تتمة تفسير الآية : (( تلك حدود الله ومن يطع الله ورسوله يدخله جناتٍ تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك الفوز العظيم )) .
تتمة تفسير الآية الكريمة: (( تلك حدود الله ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك الفوز العظيم )) . (( خالدين فيها وذلك الفوز العظيم ))(( ذلك )) المشار إليه ما ذكر من هذا الثواب الذي أعده الله لمن أطاعه ، (( الفوز العظيم )) الفوز معناه الربح ، يقال: فاز فلان ، بمعنى ربح ، والعظيم معناه ذو العظمة ، والعظمة هي ضخامة الشيء وجلالة الشيء وكثرة الشيء أيضا ، ومعلوم أن نعيم الجنة يتصف بالضخامة والجلالة والدوام ، فهو أعظم فوز ، ونظير ذلك قوله تعالى: (( فمن زحزح عن النار و أدخل الجنة فقد فاز )) يذكر أن الزمخشري ـ وهو من المعتزلة ـ قال تعليقا على الآية: (( فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز )) قال: أي فوز أعظم من أن يزحزح عن النار وأدخل الجنة ، والاستفهام هنا بمعنى النفي يعني لا فوز أعظم من ذلك ، قال بعض المحشين عليه والمتعقبين له: إنه أراد بذلك نفي رؤية الله عز وجل ، لأن رؤية الله عز وجل وأعظم فوز ، فالله أعلم هل أراد ذلك ، فمن نظر إلى اللفظ قال إنه لا دلالة . الواقع ، لأن من لازم دخول الجنة النظر إلى وجه الله ، ومن عرف حال الرجل وأنه معتزلي ولكنه ذكي قال لعله أراد ذلك ، فأنت لو وقع مثل هذه العبارة من شخص معروف بأنه يؤمن برؤية الله عز وجل ما كنا نفسر هذا التفسير ونقول إنه أراد نفي الرؤية ، لكن من عرف حاله لم يستبعد أن يكون هذا مراده .
فوائد الآية : (( تلك حدود الله ومن يطع الله ورسوله يدخله جناتٍ تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك الفوز العظيم )) .
من فوائد هذه الآية الكريمة: أن المواريث من حدود الله . ومن فوائدها: أن من نفذ هذه المواريث على ما فرض الله فله هذا الثواب . ومن فوائدها: أن قسمة المواريث من العبادات ، تؤخذ من ترتيب الثواب عليها ووصف ذلك بأنه طاعة . ومن فوائدها: عناية الشرع بإيصال الحقوق إلى أهلها ، لأن حقيقة المواريث أن توصل الحقوق إلى أهلها ، والله عز وجل حكم عدل يريد من عباده أن يوصلوا الحقوق إلى أهلها . ومن فوائدها: أن طاعة الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم طاعة لله ، ولهذا عطفها بالواو الدالة على الجمع والاشتراك . فإن قال قائل: ما الجمع بين هذه الآية وبين قول الرسول عليه الصلاة والسلام لرجل قال له: ما شاء الله وشئت : ( أجعلتني ندا ؟ بل ما شاء الله وحده ) ؟ فالجواب: أن الأمور الشرعية لا حرج أن تقرن الرسول عليه الصلاة والسلام مع الرب سبحانه وتعالى بالواو ، وأما الأمور الكونية فلا يجوز ، لأنها من خصائص الربوبية وفعل العبد بعد فعل الله ، أما الحكم فإن حكم الرسول حكم لله ، ولهذا قال الله عزوجل في القرآن: (( ولو أنهم رضوا ما آتاهم الله ورسوله )) ولم يقل: ثم رسوله ، (( وقالوا حسبنا الله سيؤتينا الله من فضله ورسوله )) ، لأن هذا الإتيان إتيان الشرعي ، إتيان الزكاة وإتيان الأموال الشرعية ، أما الأمور الكونية فلا لأنها من خصائص الربوبية فلابد أن يكون فعل العبد بعد فعل الله ، " ما شاء الله وشئت " هذا لا يجوز ، لأنك جعلت مشيئة الرسول كمشيئة الله ، وليس كذلك ، لكن طاعة الرسول كطاعة الله (( من يطع الرسول فقد أطاع الله )) جعل الله طاعة الرسول كطاعة الله . ومن فوائدها: إثبات الجزاء يوم القيمة ، لقوله: (( يدخله جنات )) وجه ذلك أن إدخال الجنات ليس في الدنيا وإنما هو في الآخرة . ومن فوائدها: بيان نعيم هذه الجنات وأن الأنهار تجري من تحتها ، وأنواع الأنهار معروفة في آية أخرى . ومن فوائدها: دوام نعيم هذه الجنات ، لقوله: (( خالدين فيها )) وهل الخلود هنا مؤبد أو مؤقت ؟ مؤبد ، ذكر الله سبحانه وتعالى ذلك في عدة آيات من القرآن وأجمع عليه المسلمون على أن نعيم الجنة مؤبد ولم يذكر في ذلك خلاف . ومن فوائدها: أن هذه النعيم هو الربح العظيم الذي لا يماثله شيء ، لقوله: (( وذلك هو الفوز العظيم )) ، نسيت أن أعرب هذه الجملة (( ذلك الفوز العظيم )) فكيف نعربها ؟ " ذا " اسم إشارة المبتداء ، (( الفوز )) خبر مبتداء ، (( العظيم )) صفة لـ(( الفوز )) ، لو قال قائل: (( ذلك الفوز العظيم ))(( الفوز )) بدل أو عف بيان أو نعت لـ(( ذلك )) ؟ هو يقول: ذلك الفوز هو العظيم ، لكان صالحا لكن الإعراب الأول أحسن .
تفسير الآية : (( ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارًا خالدًا فيها وله عذابٌ مهينٌ )) .
ثم قال الله تبارك وتعالى: (( ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارا خالدا فيها وله عذاب مهين )). المعصية مخالفة الأمر أو الوقوع في النهي ، فمن ترك الواجب فقد عصى ومن فعل المحرم فقد عصى ، ونقول في قولهن: (( ومن يعص الله رسوله )) كما قلنا في قوله: (( من يطع الله رسوله )) إلا أن الإعراب هنا يختلف فإن (( يعص )) فعل الشرط مجزوم بحذف حرف العلة وهي الياء ، وقوله: (( ويتعد حدوده ))(( يتعد )) عندكم بالفتح ؟ نعم ، كيف صح الفتح مع أن المعطوف على (( يعص )) المجزوم ؟ يعني مجزومة بحذف الألف ، وأصلها ؟ يتعدى ، وقوله: (( يتعد حدوده )) أي يتجاوزها ، والمراد بالحدود هنا الأوامر أو النواهي ؟ الأوامر ، قال: (( من يتعد حدوده )) أي يتجاوز ما حده أمرا ، ما حده بأوامر (( يدخله نارا خالدا فيها )) هذه جواب الشرط ، والنار معروفة هي هذه الجسم الملتهب الحار ، أو نقول معروفة وكذا ؟ معروفة وكذا دون أن نقول السماء فوقنا والأرض تحتنا ، (( خالدا فيها )) هنا قال: (( خالدا )) وهناك قال: (( خالدين )) في الجنة فهل هناك نكتة قصدي فائدة أو حكمة ؟ الجواب نعم لأن أهل الجنة يتنعمون باجتماع بعضهم إلى بعض ، ولهذا قال: (( خالدين فيها )) أما أهل النار ـ والعياذ بالله ـ فقد ورد أن كل واحد منهم في تابوت لا يرى أحد ولا يراه أحد اللهم إلا على سبيل التقريب ، فهذا هو السر والعلم عند الله في أن أهل الجنة قال فيهم (( خالدين )) وأهل النار قال: (( خالدا فيها )) ، (( وله عذاب مهين )) يعني مع إدخاله النار وخلوده فيها لا يبقى مستقرا ، بل هو معذب عذاب إهانة فيكون عذابا جسميا وعذابا قلبيا نفسا ، لأن العذاب الجسمي أهون من العذاب القلبي والألم القلبي ، ولهذا قال العلماء ينبغي أن يختن الإنسان وهو صغير ، لأن ختان الصغير ليس فيه إلا الألم الجسمي ، أما الكبير إذا ختم وهو كبير صار فيه ألم جسمي وألم قلبي نفسي ، يفكر هو ربما هذا جرح يزداد ربما يموت وما أشبه ذلك ، لكن الصغير إذا برد عليه سكت وإذا صال عليه الوجع صاح ...