجل شجاع مقدام لا يدع شاذة للعدو ولا فاذة إلا قضى عليها، فإذا كان هذا من أهل النار وهو بهذه المثابة في الجهاد، فكيف بمن دونه ( عظم ذلك على الصحابة فقال أحدهم: والله لألزمنه ) يعني: لأكونن قريناً له حتى أنظر ماذا يكون الرجل؟ .
ماذا تكون حاله؟
يقول: ( فأصيب بسهم، فجزع ) وكأنه والله أعلم جزع لأنه رجل مقدام شجاع، والشجاع لا يرضى أن يهزم ( جزع فسل سيفه ثم وضعه على صدره واتكأ عليه حتى طلع من ظهره -والعياذ بالله - فقتل نفسه ) وقاتل نفسه في النار ( فرجع الرجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال: أشهد أنك رسول الله، قال: وبم؟ قال: إن الرجل الذي قلت: إنه من أهل النار فعل كيت وكيت، ثم قال النبي عليه الصلاة والسلام: إن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة فيما يبدو للناس وهو من أهل النار ) .
أصلح الله لنا ولكم السرائر والظواهر، فالعلم على السريرة على سريرة القلب، طهر القلب، تطهر الجوارح والقلب هو الذي يبتلى يوم القيامة كما قال الله تعالى: (( أَفَلا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ * وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ )) وقال تعالى: (( إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ * يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ )) فعليك يا أخي المسلم بتطهير قلبك وتنقيته من الشك والشرك، والنفاق والحقد على المسلمين، والبغضاء والعداوة، حتى يطهر ظاهرك وباطنك.
علينا أن نستقبل هذا العام الجديد بالاجتهاد بالعمل الصالح المقرب إلى الله تبارك وتعالى، إخلاصاً لله، ومتابعة لرسوله صلى الله عليه وسلم، ولا سيما طلب العلم فإن طلب العلم نوع من الجهاد في سبيل الله، بل هو جهاد في سبيل الله، بل هو أفضل من الجهاد في سبيل الله عند كثير من العلماء، لأن الناس محتاجون إلى العلم أكثر من احتياجهم إلى الجهاد إذ أن الجهاد في معالجة إصلاح الغير، وطلب العلم في إصلاح النفس وإصلاح الغير.
فالجهاد في سبيل الله محتاج إلى العلم، وليس العلم محتاجاً إلى الجهاد في سبيل الله، ولهذا فضل كثير من العلماء المحققين طلب العلم على الجهاد في سبيل الله، وإن كان القول الراجح عندي أن في ذلك تفصيلاً بالنسبة لأعيان الناس: فمن الناس من نقول الجهاد في حقه أفضل، ومن الناس من نقول: طلب العلم في حقه أفضل، فإذا وجدنا رجلاً مستعداً للعلم حفظاً وفهماً وجلداً ومتابعة، وهو دون ذلك في الجهاد في سبيل الله، قلنا له: العلم في حقك أفضل، وإذا كان آخر شجاعاً مقداماً نشيطاً قوياً وليس بذاك في الحفظ والفهم قلنا له: الجهاد في حقك أفضل.
فالتفضيل في العبادات وهذه قاعدة ينبغي لطالب العلم أن يراعيها: التفضيل في العبادات من حيث هي، والتفضيل في العبادات من حيث الأعيان الذين يقومون بها، هذا يجب أن يعرف الإنسان الفرق.
ونحن نقول: التفضيل المطلق هو أن العلم أفضل لا شك، يعني: طلب العلم أفضل من الجهاد في سبيل الله، لكن من حيث الأعيان فيه التفصيل الذي ذكرته لكم، نقول لهذا الشخص: الأفضل أن تبقى في طلب العلم، وللآخر أن تذهب في الجهاد في سبيل الله.
