فتاوى جدة-12
ما حكم هذه المظاهرات من قبل الشباب والشبات ؟
الشيخ : إن الحمد لله نحمده، ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
(( يا أيها الذين ءامنو اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون ))
(( يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا ))
(( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما )).
أما بعد :
فإن من الوسائل التي شرعها الله تبارك وتعالى في كتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وآله وسلم لتلقي العلم هو ما جاء في قوله تعالى (( فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون )) فعلى هذا فنقول اسألوا وليكن توجيه أسئلتكم لا فوضى فيها ولا ... ولا غوغاء ولا ضوضاء وإنما برفع اليد إشارة للإستئذان ولنبدأ بمن عن اليمين تفضل.
السائل : بسم الله الرحمن الرحيم، إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلن تجد له ولي مرشدا.
أما بعد : فضيلة الشيخ عندي بعض الأسئلة مهمة جدا وهي تخص بعض الشباب فهذه الأسئلة و أستسمح من إخوتي الكرام لأنها مهمة جدا للأمة أن ألقيها على فضيلتكم وهي أولاً ما حكم هذه المظاهرات مثلا يتجمع كثير من الشباب أو الشابات ثم يخرجون إلى ... .
الشيخ : والشابات أيضا؟
السائل : نعم.
الشيخ : ما شاء الله!
السائل : نعم قد حدث هذا يخرجون إلى الشوارع يخرجون إلى الشوارع مستنكرين لبعض الأفعال التي يفعلها الطواغيت أو لبعض ما يأمر به هؤلاء الطواغيت أو ما يطالب به غيرهم من الأحزاب الأخرى السياسية المعارضة فما حكم هذا العمل في شرع الله؟
الشيخ : أقول وبالله التوفيق الجواب عن هذا السؤال يدخل في قاعدة ألا وهي قوله عليه الصلاة والسلام في الحديث الذي أخرجه أبو داود في سننه من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أو من حديث ابن عمر رضي الله عنهما الشك من الآن قال قال رسول الله عليه وآله وسلم ( بعثت بين يدي الساعة بالسيف حتى يعبد الله وحده لا شريك له، وجعل رزقي تحت ظل رمحي وجعل الذل والصغار على من خالف أمرى ومن تشبه بقوم فهو منهم ) فالشاهد من هذا الحديث قوله صلى الله عليه آله وسلم ( ومن تشبه بقوم فهو منهم ) فتشبه المسلم بالكافر لا يجوز في الإسلام وهذا التشبه له مراتب من حيث الحكم ابتداء من التحريم وأنت نازل إلى الكراهة وقد فصل القول في ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في كتابه العظيم المسمى باقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم تفصيلا لا نجده عند غيره رحمه الله فأريد أن أنبه إلى شيء آخر ينبغي على طلاب العلم أن ينتبهوا له وأن لا يظنوا أن التشبه هو فقط المنهي في الشرع فهناك شيء آخر أدق منه ألا وهو مخالفة الكفار التشبه بالكفار أن تفعل فعلهم أما مخالفة الكفار فأن تتقصد مخالفتهم في ما يفعلونه حتى لو كان هذا الفعل الصادر منهم فعلا لا يملكون التصرف فيه بخلاف ما فرض عليهم فرضا كونيا كمثل الشيب الذي هو سنة كونية لا يختلف فيه المسلم عن الكافر لأنه ليس في طوعهم ولا في إرداتهم وإنما هي سنة الله تبارك وتعالى في البشر (( ولن تجد لسنة الله تبديلا )) ومع ذلك فقد صح عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال ( إن اليهود والنصارى لا يصبغون شعورهم فخالفوهم ) إن اليهود والنصارى لا يصبغون شعورهم فخالفوهم فقد يشترك المسلم مع الكافر في شيبه وهو مفروض عليهما لا فرق فلا تجد مسلما لا يشيب إلا ما ندر جدا كما أنك لا تجد كذلك كافراً من باب أولا فيصبح هنا اشتراك في المظهر بين المسلم وبين الكافر في أمر لا يملكانه كما قلنا آنفا فأمرنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن نتقصد مخالفة المشركين في أن نصبغ شعورنا سواء كان هذا الشعر لحية أو شعر رأس لماذا؟ ليظهر الفرق بين المسلم وبين الكافر فما بالكم إذا كان الكافر يتكلف عمل شيء ثم يأتي بعض المسلمين فيفعلون فعلهم ويتأثرون بأعمالهم هذا أشد وأنكى من المخالفة لذلك أردت التنبيه قبل أن أمضي فيما أنا في صدده من بيان الجواب الذي وجه السؤال عنه
فإذا عرفتم الفرق بين التشبه وبين المخالفة حينئذ فالمسلم الصادق في إسلامه يحاول دائما وأبدا ليس أن يتشبه بالكافر وإنما يتقصد مخالفة الكافر ومن هنا نحن سننا وضع الساعة في اليد لأن العادة الكافرة وهم الذين اخترعوا هذه الساعة فإنما يضعونها في يسراهم وهذا مما استنبطناه من قوله عليه السلام فخالفوهم عرفتم هذا الحديث ( إن اليهود والنصارى لا يصبغون شعورهم فخالفوهم ) فكما يقول شيخ الإسلام رحمه الله في ذاك الكتاب فقوله عليه السلام فخالفوهم جملة تعليلية تشير إلى أن مخالفة الكفار مقصود للشارع الحكيم حيثما تحققت هذه المخالفة ولذلك نجد لها تطبيقا في بعض الأحكام الأخرى ولو أنها ليست في حكم الوجوب كمثل قوله عليه الصلاة والسلام ( صلوا في نعالكم وخالفوا اليهود ) صلوا في نعالكم وخالفوا اليهود علماً بأن الصلاة في النعال ليست فرضا بخلاف اعفاء اللحية فهو فرضا يأثم حالقها أما الصلاة منتعلا فهو أمر مستحب إذا ثابر المسلم وواظب على إقامة الصلاة دائما وأبدا حافيا غير منتعل فقد خالف السنة ولم يخالف اليهود المتنطعين في دينهم وقد جاء في بعض المعاجم من كتب السنة أن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه كان في جمع فأقيمت الصلاة وكان فيهم صاحبه أبو موسى الأشعري رضي الله عنهما فقدمه ليصلي بالناس إماما لعلم ابن مسعود أولاً بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان معجبا بقراءة أبي موسى هذا رضي الله عنه حيث قال له ذات يوما ( لقد مررت بك البارحة يا أبا موسى فاستمعت لقرائتك ) فقال عليه الصلاة والسلام ( لقد أوتي هذا مزمارا من مزامير داود ) عليه السلام لما سمع هذا الثناء أبو موسى من النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال " يا رسول الله لو علمت ذلك لحبرته لك تحبيرا " لما يعلم ابن مسعود من رضا النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن قراءة أبي موسى قدمه إمام مع أن ابن مسعود ليس دون أبي موسى فضلا في القراءة بل لعله أعلى وأسمى منه في ذلك وقد قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيه ( من أحب أن يقرأ القرآن غضا طريا كما أنزل فليقرأه على قراءة ابن أم عبد ) فليقرأه على قراءة ابن أم عبد مع ذلك وهذا في الواقع يعطينا درسا عمليا نحن المسلمين في آخر الزمان حيث قد نجد صحوة علمية ولكننا مع الأسف لا نجد معها صحوة سلوكية أخلاقية فلا تؤاخذوني إذا قلت لكم إنني أشعر إنكم حينما تدخلون في هذا المكان تتزاحمون وتتنافرون وهذا ليس من الأخلاق الإسلامية فيجب أن نمثل الصحوة في جانبيها في العلم وفي السلوك والأخلاق الشاهد أن ابن مسعود فيما نرى نحن هو أقرأ من أبي موسى ومع ذلك تواضع مع صاحبه وآثره فقدمه ليصلي به وبالناس الحاضرين إماما فتقدم أبو موسى رضي الله عنه وكان الشاهد وكان منتعلا فخلع نعليه فقال ابن مسعود له مستنكرا أشد الاستنكار " ما هذه اليهودية أفي الوادي المقدس أنت؟ " يشير إلى قوله عليه السلام ( صلوا في نعالكم وخالفوا اليهود ) إذا عرفتم هاتين الحقيقتين النهي عن التشبه من جهة والحض على مخالفة المشركين من جهة أخرى حين ذاك وجب علينا أن نجتنب كل مظاهر الشرك والكفر مهما كان نوعها ما دام أنها تمثل تقليدا لهم ولكي نتحاشى أن يسبق علينا نحن معشر المنتمين إلى العمل بالكتاب والسنة قوله عليه الصلاة والسلام ( لتتبعن سنن من قبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراع حتى لو سلكوا -أو- لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه ) هذا خبر من النبي صلى الله عليه وآله وسلم يتضمن تحذيرا وذلك لأن هذه الأمة قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح بل الحديث المتواتر ( لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خالفهم حتى تقوم الساعة ) وفي رواية ( حتى يأتي أمر الله ) إذا قد بشرنا الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم في هذا الحديث الصحيح بأن الأمة لا تزال في خير فحينما يأتي ذلك الإخبار الخطير لتتبعن سنن من كان قبلكم فلا يعني أن كل فرد من أفراد الأمة ستتبع سنن الكفار وإنما سيكون ذلك في هذه الأمة وحينما يقول لتتبعن فهو بمعنى التحذير أي إياكم أن تتبعوا سنن من قبلكم فإنه سيكون فيكم من يفعل ذلك وقد جاء في رواية أخرى خارج الصحيحين وهي ثابتة عندي يمثل الرسول فيها تقليد للكفار إلى درجة خطيرة لا يكاد الإنسان يصدق بها إلا إذا كان مؤمنا خالصا ثم الواقع يؤكد ذلك قال عليه السلام في تلك الرواية ( حتى لو كان فيهم من يأتي أمه على قارعة الطريق لكان فيكم من يفعل ذلك ) حتى لو كان فيهم من يأتي أمه يزني بأمه وليس ساترا على نفسه ولا على أمه بل على مرئى من الناس وعلى قارعة الطريق لكان فيكم من يفعل ذلك التاريخ العصري اليوم يؤكد أنما نبأنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم من اتباع بعض هذه الأمة لسنن من قبلنا قد تحقق إلى مدى بعيد وبعيد جدا وإن كنت أعتقد أن لهذا التتبع بقية فقد جاء في بعض الأحاديث الثابتة أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال ( لا تقوم الساعة حتى يتسافد الناس على الطرقات تسافد الحمير ) وهو الفاحشة على الطرقات كما تتسافد الحمير هذا هو منتهى التشبه بالكفار إذا علمتم النهي عن التشبه والأمر بالمخالفة نعود الآن هذه التظاهرات التي كنا نراها بأعيننا في زمن فرنسا وهي محتلة في سورية ونسمع عنها في بلاد أخرى وهذا ما سمعناه الآن في الجزائر لكن الجزائر فاقت البلاد الأخرى فاقت البلاد الأخرى في هذه الضلالة وفي هذه التشبه لأننا ما كنا نرى الشابات أيضا يشتركن في التظاهرات فهذا تمام التشبه بالكفار والكافرات لأننا نرى في الصور أحيانا وفي الأخبار التي تذاع في التلفاز والراديو ونحو ذلك خروج الألوف المؤلفة من الكفار سواء كانوا أوربيين أو صنيين أو نحو ذلك بيقولوا في التعبير الشامي وسيعجبكم هذا التعبير يخرجون نساءا ورجالا " خليط مليط " هكذا يقولون عندنا خليط مليط يتزاحمون الكتف في الكتف وربما العجيزة في القبل ونحو ذلك هذا هو تمام التشبه بالكفار أن تخرج الفتيات مع الفتيان يتظاهرون أنا أقول شيئا آخر بالإضافة إلى أن هذا التظاهر ظاهرة فيها تقليد للكفار في أساليب استنكارهم لبعض القوانين التي تفرض عليهم من حكامهم أو إظهارا منهم لرضى بعض تلك الأحكام أو القرارات أضيف إلى ذلك شيئا آخر ألا وهو هذه التظاهرات الأوروبية ثم التقليدية من المسلمين ليست وسيلة شرعية لإصلاح الحكم وبالتالي لإصلاح المجتمع ومن هنا يخطئ كل الجماعات وكل الأحزاب الإسلامية الذين لا يسلكون مسلك النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في تغيير المجتمع لا يكون تغيير المجتمع في النظام الإسلامي بالهتافات وبالصيحات وبالتظاهرات وإنما يكون ذلك على الصمت وعلى بث العلم بين المسلمين وتربيتهم على هذا الإسلام حتى تؤتي هذه التربية أكلها ولو بعد زمن بعيد فالوسائل التربوية في الشريعة الإسلامية تختلف كل الإختلاف عن الوسائل التربوية في الدول الكافرة بهذا أقول باختصار إن التظاهرات التي تقع في بعض البلاد الإسلامية أصلا هذا خروج عن طريق المسلمين وتشبه بالكافرين وقد قال رب العالين (( ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين )) في كل شيء (( نوله ما تولي ونصله جهنم وساءت مصيرا )).
(( يا أيها الذين ءامنو اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون ))
(( يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا ))
(( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما )).
أما بعد :
فإن من الوسائل التي شرعها الله تبارك وتعالى في كتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وآله وسلم لتلقي العلم هو ما جاء في قوله تعالى (( فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون )) فعلى هذا فنقول اسألوا وليكن توجيه أسئلتكم لا فوضى فيها ولا ... ولا غوغاء ولا ضوضاء وإنما برفع اليد إشارة للإستئذان ولنبدأ بمن عن اليمين تفضل.
السائل : بسم الله الرحمن الرحيم، إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلن تجد له ولي مرشدا.
أما بعد : فضيلة الشيخ عندي بعض الأسئلة مهمة جدا وهي تخص بعض الشباب فهذه الأسئلة و أستسمح من إخوتي الكرام لأنها مهمة جدا للأمة أن ألقيها على فضيلتكم وهي أولاً ما حكم هذه المظاهرات مثلا يتجمع كثير من الشباب أو الشابات ثم يخرجون إلى ... .