، المهم أن عذاب أهل النار ـ والعياذ بالله ـ عذاب مهين أي ذو إهانة ، لأنهم يقررون ويوبخون . في هذه الآية الكريمة فوائد ، منها: أن معصية الله عز وجل سبب لدخول النار ، لقوله: (( ومن يعص الله يدخله نارا خالدين فيها )) وإنما قلنا سبب لأنه قد يتخلف بوجود مانع وهو عفو الله عز وجل في غير الشرك ، أما الشرك فلابد أن يدخل صاحبه النار ويخلد (( إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار )) وعلى هذا فنقول: المعصية إن كانت دون الشرك فهي سبب لدخول النار وليس دخول النار واجبا بها إذ قد يرفع عنه ، وإن كان شركا فهي سبب حتمي لابد أن يدخل صاحبها النار ويخلد فيها . ومن فوائدها: تحريم الوصية للوارث ، كيف ذلك ؟ لأنك إذا أوصيت الوارث تعديت الحدود ، فإذا أوصت المرأة لزوجها بالثلث ، كان له على مقتضى الوصية ثلث ونصف ، وهذا تعدي لحدود ، ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام: ( إن الله أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث )
أحسن الله إليك قلنا يا شيخ إن الشرك الأكبر سبب للخلود في النار فما حكم الشرك الأكبر وهل يجب أن يدخل صاحبه النار؟
السائل : أحسن الله إليك ، قلنا يا شيخ إن الشرك الأكبر سبب للخلود في النار فما حكم الشرك الأصغر وهل يجب أن يدخل صاحبه النار ؟ الشيخ : ليس سبب للخلود ، هذا ينبني على قوله تعالى: (( إن الله لا يغفر أن يشرك به )) هل هذا الشرك عام أو مطلق ؟ إذا قلنا إنه عام صار الشرك ولو كان أصغر لا يغفر ، وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ،
السائل : سؤال عن كون العمل المنهي يعتبر تركا للواجب ؟ الشيخ : لا ، الحقيقة تكون في الأوامر وتكون في النواهي ، هذه في الأوامر ، وفعل الأوامر ؟ طاعة ، لكن ربما يدل عليه قوله: (( ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده )) هذه الآية نعم تدل على هذا ، صحيح هو ترك الواجب والوقوع في النهي وفعل النهي ترك للواجب لأنه يجب عليه الكف ، ابن عباس يقول: " من ترك شيئا من نسكه أو نسيه فل ... " .
في قوله تعالى (( من بعد وصية يوصي بها أو دين..))، الوصية هنا مطلقة وقد قيدتها بما ورد في السنة قوله صلى الله عليه وسلم ( لا وصية لوارث)؟
السائل : قوله تعالى: (( من بعد وصية يوصي بها أو دين ... )) الوصية هنا مطلقة وقد قيدتها بما ورد في السنة قوله صلى الله عليه وآله وسلم: ( لا وصية لوارث ) ؟ الشيخ : لا ، تؤخذ من الآية (( ومن يتعد حدود الله )) لأن الذي يوصي للوارث أعطاه أكثر مما فرضه الله له فهو تعدي لحدود الله .
بعض المفسرين يقول أن من ترك المحرمات وفعل الوجبات فمآله الجنة؟
السائل : بعض المفسرين يقول إن من ترك المحرمات وفعل الواجبات فمآله الجنة ؟ الشيخ : قال رجل للنبي صلى الله عليه وآله وسلم: يا رسول الله أرأيت إن أحللت الحلال وحرمت الحرام أدخل الجنة ؟ قال نعم ، فالإنسان إذا حرم الحرام وحلل الحلال وفعل الواجب يدخل الجنة ، لكن هناك أشياء قد تكون مانعة من ذلك ، هل كل من فعل الواجب قام بما ينبغي بفعل واجب ؟ يكون تقصير كثير ، ولهذا جاء في الحديث: إنه ليس لك من صلاتك إلا ما منها نصفها أو ربعها أو عشرها ، وهذا يدل على أن الإنسان قد يصلي وتكون صلاته مجزئة مسقطة للواجب لكنه لا يحصل على الثواب .