علينا أيضاً أن نستقبل هذا العام الجديد بإصلاح الخُلُق مع الناس أن نلقى الناس بوجه بشوش أن نفشي السلام بيننا ابتداءً ورداً خلافاً لبعض الناس الآن تجدهم من طلاب العلم لكن لا يفشون السلام، يلاقي الإنسان صاحبه وزميله في القراءة سواء في الكلية أو في المسجد لا يسلم عليه إلا أن يشاء الله، يلاقي إخوانه في السوق لا يسلم عليهم إلا أن يشاء الله، ولهذا اشتهر عند بعض الناس عند بعض العوام والعوام هوام: أن طلاب العلم جفاة لا يسلمون وإذا سُلم عليهم يردون بآنافهم ولا يسمعهم المسلِّم، كل هذا من غرور الشيطان، فالذي ينبغي لنا بل يجب علينا أن نكون لإخواننا المسلمين أحبة متآلفين.
وإفشاء السلام من أسباب دخول الجنة، قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( والذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أفلا أخبركم بشيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ -ثم أجاب نفسه فقال:- أفشوا السلام بينكم ) أظهروه أعلنوه، ثم المسلِّم ماذا يأتي له من الأجر؟ أجيبوا ، التسليمة الواحدة عشر حسنات، عشر حسنات باقيات لك في يوم تحتاج إليها لا تجد زيادة في حسناتك، وأنت أحوج ما يكون إليها، تجدها عند الله تبارك وتعالى، لو قيل للناس: كل إنسان يسلم نعطيه درهماً، ماذا يكون؟ يفشون السلام أو لا؟ يفشون السلام، بل يترددون على الجالس عدة مرات لأجل أن يحصلوا على زيادة دراهم، مع أن الدراهم إما فانية وإلا مفني عنها، الإنسان لن يعمر والدراهم لن تعمر لا بُد من مفارقة إما من أصحاب الأموال وإما من الأموال نفسها، ولهذا وبخ الله عز وجل من يؤثرون الحياة الدنيا على الآخرة فقال: (( بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى ))
فعلينا أيها الإخوة أن نستقبل عامنا بحسن الخلق مع الناس، فإن حسن الخلق من أفضل الأعمال حتى قال النبي عليه الصلاة والسلام: ( أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً ).
ويتعين أن يكون حسن الخلق في الدعوة إلى الله، لأن الدعوة إلى الله ليس لمجرد الإصلاح بينك وبين غيرك، أو جلب الألفة بينك وبين غيرك، لكنها لإقامة دين الله، فلا ينبغي أن نجفو في الدعوة إلى الله، بل ندعو باللطف واللين وتحمل الأذى، بل وتحمل المخالفة من المدعوين، بمعنى: أننا لا ينبغي أن نطلب أو نأمِّل الحصول على المطلوب في أول وهلة، كم بقي النبي عليه الصلاة والسلام يدعو الناس في مكة؟ كم ؟ ثلاثة عشر سنة يدعوهم إلى الله عز وجل بالتي هي أحسن بالموعظة الحسنة، بكل ما يستطيع من الوصول به إلى تحقيق مراده عليه الصلاة والسلام، ومع ذلك ربه سبحانه وتعالى وهو أعلم وأحكم ينزل عليه الأحكام فترة فترة، لم يجب من أركان الإسلام في مكة إلا ركنان فقط هما: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، والثاني: الصلاة، الباقي كله جاء في المدينة، الزكاة وإن قيل: إن أصلها فرض في مكة لكن الإنسان كان فيها مخيراً، في المدينة فُرضت الأنصبة وبينت وبين المقدار وبين أهل الزكاة، لكن هذه التربية من الله عز وجل يجب أن نأخذها محل اعتبار وألا نريد من الناس أن يصلحوا بين عشية وضحاها، هذا شيء مستحيل تأباه حكمة الله عز وجل.
إذن علينا أن نلاطف الناس في الدعوة إلى الله عز وجل، ونتحمل منهم الأذى، ونتحمل منهم البقاء على بعض المعاصي، رجاء إحسانها في المستقبل.
يوجد من الدعاة من عنده غيرة عظيمة، لكن لا يحسن أن يدعو الناس مع كبح هذه الغيرة، بمعنى: أنه إذا رأى شخصاً على منكر لم يملك نفسه من غيرته أن يعنف عليه بالإنكار، وهذا خطأ ما هو صحيح، عندما تجد إنساناً يشرب سيجارة مثلاً هل تصيح به تقول له: ويلك هذا حرام هذا حرام، أنت مصر على معصية فأنت من الفاسقين، جانبت العدل، هل هذا لائق؟ لا، أمهله دعه ثم تكلم معه بيسر، أخي ماذا تنفعك هذه؟ هل فيها منفعة؟ هل فيها مضرة؟ حتى يأخذ عن اقتناع. واعلم أن من وافقك عن قهر وسلطان فإنه لن ينتفع في الغالب، إذا صد عنك أو صددت عنه عاد إلى ما هو عليه، لكن إذا وافقك عن اقتناع فهذا هو المقصود وهذا الذي يحصل به المراد.
