تفسير سورة آل عمران-21a
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
تفسير القرآن الكريم
تتمة الفوائد والكلام على إثبات الأسباب والرد على من ينكرها.
فإذا قلت مثلا: أنا أحب الصالحين، معناه كل ما كان أصلح فهو أحب إلي، لأن المحبة علقت بالصلاح، فكلما ازداد الصلاح أيش؟ ازداد المحبة، (( والله ولي المؤمنين )) علقت الولاء بالإيمان ، فكل ما كان الإنسان أقوى إيمانا كانت ولاية الله له أتم وأخص . ويتفرع على هذه الفائدة: أنه ينبغي للإنسان أن يحقق إيمانه ويكمله بقدر استطاعته من أجل أن ينال ولاية الله ، لأن كل إنسان في الحقيقة عاقل يسعى أن يكون الله له وليا ، نقول : حقق الإيمان يكن الله لك وليا ، وكلما ازداد تحقيقك للإيمان ازدادت ولاية الله لك ، وإلا فكلنا يطلب ذلك ونسأل الله أن يجعلني وإياكم من أوليائه ، كلنا يطلب هذا لكن بس حقق الإيمان ، حقق الإيمان ، من أحب في الله وأبغض في الله ووالى في الله وعادى في الله فإنما تنال ولاية الله بذلك، هذه من أسباب الولاية أن يكون حبك وبغضك وكراهتك وعداوتك وولايتك لله عز وجل لا للدنيا . ومن فوائد الآية الكريمة: إثبات الأسباب ، من أين يؤخذ ؟ من قوله: (( والله ولي المؤمنين )) ؟ وجهه ذلك ؟ أن الإيمان جعل الله سببا لولاية الله ، ولاشك أن الأسباب ثابتة، والأسباب شرعية، وعقلية، وحسية، فالأسباب الشرعية ما جعلها الله تعالى سببا في القرآن، فمثلا الإيمان سبب لدخول الجنة هذا سبب شرعي وإلا لا ؟ دخول الوقت سبب لوجوب الصلاة هذا سبب شرعي، العسل سبب للشفاء، هو قدري علمناه من طريق الشرع يعني من طريق الوحي ، كون الماء سببا لنبات الأرض المطر ؟ الحسي ، نعم هو أخبر الله به لكن نحن نشاهد ، لو فرض أنه ما في القرآن يدلنا على هذا شاهدنا بأنفسنا فهو سبب حسي، الأدوية الطبيعية التي تستخرج بالتجارب أسباب حسية ، أما الأسباب العقلية فكثير جدا، كل شيء يترتب على شيء عقلا فهو أيش؟ سبب عقلي ، والأسباب الشرعية والحسية والعقلية كلها مؤثرة بذاتها ، لا ، دقيقة ، بذاتها حيث أودع الله فيها التأثير ، حيث أودع الله فيها التأثير ، وإنما قلت ذلك لأن بعض الناس غالى في التنزيه فقال إن الأسباب لا تؤثر في ذاتها وإنما يكون التأثير عندها لا بها ، عندها لا بها، فقالوا مثلا إن الاحتراق بالنار ليس بالنار لكن حصل الاحتراق عند تماس الناس بما يقبل الاحتراق حصل الاحتراق أما النار ما هي تحرق، لو جعلت النار تحرق وتقلب الشيء مما كان عليه مع الأول لأثبتت مع الله خالقا وصرت مشركا، من الذي يقلب هذا العود إلى رماد ؟ الله سبحانه وتعالى، يقول ما يقلب هذا إلا الله، أنت لو قلت النار هي التي قلبت أشركت بالله ، إذا لا تقول: النار أحرقت ، احترق عندها . أخذت حجرا فرميت به كأس زجاج فانكسر قال لا تقل إن الحجر هو الذي كسره ، من يستطيع بأن يفصل بين هذه الإجزاء المتلاص إلا الله، فأنت إذا قلت إن الحجر هو الذي كسرها كنت مشركا، فإثبات تأثير الأسباب شرك، قال انكسر عندها لا بها، انكسر عندها عند الحجر لا بالحجر، سبحان الله حط حجرا ثقيل ثقيل جدا على الزجاج ينكسر وإلا لا؟ اضربوه حجر صغير ينكسر، إذا كيف تقول عندها ؟ لو كان عندها كان يحط حجر كبير انكسر ولو ضربناه بحجر صغير ما ينكسر، لكن نقول: الأسباب مؤثرة، لكن الله أودع فيها هذا التأثير، الله هو الذي أودع فيها هذا التأثير، لو لا أودع الله فيها هذا التأثير ما أثرت، ولهذا لما ألقي إبراهيم في النار فقال الله لها: ((كوني بردا وسلاما على إبراهيم )) أثرت ؟ ما أثرت، إذا عرفنا الآن أن الأسباب جعل الله مؤثرة بذاتها ليست هي التي تخلق أو خلقت بذاتها ولكن الله أودع فيها هذه القوة التي يكون بها المسبب ، واضح يا جماعة ؟ وهذا هو المعقول، هذا هو المعقول، فنحن لا نغالي أيضا في إثبات الأسباب ونقول إن هذا يكون بدون الله ولا نغالي في التنزيه فنقول إن الأسباب لا تؤثر وإنما يحصل الأثر عندها لا بها كلا الأمرين خطأ ، والوسط في الغالب يكون هو الحق، لأنك تجد المتطرفين كل واحد أخذ بجانب من الحق وترك جانبا والوسط يأخذ بالجانبين فيكون وسطا.
