سلسلة الهدى والنور-690
الشيخ محمد ناصر الالباني
سلسلة الهدى والنور
طلب من الشيخ أن يبين واقع الأمة الإسلامية وأسباب الوهن والذل وأسباب النهوض والتمكين .
الشيخ : نعم .
أبو ليلى : السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
الشيخ : وعليكم السلام و رحمة الله و بركاته و مغفرته .
أبو ليلى : كيف أمسيتم يا شيخنا ؟
الشيخ : أمسينا و أمسى الملك لله و الحمد لله .
أبو ليلى : بارك الله فيكم و نفع بكم .
الشيخ : الله يحفظكم و كيف أنتم ؟
أبو ليلى : الحمد لله شيخنا
الشيخ : نعم
أبو ليلى : أمامي هنا نحو خمسمائة من الإخوة
الشيخ : ما شاء الله
أبو ليلى : دين الودودين الطالبين للحق المبين إن شاء الله تعالى .
الشيخ : ما شاء الله بارك الله فيكم جميعا
أبو ليلى : لسان حالهم يسلّموا عليك
الشيخ : و لسان قالهم من بعضهم
أبو ليلى : صدقت جزاك الله خيرا
الشيخ : و أنا أقول
أبو ليلى : نستغل الوقت يا أستاذي لو كانت يعني نصيحة متعلّقة بالإجتماع و المؤتمر الذي اجتمعنا نحن مع الإخوة بسببه و هو عنوانه " ضعف الأمة الإسلامية أسباب الوهن و سبيل النهوض " و جزاكم الله خيرا .
الشيخ : نسأل الله عزّ و جلّ أن يوفّقنا و إيّاكم لمعرفة الحقّ و لإتّباعه و جوابا على ما سألت أقول ، إن الحمد لله نحمده و نستعينه و نستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا و من سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له و من يضلل فلا هادي له و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له و أشهد أن محمّدا عبده و رسوله (( يا أيها الذين آمنوا اتّقوا الله حقّ تقاته و لا تموتنّ إلا و أنتم مسلمون )) (( يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة و خلق منها زوجها و بثّ منهما رجالا كثيرا و نساء و اتقوا الله الذي تساءلون به و الأرحام إن الله كان عليكم رقيبا )) (( يا الذين آمنوا اتقوا الله و قولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم و يغفر لكم ذنوبكم و من يطع الله و رسوله فقد فاز فوزا عظيما )) ، أمّا بعد فإن خير الكلام كلام الله و خير الهدي هدي محمّد صلى الله عليه و آله و سلّم و شرّ الأمور محدثاتها و كل محدثة بدعة و كل بدعة ضلالة و كل ضلالة في النار و بعد فإنه مما لا يخفى عليكم جميعا أن ما عليه المسلمون اليوم من واقع الأمر السيء في هذا العصر الذي نعيشه هو بلا شكّ أسوء ما أصاب المسلمين في كل عصورهم المتأخرة مما لا يحتاج أحد إلى أن يوصف له لأنه يحياه و يعايشه فكلنا يعلم إنتشار الفسق أنواع الفسق و الفجور في العالم الإسلامي و قليل مما لا يزالون يعتصمون بكلمة الحق و بإتّباع الكتاب و السّنّة أما الأكثرون فكما قال رب العالمين (( و لكن أكثر الناس لا يعلمون )) و كما قال في الآية الأخرى (( و ما يؤمن أكثرهم بالله إلا و هم مشركون ))
أبو ليلى : السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
الشيخ : وعليكم السلام و رحمة الله و بركاته و مغفرته .
أبو ليلى : كيف أمسيتم يا شيخنا ؟
الشيخ : أمسينا و أمسى الملك لله و الحمد لله .
أبو ليلى : بارك الله فيكم و نفع بكم .
الشيخ : الله يحفظكم و كيف أنتم ؟
أبو ليلى : الحمد لله شيخنا
الشيخ : نعم
أبو ليلى : أمامي هنا نحو خمسمائة من الإخوة
الشيخ : ما شاء الله
أبو ليلى : دين الودودين الطالبين للحق المبين إن شاء الله تعالى .
الشيخ : ما شاء الله بارك الله فيكم جميعا
أبو ليلى : لسان حالهم يسلّموا عليك
الشيخ : و لسان قالهم من بعضهم
أبو ليلى : صدقت جزاك الله خيرا
الشيخ : و أنا أقول
أبو ليلى : نستغل الوقت يا أستاذي لو كانت يعني نصيحة متعلّقة بالإجتماع و المؤتمر الذي اجتمعنا نحن مع الإخوة بسببه و هو عنوانه " ضعف الأمة الإسلامية أسباب الوهن و سبيل النهوض " و جزاكم الله خيرا .