الشيخ : والشابات أيضا؟
السائل : نعم.
الشيخ : ما شاء الله!
السائل : نعم قد حدث هذا يخرجون إلى الشوارع يخرجون إلى الشوارع مستنكرين لبعض الأفعال التي يفعلها الطواغيت أو لبعض ما يأمر به هؤلاء الطواغيت أو ما يطالب به غيرهم من الأحزاب الأخرى السياسية المعارضة فما حكم هذا العمل في شرع الله؟
الشيخ : أقول وبالله التوفيق الجواب عن هذا السؤال يدخل في قاعدة ألا وهي قوله عليه الصلاة والسلام في الحديث الذي أخرجه أبو داود في سننه من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أو من حديث ابن عمر رضي الله عنهما الشك من الآن قال قال رسول الله عليه وآله وسلم ( بعثت بين يدي الساعة بالسيف حتى يعبد الله وحده لا شريك له، وجعل رزقي تحت ظل رمحي وجعل الذل والصغار على من خالف أمرى ومن تشبه بقوم فهو منهم ) فالشاهد من هذا الحديث قوله صلى الله عليه آله وسلم ( ومن تشبه بقوم فهو منهم ) فتشبه المسلم بالكافر لا يجوز في الإسلام وهذا التشبه له مراتب من حيث الحكم ابتداء من التحريم وأنت نازل إلى الكراهة وقد فصل القول في ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في كتابه العظيم المسمى باقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم تفصيلا لا نجده عند غيره رحمه الله فأريد أن أنبه إلى شيء آخر ينبغي على طلاب العلم أن ينتبهوا له وأن لا يظنوا أن التشبه هو فقط المنهي في الشرع فهناك شيء آخر أدق منه ألا وهو مخالفة الكفار التشبه بالكفار أن تفعل فعلهم أما مخالفة الكفار فأن تتقصد مخالفتهم في ما يفعلونه حتى لو كان هذا الفعل الصادر منهم فعلا لا يملكون التصرف فيه بخلاف ما فرض عليهم فرضا كونيا كمثل الشيب الذي هو سنة كونية لا يختلف فيه المسلم عن الكافر لأنه ليس في طوعهم ولا في إرداتهم وإنما هي سنة الله تبارك وتعالى في البشر (( ولن تجد لسنة الله تبديلا )) ومع ذلك فقد صح عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال ( إن اليهود والنصارى لا يصبغون شعورهم فخالفوهم ) إن اليهود والنصارى لا يصبغون شعورهم فخالفوهم فقد يشترك المسلم مع الكافر في شيبه وهو مفروض عليهما لا فرق فلا تجد مسلما لا يشيب إلا ما ندر جدا كما أنك لا تجد كذلك كافراً من باب أولا فيصبح هنا اشتراك في المظهر بين المسلم وبين الكافر في أمر لا يملكانه كما قلنا آنفا فأمرنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن نتقصد مخالفة المشركين في أن نصبغ شعورنا سواء كان هذا الشعر لحية أو شعر رأس لماذا؟ ليظهر الفرق بين المسلم وبين الكافر فما بالكم إذا كان الكافر يتكلف عمل شيء ثم يأتي بعض المسلمين فيفعلون فعلهم ويتأثرون بأعمالهم هذا أشد وأنكى من المخالفة لذلك أردت التنبيه قبل أن أمضي فيما أنا في صدده من بيان الجواب الذي وجه السؤال عنه
فإذا عرفتم الفرق بين التشبه وبين المخالفة حينئذ فالمسلم الصادق في إسلامه يحاول دائما وأبدا ليس أن يتشبه بالكافر وإنما يتقصد مخالفة الكافر ومن هنا نحن سننا وضع الساعة في اليد لأن العادة الكافرة وهم الذين اخترعوا هذه الساعة فإنما يضعونها في يسراهم وهذا مما استنبطناه من قوله عليه السلام فخالفوهم عرفتم هذا الحديث ( إن اليهود والنصارى لا يصبغون شعورهم فخالفوهم ) فكما يقول شيخ الإسلام رحمه الله في ذاك الكتاب فقوله عليه السلام فخالفوهم جملة تعليلية تشير إلى أن مخالفة الكفار مقصود للشارع الحكيم حيثما تحققت هذه المخالفة ولذلك نجد لها تطبيقا في بعض الأحكام الأخرى ولو أنها ليست في حكم الوجوب كمثل قوله عليه الصلاة والسلام ( صلوا في نعالكم وخالفوا اليهود ) صلوا في نعالكم وخالفوا اليهود علماً بأن الصلاة في النعال ليست فرضا بخلاف اعفاء اللحية فهو فرضا يأثم حالقها أما الصلاة منتعلا فهو أمر مستحب إذا ثابر المسلم وواظب على إقامة الصلاة دائما وأبدا حافيا غير منتعل فقد خالف السنة ولم يخالف اليهود المتنطعين في دينهم وقد جاء في بعض المعاجم من كتب السنة أن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه كان في جمع فأقيمت الصلاة وكان فيهم صاحبه أبو موسى الأشعري رضي الله عنهما فقدمه ليصلي بالناس إماما لعلم ابن مسعود أولاً بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان معجبا بقراءة أبي موسى هذا رضي الله عنه حيث قال له ذات يوما ( لقد مررت بك البارحة يا أبا موسى فاستمعت لقرائتك ) فقال عليه الصلاة والسلام ( لقد أوتي هذا مزمارا من مزامير داود ) عليه السلام لما سمع هذا الثناء أبو موسى من النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال " يا رسول الله لو علمت ذلك لحبرته لك تحبيرا " لما يعلم ابن مسعود من رضا النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن قراءة أبي موسى قدمه إمام مع أن ابن مسعود ليس دون أبي موسى فضلا في القراءة بل لعله أعلى وأسمى منه في ذلك وقد قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيه ( من أحب أن يقرأ القرآن غضا طريا كما أنزل فليقرأه على قراءة ابن أم عبد ) فليقرأه على قراءة ابن أم عبد مع ذلك وهذا في الواقع يعطينا درسا عمليا نحن المسلمين في آخر الزمان حيث قد نجد صحوة علمية ولكننا مع الأسف لا نجد معها صحوة سلوكية أخلاقية فلا تؤاخذوني إذا قلت لكم إنني أشعر إنكم حينما تدخلون في هذا المكان تتزاحمون وتتنافرون وهذا ليس من الأخلاق الإسلامية فيجب أن نمثل الصحوة في جانبيها في العلم وفي السلوك والأخلاق الشاهد أن ابن مسعود فيما نرى نحن هو أقرأ من أبي موسى ومع ذلك تواضع مع صاحبه وآثره فقدمه ليصلي به وبالناس الحاضرين إماما فتقدم أبو موسى رضي الله عنه وكان الشاهد وكان منتعلا فخلع نعليه فقال ابن مسعود له مستنكرا أشد الاستنكار " ما هذه اليهودية أفي الوادي المقدس أنت؟ " يشير إلى قوله عليه السلام ( صلوا في نعالكم وخالفوا اليهود ) إذا عرفتم هاتين الحقيقتين النهي عن التشبه من جهة والحض على مخالفة المشركين من جهة أخرى حين ذاك وجب علينا أن نجتنب كل مظاهر الشرك والكفر مهما كان نوعها ما دام أنها تمثل تقليدا لهم ولكي نتحاشى أن يسبق علينا نحن معشر المنتمين إلى العمل بالكتاب والسنة قوله عليه الصلاة والسلام ( لتتبعن سنن من قبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراع حتى لو سلكوا -أو- لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه ) هذا خبر من النبي صلى الله عليه وآله وسلم يتضمن تحذيرا وذلك لأن هذه الأمة قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح بل الحديث المتواتر ( لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خالفهم حتى تقوم الساعة ) وفي رواية ( حتى يأتي أمر الله ) إذا قد بشرنا الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم في هذا الحديث الصحيح بأن الأمة لا تزال في خير فحينما يأتي ذلك الإخبار الخطير لتتبعن سنن من كان قبلكم فلا يعني أن كل فرد من أفراد الأمة ستتبع سنن الكفار وإنما سيكون ذلك في هذه الأمة وحينما يقول لتتبعن فهو بمعنى التحذير أي إياكم أن تتبعوا سنن من قبلكم فإنه سيكون فيكم من يفعل ذلك وقد جاء في رواية أخرى خارج الصحيحين وهي ثابتة عندي يمثل الرسول فيها تقليد للكفار إلى درجة خطيرة لا يكاد الإنسان يصدق بها إلا إذا كان مؤمنا خالصا ثم الواقع يؤكد ذلك قال عليه السلام في تلك الرواية ( حتى لو كان فيهم من يأتي أمه على قارعة الطريق لكان فيكم من يفعل ذلك ) حتى لو كان فيهم من يأتي أمه يزني بأمه وليس ساترا على نفسه ولا على أمه بل على مرئى من الناس وعلى قارعة الطريق لكان فيكم من يفعل ذلك التاريخ العصري اليوم يؤكد أنما نبأنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم من اتباع بعض هذه الأمة لسنن من قبلنا قد تحقق إلى مدى بعيد وبعيد جدا وإن كنت أعتقد أن لهذا التتبع بقية فقد جاء في بعض الأحاديث الثابتة أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال ( لا تقوم الساعة حتى يتسافد الناس على الطرقات تسافد الحمير ) وهو الفاحشة على الطرقات كما تتسافد الحمير هذا هو منتهى التشبه بالكفار إذا علمتم النهي عن التشبه والأمر بالمخالفة نعود الآن هذه التظاهرات التي كنا نراها بأعيننا في زمن فرنسا وهي محتلة في سورية ونسمع عنها في بلاد أخرى وهذا ما سمعناه الآن في الجزائر لكن الجزائر فاقت البلاد الأخرى فاقت البلاد الأخرى في هذه الضلالة وفي هذه التشبه لأننا ما كنا نرى الشابات أيضا يشتركن في التظاهرات فهذا تمام التشبه بالكفار والكافرات لأننا نرى في الصور أحيانا وفي الأخبار التي تذاع في التلفاز والراديو ونحو ذلك خروج الألوف المؤلفة من الكفار سواء كانوا أوربيين أو صنيين أو نحو ذلك بيقولوا في التعبير الشامي وسيعجبكم هذا التعبير يخرجون نساءا ورجالا " خليط مليط " هكذا يقولون عندنا خليط مليط يتزاحمون الكتف في الكتف وربما العجيزة في القبل ونحو ذلك هذا هو تمام التشبه بالكفار أن تخرج الفتيات مع الفتيان يتظاهرون أنا أقول شيئا آخر بالإضافة إلى أن هذا التظاهر ظاهرة فيها تقليد للكفار في أساليب استنكارهم لبعض القوانين التي تفرض عليهم من حكامهم أو إظهارا منهم لرضى بعض تلك الأحكام أو القرارات أضيف إلى ذلك شيئا آخر ألا وهو هذه التظاهرات الأوروبية ثم التقليدية من المسلمين ليست وسيلة شرعية لإصلاح الحكم وبالتالي لإصلاح المجتمع ومن هنا يخطئ كل الجماعات وكل الأحزاب الإسلامية الذين لا يسلكون مسلك النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في تغيير المجتمع لا يكون تغيير المجتمع في النظام الإسلامي بالهتافات وبالصيحات وبالتظاهرات وإنما يكون ذلك على الصمت وعلى بث العلم بين المسلمين وتربيتهم على هذا الإسلام حتى تؤتي هذه التربية أكلها ولو بعد زمن بعيد فالوسائل التربوية في الشريعة الإسلامية تختلف كل الإختلاف عن الوسائل التربوية في الدول الكافرة بهذا أقول باختصار إن التظاهرات التي تقع في بعض البلاد الإسلامية أصلا هذا خروج عن طريق المسلمين وتشبه بالكافرين وقد قال رب العالين (( ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين )) في كل شيء (( نوله ما تولي ونصله جهنم وساءت مصيرا )).
استدلال من يرى جواز المظاهرات بقصة إسلام عمر رضي الله عنه خرج المسلمون في مكة هو في صف وجمزة في صف آخر ويقولون هذه مظاهرة استظهاراً واستنكارا لما لما يفعله طواغيت قريش وكفارهم فما جوابكم عن ذلك؟
السائل : هؤلاء أصحاب التظاهرات والمظاهرات يستشهدون بما جاء في السيرة إنه لما أسلم عمر بن الخطاب رضي الله عنه خرج المسلمون في مكة عمر في صف وحمزة في صف آخر ويقولون هذه مظاهرة استظهاراً واستنكاراً لما يفعله طواغيت قريش وكفارهم فما جوابكم عن هذا الإستشهاد؟
الشيخ : جوابي عن هذا كم مرة وقعت مثل هذا الظاهرة في المجتمع الإسلامي؟
السائل : مرة واحدة
الشيخ : طيب مرة واحدة تصير سنة متبعة إن علماء الفقه يقولون لو ثبت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم عبادة مشروعة يثاب فاعلها فلا ينبغي المواظبة عليها دائما أبدا خشية أن تصبح تقليدا متبعا بحيث مع الزمن يصبح ذلك الأمر الذي أصله مستحباً يصبح أمرا مفروضا في أفكار الناس وعاداتهم بحيث أن أحدا من المسلمين لو ترك هذا المستحب لقام النكير الشديد عليه قالوا هذا وهذا من فقههم فما بالكم إذا جاشت العاطفة بمناسبة ما فخرجت مثل هذه الجماعة التي جاء ذكرها في السيرة فتتخذ سنة متبعة بل تتخذ حجة لما يفعله الكفار دائما وأبدا على المسلمين الذين لم يفعلوا ذلك بعد هذه الحداثة مطلقا مع شدة وقوع ما يستلزم ذلك فنحن نعلم مع الأسف الشديد أن كثيرا من الحكام السابقين كانت تصدر منهم أحكاماً مخالفة للإسلام وكان كثير من الناس يسجنون ظلما وبغيا وربما يقتلون فماذا يكون موقف المسلمين أمر الرسول عليه السلام في بعض الأحاديث الصحيحة بوجوب إطاعة الحاكم ولو أخذ مالك وجلد ظهرك أعني من هذا أنه وقع في القرون التي مضت أشياء مما ينبغي إستنكارها جماهريا ولكن شيء من ذلك لم يقع ومن هنا نحن نخشى من هذه التي تسمى بالصحوة نخشى منها حقيقة كما نرضى بها نخشى لأنها صحوة عاطفية وليست صحوة علمية بالمقدار التي تحصل هذه الصحوة من أن تميل يمينا ويسارا فلا شك أن في الجزائر وفي كل بلاد الإسلام مثل هذه الصحوة التي تتجلى في انطلاق الشباب المسلم بعد أن كانوا نياما غير أيقاظ ولكن تراهم قبل أن ساروا مسيرة تدل على أنهم لم يتفقهوا في دين الله عز وجل والأمثلة على ذلك كثيرة جدا فلا نخرج عما نحن بصدده فحسبنا الآن هذا الإستدلال
هذا الإستدلال يدل على الجهل بالفقه الإسلامي ذلك لما أشرت إليه آنفا وقعت هذه الحادثة وأقول مستدركا على نفسي إني أذكر أن هذه الحادثة قد وردت في السيرة ولكن لا أستحضر الآن إن كانت صحيحة الإسناد فإن كان أحدكم يعلم أن ذلك ورد في كتاب معتمد من كتب السنة فيذكرني وإلا فالأمر بالنسبة إلي يحتاج إلى مراجعة فعلى افتراض ثبوت هذه التظاهرة حينما أسلم عمر رضي الله عنه هذه وقعت مرة فإذا وقع مرة لا يصبح ذلك سنة بحيث نؤيد ما يفعله الكفار ثم نجعل المسلمين تحت المخالفة لهذه السنة لأنها لم تتكرر وإن تتكررت فعلى مدى العصور كلها هذه والسنوات الطويلة فهي نقطة في بحر ما يصح أن تتخذ دليلا بمثل هذا الواقع الذي يفعله الكفار ثم نحن نتبعه في ذلك.
