فتاوى جدة-18
تذكير من الشيخ لكيفية رفع اليدين عند تكبيرة الإحرام.
الشيخ : أنني رأيت أنفا شيئا وجب عليّ التذكير به وإن كانت هي من المسائل التي لا يترتب من وراءها فساد الصلاة بسبب الجهل بها وإنما الإخلال بصفة صلاة النبي صلى الله عليه وأله وسلم فرأيت بعض الناس حينما يرفع يديه في تكبيرة الإحرام يعمل هكذا، يعني يجعل إبهاميه وراء أذنيه وكأنما يضع كفيه على أذنيه فينبغي أن نتذكّر أن سنّة النبي صلى الله عليه وأله وسلم إنما تُعلم بالعلم ومعرفة ما كان عليه النبي صلى الله عليه وأله وسلم ولذلك قال ( صلوا كما رأيتموني أصلي ) فالسنّة في رفع اليدين عند تكبيرة الإحرام ينبغي أن يُلاحظ في ذلك ما يأتي، أول ذلك أن يرفع يديه بحيث يُساوي أذنيه ولا يمس بإبهاميه شحمتي أذنيه لا يفعل هكذا، فضلا عن أن يفعل هكذا، وإنما هكذا، محاذاة الكفين لشحمتي الأذنين، هذه صفة رواها وائل بن حجر رضي الله عنه وغيره من أصحابه صلى الله عليه وأله وسلم.
والصفة الثانية هكذا، يحاذي رؤوس منكبيه هذه مما ينبغي ملاحظته وخير الأمور الوسط وحب التناهي غلط، يقابل هذه المبالغة التي أشرنا إليها أنفا أو هذه كما يفعل بعض الحنفية، بعض المتهاونين بالسنّة حيث يكون قائما في الصلاة يريد أن يركع فيعمل هكذا، كأنه حرّك يديه لم يرفعهما حذاء منكبيه ولا حذاء أذنيه وإنما يعمل حركة بسيطة هكذا، فينبغي رفع اليدين رفعا كاملا على الصورتين المذكورتين أنفا، إما إلى رؤوس المنكبين وإما حذاء الأذنين هكذا ثبت عن النبي صلى الله عليه وأله وسلم.
والأن أرجو أن تلاحظوا في أسئلتكم ما ذكرت أنفا أن تسألوا ما لم يسبق أن سألتم عنه وأن يكون من المسائل التي المسلمون بحاجة إليها، تفضل.
(سائل يسأل باللغة الأنجليزية ثم يترجم الأخ السؤال).
والصفة الثانية هكذا، يحاذي رؤوس منكبيه هذه مما ينبغي ملاحظته وخير الأمور الوسط وحب التناهي غلط، يقابل هذه المبالغة التي أشرنا إليها أنفا أو هذه كما يفعل بعض الحنفية، بعض المتهاونين بالسنّة حيث يكون قائما في الصلاة يريد أن يركع فيعمل هكذا، كأنه حرّك يديه لم يرفعهما حذاء منكبيه ولا حذاء أذنيه وإنما يعمل حركة بسيطة هكذا، فينبغي رفع اليدين رفعا كاملا على الصورتين المذكورتين أنفا، إما إلى رؤوس المنكبين وإما حذاء الأذنين هكذا ثبت عن النبي صلى الله عليه وأله وسلم.
والأن أرجو أن تلاحظوا في أسئلتكم ما ذكرت أنفا أن تسألوا ما لم يسبق أن سألتم عنه وأن يكون من المسائل التي المسلمون بحاجة إليها، تفضل.
(سائل يسأل باللغة الأنجليزية ثم يترجم الأخ السؤال).
سؤال من مسلم بريطاني -مقيم قي انجلترا-، حول الهجرة من بلاد الكفر إلى بلاد الإسلام ؟
السائل : سؤال الأخ الكريم عن موضوع الهجرة أنه هو يعيش في بلد بريطانيا غير مسلم والحكومة البريطانية لا تضع أمامه أي عراقيل من حيث الصلاة أو الذهاب للمسجد وهنالك بعض المساجد ولكن يسأل بالنسبة لأطفاله أنه هل يعني -مسلمين والحمد لله رب العالمين- يجب عليه أن يُهاجر من تلك البلاد إلى هذه البلاد، من أجل الأحكام الشرعية في هذه البلاد أو أنه يبقى مسلم في تلك البلاد ويذهب للمسجد ويصلي ويدعو للإسلام في تلك البلاد؟
الشيخ : هذا سؤال مهم وبخاصة بالنسبة لمن كان كافرا ثم هداه الله فأسلم.
ونحن نقول بصراحة يجب على كل مسلم في كل بلاد الله الواسعة إذا هداه الله للإسلام بعد أن كان كافرا ان يهاجر من تلك الأرض إلى أرض مسلمة تُقام فيها أحكام الله عز وجل لأن النبي صلى الله عليه وأله وسلم كان يقول ( المسلم والمشرك لا تتراءا نارهما ) يُشير عليه الصلاة والسلام في هذا الحديث الصحيح إلى ما كان عليه العرب قبل الإسلام وبخاصة البدو منهم حيث كان كل منهم يوقد نارا بين يدي خيمته فيقول صلى الله عليه وأله وسلم ينبغي على المسلم أن يكون مسكنه بعيدا عن مسكن المشرك بحيث لو أن كلا منهما أوقد نارا بين يدي خيمته لا تبدو نار أحدهما للأخر لبعد المسافة من بينهما، هذا معنى قوله عليه السلام ( المؤمن والمشرك لا تتراءا نارهما ) وفي الحديث الأخر ( من جامع المشرك فهو مثله ) أي من خالطه بجسده وسكنه ومعاملته وكان ذلك غالبا عليه فهو مثله في الضلال، وإن كانت نسبة الضلال تختلف كما ذلك في الإيمان، فكما أن الإيمان درجات فكذلك الضلال درجات، فمن جامع المشرك فهو مثله.
ثم أكد ذلك عليه الصلاة والسلام بعبارة فيها رهبة شديدة ألا وهي قوله عليه الصلاة والسلام ( أنا بريء من كل مسلم يقيم بين ظهراني المشركين ) والسبب في ذلك من الناحية النفسية أن الطبع سرّاق وبخاصة أنه يسرُق الشر ولا يمتص الخير إلا بصعوبة وقد أشار النبي صلى الله عليه وأله وسلم إلى هذه الحقيقة في بعض الأحاديث الصحيحة منها قوله صلى الله عليه وأله وسلم ( مثل الجليس الصالح كمثل بائع المسك إما أن يُحذيّك ) أي يُعطيك مجانا ( وإما أن تشتري منه وإما أن تشم منه رائحة طيبة ) يعني عليه الصلاة والسلام أن المسلم إذا خالط الناس الصالحين اكتسب منهم ولا بد وأدنى درجات الاكتساب في هذا المثال أن يشم منه رائحة سليمة وطيبة وبالعكس قال عليه السلام ( ومثل الجليس السوء كمثل الحداد إما أن يحرق ثيابك وإما أن تشم منه رائحة كريهة ) وباختصار هذا الحديث يعني أن الصاحب ساحب، الصاحب ساحب إن كان صالحا سحب جاره إلى الخير وإن كان طالحا فاسدا سحب جاره إلى الشر.
ثم حكى رسول الله صلى الله عليه وأله وسلم لنا مثالا واقعيا مما وقع في بعض الأمم من قبلنا، فقال عليه الصلاة والسلام ( قتل رجل ممن قبلكم تسعة وتسعين نفسا ثم أراد أن يتوب فسأل عن أعلم أهل الأرض فدل على راهب ) يعني دل على عابد ولكنه جاهل ليس بالعالم ( فجاءه وقال له أنا قتلت تسعة وتسعين نفسا وأريد أن أتوب فهل لي من توبة؟ قال قتلت تسعة وتسعين نفسا وتُريد أن تتوب لا توبة لك، فما كان من هذا القاتل إلا أن قتله وأكمل بذلك الرقم المائة نفس قتلها بغير حق ولكنه كان جادا في رجوعه إلى ربه وتوبته إليه فلم يزل يسأل عن أعلم أهل الأرض حتى دل في هذه المرة على عالم حقا فسأله وقال له إني قتلت مائة نفس بغير حق فهل لي من توبة؟ قال ومن يحول بينك وبين التوبة لكنك، هنا الشاهد ولكنك بأرض سوء فاخرج منها إلى البلدة الفلانية الصالح أهلها، فخرج من بلدته يمشي تائبا إلى ربه إلى تلك البلدة الصالح أهلها باعتبار أن العالم نصحه بذلك، وفي الطريق جاءه الأجل فاختلفت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب، كل يدعي أنه من حقّه، ملائكة العذاب يعرفون من حياته الشر المستطير ولذلك فهم يرون أن يتولّوْا قبض روحه وملائكة الرحمة يرون كما قال الرسول عليه الصلاة والسلام في حديث أخر إنما الأعمال بالخواتيم وهذا رجل خرج تائبا إلى ربه فهو من حقّنا نحن ملائكة الرحمة أن نتولّى قبض روحه، فأرسل الله إليهم حكما فقال لهم قيسوا ما بينه وبين كل من القريتين فإلى أيهما كان أقرب فألحقوه بأهلها فقاسوا فوجدوه أقرب إلى القرية الصالح أهلها بنحو ميْل الرجل في أثناء مشيه أن الرجل لا يمشي هكذا وإنما يمشي هكذا هذه الميلة هي التي رجّحت المسافة القريبة منه إلى القرية الصالح أهلها، فتولت ملائكة الرحمة قبض روحه ) .
والشاهد من هذا الحديث الصحيح وهو في "الصحيحين البخاري ومسلم" الشاهد منه أن هذا العالم الفاضل عرف أن هذا الرجل الذي بلغت به الجرأة إلى أن يقتل تسعة وتسعين نفسا من قبل ثم أتم العدد بذلك العابد الجاهل فصار القتلة الذين قتلهم مائة بغير حق، يُشير هذا العالم أن هذه الأمارة بالسوء إنما ساعدها على ذلك البيئة التي كان يعيش فيها وقضى شطر حياته الأكبر فيها ولذلك نصحه بأن ينتقل من تلك البلد الشريرة إلى البلدة الصالحة.
والأحاديث التي تؤكّد هذه الحقيقة أن البيئة تؤثّر في الإنسان صلاحا أو طلاحا، ومن العجائب أن البيئة تؤثّر من الناحية الأخلاقية والإيمانية كما تؤثّر من الناحية الطبية والناس اليوم بصورة خاصة يعنون بتصفية البيئة من كل ما يؤثّر بالصحة البدنية والطب قائم اليوم على أساس يُقرّه الشرع بل قد جاء قبل الطب به ألا وهو الحجْر الطبي وذلك معناه أن الإنسان يجب قبل كل شيء أن يختار المناخ الصحي الذي يُساعده على أن يُحافظ على صحته ولا ينتقل إلىى أرض موبوءة، هذا مما يهتم به الناس اليوم كثيرا وكثيرا جدا.
أما الجانب الأخلاقي ومراعاة البيئة الصالحة فهذا مما لا يهتم به إلا المسلمون بخاصة وبعض الناس الأخرين من أصحاب الديانة الأخرى بقلة جدا ولذلك فقد يؤثّر من يُقيم بين ظهراني المشركين قد يتأثّر كثيرا وكثيرا جدا بهذه الإقامة وقد لمست أنا هذا في تطوافي في بعض البلاد لمس اليد بعد أن ءامنت بذلك إيمانا بالغيب لما قرأناه عليكم من بعض الأحاديث الصحيحة، خُلاصتها أن الجو الذي يحيط بالإنسان إن كان صالحا أثّر في المواطن أو الساكن في ذلك الجو خيرا وإلا أثّر فيه شرا، لمست هذا التأثير لمس اليد ومما وقع لي أنه كان قُدِّر لي أن أسافر إلى بريطانيا نفسها وطُفْت في بعض بلادها وكان الوقت يومئذ شهر رمضان فقيل لي بأنه هناك في بلدة بعيدة عن لندن نحو مائتين كيلومتر جالية إسلامية من الهنود أو الباكستانيين وأن عليها شخص فاضل ملتزم للكتاب وللسنّة فذهبنا إلى تلك القرية وجلسنا على مائدة الإفطار، وفعلا رأيت الرجل كما وُصِف لي ولكن رابني منه مظهره فإن مظهره بريطاني ليس مظهره مظهر المسلمين وذلك أنه لابس الجاكيت والبنطلون زائد العقدة هذه الجرافيت، ونحن نجلس أو نُفطر تكلّمنا في بعض المسائل الدينية فلفتت نظره إلى زيّه الذي ليس هو زي الباكستانيين المعروفين في كل البلاد، وبخاصة أنه عقد هذه العقدة على رقبته، ومن فضل الرجل أنه استجاب للنصيحة بعد أن ذكرت له بعض الأحاديث التي تنهى المسلمين عن التشبّه بالكافرين من ذلك قوله عليه الصلاة والسلام ( بُعثت بين يدي الساعة بالسيف حتى يعبد الله وحده لا شريك له وجعل رزقي تحت ظل رمحي وجعل الذل والصغار على من خالف أمري ومن تشبه بقوم فهو منهم ) وما كدت أنتهي من هذه الموعظة مع ذاك الرجل الفاضل حتى بادر وحلّ العقدة من رقبته ورمى بها أرضا، فشكرت له ذلك.
ولكن بقدر ما سرني استجابته الفعلية لموعظتي ساءني بعد ذلك تعليله لوضعه لهذه العقدة، وهنا الشاهد قال أنا إنما فعلت ذلك لأن أهل هذه البلاد يعني الأنجليز ينظرون إلى إخواننا الفلسطينيين نظرة بُغْض وحقد ومن شعار الفلسطينيين أنهم لا يضعون العقدة بل يفكّون الزر الأعلى وربما الأدنى قليلا بحيث يظهر شيء من العنق، هكذا حدّثني هناك، فينظر فلما كان الإنجليز ينظرون إلى هذا الجنس من المسلمين نظرة احتقار قال صاحبي فنحب حتى لا ينظر إلينا هؤلاء تلك النظرة نفسها وضعنا العقدة هذه، قلت له أسفا ليتك لم تتكلّم لأن هذا عذر كما يُقال شر من الذنب أو أقبح من الذنب، أنت تهتم بنظرة الكفار إلى إخوانك المسلمين نظرة احتقار فتتجاوب أنت مع هذه النظرة وتريد أن لا ينظر إليه أولئك تلك النظرة نفسها ويجمعك بين، يجمع بينك وبين الفلسطينيين الإيمان والتوحيد ويُفرّق بينك وبين الإنجليز الذين تسكن أنت بين ظهرانيهم الكفر والشرك والضلال.