حديث( لا يدخل الجنة أحدكم بعمله ...) وقوله تعالى ( تلك الجنة التي أورثتموها جزاء بما كنتم تعلمون)) أليس بينهما تعارض؟
السائل : حديث ( لا يدخل الجنة أحد بعمله ... ) وقوله تعالى: (( تلك الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعملون )) أليس بينهما تعارض ؟ الشيخ : قال العلماء: إن قوله تعالى: (( جزاء بما كنتم تعملون )) وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: ( لا يدخل الجنة أحد بعمله ... ) إن الجمع بينهما أن نجعل الباء في قوله: (( جزاء بما كنتم تعملون )) للسببية ، وأن نجعل الباء في قوله: ( لن يدخل الجنة أحد بعمله ) للمعاوضة والبدل ، فإنه لو قرن العمل بالثواب لأحاط الثواب العمل ولم يكن مقابلا له ، ثم إن توفيق الإنسان للعمل الصالح نعمة يحتاج إلى شكر .
قول ابن تيمية من أن الشرك الأصغر يدخل في قوله تعالى (( إن الله لا يغفر أن يشرك به و يغفر ما دون ذلك من يشاء)) هل هذا صحيح؟
السائل : قول ابن تيمية من أن الشرك الأصغر يدخل في قوله تعالى: (( إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء )) هل هذا صحيح ؟ الشيخ : يقول: لأن (( يشرك به )) فعل دخل عليه حرف مصدري فيؤل ... إشراكا به ، وإشراكا نكرة في سياق النفي فتكون للعموم ، لكن في نفسي من هذا شيء .
السائل : هل الشرك الأصغر من الكبائر ؟ الشيخ : الشرك الأصغر أكبر من الكبائر ، قال ابن مسعود رضي الله عنه " لأن أحلف بالله كاذبا أحب إلي من أن أحلف بغيره صادقا " .
قلت يا شيخ في تفسير قوله تعالى (( خالدا)) إنه كل من هو من أهل النار في تابوت يعذب، فكيف نجمع بين هذا وبين قوله الله عز وجل(( ونادى أصحاب النار أصحاب الجنة أن أفيضو اعلينامن الماء ..)) وهذا يدل على أنه جماعات؟
السائل : قلت يا شيخ في تفسير قوله تعالى: (( خالدا )) إن كل من هو من أهل النار في تابوت يعذب ، فكيف نجمع بين هذا وبين قول الله عزوجل: (( و نادى أصحاب النار أصحاب الجنة أن أفيضوا علينا من الماء ... )) وهذا يدل على أنهم جماعات ؟ الشيخ : ما فيه تعارض ، الصوت ... إلا أن يشاء الله أو كلمة نحوها .
بالنسبة لحديث عدي بن حاتم في مسلم وفيه لما خطب ذلك الخطيب أمام النبي صلى الله عليه وسلم فقال" ومن يعصهما فقد غوى فقال له النبي صلى الله عليه وسلم ( بئس الخطيب أنت) بل قل: ومن يعص الله ورسوله فقد غوى، فهل فيه تعارض مع قوله تعالى (( ومن يعص الله ورسوله...)) ولماذا أنكر النبي صلى الله عليه وسلم على هذا الخطيب؟
السائل : بالنسبة لحديث عدي بن حاتم في مسلم وفيه لما خطب ذلك الخطيب إمام النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال " ومن يعصهما فقد غوى فقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ( بئس الخطيب أنت ) بل قل: ( ومن يعص الله ورسوله فقد غوى ) فهل فيه تعارض مع قوله تعالى: (( ومن يعص الله ورسوله ... )) ولماذا أنكر النبي صلى الله عليه وآله وسلم هذا الخطيب ؟ الشيخ : أحسن ما قيل في الجواب عن ذلك إن الرسول عليه الصلاة والسلام أثنى عليه شرا لكون المقام لا يقتضي هكذا ، المقام يقتضي أن يفسر ويفصل ، لأنه ربما تخاطب القوم بمثل هذا الخطاب فيظن أنه لا يكون غي إلا إذا كان الأمر من الله ورسوله ، فلكل مقام مقال ، فالرسول عليه الصلاة والسلام إنما أثنى عليه شرا لكونه لم يستعمل الخطبة في السياق المناسب لا لأن هذا ممنوع ، لأن الرسول عليه الصلاة والسلام نفسه قال هكذا .
