فتاوى جدة-19a
بيان بعض آداب المجالس.
الشيخ : فقد كنت ذكَرت وذكّرت في بعض المجالس بأدب ينبغي مراعاته في مجالس العلم، ذلك الأدب هو الاجتماع وعدم التفرّق في الأبدان لأن الاجتماع بالأبدان يكون سببا شرعيّا للاجتماع في القلوب، وذكرت في تأييد ذلك أحاديث كثيرة منها ما كان عليه الصلاة والسلام يأمر أصحابه بتسوية الصفوف في الصلاة ويُتبع ذلك بقوله عليه الصلاة والسلام ( لتسوّن صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم ) ففي هذا الحديث تصريح ما بعده تصريح أن الاختلاف في تسوية الصفوف اختلافا ظاهريا ماديا يؤدي إلى الاختلاف في القلوب والاختلاف في الأعمال الناتجة من القلوب ولذلك فينبغي علينا معشر المسلمين أن نُلاحظ أداب النبي صلى الله عليه وأله وسلم وتأديبه للمسلمين في التقارب في الأبدان، ومن ذلك أن النبي صلى الله عليه وأله وسلم رأى أصحابه ذات يوم في سفر وقد نزلوا في منزل وتباعدت بهم المنازل في الصحراء ما بين الشجر فقال لهم عليه الصلاة والسلام بعد أن سكت عنهم دهرا طويلا، ذلك من سياسته عليه الصلاة والسلام أن يصبر على الناس وأن يأخذهم بالرفق إلى أن يحين وقت التذكير والتنبيه، فقال لهم عليه الصلاة والسلام في ذلك المنزل الذي نزلوا فيه في الصحراء فقال ( إنما تفرقكم هذا من عمل الشيطان، إنما تفرقكم هذا في الوديان من عمل الشيطان ) ليس التفرّق فقط في المسجد في الصفوف وفي الحلقات هو من عمل الشيطان بل وفي الصحراء حيث هناك أرض الله الواسعة فحضّهم النبي صلى الله عليه وأله وسلم على أن يتقاربوا بالأبدان وأن يجلسوا بعضهم قريبا من بعض لأن في ذلك تأثيرا في.
لأن الظاهر عنوان الباطن كما يقول بعض أهل العلم، يقول راوي هذا الحديث وهو أبو ثعلبة الخشني رضي الله عنه " فكنا بعد ذلك إذا نزلنا في مكان -يعني من الصحراء- اجتمعنا حتى لو جلسنا على بساط لوسعنا " أي بعد أن ذكّرهم النبي صلى الله عليه وأله وسلم بأن ذلك التفرّق في الوديان والشعاب من عمل الشيطان استجابوا للنبي صلى الله عليه وأله وسلم فيما بعد من الأسفار فكانوا إذا نزلوا في مكان اجتمعوا حتى لو جلسوا على بساط واحد لوسعهم.
فهذا أيضا مما يؤكد أن التفرق بالأبدان يسبّب التفرّق بالقلوب والبصائر ولهذا كان النبي صلى الله عليه وأله وسلم يُؤكّد أن الظاهر يُؤثّر في الباطن كما أن الباطن يُؤثّر في الظاهر أي صلاح الباطن يُؤثّر في صلاح الظاهر وصلاح الظاهر يُؤثّر في صلاح الباطن وهذه حقيقة نبوية نفسية قلّما أن ينتبهوا لها من المتمسكين بالسنّة فضلا عن غيرهم، أعني بذلك قول النبي صلى الله عليه وأله وسلم الذي أخرجه الشيخان في "صحيحيهما" من حديث النعمان بن بشير رضي الله تعالى عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وأله وسلم ( إن الحلال بيّن والحرام بيّن وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ألا وإن لكل ملك حمى ألا وإن حمى الله محارمه ألا ومن حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه ) والشاهد فيما يأتي من بقية الحديث قال عليه الصلاة والسلام ( ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب ) ولذلك فليس من أداب الجلوس في حلقات الدروس والوعظ والتعليم والإرشاد التفرّق بالأبدان لأنه يُؤثّر في القلوب.
من أجل ذلك جاء في "صحيح مسلم" أن النبي صلى الله عليه وأله وسلم دخل يوما مسجده فرأى الناس حلْقات حلْقات متفرّقين فأنكر ذلك عليهم وقال لهم ( مالي أراكم عِزين ) أي مالي أراكم متفرّقين بعضكم بعيد عن بعض، هذا من أدب المجالس، مجالس العلم التي تحضرها ملائكة الرحمان وتحفّها بأجنحتها وتنزل عليهم السكينة وتغشاهم الرحمة فنرجو أن يُلاحظ إخواننا هذا الأدب الذي نراه قد يُخل به كثير من الناس حتى في المساجد حيث نرى الحلقة حول المُدرّس أو الشيخ أو الواعظ كبيرة جدا جدا وبين الواعظ وبين المتحلّقين حوله خطوات كثيرة، هذا ليس من أدب الإسلام، فهذه ذكرى والذكرى تنفع المؤمنين.
والأن أرجو توجيه الأسئلة وعدم الاضطراب فيها حتى تتم الفائدة إن شاء الله تبارك وتعالى.
لأن الظاهر عنوان الباطن كما يقول بعض أهل العلم، يقول راوي هذا الحديث وهو أبو ثعلبة الخشني رضي الله عنه " فكنا بعد ذلك إذا نزلنا في مكان -يعني من الصحراء- اجتمعنا حتى لو جلسنا على بساط لوسعنا " أي بعد أن ذكّرهم النبي صلى الله عليه وأله وسلم بأن ذلك التفرّق في الوديان والشعاب من عمل الشيطان استجابوا للنبي صلى الله عليه وأله وسلم فيما بعد من الأسفار فكانوا إذا نزلوا في مكان اجتمعوا حتى لو جلسوا على بساط واحد لوسعهم.
فهذا أيضا مما يؤكد أن التفرق بالأبدان يسبّب التفرّق بالقلوب والبصائر ولهذا كان النبي صلى الله عليه وأله وسلم يُؤكّد أن الظاهر يُؤثّر في الباطن كما أن الباطن يُؤثّر في الظاهر أي صلاح الباطن يُؤثّر في صلاح الظاهر وصلاح الظاهر يُؤثّر في صلاح الباطن وهذه حقيقة نبوية نفسية قلّما أن ينتبهوا لها من المتمسكين بالسنّة فضلا عن غيرهم، أعني بذلك قول النبي صلى الله عليه وأله وسلم الذي أخرجه الشيخان في "صحيحيهما" من حديث النعمان بن بشير رضي الله تعالى عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وأله وسلم ( إن الحلال بيّن والحرام بيّن وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ألا وإن لكل ملك حمى ألا وإن حمى الله محارمه ألا ومن حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه ) والشاهد فيما يأتي من بقية الحديث قال عليه الصلاة والسلام ( ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب ) ولذلك فليس من أداب الجلوس في حلقات الدروس والوعظ والتعليم والإرشاد التفرّق بالأبدان لأنه يُؤثّر في القلوب.
من أجل ذلك جاء في "صحيح مسلم" أن النبي صلى الله عليه وأله وسلم دخل يوما مسجده فرأى الناس حلْقات حلْقات متفرّقين فأنكر ذلك عليهم وقال لهم ( مالي أراكم عِزين ) أي مالي أراكم متفرّقين بعضكم بعيد عن بعض، هذا من أدب المجالس، مجالس العلم التي تحضرها ملائكة الرحمان وتحفّها بأجنحتها وتنزل عليهم السكينة وتغشاهم الرحمة فنرجو أن يُلاحظ إخواننا هذا الأدب الذي نراه قد يُخل به كثير من الناس حتى في المساجد حيث نرى الحلقة حول المُدرّس أو الشيخ أو الواعظ كبيرة جدا جدا وبين الواعظ وبين المتحلّقين حوله خطوات كثيرة، هذا ليس من أدب الإسلام، فهذه ذكرى والذكرى تنفع المؤمنين.
والأن أرجو توجيه الأسئلة وعدم الاضطراب فيها حتى تتم الفائدة إن شاء الله تبارك وتعالى.
ما حكم القيام للضيف وحكم القيام لمن يريد السلام ؟
السائل : الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، فضيلة الشيخ ما حكم من قام للضيف عند السلام؟ وما حكم قيام الجالس للأتي للسلام علما أن بعض الناس يغضبون إذا لم يقم أحد لهم أرجو التوضيح؟
الشيخ : هنا مسألتان، القيام إلى الضيف والقيام للضيف، وهذا فرق لغوي معروف في اللغة.
القيام إلى الضيف مشروع ومن سنّة استقبال الضيف والقيام للضيف ليس من السنّة بشيء أو في شيء.
وكثيرا ما يختلط أحد هذه الأمرين بالأخر فقد جاء في "سنن أبي داود" وغيره ( أن النبي صلى الله عليه وأله وسلم كان إذا دخل على فاطمة بنت النبي صلى الله عليه وأله وسلم قامت إليه وقبّلته وأجلسته في مجلسا ) وكانت هي بدورها ( إذا دخلت على النبي صلى الله عليه وأله وسلم قام إليها وقبّلها وأجلسها في مجلسه ) هذا من إكرام الضيف أن يقوم المُضيف صاحب الدار إلى الضيف وليس للضيف، أن يقوم إليه ويستقبله ويُنزله في المنزل أو المكان المناسب له كما جاء في حديث في ثبوته اختلاف عند علماء الحديث وهو بلفظ ( أنزلوا الناس منازلهم ) إلا أن هذا الحديث وإن كان في سنده ذلك الضعف فقد تأيّد معناه، أقول تأيد معناه بسنّة النبي صلى الله عليه وأله وسلم العملية.
كذلك جاء حديث أخر من هذا القبيل ألا وهو قوله عليه الصلاة والسلام حينما جاء سعد بن معاذ وقد قَبِله اليهود يهود بني قريظة حكما بينهم وبين النبي صلى الله عليه وأله وسلم، جاء سعد بن معاذ على دابته جريحا في أكحله في عرْق في عضده فقال عليه الصلاة والسلام لمن حوله من الأنصار الذين رئيسهم سعد بن معاذ القادم، فقال عليه الصلاة والسلام ( قوموا إلى سيّدكم ) هكذا الحديث في "صحيح البخاري" وكثير من الناس بمثل هذه المناسبة ينحرف الحديث عن لفظه الصحيح فيروونه بلفظ "قوموا لسيدكم" ويستدلون به على المعنى الثاني الذي سأتحدّث عنه وهو القيام للضيف إكراما وليس للذهاب إليه واستقباله.
فإذا عرفتم أن لفظ الحديث في "صحيح البخاري" ( قوموا إلى سيّدكم ) وشتّان عربيّة بين قم إلى فلان وبين قم لفلان، قم إلى فلان أي اذهب إليه وقم لفلان أي إكراما وتبجيلا وإعظاما، ولذلك فالنبي صلى الله عليه وأله وسلم حينما قال للأنصار ( قوموا إلى سيّدكم ) إنما قصد قوموا إلى سيّدكم فأعينوه لأنه كان مريضا ومُصابا في أكحله كما قلت أنفا.
هكذا جاء الحديث في "صحيح البخاري" من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه وقد أكّد هذا المعنى وصرّح به تصريحا ما بعده تصريح حديث عائشة في "مسند الإمام أحمد" رحمه الله فقد روت هذه القصة على النحو الذي رواها أبو سعيد الخدري ولكنها رضي الله عنها حفظت زيادة في هذا المتن يُعتبر اليوم كما يقولون في اصطلاح العصر الحاضر من باب وضع النقاط على الحروف، بمعنى أن مثلا كانوا قديما يكتبون بدون إعجام بالإهمال فيكتبون يزيد بدون نقطتين من تحت وبدون نقطة على الراء فيُمكن أن تقرأ يزيد ويمكن أن تقرأ بريد فلما اصطلحوا على وضع النقاط قالوا في العصر الحاضر أن هذا الإعجام يوضّح ويُزيل الإشكال.
كانت رواية السيدة عائشة رضي الله تعالى عنها من هذا الباب وضع النقاط على الحروف لأن حديث أبي سعيد الخدري على الرغم من أنه جاء في "صحيح البخاري" باللفظ ( قوموا إلى سيّدكم ) فقد تحرّف على كثير من الناس وبخاصة أولئك الذين لا يرجعون إلى الأصول من كتب السنّة ليأخذوا منها الأحاديث على وجهها، تحرّف كما سمعتم إلى "قوموا لسيّدكم" أما حديث عائشة فلا يقبل مثل هذا التحريف بالرغم أنها وافقت أبا سعيد الخدري بلفظ "إلى سيّدكم" ولكنها زادت فرَوت الحديث باللفظ التالي ( قوموا إلى سيّدكم فأنزلوه ) لو أن راويا أخطأ فروى الحديث "قوموا لسيدكم فأنزلوه" لكانت هذه الزيادة تُوضّح المقصود من هذا الحديث ولا يُمكن حينذاك أن ينحرف فهْم أحد من رواية "قوموا إلى سيّدكم" بمعنى لسيّدكم فإن زيادة أنزلوه تمنع مثل ذلك التأويل.
هذا الحديث كحديث قيام الرسول عليه السلام لفاطمة وقيامها لأبيها فإنما ذلك من باب الإجلاس في المنزل المناسب وليس قياما وقعودا هكذا الذي هو قيام للإكرام.
