سلسلة الهدى والنور-005a
الشيخ محمد ناصر الالباني
سلسلة الهدى والنور
بيان الشيخ حرمة التدخين ونصيحته المسلمين بتقوى الله عند طلب الرزق وعند الضيق والابتلاء وذكر حديث النفر الثلاث الذين حبسوا في الغار وقصة جريج العابد مع أمه وحديث السحاب .
أبو ليلي : بسم الله ، المعروف أن الدخان مضر فما حكمه الشرعي وجزاك الله خيرا .
الشيخ : أولا من الناحية في العلاقات الاجتماعية ، فأنت تركب الباص أو تركب القطار ، وأنت ممن عافاك الله من شرب الدخان ، فعندما يمتلئ الحافلة أو الغرفة من رائحة الدخان الخبيثة فيضيق على الذين حوله ولا يبالي، هذا الدخان الخبيث أصبح إذا تحدث أحد من أهل العلم حوله، بشيء من التفصيل وقد يأخذ ذلك نصف ساعة أو ساعة أحيانا، ليقيم الحجة بعد الحجة والدليل بعد الدليل على أن الدخان شربه حرام لا فرق في ذلك بين الغني والفقير وإذا بأحد غير المبالين في المجلس يقول يا أخي إن كان حراما حرقناه وإن كان حلالا شربناه، هذه تسمعوها كثيرا، فهذه الكلمة تمثل الواقع في العالم الإسلامي إلا من شاء الله وقليل ما هم وأكثرهم لا يتقون الله في تحصيلهم لكسبهم ورزقهم مع أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول ( يا أيها الناس إن النفس ، إنّ أحدكم لن يموت حتى يستكمل رزقه وأجله فأجملوا في الطلب فإن ما عند الله لا ينال بالحرام ، إن أحدكم لن يموت حتى يستكمل رزقه وأجله فأجملوا في الطلب ) ، أي اسلكوا الطريق والسبيل الجميل أي المشروع في طلب الرزق لأنه لن يموت أحدكم حتى يستوفي الرزق كله لا يدع وراءه ولا فلسا، كما أنه أيضا يستوفي أجله حينما يموت كما قال تعالى (( فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون )) والساعة في الآية ليست الساعة الموجودة في الأربع والعشرين ، لا إنما الساعة في الآية اللحظة يعني لا يستأخرون ساعة أي لحظة ولا يستقدمون ، الشاهد مع كل هذه الأوامر الشرعية والضمانات الإلهية بأن الإنسان سينال رزقه شاء أم أبى فنحن نهتم بهذا الرزق إلى درجة أننا لا نهتم بأنه حلال أو حرام أم الغاية التي من أجلها خلقنا وهي أي أن نعبد ربنا وقد جعلنا ذلك نسيا منسيا ، فتجد المسلمين مثل الكفار يعملون ليلا ونهارا في سبيل طلب ما يظنون ما من أجله خلقوا وهو عبادة الله تبارك وتعالى فلذلك فكثير من عامة المسلمين بل وبعض خاصتهم يجهلون السبب الحقيقي الذي به وقع المسلمون في هذا الذل، وفي هذا الاستعباد والاستعمار من الكفار جميعا، وبخاصة اليهود الذين احتلوا بلادنا ، لا يعرفون السبب يقولوا قضاء الله وقدره هكذا الله كتب علينا، وكثير منهم من ينتقد ويعترض على الله ويقول هل " شو " اليهود أحسن منا، نحن مسلمون كيف حل اليهود محلنا في بلادنا ، ذلك لجهلم لأن لله عز وجل في هذا الكون سننا وقوانين ونظما من أخذ بها وصل إلى غاياتها ومن أعرض عنها تأخر سواء في الدين أو الدنيا ، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ( ستداعى عليكم الأمم ، كما تداعى الأكلة إلى قصعتها قالوا : أهو من قلة نحن يومئذ يا رسول الله ؟ قال لا ، بل أنتم يومئذ كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل ، ولينزعن الله الرهبة من صدور عدوكم ، وليقذفن في قلوبكم الوهن، قالوا : وما الوهن يا رسول الله قال حب الدنيا وكراهية الموت ... ).
