تفسير قوله تعالى : (( يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم وإياي فارهبون )) وإعراب (( وإياي فارهبون ))
ثم قال: (( يبني إسرائيل)) إسرائيل هو من ؟ يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم، فجده إبراهيم ، وإسماعيل أبوه إبراهيم وأولاده أولاد عم لبني إسرائيل، ولهذا كان العرب وبنو إسرائيل كانوا بني عم يحصل بينهم الفتن والعداوة والبغضاء، ومن ثم حسدوا أعني بني إسرائيل العرب لما كان محمدا صلى الله عليه وسلم منهم.
((اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم )) أذكروها بقلوبكم واذكروها بألسنتكم واذكروها بأعمالكم وذلك لأن الشكر يتناول يكون بالأمور الثلاثة: بالقلب واللسان والجوارح .
وقوله: ((نعمتي)) مفرد مضاف فيعم جميع النعم، وقد أنعم الله تعالى على بني إسرائيل بنعم كثيرة فضلهم على العالمين قال لهم موسى عليه الصلاة والسلام: (( يا قوم اذكروا نعمة الله عليكم إذ جعل فيكم أنبياء وجعلكم ملوكا وآتاكم ما لم يؤت أحدا من العالمين)) .
وقوله: ((التي أنعمت عليكم )) قد يقول قائل: يغني عنها قوله: ((نعمتي)) فنقول: نعم من حيث الإغناء يغني لكن ذكرها فيه بيان كمال امتنان لله عزوجل حيث قال: ((أنعمت عليكم)) وبلفظ الفعل الدال على إحداث هذه النعم وأنه لولا أن الله عزوجل هو الذي من بها ما حصلت لهم.
(( وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم )) ((أوفوا)) أي إيتوا به وافيا، وعهده سبحانه وتعالى أنه عهد إليهم أن يقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة ويؤمنوا بالرسل كما قال الله تعالى: (( لقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل وبعثنا منهم اثني عشر نقيبا وقال الله إني معكم لإن أقمتم الصلاة وآتيتم الزكاة وآمنتم برسلي وعزرتموهم وأقرضتم الله قرضا حسنا)) هذا عهد الله، (( لأكفرن عنكم سيئاتكم )) ((أوف بعهدكم)) ما هو عهد الله لهم ؟ الذي عاهدهم ا إذا وفوا بعهده أن يوفي به ((لأكفرن عنكم سيئاتكم ولأدخلنكم جنات تجري من تحتها الأنهار )) فلو وفوا بعهد الله لوفى الله لهم بعهده. (( وإياي فارهبون )) ((إياي فارهبون)) فيها إشكال من حيث الإعراب أولا ارهبون أصلها ارهبوني بالياء وهي محذوفة من أجل مراعاة الفواصل فإذا كانت ارهبون قد أخذت معمولها فأين العامل في ((إياي)) ؟ من أجاز أن يتسلط العامل على معمولين فلا إشكال عليه، لكن من لم يجز فهذا إشكال يقال إنه يقدر العامل في ((إياي)) بحسب السياق ويمكن أن نقول خافوا إياي ارهبوا إياي ((فارهبون)) وأما الفاء في قوله: ((فارهبون)) فقيل إنها لتحسين اللفظ و الرهبة هي الخوف المشعر بازدياد التأثر مما خافه، لأنك تشعر بأنها تدل على رقة وعلى أن هذا الخوف خوف مؤثر.
1 - تفسير قوله تعالى : (( يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم وإياي فارهبون )) وإعراب (( وإياي فارهبون )) أستمع حفظ
تفسير قوله تعالى : (( وآمنوا بما أنزلت مصدقاً لما معكم ولا تكونوا أول كافرٍ به ولا تشتروا بآياتي ثمناً قليلاً وإياي فاتقون ))
((بما أنزلت مصدقا لما معكم )) وهو القرآن أنزله الله على محمد صلى الله عليه وسلم وقوله: (( مصدقا لما معكم )) ما الذي معهم؟ التوراة بالنسبة لليهود والإنجيل بالنسبة للنصارى، فإن الله تعالى قد بين في التوراة والإنجيل وصف محمد صلى الله عليه وسلم بيانا كاملا حتى صاروا يعرفونه كما يعرفون أبنائهم وقوله : ((مصدقا لما معكم)) أي لما ذكر من أوصافه صلى الله عليه وسلم وأوصاف القرآن الذي يأتي به وكذلك أيضا ((ومصدقا لما معهم)) شاهد لها بالصدق فصار تصديق القرآن لها من وجهين: الوجه الأول أنه وقع مطابقا لما أخبرت به، والوجه الثاني: أنه قد شهد لها بالصدق، فالقرآن يدل دلالة واضحة على أن الله أنزل التوراة وأنزل الإنجيل، وهذا شهادة لها بأنها صدق، وكذلك التوراة والإنجيل قد ذكرت القرآن وذكرت محمدا صلى الله عليه وسلم، فإذا وقع الأمر كما أخبرت صار ذلك تصديقا لها، طيب ولهذا لو حدثتك بحديث وقلت أنت صدقت ثم وقع ما حدثتك به مشهودا تشاهده بعينك صار الوقوع هذا تصديقا أيضا.
