سلسلة لقاء الباب المفتوح-159a
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
سلسلة لقاء الباب المفتوح
كلمة للشيخ حول النكاح (حكمه ,شروطه ,الشقاق بين الزوجين.....).
الشيخ : ولعلنا نتكلم عن موضوع مهم يكثر وقوعه في أيام الإجازة ألا وهو النكاح.
فالنكاح سنة من سنن المرسلين، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم عن نفسه: ( وأنا أتزوج النساء ) ، وقال: ( حبب إلي من دنياكم: النساء والطيب، وجعلت قرة عيني في الصلاة ) .
وقال الله تعالى في كتابه: (( وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجاً وَذُرِّيَّةً )) فهو إذن من سنن المرسلين الذين خُتِموا بمحمد صلى الله وعلى آله وسلم.
وهو واجب على الشاب القادر، لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: ( يا معشر الشباب! من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء ).
وهذا يدل على أن المراد بالشباب الذين وجه النبي صلى الله عليه وسلم إليهم الخطاب هم ذوو الشهوة لقوله: ( ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء ) فإذا كان الشاب ذا شهوة، وكان قادراً عليه وجب عليه أن يتزوج لما في ذلك من المصالح العظيمة، أما إذا كان شاباً ليس له شهوة أو شهوته ضعيفة لا تحمله على النكاح، أو كان عنده شهوة قوية لكن ليس عنده ما يستطيع أن يتزوج به من مهر ونفقات وغيرها فإنه لا يجب عليه، لكن ماذا يصنع؟ أرشد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إلى الصوم قال: ( عليه بالصوم فإنه له وجاء ) ، لأن الصوم عبادة يشتغل به الإنسان عما يتعلق بالنكاح والشهوة، ولأن الصوم يُضعف مجاري الدم التي هي مجاري الشيطان فيحصل به العفاف.
فإن لم يستطع الصوم فقد قال الله عز وجل: (( وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ )) يعني: يتصبر، ومن يتصبر يصبره الله عز وجل، وإذا كان الله تعالى قد وعد: (( وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ )) يعني: إلى أن يغنيهم الله من فضله، حتى هنا للغاية وليست للتعليل فيما يظهر فهي للغاية لكنها تشير إلى أن الله سبحانه وتعالى سيجعل لهم فرجاً ومخرجاً إذا استعفوا.
فإن لم يصبر وعجز وخاف على نفسه الزنا، فلا حرج عليه أن يتناول ما يهدئ الشهوة من الأدوية ونحوها حتى لا يقع في الحرام.
ثم إن النكاح عقد عظيم خطير له شروط في ابتدائه وشروط في انتهائه ويترتب عليه أمور عظيمة، فمما يترتب عليه الصلة بين الناس، فإن الإنسان إذا تزوج من قوم صار كأنه قريبهم، ولهذا جعل الله ذلك أعني المصاهرة جعلها الله قسيماً للنسب وللقرابة فقال تعالى: (( وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً )) ولذلك ترى الرجل لا يعرف هؤلاء القوم إلا بالذكر، فيتزوج منهم فيكون كأنه واحد منهم، حتى إنه يجري بينه وبين زوجته الميراث ويجري بينه وبين قرابتها من المحرمية ما هو معروف، ولذلك كان عقداً خطيراً مهماً
ومما ينبغي أن يتكلم فيه في موضوع النكاح: أولاً: أنه لابد في النكاح من شروط، لا بد في النكاح من أهمها: الرضا، فلا يمكن أن يجبر الرجل على أن يتزوج امرأة معينة، ولا تجبر المرأة على أن تتزوج رجلاً معيناً بل لابد من الرضا، وبذلك يتبين جهل بعض العامة الذين يجبرون شبابهم على أن يتزوجوا بقريباتهم، فمثلاً يقول الرجل لابنه: لابد أن تتزوج بنت عمك، ويجبره على هذا إما بالقوة الحسية وإما بالقوة المعنوية بحيث يخجله لو خالفه، وهذا حرام عليه، حرام على الأب أن يجبر ابنه أن يتزوج بنت عمه أو غيرها من النساء، لأن هذه مسائل خاصة بالإنسان نفسه.
ولا يجب على الابن لا يجب على الابن أن يطيع أباه في ذلك، يعني: لو قال الأب: تزوج بنت عمك، قال: لا أريدها، فإنه لا يجوز للأب أن يجبره ولا يلزم الابن أن يطيعه، فإذا قال الابن: إن لم أطعه غضب عليَّ وهجرني وقاطعني فماذا أصنع؟ نقول: إذا فعل الأب هذا فالذنب عليه، وأنت ليس عليك شيء، بل هو الجاني وهو المعتدي وأنت عليك أن تقوم ببره ولو جفاك ولو هجرك.
