سلسلة لقاء الباب المفتوح-186a
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
سلسلة لقاء الباب المفتوح
تفسير الآيات ( 41 - 50 ) من سورة القمر .
الشيخ : الحمد لله ربّ العالمين، وصلّى الله وسلّم على نبيّنا محمّد وعلى آله وصحبه أجمعين .
أمّا بعد:
فهذا هو اللّقاء السّادس والثّمانون بعد المائة من اللّقاءات التي يعبّر عنها بلقاء الباب المفتوح، التي تتمّ كلّ يوم خميس، وهذا الخميس هو السادس والعشرون من شهر جمادى الأولى عام 1419 ه.
نبتدأ هذا اللّقاء كما كنّا نعتاد بتفسير شيء مِن كلام ربّ العالمين عزّ وجلّ، انتهينا إلى قول الله تعالى: (( ولقد جاء آل فرعون النّذر* كذّبوا بآياتنا كلّها فأخذناه أخذ مقتدر )):
الجملة مؤكَّدة بالقسم المقدّر واللاّم وقد:
(( ولقد جاء آل فرعون النّذر )) يعني: قومه وعلى رأسهم فرعون، كما أخبر الله تعالى في آيات أخرى متعدّدة أنّه أرسل موسى إلى فرعون وملئه، جاءتهم النّذر، النّذر قيل: إنّه بمعنى الإنذار، وهو التّخويف، وقيل: إنّه جمع نذير وهو كلّ ما ينذر به العبد والمراد به الآيات التي جاء بها موسى كما قال الله تعالى: (( ولقد آتينا موسى تسع آيات بيّنات )) وهذا الأخير هو الصّحيح، أنّ النّذر جمع نذير، وليست بمعنى الإنذار، ويدلّ لذلك قوله:
(( كذّبوا بآياتنا كلّها )) أي: بكلّ الآيات الدّالّة على صدق رسالة موسى صلّى الله عليه وسلّم كذّبوا بها وقالوا: إنّ موسى مجنون وإنّه ساحر، حتّى إنّ فرعون من كبريائه قال: (( إنّ رسولكم الذي أرسل إليكم لمجنون )).
ولما كذّبوا بالآيات أخذهم الله تعالى أخذ عزيز مقتدر جلّ وعلا، عزيز: أي: غالب، مقتدر: أي: قادر، ولكنّها أبلغ من كلمة قادر لما فيها من زيادة الحروف، وقد قيل: " إنّ زيادة المبنى تدلّ على زيادة المعنى " ، وهذا في الغالب وليس دائماً ، وإنّما ذكر الله تعالى أنّ أخذهم أخذ عزيز مقتدر لأنّ فرعون كان متكبّراً، وكان يقول: أنا ربّكم الأعلى، وكان يسخر بموسى ومن أرسله، فناسب أن يذكر الله أخذه أخذ عزيز مقتدر وهو الله عزّ وجلّ، وقد أجمل الله تعالى هذه القصّة في هذه الآية، ولكنّه بيّنها في آيات كثيرة وأنّ أخذهم كان بإغراقهم في البحر فأغرقه الله عزّ وجلّ بمثل ما كان يفتخر به لأنّه كان يقول لقومه: (( يا قوم أليس لي ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي )) يقرّرهم بهذا، سيقولون: بلى.
(( أفلا تبصرون * أم أنا خير من هذا الذي هو مهين ولا يكاد يبين )) يعني بذلك موسى.
أغرقهم الله في اليمّ حين جمع فرعون جنوده واتّبع موسى ومن اتّبعه ليقضي عليهم ولكنّ الله بحمده وعزّته قضى عليه.
ثمّ قال تعالى: (( أكفّاركم خير من أولئكم )) الخطاب هنا لقريش، يعني: هل كفّاركم خير من هذه الأمم السّابقة التي أهلكها الله.
(( أم لكم براءة في الزّبر )) يعني: هل لكم براءة في الكتب أنّ الله مبرؤكم من عاقبة أفعالكم؟ ما الجواب؟
السائل : ليس لكم.
الشيخ : لا هذا ولا هذا، يعني: إمّا أن يكون كفّاركم خير من الكفّار السّابقين، وإمّا أن يكون لكم براءة من الله عزّ وجلّ كتبها الله لكم أن لا نعاقبكم، وكلّ هذا لم يكن، فليس كفّارهم خيراً من الكفّار السّابقين، وليس لهم براءة في الزّبر.
لهم دعوى ثالثة: (( أم يقولون نحن جميع منتصر )):
وأم هنا بمعنى بل الإضرابيّة، وهي إضراب انتقال، يعني: بل يقولون نحن والضّمير لقريش.
(( جميع منتصر )) جميع هنا بمعنى: جمع ولهذا قال: منتصر ولم يقل: منتصرون، يعني جمع كثير منتصر على محمّد وقومه هذا معنى كلامه، فأُعجبوا بأنفسهم وظنّوا أنّهم قادرون على القضاء على محمّد صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم ورسالته، فماذا كان جوابه مِن الله؟
قال الله تعالى: (( سيهزم الجمع ويولّون الدّبر )) يهزم أي: يخذلون شرّ خذيلة ويولّون الدّبر ولا يستطيعون المقاومة، ولا المدافعة، ولا المهاجمة، مع أنّهم كانوا يقولون: (( نحن جميع منتصر )) ولكن لا انتصار لهم.
وهذا هو الذي وقع ولله الحمد، وأوّل ما وقع في غزوة بدر حين اجتمع رؤساؤهم وكبراؤهم وصناديدهم ما بين تسعمائة إلى ألف رجل، في مقابل ثلاثمائة وبضعة عشر رجلا مع النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم فهزموا ولله الحمد شرّ هزيمة، وتحدّثت بهم الأخبار، وأُلقي أربعة وعشرون نفراً من رؤسائهم في قليب من قلب بدر خبيثة منتنة، وهذا شرّ هزيمة لا شكّ، ولهذا قال: (( سيهزم الجمع ويولّون الدّبر )) هذا عقوبتهم في الدّنيا.
