تفسير سورة النساء-04b
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
تفسير القرآن الكريم
تتمة المناقشة عن معاني الآية : (( يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين ... )) .
تتمة المناقشة عن معاني الآية: (( يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك وإن كانت واحدة فلها النصف ولأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمه الثلث فإن كان له إخوة فلأمه السدس من بعد وصية يوصي بها أو دين آبآؤكم وأبناؤكم لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعا فريضة من الله إن الله كان عليما حكيما )) .
الشيخ : أيش معنى (( يوصي بها )) ؟
الطالب : أن يتبرع بشيء بعد موته
الشيخ : إما لجهة عامة كالمساجد أو معين كزيد و عمرو .
الشيخ : والدين ما هو ؟
الطالب : كل ما ثبت في الذمة فهو دين.،
الشيخ : الوصية والدين أيهما يقدم ؟
الطالب : يقدم الدين على الوصية ،
الشيخ : ما هو الدليل ؟
الطالب : قول علي رضي الله عنه بأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قضى الدين قبل الوصية .
الشيخ : ما هو الدليل على أن الوصية للوارث لا تصح ؟
الطالب : الدليل قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ( لا وصية لوارث ) ثم تحديد الله المواريث ، ثم قال: (( تلك حدود الله فلا تعتدوها )) .
الشيخ : أيش معنى (( يوصي بها )) ؟
الطالب : أن يتبرع بشيء بعد موته
الشيخ : إما لجهة عامة كالمساجد أو معين كزيد و عمرو .
الشيخ : والدين ما هو ؟
الطالب : كل ما ثبت في الذمة فهو دين.،
الشيخ : الوصية والدين أيهما يقدم ؟
الطالب : يقدم الدين على الوصية ،
الشيخ : ما هو الدليل ؟
الطالب : قول علي رضي الله عنه بأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قضى الدين قبل الوصية .
الشيخ : ما هو الدليل على أن الوصية للوارث لا تصح ؟
الطالب : الدليل قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ( لا وصية لوارث ) ثم تحديد الله المواريث ، ثم قال: (( تلك حدود الله فلا تعتدوها )) .
1 - تتمة المناقشة عن معاني الآية : (( يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين ... )) . أستمع حفظ
تتمة تفسير الآية : (( آبآؤكم وأبناؤكم لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعاً فريضةً من الله إن الله كان عليما حكيمًا )) .
قال الله عز وجل: (( آبائكم وأبنائكم لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعا )) لما قسم سبحانه وتعالى قسمة على ما اقتضته حكمته قطع خط الاعتراض على هذه القسمة ، لقوله: (( آبائكم وأبنائكم لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعا )) . فلو قال قائل: الآباء أحق من أبناء لأن برهم واجب ؟ وقال الآخر: الأبناء أحق من آباء لأنهم قصار يحتاجون إلى رعاية في الغالب ؟ نقول: وراء ذلك كله حكمة الله عزوجل ، فنحن لا ندري آبائنا أو أبنائنا أيهم أقرب لنا نفعا . وهل المراد التفضيل بين الجنس والجنس أي بين الآباء والأبناء لا ندري الأبناء أقرب ؟ أم الآباء أم حتى بين الأبناء وبين الآباء ؟ ما فهمتم ؟ هل المعنى لا تدرون الآباء أقرب نفعا أم الأبناء ؟ أو لا تدرون أي الأبناء أقرب لكم نفعا وأي الآباء أقرب لكم نفعا ؟ العموم ، الآية تعم المعنيين يعني لا تدرون هل الآباء أنفع لكم أو الأبناء ولا تدرون هل الأكبر من الأبناء أصغر أم الأكبر ، وهل الأقرب من الآباء أقرب أم من الأعلى ، كثيرا ما يكون الجد أرعف وأرحم من الأب بأحفاده ، وكثيرا ما يكون الابن الأصغر أرحم من الابن الأكبر ، فنحن في الحقيقة لا ندري هل الآباء أبر وأنفع لنا أو الأبناء ، وهل أبناءنا بينهم أبر الكبير أو الصغير أو الوسط وكذلك بالنسبة للآباء لا ندري ، فلما كنا لا نعلم وجب أن نكل الأمر إلى عالمه وهو الله عز وجل . ثم قال: (( فريضة من الله )) (( فريضة )) هذه مصدر عاملها محذوف ، وقد يقال إنها مصدر نابت عن عاملها ، والتقدير على الأول: فرضنا ذلك فريضة ، وعلى الثاني نجعل (( فريضة )) هي نفسها عامل ولا تحتاج إلى عامل ينسبها ، فتكون تأكيدا لما سبق ويسمون هذا المصدر المؤكد للجملة التي قبله ولا يحتاج إلى عامل ، قال ابن مالك: " كابني أنت حقا " ، كلمة " حقا " ما فيها عامل لكن تؤكد الجملة التي