هذا القيام الذي للإكرام بمعنى قم لفلان هذا خلاف السنّة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وأله وسلم فقد روى الإمام البخاري في كتابه "الأدب المفرد" وهو كتاب كما وُصِف المفرد يختلف عن كتاب المفرد الذي هو كتاب من كتب "صحيح البخاري" فصحيح البخاري مُؤلّف من سبعة وتسعين كتابا، كتاب الطهارة والوضوء والغُسل والصلاة والزكاة ونحو ذلك سبعة وتسعون كتابا، من هذه الكتب في أخر مجلد من الصحيح كتاب الأدب، ولما كان الإمام البخاري قد التزم في كتابه الصحيح شروطا هي باتفاق العلماء أدقّ الشروط في الصحّة لذلك جاء فأفرد كتابا خاصا عن هذا الكتاب الذي هو في الصحيح وسمّاه تمييزا بينهما بالكتاب المفرد ب"الأدب المفرد" روى البخاري في كتابه هذا "الأدب المفرد" بإسناد صحيح على شرط مسلم وليس على شرط البخاري في الصحيح، عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه قال ( ما كان شخص أحبّ إليهم من رسول الله صلى الله عليه وأله وسلم ) زاد أحمد في رواية ( رؤيةً ) ( ما كان شخص أحبّ إليهم من رسول الله صلى الله عليه وأله وسلم رؤيةً وكان إذا دخل عليه ورأوه لم يقوموا له ) انتبهوا الأن كيف جاء هذا الحديث، ما قال أنس وهو خادم الرسول لم يقوموا إليه وإنما قال لم يقوموا له لما يعلمون من كراهيته لذلك ) ( ما كان شخص أحبّ إليهم من رسول الله صلى الله عليه وأله وسلم رؤيةً وكانوا إذا رأوه لم يقوموا له لما يعلمون من كراهيته لذلك ) إذًا هذا الحديث يُفرّق بين القيام للداخل إكراما وتعظيما واحتراما فهذا خلاف السنّة أما القيام إلى الضيف واستقباله فذلك من أداب المُضيف، يجب التفريق إذًا بين هذين القيامين.
والكراهة المذكورة في هذا الحديث الأخير حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قد تكون من باب التنزيه لمخالفته للسنّة العمليّة التي جرى عليها أصحابه صلى الله عليه وأله وسلم وقد تكون كراهة تحريميّة إذا ما اقترن بها شيء زائد عن القيام ألا وهو الامتثال هكذا قياما.
فقد جاء عن النبي صلى الله عليه وأله وسلم في "سنن أبي داود" وغيره أنه عليه الصلاة والسلام قال ( من أحبّ أن يتمثّل له الناس قياما فيتبوّأ مقعده من النار ) في هذا الحديث وعيد شديد لمن يدخل من الضيوف ويُحبّ في قرارة نفسه أن يقوم له الناس تعظيما فهذا إثمه كبير لأن النبي صلى الله عليه وأله وسلم يوعده بقوله ( فليتبوّأ مقعده من النار ) وهذا الحديث وإن كان الوعيد الشديد المذكور فيه تصريحًا إنما يتوجّه إلى داخل المحبّ للقيام من الجالس أو من الجالسين فالجالسون قد يُشاركونه في إثم ذاك القيام لأنهم يُساعدونه على ذلك.
لهذا لما روى هذا الحديث الصحابي الجليل وهو معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه، لما دخل على المجلس وكان هناك رجلان أحدهما عبد الله بن الزبير والأخر عبد الله بن عامر، أما عبد الله بن الزبير فلم يقم وأما عبد الله بن عامر فقام لمعاوية والمفروض في هذه الحالة أن يحتجّ معاوية على هذا القائم له بحديث أنس السابق لكن من فِقْهه رضي الله عنه أنه احتجّ بالحديث الأخير ( من أحبّ أن يتمثّل له الناس قياما فليتبوّأ مقعده من النار ) ما فقْه هذا الحديث؟ ما وجه احتجاج معاوية على عبد الله بن عامر الذي قام لمعاوية؟ ومعاوية لا يُحبّ هذا القيام بل نهاه عن ذلك وقال له لا تقم لأن النبي صلى الله عليه وأله وسلم قال ( من أحبّ أن يتمثّل له الناس قياما فليتبوّأ مقعده من النار ) فما وجه استدلال معاوية على عبد الله بن عامر وإنكاره قيامه له بهذا الحديث؟ كأنه يقول له أنت يا عبد الله إذا استمررت على هذا القيام فربما تُورّطني وربما يوما ما تتشوّف نفسي وتُحب هذا القيام فأقع في وعيد هذا الحديث وتكون أنت وأمثالك سببا للوقوع في حُبّي للقيام، هذا وجه استدلال معاوية رضي الله عنه على من قام له.
إذا عرفنا هذه الأمور نعرف أن التواضع من الداخلين إلى المجلس ألا يدور في ذهنهم حُبهم للقيام وبالتالي أن لا يقوم الداخلون الجالسون لمن دخل وبخاصة إذا كان الداخلون كُثُر كلّما دخل واحد اثنين قام الجلوس قياما ثم دخل أخرون فقاموا وهكذا، تظهر هنا ظاهرة التشبّه بالكفار التي لا تزال ظاهرة قائمة في كثير من البلاد.
ونحن نرى أن النبي صلى الله عليه وأله وسلم قد أنكر قيام بعض أصحابه قياما لم يخطر في بال أحدهم أنه يقوم تعظيما للرسول عليه السلام ذلك لأنهم كانوا خلفه في الصلاة وهو إمامهم، روى الإمام مسلم في "صحيحه" من حديث جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وأله وسلم رمَتْه دابته يوما على الأرض فأصيب في كتفه فحضرت الصلاة وهي صلاة الظهر فصلى النبي صلى الله عليه وأله وسلم بأصحابه جالسا فقاموا خلْفه قياما كما هي العادة بل الفريضة قاموا يُصلّون خلفه صلى الله عليه وأله وسلم قياما، فلما رأهم رسول الله صلى الله عليه وأله وسلم هكذا أشار إليهم أن اجلسوا، أشار إليهم وهم يُصلّون قياما خلفه ورسول الله جالس أن اجلسوا فجلسوا وصلى بهم عليه الصلاة والسلام جالسا وهم يُصلّون كذلك جلوسا بجلوسهم ولما قضى رسول الله صلى الله عليه وأله وسلم الصلاة التفت إليهم وقال لهم ( كدتم أنفا تفعلون فعل فارس بعظمائها يقومون على رؤوس ملوكهم إنما جُعِل الإمام ليُؤتم به فإذا كبّر فكبّروا وإذا ركع فاركعوا وإذا سجد فاسجدوا وإذا صلى قائما فصلوا قياما وإذا صلى جالسا فصلّوا جلوسا أجمعين ) الشاهد من هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وأله وسلم أسقط عن المصلين خلفه وكلهم أصحّاء في أبدانهم أسقط عنهم ركن القيام، لماذا؟ لكيْلا تظهر الصورة المشابهة لقيام عظماء كسرى وراء الملك هذه الصورة شتّان ما بينها وبين صورة قيام أصحاب الرسول عليه السلام خلفه في الصلاة، فهم قاموا لله قانتين ورسول الله جلس متواضعا مضطرا لرب العالمين، لم يكن هناك مطلقا لا من القائمين ولا من الجالس شيء من حبّ المشابهة مع ذلك أمرهم بالجلوس وقال لهم كِدتم تفعلون الصورة المشابهة لفارس بعظمائها يقومون على رؤوس ملوكهم، الملك جالس والناس حوله قائمون تعظيما له، لم يُرِد عليه السلام لم يُحِب هذه الظاهرة لأنها ظاهرة وثنيّة، فماذا نقول إذا قام الناس وليسوا في صلاة وهو يقومون للعبد الداخل تعظيما، هذا القيام يجب أن يُخَصّ لله رب العالمين.
من أجل ذلك كان بعض السلف يتحرّج جدا جدا من أن يقوم الناس له وفي مقدمة هؤلاء رجل من أفاضل علماء الحديث والفقه الحنبلي ألا وهو أبو عبد الله بن بطة فقد كان يكره هذ القيام كراهة تحريميّة.
وقد اتفق أنه خرج ذات يوم مع صاحب له شاعر إلى السوق فمرّ بأحد أهل العلم والفضل فقام هذا الرجل العالم الفاضل لابن بطة لما مرّ به لكن هذا العالم الفاضل يعلم كراهية ابن بطة لهذا القيام فاعتذر له ببيتيْن من الشعر لطيفين جدا ولكن كان الرد ألطف من ذلك وأقوى، قال معتذرا
" لا تلمني على القيام فحقي *** حين تبدو ألا أمل القيام
أنت من أكرم البرية عندي *** ومن الحق أن أجِلّ الكرام" .
فقال ابن بطة لصاحبه الشاعر وأغلب العلماء لا ينظِمون الشعر لكن صاحبه شاعر ومتفقّه بفقه ابن بطة فقال له أجِبْه عني، قال له على البديهة
" أنت إن كنت لأعدمتك ترعى *** لي حقا وتظهر الإعظاما
فلك الفضل في التقدم والعلم *** ولسنا نحب منك احتشاما
فاعفني الأن من قيامك هذا أولا *** فسأجزيك بالقيام قياما
وأنا كاره لذلك جدا *** إن فيه تملقا وآثاما
لا تكلف أخاك أن يتلقاك *** بما يستحل فيه الحراما
-وهنا الحكمة البالغة -
وإذا صحت الضمائر منا *** اكتفينا من أن نتعب الأجساما
كلنا واثق بود أخيه *** ففيم انزعاجنا وعلام "
هذا منتهى الحكمة وهذه ثمرة اتباع السنّة ونسأل الله عز وجل أن يجعلنا من أهل السنّة، نعم.
الشيخ : هنا مسألتان، القيام إلى الضيف والقيام للضيف، وهذا فرق لغوي معروف في اللغة.
القيام إلى الضيف مشروع ومن سنّة استقبال الضيف والقيام للضيف ليس من السنّة بشيء أو في شيء.
وكثيرا ما يختلط أحد هذه الأمرين بالأخر فقد جاء في "سنن أبي داود" وغيره ( أن النبي صلى الله عليه وأله وسلم كان إذا دخل على فاطمة بنت النبي صلى الله عليه وأله وسلم قامت إليه وقبّلته وأجلسته في مجلسا ) وكانت هي بدورها ( إذا دخلت على النبي صلى الله عليه وأله وسلم قام إليها وقبّلها وأجلسها في مجلسه ) هذا من إكرام الضيف أن يقوم المُضيف صاحب الدار إلى الضيف وليس للضيف، أن يقوم إليه ويستقبله ويُنزله في المنزل أو المكان المناسب له كما جاء في حديث في ثبوته اختلاف عند علماء الحديث وهو بلفظ ( أنزلوا الناس منازلهم ) إلا أن هذا الحديث وإن كان في سنده ذلك الضعف فقد تأيّد معناه، أقول تأيد معناه بسنّة النبي صلى الله عليه وأله وسلم العملية.
كذلك جاء حديث أخر من هذا القبيل ألا وهو قوله عليه الصلاة والسلام حينما جاء سعد بن معاذ وقد قَبِله اليهود يهود بني قريظة حكما بينهم وبين النبي صلى الله عليه وأله وسلم، جاء سعد بن معاذ على دابته جريحا في أكحله في عرْق في عضده فقال عليه الصلاة والسلام لمن حوله من الأنصار الذين رئيسهم سعد بن معاذ القادم، فقال عليه الصلاة والسلام ( قوموا إلى سيّدكم ) هكذا الحديث في "صحيح البخاري" وكثير من الناس بمثل هذه المناسبة ينحرف الحديث عن لفظه الصحيح فيروونه بلفظ "قوموا لسيدكم" ويستدلون به على المعنى الثاني الذي سأتحدّث عنه وهو القيام للضيف إكراما وليس للذهاب إليه واستقباله.
فإذا عرفتم أن لفظ الحديث في "صحيح البخاري" ( قوموا إلى سيّدكم ) وشتّان عربيّة بين قم إلى فلان وبين قم لفلان، قم إلى فلان أي اذهب إليه وقم لفلان أي إكراما وتبجيلا وإعظاما، ولذلك فالنبي صلى الله عليه وأله وسلم حينما قال للأنصار ( قوموا إلى سيّدكم ) إنما قصد قوموا إلى سيّدكم فأعينوه لأنه كان مريضا ومُصابا في أكحله كما قلت أنفا.
هكذا جاء الحديث في "صحيح البخاري" من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه وقد أكّد هذا المعنى وصرّح به تصريحا ما بعده تصريح حديث عائشة في "مسند الإمام أحمد" رحمه الله فقد روت هذه القصة على النحو الذي رواها أبو سعيد الخدري ولكنها رضي الله عنها حفظت زيادة في هذا المتن يُعتبر اليوم كما يقولون في اصطلاح العصر الحاضر من باب وضع النقاط على الحروف، بمعنى أن مثلا كانوا قديما يكتبون بدون إعجام بالإهمال فيكتبون يزيد بدون نقطتين من تحت وبدون نقطة على الراء فيُمكن أن تقرأ يزيد ويمكن أن تقرأ بريد فلما اصطلحوا على وضع النقاط قالوا في العصر الحاضر أن هذا الإعجام يوضّح ويُزيل الإشكال.
