تفسير سورة آل عمران-03b
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
تفسير القرآن الكريم
تتمة تفسير الآية : (( ربنا إنك جامع الناس ليومٍ لا ريب فيه إن الله لا يخلف الميعاد )) .
فيقول الله عزوجل مخبرا عن هؤلاء: إنهم يقرون بهذا اليوم الآخر، وأن الله تعالى سيجمع الناس أولهم وآخرهم كما قال تعالى: (( قل إن الأولين والآخرين لمجموعون إلى ميقات يوم معلوم )) وقال تعالى: (( ذلك يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود )) ما أكثر الناس الذين سبقونا ، وما أكثر الناس يلحقوا بنا والله أعلم، ومع هذا كل الناس سوف يجمعون في صعيد واحد يسمعهم الداعي وينفذهم البصر، يسمعهم الداعي لأنه لا يحول بينهم وبين صوته لا شجر ولا جدار ولا جبال ولا أودية ، وكذلك ينفذهم البصر لأنهم في أرض مبسوطة غير كروية فيكون البصر يرى أقصاهم مثل ما يرى أدناهم، وهذا ظاهر أنه إذا كانت الأرض كلها مبسوطة البسط الأديم كما أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم فإن أقصاها سيكون مثل أقصاها، لكن على شكلها الحاضر كروية كلما بعد الشيء اختفى عنك منه جزء فيختفي أو ما يختفي عنك الجزء؟ الأسفل ثم لا يزال يختفي شيئا فشيئا حتى لا تراه، طيب فالله تعالى يجمع الناس كلهم في ذلك اليوم من أولهم إلى آخرهم . وهل يجمع غيرهم أيضا ؟ نعم يجمع الجن ، ويجمع غيرهم ؟ نعم ، ما هي ؟ الوحوش والبهائم (( وإذا الوحوش حشرت وإذا العشار عطلت )) وغيرهم ؟ نعم الملائكة، (( يوم يقوم الروح والملائمة صفا لا يتكلمون )) (( وجاء ربك والملك صفا صفا )) إذا هذا اليوم يوم عظيم، يوم عظيم كل عاقل سوف يأمن الله، سوف يسأله الله تعالى أن يقيه شر ذلك اليوم، (( ليوم لاريب فيه )) لاشك فيه، لا يرتاب فيه المؤمن،
1 - تتمة تفسير الآية : (( ربنا إنك جامع الناس ليومٍ لا ريب فيه إن الله لا يخلف الميعاد )) . أستمع حفظ
أدلة إثبات المعاد واليوم الآخر.
لماذا ؟ لأنه دل عليه السمع، ودل عليه العقل، ودلت عليه الفطرة، ونقول: دل عليه إجماع المسلمين؟ نعم دل عليه إجماع المسلمين، واليهود، والنصارى وكل متدين بدين، فلا أدلة تجتمع على هذا الاجتماع على مثل الإيمان باليوم الآخر، ولهذا قال: (( لاريب فيه )) ، دل عليه الكتاب أظن دلالة الكتاب واضح نعم؟ دل عليه الكتاب في عدة آيات لا تحصى، ودلت عليه السنة أيضا بأحاديث كثيرة لا تحصى، ودل عليه العقل، ليس دل على إمكانه بل دل على وجوبه وهذا هو المراد هنا، كيف دل على وجوبه ؟ (( إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد )) إن الذي فرض عليك القرآن وأوجبه عليك لابد أن يردك إلى معاد فلا يمكن أن يدعك سدى، إذ ما الفائدة في قرآن ينزل، ورسل ترسل، ودماء تراق للمخالفين والنتيجة؟ لا شيء، إذا لا فائدة فلابد من يوم يجازى فيه الناس على هذه الأعمال، فالعقل يدل على أنه لابد من أن نحشر إلى الله عزوجل، وأن نجازى بعمل، وأن لا يمكن أن تفرق السموات والأرض ويرسل الرسل وتنزل الكتب ويكون النتيجة والغاية أن نرمس في الأرض ولا نعود، لابد من عودة، ولهذا نقول إن العقل دل على أيش؟ على وجود اليوم الآخر ووقوعه وأنه لابد واقع ،
الشيخ : ويش قلنا دل عليه أيضا ؟
الطالب : الفطرة ،
الشيخ : فإن الإنسان بفطرته لو ترك وفطرته لعلم أن له ربا يجازيه وأن الجزاء يكون في الآخرة ويكون في الدنيا، ودل عليه الإجماع، إجماع المسلمين أمر متواصل معلوم بالضرورة من الدين بل هو إجماع اليهود والنصارى حتى اليهود والنصارى يؤمنون باليوم الآخر، ولهذا إلى يومنا هذا إذا مات منهم ميت يصلون عليه ويدعون به بالرحمة والمغفرة لأنهم يؤمنون بيوم الحساب، لكن على كل حال هم آمنوا وحرموا فائدة الإيمان فلم يؤمنوا برسول الله صلى الله عليه وسلم فكان إيمانهم بهذا اليوم حجة عليهم وليس حجة لهم .