كذلك أيضاً بعض الناس يجبر ابنته أن تتزوج من شخص معين، هذا أيضاً لا يجوز، لا يجوز أن يجبرها ولو أجبرها فإن النكاح لا يصح، لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: ( لا تنكح البكر حتى تستأذن، ولا تنكح الأيم حتى تستأمر ) بل نص على البكر والأب، فقال عليه الصلاة والسلام: ( البكر يستأمرها أبوها ) .
وما جرت به عادة بعض الناس من أنه يدخر ابنته لابن أخيه، حتى إنه يخطبها الخطاب ذوو الكفاءة في الدين والخلق ولكن يقول: أنا أريدها لابن عمها، هذا حرام ولا يجوز أن يحتكرها لابن أخيه، بل يجب عليه إذا خطبها من هو كفء في دينه وخلقه ورضيت به أن يزوجها ولا يمنعها، لأن هذا أمانة وقد قال الله تبارك وتعالى: (( إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْأِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً )) فإن أجبرها بالقوة على أن تتزوج ابن أخيه أو غيره فالنكاح غير صحيح، لأنه نكاح عُصي فيه الرسول عليه الصلاة والسلام وخولف فيه، وقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ( من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد ) أي: مردود باطل.
فالمرأة لا تحل للزوج الذي زوجت به وهي كارهة له، ولا يجوز إبقاء النكاح بينهما، لكن لو رضيت البنت مثلاً لو رضيت البنت بعد أن تم الزواج فهل رضاها ينسحب على العقد السابق ونقول: إن النكاح الآن صحيح، لأنها أجازته، أو لابد من تجديد العقد؟ الاحتياط أن يجدد العقد مرة أخرى، فيُطلب من الزوج أن يبتعد عنها ويحضر شاهدان ويعقد له ويعود عليها بهذا العقد الجديد الاحتياطي.
ثانياً: ومن المهم في عقد النكاح الولي، فالمرأة لا تزوج نفسها حتى لو كانت من أعقل النساء، وحتى لو كانت ثيباً فإنها لا تزوج نفسها لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( لا نكاح إلا بولي ) وهذا نفي للصحة، يعني: لا يصح نكاح إلا بولي، ويشير إلى هذا قول الله تبارك وتعالى: (( فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ )).
وهذا يدل على أن الولي له تأثير في عقد النكاح وعدمه، فلابد من أن يكون النكاح بولي، والولي: هو من يتولى أمرها من العصبات، فلا مدخل لذوي الأرحام في عقد النكاح، ولا لمن أدلى بأنثى في عقد النكاح، مثلاً: الأب ولي أو لا ؟ نعم الأب ولي ، الابن ولي، والأخ الشقيق ولي، والأخ لأب ولي، العم الشقيق ولي، والعم لأب ولي، ابن العم الشقيق ولي، ابن العم لأب ولي، المهم أنهم من العصبات، الأخ من الأم ليس بولي، لأنه مدلي بأنثى، وعلى هذا فإذا وجد امرأة لها أخ من أم ولها ابن عم بعيد فالذي يزوجها ابن عمها البعيد
طيب العم لأم يعني: أخا أبيها من الأم هل له ولاية؟ لا، لأنه مدلٍ بأنثى، ويخطأ بعض الناس حيث يظن أن الجد من قبل الأم ولي أو أن الخال ولي أو أن الأخ من الأم ولي أو ما أشبه ذلك، هؤلاء ليس لهم ولاية في النكاح إطلاقاً.
فالولي إذن من؟ من كان من عصباتها، لا من أدلى بأنثى.
ولكن يجب على الولي أن يتقي الله عز وجل في من ولاه الله عليها، فإذا خطبها من هو كفء زوجها إذا رضيت، وإذا خطبها من ليس بكفء لم يزوجها حتى لو رضيت هي بهذا الرجل وهو ليس كفئاً بدينه، فإنه لا يجوز لوليها أن يزوجها، لأنه مسؤول عنها، لو خطبها من لا يصلي هل يزوجه؟ لا، لا يزوجه، لو خطبها من كان معروفاً بالفجور بشرب الخمر بالحشيش يزوجها أو لا ؟ لا، حتى لو رضيت هي وقالت: أنها تريد هذا الرجل فإنه لا يزوجها، لو قالت: لا تريد أن تتزوج بغيره هل يزوجها؟ لا، لا يزوجها، حتى لو ماتت وهي لم تتزوج فليس عليه إثم، لأن هذا أمانة يجب عليه أن يختار من هو كفء في دينه وخُلقه، لأنه مؤتمن على هذه المرأة.