الشيخ : نسأل الله عزّ و جلّ أن يوفّقنا و إيّاكم لمعرفة الحقّ و لإتّباعه و جوابا على ما سألت أقول ، إن الحمد لله نحمده و نستعينه و نستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا و من سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له و من يضلل فلا هادي له و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له و أشهد أن محمّدا عبده و رسوله (( يا أيها الذين آمنوا اتّقوا الله حقّ تقاته و لا تموتنّ إلا و أنتم مسلمون )) (( يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة و خلق منها زوجها و بثّ منهما رجالا كثيرا و نساء و اتقوا الله الذي تساءلون به و الأرحام إن الله كان عليكم رقيبا )) (( يا الذين آمنوا اتقوا الله و قولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم و يغفر لكم ذنوبكم و من يطع الله و رسوله فقد فاز فوزا عظيما )) ، أمّا بعد فإن خير الكلام كلام الله و خير الهدي هدي محمّد صلى الله عليه و آله و سلّم و شرّ الأمور محدثاتها و كل محدثة بدعة و كل بدعة ضلالة و كل ضلالة في النار و بعد فإنه مما لا يخفى عليكم جميعا أن ما عليه المسلمون اليوم من واقع الأمر السيء في هذا العصر الذي نعيشه هو بلا شكّ أسوء ما أصاب المسلمين في كل عصورهم المتأخرة مما لا يحتاج أحد إلى أن يوصف له لأنه يحياه و يعايشه فكلنا يعلم إنتشار الفسق أنواع الفسق و الفجور في العالم الإسلامي و قليل مما لا يزالون يعتصمون بكلمة الحق و بإتّباع الكتاب و السّنّة أما الأكثرون فكما قال رب العالمين (( و لكن أكثر الناس لا يعلمون )) و كما قال في الآية الأخرى (( و ما يؤمن أكثرهم بالله إلا و هم مشركون ))
كلمة في ذم التفرق والحض على الإجتماع والتمسك بالكتاب والسنة .
الشيخ : فواقع الأمة اليوم مما تحدّث عنه رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم قبل أن نرى ما رأينا بل و قبل أن يرى ما رأى و أجدادنا من قبل من الفرقة و التحزّب و التفرّق في الدين خلافا لقول ربّ العالمين (( و لا تكونوا من المشركين من الذين فرقوا دينهم و كانوا شيعا كل حزب بما لديهم فرحون )) و كما قال رب العالمين في الآية الأخرى (( و أن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه و لا تتبعوا السبل فتفرّق بكم عن سبيله )) و قد بيّن رسول الله صلى الله عليه و آله و سلّم هذه السبل في الحديث الصحيح الذي صوّر تفرّق المسلمين و خروجا من الكثيرين منهم عن الخطّ المستقيم فيما رواه عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه قال " خطّ لنا رسول الله صلى الله عليه و آله وسلم يوما خطا على الأرض مستقيما ثمّ خطّ حوله خطوطا قصيرة ثم تلى قوله تبارك وتعالى (( و أن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه و لا تتبعوا السبل فتفرّق بكم عن سبيله )) " ثم قال عليه السلام و قد مرّ بأصبعه الشريفة على الخطّ المستقيم ( هذا صراط الله ) و أشار إلى الخطوط القصيرة التي على جانبي الطريق بقوله عليه الصلاة و السلام ( هذه طرق و على كلّ طريق منها شيطان يدعو الناس إليه ) فقد بين النبي صلى الله عليه و آله و سلم في هذا الحديث أن الطريق الموصل إلى الله عزّ و جلّ إنما هو طريق واحد و ليس كما يقول بعض الصوفية أو على الأقل بعض المتصوفة قالوا أو زعموا إن الطرق إلى الله عزّ و جلّ هي بعدد أنفاس الخلائق هذا كانوا يقولونه قديما أما اليوم فقد تعدّلت الطرق إلى تعدّد الجماعات و الأحزاب و كل حزب بما لديهم فرحون مع أن هؤلاء المسلمين اليوم جميعا يعلمون قول الله عزّ وجلّ (( و لا تكونوا من المشركين من الذين فرقوا دينهم و كانوا شيعا كل حزب بما لديهم فرحون )) و يعلمون أيضا قول النبي صلى عليه و آله و سلم ( تفرقت اليهود على إحدى و سبعين فرقة و تفرّقت النصارى إلى اثنتين و سبعين فرقة و ستفترق أمتي على ثلاث و سبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة ) قالوا " ما هي يا رسول الله ؟ " قال ( هي الجماعة ) هذه هي الرواية المشهورة و الصحيحة و الرواية الأخرى و هي المفسّرة للأولى قال ( هي التي تكون على ما أنا عليه و أصحابي ) فقوله عليه الصلاة و السلام في هذه الرواية الثانية وهي رواية حسنة كما بيّنت ذلك في بعض كتبي فقوله عليه السلام ( ما أنا عليه و أصحابي ) يحدد منهج الفرقة الواحدة و الطائفة المنصورة الناجية و هي التي تأخذ بما كان عليه رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم و أصحابه رضوان الله عليهم أجمعين وهنا نكتة لابدّ لي من ذكرها بمناسبة قوله عليه السلام ( و أصحابي ) لأنه من الواضح أن النبي صلى الله عليه و آله و سلم لو إقتصر على قوله ( ما أنا عليه ) لكان جوابه وافيا كافيا و لكنه لحكمة بالغة زاد على ذلك و عطف فقال ( و أصحابي ) و الحكمة هي