تفسير سورة آل عمران-05b
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
تفسير القرآن الكريم
تتمة مناقشة حول قوله تعالى: (( قل للذين كفروا ستغلبون وتحشرون إلى جهنم وبئس المهاد )) .
ولو شاء الله لانتصر منكم ولكن يبلوا الله عباده بعضهم ببعض واضح؟ ما تقولون؟ أما أن ننظر إلى أموالهم وأولادهم نظرة ونقول لا يمكن أن نصل إلى ما وصلوا إليه ثم نصير أذنابا لهم ونتبعهم فهذا ليست حال المؤمن، المؤمن ينظر إلى هؤلاء وكأنهم ولكنه يسعى إلى ما يكون به النصر عليهم بالإيمان بالله، والعمل الصالح، وإعداد القوة وغير ذلك. طيب سمعنا يا هداية الله ؟ أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. (( قد كان لكم آية في فئتين التقتا فئة تقاتل في سبيل الله وأخرى كافرة يرونهم مثليهم رأي العين والله يؤيد بنصره من يشاء إن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار، زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن المآب )) .
1 - تتمة مناقشة حول قوله تعالى: (( قل للذين كفروا ستغلبون وتحشرون إلى جهنم وبئس المهاد )) . أستمع حفظ
مناقشة حول الآية : (( قد كان لكم آيةٌ في فئتين التقتا فئةٌ تقاتل في سبيل الله وأخرى كافرةٌ يرونهم مثليهم رأي العين ... )) .
قوله عز وجل: (( يرونهم مثليهم رأي العين )) فيها قراءتان؟ نعم (( يرونهم )) و(( ترونهم )) . ما موقع قوله تعالى: (( فئة تقاتل في سبيل الله وأخرى كافرة )) مما قبلها في المعنى؟ هذه فيها بيان، شف (( فئتان التقتا )) ما بين الله هذه الفئتين ثم بين فقال: (( فئة )) فمحلها مما قبل فمعنى أن فيها تفصيلا لما أجمل في قوله: (( فئتين التقتا )) . طيب ، في قوله: (( فئة تقاتل في سبيل الله وأخرى كافرة )) فيها حذف وهو أنه حذف من إحدى الجملتين ما ذكر في الأخرى ؟ وحذف وصفه المقابل بوصف (( وأخرى كافرة )) ، حذف ما يقابل (( تقاتل في سبيل الله )). . . وأخرى كافرة تقاتل في سبيل الطاغوت هذا ولا لا؟ وهذا من بلاغة القرآن أن يحذف أحد المتقابلين ما يذكر بالآخرة .
الشيخ : ما معنى قوله تعالى: (( مثليهم رأي العين )) ؟
الطالب : ضعفيهم ،
الشيخ : هذا أحد الأقوال يعني: يرون ضعفيهم بناء على أن ذلك نزلت في غزوة بدر لأن المؤمنين كانوا ثلاثمائة وبضعة عشر والكافرين كانوا ما بين تسع مائة وألف. طيب فيه رأي آخر؟ يعني أن التسمية عبارة عن الكثرة لا للتقيد بضعفين .
الشيخ : هل لهذا شاهد ؟ عمر؟ (( ثم ارجع البصر كرتين )) قال العلماء معناه: كرة بعد كرة ولا يتقيد مثلين، ومنه قولهم في الإحرام: لبيك اللهم لبيك، المراد تلبية بعد تلبية لا تلبية .
الشيخ : ذهب بعض العلماء إلى أن هذا ليس نازلا في بدر ولكن ضرب مثل، وبناء على هذا القول لا يكون في (( مثليهم )) إشكال ويكون المعنى: أن الله أوجب على المؤمنين أن يس بمقابلة مثلين، بمقابلة مثلين من الكفار فقال الله تعالى: (( الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفا فإن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين وإن يكن منكم ألف يغلبوا ألفين )) وهذا ي القول لا إشكال في الآية إطلاقا.
الشيخ : ما معنى قوله تعالى: (( مثليهم رأي العين )) ؟
الطالب : ضعفيهم ،
الشيخ : هذا أحد الأقوال يعني: يرون ضعفيهم بناء على أن ذلك نزلت في غزوة بدر لأن المؤمنين كانوا ثلاثمائة وبضعة عشر والكافرين كانوا ما بين تسع مائة وألف. طيب فيه رأي آخر؟ يعني أن التسمية عبارة عن الكثرة لا للتقيد بضعفين .
الشيخ : هل لهذا شاهد ؟ عمر؟ (( ثم ارجع البصر كرتين )) قال العلماء معناه: كرة بعد كرة ولا يتقيد مثلين، ومنه قولهم في الإحرام: لبيك اللهم لبيك، المراد تلبية بعد تلبية لا تلبية .
الشيخ : ذهب بعض العلماء إلى أن هذا ليس نازلا في بدر ولكن ضرب مثل، وبناء على هذا القول لا يكون في (( مثليهم )) إشكال ويكون المعنى: أن الله أوجب على المؤمنين أن يس بمقابلة مثلين، بمقابلة مثلين من الكفار فقال الله تعالى: (( الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفا فإن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين وإن يكن منكم ألف يغلبوا ألفين )) وهذا ي القول لا إشكال في الآية إطلاقا.
2 - مناقشة حول الآية : (( قد كان لكم آيةٌ في فئتين التقتا فئةٌ تقاتل في سبيل الله وأخرى كافرةٌ يرونهم مثليهم رأي العين ... )) . أستمع حفظ
مناقشة حول الآية :(( قل أؤنبئكم بخيرٍ من ذلكم ..)).