كانت رواية السيدة عائشة رضي الله تعالى عنها من هذا الباب وضع النقاط على الحروف لأن حديث أبي سعيد الخدري على الرغم من أنه جاء في "صحيح البخاري" باللفظ ( قوموا إلى سيّدكم ) فقد تحرّف على كثير من الناس وبخاصة أولئك الذين لا يرجعون إلى الأصول من كتب السنّة ليأخذوا منها الأحاديث على وجهها، تحرّف كما سمعتم إلى "قوموا لسيّدكم" أما حديث عائشة فلا يقبل مثل هذا التحريف بالرغم أنها وافقت أبا سعيد الخدري بلفظ "إلى سيّدكم" ولكنها زادت فرَوت الحديث باللفظ التالي ( قوموا إلى سيّدكم فأنزلوه ) لو أن راويا أخطأ فروى الحديث "قوموا لسيدكم فأنزلوه" لكانت هذه الزيادة تُوضّح المقصود من هذا الحديث ولا يُمكن حينذاك أن ينحرف فهْم أحد من رواية "قوموا إلى سيّدكم" بمعنى لسيّدكم فإن زيادة أنزلوه تمنع مثل ذلك التأويل.
هذا الحديث كحديث قيام الرسول عليه السلام لفاطمة وقيامها لأبيها فإنما ذلك من باب الإجلاس في المنزل المناسب وليس قياما وقعودا هكذا الذي هو قيام للإكرام.
هذا القيام الذي للإكرام بمعنى قم لفلان هذا خلاف السنّة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وأله وسلم فقد روى الإمام البخاري في كتابه "الأدب المفرد" وهو كتاب كما وُصِف المفرد يختلف عن كتاب المفرد الذي هو كتاب من كتب "صحيح البخاري" فصحيح البخاري مُؤلّف من سبعة وتسعين كتابا، كتاب الطهارة والوضوء والغُسل والصلاة والزكاة ونحو ذلك سبعة وتسعون كتابا، من هذه الكتب في أخر مجلد من الصحيح كتاب الأدب، ولما كان الإمام البخاري قد التزم في كتابه الصحيح شروطا هي باتفاق العلماء أدقّ الشروط في الصحّة لذلك جاء فأفرد كتابا خاصا عن هذا الكتاب الذي هو في الصحيح وسمّاه تمييزا بينهما بالكتاب المفرد ب"الأدب المفرد" روى البخاري في كتابه هذا "الأدب المفرد" بإسناد صحيح على شرط مسلم وليس على شرط البخاري في الصحيح، عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه قال ( ما كان شخص أحبّ إليهم من رسول الله صلى الله عليه وأله وسلم ) زاد أحمد في رواية ( رؤيةً ) ( ما كان شخص أحبّ إليهم من رسول الله صلى الله عليه وأله وسلم رؤيةً وكان إذا دخل عليه ورأوه لم يقوموا له ) انتبهوا الأن كيف جاء هذا الحديث، ما قال أنس وهو خادم الرسول لم يقوموا إليه وإنما قال لم يقوموا له لما يعلمون من كراهيته لذلك ) ( ما كان شخص أحبّ إليهم من رسول الله صلى الله عليه وأله وسلم رؤيةً وكانوا إذا رأوه لم يقوموا له لما يعلمون من كراهيته لذلك ) إذًا هذا الحديث يُفرّق بين القيام للداخل إكراما وتعظيما واحتراما فهذا خلاف السنّة أما القيام إلى الضيف واستقباله فذلك من أداب المُضيف، يجب التفريق إذًا بين هذين القيامين.
والكراهة المذكورة في هذا الحديث الأخير حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قد تكون من باب التنزيه لمخالفته للسنّة العمليّة التي جرى عليها أصحابه صلى الله عليه وأله وسلم وقد تكون كراهة تحريميّة إذا ما اقترن بها شيء زائد عن القيام ألا وهو الامتثال هكذا قياما.
فقد جاء عن النبي صلى الله عليه وأله وسلم في "سنن أبي داود" وغيره أنه عليه الصلاة والسلام قال ( من أحبّ أن يتمثّل له الناس قياما فيتبوّأ مقعده من النار ) في هذا الحديث وعيد شديد لمن يدخل من الضيوف ويُحبّ في قرارة نفسه أن يقوم له الناس تعظيما فهذا إثمه كبير لأن النبي صلى الله عليه وأله وسلم يوعده بقوله ( فليتبوّأ مقعده من النار ) وهذا الحديث وإن كان الوعيد الشديد المذكور فيه تصريحًا إنما يتوجّه إلى داخل المحبّ للقيام من الجالس أو من الجالسين فالجالسون قد يُشاركونه في إثم ذاك القيام لأنهم يُساعدونه على ذلك.
لهذا لما روى هذا الحديث الصحابي الجليل وهو معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه، لما دخل على المجلس وكان هناك رجلان أحدهما عبد الله بن الزبير والأخر عبد الله بن عامر، أما عبد الله بن الزبير فلم يقم وأما عبد الله بن عامر فقام لمعاوية والمفروض في هذه الحالة أن يحتجّ معاوية على هذا القائم له بحديث أنس السابق لكن من فِقْهه رضي الله عنه أنه احتجّ بالحديث الأخير ( من أحبّ أن يتمثّل له الناس قياما فليتبوّأ مقعده من النار ) ما فقْه هذا الحديث؟ ما وجه احتجاج معاوية على عبد الله بن عامر الذي قام لمعاوية؟ ومعاوية لا يُحبّ هذا القيام بل نهاه عن ذلك وقال له لا تقم لأن النبي صلى الله عليه وأله وسلم قال ( من أحبّ أن يتمثّل له الناس قياما فليتبوّأ مقعده من النار ) فما وجه استدلال معاوية على عبد الله بن عامر وإنكاره قيامه له بهذا الحديث؟ كأنه يقول له أنت يا عبد الله إذا استمررت على هذا القيام فربما تُورّطني وربما يوما ما تتشوّف نفسي وتُحب هذا القيام فأقع في وعيد هذا الحديث وتكون أنت وأمثالك سببا للوقوع في حُبّي للقيام، هذا وجه استدلال معاوية رضي الله عنه على من قام له.
إذا عرفنا هذه الأمور نعرف أن التواضع من الداخلين إلى المجلس ألا يدور في ذهنهم حُبهم للقيام وبالتالي أن لا يقوم الداخلون الجالسون لمن دخل وبخاصة إذا كان الداخلون كُثُر كلّما دخل واحد اثنين قام الجلوس قياما ثم دخل أخرون فقاموا وهكذا، تظهر هنا ظاهرة التشبّه بالكفار التي لا تزال ظاهرة قائمة في كثير من البلاد.
ونحن نرى أن النبي صلى الله عليه وأله وسلم قد أنكر قيام بعض أصحابه قياما لم يخطر في بال أحدهم أنه يقوم تعظيما للرسول عليه السلام ذلك لأنهم كانوا خلفه في الصلاة وهو إمامهم، روى الإمام مسلم في "صحيحه" من حديث جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وأله وسلم رمَتْه دابته يوما على الأرض فأصيب في كتفه فحضرت الصلاة وهي صلاة الظهر فصلى النبي صلى الله عليه وأله وسلم بأصحابه جالسا فقاموا خلْفه قياما كما هي العادة بل الفريضة قاموا يُصلّون خلفه صلى الله عليه وأله وسلم قياما، فلما رأهم رسول الله صلى الله عليه وأله وسلم هكذا أشار إليهم أن اجلسوا، أشار إليهم وهم يُصلّون قياما خلفه ورسول الله جالس أن اجلسوا فجلسوا وصلى بهم عليه الصلاة والسلام جالسا وهم يُصلّون كذلك جلوسا بجلوسهم ولما قضى رسول الله صلى الله عليه وأله وسلم الصلاة التفت إليهم وقال لهم ( كدتم أنفا تفعلون فعل فارس بعظمائها يقومون على رؤوس ملوكهم إنما جُعِل الإمام ليُؤتم به فإذا كبّر فكبّروا وإذا ركع فاركعوا وإذا سجد فاسجدوا وإذا صلى قائما فصلوا قياما وإذا صلى جالسا فصلّوا جلوسا أجمعين ) الشاهد من هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وأله وسلم أسقط عن المصلين خلفه وكلهم أصحّاء في أبدانهم أسقط عنهم ركن القيام، لماذا؟ لكيْلا تظهر الصورة المشابهة لقيام عظماء كسرى وراء الملك هذه الصورة شتّان ما بينها وبين صورة قيام أصحاب الرسول عليه السلام خلفه في الصلاة، فهم قاموا لله قانتين ورسول الله جلس متواضعا مضطرا لرب العالمين، لم يكن هناك مطلقا لا من القائمين ولا من الجالس شيء من حبّ المشابهة مع ذلك أمرهم بالجلوس وقال لهم كِدتم تفعلون الصورة المشابهة لفارس بعظمائها يقومون على رؤوس ملوكهم، الملك جالس والناس حوله قائمون تعظيما له، لم يُرِد عليه السلام لم يُحِب هذه الظاهرة لأنها ظاهرة وثنيّة، فماذا نقول إذا قام الناس وليسوا في صلاة وهو يقومون للعبد الداخل تعظيما، هذا القيام يجب أن يُخَصّ لله رب العالمين.
من أجل ذلك كان بعض السلف يتحرّج جدا جدا من أن يقوم الناس له وفي مقدمة هؤلاء رجل من أفاضل علماء الحديث والفقه الحنبلي ألا وهو أبو عبد الله بن بطة فقد كان يكره هذ القيام كراهة تحريميّة.
وقد اتفق أنه خرج ذات يوم مع صاحب له شاعر إلى السوق فمرّ بأحد أهل العلم والفضل فقام هذا الرجل العالم الفاضل لابن بطة لما مرّ به لكن هذا العالم الفاضل يعلم كراهية ابن بطة لهذا القيام فاعتذر له ببيتيْن من الشعر لطيفين جدا ولكن كان الرد ألطف من ذلك وأقوى، قال معتذرا
" لا تلمني على القيام فحقي *** حين تبدو ألا أمل القيام
أنت من أكرم البرية عندي *** ومن الحق أن أجِلّ الكرام" .
فقال ابن بطة لصاحبه الشاعر وأغلب العلماء لا ينظِمون الشعر لكن صاحبه شاعر ومتفقّه بفقه ابن بطة فقال له أجِبْه عني، قال له على البديهة
" أنت إن كنت لأعدمتك ترعى *** لي حقا وتظهر الإعظاما
فلك الفضل في التقدم والعلم *** ولسنا نحب منك احتشاما
فاعفني الأن من قيامك هذا أولا *** فسأجزيك بالقيام قياما
وأنا كاره لذلك جدا *** إن فيه تملقا وآثاما
لا تكلف أخاك أن يتلقاك *** بما يستحل فيه الحراما
-وهنا الحكمة البالغة -
وإذا صحت الضمائر منا *** اكتفينا من أن نتعب الأجساما
كلنا واثق بود أخيه *** ففيم انزعاجنا وعلام "
هذا منتهى الحكمة وهذه ثمرة اتباع السنّة ونسأل الله عز وجل أن يجعلنا من أهل السنّة، نعم.
ما قولكم في الحديث : "لا تصوموا يوم السبت ..." وما صحته . وهل يصام إذا وافق يوم عرفة ؟
السائل : ما قولكم في الحديث الذي جاء فيه ( لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم ) هل هذا صحيح أم لا؟ وهل نصوم في وقت الوقفة وغيره؟
الشيخ : هناك تساجيل وعما قريب كنا في جمع مبارك وجرى بحث طويل في هذه المسألة وهناك بعض إخواننا يُسجّلون مثل هذه المجالس الطيبّة إن شاء الله وخلاصة ذلك أن هذا الحديث حديث صحيح ونصّه ( لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم ولو لم يجد أحدكم إلا لحاء شجرة فليمضغه ) والأيام الفضيلة التي لها فضائل خاصة كيوم عرفة وعاشوراء والأيام البيض ونحو ذلك، إذا اتفق يوم منها يوم سبْت فهنا قاعدة فقهية تقول " إذا تعارض حاظر أي مانع ناه مع نص مبيح قُدِّم النص الحاظر على النص المبيح " مثاله الذي يُقرِّب لكم هذه القضية إذا جاء يوم الاثنين يوم عيد وهو يوم فضيلة كذلك يوم الخميس جاء يوم عيد الفطر فهل يُصام؟ هل تتغلّب فضيلة صيام هذا اليوم على النهي عن صوم يوم العيد أم العكس هو الصواب؟ لا شك أن الصواب تقديم النهي على فضيلة صيام يوم الاثنين عند التعارض، هذا مثال لما يقوله العلماء " إذا تعارض الحاظر والمبيح قُدِّم الحاظر على المبيح " ثم لا يتوهّمن أحد أن في تقديم الحاظر على المبيح خسارة لفضيلة ذلك اليوم الذي تركناه اتباعا لنهيه عليه الصلاة والسلام، ليس في ذلك شيء من الخسارة كما يتوهّم الكثيرون من الناس ذلك لقوله صلى الله عليه وأله وسلم ( من ترك شيئا لله عوّضه الله خيرا منه ) فمن وقع في حيْص بيْص يوم العيد لاتفاق هذا اليوم مع يوم الاثنين فتساءل أصوم يوم الاثنين لفضيلته أم أدعه لنهي النبي صلى الله عليه وسلام عن صوم يوم العيد فترك صيام يوم الاثنين لنهي الرسول عن صوم يوم العيد، هنا يأتي الحديث السابق ( من ترك شيئا لله عوّضه الله خيرا منه ) فهذا الذي لم يصم يوم العيد مع مُوافقته ليوم الاثنين لم يخسر بل ربح بشهادة هذا الحديث، كذلك نقول ( لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم ) فمن ترك صيام يوم نفل له فضيلة لموافقته يوم الاثنين عوّضه الله خيرا منه، هذا ما يُذكر لهذا السؤال أو لهذا السؤال، نعم؟ عفوا إذا وافق يوم السبت وأنا أسف أنني أخطأ أحيانا لأني أحصر ذهني في الوصول إلى الغاية التي أريد أن أبيّنها للناس، نعم.
