تفسير سورة آل عمران-07a
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
تفسير القرآن الكريم
تتمة فوائد الآية : (( قل أؤنبئكم بخيرٍ من ذلكم للذين اتقوا عند ربهم جناتٌ تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ... )) .
ومن فوائد الآية: أن النبي صلى الله عليه وسلم عبد يؤمر وينهى، لقول الله تعالى: ((قل أؤنبئكم)) وليس له حق في الربوبية أبدا فهو لا يحيي، ولا يميت، ولا يرزق، ولا يدفع الضر عن نفسه ولا عن غيره، ولا يعلم الغيب، يمتاز عن الناس بماذا؟ بالرسالة (( قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي)) هذه الميزة ونعمت الميزة هذه، طيب وهو أيضا عليه الصلاة والسلام نفسه شخصيا هو عنده من الاستعداد لتحمل أباء الرسالة ما ليس عند غيره كما قال الله تعالى: ((الله أعلم حيث يجعل رسالته )) . ومن فوائد الآية الكريمة: عناية الله سبحانه وتعالى بخلقه، فإنه لما ذكر ما زين لهم من الشهوات في الأمور السبعة يخشى أن ينصرف الناس إلى هذه الشهوات فمن عناية الله بهم أن أمر رسوله صلى الله عليه وسلم أن ينبئهم بما هو خير من ذلك . ومن فوائد الآية الكريمة: حسن أسلوب التعليم والدعوة وأنه ينبغي للإنسان في مقام الدعوة أن يأتي بالألفاظ التي توجب الانتباه، لأن الإنسان إذا قيل له: ألا أنبئك بكذا وكذا؟ سوف يتشوق وينتبه ما هذا الذي تريد أن تنبئني فيه بخلاف ما لو جاء الكلام مرسلا لم يكن له هذا الوقت . ومن فوائد الآية الكريمة: جواز المفاضلة بين شيئين بينهما فرق عظيم، لقوله: (( بخير من ذلكم )) ومعلوم أن كل ما ذكر من الشهوات السبع لا يساوي شيئا أبدا بالنسبة لثواب الآخر ة، قال النبي عليه الصلاة والسلام: ( لموضع سوط أحدكم في الجنة خير من الدنيا وما فيها ) طيب وهل جاء مثل هذه الصيغة في القرآن تفاضل بين شيئين بينهما فرق عظيم ؟ (( أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا وأحسن مقيلا )) كذا؟ بل إن الله قال تنزلا مع الخصم أو موافقة الخصم في دعواه قال: (( آلله خير أما يشركون )) . ومن فوائد الآية الكريمة: أن هذا الخير الذي شوق الله العباد إليه ثابت للمتقين، لقوله: ((للذين اتقوا عند ربهم)) وسبق معنى التقوى . ومن فوائد الآية الكريمة: أن هذا الخير لهؤلاء المؤمنين في أكرم الجوار وهو جوار رب العالمين، لقوله: (( عند ربهم جنات )) فأقرب الناس إلى الله هم أصحاب الجنة ولهذا جعلهم الله عنده كما في قوله تعالى: (( إن الذين عند ربك لا يستكبرون عن عبادته ويسبحونه وله يستجدون )) . ومن فوائد الآية الكريمة: عظم هذه الجنات لكونها عند الله في جواره سبحانه وتعالى . ومن فوائدها : أن جزاء هؤلاء المتقين هذه الدار العظيمة المشتملة على النعيم الذي لا نظير له، لقوله: (( جنات تجري من تحتها الأنهار )) والنهار سبق لنا أنواعها ؟ طيب . ومن فوائد الآية الكريمة: الحث على تقوى الله لأن ذكر ثواب المتقين يتضمن الحث على التقوى . ومن فوائد الآية الكريمة: عناية الله سبحانه وتعالى بهؤلاء القوم، لقوله: (( عند ربهم )) والربوبية هنا خاصة . ومن فوائد الآية الكريمة: أن هؤلاء السادة يتنعمون في ثواب الله بكل أنواع النعيم بالأكل والشرب والنكاح، الأكل والشرب في قوله: (( جنات تجري من تحتها الأنهار )) فمن الجنات يأكلون، ومن الأنهار يشربون، أما النكاح فقال: (( وأزواج مطهرة )) وهذه أصول لذائذ البدن ، الأكل والشرب والنكاح . ومن فوائد الآية الكريمة: فضيلة الأزواج في الجنة بكونهن مطهرات (( وأزواج مطهرة )) وسبق لنا معنى التطهير أنه الحسي ومعنوي . ومن فوائد الآية الكريمة: أن تمام نعيم هؤلاء برضوان الله، لقوله: (( ورضوان من الله )) وقد بين الله تعالى في سورة التوبة أن هذا الرضوان أكبر النعيم فقال: (( ورضوان امن الله أكبر )) . ومن فوائد الآية: إثبات صفة الرضا لله، لقوله: (( ورضوان من الله )) والرضا من الصفات الذاتية أو الفعلية ؟ الفعلية لأنه يتعلق بمشيئته متى وجد سبب الرضا وجد الرضا، وكل صفة معلقة بسبب فإنها من الصفات الفعلية . ومن فوائد الآية الكريمة: إحاطة الله سبحانه وتعالى بالعباد علما ورؤية، لقوله: (( والله بصير بالعباد )) . ومن فوائد الآية الكريمة: بيان حكمة الله عزوجل حيث قسم الناس إلى قسمين: متقين، وعصاة ، من أين أخذنا ذلك؟ من قوله: (( للذين اتقوا عند ربهم )) بعد قوله: (( زين للناس حب الشهوات )) فدل هذا على أن الناس قسمان: قسم متقي وقسم غير متقي عاصي . ومن فوائدها: أن الله سبحانه وتعالى حكيم حيث جعل التقوى في أهله، لقوله: (( والله بصير بالعباد )) فمن بصره بعباده أن جعل هؤلاء متقين والآخرين عصاة وهؤلاء ثوابهم الجنة وأولئك ثوابهم النار، ولاشك أن هذا من حكمة الله سبحانه وتعالى فإن الله كما هو أعلم حيث يجعل رسالته فهو أعلم حيث يجعل ميراث رسالته، وميراث رسالته هو العلم، العلم المتضمن للدعوة والعباد نعم . ومن فوائد الآية الكريمة: أن كل الخلق عباد لله، نأخذ من أين يا حجاج؟ من قوله: (( والله بصير بالعباد )) ، وجه الدلالة ؟ إن الله بصير بعباده، وجه الدلالة أنه عام ؟ لأنه قال: (( للعباد )) ، مع قوله: (( للذين اتقوا عند ربهم جنات )) فدل هذا على أنه بصير بجميع العباد: المتقى وغير المتقي . ومن فوائدها: التحذير من مخالفة أمره، لأنه متى علم الإنسان أن الله بصير به فسوف يرتدع أو فسوف يردع نفسه عن مخالفة ربه، لأنه إذا خالف ربه فالله بصير به وسوف يجازيه بحسب مخالفته . أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. (( شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم قائما بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم، إن الدين عند الله الإسلام وما اختلف الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم ومن يكفر بآيات الله فإن الله سريع الحساب، فقل حاجوك فقل أسلمت وجهي لله ومن اتبعن وقل للذين أوتوا الكتاب والأميين أأسلمتم بإن أسلموا فقد اهتدوا وإن تولوا فإنما عليك البلاغ والله بصير بالعباد ))
1 - تتمة فوائد الآية : (( قل أؤنبئكم بخيرٍ من ذلكم للذين اتقوا عند ربهم جناتٌ تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ... )) . أستمع حفظ
مناقشة حول الآية : (( الصابرين والصادقين والقانتين والمنفقين والمستغفرين بالأسحار )) .
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. قال الله تعالى: (( شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم قائما بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم )) قال الله سبحانه وتعالى قبل ذلك : (( الصابرين والصادقين والقانتين والمنفقين والمستغفرين بالأسحار )) وسبق الكلام على الصبر وأقسامه، وعلى الصدق وأقسامه، وعلى القنوت، فما هو القنوت؟ دوام العبادة مع الخشوع والخضوع طيب، ما هو الدليل على أن القنوت دوام العبادة ؟ ((والذين يبيتون لربهم سجدا وقياما)) نعم؟ قوله: (( حافظوا على الصلوات والصلاة والوسطى وقوموا لله قانتين )) نعم هذا دليل على أنه خشوع والخضوع، قوله تعالى: (( أم من هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما يحذر الآخرة ويرجوا رحمة ربه )) نعم (( أم من هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما )) طيب وقوله: (( المنفقين )) هل هذه الآية أو هذا الوصف على إطلاقه ؟ المنفقين الذين يصرفون الأموال في سبيل الله بغير إسراف ولا تقتير، الدليل على هذا؟ على أن الإنفاق المحمود هو الذي يكون بلا إسراف ولا تقتير ؟ (( والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما )) وقد بين الله أيضا لما ذكر ميزان الإنفاق ذكر جهة الإنفاق عمر؟ قوله تعالى: (( قل ما أنفقتم من خير فللوالدين والأقربين واليتامى والمساكين وابن السبيل وما تفعلوا من خير فإن الله به عليم )) أحسنت، تمام .
