سلسلة الهدى والنور-733
الشيخ محمد ناصر الالباني
سلسلة الهدى والنور
كلمة ألقاها الشيخ حول معنى قوله تعالى " وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون " الآية .
الشيخ : أريد أن ألقي كلمة بين يدي الأسئلة عسى الله عز و جل أن ينفع بها لكن نرجو الإنتباه والإستماع . إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
(( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ )) (( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبا ً)) (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً ))
أما بعد فإن خير الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمدٍ صلى الله عليه وآله وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار . وبعد فكلمتي الآن جواب عن سؤال لم يعتد الناس أن يطرحوه، وهم في الواقع في حاجة إلى أن يذكروا بجوابه، ألا وهو لماذا خلق الله الخلق من الملائكة والإنس والجن ؟ الجواب في القرآن الكريم ، وبطبيعة الواقع لا أقدم إليكم شيئاً مجهولاً في ظني لدى كافة المسلمين، وإنما هي أولاً الذكرى، والذكرى تنفع المؤمنين.وثانياً أريد أن أربط بهذا التذكير أمراً قد يكون كثير من الناس عنه غافلين .
فجواب ذاك السؤال في قوله تبارك وتعالى في القرآن الكريم (( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ * مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ * إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ )) إذن هذه الآية تعطينا الغاية والحكمة التي من أجلها خلق الله عز و جل الإنس والجن، ومن باب أولى الملائكة الذين وصفهم ربنا عز وجل في القرآن الكريم بقوله (( لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ )) هذه الحكمة هي أن يعبدوا الله وحده لا شريك له، خلق الإنس والجن لماذا ؟ ليعبدوه وحده لا شريك له ولكن الله عز و جل أضاف لهذه الحكمة. التي بينها قوله تبارك وتعالى (( مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ * إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ ))
لماذا ذكر ربنا عز وجل (( مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ )) ؟ أي لكي لا يهتم المسلم برزقه اهتمامه بعبادة ربه، أي يجب عليه أن يهتم بما من أجله خلق، وليس أن يهتم بالرزق، لأن الرزق قد تكفله الله عز وجل لعباده و قدره منذ أن كان جنيناً في بطن أمه ، كما تعلمون من الأحاديث الصحيحة ، التي جاء فيها أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ذكر أن الله تبارك وتعالى يرسل ملكاً إلى الجنين وهو في بطن أمه، فينفخ فيه الروح بعد أن جاوز الأربعة أشهر، ويسأل ربه عن عمره، عن رزقه، عن أجله، عن سعادته أو شقاوته، كل هذا قد سجل، كما جاء في قوله تبارك وتعالى على قولٍ من أقوال المفسرين في قوله عز وجل (( وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ )) فالله عز وجل قد قدر الرزق منذ القديم، ولذلك فلا ينبغي للمسلم أن يهتم برزقه وأرجو الانتباه! لا أقول أن لا يهتم بالسعي وراء رزقه، لا. وإنما أعني وأصرح فأقول لا ينبغي أن يهتم المسلم بتحصيل رزقه بقدر ما يهتم بعبادة ربه تبارك وتعالى ، لأن الرزق مقطوعٌ مضمون، وإن كان هذا الكلام لا نعني به أن لا يسعى المسلم وراء رزقه، لكن إنما نعني أن لا يجعل الغاية من حياته هو أن يسعى وراء رزقه، لأن الغاية كما علمتم إنما هي عبادة الله وحده لا شريك . ولكي لا يتبادر إلى ذهن أحدٍ حينما نلفت النظر إلى الإهتمام بتحقيق الغاية الشرعية التي من أجلها خلق الله عز وجل الإنس والجن لكي لا يتبادر إلى ذهن أحدٍ أننا نأمر بما يظنه بعض الناس أنه توكل على الله حينما لا يسعى وراء الرزق، فأقول ليس الإعراض عن السعي وراء الرزق توكلاً على الله تبارك وتعالى، وإنما هو توا كل واعتمادٌ على العبد أو على العبيد الذين لا ينبغي أن يعتمد المسلم في تحصيله لرزقه على غير ربه تبارك وتعالى، ذلك لأن السعي وراء الرزق بالحد المطلوب شرعاً، وبقدر أن لا يبالغ في طلب الرزق، ومن المبالغة في طلب الرزق ما سأدندن حوله، وهو أن يطلب الرزق من أي طريقٍ كان، لا يهمه أجاءه الرزق بسببٍ حرامٍ أو حلالٍ، فالذي نريده أن السعي وراء تحصيل الرزق بالقدر المشروع يعتبره الشارع الحكيم من الجهاد في سبيل الله عز وجل. أن السعي وراء تحصيل الرزق بالوسائل المشروعة، وبالقدر المشروع الذي لا يجعله غايته من حياته كما ألمحت إلى ذلك آنفاه هذا السعس وراء الرزق يعتبره الشارع الحكيم من الجهاد في سبيل الله عز و جل فقد جاء في الحديث الصحيح ( أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان جالساً يوماً وحوله أصحابه، حينما مر رجلٌ شابٌ جلدٌ قويٌ عليه آثار النشاط والشباب، فقال أحد الحاضرين لو كان هذا في سبيل الله ) أي لو كانت هذه الفتوة وهذا الشباب والقوة في سبيل الله عز وجل، يتمنى أحد الحاضرين أن يكون هذا الشاب المار بهذه القوة والفتوة يجاهد في سبيل الله عز وجل ، فقال صلى الله عليه وآله وسلم ملفتاً نظر من حوله أولاً، ثم من سيبلغهم هذا الحديث ثانياً، إلى أن السعي وراء الرزق كما قلت آنفاً هو من الجهاد في سبيل الله عز وجل، حيث قال صلى الله عليه وآله وسلم مجيباً ذلك الصحابي الذي تمنى أن يكون شباب ذلك الرجل المار وقوته في سبيل الله عز وجل، قال عليه الصلاة والسلام ( إن كان هذا خرج يسعى على أبوين شيخين كبيرين فهو في سبيل الله، وإن كان خرج يسعى على أهله وأولاده الصغار فهو في سبيل الله ) إذن السعي وراء الرزق هو من الأمور المرغوب فيها، والتي حض الشارع الحكيم عليها، ولكن على اعتبار أنها وسيلة وليست غاية المسلم في هذه الحياة، إنما غايته أن يعبد الله عز وجل وحده لا شريك له، وسعيه وراء الرزق ليتمتع بالقدرة والقوة على القيام بما فرض الله عز وجل عليه من الجهاد، ليس فقط في قتال الأعداء الذين حرمنا مع الأسف الشديد في عصرنا هذا من هذا الجهاد، وإنما على الأقل في الجهاد جهاد النفس الأمارة بالسوء، التي تتطلب القيام بكثيرٍ من الفروض والواجبات، ومنها مثلاً الصلاة التي هي الركن الثاني بعد الشهادتين في الإسلام. فمن كان هزيلاً، ومن كان مريضاً لا يسعى لتقوية بدنه بما أنعم الله عليه من رزقٍ، فقد لا يستطيع أن يقوم بما فرض الله عز وجل من عليه الجهاد سواء كان هذا الجهاد النفسي العام، الذي عبر عنه الرسول عليه السلام في الحديث الصحيح حين قال ( المجاهد من جاهد نفسه لله ) وفي رواية ( هواه لله عز وجل ) هذا الجهاد يتطلب كما ألمحت آنفاً إلى أن يكون المسلم قوياً في جسده، كما هو قويٌ في عقيدته وفي معانيه الإيمانية الإسلامية .