السائل : جزاكم الله خيرا.
الشيخ : هناك تساجيل وعما قريب كنا في جمع مبارك وجرى بحث طويل في هذه المسألة وهناك بعض إخواننا يُسجّلون مثل هذه المجالس الطيبّة إن شاء الله وخلاصة ذلك أن هذا الحديث حديث صحيح ونصّه ( لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم ولو لم يجد أحدكم إلا لحاء شجرة فليمضغه ) والأيام الفضيلة التي لها فضائل خاصة كيوم عرفة وعاشوراء والأيام البيض ونحو ذلك، إذا اتفق يوم منها يوم سبْت فهنا قاعدة فقهية تقول " إذا تعارض حاظر أي مانع ناه مع نص مبيح قُدِّم النص الحاظر على النص المبيح " مثاله الذي يُقرِّب لكم هذه القضية إذا جاء يوم الاثنين يوم عيد وهو يوم فضيلة كذلك يوم الخميس جاء يوم عيد الفطر فهل يُصام؟ هل تتغلّب فضيلة صيام هذا اليوم على النهي عن صوم يوم العيد أم العكس هو الصواب؟ لا شك أن الصواب تقديم النهي على فضيلة صيام يوم الاثنين عند التعارض، هذا مثال لما يقوله العلماء " إذا تعارض الحاظر والمبيح قُدِّم الحاظر على المبيح " ثم لا يتوهّمن أحد أن في تقديم الحاظر على المبيح خسارة لفضيلة ذلك اليوم الذي تركناه اتباعا لنهيه عليه الصلاة والسلام، ليس في ذلك شيء من الخسارة كما يتوهّم الكثيرون من الناس ذلك لقوله صلى الله عليه وأله وسلم ( من ترك شيئا لله عوّضه الله خيرا منه ) فمن وقع في حيْص بيْص يوم العيد لاتفاق هذا اليوم مع يوم الاثنين فتساءل أصوم يوم الاثنين لفضيلته أم أدعه لنهي النبي صلى الله عليه وسلام عن صوم يوم العيد فترك صيام يوم الاثنين لنهي الرسول عن صوم يوم العيد، هنا يأتي الحديث السابق ( من ترك شيئا لله عوّضه الله خيرا منه ) فهذا الذي لم يصم يوم العيد مع مُوافقته ليوم الاثنين لم يخسر بل ربح بشهادة هذا الحديث، كذلك نقول ( لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم ) فمن ترك صيام يوم نفل له فضيلة لموافقته يوم الاثنين عوّضه الله خيرا منه، هذا ما يُذكر لهذا السؤال أو لهذا السؤال، نعم؟ عفوا إذا وافق يوم السبت وأنا أسف أنني أخطأ أحيانا لأني أحصر ذهني في الوصول إلى الغاية التي أريد أن أبيّنها للناس، نعم.
السائل : جزاكم الله خيرا.
3 - ما قولكم في الحديث : "لا تصوموا يوم السبت ..." وما صحته . وهل يصام إذا وافق يوم عرفة ؟ أستمع حفظ
ما حكم السترة، والدنو منها ؟
السائل : إذا كان إنسان يُصلي إلى سترة وبينه وبين السترة مسافة متر ولكن متيقّن أن هذه المسافة لا يمر منها أحد، هل يكون قد أصاب السنّة أم يجب عليه أن يدنو منها؟ جزاك الله خيرا.
الشيخ : أنا أرجو للذي يختار الأسئلة أن تكون أسئلة حديثة جديدة لأن مثل هذا السؤال تكرّر مرارا وإن كان كما يقولون في التكرار فائدة ولكن أيضا قد يكون فيها إملالا لبعض الناس إذا ما اتفق لهم أنهم سمعوا السؤال والجواب معا، ولا بد وقد طُرِح السؤال من الجواب فأقول، نعم؟ كيف؟ تفضل، نعم.
السائل : ... .
الشيخ : خلاص السؤال؟ طيب، لا بد من السؤال، من الإجابة على السؤال الأول، لكن جواب عن السؤال الثاني مختصر إن شاء الله فنبدأ به، فأقول سترة الإمام فعلا سترة لمن خلفه، فإذا كان مسبوقا بركعة أو بأكثر فسلّم الإمام وقام المسبوق لإتمام صلاته فإذا استمر في صلاته فلا شيء عليه ولكن إذا كانت السترة قريبة منه يمينه أو يساره أو أمامه فتقدّم خطوة أو خطوة أخرى بحيث لا يتكلّف المشي إذا رأه أحد ظن أنه ليس في صلاة فبهذا القيد إذا تيسّرت له سترة فينبغي أن يتستّر بها ذلك لأنه وإن كان مسبوقا وهو لا يزال في حكم المقتدي فيُخشى أن يمرّ أحد بين يديه وقد يكون المار ممن يُبطل الصلاة كما جاء في الحديث المعروف وهو حديث أبي ذر رضي الله تبارك وتعالى عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وأله وسلم ( يقطع صلاةَ أحدكم إذا لم يكن بين يديه مثل مؤخرة الرحل المرأة والحمار والكلب الأسود ) قالوا ما بال الكلب الأسود؟ قال ( إنه شيطان ) فخشية أن يمر شيء من هذه الأنواع الثلاثة أو غير ذلك فيقطع عليه صلاته ويكون القطع بمعنى الإبطال أو بمعنى تخفيف الأجر فينبغي أن يتقدّم تقدّما بسيطا إلى سترة وإلا فهو في حكم المقتدي بالإمام.
أما الجواب عن السؤال الأول حول السترة فأقول إن هذه المسألة قد تساهل بها جماهير المصلين حيث يدخل أحدهم المسجد أيّ مسجد كان فيقف في منتصف المسجد ويصلي لا إلى سترة وهذا فيه مخالفة لعديد من الأحاديث، أولها حديث أبي ذر السابق ذكره، ثانيها أحاديث تدور حول النص الأتي وهو قوله عليه الصلاة والسلام ( إذا صلى أحدكم فليصلي إلى سترة ) وفي لفظ أخر ( فليدن من سترته لا يقطع الشيطان عليه صلاته ) ( لا يقطع الشيطان عليه صلاته ) هذا الشيطان هو من الجن الذي لا يُرى فإذا عُرِفت هذه الحقيقة يتبيّن أن السؤال الذي طُرِح أنفا ويُطرح عادة أن أحدا يصلي في مكان ليس فيه من يُظن أنه سيمر بين يديه، لا يقولن أحد هذا فقد يكون المار بين يديه من الجنس الذي قال ربنا عز وجل عنه في القرأن (( إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم )) إنه أي إبليس الرجيم وذريته إنه يراكم من حيث لا ترونهم.
فلذلك ينبغي أن يتستر ولو كان في مكان خالٍ لا يُظن أن أحدا يمر به، وقد جاء في "صحيح مسلم" أن النبي صلى الله عليه وأله وسلم كان يُصلي ذات يوم بأصحابه فرأوه قد همّ كأنه يُريد أن يقبض على شيء أو قبض بالفعل فلما سلّم سألوه عن ذلك، قال ( إن الشيطان هم أن يُلقِيَ شعلة من نار وأن يمر بين يديّ فقبضته وكدت أن أخنقه حتى وجدت برد لعابه في أصابع يدي ولولا دعوة أخي سليمان عليه السلام (( رب هب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي )) لأصبح مربوطا بسارية من سواري مسجد المدينة يلعب به الصبيان ) صلى الله عليه وأله وسلم وهو سيّد البشر وأخشع الخاشعين لرب العالمين همّ الشيطان أن يقطع عليه صلاته فما بالنا نحن، ولذلك فالسترة لا تُتخذ فقط لمنع مرور شياطين الإنس بل وشياطين الجن أيضا.
ولذلك يجب الاهتمام بالصلاة إلى السترة في أي مكان كان المصلي سواء كان في العراء أو كان في المسجد، في المسجد يدنو من السترة من الجدار من السارية من جالس من إنسان جالس يُصلي أو يذكر الله أو ما شابه ذلك وكلنا يعلم أن النبي صلى الله عليه وأله وسلم كان يُصلي صلاة العيدين في المصلى وكان يأخذ معه الحربة فتُنصب بين يديه يصلي إليها، هذا تطبيق منه عليه السلام لما أمر به أمته من قوله كما سبق ( إذا صلى أحدكم فليصل إلى سترة ) ( إذا صلى أحدكم فليدن من سترته لا يقطع الشيطان عليه صلاته ) أي خشية أن يقطع الشيطان عليه صلاته.
اسمح لي يا أخي عم أقلك حسن السؤال نصف العلم فأنت فاجأتنا بصورة غريبة جدا، قل إذا كنت هكذا أنا أعطيك الجواب الأن على الرغم مما وصفت، أسألك الأن السترة ما حُكمها بعد أن سمعت قوله عليه السلام ( فليدن من سترته ) ( فليصل إلى سترته لا يقطع الشيطان عليه صلاته ) أمستحب أم أمر مؤكّد واجب؟ طيب والصلاة في الصف الأول واجب؟ لا ليس واجبا، ليس بواجب، لا تأتي بدليل، قبل كل شيء تأكّد مما تقول، هل أنت مصر على أنه الصف الأول واجب فإذا صلى المصلي في الصف الثاني يكون أثما؟
السائل : ... .
الشيخ : فإذًا لماذا تقول واجبا؟ اسمع يا أخي الله يهديك، لماذا تقول واجب مادام أنه لا يأثم من صلى في الصف الثاني أليس كذلك؟
السائل : ... .
الشيخ : طيب والذي يستطيع أن يُصلي إلى سترة ويترك الصلاة إلى سترة أليس أثما؟ هكذا يجب التوفيق بين الأحاديث، قلنا أنفا إذا دار الأمر بين مُخالفة الحاضر وبين ترك الإيش؟ المباح وهو المستحب، قُدِّم إيش؟ الحاضر على المُبيح، الأن أنت إذا تركت الصلاة إلى سُترة تكون أثما وهذا محظور وإذا أنت تركت الصلاة في الصف الأول لست أثما.
على هذا أقول لك إذا صليت هنا كما وصفت لي مسجد كهذا وأنا قلّ ما أجد مسجد في الدنيا خالية من سارية ومن عمود، أنت هكذا وأنا بامشي معك لأنه عندنا مثل في سورية "ها اللي ما بجي معك ... معه" الأن أتصوّر المسجد هكذا، لا تجد مثل هذه الزاوية تراها هناك مُمكن أن تتستر بها، ما وجدت شيئا إلا أن تتقدّم، إذا تقدّمت وصلّيت هنا وأقيمت الصلاة ثمّ تأخّرت، هل يدعوك تصلي أمام الإمام أم يفتحون لك طريقا، قل لي واحدة؟ طيب هذه الطريق إما أن تُفتح لك في الصف الأول أو الثاني أو الثالث، المهم ستجد لك مأوى في صف إما الأول أو الثاني أو ما شاء الله وبذلك لا تكون أثما لكنك إذا حرصت أن تصلي في الصف الأول ولا إلى سترة فيُخشى عليك أن تُفسد صلاتك ولذلك " فالحاظر مُقدم على المبيح " وهذه قاعدة في الواقع أنا لمستها لمس اليد، قاعدة إذا طبّقها المسلم في عشرات المسائل يكون مُوفّقا فيها وفقيها بها إن شاء الله تبارك وتعالى.
الخلاصة السترة واجبة ولذلك الأئمة أنا أرى الأئمة الأن يُصلون في وسط المسجد ولا يضعون بين أيديهم سترة، وهذا بسبب غفلتهم عن هذه الأحاديث وعن خاصة المذهب الحنبلي الذي يُبطل الصلاة بمرور شيء من هذه الأشياء الثلاثة لصحة الحديث في ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وأله وسلم، تفضل.
الشيخ : أنا أرجو للذي يختار الأسئلة أن تكون أسئلة حديثة جديدة لأن مثل هذا السؤال تكرّر مرارا وإن كان كما يقولون في التكرار فائدة ولكن أيضا قد يكون فيها إملالا لبعض الناس إذا ما اتفق لهم أنهم سمعوا السؤال والجواب معا، ولا بد وقد طُرِح السؤال من الجواب فأقول، نعم؟ كيف؟ تفضل، نعم.
السائل : ... .