كيف يزيد الإيمان بالله.؟
السائل : كيف يزيد الإيمان بالله ؟
الشيخ : لكن هل إيمان الناس بالله وملائكته وكتبه ورسله متساوي ؟
الشيخ : لكن هل إيمانك مثل إيمان الثاني والثالث؟
السائل : لا،
الشيخ : حتى إيمانك في يوم من الإيمان ليس كإيمانك في يوم آخر.
السائل : لكن كيف يزيد ؟
الشيخ : الإيمان بالله ؟ أحيانا يأتي الإنسان مثلا قوة إيمان كأنما يشاهد الأمر رأي العين وأحيانا مع الغفلة ما يكون هكذا،
السائل : فنفس الشيء بنسبة الآن قال النبي صلى الله عليه وسلم ؟
الشيخ : طيب (( أن تؤمن بالله وملائكته ... )) إلى آخر الآية هل يتساوون الناس في الإيمان بهذه الأمور الستة ؟ لا يتساوون ، إذا كلما قوي إيمانك بهذه زاد ولاية الله لك ،
نعم الحب في الله لأنك إيمانك بالله أحببت في الله .
الشيخ : لكن هل إيمان الناس بالله وملائكته وكتبه ورسله متساوي ؟
الشيخ : لكن هل إيمانك مثل إيمان الثاني والثالث؟
السائل : لا،
الشيخ : حتى إيمانك في يوم من الإيمان ليس كإيمانك في يوم آخر.
السائل : لكن كيف يزيد ؟
الشيخ : الإيمان بالله ؟ أحيانا يأتي الإنسان مثلا قوة إيمان كأنما يشاهد الأمر رأي العين وأحيانا مع الغفلة ما يكون هكذا،
السائل : فنفس الشيء بنسبة الآن قال النبي صلى الله عليه وسلم ؟
الشيخ : طيب (( أن تؤمن بالله وملائكته ... )) إلى آخر الآية هل يتساوون الناس في الإيمان بهذه الأمور الستة ؟ لا يتساوون ، إذا كلما قوي إيمانك بهذه زاد ولاية الله لك ،
نعم الحب في الله لأنك إيمانك بالله أحببت في الله .
من يذهب إلى المشعوذين فيشفى فهل نقول أنه شفي عندها لا بسببها.؟
الشيخ : نعم محمد ؟
السائل : يا شيخ، الأسباب إذا يذهب أحد المرضى إلى المشعوذين يقول إنه حصل الشفاء عنده لا به يعني بسببه، ما الفرق بين هذا وبين الأول ؟
الشيخ : لأن الله لم يجعل كلام المشعوذين سببا ، نقول لابد أن يشهد الشرع أو الحس أو العقل بأن هذا سبب، أما مجرد يجيء مشعوذة يتكلم عندنا ما نقبل، يعني لو أن واحدا قال أنا أدعوا هذا الولد ويستجاب لي، امرأة تقول ليست تحمل أبدا وراحت القبر لهذا الولد وتمرغت عليه وأخذت منه ترابا ووضعته في فرجها عند الجماع وأراد الله أن تحمل ، نقول حصل هذا بتراب هذا الولي ؟ لا، لأيش ؟ لأن هذا ليس سببا شرعيا ولا حسيا ولا عقليا، فلابد من أن يثبت كون هذا الشيء سببا ، ولهذا كانت التمائم شركا لأيش لأنها ليست سببا حسيا ولا شرعيا ولا عقليا .
السائل : يا شيخ، الأسباب إذا يذهب أحد المرضى إلى المشعوذين يقول إنه حصل الشفاء عنده لا به يعني بسببه، ما الفرق بين هذا وبين الأول ؟
الشيخ : لأن الله لم يجعل كلام المشعوذين سببا ، نقول لابد أن يشهد الشرع أو الحس أو العقل بأن هذا سبب، أما مجرد يجيء مشعوذة يتكلم عندنا ما نقبل، يعني لو أن واحدا قال أنا أدعوا هذا الولد ويستجاب لي، امرأة تقول ليست تحمل أبدا وراحت القبر لهذا الولد وتمرغت عليه وأخذت منه ترابا ووضعته في فرجها عند الجماع وأراد الله أن تحمل ، نقول حصل هذا بتراب هذا الولي ؟ لا، لأيش ؟ لأن هذا ليس سببا شرعيا ولا حسيا ولا عقليا، فلابد من أن يثبت كون هذا الشيء سببا ، ولهذا كانت التمائم شركا لأيش لأنها ليست سببا حسيا ولا شرعيا ولا عقليا .
