تفسير سورة آل عمران-01b
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
تفسير القرآن الكريم
تتمة تفسير الآية : (( من قبل هدًى للناس وأنزل الفرقان ... )) .
بين العامل والمعمول، بين الحق في ذاته ، يقول هذا حق وهذا باطل، وبين أهل الحق وأهل الباطل، طيب فيها تفريق بين النافع والضار؟ نعم ، فيها تفريق بين النافع والضار ، فيها تفريق بين الأنفع والنافع ؟ نعم ، فيها تفريق بين الأضر والضار، لأن كلمة الفرقان كلمة واسع تشمل كلما به الفرق، كلما به الفرق من جميع الوجوه .
تفسير الآية : (( ....إن الذي كفروا بآيات الله لهم عذاب شديد والله عزيز ذو انتقام )).
ولما ذكر الله سبحانه وتعالى منته على عباده بإنزال هذه الكتب العظيمة قال : (( إن الذين كفروا بآيات الله )) يعني بعد إنزال هذه الكتب الواضحة الهادية المفرقة انقسم الناس إلى قسمين : قسم آمن ، وقسم كفر، فذكر الله حكم الكافر وبذكر حكم الكافر يتبين حكم المؤمن قال : (( إن الذين كفروا بآيات الله لهم عذاب شديد )) هذه الجملة مكونة من مبتدأ وخبر وجملة كبرى وجملة صغرى، أو لا؟ مبتداء وخبر، جملة صغرى وجملة كبرى ، يلا يا شميل وين المبتدأ والخبر ؟ وفيها أيضا من مبتدأ وخبر منسوخ و مبتدأ وخبر غير منسوخ ، وجملة صغرى وجملة كبرى يلا ؟ أين الخبر المنسوخ ؟ خبر المنسوخ ؟ أي نعم ، المبتدأ والخبر المنسوخ ؟
الطالب : (( بآيات الله )) بآياتي ؟
الشيخ : لا ،
الطالب : منسوخ يعني محذوف ؟
الشيخ : لا منسوخ يعني دخل عليه الناسخ و النواصب ثلاثة: إن ، وكان ، وظن ، نعم يا فيصل ؟ جملة (( لهم عذاب شديد )) جملة خبر إن ، إن ناسخة، منسوخة ،
الطالب : (( إن الذين كفروا لهم عذاب شديد )) ،
الشيخ : (( لهم عذاب شديد )) هذه أيش؟ جملة منسوخة وإلا غير منسوخة ؟ يعني أجزائها ؟ أجزائها منسوخة وإلا غير منسوخة ؟
الطالب : غير منسوخة ،
الشيخ : غير منسوخة طيب زين ، هذه الجملة الاسمية غير المنسوخة . طيب عبد الرحمن ؟وجملة (( لهم عذاب شديد )) هذه جملة منسوخة أحسنت طيب . أما الإعراب فنقول : إن حرف توكيد ونصب ، الطالب : لا يا شيخ ،
الشيخ : خطأ ؟ لأيش ؟ نقول: إن حرف توكيد ينصب المبتدأ ويرفع الخبر ، (( والذين )) اسمها مبني على الفتح في محل النصب و (( كفروا )) فعل وفاعل لا محل له من الإعراب لأنه صلة الموصول ، و (( بآيات الله )) جار ومجرور ومضاف إليه، متعلق بأيش؟ بكفر، و(( لهم عذاب شديد )) (( لهم )) خبر مقدم ، و(( عذاب )) مبتدأ مؤخر ، و(( شديد )) صفة له ، والجملة : في محل رفع خبر إن . يقول الله عز وجل: (( إن الذين كفروا بآيات الله )) (( كفروا )) يقال: إن أصل الكفر من الستر ، ويطلق على الجحد ، لأن الجاحد ساتر ، فـ (( كفروا بآيات الله )) أي جحدوا بها وأنكروها ، وقلنا : إن الكفر من الستر لأن منه الكفرة ، تعرفون الكفرة ؟ الكفرة وعاء التلع ، تلع النخل ، أتعرفون تلع النخل ؟ فيه الخلاف يسمى كفرة ، وفي اللغة العامية يسمى كافور، تجدونه يستر التلع، فالكافر بحقيقة ساتر، أي جاحد للحق ، مخفي له .وقوله : (( كفروا بآيات الله )) آيات جمع آية وهي العلامات الدالة على الله عز وجل ، على وجوده ، وعلى كماله الذاتي ، وكاله الفعلي ، وهي أي الآيات نوعان : آيات كونية ومنها : السموات ، والأرض، والشمس، والقمر، والنجوم ، والجبال ، والشجر ، والدواب ، والإنسان ، واختلاف اللغات، واختلاف الألوان، والنوم ، واليقظة ، وأشياء كثيرة ، هذه آيات كونية ، آيات شرعية وهي: الوحي المنزل على الرسل . فإذا قيل: ما وجه ذلك؟ قلنا: أما الآيات الكونية فوجه كونها آية أنه لا يستطيع أحد أن يفعل مثل فعل الله عز وجل أبدا ، قال الله: (( إن الذين تدعون من دون الله )) كل الذين تدعون من دون الله (( لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له )) لا يخلقون ذبابا ، وهل يخلقون جملا ؟ لا من باب أولى ، فهم لا يخلقون ذبابا ، ولا جملا ، ولا بعوضا ، ولا غير ذلك ، لا يستطيعون أن يخلقوا هذا أبدا ، هل يستطيع أحد أن يذهب بالنهار إذا جاء ؟ لا ، هل يستطيع أحد أن يأتي بالليل إذا جاء النهار؟ أبدا، إلا الله عز وجل ، إذا فهذه الآيات الكونية من آيات الله عز وجل ، لأنه لا يستطيع أحد أن يأتي بمثلها ، الآيات الشرعية هي أيضا من آيات الله ، وجه ذلك: أنه لا يستطيع أحد بمثل شرع الله في هداية الخلق وإصلاحه أبدا ، لو اجتمع جميع مفكري العالم ليأتوا بدستور يصلح الخلق كما يصلحه ما جاء في الوحي ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا ، (( قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا )) ، لكن يا إخواني الآيات الكونية قد يعقلها كثير من الناس ، لأنها آيات محسوسة مشهودة ، حتى الكافر تقول له تستطيع تخلق الذباب ؟ يقول ما أستطيع ، أما الآيات الشرعية فليس كل أحد يدركها ، ليس كل أحد يدركها ، قال الله تعالى: (( كلا إن كتاب الفجار لفي سجين وما أدراك ما سجين كتاب مرقوم ويل يومئذ للمكذبين الذين يكذبون بيوم الدين وما يكذب به إلا كل معتد أثيم إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين )) لا يتبين له أنها آيات ـ والعياذ بالله ـ، لماذا ؟ قال الله تعالى مكذبا لقوله : (( كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون )) فالإنسان إذا اجتمعت الذنوب على قلبه ـ نسأل الله أن يطهرنا وإياكم منها ـ إذا اجتمعت الذنوب على قلبه صار لا يرى الحق حقا ولا الباطل باطلا ، عمي ـ والعياذ بالله ـ يتلى عليه القرآن فيقول: هذه أساطير الأولين ليس كلام رب العالمين ، ولهذا نقول : الآيات الشرعية هي التي فيها الامتحان والابتلاء ، ومن ثم لم ينكر أحد الربوبية ، ربوبية الله، كل يقر بأن الله رب العالمين وأنه الذي خلق السموات والأرض ، لكن الآيات الشرعية أنكرت أو لا ؟ نعم ، قريش إذا سئلوا من خلق السموات والأرض قالوا: الله ، لكن قالوا في القرآن إنه كهانة، والشعر، والسحر ، وما أشبه ذلك ، المهم أن قوله: (( إن الذين كفروا بآيات الله )) يشمل الآيات الكونية والشرعية، وبيننا وجه كون كل منها آية . يقول: (( لهم عذاب شديد )) (( العذاب )) هنا بمعنى العقوبة ، و(( الشديد )) القوي قوي، يعني العقوبة قوية ـ والعياذ بالله ـ ، وقد ذكر الله في القرآن وذكر نبي الله صلى الله عليه وسلم في السنة أصنافا وأنواعا من هذا العذاب تقشعر منه الجلود وتوجل منه القلوب ، قال الله تبارك وتعالى: (( إنا أعتدنا للظالمين نارا أحاط بهم سرادقها وإن يستغيثوا يغاث بماء كالمهل يشوي الوجوه )) (( وإن يستغيثوا )) ولا يستغيثون إلا لشدة الحر والظمأ ، إذا استغيثوا يؤتون بماء يشوي الوجوه ، أذا أقبلوا به إلى أفواههم ليشربوه شوا وجوههم ـ والعياذ بالله ـ قال الله تعالى: (( بئس الشراب )) هذا شرابهم ، وقال الله سبحانه وتعالى: (( إن شجرة الزقوم طعام الأثيم كالمهل يغلي في البطون كغلي الحميم )) شف هذا طعامهم ، لباسهم : (( سرابيلهم من قطران )) ، مقرهم وهوائهم : (( يغشاهم العذاب من فوقهم ومن تحت أرجلهم كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب إن الله كان عزيزا حكيما )) . والسنة مملوءة بذكر أصناف العقاب الذي يعاقب به هؤلاء فهو عذاب شديد ، لأهله الصراخ والعويل ، فهم يصطرخون فيها (( ربنا أخرجنا نعمل صالحا غير الذي كنا نعمل )) فيقال لهم توبيخا: (( أولم نؤمركم ما يتذكر فيه من تذكر وجاءكم من نذير فذوقوا فما للظالمين من نصير )) هذه يا إخواني حقائق ، حقائق نحن إن شاء الله تعالى في الإيمان بها كأنها مشاهدة عندنا بل أعظم ، ولهذا قال: (( لهم عذاب شديد )) . (( والله عزيز ذو انتقام )) (( عزيز )) من العزة وهي ثلاثة أصناف: عزة القدر، وعزة القهر، وعزة الامتناع ، عزة القدر بمعنى:أن الله ذو قدر شريف عظيم، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: ( السيد الله ) هذه عزة القدر، عزة القهر: أنه قاهر لكل شيء لا يغلب بل هو الغالب، قال الله تعالى: (( وهو القاهر فوق عباده )) وقال الشاعر الجاهلي :
أين المفر والإله الطالب والأشرم المغلوب ليس الغالب
فالله سبحانه وتعالى غالب على كل شيء، عزة الامتناع: أي أنه عزوجل يمتنع أن يناله سوء أو نقص، ومن هذا المعنى قولهم: هذه أرض عزاز، أي صلبة قوية ما تؤثر فيها المعاوي ، ونحن نقول في لغتنا: عزا، يعني شديدة صلبة ، إذا فمعنى (( عزيز )) أي ذو العزة، والعزة كم قسما ؟ ثلاثة أقسام: عزة القدر، وعزة القهر، وعزة الامتناع ، ولهذا الذي يفسر العزيز بالغالب فقط نقول : إن تفسيره قاصر، بل هو يشمل المعاني الثلاثة . وقوله: (( ذو انتقام )) أي صاحب انتقام ، والانتقام أخذ المجرم بإجرامه ، تقول: انتقمت من زيد، يعني أخذت بحقي منه ، فأخذ المجرم بإجرامه يسمى إجراما ، كما قال الله تعالى: (( إنا من المجرمين منتقمون )) وهنا قال: (( ذو انتقام )) ولم يقل: ذو الانتقام، وفي الرحمة قال: (( وربك الغفور ذو الرحمة )) ولم يقل: ذو رحمة، وإن كان قال في آية أخرى: (( وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم )) ، لأن الانتقام ليس من أوصاف الله المطلقة، وليس من أسماء الله المنتقم ، ليس من أسماء الله المنتقم وليس من أوصاف الله المطلقة الانتقام ، بل المنتقم لا يوصف الله به إلا مقيدا، فيقال: المنتقم من المجرمين ، كما قال تعالى: (( إنا من المجرمين منتقمون )) أما (( ذو انتقام )) فهي لا تعطي الانتقام المطلق ، لأن الانتقام نكرة فلا تعطي المعنى على الإطلاق ، يعني له انتقام ، انتقام من من ؟ مقيد وإلا مطلق ؟ مقيد ، انتقام من المجرمين ، انتبه ! وبهذا نعرف أن الأسماء المسرودة في الحديث الذي رواه الترمذي لا تصح عن النبي صلى الله عليه وسلم ، لأنه ذكر فيها من أسماء الله المنتقم وهذا لا يصح ، وحذف من أسماء الله ما ثبتت به الأحاديث ولم يذكر فيها مثل: الشافي ، والرب ، الرب أيضا حذف منها، فالمهم أن الله قال: (( ذو انتقام )) ولم يقل: ذو الانتقام ، ولم يصف نفسه بالمنتقم إلا مقيدا. نأخذ الآن الفوائد ؟