مما يتعلق بالنكاح: العدة، المرأة إذا فارقت زوجها لابد عليها من عدة، إلا إذا كان لم يدخل بها ولم يخل بها، كرجل تزوج امرأة وهي في بلد ثم طلقها قبل أن يخلو بها، فهذه ليس عليها عدة، لقول الله تعالى: (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا )) فهمتم طيب
إذن: العدة إذا طُلقت المرأة قبل الدخول والخلوة ليست واجبة، يجوز أن تتزوج على طول تتزوج رجلاً آخر
لكن لو مات عنها قبل أن يدخل بها ويخلو بها فعليها العدة، كرجل عقد على امرأة ثم مات قبل أن يدخل بها وقبل أن يخلو بها فعليها العدة، لعموم قول الله تبارك وتعالى: (( وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً )) ولم يشترط الله تبارك وتعالى دخولاً ولا غيره بخلاف الطلاق، فالطلاق بين الله تعالى أنه إذا طلقها قبل أن يمسها فليس عليها عدة. أفهمتم؟
ومما يتعلق بالطلاق أنه لا يجوز للرجل أن يطلق امرأته إلا في حالين بل في ثلاثة أحوال، ولنذكر الممنوع والباقي هو الحلال:
لا يجوز أن يطلقها في طهرٍ جامعها فيه، إلا إن تبين حملها.
ولا يجوز أن يطلقها وهي حائض دليل ذلك قول الله تبارك وتعالى: (( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ )) إلى قوله: (( وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ )) فما معنى قوله: (( فطلقوهن لعدتهن )) ؟ بين ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، وهو أن يطلقها في طهر لم يجامعها فيه، هذا هو الطلاق للعدة، إذا طلقها وهي حائض قبل أن يدخل بها ويخلو بها أيكون حلالاً أو حراماً ؟
السائل : ...
الشيخ : لماذا ؟ لأنه ليس عليها عدة أصلاً، والله يقول: (( فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ )) هذه ما عليها عدة.
طيب طلقها وهي صغيرة بعد أن دخل بها، وهي صغيرة لا تحيض طلقها بعد جماعها أيجوز أم لا ؟
يجوز ، لماذا ؟ لأن هذه عدتها بالأشهر، فمن حين أن يطلق تشرع بالعدة، والله عز وجل يقول: (( فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ )) والمرأة الصغيرة التي لم يأتها الحيض بعد، عدتها ثلاثة أشهر تبتدأ من حين الطلاق، ولهذا قال الله تعالى: (( وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ )) إيش؟ (( ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ ))
طيب: إنسان عنده امرأة قد بلغت سن اليأس، يعني: أنها انقطع حيضها فطلقها بعد الجماع.
يجوز أو لا يجوز؟ يجوز يا إخوان، ليش؟ لأنه من حين ما يطلقها تبدأ في العدة وعدتها ليست بالحيض ولكنها بالأشهر وقد شرعت فيه من الآن.
طيب إنسان جامع زوجته وهي حامل وطلقها بعد الجماع ، يجوز أو لا ؟ يجوز لماذا؟
لأنها تشرع في العدة من الآن، إذ أن عدتها من الفراق إلى أن تضع الحمل، والله عز وجل يقول: (( طَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ )) لكن إذا طلقها في حيض لم يطلقها للعدة، لأن هذه الحيضة التي طلقها فيها لا تحسب من الحيض التي هي ثلاثة قروء.
طلقها في طهر جامعها فيه، لا يدري هل حملت من هذا الوطء فتكون عدتها بإيش؟ لو حلمت من هذا الوطء عدتها بإيش؟ بوضع الحمل، أو لم تحمل فتكون عدتها بالحِيَض.
لذلك إذا طلقها في طهر جامعها فيه لم يطلقها لعدة معلومة، ما يدري، إن نشأ بها حمل من هذا الطلاق فعدتها بالحمل، إن لم ينشأ فعدتها بالحيض، فنحن الآن في شك فهو لم يطلق لعدة متيقَّنة.
والخلاصة : الطلاق قبل الدخول والخلوة جائز بكل حال سواء حائض أو غير حائض
طلاق الحامل جائز بكل حال
طلاق الطاهر في طهر لم يجامعها فيه جائز، نعم
طلاق الحائض حرام
طلاق الطاهر التي جامعها في طهرها حرام، فإن تبين حملها طلقها لأنها تكون حاملاً.
ومما يتعلق بالنكاح: أنه إذا حصل بين الزوجين جماع وجب عليهما جميعاً الغسل سواء حصل إنزال أم لم يحصل، وهذه تخفى كثيرًا من الناس، كثير من الناس يظنون أنه لا يجب الغسل إلا إذا أنزل، وأنه لو جامع المرأة ولم ينزل فليس عليهما غسل، وهذا غلط خطأ.