في الآخرة: (( بل السّاعة موعدهم )) أضف إلى ذلك أنّ السّاعة موعدهم وهو يوم البعث.
(( والسّاعة أدهى وأمرّ )) أي: أشدّ فتكًا وأمرّ مذاقًا لأنّ عذاب الآخرة أشدّ من عذاب الدّنيا.
ثمّ قال الله عزّ وجلّ ماذا يحدث لهم ولأمثالهم فقال: (( إنّ المجرمين في ضلال وسعر )) الضّلال في الدّنيا فلا يهتدون، والسُّعُر في الآخرة أي: في نار شديدة التّأجّج تحرقهم كلّما نضجت جلودهم بدّلهم الله جلودً غيرها ليذوقوا العذاب.
ويحتمل أنّ قوله: (( في ضلال )) أي: في ضلال عن الطّريق الذين يهتدون به إلى الجنّة لأنّهم ضلّوا في الدّنيا فضلّوا في الآخرة.
(( يوم يُسحبون في النّار على وجوههم )) يسحبون سحباً كما تُسحب الجيفة ليبعد بها عن المنازل، وليسوا يسحبون على ظهورهم ولكن على وجوهمم والعياذ بالله.
ويقال: (( ذوقوا مسَّ سَقَر )) ولقد قال الله تعالى في آية أخرى: (( أفمنّ يتّقي بوجهه سوء العذاب يوم القيامة )) يتّقي بوجهه الذي كان يتّقي في الدّنيا عن الحرّ بيديه لوقاية وجهه، لكنّه في النّار ليس له ما يقي وجهه النّار بل يتّقي بوجهه، نسأل الله العافية، يعني: ليس له وقاية تقي وجهه من حرّ النّار، فهم يسبحون في النّار على وجوههم، هذه يا إخواني ليست أساطير الأوّلين، ليست قصصاً تقال، هذه حقيقة نشهد بها والله كأنّنا نراها رأي عين، لا بدّ أن يكون هذا لكلّ مجرم: (( يوم يسحبون في النّار على وجوههم )) والسّاحب هم الملائكة الموكّلون بهم، لأنّ للنّار ملائكة موكّلين بها.
ويقال: (( ذوقوا مسَّ سَقَر )) انظر يا أخي إلى الإذلال حسّيّ وقلبيّ، جسديّ وقلبيّ، الجسديّ هو أنّهم يسحبون على وجوههم، والقلبيّ أنّهم يوبّخون ويقال (( ذوقوا مسّ سقر )) أي: صلاها، وسقر من أسماء النّار نسأل الله العافية لنا ولكم.
ثمّ قال جلّ وعلا: (( إنّا كلّ شيء خلقناه بقدر )): لما ذكر عذاب أهل النّار ثمّ سيذكر نعيم أهل الجنّة ذكر بينهما أنّ هذا الخلق وتفاوته بقدر الله عزّ وجلّ، فكلّ شيء مخلوق فهو بقدر، كلّ ذرّة في رملة فهي مخلوقة بقدر، كل نقطة تقع على الأرض من السّحاب فهي مخلوقة بقدر.
(( كلّ شيء )) : كلّ شيء تعمّ ما سوى الخالق، لأنّه ما ثمّ إلاّ مخلوق وخالق فإذا كان كلّ شيء مخلوقا كان الخالق وحده الأوّل الذي ليس قبله شيء، والآخر الذي ليس بعده شيء، والظّاهر الذي ليس فوقه شيء، والباطن الذي ليس دونه شيء، قال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: ( كلّ شيء بقدر حتّى العجزُ والكَيس ) العجز يعني: تكاسل الإنسان، والكيس يعني: حزم الإنسان ونشاطه في طلب ما ينفعه والبعد عمّا يضرّ، كلّ شيء.
وفي هذه الآية الكريمة دليل على أنّ الإنسان مخلوق لله تعالى، وأنّ أفعاله مخلوقة لله، وأنّ كلّ شيء قد قدّر وانتهى، وإذا كان كذلك، فلمن يلجأ الإنسان إذا أصابته ضرّاء؟!
إلى الله الخالق، وإذا أراد السّرّاء أيضًا يتّجه إلى الله الخالق، لا يفخرنّ ويعجبنّ بنفسه إذا حصل له مكروب، ولا ييأسنّ إذا أصابه مكروب، فالأمر بيد الله، ولهذا قال النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم: ( المؤمن القويّ خير من المؤمن الضّعيف ) القويّ في إيمانه، القويّ في إرادته وهمّته ونشاطه، وليس المراد القويّ في بدنه، قوّة البدن إمّا لك وإمّا عليك، إن استعملتها في العمل الصّالح فهي لك، وإن عجزت عنه مع فعلك إيّاه في حال القوّة كتب لك، وإن استعملت هذه القوّة في معصية الله كانت عليك.
لكن المراد بقوله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم القويّ أي: في إيمانه وإرادته، أمّا قوّة البدن فهي لك أو عليك.
قال: ( وفي كلٍّ خير ) في كلّ من القويّ والضّعيف خير، وهذه الجملة يسمّيها علماء البلاغة: جملة احترازيّة لأنّه لما قال: ( المؤمن القويّ خير من المؤمن الضّعيف ) يظنّ الظّانّ أنّ المؤمن الضّعيف ليس فيه خير، فقال: ( وفي كلّ خير )، ولها نظائر قال الله تعالى: (( لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل )) يعني: من قبل صلح الحديبية، (( أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلاّ وعد الله الحسنى )): كلّ من هؤلاء وهؤلاء، يعني: فلا تظنّوا هذا التّفاوت يحطّ من قدر الآخرين ويحرمهم الخير.