الطالب : (( بآيات الله )) بآياتي ؟
الشيخ : لا ،
الطالب : منسوخ يعني محذوف ؟
الشيخ : لا منسوخ يعني دخل عليه الناسخ و النواصب ثلاثة: إن ، وكان ، وظن ، نعم يا فيصل ؟ جملة (( لهم عذاب شديد )) جملة خبر إن ، إن ناسخة، منسوخة ،
الطالب : (( إن الذين كفروا لهم عذاب شديد )) ،
الشيخ : (( لهم عذاب شديد )) هذه أيش؟ جملة منسوخة وإلا غير منسوخة ؟ يعني أجزائها ؟ أجزائها منسوخة وإلا غير منسوخة ؟
الطالب : غير منسوخة ،
الشيخ : غير منسوخة طيب زين ، هذه الجملة الاسمية غير المنسوخة . طيب عبد الرحمن ؟وجملة (( لهم عذاب شديد )) هذه جملة منسوخة أحسنت طيب . أما الإعراب فنقول : إن حرف توكيد ونصب ، الطالب : لا يا شيخ ،
الشيخ : خطأ ؟ لأيش ؟ نقول: إن حرف توكيد ينصب المبتدأ ويرفع الخبر ، (( والذين )) اسمها مبني على الفتح في محل النصب و (( كفروا )) فعل وفاعل لا محل له من الإعراب لأنه صلة الموصول ، و (( بآيات الله )) جار ومجرور ومضاف إليه، متعلق بأيش؟ بكفر، و(( لهم عذاب شديد )) (( لهم )) خبر مقدم ، و(( عذاب )) مبتدأ مؤخر ، و(( شديد )) صفة له ، والجملة : في محل رفع خبر إن . يقول الله عز وجل: (( إن الذين كفروا بآيات الله )) (( كفروا )) يقال: إن أصل الكفر من الستر ، ويطلق على الجحد ، لأن الجاحد ساتر ، فـ (( كفروا بآيات الله )) أي جحدوا بها وأنكروها ، وقلنا : إن الكفر من الستر لأن منه الكفرة ، تعرفون الكفرة ؟ الكفرة وعاء التلع ، تلع النخل ، أتعرفون تلع النخل ؟ فيه الخلاف يسمى كفرة ، وفي اللغة العامية يسمى كافور، تجدونه يستر التلع، فالكافر بحقيقة ساتر، أي جاحد للحق ، مخفي له .وقوله : (( كفروا بآيات الله )) آيات جمع آية وهي العلامات الدالة على الله عز وجل ، على وجوده ، وعلى كماله الذاتي ، وكاله الفعلي ، وهي أي الآيات نوعان : آيات كونية ومنها : السموات ، والأرض، والشمس، والقمر، والنجوم ، والجبال ، والشجر ، والدواب ، والإنسان ، واختلاف اللغات، واختلاف الألوان، والنوم ، واليقظة ، وأشياء كثيرة ، هذه آيات كونية ، آيات شرعية وهي: الوحي المنزل على الرسل . فإذا قيل: ما وجه ذلك؟ قلنا: أما الآيات الكونية فوجه كونها آية أنه لا يستطيع أحد أن يفعل مثل فعل الله عز وجل أبدا ، قال الله: (( إن الذين تدعون من دون الله )) كل الذين تدعون من دون الله (( لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له )) لا يخلقون ذبابا ، وهل يخلقون جملا ؟ لا من باب أولى ، فهم لا يخلقون ذبابا ، ولا جملا ، ولا بعوضا ، ولا غير ذلك ، لا يستطيعون أن يخلقوا هذا أبدا ، هل يستطيع أحد أن يذهب بالنهار إذا جاء ؟ لا ، هل يستطيع أحد أن يأتي بالليل إذا جاء النهار؟ أبدا، إلا الله عز وجل ، إذا فهذه الآيات الكونية من آيات الله عز وجل ، لأنه لا يستطيع أحد أن يأتي بمثلها ، الآيات الشرعية هي أيضا من آيات الله ، وجه ذلك: أنه لا يستطيع أحد بمثل شرع الله في هداية الخلق وإصلاحه أبدا ، لو اجتمع جميع مفكري العالم ليأتوا بدستور يصلح الخلق كما يصلحه ما جاء في الوحي ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا ، (( قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا )) ، لكن يا إخواني الآيات الكونية قد يعقلها كثير من الناس ، لأنها آيات محسوسة مشهودة ، حتى الكافر تقول له تستطيع تخلق الذباب ؟ يقول ما أستطيع ، أما الآيات الشرعية فليس كل أحد يدركها ، ليس كل أحد يدركها ، قال الله تعالى: (( كلا إن كتاب الفجار لفي سجين وما أدراك ما سجين كتاب مرقوم ويل يومئذ للمكذبين الذين يكذبون بيوم الدين وما يكذب به إلا كل معتد أثيم إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين )) لا يتبين له أنها آيات ـ والعياذ بالله ـ، لماذا ؟ قال الله تعالى مكذبا لقوله : (( كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون )) فالإنسان إذا اجتمعت الذنوب على قلبه ـ نسأل الله أن يطهرنا وإياكم منها ـ إذا اجتمعت الذنوب على قلبه صار لا يرى الحق حقا ولا الباطل باطلا ، عمي ـ والعياذ بالله ـ يتلى عليه القرآن فيقول: هذه أساطير الأولين ليس كلام رب العالمين ، ولهذا نقول : الآيات الشرعية هي التي فيها الامتحان والابتلاء ، ومن ثم لم ينكر أحد الربوبية ، ربوبية الله، كل يقر بأن الله رب العالمين وأنه الذي خلق السموات والأرض ، لكن الآيات الشرعية أنكرت أو لا ؟ نعم ، قريش إذا سئلوا من خلق السموات والأرض قالوا: الله ، لكن قالوا في القرآن إنه كهانة، والشعر، والسحر ، وما أشبه ذلك ، المهم أن قوله: (( إن الذين كفروا بآيات الله )) يشمل الآيات الكونية والشرعية، وبيننا وجه كون كل منها آية . يقول: (( لهم عذاب شديد )) (( العذاب )) هنا بمعنى العقوبة ، و(( الشديد )) القوي قوي، يعني العقوبة قوية ـ والعياذ بالله ـ ، وقد ذكر الله في القرآن وذكر نبي الله صلى الله عليه وسلم في السنة أصنافا وأنواعا من هذا العذاب تقشعر منه الجلود وتوجل منه القلوب ، قال الله تبارك وتعالى: (( إنا أعتدنا للظالمين نارا أحاط بهم سرادقها وإن يستغيثوا يغاث بماء كالمهل يشوي الوجوه )) (( وإن يستغيثوا )) ولا يستغيثون إلا لشدة الحر والظمأ ، إذا استغيثوا يؤتون بماء يشوي الوجوه ، أذا أقبلوا به إلى أفواههم ليشربوه شوا وجوههم ـ والعياذ بالله ـ قال الله تعالى: (( بئس الشراب )) هذا شرابهم ، وقال الله سبحانه وتعالى: (( إن شجرة الزقوم طعام الأثيم كالمهل يغلي في البطون كغلي الحميم )) شف هذا طعامهم ، لباسهم : (( سرابيلهم من قطران )) ، مقرهم وهوائهم : (( يغشاهم العذاب من فوقهم ومن تحت أرجلهم كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب إن الله كان عزيزا حكيما )) . والسنة مملوءة بذكر أصناف العقاب الذي يعاقب به هؤلاء فهو عذاب شديد ، لأهله الصراخ والعويل ، فهم يصطرخون فيها (( ربنا أخرجنا نعمل صالحا غير الذي كنا نعمل )) فيقال لهم توبيخا: (( أولم نؤمركم ما يتذكر فيه من تذكر وجاءكم من نذير فذوقوا فما للظالمين من نصير )) هذه يا إخواني حقائق ، حقائق نحن إن شاء الله تعالى في الإيمان بها كأنها مشاهدة عندنا بل أعظم ، ولهذا قال: (( لهم عذاب شديد )) . (( والله عزيز ذو انتقام )) (( عزيز )) من العزة وهي ثلاثة أصناف: عزة القدر، وعزة القهر، وعزة الامتناع ، عزة القدر بمعنى:أن الله ذو قدر شريف عظيم، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: ( السيد الله ) هذه عزة القدر، عزة القهر: أنه قاهر لكل شيء لا يغلب بل هو الغالب، قال الله تعالى: (( وهو القاهر فوق عباده )) وقال الشاعر الجاهلي :
أين المفر والإله الطالب والأشرم المغلوب ليس الغالب
فالله سبحانه وتعالى غالب على كل شيء، عزة الامتناع: أي أنه عزوجل يمتنع أن يناله سوء أو نقص، ومن هذا المعنى قولهم: هذه أرض عزاز، أي صلبة قوية ما تؤثر فيها المعاوي ، ونحن نقول في لغتنا: عزا، يعني شديدة صلبة ، إذا فمعنى (( عزيز )) أي ذو العزة، والعزة كم قسما ؟ ثلاثة أقسام: عزة القدر، وعزة القهر، وعزة الامتناع ، ولهذا الذي يفسر العزيز بالغالب فقط نقول : إن تفسيره قاصر، بل هو يشمل المعاني الثلاثة . وقوله: (( ذو انتقام )) أي صاحب انتقام ، والانتقام أخذ المجرم بإجرامه ، تقول: انتقمت من زيد، يعني أخذت بحقي منه ، فأخذ المجرم بإجرامه يسمى إجراما ، كما قال الله تعالى: (( إنا من المجرمين منتقمون )) وهنا قال: (( ذو انتقام )) ولم يقل: ذو الانتقام، وفي الرحمة قال: (( وربك الغفور ذو الرحمة )) ولم يقل: ذو رحمة، وإن كان قال في آية أخرى: (( وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم )) ، لأن الانتقام ليس من أوصاف الله المطلقة، وليس من أسماء الله المنتقم ، ليس من أسماء الله المنتقم وليس من أوصاف الله المطلقة الانتقام ، بل المنتقم لا يوصف الله به إلا مقيدا، فيقال: المنتقم من المجرمين ، كما قال تعالى: (( إنا من المجرمين منتقمون )) أما (( ذو انتقام )) فهي لا تعطي الانتقام المطلق ، لأن الانتقام نكرة فلا تعطي المعنى على الإطلاق ، يعني له انتقام ، انتقام من من ؟ مقيد وإلا مطلق ؟ مقيد ، انتقام من المجرمين ، انتبه ! وبهذا نعرف أن الأسماء المسرودة في الحديث الذي رواه الترمذي لا تصح عن النبي صلى الله عليه وسلم ، لأنه ذكر فيها من أسماء الله المنتقم وهذا لا يصح ، وحذف من أسماء الله ما ثبتت به الأحاديث ولم يذكر فيها مثل: الشافي ، والرب ، الرب أيضا حذف منها، فالمهم أن الله قال: (( ذو انتقام )) ولم يقل: ذو الانتقام ، ولم يصف نفسه بالمنتقم إلا مقيدا. نأخذ الآن الفوائد ؟
قوله :(( مصدقا لما بين يديه )) هل المراد مصدقا لما أمامه.؟
السائل : قوله: (( ما بين يديه )) ما يشمل ما يتقدم يعني الذي أمامه والذي خلفه ؟ يعني إذا أخبر القرآن بخبر ثم وقع هذا الخبر يكون القرآن مصدقا له ؟
الشيخ : بس المراد بما يديه من الكتاب كما قال تعالى سورة المائدة : (( وأنزلنا عليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب )) ولا كتاب بعده ،
السائل : لكن فيه أشياء وقعت ؟
الشيخ : أي صحيح لكن ما هو مصدق لما بين يديه لأنه كيف يصدق ما بين يديه ؟ يعني في المستقبل ، التصديق عن شيء ما تقع، لو قال : صادقا فيما بين يديه صح ، أن يخبر بصدق لما يستقبل ، فآية المائدة تقيد هذا وأيضا المعنى ما يستقيم .
الشيخ : بس المراد بما يديه من الكتاب كما قال تعالى سورة المائدة : (( وأنزلنا عليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب )) ولا كتاب بعده ،
السائل : لكن فيه أشياء وقعت ؟
الشيخ : أي صحيح لكن ما هو مصدق لما بين يديه لأنه كيف يصدق ما بين يديه ؟ يعني في المستقبل ، التصديق عن شيء ما تقع، لو قال : صادقا فيما بين يديه صح ، أن يخبر بصدق لما يستقبل ، فآية المائدة تقيد هذا وأيضا المعنى ما يستقيم .