وقد أشار النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى وجوب محافظة المسلم على نشاطه وقوته في بدنه، حينما بلغه أن رجلاً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يبالغ في طاعة الله تبارك وتعالى، حيث كان يصلي الليل كله، ويصوم الدهر كله، ولا يأتي نساءه، فلما بلغ ذلك النبي صلى الله عليه وآله وسلم دعاه في قصة فيها بعض الطول لا مجال الآن لذكرها بتمامها، إنما الغرض الآن أن أذكِّر باهتمام الإسلام بصحة المسلم، وضرورة محافظته على بدنه فدعاه وقال له عليه السلام ( إن لجسدك عليك حقاً، ولزوجك عليك حقاً، ولنفسك عليك حقاً، ولزورك -أي من يزورك- عليك حقاً )، زاد في حديث آخر أو في قصة أخرى ( فأعط كل ذي حق حقه ) وكان في هذه القصة أن هذا الرجل العابد الزاهد في الدنيا والذي كان من زهده أنه لما زوجه أبوه كأنه لم يتزوج، لم يقرب زوجته لانشغاله واستغراقه في وقته كله على عبادة الله عز وجل طلب هذا الزاهد العابد من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يصوم أكثر مما رخص له في أول الأمر، ولم يزل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يزيده في أيامٍ يصومها أكثر مما رخص له في أول الأمر، إلى أن قال له في نهاية المطاف ( صم يوماً وأفطر يوماً، فإنه أفضل الصيام، وهو صوم داود عليه الصلاة والسلام، وكان لا يفر -هنا الشاهد- إذا لاقى ) ، أي عدوه، فالنبي صلى الله عليه وآله وسلم وعظ ذلك الصحابي الزاهد بألا يزيد على الصيام نصف الدهر، يصوم يوماً ويفطر يوماً، وعلل ذلك عليه الصلاة والسلام بقوله ( فإنه أفضل الصيام، وهو صوم داود عليه السلام ) لماذا قال عليه الصلاة والسلام ( وهو صوم داود ) ؟ لأنه جاء في حديثٍ في صحيح البخاري ( كان داود عليه السلام أعبد البشر ) أعبد البشر هو داود نبي الله، وهو والد سليمان، كان أعبد البشر، ومع ذلك كان يصوم يوماً ويفطر يوماً، وما هي الحكمة من هذا الصيام ؟ قال ( وكان لا يفر إذا لاقى ) أي كان يجمع بين أن يعطي لنفسه حقها من عبادة ربها من جهة، وبين أن يعطي لجسده قوته من جهة أخرى، ليتمكن بهذه القوة من مقاتلة أعداء الله عز وجل، ولذلك جاء في القرآن الكريم قوله تعالى (( وَقَتَلَ دَاوُدُ جَالُوتَ )) لو كان داود عليه السلام يصوم الدهر كله لما استطاع أن يقضي على ذلك الكافر الجاحد المنكر فإذن السعي وراء تقوية الجسم لطلب الرزق الحلال هذا أمرٌ مرغوبٌ فيه، واعتبر ذلك الشارع الحكيم كما سمعتم في قصة الشاب الجلد جهاداً في سبيل الله عز وجل
(( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ )) (( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبا ً)) (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً ))
أما بعد فإن خير الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمدٍ صلى الله عليه وآله وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار . وبعد فكلمتي الآن جواب عن سؤال لم يعتد الناس أن يطرحوه، وهم في الواقع في حاجة إلى أن يذكروا بجوابه، ألا وهو لماذا خلق الله الخلق من الملائكة والإنس والجن ؟ الجواب في القرآن الكريم ، وبطبيعة الواقع لا أقدم إليكم شيئاً مجهولاً في ظني لدى كافة المسلمين، وإنما هي أولاً الذكرى، والذكرى تنفع المؤمنين.وثانياً أريد أن أربط بهذا التذكير أمراً قد يكون كثير من الناس عنه غافلين .
فجواب ذاك السؤال في قوله تبارك وتعالى في القرآن الكريم (( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ * مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ * إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ )) إذن هذه الآية تعطينا الغاية والحكمة التي من أجلها خلق الله عز و جل الإنس والجن، ومن باب أولى الملائكة الذين وصفهم ربنا عز وجل في القرآن الكريم بقوله (( لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ )) هذه الحكمة هي أن يعبدوا الله وحده لا شريك له، خلق الإنس والجن لماذا ؟ ليعبدوه وحده لا شريك له ولكن الله عز و جل أضاف لهذه الحكمة. التي بينها قوله تبارك وتعالى (( مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ * إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ ))
لماذا ذكر ربنا عز وجل (( مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ )) ؟ أي لكي لا يهتم المسلم برزقه اهتمامه بعبادة ربه، أي يجب عليه أن يهتم بما من أجله خلق، وليس أن يهتم بالرزق، لأن الرزق قد تكفله الله عز وجل لعباده و قدره منذ أن كان جنيناً في بطن أمه ، كما تعلمون من الأحاديث الصحيحة ، التي جاء فيها أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ذكر أن الله تبارك وتعالى يرسل ملكاً إلى الجنين وهو في بطن أمه، فينفخ فيه الروح بعد أن جاوز الأربعة أشهر، ويسأل ربه عن عمره، عن رزقه، عن أجله، عن سعادته أو شقاوته، كل هذا قد سجل، كما جاء في قوله تبارك وتعالى على قولٍ من أقوال المفسرين في قوله عز وجل (( وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ )) فالله عز وجل قد قدر الرزق منذ القديم، ولذلك فلا ينبغي للمسلم أن يهتم برزقه وأرجو الانتباه! لا أقول أن لا يهتم بالسعي وراء رزقه، لا. وإنما أعني وأصرح فأقول لا ينبغي أن يهتم المسلم بتحصيل رزقه بقدر ما يهتم بعبادة ربه تبارك وتعالى ، لأن الرزق مقطوعٌ مضمون، وإن كان هذا الكلام لا نعني به أن لا يسعى المسلم وراء رزقه، لكن إنما نعني أن لا يجعل الغاية من حياته هو أن يسعى وراء رزقه، لأن الغاية كما علمتم إنما هي عبادة الله وحده لا شريك . ولكي لا يتبادر إلى ذهن أحدٍ حينما نلفت النظر إلى الإهتمام بتحقيق الغاية الشرعية التي من أجلها خلق الله عز وجل الإنس والجن لكي لا يتبادر إلى ذهن أحدٍ أننا نأمر بما يظنه بعض الناس أنه توكل على الله حينما لا يسعى وراء الرزق، فأقول ليس الإعراض عن السعي وراء الرزق توكلاً على الله تبارك وتعالى، وإنما هو توا كل واعتمادٌ على العبد أو على العبيد الذين لا ينبغي أن يعتمد المسلم في تحصيله لرزقه على غير ربه تبارك وتعالى، ذلك لأن السعي وراء الرزق بالحد المطلوب شرعاً، وبقدر أن لا يبالغ في طلب الرزق، ومن المبالغة في طلب الرزق ما سأدندن حوله، وهو أن يطلب الرزق من أي طريقٍ كان، لا يهمه أجاءه الرزق بسببٍ حرامٍ أو حلالٍ، فالذي نريده أن السعي وراء تحصيل الرزق بالقدر المشروع يعتبره الشارع الحكيم من الجهاد في سبيل الله عز وجل. أن السعي وراء تحصيل الرزق بالوسائل المشروعة، وبالقدر المشروع الذي لا يجعله غايته من حياته كما ألمحت إلى ذلك آنفاه هذا السعس وراء الرزق يعتبره الشارع الحكيم من الجهاد في سبيل الله عز و جل فقد جاء في الحديث الصحيح ( أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان جالساً يوماً وحوله أصحابه، حينما مر رجلٌ شابٌ جلدٌ قويٌ عليه آثار النشاط والشباب، فقال أحد الحاضرين لو كان هذا في سبيل الله ) أي لو كانت هذه الفتوة وهذا الشباب والقوة في سبيل الله عز وجل، يتمنى أحد الحاضرين أن يكون هذا الشاب المار بهذه القوة والفتوة يجاهد في سبيل الله عز وجل ، فقال صلى الله عليه وآله وسلم ملفتاً نظر من حوله أولاً، ثم من سيبلغهم هذا الحديث ثانياً، إلى أن السعي وراء الرزق كما قلت آنفاً هو من الجهاد في سبيل الله عز وجل، حيث قال صلى الله عليه وآله وسلم مجيباً ذلك الصحابي الذي تمنى أن يكون شباب ذلك الرجل المار وقوته في سبيل الله عز وجل، قال عليه الصلاة والسلام ( إن كان هذا خرج يسعى على أبوين شيخين كبيرين فهو في سبيل الله، وإن