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. (( ربنا إنك جامع الناس ليوم لاريب فيه إنك لا تخلف الميعاد، إن الذين كفروا لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا وأولئك هم وقود النار كدأب آل فرعون والذين من قبلهم كذبوا بآياتنا فأخذهم الله بذنوبهم والله شديد العقاب، قل للذين كفروا ستغلبون وتحشرون إلى جهنم وبئس المهاد )) .
الشيخ : ويش قلنا دل عليه أيضا ؟
الطالب : الفطرة ،
الشيخ : فإن الإنسان بفطرته لو ترك وفطرته لعلم أن له ربا يجازيه وأن الجزاء يكون في الآخرة ويكون في الدنيا، ودل عليه الإجماع، إجماع المسلمين أمر متواصل معلوم بالضرورة من الدين بل هو إجماع اليهود والنصارى حتى اليهود والنصارى يؤمنون باليوم الآخر، ولهذا إلى يومنا هذا إذا مات منهم ميت يصلون عليه ويدعون به بالرحمة والمغفرة لأنهم يؤمنون بيوم الحساب، لكن على كل حال هم آمنوا وحرموا فائدة الإيمان فلم يؤمنوا برسول الله صلى الله عليه وسلم فكان إيمانهم بهذا اليوم حجة عليهم وليس حجة لهم .
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. (( ربنا إنك جامع الناس ليوم لاريب فيه إنك لا تخلف الميعاد، إن الذين كفروا لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا وأولئك هم وقود النار كدأب آل فرعون والذين من قبلهم كذبوا بآياتنا فأخذهم الله بذنوبهم والله شديد العقاب، قل للذين كفروا ستغلبون وتحشرون إلى جهنم وبئس المهاد )) .
مناقشة حول الآية : (( ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمةً إنك أنت الوهاب )) .
أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم. قال الله تبارك وتعالى: (( ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب ))
الشيخ : هذه الجملة ما تعلقها بما قبلها يا خالد ؟
الطالب : دعاء
الشيخ : من دعاء الراسخين يعني: (( يقولون آمنا به )) ويقولون: (( ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا )) .
الشيخ : ما معنى الزيغ يا محمد ؟
الطالب : الزيغ معناه: الميل،
الشيخ : ومنه ؟
الطالب : زاغت الشمس،
الشيخ : أي عن كبد السماء.
الشيخ : قولهم: (( بعد إذ هديتنا )) ما مناسبتها بما قبلها ؟ مناسبتها بما قبلها؟ نعم (( ربنا لا تزغ قلوبنا ))؟ ويش صلتها بما قبلها؟ يعني هل وجودها وعدمها سواء أو وجودها فيه فائدة؟
الشيخ : ما حضرت؟
الطالب : نسيت ،
الشيخ : الله يهديك ،
الطالب : نعم ؟ فيه فائدة وهي التوسل إلى الله بأنه هداهم،
الشيخ : نعم التوسل إلى الله بهدايته إياهم أن لا يزيغ ؟ أن لا يزيغ قلوبهم بعد إذ هداهم، بعد الهداية، أحسنت هذا واحد، فائدة ثانية؟
الطالب : الثناء على الله بهدايته فهو من باب التحدث بنعم الله عز وجل .
الشيخ : ما فائدة قوله: (( من لدنك ))
الطالب : أي رحمة عندما تكون من لدنه تكون عظيمة وتكون لا نريدها من غيرك،
الطالب : يعني الإخلاص، وأن تكون هذه الرحمة عظيمة لأنها من عند الله ،
الشيخ : هل ورد لها نظير من السنة؟
الشيخ : ما حضرت؟
الطالب : حضرت، والله مشكلة،
الطالب : نعم؟ تعليم الرسول لأبي بكر قال: علمني دعاء أدعوا به في صلاتي قال: قل: ( اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا ولا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم ).
الشيخ : قوله: (( الوهاب )) يا عيد ممن أسماء الله فمجيئها على هذه الصيغة هل هو للمبالغة أو للنسبة؟ أو لهما جميعا؟
الطالب : لهما جميعا ،
الشيخ : اشرحه يا عيد؟
الطالب : ثانيا: مبالغة لكثرة من يهب له فإن الموهوب لهم لا يحصيهم إلا الله عز وجل .