الشيخ : ذكرنا في قوله: (( قل أؤنبئكم بخير من ذلك )) لماذا صدرت الآية بالاستفهام؟ وإن شئت فقل ما المراد بالاستفهام هنا؟ عبد الله أو ما حضرت؟ (( قل أؤنبئكم )) الاستفهام ما المراد به؟
الطالب : للتشويق،
الشيخ : ما مناسبة التشويق هنا؟
الشيخ : هل جاء في القرآن نحو هذا الاستفهام؟ أعني استفهام يراد به التشويق إلى نعيم الجنة ؟
الطالب(( يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم )) .
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. (( زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن المآب ))
كم عدد هذه المزينات؟ سبعة، كذا؟ نعم، طيب.
الطالب : للتشويق،
الشيخ : ما مناسبة التشويق هنا؟
الشيخ : هل جاء في القرآن نحو هذا الاستفهام؟ أعني استفهام يراد به التشويق إلى نعيم الجنة ؟
الطالب(( يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم )) .
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. (( زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن المآب ))
كم عدد هذه المزينات؟ سبعة، كذا؟ نعم، طيب.
مناقشة حول الآية : (( زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة ... )) .
هنا قال: (( زين للناس حب الشهوات )) من هذه الأشياء فهل هناك فرق أن يقال: حب الشهوات وبين أن يقال: زين للناس حب النساء ؟ بينهما فرق إن محبته هذه الأشياء محبة شهوة فهذا هو الذي يكون متاع الحياة الدنيا، وأما مطلق المحبة فقد يترتب عليه الثواب الآخرة ولا يكون من متاع الدنيا عرفت؟ نعم، طيب.
السائل : ما هو الدليل على الفرق، أو على هذا الفرق بين العبارتين ؟
الشيخ : صح ومحبة النبي عليه الصلاة والسلام ليست محبة شهوة ومتاع الدنيا لكن محبة، محبة خير .
السائل : في المال والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة ما هو الدليل على أن المال قد يكون خيرا مع محبة الإنسان نفسه ؟
الشيخ : نعم هذا صحيح لكن ما هو الدليل على أن محبة المال قد تكون خيرا؟ والثناء كثيرا كما قال الأخ على من أنفق في سبيل الله نعم؟ وكم حصل في المال من خير كثير للأمة الإسلامية في ماضيها وحاضرها.
السائل : الحرث أيضا ممكن أن يكون حب الحرث خيرا ؟
الشيخ : لا مجرد متاع الدنيا ؟
السائل : يمكن؟
الشيخ : طيب الدليل ؟ من القرآن ومن السنة وإن شئت فمن التعليل ؟ أن الحرث قد يكون خيرا للإنسان إذا قصد به الخير، أراد أن ينتفع الفقير، والمار، والطير، والو وغير ذلك فيكون له بذلك أجر ولا يكون مجرد متاع في الحياة الدنيا.
الشيخ : وحيث إنك سألت وليس هذا موضع السؤال سمعنا أول سؤال؟
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. بسم الله الرحمن الرحيم. (( الم الله لا إله إلا هو الحي القيوم نزل عليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه وأنزل التوراة والإنجيل من قبل هدى للناس وأنزل الفرقان إن الذين كفروا بآيات الله لهم عذاب شديد والله عزيز ذو انتقام )) .
السائل : ما هو الدليل على الفرق، أو على هذا الفرق بين العبارتين ؟
الشيخ : صح ومحبة النبي عليه الصلاة والسلام ليست محبة شهوة ومتاع الدنيا لكن محبة، محبة خير .
السائل : في المال والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة ما هو الدليل على أن المال قد يكون خيرا مع محبة الإنسان نفسه ؟
الشيخ : نعم هذا صحيح لكن ما هو الدليل على أن محبة المال قد تكون خيرا؟ والثناء كثيرا كما قال الأخ على من أنفق في سبيل الله نعم؟ وكم حصل في المال من خير كثير للأمة الإسلامية في ماضيها وحاضرها.
السائل : الحرث أيضا ممكن أن يكون حب الحرث خيرا ؟
الشيخ : لا مجرد متاع الدنيا ؟
السائل : يمكن؟
الشيخ : طيب الدليل ؟ من القرآن ومن السنة وإن شئت فمن التعليل ؟ أن الحرث قد يكون خيرا للإنسان إذا قصد به الخير، أراد أن ينتفع الفقير، والمار، والطير، والو وغير ذلك فيكون له بذلك أجر ولا يكون مجرد متاع في الحياة الدنيا.
الشيخ : وحيث إنك سألت وليس هذا موضع السؤال سمعنا أول سؤال؟
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. بسم الله الرحمن الرحيم. (( الم الله لا إله إلا هو الحي القيوم نزل عليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه وأنزل التوراة والإنجيل من قبل هدى للناس وأنزل الفرقان إن الذين كفروا بآيات الله لهم عذاب شديد والله عزيز ذو انتقام )) .
4 - مناقشة حول الآية : (( زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة ... )) . أستمع حفظ
مناقشة حول الآية : (( وأنزل الفرقان إن الذين كفروا بآيات الله لهم عذابٌ شديدٌ والله عزيزٌ ذو انتقامٍ )) .