الشيخ : قوله: (( المستغفرين بالأسحار )) ما معنى مستغفرين ؟
الطالب : طالبين المغفرة من الله .
الشيخ : ما معنى المغفرة ؟
الطالب : هي الستر عن الذنب ،
الشيخ : ستر الذنب والتجاوز عنه.
الشيخ : يلا محمد أحمد؟ لماذا خص الاستغفار بالأسحار؟ أنه . هذا واحد، خالد ؟
الطالب : فإنه يكون بعد التهجد،
الشيخ : بعد التهجد فيكون فيه دفع للإعجاب بالنفس، وبيان أن الإنسان مفتقر إلى ربه لأنه لا يخلوا من تقصير ونقص،
الشيخ : لذة النوم ؟ والله هذه أقول تعليل يمكن أن يقال أيضا يركعون ويسجدون.
الشيخ : قوله: (( المستغفرين بالأسحار )) ما معنى مستغفرين ؟
الطالب : طالبين المغفرة من الله .
الشيخ : ما معنى المغفرة ؟
الطالب : هي الستر عن الذنب ،
الشيخ : ستر الذنب والتجاوز عنه.
الشيخ : يلا محمد أحمد؟ لماذا خص الاستغفار بالأسحار؟ أنه . هذا واحد، خالد ؟
الطالب : فإنه يكون بعد التهجد،
الشيخ : بعد التهجد فيكون فيه دفع للإعجاب بالنفس، وبيان أن الإنسان مفتقر إلى ربه لأنه لا يخلوا من تقصير ونقص،
الشيخ : لذة النوم ؟ والله هذه أقول تعليل يمكن أن يقال أيضا يركعون ويسجدون.
2 - مناقشة حول الآية : (( الصابرين والصادقين والقانتين والمنفقين والمستغفرين بالأسحار )) . أستمع حفظ
مناقشة حول الآية : (( شهد الله أنه لا إلـه إلا هو والملائكة وأولوا العلم قآئماً بالقسط لا إلـه إلا هو العزيز الحكيم )) .
الشيخ : قوله: (( شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم )) الملائكة معطوف يا محمد ؟
الطالب : على الله سبحانه وتعالى،
الشيخ : كيف ؟
الطالب : يعني شهد الله أنه لا إله إلا هو وكذلك الملائكة يشهد أنه لا إله إلا الله، زين يعني والملائكة شهدت أنه لا إله إلا الله ؟
الشيخ : نعم طيب.
الشيخ : (( أولوا العلم )) معطوفة على أيش ؟
الطالب : كذلك وأولوا العلم ،
الشيخ : على ؟ على الشهادة أيش اسمها على (( شهد الله )) على (( شهد الله )) كلها ؟
الشيخ : وأولوا العلم كذلك يشهدون معطوفة على لفظ الجلالة،
الشيخ : على لفظ الجلالة فقط.
من المراد بأولوا العلم ؟ عارفين بالله بالعلم الشرعي، أصحاب العلم بالله، بالله بأسمائه وصفاته وأحكامه كذا؟ نعم، طيب.
الشيخ : لو قال قائل: ألا يراد بأولي العلم أصحاب العلم بطبائع بطبائع الأشياء والصنائع؟
الطالب : لا ليس المراد ،
الشيخ : ليس هذا المراد؟ لا، قد يكون أشد الناس كفرا، المراد بالعلم العلم بالله عزوجل وأسمائه وصفاته وأحكامه .
الشيخ : قوله تعالى: (( قائما بالقسط )) عبد المنان ما إعرابها ؟
الطالب : حال،
الشيخ : حال من أين ؟ لفظ الجلالة، أين لفظ الجلالة هات ؟ (( شهد الله أنه لا إله إلا هو )) ، إذا شهد الله قائما بالقسط ؟ شهد الله أنه قائم بالقسط ؟ لفظ الجلالة فقط، ما يصلح لكن قل معنا شهد الله حال كونه قائما بالقسط، توافقون على هذا؟ شيبة ؟ قائما ضمير مستتر هو الله، أي نعم لكن الحال من أين؟ حال من لفظ الجلالة هو الله، من الضمير في هو: أنه لا إله إلا هو حال كونه قائما بالقسط، يعني أن ألوهيته ليست جورا وظلما بل هي قيام بالقسط.
