تتمة فوائد الآية : (( إلا الذين تابوا وأصلحوا واعتصموا بالله وأخلصوا دينهم لله ... )) .
تتمة فوائد الآية الكريمة: (( إلا الذين تابوا وأصلحوا واعتصموا بالله وأخلصوا دينهم لله فأولئك مع المؤمنين وسوف يؤت الله المؤمنين أجرا عظيما )) . ومن فوائدها: وعد المؤمنين بما هو أصدق الوعود ، وهو قوله: (( وسوف يؤت الله المؤمنين أجرا عظيما )) أجرا أي ثوابا ، وسمى الله الثواب أجرا تفضلا منه كأنه بمنزلة أجرة الأجير التي لابد أن يعطى إياه ، وهذا التزام من الله سبحانه وتعالى التزم فيه على نفسه أن يثيب المؤمنين الأجر العظيم ، وهذا الأجر العظيم يكون في الدنيا ويكون في الآخرة ، قال الله تعالى: (( من عمل عملا صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون )) .
تفسير الآية : (( ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم وكان الله شاكرًا عليمًا )) .
تفسير الآية الكريمة: (( ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم وكان الله شاكرا عليما )) . ثم قال: (( ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم )) ما هنا استفهامية يعني أي شيء يفعله الله بعذابهم (( إن شكرتم )) أي أنكم إذا شكرتم الله عزوجل على نعمه وقمتم بطاعته وآمنتم فإن الله لن يعذبكم ، لأنكم لا تستحقون العذاب حسب وعده ، فأي شيء يفعله الله بكم إذا قمتم بشكره والإيمان به ، (( وكان الله شاكرا عليما )) كان الله شاكرا لمن ؟ لمن يستحق الشكر من عباد القائمين بأمره كما قال تعالى: (( هل جزاء الإحسان إلا الإحسان )) ، (( عليما )) أي عليما بمن يستحق الشكر من عباده وهم الذين قاموا بطاعته . فوائد الآية الكريمة: (( ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم وكان الله شاكرا عليما )) . من فوائد هذه الآية الكريمة: أن الله سبحانه وتعالى غني عن عذاب الخلق إذا قاموا بالشكر والإيمان . ومن فوائدها: أن من لم يشكر الله أو لم يؤمن به فإنه عرضة للانتقام والعذاب ، لأن الله سبحانه وتعالى نفى العذاب لمن شكر وآمن ، وهذا يدل على أن من لم يشكر ويؤمن فإنه معرض للعقاب ، وهذا هو واقع ، قال الله تبارك وتعالى: (( واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة واعلموا أن الله شديد العقاب )) . ومن فوائدها: إثبات هذين الاسمين من أسماء الله ، وهما: الشاكر ، والعليم . فإذا قال قائل: كيف يشكر الله عباده ؟ قلنا بأن يثيبهم على ما عملوا أكثر مما عملوا (( هل جزاء الإحسان إلا الإحسان ))
في قوله تعالى (( رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون على الله حجة بعد الرسل...)) قال بعض الناس إن الحجة هنا هي الحجة في التكليف واالعبادات الشرعية وأما الحجة في أمر التوحيد فقائمة بمقتضى آية الميثاق فمن خالف أمور التوحيد فهو خالد في النار حتى ولو لم تصله دعوة الرسل فما قولكم؟
السائل : في قوله تعالى: (( رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل ... )) قال بعض الناس إن الحجة هنا هي الحجة في التكليف والعبادات الشرعية وأما الحجة في أمر التوحيد قائمة بمقتضى آية الميثاق فمن خالف أمور التوحيد فهو خالد في النار حتى لو لم تصله دعوة الرسل فما قولكم في هذا ؟ الشيخ : هذا غير صحيح ، نقول ما خص هذا ، وآية الميثاق لا يعني أن الإنسان يعاقب في أمر لا يدري عنه ولا يعلمه ، هو ما فطر الله في النفوس فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه ، قالوا يا شيخ إن في الآية قال الله تعالى: (( أن تقولوا يوم القيمة إنا كنا عن هذا غافلين أو تقولوا إنما أشرك آباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم أفتهلكنا بما فعل المبطلون )) هذا كقولهم: (( إنا وجدنا آبائنا على أمة وإنا على آثارهم مهتدون )) وفي الآية الثانية: (( وإنا على آثارهم مقتدون )) ولابد من أن يكون هناك علم وإلا كيف يعبد الإنسان ربه وهو لا يدري ؟
ما حكم معاملة الكفار في التجارة وهل هذا يدخل في المولاة؟
السائل : ما حكم معاملة الكفار في التجارة وهل هذا يدخل في الموالاة ؟ الشيخ : معاملة الكفار في التجارة ليست ولاية ، الولاية المناصرة ، والاعتماد عليهم ، وكونه يخشى من معرفهم ، وأما التجارة فلا بأس ، لكن لاشك أن الإنسان إذا دار الأمر بين أن يتاجر مع كافر أو مع مؤمن لاشك أن التجارة مع مؤمن أولى .