سبقها ، هذه أيضا ما فيها عامل لكن لما قال: (( يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين ولأبويه )) وقصر وقدر صار هذا المصدر مؤكدا للجملة التي قبلها ، وقوله: (( فريضة )) الفرض في اللغة الحظ والقطع ، يقال مثلا: فرض اللحم ، يعني حظها ، وفرض العصا ، قطعه ، ولكنها في الشرع: ما ألزم به الشارع ، ما ألزم به الشارع فهو فرض ، ولا فرق بالقول الصحيح بين ما ثبت بدليل ظني أو بدليل قطعي ، وقال بعض العلماء: ما ثبت بدليل قطعي فهو فرض ، وما ثبت بدليل ظني فهو واجب ، والصحيح ألا فرق ، مادام قد ثبت أنه . فسمه فرضا أو سمه واجبا ، (( فريضة من الله )) وقوله: (( من الله )) أي صادرة منه لا من غيره ، فلم يقم بفرضها ملك مقرب ولا نبي مرسل ، بل الله وحده هو الذي تولى فرضها . ثم قال: (( إن الله كان عليما حكيما )) كان عليما بمن يستحق وبمقدار ما يستحق ، وحكيما في وضع الحق في أهله كما وكيفا ، فهو عزوجل له العلم التام وله الحكمة التامة وبالعلم والحكمة تتم الأمور ، لأن تخلف الأمور سببه أحد أمرين: إما الجهل وإما السفه ، تخلف الأمور سببه أيش ؟ أمران: إما الجهل ، أو السفه ، فإذا وجد العلم ارتفع الجهل ، وإذا وجدت الحكمة ارتفع السفه ، فالله سبحانه وتعالى عليم بالأمور وبمن يستحق وبمقدار ما يستحق فهو حكيم حيث وضع الأشياء في مواضعها ، فلما اجتمع في حقه سبحانه وتعالى العلم والحكمة انتفى أي اعتراض يمكن أن يعترض به على الحكم ، عرفتم ؟ ولهذا نجد الجاهل يتخبط في الأحكام ، نجد أن الجاهل يتخبط في الأحكام لأنه جاهل ، ولو كان عنده حسن قصد وحسن إرادة لكنه جاهل فتجده متخبطا ، ونجد العالم السفيه الذي ليس عنده حكمة ترشده إلى ما فيه الخير نجد أنه أيضا يتخبط ، أما من لديه علم وحكمة فإنه سبحانه وتعالى كامل الحكم أحكامه تامة . والعليم والحكيم من أسماء الله عزوجل ، والعلم إدراك المعلوم على ما هو عليه ، هذا تعريفه ، العلم إدراك المعلوم على ما هو عليه ، فخرج بقولنا " إدراك المعلوم " من لم يدرك ، فهذا جاهل ، جاهل جهلا بسيطا ، وخرج بقولنا " على ما هو عليه " من أردك الشيء على غير ما هو عليه وهذا جاهل لكن جهله مركب ، وأيهما أولى الجهل المركب أو البسيط ؟ البسيط أهون ، ونضرب ثلاثة أمثلة الآن: سأل سائل عن غزوة بدر فقيل له: في رمضان في السنة الثانية ، ما تقولون في هذا المجيب ؟ هذا عالم ، وسأل سائل آخر عن وقعة بدر غزوة بدر متى كانت ؟ فأجيب بأنها في السنة الثالثة ، هذا جاهل جهلا مركبا ، وسأل سائل: متى كانت غزوة بدر ؟ فأجيب بلا أدري ، هذا جاهل جهلا بسيطا وهو خير من الجهل المركب ، ويقال: إن رجلا يسمى توما يدعي الحكمة وأنه عالم حكيم ،
فقال حمار الحكيم توما لو أنصف الدهر كنت أركب
لأنني جاهل بسيط وصاحبي جاهل مركب ،
يقول الحمار ، حمار جاهل أو غير جاهل؟ جاهل لكن جهله بسيط وتوما الذي صاحبه جاهل مركب ، وعلى هذا يقول شاعر آخر:
ومن رام العلوم بغير شيخ يضل عن الصراط المستقيم
وتلتبس العلوم عليه حتى يكون أضل من توما الحكيم
تصدق بالبنات على رجال يريد بذلك جنات النعيم ،
هذا توما بدأ يتصدق على عالم النساء بدون أي شيء بدون عقد النكاح ، يقول تبغى تصدق عليك ؟ يلا خذ ، يريد بذلك التقرب إلى الله ، يعني يهب النساء ليزنى بهن ويظن أن ذلك تقرب إلى الله وصدقة ، هذا جهل مركب . العلم ويش تعريفه ؟ إدراك المعلوم على ما هو عليه . (( الحكيم )) مشتق من الحكم والحكمة ، من أسماء الله الحكيم وهو مشتق من الحكمة والحكمة ، فهو عزوجل حاكم وهو محكم ، فعليه تكون حكيم بمعنى فاعل إذا كانت من الحكم ، وحكيم بمعنى محكم إذا كانت من الحكمة ، عرفتم ؟ ويبقى عند إشكال في حكيم هل يأتي بمعنى محكم ؟ نعم ، ومنه قول الشاعر:
أمن ريحانة الداع السميع يؤرقني وأصحابي هجوع