((ولا تكونوا أول كافر به)) يعني لا يليق بكم وأنتم تعلمون أنه حق أن تكونوا أول كافر به ولا يعني ذلك كونوا ثاني كافر لا، المعنى أنه لان يليق بكم أن تكونوا أول كافر وأنتم تعلمون أنه حق .
وفي قوله: ((تكونوا)) الضمير ضمير جمع و((أول كافر)) كافر مفرد فكيف يصح أن نخبر بالمفرد عن الجماعة ؟ قال المفسرون: إن تقدير الكلام : أول فريق كافر به، لأن الخطاب لبني إسرائيل عموما وهم جماعة يعني لا تكونوا أول فريق كافر به، لأنه لا يليق بكم وأنتم تعلمون أنه حق أن تكونوا أول المكذبين فكان عليكم أن تكونوا أول مؤمن به.
((ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا)) ((تشتروا)) غير تشروا، لأن تشروا بمعنى تبيعوا تشتروا بمعنى تأخذوا بالشراء . وقوله: ((بآياتي ثمنا قليلا )) يعني بذلك الجاه والرئاسة وما أشبه ذلك، لأن بني إسرائيل إنما كفروا يريدون الدنيا ولو أنهم اتبعوا محمدا صلى الله عليه وسلم لكانوا في القمة ولأوتوا أجرهم مرتين، لكن حسدا وابتغاء لبقاء الجاه والشرف وأنهم هم أهل الكتاب حسدوا النبي صلى الله عليه وسلم فلم يؤمنوا به . وقوله: ((ثمنا قليلا)) يدل على أن ما كان من أمر الدنيا فهو قليل مهما تعاظمه الإنسان فإنه ليس بشيء بالنسبة للآخرة .
(( وإياي فاتقون )) نقول في إعراب فاتقون كما قلنا في: ((إياي فارهبون)) أما التقوى فهي: اتخاذ وقاية من عذاب الله عزوجل بفعل أوامره واجتناب نواهيه، ففي الآية الأولى ((إياي فارهبون)) أمر بالتزام الشريعة وأن لا يخالفوها عصيانا، وفي قوله: ((اتقون)) أمر بالتزام الشريعة وأن لا يخالفوها لا في الأمر ولا في النهي .
2 - تفسير قوله تعالى : (( وآمنوا بما أنزلت مصدقاً لما معكم ولا تكونوا أول كافرٍ به ولا تشتروا بآياتي ثمناً قليلاً وإياي فاتقون )) أستمع حفظ
تفسير قوله تعالى : (( ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون ))
قال: (( وتكتموا الحق وأنتم تعلمون)) هنا الواو هل هي عاطفة؟ أو واو المعية ؟ تحتمل معنيين يعني يحتمل المعنى لا تلبسوا الحق بالباطل ولا تكتموا الحق وأنتم تعلمون ، ويحتمل لا تلبسوا الحق بالباطل مع كتمان الحق، لكن على هذا التقدير يبقى إشكال وهو أن قوله: ((لا تلبسوا الحق بالباطل)) يقتضي أنهم يذكرون الحق والباطل، فيقال: نعم هم وإن ذكروا الحق والباطل فقد كتموا الحق في الحقيقة، لأنهم لبسوه بالباطل فبقي خفيا، فيبقى الآن يبقى جواز أن تكون الواو عاطفة وأن تكون واو المعية، (( وتكتموا الحق وأنتم تعلمون)) أي تعلمون أن الحق فيما جاء به الرسول عليه الصلاة والسلام وأنكم مبطلون في كتمانكم إياه .