ما رأيكم يا شيخ فيما قاله بعض العلماء في قول الخطيب " ومن يطع إنما أنكر عليه لأنه قال" ومن يطع الله ورسوله فقد رشد ومن يعصهما ثم سكت ثم قال " فقد غوى" ؟
شيخ أحسن الله إليكم ، ما ذكره بعض العلماء في هذه الكلمة " من يطع الله ورسوله فقد رشد واهتدى " حيث قال" من يطع الله " عليه لأنه قال: من يطع الله ورسوله فقد رشد ومن يعصهما " فسكت ثم قال " فغوى " فكأن " يعصهما " صارت معطوفة على ؟ والله بعيد هذا ، هذا يحتاج إلى إثبات أنه سكت ، هذه واحدة ، ثم إن الإنسان لا يساكت المتكلم قال " ومن يعصهما " ثم " فقد غوى " فقد يعرف أن هذه مفرعة على ما قبلها .
السائل : ما حكم من يكتب على المحراب " الله " وبجنبه " محمد " ؟ الشيخ : أي نعم هذه غلط ويجب إزالتها ، لأن الذي لا يعرف محمدا صلى الله عليه وآله وسلم يظن أن هذين في مستوى واحد .
السائل : ما حكم مواصلة المرأة في دراسة العلوم الشرعية وغيرها ؟ الشيخ : المرأة كالرجل في العلوم الشرعية ، لكن في العلوم الأخرى كالهندسة والعلم الرياضية وما أشبه ذلك لا نرى أن تستمر فيها ، لأن هذا سوف يجبرها على أن تتوظف وتأتي غدا للأعراض المخططة لبناء لتقييسها وما أشبه ذلك ، الطب ؟ لا، الطب ضرورة ، الطب لا بأس أن تعلمها ، لأنه النساء نصف الرجال بل أكثر من الرجال ... ، يحتجن إلى النساء .
السائل : ما حكم من إذا أنثى عليه الناس فرح بذلك ؟ الشيخ : يعني إذا أثنى عليه الناس فرح ، لا ، هذا لا ينافي حسن النية ، الإنسان يحب أن يثنى على نفسه ويحب أن يثني عليه الناس ، وعمر رضي الله عنه لما قال ابن عبد الله حين عرض عليهم النبي عليه الصلاة والسلام شجرة مثلها مثل المؤمن وتنازع عليه الناس في هذه الأشجار وقع في قلبه أنها النخلة لكن لم يتكلم لأنه صغير ، فقال عمر لو أنك قلتها لكان كذا وكذا ، يعني مما يفرح به ، وهذا لا بأس ( من سرته حسنته وساءته سيئته فذلك المؤمن ) وهذا أيضا ثناء الناس على إنسان من عاجل بشرى المؤمن (( لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة )) وأنواع البشرى كثيرة ، منها مراعي ترى للرجل مراعي الصالحة ، ومنها أن يرى أثر الطاعة على قلبه بالنور والانشراح ، ومنها أن يثني الناس عليه ويكون له قبول ، فأنواع البشرى كثيرة .
لو أجبرتني الجامعة على القيام بالبحث لأني إن لم أقم بها لن أتوظف فهل هذا يدل على سلامة النية؟
السائل : لو أجبرتني الجامعة على القيام بالبحث لأني إن لم أقم بها لن أتوظف فهل هذا يدل على سلامة النية ؟ الشيخ : أي نعم ، لأنه هو يريد الوصول إلى هذه الشهادة التي تؤله بالمنصب الذي يريد أن ينفع الناس به ، وكثير من العلوم الجامعة ما الإنسان .