الشيخ : قوله: (( جامع الناس ليوم لاريب فيه )) عبد المنان ما المراد بيوم القيمة ؟
الطالب : يوم القيمة ،
الشيخ : وما معنى (( لاريب فيه )) ؟
الطالب : أي لاشك فيه ،
الشيخ : إذا ريب مرادف للشك، هل فيهما فرق؟
الطالب : نعم ريب شك بقلق ،
الشيخ : والشك شك بدون قلق ، يعني يكون متردد لكن ما يكون معه قلق نفسي، لكن هذا لأن الأمر فيه هام يكون فيه قلق للمشك فيه لكن المؤمنين لا يشكون فيه لا يرتابون فيه .
ثم قال الله عز وجل: (( إنك لا تخلف الميعاد )) هذا درس الجديد ؟
الشيخ : هذه الجملة ما تعلقها بما قبلها يا خالد ؟
الطالب : دعاء
الشيخ : من دعاء الراسخين يعني: (( يقولون آمنا به )) ويقولون: (( ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا )) .
الشيخ : ما معنى الزيغ يا محمد ؟
الطالب : الزيغ معناه: الميل،
الشيخ : ومنه ؟
الطالب : زاغت الشمس،
الشيخ : أي عن كبد السماء.
الشيخ : قولهم: (( بعد إذ هديتنا )) ما مناسبتها بما قبلها ؟ مناسبتها بما قبلها؟ نعم (( ربنا لا تزغ قلوبنا ))؟ ويش صلتها بما قبلها؟ يعني هل وجودها وعدمها سواء أو وجودها فيه فائدة؟
الشيخ : ما حضرت؟
الطالب : نسيت ،
الشيخ : الله يهديك ،
الطالب : نعم ؟ فيه فائدة وهي التوسل إلى الله بأنه هداهم،
الشيخ : نعم التوسل إلى الله بهدايته إياهم أن لا يزيغ ؟ أن لا يزيغ قلوبهم بعد إذ هداهم، بعد الهداية، أحسنت هذا واحد، فائدة ثانية؟
الطالب : الثناء على الله بهدايته فهو من باب التحدث بنعم الله عز وجل .
الشيخ : ما فائدة قوله: (( من لدنك ))
الطالب : أي رحمة عندما تكون من لدنه تكون عظيمة وتكون لا نريدها من غيرك،
الطالب : يعني الإخلاص، وأن تكون هذه الرحمة عظيمة لأنها من عند الله ،
الشيخ : هل ورد لها نظير من السنة؟
الشيخ : ما حضرت؟
الطالب : حضرت، والله مشكلة،
الطالب : نعم؟ تعليم الرسول لأبي بكر قال: علمني دعاء أدعوا به في صلاتي قال: قل: ( اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا ولا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم ).
الشيخ : قوله: (( الوهاب )) يا عيد ممن أسماء الله فمجيئها على هذه الصيغة هل هو للمبالغة أو للنسبة؟ أو لهما جميعا؟
الطالب : لهما جميعا ،
الشيخ : اشرحه يا عيد؟
الطالب : ثانيا: مبالغة لكثرة من يهب له فإن الموهوب لهم لا يحصيهم إلا الله عز وجل .
الشيخ : قوله: (( جامع الناس ليوم لاريب فيه )) عبد المنان ما المراد بيوم القيمة ؟
الطالب : يوم القيمة ،
الشيخ : وما معنى (( لاريب فيه )) ؟
الطالب : أي لاشك فيه ،
الشيخ : إذا ريب مرادف للشك، هل فيهما فرق؟
الطالب : نعم ريب شك بقلق ،
الشيخ : والشك شك بدون قلق ، يعني يكون متردد لكن ما يكون معه قلق نفسي، لكن هذا لأن الأمر فيه هام يكون فيه قلق للمشك فيه لكن المؤمنين لا يشكون فيه لا يرتابون فيه .
ثم قال الله عز وجل: (( إنك لا تخلف الميعاد )) هذا درس الجديد ؟
3 - مناقشة حول الآية : (( ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمةً إنك أنت الوهاب )) . أستمع حفظ
تتمة تفسير الآية : ((... إن الله لا يخلف الميعاد )) .