كان خرج يسعى على أهله وأولاده الصغار فهو في سبيل الله ) إذن السعي وراء الرزق هو من الأمور المرغوب فيها، والتي حض الشارع الحكيم عليها، ولكن على اعتبار أنها وسيلة وليست غاية المسلم في هذه الحياة، إنما غايته أن يعبد الله عز وجل وحده لا شريك له، وسعيه وراء الرزق ليتمتع بالقدرة والقوة على القيام بما فرض الله عز وجل عليه من الجهاد، ليس فقط في قتال الأعداء الذين حرمنا مع الأسف الشديد في عصرنا هذا من هذا الجهاد، وإنما على الأقل في الجهاد جهاد النفس الأمارة بالسوء، التي تتطلب القيام بكثيرٍ من الفروض والواجبات، ومنها مثلاً الصلاة التي هي الركن الثاني بعد الشهادتين في الإسلام. فمن كان هزيلاً، ومن كان مريضاً لا يسعى لتقوية بدنه بما أنعم الله عليه من رزقٍ، فقد لا يستطيع أن يقوم بما فرض الله عز وجل من عليه الجهاد سواء كان هذا الجهاد النفسي العام، الذي عبر عنه الرسول عليه السلام في الحديث الصحيح حين قال ( المجاهد من جاهد نفسه لله ) وفي رواية ( هواه لله عز وجل ) هذا الجهاد يتطلب كما ألمحت آنفاً إلى أن يكون المسلم قوياً في جسده، كما هو قويٌ في عقيدته وفي معانيه الإيمانية الإسلامية .وقد أشار النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى وجوب محافظة المسلم على نشاطه وقوته في بدنه، حينما بلغه أن رجلاً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يبالغ في طاعة الله تبارك وتعالى، حيث كان يصلي الليل كله، ويصوم الدهر كله، ولا يأتي نساءه، فلما بلغ ذلك النبي صلى الله عليه وآله وسلم دعاه في قصة فيها بعض الطول لا مجال الآن لذكرها بتمامها، إنما الغرض الآن أن أذكِّر باهتمام الإسلام بصحة المسلم، وضرورة محافظته على بدنه فدعاه وقال له عليه السلام ( إن لجسدك عليك حقاً، ولزوجك عليك حقاً، ولنفسك عليك حقاً، ولزورك -أي من يزورك- عليك حقاً )، زاد في حديث آخر أو في قصة أخرى ( فأعط كل ذي حق حقه ) وكان في هذه القصة أن هذا الرجل العابد الزاهد في الدنيا والذي كان من زهده أنه لما زوجه أبوه كأنه لم يتزوج، لم يقرب زوجته لانشغاله واستغراقه في وقته كله على عبادة الله عز وجل طلب هذا الزاهد العابد من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يصوم أكثر مما رخص له في أول الأمر، ولم يزل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يزيده في أيامٍ يصومها أكثر مما رخص له في أول الأمر، إلى أن قال له في نهاية المطاف ( صم يوماً وأفطر يوماً، فإنه أفضل الصيام، وهو صوم داود عليه الصلاة والسلام، وكان لا يفر -هنا الشاهد- إذا لاقى ) ، أي عدوه، فالنبي صلى الله عليه وآله وسلم وعظ ذلك الصحابي الزاهد بألا يزيد على الصيام نصف الدهر، يصوم يوماً ويفطر يوماً، وعلل ذلك عليه الصلاة والسلام بقوله ( فإنه أفضل الصيام، وهو صوم داود عليه السلام ) لماذا قال عليه الصلاة والسلام ( وهو صوم داود ) ؟ لأنه جاء في حديثٍ في صحيح البخاري ( كان داود عليه السلام أعبد البشر ) أعبد البشر هو داود نبي الله، وهو والد سليمان، كان أعبد البشر، ومع ذلك كان يصوم يوماً ويفطر يوماً، وما هي الحكمة من هذا الصيام ؟ قال ( وكان لا يفر إذا لاقى ) أي كان يجمع بين أن يعطي لنفسه حقها من عبادة ربها من جهة، وبين أن يعطي لجسده قوته من جهة أخرى، ليتمكن بهذه القوة من مقاتلة أعداء الله عز وجل، ولذلك جاء في القرآن الكريم قوله تعالى (( وَقَتَلَ دَاوُدُ جَالُوتَ )) لو كان داود عليه السلام يصوم الدهر كله لما استطاع أن يقضي على ذلك الكافر الجاحد المنكر فإذن السعي وراء تقوية الجسم لطلب الرزق الحلال هذا أمرٌ مرغوبٌ فيه، واعتبر ذلك الشارع الحكيم كما سمعتم في قصة الشاب الجلد جهاداً في سبيل الله عز وجل
1 - كلمة ألقاها الشيخ حول معنى قوله تعالى " وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون " الآية . أستمع حفظ
طلب الرزق واجب مع وجوب تجنب الحرام في ذلك .
الشيخ : الذي أريد الآن الدندنة حوله: أنه ليس من الجهاد في سبيل الله أن يطلب المسلم الرزق دون أن يلتزم في طلبه أحكام شريعة ربه عز وجل، أي لا يسأل إن كان السعي الذي يسعاه أو العمل الذي يعمله في سبيل تحصيله لرزقه جائزاً شرعاً أو محرماً شرعاً، هذا ليس أولاً ليس مجاهداً ذلك الجهاد الذي وسَّع رسول الله معناه، فجعل السعي وراء الرزق من سبيل الله، هذا الذي يسعى وراء الرزق ولا يسأل أحرام هو أم حلال ؟ فهو ليس فقط مجاهداً وخارجاً في سبيل الله، بل هو عاصٍ لله عز وجل، غير متذكرٍ عملاً قول الله عز وجل المذكور آنفاً (( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ )) فعلى كل مسلم إذا سعى وراء الرزق ألا يطلبه إلا من طريقٍ أباحه الله عز وجل، وقد بين ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولذلك جاءت أحاديث كثيرة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم تأمر المسلم بأن يطلب الرزق من الطريق الحلال، وتحذره أن يكون مكسبه من طريق حرام فقد روى الإمام مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال ( إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال (( يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً )) ثم ذكر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الرجل يطيل السفر، أشعث أغبر، يمد يديه إلى السماء يا رب، يا رب، ومأكله حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فأنى يستجاب لذلك ) يدعو المسلمون اليوم دعاءً طويلاً عريضاً، ثم لا يستجاب لهم أن ينصرهم الله عز وجل على عدوهم، لماذا ؟ لأن أكثر المسلمين اليوم لا يسألون الحلال، ولا يبالون من أي طريقٍ جاءهم هذا الكسب، أمن طريقٍ حلال أم حرام، فهذا الحديث يقول إن الله عز وجل جعل من سنته الشرعية أنه لا يستجيب دعاء من كان طالباً للرزق بطريقٍ محرم، بل قد أوعده النبي صلى الله عليه وآله وسلم إيعاداً مخيفاً جداً، حينما قال عليه الصلاة والسلام ( كل لحمٍ نبت من السُحت فالنار أولى به ) أي من الكسب الحرام. وقد ولعلي أنهي هذه الكلمة فقد طالت أكثر مما كنت أقدر لها ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أخبر أمته بأن استحلالهم السعي وراء الرزق بالطرق المحرمة يكون سبباً لأن يذلهم الكفار، وأن يستعبدهم الكفار، وهذا أمرٌ مشاهد مع الأسف في كثيرٍ من الديار الإسلامية، ذلك قوله صلى الله عليه وآله وسلم ( إذا تبايعتم بالعينة، وأخذتم أذناب البقر، ورضيتم بالزرع، وتركتم الجهاد في سبيل الله، سلط الله عليكم ذلاً لا ينزعه عنكم حتى ترجعوا إلى دينكم ) فقد ذكر النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن من أسباب تسلط الأعداء على المسلمين وإذلالهم إياهم، إنما هو انكبابهم على الدنيا وانصرافهم بسبب هذا الانكباب إلى طلب الرزق بطريق الربا، ومن أنواع الربا ما ذكره عليه الصلاة والسلام في الطرف الأول من هذا الحديث، ألا وهو قوله ( إذا تبايعتم بالعينة ) نوع من المبايعات الربوية ( وأخذتم أذناب البقر، ورضيتم بالزرع، وتركتم الجهاد في سبيل الله، سلط الله عليكم ذلاً لا ينزعه عنكم حتى ترجعوا إلى دينكم ) .