أمن ريحانة الداع السميع أي المسمع ، يؤرقني وأصحابي هجوع ، نعود مرة ثانية نقول إذا كانت من الحكم والإحكام فلابد أن نعرف ، الحكم ـ أعني حكم الله ـ ينقسم إلى قسمين: حكم كوني ، وحكم شرعي ، حكم كوني وحكم شرعي ، فقول أخي يوسف: (( لن أبرح الأرض حتى يأذن لي أبي أو يحكم الله لي )) هذا حكم كوني ، ولهذا لم يقل: علي ، " لي " أي يقدر لي ذلك وقوله تعالى في سورة الممتحنة لما ذكر أحكام النساء قال: (( ذلكم حكم الله يحكم بينكم )) هذا حكم شرعي ، الحكم ينقسم إلى قسمين: كوني وشرعي ، ما الفرق بينهما ؟ الفرق بينهما يقارب الفرق بين الإرادتين: الكونية ، والشرعية ، فيما تعلق بما يحبه ويكرهه فهو ؟ اصبر ، ما فهمتم ما أريد ، ما تعلق بما يحبه ويكرهه أي ما يحبه فأمر به أو يكرهه فنهى عنه ؟ هذا شرعي ، وما تعلق بتقديره سواء أحبه أم لم يحبه فهو كوني ، الحكم الكوني لابد من وقوعه والحكم الشرعي قد يمتثل وقد لا يمتثل ، فيتبين بهذا أن الحكم قريب من الإرادة في التقسيم ، أما على الوجه الثاني في الحكيم وهو المحكم فنقول: الحكمة وضع الشيء في مواضعه وتتعلق في الحكم الكوني والحكم الشرعي ، ثم هي إما حكمة باعتبار الصورة المعينة وإما الحكمة باعتبار الغاية ، فإذا ضربت اثنين في اثنين صارت أربعة ، الحكمة إما أن تتعلق بالحكم الكوني على صورته المعينة وعلى غايته الحميدة ، فمثلا: الحكم الكوني إذا حكم الله عزوجل على أناس بالفقر والمرض وزلازل وما أشبه ذلك ، هذا حكم لاشك أنه متضمن لحكمة ، كونه وقع على هذا الوجه حكمة ، والغاية منه حميدة هذه حكمة (( ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون )) ، خلق الإنسان على هذه الصفة لحكمة ، خلق قائما منتسبا ، وغيره على العكس ، لأن الإنسان له وظائف لا تتم إلى على خلقه على هذا الوجه ، فالإنسان له وظائف: قيام ركوع سجود لا يتم إلى على هذا الوجه ، فلذلك خلقه الله تعالى قائما منتسبا دون غيره من الحيوانات ، كونه على هذا الوجه لحكمة ، وكون الغاية منه ... أداء وظائف التي كلف الله بها هذه حكمة أخرى ، وهكذا فكر في الشمس والقمر والجبال والأنهار وما أشبهها ، في الشرع أيضا حكمة على الصورة المعينة وحكمة الغاية ، كون الشرع على هذا الوجه ، الصلوات خمس وأوقاتها متفرقة وعددها كذا وكذا ، هذا لاشك أنه مطابق للحكمة ، ولهذا تجد الصلوات كلها مقرونة بتغير الشمس في أفق ، فالفجر عند إقبالها ، والمغرب والعشاء عند إدبارها ، والظهر والعصر عند توسطها وميلها ، لابد أن يكون هناك سبب ، هذه حكمة ، الغاية من الصلاة أيش ؟ حكمة أيضا ، ولهذا أقول لكم الآن ... تتعلق بالحكم الكوني والشرعي على الصورة التي هو عليها وعلى غاية المقصودة منه ، فتكون أربعة ، حكمة في الحكم الكوني باعتبار الصورة التي هو عليها ، وحكمة في الحكم الكوني باعتبار غايته ، وحكمة في الحكم الشرعي باعتبار الصورة التي هو عليها ، وحكمة في الحكم الشرعي باعتبار الغاية المقصودة منه ، كل هذه المعاني الجليلة العظيمة كلها تحملها قوله: (( حكيما )) فأسماء الله حقيقة مملوءة من المعاني ، حسنى على ما وصفها الله عزوجل . نرجع الآن إلى فوائد الآية ، وأظن أننا أخذنا منها ؟ ما أخذنا ، أبد ؟ طيب
فقال حمار الحكيم توما لو أنصف الدهر كنت أركب
لأنني جاهل بسيط وصاحبي جاهل مركب ،
يقول الحمار ، حمار جاهل أو غير جاهل؟ جاهل لكن جهله بسيط وتوما الذي صاحبه جاهل مركب ، وعلى هذا يقول شاعر آخر:
ومن رام العلوم بغير شيخ يضل عن الصراط المستقيم
وتلتبس العلوم عليه حتى يكون أضل من توما الحكيم
تصدق بالبنات على رجال يريد بذلك جنات النعيم ،
هذا توما بدأ يتصدق على عالم النساء بدون أي شيء بدون عقد النكاح ، يقول تبغى تصدق عليك ؟ يلا خذ ، يريد بذلك التقرب إلى الله ، يعني يهب النساء ليزنى بهن ويظن أن ذلك تقرب إلى الله وصدقة ، هذا جهل مركب . العلم ويش تعريفه ؟ إدراك المعلوم على ما هو عليه . (( الحكيم )) مشتق من الحكم والحكمة ، من أسماء الله الحكيم وهو مشتق من الحكمة والحكمة ، فهو عزوجل حاكم وهو محكم ، فعليه تكون حكيم بمعنى فاعل إذا كانت من الحكم ، وحكيم بمعنى محكم إذا كانت من الحكمة ، عرفتم ؟ ويبقى عند إشكال في حكيم هل يأتي بمعنى محكم ؟ نعم ، ومنه قول الشاعر:
أمن ريحانة الداع السميع يؤرقني وأصحابي هجوع