هذه قصة من قصص كثيرة تدل على أن البيئة لها تأثيرها وهذا ظاهر جدا جدا حتى أن بعض أهل هذه البلاد نجدهم كما نراكم والحمد لله جميعا بأزياء عربية إسلامية، فإذا ما سافر بعضهم إلى تلك البلاد الغربيّة تغيّرت شخصيّته تغيّرا جذريا فرفع العِمامة هذه ورفع القلنسوة ولبس الجاكيت والبنطلون وعقد العقدة وصار إنسانا كأنه غير مسلم.
هذا يدل على أقل الأحوال أنه لا يعتز بدينه ولا يعتز بالتالي بقومه وبعاداتهم فلا يجوز للمسلم إذًا أن يتشبّه بالكفار ونحن نعلم أن الذي يعيش في بلاد الكفار ولو كان من قبل كافرا أنه لا يستطيع أن يتخلّص من أثار تلك البيئة الطالحة إلا بأن ينخلع منها انخلاعا وأن يُسافر إلى بلاد المسلمين.
لذلك قد جاء في القرأن الكريم أن الملائكة حينما تتولى قبض روح الكافر الذي لم يُهاجر إلى بلاد الإسلام ولم يؤمن بالإسلام (( ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها )) فالهجرة سنّة متّبعٌ من قديم الزمان، والسر في ذلك أن يتمكّن المسلم من المحافظة على دينه.
ومن الخطأ الفاحش جدا جدا جدا اليوم أن يُسمِّيَ المسلمون بعض المسلمين الذين يُسافرون من بلاد الإسلام إلى بلاد أخرى ليست دولة إسلامية ولا بلادا إسلامية كأمريكا فيُسمّوْن أنفسهم بالمهاجرين، وهذا قلب للحقيقة الشرعية فالمُهاجر أولا إنما هو كما قال عليه السلام في بعض الأحاديث الصحيحة ( من هجر ما نهى الله عنه ) ( المهاجر من هجر ما نهى الله عنه ) .
وهؤلاء الذين يُسافرون ولا أقول يهاجرون من بلاد الإسلام إلى بلاد الكفار صنعوا عكس الشرع، الشرع كما قلنا في هذه الكلمة إنما يأمر الكفار أن يُهاجروا من بلادهم إلى بلاد الإسلام فانقلبت مع الأسف الشديد هذه الحقيقة على بعض المسلمين فسمّوْا سفرهم من بلاد الإسلام إلى بلاد الكفر بالهجرة، والهجرة إنما تكون من بلاد الكفر إلى بلاد الإسلام أو في بعض الأحيان تكون الهجرة من بلاد الكفر إلى بلد أخر كافر لكن الحرية الدينية هناك خير من ذاك.
أما وبلاد الإسلام الأن موجودة والحمد لله ولذلك فمَنْ كان إسلامه إسلاما حقا فعليه أن يهْجر وطنه الكافر ويهاجر إلى وطنه المسلم لأن وطن المسلم هي كل بلاد الإسلام ولا تعصُّب بين المسلمين وتأقلم بإقليم خاص ففي أي بلد حل المسلم فهو بلده وبذلك يحافظ على إسلامه، من جهة الذي أسلم حديثا ومن جهة أخرى يُنمّيه ويُغذّيه ويتمكّن من أن يُربِّيَ نفسه وذويه بالأخلاق الإسلامية الأخرى، نحن طالما تكلّمنا بالنسبة للذين يُقيمون من المسلمين في بلاد الكفر، من أين يتعلّمون الإسلام لا يسعهم أن يتعلّموا الإسلام وأحكامه كيف يُخالط، يُعامل زوجته ويعامل أولاده ويعامل جيرانه ويُصحّح عقيدته قبل كل شيء، لا يمكنه ذلك إلا بالهجرة لذلك أمر الشرع كتابا وسنّة بهجر المسلم لبلاد الكفر إلى بلاد الإسلام، هذا ما عندي جوابا عن هذا السؤال.
الشيخ : هذا سؤال مهم وبخاصة بالنسبة لمن كان كافرا ثم هداه الله فأسلم.
ونحن نقول بصراحة يجب على كل مسلم في كل بلاد الله الواسعة إذا هداه الله للإسلام بعد أن كان كافرا ان يهاجر من تلك الأرض إلى أرض مسلمة تُقام فيها أحكام الله عز وجل لأن النبي صلى الله عليه وأله وسلم كان يقول ( المسلم والمشرك لا تتراءا نارهما ) يُشير عليه الصلاة والسلام في هذا الحديث الصحيح إلى ما كان عليه العرب قبل الإسلام وبخاصة البدو منهم حيث كان كل منهم يوقد نارا بين يدي خيمته فيقول صلى الله عليه وأله وسلم ينبغي على المسلم أن يكون مسكنه بعيدا عن مسكن المشرك بحيث لو أن كلا منهما أوقد نارا بين يدي خيمته لا تبدو نار أحدهما للأخر لبعد المسافة من بينهما، هذا معنى قوله عليه السلام ( المؤمن والمشرك لا تتراءا نارهما ) وفي الحديث الأخر ( من جامع المشرك فهو مثله ) أي من خالطه بجسده وسكنه ومعاملته وكان ذلك غالبا عليه فهو مثله في الضلال، وإن كانت نسبة الضلال تختلف كما ذلك في الإيمان، فكما أن الإيمان درجات فكذلك الضلال درجات، فمن جامع المشرك فهو مثله.
ثم أكد ذلك عليه الصلاة والسلام بعبارة فيها رهبة شديدة ألا وهي قوله عليه الصلاة والسلام ( أنا بريء من كل مسلم يقيم بين ظهراني المشركين ) والسبب في ذلك من الناحية النفسية أن الطبع سرّاق وبخاصة أنه يسرُق الشر ولا يمتص الخير إلا بصعوبة وقد أشار النبي صلى الله عليه وأله وسلم إلى هذه الحقيقة في بعض الأحاديث الصحيحة منها قوله صلى الله عليه وأله وسلم ( مثل الجليس الصالح كمثل بائع المسك إما أن يُحذيّك ) أي يُعطيك مجانا ( وإما أن تشتري منه وإما أن تشم منه رائحة طيبة ) يعني عليه الصلاة والسلام أن المسلم إذا خالط الناس الصالحين اكتسب منهم ولا بد وأدنى درجات الاكتساب في هذا المثال أن يشم منه رائحة سليمة وطيبة وبالعكس قال عليه السلام ( ومثل الجليس السوء كمثل الحداد إما أن يحرق ثيابك وإما أن تشم منه رائحة كريهة ) وباختصار هذا الحديث يعني أن الصاحب ساحب، الصاحب ساحب إن كان صالحا سحب جاره إلى الخير وإن كان طالحا فاسدا سحب جاره إلى الشر.
ثم حكى رسول الله صلى الله عليه وأله وسلم لنا مثالا واقعيا مما وقع في بعض الأمم من قبلنا، فقال عليه الصلاة والسلام ( قتل رجل ممن قبلكم تسعة وتسعين نفسا ثم أراد أن يتوب فسأل عن أعلم أهل الأرض فدل على راهب ) يعني دل على عابد ولكنه جاهل ليس بالعالم ( فجاءه وقال له أنا قتلت تسعة وتسعين نفسا وأريد أن أتوب فهل لي من توبة؟ قال قتلت تسعة وتسعين نفسا وتُريد أن تتوب لا توبة لك، فما كان من هذا القاتل إلا أن قتله وأكمل بذلك الرقم المائة نفس قتلها بغير حق ولكنه كان جادا في رجوعه إلى ربه وتوبته إليه فلم يزل يسأل عن أعلم أهل الأرض حتى دل في هذه المرة على عالم حقا فسأله وقال له إني قتلت مائة نفس بغير حق فهل لي من توبة؟ قال ومن يحول بينك وبين التوبة لكنك، هنا الشاهد ولكنك بأرض سوء فاخرج منها إلى البلدة الفلانية الصالح أهلها، فخرج من بلدته يمشي تائبا إلى ربه إلى تلك البلدة الصالح أهلها باعتبار أن العالم نصحه بذلك، وفي الطريق جاءه الأجل فاختلفت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب، كل يدعي أنه من حقّه، ملائكة العذاب يعرفون من حياته الشر المستطير ولذلك فهم يرون أن يتولّوْا قبض روحه وملائكة الرحمة يرون كما قال الرسول عليه الصلاة والسلام في حديث أخر إنما الأعمال بالخواتيم وهذا رجل خرج تائبا إلى ربه فهو من حقّنا نحن ملائكة الرحمة أن نتولّى قبض روحه، فأرسل الله إليهم حكما فقال لهم قيسوا ما بينه وبين كل من القريتين فإلى أيهما كان أقرب فألحقوه بأهلها فقاسوا فوجدوه أقرب إلى القرية الصالح أهلها بنحو ميْل الرجل في أثناء مشيه أن الرجل لا يمشي هكذا وإنما يمشي هكذا هذه الميلة هي التي رجّحت المسافة القريبة منه إلى القرية الصالح أهلها، فتولت ملائكة الرحمة قبض روحه ) .
والشاهد من هذا الحديث الصحيح وهو في "الصحيحين البخاري ومسلم" الشاهد منه أن هذا العالم الفاضل عرف أن هذا الرجل الذي بلغت به الجرأة إلى أن يقتل تسعة وتسعين نفسا من قبل ثم أتم العدد بذلك العابد الجاهل فصار القتلة الذين قتلهم مائة بغير حق، يُشير هذا العالم أن هذه الأمارة بالسوء إنما ساعدها على ذلك البيئة التي كان يعيش فيها وقضى شطر حياته الأكبر فيها ولذلك نصحه بأن ينتقل من تلك البلد الشريرة إلى البلدة الصالحة.
والأحاديث التي تؤكّد هذه الحقيقة أن البيئة تؤثّر في الإنسان صلاحا أو طلاحا، ومن العجائب أن البيئة تؤثّر من الناحية الأخلاقية والإيمانية كما تؤثّر من الناحية الطبية والناس اليوم بصورة خاصة يعنون بتصفية البيئة من كل ما يؤثّر بالصحة البدنية والطب قائم اليوم على أساس يُقرّه الشرع بل قد جاء قبل الطب به ألا وهو الحجْر الطبي وذلك معناه أن الإنسان يجب قبل كل شيء أن يختار المناخ الصحي الذي يُساعده على أن يُحافظ على صحته ولا ينتقل إلىى أرض موبوءة، هذا مما يهتم به الناس اليوم كثيرا وكثيرا جدا.
أما الجانب الأخلاقي ومراعاة البيئة الصالحة فهذا مما لا يهتم به إلا المسلمون بخاصة وبعض الناس الأخرين من أصحاب الديانة الأخرى بقلة جدا ولذلك فقد يؤثّر من يُقيم بين ظهراني المشركين قد يتأثّر كثيرا وكثيرا جدا بهذه الإقامة وقد لمست أنا هذا في تطوافي في بعض البلاد لمس اليد بعد أن ءامنت بذلك إيمانا بالغيب لما قرأناه عليكم من بعض الأحاديث الصحيحة، خُلاصتها أن الجو الذي يحيط بالإنسان إن كان صالحا أثّر في المواطن أو الساكن في ذلك الجو خيرا وإلا أثّر فيه شرا، لمست هذا التأثير لمس اليد ومما وقع لي أنه كان قُدِّر لي أن أسافر إلى بريطانيا نفسها وطُفْت في بعض بلادها وكان الوقت يومئذ شهر رمضان فقيل لي بأنه هناك في بلدة بعيدة عن لندن نحو مائتين كيلومتر جالية إسلامية من الهنود أو الباكستانيين وأن عليها شخص فاضل ملتزم للكتاب وللسنّة فذهبنا إلى تلك القرية وجلسنا على مائدة الإفطار، وفعلا رأيت الرجل كما وُصِف لي ولكن رابني منه مظهره فإن مظهره بريطاني ليس مظهره مظهر المسلمين وذلك أنه لابس الجاكيت والبنطلون زائد العقدة هذه الجرافيت، ونحن نجلس أو نُفطر تكلّمنا في بعض المسائل الدينية فلفتت نظره إلى زيّه الذي ليس هو زي الباكستانيين المعروفين في كل البلاد، وبخاصة أنه عقد هذه العقدة على رقبته، ومن فضل الرجل أنه استجاب للنصيحة بعد أن ذكرت له بعض الأحاديث التي تنهى المسلمين عن التشبّه بالكافرين من ذلك قوله عليه الصلاة والسلام ( بُعثت بين يدي الساعة بالسيف حتى يعبد الله وحده لا شريك له وجعل رزقي تحت ظل رمحي وجعل الذل والصغار على من خالف أمري ومن تشبه بقوم فهو منهم ) وما كدت أنتهي من هذه الموعظة مع ذاك الرجل الفاضل حتى بادر وحلّ العقدة من رقبته ورمى بها أرضا، فشكرت له ذلك.