في بعض البلاد التي يتواجد فيها الكفار ويعمل بعض المسلمون فيها هناك ومع الوقت يذهب ما في قلبه من بغض الكفار فقد يصادقهم فهل يدخل في ولاية الكفار؟
السائل : في بعض البلاد التي يتواجد فيها الكفار ويعمل بعض المسلمون فيها هناك ومع الوقت يذهب ما في قلبه من بغض الكفار فقد يصادقهم فهل هذا يدخل في ولاية الكفار ؟ الشيخ : أي نعم إن هذا عنده خلل في الدين ، لأن هذا نوع من الولاء ، الواجب أن أعامله لمصلحتي أنا لا لمصلحتهم هم وأن أعاملهم معاملة دون أن يصل أثرها إلى القلب ، وإلا من المعلوم أن الإنسان إذا أحسن إليه أحد سيحبه ، لو أن طبيبا مثلا من الكفار عجز أطباء المسلمون عن معالجة هذا المريض وهذا الطبيب الكافر عالجه فبرئ بإذن الله ، لاشك أنه سيقع في قلبه محبة لهذا الطبيب ، لكن ليست محبة تصل إلى محبة الدين إنما هي محبة طبيعية أن الإنسان يحب من أحسن إليه .
هل يستفاد من قوله تعالى (( إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ... )) أن المنافقين أشد كفرا من بعض الكفار الأصليين ؟
السائل : في بعض البلاد التي يتواجد فيها الكفار ويعمل بعض المسلمون فيها هناك ومع الوقت يذهب ما في قلبه من بغض الكفار فقد يصادقهم فهل هذا يدخل في ولاية الكفار ؟ الشيخ : أي نعم إن هذا عنده خلل في الدين ، لأن هذا نوع من الولاء ، الواجب أن أعامله لمصلحتي أنا لا لمصلحتهم هم وأن أعاملهم معاملة دون أن يصل أثرها إلى القلب ، وإلا من المعلوم أن الإنسان إذا أحسن إليه أحد سيحبه ، لو أن طبيبا مثلا من الكفار عجز أطباء المسلمون عن معالجة هذا المريض وهذا الطبيب الكافر عالجه فبرئ بإذن الله ، لاشك أنه سيقع في قلبه محبة لهذا الطبيب ، لكن ليست محبة تصل إلى محبة الدين إنما هي محبة طبيعية أن الإنسان يحب من أحسن إليه .
السائل : ما حكم التسليم على الكفار بالإشارة ؟ الشيخ : لا ، لا يشير عليهم ، لكن هل هو يعرف أن هؤلاء كفار ؟ هو يراهم لا يصلون ؟ طيب إذا لا يسلم عليهم ، هل يسلم من باب الدعوة ؟ باب الدعوة شيء آخر ، لكن هذا الذي مر في الطريق هل هو ؟ من باب التأليف ، أما الرسول صلى الله عليه وآله وسلم قال: ( لا تبدؤوا اليهود والنصارى بالسلام ) ، فقط إشارة أيضا ما يجوز ؟ هم يعدونها تحية ، لعلهم يرون أن الإشارة أعظم من السلام ، لكن كما يوجد في بعض الناس يكون في دائرة رئيسها غير مسلم فهنا إذا دخل لابد أن يسلم لأن ... ربما لو لم يسلم لامتلأ قلب هذا الكفار عليه غيظا وعطل مسيرته ، فمثل هذا يقول مثلا صباح الخير ، صباح الخير لمن ؟ لنفسه وللمسلمين ، يعني ما قصد صباح الخير لك وهو ربما يفهم أنه له ، وهذا من باب التورية الجائزة . السائل : لكن يا شيخ كيف نلتقي معهم ؟ الشيخ : مع من ؟ السائل : مع هؤلاء الكفار هم كل يوم يبتسم في وجهه ؟ الشيخ : أي نعم إذا ابتسم وابتسم لكن لا تبدأهم بالسلام .