الشيخ : قوله: (( لا إله إلا هو )) ما موضع الجملة أو ما موقع الجملة مما قبلها في المعنى ؟ عبد الرحمن؟
الطالب : توكيد،
الشيخ : توافقون على هذا؟
الطالب : حكم،
الشيخ : حكم صح، فشهد الله لنفسه بأنه لا إله إلا هو ثم حكم لنفسه، وعلى هذا فالجملة تأسيسية ولا توكيدية ؟ تأسيسية، الصحيح أنها تأسيسية لا توكيدية لأن الحكم تسبقه الشهادة فهي دعوة وشهادة وحكم، فجملة (( لا إله إلا هو )) حكم من الله عزوجل بأنه وحده وأنه المتفرد بالألوهية .
الشيخ : أما (( العزيز الحكيم )) فقد تقدم الكلام مرارا وعرفنا أن العزة تنقسم إلى ثلاثة أقسام، وأن الحكمة مأخوذة من الحكم والإحكام، وأن الحكم كوني وشرعي، وأن الحكمة فيه ما إما حالية وإما غائية . أما قوله: (( إن الدين عند الله الإسلام )) ، طيب قال الله عز وجل: (( قل أؤنبئكم بخير من ذلكم للذين اتقوا عند ربهم )) إلى آخره، أخذنا فوائدها، من قوله: (( الذين يقولون ربنا إننا آمنا ))
الطالب : على الله سبحانه وتعالى،
الشيخ : كيف ؟
الطالب : يعني شهد الله أنه لا إله إلا هو وكذلك الملائكة يشهد أنه لا إله إلا الله، زين يعني والملائكة شهدت أنه لا إله إلا الله ؟
الشيخ : نعم طيب.
الشيخ : (( أولوا العلم )) معطوفة على أيش ؟
الطالب : كذلك وأولوا العلم ،
الشيخ : على ؟ على الشهادة أيش اسمها على (( شهد الله )) على (( شهد الله )) كلها ؟
الشيخ : وأولوا العلم كذلك يشهدون معطوفة على لفظ الجلالة،
الشيخ : على لفظ الجلالة فقط.
من المراد بأولوا العلم ؟ عارفين بالله بالعلم الشرعي، أصحاب العلم بالله، بالله بأسمائه وصفاته وأحكامه كذا؟ نعم، طيب.
الشيخ : لو قال قائل: ألا يراد بأولي العلم أصحاب العلم بطبائع بطبائع الأشياء والصنائع؟
الطالب : لا ليس المراد ،
الشيخ : ليس هذا المراد؟ لا، قد يكون أشد الناس كفرا، المراد بالعلم العلم بالله عزوجل وأسمائه وصفاته وأحكامه .
الشيخ : قوله تعالى: (( قائما بالقسط )) عبد المنان ما إعرابها ؟
الطالب : حال،
الشيخ : حال من أين ؟ لفظ الجلالة، أين لفظ الجلالة هات ؟ (( شهد الله أنه لا إله إلا هو )) ، إذا شهد الله قائما بالقسط ؟ شهد الله أنه قائم بالقسط ؟ لفظ الجلالة فقط، ما يصلح لكن قل معنا شهد الله حال كونه قائما بالقسط، توافقون على هذا؟ شيبة ؟ قائما ضمير مستتر هو الله، أي نعم لكن الحال من أين؟ حال من لفظ الجلالة هو الله، من الضمير في هو: أنه لا إله إلا هو حال كونه قائما بالقسط، يعني أن ألوهيته ليست جورا وظلما بل هي قيام بالقسط.
الشيخ : قوله: (( لا إله إلا هو )) ما موضع الجملة أو ما موقع الجملة مما قبلها في المعنى ؟ عبد الرحمن؟
الطالب : توكيد،
الشيخ : توافقون على هذا؟
الطالب : حكم،
الشيخ : حكم صح، فشهد الله لنفسه بأنه لا إله إلا هو ثم حكم لنفسه، وعلى هذا فالجملة تأسيسية ولا توكيدية ؟ تأسيسية، الصحيح أنها تأسيسية لا توكيدية لأن الحكم تسبقه الشهادة فهي دعوة وشهادة وحكم، فجملة (( لا إله إلا هو )) حكم من الله عزوجل بأنه وحده وأنه المتفرد بالألوهية .