تفسير قوله تعالى : (( وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين ))
فوائد الآية (( يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم وإياي فارهبون )) وذكر أسلوب من أساليب الدعوة إلى الله وهو تذكير بالنعم.
ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن التذكير أو تذكير العبد بنعم الله عليه، لقوله: (( اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم )) .
فهل هذا من وسائل الدعوة إلى الله ؟ بمعنى أننا إذا أردنا أن ندعو شخصا نذكره بالنعم؟ الجواب نعم، نذكره بالنعم لأن هذا أدعى لقبول الحق وأدعى لكونه يحب الله عزوجل، ومحبة الله تحمل العبد على أن يقوم بطاعته من فوائد الآية الكريمة: أن لله المنة في إنعامه هؤلاء، لقوله: ((التي أنعمت عليكم )) وقد ذكرت لكم قبل قليل أنه ذكرها بالفعل، لأنها متجددة حادثة ليست من كسب هؤلاء.
ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن من وفى لله بعهده وفى الله له، لقوله: (( أوفوا بعهدي أوف بعهدكم )) و ((أوف)) كما تعلمون جواب الطلب في قوله: ((أوفوا بعهدي)) ولهذا جاءت مجزومة بحذف حرف العلة .
ومن فوائد الآية الكريمة: إن من نكث بعهد الله فإنه يعاقب بحرمانه ما رتب الله تعالى على الوفاء بالعهد، وذلك لأن المنطوق في الآية أن من وفى لله وفى الله له فيكون المفهوم من لم يف فإنه يعاقب ولا يعطى ما وعد به .
ومن فوائد هذه الآية الكريمة: وجوب الوفاء بالنذر، لأن الناذر معاهد لله كما قال الله تعالى: (( ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله لنصدقن ولنكونا من الصالحين )) فالناذر معاهد لله تعالى.
ومن فوائد هذه الآية الكريمة: وجوب إخلاص الرهبة لله لقوله: (( إياي فارهبون)) .
ومن فوائدها أن الرهبة عبادة، لأن الله تعالى أمر بها وأمر بإخلاصها .
5 - فوائد الآية (( يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم وإياي فارهبون )) وذكر أسلوب من أساليب الدعوة إلى الله وهو تذكير بالنعم. أستمع حفظ
لا ينافي توحيد الله خوف الإنسان من السبع والخوف الطبيعي إلا إذا منعه من ترك واجب.
فوائد الآية (( وآمنوا بما أنزلت مصدقاً لما معكم ولا تكونوا أول كافرٍ به ولا تشتروا بآياتي ثمناً قليلاً وإياي فاتقون )) وذكر مسألة: هل الكفار مخاطبون بفروع الشريعة ؟
ومن فوائدها: أن الكافر مخاطب بالإسلام وهذا مجمع عليه. لكن هل يخاطب بفروع الإسلام ؟ فيه تفصيل إن أردت بالمخاطبة أنه مأمور أن يفعلها فلا، لأنه لابد أن يسلم أولا ثم يفعلها ثانيا، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل: (فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله محمد ا رسول الله فإن أجابوا لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة ) إذا هم لا يخاطبون بالفعل يعني لا يقال افعلوا فلا نقول لكافر تعال صل، بل نأمره أولا بالإسلام، وإن أردت بالمخاطبة أنهم مخاطبون بالفروع أنهم يعاقبون عليها إذا ماتوا على الكفر فهذا صحيح، ولهذا يقال للمجرمين: (( ما سلكم في سقر قالوا لم نك من المصلين ولم نك نطعم المسكين وكنا نخوض مع الخائضين وكنا نكذب بيوم الذين حتى أتانا اليقين )) يعني هذا دأبهم حتى ماتوا . ووجه الدلالة من الآية أنه لو لا أنهم كانوا مخاطبين بالفروع لكان قولهم (( لم نك من المصلين ولم نك نطعم المسكين )) عبثا لا فائدة منه .
7 - فوائد الآية (( وآمنوا بما أنزلت مصدقاً لما معكم ولا تكونوا أول كافرٍ به ولا تشتروا بآياتي ثمناً قليلاً وإياي فاتقون )) وذكر مسألة: هل الكفار مخاطبون بفروع الشريعة ؟ أستمع حفظ
ما مدى صحة قول بعض أهل العلم أن موسى عليه السلام خاف أن يفتتن الناس ولم يخف من فرعون ؟
الشيخ :لا غلط باطل هذا القول باطل والآية تبطله (( قلنا لا تخف إنك أنت الأعلى )) وهذا يدل على أنه خاف منه .