الشيخ : طيب ما موضع العطف في قوله: (( وأنزل الفرقان )) مما قبله ؟ أو ما نوع العطف في قوله: (( وأنزل الفرقان )) مما قبله؟
الطالب : عطف بيان، عطف
الشيخ : بيان ما يأتي بحرف العطف ، نعم يحي ؟
الطالب : أي نعم لكن ما موضعه من حيث المعنى ؟
الشيخ : من حيث المعنى ما هو من حيث الإعراب ؟ هداية الله؟
الطالب : صفة،
الشيخ : طيب صفة عامة أو لا؟
الطالب : صفة لله،
الشيخ : لا ما هي صفة لله، لا إله إلا هو، لا لا (( وأنزل الفرقان )) وأنزل عطف على ..، أي صح فيكون من باب عطف العام على الخاص لأن الله ذكر التوراة والإنجيل ثم قال: (( وأنزل الفرقان )) وهذا الوصف يشمل كل الثلاثة واضح؟ نعم.
(( قل أؤنبئكم بخير من ذلكم للذين اتقوا عند ربهم جنت تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وأزواج مطهرة ورضوان من الله والله بصير بالعباد، الذين يقولون ربنا إننا آمنا فاغفر لنا ذنوبنا وقنا عذاب النار، الصابرين والصادقين والقانتين والمنفقين والمستغفرين بالأسحار )) أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. قال الله عز وجل: (( زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ذلك متاع الدنيا والله عنده حسن المآب )) أظن تكلمنا على هذا؟ نعم، والفوائد كل شيء؟ طيب.
الطالب : عطف بيان، عطف
الشيخ : بيان ما يأتي بحرف العطف ، نعم يحي ؟
الطالب : أي نعم لكن ما موضعه من حيث المعنى ؟
الشيخ : من حيث المعنى ما هو من حيث الإعراب ؟ هداية الله؟
الطالب : صفة،
الشيخ : طيب صفة عامة أو لا؟
الطالب : صفة لله،
الشيخ : لا ما هي صفة لله، لا إله إلا هو، لا لا (( وأنزل الفرقان )) وأنزل عطف على ..، أي صح فيكون من باب عطف العام على الخاص لأن الله ذكر التوراة والإنجيل ثم قال: (( وأنزل الفرقان )) وهذا الوصف يشمل كل الثلاثة واضح؟ نعم.
(( قل أؤنبئكم بخير من ذلكم للذين اتقوا عند ربهم جنت تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وأزواج مطهرة ورضوان من الله والله بصير بالعباد، الذين يقولون ربنا إننا آمنا فاغفر لنا ذنوبنا وقنا عذاب النار، الصابرين والصادقين والقانتين والمنفقين والمستغفرين بالأسحار )) أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. قال الله عز وجل: (( زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ذلك متاع الدنيا والله عنده حسن المآب )) أظن تكلمنا على هذا؟ نعم، والفوائد كل شيء؟ طيب.
5 - مناقشة حول الآية : (( وأنزل الفرقان إن الذين كفروا بآيات الله لهم عذابٌ شديدٌ والله عزيزٌ ذو انتقامٍ )) . أستمع حفظ
تتمة شرح الآية : (( قل أؤنبئكم بخيرٍ من ذلكم للذين اتقوا عند ربهم جناتٌ تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وأزواج مطهرة ورضوان من الله... )) .
قال الله تعالى: (( قل أؤنبئكم بخير من ذلك )) أولا في القراءات: فيها (( أؤنبئكم )) بتحقيق الهزتين بدون مد، وفيها قراءة ثانية: (( آؤنبئكم )) أي بتحقيق الهمزتين بالمد . وقوله: (( قل )) سبق لنا سبق لها نظائر وذكرنا أن الآية المصدرة بقل تشير إلى الاهتمام بها والعناية بها لأن الله أمر نبيه أمرا خاصا أن يبينه للناس والأمر العام لكل القرآن . وقوله: (( أؤنبئكم )) الاستفهام هنا للتشويق لما ذكر متاع الحياة الدنيا السبعة الأنواع السابقة قال: (( أؤنبئكم )) يشوقنا إلى ما هو خير من ذلك (( أؤنبئكم )) أي أخبركم بخير من ذلك، والإنباء هو الخبر عن أمر هام ولا يكون النبأ غالبا إلا في أمور هامة كما في قوله تعالى: (( عم يتساءلون عن النبأ العظيم )) . قال: (( بخير من ذلكم )) المشار إليه ما سبق من متع الحياة الدنيا بأنواعها السبعة، ولكن قد يقال، قد يقول قائل: لماذا أشار إليه بلفظ المفرد المذكر؟ نقول: لأجل طي ذكره بشيء واحد، كأنه قال: بخير من ذلكم المذكور، حتى لا يشار إلى التفصيل فيه لأن الدنيا كلها، كلها في الواقع ينبغي أن يزهد فيها الإنسان ولا يهت بها شيئا ألم ترى إلى قوله صلى الله عليه وسلم: (فمن كانت هجرته إلى الله فهجرته إلى الله ورسوله ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه) ولم يذكر تحقيرا لها نعم . وقوله: (( قل أؤنبئكم بخير من ذلكم )) هذا كما قلت استفهام، الجواب: هو مضمون قول: (( للذين اتقوا عند ربهم ... )) هذا (( للذين اتقوا عند ربهم جنت تجري )) . وقوله: ((للذين اتقوا)) لا يخفى علينا جميعا إنه خبر مقدم و((جنات)) مبتدأ مؤخر، وتقديم الخبر يفيد الحصر، لأن من الفوائد المعروفة في البلاغة أن تقديم ما حقه التأخير يفيد الحصر. (( للذين اتقوا عند ربهم )) اتقوا ماذا؟ اتقوا الله عز وجل، (( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله )) . وأحيانا يؤمر باتقاء اليوم يوم القيمة كما في قوله: (( واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله )) . وأحيانا نؤمر بتقوى النار، (( واتقوا النار التي أعدت للكافرين )) ولكن المعاني وإن اتفقت في أصل الوقاية لكنها تختلف، لأن تقوى الله عزوجل تستلزم الخوف منه وتعظيمه، أما النار فإن تقواها تستلزم الخوف منها فقط لكنها ليست تقوى عبادة وإنابة وتعلق بها بل تقوى فرارا منه، وكذلك تقوى اليوم الذي نرجع فيه إلى الله وهو يوم القيمة . المهم أن قوله: (( للذين اتقوا )) ينبغي أن نحملها على أعلى أنواع التقوى وأفضلها وهي تقوى الله عزوجل، لا تقوى اليوم الآخر ولا تقوى النار، لأن تقوى الله يحمل على تقوى اليوم الآخر وعلى تقوى النار . فما هي تقوى الله؟ قال بعض العلماء في تقوى الله : أن تعمل في طاعة الله على نور من الله ترجوا ثواب الله وأن تترك ما نهى الله على نور من الله تخشى عقاب الله، وهذا يتضمن الإخلاص والعلم، العلم قوله: على نور من الله، والإخلاص: ترجوا ثواب الله وتخشى عقاب الله، يعني لا يحملك على هذا حب الدنيا، أو الجاه، أو الرئاسة، أو ما أشبه ذل. وقال بعض العلماء: إن تقوى الله: أن يخلي الإنسان جميع الذنوب صغيرها وكبيرها وعلى هذا قول الشاعر:
خل الذنوب صغيرها وكبيرها ذاك التقى واعمل كماش فوق أرض الشوك يحذر ما يرى
لا تحقرن صغيرة إن الجبال من الحصى
وقال بعض العلماء تقوى الله عزوجل : اتخاذ وقاية من عذابه بفعل أوامره واجتناب نواهيه، وهذا أجمع ما قيل في التقوى، إنها اتخاذ وقاية من عذاب الله بفعل أوامره واجتناب نواهيه، ثم اعلم أن التقوى أحيانا تقرن بالبر، وأحيانا تفرد، فإن قرنت بالبر صار معناها اجتناب المعاصي، والبر فعل الطاعات، وإن أفردت عنه صارت شاملة لفعل الأوامر واجتناب النواهي، ولهذا الاستعمال في الكلمات شواهد كثيرة، أو نظائر كثيرة على الأصح كالفقير والمسكين، الفقير والمسكين إن ذكرا جميعا صار لكل واحد منهما معنى، وإن أفرد أحدهما صارا بمعنى واحد، كذلك الإيمان والإسلام عند الإفراد يدخل أحدهما في الآخر وعند الجمع يكون لكل واحد منهما معنى غير الآخر . قوله: (( للذين اتقوا )) إذا اتقوا الله بفعل أوامره واجتناب نواهيه . (( عند ربهم )) العندية هنا تفيد فضلا عظيما لأنها هي القرب من الله عزوجل (( عند ربهم )) كما قال الله تعالى: (( إن الذين عند ربك لا يستكبرون عن عبادته ويسبحونه وله يسجدون )) كما قال تعالى: (( ومن عنده لا يستكبرون عن عبادته ولا يستحسرون يسبحون الليل والنهار لا يفترون )) ثواب المتقين عند الله والعندية تفيد القرب ولا أقرب من شيء يكون سقفه عرش الله عزوجل كالفردوس الأعلى ـ أسأل الله أن يجعلني وإياكم من أهلها ـ هذه العندية تفيد القرب (( إن المتقين في جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر )) . وقوله: (( عند ربهم )) الرب كما سبق هو الخالق المالك المدبر ، وسبق أيضا قريبا أن ربوبية الله سبحانه وتعالى تنقسم إلى عامة وخاصة، والربوبية هنا (( عند ربهم )) ربوبية خاصة، لأن الله تعالى وفقهم لما حرمه كثير من عباده . (( عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار )) جنات كثيرة متنوعة ذكر الله تعالى في سورة الرحمان أن أنواعها أربعة: فقال: (( ولمن خاف مقام ربه جنتان )) ثم قال: (( ومن دونهما جنتان )) وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن جنتين من ذهب وجنتين من فضة، وهذا باعتبار الجنس أما الأنواع فكثيرة لأن لكل أمة ما يختص بها من الثواب، ولكل فرد من الأمة ما يختص به من الثواب، ونحن نعرف الآن أن الفواكه في الدنيا اسمها واحد ولكن تختلف فالرمان مثلا يكون في هذا البستان يكون جيدا وفي البستان الثاني يكون رديئا، وكذلك بقية الفواكه، كذلك الجنة تختلف، حتى وإن اشتركت أن كلها رمان كلها فواكه وما أشبه ذلك تختلف من شخص لأخر كما قال الله تعالى: ((ولكل درجات مما عمل)) وأخبر النبي عليه الصلاة والسلام أن أهل الجنة يتراءون أصحاب الغرف العالية كما تتراءون الكوكب الدري