السائل : هل طبق هذا الحديث في هذا الوقت ؟
الشيخ : نعم اطبق في هذا الوقت، اطبق وخلص طبق وخلص واللي يؤكد لك الحديث الثاني قال عليه السلام ( إذا تبايعتم بالعينة وأخذتم أذناب البقر ورضيتم بالزرع ، وتركتم الجهاد في سبيل الله ) ... هي اليهود احتلوا بلادنا ، ماذا يريدون " شو بدهم " للمسلمين ذلا أكثر من أن يستغلوا من أذل الناس ، (( وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ ))، وإذا بهؤلاء يستغلوننا نحن المسلمين، هل نحن أستذللنا من أذل الناس لأننا أعزة كما قال ربنا عز وجل في القرآن (( ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ))، لا، خبر الله لا يتأخر ، (( ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ))، لكن من هم المؤمنون ، هم الذين " اللي " يتقون الله ويمشون على شريعته ، فنحن مصيبتنا اليوم أننا أعرضنا عن المبدأ الأساسي الذي من أجله خلقنا ، هو عبادة الله تبارك وتعالى فأكثرنا لا يعبد الله ، والقليل الذي يعبد الله لا يعرف كيف يعبده .
بسم الله فمن الأشياء التي نسيناها وهي في القرآن المحفوظ الذي امتن الله عز وجل علينا فقال (( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون )) فمما جاء في القرآن (( ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب )) ، أصبحت هذه الآية كأنها منسوخة من القرآن ليست " مش " مسطرة يقرأها المسلمون ليلا ونهارا ، ولكن ما " شو " فائدة القرآن المسطور في الصحف والمصاحف التي تزين به الجدر أما القلوب فهي خاوية على عروشها ، هل القرآن أنزل لنزين به بيوتنا ؟ ولنتلوه على أمواتنا ونبعده عن أحيائنا تطبيقا له عملا ، قال تعالى (( لتنذر من كان حيا ويحق القول على الكافرين ))، فالقرآن أنزل للأحياء أولا وليس للأموات ، ثم أنزل للأحياء ليعملوا به لا ليزينوا به بيوتهم وجدرانهم ، فهذه الآية مما جاء في القرآن لكن أكثر المسلمين وخاصة الذين أنعم الله عليهم بشيء من المال يحرصون على المحافظة عليه ويخشون ضياعه أو أن يسرق منهم وبخاصة هؤلاء نسوا هذه الآية ، (( ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب )) ... ، هذه الآية تعطي أمرين هامين جدا لمن يتقي الله ، الأمر الأول إذا وقع في ضيق جعل له مخرجا فإذا ضاق عليه الرزق رزقه من حيث لا يحتسب ، نحن اليوم إذا وقعنا في ضيق فربما أحدنا يكفر بالله عز وجل ، ولا يلجأ إلى الله ولا يتبرأ إليه ولا يتوسل إليه بما يحبه ويرضاه كما وقع لبعض من قبلنا، ممن حدثنا بحديثهم نبينا محمد صلوات الله وسلامه عليه قصة وقعت لبعض الأقوام الذين كانوا قبل بعثة محمد عليه الصلاة والسلام فحكى القصة نبينا لنا لنتخذها درسا ولا ننسى مثل الآية السابقة (( ومن يتق الله يجعل له مخرجا ))، هؤلاء قال فيهم الرسول صلوات الله وسلامه عليه ( بينما ثلاثة نفر ممن قبلكم يمشون ، إذ أخذهم المطر فلجأوا إلى غار في جبل ، جرهم المطر والسيل صحراء فأووا إلى غار في جبل انحطت على فم غارهم صخرة من الجبل فانطبقت عليهم ) كانوا في مشكلة يخشونها وإذا بهم يواقعونها ، خائفين من المطر يشتد ، ويصير