8 - ما مدى صحة قول بعض أهل العلم أن موسى عليه السلام خاف أن يفتتن الناس ولم يخف من فرعون ؟ أستمع حفظ
في قوله تعالى: (( وإياي فارهبون )) إذا قدرنا محذوف صار في الآية إشكال وهو يصير تقديرها وإياي خافوا فارهبون فما موقع الفاء هنا وارهبون تكون معطوفة على خافوا ؟
الشيخ :وهو؟
السائل :يصير تقديرها : إياي خافوا
الشيخ :وإياي خافوا فارهبوا.
السائل :الفاء هنا موقعها؟
الشيخ :الفاء قالوا إنها لتحسين اللفظ.
السائل :((وارهبون)) تكون معطوفة على خافوا ؟
الشيخ :إذا قدرنا خافوا فهنا قد نقول إنها لا يصح أن تكون لتحسين اللفظ .
السائل :تكون عاطفة؟
الشيخ :تكون عاطفة، لكن إذا قلنا إنه يجوز أن يتوجه العامل على معمولين صار لتحسين اللفظ
السائل :حتى وإن قلنا الواو عاطفة إياي خافوا فارهبوا فتكون الفاء هنا..
الشيخ :عاطفة يعني فإذا خفتم مني فارهبوني . نعم
9 - في قوله تعالى: (( وإياي فارهبون )) إذا قدرنا محذوف صار في الآية إشكال وهو يصير تقديرها وإياي خافوا فارهبون فما موقع الفاء هنا وارهبون تكون معطوفة على خافوا ؟ أستمع حفظ
إذا دخل الكافر المسجد هل نلزمه بالصلاة أم لا ؟
الشيخ : أيش؟ المسجد نعم.
السائل :هل نلزمه بالصلاة أم لا؟
الشيخ : أي نعم نقول صل لكن لا نقول صل على أنا نلزمه فإذا قلنا صل وقال إنه غير مسلم نتركه، لكننا نقول لا تبقى عند المسجد، لأن في هذا إحراج للمسلمين وتحديا لهم أما أن نلزمه أدخل صل هو يقول أنا كافر ما أصلي .
السائل :............. الشيخ : هذا شيء يرجع للمسئول عنه
ما محل إعراب قوله تعالى: (( وأنتم تعلمون )) ؟
الشيخ : قوله: وأنتم تعلمون حال الواو حالية الجملة كلها حالية . لا واو المعية في قوله: ((ولا تكتموا)). @
السائل :هل يلام من يخاف من العين والجن وماذا تقولون له ؟ الشيخ : من يخاف من العين ومن الجن يقال له استعمل الأوراد النافعة مثل آية الكرسي والآيتين الأخيرتين في سورة البقرة ،((قل هو الله أحد)) ،((قل أعوذ برب الفلق))، ((قل أعوذ برب الناس)) وأنا أقول لك إن خفت من الجن فسوف يعتدون عليك ولهذا أكثر ما يصاب الإنسان من الجن إذا كان يخاف يخاف منه فإياك إياك لا يكن في مكان مظلم يخاف أبدا ، استعن بالله ولا يهمنك.
هل يلام من خاف من العين والجن ؟
الشيخ : أردت أن تصلي فتوضأ أما إذا أردت أن تأتي للمراجعة فليس عليك واجب.
السائل :يجوز الجلوس في المسجد بغير وضوء ؟
الشيخ : نعم يجلس على غير وضوء فقول الرسول : ( إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين ) معلوم أنه مخاطب من هو على وضوء .
إذا دخل شخص المسجد لغرض الدرس ولم يرد الصلاة هل عليه وضوء ؟
الشيخ : كيف تقرأ ؟ اقرأ من الأول أعد ما قرأت الآن؟
الطالب : (( وآمنوا بما أنزلت ))
الشيخ : لا غلط ((آمنوا)) ما تستقيم أي الواو أهم الشيء الضمير ((آمنوا)) ما جئت بالواو آمنوا بما أنزلت
الطالب : (( آمنوا بما أنزلت مصدقا لما معكم ولا تكونوا أول كافر به ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا وإياي فاتقون ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين .)).