ولكن بقدر ما سرني استجابته الفعلية لموعظتي ساءني بعد ذلك تعليله لوضعه لهذه العقدة، وهنا الشاهد قال أنا إنما فعلت ذلك لأن أهل هذه البلاد يعني الأنجليز ينظرون إلى إخواننا الفلسطينيين نظرة بُغْض وحقد ومن شعار الفلسطينيين أنهم لا يضعون العقدة بل يفكّون الزر الأعلى وربما الأدنى قليلا بحيث يظهر شيء من العنق، هكذا حدّثني هناك، فينظر فلما كان الإنجليز ينظرون إلى هذا الجنس من المسلمين نظرة احتقار قال صاحبي فنحب حتى لا ينظر إلينا هؤلاء تلك النظرة نفسها وضعنا العقدة هذه، قلت له أسفا ليتك لم تتكلّم لأن هذا عذر كما يُقال شر من الذنب أو أقبح من الذنب، أنت تهتم بنظرة الكفار إلى إخوانك المسلمين نظرة احتقار فتتجاوب أنت مع هذه النظرة وتريد أن لا ينظر إليه أولئك تلك النظرة نفسها ويجمعك بين، يجمع بينك وبين الفلسطينيين الإيمان والتوحيد ويُفرّق بينك وبين الإنجليز الذين تسكن أنت بين ظهرانيهم الكفر والشرك والضلال.
هذه قصة من قصص كثيرة تدل على أن البيئة لها تأثيرها وهذا ظاهر جدا جدا حتى أن بعض أهل هذه البلاد نجدهم كما نراكم والحمد لله جميعا بأزياء عربية إسلامية، فإذا ما سافر بعضهم إلى تلك البلاد الغربيّة تغيّرت شخصيّته تغيّرا جذريا فرفع العِمامة هذه ورفع القلنسوة ولبس الجاكيت والبنطلون وعقد العقدة وصار إنسانا كأنه غير مسلم.
هذا يدل على أقل الأحوال أنه لا يعتز بدينه ولا يعتز بالتالي بقومه وبعاداتهم فلا يجوز للمسلم إذًا أن يتشبّه بالكفار ونحن نعلم أن الذي يعيش في بلاد الكفار ولو كان من قبل كافرا أنه لا يستطيع أن يتخلّص من أثار تلك البيئة الطالحة إلا بأن ينخلع منها انخلاعا وأن يُسافر إلى بلاد المسلمين.
لذلك قد جاء في القرأن الكريم أن الملائكة حينما تتولى قبض روح الكافر الذي لم يُهاجر إلى بلاد الإسلام ولم يؤمن بالإسلام (( ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها )) فالهجرة سنّة متّبعٌ من قديم الزمان، والسر في ذلك أن يتمكّن المسلم من المحافظة على دينه.
ومن الخطأ الفاحش جدا جدا جدا اليوم أن يُسمِّيَ المسلمون بعض المسلمين الذين يُسافرون من بلاد الإسلام إلى بلاد أخرى ليست دولة إسلامية ولا بلادا إسلامية كأمريكا فيُسمّوْن أنفسهم بالمهاجرين، وهذا قلب للحقيقة الشرعية فالمُهاجر أولا إنما هو كما قال عليه السلام في بعض الأحاديث الصحيحة ( من هجر ما نهى الله عنه ) ( المهاجر من هجر ما نهى الله عنه ) .
وهؤلاء الذين يُسافرون ولا أقول يهاجرون من بلاد الإسلام إلى بلاد الكفار صنعوا عكس الشرع، الشرع كما قلنا في هذه الكلمة إنما يأمر الكفار أن يُهاجروا من بلادهم إلى بلاد الإسلام فانقلبت مع الأسف الشديد هذه الحقيقة على بعض المسلمين فسمّوْا سفرهم من بلاد الإسلام إلى بلاد الكفر بالهجرة، والهجرة إنما تكون من بلاد الكفر إلى بلاد الإسلام أو في بعض الأحيان تكون الهجرة من بلاد الكفر إلى بلد أخر كافر لكن الحرية الدينية هناك خير من ذاك.
أما وبلاد الإسلام الأن موجودة والحمد لله ولذلك فمَنْ كان إسلامه إسلاما حقا فعليه أن يهْجر وطنه الكافر ويهاجر إلى وطنه المسلم لأن وطن المسلم هي كل بلاد الإسلام ولا تعصُّب بين المسلمين وتأقلم بإقليم خاص ففي أي بلد حل المسلم فهو بلده وبذلك يحافظ على إسلامه، من جهة الذي أسلم حديثا ومن جهة أخرى يُنمّيه ويُغذّيه ويتمكّن من أن يُربِّيَ نفسه وذويه بالأخلاق الإسلامية الأخرى، نحن طالما تكلّمنا بالنسبة للذين يُقيمون من المسلمين في بلاد الكفر، من أين يتعلّمون الإسلام لا يسعهم أن يتعلّموا الإسلام وأحكامه كيف يُخالط، يُعامل زوجته ويعامل أولاده ويعامل جيرانه ويُصحّح عقيدته قبل كل شيء، لا يمكنه ذلك إلا بالهجرة لذلك أمر الشرع كتابا وسنّة بهجر المسلم لبلاد الكفر إلى بلاد الإسلام، هذا ما عندي جوابا عن هذا السؤال.
ما معنى التدليس ؟، ومن هو المدلس ؟، وأشهر المدلسين ؟
السائل : بسم الله الرحمان الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله اللهم بارك في عمره وفي وقته، ما معنى التدليس؟ ومن هو المدلس؟ وأنواع التدليس وأشهر المدلسين؟
الشيخ : التدليس في علم الحديث أن يروي الإنسان عن راوٍ في الظاهر هو شيخه ولكن يروي عنه ما لم يسمع منه، إذا كان هناك راوٍ له شيخ معروف بالرواية عنه ولكن بعض الأحاديث لم يسمعها منه مباشرة إنما سمعها بواسطة بينه وبين شيخه ثم يروي حديثا من هذه الأحاديث عنه، لا يقول في روايته عنه كما هي عادته حدّثني شيخي فلان وإنما يقول قال فلان أو رويت عن فلان يأتي بلفظة توهم السامع أنه تلقّى الحديث عنه كما هي عادته بالسماع منه لكنه في الواقع لم يسمعه منه ولا يُريد لأمر ما ولا يُريد أن يُعلم السامعين بأن هذا الحديث ليس كالأحاديث التي أرويها عنه سماعا وإنما رويته بالواسطة، لا يُريد أن يُبيّن للناس هذه الحقيقة لسبب أو أخر فأحاول أن أذكر بعض هذه الأسباب.
فلهذه الغاية يتجنّب التصريح بالتحديث لأنه لو صرّح بالتحديث ولم يسمع منه يكون كاذبا وهو يعلم أن الكذب حرام وأنه لو كذب حُشِر والحالة هذه في زمرة الكذّابين فهو لا يكذب وهو يخشى الله ولكنه يأتي بعبارة توهم السامعين أنه سَمِع الحديث من شيخه والواقع أنه لم يسمع ذلك، لذلك سمّاه علماء الحديث تدليسا، ذلك لما فيه من إيهام السماع وهو لم يسمع، وهذا التدليس نوع من أنواع التدليس ويسمى بتدليس الإسناد والذي يدفع بعض المدلّسين على هذا النوع من التدليس أسباب كثيرة بعضها مُغتفرة وبعضها يُؤاخذ عليها بحيث أنه لو تبيّن أن المُدلّس من هذا النوع قصد هذا الجنس الثاني من السبب يسقط حديثه.
من الأسباب التي تدفع المدلس على التدليس ولا تُسقط به عدالته أن يكون شيخه مثلا أصغر منه سنا فلا يروق له أن يروي عن من هو أصغر منه سنا أمر شكلي محض لكنه لا يقصد ما سيقصده الجنس الثاني من المدلّسين أو لا يروي عن شخص لا يُصرح باسمه لأمور سياسية مثلا، قد يكون شيخه من الأشخاص الذين تُراقبهم الدولة في ذلك الزمان وتُحاول القبض عليه وهو لا يُريد أن يقول حدثني فلان لأن الدولة ربما تأتيه وتسأله أين لقيت فلان؟ وأين اجتمعت بفلان؟ فيقع في مشكلة سياسية فهو يُريد أن يجتنبها فلا يُسمّي شيخه لهذا السبب.
هذه بعض الأمثلة التي يلجأ إليها بعض المدلسين لإسقاط الواسطة بينه وبين شيخه الذي هو من عادته أن يرويَ عنه بالسماع، أما النوع الثاني من أسباب التدليس فهو قبيح جدا ومن ثبت ذلك عنه تسقط عدالته كأن يُسقط الشيخ لعلمه بأنه ضعيف لا يُحتج به، فهو يسقط الشيخ الضعيف بينه وبين شيخ شيخه ليُظهر الإسناد سالما من الضعف، وهذا بلا شك كما ترون برؤية واضحة جدا أنه تدليس خبيث لأنه يُظهر السند الضعيف بمظهر السند الصحيح وفيه خيانة في أداء الأمانة العلمية لا يجوز للمسلم أن يقع في مثلها.
هذا النوع من التدليس يُسمّى كما قلنا تدليس الإسناد، هناك نوع أخر وهو في مظهره أخبث من الأول لأنه أخفى منه ولكن أيضا يرِد عليه الأسباب التي أشرنا إليها أنفا وذكرنا بعضها فيعالَج هذا المدلس بنفس الأسباب إن كانت جائزة أو كانت مُحرّمة، هذا التدليس يسمّى بتدليس التسوية وذلك بأن يأتي الراوي من رواة الحديث لا يُسقط الشيخ الذي بينه وبين شيخه فهو قد يقول حدّثني فلان ولكنه يُسقط شيخ شيخه من فوق فيظهر للرواي أو للسامع لهذا الإسناد أن الإسناد سالم من أي علة لأن هذا المدلس قد صرّح بالتحديث عن شيخه ولكن لا يخطر في بال السامع أو ... الإسناد أن التدليس إنما هو من فوق شيخه.
وقد ذكر علماء المصطلح مثالا في هذا أن الوليد بن مسلم كان راويةً عن الإمام الأوزاعي إمام أهل الشام في زمانه فكان الأوزاعي يروي من جُملة ما يروي عن بعض شيوخه المتروكين واسمه يوسف بن، نسيت ابن من الأن، فكان الوليد ين مسلم إذا روى عن الأوزاعي يُسقط شيخ الأوزاعي فيقول مثلا حدثني الأوزاعي عن فلان أي شيخ شيخ الأوزاعي الذي اسمه يوسف فانتبَهَ لذلك بعض المحدّثين فسألوه عن ذلك كيف أنت تفعل هذا فتسقط هذا الرجل المتهم المتروك؟ فيقول انظروا الأن كيف أن أراء الناس تختلف و تضطرب كل الاضطراب، فيقول إني أجِلّ الإمام الأوزاعي أن يروِيَ عن رجل متروك كمثل يوسف هذا، فقال له الناقد البصير أنت تُجِلّ الإمام الأوزاعي عن شيء فعله روى عن هذا المتروك ثم لا تُبالي أن تظهر الحديث الضعيف.
ضعيف جدا في مظهر الحديث الصحيح من أجل أن ترفع من مقام الإمام الأوزاعي أنه يروي عن هذا المتروك وقد روى؟ فهنا انتهت القصة وفيه بيان أن تدليس التسوية أخبث من تدليس الإسناد لأنه يُسقط من فوق حيث لا يخطر في البال عادة أن التدليس والإسقاط للرجل لا يكون إلا من بين الراوي وشيخه مباشرة، بينما هناك هذا النوع من تدليس الشيوخ.
ولذلك فهذا النوع من التدليس إذا كان الراوي يروي حديثا يشترط المحدّثون أن يكون إسناده مسلسلا بالسماع أو التحديث، في كل الطبقات وفي كل الدرجات، من عند الراوي المتهم بالتدليس إلى الصحابي الذي روى الحديث عن النبي صلى الله عليه وأله وسلم سماعا منه.
هذا نوع ثاني من أنواع التدليس وهناك نوع ثالث وهو ما يُسمّى ب"تدليس الشيوخ"، يكون الشيخ مشهورا عند المحدّثين باسمه فيأتي المدلس ويَكْنيه بكنيته ولا يُسميه باسمه، تعمية لحاله على الناس أو يكون مشهورا بكنيته فيُسمّيه باسمه الذي لم يُشتهر به، كل ذلك تعمية لحاله والأسباب التي ذكرناها فيما سبق أيضا ترد ها هنا فلا ينبغي أن نتصوّر من مُجرّد أن نسمع عن زيد من الناس أنه مدلّس أن نقول أعوذ بالله كيف هذا يُدلّس لأن التدليس قد ذكرنا قد يكون لأمر لا تمس عدالة المدلس، من أشهر المدلسين من التابعين الحسن البصري وهو من كبار علماء التابعين وزهادهم فهل إذا رأينا في كتب الجرح والتعديل الحسن البصري مُدلّس يُسقط تدليسه عدالته؟ الجواب لا شيء من ذلك إلا لو ثبت وحاشاه أن يثبت هذا عن الحسن البصري أنه كان يروي عمن لقيه ما لم يسمع منه إظهارا لصحة الإسناد والذي أسقطه هو ضعيف عنده والأقرب كما يقول بعض المؤلفين المعاصرين أن الحسن البصري عاش في زمن الخِلاف بين بعض الدول كالعباسيين مع الأمويين فكان هناك عداء، عداوات سياسية فكان يروي عن بعض الأشخاص الثقات ممن لهم موقف خاص من بعض الحكّام فيُسقطه لكيلا يُؤاخذ بالرواية عنه وليس يفعل ذلك سترا عن ضعف الذي أسقطه.
هذا ما يمكن ذكره جوابا عن السؤال عن التدليس وأنواعه، تفضل.
الشيخ : التدليس في علم الحديث أن يروي الإنسان عن راوٍ في الظاهر هو شيخه ولكن يروي عنه ما لم يسمع منه، إذا كان هناك راوٍ له شيخ معروف بالرواية عنه ولكن بعض الأحاديث لم يسمعها منه مباشرة إنما سمعها بواسطة بينه وبين شيخه ثم يروي حديثا من هذه الأحاديث عنه، لا يقول في روايته عنه كما هي عادته حدّثني شيخي فلان وإنما يقول قال فلان أو رويت عن فلان يأتي بلفظة توهم السامع أنه تلقّى الحديث عنه كما هي عادته بالسماع منه لكنه في الواقع لم يسمعه منه ولا يُريد لأمر ما ولا يُريد أن يُعلم السامعين بأن هذا الحديث ليس كالأحاديث التي أرويها عنه سماعا وإنما رويته بالواسطة، لا يُريد أن يُبيّن للناس هذه الحقيقة لسبب أو أخر فأحاول أن أذكر بعض هذه الأسباب.