أمن ريحانة الداع السميع أي المسمع ، يؤرقني وأصحابي هجوع ، نعود مرة ثانية نقول إذا كانت من الحكم والإحكام فلابد أن نعرف ، الحكم ـ أعني حكم الله ـ ينقسم إلى قسمين: حكم كوني ، وحكم شرعي ، حكم كوني وحكم شرعي ، فقول أخي يوسف: (( لن أبرح الأرض حتى يأذن لي أبي أو يحكم الله لي )) هذا حكم كوني ، ولهذا لم يقل: علي ، " لي " أي يقدر لي ذلك وقوله تعالى في سورة الممتحنة لما ذكر أحكام النساء قال: (( ذلكم حكم الله يحكم بينكم )) هذا حكم شرعي ، الحكم ينقسم إلى قسمين: كوني وشرعي ، ما الفرق بينهما ؟ الفرق بينهما يقارب الفرق بين الإرادتين: الكونية ، والشرعية ، فيما تعلق بما يحبه ويكرهه فهو ؟ اصبر ، ما فهمتم ما أريد ، ما تعلق بما يحبه ويكرهه أي ما يحبه فأمر به أو يكرهه فنهى عنه ؟ هذا شرعي ، وما تعلق بتقديره سواء أحبه أم لم يحبه فهو كوني ، الحكم الكوني لابد من وقوعه والحكم الشرعي قد يمتثل وقد لا يمتثل ، فيتبين بهذا أن الحكم قريب من الإرادة في التقسيم ، أما على الوجه الثاني في الحكيم وهو المحكم فنقول: الحكمة وضع الشيء في مواضعه وتتعلق في الحكم الكوني والحكم الشرعي ، ثم هي إما حكمة باعتبار الصورة المعينة وإما الحكمة باعتبار الغاية ، فإذا ضربت اثنين في اثنين صارت أربعة ، الحكمة إما أن تتعلق بالحكم الكوني على صورته المعينة وعلى غايته الحميدة ، فمثلا: الحكم الكوني إذا حكم الله عزوجل على أناس بالفقر والمرض وزلازل وما أشبه ذلك ، هذا حكم لاشك أنه متضمن لحكمة ، كونه وقع على هذا الوجه حكمة ، والغاية منه حميدة هذه حكمة (( ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون )) ، خلق الإنسان على هذه الصفة لحكمة ، خلق قائما منتسبا ، وغيره على العكس ، لأن الإنسان له وظائف لا تتم إلى على خلقه على هذا الوجه ، فالإنسان له وظائف: قيام ركوع سجود لا يتم إلى على هذا الوجه ، فلذلك خلقه الله تعالى قائما منتسبا دون غيره من الحيوانات ، كونه على هذا الوجه لحكمة ، وكون الغاية منه ... أداء وظائف التي كلف الله بها هذه حكمة أخرى ، وهكذا فكر في الشمس والقمر والجبال والأنهار وما أشبهها ، في الشرع أيضا حكمة على الصورة المعينة وحكمة الغاية ، كون الشرع على هذا الوجه ، الصلوات خمس وأوقاتها متفرقة وعددها كذا وكذا ، هذا لاشك أنه مطابق للحكمة ، ولهذا تجد الصلوات كلها مقرونة بتغير الشمس في أفق ، فالفجر عند إقبالها ، والمغرب والعشاء عند إدبارها ، والظهر والعصر عند توسطها وميلها ، لابد أن يكون هناك سبب ، هذه حكمة ، الغاية من الصلاة أيش ؟ حكمة أيضا ، ولهذا أقول لكم الآن ... تتعلق بالحكم الكوني والشرعي على الصورة التي هو عليها وعلى غاية المقصودة منه ، فتكون أربعة ، حكمة في الحكم الكوني باعتبار الصورة التي هو عليها ، وحكمة في الحكم الكوني باعتبار غايته ، وحكمة في الحكم الشرعي باعتبار الصورة التي هو عليها ، وحكمة في الحكم الشرعي باعتبار الغاية المقصودة منه ، كل هذه المعاني الجليلة العظيمة كلها تحملها قوله: (( حكيما )) فأسماء الله حقيقة مملوءة من المعاني ، حسنى على ما وصفها الله عزوجل . نرجع الآن إلى فوائد الآية ، وأظن أننا أخذنا منها ؟ ما أخذنا ، أبد ؟ طيب
2 - تتمة تفسير الآية : (( آبآؤكم وأبناؤكم لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعاً فريضةً من الله إن الله كان عليما حكيمًا )) . أستمع حفظ
فوائد الآية : (( يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين ... )) .
يستفاد من الآية فوائد كثيرة ، أولا: أن الله أرحم بالإنسان من والديه ، تؤخذ من أين ؟ من قوله: (( يوصيكم الله في أولادكم )) فالذي يوصيك على شيء هو أرحم به منك وأشد عناية به منك ، ولهذا إذا وصى الإنسان أحد على أولاده فهو أرحم بأولاده من هذا الوصي . ومن فوائدها: الحكمة في توزيع الميراث أنه يشمل جميع الأولاد دون الصغار فقط يعني لا يقتصر على الصغار أو على ذي الحاجة أو على من كان لا يكتسب أو ما أشبه ذلك ، عام ، هذه من الحكمة من أجل ما يسمى في العرف الاصطلاحي تبديد الثروة ، تبديد يعني توزيع الثروة حتى لا تنحصر ، هذا المال الذي هو في الملايين كان في الأول يملكه واحد ، الآن يملك العدد الكثير ، ثم أيضا العدد إذا ماتوا سينتقل إلى عدد آخرين ، وهذا لاشك أنه من الحكمة . ومن فوائدها: حكمة أخرى في توزيع الميراث ، حيث جعل للذكر مثل حظ الأنثيين ، لأن في ذلك حكمة ، منها اعتبار ما يكون على الذكر من مسئوليات مالية ، الذكر عليه مسئوليات مالية ؟ نعم أكثر من الأنثى ، عليه الإنفاق وعليه المهر وعليه الجهاد وعليه حقوق مالية أكثر ، فروعي في ذلك قسمة المواريث وجعل للذكر مثل حظ الأنثيين ، كذلك جعل للذكر مثل حظ الأنثيين من أجل بيان شرف الرجل على المرأة ، وأنه أحق بالتكريم منها خلافا للمتفرجين الآن الذين يقدمون الإناث على الذكور وخلافا لأهل الجاهلية الذين لا يورثون الإناث شيئا ، في الجاهلية ما يورثون الأنثى شيئا ، من يورثون ؟ يقولون لا نورث إلا من يركب الخمار ويركب الخيل ويدود عن الحمى ، أما امرأة قاعدة في البيت ليس لها ميراث ، لكن الإسلام جاء أعطاها الميراث إلا أنها ليسن مثل الذكر . ومن فوائدها: أنه ينبغي للإنسان أن يختار الألفاظ الأحسن وإن كان مؤدى واحدا ، لقوله: (( مثل حظ الأنثيين )) ولم يقل: يوصيكم الله في أولادكم للأنثى نصف مال الذكر ، وقد مر علينا في التفسير التنبيه على ذلك ، وحسن التعبير له أثر ولعل بعضكم سمعتم قصة الملك الذي رأى في المنام أن أسنانه سقطت ، رأى أسنانه سقطت فدعا بعابر يعبر الرؤيا ، قال: أيها العابر عبر لهذه الرؤيا ، قال: أيها الملك تموت حاشيتك وأهلك ، أرتاع الملك ، فأمر به فضرب وجلد ، لأنه أيش ؟ ... ، ثم قال إيتوا بعابر آخر ، فأتوا بعابر آخر فسأله فقال: يكون الملك أطول حاشيته عمرا ، فقال على الرأس ، هذا العابر صحيح وأمر له بجائزة ، والمعنى يعني إذا أنهم إذا ماتوا قبله يكون هو الآخر ، لكن هذا فيه أن حسن التعبير له أثر ، فينبغي للإنسان إذا أرد أن يعبر أن يختار أجزل العبارات وأسهلها وأحبها إلى النفوس . ومن فوائدها: أن ميراث النساء الخلص إن كن واحدة فالنصف وإن كن اثنتين ؟ الزوجات إذا كن اثنتين ؟ نصف الواحدة ؟ يعني مع الأولاد الثمن ومع عدمه الربع ، ما تقولون يا جماعة ؟ هل هذا الذي قررنا ؟ نحن الآن في الأولاد ، البنات للاثنتين فأكثر الثلثان ، وللواحدة النصف ، وسبق لنا توجيه قوله عزوجل: (( وإن كن نساء فوق اثنتين )) . ومن فوائدها: أن الإرث شامل لجميع التركة ، من عقار ومن دور وحيوان ومنافع وحقوق ، من أين يؤخذ ؟ من قوله: (( مما ترك )) كل ما ترك فهو داخل في الإرث ، وبهذا يجب التنبه لمن كان له ورثة في غير البيت الذي هو فيه ، فإن من الناس من إذا مات ميتهم وهم في بيته وله ورث آخرون خارج البيت من يتمتع لما في البيت من طعام وغيره ويسكن أيضا ، وهذا لا يجوز إلا بعد إذن بقية الورثة وإلا فإنه يقسم من ميراثه ، وكذلك تضرب أجرة على هؤلاء الذين في البيت من حين مات الرجل . ومن فوائدها: أنه لا يزيد فرض الثلثين بزيادة الإناث البنات ، من أين يؤخذ ؟ من قوله: (( فوق اثنتين )) فإنه يشمل لو كن مائتين ، عام . ومن فوائدها: الحكمة في تقدير ميراث الولد على ميراث الأبوين ، وما هي ؟ لأن الأولاد بضع من أبيه أو من أمه فقدم ذكرهم على الأبوين . ومن فوائدها: أن الوالدين إذا ورثا ولدهما واختصا بالإرث كان للأم الثلث والباقي للأب ، لقوله: (( وورثه أبواه فلأمه الثلث )) . ومن فوائدها: أنه إذا وجد للميت فرع وارث فإن للأبوين على السدس ، لا يزيد إلا مع الإناث فإن بقي شيء أخذه الأب تعصيبا . ومن فوائدها: أن للأم السدس مع جمع من الإخوة ، لقوله: (( فإن كان له إخوة فلأمه السدس )) ، وظاهر الآية سواء كانوا وارثين أم غير وارثين ، بل إن ظاهرها أنهم إذا كانوا غير وارثين فليس للأم إلا السدس ، لأن الفاء مفرعة لما بعدها على ما قبلها . ومن فوائدها: أن الميراث يأتي في المرتبة الثالثة مما تركه الميت ، لقوله: (( من بعد وصية يوصي بها أو دين )) ، ولكن قد دلت السنة على أن تجهيز الميت مقدم على كل ذلك ، وعلى هذا يكون الميراث في المرتبة الرابعة ، ودليل السنة أن رجلا وقصته راحلته وهو واقف في عرفة فسئل النبي صلى الله عليه وآله وسلم عنه فقال: ( اغسلوه بماء وسدر وكفنوه في ثوبين ) ولم يذكر هل عليه دين أو وصية ، فدل هذا على أن مؤن التجهيز مقدمة على الوصية والدين ، ولأن التجهيز يتعلق ببدن الميت فكان مقدما على الوصية والدين كالمهجور عليه عند الإفلاس ، المهجور عليه عند الإفلاس إذا أفلس وهجرنا عليه منعناه من التصرف في ماله فإننا نبدأ بما تتعلق به حاجته ، ما نقول اخلع ثيابك نبيعها ، لا ، ما تتعلق بحاجته فإنه يبقى له . ومن فوائدها: وجوب تنفيذ الوصية ، لقوله: (( من بعد وصية )) فقدمها على ما يستحق من المال ، لأن تنفيذها واجب . ومن فوائدها: أن الرق مانع من الإرث ، من قوله: (( للذكر مثل حظ الأنثيين )) (( ولأبويه لكل واحد منهما السدس )) ، ووجه ذلك أن اللام تفيد الملك والرقيق لا يملك ، وعلى هذا فلا حق للرقيق في الميراث لأنه لا يملك .