ما هو الفرق بين الشرك والكفر.؟
السائل : شيخ أحسن الله إليكم ما الفرق بين الكفر والشرك ؟
الشيخ : الفرق بينهما : أن نقول كل شرك كفر وليس كل كفر شرك ، كل شرك كفر؟ نعم وليس كل كفر شرك نعم الذي يعبد الصنم مشرك وهو كافر أيضا، والذي يجحد ما يجب الإيمان به كافر وليس بمشرك .
الشيخ : الفرق بينهما : أن نقول كل شرك كفر وليس كل كفر شرك ، كل شرك كفر؟ نعم وليس كل كفر شرك نعم الذي يعبد الصنم مشرك وهو كافر أيضا، والذي يجحد ما يجب الإيمان به كافر وليس بمشرك .
ما معنى القبلية في قوله :(( من قبل هدى )).؟
السائل : شيخ (( من قبل )) ذكرنا الإعراب ولم يأت التفسير ،
الشيخ : ولم يأت ؟
السائل : التفسير يعني ،
الشيخ : القبل كل ما تقدم فهو قبل،
السائل : (( من قبل ))
الشيخ : من قبل هذا الكتاب ، بالنسبة للآية هذه من قبل هذا الكتاب .
الشيخ : ولم يأت ؟
السائل : التفسير يعني ،
الشيخ : القبل كل ما تقدم فهو قبل،
السائل : (( من قبل ))
الشيخ : من قبل هذا الكتاب ، بالنسبة للآية هذه من قبل هذا الكتاب .
بالنسبة لموسى وعيسى هل ورودهما في القرآن يدل على أنهما اسمان عربيان.؟
السائل : بالنسبة الذي ذكرنا اسم موسى وعيسى أنها اسمان عجميان وإذا ذكرا في القرآن فهما عربيان ، الشيخ : معربان، معربان نعم، أيه توراة والإنجيل،
السائل : طيب موسى وعيسى ؟
الشيخ : ذكرنا أن اسم موسى وعيسى اسمان أعجميان وإذا ذكرا في القرآن فهما معربان ، كل اسم أعجمي إذا ذكر في القرآن . يعني في الأصل فهو معرب وليس أصله عربيا ، لأنك لو تقول إنه عجمي حتى بعد نزول القرآن به ما صار القرآن بلسان عربي ، وهل يضر أن نقول : إن العرب لما عربوها نطقوا بها وأجروها على ألسنتهم صارت العربية بالتعريب ؟ أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. (( إن الله لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء هو الذي يصوركم في الأرحام كيف يشاء لا إله إلا هو العزيز الحكيم، هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولوا الألباب )) أعوذ بالله من الشيطان الرجيم . الظاهر أننا لم نناقش ولم نأخذ الفوائد
السائل : طيب موسى وعيسى ؟
الشيخ : ذكرنا أن اسم موسى وعيسى اسمان أعجميان وإذا ذكرا في القرآن فهما معربان ، كل اسم أعجمي إذا ذكر في القرآن . يعني في الأصل فهو معرب وليس أصله عربيا ، لأنك لو تقول إنه عجمي حتى بعد نزول القرآن به ما صار القرآن بلسان عربي ، وهل يضر أن نقول : إن العرب لما عربوها نطقوا بها وأجروها على ألسنتهم صارت العربية بالتعريب ؟ أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. (( إن الله لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء هو الذي يصوركم في الأرحام كيف يشاء لا إله إلا هو العزيز الحكيم، هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولوا الألباب )) أعوذ بالله من الشيطان الرجيم . الظاهر أننا لم نناقش ولم نأخذ الفوائد
مناقشة حول الآية : (( نزل عليك الكتاب بالحق مصدقاً لما بين يديه وأنزل التوراة والإنجيل من قبل هدًى للناس وأنزل الفرقان )) .
قال الله تبارك وتعالى : (( نزل عليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه وأنزل )) لماذا قال في القرآن: (( نزل )) وفي التوراة والإنجيل: (( أنزل )) ؟
الطالب : لأن القرآن ما نزل جملة واحدة بل نزل بالتدريج ، نعم ، لذا قال في القرآن: (( نزل )) وقال في الإنجيل: (( أنزل )) لأن ، والتوراة ، لأن الإنجيل والتوراة نزلتا جملة واحدة ،
الشيخ : أحسنت . قوله: (( بالحق )) محمد ؟ معنى بالحق ؟
الطالب : معنى بالحق أي نزله ، ما أدري ،
الشيخ : شاكر؟
الطالب : إن الباء لها معنيين ، يحتمل وجهين: أولا: يحتمل الاشتمال أي أن النزول كان بالحق ولم يكن بالباطل،
الشيخ : يعني أن ما جاء به فهو حق، صدق في الأخبار وعدل في الأحكام طيب ،
الطالب : ووجه آخر: أن نفس النزول كان نزولا كان بالحق ،
الشيخ : كان حقا ولم يكن كذبا كذا ؟ طيب صح ؟ يعني هو حق نازل من عند الله، وما جاء به مشتمل عليه فهو حق .قوله: (( هدى للناس )) ويش إعراب (( هدى )) ؟ أي لأجل هداية الناس . قوله: (( وأنزل الفرقان )) ما المراد بها عبد الله ؟
الطالب : ما يفرق به بين الحق والباطل ،
الشيخ : لكن هل المراد به القرآن أو غيره؟
الطالب : جميع الكتب ،
الشيخ : كل الكتب، إذا فالفرقان هنا وصف وليس شخصا عينا نعم .