أن أصحاب النبي صلى الله عليه و آله و سلم كانوا جميعا على هدى من ربهم لأنهم تلقّوا الوحي النازل على قلب نبيّهم صلى الله عليه و آله و سلم غضا طريا كما أنزله الله عزّ و جلّ قبل أن يتسلّط على مفاهيمه و على دلالته العجمة أو الهوى الذي ران على قلوب بعض الذين جاؤوا من بعد السلف الصالح من الآراء و الأفكار المباينة و المخالفة لما كان عليه أصحاب النبي صلى الله عليه و آله و سلّم لهذا ذكرهم و عطفهم على ما كان عليه صلى الله عليه و آله و سلم لأنه يعلم علم اليقين أن أصحابه سيكونون له متّبعين تمام الإتّباع و كذلك أثنى رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم على القرون الذين يأتون من بعد أصحابه صلى الله عليه و آله و سلّم و مجموع تلك القرون هي كما عليه السلام في الحديث الصحيح بل الحديث المتواتر في نقدي و في علمي و التتبعي ألا و هو قوله صلى الله عليه و آله و سلم ( خير الناس قرني ) و بعض الناس يروونه بلفظ خير القرون قرني فأرى من الواجب عليّ أن أذكّر و الذكرى تنفع المؤمنين أن لفظ الحديث الصحيح ( خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثمّ الذين يلونهم ) فهؤلاء القرون الثلاثة هم الذين شهد لهم النبيّ صلى الله عليه و آله و سلّم بالخيرية و هم المقصودون بالآية الكريمة وهي قول الله عزّ و جلّ (( و من يشاقق الرسول من بين تبيّن له الهدى و يتّبع غير سبيل المؤمنين نولّه ما تولّى و نصله جهنّم و ساءت مصيرا )) فقوله تبارك و تعالى في هذه الآية الكريمة (( و يتّبع غير سبيل المؤمنين )) منه إقتبس نبيّنا صلى الله عليه و آله و سلّم قوله سابقا ( و أصحابي ) فالنّكتة في هذا الحديث كالنّكتة في هذه الآية الكريمة و في ذلك دلالة واضحة على أن المسلمين جميعا في هذه العصور المتأخّرة أنه لا يجوز لهم أن يخالفوا سبيل المؤمنين ، سبيل المؤنين الأوّلين لأنهم كانوا على هدى من ربّهم و لذلك أيضا ذكر رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم أصحابه من المفضّلين على أصحابه الآخرين ألا وهم الخلفاء الراشدون المهديّون كما جاء في حديث العرباض بن سارية رضي الله تعالى عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ( أوصيكم بتقوى الله و السمع و الطاعة و إن ولّي عليكم عبد حبشي و إنه من يعش منكم فسيرى إختلافا كثيرا فعليكم بسنّتي و سنّة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ و إياكم و محدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة و كلّ بدعة ضلالة ) هكذا ذكر رسول الله صلى الله عليه و آله و سلّم مع سنّته في هذا الحديث سنّة الخلفاء الراشدين بتلك النكتة التي أشرنا إليها في الآية وفي حديث الفرقة الناجية و في كل هذه النصوص الثلاثة منهاج يوجب على المسلمين في العصر الحاضر أن يلتزموه و أن لا يكونوا بعيدين عنه كما هو شأن كثير ممن يشاركنا في الدعوة إلى الكتاب و السّنّة و لكنّهم يخالفوننا في منهجنا في رجوعنا في فهمنا للكتاب و السّنّة إلى فهم السلف الصالح من الصحابة و التابعين و أتباعهم ذلك مما يجب على كلّ مسلم أن يتّخذه منهجا له لكي لا ينحرف عن ما كان عليه سبيل المؤمنين فلا يكفي اليوم أن نقول نحن على الكتاب و السّنّة ثم يختلفون في فهم الكتاب و السنة الرجوع إلى السلف الصالح هو ضمان و صيانة من أن يقع المسلمون اليوم في مثل ما وقع المسلمون الذين جاؤوا بعد السلف فإختلفوا إختلافا كثيرا ذلك لأنهم قد كانوا لم تتوفر لديهم أولا نصوص السّنّة التي تتولى بيان القرآن الكريم كما قال ربّ العالمين (( و أنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزّل إليهم )) هذا هو السبب الأول من أسباب الخلاف الذي وقع بين المتقدّمين حتى بين بعض الأئمة المجتهدين من العلماء و الزهاد و الصالحين و لكن هناك أسباب أخرى و هي تسلط الأهواء و الآراء الخاصة ببعض الناس و لو كانوا على شيء من العلم بل و الزهد و الصلاح و لذلك نحن نقول إنه لا ضمان لكي لا يقع المسلمون في مخالفة الكتاب و السّنّة إلاّ بالرجوع إلى ما كان عليه سلفنا الصالح فأنا أعتقد أن من واقع الأمّة الإسلامية اليوم هو إختلافهم في تفسيرهم لبعض نصوص الكتاب و السّنّة بسبب إعتمادهم على غير هذا المنهج الذي نسمّيه بالمنهج السلفي هذا ما ينبغي أن نعرفه في واقع الأمة الإسلامية اليوم لكي يتمكّنوا من العودة إلى ما كان عليه السلف الصالح و الذي إقترن بهم أن الله عزّ و جلّ أعزّهم و مكّن لهم في الأرض كما هو معلوم في التاريخ الإسلامي الأمجد ، هذا ما يحضرني الآن جوابا عن هذه القطعة من السؤال و هو واقع الأمّة الإسلامية و قبل أن أنتقل إلى التحدّث عن أسباب الوهن أريد أن أسمع من بعضكم على الأقلّ لكي أطمئنّ هل وصلكم كلامي و صوتي واضحا بيّنا إن شاء الله حتّى أتابع الكلام و الجواب .