الشيخ : أما (( العزيز الحكيم )) فقد تقدم الكلام مرارا وعرفنا أن العزة تنقسم إلى ثلاثة أقسام، وأن الحكمة مأخوذة من الحكم والإحكام، وأن الحكم كوني وشرعي، وأن الحكمة فيه ما إما حالية وإما غائية . أما قوله: (( إن الدين عند الله الإسلام )) ، طيب قال الله عز وجل: (( قل أؤنبئكم بخير من ذلكم للذين اتقوا عند ربهم )) إلى آخره، أخذنا فوائدها، من قوله: (( الذين يقولون ربنا إننا آمنا ))
3 - مناقشة حول الآية : (( شهد الله أنه لا إلـه إلا هو والملائكة وأولوا العلم قآئماً بالقسط لا إلـه إلا هو العزيز الحكيم )) . أستمع حفظ
فوائد الآية : ((الذين يقولون ربنا إننا آمنا فاغفر لنا ذنوبنا وقنا عذاب النار )) .
ثم قال الله عز وجل: (( الذين يقولون ربنا إننا آمنا )) إلى آخره . من فوائد هذه الآية: أن صفات المتقين إعلانهم بالإيمان بالله، لقوله: (( الذين يقولون )) والقول هنا يكون باللسان ويكون بالقلب . ومنها: اعترافهم بالعبودية وأنهم مربوبون لله بقولهم: (( ربنا )) . ومن فوائدها أيضا: أن من صفات المتقين عدم الإعجاب بالنفس وأنهم يرون أنهم مقصرون، لطلبهم المغفرة من الله لقولهم: (( فاغفر لنا ذنوبنا )) . ومنها: أن التقوى لا تعصم العبد من الذنوب بل قد يكون له ذنوب لكن المتقي يبادر بالتوبة إلى الله عز وجل . ومنها: جواز التوسل بالإيمان، لقوله: (( ربنا إننا آمنا فاغفر لنا ذنوبنا )) فإن الفاء هنا للسببية تدل على أن ما بعدها مسبب عما قبلها . ومن فوائد الآية الكريمة: أنه ينبغي للإنسان أن يسأل الله المغفرة والوقاية من النار، لقوله: (( وقنا عذاب النار )) فإن قال قائل: سؤال المغفرة يغني عن سؤال الوقاية من النار، لأن الإنسان إذا غفر له وقي من النار؟ فالجواب: أن الأمر كذلك وأن الإنسان إذا غفر له وفي من عذاب النار، لكن باب الدعاء ينبغي فيه البسط لسببين: السبب الأول أن يستحضر الإنسان جميع ما يدعوا به في أنواعه، والثاني: أن الدعاء مخاطبة لله عزوجل، وكلما تبسط الإنسان مع الله بالمخاطبة كان ذلك أشوق وأحب إليه مما لو دعا على سبيل الاختصار، ثالثا: أنه كلما ازداد دعاء ازداد قربة إلى الله عزوجل، رابعا: أن كلما ازداد دعاء كان فيه إظهار لافتقار الإنسان إلى ربه، ولهذا نجد أنه جاءت في النصوص: (اللهم اغفر لي ذنبي كله دقه وجله علانيته وسره وأوله وآخره) وهذه يغني عنها قوله: اللهم اغفر لي ذنبي بل لو قيل يغني عنها: اللهم اغفر لي لكان صحيحا، لكن مقام الدعاء ينبغي فيه البسط، ولهذا قالوا: (( فاغفر لنا ذنوبنا وقنا عذاب النار )) . ومن فوائد الآية الكريمة: إثبات عذاب النار، لقوله: (( وقنا عذاب النار )) وعذاب النار إما دائم مستمر وهذا لأصحاب النار الذين هم أصحابها، وإما مؤقت وهذا لأصحاب المعاصي فإنهم يعذبون بحسب معاصيهم إذا لم يغفر الله لهم .
فوائد الآية : ((الصابرين والصادقين والقانتين والمنفقين والمستغفرين بالأسحار )) .