الطالب : لأن القرآن ما نزل جملة واحدة بل نزل بالتدريج ، نعم ، لذا قال في القرآن: (( نزل )) وقال في الإنجيل: (( أنزل )) لأن ، والتوراة ، لأن الإنجيل والتوراة نزلتا جملة واحدة ،
الشيخ : أحسنت . قوله: (( بالحق )) محمد ؟ معنى بالحق ؟
الطالب : معنى بالحق أي نزله ، ما أدري ،
الشيخ : شاكر؟
الطالب : إن الباء لها معنيين ، يحتمل وجهين: أولا: يحتمل الاشتمال أي أن النزول كان بالحق ولم يكن بالباطل،
الشيخ : يعني أن ما جاء به فهو حق، صدق في الأخبار وعدل في الأحكام طيب ،
الطالب : ووجه آخر: أن نفس النزول كان نزولا كان بالحق ،
الشيخ : كان حقا ولم يكن كذبا كذا ؟ طيب صح ؟ يعني هو حق نازل من عند الله، وما جاء به مشتمل عليه فهو حق .قوله: (( هدى للناس )) ويش إعراب (( هدى )) ؟ أي لأجل هداية الناس . قوله: (( وأنزل الفرقان )) ما المراد بها عبد الله ؟
الطالب : ما يفرق به بين الحق والباطل ،
الشيخ : لكن هل المراد به القرآن أو غيره؟
الطالب : جميع الكتب ،
الشيخ : كل الكتب، إذا فالفرقان هنا وصف وليس شخصا عينا نعم .
7 - مناقشة حول الآية : (( نزل عليك الكتاب بالحق مصدقاً لما بين يديه وأنزل التوراة والإنجيل من قبل هدًى للناس وأنزل الفرقان )) . أستمع حفظ
مناقشة حول الآية : (( إن الذي كفروا بآيات الله لهم عذاب شديد والله عزيز ذو انتقام )).
قوله: (( إن الذين كفروا بآيات الله لهم عذاب شديد )) ما مناسبتها لما قبلها ؟
الطالب : بعد ما ذكر الفرقان والفرقان يميز به الباطل والفرق بين الكفر والإيمان ثم فصل الذين كفروا والذين آمنوا ،
الشيخ : يعني لما ذكر أن هذه الكتب هدى وفرقان ذكر انقسام الناس إلى كفر وإيمان فذكر حكم الكافرين . قوله: (( والله عزيز ذو انتقام )) عزيز يا غانم؟
الطالب : عزيز الغالب ، فقط؟ العزيز ذو العزة، طيب والعزة؟
الطالب : عزة القدر، وعزة القهر، وعزة الامتناع ،
الشيخ : نعم . ما معنى عزة القدر يا خليل؟
الطالب : قدرة؟ أقول ما معنى القدر، عزة القدر؟
الطالب : ذو القدر،
الشيخ : يعني ذو قدر عظيم، والقدر يعني الشرف والسؤدد وما أشبه ذلك. عزة القهر يا شيبة؟
الطالب : إنه سبحانه وتعالى هو القاهر فوق عباده،
الشيخ : قاهر لا يغلب بل هو الغالب، نعم . ثالثة: عزة الامتناع، يوسف؟
الطالب : إنه يمتنع عليه كل وصف لا يليق بجلاله،
الشيخ : أنه يمتنع عليه كل عيب ونقص . قوله: (( ذو انتقام )) معناها يا أحمد؟ خالد ؟
الطالب : صاحب انتقام ،
الشيخ : أي صاحب انتقام، أي صاحب انتقام . هل هذا يدل على أن الانتقام لله وصف مطلق ؟ الطالب : لا، وإنما مقيد ،
الشيخ : أنه ذو انتقام في محله، ولهذا جاءت نكرة قال: (( ذو انتقام )) انتقام من من؟ من المجرمين ، أحسنت. نرجع الآن إلى الفوائد ؟
الطالب : بعد ما ذكر الفرقان والفرقان يميز به الباطل والفرق بين الكفر والإيمان ثم فصل الذين كفروا والذين آمنوا ،
الشيخ : يعني لما ذكر أن هذه الكتب هدى وفرقان ذكر انقسام الناس إلى كفر وإيمان فذكر حكم الكافرين . قوله: (( والله عزيز ذو انتقام )) عزيز يا غانم؟
الطالب : عزيز الغالب ، فقط؟ العزيز ذو العزة، طيب والعزة؟
الطالب : عزة القدر، وعزة القهر، وعزة الامتناع ،
الشيخ : نعم . ما معنى عزة القدر يا خليل؟
الطالب : قدرة؟ أقول ما معنى القدر، عزة القدر؟
الطالب : ذو القدر،
الشيخ : يعني ذو قدر عظيم، والقدر يعني الشرف والسؤدد وما أشبه ذلك. عزة القهر يا شيبة؟
الطالب : إنه سبحانه وتعالى هو القاهر فوق عباده،
الشيخ : قاهر لا يغلب بل هو الغالب، نعم . ثالثة: عزة الامتناع، يوسف؟
الطالب : إنه يمتنع عليه كل وصف لا يليق بجلاله،
الشيخ : أنه يمتنع عليه كل عيب ونقص . قوله: (( ذو انتقام )) معناها يا أحمد؟ خالد ؟
الطالب : صاحب انتقام ،
الشيخ : أي صاحب انتقام، أي صاحب انتقام . هل هذا يدل على أن الانتقام لله وصف مطلق ؟ الطالب : لا، وإنما مقيد ،
الشيخ : أنه ذو انتقام في محله، ولهذا جاءت نكرة قال: (( ذو انتقام )) انتقام من من؟ من المجرمين ، أحسنت. نرجع الآن إلى الفوائد ؟
فوائد الآية : (( الله لا إلـه إلا هو الحي القيوم ... )) .
من فوائد الآيات الكريمة السابقة أولا: إثبات ألوهية الله عز وجل ، لقوله: (( الله )) . والثاني: إنفراده بهذه الألوهية في قوله: (( لا إله إلا هو )) . ومن فوائد الآية : إثبات اسمين من أسماء الله: (( الحي القيوم )) وقد ورد أنهما اسم الله الأعظم لاشتمالهما على كمال الذات والصفات والأفعال ، كذا ؟ طيب . ومن فوائد الآية: إثبات حياته وقيوميته ، من أين تؤخذ يا فهد ؟ (( الله لا إلا هو الحي القيوم )) بس هذه الحي، القيوم ، ونحن قلنا إثبات حياته وقيوميته ؟ الحي معرف عامة ، كل اسم فإنه متضمن للصفة وقد يتضمن أمرا زائدا وهو الحكم الذي يسمى الأثر، أليس كذلك ؟ بلى ، طيب . من فوائد الآية الكريمة : أن كل شيء مفتقر إلى الله ، وأن الله غني عما سواه ، وجه ذلك: لأن كمال حياته يستلزم غناه عن كل أحد، وكمال قيوميته يستلزم افتقار كل شيء إليه وهو كذلك، قال الله تعالى: (( ومن آياته أن تقوم السماء والأرض بأمره )) وقال تعالى: (( أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت )) .