يقول رجل تعبد الله من أجل أن ينال العلم فما حكم ذلك ؟
السائل : يقول رجل تعبد لله من أجل أن ينال العلم فما حكم ذلك ؟ ويش تقولون في هذا ؟ الشيخ : يقول رجل تعبد لله من أجل أن ينال العلم لأن الله يقول: (( والذين اهتدوا زادهم هدى )) كذا ؟ نقول نعم هذه نية طيبة ، والدليل على هذا أن الله يرغب بالعمل الصالح (( فلنحيينه حياة طيبة )) وأنه وضع الحدود العقوبات الشرعية لفاعل المنكر ، كما أن الزاني مثلا ترك الزنا خوفا من الله لكن كونه يخشى الحد أيضا يؤثر في تركه فلا بأس ، لم يقصد وجه الله ؟ العلم نفسه عبادة .
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، (( واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم فإن شهدوا فأمسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلا واللذان يأتيانها منكم فآذوهما فإن تابا وأصلحا فأعرضوا عنهما إن الله كان توابا رحيما إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجاهلة ثم يتوبون من قريب فأولئك يتوب الله عليهم وكان الله عليما حكيما )) . أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، (( واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم ))(( اللاتي )) جمع " التي " ، فوائد ما أخذناها ؟
فوائد الآية : (( ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارًا خالدًا فيها وله عذابٌ مهينٌ )) .
قال الله تعالى: (( ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارا خالدا فيها وله عذاب مهين )) . من فوائد هذه الآية الكريمة: تقسيم المخالف إلى عاص ومتعدي لحدود الله ، فالمعصية هنا فعل المحرم ، وتعدي الحدود ترك الواجب أو الغلو فيه . ومن فوائدها: أن معصية رسول الله كمعصية الله ، لأنه قرنها بمعصية الله بحرف يقتضي التسوية . ومن فوائدها: أن من جمع بين أمرين: المعصية وتعدي الحدود فإنه يدخل النار ، ولكن هل هو دخول أبدي أو دخول مؤقت ؟ يقال حسب المعصية ، لأن الله ذكر في الآية التي قبلها أن من أطاع الله رسوله دخل الجنات ، وهنا قال: من عصى الله ورسوله دخل النار ، فيقال: الطاعة الغالبة يدخل فيها صاحبها الجنة بدون أن يدخل النار ، والمعصية الغالبة يدخل فيها الغالب أن ما فيها طاعة يدخل فيها النار ... ، والجامع بين الطاعة والمعصية ؟ هذا يدخل النار والجنة ، لأنه وجد فيه سبب دخول الجنة والنار فيعطى الحكم (( جزاء وفاقا )) ، وعلى هذا فالعاصي عاصية مطلقة والمتعدي لحدود تعديا مطلقا هذا يدخل النار ولا يدخل الجنة ، والذي جمع بين المعصية والطاعة إن غلبت الطاعة لم يدخل النار وإن غلبت المعصية دخل النار بقدر ذنبه وخرج منها . ومن فوائدها: إثبات الخلود في النار ، لقوله: (( خالدا فيها )) وقد ذكر الله سبحانه وتعالى أن الخلود في النار مؤبد في آيات ثلاث من القرآن : في سورة النساء ، وفي سورة الأحزاب ، وفي سورة الجن ، ففي سورة النساء قال الله تعالى: (( إن الذين كفروا وظلموا لم يكن الله ليغفر له ولا ليهدهم طريقا إلا طريق جهنم خالدين فيها أبدا وكان ذلك على الله يسيرا )) ، وفي سورة الأحزاب قال الله تبارك وتعالى: (( إن الله لعن الكافرين وأعد لهم سعيرا خالدين فيها أبدا لا يجدون وليا ولا نصيرا )) ، وفي سورة الجن قال: (( ومن يعص الله ورسوله فإن له نار جهنم خالدين فيها أبدا )) وإذا كان الله تعالى ذكر التأبيد في آيات ثلاث فإن أي قول يخالف ذلك فهو ساقط ، لأن