ما حكم من يستدل بتعدد شرائع الأنبياء مع الاتفاق في أصل التوحيد على جواز تعدد الجماعات.؟
الشيخ : نعم فهد ؟
السائل : الأنبياء اتفقوا في أصل التوحيد واختلفوا في فروع التوحيد، في فروع الدين فاستدل بعض الناس بخلافهم في فروع الدين بجواز تعدد الجماعات الإسلامية إذا لم تختلف أما إذا اختلفت ؟
الشيخ : نعم أنا أوافقهم على تعدد الجماعات الإسلامية إذا كان كل رئيس لهذه الجماعات إنه نبي ، نوافق على هذا، إذا كان يدعي أنه نبي نقول لا بأس، أما أن نبينا واحد وديننا واحد فلا يمكن أن نقر هذا المبدأ تعدد الجماعات الإسلامية أبدا ، هؤلاء نبي مستقل، فإذا كان يدعي هؤلاء رؤسائهم بأنهم أنبياء فعلى العين والرأس لكن ما يدعون هذا هم أبعد الناس عن هذه الدعوى .
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. بسم الله الرحمن الرحيم. (( ودت طائفة من أهل الكتاب لو يضلونكم وما يضلون إلا أنفسهم وما يشعرون يا أهل الكتاب لم تكفرون بآيات الله وأنتم تشعرون يا أهل الكتاب لم تلبسون الحق بالباطل وتكتمون الحق وأنتم تعلمون وقالت طائفة من أهل الكتاب آمنوا بالذي أنزل على الذين آمنوا وجه النهار واكفروا آخره لعلهم يرجعون ولا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم قل إن الهدى هدى الله أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم أو يحاجوكم عند ربكم قل إن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم يختص برحمته من يشاء والله ذو الفضل العظيم )) . أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. أظن أننا أخذنا فوائد ما سبق ؟ كذا ؟
السائل : الأنبياء اتفقوا في أصل التوحيد واختلفوا في فروع التوحيد، في فروع الدين فاستدل بعض الناس بخلافهم في فروع الدين بجواز تعدد الجماعات الإسلامية إذا لم تختلف أما إذا اختلفت ؟
الشيخ : نعم أنا أوافقهم على تعدد الجماعات الإسلامية إذا كان كل رئيس لهذه الجماعات إنه نبي ، نوافق على هذا، إذا كان يدعي أنه نبي نقول لا بأس، أما أن نبينا واحد وديننا واحد فلا يمكن أن نقر هذا المبدأ تعدد الجماعات الإسلامية أبدا ، هؤلاء نبي مستقل، فإذا كان يدعي هؤلاء رؤسائهم بأنهم أنبياء فعلى العين والرأس لكن ما يدعون هذا هم أبعد الناس عن هذه الدعوى .
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. بسم الله الرحمن الرحيم. (( ودت طائفة من أهل الكتاب لو يضلونكم وما يضلون إلا أنفسهم وما يشعرون يا أهل الكتاب لم تكفرون بآيات الله وأنتم تشعرون يا أهل الكتاب لم تلبسون الحق بالباطل وتكتمون الحق وأنتم تعلمون وقالت طائفة من أهل الكتاب آمنوا بالذي أنزل على الذين آمنوا وجه النهار واكفروا آخره لعلهم يرجعون ولا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم قل إن الهدى هدى الله أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم أو يحاجوكم عند ربكم قل إن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم يختص برحمته من يشاء والله ذو الفضل العظيم )) . أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. أظن أننا أخذنا فوائد ما سبق ؟ كذا ؟
4 - ما حكم من يستدل بتعدد شرائع الأنبياء مع الاتفاق في أصل التوحيد على جواز تعدد الجماعات.؟ أستمع حفظ
تفسير الآية : (( ودت طآئفةٌ من أهل الكتاب لو يضلونكم وما يضلون إلا أنفسهم وما يشعرون )) .