فعليكم أيها الأخوة باللطف في الدعوة إلى الله، وأن تقابلوا الناس بصدر رحب.
واعلم أنك إذا دعوت غيرك إلى الحق أو أمرته بالمعروف أو نهيته عن المنكر .
طيب .
1 - كلمة بمناسبة العام الجديد حول مراجعة النفس والسعي إلى استدراك مافات من العمل الصالح والدعوة إلى الله . أستمع حفظ
ما توجيهكم لمن يبني مسجداً صغيراً بجوار بيته قد لا يصلي فيه إلا هو وأهل بيته ، وهذا يؤدي إلى أن المساجد الكبيرة تصير فارغة .؟
السائل : ثم إن السؤال الملاحظ عندنا في منطقة الباحة وبعض القرى، أن الذي يبني له بيتاً في بعض الأحيان يجعل له مسجداً صغيراً جنب البيت، وقد يقتصر الصلاة في هذا المسجد عليه وعلى أهله وربما يكون له جيران، والمساجد الكبيرة والعتيقة تبقى مهجورة إلا من قلة من الناس، ما توجيه فضيلتكم في ذلك جزاكم الله خيراً؟
الشيخ : أقول -بارك الله فيك- لا يجوز للإنسان أن يبني مسجداً في بيت قريب من المسجد العام، لأن في هذا إضرار بالمسجد العام سواء أراده الإنسان أم لم يرده، يعني: كثير من الناس لا يريد الإضرار بالمسجد العام لكن يريد الراحة له ولأهله، ولكن هذا حرام، ولهذا قال أهل العلم رحمهم الله: يحرم بناء مسجد بقربه، وإذا بناه وجب هدمه.
ولذلك فنحن نحذر أولاً إخواننا من بناء هذه المساجد لما فيها من تفريق المسلمين، وإذا كان كل واحد يبني حول مزرعته أو حول بيته مسجداً، تفرق المسلمون بلا شك، فالواجب عليهم أن يتقوا الله عز وجل في أنفسهم وأن يتقوا الله تعالى في إخوانهم وألا يفرقوا المؤمنين، هذا بالنسبة لمن أراد أن يبني.
أما بالنسبة للجهات المسؤولة فيجب أن تخبر الجهات المسؤولة بما حدث حتى تتولى هي بنفسها ما يجب فعله شرعاً.
الشيخ : أقول -بارك الله فيك- لا يجوز للإنسان أن يبني مسجداً في بيت قريب من المسجد العام، لأن في هذا إضرار بالمسجد العام سواء أراده الإنسان أم لم يرده، يعني: كثير من الناس لا يريد الإضرار بالمسجد العام لكن يريد الراحة له ولأهله، ولكن هذا حرام، ولهذا قال أهل العلم رحمهم الله: يحرم بناء مسجد بقربه، وإذا بناه وجب هدمه.
ولذلك فنحن نحذر أولاً إخواننا من بناء هذه المساجد لما فيها من تفريق المسلمين، وإذا كان كل واحد يبني حول مزرعته أو حول بيته مسجداً، تفرق المسلمون بلا شك، فالواجب عليهم أن يتقوا الله عز وجل في أنفسهم وأن يتقوا الله تعالى في إخوانهم وألا يفرقوا المؤمنين، هذا بالنسبة لمن أراد أن يبني.
أما بالنسبة للجهات المسؤولة فيجب أن تخبر الجهات المسؤولة بما حدث حتى تتولى هي بنفسها ما يجب فعله شرعاً.