تلاوة الطالب لآيات من سورة البقرة
مراجعة ومناقشة ما سبق من تفسير الآيات
من فوائد هذه الآية الكريمة :أن من اشترى بآيات الله ثمنا قليلا ففيه شبه من اليهود، فالذين يقرأون العلم الشرعي من أجل الدنيا يكون فيهم شبه من اليهود، لأن اليهود هم الذين يشترون بآيات الله ثمنا قليلا، وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ( من طلب علما مما يبتغى به وجه الله لا يريد إلا أن ينال عرضا من الدنيا لم يرح رائحة الجنة ) .
وحينئذ يشكل على كثير من الطلبة أولئك القوم الذين يقبلون يزفون إلى الجامعات والى المدارس ليجدون بهذا الشهادة، فهل يكونون ممن اشتروا بآيات الله ثمنا قليلا ؟
الجواب حسب النية إذا كان الإنسان لا يريد من ذلك إلا أن يتوظف ويعيش فهذا اشترى بآيات الله ثمنا قليلا، وعلامة ذلك أنه لا يهمه إلا أن يصل إلى هذه المرتبة ولو على حساب العلم والشرع، وأما إذا كان لا يريد ذلك، إنما يريد أن يصل إلى المرتبة التي ينالها بالشهادة من أجل أن يتبوأ مكانا ينفع به المسلمين فهذا لم يشتر بآيات الله ثمنا قليلا، لأن المفاهيم الآن تغيرت وصار الإنسان يوزن بما معه من بطاقة الشهادة واضح؟ إذا نقول لهؤلاء الذين يزفون إلى الجامعات لا عليكم إذا كنتم لا تريدون بذلك الدنيا المحضة وإنما تريدون أن تتبوأوا مكانا تنفعون به عباد الله .
ومن فوائد هذه الآية الكريمة: أن جميع ما في الدنيا قليل ويشهد لهذا قوله تعالى: (( قل متاع الدنيا قليل والآخرة خير لمن اتقى ولا تظلمون فتيلا))
ومن فوائد الآية الكريمة: أن شرائع الله تعالى من آياته لقوله: ((بآياتي ثمنا قليلا )) وهم اليهود يبيعون الدين بالدنيا، ووجه كون الشرائع من آياته: أنها تدل على حكمته عزوجل وتأتي على أكمل الوجوه بخلاف ما يسنه البشر، فإنه ناقص، أولا: لنقص علم البشر وعدم إحاطته، ثانيا: لخفاء المصالح عليه فقد يظن ما هو مصلحة وليس مصلحة. فقد يظن ما ليس بمصلحة مصلحة، ثالثا: أننا لو قدرنا أن هذا الرجل الذي سن النظام أو القانون من أعقل الناس وأعلم الناس بأحوال الناس فإن علمه هذا محدود، محدود في زمانه ومحدود في مكانه، أما في زمانه فظاهر، لأن الأمور تتغير قد يكون المصلحة للبشر في هذا الزمن كذا وكذا، وفي زمن آخر خلافه ، في المكان أيضا، قد يكون هذا التشريع الذي سنه البشر مناسبا لأحوال هؤلاء الأمة في مكان، ولكن في أمة أخرى لا يصح، ولهذا ضل كثير من المسلمين مع الأسف الشديد في أخذ القوانين الغربية وتطبيقها على المجتمع الإسلامي، لأن هناك فرقا بين المجتمعات الأوروبية الكافرة وبين المجتمعات الإسلامية، ولا يمكن أن نطبق ما يصلح لحال أولئك على مالا يصلح لحال المسلمين، هذا إذا قلنا إنه صالح بمكانه فكيف إذا لم يكن صالحا بمكانه ؟ والعجب أن بعض الناس نسال الله العافية تجدهم قد مشوا على قوانين شرعت من عشرات السنين وأهلها الذين شرّعوها قد عجزوا عنها فصار هؤلاء كالذين يمشمشون العظام بعد أن ترمى في الزبالة، وهذا شيء واضح هناك قوانين شرعت لقوم كفار ثم تغيرت الحال فغيروها ثم جاء بعض المسلمين إلى هذه القوانين القشور الملفوظة وصاروا يتنشنشونها، هل يدخل في قوله: ((لا تشتروا بآيات الله ثمنا قليلا)) ؟ نعم يدخل في هذا نعم .