السائل : سؤال عن بعض ألفاظ الدعاء ؟
الشيخ : وإلا فإن قواعد النحو لو لم يكن عند الإنسان غريزة لعثرته وصار يفكر هل هذا فاعل أو مفعول به ، وهل هو اسم ينصرف أو لا ينصرف ، وهل المضاف ينون أولا ينون ، ثم لا يستطيع أن يخرج سطرا واحدا ، وكما قال بعضهم لو أن امرؤ القيس قرأ " عروض الخليل " ما أتى ببيت من الشعر ، فالقواعد مساعدة ما هي الأصل ، قد يمن الله على الإنسان بسليقة ويمشي مشيا جيدا وإن كان ضعيفا في النحو ، ثم إنه ذكر كلمة ينبغي أن ننتبه لها وهي قول بعضهم " الحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه " فإن هذا ينبئ عن كراهة الإنسان بما قدر الله عزوجل ، والذي ينبغي للإنسان أن يلتزم مقام الرضا بما قدر الله وألا يعلن على نفسه أنه يكره ما قضاه الله عزوجل ، وكان النبي عليه الصلاة والسلام إذا رأى ما يعجبه قال: ( الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات ) وإذا رأى خلاف ذلك قال: ( الحمد لله على كل حال ) ولم يكن يقول: الحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه ، بل يقول: ( الحمد لله على كل حال ) وهذه المسألة ينبغي أن يتنبه لها ، كما ينبغي أيضا أن نتنبه لكلمة أسوأ منها يقولها بعض الناس ، يقول " اللهم إني لا أسألك رد القضاء ولكني أسألك اللطف فيه " فكأنه يقول: رب ابتلني بما شئت ولكن ألطف ، والإنسان إذا دعا فإن الدعاء يرد القضاء كما قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ( لا يرد القضاء إلا الدعاء ) فهذه الكلمة منكرة لا يجوز للإنسان أن يقول " اللهم إني أسألك رد القضاء " ، طيب اسأل ، أنت تسأل حاجتك سواء قضاها الله عزوجل ثم رفعها بدعائك أم لا ، اسأل الله قضاء حاجتك أو حصول مطلوبك وقل: اللهم إني أسألك كذا وكذا ، ورسول الله عليه الصلاة والسلام نهى أن يقول الإنسان : اللهم اغفر لي إن شئت ، اللهم ارحمني إن شئت وقال: وليعزم المسألة و ليعظم الراغبة فإن الله لا مكره له ، فهكذا ، لا أسألك رد القضاء ولكن أسألك اللطف فيه ؟ خطأ ، اللهم إني أعوذ بك من كذا مما تكره وأسألك كذا مما تحب . لا يرد القضاء إلا الدعاء ، ومثل هذه الكلمات ينبغي لطالب العلم إذا سمعها واستنكرها لم يسمعها من كلام الرسول ولا من كلام الصحابة ولا من غيرهم ينبغي أن يتوقف ، فإن كان لديه إدراك يمكن أن يحكم عليها فذلك هو المطلوب وإلا سأل أهل العلم ، أما أن نأخذ مثل هذه الكلمات مسلمة فإنه لا يمكن ، حتى في اللغة أيضا يخطئ بعض الناس كثيرا في مسائل يتناقلونها يقول: إلى هنا وينتهي مقالنا ، إلى هنا وينتهي مقالنا ، إلى هنا وينتهي ؟ قل إلى هنا ينتهي ، أيش ، إلى هنا وينتهي ؟ صواب اللغة العربية " إلى هنا ينتهي " ففيه كلمات خطأ ، خطأ في العربية خطأ في العقيدة تمشي ولا ينتبه له ، من صاحبنا ؟ قل اللهم إني أسألك الجنة ، اللهم إني أعوذ بك من النار ، حتى لو كتب ـ اللهم اشفني مثلا من هذا المرض ـ حتى لو قدر أن المرض ما يشفي فإن الدعاء ترد القضاء .
السائل : هل يجوز أن يدعوا بقول " اللهم ألطفنا في قضائك عنها سواك ؟
الشيخ : لا لا ما فيها شيء ، كلمة " اللهم ألطفنا في قضائك ولا ... عنها سواك " ما فيها شيء ، لكن " اللهم إني أسالك رد القضاء " نقول الدعاء يرد القضاء .
