تفسير سورة النساء-05a
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
تفسير القرآن الكريم
تتمة فوائد الآية : (( يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين ... )) .
تتمة فوائد الآية الكريمة: (( يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك وإن كانت واحدة فلها النصف ولأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمه الثلث فإن كان له إخوة فلأمه السدس من بعد وصية يوصي بها أو دين آبآؤكم وأبناؤكم لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعا فريضة من الله إن الله كان عليما حكيما )) . ومن فوائدها: أن الميراث لا يكون إلا بعد الدين والوصية ، لقوله: (( من بعد وصية يوصي بها أو دين )) ولكن الدين قد يستغرق جميع التركة فلا يبقى للورثة شيء ، وأما الوصية فلا تستغرق جميع التركة ، لأن أقصى ما يمكن الثلث ، وما زاد على الثلث فهو للورثة ، وعلى هذا فيفرق بين الدين والوصية وهو أن الدين قد يستغرق المال فلا يبقى للورثة شيء ، والوصية لا يمكن أن تستغرق المال ، لأن ما زاد على الثلث موقوف على إجازة الورثة ، وعلى هذا فلو مات شخص وخلف مائة ألف وعليه دين يبلغ مائة ألف ؟ فليس للورثة شيء ، ولو مات ميت وقد أوصى بمائة ألف ولما مات وجدنا خلفه مائة ألف لم يبق للورثة شيء ؟ نقول: نرد مائة إلى الثلث ما لم تجز الورثة . ومن فوائدها: أن المفضول قد يقدم على الفاضل لاعتبارات أخرى ، من أين نأخذها ؟ من قوله تعالى: (( من بعد وصية يوصي بها أو دين )) الدين أوجب من الوصية وأقدم لكن قدمت الوصية لاعتبارات أخرى ، كتقديم هارون على موسى في بعض المواضع ، في سورة طه قدم هارون على موسى (( رب هارون وموسى )) لاعتبارات وهي مراعاة الفواصل وإلا لاشك أن موسى هو أفضل من هارون ومقدم عليه في جميع مواضع القرآن ، إذا نأخذ منه أن المفضول قد يقدم على الفاضل لاعتبارات أخرى . ومن فوائدها: قصور علم الإنسان ، من أين تؤخذ ؟ من قوله تعالى: (( آبائكم وأبنائكم لا تدرون أيهم أقرب إليكم نفعا )) نعم أقرب الناس إلى الإنسان آباءهم وأبنائهم فإذا كان لا يدري أيهم أقرب نفعا فما بالك بالبعيد ؟ وهذا لاشك يعود إلى قصور علم الإنسان ، وقد قال تعالى: (( ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا )) الروح التي هي بين جنبيك لا تعرفها ، لأنك لم تؤت من العلم إلا القليل . ومن فوائدها: وجوب إعطاء الورثة نصبهم من الإرث وأنه فرض ، من أين يؤخذ ؟ من قوله: (( فريضة من الله )) وعلى هذا فيكون تعلم الحساب الفرضي فريضة ، انتبهوا يا جماعة ! فريضة على كل حال أو كفاية ؟ نعم ، أو نفسر نقول: إن كان يتوقف عليه إعطاء كل ذي نصيب نصيبه فهو فرض وإن كان لا يتوقف فليس بفرض ، ماذا تقولون ؟ الأول ؟ تعلم الحساب في الفرائض هل هو مقصود أو وسيلة ؟ إذا كان وسيلة ننظر إذا احتجنا إليه أخذنا به وإن لم نحتج فلا ، لكن في الغالب أننا نحتاج إليه ، لو جاء إنسان وقال اقسم زوج وأم وأخ من أم ، نقول: للزوج نصف وللأم الثلث وللأخ لأم الثلث ، ولا يلزم أن نقول المسألة من ستة للزوج نصف ثلاثة وللأم الثلث اثنان وللأخ للأم سدس واحد ، هذا ليس بلازم ، لكن أحيانا يتوقف القسم والعطاء كل ذي نصيب نصيبه على معرفة الحساب ، فإذا توقف على معرفة الحساب صارت فمعرفة الحساب فريضة كالأصل . ومن فوائدها: أن أمر الفرائض إلى الله ، لقوله: (( فريضة من الله )) وأقول ذلك وإن كان الأمر معلوما لكن من أجل الأدب ، من أجل الأدب في الفتيا ، كان الإمام أحمد رحمه الله مع علمه الغزير لا يطلق على شيء أنه فريضة أو أنه حرام إلا إذا ورد به النص وإلا تجده يقول: لا أفعل ، أكره هذا ، لا يعجبني ، وما أشبه ذلك ، كل هذا من باب الورع ، أما نحن قشور الحبحب فتجد واحد منا يقول: هذا يحرمه الشرع ، الشرع كله ، هذا حرام في الشرع ، سبحان الله ، هذا الرجل لو تبحث معه في أدنى مسألة ما يعرفها ويقول هذا حرام في الشرع وهو من المسائل الاجتهادية وقد يكون الصواب أنه ليس بحرام ، ثم يضاف إلى الشرع كله من شخص ليس أهل الاجتهاد ، هذا مشكل ، لكن لو سألك سائل: ما تقول في الميتة تقدر تقول حرام ؟ تقول حرام ، أقدر أقول هذا ، لأنه هكذا في القرآن ، إذا يجب على الإنسان أن يتحرز ، كثيرا ما يلجئونا بعض الناس تكون المسألة عندنا ما هي واضحة بالتحريم ثم نقول لا تفعل ، ثم يقول حرام ؟ يسر ولكننا نصر على أن نقول لا تفعل هكذا ، ويكفينا هذا يا إخوان يكفينا حجة عند الله عزوجل ، لا تفعل ، فإذا أصر هو حرام أو غير حرام ؟ نقول لا تفعل بس ، لأن بعض الناس يلجئك يعني معناه إن كان حراما ما نفعل وإن كان غير حرام أريد أن أفعله ولو فيه شبهة ، هذا معنى كلامه ، وهذا واضطراب ، فلا يلزم أن نقول حرام ، إذا لم يتبين لي لا يلزمني بل إن بعض الناس سبحان الله أقول له نهى الرسول عليه الصلاة والسلام ، يقول لكن هل النهي للتحريم ؟ سبحان الله ، نهى عنه الرسول اتركه ، أنت ملزم به إذا نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم خلاص انتهي عنه ، إن كان للتحريم فقد سلمت من إثمه وإن كان لكراهة فقد رجعت بفضله ، لأن ترك المكروه يعتبر من الزهد إذ أن الزهد ترك ما لا ينفع في الآخرة والورع ترك ما يضر ، أيهما أعلى ؟ الورع ، التقليد في الأعمى لا يفيد ؟ الزهد ؟ استمعوا للتعريف ؟ الزهد ما لا ينفع في الآخرة ، والورع ترك ما يضر في الآخرة ، الزهد أعلى ، لأن بين ما لا ينفع و بين ما يضر مرتبة ، الذي ما فيه نفع ولا ضرر الزاهد يتركه ، الزاهد يترك من أمر الدنيا ما ليس فيه نفع ولا ضرر ، الورع لا يترك للحرام ، إذا طبقة التارك للمكروه أعلى من طبقة التاركين للحرام ، لأن ترك الحرام من باب الورع وترك المكروه من باب الزهد . ومن فوائدها: إثبات اسمين من أسماء الله ، هما: العليم ، والحكيم ، لقوله: (( إن الله كان عليما حكيما )) . ومن فوائدها اللغوية: أن " كان " قد تسلب دلالتها على الزمان ، لأنها لو دلت على الزمان (( إن الله كان عليما حكيما )) لو دلت على الزمان لكان الرب عزوجل الآن ليس عليما ولا حكيما ، كان ، لكنها أحيانا تسلب دلالتها على الزمان ويكون مدلولها مجرد الحدث أو مجرد الوصف إذا كانت صفة ، ولهذا قال بعض السلف وأظنه ابن عباس قال: (( إن الله كان غفورا رحيما )) ولم يزل غفورا رحيما ، خوفا من هذا الوهم أن " كان " لأيش ؟ للماضي ، ولهذا لو سئلت رجل فلان هل كان غنيا ؟ تقول كان غنيا ، المعنى ؟ وأما الآن ففقير ، تسأل عن طالب هل هو مجتهد ؟ فتقول: كان مجتهدا ، والآن ؟ غير مجتهد ، تسأل هل ينام في الدرس ؟ فتقول كان لا ينام في الدرس ، والآن ؟ الآن ينام ، فعلى كل حال " كان " في الأصل تدل على زمن مضى لكنها أحيانا تسلب دلالتها على الزمان فتكون لمجرد الوصف بخبرها . ومن فوائدها: أنها تستلزم التسليم التام لقضاء الله الكوني والشرعي ، من أين ؟ إذا آمنت بأن الله عليم حكيم فسأطمئن وأعلم أنه ما قضى قضاء شرعيا إلا والحكمة تقتضيه وما قضى قضاء كونيا إلا والحكم تقتضيه ، فيسلم الإنسان لربه عزوجل تسليما تاما وينشرح صدره لقضائه وقدره وينشرح صدره بشرعه وحكمه ولا يبقى عنده أي تردد ، ولهذا انظر للصحابة كيف كان قبولهم للشرع ، لما قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم للنساء: ( يا معشر النساء تصدقن ولو من حليكن فإني رأيتكن أكثر أهل النار ) ماذا فلعن ؟ بدأت واحدة تأخذ خاتمها ، تأخذ صوارها ، وتقول يلا يا بلال أعطنا ثوبك فجعلن يلقين ذلك في ثوب بلال ، حليهن التي تتجمل بها لزوجها تخلعه لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمرهن أن يتصدقن ، امتثال غريب ، و الرجل الذي نزع النبي صلى الله عليه وآله وسلم خاتمه من أصبعه وهو ذهب والذهب حرام على الرجال وطرحه رمى به ، قيل للرجل: خذ ، قال لا آخذ خاتما طرحه النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، مثال عجيب ، لما قال للصحابة بعد رجوعهم من الأحزاب لا يصلين أحد إلا في بني قريظة ، اليهود لأجل قتالهم لأنهم نقضوا العهد ، هل تأخروا ؟ أبدا ، شدوا رحالهم ومشوا ، ما قالوا والله نحن تعبانين ، دعنا أسبوع هذا يكون راحة ، مشوا ، وماذا فعلوا ؟ بعضهم أخذ بظاهر اللفظ قال ما أصلي العصر إلا في بني قريظة ولو في نصف الليل ، وصاروا حتى وصلوا في بني قريظة وصلوا ، والآخرون قالوا لا إنما قصد النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن نبادر ما قصد أن نؤخر الصلاة ، وقالوا عندنا نصان أحدهما متشابه والثاني محكم ، ما هو المتشابه ؟ ( لا يصلين أحد إلا في بني قريظة ) فهذا يحتمل أن المعنى تأخير الصلاة أو المعنى تأجيل الصير والمشي ، لكن وجوب الصلاة في وقتها (( إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا )) محكم ، فيجب أن نرد المتشابه إلى المحكم ونصلي الصلوات في وقتها وإن لم نصل إلى بني قريظة .