هذا الإستدلال معناه تسليك وتبرير وتسويغ هذا الواقع مهما كان شأنه أذكر جيدا أن علماء الحنفية قد نصوا في مسألة فقهية مع اعترافهم بأنها سنة محمدية أنه ينبغي تركها أحيانا ألا وهي سنة قراءة سورة السجدة يوم الجمعة هذا ثابت في الصحيحين مع ذلك نص علماء الحنفية على أن إمام المسجد ينبغي عليه أن يدع هذه السنة أحيانا خشية أن يترتب من وراء مواظبة الأئمة على هذه السنة قيام عقيدة في أذهان العامة تنافي هذه السنة وترفع حكمها فوق مستواها وأنا عندي شواهد على هذا مما يؤكد لنا هذه الدقة في الفقه والفهم للسنة
أذكر جيدا أن إمام المسجد الكبير في دمشق الشام مسجد بني أمية صلى الإمام فيه صلاة الفجر يوم الجمعة ولم يقرأ سورة السجدة فما كاد الإمام يسلم إلا قامت ضجة عظيمة جدا من المصلين ثاروا على الإمام لماذا أنت لم تقرأ سورة السجدة فأخذ الإمام يحاول يقنعهم بأن يا إخوانا أنا أعلم أن هذه سنة وأنا أقرأ بها دئما في فجر كل جمعة ولكن ينبغي ترك هذه السنة فعلا ولكن كما قال الشاعر :
" ولو ناديت أسمعت حيا *** ولكن لا حياة لمن تنادي
ولو ناراً نفخت فيها أضاءت *** ولكن أنت تنفخ في رماد "
الصياح استمر إلى زمن بعيد جدا بسبب أن هذا الإمام ترك قراءة سورة السجدة في ذلك الصباح وأغرب من ذلك ما وقع لي شخصيا كنت مصطافاً في قرية تبعد عن دمشق نحو ستين كيلو متر اسمها مضايا وهي في جبل فنزلت صباح الجمعة إلى المسجد لأصلي مع جماعة المسلمين هناك فاتفق أن الإمام لم يأت فنظروا فلم يجدوا هناك سواي وأنا يوم إذا شاب ولكن لحيتي بدأت تنبت فظنوا بي خيرا فقدموني أنا في الحق لا أحفظ سورة السجدة جيداً فما أحببت أن أخاطر فافتتحت سورة مريم وقرأت منها الصفحتين الأوليين في الركعة الأولى فلما ما أردت الركوع وكبرت راكعا وإذا بي أشعر أن الناس كلهم هووا ساجدين أنا راكع وهم سجدوا هذا يدلكم على ماذا؟
الحاضرين : على العادة.
الشيخ : على العادة أي نعم. ومع الأسف كما يوجد في بعض المساجد القديمة وحتى الحديثة منبر طويل يقطع الصف وليس الصف الأول فبعضها هذه المنابر تقطع صفين على الأقل كان هذا المنبر مع صغر المسجد هناك في القرية قطع الصف الأول والثاني فالذين كانوا خلفي مباشرة أحسوا بخطئهم فتداركوه وشاركوني في الركوع أما الذين كانوا خلف المنبر فظلوا راكعين حتى سمعوا قولي عفوا فظلوا ساجدين حتى سمعوا قولي سمع الله لمن حمده فإذا بهم يصيحون يعني أفسدوا صلاتهم ضوضاء وغوغاء وصبرت أنا بطبيعة الحال حتى قضيت الصلاة بتمامها ثم التفت إليهم قلت لهم يا جماعة ألا تستحيون ألا تستحون أنتم عرب وإلا عجم ما تفرقون بين قول القاريء في أول ركعة قاف عفوا ألم وبين كهيعص ما تفرقون بين هذا وهذا؟ لو هذا وقع في بلاد الأعاجم لكن عاراً عليهم فما بالكم وأنتم عرب لكن يبدو أن عقولكم مشغولة بالزرع والضرع ونحو ذلك من الأمور، ففي هذه الحداثة تأكدت من صحة قول العلماء الذين أشرت إليهم آنفا بأن على الإمام أن يراعي وضع المجتمع الذي يعيش فيه حتى لا يغالوا في بعض الأحكام فهذه القصة والتي قبلها تبين لكم أن المسائل في الشرع يجب أن تؤخذ بدون مبالغة بدون أن نرفع ما كان سنة إلى حد الوجوب وإلى نعم الوجوب وما كان فرضا نزل به إلى حد السنة هذا كله إفراط أو تفريط لا يجوز فهذا جواب عن هذا الإستدلال الذي يدل على جهل المستدلين به تفضل.
السائل : ... .
الشيخ : نعم؟
السائل : هذه القصة وردت في ... إسلام عمر بن الخطاب رضي الله عنه وفي سير أعلام النبلاء.
الشيخ : معليش لكن هذا لا يفيدنا الصحة.
السائل : لا بإسناد ضعيف
الشيخ : نعم؟
السائل : قصة إسلام عمر بن الخطاب ضعيفة.
الشيخ : أنا معك قصة إسلام عمر ابن الخطاب والتي يقول فيها إنه دخل على أخته إلى آخره هذه القصة ضعيفة فعلا وهي يستدل بها القائلون بأنه لا يجوز للمسلم أن يمس القرآن إلا على طهارة فإن كانت هذه القصة لم ترد إلا بهذا الطريق فهي قصة ضعيفة ... أما أنا قلت آنفا متحفظا خشية أن تكون هذه القصة لوحدها وردت في شيء من كتب السنة بإسناد آخر فيكون هذا الإسناد إما حسنا لذاته أو حسنا لغيره أما القصة المعروفة وقد أخرجها الإمام الدارقطني في سننه فأنا ... فأقول أن القصة رواها الإمام الدارقطني في سننه وبإسناد ضعيف فإن كانت هذه القصة التي فيها تلك المظاهرة وردت بإسناد آخر ممكن الإستشهاد به أو الإستدلال فبها وإلا فهذه القصة التي أشار إليها الأخ فهي ضعيفة لا يجوز الإحتجاج بها؟
تفضل.
الشيخ : جوابي عن هذا كم مرة وقعت مثل هذا الظاهرة في المجتمع الإسلامي؟
السائل : مرة واحدة
الشيخ : طيب مرة واحدة تصير سنة متبعة إن علماء الفقه يقولون لو ثبت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم عبادة مشروعة يثاب فاعلها فلا ينبغي المواظبة عليها دائما أبدا خشية أن تصبح تقليدا متبعا بحيث مع الزمن يصبح ذلك الأمر الذي أصله مستحباً يصبح أمرا مفروضا في أفكار الناس وعاداتهم بحيث أن أحدا من المسلمين لو ترك هذا المستحب لقام النكير الشديد عليه قالوا هذا وهذا من فقههم فما بالكم إذا جاشت العاطفة بمناسبة ما فخرجت مثل هذه الجماعة التي جاء ذكرها في السيرة فتتخذ سنة متبعة بل تتخذ حجة لما يفعله الكفار دائما وأبدا على المسلمين الذين لم يفعلوا ذلك بعد هذه الحداثة مطلقا مع شدة وقوع ما يستلزم ذلك فنحن نعلم مع الأسف الشديد أن كثيرا من الحكام السابقين كانت تصدر منهم أحكاماً مخالفة للإسلام وكان كثير من الناس يسجنون ظلما وبغيا وربما يقتلون فماذا يكون موقف المسلمين أمر الرسول عليه السلام في بعض الأحاديث الصحيحة بوجوب إطاعة الحاكم ولو أخذ مالك وجلد ظهرك أعني من هذا أنه وقع في القرون التي مضت أشياء مما ينبغي إستنكارها جماهريا ولكن شيء من ذلك لم يقع ومن هنا نحن نخشى من هذه التي تسمى بالصحوة نخشى منها حقيقة كما نرضى بها نخشى لأنها صحوة عاطفية وليست صحوة علمية بالمقدار التي تحصل هذه الصحوة من أن تميل يمينا ويسارا فلا شك أن في الجزائر وفي كل بلاد الإسلام مثل هذه الصحوة التي تتجلى في انطلاق الشباب المسلم بعد أن كانوا نياما غير أيقاظ ولكن تراهم قبل أن ساروا مسيرة تدل على أنهم لم يتفقهوا في دين الله عز وجل والأمثلة على ذلك كثيرة جدا فلا نخرج عما نحن بصدده فحسبنا الآن هذا الإستدلال
هذا الإستدلال يدل على الجهل بالفقه الإسلامي ذلك لما أشرت إليه آنفا وقعت هذه الحادثة وأقول مستدركا على نفسي إني أذكر أن هذه الحادثة قد وردت في السيرة ولكن لا أستحضر الآن إن كانت صحيحة الإسناد فإن كان أحدكم يعلم أن ذلك ورد في كتاب معتمد من كتب السنة فيذكرني وإلا فالأمر بالنسبة إلي يحتاج إلى مراجعة فعلى افتراض ثبوت هذه التظاهرة حينما أسلم عمر رضي الله عنه هذه وقعت مرة فإذا وقع مرة لا يصبح ذلك سنة بحيث نؤيد ما يفعله الكفار ثم نجعل المسلمين تحت المخالفة لهذه السنة لأنها لم تتكرر وإن تتكررت فعلى مدى العصور كلها هذه والسنوات الطويلة فهي نقطة في بحر ما يصح أن تتخذ دليلا بمثل هذا الواقع الذي يفعله الكفار ثم نحن نتبعه في ذلك.
هذا الإستدلال معناه تسليك وتبرير وتسويغ هذا الواقع مهما كان شأنه أذكر جيدا أن علماء الحنفية قد نصوا في مسألة فقهية مع اعترافهم بأنها سنة محمدية أنه ينبغي تركها أحيانا ألا وهي سنة قراءة سورة السجدة يوم الجمعة هذا ثابت في الصحيحين مع ذلك نص علماء الحنفية على أن إمام المسجد ينبغي عليه أن يدع هذه السنة أحيانا خشية أن يترتب من وراء مواظبة الأئمة على هذه السنة قيام عقيدة في أذهان العامة تنافي هذه السنة وترفع حكمها فوق مستواها وأنا عندي شواهد على هذا مما يؤكد لنا هذه الدقة في الفقه والفهم للسنة
أذكر جيدا أن إمام المسجد الكبير في دمشق الشام مسجد بني أمية صلى الإمام فيه صلاة الفجر يوم الجمعة ولم يقرأ سورة السجدة فما كاد الإمام يسلم إلا قامت ضجة عظيمة جدا من المصلين ثاروا على الإمام لماذا أنت لم تقرأ سورة السجدة فأخذ الإمام يحاول يقنعهم بأن يا إخوانا أنا أعلم أن هذه سنة وأنا أقرأ بها دئما في فجر كل جمعة ولكن ينبغي ترك هذه السنة فعلا ولكن كما قال الشاعر :
" ولو ناديت أسمعت حيا *** ولكن لا حياة لمن تنادي
ولو ناراً نفخت فيها أضاءت *** ولكن أنت تنفخ في رماد "
الصياح استمر إلى زمن بعيد جدا بسبب أن هذا الإمام ترك قراءة سورة السجدة في ذلك الصباح وأغرب من ذلك ما وقع لي شخصيا كنت مصطافاً في قرية تبعد عن دمشق نحو ستين كيلو متر اسمها مضايا وهي في جبل فنزلت صباح الجمعة إلى المسجد لأصلي مع جماعة المسلمين هناك فاتفق أن الإمام لم يأت فنظروا فلم يجدوا هناك سواي وأنا يوم إذا شاب ولكن لحيتي بدأت تنبت فظنوا بي خيرا فقدموني أنا في الحق لا أحفظ سورة السجدة جيداً فما أحببت أن أخاطر فافتتحت سورة مريم وقرأت منها الصفحتين الأوليين في الركعة الأولى فلما ما أردت الركوع وكبرت راكعا وإذا بي أشعر أن الناس كلهم هووا ساجدين أنا راكع وهم سجدوا هذا يدلكم على ماذا؟
الحاضرين : على العادة.