هذا كان في أول الإسلام، لكنه بعد ذلك نُسِخ وصار يجب على الإنسان إذا جامع المرأة أن يغتسل هو وهي أيضاً، دليل ذلك: حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا جلس بين شعبها الأربع ثم جهدها فقد وجب الغسل وإن لم ينزل ) وهذا نص صريح في وجوب الغُسل من الجماع بدون إنزال.
ويجب الغسل أيضاً في حال أخرى وهي ما إذا أنزل سواء جامع أم لم يجامع، فلو قبل زوجته وأنزل وجب عليه الغسل، والمرأة كذلك يجب عليها إن أنزلت وإلا فلا، فصار الغسل واجباً بواحد من أمرين هما: الجماع أو الإنزال، طيب فإن حصل جماع وإنزال يجب الغسل، يجب؟ طيب هل يجب غسل واحد ولا اثنان؟
الطالب : واحد
الشيخ : واحد إي نعم ، لأن الفعل واحد، بل لو جامع ولم يغتسل ثم جامع مرة أخرى ولم يغتسل ثم جامع ثالثة ولم يغتسل كم يجب عليه من غسل؟ واحد، لأن الأحداث وإن تعددت يكفي فيها طهر واحد، ولهذا لو أن الإنسان بال وتغوط وخرج منه ريح وأكل لحم إبل ونام نوماً عميقاً، خمسة أشياء، كم عليه من وضوء؟
الطالب : واحد
الشيخ : واحد ، نعم
طيب، ومما يجب بعقد النكاح: التوارث بين الزوجين، فإذا ماتت الزوجة عن زوجها وليس لها أولاد لا منه ولا من غيره فله نصف مالها، وإن مات هو عنها وليس له أولاد منها ولا من غيرها فلها الربع، وهل يثبت هذا الميراث وإن لم يدخل بها؟ نعم يعني لو أن رجلاً تزوج امرأة وعنده دراهم كثيرة ثم مات قبل أن يدخل عليها ويخلو بها أترثه؟ نعم ترثه، ويثبت لها المهر كاملاً وعليها العدة كما قضى به النبي صلى الله عليه وسلم في بَرْوَع بنت واشق.
ومما يتعلق أيضاً بالنكاح وهو مهم جداً: أنه يجب على كل من الزوجين أن يعاشر الآخر بالمعروف، لقول الله تبارك وتعالى: (( وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ )) فيجب على المرأة أن تعاشر زوجها بالمعروف وأن تقوم بحقه بقدر الاستطاعة، ويجب على الزوج كذلك أن يعاشر زوجته بالمعروف وأن يتقي الله فيها كما أوصى بذلك النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في حجة الوداع في أكبر مجمع إسلامي قال: ( اتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمان الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله ) فأوصى بالنساء، وقال: ( استوصوا بالنساء خيراً فإنهن خُلقن من ضَلَع ) ، وقال عليه الصلاة والسلام: ( اتقوا الله في النساء فإنهن عوان بينكم ) والعواني: جمع عانية والعانية هي الأسيرة يعني: بمنزلة الأسير.
فالواجب على كل من الزوجين أن يقوم بما أوجب الله عليه من العشرة الحسنة وألا يتسلط الزوج على الزوجة لكونه أعلى منها وكون أمرها بيده، وكذلك للزوجة لا يجوز أن تترفع على الزوج بل على كل منهما أن يعاشر الآخر بالمعروف.
طيب من المعلوم أنه قد يقع من الزوج كراهة للزوجة إما لتقصيرها في حقه أو لقصورها في عقلها وذكائها وما أشبه ذلك، فكيف يعامل هذه المرأة؟ نقول: هذا موجود في القرآن وفي السنة، قال الله تبارك وتعالى: (( فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيرا )) وهذا هو الواقع، قد يكره الإنسان زوجته لسبب ثم يصبر فيجعل الله عز وجل في هذا خيراً كثيراً، تنقلب الكراهة إلى محبة، والسآمة إلى راحة وهكذا، وقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ( لا يفرك مؤمن مؤمنة ) يعني: لا يبغضها ولا يكرهها ( إن كره منها خلقاً رضي منها خلقاً آخر ) شوف المقابلة، الرسول عليه الصلاة والسلام أعطاه الله الحكمة، ( إن كره منها خلقاً رضي منها خلقاً آخر ) هل أحد يتم له مراده في هذه الدنيا؟ أجيبوا لا، أبداً، لا يتم مرادك في هذه الدنيا، وإن تم في شيء نقص في شيء، حتى الأيام يقول الله عز وجل: (( وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ )) وفي ذلك يقول الشاعر الجاهلي:
" ويوم علينا ويوم لنا *** ويوم نُسَاءُ ويوم نُسَرّ "
جرب هذا تجده، لا تبقى الدنيا على حال واحد، ومن الأمثال السائرة: " دوام الحال من المحال ".