مناقشة عن معاني الآية : (( يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين ... )) .
الشيخ : قوله تعالى: (( تساءلون )) فيها قرءاتان ما هما ؟
الطالب : (( تساءلون )) و(( تساءلون ))
الشيخ : (( تساءلون به والأرحام )) طيب . (( والأرحام )) فيها قراءة ثانية ؟
الطالب : (( والأرحام )) بالجر ،
الشيخ : أحسنت بارك الله فيك . ما معنى تقوى الأرحام في قوله: (( واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام )) على قراءة النصب ؟
الطالب : لا تقطعوهم ،
الشيخ : (( ولا تؤتوا السفهاء أموالهم )) فيها قراءتان ما هما ؟
الطالب : القراءة الأولى بتحقيق الهمزتين (( السفهاء أموالهم )) والثانية بحذف إحداهما (( السفها أموالهم )) . الشيخ : (( قياما )) فيها قراءتان ؟
الطالب : (( قياما )) و(( قيما )) .
الشيخ : لماذا أضاف الأموال (( أموالكم )) ؟ هل يريد أموال اليتامى أو أموال نفس الأولياء ؟
الطالب : أموال اليتامى ،
الشيخ : لماذا أضاف إلى الأولياء ؟ يعني هل الأموال لليتامى أو لأوليائهم ؟
الطالب : لليتامى ،
الشيخ : لماذا أضافها إليهم (( أموالكم )) ؟
الطالب : لأنهم يقومون على رعايتها ،
الشيخ : ولأنه يجب أن يحافظوا عليها كما يحافظون على أموالهم .
الشيخ : ما معنى قوله: (( قياما )) ؟
الطالب : تقوم بها مصالح الدين والدنيا .
الشيخ : قوله: (( وارزقوهم فيها )) يشير إلى شيء يعني في الآية الثانية (( ارزقوهم منه )) ؟
الطالب : أي يرزقوهم ليس منها ناقصا بل ، إشارة إلى أنهم يتجرون فيها ويكون الرزق فيها لا منها .
الشيخ : قاعدة أبطلت حكما جاهليا جائرا فما هو ؟
الطالب : الفرق بين النساء والرجال ،
الشيخ : كيف ؟ ما هو الحكم الجائر في الجاهلية الذي أبطله الله عزوجل بهذه الآية ؟
الطالب : كانت في الجاهلية المرأة عبارة عن متاع يورث ولا ترث ، كانوا لا يورثون النساء وإنما يورثون الرجال .
الشيخ : هل تشير الآية إلى أن الآباء والأمهات لا يمكن سقوطهم بخلاف الأقارب ؟ الله ذكر نصيبهم نصيب (( مما ترك الوالدان والأقربون )) هل تشير الآية إلى أن الوالدان يعني الأولاد لا يمكن سقوطهم بخلاف الأقارب ؟
الطالب : نعم ،
الشيخ : كيف ؟
الطالب : قوله: (( والوالدان والأقربون )) والوالدان يشمل أن الأولاد لا يسقطون به ،
الشيخ : وقال: (( والأقربون )) معناها القريب الذي ليس بأقرب ليس له نصيب يسقط ، وقد بينا في باب الحجب أن من يرث مباشرة بلا واسطة فلا يمكن أن يسقط .
الشيخ : (( ... فلها النصف )) قراءتان ؟ (( واحدة )) فيها قراءتان ؟
الطالب : (( واحدة )) و (( واحدة )) بالرفع .
الشيخ : ما وجه الإعراب في القراءتين ؟
الطالب : على النصب خبر " كان " ،
الشيخ : وعلى الرفع ؟
الطالب : اسم مفعول ،
الشيخ : وين خبرها ؟
الطالب : مؤخر ،
الشيخ : خبرها مؤخر ؟ ،
الطالب : مقدر ،
الشيخ : أو محذوف ؟
الطالب : محذوف دل عليه ما قبله وما بعده ،
الشيخ : أو أحدهما ؟
الطالب : مستتر ،
الشيخ : كيف مستتر وهو مرفوع ؟ الخبر ما يمكن يستتر أبدا ،
الطالب : على الرفع " كان " تامة ،
الشيخ : أحسنت على الرفع تكون " كان " تامة ، قال ابن مالك: وذو تمام ما برفع يكتفي . فلا يكون له شيء ، ولعلنا نرجع للفوائد حتى نأخذها مرة واحدة أحسن
الطالب : (( تساءلون )) و(( تساءلون ))
الشيخ : (( تساءلون به والأرحام )) طيب . (( والأرحام )) فيها قراءة ثانية ؟
الطالب : (( والأرحام )) بالجر ،
الشيخ : أحسنت بارك الله فيك . ما معنى تقوى الأرحام في قوله: (( واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام )) على قراءة النصب ؟
الطالب : لا تقطعوهم ،
الشيخ : (( ولا تؤتوا السفهاء أموالهم )) فيها قراءتان ما هما ؟
الطالب : القراءة الأولى بتحقيق الهمزتين (( السفهاء أموالهم )) والثانية بحذف إحداهما (( السفها أموالهم )) . الشيخ : (( قياما )) فيها قراءتان ؟
الطالب : (( قياما )) و(( قيما )) .