فلهذه الغاية يتجنّب التصريح بالتحديث لأنه لو صرّح بالتحديث ولم يسمع منه يكون كاذبا وهو يعلم أن الكذب حرام وأنه لو كذب حُشِر والحالة هذه في زمرة الكذّابين فهو لا يكذب وهو يخشى الله ولكنه يأتي بعبارة توهم السامعين أنه سَمِع الحديث من شيخه والواقع أنه لم يسمع ذلك، لذلك سمّاه علماء الحديث تدليسا، ذلك لما فيه من إيهام السماع وهو لم يسمع، وهذا التدليس نوع من أنواع التدليس ويسمى بتدليس الإسناد والذي يدفع بعض المدلّسين على هذا النوع من التدليس أسباب كثيرة بعضها مُغتفرة وبعضها يُؤاخذ عليها بحيث أنه لو تبيّن أن المُدلّس من هذا النوع قصد هذا الجنس الثاني من السبب يسقط حديثه.
من الأسباب التي تدفع المدلس على التدليس ولا تُسقط به عدالته أن يكون شيخه مثلا أصغر منه سنا فلا يروق له أن يروي عن من هو أصغر منه سنا أمر شكلي محض لكنه لا يقصد ما سيقصده الجنس الثاني من المدلّسين أو لا يروي عن شخص لا يُصرح باسمه لأمور سياسية مثلا، قد يكون شيخه من الأشخاص الذين تُراقبهم الدولة في ذلك الزمان وتُحاول القبض عليه وهو لا يُريد أن يقول حدثني فلان لأن الدولة ربما تأتيه وتسأله أين لقيت فلان؟ وأين اجتمعت بفلان؟ فيقع في مشكلة سياسية فهو يُريد أن يجتنبها فلا يُسمّي شيخه لهذا السبب.
هذه بعض الأمثلة التي يلجأ إليها بعض المدلسين لإسقاط الواسطة بينه وبين شيخه الذي هو من عادته أن يرويَ عنه بالسماع، أما النوع الثاني من أسباب التدليس فهو قبيح جدا ومن ثبت ذلك عنه تسقط عدالته كأن يُسقط الشيخ لعلمه بأنه ضعيف لا يُحتج به، فهو يسقط الشيخ الضعيف بينه وبين شيخ شيخه ليُظهر الإسناد سالما من الضعف، وهذا بلا شك كما ترون برؤية واضحة جدا أنه تدليس خبيث لأنه يُظهر السند الضعيف بمظهر السند الصحيح وفيه خيانة في أداء الأمانة العلمية لا يجوز للمسلم أن يقع في مثلها.
هذا النوع من التدليس يُسمّى كما قلنا تدليس الإسناد، هناك نوع أخر وهو في مظهره أخبث من الأول لأنه أخفى منه ولكن أيضا يرِد عليه الأسباب التي أشرنا إليها أنفا وذكرنا بعضها فيعالَج هذا المدلس بنفس الأسباب إن كانت جائزة أو كانت مُحرّمة، هذا التدليس يسمّى بتدليس التسوية وذلك بأن يأتي الراوي من رواة الحديث لا يُسقط الشيخ الذي بينه وبين شيخه فهو قد يقول حدّثني فلان ولكنه يُسقط شيخ شيخه من فوق فيظهر للرواي أو للسامع لهذا الإسناد أن الإسناد سالم من أي علة لأن هذا المدلس قد صرّح بالتحديث عن شيخه ولكن لا يخطر في بال السامع أو ... الإسناد أن التدليس إنما هو من فوق شيخه.
وقد ذكر علماء المصطلح مثالا في هذا أن الوليد بن مسلم كان راويةً عن الإمام الأوزاعي إمام أهل الشام في زمانه فكان الأوزاعي يروي من جُملة ما يروي عن بعض شيوخه المتروكين واسمه يوسف بن، نسيت ابن من الأن، فكان الوليد ين مسلم إذا روى عن الأوزاعي يُسقط شيخ الأوزاعي فيقول مثلا حدثني الأوزاعي عن فلان أي شيخ شيخ الأوزاعي الذي اسمه يوسف فانتبَهَ لذلك بعض المحدّثين فسألوه عن ذلك كيف أنت تفعل هذا فتسقط هذا الرجل المتهم المتروك؟ فيقول انظروا الأن كيف أن أراء الناس تختلف و تضطرب كل الاضطراب، فيقول إني أجِلّ الإمام الأوزاعي أن يروِيَ عن رجل متروك كمثل يوسف هذا، فقال له الناقد البصير أنت تُجِلّ الإمام الأوزاعي عن شيء فعله روى عن هذا المتروك ثم لا تُبالي أن تظهر الحديث الضعيف.
ضعيف جدا في مظهر الحديث الصحيح من أجل أن ترفع من مقام الإمام الأوزاعي أنه يروي عن هذا المتروك وقد روى؟ فهنا انتهت القصة وفيه بيان أن تدليس التسوية أخبث من تدليس الإسناد لأنه يُسقط من فوق حيث لا يخطر في البال عادة أن التدليس والإسقاط للرجل لا يكون إلا من بين الراوي وشيخه مباشرة، بينما هناك هذا النوع من تدليس الشيوخ.
ولذلك فهذا النوع من التدليس إذا كان الراوي يروي حديثا يشترط المحدّثون أن يكون إسناده مسلسلا بالسماع أو التحديث، في كل الطبقات وفي كل الدرجات، من عند الراوي المتهم بالتدليس إلى الصحابي الذي روى الحديث عن النبي صلى الله عليه وأله وسلم سماعا منه.
هذا نوع ثاني من أنواع التدليس وهناك نوع ثالث وهو ما يُسمّى ب"تدليس الشيوخ"، يكون الشيخ مشهورا عند المحدّثين باسمه فيأتي المدلس ويَكْنيه بكنيته ولا يُسميه باسمه، تعمية لحاله على الناس أو يكون مشهورا بكنيته فيُسمّيه باسمه الذي لم يُشتهر به، كل ذلك تعمية لحاله والأسباب التي ذكرناها فيما سبق أيضا ترد ها هنا فلا ينبغي أن نتصوّر من مُجرّد أن نسمع عن زيد من الناس أنه مدلّس أن نقول أعوذ بالله كيف هذا يُدلّس لأن التدليس قد ذكرنا قد يكون لأمر لا تمس عدالة المدلس، من أشهر المدلسين من التابعين الحسن البصري وهو من كبار علماء التابعين وزهادهم فهل إذا رأينا في كتب الجرح والتعديل الحسن البصري مُدلّس يُسقط تدليسه عدالته؟ الجواب لا شيء من ذلك إلا لو ثبت وحاشاه أن يثبت هذا عن الحسن البصري أنه كان يروي عمن لقيه ما لم يسمع منه إظهارا لصحة الإسناد والذي أسقطه هو ضعيف عنده والأقرب كما يقول بعض المؤلفين المعاصرين أن الحسن البصري عاش في زمن الخِلاف بين بعض الدول كالعباسيين مع الأمويين فكان هناك عداء، عداوات سياسية فكان يروي عن بعض الأشخاص الثقات ممن لهم موقف خاص من بعض الحكّام فيُسقطه لكيلا يُؤاخذ بالرواية عنه وليس يفعل ذلك سترا عن ضعف الذي أسقطه.
هذا ما يمكن ذكره جوابا عن السؤال عن التدليس وأنواعه، تفضل.
الحافظ ابن حجر ذكر الأعمش في الطبقة الثانية في طبقات المدلسين مع أنّه اشتهر الآن أنّه مدلس فإذا عنعن فلا يقبل تحديثه فإنّ ابن حجر ذكره في طبقة المقبولين هذا أولا والثاني أبو الزبير المكي فإن بعضهم نقل كثيرا عن حفاظ المتقدمين ما أحد منهم ذكر أنّه مدلس إلى عصر الدراقطني والنسائي ويعتبرون من المتأخرين بالنسبة لهم فهؤلاء أول من ذكر أنّه يدلس فما رأيك في هذا ؟
السائل : أولا عن الأعمش، الحافظ ابن حجر ذكر الأعمش في الطبقة الثانية من طبقات المدلسين مع أنه يشتهر الأن أنه يعني مدلس فإذا عنعن فلا يُقبل سماعه أو تحديثه بينما الحافظ ابن حجر ذكره في طبقة المقبولين، هذا أولا والثاني عن أبي الزبير المكي الذي ممدوح هذا الذي رد عليك في "تنبيه المسلم" نقل كثيرا عن الحفاظ المتقدمين أنه ما أحد منهم ذكر أنه مُدلس إلى عصر الدارقطني والنسائي ويعتبرون من المتأخّرين بالنسبة له، فهؤلاء هم أول من ذكر أنه يُدلس فما رأيك في هذا؟
الشيخ : جوابي على هذا بناء على القواعد الحديثية أو بناء على بعض القواعد الحديثية التي منها " من حفظ حجة على من لم يحفظ " ومنها " الجرح مُقدّم على التعديل " والتدليس جرح معروف واضح ليس جرحا مُبهما فإذا جمعنا بين هاتين القاعدتين سقط الاحتجاج بأن المتقدّمين ما وصفوا فلانا بالتدليس وإنما بعض المتأخّرين لأن الجواب سنقول عليه، هل هذا الجرح صحيح أم مخالف للواقع؟ مخالف لمن تقدّم، هذا صحيح لأنهم لم يذكروا فيه تدليسا، لكن بعض من تأخّر من الحفاظ قد ذكروا فيه أعني في الراوي فلان أو فلان لا يهمنا الأن التحديد، قد ذكروا فيه تدليسا، فمن حفظ حجة على من لم يحفظ والتدليس علّة وجرح مُفسّر فينبغي الاعتماد على هذا الجرح ولو صدر من بعض الحفّاظ المتأخّرين.
وبخصوص الشخصين المذكورين أنفا الأعمش وأبي الزبير، الأعمش قد وُصِف بالتدليس فعلا ولكن لكثرة حديثه قد سلّك صاحبا الصحيحين حديثه مسلك الاعتماد على حديثه ولو كان حديثه معنعنا لأن تدليسه بجانب كثرة حديثه قليل جدا.
ومع ذلك فعلماء الحديث حينما يصنّفون المدلسين بتلك الطبقات كما أشرتَ عن الحافظ ابن حجر فهذا بالنسبة لبحثهم واستقراءهم لكن لا يعنون بذلك أن هذا المدلس الذي وضعه ابن حجر مثلا في المرتبة الثانية لا يكون تدليسه أحيانا سبب ضعفٍ في الحديث لكن الأصل أنهم يُسلكون تدليسه إلا إذا بدا لهم أن في حديث ما رووْه إشكالا من الناحية الشرعية كأن يكون مثلا فيه نكارة في المتن فيحاولون أن يجدوا في إسناد هذا الحديث الذي فيه نوع من النكارة فيبحثون بدقة متناهية فيقفون عند هذه العنعنة، هنا يقولون عنعنة هذا الإسناد هو تدليس الأعمش، فإذًا هم يغضّون النظر عن تدليسه غالبا ويعلّلون بتدليسه بعض الأحاديث أحيانا إذا ما تبيّن لهم أن في المتن شيء من النكارة تدل عليه عمومات الشريعة.
أما بالنسبة لأبي الزبير، أبو الزبير هذا قد روى له مسلم كثيرا عن جابر رضي الله عنه وقد وُصِف بالتدليس إلا في ما إذا روى الليث ابن سعد عنه فيُحمل على السماع لما ثبت عند المحدّثين أن الليث بن سعد وهو إمام من أئمة المسلمين قُرِن مع الإمام مالك رحمه الله بل فضّله بعضهم عليه في الحديث والفقه إلا أن بعض الأذكياء قال الفرق بينهما أن أصحاب مالك حفظوه بالعناية بأحاديثه وبفقهه أما أصحاب الليث فضيّعوه ولذلك لم يشتهر اشتهار الإمام مالك وإلا هو مثله أو هو أجلّ منه، الليث بن سعد هذا وهو مصري مشهور بالجلالة والفقه والعلم تنبّه لتدليس أبي الزبير قديما.
ولذلك جاءه فسأله سؤالا صريحا ومثل هذا قلما نجده في الرواة الذين وصفوا بالتدليس سواء كان الواصفون له به قدامى أو محدثين، لا نجد هذا الجواب، هذا السؤال الصريح يُوجّه إليه بصراحة فيقول الليث ابن سعد لأبي الزبير هذه الأحاديث التي ترويها عن جابر كلها سمعتَها منه؟ قال لا، وهذا من إنصاف أبي الزبير وهذا مما نجّاه من أن يُسقِط علماء الحديث عدالته فكان عندهم ثقة ولكنه لما صرّح بأن هذه الأحاديث التي يرويها عن جابر بعضها سمعها منه والبعض الأخر لم يسمعها منه صنّفوه في زمرة المدلسين، وانتبه كما قلت لذلك الليث بن سعد فسأله ذلك السؤال فأجاب بصراحته المذكورة هنا أنه لم يسمع كل الأحاديث التي يرويها عن جابر، قال فعلِّم لي على الأحاديث التي سمعتها منه فعلّمها له فكان الليث بن سعد يروي عن أبي الزبير الأحاديث التي سمعها عن جابر.
وإذ الأمر كذلك فالعلماء النقاد كالدارقطني وغيره إذا وجدوا حديثا في "صحيح مسلم" من رواية أبي الزبير عن جابر بل بعضهم ومن روايته عن غير جابر يتوقّفون عن الاحتجاج به لما ثبت أنه لم يسمع كل أحاديث أبي الزبير.