الشيخ : خلاص السؤال؟ طيب، لا بد من السؤال، من الإجابة على السؤال الأول، لكن جواب عن السؤال الثاني مختصر إن شاء الله فنبدأ به، فأقول سترة الإمام فعلا سترة لمن خلفه، فإذا كان مسبوقا بركعة أو بأكثر فسلّم الإمام وقام المسبوق لإتمام صلاته فإذا استمر في صلاته فلا شيء عليه ولكن إذا كانت السترة قريبة منه يمينه أو يساره أو أمامه فتقدّم خطوة أو خطوة أخرى بحيث لا يتكلّف المشي إذا رأه أحد ظن أنه ليس في صلاة فبهذا القيد إذا تيسّرت له سترة فينبغي أن يتستّر بها ذلك لأنه وإن كان مسبوقا وهو لا يزال في حكم المقتدي فيُخشى أن يمرّ أحد بين يديه وقد يكون المار ممن يُبطل الصلاة كما جاء في الحديث المعروف وهو حديث أبي ذر رضي الله تبارك وتعالى عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وأله وسلم ( يقطع صلاةَ أحدكم إذا لم يكن بين يديه مثل مؤخرة الرحل المرأة والحمار والكلب الأسود ) قالوا ما بال الكلب الأسود؟ قال ( إنه شيطان ) فخشية أن يمر شيء من هذه الأنواع الثلاثة أو غير ذلك فيقطع عليه صلاته ويكون القطع بمعنى الإبطال أو بمعنى تخفيف الأجر فينبغي أن يتقدّم تقدّما بسيطا إلى سترة وإلا فهو في حكم المقتدي بالإمام.
أما الجواب عن السؤال الأول حول السترة فأقول إن هذه المسألة قد تساهل بها جماهير المصلين حيث يدخل أحدهم المسجد أيّ مسجد كان فيقف في منتصف المسجد ويصلي لا إلى سترة وهذا فيه مخالفة لعديد من الأحاديث، أولها حديث أبي ذر السابق ذكره، ثانيها أحاديث تدور حول النص الأتي وهو قوله عليه الصلاة والسلام ( إذا صلى أحدكم فليصلي إلى سترة ) وفي لفظ أخر ( فليدن من سترته لا يقطع الشيطان عليه صلاته ) ( لا يقطع الشيطان عليه صلاته ) هذا الشيطان هو من الجن الذي لا يُرى فإذا عُرِفت هذه الحقيقة يتبيّن أن السؤال الذي طُرِح أنفا ويُطرح عادة أن أحدا يصلي في مكان ليس فيه من يُظن أنه سيمر بين يديه، لا يقولن أحد هذا فقد يكون المار بين يديه من الجنس الذي قال ربنا عز وجل عنه في القرأن (( إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم )) إنه أي إبليس الرجيم وذريته إنه يراكم من حيث لا ترونهم.
فلذلك ينبغي أن يتستر ولو كان في مكان خالٍ لا يُظن أن أحدا يمر به، وقد جاء في "صحيح مسلم" أن النبي صلى الله عليه وأله وسلم كان يُصلي ذات يوم بأصحابه فرأوه قد همّ كأنه يُريد أن يقبض على شيء أو قبض بالفعل فلما سلّم سألوه عن ذلك، قال ( إن الشيطان هم أن يُلقِيَ شعلة من نار وأن يمر بين يديّ فقبضته وكدت أن أخنقه حتى وجدت برد لعابه في أصابع يدي ولولا دعوة أخي سليمان عليه السلام (( رب هب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي )) لأصبح مربوطا بسارية من سواري مسجد المدينة يلعب به الصبيان ) صلى الله عليه وأله وسلم وهو سيّد البشر وأخشع الخاشعين لرب العالمين همّ الشيطان أن يقطع عليه صلاته فما بالنا نحن، ولذلك فالسترة لا تُتخذ فقط لمنع مرور شياطين الإنس بل وشياطين الجن أيضا.
ولذلك يجب الاهتمام بالصلاة إلى السترة في أي مكان كان المصلي سواء كان في العراء أو كان في المسجد، في المسجد يدنو من السترة من الجدار من السارية من جالس من إنسان جالس يُصلي أو يذكر الله أو ما شابه ذلك وكلنا يعلم أن النبي صلى الله عليه وأله وسلم كان يُصلي صلاة العيدين في المصلى وكان يأخذ معه الحربة فتُنصب بين يديه يصلي إليها، هذا تطبيق منه عليه السلام لما أمر به أمته من قوله كما سبق ( إذا صلى أحدكم فليصل إلى سترة ) ( إذا صلى أحدكم فليدن من سترته لا يقطع الشيطان عليه صلاته ) أي خشية أن يقطع الشيطان عليه صلاته.
اسمح لي يا أخي عم أقلك حسن السؤال نصف العلم فأنت فاجأتنا بصورة غريبة جدا، قل إذا كنت هكذا أنا أعطيك الجواب الأن على الرغم مما وصفت، أسألك الأن السترة ما حُكمها بعد أن سمعت قوله عليه السلام ( فليدن من سترته ) ( فليصل إلى سترته لا يقطع الشيطان عليه صلاته ) أمستحب أم أمر مؤكّد واجب؟ طيب والصلاة في الصف الأول واجب؟ لا ليس واجبا، ليس بواجب، لا تأتي بدليل، قبل كل شيء تأكّد مما تقول، هل أنت مصر على أنه الصف الأول واجب فإذا صلى المصلي في الصف الثاني يكون أثما؟
السائل : ... .
الشيخ : فإذًا لماذا تقول واجبا؟ اسمع يا أخي الله يهديك، لماذا تقول واجب مادام أنه لا يأثم من صلى في الصف الثاني أليس كذلك؟
السائل : ... .
الشيخ : طيب والذي يستطيع أن يُصلي إلى سترة ويترك الصلاة إلى سترة أليس أثما؟ هكذا يجب التوفيق بين الأحاديث، قلنا أنفا إذا دار الأمر بين مُخالفة الحاضر وبين ترك الإيش؟ المباح وهو المستحب، قُدِّم إيش؟ الحاضر على المُبيح، الأن أنت إذا تركت الصلاة إلى سُترة تكون أثما وهذا محظور وإذا أنت تركت الصلاة في الصف الأول لست أثما.
على هذا أقول لك إذا صليت هنا كما وصفت لي مسجد كهذا وأنا قلّ ما أجد مسجد في الدنيا خالية من سارية ومن عمود، أنت هكذا وأنا بامشي معك لأنه عندنا مثل في سورية "ها اللي ما بجي معك ... معه" الأن أتصوّر المسجد هكذا، لا تجد مثل هذه الزاوية تراها هناك مُمكن أن تتستر بها، ما وجدت شيئا إلا أن تتقدّم، إذا تقدّمت وصلّيت هنا وأقيمت الصلاة ثمّ تأخّرت، هل يدعوك تصلي أمام الإمام أم يفتحون لك طريقا، قل لي واحدة؟ طيب هذه الطريق إما أن تُفتح لك في الصف الأول أو الثاني أو الثالث، المهم ستجد لك مأوى في صف إما الأول أو الثاني أو ما شاء الله وبذلك لا تكون أثما لكنك إذا حرصت أن تصلي في الصف الأول ولا إلى سترة فيُخشى عليك أن تُفسد صلاتك ولذلك " فالحاظر مُقدم على المبيح " وهذه قاعدة في الواقع أنا لمستها لمس اليد، قاعدة إذا طبّقها المسلم في عشرات المسائل يكون مُوفّقا فيها وفقيها بها إن شاء الله تبارك وتعالى.
الخلاصة السترة واجبة ولذلك الأئمة أنا أرى الأئمة الأن يُصلون في وسط المسجد ولا يضعون بين أيديهم سترة، وهذا بسبب غفلتهم عن هذه الأحاديث وعن خاصة المذهب الحنبلي الذي يُبطل الصلاة بمرور شيء من هذه الأشياء الثلاثة لصحة الحديث في ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وأله وسلم، تفضل.
بمناسبة هذه الكلمة الطيبة حول التفرق وليس هناك تفرق كتفرق المسلمين عامة والملتزمبن خاصة فكيف يجتمع المسلمون وجزاكم الله خيرا ؟
السائل : يا شيخنا بمناسبة هذه الكلمة الطيبة حول التفرّق وليس هناك تفرّق كتفرق المسلمين عامة والملتزمين خاصة فكيف يجتمع المسلمون؟ وجزاكم الله خيرا.
الشيخ : الله المستعان ولا حول ولا قوة إلا بالله، لا سبيل حقيقة لتوحيد كلمة المسلمين وجمع صفوفهم إلا بالرجوع إلى كتاب ربهم وسنّة نبيّهم وعلى منهج سلفهم الصالح رضي الله عنهم وكثير من الدعاة الإسلاميين اليوم على الأقل وجدوا أنفسهم منصاعين للخضوع لدعوة الحق وهي دعوة الكتاب والسنّة فأخذوا يتظاهرون بأنهم أيضا هم على الكتاب والسنّة أو أنهم يدْعون إلى الكتاب والسنّة لكننا نرى فرقا كبيرا جدا بين الدعاة الأصيليّين في هذه الدعوة منذ مئات السنين منذ تنبّه لها شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وتلامذته الأبراب حينما أحيوْا الأمر بالرجوع إلى الكتاب والسنّة ومنهج السلف الصالح قامت هذه النهضة في العصر الحاضر على أصوات دعاة الإصلاح الحق وهم الذين يُعرفون في بعض البلاد العربية بأنصار السنّة المحمدية وفي بعضٍ أخرى بالسلفيّين الدعاة إلى مذهب السلف الصالح، وفي بلاد إسلامية أخرى يُعرفون بأهل الحديث أو بأهل الأثار لما قام هؤلاء فقد تحقّقت أجزاء كبيرة من هذه الغاية العظيمة جدا وهي انتباه كثير من أطراف العالم الإسلامي لوجوب الرجوع إلى الكتاب والسنّة وعلى منهج السلف الصالح لكن بعض الدعاة الذين لم يتشرّبوا هذه الدعوة بقلوبهم ولم تجري في جوارحهم مجرى الدم من أبدانهم، يكتفون بالدعوة إلى الكتاب والسنّة وهي كلمة لم يظهر بعد أثارها في دعوة هؤلاء عمليا.
لذلك فالكلمة التي تجمع الأمة هي بالرجوع إلى الكتاب والسنّة وعلى منهج السلف الصالح، أما الرجوع إلى الكتاب والسنّة فهذا أمرٌ أصبح أمرا متفقا عليه والحمد لله الأن ولو في الظاهر بين جميع الجماعات الإسلامية لصريح القرأن في ذلك كما قال عز وجل (( فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الأخر ذلك خير وأحسن تأويلا )) هذا نص صريح بالرجوع إلى الكتاب والسنّة لأن علماء التفسير اتفقوا على أن الرجوع إلى الله إنما هو الرجوع إلى كتابه والرد إلى الرسول إنما هو الرجوع إلى سنّته.
أما اشتراط الرجوع إلى الكتاب والسنّة زائد على منهج السلف الصالح فلقول الله تبارك وتعالى ولأحاديث أيّدت معنى هذه الأية ألا وهي قوله عز وجل (( ومن يُشاقق الرسول من بعد ما تبيّن له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نولّه ما تولى ونُصله جهنم وساءت مصيرا )) الشاهد من هذه الأية (( ويتبع غير سبيل المؤمنين )) كان يُمكن أن تكون الأية مختصرة على نحو ومن يُشاقق الرسول من بعد ما تبيّن له الهدى نُولّه ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا دون قوله (( ويتبع غير سبيل المؤمنين )) فلماذا ذكر رب العالمين هذه الجملة؟ عبثا؟ حاشاه عز وجل فكل كلمة بل كل حرف في كلامه عز وجل له معنًى يفهمه أهل اللغة التي نزل القرأن بلغتهم فقوله تبارك وتعالى (( ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين )) فيه إشارة إلى أنه لا يجوز للمسلمين في أخر الزمان أن يُفسّروا القرأن أو أن يُفسّروا السنّة على ما يبدو لهم من أراء واجتهادات محدثة بل عليهم أن يتبعوا سبيل المؤمين في فهمهم لكلام رب العالمين وشرحهم لسنّة سيد المرسلين، لذلك كان من أصول تفسير القرأن الكريم كما ذكر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في مقدمة التفسير "أصول في مقدمة التفسير" ذكر أنه إذا جاء قولان عن السلف في تفسير أية ما فلا يجوز لنا أن نُحدث قولا ثالثا وإذا جاء عنهم ثلاثة أقوال فلا يجوز لنا أن نُحدث قولا رابعا وإنما علينا أن نُرجّح قولا من تلك الأقوال بناءً على الأدلة التي تُسوّغ لنا أن نُرجّح، أما أن نحدث قولا جديدا فهذا خلاف طريق المسلمين، سبيل المسلمين، من أجل ذلك قال تعالى في هذه الأية الكريمة (( ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبيّن له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا )) .
إذًا كان ضروريا جدا أن ندعوَ إلى كتاب الله وسنّة رسول الله وعلى منهج السلف الصالح لأنه هو سبيل المؤمنين الذي أوْعد الله عز وجل أن من خالف سبيل المؤمنين ولاه ما تولى ويصليه جهنم وساءت مصيرا.