(( إنك لا تخلف الميعاد )) هذه الجملة موقعها مما قبلها، نعم (( إن الله لا يخلف الميعاد )) نعم، هذه الجملة موقعها مما قبلها للتأكيد، تأكيد وقوع ذلك اليوم، وجه ذلك: أن الله وعد به وهو لا يخلف الميعاد، أي لا يخلف ما وعد به عزوجل من وقوع هذا اليوم، وهذه الجملة أيضا إذا تأملتها وجدتها أنها تخالف ما قبلها في السياق، لأن ما قبلها السياق فيه للمخاطب (( ربنا إنك جامع الناس ليوم لاريب فيه )) وأما فيها السياق فيها للغائب (( إن الله لا يخلف الميعاد )) ولم يقل (( إنك لا تخلف الميعاد )) فهل هذا من باب الالتفات؟ والكلام من متكلم واحد أو هذا من باب الاستئناف وهو من الله لا من قول الراسخين في العلم؟ على قولين للمفسرين، فمنهم من قال: إن قوله: (( إن الله لا يخلف الميعاد )) من كلام الله وليس فيه التفات على هذا التقدير، ومنهم من قال: إنه من كلام الراسخين في العلم، وعلى هذا التقدير يكون فيه التفات، ولكل منهما مرجح، فمن رجح الأول قال: إن الالتفات خروج بالكلام عن المألوف والأصل عدمه، وعليه فيكون الكلام من كلام الله، ومن قال: إنه لا التفات فيها وأن الكلام من كلام الله نعم ومن قال: إنه من كلام الراسخين وفيه التفات قال: لأن الأصل أن الكلام من متكلم واحد لاسيما وأن بعضه مرتبط ببعض ((إنك جامع الناس)) (( إنك لا تخلف الميعاد )) فهو مرتبط بعضه ببعض، وهذا القول عند التأمل أرجح، ويكون فائدة الالتفات أولا تنبيه المخاطب، لأنه إذا كان الكلام على نسق واحد بقي الإنسان مسجما معه لا يتفطن وتمر به الأشياء وهو ماشي، فإذا اختلف أسلوب الكلام وتغير عليه الأسلوب فحينئذ ينتبه، ينتبه لأيش تغير ولماذا تغير؟ فيكون فيه فائدة التنبيه تنبيه المخاطب، أما من حيث المعنى فلأن مجيئه بصيغة الغائب أبلغ في التعظيم، كأن الرب عزوجل الذي هو الله كأنه ملك عظيم وهو ملك عظيم سبحانه وتعالى يتحدث عنه بصيغة الغائب تفخيما وتعظيما كما يقول الملك الذي يعظم نفسه للجنود: إن الملك يأمركم بكذا وكذا، أو يقول القائد: إن القائد يأمركم بكذا وكذا بدلا أن يقول: إني آمركم، وعلى كل تقدير فالصفة هنا من باب الصفات أيش؟ من باب الصفات السلبية أو الثبوتية ؟ السلبية، (( إنك لا تخلف الميعاد )) سلبية ، لأنها صفة نهي، وقد مر علينا أنه لا يوجد في صفات الله صفة سلبية محضة، وأن النفي الموجودة في صفة الله متضمن لثبوت كمال ضده، وأنه لكمال ضده لا يوجد هذا الشيء، فهنا (( لا يخلف الميعاد )) ضد عدم إخلاف الميعاد ما هو؟ إخلاف الميعاد، إخلاف الميعاد إما يكون لكذب الواعد وإما لعجزه، كل من وعدك فأخلفك فهو لأحد أمرين: إما لأنه كذوب يعد فيخلف، وإما لأنه عاجز، واضح؟ نعم، رجل قال: سآتيك غدا ولم يأت لماذا؟ يحتمل أنه كذوب فوعد وأخلف، وإما لأنه عاجز، هو صادق بأنه سيأتي لكن عجز جاءه ما نع يمنعه مرض أو غيره ولم يأت، إذا انتفاء إخلاف الله الميعاد لكمال صدقه، وكمال قدرته عزوجل فلكمال صدقه وكمال قدرته لا يخلف الميعاد، وهذه الجملة قلت لكم كالتأكيد لما سبق (( ربنا إنك جامع الناس ليوم لاريب فيه )) لأنك لا تخلف الميعاد ومن لا يخلف الميعاد فلابد أن ينجز ما وعد ويحققه . الفوائد: قال الله عز وجل: (( ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا )) في هذه الآية فوائد:
فوائد الآية : (( ربنا إنك جامع الناس ليومٍ لا ريب فيه إن الله لا يخلف الميعاد )) .
(( ربنا إنك جامع الناس ليوم لاريب فيه )) في هذه الآية فوائد : منها: أن يوم القيمة آت لاريب فيه، لقوله: (( ليوم لاريب فيه )) . ومنها: تمام قدرة الله سبحانه وتعالى بجمع الناس كلهم في هذا اليوم، ومع هذا فإن هذا الجمع لا يحتاج إلى مدة (( فإنما هي زجرة واحدة فإذا هم بالساهرة )) . ومنها: حكمة الله عزوجل في جمع الناس لهذا اليوم، لأن هذا الجمع له ما بعده وهو جزاء كل عامل بما عمل كما قال تعالى: (( يوم يجمعكم ليوم الجمع ذلك يوم التغابن ومن يؤمن بالله ويعمل صالحا يكفر عنه سيئاته ويدخله جنت تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب النار خالدين فيها وبئس المصير )) إذا فهذا الجمع لحكمة وهو: جزاء العامل بعمله إن خيرا فخير وإن شرا فشر. ومن فوائد الآية الكريمة: أنه يجب علينا أن نؤمن إيمانا لاشك فيه بهذا اليوم، فإن شك أحد أو أنكر فليس بمؤمن فهو كافر، والناس في هذا المقام ثلاثة أقسام وإن شئت فقل: أربعة: مؤمن إيمانا لاريب فيه، وشاك، وكافر منكر، وكافر مجادل، يعني مع كونه منكرا يجادل ويخاصم، كفار قريش من أي الأنواع؟ من النوع الرابع، المنكر المجادل، ومن الناس من هو منكر لا يجادل لكنه في نفسه منكر ما صدق، ومن الناس من هو متردد شاك، ومن الناس من هو مؤمن إيمانا يقينيا كأنه رأي العين في قلبه . ومن فوائد الآية الكريمة: انتفاء صفة خلف الوعد عن الله عز وجل، لقوله: (( إن الله لا يخلف الميعاد )) وانتفاء هذه الصفة يتضمن كماله في شيئين وهما: الصدق والقدرة، فلكمال صدق الله عزوجل ولكمال قدرته لا يخلف الميعاد بل لابد أن يقع ما وعد به .