ثم ذكر أوصافهم فقال: (( الصابرين والصادقين ... )) إلى آخره ، ففي هذه الآية من الفوائد: فضيلة الصبر، وأنه من الصفات التي يثنى بها على الإنسان لأن السياق مدح وثناء . ومن فوائد الآية الكريمة أيضا: فضيلة الصدق لأن الله وصف به المتقين فقال: (( والصادقين )) . ومن فوائدها أيضا: فضائل فضيلة القنوت، لأن الله وصف بها المتقين، وفضيلة الإنفاق لأن الله وصف به المتقين، وفضيلة الاستغفار، وفضيلة الأسحار كذا؟ طيب . ومن فوائد الآية الكريمة: الحث على الاتصاف بهذه الصفات وهي: الصبر والصدق والقنوت والإنفاق والاستغفار بالأسحار . من أين أخذ الحث على هذه الصفات ؟ لأنها سيقت مساق المدح والثناء، والشيء يعلم طلبه إما بالأمر به، أو بالنهي عن تركه، أو بالثناء على فاعله، أو بترتيب الثواب عليه، أو ما أشبه ذلك، المهم أن علامات كون الشيء مأمورا به متعددة . طيب هل يؤخذ من الآية أن الصبر أفضل هذه الصفات؟ لأن الله بدأ به نعم؟ نعم قد يؤخذ، فيقال: في هذه الآية دليل أن الصبر أفضل هذه الصفات، وفي الحقيقة أن الإنسان إذا حقق الصبر حقق جميع هذه الصفات، لأن من أقسام الصبر الصبر على طاعة الله وعن معصيته . ومن فوائد الآية الكريمة: ذم الاتصاف بضد هذه الصفات، الجزع ويش بعد؟ الكذب، قلة الطاعة، الرابع: البخل والشح، والخامس: الاستكبار عن الاستغفار وأن الإنسان يرى نفسه أنه غير مذنب فإن هذه من البلية التي يبتلى بها كثير من الناس . أظن أننا نبهنا أن العطف هنا عطف صفات لا عطف ذوات أو لا؟ طيب الآن نبدأ نقول: إن العطف هنا عطف صفات وليس عطف ذوات، لأن الصابرين والصادقين والقانتين والمنفقين والمستغفرين بالأسحار شيء واحد تعود إلى شيء واحد، وعطف الصفات جائز لأن فيه تغايرا إذ أن كل صفة تغاير الصفة الأخرى ألم تروا إلى قوله تعالى: (( سبح اسم ربك الأعلى الذي خلق فسوى والذي قدر فهدى والذي أخرج المرعى )) وهو واحد عز وجل لكن هذا من باب عطف الصفات .
فوائد الآية : (( شهد الله أنه لا إلـه إلا هو والملائكة وأولوا العلم قآئماً بالقسط لا إلـه إلا هو العزيز الحكيم )) .
ومن فوائد قوله تعالى: (( شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة )) إل آخره : بيان فضيلة التوحيد حيث أخبر الله به عباده بلفظ الشهادة . ومن فوائدها: فضيلة الملائكة حيث جعلهم الله تعالى في المرتبة الأولى للشهادة بهذا التوحيد . ومن فوائدها أيضا: فضيلة العلم وأهله، لقوله: (( وأولوا العلم )) . ومن فوائدها: الإشارة إلى ذم الجهل حيث إن الجاهل لا يشهد بأنه لا إله إلا الله، يعني ليس في قلبه ما يؤيد بذلك وإن كان يقول بلسانه، فشهادة العالم أن لا إله إلا الله ليس كشهادة عامة من جهة تقدير الله عزوجل حق قدره لأنه يقولها عن عاطفة وعن تعظيم لله لكن ليس كالعالي (( قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون )) . ومن فوائد الآية الكريمة: تأكيد الشيء الهام وإن كان المخبر به من أهل الصدق، من أين يؤخذ؟ من قوله: (( شهد الله أنه لا إله إلا هو )) مع أنه لو قال عزوجل: لا إله إلا الله كفى، لكن لما كان هذا الأمر هاما وعظيما صدره الله تعالى بالشهادة وبين أن هذه الشهادة ليست له وحده بل له وللملائكة ولأولوا العلم . ومن فوائد الآية الكريمة: وصف الله تعالى بتمام العدل، لقوله: (( قائما بالسقط )) أي بالعدل سواء ما يتعلق بفعله أو بالحكم بين عباده يعني سواء ما يتعلق بالحكم بينه وبين عباده أو بين عباده بعضهم مع بعض فالله سبحانه وتعالى لا يظلم أحدا، والله سبحانه وتعالى يقضي للناس بالعدل . ويتفرع على هذه المسألة فائدة عظيمة يخشاها بعض الناس وهي: أن بعض الظلمة يدعوا على المظلوم فهل يقبل دعائه؟ لا، لأن هذا خلاف العدل الذي اتصف الله به . بعض الناس أيضا يدعوا على القاضي الذي حكم بالحق، فهل يقبل منه؟ لا، لأن هذا عدوان، حدثني بعض القضاة أنه حكم على شخص فلما انتهى الحكم قام هذا الشخص وقال واستقبل القبلة ومد يديه إلى الله يدعوا على هذا القاضي نعم؟ فالقاضي يعني كأنه خائف من هذه الدعوة فقلت له لا تخف، لا تخف مهما دعا وأنت على حق فإن الله لن يقبل دعائه ولن يستجيب له، لأن الله يقول: ((أدع ربكم تضرعا وخفية إنه لا يحب المعتدين)) فمن كان لا يحب المعتدين لا يمكن أن يجيبه، وهذا معتدي ما دمت تعلم أنك على حق وأنك حكمت بمقتضى الشرع فلا يهمنك دعاء الداعي . ومن فوائد الآية الكريمة: أن الله عز وجل لما أخبر بل لما شهد لنفسه بالألوهية أو بانفراده بالألوهية أكد ذلك بالحكم بها لنفسه فقال: (( لا إله إلا هو )) وهذا ليس توكيدا لما سبق أي ليس إعادة للشهادة بلفظ الخبر ولكنه حكم من الله . ومن فوائد الآية الكريمة: انفراد الله سبحانه وتعالى بالألوهية. فيتفرع على ذلك أن من أشرك مع الله أحدا في العبادة أي عبده كما يعبد الله فإنه مشرك وعمله مناف لهذا التوحيد . ومن فوائد الآية الكريمة: إثبات العزة والحكمة لله في قوله: (( العزيز الحكيم )) . ومن فوائدها: أن عزة الله ومنها الغلبة والقهر لغيره عزة مبنية على الحكمة وتنزيل الأشياء في منازلهم، وهذا مأخوذ من ضم الاسمين الكريمين بعضهما إلى بعض، عرفتم؟ لأن العزيز للمخلوق من المخلوقين قد تأخذه العزة بالاسم فلا يقول الحق ولا يهدي إليها أما الله عزوجل فإنه يقول الحق مع كمال عزته . ثم قال الله تعالى: (( إن الدين عند الله الإسلام )) هذا مبتدأ الدرس الليلة ؟
6 - فوائد الآية : (( شهد الله أنه لا إلـه إلا هو والملائكة وأولوا العلم قآئماً بالقسط لا إلـه إلا هو العزيز الحكيم )) . أستمع حفظ
تفسير الآية : (( إن الدين عند الله الإسلام... )) .
(( إن الدين عند الله الإسلام )) (( إن )) فيها قراءتان: القراءة الأولى: فتح الهمزة، والثانية: كسر الهمزة، فعلى قراءة فتح الهمزة تكون عطف بينا لقوله: (( أنه لا إله إلا هو )) شهد أيضا أن الدين عند الله الإسلام، أو شهد أنه لا إله إلا هو أن الدين عند الله الإسلام، و(( الدين )) يراد به العمل ويراد به الجزاء . هات يا حجاج يراد بالدين العمل ؟ لا هذا مثال يقال لكن ما في آية من القرآن تدل على ذلك ؟ قوله تعالى: (( لكم دينكم ولي دين )) صح ومثل لو كمل (( وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة )) ويكون الدين بمعنى الجزاء، الجزاء على العمل، ومثاله ؟ (( مالك يوم الدين )) والمراد به في هذه الآية: العمل، يعني إن الدين الذي هو عبادة الله والعمل له هو الإسلام .
معنى الإسلام العام والخاص وأن الأديان الأخرى باطلة.