سؤال عن حديث ( ... حتى لا يتحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه ... )؟
السائل : عن حديث ( ... حتى لا يتحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه ) ؟ الشيخ : لأن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم داعية يدعوا الناس إلى دين الله ، فإذا كان داعيا يدع الناس إلى دين الله ويحثهم على الدخول فيه ثم صار يقتل أصحابه نفر الناس ، لا ، لا ما هو صحيح ، أولا الأمة الإسلامية كما ترى الآن متوزعة كل واحد أمير على بلد ، والثاني أن الناس ما يشعرون لأن ولاية هؤلاء الأمراء كولاية الرسول .
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، (( لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم وكان الله سميعا عليما إن تبدوا خيرا أو تخفوه أو تعفوا عن سوء فإن الله كان عفوا قديرا إن الذين يكفرون بالله ورسله ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلا أولئك هم الكافرون حقا وأعتدنا للكافرين عذابا مهينا والذين آمنوا بالله ورسله ولم يفرقوا بين أحد منهم أولئك سوف يؤتيهم أجورهم وكان الله غفورا رحيما )) .
تفسير الآية : (( لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم وكان الله سميعًا عليمًا )) .
تفسير الآية الكريمة: (( لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم وكان الله سميعا عليما )) . أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، قال الله تبارك وتعالى: (( لا يحب الله الجهر بالسوء إلا من ظلم )) لا يخفى أن هذه الجملة جملة خبرية منفية (( لا يحب الله الجهر بالسوء )) والجهر بالسوء معناه أن يقول فلان ظلمني ، فلان أخذ حقي ، وفلان جحده ، وما أشبه ذلك ، فالله لا يحب هذا إلا من ظلم ، إلا من ظلم بأخذ حقه والعدوان عليه فإن محبة الله لا تنتفي بحقه ، مثال المظلوم لو أن إنسانا آذاه جاره فصار يتكلم عند الحاكم أو عند الأمير أو عند من يستطيع أن يزيل مظلمته ويجهر بهذا السوء وليس المراد بالجهر أن يصوت بين الناس ، المراد أن يبينه لغيره ، فإن هذا مظلوم ، فله أن يقول ذلك ، ومن هذا القصة الجار الذي كان يؤذي جاره فأمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يخرج متاعه عن بيته فيمر الناس به فيقول ما هذا ؟ فيقول آذاني جاري ، فيكون في هذا فضيحة للجار بالقول أو الفعل ؟ بالفعل ، ومن الجهر بالسوء ممن ظلم أن يسبك إنسان أماك ويقول أنت بخيل ، أنت جبان ، أنت سفيه ، وما أشبه ذلك فلك أن ترد عليه بمثل ما وصفك به من العيب ، فتقول السفيه أنت ، الجبان أنت ، البخيل أنت ، كما قال بدون زيادة ، لقوله تعالى: (( فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم )) ولقوله: (( فإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به )) ولقوله تعالى: (( ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل إنما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق أولئك لهم عذاب أليم )) ولقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ( المستبان ما قالا فعلى البادئ منهما ما لم يعتدي المظلوم ) كل هذه النصوص تدل على أنه يجوز الجهر بالقول ممن كان مظلوما ، ومن ذلك ما يفضيه الإنسان إلى صديقه ورفيقه في شكاية الحال كما لو كان الإنسان ظلمه شخص وجاء إلى صديقه يتحدث ويقول فلان فعل بي كذا فعل بي كذا فعل بي كذا ، ومن ذلك أيضا الزوجة تشكوا ما يحصل من زوجها إلى أخواتها ، إلى أمها ، وما أشبه ذلك ، لأن كل هؤلاء مظلومون وقد استثنى الله تعالى من ظلم ، ومن ذلك إذا قال لعنك الله فقل لعنك الله أنت ، لأن هذا اعتداء بمثل ما اعتدى عليك ، وعلى هذا نقول إن الجهر بالسوء من القول إذا كان من مظلوم فإن محبة الله لا تنتفي عنه ، وهذا من نعمة الله عزوجل ورفع الحرج عن الأمة ، لأنه لو كان الله لا يحب الجهر بالسوء من القول حتى من المظلوم صار في ذلك حرج لأن المظلوم يكاد يشقق صدره حتى يتحدث عما في صدره من الظلامة فيخف عليه الأمر . (( وكان الله سميعا عليما ))(( سميعا )) لأقوالكم (( عليما )) بما في قلوبكم يعني فاحذروه ، احذروا أن تقولوا ما لا يرضاه ، احذروا أن تخفوا في صدوركم ما لا يرضاه .
فوائد الآية : (( لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم وكان الله سميعًا عليمًا )) .