فوائد الآية : (( نزل عليك الكتاب بالحق مصدقاً لما بين يديه وأنزل التوراة والإنجيل )) .
أما الآية التي بعدها فمن فوائدها: إثبات علو الله، لقوله: (( نزل )) و (( أنزل )) والنزول لا يكون إلا من أعلى . ومن فوائدها : أن القرآن الكريم منزل، لقوله: (( نزل عليك )) . وهل كونه منزلا يستلزم أن لا يكون مخلوقا ؟ لا ، مجرد كونه منزلا لا يستلزم أن لا يكون مخلوقا، لأن الله قد ينزل المخلوق (( ونزلنا من السماء ماء مباركا )) والماء مخلوق، (( أنزل من السماء ماء )) والماء مخلوق، لكن بالنظر لكون القرآن كلاما يستلزم أن لا يكون مخلوقا، لأن الكلام صفة المتكلم، وصفة الخالق غير مخلوق ، إذا فيؤخذ أن القرآن مخلوق لكونه نزل من عند الله وهو، أن القرآن يؤخذ كون القرآن غير مخلوق أنه نزل من عند الله وهو كلام والكلام صفة المتكلم والصفة تابعة للموصوف . ومن فوائد الآية الكريمة: فضل رسول الله صلى الله عليه وسلم وميزته، لقوله: (( عليك الكتاب بالحق )) . ولكن قد يرد علينا أن الله سبحانه وتعالى قد يضيف الإنزال إلى الناس كما قال تعالى في سورة آل عمران: (( قل آمنا بالله وما أنزل علينا وما أنزل على ابراهيم )) في آيات للبقرة: (( قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى ابراهيم )) ؟ فالجواب أن نقول: هو أنزل إلى الرسول مباشرة وإلينا بواسطة ، بواسطة الرسول صلى الله عليه وسلم هو الذي بلغه إلينا، ومعلوم أن الأصل أشرف من الفرع . ومن فوائد الآية الكريمة: أن هذا الكتاب الذي أنزله الله على محمد صلى الله عليه وسلم مشتمل على الحق، لقوله: (( بالحق )) فقد جاء بالحق ونزل به، قال الله تعالى: (( وبالحق أنزلناه وبالحق نزل )) فما نوع الحق الذي نزل به القرآن ؟ نقول: ما في القرآن إما الأخبار وإما أحكام ، فالحق في الأحكام الصدق ، والحق في الأحكام العدل ، كما قال تعالى: (( وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا )) إذا نقول: القرآن كل ما فيه من الأخبار فهو صدق ، وكل ما فيه من الأحكام فهو عدل . هل يشمل ذلك أن هذه الأخبار وهذه الأحكام نافعة مصلحة للخلق ؟ الجواب: نعم ، قال الله تعالى: (( نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن )) وقال: (( لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب )) فكل ما فيه من الخبر فهو نافع ، وكل ما فيه من حكم فهو أيضا نافع متضمن بالمصالح ودفع المفاسد . ومن فوائد الآية الكريمة: أن القرآن نفسه حق، من أين يؤخذ؟ من قوله: (( بالحق )) يعني أنه نزل نزولا بحق ليس نزولا كذبا باطلا . ومن فوائد الآية الكريمة: فضيلة القرآن، لوصفه بالحق نزولا وتضمنا ، ولوصفه بالتصديق لما بين يديه، أنه مصدق لما بين يديه من كل الكتب ، لقوله: (( مصدقا لما بين يديه )) . ومن فوائد الآية الكريمة : أن هذا القرآن قد أخبرت عنه الكتب السابقة، من قوله: (( مصدقا لما بين يديه )) لأنه أحد الوجهين في كلمة (( مصدق )) . ومن فوائد الآية الكريمة: جواز التعبير بما يخالف الظاهر إذا دل عليه السياق، في قوله: (( لما بين يديه )) إذ قد يقول القائل: ليس للقرآن يد فكيف يصح أن يقول: (( لما بين يديه )) ؟ نقول: صحيح أن القرآن ليس له يد ونحن لا نقول: إن (( لما بين يديه )) أن القرآن له أيدي ، أو له يدان، وأنه صدق ما بين يديه، لكن نقول: إن الكلمة إذا دلت على معناها في سياقها وإن كان يخالف أصل الوضع، وقد سبق أن المراد (( لما بين يديه )) ما سبقه، ما سبقه من الكتب . ومن فوائد الآية الكريمة: أن التوراة النازلة على موسى ، والإنجيل النازل على عيسى عليهم الصلاة والسلام حق، لقوله: (( وأنزل التوراة والإنجيل )) . ومن فوئد الآية: الإشارة إلى أن التوراة والإنجيل قد نسخا بالقرآن .
10 - فوائد الآية : (( نزل عليك الكتاب بالحق مصدقاً لما بين يديه وأنزل التوراة والإنجيل )) . أستمع حفظ
فوائد الآية : (( من قبل هدًى للناس وأنزل الفرقان ... )) .
هل يمكن أن نقول إن (( من قبل )) تشير إلى أن هذين الكتابين قد مضى عهدهما وانقضى ؟ على كل حال في المسألة ثقل، أو في الاستدلال بهذا على ما قلناه ثقل يعني أننا لا نجزم بذلك، لكن لنا دليل من غير هذه الآية وهو ما في سورة المائدة حيث قال الله: (( مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليهم )) . ومن فوائد الآية الكريمة: رحمة الله عزوجل بعباده، وعنايته بهم، حيث كان ينزل الكتب على رسله هدى للناس، (( هدى للناس )) أليس كذلك ؟ نعم . من فوائد الآية الكريمة: إثبات الحكمة لله تعالى في أحكامه الشرعية كما تثبت في أحكامه الكونية، لقوله: (( هدى للناس )) لأننا ذكرنا أن (( هدى )) هذه مفعول لأجله، أي من أجل ذلك، ففيها إثبات الحكمة لله، وهو كذلك، ومن أسماء الله تعالى: الحكيم، وهو ذو الحكمة، والحكمة هي إصابة الصواب ، وإن شئت فقل: وضع الشيء في موضعه ، وإن شئت فقل: إتقان الشيء وإحكامه ، والتعبيرات كلها تنصب إلى أن فعل الله عز وجل، أو إلى أن حكم الله الكوني و الشرعي كله مشتمل الحكمة .
الرد على شبهة المعتزلة الذين يوجبون على الله ما يحسنه العقل لا ما تقتضيه حكمة الله.