الشيخ : على العادة أي نعم. ومع الأسف كما يوجد في بعض المساجد القديمة وحتى الحديثة منبر طويل يقطع الصف وليس الصف الأول فبعضها هذه المنابر تقطع صفين على الأقل كان هذا المنبر مع صغر المسجد هناك في القرية قطع الصف الأول والثاني فالذين كانوا خلفي مباشرة أحسوا بخطئهم فتداركوه وشاركوني في الركوع أما الذين كانوا خلف المنبر فظلوا راكعين حتى سمعوا قولي عفوا فظلوا ساجدين حتى سمعوا قولي سمع الله لمن حمده فإذا بهم يصيحون يعني أفسدوا صلاتهم ضوضاء وغوغاء وصبرت أنا بطبيعة الحال حتى قضيت الصلاة بتمامها ثم التفت إليهم قلت لهم يا جماعة ألا تستحيون ألا تستحون أنتم عرب وإلا عجم ما تفرقون بين قول القاريء في أول ركعة قاف عفوا ألم وبين كهيعص ما تفرقون بين هذا وهذا؟ لو هذا وقع في بلاد الأعاجم لكن عاراً عليهم فما بالكم وأنتم عرب لكن يبدو أن عقولكم مشغولة بالزرع والضرع ونحو ذلك من الأمور، ففي هذه الحداثة تأكدت من صحة قول العلماء الذين أشرت إليهم آنفا بأن على الإمام أن يراعي وضع المجتمع الذي يعيش فيه حتى لا يغالوا في بعض الأحكام فهذه القصة والتي قبلها تبين لكم أن المسائل في الشرع يجب أن تؤخذ بدون مبالغة بدون أن نرفع ما كان سنة إلى حد الوجوب وإلى نعم الوجوب وما كان فرضا نزل به إلى حد السنة هذا كله إفراط أو تفريط لا يجوز فهذا جواب عن هذا الإستدلال الذي يدل على جهل المستدلين به تفضل.
السائل : ... .
الشيخ : نعم؟
السائل : هذه القصة وردت في ... إسلام عمر بن الخطاب رضي الله عنه وفي سير أعلام النبلاء.
الشيخ : معليش لكن هذا لا يفيدنا الصحة.
السائل : لا بإسناد ضعيف
الشيخ : نعم؟
السائل : قصة إسلام عمر بن الخطاب ضعيفة.
الشيخ : أنا معك قصة إسلام عمر ابن الخطاب والتي يقول فيها إنه دخل على أخته إلى آخره هذه القصة ضعيفة فعلا وهي يستدل بها القائلون بأنه لا يجوز للمسلم أن يمس القرآن إلا على طهارة فإن كانت هذه القصة لم ترد إلا بهذا الطريق فهي قصة ضعيفة ... أما أنا قلت آنفا متحفظا خشية أن تكون هذه القصة لوحدها وردت في شيء من كتب السنة بإسناد آخر فيكون هذا الإسناد إما حسنا لذاته أو حسنا لغيره أما القصة المعروفة وقد أخرجها الإمام الدارقطني في سننه فأنا ... فأقول أن القصة رواها الإمام الدارقطني في سننه وبإسناد ضعيف فإن كانت هذه القصة التي فيها تلك المظاهرة وردت بإسناد آخر ممكن الإستشهاد به أو الإستدلال فبها وإلا فهذه القصة التي أشار إليها الأخ فهي ضعيفة لا يجوز الإحتجاج بها؟
تفضل.
2 - استدلال من يرى جواز المظاهرات بقصة إسلام عمر رضي الله عنه خرج المسلمون في مكة هو في صف وجمزة في صف آخر ويقولون هذه مظاهرة استظهاراً واستنكارا لما لما يفعله طواغيت قريش وكفارهم فما جوابكم عن ذلك؟ أستمع حفظ
متى يجوز لطالب العلم أن يشتغل بالأحاديث النبوية تصحيحاً وتضعيفاً، وما هي الكتب التي يقرؤها حتى يصل إلى هذه الدرجة وهل هناك شروط معينة لابد أن تتوفر فيه؟
السائل : متى يجوز لطالب العلم أن يشتغل بالأحاديث النبوية تصحيحاً وتضعيفاً، وما هي الكتب التي يقرأها والموضوعات التي يلم بها حتى يصل إلى هذه الدرجة هل هناك شروط معينة تتوفر فيه كما جعل الأقدمين شروط الإجتهاد في الفقه؟
الشيخ : لا شك أن طالب العلم إذا أراد أن يصل يوما ما إلى معرفة تصحيح الأحاديث وتضعيفها ولا أقول أن يصل يوما ما إلى معرفة تخريخ الأحاديث لأن تخريج الأحاديث يحسنه كل طالب مهما كانت ثقافته ضحلة أما التصحيح والتضعيف فلا يتمكن منه إلا من عاش دهراً طويلا وهو يمارس تطبيق ما درسه نظرياً من علم الجرح والتعديل وعلم أصول الحديث وقواعد مصطلح الحديث فمن مضى على عمره وعلى حياته برهة طويلة يدرس هذا العلم حتى تمكن منه جيداً نظرياً ثم يحاول أن يطبق ذلك عمليا فهذا يحتاج في الحقيقة إلى سنين وسنين عديدة ويختلف ذلك بلا شك باختلاف طالب العلم من حيث تفرغه لهذا العلم وتخصصه فيه ومن حيث استطاعته أن ينصرف عما يلهيه عن هذا العلم فلا شك أن من أشهر الكتب المصطلح هي الميزان في نقد الرجال المعروف بميزان الاعتدال في نقد الرجال للإمام الحافظ الذهبي فهذا في معرفة طبقات الرجال في الرواية في الصحة والحسن والضعف من أحسن الكتب التي يسهل على المبتدئين بهذا العلم أن يتدارسوه بينهم لأنه خلاصة لكثير من الكتب القديمة التي لم تكن أيدي علماء الحديث في العصر الحاضر تطولها أيديهم لأنها كانت لا تزال في عالم المخطوطات فقد طبع الآن كما يعلم بعضكم على الأقل بعض المراجع الأساسية لكتاب الميزان للحافظ الذهبي كمثل الضعفاء والمتروكين لابن حبان ومثل الضعفاء الكبير للعقيلي ومثل الكامل لابن عدي وقبل ذلك طبع تاريخ بغداد للخطيب البغدادي فهذه الكتب هي أصول كتاب الميزان للذهبي ثم لسان الميزان للحافظ ابن حجر العسقلاني فإذا تمرن طالب العلم على دراسة هذه الكتب في معرفة روات الأحاديث سواء كانت هذه هؤلاء الرواة سواء كان هؤلاء الرواة من رجال الستة أو من رجال غير الكتب الستة فيجدهم مبثوثين في هذا الكتاب وهو ميزان الإعتدال في نقد الرجال للذهبي ويجد هنالك طريقة يتفهم فيها كيف كان علماء الحديث يحكمون بأن فلانا منكر الحديث أو إنه له مناكير أو إنه حسن الحديث أو إنه صحيح الحديث ثقة يحتج به هذا الأسلوب العملي في نقد الرواة يجده ظاهرا هناك ولا يكفي بطبيعة الحال أنه مجرد ما قرأ هذا الكتاب عرف علم الجرح والتعديل لا، يجب أن يقرأ الكتب الكثيرة والكثيرة جدا مثلا كتاب تهذيب التهذيب للحافظ ابن حجر العسقلاني هذا كتاب خاص في رواة الكتب الستة ونحوها كالأدب المفرد للبخاري والتاريخ للبخاري وخلق الأفعال للبخاري رواة هذه الكتب الزايدة على الكتب الستة يجد تراجمها في تهذيب التهذيب لكن لا يجد تراجم لم يروي لها أصحاب هذه الكتب إلا في مثل كتاب الميزان للحافظ الذهبي وهكذا يتمشى طالب العلم في دراسة هذه الكتب حتى يصبح عنده سليقة ومعرفة لتمييز ما قد يكون علماء الحديث أو علماء الجرح والتعديل قد اختلفوا فيه توثيقاً وتجريحاً فيستطيع فيما بعد أن يطبق القاعدة الأوصولية الحديثية التي يقرأها في علم المصطلح مثال على ذلك قولهم الجرح مقدم على التعديل هذه عبارة مشهورة في هذا العلم ومتداولة على ألسنة أهل العلم الجرح مقدم على التعديل لكنه سيجد أن هذه القاعدة ليست على إطلاقها وعمومها وشمولها بل هي مقيدة بقيد ألا وهو الجرح مقدم على التعديل إذا كان سبب الجرح مبينا موضحا بمعنى إذا قال ابن معين مثلا وهو من أئمة الجرح والتعديل ومن معاصري الإمام أحمد إذا قال في راوٍ ما ثقة وقال فيه الإمام أحمد ضعيف أو العكس مش مهم التعديل إنما المراد التمثيل فأي القولين أي قول من هذين القولين يرجح على الآخر أَقَول من وثق سواء كان أحمد أو ابن معين أو العكس إذا أردنا أن نطبق القاعدة المذكورة الجرح مقدم على التعديل قدمنا إذا قول المضعف على قول موثق لكن هذ ليس على إطلاقه ما هو القيد؟ قال إذا بين السبب أحدهما قال ثقة والآخر قال ضعيف ما قال مثلا ضعيف سيء الحفظ ما قال ضعيف اختلط أو نحو ذلك إذا هذا ضعف يمكن أن يسمى جرح غير مبين السبب فلا يقدم على قول من وثق لكن انظروا الآن كيف التسلسل وهذا لا يستطيعه طالب العلم أن يصل إليه في بضع سينين دراسة نظرية بل في سنين طويلة وعديدة ثم يأتي من بعد ذلك تطبيق هذه الدراسة لأن التطبيق سيكشف له ما قد يكون عليه خافيا من الدراسة النظرية قلنا قالوا الجرح مقدم على التعديل هذا أولا، ثانياً قالوا ليس هذا على إطلاقه بل لا بد أن يكون الجرح مبينا فإذا لم يكن مبينا فالثقة أو التعديل مقدم قالوا ثالثاً لا يكفي أن يكون الجرح مبينا قد يقنع الإنسان بأن يقف في ثانياً أولاً قالوا الجرح مقدم على التعديل ثانياً قالوا ليس هذا على إطلاقه وإنما إذا بين سبب الجرح هذا أيضا ليس كافيا بل يجب أن يكون السبب الجارح جرحاً في نفسه أن يكون جرحاً في نفسه وقد يقول قائل وهذا لا تجدونه مبسوطا في كتب المصطلح كما تسمعونه الآن موضحا مبينا وإنما هذا مع الممارسة يصل إلى هذه الحقيقة الدارس لهذا العلم والمطبق له مثلا قيل لفلان من المحدثين لماذا لا تروي عن فلان قال هذا مرجئ آه هذا سبب مبين الجرح لكن هل هو جرح قالوا لا، الخلاف المذهبي ليس جرحاً لأن العبرة في الرواية شيئان اثنان أولاً العدالة أي أن يكون مسلم غير فاسق. وثانياً أن يكون حافظاً متقنا لروايته أما والله فلان مرجئ وفلان خارجي فلان شيعي إلى آخره هذه تترك جانبا فما دام الرواي لا يزال في دائرة المسلمين وما دام أنه تحقق بأنه ثقة ضابط حافظ فحديثه صحيح والجرح المذكور ليس جرحاً مع إنه جرح لكن هو في نفسه ليس جرحا قيل لآخر لماذا لا تروي عن فلان؟ قال سمعت صوت عود في داره آه صوت العود ملاهي وإتيان الملاهي فسق فإذا هذا ليس عدلا أكذلك؟ الجواب لا، لم؟ أولاً لأن الملاهي وآلات الطرب صحيح أنها تحرم في الإسلام لأحاديث كثيرة لكن نحن اليوم نستطيع أن نقول هذه القولة لأننا اطلعنا بفضل الله بسبب تأخر زمننا على أقوال المختلفين في هذه المسألة وعلى أدلتهم فترجح لدينا أن آلات الطرب كلها حرام لا يجوز لكن الأمر ليس بهذه السهولة في ذلك الزمان حيث كان هناك من يرى أن لا شيء في آلات الطرب عن اجتهاد منهم فما كان مختلفا فيه في ذلك الزمان فلا يجوز إسقاط الاحتجاج به لأنه خالف اجتهاد الآخرين ولو كان مخطئا في مخالفته هذا جرح ولكن لا يعد به المجروح، والأدق من ذلك أن قول هذا القائل سمعت عودا من داره لو كان هو نفسه يرى تحريم العود أيضا لا ينهض لكونه سببا جارحا لماذا؟ لأن هذا الصوت يمكن أن يكون صدر من دار جاره وليس من دار هذا الراوي لأن الدور تكون متقاربة وبخاصة في ذلك الزمان حيث لم تكن الدور مشيدة رفيعة البنيان كما هو في هذا الزمان ويحتمل أخيرا أن يكون هذا الصوت صادرًا من داره ولكن ليس من شخصه وإنما أما من قريب له أو من ابن له عاص له لا يطيعه ولا يسمع كلامه فهو ليس مسؤولا عنه إذا بمثل هذه الأنواع من الجرح لا يصلح أن يكون سبباً مقبولاً الجرح به مثل هذه الدراسة إذا استمرّ طالب العلم وطبق علم الجرح والتعديل على الأصول ومارس ذلك عمليا على الأقل نحو عشر سنوات ويكتب لنفسه ولا ينشر لينفع به غيره وهذا فيما لاحظته في هذا الزمان آفة طلاب العلم أنهم يستعجلون في الظهور كعلماء وفي علم أعرض عنه جماهير العلماء طيلة هذه القرون الكثيرة حيث لم يكن فيهم من يبرز في علم الحديث علم الجرح والتعديل علم التصحيح والتضعيف إلا أفراد قليلين جدا جدا لماذا؟ لصعوبة هذا العلم ولدقته ومن صعوبته أنك تحكم على الحديث بالضعف وإذا بك بعد سنين طويلة تجد لهذا الحديث إسنادا آخر أين؟ في كتاب لم تكن قد وقفت عليه وكتب السنة بالمئات وأكثرها لا تزال في جملة المخطوطات لذلك كان مما ما جاء في كتب علم الحديث في المصطلح وأنا أجد إن هذه القاعدة لا تراعى لماذا؟ ألم يقرأها طالب العلم؟ قرأها لكن مثل ما بيقول عندنا بالشام " فات من هون طلع من هون " لم يتركز في ضميره في قلبه بحيث يكون مستحضراً له دائما أبدا ما هي؟ قال الحافظ العراقي إذا وقف طالب العلم على حديث إسناده ضعيف فله أن يقول في هذا الحديث إسناده ضعيف ولا يقول حديث ضعيف لأن هناك فرق بين قول إسناده ضعيف وبين قول حديث ضعيف لأن الأول تطلق الضعف على السند وأنت مصيب أما إذا قلت بسبب بضعف السند الحديث ضعيف فقد يتبين خطأك لماذا؟ لأنك لم تقف على إسناد ثاني وهذا الإسناد الثاني على الأقل قد يقوي الأول بل وقد يكون هو في نفسه قويا فكيف ضعفت الحديث أما لو قلت إسناده ضعيف فأنت صادق فأنت لا تلام أما إذا قلت هذا الحديث ضعيف فقد تلام لأنه قد تجد أنت نفسك بل قد يأتي غيرك فيتعقبك ويقول لك هذا حديث ثابت وأنا أقول لكم بكل صراحة مع فضل الله تبارك وتعالى علي حيث قضيت أكثر من نصف قرن من هذا العصر في هذا العلم مع ذلك قد يأتي طالب علم مبتدئ فيستدرك علي كيف يستدرك علي لأنه ظهر كتاب الآن لم أكن أنا أطوله مع أنني عشت بين مخطوطات مكتبة الظاهرية وفيها كنوز عظيمة جداً يشهد على ذلك كل من اطلع تخريجاتي للأحاديث لكن هل معنى ذلك أنني أحط مخطوطات الدنيا هذا أمر مستحيل فالآن تطبع بعض المخطوطات من مثلا مكتبة دار الكتب المصرية تطبع الآن فيأتي إنسان مبتدئ في هذا العلم فيقول أنت ضعفت الحديث الفلاني وهذا إسناد إما يقوي ذاك السند أو هو قوي في نفسه إلى آخره هذا يقع مع من؟ مع الذي قضى نصف قرن من الزمان وزيادة في هذا العلم فماذا يكون شأن المبتدئين فيه؟ لا شك أن عليهم أن يتئدوا وأن لا يستعجلوا الأمر وأنهم إذا ... لهم أنهم قد أوتوا حظا من الذاكرة ومن الحافظة ورغبة في هذا العلم أن لا يستعجلوا ولا بأس أن يؤلفوا لأنفسهم أما مجرد أن يشعر بأنه استطاع أن يرجع إلى كتاب الميزان ولسان الميزان والتهذيب ونحو ذلك ... يقول أن فيه فلان ... فلان فأنا أرى الأخطاء الآن متجسدة تماما لأن هناك بعض الأنواع من العلوم فيه دقةكما ذكرت لكم آنفا فيما يتعلق بالجرح والتعديل ومن هذه الدقة الحديث الحسن، الحديث الحسن الإمام الناقد الإمام الذهبي يقول في رسالة الموقظة إنه من أدق أنواع علوم الحديث الحديث الحسن هو من أدق أنواع علوم الحديث لماذا؟
لأن معنى كون هذا الحديث أو ذاك حسنا أن فيه رجلا مختلف فيه ما بين موثق ومضعف فالذي يريد أن يحسن حديثه عليه أن يلخص جملة قصيرة جدا من ذاك الاختلاف الطويل المبثوث في ترجمة ذلك الراوي فهذا يقول فيه ثقة وهذا يقول فيه لا بأس به وهذا يقول ضعيف وهذا يقول يروي مناكير وربما قيل إنه منكر الأحاديث وكثير وكثير جدا من طلاب العلم لا يعرفون الفرق بين له مناكير وبين منكر الحديث ونحو ذلك من الفروق الهامة جدا فكيف يستطيع أن يلخص من هذا الاختلاف الشديد كلمة وهي هذا ضعيف الحديث أو حسن الحديث أو صحيح الحديث من هنا تأتي الدقة ولذلك نجد كثير من الطلبة إذا وجدوا عالماً في القديم أو في الحديث يحسن حديثا يقول فيه فلان وقد قال فيه فلان إنه ضعيف أو سيء الحفظ أو نحو ذلك فيتكئ على أقوال المضعفين ولا يعرج على أقوال الموثقين ثم لا يستخلص خلاصة من هذه الأقوال المختلفة وإنما هو مال إلى جانب واالذي حمله على ذلك الله أعلم بنيته هو الجهل و الهوى هو الغلط الله أعلم به ومن الدقه أنا قلت هذا الصعوبة واضحة الآن أنه أقوال علماء الجرح والتعديل مختلفة فهو عليه أن يأخذ خلاصة المبتدئ في هذا العلم أنصحه أن يعتمد في علم الخلاصة على كتاب التقريب للحافظ ابن حجر العسقلاني على كتاب المغني في الضعفاء والمتروكين للذهبي وإن كان هذا ليس من الوضوح ككتاب التقريب على كتاب الكاشف للذهبي أيضا لأنه ملخص ولو بعض التلخيص أحسن كتاب في التلخيص وجدته هو تقريب التهذيب للحافظ ابن حجر هذا يساعد المبتدئ أن يدرك إذا كان أوتي ذكاء أو فطنة كيف قال فلان صدوق مع أنه إذا رجع إلى الأصل تهذيب التهذيب يجد فيه طعنا شديدا فيستطيع بالإستعانة بحكم ابن حجر والرجوع إلى الأصل أن يكون مع الزمن رأيا أقول هذا مما يفيده كلام الحافظ الذهبي لكن الدقة المتناهية أنا العالم الفرد تراه متناقض في نفسه أحيانا يحسن وأحيانا يضعف أحيانا يحسن وأحيانا يضعف الآن انتقل الموضوع بين شخص وشخص وانحصر في شخص واحد هذا الشخص الواحد يقرأ الترجمة مرة فيلخص منها أنه حسن الحديث لكن يمضي زمن ويمضي زمن فيتبين له شيء كان خافيا عليه فيحكم على هذا الرجل بأنه ضعيف ويضعف حديثه والذي لا علم عنده بهذه الدقائق وهذه الحقائق يقول هذا تناقض صحيح تناقض ولنرجع الآن إلى أقوال الفقهاء في المسألة الواحدة وبخاصة الإمام أحمد رحمه الله تجده يعطي أحكاما مختلفة في المسألة الواحدة لماذا؟
لأن الاجتهاد يتغير والملاحظات تختلف باختلاف تقدم الإنسان في العلم والسن والتجربة لعلكم تذكرون رواية تروى عن عمر الخطاب أنه سئل عن قضية تتعلق بفريضة من الإرث فأجاب برأي وبعد سنة تقريبا سئل نفس السؤال فأجاب بجواب آخر قيل له من قبل أجبت بغير هذا فأجاب ذاك على ما أفتينا به وهذا على ما نفتي به الآن يشير إلى إن إجتهاد العالم قد يتغير هذا في الفقه فما بالكم في رواة الحديث الذين تختلف فيهم أقوال أئمة الجرح والتعديل فنفس الطالب يختلف رأيه مرة عن أخرى فمن لا علم عنده ولا يعرف السبب في ذلك يستغرب فلا استغراب إذا من اختلاف علماء الحديث في الراوي الواحد نرجع إلى الأصول البخاري يقول كذا وأحمد يقول كذا لأن ذلك راجع إلى الاجتهاد وإلى دراسة أحاديث هذا الراوي الذي يوثق أو يضعف فكلا بحسب ما فتح الله عليه ويسر له من العلم.
خلاصة القول طالب العلم عليه أن يصبر على طلب هذا العلم لأنه في الحقيقة من أدق علوم الشريعة ولذلك كان من فضائل هذه الأمة أن تفردت بعلم الحديث والإسناد على سائر الأمم كما شهد بذلك بعض غير المسلمين الدارسين ممن يسمون بالمستشرقين شهدوا بأن هذه الأمة تميزت بهذه الخصلة بمعرفة الروايات القديمة بطريق الإسناد فلا جرم أنه ثبت عن الإمام عبد الله بن المبارك من شيوخ الإمام أحمد أنه قال " الإسناد من الدين " الإسناد من الدين لأنه لولا الإسناد لأصاب دين الإسلام ما أصاب دين اليهود والنصارى فهم الآن لا يستطيعون أن يثبتوا مطلقاً شيئا يتعلق بهدي موسى أو عيسى كتاب التوراة والإنجيل اللذان نزلا من السماء على قلب موسى وعيسى عليهم السلام قد تغير وتبدل فما بالكم بأقوال هذين النبيين الكريمين لقد ذهبت أدراج الرياح فلا يستطيع اليهود والنصارى أن يعرفوا ما صح عن أنبيائهم من قبل بخلاف المسلمين والحمد لله فهم بسبب هذا الإسناد وبفضل ما يسر الله لعلماء الحديث من تتبع تراجم رواة هذه الإسانيد نستطيع اليوم أن نقول قال رسول الله كان رسول الله يفعل رأى كذا فعل كذا غزا كذا إلى آخره ذلك من فضل الله علينا وعلى الناس ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
تفضل مين فيه تفضل.
الشيخ : لا شك أن طالب العلم إذا أراد أن يصل يوما ما إلى معرفة تصحيح الأحاديث وتضعيفها ولا أقول أن يصل يوما ما إلى معرفة تخريخ الأحاديث لأن تخريج الأحاديث يحسنه كل طالب مهما كانت ثقافته ضحلة أما التصحيح والتضعيف فلا يتمكن منه إلا من عاش دهراً طويلا وهو يمارس تطبيق ما درسه نظرياً من علم الجرح والتعديل وعلم أصول الحديث وقواعد مصطلح الحديث فمن مضى على عمره وعلى حياته برهة طويلة يدرس هذا العلم حتى تمكن منه جيداً نظرياً ثم يحاول أن يطبق ذلك عمليا فهذا يحتاج في الحقيقة إلى سنين وسنين عديدة ويختلف ذلك بلا شك باختلاف طالب العلم من حيث تفرغه لهذا العلم وتخصصه فيه ومن حيث استطاعته أن ينصرف عما يلهيه عن هذا العلم فلا شك أن من أشهر الكتب المصطلح هي الميزان في نقد الرجال المعروف بميزان الاعتدال في نقد الرجال للإمام الحافظ الذهبي فهذا في معرفة طبقات الرجال في الرواية في الصحة والحسن والضعف من أحسن الكتب التي يسهل على المبتدئين بهذا العلم أن يتدارسوه بينهم لأنه خلاصة لكثير من الكتب القديمة التي لم تكن أيدي علماء الحديث في العصر الحاضر تطولها أيديهم لأنها كانت لا تزال في عالم المخطوطات فقد طبع الآن كما يعلم بعضكم على الأقل بعض المراجع الأساسية لكتاب الميزان للحافظ الذهبي كمثل الضعفاء والمتروكين لابن حبان ومثل الضعفاء الكبير للعقيلي ومثل الكامل لابن عدي وقبل ذلك طبع تاريخ بغداد للخطيب البغدادي فهذه الكتب هي أصول كتاب الميزان للذهبي ثم لسان الميزان للحافظ ابن حجر العسقلاني فإذا تمرن طالب العلم على دراسة هذه الكتب في معرفة روات الأحاديث سواء كانت هذه هؤلاء الرواة سواء كان هؤلاء الرواة من رجال الستة أو من رجال غير الكتب الستة فيجدهم مبثوثين في هذا الكتاب وهو ميزان الإعتدال في نقد الرجال للذهبي ويجد هنالك طريقة يتفهم فيها كيف كان علماء الحديث يحكمون بأن فلانا منكر الحديث أو إنه له مناكير أو إنه حسن الحديث أو إنه صحيح الحديث ثقة يحتج به هذا الأسلوب العملي في نقد الرواة يجده ظاهرا هناك ولا يكفي بطبيعة الحال أنه مجرد ما قرأ هذا الكتاب عرف علم الجرح والتعديل لا، يجب أن يقرأ الكتب الكثيرة والكثيرة جدا مثلا كتاب تهذيب التهذيب للحافظ ابن حجر العسقلاني هذا كتاب خاص في رواة الكتب الستة ونحوها كالأدب المفرد للبخاري والتاريخ للبخاري وخلق الأفعال للبخاري رواة هذه الكتب الزايدة على الكتب الستة يجد تراجمها في تهذيب التهذيب لكن لا يجد تراجم لم يروي لها أصحاب هذه الكتب إلا في مثل كتاب الميزان للحافظ الذهبي وهكذا يتمشى طالب العلم في دراسة هذه الكتب حتى يصبح عنده سليقة ومعرفة لتمييز ما قد يكون علماء الحديث أو علماء الجرح والتعديل قد اختلفوا فيه توثيقاً وتجريحاً فيستطيع فيما بعد أن يطبق القاعدة الأوصولية الحديثية التي يقرأها في علم المصطلح مثال على ذلك قولهم الجرح مقدم على التعديل هذه عبارة مشهورة في هذا العلم ومتداولة على ألسنة أهل العلم الجرح مقدم على التعديل لكنه سيجد أن هذه القاعدة ليست على إطلاقها وعمومها وشمولها بل هي مقيدة بقيد ألا وهو الجرح مقدم على التعديل إذا كان سبب الجرح مبينا موضحا بمعنى إذا قال ابن معين مثلا وهو من أئمة الجرح والتعديل ومن معاصري الإمام أحمد إذا قال في راوٍ ما ثقة وقال فيه الإمام أحمد ضعيف أو العكس مش مهم التعديل إنما المراد التمثيل فأي القولين أي قول من هذين القولين يرجح على الآخر أَقَول من وثق سواء كان أحمد أو ابن معين أو العكس إذا أردنا أن نطبق القاعدة المذكورة الجرح مقدم على التعديل قدمنا إذا قول المضعف على قول موثق لكن هذ ليس على إطلاقه ما هو القيد؟ قال إذا بين السبب أحدهما قال ثقة والآخر قال ضعيف ما قال مثلا ضعيف سيء الحفظ ما قال ضعيف اختلط أو نحو ذلك إذا هذا ضعف يمكن أن يسمى جرح غير مبين السبب فلا يقدم على قول من وثق لكن انظروا الآن كيف التسلسل وهذا لا يستطيعه طالب العلم أن يصل إليه في بضع سينين دراسة نظرية بل في سنين طويلة وعديدة ثم يأتي من بعد ذلك تطبيق هذه الدراسة لأن التطبيق سيكشف له ما قد يكون عليه خافيا من الدراسة النظرية قلنا قالوا الجرح مقدم على التعديل هذا أولا، ثانياً قالوا ليس هذا على إطلاقه بل لا بد أن يكون الجرح مبينا فإذا لم يكن مبينا فالثقة أو التعديل مقدم قالوا ثالثاً لا يكفي أن يكون الجرح مبينا قد يقنع الإنسان بأن يقف في ثانياً أولاً قالوا الجرح مقدم على التعديل ثانياً قالوا ليس هذا على إطلاقه وإنما إذا بين سبب الجرح هذا أيضا ليس كافيا بل يجب أن يكون السبب الجارح جرحاً في نفسه أن يكون جرحاً في نفسه وقد يقول قائل وهذا لا تجدونه مبسوطا في كتب المصطلح كما تسمعونه الآن موضحا مبينا وإنما هذا مع الممارسة يصل إلى هذه الحقيقة الدارس لهذا العلم والمطبق له مثلا قيل لفلان من المحدثين لماذا لا تروي عن فلان قال هذا مرجئ آه هذا سبب مبين الجرح لكن هل هو جرح قالوا لا، الخلاف المذهبي ليس جرحاً لأن العبرة في الرواية شيئان اثنان أولاً العدالة أي أن يكون مسلم غير فاسق. وثانياً أن يكون حافظاً متقنا لروايته أما والله فلان مرجئ وفلان خارجي فلان شيعي إلى آخره هذه تترك جانبا فما دام الرواي لا يزال في دائرة المسلمين وما دام أنه تحقق بأنه ثقة ضابط حافظ فحديثه صحيح والجرح المذكور ليس جرحاً مع إنه جرح لكن هو في نفسه ليس جرحا قيل لآخر لماذا لا تروي عن فلان؟ قال سمعت صوت عود في داره آه صوت العود ملاهي وإتيان الملاهي فسق فإذا هذا ليس عدلا أكذلك؟ الجواب لا، لم؟ أولاً لأن الملاهي وآلات الطرب صحيح أنها تحرم في الإسلام لأحاديث كثيرة لكن نحن اليوم نستطيع أن نقول هذه القولة لأننا اطلعنا بفضل الله بسبب تأخر زمننا على أقوال المختلفين في هذه المسألة وعلى أدلتهم فترجح لدينا أن آلات الطرب كلها حرام لا يجوز لكن الأمر ليس بهذه السهولة في ذلك الزمان حيث كان هناك من يرى أن لا شيء في آلات الطرب عن اجتهاد منهم فما كان مختلفا فيه في ذلك الزمان فلا يجوز إسقاط الاحتجاج به لأنه خالف اجتهاد الآخرين ولو كان مخطئا في مخالفته هذا جرح ولكن لا يعد به المجروح، والأدق من ذلك أن قول هذا القائل سمعت عودا من داره لو كان هو نفسه يرى تحريم العود أيضا لا ينهض لكونه سببا جارحا لماذا؟ لأن هذا الصوت يمكن أن يكون صدر من دار جاره وليس من دار هذا الراوي لأن الدور تكون متقاربة وبخاصة في ذلك الزمان حيث لم تكن الدور مشيدة رفيعة البنيان كما هو في هذا الزمان ويحتمل أخيرا أن يكون هذا الصوت صادرًا من داره ولكن ليس من شخصه وإنما أما من قريب له أو من ابن له عاص له لا يطيعه ولا يسمع كلامه فهو ليس مسؤولا عنه إذا بمثل هذه الأنواع من الجرح لا يصلح أن يكون سبباً مقبولاً الجرح به مثل هذه الدراسة إذا استمرّ طالب العلم وطبق علم الجرح والتعديل على الأصول ومارس ذلك عمليا على الأقل نحو عشر سنوات ويكتب لنفسه ولا ينشر لينفع به غيره وهذا فيما لاحظته في هذا الزمان آفة طلاب العلم أنهم يستعجلون في الظهور كعلماء وفي علم أعرض عنه جماهير العلماء طيلة هذه القرون الكثيرة حيث لم يكن فيهم من يبرز في علم الحديث علم الجرح والتعديل علم التصحيح والتضعيف إلا أفراد قليلين جدا جدا لماذا؟ لصعوبة هذا العلم ولدقته ومن صعوبته أنك تحكم على الحديث بالضعف وإذا بك بعد سنين طويلة تجد لهذا الحديث إسنادا آخر أين؟ في كتاب لم تكن قد وقفت عليه وكتب السنة بالمئات وأكثرها لا تزال في جملة المخطوطات لذلك كان مما ما جاء في كتب علم الحديث في المصطلح وأنا أجد إن هذه القاعدة لا تراعى لماذا؟ ألم يقرأها طالب العلم؟ قرأها لكن مثل ما بيقول عندنا بالشام " فات من هون طلع من هون " لم يتركز في ضميره في قلبه بحيث يكون مستحضراً له دائما أبدا ما هي؟ قال الحافظ العراقي إذا وقف طالب العلم على حديث إسناده ضعيف فله أن يقول في هذا الحديث إسناده ضعيف ولا يقول حديث ضعيف لأن هناك فرق بين قول إسناده ضعيف وبين قول حديث ضعيف لأن الأول تطلق الضعف على السند وأنت مصيب أما إذا قلت بسبب بضعف السند الحديث ضعيف فقد يتبين خطأك لماذا؟ لأنك لم تقف على إسناد ثاني وهذا الإسناد الثاني على الأقل قد يقوي الأول بل وقد يكون هو في نفسه قويا فكيف ضعفت الحديث أما لو قلت إسناده ضعيف فأنت صادق فأنت لا تلام أما إذا قلت هذا الحديث ضعيف فقد تلام لأنه قد تجد أنت نفسك بل قد يأتي غيرك فيتعقبك ويقول لك هذا حديث ثابت وأنا أقول لكم بكل صراحة مع فضل الله تبارك وتعالى علي حيث قضيت أكثر من نصف قرن من هذا العصر في هذا العلم مع ذلك قد يأتي طالب علم مبتدئ فيستدرك علي كيف يستدرك علي لأنه ظهر كتاب الآن لم أكن أنا أطوله مع أنني عشت بين مخطوطات مكتبة الظاهرية وفيها كنوز عظيمة جداً يشهد على ذلك كل من اطلع تخريجاتي للأحاديث لكن هل معنى ذلك أنني أحط مخطوطات الدنيا هذا أمر مستحيل فالآن تطبع بعض المخطوطات من مثلا مكتبة دار الكتب المصرية تطبع الآن فيأتي إنسان مبتدئ في هذا العلم فيقول أنت ضعفت الحديث الفلاني وهذا إسناد إما يقوي ذاك السند أو هو قوي في نفسه إلى آخره هذا يقع مع من؟ مع الذي قضى نصف قرن من الزمان وزيادة في هذا العلم فماذا يكون شأن المبتدئين فيه؟ لا شك أن عليهم أن يتئدوا وأن لا يستعجلوا الأمر وأنهم إذا ... لهم أنهم قد أوتوا حظا من الذاكرة ومن الحافظة ورغبة في هذا العلم أن لا يستعجلوا ولا بأس أن يؤلفوا لأنفسهم أما مجرد أن يشعر بأنه استطاع أن يرجع إلى كتاب الميزان ولسان الميزان والتهذيب ونحو ذلك ... يقول أن فيه فلان ... فلان فأنا أرى الأخطاء الآن متجسدة تماما لأن هناك بعض الأنواع من العلوم فيه دقةكما ذكرت لكم آنفا فيما يتعلق بالجرح والتعديل ومن هذه الدقة الحديث الحسن، الحديث الحسن الإمام الناقد الإمام الذهبي يقول في رسالة الموقظة إنه من أدق أنواع علوم الحديث الحديث الحسن هو من أدق أنواع علوم الحديث لماذا؟
لأن معنى كون هذا الحديث أو ذاك حسنا أن فيه رجلا مختلف فيه ما بين موثق ومضعف فالذي يريد أن يحسن حديثه عليه أن يلخص جملة قصيرة جدا من ذاك الاختلاف الطويل المبثوث في ترجمة ذلك الراوي فهذا يقول فيه ثقة وهذا يقول فيه لا بأس به وهذا يقول ضعيف وهذا يقول يروي مناكير وربما قيل إنه منكر الأحاديث وكثير وكثير جدا من طلاب العلم لا يعرفون الفرق بين له مناكير وبين منكر الحديث ونحو ذلك من الفروق الهامة جدا فكيف يستطيع أن يلخص من هذا الاختلاف الشديد كلمة وهي هذا ضعيف الحديث أو حسن الحديث أو صحيح الحديث من هنا تأتي الدقة ولذلك نجد كثير من الطلبة إذا وجدوا عالماً في القديم أو في الحديث يحسن حديثا يقول فيه فلان وقد قال فيه فلان إنه ضعيف أو سيء الحفظ أو نحو ذلك فيتكئ على أقوال المضعفين ولا يعرج على أقوال الموثقين ثم لا يستخلص خلاصة من هذه الأقوال المختلفة وإنما هو مال إلى جانب واالذي حمله على ذلك الله أعلم بنيته هو الجهل و الهوى هو الغلط الله أعلم به ومن الدقه أنا قلت هذا الصعوبة واضحة الآن أنه أقوال علماء الجرح والتعديل مختلفة فهو عليه أن يأخذ خلاصة المبتدئ في هذا العلم أنصحه أن يعتمد في علم الخلاصة على كتاب التقريب للحافظ ابن حجر العسقلاني على كتاب المغني في الضعفاء والمتروكين للذهبي وإن كان هذا ليس من الوضوح ككتاب التقريب على كتاب الكاشف للذهبي أيضا لأنه ملخص ولو بعض التلخيص أحسن كتاب في التلخيص وجدته هو تقريب التهذيب للحافظ ابن حجر هذا يساعد المبتدئ أن يدرك إذا كان أوتي ذكاء أو فطنة كيف قال فلان صدوق مع أنه إذا رجع إلى الأصل تهذيب التهذيب يجد فيه طعنا شديدا فيستطيع بالإستعانة بحكم ابن حجر والرجوع إلى الأصل أن يكون مع الزمن رأيا أقول هذا مما يفيده كلام الحافظ الذهبي لكن الدقة المتناهية أنا العالم الفرد تراه متناقض في نفسه أحيانا يحسن وأحيانا يضعف أحيانا يحسن وأحيانا يضعف الآن انتقل الموضوع بين شخص وشخص وانحصر في شخص واحد هذا الشخص الواحد يقرأ الترجمة مرة فيلخص منها أنه حسن الحديث لكن يمضي زمن ويمضي زمن فيتبين له شيء كان خافيا عليه فيحكم على هذا الرجل بأنه ضعيف ويضعف حديثه والذي لا علم عنده بهذه الدقائق وهذه الحقائق يقول هذا تناقض صحيح تناقض ولنرجع الآن إلى أقوال الفقهاء في المسألة الواحدة وبخاصة الإمام أحمد رحمه الله تجده يعطي أحكاما مختلفة في المسألة الواحدة لماذا؟
لأن الاجتهاد يتغير والملاحظات تختلف باختلاف تقدم الإنسان في العلم والسن والتجربة لعلكم تذكرون رواية تروى عن عمر الخطاب أنه سئل عن قضية تتعلق بفريضة من الإرث فأجاب برأي وبعد سنة تقريبا سئل نفس السؤال فأجاب بجواب آخر قيل له من قبل أجبت بغير هذا فأجاب ذاك على ما أفتينا به وهذا على ما نفتي به الآن يشير إلى إن إجتهاد العالم قد يتغير هذا في الفقه فما بالكم في رواة الحديث الذين تختلف فيهم أقوال أئمة الجرح والتعديل فنفس الطالب يختلف رأيه مرة عن أخرى فمن لا علم عنده ولا يعرف السبب في ذلك يستغرب فلا استغراب إذا من اختلاف علماء الحديث في الراوي الواحد نرجع إلى الأصول البخاري يقول كذا وأحمد يقول كذا لأن ذلك راجع إلى الاجتهاد وإلى دراسة أحاديث هذا الراوي الذي يوثق أو يضعف فكلا بحسب ما فتح الله عليه ويسر له من العلم.
خلاصة القول طالب العلم عليه أن يصبر على طلب هذا العلم لأنه في الحقيقة من أدق علوم الشريعة ولذلك كان من فضائل هذه الأمة أن تفردت بعلم الحديث والإسناد على سائر الأمم كما شهد بذلك بعض غير المسلمين الدارسين ممن يسمون بالمستشرقين شهدوا بأن هذه الأمة تميزت بهذه الخصلة بمعرفة الروايات القديمة بطريق الإسناد فلا جرم أنه ثبت عن الإمام عبد الله بن المبارك من شيوخ الإمام أحمد أنه قال " الإسناد من الدين " الإسناد من الدين لأنه لولا الإسناد لأصاب دين الإسلام ما أصاب دين اليهود والنصارى فهم الآن لا يستطيعون أن يثبتوا مطلقاً شيئا يتعلق بهدي موسى أو عيسى كتاب التوراة والإنجيل اللذان نزلا من السماء على قلب موسى وعيسى عليهم السلام قد تغير وتبدل فما بالكم بأقوال هذين النبيين الكريمين لقد ذهبت أدراج الرياح فلا يستطيع اليهود والنصارى أن يعرفوا ما صح عن أنبيائهم من قبل بخلاف المسلمين والحمد لله فهم بسبب هذا الإسناد وبفضل ما يسر الله لعلماء الحديث من تتبع تراجم رواة هذه الإسانيد نستطيع اليوم أن نقول قال رسول الله كان رسول الله يفعل رأى كذا فعل كذا غزا كذا إلى آخره ذلك من فضل الله علينا وعلى الناس ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
تفضل مين فيه تفضل.