2 - ما توجيهكم لمن يبني مسجداً صغيراً بجوار بيته قد لا يصلي فيه إلا هو وأهل بيته ، وهذا يؤدي إلى أن المساجد الكبيرة تصير فارغة .؟ أستمع حفظ
هل يجوز تقديم سعي الحج للمتمتع .؟
الشيخ : إي طيب
السائل : ... أتى للحج متمتعاً وأدى العمرة ثم ذهب إلى جدة وفي اليوم الثامن أتى إلى مكة وطاف وسعى بقصد أن يسقط عنه السعي يوم العيد، هل يسقط عنه أم لا؟
الشيخ : المتمتع من المعلوم أنه يحل بالعمرة يطوف ويسعى ويقصر ويحل، فإذا كان يوم الثامن أحرم بالحج، وخرج إلى منى ولا ينفعه إذا سعى قبل ذلك، لأن سعي الحج لا يجوز تقديمه على الوقوف بـعرفة ومزدلفة إلا إذا كان قارناً أو مفرداً وسعى بعد طواف القدوم.
وعلى هذا فقل للرجل الذي فعل هذا، قل له الآن يتجنب أهله إن كان عنده أهل، ويجب عليه أن يسافر إلى مكة ويأتي بالسعي، لأنه سعى في غير وقته، والأفضل أن يحرم بعمرة إذا وصل إلى الميقات ويطوف ويسعى ويقصر ثم يأتي بسعي الحج، أبلغه بهذا يا ...
السائل : نعم
الشيخ : أبلغه بهذا .
السائل : إن شاء الله .
السائل : ... أتى للحج متمتعاً وأدى العمرة ثم ذهب إلى جدة وفي اليوم الثامن أتى إلى مكة وطاف وسعى بقصد أن يسقط عنه السعي يوم العيد، هل يسقط عنه أم لا؟
الشيخ : المتمتع من المعلوم أنه يحل بالعمرة يطوف ويسعى ويقصر ويحل، فإذا كان يوم الثامن أحرم بالحج، وخرج إلى منى ولا ينفعه إذا سعى قبل ذلك، لأن سعي الحج لا يجوز تقديمه على الوقوف بـعرفة ومزدلفة إلا إذا كان قارناً أو مفرداً وسعى بعد طواف القدوم.
وعلى هذا فقل للرجل الذي فعل هذا، قل له الآن يتجنب أهله إن كان عنده أهل، ويجب عليه أن يسافر إلى مكة ويأتي بالسعي، لأنه سعى في غير وقته، والأفضل أن يحرم بعمرة إذا وصل إلى الميقات ويطوف ويسعى ويقصر ثم يأتي بسعي الحج، أبلغه بهذا يا ...
السائل : نعم
الشيخ : أبلغه بهذا .
السائل : إن شاء الله .
صاحب المحل تأتيه هدايا مع البضاعة هل يجوز له أن يتصرف فيها ببيع .؟
السائل : فضيلة الشيخ هل يجوز لصاحب المحل إذا اشترى بضاعة وأتى مع البضاعة هدية أو جائزة أن يتصرف في هذه الهدية والجائزة ببيع أو بنحو ذلك، وسواء كانت البضاعة مفردة أو جملة؟
الشيخ : يعني صاحب البضاعة يهدي عليه
السائل : يأتي جائزة مع البضاعة أو هدية سواء كانت مفردة أو جملة هل يجوز بيعها
الشيخ : نقول: إذا أهدى البائع إلى المشتري هدية فإنها ملكه، يملكها، إلا إذا كان المشتري وكيلاً لشركة أو لجهة حكومية، فإن هذه الهدية تشبه الرشوة لأنه من المعلوم أن هذا الوكيل إذا أهدي إليه الهدية سوف يفضل هذا البائع على غيره، وربما تكون سلعته أقل أو أغلى لكن يخنعه هذه الهدية فتجده يتجنب غيره ويأتي ويشتري من هذا.
أما إذا كان الرجل يشتري لنفسه ويبيع من الناس فأهدى إليه البائع ما أهدى فهذا لا بأس به. معلوم.
السائل : سائل يقول
الشيخ : أنتم تسمعون الجواب عندنا ؟
السائل : نعم
الشيخ : تسمعون السؤال والجواب عندنا ولا لا ؟
السائل : نعم نسمع.
الشيخ : أقول تسمع السؤال والجواب الذي يلقى هنا
السائل : نعم نسمع
الشيخ : طيب .