فإن قال قائل: إذا أثبتت لله الحكمة ووقع من أفعال الله أو من شرع الله ما لا نعلم له الحكمة ، أو ما نظن أن الحكمة في خلافه فما هو الجواب ؟ فالجواب: أننا إذا ظننا أن هذا ليس له حكمة فليس ذلك إلا لقصور فهمنا ، عجزنا عن إدراك الحكمة، وإذا ظننا أنه على خلاف الحكمة فما ذاك إلا لسوء فهمنا، فالذي يظن أنه ليس له حكمة قاصر الفهم، والذي يظن أنه على خلاف الحكمة سيئ الفهم، أما سليم الفهم هو الذي يعطيه الله تعالى فهما فستتبين له الحكمة، ومع ذلك لا يمكن أن ندرك كل وجوه الحكمة أبدا، لأن حكمة الله عزوجل لا تدرك غايتها، والإنسان بشر ناقص، وكم من أشياء أو كم من أحكام شرعية تظن أن حكمتها كذا وكذا ثم يتبين لك أن لها حكما أخرى، أو ربما يتبين لك أنه ليس هذه هي الحكمة بل الحكمة شيء آخر، إنما يجب عليك أن تؤمن بأنه ما من حكم لله كوني أو شرعي إلا وله حكمة ، فإن قلت: يلزم على قولك هذا أن تذهب مذهب المعتزلة في وجوب الصلاح أو وجوب الأصلح ، يعني إذا تعارض فعلان أحدهما أصلح من الآخر فهل يجب على الله أن يفعل الأصلح ؟ إن قلت:لا، منعت الحكمة، وإن قلت: نعم، ففيه إشكال، فيقال أولا: قد تظن أن هذا هو الأصلح وليس الأصلح، ولنضرب لهذا مثلا: نحن نظن أن الأصلح نزول الغيث ، وخصب الأرض ، أليس كذلك ؟ بلى ، فإذا امتنع المطر وأجدبت الأرض فقد يكون هذا هو المصلح أليس كذلك ؟ ونحن لم نفهم ، إذا لا يمكن أن نقول يجب على الله كذا لأن الأصلح ، إذا قد يكون لما قلنا أنه الأصلح هو الأفسد أليس هكذا ؟ بلى، طيب، ثانيا: إذا تحققنا أنه الأصلح فإن له يجب بمقتضى الحكمة لا بمقتضى العقل، فنحن لا نوجب على الله بعقولنا والعقل لا يوجب على الله شيئا، لأنه مخلوق ناقص فلا يوجب على الكامل الأزلي الأبدي شيئا ، فإذا وجب فعل الأصلح فإنما الذي أوجبه على نفسه من ؟ الله ، قال الله تعالى: (( كتب ربكم على نفسه الرحمة )) كتب عليه هو الذي أوجب، وقال: (( إن علينا للهدى )) فأوجب على نفسه أن يهدي الناس ويدلهم، كذا ؟ طيب ، إذا نحن نقول: إذا ثبت أن هذا هو الأصلح فقد وجب على الله بمقتضى حكمته وإيجابه نفسه لا بمقتضى عقولنا وإيجابنا عليه، وبهذا ننفك عن قول المعتزلة الذين يرون أن العقل هو الذي يوجب الشيء، أو الذي يمنع الشيء، أو الذي يقبح الشيء، أو الذي يحسن الشيء ، واضح ؟ طيب . من ذلك مثلا: البيان للخلق ، بيان الشرائع للخلق وما يجب عليهم نحو ربهم وما يجب عليه نحو عباد الله، هذا واجب على الله أو لا؟ نعم واجب على الله بمقتضى الحكمة (( إن علينا للهدى )) علينا وهذا تفيد أيش ؟ تفيد الوجوب .
تتمة فوائد الآية : (( من قبل هدًى للناس وأنزل الفرقان ... )) .
ومن فوائد الآية الكريمة: أن القرآن، أو أن هداية القرآن نوعان: عامة ، وخاصة ، فالعامة مثل هذه الآية: (( هدى للناس )) ، والخاصة مثل قوله: (( هدى للمتقين )) فما هو الفرق ؟ الفرق أن الهداية التي بمعنى الدلالة عامة، والهداية التي بمعنى التوفيق والاهتداء هذه خاصة، خاصة بالمتقين، فالهداية التي تتضمن الاهتداء هذه للمتقين، وأما التي تتضمن البيان والإيضاح فهذه للناس عامة، لقول الله تعالى: (( رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل )) . ومن فوائد الآية الكريمة: أن الكتب كلها فرقان تتضمن الفرق بين الحق والباطل، وبين الصدق والكاذب، وبين المؤمن والكافر، وبين الضار والنافع، كل ما يمكن أن يكون فيه الفرق فإن الكتب تفرقه . ومن فوائد الآية الكريمة: أنه يمتنع أن تجمع الكتب السماوية بين متفرقين، أو أن تفرق بين متماثلين أبدا، لأن الفرقان هو الذي يفرق بين شيئين مختلفين، أما شيئان لا يختلفان فلا تفريق بينهما . ومن هنا يمكن أن نأخذ يعني يتفرع على هذه الفائدة: إثبات القياس، لأن القياس: إلحاق فرع بأصل في حكم لعلة جامعة ، فهو جمع بين متماثلين ، وعدم الأخذ بالقياس تفريق بين متماثلين، والكتب السماوية كلها فرقان . ومن فوائد الآية الكريمة: أنه كلما اهتدى الإنسان للفروق كان أعظم اهتداء بالكتب المنزلة من الله ، كذا ؟ كلما اهتدوا للفروق كان أعظم اهتداء بالكتب المنزلة من السماء ، لأن الكتب كلها فرقان ، فمثلا: إذا كان الإنسان يفرق بين الشرك الأصغر والأكبر، وبين النفاق الاعتقادي والعملي ، وبين الكفر الأكبر والأصغر، وبين أشياء الحلة والحرام، كان أشد اهتداء بالكتب ممن؟ ممن لا يفرق، أليس كذلك ؟ نعم . رما يؤخذ من هذا أيضا: الإشارة إلى أنه ينبغي الاعتناء بمعرفة الفروق، بمعرفة الفروق بين الأشياء المتشابهة، وهذا شيء، أو هذا فن أخذ به بعض أهل العلم، ولاسيما في كتب الفقه
اضيفت في - 2006-04-10