الشيخ : لماذا أضاف الأموال (( أموالكم )) ؟ هل يريد أموال اليتامى أو أموال نفس الأولياء ؟
الطالب : أموال اليتامى ،
الشيخ : لماذا أضاف إلى الأولياء ؟ يعني هل الأموال لليتامى أو لأوليائهم ؟
الطالب : لليتامى ،
الشيخ : لماذا أضافها إليهم (( أموالكم )) ؟
الطالب : لأنهم يقومون على رعايتها ،
الشيخ : ولأنه يجب أن يحافظوا عليها كما يحافظون على أموالهم .
الشيخ : ما معنى قوله: (( قياما )) ؟
الطالب : تقوم بها مصالح الدين والدنيا .
الشيخ : قوله: (( وارزقوهم فيها )) يشير إلى شيء يعني في الآية الثانية (( ارزقوهم منه )) ؟
الطالب : أي يرزقوهم ليس منها ناقصا بل ، إشارة إلى أنهم يتجرون فيها ويكون الرزق فيها لا منها .
الشيخ : قاعدة أبطلت حكما جاهليا جائرا فما هو ؟
الطالب : الفرق بين النساء والرجال ،
الشيخ : كيف ؟ ما هو الحكم الجائر في الجاهلية الذي أبطله الله عزوجل بهذه الآية ؟
الطالب : كانت في الجاهلية المرأة عبارة عن متاع يورث ولا ترث ، كانوا لا يورثون النساء وإنما يورثون الرجال .
الشيخ : هل تشير الآية إلى أن الآباء والأمهات لا يمكن سقوطهم بخلاف الأقارب ؟ الله ذكر نصيبهم نصيب (( مما ترك الوالدان والأقربون )) هل تشير الآية إلى أن الوالدان يعني الأولاد لا يمكن سقوطهم بخلاف الأقارب ؟
الطالب : نعم ،
الشيخ : كيف ؟
الطالب : قوله: (( والوالدان والأقربون )) والوالدان يشمل أن الأولاد لا يسقطون به ،
الشيخ : وقال: (( والأقربون )) معناها القريب الذي ليس بأقرب ليس له نصيب يسقط ، وقد بينا في باب الحجب أن من يرث مباشرة بلا واسطة فلا يمكن أن يسقط .
الشيخ : (( ... فلها النصف )) قراءتان ؟ (( واحدة )) فيها قراءتان ؟
الطالب : (( واحدة )) و (( واحدة )) بالرفع .
الشيخ : ما وجه الإعراب في القراءتين ؟
الطالب : على النصب خبر " كان " ،
الشيخ : وعلى الرفع ؟
الطالب : اسم مفعول ،
الشيخ : وين خبرها ؟
الطالب : مؤخر ،
الشيخ : خبرها مؤخر ؟ ،
الطالب : مقدر ،
الشيخ : أو محذوف ؟
الطالب : محذوف دل عليه ما قبله وما بعده ،
الشيخ : أو أحدهما ؟
الطالب : مستتر ،
الشيخ : كيف مستتر وهو مرفوع ؟ الخبر ما يمكن يستتر أبدا ،
الطالب : على الرفع " كان " تامة ،
الشيخ : أحسنت على الرفع تكون " كان " تامة ، قال ابن مالك: وذو تمام ما برفع يكتفي . فلا يكون له شيء ، ولعلنا نرجع للفوائد حتى نأخذها مرة واحدة أحسن
تفسير الآية : (( ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولدٌ ... )) .