فإذا كرهت من زوجك شيئاً فقابله
فالنكاح سنة من سنن المرسلين، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم عن نفسه: ( وأنا أتزوج النساء ) ، وقال: ( حبب إلي من دنياكم: النساء والطيب، وجعلت قرة عيني في الصلاة ) .
وقال الله تعالى في كتابه: (( وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجاً وَذُرِّيَّةً )) فهو إذن من سنن المرسلين الذين خُتِموا بمحمد صلى الله وعلى آله وسلم.
وهو واجب على الشاب القادر، لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: ( يا معشر الشباب! من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء ).
وهذا يدل على أن المراد بالشباب الذين وجه النبي صلى الله عليه وسلم إليهم الخطاب هم ذوو الشهوة لقوله: ( ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء ) فإذا كان الشاب ذا شهوة، وكان قادراً عليه وجب عليه أن يتزوج لما في ذلك من المصالح العظيمة، أما إذا كان شاباً ليس له شهوة أو شهوته ضعيفة لا تحمله على النكاح، أو كان عنده شهوة قوية لكن ليس عنده ما يستطيع أن يتزوج به من مهر ونفقات وغيرها فإنه لا يجب عليه، لكن ماذا يصنع؟ أرشد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إلى الصوم قال: ( عليه بالصوم فإنه له وجاء ) ، لأن الصوم عبادة يشتغل به الإنسان عما يتعلق بالنكاح والشهوة، ولأن الصوم يُضعف مجاري الدم التي هي مجاري الشيطان فيحصل به العفاف.
فإن لم يستطع الصوم فقد قال الله عز وجل: (( وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ )) يعني: يتصبر، ومن يتصبر يصبره الله عز وجل، وإذا كان الله تعالى قد وعد: (( وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ )) يعني: إلى أن يغنيهم الله من فضله، حتى هنا للغاية وليست للتعليل فيما يظهر فهي للغاية لكنها تشير إلى أن الله سبحانه وتعالى سيجعل لهم فرجاً ومخرجاً إذا استعفوا.
فإن لم يصبر وعجز وخاف على نفسه الزنا، فلا حرج عليه أن يتناول ما يهدئ الشهوة من الأدوية ونحوها حتى لا يقع في الحرام.
ثم إن النكاح عقد عظيم خطير له شروط في ابتدائه وشروط في انتهائه ويترتب عليه أمور عظيمة، فمما يترتب عليه الصلة بين الناس، فإن الإنسان إذا تزوج من قوم صار كأنه قريبهم، ولهذا جعل الله ذلك أعني المصاهرة جعلها الله قسيماً للنسب وللقرابة فقال تعالى: (( وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً )) ولذلك ترى الرجل لا يعرف هؤلاء القوم إلا بالذكر، فيتزوج منهم فيكون كأنه واحد منهم، حتى إنه يجري بينه وبين زوجته الميراث ويجري بينه وبين قرابتها من المحرمية ما هو معروف، ولذلك كان عقداً خطيراً مهماً
ومما ينبغي أن يتكلم فيه في موضوع النكاح: أولاً: أنه لابد في النكاح من شروط، لا بد في النكاح من أهمها: الرضا، فلا يمكن أن يجبر الرجل على أن يتزوج امرأة معينة، ولا تجبر المرأة على أن تتزوج رجلاً معيناً بل لابد من الرضا، وبذلك يتبين جهل بعض العامة الذين يجبرون شبابهم على أن يتزوجوا بقريباتهم، فمثلاً يقول الرجل لابنه: لابد أن تتزوج بنت عمك، ويجبره على هذا إما بالقوة الحسية وإما بالقوة المعنوية بحيث يخجله لو خالفه، وهذا حرام عليه، حرام على الأب أن يجبر ابنه أن يتزوج بنت عمه أو غيرها من النساء، لأن هذه مسائل خاصة بالإنسان نفسه.
ولا يجب على الابن لا يجب على الابن أن يطيع أباه في ذلك، يعني: لو قال الأب: تزوج بنت عمك، قال: لا أريدها، فإنه لا يجوز للأب أن يجبره ولا يلزم الابن أن يطيعه، فإذا قال الابن: إن لم أطعه غضب عليَّ وهجرني وقاطعني فماذا أصنع؟ نقول: إذا فعل الأب هذا فالذنب عليه، وأنت ليس عليك شيء، بل هو الجاني وهو المعتدي وأنت عليك أن تقوم ببره ولو جفاك ولو هجرك.