قلت أنفا بأن هناك بعض الأحاديث أو بعض الأحاديث تؤيّد هذا ال، هذه الزيادة ليست هي زيادة إلا على الفرضيّة السابقة، تؤيّد قوله تعالى (( ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين )) تلك الأحاديث تُحذر من مخالفة سبيل المؤمنين فتلتقي مع الأية كمثل قوله عليه الصلاة والسلام فيما رواه العرباض بن سارية رضي الله عنه في الحديث المعروف حيث قال وعظنا رسول الله صلى الله عليه وأله وسلم موعظة ذرفت منها العيون ووجلت منه القلوب فقلنا يا رسول الله إنا نراك توصينا وصيّة مودع فأوصنا وصية لا نحتاج إلى أحد بعدك أبدا فقال عليه الصلاة والسلام ( أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن وُلّي عليكم عبد حبشي وإنه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا فعليكم بسنتي وسنّة الخلفاء الراشدين المهديّين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلاله ) الشاهد من هذا الحديث أنها كأنه اقتباس من الأية السابقة، ذلك لأن النبي صلى الله عليه وأله وسلم لم يقتصر على قوله فقط ( عليكم بسنتي ) بل عطف عليها فقال ( وسنّة الخلفاء الراشدين المهديّين من بعدي ) لماذا هذه العطف؟ إذا عرفتم النكتة في قوله تعالى في الأية السابقة (( ويتبع غير سبيل المؤمنين )) تعرفون أيضا لماذا قال عليه السلام ( وسنّة الخلفاء الراشدين ) أي إن الخلفاء الراشدين هم الذين تلقّوْا دعوة النبي صلى الله عليه وأله وسلم مُطبّقة ومنهاج حياة فهم ينقلون ذلك إلى من بعدهم فعلى من بعدهم أن يتبعوهم في منهجهم وفي سبيلهم الذي صاروا عليه.
من هذا القبيل أيضا وبه أختم الجواب عن هذا السؤال إن شاء الله تبارك وتعالى الحديث المشهور المروي عن أكثر واحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وأله وسلم ومنهم أبو هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وأله وسلم ( تفرّقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة وتفرّقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة وستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة قالوا من هي؟ يا رسول الله قال ( هي ما أنا عليه والجماعة ) وفي رواية أخرى ( هي ما أنا عليه وأصحابي ) إذًا عطف على ما كان عليه الرسول ما كان عليه أصحابه.
فإذًا لا ينبغي أن نقتصر في الدعوة حينما ندعو إلى الكتاب والسنّة فقط بل علينا أيضا أن نُتْبع ذلك بقولنا وعلى منهج السلف الصالح لأنه ذلك سبيل المؤمنين وهذا هو السبيل الذي على كل المسلمين أن يسلكوه، فإذا سلكوا هذا السبيل اجتمعت الكلمة واتحدت الصفوف ولا سبيل سوى هذا والأمر كما قال تعالى (( وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله )) وبهذا القدر الكفاية والحمد لله رب العالمين، يكفي هذا إن شاء الله لأن صوتي بدأ يبح.
السائل : جزاك الله خير.
الشيخ : الله المستعان ولا حول ولا قوة إلا بالله، لا سبيل حقيقة لتوحيد كلمة المسلمين وجمع صفوفهم إلا بالرجوع إلى كتاب ربهم وسنّة نبيّهم وعلى منهج سلفهم الصالح رضي الله عنهم وكثير من الدعاة الإسلاميين اليوم على الأقل وجدوا أنفسهم منصاعين للخضوع لدعوة الحق وهي دعوة الكتاب والسنّة فأخذوا يتظاهرون بأنهم أيضا هم على الكتاب والسنّة أو أنهم يدْعون إلى الكتاب والسنّة لكننا نرى فرقا كبيرا جدا بين الدعاة الأصيليّين في هذه الدعوة منذ مئات السنين منذ تنبّه لها شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وتلامذته الأبراب حينما أحيوْا الأمر بالرجوع إلى الكتاب والسنّة ومنهج السلف الصالح قامت هذه النهضة في العصر الحاضر على أصوات دعاة الإصلاح الحق وهم الذين يُعرفون في بعض البلاد العربية بأنصار السنّة المحمدية وفي بعضٍ أخرى بالسلفيّين الدعاة إلى مذهب السلف الصالح، وفي بلاد إسلامية أخرى يُعرفون بأهل الحديث أو بأهل الأثار لما قام هؤلاء فقد تحقّقت أجزاء كبيرة من هذه الغاية العظيمة جدا وهي انتباه كثير من أطراف العالم الإسلامي لوجوب الرجوع إلى الكتاب والسنّة وعلى منهج السلف الصالح لكن بعض الدعاة الذين لم يتشرّبوا هذه الدعوة بقلوبهم ولم تجري في جوارحهم مجرى الدم من أبدانهم، يكتفون بالدعوة إلى الكتاب والسنّة وهي كلمة لم يظهر بعد أثارها في دعوة هؤلاء عمليا.
لذلك فالكلمة التي تجمع الأمة هي بالرجوع إلى الكتاب والسنّة وعلى منهج السلف الصالح، أما الرجوع إلى الكتاب والسنّة فهذا أمرٌ أصبح أمرا متفقا عليه والحمد لله الأن ولو في الظاهر بين جميع الجماعات الإسلامية لصريح القرأن في ذلك كما قال عز وجل (( فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الأخر ذلك خير وأحسن تأويلا )) هذا نص صريح بالرجوع إلى الكتاب والسنّة لأن علماء التفسير اتفقوا على أن الرجوع إلى الله إنما هو الرجوع إلى كتابه والرد إلى الرسول إنما هو الرجوع إلى سنّته.
أما اشتراط الرجوع إلى الكتاب والسنّة زائد على منهج السلف الصالح فلقول الله تبارك وتعالى ولأحاديث أيّدت معنى هذه الأية ألا وهي قوله عز وجل (( ومن يُشاقق الرسول من بعد ما تبيّن له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نولّه ما تولى ونُصله جهنم وساءت مصيرا )) الشاهد من هذه الأية (( ويتبع غير سبيل المؤمنين )) كان يُمكن أن تكون الأية مختصرة على نحو ومن يُشاقق الرسول من بعد ما تبيّن له الهدى نُولّه ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا دون قوله (( ويتبع غير سبيل المؤمنين )) فلماذا ذكر رب العالمين هذه الجملة؟ عبثا؟ حاشاه عز وجل فكل كلمة بل كل حرف في كلامه عز وجل له معنًى يفهمه أهل اللغة التي نزل القرأن بلغتهم فقوله تبارك وتعالى (( ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين )) فيه إشارة إلى أنه لا يجوز للمسلمين في أخر الزمان أن يُفسّروا القرأن أو أن يُفسّروا السنّة على ما يبدو لهم من أراء واجتهادات محدثة بل عليهم أن يتبعوا سبيل المؤمين في فهمهم لكلام رب العالمين وشرحهم لسنّة سيد المرسلين، لذلك كان من أصول تفسير القرأن الكريم كما ذكر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في مقدمة التفسير "أصول في مقدمة التفسير" ذكر أنه إذا جاء قولان عن السلف في تفسير أية ما فلا يجوز لنا أن نُحدث قولا ثالثا وإذا جاء عنهم ثلاثة أقوال فلا يجوز لنا أن نُحدث قولا رابعا وإنما علينا أن نُرجّح قولا من تلك الأقوال بناءً على الأدلة التي تُسوّغ لنا أن نُرجّح، أما أن نحدث قولا جديدا فهذا خلاف طريق المسلمين، سبيل المسلمين، من أجل ذلك قال تعالى في هذه الأية الكريمة (( ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبيّن له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا )) .
إذًا كان ضروريا جدا أن ندعوَ إلى كتاب الله وسنّة رسول الله وعلى منهج السلف الصالح لأنه هو سبيل المؤمنين الذي أوْعد الله عز وجل أن من خالف سبيل المؤمنين ولاه ما تولى ويصليه جهنم وساءت مصيرا.
قلت أنفا بأن هناك بعض الأحاديث أو بعض الأحاديث تؤيّد هذا ال، هذه الزيادة ليست هي زيادة إلا على الفرضيّة السابقة، تؤيّد قوله تعالى (( ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين )) تلك الأحاديث تُحذر من مخالفة سبيل المؤمنين فتلتقي مع الأية كمثل قوله عليه الصلاة والسلام فيما رواه العرباض بن سارية رضي الله عنه في الحديث المعروف حيث قال وعظنا رسول الله صلى الله عليه وأله وسلم موعظة ذرفت منها العيون ووجلت منه القلوب فقلنا يا رسول الله إنا نراك توصينا وصيّة مودع فأوصنا وصية لا نحتاج إلى أحد بعدك أبدا فقال عليه الصلاة والسلام ( أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن وُلّي عليكم عبد حبشي وإنه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا فعليكم بسنتي وسنّة الخلفاء الراشدين المهديّين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلاله ) الشاهد من هذا الحديث أنها كأنه اقتباس من الأية السابقة، ذلك لأن النبي صلى الله عليه وأله وسلم لم يقتصر على قوله فقط ( عليكم بسنتي ) بل عطف عليها فقال ( وسنّة الخلفاء الراشدين المهديّين من بعدي ) لماذا هذه العطف؟ إذا عرفتم النكتة في قوله تعالى في الأية السابقة (( ويتبع غير سبيل المؤمنين )) تعرفون أيضا لماذا قال عليه السلام ( وسنّة الخلفاء الراشدين ) أي إن الخلفاء الراشدين هم الذين تلقّوْا دعوة النبي صلى الله عليه وأله وسلم مُطبّقة ومنهاج حياة فهم ينقلون ذلك إلى من بعدهم فعلى من بعدهم أن يتبعوهم في منهجهم وفي سبيلهم الذي صاروا عليه.
من هذا القبيل أيضا وبه أختم الجواب عن هذا السؤال إن شاء الله تبارك وتعالى الحديث المشهور المروي عن أكثر واحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وأله وسلم ومنهم أبو هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وأله وسلم ( تفرّقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة وتفرّقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة وستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة قالوا من هي؟ يا رسول الله قال ( هي ما أنا عليه والجماعة ) وفي رواية أخرى ( هي ما أنا عليه وأصحابي ) إذًا عطف على ما كان عليه الرسول ما كان عليه أصحابه.
فإذًا لا ينبغي أن نقتصر في الدعوة حينما ندعو إلى الكتاب والسنّة فقط بل علينا أيضا أن نُتْبع ذلك بقولنا وعلى منهج السلف الصالح لأنه ذلك سبيل المؤمنين وهذا هو السبيل الذي على كل المسلمين أن يسلكوه، فإذا سلكوا هذا السبيل اجتمعت الكلمة واتحدت الصفوف ولا سبيل سوى هذا والأمر كما قال تعالى (( وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله )) وبهذا القدر الكفاية والحمد لله رب العالمين، يكفي هذا إن شاء الله لأن صوتي بدأ يبح.
السائل : جزاك الله خير.
5 - بمناسبة هذه الكلمة الطيبة حول التفرق وليس هناك تفرق كتفرق المسلمين عامة والملتزمبن خاصة فكيف يجتمع المسلمون وجزاكم الله خيرا ؟ أستمع حفظ
ما حكم ضرب الوجه في الصرع؟، وهل يدخل الجن في الإنس ؟
السائل : السؤال من شقين، يقولون أن بعض أئمة المساجد يُعالج الصرع بالقرأن والحمد لله ولكن يُلاحظ أنهم يضربون الوجه حال القراءة أي وجه المصروع فما حكم ضرب الوجه؟ والشق الثاني هل في الأحاديث الصحيحة ما يؤيّد دخول جنّي في الإنس؟
الشيخ : إذا أفسحتم المجال لي بأن أوجز في جوابي فأقول لا يجوز ضرب الوجه بالكف وإيش كان السؤال الثاني؟
السائل : هل في الأحاديث الصحيحة.
الشيخ : وفي الأحاديث الصحيحة أن النبي صلى الله عليه وأله وسلم أخرج جنّيا من غلام كان لعجوز مر بها النبي صلى الله عليه وأله وسلم في بعض أسفاره، فهذا صحيح وأما الضرب على الوجه بالكف فهذا منهيّ عنه والغاية لا تبرر الوسيلة، وحسبكم هذا.
الشيخ : إذا أفسحتم المجال لي بأن أوجز في جوابي فأقول لا يجوز ضرب الوجه بالكف وإيش كان السؤال الثاني؟
السائل : هل في الأحاديث الصحيحة.
الشيخ : وفي الأحاديث الصحيحة أن النبي صلى الله عليه وأله وسلم أخرج جنّيا من غلام كان لعجوز مر بها النبي صلى الله عليه وأله وسلم في بعض أسفاره، فهذا صحيح وأما الضرب على الوجه بالكف فهذا منهيّ عنه والغاية لا تبرر الوسيلة، وحسبكم هذا.
كلمة لبعض المشايخ عن آداب طالب العلم مع تعليق من الشيخ الألباني على ذلك.
السائل : إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذُ بالله من شرورِ أنفسنا ومن سيئاتِ أعمالنا، من يهْدِه اللهُ فلا مضِلَّ له ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أنْ لا إله إلا اللهُ وحده لا شريك له وأشهد أنَّ محمداً عبدُه ورسولُه صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى أله وصحبه أجمعين.