سيلا ويروحوا مع السيل ، فلجأوا إلى الجبل يتحصنون به وإذا من أعلى الجبل تنزل صخرة ضخمة لا تزحزحها الآلات الحديثة اليوم، وكأنما الله وضعها في وجه الغار الذي هم فيه ، هم ثلاثة أشخاص ، ( فقال أحدهم لهؤلاء : انظروا أعمالا عملتموها صالحة لله لعل الله يفرجها عنكم ) رأوا جبل انحط أمام وجههم ، وهم في الغار ، من الذي يزيح الجبل : هو الذي أنزله ، رب العالمين سبحانه وتعالى ، لكن هذا الرجل رجل عاقل رجل مؤمن تقي يقول لأصحابه : ( انظروا أعمالا عملتموها يوما ما صالحة وقصدتهم بها وجه الله فتوسلوا بها إلى الله لعل الله يزيح الصخرة من وجه الغار ، فقام أحدهم فقال اللهم إن كنت تعلم أني كان لي أبوان شيخان كبيران وامرأتي وكان لي صبية صغار أرعى عليها فإذا أرحت حلبت فبدأت بأبويّ قبل بني فنأى به ذات يوم الشجر ورجعت وقد أمسيت فحلبت كما كنت أحلب وجئت بالحليب إليهما ، فوجدتهما قد ناما ، _ متأخر _ قال فكرهت أن أوقظهما من نومها وكرهت أن أسقيالصبيا قبلهما والصبية يتضاغون من الجوع عند قدمي ) ماذا يقول هذا الرجل؟ : يقول أنه كان عنده غنمات وله أبوان وزوجة وأولاد كل يوم الصبح مبكرا يأخذ الغنمات ويسرح يطلب ماذا الكلأ النبات ، لكي يرعى الغنم الظاهر قطع مسافة طويلة ما وجد من قريب ، فمشى طويلا فلما رجع ما وصل إلى البيت إلا وقد أمسى المساء وهو كعادته الطيبة ، التي تدل على بره لأبويه يأخذ الوعاء الذي يحلب فيه الحليب فيملأه حليبا ويبدأ بأبويه قبل عائلته فحلب أول ما جاء من البرية حينما رجع من المساء، ودخل على أبويه فوجدهما نائمين، ماذا يفعل هذا الرجل ؟ عنده عادة يبدأ بأبويه بالسقي قبل زوجته وقبل أولاده الآن وقع في مشكلة أبوه وأمه نائمين وأولاده الصغار يصرخون من الجوع ، طول النهار ما يجيء عندهم ، قال ( فوقفت عند رؤوسهما ، أكره أن أوقظهما من نومهما وأكره أن أسقي الصبية قبلهما والصبية يتضاغون من الجوع عند قدمي يعني يصرخوا أولاده الصغار، قال فلم يزل ذلك دأبي ودأبهم حتى طلع الفجر ) واقف حيران، يذكرني بقصة جريج الراهب، جريج الراهب كان في بني إسرائيل متعبد صالح ، وشأن أولاد الحرام كما يقولون الفجار والفساق مع الصالحين، دائما يضعون في طريقهم العثرات ، كان هناك راعية - امرأة غير شريفة فجامعها رجل واتفق معها على أن تتهم جريج الراهب وراحت الأيام حتى وضعت ضمن خطة مرسومة وجاءت والقوم مجتمعون كالعادة القديمة ... قالت : ( انظروا هذا الرجل الذي تقولون عنه رجل صالح ، هذا ابنه )، يعني بالحرام ، فهجموا جميعا على الصومعة تبعه وهدموها ، الغرفة التي كان يتعبد الله فيها ، ( قالوا له : أنت كذا وكذا وتدعي الصلاح والتقوى يا كذاب يا منافق هي أنت فعلت فيها ، فإذا الرجل قال : يا غلام من أبوك قال أبي الراعي فلان ... )، لما رأوا المعجزة عرف من كان سريرته صافية ، الناس طبعا من أوباش القوم يعني فجارهم يفضحون هذا الرجل الصالح ، فلما رأى الآخرون الذين كان مغررا بهم ، رأوا المعجزة ركضوا وبنوا له القبة من فضة أو ذهب أو كليهما كفارة لخطئهم ، هذا الرجل لماذا ربنا ابتلاه بهذه البلوة ولو أنه