الغابط في الأفق) فهي درجات عظيمة، فهنا قال: ((جنات)) بالجمع لتعدد أجناسها، وأنواعها، وأفرادها، والجنة في الأصل البستان الكثير الأشجار، ولكن الجنات التي وعد الله بها المتقين هي دار النعيم المقيم التي فيها: ( ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ) . يقول: (( جنات تجري من تحتها الأنهار )) تجري من تحتها ليس من تحت أرضها بل فوق أرضها لكن من تحت أشجارها وقصورها، أنهار مطردة، وأنهار مختلفة الأنواع أربعة أنواع: (( أنهار من ماء غير آسن وأنهار من لبن لم يتغير طعمه وأنهار من خمر لذة للشاربين وأنهار من عسل مصفى )) هذا الماء لم يخرج من الآبار ولم يذب من الجليد ، وهذا العسل لم يخرج من النحل، وهذا اللبن لم يخرج من بهيمة ولكن الذي خلق هذا في الدنيا من هذه الأشياء المعلومة قادر على أن يخلقه عزوجل في الآخرة ابتداء، لبن مخلوق نهر يجري، عسل كذلك، خمر لذة للشاربين كذلك، فهذه الأنواع الأربعة تجري من تحت هذه القصور الفخمة والأشجار اليانعة تبهت الناظرين، تسر القلب، لا يتصور الإنسان ما فيها من النعيم . يقول: (( تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها )) (( خالدين فيها )) هذا أيضا من كمال النعيم ، الخلد (( لا يذوقون فيها الموتة )) بل يقال لهم خلود ولا موت فيسرون، بل يقال لهم: ( إن لكم أن تنعموا فلا تبئسوا أبدا وأن تصحوا فلا تسقموا أبدا وأن تشبوا فلا تهرموا أبدا وأن تحيوا فلا تموتوا أبدا ) كل الآفات التي في الدنيا المن للنعيم كلها تنفى عنه ، ولهذا قال: (( خالدين فيها )) . (( وأزواج مطهرة )) معطوفة على (( جنات )) جنات وأزواج ، وعطفها عليها لاختلاف نوع التلذذ، فتلذذ الجنات تلذذ شهوة البطن، والتلذذ بالأزواج تلذذ آخر، من نوع آخر، ولهذا قال: (( أزواج )) من الحور العين ومن نساء الدنيا، والإنسان الذي له زوجة في الدنيا تبقى له زوجة في الآخرة، وإذا كان ذات زوجين فإنه تخير بينهما، وإذا لم يكن للإنسان زوجة في الدنيا فإن في الجنة من ليس لهن أزواج في الدنيا يزوج هذا من هذه، وهناك أيضا أزواج من نوع آخر وهن الحور العين، والحور العين أيضا داخلة في قوله: (( وأزواج مطهرة )) وقوله تعالى: (( مطهرة )) من أي شيء؟ من كل رجس حسي أو معنوي، مطهرة من كل رجس حسي أو معنوي، فالحسي مثل البول والغائط والحيض والعرق الممتن والمخا وما أشبه ذلك، والمعنوي الغل والحقد والفجور وكراهة الزوج وما أشبه ذلك، المهم أن الله أطلق قال: (( مطهرة )) ولم يقل من كذا وكذا من أجل إفادة العموم، لأن من القواعد المعروفة أن حذف المعمول يؤذن بعموم العامل، قاعدة معروفة عندهم أن حذف المعمول يؤذن بعموم العامل، ولهذا أمثلة كثيرة مثلا: قوله تعالى للرسول صلى الله عليه وسلم: (( ألم يجدك يتيما فآوى ووجدك ضالا فهدى ووجدك عائلا فأغنى )) قال: ألم يجدك يتيما لم يقل: فآواك، ووجدك ضالا ولم يقل: فهداك مع أن الخطاب له، ووجدك عائلا ولم يقل: فأغناك بل حذف المفعول ليؤذن على عموم العام، فالرسول عليه الصلاة والسلام وجده ربه يتيما فآواه لكن ما آواه وحده آواه وآوى به حتى جعله فئة لكل مؤمن، ضالا فهداه أو هداه وهدى به؟ هداه وهدى به، عائلا فأغناه وأغنى به، من أين للعرب هذه الغنائم العظيمة التي ما فكروا أن يغنموه، كيف يغنم العرب رعاء الشاه والإبل أرض فارس والروم إلا بأيش؟ إلا بالنبي صلى الله عليه وسلم وبدينه . المهم أن هذه القاعدة معروفة مقررة وهو أن حذف المعمول يؤذن بعموم العام، طيب إذا (( أزواج مطهرة )) لم يذكر المعمول فيدل على أنها مطهرات من كل رجس حسي أو معنوي، وقوله: (( أزواج مطهرة )) لم يقل: مطهرات لماذا؟ لأن نعت الجمع يجوز أن يكون مجموعا وأن يكون مفردا إلا جمع المؤنث السالم فإنه يكون مجموعا، فتقول مثلا: مررت بنساء مؤمنة ونساء مؤمنات، وتقول: مررت بمسلمات صالحات ولا تقل: بمسلمات صالح،و هنا أزواج جمع، جمع مؤنث سالم أو جمع تكسير؟ جمع تكسير فيجوز في وصفه الإفراد والجمع، يجوز أزواج مطهرات، وأزواج مطهرة، قال ابن مالك: والله يقضي بعباد وافرة، ولو قال وافرات لصح . (( ورضوان من الله )) ـ الله أكبر ـ هذا أعظم شيء (( رضوان من الله )) أن الله سبحانه وتعالى يحل عليهم رضاه فلا يسخط عليه بعده أبدا، ما يسخط عليهم، وهذا أعظم ما يكون كما قال الله سبحانه وتعالى لما أعدد نعيم أهل الجنة قال: (( ورضوان من الله أكبر )) أكبر من هذا كله لأنه إذا رضي عليك محبوبك الذي تسعى إلى الوصول إليه منذ عرفت ومنذ ميزت فإن هذا أعظم مقصود للإنسان أن ينال رضا الله عزوجل، وأعظم من ذلك النظر إلى وجه الله سبحانه وتعالى كما قال الله تعالى: (( للذين أحسنوا الحسنى وزيادة )) ولا ألذ وأمتع وأحسن لأهل الجنة من النظر إلى وجه الله سبحانه وتعالى، فأعلى الشيء النظر إلى وجه الله، الرضوان يليه، المتعة الجسدية في الجنة تلي هذا، ولهذا قال: (( ورضوان من الله )) فأفرده بالذكر لأنه نعيم قلب، وما سبقه نعيم أيش؟ نعيم بدن وجسد أما هذا فنعيم قلب، ولهذا يقول الله عزوجل: ( إني أحل عليكم رضواني فلا أسخط عليكم بعده أبدا ) . قال: (( ورضوان من الله والله بصير بالعباد )) سبحانه وتعالى ـ الله بصير بالعباد الذين يريدون الدنيا والذين يريدون الآخرة فهو بصير بهم، بصر نظر أو بصر علم؟ يشمل هذا وهذا، فهو بصير بالعباد بصر نظر لا يغيب عن نظره شيء ، بصير بهم بصر علم (( لا يعذب عن مثقال ذرة في السماء ولا في الأرض ولا أصغر من ذلك ولا أكبر )) . وقوله: (( بالعباد )) المراد به يا محمد أي أنواع العبادة؟ العام أو الخاص؟ العام إذا العبودية العامة، بصير بكل العباد مؤمنهم وكافرهم، برهم وفاجرهم، متقيهم وعاصيهم، كل العباد فالله تعالى بصير بهم، وهو سبحانه وتعالى بصير بمن يستحق أن يكون من المتقين ومن يستحق أن يكون من العاصين، فالمعصية لحكمته، والطاعة بفضله، المعصية بحكمته وعدله، والطاعة برحمته وفضله نعم. ثم قال عزوجل. فوائد؟ نعم.
خل الذنوب صغيرها وكبيرها ذاك التقى واعمل كماش فوق أرض الشوك يحذر ما يرى
لا تحقرن صغيرة إن الجبال من الحصى
وقال بعض العلماء تقوى الله عزوجل : اتخاذ وقاية من عذابه بفعل أوامره واجتناب نواهيه، وهذا أجمع ما قيل في التقوى، إنها اتخاذ وقاية من عذاب الله بفعل أوامره واجتناب نواهيه، ثم اعلم أن التقوى أحيانا تقرن بالبر، وأحيانا تفرد، فإن قرنت بالبر صار معناها اجتناب المعاصي، والبر فعل الطاعات، وإن أفردت عنه صارت شاملة لفعل الأوامر واجتناب النواهي، ولهذا الاستعمال في الكلمات شواهد كثيرة، أو نظائر كثيرة على الأصح كالفقير والمسكين، الفقير والمسكين إن ذكرا جميعا صار لكل واحد منهما معنى، وإن أفرد أحدهما صارا بمعنى واحد، كذلك الإيمان والإسلام عند الإفراد يدخل أحدهما في الآخر وعند الجمع يكون لكل واحد منهما معنى غير الآخر . قوله: (( للذين اتقوا )) إذا اتقوا الله بفعل أوامره واجتناب نواهيه . (( عند ربهم )) العندية هنا تفيد فضلا عظيما لأنها هي القرب من الله عزوجل (( عند ربهم )) كما قال الله تعالى: (( إن الذين عند ربك لا يستكبرون عن عبادته ويسبحونه وله يسجدون )) كما قال تعالى: (( ومن عنده لا يستكبرون عن عبادته ولا يستحسرون يسبحون الليل والنهار لا يفترون )) ثواب المتقين عند الله والعندية تفيد القرب ولا أقرب من شيء يكون سقفه عرش الله عزوجل كالفردوس الأعلى ـ أسأل الله أن يجعلني وإياكم من أهلها ـ هذه العندية تفيد القرب (( إن المتقين في جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر )) . وقوله: (( عند ربهم )) الرب كما سبق هو الخالق المالك المدبر ، وسبق أيضا قريبا أن ربوبية الله سبحانه وتعالى تنقسم إلى عامة وخاصة، والربوبية هنا (( عند ربهم )) ربوبية خاصة، لأن الله تعالى وفقهم لما حرمه كثير من عباده . (( عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار )) جنات كثيرة متنوعة ذكر الله تعالى في سورة الرحمان أن أنواعها أربعة: فقال: (( ولمن خاف مقام ربه جنتان )) ثم قال: (( ومن دونهما جنتان )) وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن جنتين من ذهب وجنتين من فضة، وهذا باعتبار الجنس أما الأنواع فكثيرة لأن لكل أمة ما يختص بها من الثواب، ولكل فرد من الأمة ما يختص به من الثواب، ونحن نعرف الآن أن الفواكه في الدنيا اسمها واحد ولكن تختلف فالرمان مثلا يكون في هذا البستان يكون جيدا وفي البستان الثاني يكون رديئا، وكذلك بقية الفواكه، كذلك الجنة تختلف، حتى وإن اشتركت أن كلها رمان كلها فواكه وما أشبه ذلك تختلف من شخص لأخر كما قال الله تعالى: ((ولكل درجات مما عمل)) وأخبر النبي عليه الصلاة والسلام أن أهل الجنة يتراءون أصحاب الغرف العالية كما تتراءون الكوكب الدري الغابط في الأفق) فهي درجات عظيمة، فهنا قال: ((جنات)) بالجمع لتعدد أجناسها، وأنواعها، وأفرادها، والجنة في الأصل البستان الكثير الأشجار، ولكن الجنات التي وعد الله بها المتقين هي دار النعيم المقيم التي فيها: ( ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ) . يقول: (( جنات تجري من تحتها الأنهار )) تجري من تحتها ليس من تحت أرضها بل فوق أرضها لكن من تحت أشجارها وقصورها، أنهار مطردة، وأنهار مختلفة الأنواع أربعة أنواع: (( أنهار من ماء غير آسن وأنهار من لبن لم يتغير طعمه وأنهار من خمر لذة للشاربين وأنهار من عسل مصفى )) هذا الماء لم يخرج من الآبار ولم يذب من الجليد ، وهذا العسل لم يخرج من النحل، وهذا اللبن لم يخرج من بهيمة ولكن الذي خلق هذا في الدنيا من هذه الأشياء المعلومة قادر على أن يخلقه عزوجل في الآخرة ابتداء، لبن مخلوق نهر يجري، عسل كذلك، خمر لذة للشاربين كذلك، فهذه الأنواع الأربعة تجري من تحت هذه القصور الفخمة والأشجار اليانعة تبهت الناظرين، تسر القلب، لا يتصور الإنسان ما فيها من النعيم . يقول: (( تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها )) (( خالدين فيها )) هذا أيضا من كمال النعيم ، الخلد (( لا يذوقون فيها الموتة )) بل يقال لهم خلود ولا موت فيسرون، بل يقال لهم: ( إن لكم أن تنعموا فلا تبئسوا أبدا وأن تصحوا فلا تسقموا أبدا وأن تشبوا فلا تهرموا أبدا وأن تحيوا فلا تموتوا أبدا ) كل الآفات التي في الدنيا المن للنعيم كلها تنفى عنه ، ولهذا قال: (( خالدين فيها )) . (( وأزواج مطهرة )) معطوفة على (( جنات )) جنات وأزواج ، وعطفها عليها لاختلاف نوع التلذذ، فتلذذ الجنات تلذذ شهوة البطن، والتلذذ بالأزواج تلذذ آخر، من نوع آخر، ولهذا قال: (( أزواج )) من الحور العين ومن نساء الدنيا، والإنسان الذي له زوجة في الدنيا تبقى له زوجة في الآخرة، وإذا كان ذات زوجين فإنه تخير بينهما، وإذا لم يكن للإنسان زوجة في الدنيا فإن في الجنة من ليس لهن أزواج في الدنيا يزوج هذا من هذه، وهناك أيضا أزواج من نوع آخر وهن الحور العين، والحور العين أيضا داخلة في قوله: (( وأزواج مطهرة )) وقوله تعالى: (( مطهرة )) من أي شيء؟ من كل رجس حسي أو معنوي، مطهرة من كل رجس حسي أو معنوي، فالحسي مثل البول والغائط والحيض والعرق الممتن والمخا وما أشبه ذلك، والمعنوي الغل والحقد والفجور وكراهة الزوج وما أشبه ذلك، المهم أن الله أطلق قال: (( مطهرة )) ولم يقل من كذا وكذا من أجل إفادة العموم، لأن من القواعد المعروفة أن حذف المعمول يؤذن بعموم العامل، قاعدة معروفة عندهم أن حذف المعمول يؤذن بعموم العامل، ولهذا أمثلة كثيرة مثلا: قوله تعالى للرسول صلى الله عليه وسلم: (( ألم يجدك يتيما فآوى ووجدك ضالا فهدى ووجدك عائلا فأغنى )) قال: ألم يجدك يتيما لم يقل: فآواك، ووجدك ضالا ولم يقل: فهداك مع أن الخطاب له، ووجدك عائلا ولم يقل: فأغناك بل حذف المفعول ليؤذن على عموم العام، فالرسول عليه الصلاة والسلام وجده ربه يتيما فآواه لكن ما آواه وحده آواه وآوى به حتى جعله فئة لكل مؤمن، ضالا فهداه أو هداه وهدى به؟ هداه وهدى به، عائلا فأغناه وأغنى به، من أين للعرب هذه الغنائم العظيمة التي ما فكروا أن يغنموه، كيف يغنم العرب رعاء الشاه والإبل أرض فارس والروم إلا بأيش؟ إلا بالنبي صلى الله عليه وسلم وبدينه . المهم أن هذه القاعدة معروفة مقررة وهو أن حذف المعمول يؤذن بعموم العام، طيب إذا (( أزواج مطهرة )) لم يذكر المعمول فيدل على أنها مطهرات من كل رجس حسي أو معنوي، وقوله: (( أزواج مطهرة )) لم يقل: مطهرات لماذا؟ لأن نعت الجمع يجوز أن يكون مجموعا وأن يكون مفردا إلا جمع المؤنث السالم فإنه يكون مجموعا، فتقول مثلا: مررت بنساء مؤمنة ونساء مؤمنات، وتقول: مررت بمسلمات صالحات ولا تقل: بمسلمات صالح،و هنا أزواج جمع، جمع مؤنث سالم أو جمع تكسير؟ جمع تكسير فيجوز في وصفه الإفراد والجمع، يجوز أزواج مطهرات، وأزواج مطهرة، قال ابن مالك: والله يقضي بعباد وافرة، ولو قال وافرات لصح . (( ورضوان من الله )) ـ الله أكبر ـ هذا أعظم شيء (( رضوان من الله )) أن الله سبحانه وتعالى يحل عليهم رضاه فلا يسخط عليه بعده أبدا، ما يسخط عليهم، وهذا أعظم ما يكون كما قال الله سبحانه وتعالى لما أعدد نعيم أهل الجنة قال: (( ورضوان من الله أكبر )) أكبر من هذا كله لأنه إذا رضي عليك محبوبك الذي تسعى إلى الوصول إليه منذ عرفت ومنذ ميزت فإن هذا أعظم مقصود للإنسان أن ينال رضا الله عزوجل، وأعظم من ذلك النظر إلى وجه الله سبحانه وتعالى كما قال الله تعالى: (( للذين أحسنوا الحسنى وزيادة )) ولا ألذ وأمتع وأحسن لأهل الجنة من النظر إلى وجه الله سبحانه وتعالى، فأعلى الشيء النظر إلى وجه الله، الرضوان يليه، المتعة الجسدية في الجنة تلي هذا، ولهذا قال: (( ورضوان من الله )) فأفرده بالذكر لأنه نعيم قلب، وما سبقه نعيم أيش؟ نعيم بدن وجسد أما هذا فنعيم قلب، ولهذا يقول الله عزوجل: ( إني أحل عليكم رضواني فلا أسخط عليكم بعده أبدا ) . قال: (( ورضوان من الله والله بصير بالعباد )) سبحانه وتعالى ـ الله بصير بالعباد الذين يريدون الدنيا والذين يريدون الآخرة فهو بصير بهم، بصر نظر أو بصر علم؟ يشمل هذا وهذا، فهو بصير بالعباد بصر نظر لا يغيب عن نظره شيء ، بصير بهم بصر علم (( لا يعذب عن مثقال ذرة في السماء ولا في الأرض ولا أصغر من ذلك ولا أكبر )) . وقوله: (( بالعباد )) المراد به يا محمد أي أنواع العبادة؟ العام أو الخاص؟ العام إذا العبودية العامة، بصير بكل العباد مؤمنهم وكافرهم، برهم وفاجرهم، متقيهم وعاصيهم، كل العباد فالله تعالى بصير بهم، وهو سبحانه وتعالى بصير بمن يستحق أن يكون من المتقين ومن يستحق أن يكون من العاصين، فالمعصية لحكمته، والطاعة بفضله، المعصية بحكمته وعدله، والطاعة برحمته وفضله نعم. ثم قال عزوجل. فوائد؟ نعم.
6 - تتمة شرح الآية : (( قل أؤنبئكم بخيرٍ من ذلكم للذين اتقوا عند ربهم جناتٌ تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وأزواج مطهرة ورضوان من الله... )) . أستمع حفظ
تفسير الآية : (( الذين يقولون ربنا إننا آمنا فاغفر لنا ذنوبنا وقنا عذاب النار )) .
قال: (( الذين يقولون ربنا إننا آمنا )) هذه بيان (( للذين اتقوا )) لا للعباد، لأن العباد كلهم لا يتصفون بهذه الصفات، لكن المتقين منهم هم الذين يتصفون بهذه الصفات (( الذين يقولون ربنا إننا آمنا )) قوله: (( يقولون )) يريد بذلك القول باللسان والاعتقاد بالجنان، لأن الله تعالى إذا أطلق القول بالإيمان ولم يتعقب كان المراد به القول باللسان والعقد بالجنان، ودليل ذلك: قوله تعالى: (( ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين )) لما كان المراد بهذا القول القول باللسان فقط قال: (( وما هم بمؤمنين )) ، أما إذا أطلق الله قول الإنسان عاما فإنه يريد به الإيمان القول باللسان والعقد بالجنان، ولهذا قال عز وجل: (( قولوا آمنا بالله )) لا يريد منا أن نقول ذلك بألسنتنا فقط بل بألسنتنا وقلوبنا (( قل آمنا بالله )) لا يريد أن نقول ذلك باللسان فقط بل باللسان والجنان، إذا (( الذين يقولون ربنا آمنا )) بماذا ؟ بألسنتهم فقط؟ لا، بألسنتهم نطقا وبقلوبهم عقدا يعني اعتقادا . وقوله: (( الذي يقولون ربنا )) شف كيف توسلوا إلى الله بربوبيته للإخبار بحالهم في لإيمان به، كأنهم يقولون: ربنا آمنا ولكننا لم نصل إلى الإيمان إلا بربوبيتك لنا تلك الربوبية الخاصة المقتضية للعناية التامة يقولون: (( ربنا إننا آمنا )) انتبه، قال الذين يقولون آمنا استقام الكلام بلاشك لكن إذا قالوا: ((ربنا إننا آمنا )) فهذا كالإشعار بأنهم لم يصلوا إلى الإيمان إلا بمقتضى هذه الربوبية الخاصة المقتضية للعناية التامة . (( الذين يقولون ربنا إننا آمنا )) (( إننا آمنا )) الجملة هنا مؤكدة بكم مؤكد؟ واحد؟ وهو: إننا لأن نا ثانية ضمير (( إننا آمنا )) فيؤكدون إيمانا (( إننا آمنا فاغفر لنا )) آمنا بماذا؟ بكل ما يجب الإيمان به .
تعريف الإيمان.
وقد سأل جبريل النبي صلى الله عليه وسلم ما الإيمان؟ قال: أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره) وقال الله تعالى: ((كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله )) فالإيمان هنا يشمل الإيمان بكل ما يجب الإيمان به وهي ستة أنواع: الإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والقدر خيره وشره . الإيمان ليس هو مجرد التصديق، ليس مجرد التصديق، لأن مجرد التصديق ليس بإيمان، ولهذا يقال: آمنا به، ويقال: آمنا له وبينهما فرق، ويقال: صدقه وبينهما فرق أيضا، فالإيمان لابد أن يكون مقرونا بقبول وإذعان يعني يصدق ثم يقبل ثم يذعن هذا إيمان، ولهذا قال: آمنت به، ولا يقال: آمنته .
اضيفت في - 2006-04-10