قال الله تعالى: (( ودت طائفة من أهل الكتاب لو يضلونكم وما يضلون إلا أنفسهم وما يشعرون )) (( ودت )) أي أحبت، والود خالص المحبة، ومن أسماء الله تعالى الودود بمعنى الواد والودود، فهو سبحانه وتعالى واد لأوليائه وأصفيائه وهو أيضا مودود من أوليائه وأصفيائه ، فالود إذا خالص المحبة يعني أحب هؤلاء أو هذه الطائفة بكل خالص المحبة . وقوله: (( طائفة من أهل الكتاب )) الطائفة بمعنى الجماعة، والمراد بأهل الكتاب هنا اليهود والنصارى، ولكن الأغلب هم اليهود لأنهم أكثر ممارسة للعرب من النصارى، فإن اليهود كانوا في المدينة قدموا من ال ومن الشام ينتظرون النبي الذي بشرت به التوراة، يعني قدموا من بلاد الشام لأنهم علموا أن مهاجر هذا النبي المدينة حسب ما في التوراة من البشارة به، فقالوا نذهب إلى هناك لنكون معه (( وكانوا من قبل يستفتحون على الذي كفروا فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به )) . (( من أهل الكتاب )) اليهود والنصارى، والغالب أنهم اليهود . (( لو يضلونكم )) لو هذه مصدرية بمعنى أن، والقاعدة في لو أنها إذا أتت بعد ما يفيد الود والمحبة تكون مصدرية ((ودوا لو تدهن فيدهنون )) أي ودوا أن تدهنوا، (( ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم كفارا )) أي ودوا أن يردوكم، فهي هنا مصدرية، وقد علم أنها تأتي شرطية حرف امتناع لامتناع مثل لو جاء زيد لأكرمتك، فهنا امتناعي إياك لامتناع مجيء زيد . يقول عز وجل: (( لو يضلونكم )) يعني ودوا أن يضلوكم، والإضلال بمعنى الإتاحة عن الحق، يعني ودوا أن يخرجوكم من الهدى إلى الضلال، وما نوع هذا الضلال الذي أرادوه بالمسلمين؟ يمكن أن يفسر بالآية الثانية التي في البقرة: (( ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا حسدا من عند أنفسهم )) . يقول الله عز وجل: (( وما يضلون إلا أنفسهم )) يعني بمحاولتهم وودهم هذا لا يضلون إلا أنفسهم، وبماذا يضلون أنفسهم ؟ المعروف عند أكثر المفسرون المعنى وما يهلكون إلا أنفسهم وذلك لأنهم إذا تمنوا لكم الضلال أثموا على ذلك فصاروا هم كالضالين، وقيل: بل المعنى (( وما يضلون أنفسهم )) أنهم إذا اشتغلوا بمحاولة إضلالكم اشتغلوا عما فيه هداهم كما هو الواقع أن الإنسان إذا أراد أن يرد الحق وأن يضل غيره اشتغل بمحاولة إضلال غيره عن محاولة هداية نفسه، فيكون المعنى (( ما يضلون إلا أنفسهم )) لأنهم اشتغلوا بمحاولة إضلالهم إياكم عن طلب هدايتهم، لأن العادة أن الإنسان إذا اشتغل بمحاولة إضلال غيره تجده يطرق كل باب ويسلك كل طريق يحاول به إضلال الغير وينسى نفسه، ينسى نفسه وهذا واقع كثيرا حتى بين طلبة العلم أحيانا يريد الإنسان أن ينتصر لنفسه أو لقوله ولو كان خطأ فتجده يحاول أن يلتمس الأعذار والتحويلات والتصريفات وصرف النصوص عن ظاهرها من أجل أن توافق قوله وينسى أن يكون الواجب عليه إذا عورض أن يطلب الحق وأن يراجع نفسه لعل الصواب مع غيره كما يقع كثيرا عندما يختار الإنسان قولا أو يقول قولا ثم يراجع فيه يتبين له أن الصواب في خلاف ما كان يعتقد أولا ، إذا (( وما يضلون أنفسهم )) فيها رأيان، الرأي الأول: ما يضلون إلا أنفسهم بالإهلاك وكثرة العقاب حيث حالوا صد الناس عن دين الله، والثاني: ما يضلون إلا أنفسهم بانشغالهم بمحاولة إضلالكم عن طلب هداية أنفسهم، قال بعض المفسرين: هذا أولى، وذلك لأن الوعيد عليهم بما يكون في الآخرة غير مجدي في هذا المقام لأنهم أصلا لا يؤمنون بمن أنذر بهذا، لا يؤمنون بمن أنذر بهذا حتى يقال إنهم لا يهلكون إلا أنفسهم، ولكن الواقع أن هذا غير وارد يعني بمعنى أن الله يتكلم عن أمر الواقع، فالآية محتملة للمعنيين، المعنى الأول المشهور عند أكثر المفسرين أنهم يضلون أنفسهم بماذا؟ بهلاكهم بما يكتسبون من الذنوب والآثام، والمعنى الثاني: يضلون أنفسهم بإضاعتها وانشغالهم بما يكون سببا لإضلالكم، (( وما يضلون أنفسهم وما يشعرون )) يعني ما يشعرون أنهم أضاعوا الوقت في محاولة إضلالكم ونسوا أنفسهم، لأن الإنسان في غمرة الغلبة أو حب الغلبة وسكرة حب الظهور ينسى ولا يشعر بالوقت إذا ضاع عليه، فهؤلاء لا يشعرون لأن الوقت ضاع عليهم بانشغالهم بطلب أو بمحاولة إضلالكم، والشعور هو المعنى النفس الذي يشعر به الإنسان في نفسه توبيخا وتنديما أحيانا أو عكس ذلك تفريحا وتفاؤلا .
5 - تفسير الآية : (( ودت طآئفةٌ من أهل الكتاب لو يضلونكم وما يضلون إلا أنفسهم وما يشعرون )) . أستمع حفظ
فوائد الآية : (( ودت طآئفةٌ من أهل الكتاب لو يضلونكم وما يضلون إلا أنفسهم وما يشعرون )) .