وقال تعالى: (( لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضّرر والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم فضّل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة وكلاًّ وعد الله الحسنى )): فهنا قال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: ( المؤمن القويّ أحبّ إلى الله من المؤمن الضّعيف وفي كلّ خير، احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز )، فإذا فعلت ذلك، حرصت على ما ينفعك واستعنت بالله، وكنت حازماً نشيطاً قويّا في مرادك فإن أصابك شيء.
قال: ( فإن أصابك شيء فلا تقل لو أنّي فعلت كذا وكذا لكان كذا وكذا ولكن قل قدر الله -يعني هذا قدر الله- وما شاء فعل فإنّ لو تفتح عمل الشّيطان )، أنت عليك أن تسعى للخير وليس عليك أن يتمّ لك ما تريد.
المهمّ أنّ كلّ شيء بقدر حتى العجز والكيس، فمن قدّر الله له الهداية فبقدر، ومن قدّر الله له الشّقاوة فهو بقدر، ولكن ما السّبب لتقدير الله الشّقاء على العبد؟
هو نفس العبد، لقول الله تعالى: (( فلمّا زاغوا أزاغ الله قلوبهم والله لا يهدي القوم الفاسقين )).
قال: (( وما أمرنا إلاّ واحدة )) يعني: ما أمرنا فيما نريد أن يكون إلاّ واحدة أي: إلاّ مرّة واحدة بدون تكرار .
(( كلمحٍ بالبصر )) بدون تأخّر، انظر سبحان الله! أمر الله عز وجل واحد لا تكرار، والثاني: بسرعة فوريّة أسرع ما يمكن أن يكون (( كلمح بالبصر ))، كن فيكون، واشتهر عند العوام يقولون: " يا من أمره بين الكاف والنّون " وهذا غلط، ليس أمر الله بين الكاف والنّون، بل بعد الكاف والنّون، لأنّ الله قال: (( كن فيكون )) متى؟
السائل : بعد كن.
الشيخ : بعد كن، فقولهم بين الكاف والنّون غلط، لأنّه لم يتمّ الأمر بين الكاف والنّون، لا يتمّ الأمر إلاّ بالكاف والنّون، لكنّه بعد الكاف والنّون فورا كلمحٍ بالبصر، وإن شئت أن ترى عجائب ذلك فانظر إلى الزّلازل، تصيب مئات القرى أو آلاف القرى وبلحظة واحدة تعدمهم، لو جاءت المعاول والتراكترات والقنابل ما فعلت مثل هذا الفعل الذي كان بلحظة واحدة من أمر الله عزّ وجلّ، واسأل الخبراء بالزّلازل تجد الجواب.
انظر إلى ما هو أعظم من ذلك: الموتى في قبورهم، والحشرات، والحيوانات، وكلّ الأشياء تبعث يوم القيامة بكلمة واحدة، كما قال جلّ وعلا: (( إن كانت إلاّ صيحة واحدة فإذا هم جميع لدينا محضرون )) أسأل الله أن يجعلني وإيّاكم ممّن يحضروا إلى الخير، صيحة واحدة فقط فإذا هم جميع: كلهم، لدينا: أي عندنا محضرون، فصدق الله عزّ وجلّ وعده.
(( وما أمرنا إلاّ واحدة كلمح بالبصر )) مثل لمح البصر.
ثمّ قال عزّ وجلّ (( ولقد أهلكنا أشياعكم )) .
السائل : وقت الأسئلة.
الشيخ : أسئلة؟
طيب، نقف على هذه الآية الكريمة، ونسأل الله أن يجعل القرآن لنا ولكم شافعاً عنده يوم القيامة.
السائل : آمين.
الشيخ : وأن يكون قائدنا إلى جنّاته إنّه على كلّ شيء قدير.
والله الله أيّها الإخوة في القرآن العظيم بتفهّم معناه والعمل به فإنّه الشّفاء لما في الصّدور والموعظة للمؤمنين، قال الله تعالى: (( يا أيّها النّاس قد جاءتكم موعظة من ربّكم وشفاء لما في الصّدور وهدى ورحمة للمؤمنين )).
إلى الأسئلة الآن، نبدأ باليمين.
أمّا بعد:
فهذا هو اللّقاء السّادس والثّمانون بعد المائة من اللّقاءات التي يعبّر عنها بلقاء الباب المفتوح، التي تتمّ كلّ يوم خميس، وهذا الخميس هو السادس والعشرون من شهر جمادى الأولى عام 1419 ه.
نبتدأ هذا اللّقاء كما كنّا نعتاد بتفسير شيء مِن كلام ربّ العالمين عزّ وجلّ، انتهينا إلى قول الله تعالى: (( ولقد جاء آل فرعون النّذر* كذّبوا بآياتنا كلّها فأخذناه أخذ مقتدر )):
الجملة مؤكَّدة بالقسم المقدّر واللاّم وقد:
(( ولقد جاء آل فرعون النّذر )) يعني: قومه وعلى رأسهم فرعون، كما أخبر الله تعالى في آيات أخرى متعدّدة أنّه أرسل موسى إلى فرعون وملئه، جاءتهم النّذر، النّذر قيل: إنّه بمعنى الإنذار، وهو التّخويف، وقيل: إنّه جمع نذير وهو كلّ ما ينذر به العبد والمراد به الآيات التي جاء بها موسى كما قال الله تعالى: (( ولقد آتينا موسى تسع آيات بيّنات )) وهذا الأخير هو الصّحيح، أنّ النّذر جمع نذير، وليست بمعنى الإنذار، ويدلّ لذلك قوله:
(( كذّبوا بآياتنا كلّها )) أي: بكلّ الآيات الدّالّة على صدق رسالة موسى صلّى الله عليه وسلّم كذّبوا بها وقالوا: إنّ موسى مجنون وإنّه ساحر، حتّى إنّ فرعون من كبريائه قال: (( إنّ رسولكم الذي أرسل إليكم لمجنون )).