والإسلام مصدر أسلم يسلم وهو أي الإسلام التعبد لله تعالى بما شرع حال قيام الشريعة، التعبد لله بما شرع حال قيام الشريعة هذا معنى الإسلام في معنى العام، أما بالمعنى الخاص فالإسلام هو التعبد لله بشرع محمد صلى الله عليه وسلم . فإذا قال قائل: ما هو الدليل على هذا التقسيم ؟ أن الإسلام عام وخاص؟ قلنا: إن الدليل في القرآن كثير، فالله وصف ابراهيم بأنه كان حنيفا مسلما وقال عن ملكة سبأ: (( وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين )) وقال يعقوب لبنيه: (( يا بني إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون )) وقال عن التوراة: (( يحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا والربانيون والأحبار )) والآية في هذا كثير أن الإسلام بالمعنى العام هو: التعبد لله بأيش؟ بما شرع حال قيام الشريعة، أما الإسلام بالمعنى الخاص: التعبد لله بشريعة محمد صلى الله عليه وسلم، لو سألنا السائل : هل اليهود مسلمون ؟ قلنا: لا أخطأنا، وإن قلنا: نعم أخطأنا، فنقول: أما بالمعنى العام فهم مسلمون يعني أنه لما كانت شريعة التوراة قائمة وكانوا يتبعونها فهم مسلمون بلاشك، وأما بالمعنى الخاص الذي لا يراد سواه بعد بعثة محمد صلى الله عليه وسلم فليسوا بمسلمين بل هم كفار بمحمد صلى الله عليه وسلم، وكذلك نقول في النصارى لو سألنا السائل : هل هم مسلمون؟ فالجواب: التفصيل إن أريد بالإسلام الإسلام العام فهم مسلمون متى؟ حال كون شريعتهم قائمة، وإذا أريد به المعنى الخاص وهو المراد عند الإطلاق بعد بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم ليسوا بمسلم، وهنا نقطة ننبه لها وهي: أن كثيرا من الكتاب اليوم إذا تكلموا عن اليهودية والنصرانية والإسلام قالوا: هذه هي الأديان السماوية فيظن السامع أن دين اليهود قائم وأن دين النصارى قائم كقيام دين الإسلام وهذا لا يصح، فإن هذه الأديان أديان سماوية لاشك لكنها حرفت، حرفت وبدلت وغيرت ونسخت ببعثة محمد صلى الله عليه وسلم فليست دينا يرتضيه الله لها اليوم بل المتمسكون بها كفار لا يعدون من المسلمين فنبغي أن نتنبه لهذه النقطة التي يطلقها بعض الناس حتى يوهم العامة بأن اختلاف هذه الأديان كاختلاف المذاهب الإسلامية يعني كاختلاف مذهب الشافعي والأمام أحمد ومالك وأبي حنيفة وهذا خطأ عظيم لأن من زعم أن دينا قائم بعد بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم فهو كافر فإن دينه نسخ جميع الأديان . يقول: (( إن الدين عند الله الإسلام )) ما معنى الإسلام هنا ؟ المعنى العام أو المعنى الخاص؟ الخاص لأنه بعد بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم لم يكن هناك دين قائم، وعلى هذا فالمراد بالإسلام الشريعة التي جاء بها محمد صلى الله عليه وسلم . فإذا قال قائل: هل المراد بالإسلام هنا ما علمه النبي صلى الله عليه وسلم جبريل؟ أو المراد به الدين كله بجميع شرائع الظاهرة والباطنة؟ الجواب: الثاني يعني المراد بالإسلام هنا ليس قسيم الإيمان بحديث جبريل بل المراد به ما يعم جميع شرائع الإسلام، فالصلاة من الإسلام والزكاة من الإسلام والتوكل على الله من الإسلام والخوف منه من الإسلام وهكذا جميع شرائع الدين من الإسلام . وقوله: (( إن الدين عند الله الإسلام )) يعني المرجع في كون هذا الشيء دينا أو غير دين هو الله عزوجل هل هذا دين عند الله فهو إسلام مقبول؟ هل إنه ليس بدين عند الله فليس بإسلام ولا مقبول، حتى لو زعم أهله أنهم مسلمون فإن زعمهم باطل ولا معول عليه .
تتمة تفسير الآية : (( وما اختلف الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم... )) .
(( إن الدين عند الله الإسلام وما اختلف الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم )) يعني إن الإسلام قد اتفقت عليه هذه الأمة لم تختلف فيه، لكن الأمم السابقة جرى منهم الاختلاف ومع ذلك لم يختلفوا إلا من بعد ما جاءهم العلم وعلموا الحق لكنهم اختلفوا فيه بغيا وعدونا، كل واحد منهم يبغي على الآخر، كل واحد منهم يقول إن دينك باطل، فتفرقوا تمزقوا فهذا كما وجد في الأمم السابقة وجد في هذه الأمة، نجد بعض العلماء يخالف الآخرين ثم يجعل من هذا الخلاف خلاف قلب فتتنافر القلوب وتشتت فمن كان على ذلك ففيه شبه من من؟ من اليهود والنصارى. وقوله: (( من بعد ما جاءهم العلم )) العلم بماذا ؟ العلم بالشريعة، بعد أن عرفوا الشريعة وعلموها تنازعوا فيها. وقوله: (( بغيا بينهم )) يعني أن الحامل لهم على هذا الاختلاف هو البغي، أن بعضهم يبغي على بعض، ولهذا جرى بين اليهود وبين النصارى
اضيفت في - 2006-04-10