تفسير الآية : (( إن الذين كفروا لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئًا وأولـئك هم وقود النار )) .
ثم قال عز وجل مبينا حال الكفار في ذلك اليوم فقال: (( إن الذين كفروا لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا وأولئك هم وقود النار)) ((إن الذين كفروا )) أي كفروا بما يجب الإيمان به، فكفروا بالله، أو باليوم الآخر، أو بالملائكة، أو بالكتاب، أوبا النبيين، أو بالقدر، إذا كفروا بأي واحد من هذه الأشياء الستة فهم كفار، كفار لأن الإيمان لا يتبعض كما قال الله تعالى: (( ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلا أولئك هم الكافرون حقا )) وقال الله تعالى: (( أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي في الحياة الدنيا ويوم القيمة يردون إلى أشد العذاب )) فالذين كفروا نقول بماذا؟ بما يجب الإيمان به وهي الأركان الستة التي بينها الرسول صلى الله عليه وسلم جوابا لجبريل حين سأله عن الإيمان فقال أيش؟ ( أن تؤمن بالله ، وملائكته، وكتبه، ورسله، وباليوم الآخر، وبالقدر خيره وشره ) ، نعم هذه أذا كفر بواحد منها فهو كافر، الكفار لهم أموال ولهم أولاد وربما يؤتيهم الله من الأموال والأولاد أكثر مما يعطي المؤمنين فهل ينتفعون بهذا ؟ يقول الله عز وجل : (( لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا )) (( تغني )) لها معنيان: تمنع أو تدفع، فهؤلاء الأموال والأولاد لا يمنعون عن هؤلاء الكفار شيئا ولا يدفعون عنهم شيئا، فهم إن وقع بهم شيء من عذاب الله ما استطاع هؤلاء الأولاد أو هذه الأموال أن ترفعهم، وإن قضى الله عليهم بشيء لم يستطيعوا أن يمنعوه ويدفعوه، إذا (( لن تغني )) لم تمنع، ولم تدفع، ولم ترفع (( أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا )) (( أولادهم )) الذكور أو الإناث؟ يشمل لأن الولد إذا أطلق فهو شامل للذكر والأنثى، ما الدليل على أن الولد يشمل الذكر والأنثى؟ (( يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين )) . أموالهم وأولادهم من الله شيئا لا في الدنيا ولا في الآخرة، ولهذا تجد الواحد منهم عنده من الأموال العظيمة الكثيرة شيء كثير ولكن لو جاءه ملك الموت ما منعه، ما منعته هذه الأموال، عنده من الأولاد والحشم والخدم الشيء الكثير ولا تغني عنه شيئا . (( وأولئك هم وقود النار )) أعوذ بالله ـ (( وأولئك هم وقود النار )) نشوف الإعراب أولا لنفهم المعنى: أولاء مبتداء، وهم مبتدأ ثاني أو ضمير فصل، وقود خبر إما للمبتدأ الثاني وإما للمبتدأ الأول، فإن جعلت هم مبتدأ ثاني فوقود خبر للمبتدأ الثاني وإن جعلت هم ضمير هم ضمير فصل فوقود للمبتدأ الأول، والوقود بالفعل أي نعم والوقود بفتح الواو ما يوقد به كالطهور ما يتطهر به، والسحور ما يتسحر به، والفطور ما يفطر به بخلاف الضم فطور، وسحور، وطهور، ووضوء فهي الأفعال يعني فرق بين وضوء و وضوء، وطهور وطهور، وسحور و سُحور، السحور يعني الفعل أكل السحور هذا يكون بضم السين، سحور ما يتسحر به، فإذا جاء الإنسان بالتمر في آخر الليل فماذا نسمي هذا التمر؟ سحور فإذا أكله سميناه سحورا، إذا جاء بماء يتوضأ به فهو وضوء، وإذا فعل وغسل وجهه ويديه ومسح رأسه وغسل رجليه نسميه وضوء وعلى هذا فقس. وهنا يقول: (( وقود )) يعني ما توقد به النار مثل الحطب، الحطب وقود النار، هؤلاء الكفار هم وقود النار، ولها وقود آخر وما هو؟ الحجارة كما قال الله تعالى (( يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم و أهليكم نارا وقودها الناس والحجارة )) فهؤلاء وقود النار، وإذا كانوا ـ والعياذ بالله ـ وقودها فإنها تتسعر بهم أو تسعر بهم وهي في نفس الوقت تحرقهم ـ نسأل الله العافية ـ قال: (( وقود النار )) والنار اسم من أسماء جهنم وهي الدار التي أعدها الله تعالى للمكذبين لرسلهم وحرها شديد، وفيها زمهرير برده شديد ـ والعياذ بالله ـ حرها قال النبي عليه الصلاة والسلام: ( إنها فضلت على ناركم هذه بتسعة وستين جزءا ) ـ أعوذ بالله ـ كم يكون مقدراها؟ سبعين، سبعين يعني بالإضافة إلى نار الدنيا تكون أشد منها فتكون مثلها سبعين مرة .