ربنا برّأه ، كان في يوم في الصومعة ، قائم يصلي فجاءت أمه تدق الباب وهو يصلي ، تدق الباب وما يرد عليها وماذا يقول في قلبه ، ياربي صلاتي أمي صلاتي أمي ما غلب على خاطره أنه يجوز يقطع الصلاة ، لأجل يفتح الباب لأمه ، ككثير من الأمهات خاصة أمهات آخر الزمان ، يطلع خلقهم على أولاهم بالحق أم بالباطل ، دعت عليه ، قالت يا جريج الله لا يميتك حتى ترى وجوه المومسات ، الله استجاب دعاءها وقدر عليه القصة التي سبقت ، الشاهد وهو في الصلاة يقول : ( يا ربي صلاتي أمي ماذا أفعل ) وذاك الرجل يقول ( أمي وأولادي أمي وأولادي هكذا من المساء حتى الصباح يقول هذا الرجل في تمام كلامه ، اللهم إن كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء مرضاتك ففرج عنا فرجة ، نرى منها السماء ، فانزاحت الصخرة شيئا قليلا حتى رأوا النور لكن لا يستطيعون الخروج ) حتى تكمل المعجزة قام الرجل الثاني قال اللهم إن كنت تعلم أنني كنت استأجرت لا هذا الثالث ، الثاني يقول : ( اللهم إن كنت تعلم أنه كان لي ابنة عم أحببتها كأشد ما يحب الرجال النساء ، فطلبت منها نفسها فأبت حتى آتيها بمائة دينار ) وفي بعض الروايات الصحيحة الأخرى ( أنه اتفق بسنة من السنين وهو دائما راكض وراءها ويراودها وهي تأبى ، يبدو أنها حرة ، حتى أصابتهم سنة جدب وقحط ، فاضطرت المرأة وطلبت منه مائة دينار ، قال فتعبت حتى جمعت لها مائة دينار سلمت حالها ، قال فلما وقعت بين رجليها قالت ، يا عبد الله اتق الله ، ولا تفتض الخاتم إلا بحقه فقمت عنها ) انظروا الجهاد هذا أولا وصل الثمرة الذي صار له مدة طويلة يجاهد فيها وهي تستعصي عليه وثانيا ما خضعت له إلا بعد أن قدم لها بجهد وتعب مائة دينار ، كل هذا ما بالى به ، ولكن لما ذكرته بالله قال : ( قمت عنها وتركت لها المائة دينار قال اللهم إن كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء مرضاتك ففرج عنا فرجة ، فانزاحت الصخرة شيئا قليلا ، فقام الرجل الثالث ، وقال اللهم إن كنت تعلم أنني كنت استأجرت أجير على فرق من أرز ) - فرقيعني كيل كيلة أرز - ( فلما قضى عمله عرضت عليه فرقة فرغب عني ،في روايات ثانية يتبين أنه استقل بالأجر فلذلك ترك الأجر وراح ، قال صاحب الأرض صاحب العمل ، فلم أزل أزرعه هذا الرز القليل فلم أزل أزرعه حتى جمعت منه بقرا ورعاءا ) تصوروا كم سنة هذا العمل ، جمع منها قفة رز وأقل فرق غنم وبقر ( ثم جاءني فقال لي يا فلان أعطيني حقي ، قال انظر الغنم والبقر اذهب وخذها قال يا فلان اتق الله ولا تستهزئ بي ، إنما لي عندك فرق من أرز قال اذهب وخذها إنما تلك البقر من ذاك الفرق ، قال فذهب واستاقها ، فإن كنت اللهم تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء مرضاتك ففرج عنا ما بقي ، ففرج الله عنهم ما بقي وخرجوا يتمشون )، هذا حديث صحيح قصة حديث في البخاري ومسلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، مش قصة من القصص التي تسمعونها وما أنزل اللهبها من سلطان.
السائل : تصديق لكلامك يوم الجمعة حكاها الشيخ في مسجد المريخ مثل ما تفضلت بها بالنص.