فوائد الآية الكريمة: (( لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم وكان الله سميعا عليما )) . في هذه الآية الكريمة: إثبات المحبة لله أي أن الله يحب ، ووجه الدلالة أننا استدللنا على الإثبات من النفي ، كيف نستدل على إثبات بالنفي ؟ لأن هذا النفي خص بحال معين فيكون دليلا على أن ما سوى ذلك تثبت به المحبة ، والمحبة محبة الله عزوجل للعبد هي غاية ما يتمناه الإنسان وأكمل مراتب الإنسان ، ولهذا قال الله تعالى: (( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله )) ولم يكن الجواب على ما يتوقع من أن يقال: فاتبعوني تصدق في دعواكم ، بل قال: (( فاتبعوني يحببكم الله )) وهذا هو الغاية ، ومحبة الله عزوجل تنال بهذا الشرط وهو شرط يسير لمن يسره الله عليه ـ نسأل الله أن ييسره لنا ولكم ـ وهو اتباع الرسول عليه الصلاة والسلام ظاهرا وباطنا في العقيدة والقول والفعل ، إذا حققت ذلك فإن محبة الله سوف تنالك ، أنكر قوم محبة الله كالأشاعرة ـ نسأل الله أن يعفوا عن الأموات منهم وأن يهدي الأحياء ـ أنكروا المحبة وقالوا إن الله لا يحب ، لكن إنكارهم إياها ليس إنكار جحود إذ لو كان إنكار جحود لكفروا لأنه تكذيب لما أثبته الله لنفسه ، لكنه إنكار تأويل قصدوا به تنزيه الله لكن ضلوا ، قالوا إن المحبة لا تقع إلا بين متجانسين والله عز وجل مباين للخلق (( ليس كمثله شيء وهو السميع البصير )) إذا ما معنى المحبة التي جاءت في الكتاب والسنة ؟ قالوا إن المحبة هي الإحسان ، ففسروها بأمر بائن منفصل عن الله ، أو هي إرادة الإحسان لأن الإرادة عندهم ثابتة لله عزوجل ، فيقال لهم هل الإحسان إلا ثمرة المحبة ؟ وهل إرادة الإحسان إلا ثمرة المحبة ؟ لأن الله لا يحسن إلى من لا يحب إلا على سبيل الاستدراج ، ولهذا إذا رأيت الله ينعم على العبد مع إقامته على معاصيه فاعلم أن ذلك استدراج (( والذين كفروا سنستدرجهم من حيث لا يعلمون )) ، إذا عقيدتنا أن الله عزوجل يحب وأنه يحب جل وعلا ، وأن محبته أعلى المراتب وأفضل المنازل . ومن فوائدها: حسن الإسلام وأن الإسلام يدعوا إلى التراضي وعدم الجهر بالسوء وألا تفضح أحد بسوئه ، ولهذا كانت الغيبة من كبائر الذنوب وهي ذكرك أخاك بما يكره . ومن فوائدها: عدالة الإسلام ، وجه ذلك أنه رخص للمظلوم أن يجهر بالقول لكن بحسب مظلمته ، لا يزيد ، فإن زاد فكما قال النبي عليه الصلاة والسلام: ( على البادئ منها ما لم يعتدي المظلوم ) . ومن فوائدها: أن الدين الإسلامي لا يكفت النفوس بل يوسع لها ويشرح الصدور ويدخل السرور ، ولهذا نهي الإنسان أن يتعرض لما فيه الغم والهم والوساوس والأوهام حتى إن النبي عليه الصلاة والسلام قال للذي يشك: ( هل خرج منك ريح أو لا ، قال لا ينصرف حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا ) والمعنى حتى يتيقن مثل يقين الشمس ، أما مجرد التخيل أنه خرج من بطنه شيء أو من دبره شيء أو من قبله شيء فهذا يجب أن يطرح ، لماذا ؟ لئلا يقع الإنسان في تذبذب وتردد ، الدين الإسلام يريد منك أن تكون دائما في ، وجه ذلك في هذه الآية أنه رخص للمظلوم أن يجهر بالسوء بقدر مظلمته لأن ذلك تنفيس عن نفسه بلاشك . ومن فوائدها: إثبات هذين الاسمين لله عزوجل ، وهما: السميع ، والعليم ، أما السميع فقال العلماء إنه ينقسم إلى قسمين: سمع بمعنى إدراك المسموع ، وسمع بمعنى الاستجابة ، والسمع الذي بمعنى إدراك المسموع يتنوع أيضا ، تارة يراد به بيان إحاطة الله تعالى بكل مسموع ، وتارة يراد به التأييد والنصر ، وتارة يراد به التهديد على حسب ما تقتضيه الحال والسياق ، فمن الأول قول الله تبارك وتعالى: (( قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله )) وهذه المرأة كانت في حجرة النبي عليه الصلاة والسلام ، في الأرض والرب عزوجل في السماء فوق عرشه ، وتقول عائشة ( الحمد لله الذي وسع سمعه الأصوات لقد كنت في الحجرة وإنه ليخفى علي بعض حديثها والله عزوجل يقول سمع قول التي تجادل ويسمع تحاوركما ) هذا سمع يراد به أيش ؟ بيان الإحاطة لله بكل مسموع ، وتارة يراد به التأييد والنصر مثل قول الله تبارك وتعالى لموسى وهارون: (( لا تخافا إنني معكما أسمع وأرى )) يعني فأؤيدكما وأنصركما ، وقد يراد بذلك في هذه الآية التهديد أيضا ، تهديد من ؟ تهديد فرعون ، وأما الذي للتهديد فمثل قوله تعالى: (( لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء )) من هم الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء يا أخ ؟ اليهود ، قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء ، قال الله تعالى: (( سنكتب لهم ما قالوا وقتلهم الأنبياء بغير الحق ونقول ذوقوا عذاب الحريق )) هذا لاشك أن المقصود به التهديد ، وكذلك قوله تعالى: (( أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم بلى ورسلنا لديهم يكتبون )) فهو مسموع مكتوب ، وستكون القراءة متى ؟ يوم القيمة (( وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ونخرج له يوم القيمة كتابا يلقاه منشورا اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا )) قال بعض السلف " والله لقد أنصفك من جعلك حسيبا على نفسك " خذ هذا الكتاب اقرأ وحاسب نفسك ، القسم الثاني من أقسام السمع: سمع الاستجابة ، أن الله يستجيب ، وذلك فيما إذا أضيف إلى الدعاء أو نحو ذلك مثل قوله تعالى: (( إن ربي لسميع الدعاء )) أي لمجيب ، وليس مراد ابراهيم عليه الصلاة والسلام أن الله يسمع دعائه فقط ، لأن سميع الدعاء لاشك أنه كمال وأن الله تعالى مدرك لكل مسموع ، لكن المقصود من دعاء الداعي أيش ؟ الاستجابة ، فيكون معنى (( إن ربي لسميع الدعاء )) أي مستجيب الدعاء ، قالوا ومن ذلك قول المصلي " سمع الله لمن حمده " أي استجاب ، وهذا حق ويؤيد ذلك أنه عدي باللام " سمع الله لمن حمده " ولو كان المراد إدراك الحمد أو إدراك قول الحامد لقال " سمع الله من حمده " . أما العليم فهذه أوسع شيء ، علم الله تعالى محيط بكل شيء ، محيط بالظاهر والباطن ، محيط بالماضي والمستقبل ، بالواجب والممكن والمستحيل ، ولهذا لا شيء أعم من العلم فيما يحضرني الآن ، العلم شامل جدا ، فهو يتعلق بالماضي والمستقبل ، ولذلك قول موسى عليه الصلاة والسلام حين سأله فرعون (( ما بال القرون الأولى )) ؟ قال: (( علمها عند ربي في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى )) سبحان الله ، لا يضل جهلا ولا ينسى ذكرا ، بل هو جل وعلا عالم بكل شيء ، ولا ينسى الماضي بينما العالم من سوى الله أهل للنسيان ، كذلك علم الله عزوجل محيط بالظاهر والباطن ، (( ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه )) ولا شيء أخفى من هذا ، ما توسوس به نفسك وتحدثك به نفسك فالله تعالى يعلم به ، وأما الظاهر فظاهر علم الله به ، وكذلك أيضا علم الله محيط بالواجب والممكن والمستحيل ، أما المستحيل فكقوله تعالى: (( لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا )) هذا خبر ، خبر عن علم أو عن غير علم ؟ عن علم ، ومن المعلوم أنه لا يمكن أن يكون في السموات والأرض آلهة سوى الله ، مستحيل غاية الاستحالة ، فهذا خبر عن مستحيل صادر عن علم ، أما العلم بالواجب فعلم الله تعالى عن نفسه وبما له من الأسماء والصفات فإن هذا من العلم بالواجب ، وهو أعلم بنفسه من غيره ، وأما تعلقه بالممكن فعلمه بما يحدث في الكون ، كل ما يحدث في الكون من غير ما يتعلق بالله عزوجل فهو ممكن ، لأن الكون كله حادث بعد أن لم يكن ، ( كان الله تعالى ولم يكن شيء قبله ) وفي لفظ ( ولم يكن شيء معه ) فكل الكون حادث ، كل الكون قابل للزوال ، لأن كل حادث قابل للزوال بدليل عدمه قبل وجوده ، وكلمة قابل ليس معناها أن كل موجود فاني لكنه قابل للفناء ، وإنما قلنا ذلك لئلا يرد علينا الروح ، الروح مخلوقة بعد العدم لكنها باقية لا تفني ، الولدان والحور في الجنة مخلوقة ولكنها لا تفنى ، تبقى أبد الآبدين ، الجنة أيضا مخلوقة وتبقى أبد الآبدين ، النار مخلوقة وتبقى أبد الآبدين ، ولهذا نقول كل موجود قابل للزوال لا لأنه زائل لأن من المخلوقات لا يزول ، لكن كونه حادثا بعد أن لم يكن دليل على أنه من أقسام الممكن القابل للعدم والوجود ، ووجه ذلك أنه لو لم يكن قابلا للوجود لم يوجد ، ولو لم يكن قابلا للعدم لم يعدم أولا ، المهم أن علم الله تعالى محيط بكل شيء ، ويا إخواني إيماننا بعلم الله ليس أن نؤمن بهذه الصفة العظيمة الواسعة الشاملة لكن المهم أن نحذر من أن يعلم في قلوبنا ما لا يرضاه عنا ، أو أن يعلم من أفعالنا ما لا يرضاه عنا ، أو من أقوالنا ما لا يرضاه عنا ، أو مما نترك ما لا يرضاه عنا ، هذا هو المهم ، ولهذا يجب أن يركز طالب العلم على الفوائد المسلكية التي تستفاد من أسماء الله و صفاتها لا على أقسامها و تقسيمها وعمومها وشمولها لا ، أهم الشيء أن تعدها من منهجك ومن مسلك ، ولهذا قال الله عزوجل: (( ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها )) اعبدوه بها ، أن تعبدوا بمقتضى هذه الأسماء ، وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ( إن لله تسعة وتسعين اسما من أحصاها دخل الجنة ) ومن إحصائها التعبد لله بمقتضاها ـ وفقني الله وإياكم بذلك ـ .
إذا قال رجل كريم لرجل أنت بخيل فكيف يقول له الآخر؟
السائل : لو قال قائل: إن علم الله سبحانه وتعالى بالأشياء التي ستصير ، لأن الله جل وعلا لما علم أن الشيء سيصير صار هذا الشيء واجب الوقوع ؟ الشيخ : لا ، غلط ، هذا غلط ، لأنه واجب الوقوع بأخبار الله ، لكن أصله ممكن . السائل : إذا قال رجل كريم لرجل أنت بخيل فكيف يقول له الآخر ؟ الشيخ : في هذه الحال يقول حسبنا الله ونعم الوكيل ، لأنه لو قال أنت بخيل صار كاذبا لكن لعله يجد صفة تقابل البخل أو ، إذا كان جبانا هل يقول له أنت جبان ، أي نعم هذا الذي أريد أن أقول لعله يجد صفة أخرى تكون مكافئة للبخل ، لأن الجبان بخيل بالنفس وعدم الإنفاق بخل بالمال ، هذا ليس مكافئ له ، لا ، مثله ، المقصود صفة الذم تقابل هذا ، لكن لو قال أنت مبتدع ما صار مثله .
السائل : ما ضابط الأعمال التي يجوز أن نقابل بمثلها مثلا لو قال لعنك الله نقول لعنك الله ؟ الشيخ : لا لا ، هذا أصله محرم بذاته وما ذكرناه محرم لكونه عدوانا على غيره يعني مثلا كوني أقول لعنه الله أو أصفه بالبخل أو ما أشبه ذلك إنما حرم لأنه عدوان على الغير ، ثم هو انتهك حرمتي فلي أن أنتهك حرمته ، أما ما كان محرما من حق الله فلا يمكن أن يقابله .
السائل : هل يحرق من حرق غيره بالنار حتى مات ؟ الشيخ : مم أتى هذه يحرق يعني لو أن الإنسان قتل شخصا بالنار قتلناه بها ، السائل : شيخ لا نستطيع أن نميز بين الأعمال التي من حق الله وبين ؟ الشيخ : لا ، هذه مكافئة (( فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم )) ولهذا رض النبي صلى الله عليه وآله وسلم رأس اليهودي بين حجرين .