من لزوم الخلود لزوم المكان ، إذا قال هذا خالد في النار أبدا ، لزم أن يكون المكان الذي يخلد فيه مؤبد وإلا فلا معنى للتأبيد ، فالقول لبعض العلماء أنهم خالدون فيها أبدا مادامت باقية قول ساقط لا وجه له من ال ... ، لأن الله صرح بالتأبيد ، تأبيد الخلود ويلزم من تأبيد الخلود في المكان أبدية المكان وإلا لم يكن فائدة . ومن فوائدها: أن الذين في النار ـ والعياذ بالله ـ يعذبون عذبا مهينا ، أي ذا إهانة ، ليسوا مكرمين . فإن قال قائل: كيف فتجمع بين هذه الآية وبين قوله تعالى: (( ثم صبوا فوق رأسه من عذاب الحميم ذق إنك أنت العزيز الكريم )) ؟ فالجواب من أحد وجهين: إما أن يكون ذلك على سبيل التهكم به ، وإما أن يكون هذا ليذكر حاله في الدنيا يعني أنت العزيز الكريم في الدنيا حتى يزداد حسرة وهو أنه كان في الدنيا عزيزا كريما والآن ذليلا مهينا ، وكلا الأمرين ـ والعياذ بالله ـ يحصلان لهذا الذي يوجه إليه الخطاب ، يصب من فوق رأسه الحميم ثم يقال: (( ذق إنك أنت العزيز الكريم )) لاشك أنه سوف يرى أنه يقال له ذلك على سبيل التهكم ثم يذكر هو أيضا حاله في الدنيا وأنه في الدنيا عزيز مكرم والآن وصل إلى هذا الحد من الإهانة .
تفسير الآية : (( واللاتي يأتين الفاحشة من نسآئكم فاستشهدوا عليهن أربعةً منكم ... )) .
ثم قال الله تعالى: (( واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم ... ))(( اللاتي )) مبتداء ، وخبره جملة: (( فاستشهدوا )) وهنا يطلب لماذا اقترنت الفاء في خبر مبتداء ؟ والجواب على ذلك: أنه لما كان المبتداء اسما موصولا كان مشبها لاسم الشرط في العموم فأعطي حكمه ، واقترنت الفاء بخبره ، ومنه قول النحويين في المثال المشهور " الذي يأتيني فله درهم " فإنه نائب مناب قولك " من يأتيني فله درهم " فاسم الموصول لما أشبه اسم الشرط في العموم صار دخول الفاء في خبره كدخول الفاء في جواب الشرط . وقوله: (( اللاتي يأتين الفاحشة ))(( اللاتي )) جمع ، جمع أيش ؟ جمع " التي " لكنه على ... ، لأن هذه الأسماء غير مشتقة ، وقوله: (( يأتين الفاحشة )) الفاحشة ما يستفحش ، ما يستفحش شرعا وعرفا ، والذي يستفحش شرعا يستفحش عرفا في أعراف المسلمين لا في أعراف غير المسلمين ، وإنما قيدنا ذلك لأن الزنا فاحش شرعا وفاحش عرفا في عرف المسلمين لكن في عرف الكفار ليس فاحش ، ومن هنا نعرف أن قول الرسول عليه الصلاة والسلام: ( الإثم ما حاك في نفسك وكرهت أن يطلع عليه الناس ) أن هذا خاص بمن ؟ بالمسلم الذي يكره الإثم ويخشى أن يطلع عليه الناس في حال إثمه وإلا فإن الكافر لا يحوك في نفسه الإثم ، قوله: (( الفاحشة )) ما المراد بالفاحشة هنا ؟ يعني معنى الفاحشة ما يستفحش معناها ما يستفحش شرعا وعرفا والمراد بها الزنا ، ودليل ذلك قوله تعالى: (( ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة )) وعلى هذا فتكون " أل " للعهد الذهني ، لأنه لم يذكر لكنه معروف شرعا وإنما قررنا ذلك لرد قول من يقول كأبي مسلم الخراساني قال: إن المراد بها السحاق ، السحاق بين النساء ، ولكن هذا بعيد من الصواب ، ولم يفسر به أحد من الصحابة أو التابعين فيما نعرف ، والصواب أن المراد بالفاحشة الزنا ، والدليل (( ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة )) ، وقوله: (( من نسائكم )) المراد بها جنس يعني جنس النساء سواء كانت من زوجاتنا أو من غير الزوجات ، وقوله: (( من نسائكم ))" من " هذه بيان للموصول لقوله: (( اللاتي يأتين الفاحشة )) ، (( فاستشهدوا عليهن أربعة منكم )) استشهدوا أي اطلبوا شهادة أربعة ، و(( أربعة )) هنا عدد يدل على أن المعدود مذكر ، ما وجهه ؟ نصف (( أربعة )) ، يعني فلو جاء مرفوعا لم يكن دالا على أن المعدود مذكر ؟ لأن العدد المؤنث يكون معدوده مذكرا فيما دون عشرة ، فتقول: تسعة رجال ، وتسع نساء ، واضح ؟ طيب (( أربعة )) وقوله: (( أربعة منكم )) الخطاب للمسلمين لأن من شرط الشهادة ولاسيما في هذا الأمر العظيم أن يكون الشاهد مسلما ، فإن شهدوا يعني شهدوا على فعل الفاحشة (( فأمسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلا ))(( أمسكوهن في البيوت )) الخطاب هنا (( أمسكوهن )) عام ،فمن الذي يقصد به ؟ الذي يقصد به ولي الأمر ، ولي الأمر إما الخاص وإما العام ، وقوله: (( أمسكوهن في البيوت )) جمع بيت أي أمسكوها في بيتها احبسوها لا تخرج ، لأن ذلك وسيلة إلى تقرير الزنا حيث تبقى محبوسة ببتها لا تخرج فتفتن الناس وتفتتن ، (( حتى يتوفاهن الموت ))(( يتوفاهن )) يقبضهن ، يقال: توفيت حقي من فلان ، أي قبضته ، وقوله: (( الموت )) يعني ملك الموت ، كما قال تعالى: (( قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكلتم )) ولكنه يعبر عن ذلك بالموت توسعا ، والموت هو فقد الحياة وذلك بخروج الروح من البدن ، لأن الروح في البدن عارية متى دعيت خرجت ، (( أو يجعل الله لهن سبيلا ))" أو " هذه حرف عطف ، و(( يجعل )) معطوفة على (( يتوفى )) فهي منصوبة ، (( يجعل الله لهن سبيلا )) أي يصير لهن سبيلا أي طريقا للخلاص من هذا الإمساك ، وقد جعل الله لهن سبيلا بماذا ؟ بقوله تعالى: (( الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة )) قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ( خذوا عني خذوا عني قد جعل الله لهن سبيلا البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام والثيب بالثيب جلد مائة والرجم ) فتبين بهذا أن المراد بالسبيل ما شرعه الله تعالى من حد الزاني جلدا وتغريبا أو رجما وتغريبا . ثم قال الله تبارك وتعالى: (( اللذان يأتيانها منكم فآذوهما ))(( اللذان )) في مقابل " اللاتي " ، تكون للذكور أو للإناث ؟ للذكور ، ولكن المقابلة ليست بتامة ، هنا قال: (( اللذان )) وهناك قال: (( اللاتي )) فلماذا ؟ قال بعض العلماء: إن المراد باللذان هنا الزاني والزانية ، ولكن الزانية سبق حكمها وهي أنها تحبس في البيت والزاني يؤذن ولا يحبس في البيت ، وقال بعض العلماء: المراد بهما اللوطي يعني الفاعل والمفعول به ، وأضاف الإتيان إلى المفعول به مع أنه مأتي لأن القابل كالفاعل ، القابل الراضي كالفاعل ، ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام: ( من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوه الفاعل والمفعول به ) والصحيح أن (( اللذان )) يراد بهما اللائطان ، الرجل يلوط بالرجل ـ والعياذ بالله ـ ، ولكن يبقى نظر آخر ، لماذا عبر في حق النساء بـ(( اللاتي )) وفي حق الذكور بـ(( اللذان )) ؟ لأن فشو الزنا في النساء أكثر من فشو اللواط في الذكور ، وكانوا في الجاهلية لا يعرفون اللوطية حتى إن بعضهم يقول " لو لا أن الله قص علينا ما قص من نبئ قوم لوط ما كنا نتصور أن هذا يقع " لأنه من يتصور أن رجلا يرضى أن يفعل به كما يفعل بالمرأة ، هذا شيء مستحيل فطرة ومستحيل شرعا .