والرجوع إلى الدين معناه واسعٌ جداً جداً، ولكن فيما يتعلق بهذه الكلمة يجب على كل مسلم أن يرجع في طلبه للرزق إلى الكسب الحلال، حتى يكون هذا الكسب شفيعاً له فيما إذا دعا ربه أن يستجيب له أو منه دعوته. نسأل الله عز وجل أن يلهمنا التعرف على ديننا، وأن نعمل بأحكامه، ومن ذلك أن يوفقنا للسعي وراء طلب الرزق الحلال ، وأن يبعدنا عن الوسائل المحرمة التي كثرت في هذه الأيام، إنه سميع مجيب، والحمد لله رب العالمين
والرجوع إلى الدين معناه واسعٌ جداً جداً، ولكن فيما يتعلق بهذه الكلمة يجب على كل مسلم أن يرجع في طلبه للرزق إلى الكسب الحلال، حتى يكون هذا الكسب شفيعاً له فيما إذا دعا ربه أن يستجيب له أو منه دعوته. نسأل الله عز وجل أن يلهمنا التعرف على ديننا، وأن نعمل بأحكامه، ومن ذلك أن يوفقنا للسعي وراء طلب الرزق الحلال ، وأن يبعدنا عن الوسائل المحرمة التي كثرت في هذه الأيام، إنه سميع مجيب، والحمد لله رب العالمين
لو طلب من صانع أن يصنع بابا لمكان يعصى فيه الله تعالى وعلم بذلك فهل له أن يصنع ذلك ؟
السائل : شيخنا في نفس الموضوع جزاك الله خيراً، ذكرت بأن السعي وراء الرزق الحلال من الأمور الواجبة على المسلم
الشيخ : نعم .
السائل : وهناك أمر مهم، كثير من المسلمين يجهله، يقول الله عز وجل (( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ )) فبعض المسلمين يعمل عملاً حلالاً لكن يكون فيه معاونة على الحرام، فالبعض مثلاً يعمل في الحديد يفصّل أبواب فيكون المحل الذي يريد أن يعمل له حراماً، فهل إذا صنع باباً لذلك المحل يكون عليه إثم ؟ جزاك الله خيرا
الشيخ : الجواب في الآية التي ذكرتها، وهذا ما تعرضنا لبيانه في مناسبات كثيرة وكثيرة جداً، من يحمل الخمر فقط في سيارته فهو ملعون، بنص حديث الرسول عليه الصلاة والسلام الذي يقول ( لعن الله في الخمرة عشرة ) وذكر منها ( حاملها والمحمولة إليه )، وهذا الحديث من أحاديث كثيرة وكثيرة جداً، تفسر الشطر الثاني من الآية التي ذكرها السائل آنفاً ألا وهو قوله تبارك وتعالى (( وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ )) فالذي يحمل الخمر إلى الخمارة مثلا قد أعان المدمن للخمر على شرب الخمر، كما أعان الخمار على بيع الخمر، وهكذا، ولذلك فالعمل الذي أصله مباح كما جاء في السؤال وفي الجواب الحمل، وهذا الحمل على السيارة أو على الدابة من حيث هو حمل بأجرة فهو جائز، لكن العبرة كما قال عليه الصلاة والسلام، في غير هذه المناسبة ( إنما الأعمال بالخواتيم ) فالمحمول هذا على هذه المحمولة وهي السيارة مثلاً ما مصيرها ؟ مصيرها أن تصل إلى الخمارة مساعدة للمدمنين للخمر على شربها، كذلك من يحمل أشخاصاً، نساءً أو رجالاً، إلى السينميات أو البارات، أو الملاهي المحرمة، كل هذا لا يجوز، لأنه يخالف الآية الكريمة (( وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ )) والبحث في هذا كثير وكثير جداً، ولعله من المهم لوقوع جماهير الناس اليوم وبخاصة التجار منهم في مخالفة الحديث التالي، ألا وهو قوله صلى الله عليه وسلم ( لعن الله آكل الربا، وموكله، وكاتبه وشاهديه ) لعن الله آكل الربا مفهوم آكل الربا، لكن ما بال موكله ؟ وما بال الشاهد والكاتب ؟ الجواب في الآية (( وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ )) لذلك يتوهم كثير من التجار الذين يظنون أنفسهم أنهم من عباد الله الصالحين،يظنون أنهم حينما يودعون أموالهم في البنوك ولا يأخذون الربا، أنهم أحسنوا بذلك الصنع، كلا ثم كلا ! لقد أساءوا بذلك صنعاً لماذا ؟ لأنهم أعانوا البنك على أن يأكل الربا، والرسول عليه الصلاة والسلام كما سمعتم يقول ( لعن الله آكل الربا وموكله ) أي: مطعمه لغيره، فهذا التاجر أو هؤلاء التجار الذين يودعون أموالهم في البنوك، ولو كانوا صادقين في قولهم أنهم لا يأخذون الربا، حسبهم إثماً أنهم يُؤكِلون الربا أولئك الذين يعملون في البنك، ومعنى هذا الكلام أيضاً أنه لا يجوز للمسلم أن يكون موظفاً في البنك، ولو كان القمام، أو الكناس، أو الزبال مفهوم الكلام هذا ؟ يعني أقل
سائل آخر : الحارس
الشيخ : لا أنا جئت بها مهينة جبتها أقل موظف أما الحارس فهذا ما شاء الله ، فلذلك أي موظف في البنك من المدير إلى الكناس يشملهم هذا النص القرآني (( وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ )) ثم الحديث النبوي ( لعن الله آكل الربا، وموكله، وكاتبه، وشاهديه ).
والآن يوجد في البنك أنواع من التعاون، فليست الأنواع محصورة بالكاتب والشاهد، فالآن ليس هناك حاجة للشهود أبداً، لأن الجماعة نظموا أمورهم على القانون الغربي الذي لا يحرم ولا يحلل، كما قال الله عز وجل في القرآن الكريم (( قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ )) والبحث في هذا طويل جداً، وهناك أنواع من الأحاديث رهيبة جداً، كلها تلتقي على نقطة هامة جداً، وهي أنه لا يجوز للمسلم أن يكون عوناً لغيره على ارتكاب منكر، وبهذا القدر الكفاية
الشيخ : نعم .