كذلك أيضاً بعض الناس يجبر ابنته أن تتزوج من شخص معين، هذا أيضاً لا يجوز، لا يجوز أن يجبرها ولو أجبرها فإن النكاح لا يصح، لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: ( لا تنكح البكر حتى تستأذن، ولا تنكح الأيم حتى تستأمر ) بل نص على البكر والأب، فقال عليه الصلاة والسلام: ( البكر يستأمرها أبوها ) .
وما جرت به عادة بعض الناس من أنه يدخر ابنته لابن أخيه، حتى إنه يخطبها الخطاب ذوو الكفاءة في الدين والخلق ولكن يقول: أنا أريدها لابن عمها، هذا حرام ولا يجوز أن يحتكرها لابن أخيه، بل يجب عليه إذا خطبها من هو كفء في دينه وخلقه ورضيت به أن يزوجها ولا يمنعها، لأن هذا أمانة وقد قال الله تبارك وتعالى: (( إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْأِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً )) فإن أجبرها بالقوة على أن تتزوج ابن أخيه أو غيره فالنكاح غير صحيح، لأنه نكاح عُصي فيه الرسول عليه الصلاة والسلام وخولف فيه، وقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ( من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد ) أي: مردود باطل.
فالمرأة لا تحل للزوج الذي زوجت به وهي كارهة له، ولا يجوز إبقاء النكاح بينهما، لكن لو رضيت البنت مثلاً لو رضيت البنت بعد أن تم الزواج فهل رضاها ينسحب على العقد السابق ونقول: إن النكاح الآن صحيح، لأنها أجازته، أو لابد من تجديد العقد؟ الاحتياط أن يجدد العقد مرة أخرى، فيُطلب من الزوج أن يبتعد عنها ويحضر شاهدان ويعقد له ويعود عليها بهذا العقد الجديد الاحتياطي.
ثانياً: ومن المهم في عقد النكاح الولي، فالمرأة لا تزوج نفسها حتى لو كانت من أعقل النساء، وحتى لو كانت ثيباً فإنها لا تزوج نفسها لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( لا نكاح إلا بولي ) وهذا نفي للصحة، يعني: لا يصح نكاح إلا بولي، ويشير إلى هذا قول الله تبارك وتعالى: (( فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ )).
وهذا يدل على أن الولي له تأثير في عقد النكاح وعدمه، فلابد من أن يكون النكاح بولي، والولي: هو من يتولى أمرها من العصبات، فلا مدخل لذوي الأرحام في عقد النكاح، ولا لمن أدلى بأنثى في عقد النكاح، مثلاً: الأب ولي أو لا ؟ نعم الأب ولي ، الابن ولي، والأخ الشقيق ولي، والأخ لأب ولي، العم الشقيق ولي، والعم لأب ولي، ابن العم الشقيق ولي، ابن العم لأب ولي، المهم أنهم من العصبات، الأخ من الأم ليس بولي، لأنه مدلي بأنثى، وعلى هذا فإذا وجد امرأة لها أخ من أم ولها ابن عم بعيد فالذي يزوجها ابن عمها البعيد
طيب العم لأم يعني: أخا أبيها من الأم هل له ولاية؟ لا، لأنه مدلٍ بأنثى، ويخطأ بعض الناس حيث يظن أن الجد من قبل الأم ولي أو أن الخال ولي أو أن الأخ من الأم ولي أو ما أشبه ذلك، هؤلاء ليس لهم ولاية في النكاح إطلاقاً.
فالولي إذن من؟ من كان من عصباتها، لا من أدلى بأنثى.
ولكن يجب على الولي أن يتقي الله عز وجل في من ولاه الله عليها، فإذا خطبها من هو كفء زوجها إذا رضيت، وإذا خطبها من ليس بكفء لم يزوجها حتى لو رضيت هي بهذا الرجل وهو ليس كفئاً بدينه، فإنه لا يجوز لوليها أن يزوجها، لأنه مسؤول عنها، لو خطبها من لا يصلي هل يزوجه؟ لا، لا يزوجه، لو خطبها من كان معروفاً بالفجور بشرب الخمر بالحشيش يزوجها أو لا ؟ لا، حتى لو رضيت هي وقالت: أنها تريد هذا الرجل فإنه لا يزوجها، لو قالت: لا تريد أن تتزوج بغيره هل يزوجها؟ لا، لا يزوجها، حتى لو ماتت وهي لم تتزوج فليس عليه إثم، لأن هذا أمانة يجب عليه أن يختار من هو كفء في دينه وخُلقه، لأنه مؤتمن على هذه المرأة.