في هذه الآية الكريمة: بيان عداوة أهل الكتاب للمسلمين، حيث يودون لهم الإضلال، والطائفة من القوم الغالب أن مشربة بقية القوم مشربها، فإذا كانت هذه الطائفة تود هذا فغيرها كذلك . ومن فوائد الآية: التحذير من أهل الكتاب وأنهم يحاولون سد المسلمين عن دينهم كالمشركين، وكل من الطائفتين يودون من المسلمين الضلال، قال الله تعالى: (( ودوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء )) وقال تعالى عن مشركين قريش: (( ودوا لو تكفرون )) فكل المشركين وكل الملحدين وكل من ادعى أنه صاحب كتاب كلهم يودون من المسلمين أن يكفروا ويضلوا بعد هدايتهم وإيمانهم، وإذا كان كذلك فيجب علينا الحذر منهم واعتقاد أنهم أعداء وألداء يودون أن يقضوا علينا وعلى ديننا بين عشية وضحاها . ومن فوائد الآية الكريمة: أن المعتدي يجازى بمثل عدوانه ويبتلى بمثل ما ابتلى غيره به، لقوله: (( وما يضلون إلا أنفسهم )) . ومن فوائد الآية الكريمة: تعزية المسلمين بما يريد بهم هؤلاء من الإضلال فكأن الله قال: لا تخالفوا منهم فإن الإضلال إنما يعود عليهم، ولكن هذا في حق المؤمنين حقا الذين يؤمنون بدينهم تماما ويفخرون به ويعتزون به دون الذين يجعلون دينهم أقوالا باللسان أو حروفا بالأوراق وهم في الحقيقة يتبعون غيرهم ويعظمون غيرهم في نفوسهم فإن هؤلاء ربما يصابون برجس هؤلاء الكفار الذين يريدون إضلالهم . ومن فوائد الآية الكريمة: أن الإنسان قد يعمى عن الباطل مع ممارسته له، لقوله تعالى: (( وما يضلون إلا أنفسهم وما يشعرون )) . ومن فوائد الآية الكريمة : إحاطة علم الله عزوجل بما في قلوب الخلق، لقوله: (( ودت طائفة )) فإن الود محله القلب ولا يعلم ما في القلوب إلا الله عز وجل . ومن فوائد الآية الكريمة: أننا نرد على كل شخص يدعي أو يتوهم أن الكفار يريدون الخير بالمسلمين، لأننا نقول له: إنك لا تعلم ما في قلوبهم واسمع إلى علام الغيوب ماذا يقول: (( ودت طائفة من أهل الكتاب لو يضلونكم )) فأنت لا تعلم، ولا تغتر بمصانعتهم ومخادعتهم ومكرهم .
6 - فوائد الآية : (( ودت طآئفةٌ من أهل الكتاب لو يضلونكم وما يضلون إلا أنفسهم وما يشعرون )) . أستمع حفظ
تفسير الآية : (( يا أهل الكتاب لم تكفرون بآيات الله وأنتم تشهدون )) .
ثم قال الله عز وجل: (( يا أهل الكتاب لم تكفرون بآيات الله وأنتم تشهدون يا أهل الكتاب لم تلبسون الحق بالباطل وتكتمون الحق وأنتم تعلمون )) . خطاب من الله لأهل الكتاب على سبيل التوبيخ (( يا أهل الكتاب )) اليهود والنصارى وبالأخص اليهود، (( لم تكفرون )) من اسم استفهام حذت ألفهما لدخول حرف الجر عليها، والاستفهام للتوبيخ، (( لم تكفرون بآيات الله )) آيات الله جمع آية وهي العلامة الدالة على الله عز وجل، وكل آية من آيات الله تدل على صفة من صفاته، فالانتقام آية تدل على الغضب، وبسط الرزق إذا لم يكن الإنسان على معصية الله آية تدل على الرضا والرحمة، فالآيات تتنوع بحسب متعلقها، هؤلاء كفروا بآيات الله، طيب الآيات الشرعية ما جاءت به الرسل، فما الآيات التي كفر بها هؤلاء ؟ الآيات التي كفر بها هؤلاء الآيات التي نزلت على رسلهم وعلى محمد صلى الله عليه وسلم، فاليهود كفروا بآيات الله وهي التوراة، والنصارى كفروا بآيات الله وهي الإنجيل، كفروا بذلك، كيف كفروا بهما ؟ لأن الله سبحانه وتعالى يقول: (( الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم )) موجود بهذا الوصف، وقال الله تعالى: (( الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبنائهم )) ما قال: أولادهم أو بناتهم، لأن معرفة الإنسان لابنه أقوى لمعرفته لبنته لشدة تعلقه به فهو لا يجهل شيئا منه، فهم يعرفون الرسول صلى الله عليه وسلم كما يعرفون أبنائهم لأن نعته موجود عندهم في التوراة والإنجيل ولكنهم كفروا بآيات الله (( فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به )) إذا بآيات الله تشمل التوراة والإنجيل والقرآن كفروا بآيات الثلاثة كلها، (( وأنتم تشهدون ))، لم يقل: وأنتم تعلمون لأن الشهادة أقوى، لأن الشهادة تقتضي أن يكون العالم كالمشاهد للشيء بحسه والمشاهد بحس أقوى من المشاهد بالذهن أو من العلم بالذهن، فهم يشهدون الآيات ويعلمونها ومع ذلك يكفرون بهذه الآيات .
تفسير الآية : (( يا أهل الكتاب لم تلبسون الحق بالباطل وتكتمون الحق وأنتم تعلمون )) .