ومن فوائد الآية الكريمة: وجوب تقوى الله عزوجل وإفراده بالتقوى، لقوله: ((وإياي فاتقون))
فإن قال قائل: أليس الله يأمرنا أن نتقي الوقت الذي فيه العذاب أحيانا وأن نتقي العذاب أحيانا؟ فقال عزوجل: (( واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله )) وقال: (( واتقوا النار التي أعدت للكافرين)) وقال: (( واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة )) فكيف الجمع ؟
نقول: كل هذه الأشياء التي أمرنا باتقائها اتقاؤها من تقوى الله، لأنها مخلوقة لله عزوجل فاتقاؤها من تقوى الله عزوجل.
تتمه فوائد الآية (( وآمنوا بما أنزلت مصدقاً لما معكم ولا تكونوا أول كافرٍ به ولا تشتروا بآياتي ثمناً قليلاً وإياي فاتقون )) والكلام على اتخاذ الشهادات في العلوم الشرعية فهل يكونون ممن اشترى بآيات الله ثمنا قليلا.
من فوائد الآية الكريمة : أنه ليس هناك إلا حق وباطل، حق وباطل، وإذا تأملت القرآن والسنة وجدت أن الأمر كذلك، قال الله: (( ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه هو الباطل )) قال الله تعالى: (( وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلل مبين )) وقال تعالى: (( فما ذا بعد الحق إلا الضلال )) وقال تعالى: (( فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر )) وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (القرآن حجة لك أو عليك ) ما في شيء لا حق ولا باطل، إما حق وإما باطل .
فإن قال قائل: أليس هناك مرتبة بين الواجب والمحرم وبين المكروه والمندوب وهو المباح ؟ قلنا بلى، لاشك في هذا، لكن المباح نفسه لابد أن يكون وسيلة إلى شيء، فإن لم يكن وسيلة إلى شيء صار من قسم الباطل كما جاء في الحديث :( كل لهو يلهو به ابن آدم فهو باطل إلا لعبه في سيفه في رمحه ومع أهله وفي فرسه) وهذه الأشياء الثلاثة إنما استثنيت لأنها مصلحة، كلها تعود إلى مصلحة.
16 - تتمه فوائد الآية (( وآمنوا بما أنزلت مصدقاً لما معكم ولا تكونوا أول كافرٍ به ولا تشتروا بآياتي ثمناً قليلاً وإياي فاتقون )) والكلام على اتخاذ الشهادات في العلوم الشرعية فهل يكونون ممن اشترى بآيات الله ثمنا قليلا. أستمع حفظ
فوائد الآية (( ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون )) وبيان أنه ليس من المصلحة إيراد الشبه وحلها إذا لم تكن مشتهرة عند الناس.
ثانيا: إذا رأى من المصلحة أن لا يبين فلا بأس، لا بأس أن يكتم مثل كما جاء في حديث على بن أبي طالب: (حدثوا الناس بما يعرفون أتريدون أن يكذب الله ورسوله ) وقال ابن مسعود (إنك لن تحدث قوما حديثا لا تبلغهم عقولهم إلا كان لبعضهم فتنة ) فإذا رأيت من المصلحة أن لا تبين فلا تبين ولا لوم عليك.
ثالثا: إذا كان قصد السائل الامتحان أو قصده تتبع الرخص وأنت تعلم هذا فلك أن تمتنع وأن تقول لا أخبرك، الامتحان أن يأتي إليك وأنت تعرف أن الرجل يعرف المسألة لكن سألك لأجل أن يمتحنك هل أنت تعرفها أولا؟ أو يريد أن يأخذ منك كلاما ليشي به إلى أحد وينقله إلى أحد فلك أن تمتنع، كذلك إذا علمت أن الرجل يتتبع الرخص فيجيء يسألك يقول سألت فلان وقال هذا حرام، وأنت تعرف أن المسئول رجل عالم ليس جاهل فحينئذ لك أن تمتنع وتقول لا أجيب، أما ذا كان المسئول رجلا تعرف أنه ليس عنده علم إما من عامة الناس أو من طلبة العلم الذين لم يصلوا لم ينضجوا فحينئذ لو قال إني مستفت فلانا أفته، لأنه لا حرمة لفتواه، لكن إذا أفتاه رجل عالم تعرف أنه مثلك في العلم أو أكبر منك فلك أن تقول لا أفتي، لأن هذا السائل يتتبع الرخص في الغالب، أما لو قال لك: والله أنا سألت فلانا لكني كنت أطلبك ولم أجدك وللضرورة سألت فلانا لكن لما جاء الله بك الآن افتني فحينئذ تفتيه أو لا ؟ أفتيه، لأن حال هذا الرجل كأنه يقول أنا لا أطمئن إلا لفتواك وحينئذ يلزمك أن تفتيه حتى لو استفتي إنسانا أعلم منك وأنت تعرف أن الرجل لا يثق إلا بكلامك لابد أن تفتيه، إذا كتمان الحق متى يتحقق ؟ بعد الطلب بلسان الحال أو بلسان المقال، وذكرنا صورا يجوز فيها عدم البيان لكن إما لمصلحة أو دفع مضرة .