السائل : واضح جدا يا شيخنا .
الشيخ : بشّرك الله خيرا . و أنا أتابع إن شاء الله فأقول أما أسباب الوهن فهي عند العلماء كثيرة و كثيرة جدّا و قد يعلمون كلّهم أو على الأقل بعضهم أن النّبي صلّى الله عليه و آله و سلم جمعها في جملة واحدة في الحديث الثابت الصحيح عنه صلى الله عليه و آله و سلم وهو قوله ( يوشك أن تداعى عليكم الأمم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها ) قالوا " أو من قلة نحن يومئذ يا رسول الله ؟ " قال ( لا بل أنتم يومئذ كثير و لكنّكم غثاء كغثاء السيل و لينزعنّ الله الرهبة من صدور عدوّكم و ليقذفنّ في قلوبكم الوهن ) قالوا " و ما الوهن يا رسول الله ؟ " قال ( حبّ الدنيا و كراهية الموت ) و صدق رسول الله صلى الله عليه و آله و سلّم فليس يخفى على كل مسلم عاقل أن حب الدنيا رأس كل خطيئة و أنه سبب كل معصية و بلية كيف لا و هو الذي يحمل الناس على الشح بالمال و بالنفس التي تجاهدها بالإنفاق بالمال العزيز لديها و بالنفس التي هي أعزّ من المال و لذلك قال صلى الله عليه و سلم ( إتّقوا الشّحّ فإنّ الشّحّ أهلك من كان قبلكم حملهم على أن سفكوا دمائهم و إستحلوا محارمهم ) كما ورد في كثير من كتب السّنّة ومنها صحيح الإمام مسلم .
السائل : واضح جدا يا شيخنا .
الشيخ : بشّرك الله خيرا . و أنا أتابع إن شاء الله فأقول أما أسباب الوهن فهي عند العلماء كثيرة و كثيرة جدّا و قد يعلمون كلّهم أو على الأقل بعضهم أن النّبي صلّى الله عليه و آله و سلم جمعها في جملة واحدة في الحديث الثابت الصحيح عنه صلى الله عليه و آله و سلم وهو قوله ( يوشك أن تداعى عليكم الأمم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها ) قالوا " أو من قلة نحن يومئذ يا رسول الله ؟ " قال ( لا بل أنتم يومئذ كثير و لكنّكم غثاء كغثاء السيل و لينزعنّ الله الرهبة من صدور عدوّكم و ليقذفنّ في قلوبكم الوهن ) قالوا " و ما الوهن يا رسول الله ؟ " قال ( حبّ الدنيا و كراهية الموت ) و صدق رسول الله صلى الله عليه و آله و سلّم فليس يخفى على كل مسلم عاقل أن حب الدنيا رأس كل خطيئة و أنه سبب كل معصية و بلية كيف لا و هو الذي يحمل الناس على الشح بالمال و بالنفس التي تجاهدها بالإنفاق بالمال العزيز لديها و بالنفس التي هي أعزّ من المال و لذلك قال صلى الله عليه و سلم ( إتّقوا الشّحّ فإنّ الشّحّ أهلك من كان قبلكم حملهم على أن سفكوا دمائهم و إستحلوا محارمهم ) كما ورد في كثير من كتب السّنّة ومنها صحيح الإمام مسلم .
بيان استحلال المعاصي وبيان للشرك وبعض الكبائر .