6 - تفسير الآية : (( إن الذين كفروا لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئًا وأولـئك هم وقود النار )) . أستمع حفظ
تفسير الآية : (( كدأب آل فرعون والذين من قبلهم كذبوا بآياتنا فأخذهم الله بذنوبهم والله شديد العقاب )) .
(( كدأب آل فرعون والذين من قبلهم )) قوله: (( كدأب )) الكاف للتشبيه والجار والمجرور خبر لمبتدأ مقدم أي دأب هؤلاء كدأب آل فرعون، والدأب يطلق على الشأن، ويطلق على العادة، فمثل هذه الآية: (( كدأب آل فرعون )) يعني كشأنهم، وإذا قلت: فلان هذا دأبه أي هذه عادته. (( كدأب آل فرعون )) أي أتباعه، وفرعون اسم علم لكل من ملك مصر كافرا كل من ملك مصر كافرا يسمى فرعون، كما أن كل من ملك الروم يسمى قيصر، ومن ملك الفرس يسمى كسرى . (( آل فرعون والذين من قبلهم )) وقبل آل فرعون أمم، فقوم ابراهيم قبلهم، وقوم لوط قبلهم، وقوم نوح قبلهم، وقوم هود قبلهم، وقوم عاد قبلهم، يعني قبلهم أمم، ولهذا قال: (( والذين من قبلهم )) ما دأبهم بينه بقوله: (( كذبوا بآياتنا )) أي كذبوا بكل ما يدل علينا من الآيات الكونية والآيات الشرعية، وأكثر ما يكون أن يكذبوا بالآيات الشرعية لأن الآيات الكونية قل من يكذب بها فالآيات الكونية مخلوقات الله وقل من ينكر أن يكون الخالق هو الله، لكن الآيات الشرعية التي هي الوحي التي جاءت به الرسل هو الذي يقع فيه التكذيب، فآل فرعون كذبوا بآيات الله، ويش قال فرعون لموسى؟ قال له إنك لمجنون، (( قال إن رسولكم الذي أرسل إليكم لمجنون )) وقال: إنه ساحر، ووصفه بأوصاف بالغة وهدده (( قال لئن اتخذت إلها غيري لأجعلنك من المسجونين )) وكان يذبح أبناء بني إسرائيل ويستحيي نسائهم، ويقول لقومه: أنا ربكم الأعلى، ويقول: (( أم أنا خير من هذا الذي هو مهين ولا يكاد يبين فلو لا ألقي عليه أسورة من ذهب أو جاء معه الملائكة مقترنين )) ، وقد ذكر الله تعالى قصته في كتابه كثيرا من أجل اليهود الذين كانوا في المدينة، ومن أجل الأنصار الذين تلقوا من علوم اليهود شيئا كثيرا . يقول: (( والذين من قبلهم كذبوا بآياتنا فأخذهم الله بذنوبهم )) (( أخذهم )) يعني: أهلكهم ، (( بذنوبهم )) أي بسبب ذنوبهم، والذنب هو المعصية ومعاصي هؤلاء كلها كفر ـ والعياذ بالله ـ ولهذا أخذ .
7 - تفسير الآية : (( كدأب آل فرعون والذين من قبلهم كذبوا بآياتنا فأخذهم الله بذنوبهم والله شديد العقاب )) . أستمع حفظ
ذكر قصة هلاك فرعون.