وإخراج مسلم لأحاديث أبي الزبير لا يستلزم الحقيقة التالية التي يغفُل عنها ذاك المعتدي المصري، وهذه الحقيقة هي ليس عندنا ما يدلنا على أن أبا الزبير كان عند الإمام مسلم معروفا بالتدليس ومع ذلك روى عنه، فلا يصح والحالة هذه أن يُقال إن تدليس أبي الزبير غير ثابت لرواية الإمام مسلم عنه عن جابر لأننا نقول كما قلنا في مطلع هذا الجواب " من حفظ حجة على من لم يحفظ " ولذلك صرّح بعض النقّاد المتأخّرين الجامعين للاطلاع على أقوال المتقدمين والمتأخّرين في الرواة ألا وهو الإمام الذهبي حيث قال لما ترجم لأبي الزبير ووثّقه وبيّن أنه مُتهم بالتدليس قال ففي القلب فيما يرويه الإمام مسلم عن أبي الزبير عن جابر شيء، لماذا؟ لأنه ثبت وصفه بالتدليس وليس جرحا مرفوضا بل هو جرح مقبول، على ذلك جرى بعض الحفّاظ الذين تلوا الطبقة الأتية بعد الإمام الدارقطني وأمثاله على إعلال أحاديث أبي الزبير عن جابر بالتدليس، في مقدمتهم عبد الحق الإشبيلي الأندلسي فإنه كثيرا ما يُعلّل الأحاديث المرويّة عن أبي الزبير عن جابر بالتدليس في كتابه "الأحكام" وله ثلاثة كتب "الأحكام الكبرى" و "الأحكام الوسطى" و "الأحكام الصغرى" أصل هذه الكتب الثلاثة أولها، "الأحكام الكبرى" وهو كتاب جامع من أحسن الكتب التي تُساعد الباحثين والمحقّقين على التحقيق في الأحاديث وتتبّع الطرق لأن عبد الحق الإشبيلي هذا في كتابه "الأحكام الكبرى" ينقل الأحاديث من كتب السنّة بأسانيدها حتى ما ينقله عن البخاري ومسلم يقول البخاري، هكذا يبدأ ما يقول روى البخاري البخاري حدثني فلان عن فلان يسوق السند إلى الرسول عليه السلام، مسلم، أبو داود يذكر أحاديث الكتب الستة وغيرها من كتب السنن الأخرى التي كانت وقعت له، فيستطيع طالب العلم بهذا الكتاب مثلا حتى في هذا الزمان الذي بدأت كتب السنّة تُنْشر بصورة فائقة جدا والحمد لله، يجد في هذا الكتاب أسانيد بعض الكتب لا يجدها حتى اليوم في المطبوعات لأنها لم تُطبع مثل مثلا "مسند البزار" فهو ينقل الأحاديث التي يذكرها في "الأحكام الكبرى" عن البزار بسند البزار، نحن كثيرا ما نعيى ونتعب لمعرفة إسناد البزار فلا نجد له أثرا إلا في "كشف الأستار" مثلا وهذا خاص بالزوائد على الكتب الستة لكن أحيانا يكون البزار قد تفرّد بزيادة يذكرها بعض الحفاظ كالزيلعي والعسقلاني ونحوهما ويسكتان عن إسنادها فنحاول أن نعثُر على سندها فنعود إلى "كشف الأستار" فلا نجد السند لما تقيّد به من شرط، فإذا ما رجعنا إلى "الأحكام الكبرى" للإشبيلي استفدنا إسناده من هناك.
هذا شيء من ترجمة "الأحكام الكبرى" أما "الأحكام الصغرى" فهو أفيد للمبتدئين في هذا العلم لأنه حذف الأسانيد واقتصر على التخريج زائدأنه يُعطي خلاصة الإسناد المحذوف وهذا هو التحقيق العلمي لأن الناس من قديم الزمان حتى اليوم يظنّون أن علم الحديث هو أن تفتح هذه الكتب وتنقل نصف صفحة ثم يُملؤها بماذا، رواه فلان جزء كذا صفحة كذا وبعضهم يُطيل فيقول كتاب كذا وباب كذا وجزء كذا وصفحة كذا وفلان وفلان وفلان وفلان أسطر ثم يصمت فلا يفهم الطالب والباحث ما شأن هذا الإسناد أهو صحيح أم حسن أم ضعيف أم غير ذلك من مراتب الحديث؟ هناك الحافظ عبد الحق الإشبيلي حينما حذف في كتابه الثاني "الأحكام الوسطى" أسانيد المُخرّجين للأحاديث في كتابه الأول "الأحكام الكبرى" يُعطيك درجة الإسناد فيُصحّح ويُضعّف ويُعطي الحديث ما يستحقه من مرتبة بغض النظر أصاب أم أخطأ فكلنا مُعرّض للصواب وللخطأ، والمهم ما يغلِب على الإنسان ولا شك أن الحافظ هذا وأمثاله صوابُه أكثر من خطئه، وهذا الذي يجب أن ندندن حوله دائما وأبدا ولا نطلب المستحيل من أي مؤلف كان قديما أو حديثا لهذا، لأن هذا طبيعة الإنسان الذي فطره الله عز وجل على الخطأ والنسيان.
أما الكتاب الثالث "الأحكام الصغرى" فهي خُلاصة الوسطى، الوسطى فيها الصحيح والحسن والضعيف، أما الصغرى فليس فيها إلا الحديث الصحيح في نقده هو.
ولذلك فأنا أقترح أنه إذا وُجِد أحد من طلاب العلم أوتِيَ بسطة في هذا العلم ونشاطا أن يُحاول تحقيق هذا الكتاب وأن يُخرِجه للناس لأنه بمثابة الإلمام في أحاديث الأحكام لابن دقيق العيد أو بلوغ المرام من أحاديث الأحكام للحافظ العسقلاني بل هو لعله خير منهما.
هذا شيء مما يتعلق بالتدليس المتعلق بالأعمش أو بأبي الزبير، وشيء أخير قلت إن عبد الحق الإشبيلي يُعلّل الأحاديث التي جاءت من رواية أبي الزبير عن جابر لكن جاء من بعده الحافظ أبو الحسن ابن القطان وهو أيضا حافظ مشهور من تلك البلاد فتعقّب عبد الحق الإشبيلي في كثير من المواطن التي بدا لابن القطان أن الإشبيلي وهِم فيه، في كتابه الذي سمّاه ب"الوهم والإيهام" هذا الكتاب لا يزال مع الأسف في عالم المخطوطات، وقد تفضّل أحد طلاب العلم في هذه البلاد فأرسل إليّ نسخة مصوّرة حينما وقف على كتاب ذلك المصري المعتدي الجائر، ووجد أنه خالف النقد العلمي الصحيح ووجدني قد أصبت المحكّ في نقدي لأحاديث أبي الزبير عن جابر، فوجد فصلا طويلا في كتاب ابن القطان فاتصل بي هاتفيا وذكر لي ذلك وأخذ رأيي هل أرسل لك نسخة من هذا الكتاب؟ قلت بداهة مشكورا وتفضّل وأرسل فعلا الكتاب فلما اطلعت على ما فيه، تبيّن لي أن ابن القطان تتبّع الحافظ عبد الحق الإشبيلي في عشرات الأحاديث ساقها بأسانيدها ليس فقط من "سنن أبي داود" وما دونه من السنن بل ومن "صحيح مسلم" فقال سكت عبد الحق الإشبيلي عن الحديث الفلاني والحديث الفلاني وهي من رواية أبي الزبير عن جابر وبعضها في "صحيح مسلم" واقتصر عبد الحق الإشبيلي في عزو هذه الأحاديث إلى مسلم فأوهم القرّاء، هنا الشاهد، فأوهم القراء أنها سالمة من النقد ولم يذكر كما ذكر في غير الأحاديث التي علّلها عبد الحق الإشبيلي بعنعنة أبي الزبير، سكت عن بعض الأحاديث التي رواها مسلم من طريق أبي الزبير عن جابر فقال رواه مسلم عن جابر فأوهم القارئ أن هذا الحديث وأمثاله سالم من علّة العنعنة، عنعنة أبي الزبير فتتبّع ابن القطان بروح علمية واسعة رحيبة جدا ووضع هذه الأحاديث بين يدي القارئ حتى يكون على بيّنة أن هذه الأحاديث معلّلة بعنعنة أبي الزبير عن جابر.
وجاء دوري أنا قديما قبل أن أطلع على هذا الكتب وحديثا، تعلمون إن شاء الله أن هناك كتابا مطبوعا منذ سنين بعيدة ألا وهو "مختصر مسلم" للإمام المنذري بتعليقي وتحقيقي وكنت علّقت على كثير من الأحاديث التي رواها مسلم من طريق أبي الزبير عن جابر، ومن هنا دخل في الاعتداء عليّ ذلك المصري الجائر، مع أنني حاولت قديما وزدت ذلك حديثا أن أنقذ كثيرا من الأحاديث التي رواها مسلم من طريق أبي الزبير عن جابر أن أنقذها من الضعف إما بتتبّع حديث أبي الزبير هذا في مصادر أخرى من كتب السنّة صرّح فيها بالتحديث فبيّنت بعض الأحاديث التي جاءت معنعنة في صحيح مسلم فعلّقت وقلت لكن صرّح أبو الزبير بالتحديث في مسند أحمد أو في غيره.
والأن نُعدّ هذا الكتاب لطبعة جديدة فيها زيادة تحقيق، بصورة خاصة في هذه الناحية فتقصّدت تتبّع ما رواه مسلم من طريق أبي الزبير، حاولت إنقاذ ما أمكنني إنقاذه من جديد من العلّة بالعنعنة بأن أجد تصريحا لأبي الزبير في بعض الكتب أو أن أجد لذلك شاهدا أو تابعا ينجو الحديث حينذاك من الإعلال بالعنعنة إلى الصحة التي تناسب "صحيح الإمام مسلم"، هذا أخر هذا الجواب.
الشيخ : جوابي على هذا بناء على القواعد الحديثية أو بناء على بعض القواعد الحديثية التي منها " من حفظ حجة على من لم يحفظ " ومنها " الجرح مُقدّم على التعديل " والتدليس جرح معروف واضح ليس جرحا مُبهما فإذا جمعنا بين هاتين القاعدتين سقط الاحتجاج بأن المتقدّمين ما وصفوا فلانا بالتدليس وإنما بعض المتأخّرين لأن الجواب سنقول عليه، هل هذا الجرح صحيح أم مخالف للواقع؟ مخالف لمن تقدّم، هذا صحيح لأنهم لم يذكروا فيه تدليسا، لكن بعض من تأخّر من الحفاظ قد ذكروا فيه أعني في الراوي فلان أو فلان لا يهمنا الأن التحديد، قد ذكروا فيه تدليسا، فمن حفظ حجة على من لم يحفظ والتدليس علّة وجرح مُفسّر فينبغي الاعتماد على هذا الجرح ولو صدر من بعض الحفّاظ المتأخّرين.
وبخصوص الشخصين المذكورين أنفا الأعمش وأبي الزبير، الأعمش قد وُصِف بالتدليس فعلا ولكن لكثرة حديثه قد سلّك صاحبا الصحيحين حديثه مسلك الاعتماد على حديثه ولو كان حديثه معنعنا لأن تدليسه بجانب كثرة حديثه قليل جدا.
ومع ذلك فعلماء الحديث حينما يصنّفون المدلسين بتلك الطبقات كما أشرتَ عن الحافظ ابن حجر فهذا بالنسبة لبحثهم واستقراءهم لكن لا يعنون بذلك أن هذا المدلس الذي وضعه ابن حجر مثلا في المرتبة الثانية لا يكون تدليسه أحيانا سبب ضعفٍ في الحديث لكن الأصل أنهم يُسلكون تدليسه إلا إذا بدا لهم أن في حديث ما رووْه إشكالا من الناحية الشرعية كأن يكون مثلا فيه نكارة في المتن فيحاولون أن يجدوا في إسناد هذا الحديث الذي فيه نوع من النكارة فيبحثون بدقة متناهية فيقفون عند هذه العنعنة، هنا يقولون عنعنة هذا الإسناد هو تدليس الأعمش، فإذًا هم يغضّون النظر عن تدليسه غالبا ويعلّلون بتدليسه بعض الأحاديث أحيانا إذا ما تبيّن لهم أن في المتن شيء من النكارة تدل عليه عمومات الشريعة.
أما بالنسبة لأبي الزبير، أبو الزبير هذا قد روى له مسلم كثيرا عن جابر رضي الله عنه وقد وُصِف بالتدليس إلا في ما إذا روى الليث ابن سعد عنه فيُحمل على السماع لما ثبت عند المحدّثين أن الليث بن سعد وهو إمام من أئمة المسلمين قُرِن مع الإمام مالك رحمه الله بل فضّله بعضهم عليه في الحديث والفقه إلا أن بعض الأذكياء قال الفرق بينهما أن أصحاب مالك حفظوه بالعناية بأحاديثه وبفقهه أما أصحاب الليث فضيّعوه ولذلك لم يشتهر اشتهار الإمام مالك وإلا هو مثله أو هو أجلّ منه، الليث بن سعد هذا وهو مصري مشهور بالجلالة والفقه والعلم تنبّه لتدليس أبي الزبير قديما.
ولذلك جاءه فسأله سؤالا صريحا ومثل هذا قلما نجده في الرواة الذين وصفوا بالتدليس سواء كان الواصفون له به قدامى أو محدثين، لا نجد هذا الجواب، هذا السؤال الصريح يُوجّه إليه بصراحة فيقول الليث ابن سعد لأبي الزبير هذه الأحاديث التي ترويها عن جابر كلها سمعتَها منه؟ قال لا، وهذا من إنصاف أبي الزبير وهذا مما نجّاه من أن يُسقِط علماء الحديث عدالته فكان عندهم ثقة ولكنه لما صرّح بأن هذه الأحاديث التي يرويها عن جابر بعضها سمعها منه والبعض الأخر لم يسمعها منه صنّفوه في زمرة المدلسين، وانتبه كما قلت لذلك الليث بن سعد فسأله ذلك السؤال فأجاب بصراحته المذكورة هنا أنه لم يسمع كل الأحاديث التي يرويها عن جابر، قال فعلِّم لي على الأحاديث التي سمعتها منه فعلّمها له فكان الليث بن سعد يروي عن أبي الزبير الأحاديث التي سمعها عن جابر.
وإذ الأمر كذلك فالعلماء النقاد كالدارقطني وغيره إذا وجدوا حديثا في "صحيح مسلم" من رواية أبي الزبير عن جابر بل بعضهم ومن روايته عن غير جابر يتوقّفون عن الاحتجاج به لما ثبت أنه لم يسمع كل أحاديث أبي الزبير.