الشيخ : و إنما مما يجب ذكره و بيانه في هذه المناسبة أن إستحلال المحارم المهلك يكون على وجهين إثنين الأول إرتكاب المحارم مع العلم بحرمتها و هذا أمر مشاهد فاش مع الأسف الشديد بين المسلمين اليوم بكل أشكاله و أنواعه حتى الكبائر ألا و هو الإشراك بالله عزّ و جلّ الذي يتجلّى واضحا في بعض الجماعات أو الأفراد الذين ينادون غير الله عزّ و جلّ في الشدائد و يستغيثون بغير الله و ينذرون و يذبحون لغير الله فضلا عن أنّ أكثرهم يحلفون بغير الله كل هذه من الشرك من أنواع الشرك الفاشية اليوم بين المسلمين و أكثرهم لا أقول أكثر عامّتهم بل أقول أكثر خاصّتهم يدندنون حول التحذير من هذه الأنواع من الشركيات و الوثنيات هذا أكبر الكبائر كما جاء في بعض الأحاديث الصحيحة الإشراك بالله عزّ و جلّ ومنها قتل النفس بغير حقّ و عقوق الوالدين و أكل الربا ما أدراكم ما أكل الربا فقد انتشر أيضا في هذا الزمان بسبب قيام ما يسمونه بالبنوك و كذلك من الكبائر شرب الخمر و تبرّج النساء و بناء المساجد على القبور و غيرها كثير و كثير و القسم الآخر من المحارم المحرمة إرتكابها دون معرفة حكمها أو حرمتها وذلك للجهل بها وهذا بلا شكّ شر منتشر أيضا بين كثير من المسلمين و إما بإستحلالها بطريق الإحتيال عليها على نحو إحتيال اليهود على صيد السمك المذكور في القرآن كما هو معلوم مشهور و كإحتيالهم على أكلهم الشحوم كما في قوله صلى الله عليه و آله و سلم في الحديث الصحيح ( لعن اليهود حرّمت عليهم الشحوم فجملوها ثمّ باعوها و أكلوا أثمانها و إن الله إذا حرّم أكل شيء حرّم ثمنه ) هذا الحديث هو من الأحاديث التي قلّ ما نسمعها من ألسنة الخطباء و الوعّاظ وهو من الأحاديث المهمّة جدّا جدّا التي تحذّر المسلمين أن يقعوا في ما وقع فيه اليهود من قبلهم و حذرهم رسول الله صلى الله عليه و آله و سلّم من أن يقعوا في مثل ما وقعوا هم فيه في الحديث الذي أخرجه البخاري و غيره في صحيحه من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم ( لا تتبعنّ سنن من قبلكم شبرا بشبر و ذراعا بذراع حتى لو دخلوا جحر ضبّ لدخلتموه ) قالوا " يا رسول الله اليهود و النصارى ؟ " قال ( فمن ) أو قال ( فمن الناس ) و أقول محذّرا و هذا النوع من الإرتكاب و الإستحلال لما حرّم الله عزّ و جلّ بأدنى الحيل فيه كثير من المسلمين في بعض معاملاتهم وعقودهم من أشهر ذلك نكاح التحليل الملعون فاعله في السّنّة الصحيحة بقوله صلى الله عليه و آله و سلّم ( لعن المحلّل و المحلَّلَ له ) و مع ذلك فلا يزال في المسلمين اليوم بعض المتفقّهة يجيزن نكاح التحليل رغم لعن النبي صلى الله عليه و آله و سلم فاعله كمثل ما سمعتم آنفا و كذلك مما فشى في العصر الحاضر هو التقسيط بزيادة في الثمن على ثمن بيع النقد وكذلك بيع العينة المنتشر في بعض البلاد الإسلامية و آسف أن أقول و لا يتسع المجال الآن لشرح ذلك كلّه و إنما أرت أن أذكر الإخوان بحديث يناسب المقام ألا وهو قوله عليه الصلاة و السلام ( إذا تبايعتم بالعينة و أخذتم أذناب البقر و رضيتم بالزّرع و تركتم الجهاد في سبيل الله سلّط الله عليكم ذلاّ لا ينزعه عنكم حتى ترجعوا إلى دينكم ) ففي هذا الحيث بيان واضح جدّا لبعض الأدواء و الأمراض الناتجة من حب الدنيا و هو التكالب عليها و الإنغماس في الأخذ بأسباب جمع المال الذي يترتب منه ما هو واقع الآن المسلمين اليوم مما ذكره عليه الصلاة و السلام في هذا الحديث عطفا على داء التبايع بالعينة و الأخذ بأذناب البقر و الرضى بالزرع فقال عليه الصلاة و السلام ( و تركتم الجهاد في سبيل الله عز و جل ) فترك الجهاد الذي أصبح عاما اليوم يشمل مع الأسف الشديد كل الدول العربية و الإسلامية رغم كونها عندها من وسائل الجهاد و القتال ما لا تملكه الشعوب المسلمة المتحمّسة للدفاع عن بلادها و عن أراضيها بل و عن أعراضها كان هذا كنتيجة طبيعية سنّة الله عزّ و جلّ (( و لن تجد لسنّة الله تبديلا )) أن يقعوا في مثل هذه المخالفات و الاستحلال لما حرّم الله عزّ و جلّ كان أمرا طبيعيا أن يسلّط الله عليهم ذلاّ هذا الذل الذي نراه قد ران على بلاد المسلمين كافة و لو أنهم كانوا في الظاهر أحرارا و لكنهم مع الأسف الشديد لا يستطيعون أن يتحرّكوا بما يأمرهم كتاب ربهم و سنّة نبيّهم صلى الله عليه و آله و سلّم كمثل ما جاء في الحديث الصحيح ( جاهدوا المشركين بأموالكم و ألسنتكم و أنفسكم ) نحن الآن قد ألغينا الجهاد بالنفس و ركنّا إلى الجهاد بالأموال لوفرتها لدينا و باللسان لسهولة ذلك علينا أما الجهاد بالأنفس فذلك مما أصبح مع الأسف في خبر كان و لذلك فالنبي صلى الله عليه و آله و سلّم قد وصف في هذا الحديث الصحيح الداء مع الدواء حيث ذكر نماذج من الأمراض التي ستصيب المسلمين في أول هذا الحديث حديث العينة ثم بيّن في آخره عليه الصلاة و السلام الدواء فقال ( لا ينزعه عنكم حتى ترجعوا إلى دينكم ) و هذا الدواء هو العلاج الوحيد للمسلمين إذا أرادوا أن يعود إليهم عزهم و مجدهم و أن يمكّن الله لهم في الأرض كما مكّن للذين من قبلهم فقال عليه الصلاة و السلام ( بشّر هذه الأمّة بالسناء و الرفعة و المجد و التمكين في الأرض ومن عمل منهم عملا فليس له في الآخرة من نصيب ) .