السائل : وهناك أمر مهم، كثير من المسلمين يجهله، يقول الله عز وجل (( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ )) فبعض المسلمين يعمل عملاً حلالاً لكن يكون فيه معاونة على الحرام، فالبعض مثلاً يعمل في الحديد يفصّل أبواب فيكون المحل الذي يريد أن يعمل له حراماً، فهل إذا صنع باباً لذلك المحل يكون عليه إثم ؟ جزاك الله خيرا
الشيخ : الجواب في الآية التي ذكرتها، وهذا ما تعرضنا لبيانه في مناسبات كثيرة وكثيرة جداً، من يحمل الخمر فقط في سيارته فهو ملعون، بنص حديث الرسول عليه الصلاة والسلام الذي يقول ( لعن الله في الخمرة عشرة ) وذكر منها ( حاملها والمحمولة إليه )، وهذا الحديث من أحاديث كثيرة وكثيرة جداً، تفسر الشطر الثاني من الآية التي ذكرها السائل آنفاً ألا وهو قوله تبارك وتعالى (( وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ )) فالذي يحمل الخمر إلى الخمارة مثلا قد أعان المدمن للخمر على شرب الخمر، كما أعان الخمار على بيع الخمر، وهكذا، ولذلك فالعمل الذي أصله مباح كما جاء في السؤال وفي الجواب الحمل، وهذا الحمل على السيارة أو على الدابة من حيث هو حمل بأجرة فهو جائز، لكن العبرة كما قال عليه الصلاة والسلام، في غير هذه المناسبة ( إنما الأعمال بالخواتيم ) فالمحمول هذا على هذه المحمولة وهي السيارة مثلاً ما مصيرها ؟ مصيرها أن تصل إلى الخمارة مساعدة للمدمنين للخمر على شربها، كذلك من يحمل أشخاصاً، نساءً أو رجالاً، إلى السينميات أو البارات، أو الملاهي المحرمة، كل هذا لا يجوز، لأنه يخالف الآية الكريمة (( وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ )) والبحث في هذا كثير وكثير جداً، ولعله من المهم لوقوع جماهير الناس اليوم وبخاصة التجار منهم في مخالفة الحديث التالي، ألا وهو قوله صلى الله عليه وسلم ( لعن الله آكل الربا، وموكله، وكاتبه وشاهديه ) لعن الله آكل الربا مفهوم آكل الربا، لكن ما بال موكله ؟ وما بال الشاهد والكاتب ؟ الجواب في الآية (( وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ )) لذلك يتوهم كثير من التجار الذين يظنون أنفسهم أنهم من عباد الله الصالحين،يظنون أنهم حينما يودعون أموالهم في البنوك ولا يأخذون الربا، أنهم أحسنوا بذلك الصنع، كلا ثم كلا ! لقد أساءوا بذلك صنعاً لماذا ؟ لأنهم أعانوا البنك على أن يأكل الربا، والرسول عليه الصلاة والسلام كما سمعتم يقول ( لعن الله آكل الربا وموكله ) أي: مطعمه لغيره، فهذا التاجر أو هؤلاء التجار الذين يودعون أموالهم في البنوك، ولو كانوا صادقين في قولهم أنهم لا يأخذون الربا، حسبهم إثماً أنهم يُؤكِلون الربا أولئك الذين يعملون في البنك، ومعنى هذا الكلام أيضاً أنه لا يجوز للمسلم أن يكون موظفاً في البنك، ولو كان القمام، أو الكناس، أو الزبال مفهوم الكلام هذا ؟ يعني أقل
سائل آخر : الحارس
الشيخ : لا أنا جئت بها مهينة جبتها أقل موظف أما الحارس فهذا ما شاء الله ، فلذلك أي موظف في البنك من المدير إلى الكناس يشملهم هذا النص القرآني (( وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ )) ثم الحديث النبوي ( لعن الله آكل الربا، وموكله، وكاتبه، وشاهديه ).
والآن يوجد في البنك أنواع من التعاون، فليست الأنواع محصورة بالكاتب والشاهد، فالآن ليس هناك حاجة للشهود أبداً، لأن الجماعة نظموا أمورهم على القانون الغربي الذي لا يحرم ولا يحلل، كما قال الله عز وجل في القرآن الكريم (( قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ )) والبحث في هذا طويل جداً، وهناك أنواع من الأحاديث رهيبة جداً، كلها تلتقي على نقطة هامة جداً، وهي أنه لا يجوز للمسلم أن يكون عوناً لغيره على ارتكاب منكر، وبهذا القدر الكفاية
ما حكم بيع التورق (معناه أن يشتري الرجل بضاعة من غير نقد من التاجر وهو يريد النقد ثم يبيعها لغير التاجر نقدا بثمن أقل) .؟
السائل : ما حكم بيع التورّق ؟
الشيخ : أوضح بيع التورّق حتى يفهم الحاضرون .
السائل : بيع التورّق أن يشتري الرجل بضاعة من غير نقد من التاجر وهو يريد النقد ثم يبيعها لغير التاجر نقداً بثمنٍ أقل ؟
الشيخ : في الحقيقة هذه التسمية هي كتسمية الربا بالفائدة، التورق هذا اسم مبتدع، أما الذي سماه الرسول عليه الصلاة والسلام في الحديث السابق فهو العينة، والصورة كما سمعتم رجل يريد مالاً، ولتفكك عرى المودة والمحبة بين المسلمين فلا يجد هذا المسلم من يقرضه قرضاً حسناً، فيذهب لا يريد أن يذهب إلى البنك، لأن هذا ربا مكشوف، أن يأخذ مثلاً ألفاً على أساس أن يوفيها بعد مدة مسماة ألفاً ومائة أو أقل أو أكثر، وإنما يذهب عند التاجر فيشتري منه حاجة بألف ليس بالنقد، وإنما كما يقولون اليوم بالتقسيط بالدين، ثم بعد أن يشتريها بألف يعود فيبيعها للبائع له بثمانمائة، فيسجل عليه المقدار الذي اشتراه من قبل بألف وزيادة، ويأخذ مقابل الألف وزيادة ثمانمائة، هذا ربا، ويصح لي أن أقول ألعن من الربا، لماذا ؟ لأن الفرق شاسع جداً، ففي البنك تأخذ مائة على أن توفي مائة وخمسة أو مائة وعشرة، أما هنا فالفرق باهظ جداً، فهذا النوع من الإحتيال على ما حرم الله عز وجل، ولذلك فبيع العينة أو التورق هذا أشد حرمة من الربا المكشوف، لا نريد أن نبيح الربا المكشوف فهو ملعون كما سمعتم وحسبه إثماً، لكن الإحتيال على أكل الربا ؟ الإحتيال على أكل الربا تلحق بصاحبه لعنة أخرى، لم ؟ لأنه أولاً يأكل الربا، فهو ملعون بنص الحديث السابق. ثانياً يحتال على أكل الربا، وهذه لعنة أخرى، من أين جاءت هذه اللعنة ؟ من قوله عليه الصلاة والسلام ( لعن الله اليهود، حرمت عليهم الشحوم فجملوها ثم باعوها وأكلوا أثمانها، وإن الله إذا حرّم أكل شيء حرّم ثمنه ) ماذا يعني هذا الحديث ؟ الحديث أولاً يشير إلى عقوبة كان الله عز وجل فرضها على اليهود بسبب ظلمهم لأنفسهم، وتعديهم على شريعة ربهم، من ذلك كما قال عز وجل (( فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ )) حرم الله على اليهود بسبب ظلمهم، وقتلهم الأنبياء بغير حق، حرم عليهم أشياء هي في أصلها حلال، قال تعالى (( فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ )) منها الشحوم، فقال عليه الصلاة والسلام في الحديث السابق ( لعن الله اليهود، حرمت عليهم الشحوم فجملوها ) ما معنى جملوها ؟ أي أذابوها، وضعوها في القدور وأوقدوا النار من تحتها فساخت وذابت، فصارت في شكل آخر غير الشكل الأول، زين لهم الشيطان بأن تغيير الشكل يخرج المحرم إلى دائرة الحلال، وهذا لعب على الأحكام الشرعية واحتيال عليها، لذلك قال عليه الصلاة والسلام ( لعن الله اليهود، حرّمت عليهم الشحوم فجملوها -أي أذابوها- ثم باعوها وأكلوا أثمانها، وإن الله إذا حرم أكل شيء حرم ثمنه ) إذن أكل الربا محرم، والإحتيال على أكل الربا محرم مرة ثانية ، وآكل الربا ملعون، والمحتال على أكل الربا ملعون مرة أخرى، لذلك فالتورّق هذا أو بيع العينة لا يجوز مضاعفةً أولاً لأنه يطعم الربا، وذلك البائع يأكل الربا وثانياً لأنهما تواطئا واتفقا على استحلال ما حرم الله، فوقعا في نفس الحيلة التي وقعت اليهود فيها من قبل.