17 - فوائد الآية (( ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون )) وبيان أنه ليس من المصلحة إيراد الشبه وحلها إذا لم تكن مشتهرة عند الناس. أستمع حفظ
تحريم كتمان العلم وبيان أن الكتمان لا يكون إلا بعد طلب، وذكر الحالات التي يجوز فيها الكتمان.
ثانيا: إذا رأى من المصلحة أن لا يبين فلا بأس، لا بأس أن يكتم مثل كما جاء في حديث على بن أبي طالب: (حدثوا الناس بما يعرفون أتريدون أن يكذب الله ورسوله ) وقال ابن مسعود (إنك لن تحدث قوما حديثا لا تبلغهم عقولهم إلا كان لبعضهم فتنة ) فإذا رأيت من المصلحة أن لا تبين فلا تبين ولا لوم عليك.
ثالثا: إذا كان قصد السائل الامتحان أو قصده تتبع الرخص وأنت تعلم هذا فلك أن تمتنع وأن تقول لا أخبرك، الامتحان أن يأتي إليك وأنت تعرف أن الرجل يعرف المسألة لكن سألك لأجل أن يمتحنك هل أنت تعرفها أولا؟ أو يريد أن يأخذ منك كلاما ليشي به إلى أحد وينقله إلى أحد فلك أن تمتنع، كذلك إذا علمت أن الرجل يتتبع الرخص فيجيء يسألك يقول سألت فلان وقال هذا حرام، وأنت تعرف أن المسئول رجل عالم ليس جاهل فحينئذ لك أن تمتنع وتقول لا أجيب، أما ذا كان المسئول رجلا تعرف أنه ليس عنده علم إما من عامة الناس أو من طلبة العلم الذين لم يصلوا لم ينضجوا فحينئذ لو قال إني مستفت فلانا أفته، لأنه لا حرمة لفتواه، لكن إذا أفتاه رجل عالم تعرف أنه مثلك في العلم أو أكبر منك فلك أن تقول لا أفتي، لأن هذا السائل يتتبع الرخص في الغالب، أما لو قال لك: والله أنا سألت فلانا لكني كنت أطلبك ولم أجدك وللضرورة سألت فلانا لكن لما جاء الله بك الآن افتني فحينئذ تفتيه أو لا ؟ أفتيه، لأن حال هذا الرجل كأنه يقول أنا لا أطمئن إلا لفتواك وحينئذ يلزمك أن تفتيه حتى لو استفتي إنسانا أعلم منك وأنت تعرف أن الرجل لا يثق إلا بكلامك لابد أن تفتيه، إذا كتمان الحق متى يتحقق ؟ بعد الطلب بلسان الحال أو بلسان المقال، وذكرنا صورا يجوز فيها عدم البيان لكن إما لمصلحة أو دفع مضرة .
18 - تحريم كتمان العلم وبيان أن الكتمان لا يكون إلا بعد طلب، وذكر الحالات التي يجوز فيها الكتمان. أستمع حفظ
بعض الناس يسأل وليس قصده العلم بل المجادلة والمغالبة فما رأيكم ؟
الشيخ : هذا أيضا يقول أحيانا يكون جدال بين الناس ويجيء إنسان يستفتيه ليس قصده أن يصل إلى العلم الشرعي حتى يعمل به أو لا ،لكن قصده مغالبة أن يغلب صاحبه؟ فالظاهر لي أن هذا للوجوب أقرب لأجل أن ينتشر الحق لأنه إذا بقي