الشيخ : في قوله تعالى (( ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب )) هذه صورة للمخرج كيف ربنا عند الشدة وعند الضيق للمسلم يجد له مخرجا ما يخطر على باله فيها ، ثم قال (( ويرزقه من حيث لا يحتسب )) وفي عندنا بعض القصص الصحيحة التي تحدث بها الرسول صلى الله عليه وسلم للصحابة وقصها أيضا كمثال أن ربنا يرزق عبده التقي المؤمن من حيث لا يحتسب ، قال عليه السلام ( بينما رجل قبلكم يمشي في فلاة من الأرض في الصحراء في ... إذ سمع صوتا من السحاب يقول للسحاب اسق أرض فلان ) أحمد بن عبد الله مثلا صوت من السماء لا يسمع لا فيه طائرات ولا بالونات ولا في أي شيء ، ( وجد السحاب اتجه ناحية معينة فمشي السحاب حتى وصل إلى بستان وإذا بالسحاب )
الشيخ : أولا من الناحية في العلاقات الاجتماعية ، فأنت تركب الباص أو تركب القطار ، وأنت ممن عافاك الله من شرب الدخان ، فعندما يمتلئ الحافلة أو الغرفة من رائحة الدخان الخبيثة فيضيق على الذين حوله ولا يبالي، هذا الدخان الخبيث أصبح إذا تحدث أحد من أهل العلم حوله، بشيء من التفصيل وقد يأخذ ذلك نصف ساعة أو ساعة أحيانا، ليقيم الحجة بعد الحجة والدليل بعد الدليل على أن الدخان شربه حرام لا فرق في ذلك بين الغني والفقير وإذا بأحد غير المبالين في المجلس يقول يا أخي إن كان حراما حرقناه وإن كان حلالا شربناه، هذه تسمعوها كثيرا، فهذه الكلمة تمثل الواقع في العالم الإسلامي إلا من شاء الله وقليل ما هم وأكثرهم لا يتقون الله في تحصيلهم لكسبهم ورزقهم مع أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول ( يا أيها الناس إن النفس ، إنّ أحدكم لن يموت حتى يستكمل رزقه وأجله فأجملوا في الطلب فإن ما عند الله لا ينال بالحرام ، إن أحدكم لن يموت حتى يستكمل رزقه وأجله فأجملوا في الطلب ) ، أي اسلكوا الطريق والسبيل الجميل أي المشروع في طلب الرزق لأنه لن يموت أحدكم حتى يستوفي الرزق كله لا يدع وراءه ولا فلسا، كما أنه أيضا يستوفي أجله حينما يموت كما قال تعالى (( فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون )) والساعة في الآية ليست الساعة الموجودة في الأربع والعشرين ، لا إنما الساعة في الآية اللحظة يعني لا يستأخرون ساعة أي لحظة ولا يستقدمون ، الشاهد مع كل هذه الأوامر الشرعية والضمانات الإلهية بأن الإنسان سينال رزقه شاء أم أبى فنحن نهتم بهذا الرزق إلى درجة أننا لا نهتم بأنه حلال أو حرام أم الغاية التي من أجلها خلقنا وهي أي أن نعبد ربنا وقد جعلنا ذلك نسيا منسيا ، فتجد المسلمين مثل الكفار يعملون ليلا ونهارا في سبيل طلب ما يظنون ما من أجله خلقوا وهو عبادة الله تبارك وتعالى فلذلك فكثير من عامة المسلمين بل وبعض خاصتهم يجهلون السبب الحقيقي الذي به وقع المسلمون في هذا الذل، وفي هذا الاستعباد والاستعمار من الكفار جميعا، وبخاصة اليهود الذين احتلوا بلادنا ، لا يعرفون السبب يقولوا قضاء الله وقدره هكذا الله كتب علينا، وكثير منهم من ينتقد ويعترض على الله ويقول هل " شو " اليهود أحسن منا، نحن مسلمون كيف حل اليهود محلنا في بلادنا ، ذلك لجهلم لأن لله عز وجل في هذا الكون سننا وقوانين ونظما من أخذ بها وصل إلى غاياتها ومن أعرض عنها تأخر سواء في الدين أو الدنيا ، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ( ستداعى عليكم الأمم ، كما تداعى الأكلة إلى قصعتها قالوا : أهو من قلة نحن يومئذ يا رسول الله ؟ قال لا ، بل أنتم يومئذ كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل ، ولينزعن الله الرهبة من صدور عدوكم ، وليقذفن في قلوبكم الوهن، قالوا : وما الوهن يا رسول الله قال حب الدنيا وكراهية الموت ... ).