ما هي الأسباب التي يجب إتخاذها للنهوض بهذه الأمة .؟
الشيخ : إذا قوله صلى الله عليه و سلم في هذا الحديث ( حتى ترجعوا إلى دينكم ) يفسح لي المجال للدخول في الإجابة عن من جاء في آخر السؤال و هو ما هو سبيل النهوض بهذه الأمة التي أصابها من الذّلّ و الهوان ما لم يصب هذه الأمة من قبل هذا الزمان فنقول إن النبي صلى الله عليه و آله و سلم حينما وصف الدواء في هذا الحديث بالرجوع إلى الدين إنما إنطلق من مثل قوله عزّ و جلّ (( إن الله لا يغيّر ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم و إذا أراد الله بقوم سوءًا فلا مردّ له )) و قوله تعالى (( ذلك بأن الله لم يك مغيرا نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم )) فما هو السبب الذي غيّر الله فينا نعمة القوّة و العزّة و التمكين في الأرض الذي كان عليه المسلمون من قبل ذلك لأننا غيّرنا نعمة الله عزّ و جلّ و بدّلنا فأخذنا بأسباب الدنيا و تركنا الجهاد في سبيل الله عزّ و جلّ كنتيجة شرعيّة و كونيّة أن المسلم إذا لم ينصر الله عزّ و جلّ لم ينصره الله كما هو صريح قوله تبارك و تعالى (( إن تنصروا الله ينصركم )) هنا لابدّ لي من وقفة إذا كان الله عزّ و جلّ قد جعل على لسان نبيّه صلى الله عليه و آله و سلّم العلاج لهذا المرض العضال الذي أصاب المسلمين في أرضهم الإسلامية كلها مع الأسف الشديد إنما هو الرجوع إلى دينهم و الدين كما تعلمون إنما هو الإسلام وقد قال رب الأنام (( و من يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه و هو في الآخرة من الخاسرين )) (( اليوم أكملت لكم دينكم و أتممت عليكم نعمتي و رضيت لكم الإسلام دينا )) و يعجبني بمناسبة هذه الآية ما ذكره الإمام الشاطبي رحمه الله في كتابه العظيم الإعتصام ذكر عن الإمام مالك أنه قال " من إبتدع في الإسلام بدعة يراها حسنة فقد زعم أن محمّدا صلى الله عليه و آله و سلم خان الرسالة " و حاشاه ثم قال " اقرؤوا قول الله تبارك وتعالى (( اليوم أكملت لكم دينكم و أتممت عليكم نعمتي و رضيت لكم الإسلام دينا )) " قال رحمه الله " و لا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها فلم يكن يومئذ دينا لا يكون اليوم دينا " كنا نستدل بهذا الأثر الثابت عن الإمام مالك إمام دار الهجرة أنه لا يجوز للمسلم أن يحدث في الإسلام بدعة مهما كانت يعني يسيرة و في الأخلاق و في العبادات و ليست في العقائد كنّا نحتجّ بهذا الأثر إعتمادا على هذه الآية الكريمة أن الله عزّ و جلّ أتمّ النعمة علينا بإتمام ديننا ألا و هو الإسلام فما بالنا اليوم و نحن أصبحنا بعيدين عن الإسلام ليس فقط بما يسمّى بالسنن التي تخالفها البدع بل أصبحنا بعيدين كل البعد عن الإسلام ليس في هذه الجزئيات أو في هذه الأمور التي يسمّيها بعضهم أنها من الأمور الثانوية و التي ليست جوهرية و إنما أصبحنا بعيدين عن الإسلام الذي إرتضاه الله لنا دينا حتى في قضائنا حتى في أفكارنا و عقائدنا فإذا أردنا فعلا و جادّين مخلصين أن نتعاطى هذا العلاج الذي وصفه ربنا عزّ و جلّ على لسان نبيّه صلى الله عليه و آله و سلم و هو أن نرجع إلى الدين
تكلم على قاعدة : ( مذهب السلف أعلم وأحكم ومذهب الخلف ....) .