( ولكم نصف ما ترك أزواجكم )) (( أزواجكم )) الأزواج لا يمكن أن يصدق على المرأة أنها زوج إلا إذا تمت شروط النكاح ، وعلى هذا فلابد من عقد الزوجية الصحيح ، فإن كان العقد غير صحيح فلا إرث ، والعقد غير الصحيح يشمل الفاسد والباطل ، فالأنكحة عند العلماء ثلاثة أقسام: صحيح ، وباطل ، وفاسد ، فما أجمع العلماء على صحته فهو صحيح ، وما أجمعوا على بطلانه فهو باطل ، وما اختلفوا فيه فهو فاسد ، هكذا يقرر العلماء ، أن النكاح ثلاثة أقسام: صحيح وهو ما اجتمعت شروطه وانتفت موانعه ، وإن شئت فقل: ما أجمع العلماء على صحته ، وباطل وهو ما أجمعوا على فساده ، والفاسد وهو ما اختلفوا في صحته ، مثال الأول: أن يتزوج إنسان المرأة بعقد صحيح خال من الموانع ، ومثال الثاني الباطل: أن يعقد من امرأة فيتبين أنها أخته من الرضاعة ، فهنا العقد باطل لإجماع العلماء على فساده ، أو يتزوج امرأة في عدتها فإن العلماء مجمعون على فساد العقد ، ومثال الثالث: أن يتزوج امرأة بلا شهود أو بشهود من الأصول والفروع ، أو بلا ولي ، أو يتزوج امرأة رضعت من أمه ثلاث رضعات ، كل هذه الأنواع مختلف فيها ، فمثلا من رضعت من أمه ثلاث رضعات فهي عند كثير من العلماء أو أكثر العلماء تحل له ، لماذا ؟ لأن الرضاع المحرم خمس ، وعند بعض العلماء المحرم ثلاثة ، لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ( لا تحرم المصة ولا المصتان ) فمفهومه ما زاد عليهما محرم ، فعلى هذا الرأي يكون النكاح ؟ يكون باطلا يعني فاسدا ، وإذا تزوج امرأة رضعت من أمه واحدة فالنكاح أيضا فاسد ، لكن فساده أقرب من فساد من يقول بالثلاث ، لأن القول بأن الرضاع مطلقا محرم هو قول ... وهو قول ضعيف ، المهم النكاح الفاسد لا توارث بين الزوجين فيه ، والنكاح الباطل ؟ كذلك لا توارث ، والنكاح الصحيح وهو الذي أجمع العلماء على صحته لتمام شروطه وانتفاء موانعه هذا هو الذي يحصل به الإرث ، وهو مستفاد من قوله: (( ما ترك أزواجكم )) . (( إن لم يكن لهن ولد )) هذا شرط عدمي ، ووجه كونه شرطا عدميا دخول النفي على مضمونه ، والنفي عدم أو وجود ؟ النفي عدم فيشرط لإرث الزوج نصف ما تركت زوجته شرط عدمي وهو ألا يكون لها ولد ، وقوله: (( إن لم يكن لهن ولد )) يشمل الواحد والمتعدد ، والذكر والأنثى ، لأن كلمة " ولد " بمعنى المولود وهو صالح للذكر والأنثى ، ودليل ذلك قوله تعالى: (( يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين )) فدل هذا على أن الأولاد والولد يشمل الذكور والإناث . (( فإن كان لهن ولد فلكم الربع مما ترك )) هذا تصريح بالمفهوم من قوله: (( إن لم يكن لهن ولد )) فمفهومه إن كان لهن ولد فالحكم يختلف يعني لا يكون لكم النسب ، ما الذي يكون ؟ بينه في قوله: (( فلكم الربع مما ترك من بعد وصية يوصين بها أو دين )) فإن قال قائل: ما الحكمة في أنه مع الأولاد يكون للزوج الربع ومع عدمهم يكون له النصف ؟ نقول: لأنه إذا كان لها أولاد فإن أولادها محتاجون إلى الإنفاق عليهم فلذلك توفر لهم من المال ثلاثة أرباع بخلاف إذا لم يكن لها ولد . وعموم قوله: (( ولد )) قلنا يشمل الذكر والأنثى والواحد والمتعدد ومن كانوا من زوجها ومن كانوا من غير زوجها ، كما لو ماتت ولها أولاد من زوج سابق فليس لزوجها إلا الربع ، (( من بعد وصية يوصين بها أو دين )) (( من بعد وصية يوصين بها )) ويشترط للوصية التي تقدم للإرث أن تكون وصية مشروعة وذلك بأن تكون من الثلث فأقل ، لأيش ؟ لغير وارث ، وأن تكون وصية تامة الشروط ، فإن اختل شرط منها فبطلت فلا عبرة بها ، فلو أوصت المرأة بشيء من مالها يصرف على أهل العزف والغناء فالوصية باطلة لا عبرة بها ، وذلك أن لدينا قاعدة مهمة أن الألفاظ الشرعية تحمل على المعنى المعتبر شرعا ، فعليها قول الوصية هي المعتبر شرعا ، بحيث تكون من الثلث وأقل للغير وارث ، وبالشروط المعروفة عند أهل العلم وإن شاء الله تأتينا في الفقه . وقوله: (( أو دين )) (( من بعد وصية أو دين )) " أو " هنا مانعة خلو وليست مانعة انفراد بل هي مانعة خلو ، والفرق بينهما أن " أو " التي هي مانعة خلو يعني أنه يشترط ألا يخلو واحد من هذين الأمرين وإن اجتمعا فهو أولى ، والثاني التي تمنع الاشتراك هي التي يكون الحكم فيها لأحد الأمرين ، فإذا قلت: أكرم زيدا أو عمرا ، وأنا أريد أن تكرم أحدهما ، فهذه مانعة اشتراك ، وإذا قلت: أكرم زيدا أو عمرا ، بمعنى أني جعلت لك الخيار ، فهذه يسمونها مانعة خلو بمعنى أنه لا يخلوا الحال من إكرام أحد الرجلين وإكرام أحدهما من باب أولى ، فهنا " أو " هنا من باب خلو أو مانعة اشتراك ؟ مانعة خلو ، بمعنى أنه قد يجتمع الدين والوصية وقد ينفرد أحدهما ، فالإرث لا يكون إلا بعد الوصية والدين ، ولكن الوصية كما علمتم تكون من الثلث وأقل ، والدين قد يستغرق جميع المال فإن استغرق الدين جميع المال فلا حق للورثة ، صح ؟ يعني لو كان عليه ألف درهم وخلف ألف درهما ، فهنا لا شيء للورثة لأننا إذا قضينا الدين من ألف لم يبق للورثة شيء ، ولو أوصت المرأة بألف وتركت ألفا فقط ؟ لم يبق للورثة شيء ؟ لا ، لماذا ؟ لأنها لا تملك الوصية إلا بالثلث بأقل.