وبماذا أخذ فرعون وقومه؟ أخذ بغرق فأهلك بما كان يفتخر به، كان يقول لقومه: (( أليس لي ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي )) فأهلك بماذا ؟ بالماء الذي كان يجري جنسه من تحته، وكان مفخرة له أهلكه الله عزوجل بالماء والقصة معروفة فإن فرعون جمع جميع أهل المدائن من أجل الكيد لموسى فخرج موسى من مصر هو وقومه واتجهوا بأمر الله إلى جهة بحر القلزم وهو البحر الأحمر المعروف الذي يفرق بين قارة أفريقيا وآسيا من ناحية جدة فلما وصلوا إلى البحر قال أصحاب موسى: (( إنا لمدركون )) كيف ؟ لأن البحر أمامهم وفرعون وقومه وفرعون وقومه خلفهم فهم هالكون على كل حال، إن ذهبوا إلى البحر هلكوا بالبحر وإن بقوا هلكوا بفرعون وجنوده فقال موسى عليه الصلاة والسلام: (( كلا )) يعني لستم بمدركين، ثم علل ذلك بقوله: (( إن معي ربي سيهدين )) الله أكبر ـ شف الإيمان عند الشدائد كيف يكون؟ يرى أن البحر أمامه وفرعون وجنوده خلفه وأصحابه على ما عندهم من الإيمان قالوا: (( إنا لمدركون )) لكنه قال: (( كلا إن معي ربي سيهدين )) ـ الله أكبر ـ فأوحى الله إليه أن اضرب بعصاك البحر فضرب البحر بعصاه فانفلق بعد كم يوم؟ في الحال بلحظة، الدليل أنه بلحظة؟ لأنه قال: (( فانفلق )) (( أن اضرب بعصاك البحر فانفلق )) شف حذف الله حتى الفعل الذي حصل به الانفلاق نعم ؟ لأن هذا البحر لما أمر الله موسى أن يضربه تهيأ، تهيأ للانفلاق بمجرد هذه الضربة التي وقعت عليه انفلق، وكم كان؟ كان اثني عشر طريقا يبسا، يبس في الحال وصاروا يمشون عليها على أقدامهم، وكانت المياه ككتل الجبال، وذكر بعض المفسرين من خبر بني إسرائيل أن الله جعل في هذه الكتل نوافذ يرى بعضهم بعضا كل هذه يرى بعضهم بعضا ليطمئن بعضهم على بعض، لما تكامل موسى وقومه خارجين وإذا بفرعون قد دخل هو وقومه فأمر الرب عزوجل البحر فانطبق عليه في الحال فغرقوا عن آخرهم ولما أدرك فرعون الغرق قال: (( آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين )) لما رأى العذاب وعاين آمن أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل ولكن لم ينفعه ذلك كما قال الله تعالى في أمثاله: (( فلما رأوا بأسنا قالوا آمنا بالله وحده وكفرنا بما كنا به مشركين فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا )) ولهذا قيل لفرعون: (( آلآن )) يعني آلآن تؤمن أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل ؟ (( وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين )) يعني هذا الاستفهام للإنكار عليه ونفي انتفاعه بذلك الإيمان، ولكن قال الله تعالى: (( فاليوم ننجيك ببدنك )) لا لمصلحتك ولكن لتكون لمن خلفك آية، من الذي خلفه؟ بنو إسرائيل، لأن بني إسرائيل كان فرعون قد أرهبهم ولو لم يظهر لهم بدنه على سطح الماء لكانوا يشكون لعله ما دخل في قومه، لعله سلم، فأبقى الله جسده (( فاليوم ننجيك ببدنك )) فقط لا بروحك ، لماذا ؟ (( لتكون لمن خلفك آية )) حتى يعلموا أنك قد مت . طيب هل ترون أشد من هذا النكال ـ والعياذ بالله ـ بهذا الرجل الطاغية؟ أبدا، نكال بالغ جمع قومه وظهر مظهر العزة ليقضي على موسى وقومه فأخذه الله تعالى أخذ عزيز مقتدر (( ولقد جاء آل فرعون النذر كذبوا بآيتنا كلها فأخذناهم أخذ عزيز مقتدر )) عز وجل ، أخذ عزيز غالب لا يغلب، مقتدر لا يعجز سبحانه وتعالى، وأهلكوا بهذا الماء الذي كان فرعون يفتخر به . ولهذا قال الله: (( فأخذهم الله بذنوبهم )) والباء هنا سببية من وجه وللعوض من وجه آخر، كيف ذلك؟ السببية يعني أنه بسبب ذنوبهم لأن الله لا يظلم الناس شيئا ولكن الناس أنفسهم يظلمون، ولم يأخذ الله أحدا إلا بذنب. وللعوض من جهة أخرى أنه لم يظلمهم بل جعل جزاءهم من جنس العلم (( من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ومن جاء بالسيئة فلا يجزى إلا مثلها )) ، (( والله شديد العقاب )) ختم الآية بهذا الوصف مناسب جدا، لأن هؤلاء الذين أخذوا بذنوبهم أذوا بماذا؟ بالعقاب الشديد الذي لا أشد منه، ولا أظن أن أحدا إلى يومنا هذا يستطيع أن يهلك عدوه كما أهلك الله فرعون، هل يستطيع أكبر دولة في العالم الآن أن تبرح الماء بهذه السرعة حتى يدخل العدو ثم تطبق الماء عليهم؟ أبدا، لا يمكن، ولكن شديد العقاب عزوجل الرب عزوجل الذي ينزل عقابه بأعدائه لحكمة كان قادرا على ذلك وبلحظة (( فاضرب لهم طريقا في البحر يبسا لا تخاف دركا ولا تخشى )) . ثم قال الله عزوجل: الفوائد بعدها، كل آية وفوائدها؟ نعم .