الشيخ : فبأي مفهوم نفهم هذا الدين ؟ هناك أولا مفهومان معروفان لدى كثير من العلماء الذين يعرفون الخلاف بين علماء السلف و بين علماء الخلف هناك مذهبان مذهب ينتمي إلى السلف و مذهب ينتمي إلى الخلف و مذهب السلف يقول أولئك الذين ينتمون إلى مذهب الخلف يقولون عن مذهب السلف بأنه أسلم لكنهم يقولون بأن مذهب الخلف أعلم و أحكم فيا ترى هل نعود في عقائدنا أولا إلى ما كان عليه السلف الصالح أم نعود إلى مذهب هؤلاء الخلف الذين يصرّحون بأن مذهب السلف أسلم و لكن مذهب الخلف أحكم و أعلم لا شكّ أنه يتبين من النصوص التي ذكرناها أن واجبنا نحن في مثل هذا الزمن الذي أحيط بنا من كل جانب أن نعود أولا في العقائد إلى ما كان عليه سلفنا الصالح ثم نعود إلى ما دون ذلك من العقائد و أعني بذلك الأحكام و الأخلاق و السلوك لابدّ أيضا في كل ذلك أن نرجع إلى ما كان عليه سلفنا الصالح الذي كان لا يرضى له بديلا عن الإعتماد على الكتاب والسّنّة حينما يقع تنازع ما بين أفراد الأمّة كما قال ربّنا عزّ و جلّ في القرآن الكريم (( فلا وربّك لا يؤمنون حتى يحكّموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت و يسلموا تسليما )) اليوم مع الأسف الشديد لا نجد هذه الجماعات وهذه الأحزاب تتفق معنا على تعاطي هذا الدواء الذي لا علاج للمسلمين في الرجوع إلى عزّهم و مجدهم الغابر إلا بالرجوع إلى دينهم هذه النقطة أن الدواء هو الرجوع إلى دين الإسلام نقطة لا خلاف فيها بين كل مسلم مهما كان اتّجاهه ومهما كان تحزّبه و تكتّله ولكن الخلاف مع الأسف الشديد هو في فهم هذا الدين فهناك كما ذكرنا مذهبان ، مذهب السلف و مذهب الخلف السلف ما كانوا يختلفون في الأصول ما كانوا يختلفون أولا في أن المرجع عند التنازع إنما هو كتاب الله و سنّة رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم فهم كانوا يتحاكمون إلى هذين المصدرين و يسلمون لهما تسليما كما ذكرنا تلاوة الآية السابقة في ذلك ولكن الإختلاف قد كان بينهم بالسبب الأول الذي سبقت الإشارة إليه هو أن بعضهم كان لا يصله الحديث عن النبي صلى الله عليه و آله و سلم فيجتهد فيقع في الخطأ غير قاصدا إليه و لذلك قال عليه الصلاة و السلام في الحديث الصحيح ( إذا حكم الحاكم فإجتهد فأصاب فله أجران و إن أخطأ فله أجر واحد ) فلذلك ينبغي الرجوع من هؤلاء المسلمين إلى هذه القاعدة التي لا ينبغي أن يقع فيها إختلاف ألا و هي فهم الكتاب و السّنّة على ما كان عليه السلف الصالح فإذا إلتفتنا إلى هذا النظام و جعلناه منهجا و سبيلا نتعاون على فهمه أولا و على تطبيقه ثانيا فهنا يأتي الأمر الهامّ و الهام جدّا وهو خلاصة الجواب عن هذا السؤال ألا و هو سبيل النهوض .
تكلم على الحكام وأفراد الشعوب .
الشيخ : سبيل النهوض لابد للمسلمين اليوم من أن يفهموا دينهم فهما صحيحا ثم أن يطبقوه كل بحسبه تطبيقا صحيحا ، المحكوم غير الحاكم ، الحاكم له سلطة عليا المحكوم سلطته محدودة فإذا قام كلّ من الحاكم و المحكوم بفهم الإسلام أولا فهما صحيحا ثم بتطبيق هذا الإسلام تطبيقا كاملا كلّ بحسب ما يستطيعه كما أشرت إليه آنفا في إعتقادي يومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله و لكنني أرى أن كثيرا من الدعاة الإسلاميين الذين ينهجون دائما و أبدا بدعوة الحكام إلى الحكم بما أنزل الله عزّ و جلّ وهذه دعوة حق لا شكّ و لا ريب فيها لقول الله عزّ و جلّ (( و من لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون )) و في الآية الأخرى (( فأولئك الظلمون )) و في الثالثة (( فأولئك هم الفاسقون )) هذا حق أي أن يقوم الحكام بتطبيق الإسلام في دساتيرهم و في قوانينهم و على شعوبهم كلها هذا حق واجب و لكن نحن نذكّر أفراد الشعوب المسلمة الذين ينادون بكلمة الحق هذه و هو الحكم بما أنزل الله أن عليهم أن لا ينسوا أنفسهم كما قال الله عزّ و جلّ (( يا أيها الذين آمنوا عليك أنفسكم لا يضرّكم من ضلّ إذا إهتديتم )) فلذلك على أفراد المسلمين أن يفهموا الإسلام فهما صحيحا ثم أن يطبّقوه تطبيقا كاملا في حدود إستطاعتهم على أنفسهم و على من لهم ولاية عليهم من رعاياهم كما قال عليه الصلاة و السلام ( كلكم راع و كلّكم مسؤول عن رعيّته فالرجل وهو مسؤول عن رعيّته و المرأة راعية و هي مسؤولة عن رعيتها ) إلى هذا المعنى من التربية للنفس يشير إليه بعض الدعاة الإسلاميين بالكلمة التي تروى عنه ألا و هي قوله " أقيموا دولة الإسلام في قلوبكم تقم لكم في أرضكم " في هذه الكلمة التي تعجبنا كثيرا و لك لا يعجبني الذين ينتمون إلى قائل الكلمة حيث انهم لا يعنون بها و لا يهتمون بتطبيقها لأن ذلك يكلفهم أمرا يتطلب جهدا جهيدا ألا و هو الرجوع إلى فهم الإسلام على الوجه الصحيح الذي سبق بيانه آنفا إعتمادا على كتاب الله و على حديث رسول الله و على ما كان عليه سلفنا الصالح .