3 - متى يجوز لطالب العلم أن يشتغل بالأحاديث النبوية تصحيحاً وتضعيفاً، وما هي الكتب التي يقرؤها حتى يصل إلى هذه الدرجة وهل هناك شروط معينة لابد أن تتوفر فيه؟ أستمع حفظ
ما التوفيق بين النهي عن إقامة الجماعة الثانية، وبين ما جاء عنه صلى الله عليه وسلم حين قال للصحابي من يتصدق على صاحبكم؟
السائل : في جلسة لبعض ماضية لنا تحدثت وقلت لا ينبغي أت تقوم جماعة ثانية بعد الجماعة الأولى
الشيخ : نعم
السائل : طيب كيف نوفق بين هذا وبين أن الرسول عليه الصلاة والسلام عندما دخل رجل إلى المسجد قال لأحد الصحابة من يتصدق عليه؟ هل معنى هذا أن الرسول صلى الله عليه وسلم أقر الجماعة الثانية؟
الشيخ : لا، هذا وهم شائع حينما نقول نحن الجماعة الثانية نعني بداهة فيها الفريضة جماعة الفريضة والجواب عن هذا السؤال الحقيقة يطول وقد تكلمت عنه أكثر من مرة فلا أريد الإطالة فقد ضاق الوقت ولكن أقول كلمة موجزة يجب التأمل في هذه الجماعة الثانية التى جاء ذكرها في قول الرسول عليه السلام ( ألا رجل يتصدق على هذا فيصلى معه ) سؤال امتحان انتبهوا سؤال امتحان هذه الجماعة هي جماعة فرض أم جماعة نفل لا تتكلموا من وجد بنفسه جوابا صالحا لهذا السؤال فليرفع يده.
سائل آخر : جماعة فرض.
الشيخ : طيب أقول لما الرسول عليه السلام قال ( ألا رجل يتصدق على هذا فيصلى معه ) فصلى معه فقام جماعة ثانية هذه الجماعة الثانية التي جاء ذكرها في هذا الحديث السؤال أهي جماعة فريضة أم جماعة نافلة؟ تفضل
السائل : هذه الثانية صدقة فهي نافلة وليست فريضة هو متنفل ...
الشيخ : سمعتم الجواب الجواب أن هذه جماعة نافلة وليست جماعة فريضة هل من مخالف؟ تفضل
سائل آخر : ... نافلة ... فريضة ... .
الشيخ : البحث ليس نسبية هذه الجماعة جماعة فريضة أم نافلة؟ هذه الجماعة فيه غموض فيه غموض يحتاج إلى بيان.اسمع نطور الآن السؤال من كان الإمام في هذه الصلاة آالمتنفل أم المفترض من كان يعلم فليرفع يده تفضل.
السائل : المفترض.
الشيخ : نعم؟
السائل : المفترض.
الشيخ : كان هو الإمام؟
السائل : نعم.
الشيخ : هل من مخالف؟
السائل : ... .
الشيخ : أنا ما أقول تكلموا هل من مخالف؟ يرفع يده
الشيخ سمعتم الجواب قال المفترض هو الإمام توافقون؟
السائل : ... .
الشيخ : تفضل نعم
السائل : ... .
الشيخ : نعم هذا هو الصواب فتأملوا الآن التعبير العربي الذي نطق به النبي العربي ماذا قال لأصحابه هل قال لهم ألا رجل يتصدق على هذا فيصلي معه أم فيصلي هو به ؟ يصلى معه فهو صلى إماما وصلى به مقتديا فهذه جماعة نفل وليست جماعة فرض والبحث في جماعة الفريضة هذا الجواب الأول الجواب الآخر هل هذا الذي دخل إلى المسجد كان معذورا أم غير معذور ؟ أيضا ماذا تتصورون هذا المتخلف عن جماعة الرسول كان معذورا أم غير معذور؟
السائل : كان معذورا.
الشيخ : كان معذورا، طيب إذا أردنا أن نطلق الكلام فنقول هذا الحديث يدل على تكرار الجماعة في المسجد الواحد هذه الجماعات التي ستعقد بعد الجماعة الأولى هي للمعذورين أم غير المعذورين؟ إذا أردنا أن نقف عند دلالة الحديث فينبغي أن نتصور أن هذه الجماعة هي للمعذورين وهل هو الواقع اليوم؟ الجواب لا.
الخلاصة علماء الفقه استدلوا بهذا الحديث على نقطة ليس لها علاقة بهذا الموضوع إطلاقا وهي أن المصلي إذا صلى الفريضة فله أن يعيدها نفلا بنية النفل هي نفس الصلاة لكن نية تختلف فيجوز له أن يعيدها مع أن الرسول عليه السلام قد صح عنه أنه قال ( لا صلاة في يوم مرتين ) هذا قد صلى الرجل الذي صلى مع ذاك الرجل صلى مرتين صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم وصلى معه فإذا هذا صلى مرتين كيف التوفيق؟ الجواب لا صلاة في يوم مرتين بنية واحدة أو يكرر فرضا هذا لا يجوز لا من صلوات مفروضة في كل يوم وليلة خمس كما هو معلوم لكن تكرار هذه الصلاة بنية التنفل يجوز لهذا الحديث ولغيره كحديث صلاة الرسول عليه السلام في مسجد الخيف في حجة الوداع ( حينما صلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم الفجر فلما سلم وجد رجلين بعيدين عن الجماعة يوحي واقعهما أنهمالم يصليا مع الجماعة فقال لهما عليه السلام ( أو لستما مسلمين ) قالا بلى يارسول الله قال فما منعكما أن تصليا معنا قال يا رسول الله إنا كنا صلينا في رحالنا فقال عليه الصلاة والسلام ( إذا صليتم في رحالكم ثم أتيتم المسجد الجماعة فصلوا معهم فإنها تكون لكم نافلة ) الآن أشعر والحق أحق أن يقال أشعر بأنني كنت واهمنا آنفا فالذي صلى مع الرجل الثاني في حديث ( ألا رجل يتصدق على هذا فيصلى معه ) هو كان مقتديا به لعلى وهمت آنفا فإذا كان هذا الوهم مسجلا فأذيحوه من أذهانكم فالحديث صريح جدا ( ألا رجل يتصدق فيصلى معه ) أردت أن أقول آنفا لم يقول الرسول عليه السلام ألا رجل يتصدق على هذا فيصلي به وإنما قال ( فيصلي معه ) فإذا من كان الإمام هنا هو؟ من كان الإمام هنا ... .
السائل : المفترض
الشيخ : من كان الإمام؟ المفترض حسن إذًا هذا المفترض لو صلى وحده يكون أدى فرضه منفردا فمن جعل فريضته جماعة؟ هو ذاك المتنفل هذا الذي كنت أردت أن أصل إليه آنفا فشتّ الذهن وأخطأ الفكر والتوبة إلى الله واجبة فإذا عرفنا هذا تبين لنا بوضوح تام لا غبار فيه أن هذه الجماعة جماعة نافلة فلا يجوز الإستدلال بها على شرعية جماعة الفريضة فإذا أردنا أن نحي هذه السنة صلّينا الجماعة في المسجد فدخل رجل يريد أن يصلي وحده فأنا أقتدي به لكي أجعل فريضته جماعة نافلة هكذا يكون السنة، غيره؟
تفضل.
الشيخ : نعم
السائل : طيب كيف نوفق بين هذا وبين أن الرسول عليه الصلاة والسلام عندما دخل رجل إلى المسجد قال لأحد الصحابة من يتصدق عليه؟ هل معنى هذا أن الرسول صلى الله عليه وسلم أقر الجماعة الثانية؟
الشيخ : لا، هذا وهم شائع حينما نقول نحن الجماعة الثانية نعني بداهة فيها الفريضة جماعة الفريضة والجواب عن هذا السؤال الحقيقة يطول وقد تكلمت عنه أكثر من مرة فلا أريد الإطالة فقد ضاق الوقت ولكن أقول كلمة موجزة يجب التأمل في هذه الجماعة الثانية التى جاء ذكرها في قول الرسول عليه السلام ( ألا رجل يتصدق على هذا فيصلى معه ) سؤال امتحان انتبهوا سؤال امتحان هذه الجماعة هي جماعة فرض أم جماعة نفل لا تتكلموا من وجد بنفسه جوابا صالحا لهذا السؤال فليرفع يده.
سائل آخر : جماعة فرض.
الشيخ : طيب أقول لما الرسول عليه السلام قال ( ألا رجل يتصدق على هذا فيصلى معه ) فصلى معه فقام جماعة ثانية هذه الجماعة الثانية التي جاء ذكرها في هذا الحديث السؤال أهي جماعة فريضة أم جماعة نافلة؟ تفضل
السائل : هذه الثانية صدقة فهي نافلة وليست فريضة هو متنفل ...
الشيخ : سمعتم الجواب الجواب أن هذه جماعة نافلة وليست جماعة فريضة هل من مخالف؟ تفضل
سائل آخر : ... نافلة ... فريضة ... .
الشيخ : البحث ليس نسبية هذه الجماعة جماعة فريضة أم نافلة؟ هذه الجماعة فيه غموض فيه غموض يحتاج إلى بيان.اسمع نطور الآن السؤال من كان الإمام في هذه الصلاة آالمتنفل أم المفترض من كان يعلم فليرفع يده تفضل.
السائل : المفترض.
الشيخ : نعم؟
السائل : المفترض.
الشيخ : كان هو الإمام؟
السائل : نعم.
الشيخ : هل من مخالف؟
السائل : ... .
الشيخ : أنا ما أقول تكلموا هل من مخالف؟ يرفع يده
الشيخ سمعتم الجواب قال المفترض هو الإمام توافقون؟
السائل : ... .
الشيخ : تفضل نعم
السائل : ... .
الشيخ : نعم هذا هو الصواب فتأملوا الآن التعبير العربي الذي نطق به النبي العربي ماذا قال لأصحابه هل قال لهم ألا رجل يتصدق على هذا فيصلي معه أم فيصلي هو به ؟ يصلى معه فهو صلى إماما وصلى به مقتديا فهذه جماعة نفل وليست جماعة فرض والبحث في جماعة الفريضة هذا الجواب الأول الجواب الآخر هل هذا الذي دخل إلى المسجد كان معذورا أم غير معذور ؟ أيضا ماذا تتصورون هذا المتخلف عن جماعة الرسول كان معذورا أم غير معذور؟
السائل : كان معذورا.
الشيخ : كان معذورا، طيب إذا أردنا أن نطلق الكلام فنقول هذا الحديث يدل على تكرار الجماعة في المسجد الواحد هذه الجماعات التي ستعقد بعد الجماعة الأولى هي للمعذورين أم غير المعذورين؟ إذا أردنا أن نقف عند دلالة الحديث فينبغي أن نتصور أن هذه الجماعة هي للمعذورين وهل هو الواقع اليوم؟ الجواب لا.
الخلاصة علماء الفقه استدلوا بهذا الحديث على نقطة ليس لها علاقة بهذا الموضوع إطلاقا وهي أن المصلي إذا صلى الفريضة فله أن يعيدها نفلا بنية النفل هي نفس الصلاة لكن نية تختلف فيجوز له أن يعيدها مع أن الرسول عليه السلام قد صح عنه أنه قال ( لا صلاة في يوم مرتين ) هذا قد صلى الرجل الذي صلى مع ذاك الرجل صلى مرتين صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم وصلى معه فإذا هذا صلى مرتين كيف التوفيق؟ الجواب لا صلاة في يوم مرتين بنية واحدة أو يكرر فرضا هذا لا يجوز لا من صلوات مفروضة في كل يوم وليلة خمس كما هو معلوم لكن تكرار هذه الصلاة بنية التنفل يجوز لهذا الحديث ولغيره كحديث صلاة الرسول عليه السلام في مسجد الخيف في حجة الوداع ( حينما صلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم الفجر فلما سلم وجد رجلين بعيدين عن الجماعة يوحي واقعهما أنهمالم يصليا مع الجماعة فقال لهما عليه السلام ( أو لستما مسلمين ) قالا بلى يارسول الله قال فما منعكما أن تصليا معنا قال يا رسول الله إنا كنا صلينا في رحالنا فقال عليه الصلاة والسلام ( إذا صليتم في رحالكم ثم أتيتم المسجد الجماعة فصلوا معهم فإنها تكون لكم نافلة ) الآن أشعر والحق أحق أن يقال أشعر بأنني كنت واهمنا آنفا فالذي صلى مع الرجل الثاني في حديث ( ألا رجل يتصدق على هذا فيصلى معه ) هو كان مقتديا به لعلى وهمت آنفا فإذا كان هذا الوهم مسجلا فأذيحوه من أذهانكم فالحديث صريح جدا ( ألا رجل يتصدق فيصلى معه ) أردت أن أقول آنفا لم يقول الرسول عليه السلام ألا رجل يتصدق على هذا فيصلي به وإنما قال ( فيصلي معه ) فإذا من كان الإمام هنا هو؟ من كان الإمام هنا ... .
السائل : المفترض
الشيخ : من كان الإمام؟ المفترض حسن إذًا هذا المفترض لو صلى وحده يكون أدى فرضه منفردا فمن جعل فريضته جماعة؟ هو ذاك المتنفل هذا الذي كنت أردت أن أصل إليه آنفا فشتّ الذهن وأخطأ الفكر والتوبة إلى الله واجبة فإذا عرفنا هذا تبين لنا بوضوح تام لا غبار فيه أن هذه الجماعة جماعة نافلة فلا يجوز الإستدلال بها على شرعية جماعة الفريضة فإذا أردنا أن نحي هذه السنة صلّينا الجماعة في المسجد فدخل رجل يريد أن يصلي وحده فأنا أقتدي به لكي أجعل فريضته جماعة نافلة هكذا يكون السنة، غيره؟
تفضل.