السائل : هل طبق هذا الحديث في هذا الوقت ؟
الشيخ : نعم اطبق في هذا الوقت، اطبق وخلص طبق وخلص واللي يؤكد لك الحديث الثاني قال عليه السلام ( إذا تبايعتم بالعينة وأخذتم أذناب البقر ورضيتم بالزرع ، وتركتم الجهاد في سبيل الله ) ... هي اليهود احتلوا بلادنا ، ماذا يريدون " شو بدهم " للمسلمين ذلا أكثر من أن يستغلوا من أذل الناس ، (( وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ ))، وإذا بهؤلاء يستغلوننا نحن المسلمين، هل نحن أستذللنا من أذل الناس لأننا أعزة كما قال ربنا عز وجل في القرآن (( ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ))، لا، خبر الله لا يتأخر ، (( ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ))، لكن من هم المؤمنون ، هم الذين " اللي " يتقون الله ويمشون على شريعته ، فنحن مصيبتنا اليوم أننا أعرضنا عن المبدأ الأساسي الذي من أجله خلقنا ، هو عبادة الله تبارك وتعالى فأكثرنا لا يعبد الله ، والقليل الذي يعبد الله لا يعرف كيف يعبده .
بسم الله فمن الأشياء التي نسيناها وهي في القرآن المحفوظ الذي امتن الله عز وجل علينا فقال (( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون )) فمما جاء في القرآن (( ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب )) ، أصبحت هذه الآية كأنها منسوخة من القرآن ليست " مش " مسطرة يقرأها المسلمون ليلا ونهارا ، ولكن ما " شو " فائدة القرآن المسطور في الصحف والمصاحف التي تزين به الجدر أما القلوب فهي خاوية على عروشها ، هل القرآن أنزل لنزين به بيوتنا ؟ ولنتلوه على أمواتنا ونبعده عن أحيائنا تطبيقا له عملا ، قال تعالى (( لتنذر من كان حيا ويحق القول على الكافرين ))، فالقرآن أنزل للأحياء أولا وليس للأموات ، ثم أنزل للأحياء ليعملوا به لا ليزينوا به بيوتهم وجدرانهم ، فهذه الآية مما جاء في القرآن لكن أكثر المسلمين وخاصة الذين أنعم الله عليهم بشيء من المال يحرصون على المحافظة عليه ويخشون ضياعه أو أن يسرق منهم وبخاصة هؤلاء نسوا هذه الآية ، (( ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب )) ... ، هذه الآية تعطي أمرين هامين جدا لمن يتقي الله ، الأمر الأول إذا وقع في ضيق جعل له مخرجا فإذا ضاق عليه الرزق رزقه من حيث لا يحتسب ، نحن اليوم إذا وقعنا في ضيق فربما أحدنا يكفر بالله عز وجل ، ولا يلجأ إلى الله ولا يتبرأ إليه ولا يتوسل إليه بما يحبه ويرضاه كما وقع لبعض من قبلنا، ممن حدثنا بحديثهم نبينا محمد صلوات الله وسلامه عليه قصة وقعت لبعض الأقوام الذين كانوا قبل بعثة محمد عليه الصلاة والسلام فحكى القصة نبينا لنا لنتخذها درسا ولا ننسى مثل الآية السابقة (( ومن يتق الله يجعل له مخرجا ))، هؤلاء قال فيهم الرسول صلوات الله وسلامه عليه ( بينما ثلاثة نفر ممن قبلكم يمشون ، إذ أخذهم المطر فلجأوا إلى غار في جبل ، جرهم المطر والسيل صحراء فأووا إلى غار في جبل انحطت على فم غارهم صخرة من الجبل فانطبقت عليهم ) كانوا في مشكلة يخشونها وإذا بهم يواقعونها ، خائفين من المطر يشتد ، ويصير سيلا ويروحوا مع السيل ، فلجأوا إلى الجبل يتحصنون به وإذا من أعلى الجبل تنزل صخرة ضخمة لا تزحزحها الآلات الحديثة اليوم، وكأنما الله وضعها في وجه الغار الذي هم فيه ، هم ثلاثة أشخاص ، ( فقال أحدهم لهؤلاء : انظروا أعمالا