التصفية والتربية .
الشيخ : فأقول العودة إلى هذا الدين الذي هو الدواء لما أصاب المسلمين اليوم يتطلب أمرين اثنين طالما أكني عنهما بالتصفية و التربية و أعني بالتصفية أن يقوم علماء المسلمين الذين يتبنّون هذا المنهج الصحيح من فهم الإسلام على ما كان عليه سلفنا الصالح أن يقوم كلّ منهم على تصفية هذا الإسلام مما دخل فيه مما هو بريء منه براءة الذئب من دم ابن يعقوب كما يقال في بعض الأمثال و أن يدعو الناس إليه سواء ما كان متعلقا بالعقيدة أو بالأحكام التي اختلف فيها كثيرا أو في الأخلاق و في السلوك لابدّ من تصفية الإسلام في كلّ ما يتعلّق بهذا الإسلام الذي أتمّه الله عزّ و جلّ علينا كما سبق في الآية و أؤكّد ذلك بالحديث الصحيح و هو قوله صلى الله عليه و آله و سلم ( ما تركت شيئا يقرّبكم إلى الله و يبعّدكم على النار إلا و أمرتكم به و ماتركت شيئا يباعدكم عن الله و يقربكم إلى النار إلا و نهيتكم عنه ) فمن كان يريد أن يتمشى ما هذا المنهج الصحيح
كيف حفظ الله هذا الدين " وإعتناء السلف الأول بالإسناد " .
الشيخ : فهنا يرد بيان لابد لي منه ، كثير من العلماء قديما و حديثا يعلمون فكرا أنّ السّنّة دخل فيها ما لم يكن منها حتى في القرن الأول حيث بدأ بعض الفرق الضالة ترفع أصواتها و تدعو إلى مخالفة الكتاب و السّنّة بإتباعها لأهوائها كما جاء عن بعض أو أحد الخوارج حينما هداه الله عزّ و جلّ إلى السّنّة فقال " انظروا من أين تأخذون دينكم فإنا كنّا إذا هوينا أمرا صيّرناه حديثا " ولذلك جاء عن بن سيرين رحمه الله و هو التابعيّ الجليل الذي كان يكثر الرواية عن حافظ الصحابة للسنة و الحديث ألا و هو أبو هريرة رضي الله تعالى عنه قال "انظروا من أين تأخذون دينكم " و قد روي هذا حديثا مرفوعل إلى النبي صلى الله عليه و آله و سلم و لكن لا يصحّ رفعه و الصحيح أنه مقطوع موقوف على بن سيرين رحمه الله و لذلك قال بعض أئمة الحديث الإسناد من الدّين " لولا الإسناد لقال من شاء ما شاء في الدين " إذا كان الأمر كذلك باتّفاق العلماء نظريا و أعني ما أقول حينما أقول نظريا ذلك لأني أريد أن أقول حقيقة مرّة ألا و هي أن هذا الإسناد لم يهتم به جماهير العلماء الإهتمام الواجب به و إنما إهتمّ به طائفة من علماء المسلمين وهم أئمة الحديث كالإمام أحمد بن حنبل و الإمام يحي بن معين و علي بن المديني و تلامذتهم كالإمام البخاري و مسلم و غيرهم من أئمة الحديث و النقاد و الذين تكلموا في الرواة جرحا و تعديلا هؤلاء هم الذين يجب الرجوع إليهم و الإعتماد عليهم لإجراء التصفية في هذه السّنّة التي يجب الرجوع إليها بعد تصفيتها . كتب السنة الآن متوفرة و ذلك من تمام عناية الله عزّ و جلّ بهذه الأمة و وفاء منه بالحكم الذي ذكره في القرآن الكريم (( إنا نحن نزّلنا الذكر و إنا له لحافظون )) و بهذه المناسبة لابد لي من التذكير بأن هذه الآية الكريمة حينما تذكر (( إنا نحن نزلنا الذكر و إنا له لحافظون )) يتوهّم بعض الناس مما لا علم عندهم بالسنة أو لا يقيمون وزنا للسنة يظنون أن الحفظ الذي ضمنه الله عز و جل في هذه الآية إنما هو خاص بالقرآن الكريم فأقول نعم ربنا عزّ و جلّ ذكر الذكر في هذه الآية فهو قد حفظ القرآن الكريم بحروفه و لكنه حفظ معانيه بسنة نبيه صلى الله عليه و آله و سلم و لذلك لا يمكن تحقيق هذه التصفية للسنة إلا من طريق علماء الحديث و بالتالي لا يمكن فهم القرآن إلا بطريق هذه السنة المصفاة و إلا وقع المسلمون فيما وقعت فيه الفرق الخارجة عن الفرقة الناجية أن القرآن حمال وجوه
اضيفت في - 2004-08-16