لو أن أحدا سب آخر بأبيه فهل للآخر أن يسبه بأبيه كذلك؟
السائل : لو أن أحدا سب آخر بأبيه فهل للآخر أن يسبه بأبيه كذلك ؟ الشيخ : قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم في جملة ما عد الكبائر: ( لعن الله من لعن والديه ، قالوا يا رسول الله كيف يلعن الرجل والديه ؟ قال يسب أبا الرجل فيسب أباه ويسب أمه فيسب أمه ) فظاهر هذا الحديث أنه لا بأس ، أنه لا بأس إذا سب أبي وأبي خال من هذه المسبة أنا أسب أباه لأن المقصود إهانة هذا الرجل ما هو إهانة الأب ، إهانة الرجل .
الاستثناء إذا جاء بعد النهي يفيد الحب لذلك الشيء كقوله تعالى (( لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم وكان الله سميعًا عليمًا )) ؟.
السائل : الاستثناء إذا جاء بعد النهي يفيد الإثبات كقوله تعالى: (( لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم وكان الله سميعا عليما )) فهل هنا نقول إن الله يحب الجهر ؟ الشيخ : لا ، (( لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم )) فمن ظلم فإنها لا نقول إنها تنفي عن المحبة ، فهل يحب ؟ لا ، قد تكون يحب وقد لا يحب ، ولهذا نقول من ظلم فله أن يفعل فينتفي عنه انتفاء المحبة ، وقد يكون من ظلم الأفضل له أن يعفوا ويصفح ، ... ، إنه ليس معناه أن من ظلم إن الله يحب أن يجهر ، لا ، من ظلم فإنه ينتفي عنه انتفاء المحبة .
بعض أهل العلم المشهود لهم بالعلم يقول إنه لا يعد الشخص ميتدعا إلا إذا أقيمت عليه الحجة أما قبل أن تقام عليه الحجة فإنه لا يكون مبتدعا؟
السائل : بعض أهل العلم المشهود لهم بالعلم يقول إنه لا يعد الشخص مبتدعا إلا إذا أقيمت عليه الحجة أما قبل أن تقام عليه الحجة فإنه لا يكون مبتدعا ولو وقعت في البدعة ؟ الشيخ : ما هو بالظاهر ، الظاهر ما ذكرت لك ، الذي يتبع هذا المنهج لأن منهج الأشاعرة ما هي بدعتهم في الصفات فقط ، في الصفات ، في أفعال العباد ، في القدر ، في الإيمان ، لكن لو أخطأ رجل في مسألة ما هذا لا يعد مبتداء لا يقال أشعري مثلا ، وضربت لكم مثلا بالمذاهب الفقهية .
كيف يثني الله سبحانه وتعالى على العافين وفي الآية (( ومن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل اعتدى عليكم ... )) ويبيح الاعتداء لمن اعتدى عليه؟
السائل : كيف يثني الله تعالى على العافين عن الناس وهنا في الآية الأخرى قال: (( ومن اعتدى عليكم فاعتدوا بمثل ما اعتدى عليكم ... )) ويبيح الاعتداء لمن اعتدى عليه ؟ الشيخ : لأن العفو مقيد ، ليس كل عفو محبوبا إلى الله ، قيد الله العفو بقوله: (( فمن عفا وأصلح )) فإذا لم يكن في العفو إصلاح لا تعفوا ، إذا سبني أحد هل الأفضل أن أسكت أم ؟ إذا ظننت أن سكوتك يؤدي إلى عدوان الرجل واستعلاءه عليك وعلى غيرك فسبه ما هي مسبة ، وإذا ظننت أن سكوتك لا تحصل به هذه المفسدة وربما يزول به مفسدة المشاجرة التي قد تؤدي إلى عداوة وبغضاء وربما إلى قتال فاعفوا ، إذا المسألة مسألة المصالح و ... ؟ أي نعم .
في بعض الأحيان يريد الإنسان أن ينصح أخاه بالخير ولكن هو نفسه غير مطبق لهذا الخير فيخشى أن يقع في الوعيد لمن يأمر غيره بالخير ولا يأتيه فكيف؟
السائل : في بعض الأحيان يريد الإنسان أن ينصح أخاه بالخير ولكن هو نفسه غير مطبق لهذا الخير فيخشى أن يقع في الوعيد لمن يأمر غيره بالخير ولا يأتيه لقول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: ( يدور كما يدور الحمار حول الحمى ) فكيف هذا ؟ الشيخ : هل قول الرسول عليه الصلاة والسلام هذا ليصد الناس عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ؟ أو ليحذرهم من كونهم يأمرون ولا يفعلون ؟ الثاني ، إذا مرهم ثم خجل نفسك ، قل كيف تأمرين الناس بهذا الشيء وأنت لا تفعلينه ؟ وكذلك العكس بالنهي ، لا تظن أن الرسول قال هذا لأجل أن يحذرنا من أن نأمر الناس ولا نفعل ، إنما يحذرنا من أن نأمر بالخير ثم نستمر في تركه .