الشيخ : يعني صاحب البضاعة يهدي عليه
السائل : يأتي جائزة مع البضاعة أو هدية سواء كانت مفردة أو جملة هل يجوز بيعها
الشيخ : نقول: إذا أهدى البائع إلى المشتري هدية فإنها ملكه، يملكها، إلا إذا كان المشتري وكيلاً لشركة أو لجهة حكومية، فإن هذه الهدية تشبه الرشوة لأنه من المعلوم أن هذا الوكيل إذا أهدي إليه الهدية سوف يفضل هذا البائع على غيره، وربما تكون سلعته أقل أو أغلى لكن يخنعه هذه الهدية فتجده يتجنب غيره ويأتي ويشتري من هذا.
أما إذا كان الرجل يشتري لنفسه ويبيع من الناس فأهدى إليه البائع ما أهدى فهذا لا بأس به. معلوم.
السائل : سائل يقول
الشيخ : أنتم تسمعون الجواب عندنا ؟
السائل : نعم
الشيخ : تسمعون السؤال والجواب عندنا ولا لا ؟
السائل : نعم نسمع.
الشيخ : أقول تسمع السؤال والجواب الذي يلقى هنا
السائل : نعم نسمع
الشيخ : طيب .
ما حكم مأموم ترك قراءة الفاتحة سهواً خلف إمامه . هل يعيد الركعة أم لا .؟
السائل : سائل يقول : إذا صلى مأموم مع الإمام ولم يقرأ الفاتحة ناسياً، هل يعيد المأموم الركعة أم ماذا يفعل؟
الشيخ : الذي نرى أنه يعيد الركعة، المأموم إذا لم يقرأ الفاتحة نسياناً مع الإمام فإنه يعيد الركعة، لأن الفاتحة لا تسقط عن المأموم إلا إذا أدرك الإمام راكعاً.
الشيخ : الذي نرى أنه يعيد الركعة، المأموم إذا لم يقرأ الفاتحة نسياناً مع الإمام فإنه يعيد الركعة، لأن الفاتحة لا تسقط عن المأموم إلا إذا أدرك الإمام راكعاً.
هل صحيح أنكم تراجعتم عن فتوى عدم اشتراط أن يكون الجورب صفيقاً حتى يمسح عليه.؟
السائل : فضيلة الشيخ غفر لنا ولك ولجميع المسلمين
الشيخ : آمين
السائل : سمعنا فتوى في المسح على الجوارب أنك لا تشترط أن الجورب يكون صفيقاً، ثم سمعنا من بعض الإخوان الفضلاء أنك رجعت عن هذه الفتوى، نريد الحق في هذا بارك الله فيك؟
الشيخ : نعم، الحق فيما عندي أني ما رجعت وأني لا أزال أفتي بأنه لا بأس أن الإنسان يمسح على الجوارب الخفيفة.
السائل : ولو كان شفافاً؟
الشيخ : ولو كان شفافاً، لأنه ليس فيه دليل على اشتراط أن تكون ساترة، ومن ثَم اختلف العلماء الذين يقولون بالاشتراط فقالوا: لو كانت هي لا يدخل من بينها الماء لكنها لصفائها تصف ما وراءها كما لو كان بلاستيك في الوقت الحاضر، فبعض العلماء يقول: لا يجوز المسح عليها، وهذا هو المشهور من مذهب الإمام أحمد عند أصحابه، وبعضهم يقول: جائز، وهذا مذهب الشافعية وكلهم ما عندهم دليل، الشافعية يقولون: جائز لأن الماء لا يمكن أن يصل من ورائها، فلا يكون فرضه الغَسل في هذه الحال وهؤلاء يقولون: لا يصح المسح عليها لأنها تصف البشرة، وكل منهم فيما نرى أنه لا دليل له وأنه يجوز المسح على الجوارب الخفيفة والصفيقة.
السائل : ولو كان فيها تمزق؟
الشيخ : ولو كان فيها تمزق نعم .
الشيخ : آمين
السائل : سمعنا فتوى في المسح على الجوارب أنك لا تشترط أن الجورب يكون صفيقاً، ثم سمعنا من بعض الإخوان الفضلاء أنك رجعت عن هذه الفتوى، نريد الحق في هذا بارك الله فيك؟
الشيخ : نعم، الحق فيما عندي أني ما رجعت وأني لا أزال أفتي بأنه لا بأس أن الإنسان يمسح على الجوارب الخفيفة.