ولما كذّبوا بالآيات أخذهم الله تعالى أخذ عزيز مقتدر جلّ وعلا، عزيز: أي: غالب، مقتدر: أي: قادر، ولكنّها أبلغ من كلمة قادر لما فيها من زيادة الحروف، وقد قيل: " إنّ زيادة المبنى تدلّ على زيادة المعنى " ، وهذا في الغالب وليس دائماً ، وإنّما ذكر الله تعالى أنّ أخذهم أخذ عزيز مقتدر لأنّ فرعون كان متكبّراً، وكان يقول: أنا ربّكم الأعلى، وكان يسخر بموسى ومن أرسله، فناسب أن يذكر الله أخذه أخذ عزيز مقتدر وهو الله عزّ وجلّ، وقد أجمل الله تعالى هذه القصّة في هذه الآية، ولكنّه بيّنها في آيات كثيرة وأنّ أخذهم كان بإغراقهم في البحر فأغرقه الله عزّ وجلّ بمثل ما كان يفتخر به لأنّه كان يقول لقومه: (( يا قوم أليس لي ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي )) يقرّرهم بهذا، سيقولون: بلى.
(( أفلا تبصرون * أم أنا خير من هذا الذي هو مهين ولا يكاد يبين )) يعني بذلك موسى.
أغرقهم الله في اليمّ حين جمع فرعون جنوده واتّبع موسى ومن اتّبعه ليقضي عليهم ولكنّ الله بحمده وعزّته قضى عليه.
ثمّ قال تعالى: (( أكفّاركم خير من أولئكم )) الخطاب هنا لقريش، يعني: هل كفّاركم خير من هذه الأمم السّابقة التي أهلكها الله.
(( أم لكم براءة في الزّبر )) يعني: هل لكم براءة في الكتب أنّ الله مبرؤكم من عاقبة أفعالكم؟ ما الجواب؟
السائل : ليس لكم.
الشيخ : لا هذا ولا هذا، يعني: إمّا أن يكون كفّاركم خير من الكفّار السّابقين، وإمّا أن يكون لكم براءة من الله عزّ وجلّ كتبها الله لكم أن لا نعاقبكم، وكلّ هذا لم يكن، فليس كفّارهم خيراً من الكفّار السّابقين، وليس لهم براءة في الزّبر.
لهم دعوى ثالثة: (( أم يقولون نحن جميع منتصر )):
وأم هنا بمعنى بل الإضرابيّة، وهي إضراب انتقال، يعني: بل يقولون نحن والضّمير لقريش.
(( جميع منتصر )) جميع هنا بمعنى: جمع ولهذا قال: منتصر ولم يقل: منتصرون، يعني جمع كثير منتصر على محمّد وقومه هذا معنى كلامه، فأُعجبوا بأنفسهم وظنّوا أنّهم قادرون على القضاء على محمّد صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم ورسالته، فماذا كان جوابه مِن الله؟
قال الله تعالى: (( سيهزم الجمع ويولّون الدّبر )) يهزم أي: يخذلون شرّ خذيلة ويولّون الدّبر ولا يستطيعون المقاومة، ولا المدافعة، ولا المهاجمة، مع أنّهم كانوا يقولون: (( نحن جميع منتصر )) ولكن لا انتصار لهم.
وهذا هو الذي وقع ولله الحمد، وأوّل ما وقع في غزوة بدر حين اجتمع رؤساؤهم وكبراؤهم وصناديدهم ما بين تسعمائة إلى ألف رجل، في مقابل ثلاثمائة وبضعة عشر رجلا مع النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم فهزموا ولله الحمد شرّ هزيمة، وتحدّثت بهم الأخبار، وأُلقي أربعة وعشرون نفراً من رؤسائهم في قليب من قلب بدر خبيثة منتنة، وهذا شرّ هزيمة لا شكّ، ولهذا قال: (( سيهزم الجمع ويولّون الدّبر )) هذا عقوبتهم في الدّنيا.
في الآخرة: (( بل السّاعة موعدهم )) أضف إلى ذلك أنّ السّاعة موعدهم وهو يوم البعث.
(( والسّاعة أدهى وأمرّ )) أي: أشدّ فتكًا وأمرّ مذاقًا لأنّ عذاب الآخرة أشدّ من عذاب الدّنيا.
ثمّ قال الله عزّ وجلّ ماذا يحدث لهم ولأمثالهم فقال: (( إنّ المجرمين في ضلال وسعر )) الضّلال في الدّنيا فلا يهتدون، والسُّعُر في الآخرة أي: في نار شديدة التّأجّج تحرقهم كلّما نضجت جلودهم بدّلهم الله جلودً غيرها ليذوقوا العذاب.
ويحتمل أنّ قوله: (( في ضلال )) أي: في ضلال عن الطّريق الذين يهتدون به إلى الجنّة لأنّهم ضلّوا في الدّنيا فضلّوا في الآخرة.
(( يوم يُسحبون في النّار على وجوههم )) يسحبون سحباً كما تُسحب الجيفة ليبعد بها عن المنازل، وليسوا يسحبون على ظهورهم ولكن على وجوهمم والعياذ بالله.
ويقال: (( ذوقوا مسَّ سَقَر )) ولقد قال الله تعالى في آية أخرى: (( أفمنّ يتّقي بوجهه سوء العذاب يوم القيامة )) يتّقي بوجهه الذي كان يتّقي في الدّنيا عن الحرّ بيديه لوقاية وجهه، لكنّه في النّار ليس له ما يقي وجهه النّار بل يتّقي بوجهه، نسأل الله العافية، يعني: ليس له وقاية تقي وجهه من حرّ النّار، فهم يسبحون في النّار على وجوههم، هذه يا إخواني ليست أساطير الأوّلين، ليست قصصاً تقال، هذه حقيقة نشهد بها والله كأنّنا نراها رأي عين، لا بدّ أن يكون هذا لكلّ مجرم: (( يوم يسحبون في النّار على وجوههم )) والسّاحب هم الملائكة الموكّلون بهم، لأنّ للنّار ملائكة موكّلين بها.