فلقد تمنّيت من شيخنا جزاه الله خيرا أن يتكلم عن بعض الأداب التي ينبغي لطالب العلم أن يلتزم بها حال جلوسه مع العلماء، ولقد استفدت من شيخنا جزاه الله خيرا بعض تلك الأداب ... أن أذكّر بها إخواني ولو أنني تمنّيت أن أسمعها من الشيخ لكنه أبى ذلك جزاه الله خيرا ليعلّمنا بذلك أدبا وأبى لنتعلّم منه أدبا فأقول يا إخوة أن من الأداب التي استفدتها من شيخنا أن يحرص الواحد منا أن ينتقي سؤاله قبل أن يسأل وأن يركّز في سؤاله وأن لا يُقاطع غيره، وأن لا يُقاطع غيره ممن قد يكون في حال كلامه مع الشيخ وأن لا يُقاطع كذلك العلماء عندما يكونون في حال تكلّمهم أو شرحهم للأخرين.
كذلك بعض الإخوة يسأل الشيخ سؤال ثم ينصرف عنه ولا يُركّز معه وهذا قد حصل كثيرا ورأيناه، أن طالب العلم يسأل مسألة ولا يُركّز معه حين جوابه له، هذه من الأمور التي نقع فيها.
كذلك نقع في بعض المخالفات ومنها القيام مثل ما ذكر الشيخ، فشيخنا جزاه الله خيرا لا يُحب أن يتمثّل له الناس قياما، وكذلك الحِدّة التي يعملها بعض الإخوة أو الحدّة التي تظهر في أسئلة بعض الإخوة، فيها شيء من الجفاف ومن الحدّة وعدم الأدب مع العلماء، وهذا لمسناه مرارا.
كل ذلك، كل ما قلته يا إخوة لمسناه من خلال جلسات مع شيخنا الفاضل جزاه الله خيرا، وأتمنى من نفسي أولا ومن إخواني أن نتبّه لمثل هذه الأمور وأن نتأدّب مع علمائنا وأن نحرص على أن نسألهم الأسئلة المركّزة وعند سؤالنا لهم أن لا نذهب بعيدا بأذهاننا.
هذا ما أحببت أن أنوّه إليه وأتمنى من الشيخ إذا كان له تعليق على ذلك أن يُتحفنا وجزاه الله خيرا.
الشيخ : والصلاة والسلام على رسول الله وعلى أله وصحبه وسلم، لي شكر وملاحظة، أما الشكر فعلى ما سمعتم من توجيه كلمة طيّبة وتذكير ببعض الأداب التي ينبغي على طلاب العلم أن يلاحظوها وأن يرعوها حق رعايتها، ودعما لهذه الكلمة أذكّر بقوله عليه الصلاة والسلام ( ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويُوقّر كبيرنا ويعرف لعالمنا حقه ) والناس في مراعاتهم لهذه الجملة الأخيرة على طرفي نقيض، فمنهم من يصل بهم مراعاتهم لها وتعرُّفهم على حق العالم إلى درجة التعظيم غير المشروع في شريعة الإسلام ومن ذلك ما سمعتموه في أول هذه الجلسة الطيّبة المباركة إن شاء الله من أدب أصحاب النبي صلى الله عليه وأله وسلم مع سيد البشر قاطبة حيث كانوا لا يقومون له لما يعلمون من كراهيته لذلك فمن يكون هؤلاء العلماء الذين يرتضون لأنفسهم أن يقوم لهم أتباعهم وتلامذتهم ومريدوهم، هذا تعظيم لا يستحقّه أحد من البشر ولو كان أحد يستحقّه من البشر لكان رسول الله صلى الله عليه وأله وسلم أحق الناس بذلك، وإذ لم يكن فلن يكون لأحد من بعده عليه الصلاة والسلام.
وعلى العكس من ذلك ناس يُعاملون علمائهم معالمة الند للند والقرن للقرن وهذا إخلال الأدب فينبغي أن يُكرّم العلماء لإكرام الله إياهم ولكن في حدود الشرع، ومن ذلك ما سمعتم أنفا وأهمّ ذلك كله أن يُطاع ولا يُعصى لما تعلمون من قوله عليه الصلاة والسلام ( العلماء ورثة الأنبياء ) .
هذه الكلمة كشكر لتلك النصيحة.
فلقد تمنّيت من شيخنا جزاه الله خيرا أن يتكلم عن بعض الأداب التي ينبغي لطالب العلم أن يلتزم بها حال جلوسه مع العلماء، ولقد استفدت من شيخنا جزاه الله خيرا بعض تلك الأداب ... أن أذكّر بها إخواني ولو أنني تمنّيت أن أسمعها من الشيخ لكنه أبى ذلك جزاه الله خيرا ليعلّمنا بذلك أدبا وأبى لنتعلّم منه أدبا فأقول يا إخوة أن من الأداب التي استفدتها من شيخنا أن يحرص الواحد منا أن ينتقي سؤاله قبل أن يسأل وأن يركّز في سؤاله وأن لا يُقاطع غيره، وأن لا يُقاطع غيره ممن قد يكون في حال كلامه مع الشيخ وأن لا يُقاطع كذلك العلماء عندما يكونون في حال تكلّمهم أو شرحهم للأخرين.
كذلك بعض الإخوة يسأل الشيخ سؤال ثم ينصرف عنه ولا يُركّز معه وهذا قد حصل كثيرا ورأيناه، أن طالب العلم يسأل مسألة ولا يُركّز معه حين جوابه له، هذه من الأمور التي نقع فيها.
كذلك نقع في بعض المخالفات ومنها القيام مثل ما ذكر الشيخ، فشيخنا جزاه الله خيرا لا يُحب أن يتمثّل له الناس قياما، وكذلك الحِدّة التي يعملها بعض الإخوة أو الحدّة التي تظهر في أسئلة بعض الإخوة، فيها شيء من الجفاف ومن الحدّة وعدم الأدب مع العلماء، وهذا لمسناه مرارا.
كل ذلك، كل ما قلته يا إخوة لمسناه من خلال جلسات مع شيخنا الفاضل جزاه الله خيرا، وأتمنى من نفسي أولا ومن إخواني أن نتبّه لمثل هذه الأمور وأن نتأدّب مع علمائنا وأن نحرص على أن نسألهم الأسئلة المركّزة وعند سؤالنا لهم أن لا نذهب بعيدا بأذهاننا.
هذا ما أحببت أن أنوّه إليه وأتمنى من الشيخ إذا كان له تعليق على ذلك أن يُتحفنا وجزاه الله خيرا.
الشيخ : والصلاة والسلام على رسول الله وعلى أله وصحبه وسلم، لي شكر وملاحظة، أما الشكر فعلى ما سمعتم من توجيه كلمة طيّبة وتذكير ببعض الأداب التي ينبغي على طلاب العلم أن يلاحظوها وأن يرعوها حق رعايتها، ودعما لهذه الكلمة أذكّر بقوله عليه الصلاة والسلام ( ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويُوقّر كبيرنا ويعرف لعالمنا حقه ) والناس في مراعاتهم لهذه الجملة الأخيرة على طرفي نقيض، فمنهم من يصل بهم مراعاتهم لها وتعرُّفهم على حق العالم إلى درجة التعظيم غير المشروع في شريعة الإسلام ومن ذلك ما سمعتموه في أول هذه الجلسة الطيّبة المباركة إن شاء الله من أدب أصحاب النبي صلى الله عليه وأله وسلم مع سيد البشر قاطبة حيث كانوا لا يقومون له لما يعلمون من كراهيته لذلك فمن يكون هؤلاء العلماء الذين يرتضون لأنفسهم أن يقوم لهم أتباعهم وتلامذتهم ومريدوهم، هذا تعظيم لا يستحقّه أحد من البشر ولو كان أحد يستحقّه من البشر لكان رسول الله صلى الله عليه وأله وسلم أحق الناس بذلك، وإذ لم يكن فلن يكون لأحد من بعده عليه الصلاة والسلام.
وعلى العكس من ذلك ناس يُعاملون علمائهم معالمة الند للند والقرن للقرن وهذا إخلال الأدب فينبغي أن يُكرّم العلماء لإكرام الله إياهم ولكن في حدود الشرع، ومن ذلك ما سمعتم أنفا وأهمّ ذلك كله أن يُطاع ولا يُعصى لما تعلمون من قوله عليه الصلاة والسلام ( العلماء ورثة الأنبياء ) .
هذه الكلمة كشكر لتلك النصيحة.
زيادة :"ونستهديه" في خطبة الحاجة لا أصل لها.
الشيخ : أما الملاحظة فهي طالما سمعناها من كثير من الخطباء والوعاظ أنهم يذكرون زيادة في خطبة الحاجة التي كان رسول لله صلى الله عليه وأله وسلم يُعلِّمها أصحابه، يذكرون زيادة لا أصل لها وهي "ونستهديه" فهذه الجملة "ونستهديه" في خطبة الحاجة إن الحمد لله نحمده ونستغفره "ونستهديه" جملة "ونستهديه" لا أصل لها في خطبة الحاجة وإن كنت سمعتها من كثير من الخطباء وذلك لعدم عناية بعض الناس بتلقّي أحاديث الرسول عليه السلام من كتب السنّة الصحيحة.
وبعد هذا التذكير وذلك الشكر أجد نفسي مضطرا إلى العود إلى الإجابة عن سؤال تقدّم به أحد إخواننا الحاضرين أنفا لأنه يتعلّق بعمل يحتاجه المسلمون وبخاصة في الأجواء الباردة وبصورة أخص في البلاد الباردة.
يُضاف إلى ذلك أن هذا السؤال من يوم جئت إلى هذه البلاد لم يُوجّهه أحد إلا في هذه الساعة بينما الأسئلة التي مضت أنفا أكثرها متكرّرة ومتكرّرة لدرجة أنني أكاد أمل الجواب عليها لولا أن الإجابة واجب عليّ لأن النبي صلى الله عليه وأله وسلم كان يقول ( من سُئل عن علم فكتمه ألجم يوم القيامة بلجام من نار ) لكن هذا السؤال نادر جدا خاصة في هذه البلاد لأننا نراهم قلّما يلبسون الجوارب لأن البلاد ما شاء الله بلاد حارة حتى في فصل الشتاء كهذا الفصل بالنسبة لبلادنا الباردة ولكن مع ذلك رأيت بعضهم يلبس الجوارب وبناء على ذلك جاء السؤال التالي ألا وهو.
وبعد هذا التذكير وذلك الشكر أجد نفسي مضطرا إلى العود إلى الإجابة عن سؤال تقدّم به أحد إخواننا الحاضرين أنفا لأنه يتعلّق بعمل يحتاجه المسلمون وبخاصة في الأجواء الباردة وبصورة أخص في البلاد الباردة.
يُضاف إلى ذلك أن هذا السؤال من يوم جئت إلى هذه البلاد لم يُوجّهه أحد إلا في هذه الساعة بينما الأسئلة التي مضت أنفا أكثرها متكرّرة ومتكرّرة لدرجة أنني أكاد أمل الجواب عليها لولا أن الإجابة واجب عليّ لأن النبي صلى الله عليه وأله وسلم كان يقول ( من سُئل عن علم فكتمه ألجم يوم القيامة بلجام من نار ) لكن هذا السؤال نادر جدا خاصة في هذه البلاد لأننا نراهم قلّما يلبسون الجوارب لأن البلاد ما شاء الله بلاد حارة حتى في فصل الشتاء كهذا الفصل بالنسبة لبلادنا الباردة ولكن مع ذلك رأيت بعضهم يلبس الجوارب وبناء على ذلك جاء السؤال التالي ألا وهو.
ما حكم المسح على الجوربين الخفيفين ؟
الشيخ : هل يجوز المسح على الجوربين الخفيفين؟ كان جوابي الجواز ونَقَل السائل أيضا هذا الجواب عن بعض أفاضل علماء هذه البلاد وهو الشيخ الفاضل محمد بن عثيمين، أجاب بأن اشتراط أن يكون الجوربان كثيفين لا يشفّان الماء، قال ما معناه بأن هذا لا دليل عليه فقلت لقد صدق وأصاب وجزاه الله خيرا لأن قلّ من العلماء اليوم من يَحيد عما جاء في أكثر كتب الفقهاء خشية أن تزِلّ به القدم وإنما يُصرِّح بمثل هذا الجواب من كان راسخا في العلم وليس هو إلا الكتاب والسنّة وما كان عليه السلف الصالح كما ذكرت أنفا.
فأريد أن أقول توضيحا لهذا القول الصواب وهو أنه يجوز المسح على الجوربين ولو كانا رقيقين وقلت مازحا مع صاحبي وسائلي يجوز المسح على الجوربين ولو كان رقيقين وكانت الرقة أرق من دين اليهود، لا يضر المسح على الجوربين مهما كانا رقيقين والفلسفة التي نسمعها أنه يُشترط أن لا يتسرّب الماء على الممسوح عليه إلى ظاهر القدم.