السائل : ولو كان شفافاً؟
الشيخ : ولو كان شفافاً، لأنه ليس فيه دليل على اشتراط أن تكون ساترة، ومن ثَم اختلف العلماء الذين يقولون بالاشتراط فقالوا: لو كانت هي لا يدخل من بينها الماء لكنها لصفائها تصف ما وراءها كما لو كان بلاستيك في الوقت الحاضر، فبعض العلماء يقول: لا يجوز المسح عليها، وهذا هو المشهور من مذهب الإمام أحمد عند أصحابه، وبعضهم يقول: جائز، وهذا مذهب الشافعية وكلهم ما عندهم دليل، الشافعية يقولون: جائز لأن الماء لا يمكن أن يصل من ورائها، فلا يكون فرضه الغَسل في هذه الحال وهؤلاء يقولون: لا يصح المسح عليها لأنها تصف البشرة، وكل منهم فيما نرى أنه لا دليل له وأنه يجوز المسح على الجوارب الخفيفة والصفيقة.
السائل : ولو كان فيها تمزق؟
الشيخ : ولو كان فيها تمزق نعم .
ما حكم ما يسمى بتلقين الميت وهو أن يأتي أحد أقارب الميت بعد ساعة من دفنه ويقول له " يافلان بن فلان إن الله ربك ومحمد نبيك والإسلام دينك " .؟
السائل : سائل يقول : بعض الناس عندما يموت الميت ويوضع في قبره وينتهى من دفنه يعود إليه أحد أقاربه شقيقه ويقول له: يا فلان بن فلان! إن الله ربك والإسلام دينك ومحمد نبيك! ويسمى تلقين الميت، ما رأيكم في هذا؟
الشيخ : رأينا أن هذا بدعة، وأنه لا يغني من الحق شيئاً، والضال ضال وإن لقن، وها هو الدجال إذا بعث فإن من كان في قلبه نفاق والعياذ بالله وإن كان يعرف أخباره سوف يتبعه، لكن الثابت: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه وقال: استغفروا لأخيكم واسألوا له التثبيت فإنه الآن يُسأل ) ولم يقل لقنوه، فتلقين الميت بعد دفنه بدعة.
الشيخ : رأينا أن هذا بدعة، وأنه لا يغني من الحق شيئاً، والضال ضال وإن لقن، وها هو الدجال إذا بعث فإن من كان في قلبه نفاق والعياذ بالله وإن كان يعرف أخباره سوف يتبعه، لكن الثابت: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه وقال: استغفروا لأخيكم واسألوا له التثبيت فإنه الآن يُسأل ) ولم يقل لقنوه، فتلقين الميت بعد دفنه بدعة.
7 - ما حكم ما يسمى بتلقين الميت وهو أن يأتي أحد أقارب الميت بعد ساعة من دفنه ويقول له " يافلان بن فلان إن الله ربك ومحمد نبيك والإسلام دينك " .؟ أستمع حفظ
ما حكم صرف النقود الورقية بالمعدنية مع التفاضل.؟
السائل : بالنسبة لصرف النقود بعض الناس يعني يصرف المائة بمائة وبعضهم ينقص عن المائة شيئاً ولا يرى في ذلك بأساً، ما توجيهكم؟ الشيخ : يعني النقود المعدنية في الورقية؟.
السائل : المعدنية بالورقية نعم.
الشيخ : صرف النقود المعدنية بالورقية مع التفاضل جائز لاختلاف الجنس، لكن لابد من التقابض في المجلس، يعني يقول: خذ وأعطني.
السائل : المعدنية بالورقية نعم.
الشيخ : صرف النقود المعدنية بالورقية مع التفاضل جائز لاختلاف الجنس، لكن لابد من التقابض في المجلس، يعني يقول: خذ وأعطني.