وإخراج مسلم لأحاديث أبي الزبير لا يستلزم الحقيقة التالية التي يغفُل عنها ذاك المعتدي المصري، وهذه الحقيقة هي ليس عندنا ما يدلنا على أن أبا الزبير كان عند الإمام مسلم معروفا بالتدليس ومع ذلك روى عنه، فلا يصح والحالة هذه أن يُقال إن تدليس أبي الزبير غير ثابت لرواية الإمام مسلم عنه عن جابر لأننا نقول كما قلنا في مطلع هذا الجواب " من حفظ حجة على من لم يحفظ " ولذلك صرّح بعض النقّاد المتأخّرين الجامعين للاطلاع على أقوال المتقدمين والمتأخّرين في الرواة ألا وهو الإمام الذهبي حيث قال لما ترجم لأبي الزبير ووثّقه وبيّن أنه مُتهم بالتدليس قال ففي القلب فيما يرويه الإمام مسلم عن أبي الزبير عن جابر شيء، لماذا؟ لأنه ثبت وصفه بالتدليس وليس جرحا مرفوضا بل هو جرح مقبول، على ذلك جرى بعض الحفّاظ الذين تلوا الطبقة الأتية بعد الإمام الدارقطني وأمثاله على إعلال أحاديث أبي الزبير عن جابر بالتدليس، في مقدمتهم عبد الحق الإشبيلي الأندلسي فإنه كثيرا ما يُعلّل الأحاديث المرويّة عن أبي الزبير عن جابر بالتدليس في كتابه "الأحكام" وله ثلاثة كتب "الأحكام الكبرى" و "الأحكام الوسطى" و "الأحكام الصغرى" أصل هذه الكتب الثلاثة أولها، "الأحكام الكبرى" وهو كتاب جامع من أحسن الكتب التي تُساعد الباحثين والمحقّقين على التحقيق في الأحاديث وتتبّع الطرق لأن عبد الحق الإشبيلي هذا في كتابه "الأحكام الكبرى" ينقل الأحاديث من كتب السنّة بأسانيدها حتى ما ينقله عن البخاري ومسلم يقول البخاري، هكذا يبدأ ما يقول روى البخاري البخاري حدثني فلان عن فلان يسوق السند إلى الرسول عليه السلام، مسلم، أبو داود يذكر أحاديث الكتب الستة وغيرها من كتب السنن الأخرى التي كانت وقعت له، فيستطيع طالب العلم بهذا الكتاب مثلا حتى في هذا الزمان الذي بدأت كتب السنّة تُنْشر بصورة فائقة جدا والحمد لله، يجد في هذا الكتاب أسانيد بعض الكتب لا يجدها حتى اليوم في المطبوعات لأنها لم تُطبع مثل مثلا "مسند البزار" فهو ينقل الأحاديث التي يذكرها في "الأحكام الكبرى" عن البزار بسند البزار، نحن كثيرا ما نعيى ونتعب لمعرفة إسناد البزار فلا نجد له أثرا إلا في "كشف الأستار" مثلا وهذا خاص بالزوائد على الكتب الستة لكن أحيانا يكون البزار قد تفرّد بزيادة يذكرها بعض الحفاظ كالزيلعي والعسقلاني ونحوهما ويسكتان عن إسنادها فنحاول أن نعثُر على سندها فنعود إلى "كشف الأستار" فلا نجد السند لما تقيّد به من شرط، فإذا ما رجعنا إلى "الأحكام الكبرى" للإشبيلي استفدنا إسناده من هناك.
هذا شيء من ترجمة "الأحكام الكبرى" أما "الأحكام الصغرى" فهو أفيد للمبتدئين في هذا العلم لأنه حذف الأسانيد واقتصر على التخريج زائدأنه يُعطي خلاصة الإسناد المحذوف وهذا هو التحقيق العلمي لأن الناس من قديم الزمان حتى اليوم يظنّون أن علم الحديث هو أن تفتح هذه الكتب وتنقل نصف صفحة ثم يُملؤها بماذا، رواه فلان جزء كذا صفحة كذا وبعضهم يُطيل فيقول كتاب كذا وباب كذا وجزء كذا وصفحة كذا وفلان وفلان وفلان وفلان أسطر ثم يصمت فلا يفهم الطالب والباحث ما شأن هذا الإسناد أهو صحيح أم حسن أم ضعيف أم غير ذلك من مراتب الحديث؟ هناك الحافظ عبد الحق الإشبيلي حينما حذف في كتابه الثاني "الأحكام الوسطى" أسانيد المُخرّجين للأحاديث في كتابه الأول "الأحكام الكبرى" يُعطيك درجة الإسناد فيُصحّح ويُضعّف ويُعطي الحديث ما يستحقه من مرتبة بغض النظر أصاب أم أخطأ فكلنا مُعرّض للصواب وللخطأ، والمهم ما يغلِب على الإنسان ولا شك أن الحافظ هذا وأمثاله صوابُه أكثر من خطئه، وهذا الذي يجب أن ندندن حوله دائما وأبدا ولا نطلب المستحيل من أي مؤلف كان قديما أو حديثا لهذا، لأن هذا طبيعة الإنسان الذي فطره الله عز وجل على الخطأ والنسيان.
أما الكتاب الثالث "الأحكام الصغرى" فهي خُلاصة الوسطى، الوسطى فيها الصحيح والحسن والضعيف، أما الصغرى فليس فيها إلا الحديث الصحيح في نقده هو.
ولذلك فأنا أقترح أنه إذا وُجِد أحد من طلاب العلم أوتِيَ بسطة في هذا العلم ونشاطا أن يُحاول تحقيق هذا الكتاب وأن يُخرِجه للناس لأنه بمثابة الإلمام في أحاديث الأحكام لابن دقيق العيد أو بلوغ المرام من أحاديث الأحكام للحافظ العسقلاني بل هو لعله خير منهما.
هذا شيء مما يتعلق بالتدليس المتعلق بالأعمش أو بأبي الزبير، وشيء أخير قلت إن عبد الحق الإشبيلي يُعلّل الأحاديث التي جاءت من رواية أبي الزبير عن جابر لكن جاء من بعده الحافظ أبو الحسن ابن القطان وهو أيضا حافظ مشهور من تلك البلاد فتعقّب عبد الحق الإشبيلي في كثير من المواطن التي بدا لابن القطان أن الإشبيلي وهِم فيه، في كتابه الذي سمّاه ب"الوهم والإيهام" هذا الكتاب لا يزال مع الأسف في عالم المخطوطات، وقد تفضّل أحد طلاب العلم في هذه البلاد فأرسل إليّ نسخة مصوّرة حينما وقف على كتاب ذلك المصري المعتدي الجائر، ووجد أنه خالف النقد العلمي الصحيح ووجدني قد أصبت المحكّ في نقدي لأحاديث أبي الزبير عن جابر، فوجد فصلا طويلا في كتاب ابن القطان فاتصل بي هاتفيا وذكر لي ذلك وأخذ رأيي هل أرسل لك نسخة من هذا الكتاب؟ قلت بداهة مشكورا وتفضّل وأرسل فعلا الكتاب فلما اطلعت على ما فيه، تبيّن لي أن ابن القطان تتبّع الحافظ عبد الحق الإشبيلي في عشرات الأحاديث ساقها بأسانيدها ليس فقط من "سنن أبي داود" وما دونه من السنن بل ومن "صحيح مسلم" فقال سكت عبد الحق الإشبيلي عن الحديث الفلاني والحديث الفلاني وهي من رواية أبي الزبير عن جابر وبعضها في "صحيح مسلم" واقتصر عبد الحق الإشبيلي في عزو هذه الأحاديث إلى مسلم فأوهم القرّاء، هنا الشاهد، فأوهم القراء أنها سالمة من النقد ولم يذكر كما ذكر في غير الأحاديث التي علّلها عبد الحق الإشبيلي بعنعنة أبي الزبير، سكت عن بعض الأحاديث التي رواها مسلم من طريق أبي الزبير عن جابر فقال رواه مسلم عن جابر فأوهم القارئ أن هذا الحديث وأمثاله سالم من علّة العنعنة، عنعنة أبي الزبير فتتبّع ابن القطان بروح علمية واسعة رحيبة جدا ووضع هذه الأحاديث بين يدي القارئ حتى يكون على بيّنة أن هذه الأحاديث معلّلة بعنعنة أبي الزبير عن جابر.
وجاء دوري أنا قديما قبل أن أطلع على هذا الكتب وحديثا، تعلمون إن شاء الله أن هناك كتابا مطبوعا منذ سنين بعيدة ألا وهو "مختصر مسلم" للإمام المنذري بتعليقي وتحقيقي وكنت علّقت على كثير من الأحاديث التي رواها مسلم من طريق أبي الزبير عن جابر، ومن هنا دخل في الاعتداء عليّ ذلك المصري الجائر، مع أنني حاولت قديما وزدت ذلك حديثا أن أنقذ كثيرا من الأحاديث التي رواها مسلم من طريق أبي الزبير عن جابر أن أنقذها من الضعف إما بتتبّع حديث أبي الزبير هذا في مصادر أخرى من كتب السنّة صرّح فيها بالتحديث فبيّنت بعض الأحاديث التي جاءت معنعنة في صحيح مسلم فعلّقت وقلت لكن صرّح أبو الزبير بالتحديث في مسند أحمد أو في غيره.
والأن نُعدّ هذا الكتاب لطبعة جديدة فيها زيادة تحقيق، بصورة خاصة في هذه الناحية فتقصّدت تتبّع ما رواه مسلم من طريق أبي الزبير، حاولت إنقاذ ما أمكنني إنقاذه من جديد من العلّة بالعنعنة بأن أجد تصريحا لأبي الزبير في بعض الكتب أو أن أجد لذلك شاهدا أو تابعا ينجو الحديث حينذاك من الإعلال بالعنعنة إلى الصحة التي تناسب "صحيح الإمام مسلم"، هذا أخر هذا الجواب.
4 - الحافظ ابن حجر ذكر الأعمش في الطبقة الثانية في طبقات المدلسين مع أنّه اشتهر الآن أنّه مدلس فإذا عنعن فلا يقبل تحديثه فإنّ ابن حجر ذكره في طبقة المقبولين هذا أولا والثاني أبو الزبير المكي فإن بعضهم نقل كثيرا عن حفاظ المتقدمين ما أحد منهم ذكر أنّه مدلس إلى عصر الدراقطني والنسائي ويعتبرون من المتأخرين بالنسبة لهم فهؤلاء أول من ذكر أنّه يدلس فما رأيك في هذا ؟ أستمع حفظ
ذكر ابن القيم في الوابل الصيب فناء النار فما تعليقكم ؟
السائل : ذكر ابن القيم في "الوابل الصيب" فناء النار، فما تعليقكم؟
الشيخ : ابن القيم له قولان الذي ينبغي الاعتماد عليه هو التفصيل الذي ذكره في "الوابل الصيب"، النار ناران فنارٌ للكفّار ونار يعذّب فيها فساق المسلمين، فالنار الأولى لا تفنى والنار الأخرى هي التي تفنى، وما يوجد في بعض كتبه وكتب شيخه ابن تيمية مما ظاهر كلامهما القول بفناء النار مطلقا ينبغي حمل ذلك على فناء النار التي يدخلها فسّاق المسلمين لأنهم سينجوْن يوما ما كما قال عليه الصلاة والسلام ( من قال لا إله إلا الله نفعته يوما من دهره ) هذا ما ينبغي أن يعتقده المسلم وإلا فالقول بفناء النار مطلقا يخالف صريح الكتاب والسنّة كما شرح ذلك الإمام الصنعاني في كتابه "كشف الأستار" أو "رفع الأستار في بيان بطلان من قال بفناء النار" وبخاصة أنني قد وضعت لهذا الكتاب مقدّمة تبلغ نحو الخمسين صفحة أكّدت ما ذهب إليه الصنعاني رحمه الله من أن فناء نار الكفار هذا قول يُخالف الكتاب والسنّة والظن بشيخ الإسلام ابن تيمية ثم بتلميذه ابن قيم الجوزية أن لا يقعا في مثل هذه المخالفة الصريحة فينبغي حمل النار التي قال بفناءها على نار الفساق من هذه الأمة وليس على نار الكفار، غيره.
الشيخ : ابن القيم له قولان الذي ينبغي الاعتماد عليه هو التفصيل الذي ذكره في "الوابل الصيب"، النار ناران فنارٌ للكفّار ونار يعذّب فيها فساق المسلمين، فالنار الأولى لا تفنى والنار الأخرى هي التي تفنى، وما يوجد في بعض كتبه وكتب شيخه ابن تيمية مما ظاهر كلامهما القول بفناء النار مطلقا ينبغي حمل ذلك على فناء النار التي يدخلها فسّاق المسلمين لأنهم سينجوْن يوما ما كما قال عليه الصلاة والسلام ( من قال لا إله إلا الله نفعته يوما من دهره ) هذا ما ينبغي أن يعتقده المسلم وإلا فالقول بفناء النار مطلقا يخالف صريح الكتاب والسنّة كما شرح ذلك الإمام الصنعاني في كتابه "كشف الأستار" أو "رفع الأستار في بيان بطلان من قال بفناء النار" وبخاصة أنني قد وضعت لهذا الكتاب مقدّمة تبلغ نحو الخمسين صفحة أكّدت ما ذهب إليه الصنعاني رحمه الله من أن فناء نار الكفار هذا قول يُخالف الكتاب والسنّة والظن بشيخ الإسلام ابن تيمية ثم بتلميذه ابن قيم الجوزية أن لا يقعا في مثل هذه المخالفة الصريحة فينبغي حمل النار التي قال بفناءها على نار الفساق من هذه الأمة وليس على نار الكفار، غيره.