في هذه الآية قدم الله تعالى الوصية على الدين وقد سبق في الآية الأولى كذلك ، وبين العلماء رحمهم الله تعالى الحكمة في ذلك بأن الوصية تبرع والدين واجب ، فقدمت الوصية لجبر نقصها لكونها تبرعا على الواجب ، هذا وجه ، والوجه الثاني: أن الدين له من يطالب به بخلاف الوصية فأنها تبرع ولو شاء الورثة أن يجحدوها لجحدوها ، فقدمت اهتماما بها واعتناء بها . (( ولهن الربع مما تركتم إن لم يكن لكم ولد فإن كان لكم ولد فلهن الثمن مما تركتم من بعد وصية توصون بها أو دين )) يقال في هذه الجمل ما قيل فيما قبلها ، والحكمة في أن الله فرق بين الرجال والنساء فجعل للأنثى نصف مال الرجل لأن هذه هي القاعدة في الفرائض أن الرجل والأنثى إذا كانا من جنس واحد فهما على التفريط يعني يكون للرجل نصف مال الأنثى إلا من ورث بالرهن المجردة فإنه يستوي فيه الذكر والأنثى ، مثل أولاد الأم فإن ذكورهم وإناثهم سواء ، ومثل ذوي الأرحام ـ على المشهور في المذهب ـ فإن ذكرهم وأنثاهم سواء ، فابن الأخت وبنت الأخت المال بينهما بالسوية ، وسيأتي إن شاء الله ذكر الخلاف فيه وأن الصحيح أن ميراث ذوي الأرحام مبني على إرث من يدلون به فإن أدلوا بمن تختلف فيه الذكورة والأنوثة فهم كذلك . ثم قال: (( وإن كان رجل يورث كلالة أو امرأة )) قوله: (( إن كان رجل يورث )) يحتمل أن تكون " كان " هنا ناقصة ويكون جملة (( يورث )) خبر " كان " ويحتمل أن تكون تامة و(( رجل )) فاعل ، و(( يورث )) صفة لـ(( رجل )) ، وهذا أقرب ، لأن التقدير: وإن وجد رجل يورث كلالة ، وقوله: (( كلالة )) هذه مفعول مطلق ، ودليل أنها مفعول مطلق أنه يصح أن يقدر قبلها المصدر ، والتقدير: يورث إرث كلالة ، فعليه تكون هي مفعول مطلق ، وإرث الكلالة أن يرث من دون الأصول والفروع ، يعني أن يكون الوارث من غير الأصول والفروع ، لأنه كالإكليل الذي يحيط بالشيء ، فهم الحواشي يعني من كان ورثته حواشي وهو من لا يرثه فرع ولا أصل ، ولهذا جاء عن السلف أن الكلالة من ليس له ولد ولا والد يعني يرثه الحواشي ، فالموروث كلالة هو الذي لا يرثه إلا الحواشي ، هكذا يا سليم ؟ مثل رجل مات عن إخوة يسمى هذه كلالة ، عن أعمام كلالة ، عن بني أعمام كلالة ، عن بني إخوة كلالة ، فكل من يرث بلا فرع ولا أصل فهو كلالة ، وقوله: (( أو امرأة )) معطوفة على (( رجل )) ولكن كلمة (( امرأة )) هل نقول معطوفة على رجل بصفته أو على (( رجل )) بلا صفته ؟ بصفته يعني أو امرأة تورث كلالة ، وقد اتفق النحويون وكذلك الأصوليون على أن الوصف إذا تعقب جملا عاد على الكل ، إذا تعقب جملا فإنه يعود إلى الكل ، مثل أن أقول: أكرم زيدا وعمروا وخالدا وبكرا إن اجتهدوا في الدراسة ، يهود على الكل ، وأما إذا انفرد وتقدم: أكرم زيدا وعمروا وخالدا إن اجتهدوا وبكرا ، فقد اختلفوا هل يكون بكرا إكرامه مطلقا أو يكون موصوفا بما سبق ، على قولين في هذه المسألة والصحيح أنه يرجع في هذا إلى القرائن ، والقرائن هنا دلت على أن (( امرأة )) معطوفة على (( رجل )) باعتباره موصوفا بكونه يورث كلالة . (( أو امرأة وله أخ أو أخت )) " له " الضمير يعود إلى الرجل الذي يورث كلالة وكذلك المرأة ، ولم يقل: ولهما أخ أو أخت ، اعتبارا بالوصف الأول الذي هو الرجل ، وقوله: (( أخ أو أخت )) هنا مطلق يشمل الشقيق أو لأب أو لأم ، ولكن العلماء أجمعوا على أن المراد له أخ من أم أو أخت من أم ، وقد وردت فيها قراءة عن بعض السلف: (( وله أخ من أم أو أخت من أم )) ، وهذا ظاهر جدا حتى وإن لم ترد القراءة هذه فإن الإخوة الأشقاء لأب قد ذكر الله حكمهم في آخر السورة: (( يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة إن امرئ هلك وله أخت ... )) ، (( فلكل واحد منهما السدس فإن كانوا أكثر من ذلك )) أي أكثر من واحد (( فهم شركاء في الثلث )) إذا كانوا اثنين ؟ فهم شركاء في الثلث ، إذا كانوا ثلاثة ؟ فهم شركاء في الثلث ، أربعة شركاء في الثلث ، أخ وأخت شركاء في الثلث ، وهنا لا يفضل الأخ على الأخت ، لأن الله قال: (( فهم شركاء )) ومقتضى الشركة عند الإطلاق المساواة أو التسوية ، (( من بعد وصية يوصى بها أو دين غير مضار )) (( من بعد وصية يوصى بها )) نقول فيها ما سبق من أن هذه الوصية وصية شرعية في حدود ما أذن فيه الشرع ، وقوله: (( أو دين )) يعني أو من بعد دين ، و" أو " هنا بمعنى خلو كما سبق ، لكن هنا قال: (( غير مضار )) يعني بشرط ألا يكون المقصود بالوصية المضارة ، فإن ثبت أن المقصود بها المضارة فهي لاغية كما لو علمنا أن هذا الميت الذي ليس له إلا إخوة من أم أنه أوصى بالثلث من أجل أن يضيق على الإخوة فهذه وصية ضرار فلا تنفذ ، لأن الله اشترط في الوصية النافذة أن تكون غير مضار بها ، وكذلك لو فرض أن المريض استحمق وتدين دينا يضر بالورثة يستغرق جميع ماله فإنه في هذه الصورة ينظر فيه ، ينظر فيه إذا كان قد ضار به فإن الضرر ممنوع شرعا . ثم قال: (( وصية من الله )) (( وصية )) مفعول مطلق عامله محذوف وجوبا ، لأن المقصود بها هنا الإلزام ، والوصية بمعنى العهد المؤكد (( والله عليم حليم )) عليم بما يصلح عباده ، حليم بمن عصاه فلا يعاجله بالعقوبة ، والفائدة من ختم هذه الآية الطويلة التي اشتملت على إرث الزوجين والإخوة من أم بالعلم والحلم أنه قد تكون الوصية مضارا بها ولا يعجل الله الإنسان بالعقوبة ، فلهذا ختم الآية بهذين الاسمين الكريمين: العلم ، والحلم
في هذه الآية قدم الله تعالى الوصية على الدين وقد سبق في الآية الأولى كذلك ، وبين العلماء رحمهم الله تعالى الحكمة في ذلك بأن الوصية تبرع والدين واجب ، فقدمت الوصية لجبر نقصها لكونها تبرعا على الواجب ، هذا وجه ، والوجه الثاني: أن الدين له من يطالب به بخلاف الوصية فأنها تبرع ولو شاء الورثة أن يجحدوها لجحدوها ، فقدمت اهتماما بها واعتناء بها . (( ولهن الربع مما تركتم إن لم يكن لكم ولد فإن كان لكم ولد فلهن الثمن مما تركتم من بعد وصية توصون بها أو دين )) يقال في هذه الجمل ما قيل فيما قبلها ، والحكمة في أن الله فرق بين الرجال والنساء فجعل للأنثى نصف مال الرجل لأن هذه هي القاعدة في الفرائض أن الرجل والأنثى إذا كانا من جنس واحد فهما على التفريط يعني يكون للرجل نصف مال الأنثى إلا من ورث بالرهن المجردة فإنه يستوي فيه الذكر والأنثى ، مثل أولاد الأم فإن ذكورهم وإناثهم سواء ، ومثل ذوي الأرحام ـ على المشهور في المذهب ـ فإن ذكرهم وأنثاهم سواء ، فابن الأخت وبنت الأخت المال بينهما بالسوية ، وسيأتي إن شاء الله ذكر الخلاف فيه وأن الصحيح أن ميراث ذوي الأرحام مبني على إرث من يدلون به فإن أدلوا بمن تختلف فيه الذكورة والأنوثة فهم كذلك . ثم قال: (( وإن كان رجل يورث كلالة أو امرأة )) قوله: (( إن كان رجل يورث )) يحتمل أن تكون " كان " هنا ناقصة ويكون جملة (( يورث )) خبر " كان " ويحتمل أن تكون تامة و(( رجل )) فاعل ، و(( يورث )) صفة لـ(( رجل )) ، وهذا أقرب ، لأن التقدير: وإن وجد رجل يورث كلالة ، وقوله: (( كلالة )) هذه مفعول مطلق ، ودليل أنها مفعول مطلق أنه يصح أن يقدر قبلها المصدر ، والتقدير: يورث إرث كلالة ، فعليه تكون هي مفعول مطلق ، وإرث الكلالة أن يرث من دون الأصول والفروع ، يعني أن يكون الوارث من غير الأصول والفروع ، لأنه كالإكليل الذي يحيط بالشيء ، فهم الحواشي يعني من كان ورثته حواشي وهو من لا يرثه فرع ولا أصل ، ولهذا جاء عن السلف أن الكلالة من ليس له ولد ولا والد يعني يرثه الحواشي ، فالموروث كلالة هو الذي لا يرثه إلا الحواشي ، هكذا يا سليم ؟ مثل رجل مات عن إخوة يسمى هذه كلالة ، عن أعمام كلالة ، عن بني أعمام كلالة ، عن بني إخوة كلالة ، فكل من يرث بلا فرع ولا أصل فهو كلالة ، وقوله: (( أو امرأة )) معطوفة على (( رجل )) ولكن كلمة (( امرأة )) هل نقول معطوفة على رجل بصفته أو على (( رجل )) بلا صفته ؟ بصفته يعني أو امرأة تورث كلالة ، وقد اتفق النحويون وكذلك الأصوليون على أن الوصف إذا تعقب جملا عاد على الكل ، إذا تعقب جملا فإنه يعود إلى الكل ، مثل أن أقول: أكرم زيدا وعمروا وخالدا وبكرا إن اجتهدوا في الدراسة ، يهود على الكل ، وأما إذا انفرد وتقدم: أكرم زيدا وعمروا وخالدا إن اجتهدوا وبكرا ، فقد اختلفوا هل يكون بكرا إكرامه مطلقا أو يكون موصوفا بما سبق ، على قولين في هذه المسألة والصحيح أنه يرجع في هذا إلى القرائن ، والقرائن هنا دلت على أن (( امرأة )) معطوفة على (( رجل )) باعتباره موصوفا بكونه يورث كلالة . (( أو امرأة وله أخ أو أخت )) " له " الضمير يعود إلى الرجل الذي يورث كلالة وكذلك المرأة ، ولم يقل: ولهما أخ أو أخت ، اعتبارا بالوصف الأول الذي هو الرجل ، وقوله: (( أخ أو أخت )) هنا مطلق يشمل الشقيق أو لأب أو لأم ، ولكن العلماء أجمعوا على أن المراد له أخ من أم أو أخت من أم ، وقد وردت فيها قراءة عن بعض السلف: (( وله أخ من أم أو أخت من أم )) ، وهذا ظاهر جدا حتى وإن لم ترد القراءة هذه فإن الإخوة الأشقاء لأب قد ذكر الله حكمهم في آخر السورة: (( يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة إن امرئ هلك وله أخت ... )) ، (( فلكل واحد منهما السدس فإن كانوا أكثر من ذلك )) أي أكثر من واحد (( فهم شركاء في الثلث )) إذا كانوا اثنين ؟ فهم شركاء في الثلث ، إذا كانوا ثلاثة ؟ فهم شركاء في الثلث ، أربعة شركاء في الثلث ، أخ وأخت شركاء في الثلث ، وهنا لا يفضل الأخ على الأخت ، لأن الله قال: (( فهم شركاء )) ومقتضى الشركة عند الإطلاق المساواة أو التسوية ، (( من بعد وصية يوصى بها أو دين غير مضار )) (( من بعد وصية يوصى بها )) نقول فيها ما سبق من أن هذه الوصية وصية شرعية في حدود ما أذن فيه الشرع ، وقوله: (( أو دين )) يعني أو من بعد دين ، و" أو " هنا بمعنى خلو كما سبق ، لكن هنا قال: (( غير مضار )) يعني بشرط ألا يكون المقصود بالوصية المضارة ، فإن ثبت أن المقصود بها المضارة فهي لاغية كما لو علمنا أن هذا الميت الذي ليس له إلا إخوة من أم أنه أوصى بالثلث من أجل أن يضيق على الإخوة فهذه وصية ضرار فلا تنفذ ، لأن الله اشترط في الوصية النافذة أن تكون غير مضار بها ، وكذلك لو فرض أن المريض استحمق وتدين دينا يضر بالورثة يستغرق جميع ماله فإنه في هذه الصورة ينظر فيه ، ينظر فيه إذا كان قد ضار به فإن الضرر ممنوع شرعا . ثم قال: (( وصية من الله )) (( وصية )) مفعول مطلق عامله محذوف وجوبا ، لأن المقصود بها هنا الإلزام ، والوصية بمعنى العهد المؤكد (( والله عليم حليم )) عليم بما يصلح عباده ، حليم بمن عصاه فلا يعاجله بالعقوبة ، والفائدة من ختم هذه الآية الطويلة التي اشتملت على إرث الزوجين والإخوة من أم بالعلم والحلم أنه قد تكون الوصية مضارا بها ولا يعجل الله الإنسان بالعقوبة ، فلهذا ختم الآية بهذين الاسمين الكريمين: العلم ، والحلم
فوائد الآية : (( ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولدٌ ... )) .
نرجع الآن إلى فوائد الآيات الكريمة وهي كثيرة ، فمنها أولا: أن الإرث ملك قهري لا اختيار للإنسان فيه ، دليله: (( ولكم )) أن الله ملكنا إياه وأثبته حكما شرعيا ، فلو قال الزوج: أنا لا أريد نصيبي من زوجتي
اضيفت في - 2006-04-10