فوائد الآية : (( إن الذين كفروا لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئًا وأولـئك هم وقود النار )) .
يقول الله عز وجل: (( إن الذين كفروا لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم ... )) يستفاد من هذه الآية الكريمة: أن الكفار لا ينتفعون بأموالهم ولا أولادهم، في هذه من الفوائد: إن الكفار لا تنفعهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا . ومن فوائدها: أن المؤمنين قد ينتفعون بأموالهم وأولادهم وهو كذلك، فالمؤمن يتصدق بماله فينتفع، ويدعوا له ولده في حياته وبعد موته فينتفع، أما الكافر فلا ينتفع ولو دعا له ولده أليس كذلك؟ طيب وهل يحل لولده أن يدعوا له؟ لا، إلا إذا كان حيا فيحل أن يدعوا له بالهداية، وأما أن يدعوا له بعد موته فلا يمكن أن يدعوا له . ومن فوائد الآية الكريمة: أن الكافر يملك، وجهه؟ قوله: (( أموالهم )) فأضاف المال إليه وهو دليل على أن الكافر يملك ماله . واختلف العلماء في المرتد الذي يكفر بعد إسلامه، هل يزول ملكه عما تحت يده أو لا؟ فمن العلماء من قال: إنه إذا ارتد إنسان زال ملكه عما تحت يده، وعلى هذا فلا يصح أن يتصرف فيه، ولكن القول الراجح: أنه لا يزول ملكه، إلا إذا مات على ردته فإن ملكه لا ينتقل إلى ورثته بل إلى بيت المال، ومن المعلوم أننا لو قلنا: بأن المرتد يزول ملكه لحصل إشكال عظيم في عصرنا هذا، ما هو؟ أن بعض الناس لا يصلي والذي لا يصلي مرتد، فإذا قلنا بزوال ملك المرتد لزم من ذلك أن كل تصرف يتصرف به في ماله من لا يصلي فهو تصرف غير صحيح، إن باعوا شيئا لم يصح، وإن اشتروا شيئا لم يصح الشراء، وإن استأجروا شيئا لم يصح الاستئجار، وإن أجروا شيئا لم يصح التأجير، وهذا وإن قال به بعض العلماء لكن الراجح أن ملكه باق على ماله حتى يموت فإذا مات فإننا نصرف ماله إلى بيت المال ولا يرثه أحد من ورثته لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم ) . من فوائد الآية الكريمة: بيان قدرة الله عزوجل، وأنه لا ينفع مال ولا بنون من الله شيئا، لقوله: (( لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا )) ، طيب ومن غير الله؟ تغني ولا لا؟ لا، تغني، من غير الله تغني يمكن يدفع شيئا من ماله ويسلم من القتل أليس كذلك؟ ويمكن أن يكون عنده أولاد شجعان إذا أرده أحد بسوء دافعوا عنه، لكن من الله لا يغني عنه مال ولا ولد . ومن فوائد الآية: تشجيع قلوب المؤمنين على الكافرين، وجهه؟ أن أموالهم وأولادهم لا تغني من الله شيئا، فإذا انتصرنا بالله فإن ما عندهم من الأسلحة، والذخائر، والأموال، والأولاد لا يغنيهم من الله شيئا أليس كذلك؟ بلى هو كذلك، ولهذا لو شاء الله عزوجل أن يبطل جميع ما فعلوه لأبطله، وأظنكم لا تنسون ما يحصل من الزلازل التي تدمر كثيرا مما صنعوا، ولا تنسون أيضا أن ما صنعوه قد يفسد بأيديهم، قد يفسد بأيديهم فكم من انفجارات حصلت في مخازن القنابل الذرية والنووية وحصل بذلك شر كثير عليهم وعلى من حولهم، لو شاء الله سبحانه وتعالى لأعتم الجو فقط إعتاما بالضباط ولم يستطيعوا أن يفعلوا شيئا، لأن الله سبحانه وتعالى قدرته وقوته لا يقهرها شيء .
اضيفت في - 2006-04-10