أنا موظف في الحكومة ولدينا شركات صيانة ونظافة فيكون هناك نقص في العمادة وإذا لم نكتب النقص في الدليل الشهري تعطينا الشركة مبلغاً من المال نستفيد منه في شراء الورق والأقلام والظروف لمصلحة العمل ، مارأيكم في ذلك .؟
السائل : سائل يقول: أنا موظف في الحكومة ولدينا شركات صيانة ونظافة فيكون هناك نقص في العمالة، وإذا لم نكتب النقص في التقرير الشهري تعطينا الشركة مبلغاً من المال نستفيد منه في شراء ورق التصوير والأقلام والظروف لمصلحة العمل، ما رأيك في ذلك؟
الشيخ : يعني وإذا كتبوا النقص؟
السائل : نعم
الشيخ : وإذا كتبوا النقص
السائل : ما أدري عن السائل
الشيخ : على كل حال نقول: هؤلاء الذين لا يكتبون النقص هم في الحقيقة ظلموا أنفسهم وظلموا الشركة وظلموا الحكومة وخانوا في الأمانة، الواجب أن يكتبوا للحكومة الواقع ويقولون: حصل نقص كذا وكذا، ومسألة لوازم المكتب إن وفرته الحكومة وإلا يقولون نتوقف، أعطونا وإلا نتوقف ، أفهمت؟
السائل : نعم .
الشيخ : يعني وإذا كتبوا النقص؟
السائل : نعم
الشيخ : وإذا كتبوا النقص
السائل : ما أدري عن السائل
الشيخ : على كل حال نقول: هؤلاء الذين لا يكتبون النقص هم في الحقيقة ظلموا أنفسهم وظلموا الشركة وظلموا الحكومة وخانوا في الأمانة، الواجب أن يكتبوا للحكومة الواقع ويقولون: حصل نقص كذا وكذا، ومسألة لوازم المكتب إن وفرته الحكومة وإلا يقولون نتوقف، أعطونا وإلا نتوقف ، أفهمت؟
السائل : نعم .
9 - أنا موظف في الحكومة ولدينا شركات صيانة ونظافة فيكون هناك نقص في العمادة وإذا لم نكتب النقص في الدليل الشهري تعطينا الشركة مبلغاً من المال نستفيد منه في شراء الورق والأقلام والظروف لمصلحة العمل ، مارأيكم في ذلك .؟ أستمع حفظ
ورد في النصوص الشرعية أنه من هم بسيئة ثم لم يعملها كتبت له حسنة ، ونصوص أخرى من هم بالسيئة ولم يعملها لا تكتب له فما التوفيق .؟
السائل : شيخ وردت بعض النصوص الشرعية تدل على أن من هم بالسيئة يعني ولم يعملها تكتب له حسنة، ونصوصاً أخرى: من هم بالسيئة ولم يعملها لا تكتب له.فكيف يعني التوفيق؟
الشيخ : إي نعم ، الهم بالسيئة في الواقع له أقسام:
القسم الأول: أن يهم بالسيئة ويعمل لها ولكن يحال بينه وبينها، فهذا يكتب عليه وزره، دليل ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: ( إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار، قالوا: يا رسول الله! هذا القاتل فما بال المقتول؟ قال: لأنه كان حريصاً على قتل صاحبه ) .
القسم الثاني: أن يهم بها ثم يدعها لله عز وجل، فهذا تكتب له حسنة، لأنه في الحديث الذي أشرت إليه قال الله تعالى: ( إنما تركها من جرائي ) أي: من أجلي.
الثالث: أن يهم بها ثم يدعها لا خوفاً من الله ولا عجزاً عنها.
الشيخ : إي نعم ، الهم بالسيئة في الواقع له أقسام:
القسم الأول: أن يهم بالسيئة ويعمل لها ولكن يحال بينه وبينها، فهذا يكتب عليه وزره، دليل ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: ( إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار، قالوا: يا رسول الله! هذا القاتل فما بال المقتول؟ قال: لأنه كان حريصاً على قتل صاحبه ) .
القسم الثاني: أن يهم بها ثم يدعها لله عز وجل، فهذا تكتب له حسنة، لأنه في الحديث الذي أشرت إليه قال الله تعالى: ( إنما تركها من جرائي ) أي: من أجلي.
الثالث: أن يهم بها ثم يدعها لا خوفاً من الله ولا عجزاً عنها.
اضيفت في - 2005-08-27