مما يتعلق بالنكاح: العدة، المرأة إذا فارقت زوجها لابد عليها من عدة، إلا إذا كان لم يدخل بها ولم يخل بها، كرجل تزوج امرأة وهي في بلد ثم طلقها قبل أن يخلو بها، فهذه ليس عليها عدة، لقول الله تعالى: (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا )) فهمتم طيب
إذن: العدة إذا طُلقت المرأة قبل الدخول والخلوة ليست واجبة، يجوز أن تتزوج على طول تتزوج رجلاً آخر
لكن لو مات عنها قبل أن يدخل بها ويخلو بها فعليها العدة، كرجل عقد على امرأة ثم مات قبل أن يدخل بها وقبل أن يخلو بها فعليها العدة، لعموم قول الله تبارك وتعالى: (( وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً )) ولم يشترط الله تبارك وتعالى دخولاً ولا غيره بخلاف الطلاق، فالطلاق بين الله تعالى أنه إذا طلقها قبل أن يمسها فليس عليها عدة. أفهمتم؟
ومما يتعلق بالطلاق أنه لا يجوز للرجل أن يطلق امرأته إلا في حالين بل في ثلاثة أحوال، ولنذكر الممنوع والباقي هو الحلال:
لا يجوز أن يطلقها في طهرٍ جامعها فيه، إلا إن تبين حملها.
ولا يجوز أن يطلقها وهي حائض دليل ذلك قول الله تبارك وتعالى: (( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ )) إلى قوله: (( وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ )) فما معنى قوله: (( فطلقوهن لعدتهن )) ؟ بين ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، وهو أن يطلقها في طهر لم يجامعها فيه، هذا هو الطلاق للعدة، إذا طلقها وهي حائض قبل أن يدخل بها ويخلو بها أيكون حلالاً أو حراماً ؟
السائل : ...
الشيخ : لماذا ؟ لأنه ليس عليها عدة أصلاً، والله يقول: (( فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ )) هذه ما عليها عدة.
طيب طلقها وهي صغيرة بعد أن دخل بها، وهي صغيرة لا تحيض طلقها بعد جماعها أيجوز أم لا ؟
يجوز ، لماذا ؟ لأن هذه عدتها بالأشهر، فمن حين أن يطلق تشرع بالعدة، والله عز وجل يقول: (( فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ )) والمرأة الصغيرة التي لم يأتها الحيض بعد، عدتها ثلاثة أشهر تبتدأ من حين الطلاق، ولهذا قال الله تعالى: (( وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ )) إيش؟ (( ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ ))
طيب: إنسان عنده امرأة قد بلغت سن اليأس، يعني: أنها انقطع حيضها فطلقها بعد الجماع.
يجوز أو لا يجوز؟ يجوز يا إخوان، ليش؟ لأنه من حين ما يطلقها تبدأ في العدة وعدتها ليست بالحيض ولكنها بالأشهر وقد شرعت فيه من الآن.
طيب إنسان جامع زوجته وهي حامل وطلقها بعد الجماع ، يجوز أو لا ؟ يجوز لماذا؟
لأنها تشرع في العدة من الآن، إذ أن عدتها من الفراق إلى أن تضع الحمل، والله عز وجل يقول: (( طَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ )) لكن إذا طلقها في حيض لم يطلقها للعدة، لأن هذه الحيضة التي طلقها فيها لا تحسب من الحيض التي هي ثلاثة قروء.
طلقها في طهر جامعها فيه، لا يدري هل حملت من هذا الوطء فتكون عدتها بإيش؟ لو حلمت من هذا الوطء عدتها بإيش؟ بوضع الحمل، أو لم تحمل فتكون عدتها بالحِيَض.
لذلك إذا طلقها في طهر جامعها فيه لم يطلقها لعدة معلومة، ما يدري، إن نشأ بها حمل من هذا الطلاق فعدتها بالحمل، إن لم ينشأ فعدتها بالحيض، فنحن الآن في شك فهو لم يطلق لعدة متيقَّنة.
والخلاصة : الطلاق قبل الدخول والخلوة جائز بكل حال سواء حائض أو غير حائض
طلاق الحامل جائز بكل حال
طلاق الطاهر في طهر لم يجامعها فيه جائز، نعم
طلاق الحائض حرام
طلاق الطاهر التي جامعها في طهرها حرام، فإن تبين حملها طلقها لأنها تكون حاملاً.
ومما يتعلق بالنكاح: أنه إذا حصل بين الزوجين جماع وجب عليهما جميعاً الغسل سواء حصل إنزال أم لم يحصل، وهذه تخفى كثيرًا من الناس، كثير من الناس يظنون أنه لا يجب الغسل إلا إذا أنزل، وأنه لو جامع المرأة ولم ينزل فليس عليهما غسل، وهذا غلط خطأ.
هذا كان في أول الإسلام، لكنه بعد ذلك نُسِخ وصار يجب على الإنسان إذا جامع المرأة أن يغتسل هو وهي أيضاً، دليل ذلك: حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا جلس بين شعبها الأربع ثم جهدها فقد وجب الغسل وإن لم ينزل ) وهذا نص صريح في وجوب الغُسل من الجماع بدون إنزال.