الشيخ : لا ما فيه شيء ، نحن ما نقول لسنا نقول قل " لا تلتطف " نحن نقول: لا تقل" لا أسألك رد القضاء ولكن أسألك اللطف، إذا نزل القضاء المكروه قل اللهم ألطف بنا ، إذا دعوت لا تقل لا أسألك رد القضاء ، لأنه ورد في الحديث: ( لا يرد القدر إلا الدعاء ) الدعاء يرفع الضراء ، يكون قد كتب لهذا الإنسان مثلا مرض أو الموت فإذا سأل الله الشفاء شفي ، جعل الله سببا يمنع هذا القدر .@
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، قال الله تعالى: (( فإن كان له إخوة فلأمه السدس من بعد وصية يوصى بها ... )) . من فوائد الآية الكريمة: أنه إذا اجتمع الأبوان في الميراث فللأم الثلث والباقي للأب ، وعلى هذا فيكون الأب في هذه الحال وارثا بالتعصيب ، لأن نصيبه لم يقدر ، فيكون وارثا بالتعصيب . ومن فوائدها: الإشارة إلى اجتهاد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه الاجتهاد الصائب في العمريتين ، حيث جعل للأم الثلث الباقي بعد فرض الزوجين ، وذلك أن الزوجة أو الزوج إذا أخذ حقه انفرد الأب والأم فيما بقي ، وقد جعل الله للأب والأم إذا انفردا للأم الثلث والباقي للأب ، فيكون ما بقي بعد فرض الزوجين للأم ثلثه . ومن فوائدها: أن الإخوة يحجبون الأم من الثلث إلى السدس وإن كانوا محجوبين بالأب ، لقوله: (( فإن كان له الإخوة )) فعطف بالفاء الدالة على أن ما مفرع على ما قبلها . ومن فوائدها: أن الواحد من الإخوة لا يحجب الأم إلى السدس ، لقوله: (( فإن كان له إخوة )) بخلاف الأبناء أو البنات فإن الواحد يحجبها إلى السدس ، لقوله تعالى: (( لكل واحد منها السدس مما ترك إن كان له ولد )) وولد نكرة في سياق الشطر فيعم الواحد والمتعدد والذكر والأنثى . فإن قال قائل: كيف تجعلون للأم السدس مع وجود إخوة محجوبين بالأب ؟ ألستم تقولون لو وجدت أم وإخوة أرقاء فإن الإخوة لا يحجبون الأم إلى السدس ؟ أو وجدت أم وإخوة كفرة فإنهم لا يحجبون الأم إلى السدس؟ يعني لو هلك هالك عن أمه وإخوته الذين لا يصلون فإن لأمه الثلث ولا يحجبونها الإخوة الذين لا يصلون إلى السدس ، لأيش ؟ لأنهم كفار لا يصلون ، فالجواب: أن هؤلاء محجوبون بوصف فهم ليسوا من أهل الإرث أصلا ، وأما الإخوة الذين حجبوا من أب فهم من أهل الإرث لكن وجد مانع ، وفرق بين وجود المانع وبين فوات الشرط ، فالإخوة مع اختلاف الدين أو كونهم أرقاء هم ليسوا أهلا للميراث أصلا ، لأن من شرط استحقاقهم الإرث أن يكونوا موافقين للميت في دينه وأن يكونوا أحرارا ، لكن هؤلاء الإخوة مع الأب هم مستحقون للإرث أحرار موافقون في الدين لكن وجد مانع وهو الأب ، فهذا هو الفرق بين كون المحجوب بالوصف وجوده كالعدم والمحجوب بالشخص وجوده معتبر . ومن فوائدها: أن الميراث لا يكون إلا بعد الدين والوصية ، لقوله: (( من بعد وصية يوصي بها أو دين )) ولكن الدين قد يستغرق جميع التركة فلا يبقى للورثة شيء ، وأما الوصية فلا تستغرق جميع التركة لأن أقصى ما يمكن الثلث ، وما زاد على الثلث فهو للورثة ، وعلى هذا فيفرق بين الدين والوصية وهو أن الدين قد يستغرق المال فلا يبقى للورثة شيء ، والوصية لا يمكن أن تستغرق المال لأن ما زاد على الثلث موقوف على إجازة الورثة ، وعلى هذا فلو مات شخص وخلف مائة ألف
السائل : سؤال عن بعض ألفاظ الدعاء ؟
الشيخ : وإلا فإن قواعد النحو لو لم يكن عند الإنسان غريزة لعثرته وصار يفكر هل هذا فاعل أو مفعول به ، وهل هو اسم ينصرف أو لا ينصرف ، وهل المضاف ينون أولا ينون ، ثم لا يستطيع أن يخرج سطرا واحدا ، وكما قال بعضهم لو أن امرؤ القيس قرأ " عروض الخليل " ما أتى ببيت من الشعر ، فالقواعد مساعدة ما هي الأصل ، قد يمن الله على الإنسان بسليقة ويمشي مشيا جيدا وإن كان ضعيفا في النحو ، ثم إنه ذكر كلمة ينبغي أن ننتبه لها وهي قول بعضهم " الحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه " فإن هذا ينبئ عن كراهة الإنسان بما قدر الله عزوجل ، والذي ينبغي للإنسان أن يلتزم مقام الرضا بما قدر الله وألا يعلن على نفسه أنه يكره ما قضاه الله عزوجل ، وكان النبي عليه الصلاة والسلام إذا رأى ما يعجبه قال: ( الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات ) وإذا رأى خلاف ذلك قال: ( الحمد لله على كل حال ) ولم يكن يقول: الحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه ، بل يقول: ( الحمد لله على كل حال ) وهذه المسألة ينبغي أن يتنبه لها ، كما ينبغي أيضا أن نتنبه لكلمة أسوأ منها يقولها بعض الناس ، يقول " اللهم إني لا أسألك رد القضاء ولكني أسألك اللطف فيه " فكأنه يقول: رب ابتلني بما شئت ولكن ألطف ، والإنسان إذا دعا فإن الدعاء يرد القضاء كما قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ( لا يرد القضاء إلا الدعاء ) فهذه الكلمة منكرة لا يجوز للإنسان أن يقول " اللهم إني أسألك رد القضاء " ، طيب اسأل ، أنت تسأل حاجتك سواء قضاها الله عزوجل ثم رفعها بدعائك أم لا ، اسأل الله قضاء حاجتك أو حصول مطلوبك وقل: اللهم إني أسألك كذا وكذا ، ورسول الله عليه الصلاة والسلام نهى أن يقول الإنسان : اللهم اغفر لي إن شئت ، اللهم ارحمني إن شئت وقال: وليعزم المسألة و ليعظم الراغبة فإن الله لا مكره له ، فهكذا ، لا أسألك رد القضاء ولكن أسألك اللطف فيه ؟ خطأ ، اللهم إني أعوذ بك من كذا مما تكره وأسألك كذا مما تحب . لا يرد القضاء إلا الدعاء ، ومثل هذه الكلمات ينبغي لطالب العلم إذا سمعها واستنكرها لم يسمعها من كلام الرسول ولا من كلام الصحابة ولا من غيرهم ينبغي أن يتوقف ، فإن كان لديه إدراك يمكن أن يحكم عليها فذلك هو المطلوب وإلا سأل أهل العلم ، أما أن نأخذ مثل هذه الكلمات مسلمة فإنه لا يمكن ، حتى في اللغة أيضا يخطئ بعض الناس كثيرا في مسائل يتناقلونها يقول: إلى هنا وينتهي مقالنا ، إلى هنا وينتهي مقالنا ، إلى هنا وينتهي ؟ قل إلى هنا ينتهي ، أيش ، إلى هنا وينتهي ؟ صواب اللغة العربية " إلى هنا ينتهي " ففيه كلمات خطأ ، خطأ في العربية خطأ في العقيدة تمشي ولا ينتبه له ، من صاحبنا ؟ قل اللهم إني أسألك الجنة ، اللهم إني أعوذ بك من النار ، حتى لو كتب ـ اللهم اشفني مثلا من هذا المرض ـ حتى لو قدر أن المرض ما يشفي فإن الدعاء ترد القضاء .