(( يا أهل الكتاب لم تلبسون الحق بالباطل )) وهم في كفرهم مخادعون، (( يلبسون الحق بالباطل )) ومعنى لبس الحق بالباطل خلط الحق بالباطل، فهم يأتون بالباطل ويموهونه بحق، ووجه ذلك أنهم لو جاءوا بالباطل صراحا ما قبل، أليس كذلك ؟ لكنهم يأتون به مخلوطا بحق من أجل أن يكون في ذلك تمويه على من لا يعرف الحقائق وهذا مكر وخداع لكل مبطل يموه الحق بالباطل . ومن ذلك أن يأتي بعبارة مجملة تحتمل حقا وباطلا لكن هو يريد بها الباطل ومن سمعها قد يحملها على إرادة الحق، هذا أيضا من لبس الحق بالباطل وسيأتي إن شاء الله في الفوائد. قال: (( لم تلبسون الحق بالباطل وتكتمون الحق )) تكتمون الحق تخفونه . وهنا قد يقول قائل: كيف قال: (( تلبسون الحق بالباطل وتكتمون الحق )) ؟ أليس فيها تناقض؟ الجواب: لا، ليس فيه تناقض، لأنهم يكتمون الحق الصريح ويأتون به مخلوطا مموها بالباطل، وليس قصدهم أيضا الحق إذا جاءوا بالحق مخلوطا بالباطل، قصدهم أيش؟ الباطل، وهذا الحق الذي جاءوا به كالثوب الذي يخفي العيب تحت الثياب . (( وتكتمون الحق وأنتم تعلمون )) تعلمون أيش؟ تعلمون الحق، بل وتعلمون حالكم أنكم لابس الحق بالباطل، فهم يعلمون أمرين: يعلمون الحق الصريح ويعلمون أنهم قد خلطوا القح بالباطل، ولاسيما اليهود لأن اليهود عصوا الله وهم يعلمون أنهم عصوه، عصوا الله على بصيرة.
فوائد الآية : (( يا أهل الكتاب لم تكفرون بآيات الله وأنتم تشهدون )) .
في هاتين الآيتين من الفوائد: توبيخ أهل الكتاب على كفرهم بآيات الله، على كفرهم بآيات الله . ومن فوائد الآية الأولى: أن هذا التوبيخ واقع موقعهم، لأنهم كفروا بآيات الله وهم يشهدون . ومن فوائد الآية: الحكم الصريح الذي لا يقبل التأويل على أهل الكتاب الذين لم يؤمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم بالكفر، (( لم تكفرون بآيات الله )) ولا يوبخ إلا على أمر واقع، والكفر بالله كفر بالله، وبه نعلم أنهم وإن زعموا أنهم مؤمنون بالله فهم كافرون به، كافرون به كفرا صريحا خالصا . ومن فوائد الآية الكريمة: أن هؤلاء الكفار كفروا عن علم وشهادة، لقوله: (( وأنتم تشهدون )) .
فوائد الآية : (( يا أهل الكتاب لم تلبسون الحق بالباطل وتكتمون الحق وأنتم تعلمون )) .
وفي الآية الثانية من الفوائد: أن هؤلاء الكفار من أهل الكتاب كانوا يخادعون ويمكرون، بماذا؟ بلبس الحق بالباطل، وما أكثر ما يموهون بالقرآن الكريم على بطلان ما ذهبوا إليهم مثل قوله تعالى: (( إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن منهم وبالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولاهم يحزنون )) فيقول: (( إن الذين آمنوا )) المسلمون، (( والذين هادوا والنصارى )) اليهود والنصارى، (( والصابئين )) الصابئة، من آمن منهم بالله واليوم الآخر فلهم أجرهم عند ربه، فجعلنا نحن وأنتم في صف واحد، المؤمن منا بالله واليوم الآخر له الأجر ولو كنا مخالفين لكم ما كان لنا أجر، ويقولون: عيسى بن مريم بشر برسول يأتي من بعده اسمه أحمد، ولم يأت بعد لأن الذي جاء اسمه محمد (( وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل )) (( محمد رسول الله والذين معه )) فنحن ننتظر أحمد، فهم يلبسون الحق بالباطل ويمكرون، ولكن من أعطاه الله علما وفهما تبين له أنهم ملبسون، وقد ألف علماء المسلمين ولله الحمد في بيان باطلهم ودحض حججهم ما هو كالشمس إضاءة ونورا يخفي ضوءه كل ساطع، الآية الأولى مثلا: قيد الله عزوجل من له الأجر من هؤلاء الأصناف بأيش؟ (( من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا )) فأنتم ما آمنتم بالله واليوم الآخر بنص هذه الآية: (( لم تكفرون بآيات الله وأنتم تشهدون )) كفار، أنتم مؤمنون لما كانت رسالة النبي قائمة، النبي الذي أرسل إليكم قائما، أما وقد نسخت فإذا بقيتم عليه فأنتم كفار . وأما قوله: (( ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد )) فلا مانع من تعدد الأسماء على مسمى واحد، وقد جاءكم أحمد، ولهذا قال الله تعالى في الآية نفسها: (( فلما جاءهم بالبينات قالوا هذا سحر مبين )) إذا فأحمد جاءهم ولا نعلم أن نبيا جاء بعد عيسى إلا محمد صلى الله عليه وسلم ، فعلى هذا فيكون هذا التمويه لا يخفى على الإنسان الذي يعطيه الله تعالى علما وبصيرة، وقد ألف شيخ الإسلام رحمه الله تعالى كتابا في جزأين سماه " الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح " والرد على النصارى من أئمة المسلمين كثير . ومن فوائد الآية الكريمة: أنه يجب الحذر من أهل الباطل إذا لبسوا الحق بالباطل، وأن لا نغتر بهم، لأنهم يأتون بزخرف القول غرورا، ومن هذا ما حصل للمبتدعة من هذه الأمة فإنك إذا سمعت كلامهم قلت لا أعدل بذلك شيء، هذا هو الحق، ولن أتجاوزه، ولكنه كما قيل:
حجج تهافت كالزجاج تخالها حقا وكل كاسر مكسور
حججهم كلها متهافتة ليس لها ما يقومها على قدميها فضلا عن أن يجعلها مهاجمة، هي لا تدافع عن نفسها فضلا أن تهاجم غيرها لكن مع ذلك يموهون، ومر علينا في كتاب العقيدة شيء كثير في هذا من تمويههم ودجلهم وزخرفهم للقول، فعلى الإنسان أن يحترز من هؤلاء الذين يلبسون الحق بالباطل . ومن فوائد الآية الكريمة: التوبيخ أو توبيخ من سلك هذا المسلك، ووجه ذلك أن تخصيص التوبيخ لأهل الكتاب ليس تخصيصا بالشخص والعين ولكنه بالجنس والنوع والوصف، فكل من كان على شاكلتهم فإنه يستحق هذا التوبيخ . ومن فوائد الآية الكريمة: وجوب بيان الحق لمن علمه، أو على من علمه، وجوب بيان الحق على من علمه، لقوله: (( وتكتمون الحق وأنتم تعلمون )) أما من لم يعلم فعذره ظاهر لكن من علم وجب عليه بيان الحق، ثم اعلم أن بيان الحق يجب عند السؤال عنه إما بلسان الحال وإما بلسان المقال، السؤال بلسان المقال أن يأتيك شخص ويقول ما حكم كذا وكذا، السؤال بلسان الحال أن يقع الناس في معصية يحتاجون إلى أن تبين لهم، لا تقل والله الناس لما لم يأتوا إلي فأنا من الملزوم، أنت ملزوم، لابد أن تبين، لا تكتم .
حجج تهافت كالزجاج تخالها حقا وكل كاسر مكسور
حججهم كلها متهافتة ليس لها ما يقومها على قدميها فضلا عن أن يجعلها مهاجمة، هي لا تدافع عن نفسها فضلا أن تهاجم غيرها لكن مع ذلك يموهون، ومر علينا في كتاب العقيدة شيء كثير في هذا من تمويههم ودجلهم وزخرفهم للقول، فعلى الإنسان أن يحترز من هؤلاء الذين يلبسون الحق بالباطل . ومن فوائد الآية الكريمة: التوبيخ أو توبيخ من سلك هذا المسلك، ووجه ذلك أن تخصيص التوبيخ لأهل الكتاب ليس تخصيصا بالشخص والعين ولكنه بالجنس والنوع والوصف، فكل من كان على شاكلتهم فإنه يستحق هذا التوبيخ . ومن فوائد الآية الكريمة: وجوب بيان الحق لمن علمه، أو على من علمه، وجوب بيان الحق على من علمه، لقوله: (( وتكتمون الحق وأنتم تعلمون )) أما من لم يعلم فعذره ظاهر لكن من علم وجب عليه بيان الحق، ثم اعلم أن بيان الحق يجب عند السؤال عنه إما بلسان الحال وإما بلسان المقال، السؤال بلسان المقال أن يأتيك شخص ويقول ما حكم كذا وكذا، السؤال بلسان الحال أن يقع الناس في معصية يحتاجون إلى أن تبين لهم، لا تقل والله الناس لما لم يأتوا إلي فأنا من الملزوم، أنت ملزوم، لابد أن تبين، لا تكتم .
تفسير الآية : (( وقالت طآئفةٌ من أهل الكتاب آمنوا بالذي أنزل على الذين آمنوا وجه النهار واكفروا آخره لعلهم يرجعون )) .