ويجب الغسل أيضاً في حال أخرى وهي ما إذا أنزل سواء جامع أم لم يجامع، فلو قبل زوجته وأنزل وجب عليه الغسل، والمرأة كذلك يجب عليها إن أنزلت وإلا فلا، فصار الغسل واجباً بواحد من أمرين هما: الجماع أو الإنزال، طيب فإن حصل جماع وإنزال يجب الغسل، يجب؟ طيب هل يجب غسل واحد ولا اثنان؟
الطالب : واحد
الشيخ : واحد إي نعم ، لأن الفعل واحد، بل لو جامع ولم يغتسل ثم جامع مرة أخرى ولم يغتسل ثم جامع ثالثة ولم يغتسل كم يجب عليه من غسل؟ واحد، لأن الأحداث وإن تعددت يكفي فيها طهر واحد، ولهذا لو أن الإنسان بال وتغوط وخرج منه ريح وأكل لحم إبل ونام نوماً عميقاً، خمسة أشياء، كم عليه من وضوء؟
الطالب : واحد
الشيخ : واحد ، نعم
طيب، ومما يجب بعقد النكاح: التوارث بين الزوجين، فإذا ماتت الزوجة عن زوجها وليس لها أولاد لا منه ولا من غيره فله نصف مالها، وإن مات هو عنها وليس له أولاد منها ولا من غيرها فلها الربع، وهل يثبت هذا الميراث وإن لم يدخل بها؟ نعم يعني لو أن رجلاً تزوج امرأة وعنده دراهم كثيرة ثم مات قبل أن يدخل عليها ويخلو بها أترثه؟ نعم ترثه، ويثبت لها المهر كاملاً وعليها العدة كما قضى به النبي صلى الله عليه وسلم في بَرْوَع بنت واشق.
ومما يتعلق أيضاً بالنكاح وهو مهم جداً: أنه يجب على كل من الزوجين أن يعاشر الآخر بالمعروف، لقول الله تبارك وتعالى: (( وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ )) فيجب على المرأة أن تعاشر زوجها بالمعروف وأن تقوم بحقه بقدر الاستطاعة، ويجب على الزوج كذلك أن يعاشر زوجته بالمعروف وأن يتقي الله فيها كما أوصى بذلك النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في حجة الوداع في أكبر مجمع إسلامي قال: ( اتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمان الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله ) فأوصى بالنساء، وقال: ( استوصوا بالنساء خيراً فإنهن خُلقن من ضَلَع ) ، وقال عليه الصلاة والسلام: ( اتقوا الله في النساء فإنهن عوان بينكم ) والعواني: جمع عانية والعانية هي الأسيرة يعني: بمنزلة الأسير.
فالواجب على كل من الزوجين أن يقوم بما أوجب الله عليه من العشرة الحسنة وألا يتسلط الزوج على الزوجة لكونه أعلى منها وكون أمرها بيده، وكذلك للزوجة لا يجوز أن تترفع على الزوج بل على كل منهما أن يعاشر الآخر بالمعروف.
طيب من المعلوم أنه قد يقع من الزوج كراهة للزوجة إما لتقصيرها في حقه أو لقصورها في عقلها وذكائها وما أشبه ذلك، فكيف يعامل هذه المرأة؟ نقول: هذا موجود في القرآن وفي السنة، قال الله تبارك وتعالى: (( فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيرا )) وهذا هو الواقع، قد يكره الإنسان زوجته لسبب ثم يصبر فيجعل الله عز وجل في هذا خيراً كثيراً، تنقلب الكراهة إلى محبة، والسآمة إلى راحة وهكذا، وقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ( لا يفرك مؤمن مؤمنة ) يعني: لا يبغضها ولا يكرهها ( إن كره منها خلقاً رضي منها خلقاً آخر ) شوف المقابلة، الرسول عليه الصلاة والسلام أعطاه الله الحكمة، ( إن كره منها خلقاً رضي منها خلقاً آخر ) هل أحد يتم له مراده في هذه الدنيا؟ أجيبوا لا، أبداً، لا يتم مرادك في هذه الدنيا، وإن تم في شيء نقص في شيء، حتى الأيام يقول الله عز وجل: (( وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ )) وفي ذلك يقول الشاعر الجاهلي:
" ويوم علينا ويوم لنا *** ويوم نُسَاءُ ويوم نُسَرّ "
جرب هذا تجده، لا تبقى الدنيا على حال واحد، ومن الأمثال السائرة: " دوام الحال من المحال ".
فإذا كرهت من زوجك شيئاً فقابله
اضيفت في - 2005-08-27