ما هو ضابط التشبه بالكفار؟، خصوصاً ما نجد الآن من الألبسة المشتركة بين المسلمين والكفار كالجاكيت والبنطال؟
السائل : قول النبي صلى الله عليه وسلم في ما معناه ( من تشبه بقوم فهو منهم ) فما هو ضابط التشبه بالكفار، خصوصا الأن نجد بعض الملبوسات قد اجتمع فيها الكافر والمسلم مثل البنطلون هذا في الأعمال ومثل أيضا هل يشمل التشبه الحذاء أو الجزمة فنستوردها من الخارج، بعض الملبوسات الصوفية في البرد الجاكيت هل يشمل هذا؟
الشيخ : الجواب كما شرح ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في كتابه الجليل "اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم" أن التشبّه درجات أدناها كراهة تنزيهية وأعلاها التحريم بل التحريم إذا اقترن بالاستحلال أدّى بصاحبه إلى الكفر وعين الضلال، كلما كانت ظاهرة التشبّه قويّة في الإنسان كلما ارتفعت مرتبة المخالفة والعصيان، وأنا أضرب بعض الأمثلة لتوضيح هذه المسألة لدقتها، لباس الجاكيت مثلا، هذا كما قال السائل يشترك في لباسه المسلم وغير المسلم، فلا يظهر في هذا اللباس نوع ما من التشبّه بالكافر، فهو يُمكن أن يُقال بأنه لباس أممي، كل الأمم تلبسه فليس شعارا لأمة دون أخرى.
وإذ الأمر كذلك ففي هذا المثال نقول لا مانع من لباس الجاكيت ونحوه لانتفاء العلة وهي التشبّه بالكفار، وعلى ذلك حمَل العلماء حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه الذي فيه ما خلاصة الحديث أنهم كانوا في سفر فنزلوا منزلا ولما أصبح بهم الصباح خرج النبي صلى الله عليه وسلم لقضاء حاجته ومعه المغيرة بن شعبة، فلما أراد أن يتوضّأ عليه الصلاة والسلام وصبّ المغيرة الماء عليه جاء ليكشف عن ذراعيه فلم يستطع لأنه كان لابسا جبة روميّة، هكذا الحديث كان لابسا جبّة رومية ضيّقة الكمين فلما لم يستطع التشمير خلع الجبة وألقاها على كتفيه وغسل ذراعيه، فقال العلماء أن كون هذه الجبة رومية لم يكن مانعا من لباسها لأنها كانت لباس العرب والعجم دون تفريق بينهم.
أما إذا كان اللباس لا يزال شعارا لأمة الكفر فهنا يأتي البحث التفصيلي السابق، حكمه يختلف باختلاف ظاهرة التشبه.
وأنا أضرب الأن بمثلين متباينين في بيان إثم التشبّه، هذا الرجل الذي لبس الجاكيت على القميص مثلا أو على السروال ونحو ذلك ولا أعني بالسروال البنطلون مما هو من لباس المسلمين قديما ولا يصف العورة ولا يحجّمها، فهذا كما قلنا أنفا ليس فيه ظاهر التشبّه لكن إذا لبِس الجاكيت على البنطلون لا شك أن ظاهرة التشبّه الأن ظهرت حيث لم تكن ظاهرة من قبل، لم تكن ظاهرة بلبس الجاكيت لكن لما لبس البنطلون ظهرت هذه الظاهرة، وبخاصة أن البنطلون يمكن أن يقال إنه ليس من لباس المسلمين لأنه يُحجّم العورة، ولباس المسلم يجب أن يكون فضفاضا واسعا لا يُحجّم العورة وبخاصة إذا قام بين يدي الله يصلي.
ونحن نشاهد مع الأسف اليوم في هذا المسجد أو في غيره يركع ويسجد المتبنطل إذا صحّ هذا التعبير فنرى فخذيه قد تجسّدتا ويرى ذلك من خلفه من المصلين، بل أحيانا مع الأسف الشديد يتجسّد للرائي من خلف هذا المصلي ما بين الفخذين من العورة الكبرى، كيف يصحّ أن يكون هذا لباس المسلمين بل هو لباس الكافرين الذين لا يُحرّمون ما حرّم الله ورسوله، فمن لبس البنطلون لا شك أنه تشبّه بالكفار لكن الأن المثال الثاني والأخير، هذا المتبنطل بالبنطلون إذا به يزيد التشبّه تشبّها فيلبس على رأسه القبّعة أو البرنيطة، هذا وضع على رأسه غطاء الكفر، لم يبق هناك تشبه أكثر من هذا التشبه، فهذا لا شك بأنه حرام، وما قبله من لباس البنطلون حرام دون ذلك، وهناك درجات أخرى ينبغي أن نٌجمل الكلام عليها لحديث واحد ليس له علاقة بالتشبّه لأن أنواع التشبّة كثيرة وكثيرة جدا أجملت القول عنها أنفا، كلما كانت ظاهرة التشبّه كلما اقترب ذلك من التحريم وكل ما نزلت هذه الظاهرة إلى أن تضمحل وتنماع هذه الظاهرة ويدخل ذلك في دائرة المباح.
الشيخ : الجواب كما شرح ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في كتابه الجليل "اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم" أن التشبّه درجات أدناها كراهة تنزيهية وأعلاها التحريم بل التحريم إذا اقترن بالاستحلال أدّى بصاحبه إلى الكفر وعين الضلال، كلما كانت ظاهرة التشبّه قويّة في الإنسان كلما ارتفعت مرتبة المخالفة والعصيان، وأنا أضرب بعض الأمثلة لتوضيح هذه المسألة لدقتها، لباس الجاكيت مثلا، هذا كما قال السائل يشترك في لباسه المسلم وغير المسلم، فلا يظهر في هذا اللباس نوع ما من التشبّه بالكافر، فهو يُمكن أن يُقال بأنه لباس أممي، كل الأمم تلبسه فليس شعارا لأمة دون أخرى.
وإذ الأمر كذلك ففي هذا المثال نقول لا مانع من لباس الجاكيت ونحوه لانتفاء العلة وهي التشبّه بالكفار، وعلى ذلك حمَل العلماء حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه الذي فيه ما خلاصة الحديث أنهم كانوا في سفر فنزلوا منزلا ولما أصبح بهم الصباح خرج النبي صلى الله عليه وسلم لقضاء حاجته ومعه المغيرة بن شعبة، فلما أراد أن يتوضّأ عليه الصلاة والسلام وصبّ المغيرة الماء عليه جاء ليكشف عن ذراعيه فلم يستطع لأنه كان لابسا جبة روميّة، هكذا الحديث كان لابسا جبّة رومية ضيّقة الكمين فلما لم يستطع التشمير خلع الجبة وألقاها على كتفيه وغسل ذراعيه، فقال العلماء أن كون هذه الجبة رومية لم يكن مانعا من لباسها لأنها كانت لباس العرب والعجم دون تفريق بينهم.
أما إذا كان اللباس لا يزال شعارا لأمة الكفر فهنا يأتي البحث التفصيلي السابق، حكمه يختلف باختلاف ظاهرة التشبه.
وأنا أضرب الأن بمثلين متباينين في بيان إثم التشبّه، هذا الرجل الذي لبس الجاكيت على القميص مثلا أو على السروال ونحو ذلك ولا أعني بالسروال البنطلون مما هو من لباس المسلمين قديما ولا يصف العورة ولا يحجّمها، فهذا كما قلنا أنفا ليس فيه ظاهر التشبّه لكن إذا لبِس الجاكيت على البنطلون لا شك أن ظاهرة التشبّه الأن ظهرت حيث لم تكن ظاهرة من قبل، لم تكن ظاهرة بلبس الجاكيت لكن لما لبس البنطلون ظهرت هذه الظاهرة، وبخاصة أن البنطلون يمكن أن يقال إنه ليس من لباس المسلمين لأنه يُحجّم العورة، ولباس المسلم يجب أن يكون فضفاضا واسعا لا يُحجّم العورة وبخاصة إذا قام بين يدي الله يصلي.
ونحن نشاهد مع الأسف اليوم في هذا المسجد أو في غيره يركع ويسجد المتبنطل إذا صحّ هذا التعبير فنرى فخذيه قد تجسّدتا ويرى ذلك من خلفه من المصلين، بل أحيانا مع الأسف الشديد يتجسّد للرائي من خلف هذا المصلي ما بين الفخذين من العورة الكبرى، كيف يصحّ أن يكون هذا لباس المسلمين بل هو لباس الكافرين الذين لا يُحرّمون ما حرّم الله ورسوله، فمن لبس البنطلون لا شك أنه تشبّه بالكفار لكن الأن المثال الثاني والأخير، هذا المتبنطل بالبنطلون إذا به يزيد التشبّه تشبّها فيلبس على رأسه القبّعة أو البرنيطة، هذا وضع على رأسه غطاء الكفر، لم يبق هناك تشبه أكثر من هذا التشبه، فهذا لا شك بأنه حرام، وما قبله من لباس البنطلون حرام دون ذلك، وهناك درجات أخرى ينبغي أن نٌجمل الكلام عليها لحديث واحد ليس له علاقة بالتشبّه لأن أنواع التشبّة كثيرة وكثيرة جدا أجملت القول عنها أنفا، كلما كانت ظاهرة التشبّه كلما اقترب ذلك من التحريم وكل ما نزلت هذه الظاهرة إلى أن تضمحل وتنماع هذه الظاهرة ويدخل ذلك في دائرة المباح.
6 - ما هو ضابط التشبه بالكفار؟، خصوصاً ما نجد الآن من الألبسة المشتركة بين المسلمين والكفار كالجاكيت والبنطال؟ أستمع حفظ
بيان مسألة قصد مخالفة الكافرين.
الشيخ : ولكن هنا شيء يجب أن نذكره بهذه المناسبة طالما أعرض عن ذكرها كثير من المرشدين أو الواعظين وهي قصد مُخالفة الكافرين هذا شيء أخر غير التشبّه، التشبّه أن يقصد الإنسان أن يتشبّه بالكافر أو لا يقصد ولكن مظهره يدل على ذلك، أما مخالفة الكافرين فيختلف عن هذا جذريا فإنه يتقصّد بعمله بلباسه أن يُخالف الكفار، انظروا إلى قول الرسول صلى الله عليه وأله وسلم في الحديث الذي رواه البخاري في "صحيحه" عن النبي صلى الله عليه وأله وسلم أنه قال ( إن اليهود والنصارى لا يصبغون شعورهم فخالفوهم ) ( إن اليهود والنصارى لا يصبغون شعورهم ) أي شيْبهم ( فخالفوهم ) فأنتم ترون في هذا الحديث أن الشيْب الذي هو أمر مفروض من الله على خلقه سنّة الله في خلقه ولن تجد لسنّة الله تبديلا، لا يتبادر إلى ذهن أحد بأنه إذا رأى شيْبة مسلم وشيْبة كافر لا يخطر في باله أن يقول هذا متشبّه بهذا لأن الشيْب ليس في ملكه ولا في قدرته، ولو كان ذلك في قدرته لما شاب إنسان على وجه الأرض، لكنها كما قلنا سنّة الله في خلقه.
فكيف عالج النبي صلى الله عليه وأله وسلم هذه الظاهرة؟ قال ( فخالفوهم ) بماذا؟ بالصبغ بالحناء والكَتَم ونحو ذلك من الأصباغ ( إن اليهود والنصارى لا يصبغون شعورهم فخالفوهم ) .
إذًا هنا شيء هو مخالفة المسلم للكافر، فهذا أمر مستحب في الجملة وقد يكون واجبا بخصوص مكان ما كما قال الإمام أحمد في هذه الجزئية خاصة بأن المسلم يجب عليه أن يصبغ شعره سواء شعر رأسه أو لحيته لأن النبي صلى الله عليه وأله وسلم قد أمر بذلك أمرا خاصا.
كذلك قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الأخر ( حفوا الشارب وأعفوا الله وخالفوا اليهود والنصارى ) قد يفعل كثير من النصارى ما يفعل المسلمون يعفون عن لحاهم وقد يقصّون شاربهم فيقول بعض المائعين في هذا العصر، إيه الأن صار الكفار مثلنا، نحن نعفي عن لحانا وهم أيضا يفعلون ذلك، فنقول الأصل أن نتّبع شرعنا وأن يتشبّه غيرنا بنا وليس العكس أن نتّبع شرع غيرنا ونشتبّه بهم فحينما يتشبّه المسلم بالكافر فذلك ضعف منه ودليل على عدم اعتزازه بدينه وأحكام شريعة ربه، أما إذا تشبّه الكفار بالمسلمين فذلك بلا شك قوّة للإسلام وعزة للمسلمين.
فقول الرسول في هذا الحديث الثاني ( وخالفوا اليهود والنصارى ) دليل كما يقول ابن تيمية رحمه الله أن المُخالفة أمر مقصود من الشارع الحكيم، ونجد هذا في شيء أخر ليس من باب الوجوب وإنما هو من باب الاستحباب ألا وهو قوله عليه الصلاة والسلام ( صلوا في نعالكم وخالفوا اليهود ) فقد أمر عليه الصلاة والسلام المسلمين ألا يتنطعوا في دينهم وألا يتكلّفوا الصلاة حفاة وإنما يصلّون كما يتيسّر لهم، إن دخلوا المسجد حفاة صلوا حفاة ولم يتكلّفوا التنعّل، وإن صلوا في المصلى في الصحراء في العراء فلا يتكلّفون خلع النعلين وإنما كما يتيسّر لهم، بعض الناس حتى هذا الزمان يتكلّفون خلع النعال حتى في الصحراء ولا مُبرّر ولا مُسوّغ لمثل هذا التكلّف بل علينا أن نتقصّد الصلاة في النعال مخالفة منا لليهود، ولكن بهذه المناسبة أقول وليس في هذه المساجد المفروشة اليوم كما يفعل ذلك بعض المتكلّفين وإنما كما قلنا إذا صلى في داره وكان لابسا نعليه صلى بهما، إذا خرج إلى البرية الصحراء صلى بهما وهكذا ويقصِد بذلك مخالفة اليهود فيكون له أجر الصلاة في النعلين أكثر من الصلاة حافيا.
وهنا لا بد لي من التذكير بخطأ يقع فيه بعض من نصب نفسه للإفتاء وليس هو أهلا الإفتاء بدليل المذهب نفسه الذي كان ينتمي إليه وهو المذهب الحنفي الذي يقول إن المفتي يجب أن يكون عالما بالكتاب والسنّة ومن كان متفقّها في كتب مذهب ما فذلك ليس فقيها إنما هو حاكٍ يحكي ما قال غيره ولا يدري أصوابٌ ما قاله أم خطأ.