ثم قال الله تعالى: (( وقالت طائفة من أهل الكتاب آمنوا بالذي أنزل على الذين آمنوا وجه النهار ... )) لما ذكر الله تعالى مكرهم بالقول ذكر مكرهم بالحيل الفعلية، القول: (( أنهم يلبسون الحق )) بأيش؟ (( بالباطل )) الحيل الفعلية هذه الحيلة الماكرة (( قالت طائفة من أهل الكتاب آمنوا بالذي أنزل على الذين آمنوا وجه النهار واكفروا آخره)) ((آمنوا بالذي أنزل على الذين آمنوا )) يعني القرآن، وإن شئت فقل: الشريعة كلها، (( آمنوا به وجه النهار )) أي أوله، والدليل على أن المراد بوجه النهار أوله قوله: (( واكفروا آخره )) وهذا أحد الطرق الذي يعرف به معنى الكلمات في القرآن الكريم، أن يعلم معنى الكلمة بذكر مقابلها، كقوله تعالى: (( فانفروا ثبات أو انفروا جميعا ))، لو قال لك قائل: ما معنى (( ثبات )) ؟ نشوف قسيمها ، (( أو انفروا جميعا )) إذا انفروا ثبات يعني وحدانا متفرقين . هنا وجه النهار لو قال قائل: ما الذي علمنا أن وجه النهار أوله؟ لماذا لا يكون وجه النهار وسطه ؟ قلنا: دلنا على ذلك قوله وقفه آخره ، (( لعلهم )) الضمير يعود على (( المؤمنين ))، (( يرجعون )) أي يرجعون عن دينهم، لأنكم أنتم أهل الكتاب فإذا آمنتم أول النهار ثم رجعتم قال الناس لو لا أنهم علموا أن هذا دين باطل لم يرجعوا، كيف المكر، ادخلوا معهم في أول النهار وصلوا كما يصلون واحضروا مجالس الذكر وإن وجد بكاء فابكوا كونوا معهم تماما وإذا كان في آخر النهار اكفروا قولوا كفرنا بهذا الدين، لأن الناس إذا فعلتم هكذا قالوا لو لا هذا الدين باطل ما كفر هؤلاء بعد إيمانهم، لأن الإنسان إذا آمن بالدين وكان الدين حقا ثبت عليه لم يرجع، والدليل على هذا: أن هرقل سأل أبا سفيان حين ما لاقاه في الشام سأله عن أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم قال : هل يرجع أحد منهم عن دينه بعد أن يدخل فيه ؟ قال: لا، قال: هكذا الإيمان إذا خالط بشاشة القلوب لم يرجع أو كلمة نحوها، المهم أن هؤلاء يموهون على الناس بفعلهم فإن الناس يقولون لو لا أن الناس علموا بطلانهم ما رجعوا عنه، لأن الإنسان بطبيعته لا يرجع عن أيش؟ عن دين الحق (( لعلهم يرجعون )) .
11 - تفسير الآية : (( وقالت طآئفةٌ من أهل الكتاب آمنوا بالذي أنزل على الذين آمنوا وجه النهار واكفروا آخره لعلهم يرجعون )) . أستمع حفظ
تفسير الآية : (( ولا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم قل إن الهدى هدى الله ... )) .
(( ولا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم )) هذا من قول الطائفة يعني آمنوا ولا تؤمنوا ، (( ولا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم )) أي لا تظهروا ما أنتم عليه إلا لمن تبع دينكم، لأنكم لو أظهرتم للمسلمين أنكم آمنتم ثم رجعتم من أجل إفساد دينهم ما قبلوا منكم هذا ولا رجعوا، لكن إذا أخبرتم بهذا المكر والخديعة من تبع دينكم سلم لكم الأمر يعني كأنهم يقولون أخفوا هذه الطريقة إلا على من تبع دينكم، فمن تبع دينكم أخبروه لا مانع أما غيرهم فلا تخبروه، قال الله سبحانه وتعالى: (( قل إن الهدى هدى الله )) وهذه جملة معترضة لكنها في محل موافق تماما ، لأنه لما كان الغرض من هذا ا لعمل الماكر أن يضلوا الناس عن دينهم صار من المناسب تماما أن يفسد هذا المكر ببيان أن الهدى والتوفيق بيد من؟ بيد الله يعني قل لن ينفعكم هذا المكر والخداع فإن الهدى هدى الله حتى لو عملتم هذه الطريقة الماكرة الخادعة فإن ذلك لن يضر المسلمين شيئا لأن الهدى هدى الله، وبهذا عرفنا أن هذه الجملة المعترضة لها فائدة كبيرة في هذا المقام، لأيش؟ لأن هذا المكر مكر عظيم يخدع ولكن من علم أن الهداية بيد الله سبحانه وتعالى لم يهتم بهذا المكر وهذه الخديعة . ثم قال: (( أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم )) قوله: (( أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم )) هذه أشكلت على المفسرين والمعربين كثيرا، لكن لننظر في سياق الآية الكريمة (( أن يؤتى أحد مثل ما أو تيتم )) أظهر ما نقول فيها أنها متعلقة بقوله: (( ولا تؤمنوا )) يعني ولا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم بأن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم، يعني لا تخبروا أحدا أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم، لأنكم لو قلتم للناس إنكم ستعطون مثل ما أوتينا من الكتاب والفضائل وغيرها، لأن الله أعطى بني إسرائيل كتبا بل آتاهم توراة التي فيها هدى ونور وآتاهم فضائل، ذلل عليهم الغمام، وأنزل عليهم المن والسلوى، وقتل عدوهم اللدود حتى شاهدوا، إلى آخره، يقول: لا تؤمنوا أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم إلا لمن تبع دينكم لأنكم لو قلتم للناس إن هذه الأمة الإسلامية ستؤتى ميل ما أوتينا من الفضائل والشرائع لكان في ذلك حث على تمسكهم بدينهم
اضيفت في - 2006-04-10