ويقال: (( ذوقوا مسَّ سَقَر )) انظر يا أخي إلى الإذلال حسّيّ وقلبيّ، جسديّ وقلبيّ، الجسديّ هو أنّهم يسحبون على وجوههم، والقلبيّ أنّهم يوبّخون ويقال (( ذوقوا مسّ سقر )) أي: صلاها، وسقر من أسماء النّار نسأل الله العافية لنا ولكم.
ثمّ قال جلّ وعلا: (( إنّا كلّ شيء خلقناه بقدر )): لما ذكر عذاب أهل النّار ثمّ سيذكر نعيم أهل الجنّة ذكر بينهما أنّ هذا الخلق وتفاوته بقدر الله عزّ وجلّ، فكلّ شيء مخلوق فهو بقدر، كلّ ذرّة في رملة فهي مخلوقة بقدر، كل نقطة تقع على الأرض من السّحاب فهي مخلوقة بقدر.
(( كلّ شيء )) : كلّ شيء تعمّ ما سوى الخالق، لأنّه ما ثمّ إلاّ مخلوق وخالق فإذا كان كلّ شيء مخلوقا كان الخالق وحده الأوّل الذي ليس قبله شيء، والآخر الذي ليس بعده شيء، والظّاهر الذي ليس فوقه شيء، والباطن الذي ليس دونه شيء، قال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: ( كلّ شيء بقدر حتّى العجزُ والكَيس ) العجز يعني: تكاسل الإنسان، والكيس يعني: حزم الإنسان ونشاطه في طلب ما ينفعه والبعد عمّا يضرّ، كلّ شيء.
وفي هذه الآية الكريمة دليل على أنّ الإنسان مخلوق لله تعالى، وأنّ أفعاله مخلوقة لله، وأنّ كلّ شيء قد قدّر وانتهى، وإذا كان كذلك، فلمن يلجأ الإنسان إذا أصابته ضرّاء؟!
إلى الله الخالق، وإذا أراد السّرّاء أيضًا يتّجه إلى الله الخالق، لا يفخرنّ ويعجبنّ بنفسه إذا حصل له مكروب، ولا ييأسنّ إذا أصابه مكروب، فالأمر بيد الله، ولهذا قال النّبيّ صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم: ( المؤمن القويّ خير من المؤمن الضّعيف ) القويّ في إيمانه، القويّ في إرادته وهمّته ونشاطه، وليس المراد القويّ في بدنه، قوّة البدن إمّا لك وإمّا عليك، إن استعملتها في العمل الصّالح فهي لك، وإن عجزت عنه مع فعلك إيّاه في حال القوّة كتب لك، وإن استعملت هذه القوّة في معصية الله كانت عليك.
لكن المراد بقوله صلّى الله عليه وعلى آله وسلّم القويّ أي: في إيمانه وإرادته، أمّا قوّة البدن فهي لك أو عليك.
قال: ( وفي كلٍّ خير ) في كلّ من القويّ والضّعيف خير، وهذه الجملة يسمّيها علماء البلاغة: جملة احترازيّة لأنّه لما قال: ( المؤمن القويّ خير من المؤمن الضّعيف ) يظنّ الظّانّ أنّ المؤمن الضّعيف ليس فيه خير، فقال: ( وفي كلّ خير )، ولها نظائر قال الله تعالى: (( لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل )) يعني: من قبل صلح الحديبية، (( أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلاّ وعد الله الحسنى )): كلّ من هؤلاء وهؤلاء، يعني: فلا تظنّوا هذا التّفاوت يحطّ من قدر الآخرين ويحرمهم الخير.
وقال تعالى: (( لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضّرر والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم فضّل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة وكلاًّ وعد الله الحسنى )): فهنا قال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: ( المؤمن القويّ أحبّ إلى الله من المؤمن الضّعيف وفي كلّ خير، احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز )، فإذا فعلت ذلك، حرصت على ما ينفعك واستعنت بالله، وكنت حازماً نشيطاً قويّا في مرادك فإن أصابك شيء.
قال: ( فإن أصابك شيء فلا تقل لو أنّي فعلت كذا وكذا لكان كذا وكذا ولكن قل قدر الله -يعني هذا قدر الله- وما شاء فعل فإنّ لو تفتح عمل الشّيطان )، أنت عليك أن تسعى للخير وليس عليك أن يتمّ لك ما تريد.
المهمّ أنّ كلّ شيء بقدر حتى العجز والكيس، فمن قدّر الله له الهداية فبقدر، ومن قدّر الله له الشّقاوة فهو بقدر، ولكن ما السّبب لتقدير الله الشّقاء على العبد؟
هو نفس العبد، لقول الله تعالى: (( فلمّا زاغوا أزاغ الله قلوبهم والله لا يهدي القوم الفاسقين )).
قال: (( وما أمرنا إلاّ واحدة )) يعني: ما أمرنا فيما نريد أن يكون إلاّ واحدة أي: إلاّ مرّة واحدة بدون تكرار .
(( كلمحٍ بالبصر )) بدون تأخّر، انظر سبحان الله! أمر الله عز وجل واحد لا تكرار، والثاني: بسرعة فوريّة أسرع ما يمكن أن يكون (( كلمح بالبصر ))، كن فيكون، واشتهر عند العوام يقولون: " يا من أمره بين الكاف والنّون " وهذا غلط، ليس أمر الله بين الكاف والنّون، بل بعد الكاف والنّون، لأنّ الله قال: (( كن فيكون )) متى؟
السائل : بعد كن.
الشيخ : بعد كن، فقولهم بين الكاف والنّون غلط، لأنّه لم يتمّ الأمر بين الكاف والنّون، لا يتمّ الأمر إلاّ بالكاف والنّون، لكنّه بعد الكاف والنّون فورا كلمحٍ بالبصر، وإن شئت أن ترى عجائب ذلك فانظر إلى الزّلازل، تصيب مئات القرى أو آلاف القرى وبلحظة واحدة تعدمهم، لو جاءت المعاول والتراكترات والقنابل ما فعلت مثل هذا الفعل الذي كان بلحظة واحدة من أمر الله عزّ وجلّ، واسأل الخبراء بالزّلازل تجد الجواب.