السائل : هل يجوز أن يدعوا بقول " اللهم ألطفنا في قضائك عنها سواك ؟
الشيخ : لا لا ما فيها شيء ، كلمة " اللهم ألطفنا في قضائك ولا ... عنها سواك " ما فيها شيء ، لكن " اللهم إني أسالك رد القضاء " نقول الدعاء يرد القضاء .
الشيخ : لا ما فيه شيء ، نحن ما نقول لسنا نقول قل " لا تلتطف " نحن نقول: لا تقل" لا أسألك رد القضاء ولكن أسألك اللطف، إذا نزل القضاء المكروه قل اللهم ألطف بنا ، إذا دعوت لا تقل لا أسألك رد القضاء ، لأنه ورد في الحديث: ( لا يرد القدر إلا الدعاء ) الدعاء يرفع الضراء ، يكون قد كتب لهذا الإنسان مثلا مرض أو الموت فإذا سأل الله الشفاء شفي ، جعل الله سببا يمنع هذا القدر .@
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، قال الله تعالى: (( فإن كان له إخوة فلأمه السدس من بعد وصية يوصى بها ... )) . من فوائد الآية الكريمة: أنه إذا اجتمع الأبوان في الميراث فللأم الثلث والباقي للأب ، وعلى هذا فيكون الأب في هذه الحال وارثا بالتعصيب ، لأن نصيبه لم يقدر ، فيكون وارثا بالتعصيب . ومن فوائدها: الإشارة إلى اجتهاد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه الاجتهاد الصائب في العمريتين ، حيث جعل للأم الثلث الباقي بعد فرض الزوجين ، وذلك أن الزوجة أو الزوج إذا أخذ حقه انفرد الأب والأم فيما بقي ، وقد جعل الله للأب والأم إذا انفردا للأم الثلث والباقي للأب ، فيكون ما بقي بعد فرض الزوجين للأم ثلثه . ومن فوائدها: أن الإخوة يحجبون الأم من الثلث إلى السدس وإن كانوا محجوبين بالأب ، لقوله: (( فإن كان له الإخوة )) فعطف بالفاء الدالة على أن ما مفرع على ما قبلها . ومن فوائدها: أن الواحد من الإخوة لا يحجب الأم إلى السدس ، لقوله: (( فإن كان له إخوة )) بخلاف الأبناء أو البنات فإن الواحد يحجبها إلى السدس ، لقوله تعالى: (( لكل واحد منها السدس مما ترك إن كان له ولد )) وولد نكرة في سياق الشطر فيعم الواحد والمتعدد والذكر والأنثى . فإن قال قائل: كيف تجعلون للأم السدس مع وجود إخوة محجوبين بالأب ؟ ألستم تقولون لو وجدت أم وإخوة أرقاء فإن الإخوة لا يحجبون الأم إلى السدس ؟ أو وجدت أم وإخوة كفرة فإنهم لا يحجبون الأم إلى السدس؟ يعني لو هلك هالك عن أمه وإخوته الذين لا يصلون فإن لأمه الثلث ولا يحجبونها الإخوة الذين لا يصلون إلى السدس ، لأيش ؟ لأنهم كفار لا يصلون ، فالجواب: أن هؤلاء محجوبون بوصف فهم ليسوا من أهل الإرث أصلا ، وأما الإخوة الذين حجبوا من أب فهم من أهل الإرث لكن وجد مانع ، وفرق بين وجود المانع وبين فوات الشرط ، فالإخوة مع اختلاف الدين أو كونهم أرقاء هم ليسوا أهلا للميراث أصلا ، لأن من شرط استحقاقهم الإرث أن يكونوا موافقين للميت في دينه وأن يكونوا أحرارا ، لكن هؤلاء الإخوة مع الأب هم مستحقون للإرث أحرار موافقون في الدين لكن وجد مانع وهو الأب ، فهذا هو الفرق بين كون المحجوب بالوصف وجوده كالعدم والمحجوب بالشخص وجوده معتبر . ومن فوائدها: أن الميراث لا يكون إلا بعد الدين والوصية ، لقوله: (( من بعد وصية يوصي بها أو دين )) ولكن الدين قد يستغرق جميع التركة فلا يبقى للورثة شيء ، وأما الوصية فلا تستغرق جميع التركة لأن أقصى ما يمكن الثلث ، وما زاد على الثلث فهو للورثة ، وعلى هذا فيفرق بين الدين والوصية وهو أن الدين قد يستغرق المال فلا يبقى للورثة شيء ، والوصية لا يمكن أن تستغرق المال لأن ما زاد على الثلث موقوف على إجازة الورثة ، وعلى هذا فلو مات شخص وخلف مائة ألف
اضيفت في - 2006-04-10