عملتموها صالحة لله لعل الله يفرجها عنكم ) رأوا جبل انحط أمام وجههم ، وهم في الغار ، من الذي يزيح الجبل : هو الذي أنزله ، رب العالمين سبحانه وتعالى ، لكن هذا الرجل رجل عاقل رجل مؤمن تقي يقول لأصحابه : ( انظروا أعمالا عملتموها يوما ما صالحة وقصدتهم بها وجه الله فتوسلوا بها إلى الله لعل الله يزيح الصخرة من وجه الغار ، فقام أحدهم فقال اللهم إن كنت تعلم أني كان لي أبوان شيخان كبيران وامرأتي وكان لي صبية صغار أرعى عليها فإذا أرحت حلبت فبدأت بأبويّ قبل بني فنأى به ذات يوم الشجر ورجعت وقد أمسيت فحلبت كما كنت أحلب وجئت بالحليب إليهما ، فوجدتهما قد ناما ، _ متأخر _ قال فكرهت أن أوقظهما من نومها وكرهت أن أسقيالصبيا قبلهما والصبية يتضاغون من الجوع عند قدمي ) ماذا يقول هذا الرجل؟ : يقول أنه كان عنده غنمات وله أبوان وزوجة وأولاد كل يوم الصبح مبكرا يأخذ الغنمات ويسرح يطلب ماذا الكلأ النبات ، لكي يرعى الغنم الظاهر قطع مسافة طويلة ما وجد من قريب ، فمشى طويلا فلما رجع ما وصل إلى البيت إلا وقد أمسى المساء وهو كعادته الطيبة ، التي تدل على بره لأبويه يأخذ الوعاء الذي يحلب فيه الحليب فيملأه حليبا ويبدأ بأبويه قبل عائلته فحلب أول ما جاء من البرية حينما رجع من المساء، ودخل على أبويه فوجدهما نائمين، ماذا يفعل هذا الرجل ؟ عنده عادة يبدأ بأبويه بالسقي قبل زوجته وقبل أولاده الآن وقع في مشكلة أبوه وأمه نائمين وأولاده الصغار يصرخون من الجوع ، طول النهار ما يجيء عندهم ، قال ( فوقفت عند رؤوسهما ، أكره أن أوقظهما من نومهما وأكره أن أسقي الصبية قبلهما والصبية يتضاغون من الجوع عند قدمي يعني يصرخوا أولاده الصغار، قال فلم يزل ذلك دأبي ودأبهم حتى طلع الفجر ) واقف حيران، يذكرني بقصة جريج الراهب، جريج الراهب كان في بني إسرائيل متعبد صالح ، وشأن أولاد الحرام كما يقولون الفجار والفساق مع الصالحين، دائما يضعون في طريقهم العثرات ، كان هناك راعية - امرأة غير شريفة فجامعها رجل واتفق معها على أن تتهم جريج الراهب وراحت الأيام حتى وضعت ضمن خطة مرسومة وجاءت والقوم مجتمعون كالعادة القديمة ... قالت : ( انظروا هذا الرجل الذي تقولون عنه رجل صالح ، هذا ابنه )، يعني بالحرام ، فهجموا جميعا على الصومعة تبعه وهدموها ، الغرفة التي كان يتعبد الله فيها ، ( قالوا له : أنت كذا وكذا وتدعي الصلاح والتقوى يا كذاب يا منافق هي أنت فعلت فيها ، فإذا الرجل قال : يا غلام من أبوك قال أبي الراعي فلان ... )، لما رأوا المعجزة عرف من كان سريرته صافية ، الناس طبعا من أوباش القوم يعني فجارهم يفضحون هذا الرجل الصالح ، فلما رأى الآخرون الذين كان مغررا بهم ، رأوا المعجزة ركضوا وبنوا له القبة من فضة أو ذهب أو كليهما كفارة لخطئهم ، هذا الرجل لماذا ربنا ابتلاه بهذه البلوة ولو أنه ربنا برّأه ، كان في يوم في الصومعة ، قائم يصلي فجاءت أمه تدق الباب وهو يصلي ، تدق الباب وما يرد عليها وماذا يقول في قلبه ، ياربي صلاتي أمي صلاتي أمي ما غلب على خاطره أنه يجوز يقطع الصلاة ، لأجل يفتح الباب لأمه ، ككثير من الأمهات خاصة أمهات آخر الزمان ، يطلع خلقهم على أولاهم بالحق أم بالباطل ، دعت عليه ، قالت يا جريج الله لا يميتك حتى ترى وجوه المومسات ، الله استجاب دعاءها وقدر عليه القصة التي سبقت ، الشاهد وهو في الصلاة يقول : ( يا