انظر إلى ما هو أعظم من ذلك: الموتى في قبورهم، والحشرات، والحيوانات، وكلّ الأشياء تبعث يوم القيامة بكلمة واحدة، كما قال جلّ وعلا: (( إن كانت إلاّ صيحة واحدة فإذا هم جميع لدينا محضرون )) أسأل الله أن يجعلني وإيّاكم ممّن يحضروا إلى الخير، صيحة واحدة فقط فإذا هم جميع: كلهم، لدينا: أي عندنا محضرون، فصدق الله عزّ وجلّ وعده.
(( وما أمرنا إلاّ واحدة كلمح بالبصر )) مثل لمح البصر.
ثمّ قال عزّ وجلّ (( ولقد أهلكنا أشياعكم )) .
السائل : وقت الأسئلة.
الشيخ : أسئلة؟
طيب، نقف على هذه الآية الكريمة، ونسأل الله أن يجعل القرآن لنا ولكم شافعاً عنده يوم القيامة.
السائل : آمين.
الشيخ : وأن يكون قائدنا إلى جنّاته إنّه على كلّ شيء قدير.
والله الله أيّها الإخوة في القرآن العظيم بتفهّم معناه والعمل به فإنّه الشّفاء لما في الصّدور والموعظة للمؤمنين، قال الله تعالى: (( يا أيّها النّاس قد جاءتكم موعظة من ربّكم وشفاء لما في الصّدور وهدى ورحمة للمؤمنين )).
إلى الأسئلة الآن، نبدأ باليمين.
إذا دخل المسجد بعد آذان الفجر الثاني هل يصلي التحية أم الراتبة ؟
الشيخ : نعم؟
السائل : فضيلة الشّيخ جزاك الله خيرًا، في صلاة الصّبح بعد الأذان الثاني هل يجوز للشّخص أن يصلّي تحيّة المسجد أو يصلّي الرّغيبة فقط؟
الشيخ : أي نعم، إذا دخل المسجد بعد أذان الفجر وأراد أن يصلّي إن كان في الوقت متّسعًا فإنّه يصلّي تحيّة المسجد أوّلاً ثمّ الرّاتبة، وإن كان ليس في الوقت متّسعاً فإنّه يصلّي الرّاتبة وتغني عن تحيّة المسجد، هذا هو القول الرّاجح، بناء على أنّ وقت النّهي لا يكون إلاّ بعد صلاة الفجر، أمّا على قول بعض العلماء يقولون: إنّ النّهي يدخل من حين دخول وقت الفجر، فإنّهم لا يسمحون لك بتحيّة المسجد ويقولون: انوها راتبة، لأنّهم لا يسمحون بالنّفل بعد دخول وقت النّهي ولو ما له سبب، لكنّ القول الرّاجح ما ذكرناه أوّلاً، وإن اقتصر على الرّاتبة مع سعة الوقت فلا بأس.
السائل : ما معنى الرغيبة؟
الشيخ : نعم؟
السائل : ...
الشيخ : هاه؟
السائل : ما معنى الرّغيبة؟
الشيخ : الرّغيبة، يريد الرّغيبة يعني الرّاتبة، هم يسمّون الرّاتبة الرّغيبة، وهذه لغة إفريقيّة الظّاهر.
السائل : فضيلة الشّيخ جزاك الله خيرًا، في صلاة الصّبح بعد الأذان الثاني هل يجوز للشّخص أن يصلّي تحيّة المسجد أو يصلّي الرّغيبة فقط؟
الشيخ : أي نعم، إذا دخل المسجد بعد أذان الفجر وأراد أن يصلّي إن كان في الوقت متّسعًا فإنّه يصلّي تحيّة المسجد أوّلاً ثمّ الرّاتبة، وإن كان ليس في الوقت متّسعاً فإنّه يصلّي الرّاتبة وتغني عن تحيّة المسجد، هذا هو القول الرّاجح، بناء على أنّ وقت النّهي لا يكون إلاّ بعد صلاة الفجر، أمّا على قول بعض العلماء يقولون: إنّ النّهي يدخل من حين دخول وقت الفجر، فإنّهم لا يسمحون لك بتحيّة المسجد ويقولون: انوها راتبة، لأنّهم لا يسمحون بالنّفل بعد دخول وقت النّهي ولو ما له سبب، لكنّ القول الرّاجح ما ذكرناه أوّلاً، وإن اقتصر على الرّاتبة مع سعة الوقت فلا بأس.
السائل : ما معنى الرغيبة؟
الشيخ : نعم؟
السائل : ...
الشيخ : هاه؟
السائل : ما معنى الرّغيبة؟
الشيخ : الرّغيبة، يريد الرّغيبة يعني الرّاتبة، هم يسمّون الرّاتبة الرّغيبة، وهذه لغة إفريقيّة الظّاهر.
إذا دخل رجل ووجد اثنين يصليان هل يقدم الإمام أم يؤخر المأموم ؟
السائل : فضيلة الشّيخ إذا صلّى شخصان جماعة ثمّ دخل ثالث، فقدّم الإمام أو أخّر المأموم وكان هذا قبل أن يكبّر للصّلاة، فهل يؤثّر هذا الفعل على صلاة الرّجلين؟
الشيخ : لا أبدًا، لا يؤثّر، إذا دخل رجل ووجد اثنين يصلّيان جماعة، فإنّه يدخل معهم فإن شاء قدّم الإمام وصفّ إلى جانب المأموم، وإن شاء أخّر المأموم وبقي الإمام في مكانه.