أنا أقول فعلا هذه فلسفة فبالرغم أنها لا أصل لها في الكتاب ولا في السنّة ولا في شيء من أقوال سلفنا الصالح فلو كان الدين بالرأي، ماذا يقول علي بن أبي طلب؟ " لو كان الدين بالرأي لكان المسح أسفل الخف أولى من المسح أعلى الخف ولكني رأيت رسول الله صلى الله عليه وأله وسلم يمسح على الخفين " إذًا ليس الدين بالرأي وبخاصة إذا خالف الرأي ما جاء في السنّة وأنا أقول حتى في هذه المسألة لو كان الدين بالرأي لقلت الأولى أن يكون المسح على الجوربين الرقيقين أولى من المسح على الجوربين الغليظين الكثيفين، لماذا؟ لأن المسح بديل الغسل فإذا جمعنا بين الغسل أو وصول الماء يعني إلى ظاهر القدم وبين المسح فالمنطق والعقل يقول هذا أولى من أن يُشترط أن لا يصل ولا قطرة ماء إلى بشرة القدم.
من أين هذا الشرط جاء؟ نقول بهذه المناسبة قال عليه الصلاة والسلام ( كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل ولو كان مائة شرط ) حديث رواه البخاري ومسلم في "صحيحيهما" من حديث عائشة رضي الله عنها ثم أقول إن المسح على الخفّين أو المسح على الجوربين أو المسح على النعلين كل ذلك إنما جاء من باب الترخيص والتيسير على الناس، فإذا قّيّد هذا المسح أو ذاك بشروط عادت الرخصة إلى عزيمة، عادت الرخصة إلى أن لا يتيسّر للناس استعمالها.
لقد جاء عن الحسن البصري حينما سئل عن المسح على الجوربين المُخرّقين، هل يجوز المسح على الجوربين المُخرّقين؟ قال " وهل كانت جوارب الأنصار والمهاجرين إلا مُخرّقة " وهذا منتهى الرخصة، ذلك لأننا نعلم من حال السلف الأول وفقره فليس من الممكن أن نتصوّر أن السلف الأول كان عنده من المال وغدق العيش ما يوجد اليوم في بعض البلاد الإسلامية كبلادكم هذه بحيث أن أحدهم لا يكاد يشعر بأن الجورب بدأ يظهر منه جانب من القدم إلا ويرميه أرضا ثم يلبس غيره
أولا لرخص ثمنه وثانيا لكثرة الأموال بين أيدي هؤلاء الناس، أما الأنصار لم يكونوا كذلك، هذا من جانب ومن جانب أخر ليس معقولا أن يهتم المسلم بجوربه كُلّما شعر بأنه خَرَق في ناحية أن يُرقِّع خرقه، هذا تكليف يتنافى مع التيسير الذي جاء نصّه في القرأن الكريم (( يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر )) فكوْن المسح على هذه الأنواع المذكورة أنفا، الجورب والنعل والخف كوْن ذلك من الرُخَص يستلزم أن لا توضع على هذه الرخص هذه الشروط التي تُضيِّق من دائرة الرخصة فيها.
فالقول بأن الجورب يُشترط فيه كذا وكذا من شروط، من ذلك أن لا يصل الماء كما ذكرنا، من ذلك أن يستطيع أن يمشي كذا مسافة على الجورب، ومن ذلك أن يقف ساقه ولا يتدلّى إلى ما تحب الكعبين، كلها أراء واجتهادات لا نشك بأن الذين قالوها أرادوا بالأمة خيرا ولكن ما ليس في كتاب الله ولا في سنّة رسول الله صلى الله عليه وأله وسلم فلا يجوز أن نَشُقّ على المسلمين بأمرهم بها وفيما جاءنا عن رسول صلى الله عليه وأله وسلم ما يكفي وليس هناك أيُّ شرط في المسح على أي نوع من هذه الأنواع سوى شرط واحد وهو ميسّر مذلّل إلا وهو اقتصار المسح على الممسوح عليه من الجوربين أو الخفين أو النعلين يوما وليلة للمقيم وثلاثة أيام بلياليها فقط، هذا هو الشرط الذي جاء في السنّة ولو كان هناك شرط بل شروط أخرى لذكرها رسول الله صلى الله عليه وأله وسلم حكاية عن ربه (( وما كان ربك نسيا )) .
لذلك نقول بجواز المسح على الخفين دون أي شرط سوى الشرط المذكور أنفا، هذا ما لزِم بيانه بمناسبة هذه المسألة، تفضل.
فأريد أن أقول توضيحا لهذا القول الصواب وهو أنه يجوز المسح على الجوربين ولو كانا رقيقين وقلت مازحا مع صاحبي وسائلي يجوز المسح على الجوربين ولو كان رقيقين وكانت الرقة أرق من دين اليهود، لا يضر المسح على الجوربين مهما كانا رقيقين والفلسفة التي نسمعها أنه يُشترط أن لا يتسرّب الماء على الممسوح عليه إلى ظاهر القدم.
أنا أقول فعلا هذه فلسفة فبالرغم أنها لا أصل لها في الكتاب ولا في السنّة ولا في شيء من أقوال سلفنا الصالح فلو كان الدين بالرأي، ماذا يقول علي بن أبي طلب؟ " لو كان الدين بالرأي لكان المسح أسفل الخف أولى من المسح أعلى الخف ولكني رأيت رسول الله صلى الله عليه وأله وسلم يمسح على الخفين " إذًا ليس الدين بالرأي وبخاصة إذا خالف الرأي ما جاء في السنّة وأنا أقول حتى في هذه المسألة لو كان الدين بالرأي لقلت الأولى أن يكون المسح على الجوربين الرقيقين أولى من المسح على الجوربين الغليظين الكثيفين، لماذا؟ لأن المسح بديل الغسل فإذا جمعنا بين الغسل أو وصول الماء يعني إلى ظاهر القدم وبين المسح فالمنطق والعقل يقول هذا أولى من أن يُشترط أن لا يصل ولا قطرة ماء إلى بشرة القدم.
من أين هذا الشرط جاء؟ نقول بهذه المناسبة قال عليه الصلاة والسلام ( كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل ولو كان مائة شرط ) حديث رواه البخاري ومسلم في "صحيحيهما" من حديث عائشة رضي الله عنها ثم أقول إن المسح على الخفّين أو المسح على الجوربين أو المسح على النعلين كل ذلك إنما جاء من باب الترخيص والتيسير على الناس، فإذا قّيّد هذا المسح أو ذاك بشروط عادت الرخصة إلى عزيمة، عادت الرخصة إلى أن لا يتيسّر للناس استعمالها.
لقد جاء عن الحسن البصري حينما سئل عن المسح على الجوربين المُخرّقين، هل يجوز المسح على الجوربين المُخرّقين؟ قال " وهل كانت جوارب الأنصار والمهاجرين إلا مُخرّقة " وهذا منتهى الرخصة، ذلك لأننا نعلم من حال السلف الأول وفقره فليس من الممكن أن نتصوّر أن السلف الأول كان عنده من المال وغدق العيش ما يوجد اليوم في بعض البلاد الإسلامية كبلادكم هذه بحيث أن أحدهم لا يكاد يشعر بأن الجورب بدأ يظهر منه جانب من القدم إلا ويرميه أرضا ثم يلبس غيره
أولا لرخص ثمنه وثانيا لكثرة الأموال بين أيدي هؤلاء الناس، أما الأنصار لم يكونوا كذلك، هذا من جانب ومن جانب أخر ليس معقولا أن يهتم المسلم بجوربه كُلّما شعر بأنه خَرَق في ناحية أن يُرقِّع خرقه، هذا تكليف يتنافى مع التيسير الذي جاء نصّه في القرأن الكريم (( يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر )) فكوْن المسح على هذه الأنواع المذكورة أنفا، الجورب والنعل والخف كوْن ذلك من الرُخَص يستلزم أن لا توضع على هذه الرخص هذه الشروط التي تُضيِّق من دائرة الرخصة فيها.
فالقول بأن الجورب يُشترط فيه كذا وكذا من شروط، من ذلك أن لا يصل الماء كما ذكرنا، من ذلك أن يستطيع أن يمشي كذا مسافة على الجورب، ومن ذلك أن يقف ساقه ولا يتدلّى إلى ما تحب الكعبين، كلها أراء واجتهادات لا نشك بأن الذين قالوها أرادوا بالأمة خيرا ولكن ما ليس في كتاب الله ولا في سنّة رسول الله صلى الله عليه وأله وسلم فلا يجوز أن نَشُقّ على المسلمين بأمرهم بها وفيما جاءنا عن رسول صلى الله عليه وأله وسلم ما يكفي وليس هناك أيُّ شرط في المسح على أي نوع من هذه الأنواع سوى شرط واحد وهو ميسّر مذلّل إلا وهو اقتصار المسح على الممسوح عليه من الجوربين أو الخفين أو النعلين يوما وليلة للمقيم وثلاثة أيام بلياليها فقط، هذا هو الشرط الذي جاء في السنّة ولو كان هناك شرط بل شروط أخرى لذكرها رسول الله صلى الله عليه وأله وسلم حكاية عن ربه (( وما كان ربك نسيا )) .
لذلك نقول بجواز المسح على الخفين دون أي شرط سوى الشرط المذكور أنفا، هذا ما لزِم بيانه بمناسبة هذه المسألة، تفضل.
هل يجوز الدخول في البرلمان ؟
السائل : ... هل يجوز أن يشارك في البرلمان ... الدولة؟
الشيخ : إيش قال أخيرا؟
السائل : ... .
الشيخ : إذا كان البرلمان لا يحكم بالقرأن وبسنّة الرسول عليه الصلاة والسلام فلا نرى نحن جواز المشاركة لأن هذه المشاركة تعني المشاركة في شيء من الحكم بغير ما أنزل الله تبارك وتعالى، هذا من ناحية ومن ناحية أخرى ففي بعض البلاد يُطالب المشاركون من النواب بالقَسَم على تأييد الدستور والدستور ليس قائما على الكتاب وعلى السنّة، قد يكون قائما على الاسم أما على الحقيقة فهو يُخالف الشريعة في كثير من تفاصيل ما جاء في الدستور فضلا عما جاء في القانون المُفسّر للدستور، فلا نرى نحن تأييد هذه الدساتير وهذه الحكومات التي لا تُعلن أنها تحكم بما أنزل الله، إيش قلت؟
الشيخ : إيش قال أخيرا؟
السائل : ... .
الشيخ : إذا كان البرلمان لا يحكم بالقرأن وبسنّة الرسول عليه الصلاة والسلام فلا نرى نحن جواز المشاركة لأن هذه المشاركة تعني المشاركة في شيء من الحكم بغير ما أنزل الله تبارك وتعالى، هذا من ناحية ومن ناحية أخرى ففي بعض البلاد يُطالب المشاركون من النواب بالقَسَم على تأييد الدستور والدستور ليس قائما على الكتاب وعلى السنّة، قد يكون قائما على الاسم أما على الحقيقة فهو يُخالف الشريعة في كثير من تفاصيل ما جاء في الدستور فضلا عما جاء في القانون المُفسّر للدستور، فلا نرى نحن تأييد هذه الدساتير وهذه الحكومات التي لا تُعلن أنها تحكم بما أنزل الله، إيش قلت؟
هل يشترط الطهارة للقدم عند المسح للخف؟
السائل : هل يشترط طهارة القدم عند إدخالها في الخف الممسوح عليه؟
الشيخ : أحسنت، ذكّرني الأخ أبو معاذ جزاه الله خيرا بأن هناك شرطا أخر ألا وهو ما جاء في "صحيح البخاري ومسلم" من حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وأله وسلم كان في سفر فلما حضرت صلاة الفجر خرج عليه السلام لقضاء الحاجة وكان من أدبه عليه السلام أنه إذا خرج لقضاء الحاجة أبعد ثم جاء ليتوضّأ فصب المغيرة بن شعبة وضوءه عليه صلى الله عليه وأله وسلم فلما جاء إلى المسح على الخفين هم المغيرة بن شعبة بأن يخلعهما ليصب الماء على قدميه صلى الله عليه وأله وسلم فقال صلى الله عليه وأله وسلم ( دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين ) فمن هنا أخذ العلماء أنه يجب على الذي يُريد أن يمسح على الخفين وما شابههما مما ذكرت أنفا أن يلبسهما على طهارة كاملة ومعنى على طهارة كاملة أي على الوضوء أي بعد أن غسل القدمين أخر الوضوء فحينذاك يجوز له أن يمسح كما قلنا أربعا وعشرين ساعة.
الشيخ : أحسنت، ذكّرني الأخ أبو معاذ جزاه الله خيرا بأن هناك شرطا أخر ألا وهو ما جاء في "صحيح البخاري ومسلم" من حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وأله وسلم كان في سفر فلما حضرت صلاة الفجر خرج عليه السلام لقضاء الحاجة وكان من أدبه عليه السلام أنه إذا خرج لقضاء الحاجة أبعد ثم جاء ليتوضّأ فصب المغيرة بن شعبة وضوءه عليه صلى الله عليه وأله وسلم فلما جاء إلى المسح على الخفين هم المغيرة بن شعبة بأن يخلعهما ليصب الماء على قدميه صلى الله عليه وأله وسلم فقال صلى الله عليه وأله وسلم ( دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين ) فمن هنا أخذ العلماء أنه يجب على الذي يُريد أن يمسح على الخفين وما شابههما مما ذكرت أنفا أن يلبسهما على طهارة كاملة ومعنى على طهارة كاملة أي على الوضوء أي بعد أن غسل القدمين أخر الوضوء فحينذاك يجوز له أن يمسح كما قلنا أربعا وعشرين ساعة.
اضيفت في - 2006-04-10