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، (( إن الذين يكفرون بالله ورسله ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلا أولئك هم الكافرون حقا وأعتدنا للكافرين عذابا مهينا والذين آمنوا بالله ورسله ولم يفرقوا بين أحد منهم أولئك سوف يؤتيهم أجورهم وكان الله غفورا رحيما )) .
تفسير الآية : (( إن تبدوا خيرًا أو تخفوه أو تعفوا عن سوءٍ فإن الله كان عفوًا قديرًا )) .
تفسير الآية الكريمة: (( إن تبدوا خيرا أو تخفوه أو تعفوا عن سوء فإن الله كان عفوا قديرا )) . قال الله تبارك وتعالى: (( إن تبدوا خيرا أو تخفوه أو تعفوا عن سوء فإن الله كان عفوا قديرا )) قوله: (( إن تبدوا )) هذه الجملة شرطية وجواب الشرط قيل إنه محذوف ، وقيل إنه قوله: (( فإن الله كان عفوا قديرا )) وأن هذه الجملة وإن كان ظاهر الحال أنها لا رابطة بينها وبين الشر لكنها تدل عليه ، وسنتكلم عليها إن شاء الله . قال: (( إن تبدوا خيرا أو تخفوه ))(( تبدوا )) أي تظهروا ، ومن أين عرفنا أن الإبداء بمعنى الإظهار ؟ من ذكر مقابله وهو قوله: (( إن تبدوه )) وهذه قاعدة مفيدة في التفسير أنه ربما يخفى عليك معنى بعض الكلمات فانظر إلى ما يقابلها ، فقوله تعالى: (( فانفروا ثبات أو انفروا جميعا )) لو أن أحدا سألك ما معنى الثبات ؟ لعرفت معناها من ذكر معارضها وهو قوله: (( أو انفروا جميعا )) فيكون معنى الثبات أي فرادا ، إذا تظهروا خيرا أو تخفوه فلم تعدموا أجرها فسوف تؤجرون عليه لأن الخير مطلوب ونافع سواء كان مبديا أو مخفيا ، في مقابل ذلك (( أو تعفوا عن سوء ))(( تعفوا )) العفو هو الإبراء من التبعة ، فالمعنى (( أو تعفوا عن سوء )) أي تبرئ من أساء إليكم من تبعة سوءه ، وقوله: (( عن سوء )) أي عما يسوء من قول أو فعل ، (( فإن الله كان عفوا قديرا )) أي أنه ذو عفو مع القدرة على الانتقام ممن أساء ، فإذا كان الله تعالى عافيا عمن أساء مع القدرة فأنتم ممن باب أولى أن تعفوا لأنكم ليس لديكم من القدرة على الانتصار من نفس والانتقام من المجرم كالذي عند الله عز وجل .
فوائد الآية : (( إن تبدوا خيرًا أو تخفوه أو تعفوا عن سوءٍ فإن الله كان عفوًا قديرًا )) .
فوائد الآية الكريمة: (( إن تبدوا خيرا أو تخفوه أو تعفوا عن سوء فإن الله كان عفوا قديرا )) . من فوائد هذه الآية الكريمة: أن الخير خير سواء أبدي أو أخفي ، فإن قيل: أي ما أفضل الإبداء أو الإخفاء ؟ فقد يقول قائل الإبداء أفضل ، وقد يعارض قوله لكون الله تعالى بدأ بالإظهار قال: (( إن تبدوا )) وإنما يبدأ بالأهم فالأهم ، ولكن الذي يظهر أن ذلك راجع إلى المصلحة فإن كانت المصلحة في الإظهار أظهر مثل أن يكون رجلا ذا أسوة إذا أظهر ما عنده من الخير تأسى به الناس وفعلوا فعله فهذا طيب سواء كان ذلك على سبيل العموم أو على سبيل الخصوص بأن يتصدق على شخص معين حتى يراه الناس بأنه تصدق عليه فيقتدوا به ، لأن كثيرا من الناس الآن لا يتصدق على أحد إلا إذا علم أن الجهة الفلانية تصدقت عليه كجمعية البر الخيرية مثلا ، إذا نقول الإبداء والإخفاء يرجع إلى مصلحة فإن لم تظهر المصلحة الراجحة في الإبداء فالإخفاء أفضل لقول النبي عليه الصلاة والسلام فيمن يظلهم الله في ظله ( رجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفقه يمنه ) .