السائل : قبل أن يكبّر؟
الشيخ : سواء قبل أن يكبّر أو بعده، بل قبل أن يكبّر أولى، ليتفادى الحركة في الصّلاة التي ليس لها داعٍ.
الشيخ : لا أبدًا، لا يؤثّر، إذا دخل رجل ووجد اثنين يصلّيان جماعة، فإنّه يدخل معهم فإن شاء قدّم الإمام وصفّ إلى جانب المأموم، وإن شاء أخّر المأموم وبقي الإمام في مكانه.
السائل : قبل أن يكبّر؟
الشيخ : سواء قبل أن يكبّر أو بعده، بل قبل أن يكبّر أولى، ليتفادى الحركة في الصّلاة التي ليس لها داعٍ.
من هم الأرحام التي تجب صلتهم ؟
السائل : فضيلة الشّيخ صلة رحم الإنسان هل تقتصر على الأعمام والأخوال فقط؟
الشيخ : نعم؟
السائل : أرحام الإنسان هل هم الأعمام والأخوال فقط؟
الشيخ : لا، الأرحام التي تجب صلتهم من تجتمع بهم في الجدّ الرّابع، هؤلاء هم الأرحام.
السائل : حتى القرابة من جهة الأم؟
الشيخ : حتى القرابة من جهة الأمّ تجب صلتهم كما تجب صلة الأمّ، ولهذا جعل النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم من برّ الوالدة أن تصل أقاربها ، نعم.
الشيخ : نعم؟
السائل : أرحام الإنسان هل هم الأعمام والأخوال فقط؟
الشيخ : لا، الأرحام التي تجب صلتهم من تجتمع بهم في الجدّ الرّابع، هؤلاء هم الأرحام.
السائل : حتى القرابة من جهة الأم؟
الشيخ : حتى القرابة من جهة الأمّ تجب صلتهم كما تجب صلة الأمّ، ولهذا جعل النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم من برّ الوالدة أن تصل أقاربها ، نعم.
هل يجوز قبض الثمن قبل إحضار البضاعة ؟
السائل : يا شيخ رجل يعمل بالتجارة ، لكن عنده أشياء لا يستطيع تأمينها لأنها غالية، ويأتي شخص يطلبها من منطقة ثانية فهو يأتي بها ، فيحضر له المبلغ وصاحب المحل يأت له بها الطلب، فما رأيكم يا شيخ؟
الشيخ : يعني أنّه يشتري بضاعة من بلد آخر؟
السائل : من بلد آخر ويحضرها له عن طريق هذا المحلّ، ولكن يقدّم المبلغ ثمّ يرجع إليه بعد يوم أو يومين ليأخذ هذا الطّلب.
الشيخ : يعني أتيت إلى رجل صاحب دكّان مثلا.
السائل : نعم.
الشيخ : وقلت أريد السّلعة الفلانيّة، قال: ليست عندي.
السائل : نعم.
الشيخ : كذا؟
السائل : نعم.
الشيخ : فقال: أحضرها لك من بلد آخر.
السائل : نعم.
الشيخ : وأعطاه الثّمن مقدّمًا.
السائل : نعم.
الشيخ : فلا بأس على أن يكون صاحب الدّكّان وكيلا له.
السائل : وكيل معتمد.
الشيخ : وكيلاً له، يعني يشتري له من البلد الآخر، وأمّا أن يشتريها من صاحب الدّكّان مباشرة وهي لم تصل إليه فلا يجوز، هل فهمت ولاّ لا؟
السائل : لا، لم أفهم.
الشيخ : طيب، لنفرض أنّك صاحب الدّكّان وأنا أحتاج السّلعة الفلانيّة وليست عندك، فهمت؟
السائل : نعم.
الشيخ : بعتها عليّ على أنّك ستجلبها من بلد آخر هذا لا يجوز، لأنّك بعت ما لا تملك، ولا تدري ربّما تبيعها عليّ بمائة وتكون قيمتها في البلد الآخر قد ارتفعت وبلغت مائتين.
السائل : نعم.
الشيخ : أو تبيعها عليّ بمئة بناء على أنّها بخمسين ثمّ تكون نزلت إلى ثلاثين هذا لا يجوز، أمّا إذا قلت: نعم أنت وكيلي اشترِ لي من البلد الفلانيّ ولك أجرة المثل هذا لا بأس به، فتشتريها من هناك على أنّها على نصيبي وإذا حضرت سلّمتني إيّاها وأعطيتك عليها أجرة الوكالة.
السائل : الأجرة لا آخذها إلاّ بعد ما أحضر هذه السّلعة؟
الشيخ : الأجرة نعم، وأيضا لا تبيعها عليه، أهمّ شيء أنّك لا تبيعها عليه، تقول والله أنا ما عندي، لكن أعرف أنّها موجودة عند أناس في بلد آخر عندهم هذه السّلعة فأقول لك: إذن أنت وكيلي اشترها لي ولك أجرة المثل.
السائل : طيب إذا كنت وكيل شركة معتمدة، يعني: وأنا أبيع بنفس السّعر الذي يباع به في أيّ مكان أبيعها بنفس السعر، فقط أنا أحضرها له.
الشيخ : لا بأس إذا كنت وكيلا للشّركة فلا بأس أن تبيع باسم الشّركة.
السائل : جزاك الله خيراً.
سائل آخر : يا شيخ المسألة هذه لا تكون من باب السّلم؟
الشيخ : لا، ليست من باب السّلم، السّلم لا بدّ أن يكون مؤجّلا بأجل معلوم له وقت في الثّمن.
الشيخ : يعني أنّه يشتري بضاعة من بلد آخر؟
السائل : من بلد آخر ويحضرها له عن طريق هذا المحلّ، ولكن يقدّم المبلغ ثمّ يرجع إليه بعد يوم أو يومين ليأخذ هذا الطّلب.
الشيخ : يعني أتيت إلى رجل صاحب دكّان مثلا.
السائل : نعم.
الشيخ : وقلت أريد السّلعة الفلانيّة، قال: ليست عندي.