الشيخ : أوضح بيع التورّق حتى يفهم الحاضرون .
السائل : بيع التورّق أن يشتري الرجل بضاعة من غير نقد من التاجر وهو يريد النقد ثم يبيعها لغير التاجر نقداً بثمنٍ أقل ؟
الشيخ : في الحقيقة هذه التسمية هي كتسمية الربا بالفائدة، التورق هذا اسم مبتدع، أما الذي سماه الرسول عليه الصلاة والسلام في الحديث السابق فهو العينة، والصورة كما سمعتم رجل يريد مالاً، ولتفكك عرى المودة والمحبة بين المسلمين فلا يجد هذا المسلم من يقرضه قرضاً حسناً، فيذهب لا يريد أن يذهب إلى البنك، لأن هذا ربا مكشوف، أن يأخذ مثلاً ألفاً على أساس أن يوفيها بعد مدة مسماة ألفاً ومائة أو أقل أو أكثر، وإنما يذهب عند التاجر فيشتري منه حاجة بألف ليس بالنقد، وإنما كما يقولون اليوم بالتقسيط بالدين، ثم بعد أن يشتريها بألف يعود فيبيعها للبائع له بثمانمائة، فيسجل عليه المقدار الذي اشتراه من قبل بألف وزيادة، ويأخذ مقابل الألف وزيادة ثمانمائة، هذا ربا، ويصح لي أن أقول ألعن من الربا، لماذا ؟ لأن الفرق شاسع جداً، ففي البنك تأخذ مائة على أن توفي مائة وخمسة أو مائة وعشرة، أما هنا فالفرق باهظ جداً، فهذا النوع من الإحتيال على ما حرم الله عز وجل، ولذلك فبيع العينة أو التورق هذا أشد حرمة من الربا المكشوف، لا نريد أن نبيح الربا المكشوف فهو ملعون كما سمعتم وحسبه إثماً، لكن الإحتيال على أكل الربا ؟ الإحتيال على أكل الربا تلحق بصاحبه لعنة أخرى، لم ؟ لأنه أولاً يأكل الربا، فهو ملعون بنص الحديث السابق. ثانياً يحتال على أكل الربا، وهذه لعنة أخرى، من أين جاءت هذه اللعنة ؟ من قوله عليه الصلاة والسلام ( لعن الله اليهود، حرمت عليهم الشحوم فجملوها ثم باعوها وأكلوا أثمانها، وإن الله إذا حرّم أكل شيء حرّم ثمنه ) ماذا يعني هذا الحديث ؟ الحديث أولاً يشير إلى عقوبة كان الله عز وجل فرضها على اليهود بسبب ظلمهم لأنفسهم، وتعديهم على شريعة ربهم، من ذلك كما قال عز وجل (( فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ )) حرم الله على اليهود بسبب ظلمهم، وقتلهم الأنبياء بغير حق، حرم عليهم أشياء هي في أصلها حلال، قال تعالى (( فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ )) منها الشحوم، فقال عليه الصلاة والسلام في الحديث السابق ( لعن الله اليهود، حرمت عليهم الشحوم فجملوها ) ما معنى جملوها ؟ أي أذابوها، وضعوها في القدور وأوقدوا النار من تحتها فساخت وذابت، فصارت في شكل آخر غير الشكل الأول، زين لهم الشيطان بأن تغيير الشكل يخرج المحرم إلى دائرة الحلال، وهذا لعب على الأحكام الشرعية واحتيال عليها، لذلك قال عليه الصلاة والسلام ( لعن الله اليهود، حرّمت عليهم الشحوم فجملوها -أي أذابوها- ثم باعوها وأكلوا أثمانها، وإن الله إذا حرم أكل شيء حرم ثمنه ) إذن أكل الربا محرم، والإحتيال على أكل الربا محرم مرة ثانية ، وآكل الربا ملعون، والمحتال على أكل الربا ملعون مرة أخرى، لذلك فالتورّق هذا أو بيع العينة لا يجوز مضاعفةً أولاً لأنه يطعم الربا، وذلك البائع يأكل الربا وثانياً لأنهما تواطئا واتفقا على استحلال ما حرم الله، فوقعا في نفس الحيلة التي وقعت اليهود فيها من قبل.