4 - ما التوفيق بين النهي عن إقامة الجماعة الثانية، وبين ما جاء عنه صلى الله عليه وسلم حين قال للصحابي من يتصدق على صاحبكم؟ أستمع حفظ
جاء في صحيح البخاري أن عبد الله بن عمر كان يأخذ من لحيته ما دون القبضة، وصح عنه أنه هو راوي حديث الإعفاء، ومعلوم في اللغة أن الإعفاء هو الترك، فكيف التوفيق بين الأقوال والأفعال؟
السائل : جاء في صحيح البخاري أن عبد الله بن عمر كان يأخذ من لحيته ما دون القبضة وصح عنه أنه هو راوي لحديث الإعفاء ومعلوم في اللغة أن الإعفاء هو الترك عايزين نوفق بين هذه الأفعال والأقوال؟
الشيخ : لا تعارض بين هذا وهذا، لأن الإعفاء هو كما ذكرت لكن هذا الإعفاء ليس أمر غيبيا حتى نطلقه وإنما هو أمر مشاهد من الرسول عليه السلام والشاهد يرى ما لا يرى الغائب أي إن ابن عمر الذي روى الحديث عن الرسول عليه السلام ( وأعفوا اللحي ) لا شك أنه عاش مع الرسول عليه السلام سنين طويلة فرآه إما أنه كان يأخذ أو كان لا يأخذ فماذا يتصور المسلم العارف بترجمة حياة عبد الله بن عمر وحرصه على التمسك بالسنة إلى درجة أنه كان يتمسك بالسنة العادية وقد شرحنا لكم في بعض الأحيان الفرق بين السنة التعبدية والسنة العادية فهو رضي الله عنه كان يأتي بأعمال قد تلفت الأنظار بل توجب الإنكار كمثل أن رؤي يوما وهو يطوف بناقته حول مكان ما فسئل عن السبب قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك رؤي يتقصد البول عند شجرة فسئل عن ذلك قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل ذلك وهذه أمور لا يظهر فيها مطلقا أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يقصد فيها التقرب إلى الله وإنما هكذا اقتضت الظروف لكن حبّ عبد الله بن عمر للنبي صلى الله عليه وآله وسلم والإقتداء به حمله على أن يقتدي به تمام الإقتداء حتى في العاديات ولعله هو أو غيره من الصحابة رؤي وقد فك أزرار قميصه سئل عن ذلك قال رأيت رسول الله فعل ذلك رسول الله فعل ذلك مشوب وجد حرارة بدّو يروح عن نفسه شوية لكن هذا لا يعني أن هذه عبادة وإنما لحاجة فإذا وجدت الحاجة فك الأزرار وجدت حاجة إلى رابطها ربطها وهكذا فمن كان بهذه المثابة من حرصه على اتباع النبي صلى الله عليه وآله وسلم حتى في الأمور العادية فهل نتصور فيه أنه يخالف أمر النبي المطلق في قوله ( وأعفوا اللحي ) وهو يرى الرسول عليه السلام صباح مساء ليل نهار لا يأخذ من لحيته مادون القبضة ما زاد هذا المقصود هذا أبعد ما يكون عن مثل هذا الرجل الذي تفرد بالحرص على اتباع النبي صلى الله عليه وآله وسلم حرصا لا يشاركه فيه حتى ولا أبوه عمر بن الخطاب بل لقد خالفه أبوه ونرى أن مخالفته إياه هو الصواب فقد كان عمر رضي الله عنه في بعض أسفاره وجد ناسا وقد نزل منزلا يسلكون طريقاً يمينا أو يساراً شيء استرعى اتنباهه ولفت نظره فسأل أين يذهب هؤلاء؟ قيل له هناك مصلى صلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم عنده قال رضي الله عنه وهذا من دقة علم عمر قال " يا أيها الناس من أدركته الصلاة في موطن من هذه المواطن فليصل فإنما أهلك الذين من قبلكم تتبعهم آثار أنبيائهم " إنما أهلك الذين من قبلكم تتبعهم آثار أنبيائهم ينكر على هؤلاء الناس الذين يقصدون ويسلكون طريقا ليس هو طريقهم إلى مكة وإنما هو طريق فرعي يؤدي إلى مصلى ثبت عندهم أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم صلى هناك، صلى هناك لأنه نزل منزلا هناك وحضرت صلاة فصلى وهو لم يقصد الصلاة هناك فلماذا أنتم تقصدون؟ هذا غلو في الدين فقال رضي الله عنه " لا تفعلوا ذلك من أدركته الصلاة في موطن من هذه المواطن فليصل وإلا فلينصرف فإنما أهلك الذين من قبلكم تتبعهم آثار أنبيائهم " هذا عمر أما ابنه فكان يتتبع آثار النبي صلى الله عليه وسلم حذو القذة بالقذة صحابي جليل كهذا يسمع بأذنه قول عليه السلام ( وأعفو اللحية ) ثم يرى الرسول كما قلنا آنفا نهاراً وليلا لا يأخذ أنا أجزم بأنه يستحيل على مثله أن يخالف نبيه لأنه يخالفه في أمره هو إذا ما وافقه فيما لا أمر فيه فيما هو من عادته وليس من عبادته فكيف يخالفه فيما هو عبادة هذا أبعد ما يكون عن الصواب لذلك قد شارك ابن عمر كثير من الصحابة والتابعين في هذا الذي فعله وقد روى الإمام ابن جرير الطبري في تفسيره آثارا كثيرة توافق ما ذكر آنفا من أخذ عمر من لحيته ما دون قبضته ابن عمر ذهني كان منصرفا إلى استحضار أثر من الآثار العزيزة التي لم تظهر بعد في عالم المطبوعات روى الحافظ أبو بكر البيهقي في كتابه شعب الإيمان عن إبراهيم بن يزيد النخعي وهو تابعي وفقيه جليل أن أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم كانوا يأخذون من لحيتهم فنحن إذا نظرنا إلى هذه المجموعة من الآثار رجعنا إلى قاعدة طالما كررتها على مسامع بعض الطلبة وهي مهمة جدا كل نص عام تضمن أجزاء كثيرة جزء من هذا النص العام لم يجري العمل عليه فلا ينبغي نحن أن نستدل بهذا النص العام على هذا الجزء الخاص ما دام أن العمل لم يجرِ عليه وبخاصة إذا ثبت أن العمل جرى على نقيضه فالآن هنا ( اعفوا اللحى ) نص هام مهما طالت ولو بارك الله فيه حتى جرها أرضا هذا معنى أيش النص العام واعفوا اللحى هل جرى العمل على هذا؟ نحن نعرف أن كثير من العلماء قديما وحديثا يقولون يجب الأخذ بعموم النص ولا يجوز الأخذ من اللحية إطلاقاً عملا بالعموم فنحن نسأل بناء على هذه القاعدة التي اطمئنت لها نفسي وانشرح لها صدري هل جرى العمل على هذا العام المطلق على الذين يقولون بأنه لا يجوز مخالفة هذا النص أن يثبتوا أنه جرى العمل عليه وفي اعتقادي دون ذلك خرط القتاد بل جرى العمل على ذلك بخلافه وقد سمعتم الآن بعض الآثار أول ذلك ما رواه البخاري معلقا ثاني ذلك ما رواه ابن جرير الطبري موصولا عن جمع منهم بالإضافة إلى ابن عمر أبو هريرة ومنهم مجاهد من التابعين الكبار والمفسرين المشهورين منهم ومنهم إبراهيم بن يزيد النخعي حيث نقل عن الصحابة أنهم كانوا يأخذون من لحيتهم هذه الآثار لا يجوز إهمالها بمجرد أننا نحن نفهم من عموم النص عمومه فإن هذا الجزء منه مما لم يجرِ العمل عليه وبهذا القدر كفاية والحمد لله رب العالمين فانصرفوا راشدين.
الشيخ : لا تعارض بين هذا وهذا، لأن الإعفاء هو كما ذكرت لكن هذا الإعفاء ليس أمر غيبيا حتى نطلقه وإنما هو أمر مشاهد من الرسول عليه السلام والشاهد يرى ما لا يرى الغائب أي إن ابن عمر الذي روى الحديث عن الرسول عليه السلام ( وأعفوا اللحي ) لا شك أنه عاش مع الرسول عليه السلام سنين طويلة فرآه إما أنه كان يأخذ أو كان لا يأخذ فماذا يتصور المسلم العارف بترجمة حياة عبد الله بن عمر وحرصه على التمسك بالسنة إلى درجة أنه كان يتمسك بالسنة العادية وقد شرحنا لكم في بعض الأحيان الفرق بين السنة التعبدية والسنة العادية فهو رضي الله عنه كان يأتي بأعمال قد تلفت الأنظار بل توجب الإنكار كمثل أن رؤي يوما وهو يطوف بناقته حول مكان ما فسئل عن السبب قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك رؤي يتقصد البول عند شجرة فسئل عن ذلك قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل ذلك وهذه أمور لا يظهر فيها مطلقا أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يقصد فيها التقرب إلى الله وإنما هكذا اقتضت الظروف لكن حبّ عبد الله بن عمر للنبي صلى الله عليه وآله وسلم والإقتداء به حمله على أن يقتدي به تمام الإقتداء حتى في العاديات ولعله هو أو غيره من الصحابة رؤي وقد فك أزرار قميصه سئل عن ذلك قال رأيت رسول الله فعل ذلك رسول الله فعل ذلك مشوب وجد حرارة بدّو يروح عن نفسه شوية لكن هذا لا يعني أن هذه عبادة وإنما لحاجة فإذا وجدت الحاجة فك الأزرار وجدت حاجة إلى رابطها ربطها وهكذا فمن كان بهذه المثابة من حرصه على اتباع النبي صلى الله عليه وآله وسلم حتى في الأمور العادية فهل نتصور فيه أنه يخالف أمر النبي المطلق في قوله ( وأعفوا اللحي ) وهو يرى الرسول عليه السلام صباح مساء ليل نهار لا يأخذ من لحيته مادون القبضة ما زاد هذا المقصود هذا أبعد ما يكون عن مثل هذا الرجل الذي تفرد بالحرص على اتباع النبي صلى الله عليه وآله وسلم حرصا لا يشاركه فيه حتى ولا أبوه عمر بن الخطاب بل لقد خالفه أبوه ونرى أن مخالفته إياه هو الصواب فقد كان عمر رضي الله عنه في بعض أسفاره وجد ناسا وقد نزل منزلا يسلكون طريقاً يمينا أو يساراً شيء استرعى اتنباهه ولفت نظره فسأل أين يذهب هؤلاء؟ قيل له هناك مصلى صلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم عنده قال رضي الله عنه وهذا من دقة علم عمر قال " يا أيها الناس من أدركته الصلاة في موطن من هذه المواطن فليصل فإنما أهلك الذين من قبلكم تتبعهم آثار أنبيائهم " إنما أهلك الذين من قبلكم تتبعهم آثار أنبيائهم ينكر على هؤلاء الناس الذين يقصدون ويسلكون طريقا ليس هو طريقهم إلى مكة وإنما هو طريق فرعي يؤدي إلى مصلى ثبت عندهم أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم صلى هناك، صلى هناك لأنه نزل منزلا هناك وحضرت صلاة فصلى وهو لم يقصد الصلاة هناك فلماذا أنتم تقصدون؟ هذا غلو في الدين فقال رضي الله عنه " لا تفعلوا ذلك من أدركته الصلاة في موطن من هذه المواطن فليصل وإلا فلينصرف فإنما أهلك الذين من قبلكم تتبعهم آثار أنبيائهم " هذا عمر أما ابنه فكان يتتبع آثار النبي صلى الله عليه وسلم حذو القذة بالقذة صحابي جليل كهذا يسمع بأذنه قول عليه السلام ( وأعفو اللحية ) ثم يرى الرسول كما قلنا آنفا نهاراً وليلا لا يأخذ أنا أجزم بأنه يستحيل على مثله أن يخالف نبيه لأنه يخالفه في أمره هو إذا ما وافقه فيما لا أمر فيه فيما هو من عادته وليس من عبادته فكيف يخالفه فيما هو عبادة هذا أبعد ما يكون عن الصواب لذلك قد شارك ابن عمر كثير من الصحابة والتابعين في هذا الذي فعله وقد روى الإمام ابن جرير الطبري في تفسيره آثارا كثيرة توافق ما ذكر آنفا من أخذ عمر من لحيته ما دون قبضته ابن عمر ذهني كان منصرفا إلى استحضار أثر من الآثار العزيزة التي لم تظهر بعد في عالم المطبوعات روى الحافظ أبو بكر البيهقي في كتابه شعب الإيمان عن إبراهيم بن يزيد النخعي وهو تابعي وفقيه جليل أن أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم كانوا يأخذون من لحيتهم فنحن إذا نظرنا إلى هذه المجموعة من الآثار رجعنا إلى قاعدة طالما كررتها على مسامع بعض الطلبة وهي مهمة جدا كل نص عام تضمن أجزاء كثيرة جزء من هذا النص العام لم يجري العمل عليه فلا ينبغي نحن أن نستدل بهذا النص العام على هذا الجزء الخاص ما دام أن العمل لم يجرِ عليه وبخاصة إذا ثبت أن العمل جرى على نقيضه فالآن هنا ( اعفوا اللحى ) نص هام مهما طالت ولو بارك الله فيه حتى جرها أرضا هذا معنى أيش النص العام واعفوا اللحى هل جرى العمل على هذا؟ نحن نعرف أن كثير من العلماء قديما وحديثا يقولون يجب الأخذ بعموم النص ولا يجوز الأخذ من اللحية إطلاقاً عملا بالعموم فنحن نسأل بناء على هذه القاعدة التي اطمئنت لها نفسي وانشرح لها صدري هل جرى العمل على هذا العام المطلق على الذين يقولون بأنه لا يجوز مخالفة هذا النص أن يثبتوا أنه جرى العمل عليه وفي اعتقادي دون ذلك خرط القتاد بل جرى العمل على ذلك بخلافه وقد سمعتم الآن بعض الآثار أول ذلك ما رواه البخاري معلقا ثاني ذلك ما رواه ابن جرير الطبري موصولا عن جمع منهم بالإضافة إلى ابن عمر أبو هريرة ومنهم مجاهد من التابعين الكبار والمفسرين المشهورين منهم ومنهم إبراهيم بن يزيد النخعي حيث نقل عن الصحابة أنهم كانوا يأخذون من لحيتهم هذه الآثار لا يجوز إهمالها بمجرد أننا نحن نفهم من عموم النص عمومه فإن هذا الجزء منه مما لم يجرِ العمل عليه وبهذا القدر كفاية والحمد لله رب العالمين فانصرفوا راشدين.
اضيفت في - 2006-04-10