يذكر هذا الذي نشير إليه في طريق إيهامه للجمهور بأن إعفاء اللحية ليس فرضا واجبا على كل ذكر أنبت الله له لحية، يوهم الناس بأن قوله عليه الصلاة والسلام ( حٌفّوا الشارب وأعفوا اللحى وخالفوا اليهود والنصارى ) الأمر ها هنا ليس للوجوب، يزعم بأن الدليل على ذلك قوله عليه السلام في الحديث الأخير ( صلوا في نعالكم وخالفوا اليهود ) قال فكما أن الأمر في الحديث الأخير ( صلوا في نعالكم وخالفوا اليهود ) ليس للوجوب فكذلك الأمر في قوله عليه الصلاة والسلام ( إن اليهود والنصارى ) عفوا ( حفوا الشارب وأعفوا عن اللحى وخالفوا اليهود والنصارى ) أيضا هذا الأمر ليس للوجوب، هذا المقابلة، هذه المقابلة بين الحديثين يدل على أن هذا الكلام ليس من الفقه في شيء وذلك لأن الأصل في كل أمر أنه للوجوب، وهذا مما يقوله كل دارس لعلم الأصول إلا لقرينة فوجد المُشار إليه قرينة في الحديث الأخير ( صلوا في نعالكم وخالفوا اليهود ) حيث قال لا أحد يقول بوجوب الصلاة في النعال إذًا فلنقل بأن حديث ( حفّوا الشارب وأعفوا اللحى ) أيضا لا يُفيد الوجوب لقوله عليه السلام هنا ( وخالفوا اليهود والنصارى ) كقوله هناك ( خالفوا اليهود فإنهم لا يصلون في نعالهم ) وجوابنا على ذلك إذا كان مُسلّما أن الأمر للوجوب فذلك لا يقتضي أن يكون كذلك في كل نص فيه أمر كالحديث الثاني ( صلوا في نعالكم وخالفوا اليهود ) نحن نعلم أن هذا الأمر ليس للوجوب فعلا من أين؟ من حياته عليه الصلاة ولسلام ومن صلاته حيث جاء في "مسند الإمام أحمد" وغيره من رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يُصلي متنعّلا وكان يصلي حافيا.
فإذًا عدم التزام النبي صلى الله عليه وأله وسلم الصلاة في نعليه كان هذا قرينة واضحة جدا أن الأمر في قوله ( وخالفوا اليهود ) في الصلاة في النعلين ليس للوجوب وشتان بين هذه القرينة والقرينة الأخرى الموجودة فيما يتعلّق بإعفاء اللحية حيث لم يُنقل عن النبي صلى الله عليه وأله وسلم أنه حلق لحيته أحيانا وعفا عنها أحيانا حتى يكون المقابلة صحيحة بين الأمرين.
هنا قال ( حفوا الشارب وأعفوا اللحى ) ولم يُنقل عنه أبدا أنه أطال شاربه كما يفعل الدروز في بعض البلاد العربية والشيوعيون في السوفيات.
ولا أنه حلق لحيته أحيانا فبقي الأمر على الوجوب وأكّد ذلك هذا الأصل وهو ( وخالفوا اليهود والنصارى ) أما في الحديث الثاني فقد قامت القرينة الفعليّة منه عليه السلام بصلاته أحيانا حافيا أن هذا الأمر ليس للوجوب.
ثم يُضاف إلى ما ذكرناه بالنسبة لإعفاء اللحية قرائن خارجية عن هذا الحديث تؤكِّد أن إعفاء اللحية ليس أمرا مخيّر فيه الإنسان كالصلاة في النعلين أو حافيا.
من ذلك أشياء كثيرة وكثيرة جدا أوجزها لأن الوقت قد انتهى، يُخالف الذي يحلق لحيته أنه يتشبه بالنساء وقد لعن رسول الله صلى الله عليه وأله وسلم المتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال ثم يُخالف قول الله تبارك وتعالى حينما حكى عن إبليس قوله (( ولأمرنهم فليبتكن آذان الأنعام ولأمرنهن فليغيرن خلق الله )) ففي حلق اللحية تغيير لخلق الله وفي ذلك إطاعة للشيطان وعصيان للرحمن، كيف وقد لعن الرسول صلى الله عليه وأله وسلم النساء اللاتي يتعاطين نوعا من الزينة فيه تغيير لخلق الله وعلّل ذلك عليه الصلاة والسلام بقوله ( المغيّرات للخلق للحسن ) قال عليه السلام ( لعن الله النامصات والمتنمصات والواشمات والمستوشمات والفالجات المغيرات لخلق الله للحسن ) .
فيا لَلعجب كيف يقول مسلم عاقل يدري ما يخرج من فمه المرأة إذا حلقت حاجبها أو طرفا من حاجبها تكون ملعونة بسبب تغييرها لخلق ربها ثم لا يكون ملعونا الرجل الذي يحلق لحيته برمتها ثم يرميها أرضا وهذا يكون قد ارتكب مخالفة من باب الكراهة التنزيهية وليس أنه ارتكب إثما كبيرا والأحاديث كما ترون كلها تجتمع على أن الأمر في قوله عليه الصلاة والسلام ( حفوا الشارب وأعفوا عن اللحى وخالفوا اليهود والنصارى ) ، والحمد لله رب العالمين.
فكيف عالج النبي صلى الله عليه وأله وسلم هذه الظاهرة؟ قال ( فخالفوهم ) بماذا؟ بالصبغ بالحناء والكَتَم ونحو ذلك من الأصباغ ( إن اليهود والنصارى لا يصبغون شعورهم فخالفوهم ) .
إذًا هنا شيء هو مخالفة المسلم للكافر، فهذا أمر مستحب في الجملة وقد يكون واجبا بخصوص مكان ما كما قال الإمام أحمد في هذه الجزئية خاصة بأن المسلم يجب عليه أن يصبغ شعره سواء شعر رأسه أو لحيته لأن النبي صلى الله عليه وأله وسلم قد أمر بذلك أمرا خاصا.
كذلك قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الأخر ( حفوا الشارب وأعفوا الله وخالفوا اليهود والنصارى ) قد يفعل كثير من النصارى ما يفعل المسلمون يعفون عن لحاهم وقد يقصّون شاربهم فيقول بعض المائعين في هذا العصر، إيه الأن صار الكفار مثلنا، نحن نعفي عن لحانا وهم أيضا يفعلون ذلك، فنقول الأصل أن نتّبع شرعنا وأن يتشبّه غيرنا بنا وليس العكس أن نتّبع شرع غيرنا ونشتبّه بهم فحينما يتشبّه المسلم بالكافر فذلك ضعف منه ودليل على عدم اعتزازه بدينه وأحكام شريعة ربه، أما إذا تشبّه الكفار بالمسلمين فذلك بلا شك قوّة للإسلام وعزة للمسلمين.
فقول الرسول في هذا الحديث الثاني ( وخالفوا اليهود والنصارى ) دليل كما يقول ابن تيمية رحمه الله أن المُخالفة أمر مقصود من الشارع الحكيم، ونجد هذا في شيء أخر ليس من باب الوجوب وإنما هو من باب الاستحباب ألا وهو قوله عليه الصلاة والسلام ( صلوا في نعالكم وخالفوا اليهود ) فقد أمر عليه الصلاة والسلام المسلمين ألا يتنطعوا في دينهم وألا يتكلّفوا الصلاة حفاة وإنما يصلّون كما يتيسّر لهم، إن دخلوا المسجد حفاة صلوا حفاة ولم يتكلّفوا التنعّل، وإن صلوا في المصلى في الصحراء في العراء فلا يتكلّفون خلع النعلين وإنما كما يتيسّر لهم، بعض الناس حتى هذا الزمان يتكلّفون خلع النعال حتى في الصحراء ولا مُبرّر ولا مُسوّغ لمثل هذا التكلّف بل علينا أن نتقصّد الصلاة في النعال مخالفة منا لليهود، ولكن بهذه المناسبة أقول وليس في هذه المساجد المفروشة اليوم كما يفعل ذلك بعض المتكلّفين وإنما كما قلنا إذا صلى في داره وكان لابسا نعليه صلى بهما، إذا خرج إلى البرية الصحراء صلى بهما وهكذا ويقصِد بذلك مخالفة اليهود فيكون له أجر الصلاة في النعلين أكثر من الصلاة حافيا.
وهنا لا بد لي من التذكير بخطأ يقع فيه بعض من نصب نفسه للإفتاء وليس هو أهلا الإفتاء بدليل المذهب نفسه الذي كان ينتمي إليه وهو المذهب الحنفي الذي يقول إن المفتي يجب أن يكون عالما بالكتاب والسنّة ومن كان متفقّها في كتب مذهب ما فذلك ليس فقيها إنما هو حاكٍ يحكي ما قال غيره ولا يدري أصوابٌ ما قاله أم خطأ.
يذكر هذا الذي نشير إليه في طريق إيهامه للجمهور بأن إعفاء اللحية ليس فرضا واجبا على كل ذكر أنبت الله له لحية، يوهم الناس بأن قوله عليه الصلاة والسلام ( حٌفّوا الشارب وأعفوا اللحى وخالفوا اليهود والنصارى ) الأمر ها هنا ليس للوجوب، يزعم بأن الدليل على ذلك قوله عليه السلام في الحديث الأخير ( صلوا في نعالكم وخالفوا اليهود ) قال فكما أن الأمر في الحديث الأخير ( صلوا في نعالكم وخالفوا اليهود ) ليس للوجوب فكذلك الأمر في قوله عليه الصلاة والسلام ( إن اليهود والنصارى ) عفوا ( حفوا الشارب وأعفوا عن اللحى وخالفوا اليهود والنصارى ) أيضا هذا الأمر ليس للوجوب، هذا المقابلة، هذه المقابلة بين الحديثين يدل على أن هذا الكلام ليس من الفقه في شيء وذلك لأن الأصل في كل أمر أنه للوجوب، وهذا مما يقوله كل دارس لعلم الأصول إلا لقرينة فوجد المُشار إليه قرينة في الحديث الأخير ( صلوا في نعالكم وخالفوا اليهود ) حيث قال لا أحد يقول بوجوب الصلاة في النعال إذًا فلنقل بأن حديث ( حفّوا الشارب وأعفوا اللحى ) أيضا لا يُفيد الوجوب لقوله عليه السلام هنا ( وخالفوا اليهود والنصارى ) كقوله هناك ( خالفوا اليهود فإنهم لا يصلون في نعالهم ) وجوابنا على ذلك إذا كان مُسلّما أن الأمر للوجوب فذلك لا يقتضي أن يكون كذلك في كل نص فيه أمر كالحديث الثاني ( صلوا في نعالكم وخالفوا اليهود ) نحن نعلم أن هذا الأمر ليس للوجوب فعلا من أين؟ من حياته عليه الصلاة ولسلام ومن صلاته حيث جاء في "مسند الإمام أحمد" وغيره من رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يُصلي متنعّلا وكان يصلي حافيا.
فإذًا عدم التزام النبي صلى الله عليه وأله وسلم الصلاة في نعليه كان هذا قرينة واضحة جدا أن الأمر في قوله ( وخالفوا اليهود ) في الصلاة في النعلين ليس للوجوب وشتان بين هذه القرينة والقرينة الأخرى الموجودة فيما يتعلّق بإعفاء اللحية حيث لم يُنقل عن النبي صلى الله عليه وأله وسلم أنه حلق لحيته أحيانا وعفا عنها أحيانا حتى يكون المقابلة صحيحة بين الأمرين.
هنا قال ( حفوا الشارب وأعفوا اللحى ) ولم يُنقل عنه أبدا أنه أطال شاربه كما يفعل الدروز في بعض البلاد العربية والشيوعيون في السوفيات.
ولا أنه حلق لحيته أحيانا فبقي الأمر على الوجوب وأكّد ذلك هذا الأصل وهو ( وخالفوا اليهود والنصارى ) أما في الحديث الثاني فقد قامت القرينة الفعليّة منه عليه السلام بصلاته أحيانا حافيا أن هذا الأمر ليس للوجوب.
ثم يُضاف إلى ما ذكرناه بالنسبة لإعفاء اللحية قرائن خارجية عن هذا الحديث تؤكِّد أن إعفاء اللحية ليس أمرا مخيّر فيه الإنسان كالصلاة في النعلين أو حافيا.
من ذلك أشياء كثيرة وكثيرة جدا أوجزها لأن الوقت قد انتهى، يُخالف الذي يحلق لحيته أنه يتشبه بالنساء وقد لعن رسول الله صلى الله عليه وأله وسلم المتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال ثم يُخالف قول الله تبارك وتعالى حينما حكى عن إبليس قوله (( ولأمرنهم فليبتكن آذان الأنعام ولأمرنهن فليغيرن خلق الله )) ففي حلق اللحية تغيير لخلق الله وفي ذلك إطاعة للشيطان وعصيان للرحمن، كيف وقد لعن الرسول صلى الله عليه وأله وسلم النساء اللاتي يتعاطين نوعا من الزينة فيه تغيير لخلق الله وعلّل ذلك عليه الصلاة والسلام بقوله ( المغيّرات للخلق للحسن ) قال عليه السلام ( لعن الله النامصات والمتنمصات والواشمات والمستوشمات والفالجات المغيرات لخلق الله للحسن ) .
فيا لَلعجب كيف يقول مسلم عاقل يدري ما يخرج من فمه المرأة إذا حلقت حاجبها أو طرفا من حاجبها تكون ملعونة بسبب تغييرها لخلق ربها ثم لا يكون ملعونا الرجل الذي يحلق لحيته برمتها ثم يرميها أرضا وهذا يكون قد ارتكب مخالفة من باب الكراهة التنزيهية وليس أنه ارتكب إثما كبيرا والأحاديث كما ترون كلها تجتمع على أن الأمر في قوله عليه الصلاة والسلام ( حفوا الشارب وأعفوا عن اللحى وخالفوا اليهود والنصارى ) ، والحمد لله رب العالمين.
اضيفت في - 2006-04-10