4 - ما حكم بيع التورق (معناه أن يشتري الرجل بضاعة من غير نقد من التاجر وهو يريد النقد ثم يبيعها لغير التاجر نقدا بثمن أقل) .؟ أستمع حفظ
ما حكم بيع الإيشار(غطاء يوضع الى الرأس ) للمتبرجات .؟
السائل : شيخنا بارك الله فيكم ما حكم من يبيع الإيشار الذي يوضع على الرأس يا شيخ مع العلم أن الإيشار بيعه ليس محرماً للنساء اللاتي يخرجن فيه كاسيات عاريات، وكذلك الملابس الأخرى، وهو يرى المرأة التي تشتريه كاسية عارية ؟
الشيخ : أظن أن جواب هذا السؤال يفهم مما سبق بوضوح، ولكن قد يتطلب الأمر شيئاً من التوضيح، الشيء الذي يباع كالإيشار الوارد في السؤال، قد يستعمل فيما هو مباح وقد يستعمل فيما هو محرم، فهنا ينظر إلى الأمر بمنظارين اثنين ، الأول إذا كان الغالب على استعمال المبيوع هذا، سواءً كان الإيشار أو غيره، إذا كان الغالب في استعماله استعماله فيما حرم الله فبيعه حرام، وإذا كان الغالب استعماله فيما أباح الله فبيعه حلال. هذا المنظار الأول. المنظار الثاني ينظر إلى المبيوع له إلى الشخص الذي يباع له بنفس النظام السابق، فإذا كان يغلب على البائع أن هذا الشاري لهذه الحاجة سيستعملها فيما حرمها الله، فبيعه إياها حرام وإلا فحلال، لا بد من هذا التفصيل، حتى لا يكون الإنسان واقعاً فيما حرم الله باسم أنه حلال أو على العكس تماما
الشيخ : أظن أن جواب هذا السؤال يفهم مما سبق بوضوح، ولكن قد يتطلب الأمر شيئاً من التوضيح، الشيء الذي يباع كالإيشار الوارد في السؤال، قد يستعمل فيما هو مباح وقد يستعمل فيما هو محرم، فهنا ينظر إلى الأمر بمنظارين اثنين ، الأول إذا كان الغالب على استعمال المبيوع هذا، سواءً كان الإيشار أو غيره، إذا كان الغالب في استعماله استعماله فيما حرم الله فبيعه حرام، وإذا كان الغالب استعماله فيما أباح الله فبيعه حلال. هذا المنظار الأول. المنظار الثاني ينظر إلى المبيوع له إلى الشخص الذي يباع له بنفس النظام السابق، فإذا كان يغلب على البائع أن هذا الشاري لهذه الحاجة سيستعملها فيما حرمها الله، فبيعه إياها حرام وإلا فحلال، لا بد من هذا التفصيل، حتى لا يكون الإنسان واقعاً فيما حرم الله باسم أنه حلال أو على العكس تماما
ما معنى حديث النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه ) .؟
السائل : يقول السائل بارك الله فيكم ما ترجمة حديث النبي صلى الله عليه وسلم ( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه ) ؟
الشيخ : أولاً ( لا يؤمن أحدكم ) هذا النفي ليس نفياً للإيمان المطلق، بحيث أنه يعني يكون كافراً إذا كان لا يحب لأخيه المسلم ما يحب لنفسه، وإنما المعنى لا يؤمن إيماناً كاملاً ، من ؟ المسلم الذي لا يحب لاخيه المسلم مايحب لنفسه، ومعنى أن يحب المسلم لأخيه مايحب لنفسه بلا شك هذا لابد من أن يقيد لفظاً، لأنه ورد، ومعناً لأنه هو المعنى المقصود من هذه الرواية المشهورة ، والرواية المشهورة في الحديث هي كما سمعتم آنفاً ( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه ) هكذا الحديث في الصحيحين لكن جاء الحديث بزيادة موضحة للمعنى الذي لا ثاني له، وهو ( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه من الخير )، لأن الحديث على إطلاقه قد يشمل ما ليس خيراً، فمثلاً رجل يشتهي أن يدخل السينما، فهو يتمنى لأخيه المسلم ما يحب لنفسه، لا هذا المعنى لا يرد في بال المسلم، لكن القيد الذي جاء في آخر الحديث وفي رواية صحيحة، كما يقال اليوم هذه الرواية تضع النقاط على الحروف، تبين أن المقصود بهذه المحبة التي إذا لم تتوفر في قلب المسلم يكون إيمانه ناقصاً، وهو أن يحب لأخيه المسلم من الخير ما يحب لنفسه مثلاً أنت عندك علم نافع، كالعلم بالكتاب والسنة، وبالتلاوة، وباللغة العربية، أي علم نافع، فأنت لا يجوز أن تتمنى أن تظل وحيداً في علمك هذا، بل يجب عليك أن تتمنى ذلك لكل مسلم، لأنه خير، فإن لم تفعل فإيمانك ناقص، وعلى ذلك فقس. فمعنى إذن ( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه ) من الخير و إذا افترضنا مسلماً يرى جاراً له فقيراً، ثم يتمنى له أن يظل فقيراً معدماً، ولا يتمنى له من المال الذي أعطاه الله إياه، وهذا من طبيعة الإنسان كما قال رب الأنام في القرآن (( وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ )) الخير هنا هو المال، هذا الجار الغني حينما يرى جاره الفقير فقراً مدقعاً، عليه أن يتمنى له من المال مثل ما له، ولكن عطفاً على بحثٍ سبق إذا كان كسبه من حرام فإياه أن يتمناه لجاره الفقير، وإنما قبل كل شيء يجب أن يتمنى لنفسه المال الحلال، ثم يتمناه للمسلم، حتى يصدق عليه هذا الحديث ( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه من الخير ).
الشيخ : أولاً ( لا يؤمن أحدكم ) هذا النفي ليس نفياً للإيمان المطلق، بحيث أنه يعني يكون كافراً إذا كان لا يحب لأخيه المسلم ما يحب لنفسه، وإنما المعنى لا يؤمن إيماناً كاملاً ، من ؟ المسلم الذي لا يحب لاخيه المسلم مايحب لنفسه، ومعنى أن يحب المسلم لأخيه مايحب لنفسه بلا شك هذا لابد من أن يقيد لفظاً، لأنه ورد، ومعناً لأنه هو المعنى المقصود من هذه الرواية المشهورة ، والرواية المشهورة في الحديث هي كما سمعتم آنفاً ( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه ) هكذا الحديث في الصحيحين لكن جاء الحديث بزيادة موضحة للمعنى الذي لا ثاني له، وهو ( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه من الخير )، لأن الحديث على إطلاقه قد يشمل ما ليس خيراً، فمثلاً رجل يشتهي أن يدخل السينما، فهو يتمنى لأخيه المسلم ما يحب لنفسه، لا هذا المعنى لا يرد في بال المسلم، لكن القيد الذي جاء في آخر الحديث وفي رواية صحيحة، كما يقال اليوم هذه الرواية تضع النقاط على الحروف، تبين أن المقصود بهذه المحبة التي إذا لم تتوفر في قلب المسلم يكون إيمانه ناقصاً، وهو أن يحب لأخيه المسلم من الخير ما يحب لنفسه مثلاً أنت عندك علم نافع، كالعلم بالكتاب والسنة، وبالتلاوة، وباللغة العربية، أي علم نافع، فأنت لا يجوز أن تتمنى أن تظل وحيداً في علمك هذا، بل يجب عليك أن تتمنى ذلك لكل مسلم، لأنه خير، فإن لم تفعل فإيمانك ناقص، وعلى ذلك فقس. فمعنى إذن ( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه ) من الخير و إذا افترضنا مسلماً يرى جاراً له فقيراً، ثم يتمنى له أن يظل فقيراً معدماً، ولا يتمنى له من المال الذي أعطاه الله إياه، وهذا من طبيعة الإنسان كما قال رب الأنام في القرآن (( وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ )) الخير هنا هو المال، هذا الجار الغني حينما يرى جاره الفقير فقراً مدقعاً، عليه أن يتمنى له من المال مثل ما له، ولكن عطفاً على بحثٍ سبق إذا كان كسبه من حرام فإياه أن يتمناه لجاره الفقير، وإنما قبل كل شيء يجب أن يتمنى لنفسه المال الحلال، ثم يتمناه للمسلم، حتى يصدق عليه هذا الحديث ( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه من الخير ).
6 - ما معنى حديث النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه ) .؟ أستمع حفظ
ما حكم العمل في شركة تصنع ألعابا بلاستيكة على شكل الحيوانات .؟
السائل : بارك الله فيكم: ما حكم العمل في شركة لصناعة الألعاب البلاستيكية وهي أشكال الحيوانات ؟
الشيخ : سبق الجواب عن هذا بارك الله فيكم لا توجهوا أسئلة متكررة، الألفاظ متغيرة والمعاني متحدة، هذا السؤال والذي قبله بقليل كله يلتقي مع مخالفة الآية الكريمة (( وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ )) صنع الدمى وألعاب الأطفال هذه لا يجوز صنعها إلابيتياً إلا في بيت المسلم، فلا مانع من صنع ذلك، انطلاقاً أو تمسكاً بحديث عائشة . أما صنعها والمتاجرة بها، وتعميمها في بيوت المسلمين، وبخاصة إذا كان صنعها فيه تقليد للكفار ولأذواقهم ولعاداتهم وتقاليدهم، فهذا بلا شك من أشد المحرمات في الإسلام، فلا يجوز أن يعمل في مثل هذه الشركة مؤمن يؤمن بالله ورسوله.