ربي صلاتي أمي ماذا أفعل ) وذاك الرجل يقول ( أمي وأولادي أمي وأولادي هكذا من المساء حتى الصباح يقول هذا الرجل في تمام كلامه ، اللهم إن كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء مرضاتك ففرج عنا فرجة ، نرى منها السماء ، فانزاحت الصخرة شيئا قليلا حتى رأوا النور لكن لا يستطيعون الخروج ) حتى تكمل المعجزة قام الرجل الثاني قال اللهم إن كنت تعلم أنني كنت استأجرت لا هذا الثالث ، الثاني يقول : ( اللهم إن كنت تعلم أنه كان لي ابنة عم أحببتها كأشد ما يحب الرجال النساء ، فطلبت منها نفسها فأبت حتى آتيها بمائة دينار ) وفي بعض الروايات الصحيحة الأخرى ( أنه اتفق بسنة من السنين وهو دائما راكض وراءها ويراودها وهي تأبى ، يبدو أنها حرة ، حتى أصابتهم سنة جدب وقحط ، فاضطرت المرأة وطلبت منه مائة دينار ، قال فتعبت حتى جمعت لها مائة دينار سلمت حالها ، قال فلما وقعت بين رجليها قالت ، يا عبد الله اتق الله ، ولا تفتض الخاتم إلا بحقه فقمت عنها ) انظروا الجهاد هذا أولا وصل الثمرة الذي صار له مدة طويلة يجاهد فيها وهي تستعصي عليه وثانيا ما خضعت له إلا بعد أن قدم لها بجهد وتعب مائة دينار ، كل هذا ما بالى به ، ولكن لما ذكرته بالله قال : ( قمت عنها وتركت لها المائة دينار قال اللهم إن كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء مرضاتك ففرج عنا فرجة ، فانزاحت الصخرة شيئا قليلا ، فقام الرجل الثالث ، وقال اللهم إن كنت تعلم أنني كنت استأجرت أجير على فرق من أرز ) - فرقيعني كيل كيلة أرز - ( فلما قضى عمله عرضت عليه فرقة فرغب عني ،في روايات ثانية يتبين أنه استقل بالأجر فلذلك ترك الأجر وراح ، قال صاحب الأرض صاحب العمل ، فلم أزل أزرعه هذا الرز القليل فلم أزل أزرعه حتى جمعت منه بقرا ورعاءا ) تصوروا كم سنة هذا العمل ، جمع منها قفة رز وأقل فرق غنم وبقر ( ثم جاءني فقال لي يا فلان أعطيني حقي ، قال انظر الغنم والبقر اذهب وخذها قال يا فلان اتق الله ولا تستهزئ بي ، إنما لي عندك فرق من أرز قال اذهب وخذها إنما تلك البقر من ذاك الفرق ، قال فذهب واستاقها ، فإن كنت اللهم تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء مرضاتك ففرج عنا ما بقي ، ففرج الله عنهم ما بقي وخرجوا يتمشون )، هذا حديث صحيح قصة حديث في البخاري ومسلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، مش قصة من القصص التي تسمعونها وما أنزل اللهبها من سلطان.
السائل : تصديق لكلامك يوم الجمعة حكاها الشيخ في مسجد المريخ مثل ما تفضلت بها بالنص.
الشيخ : في قوله تعالى (( ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب )) هذه صورة للمخرج كيف ربنا عند الشدة وعند الضيق للمسلم يجد له مخرجا ما يخطر على باله فيها ، ثم قال (( ويرزقه من حيث لا يحتسب )) وفي عندنا بعض القصص الصحيحة التي تحدث بها الرسول صلى الله عليه وسلم للصحابة وقصها أيضا كمثال أن ربنا يرزق عبده التقي المؤمن من حيث لا يحتسب ، قال عليه السلام ( بينما رجل قبلكم يمشي في فلاة من الأرض في الصحراء في ... إذ سمع صوتا من السحاب يقول للسحاب اسق أرض فلان ) أحمد بن عبد الله مثلا صوت من السماء لا يسمع لا فيه طائرات ولا بالونات ولا في أي شيء ، ( وجد السحاب اتجه ناحية معينة فمشي السحاب حتى وصل إلى بستان وإذا بالسحاب )
اضيفت في - 2004-08-16