السائل : نعم.
الشيخ : كذا؟
السائل : نعم.
الشيخ : فقال: أحضرها لك من بلد آخر.
السائل : نعم.
الشيخ : وأعطاه الثّمن مقدّمًا.
السائل : نعم.
الشيخ : فلا بأس على أن يكون صاحب الدّكّان وكيلا له.
السائل : وكيل معتمد.
الشيخ : وكيلاً له، يعني يشتري له من البلد الآخر، وأمّا أن يشتريها من صاحب الدّكّان مباشرة وهي لم تصل إليه فلا يجوز، هل فهمت ولاّ لا؟
السائل : لا، لم أفهم.
الشيخ : طيب، لنفرض أنّك صاحب الدّكّان وأنا أحتاج السّلعة الفلانيّة وليست عندك، فهمت؟
السائل : نعم.
الشيخ : بعتها عليّ على أنّك ستجلبها من بلد آخر هذا لا يجوز، لأنّك بعت ما لا تملك، ولا تدري ربّما تبيعها عليّ بمائة وتكون قيمتها في البلد الآخر قد ارتفعت وبلغت مائتين.
السائل : نعم.
الشيخ : أو تبيعها عليّ بمئة بناء على أنّها بخمسين ثمّ تكون نزلت إلى ثلاثين هذا لا يجوز، أمّا إذا قلت: نعم أنت وكيلي اشترِ لي من البلد الفلانيّ ولك أجرة المثل هذا لا بأس به، فتشتريها من هناك على أنّها على نصيبي وإذا حضرت سلّمتني إيّاها وأعطيتك عليها أجرة الوكالة.
السائل : الأجرة لا آخذها إلاّ بعد ما أحضر هذه السّلعة؟
الشيخ : الأجرة نعم، وأيضا لا تبيعها عليه، أهمّ شيء أنّك لا تبيعها عليه، تقول والله أنا ما عندي، لكن أعرف أنّها موجودة عند أناس في بلد آخر عندهم هذه السّلعة فأقول لك: إذن أنت وكيلي اشترها لي ولك أجرة المثل.
السائل : طيب إذا كنت وكيل شركة معتمدة، يعني: وأنا أبيع بنفس السّعر الذي يباع به في أيّ مكان أبيعها بنفس السعر، فقط أنا أحضرها له.
الشيخ : لا بأس إذا كنت وكيلا للشّركة فلا بأس أن تبيع باسم الشّركة.
السائل : جزاك الله خيراً.
سائل آخر : يا شيخ المسألة هذه لا تكون من باب السّلم؟
الشيخ : لا، ليست من باب السّلم، السّلم لا بدّ أن يكون مؤجّلا بأجل معلوم له وقت في الثّمن.
ما حكم ميراث المال المختلط بالربا.؟
السائل : يا شيخ جزاك الله خيراً، رجل ورث مالا من أبيه، وهذا المال قد اختلط به الرّبا وغير الربا إذ إن والده كان يعمل بالتجارة، فما حكم ميراث هذا المال؟
الشيخ : لا بأس به، يرثه حلالا له، لأنّنا لا نعلم أنّ أحدا من المسلمين قال: إنّه يجب على الورثة أن يبحثوا كيف اكتسب مورّثهم هذا المال، نعم إذا علمنا أنّ في هذا المال شيئاً مسروقاً فهذا يجب علينا أن نردّ المسروق لصاحبه إن علمناه وإلاّ تصدّقنا به تخلّصاً منه، أمّا الكسب فإثمه على الكاسب لا على الوارث، فهمت الفرق؟
السائل : نعم
الشيخ : طيب، بالتّرتيب يا إخوان.
الشيخ : لا بأس به، يرثه حلالا له، لأنّنا لا نعلم أنّ أحدا من المسلمين قال: إنّه يجب على الورثة أن يبحثوا كيف اكتسب مورّثهم هذا المال، نعم إذا علمنا أنّ في هذا المال شيئاً مسروقاً فهذا يجب علينا أن نردّ المسروق لصاحبه إن علمناه وإلاّ تصدّقنا به تخلّصاً منه، أمّا الكسب فإثمه على الكاسب لا على الوارث، فهمت الفرق؟
السائل : نعم
الشيخ : طيب، بالتّرتيب يا إخوان.
من دخل مع جماعة في صلاة المغرب بنية العصر.؟
الشيخ : هذا للتّسجيل بارك الله فيك.
السائل : طيب، يا شيخ إذا دخل شخص المسجد فوجد جماعة يصلّون المغرب وهو لم يصلّ العصر، فهل يدخل معهم بنيّة العصر، أو يصلّي المغرب ثمّ يصلّي العصر؟
الشيخ : أو يصلّي العصر ثمّ المغرب؟
يدخل معهم بنيّة العصر، لأنّ القول الرّاجح أنّ اختلاف النّيّة بين الإمام والمأموم لا يؤثّر، فيدخل بنيّة العصر وإذا سلّم الإمام من المغرب يقوم فيأتي بالرّابعة إن كان دخل مع الإمام في أوّل الصّلاة، نعم.
السائل : جزاك الله خيرًا يا شيخ.
السائل : طيب، يا شيخ إذا دخل شخص المسجد فوجد جماعة يصلّون المغرب وهو لم يصلّ العصر، فهل يدخل معهم بنيّة العصر، أو يصلّي المغرب ثمّ يصلّي العصر؟
الشيخ : أو يصلّي العصر ثمّ المغرب؟
يدخل معهم بنيّة العصر، لأنّ القول الرّاجح أنّ اختلاف النّيّة بين الإمام والمأموم لا يؤثّر، فيدخل بنيّة العصر وإذا سلّم الإمام من المغرب يقوم فيأتي بالرّابعة إن كان دخل مع الإمام في أوّل الصّلاة، نعم.
السائل : جزاك الله خيرًا يا شيخ.
اضيفت في - 2005-08-27