الشيخ : سبق الجواب عن هذا بارك الله فيكم لا توجهوا أسئلة متكررة، الألفاظ متغيرة والمعاني متحدة، هذا السؤال والذي قبله بقليل كله يلتقي مع مخالفة الآية الكريمة (( وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ )) صنع الدمى وألعاب الأطفال هذه لا يجوز صنعها إلابيتياً إلا في بيت المسلم، فلا مانع من صنع ذلك، انطلاقاً أو تمسكاً بحديث عائشة . أما صنعها والمتاجرة بها، وتعميمها في بيوت المسلمين، وبخاصة إذا كان صنعها فيه تقليد للكفار ولأذواقهم ولعاداتهم وتقاليدهم، فهذا بلا شك من أشد المحرمات في الإسلام، فلا يجوز أن يعمل في مثل هذه الشركة مؤمن يؤمن بالله ورسوله.
هل الزواج من الأمور المقدرة على الإنسان جبراً .؟
السائل : هل الزواج من الأمور المقدرة على الإنسان جبراً ؟
الشيخ : هذا سؤال قديم لكنه حديث في التعبير، هذا كمن يقول هل السعادة و الشقاوة مقدرة للعبد أم لا ؟ أما الجواب الشرعي والعقلي في آن واحد، فهو أن كل شيء بقدر، والزواج إما أن يكون زواجاً شرعياً أو أن يكون زواجاً بدعياً، فإن كان زواجاً شرعياً فهو خير، وإن كان زواجاً بدعياً فهو شرٌ، فهل الخير والشر مقدر على الإنسان ؟ الجواب: نعم كل شيء بقدر، كما جاء في الحديث الصحيح ( كل شيء بقدر، حتى العجز والكيس ) ولكن إذا كان كل شيء بقدر حتى السعادة والشقاوة ففيما العمل ؟ لقد ذكروا للرسول هذا السؤال حينما أخبرهم بأن كل شيء مستطر، كل شيء مسجل، قالوا له " ففيم العمل ؟ " فأجابهم عليه الصلاة والسلام، وهذا هو الجواب الحكم الفصل الذي لا جواب بعده ولكن لمن فهمه ، قال عليه الصلاة والسلام ( اعملوا فكل ميسر لما خلق له، فمن كان من أهل الجنة فسيعمل بعمل أهل الجنة، ومن كان من أهل النار فسيعمل بعمل أهل النار ) ثم قرأ قوله تبارك وتعالى (( فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى * وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى )) إذن كل ميسر لما خلق له.
بالنسبة للسؤال السابق: من كان يريد الخير فيسعى إليه ويتزوج الزواج المشروع، ومن كان يريد الشر يسعى أيضاً إليه ويتزوج بزواج غير مشروع، كلٌ ميسر لما خلق له، لذلك لا يقولن أحدكم إذا كانت السعادة مكتوبة لي فإذاً لماذا أنا أتعب نفسي وأصلي وأصوم وأنا سعيد ؟ أو إذا كنت كتبت شقياً لا سمح الله لماذا أيضاً لا أتمتع بملاذ الحياة كلها ولا أتعب نفسي بصلاة وعبادة وصيام .إلخ؟ الجواب: إن كنت صادقاً مع نفسك فقل كل شيء مثل السعادة والشقاوة، وسابقاً ذكرنا أن الرزق كذالك فلماذا تسعى وراء الرزق ؟! والرزق أيضاً مما سجل كالسعادة والشقاوة، كل شيء مسطر، فلماذا تسعى وراء الرزق ؟! لأنك تعلم أنك إن لم تسع لم يأتك، فهنا أنت معتزلي، أي تؤمن بالأسباب، أما هناك فأنت جبري فيما يتعلق بالسعادة لأنك لا تعمل، لأنه إن كان مكتوباً سعيد فأنت سعيد، وإن كان مكتوباً شقي فأنت شقي، وإن كان مكتوباً فقير فأنت فقير، فلماذا تسعى؟ لا بد من السعي، قال تعالى(( مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُوماً مَدْحُوراً * وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُوراً )) لذلك لا بد من السعي وراء الخير، ولا بد من الابتعاد عن الشر، والله عز وجل بحكمته قدر أن يعطي لكل إنسان ما يسعى إليه، كما قال تعالى (( وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ))
الشيخ : هذا سؤال قديم لكنه حديث في التعبير، هذا كمن يقول هل السعادة و الشقاوة مقدرة للعبد أم لا ؟ أما الجواب الشرعي والعقلي في آن واحد، فهو أن كل شيء بقدر، والزواج إما أن يكون زواجاً شرعياً أو أن يكون زواجاً بدعياً، فإن كان زواجاً شرعياً فهو خير، وإن كان زواجاً بدعياً فهو شرٌ، فهل الخير والشر مقدر على الإنسان ؟ الجواب: نعم كل شيء بقدر، كما جاء في الحديث الصحيح ( كل شيء بقدر، حتى العجز والكيس ) ولكن إذا كان كل شيء بقدر حتى السعادة والشقاوة ففيما العمل ؟ لقد ذكروا للرسول هذا السؤال حينما أخبرهم بأن كل شيء مستطر، كل شيء مسجل، قالوا له " ففيم العمل ؟ " فأجابهم عليه الصلاة والسلام، وهذا هو الجواب الحكم الفصل الذي لا جواب بعده ولكن لمن فهمه ، قال عليه الصلاة والسلام ( اعملوا فكل ميسر لما خلق له، فمن كان من أهل الجنة فسيعمل بعمل أهل الجنة، ومن كان من أهل النار فسيعمل بعمل أهل النار ) ثم قرأ قوله تبارك وتعالى (( فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى * وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى )) إذن كل ميسر لما خلق له.
بالنسبة للسؤال السابق: من كان يريد الخير فيسعى إليه ويتزوج الزواج المشروع، ومن كان يريد الشر يسعى أيضاً إليه ويتزوج بزواج غير مشروع، كلٌ ميسر لما خلق له، لذلك لا يقولن أحدكم إذا كانت السعادة مكتوبة لي فإذاً لماذا أنا أتعب نفسي وأصلي وأصوم وأنا سعيد ؟ أو إذا كنت كتبت شقياً لا سمح الله لماذا أيضاً لا أتمتع بملاذ الحياة كلها ولا أتعب نفسي بصلاة وعبادة وصيام .إلخ؟ الجواب: إن كنت صادقاً مع نفسك فقل كل شيء مثل السعادة والشقاوة، وسابقاً ذكرنا أن الرزق كذالك فلماذا تسعى وراء الرزق ؟! والرزق أيضاً مما سجل كالسعادة والشقاوة، كل شيء مسطر، فلماذا تسعى وراء الرزق ؟! لأنك تعلم أنك إن لم تسع لم يأتك، فهنا أنت معتزلي، أي تؤمن بالأسباب، أما هناك فأنت جبري فيما يتعلق بالسعادة لأنك لا تعمل، لأنه إن كان مكتوباً سعيد فأنت سعيد، وإن كان مكتوباً شقي فأنت شقي، وإن كان مكتوباً فقير فأنت فقير، فلماذا تسعى؟ لا بد من السعي، قال تعالى(( مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُوماً مَدْحُوراً * وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُوراً )) لذلك لا بد من السعي وراء الخير، ولا بد من الابتعاد عن الشر، والله عز وجل بحكمته قدر أن يعطي لكل إنسان ما يسعى إليه، كما قال تعالى (( وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ))
قراءة الشيخ ما تيسر من سورة الفرقان .
قراءة الشيخ لما تيسر من القرآن (( من سورة الفرقان )) " من الآية 61 إلى الآية 77 "
اضيفت في - 2004-08-16