كتاب الحدود-03a
تتمة شرح قول المصنف :" أو ملك مختلف فيه ونحوه "
الشيخ : رجل عنده أمة فجاء صديقه فباعها على رجل آخر، المشتري جامعها وصاحب الأمة المالك لما أخبره صديقه أنّه باعها قال جزاك الله خير أنا ممض البيع ولا عندي مانع، المذهب عندنا مذهب الحنابلة المشهور عندهم أن البيع غير صحيح، ليش؟ لأنّ البائع ليس مالكا للأمة ولا وكيلا فليس له التصرف فيها، والقول الثاني أنه إذا أجازه صح البيع، وبناء على هذا يكون هذا في ملك مختلف فيه، وهذا ما يسمى عند أهل العلم بتصرّف الفضولي يعني معناه التصرّف الموقوف على الإجازة يكون تصرفا فضوليا.
قال المصنف :" أوأكرهت المرأة على الزنا "
الشيخ : يقول لمؤلف رحمه الله " أو أكرهت المرأة على الزنا " يعني أنها لا تحد ... حتّى زنى بها، والعياذ بالله عليها حد؟
الطلاب : ما عليها حد.
الشيخ : ما عليها حد، طيب والذي أكرهها؟
السائل : ... .
الشيخ : طيب طيب، هو الذي أكرهها يا جماعة.
السائل : ... .
الشيخ : كيف يجب الحد على واحد والثاني ما يجب عليه؟
السائل : ... .
الشيخ : هو يحد، المكره يحد لا شك، لو قيل بالحد والتعزير لكان أولى، يحدّ للزّنا ويعزّر للاعتداء، المهم المكره يحد ولا إشكال فيه، ولا مانع من أن يكون أحد الزانيين يقام عليه الحد والثاني لا يقام، لو زنى بامرأة دون البلوغ؟ هي لا تحد وهو يحد طيب، " أو أكرهت المرأة " هذا منطوق العبارة أن المرأة إذا أكرهت على الزنا فلا حد عليها، وإذا أكره الرجل على الزّنا؟ يعني واحد أكره إنسان على أن يزني بهذه الأمة، يعني إنسان عنده أمة ورأى هذا الرجل اللّبيب الشاب الجميل وقال أبيه يزني بها علشان يجيب ولد مثله أعوذ بالله، وجاءه وقال لازم تزني بهذه تجامعها فقال له يا ابن الحلال هذا حرام، فقال ما فيها إما هذا أو السيف، شوف السيف معي، يحد أو لا؟ المذهب يحد، شوف كلام المؤلف، ما قال أو أكره الإنسان على الزنا، المؤلف يقول " أو أكرهت المرأة على الزنا " وعلم من كلامه أنه لو أكره الرّجل أقيم عليه الحدّ، لماذا؟ قالوا لأنّ الإكراه في حق الرجل لا يتصوّر، ليش لا يتصور؟ قالوا لا جماع إلا بانتشار، صح أو لا؟
السائل : نعم.
الشيخ : ولا انتشار إلا بإرادة، الانتشار قيام الذكر يعني، يقولون ما يمكن يكره الرجل على الزنا، لأنه ما يمكن يجامع إلا بانتشار، ولا انتشار إلا بإرادة، والإرادة رضا أو إكراه؟ رضا، فلذلك لما لم يتصوّر الإكراه في حقّه صار الحد واجبا عليه، ولا يعارض هذا الحديث ( وما استكرهوا عليه ) لأنهم يقولون هذا الرجل ما استكره، أخيرا رضي، ولكن القول الرّاجح بلا شكّ أنه لا حد عليه وأنّ الإكراه موجود، رجل يقال افعل بهذا المرأة أو قتلناك وتأتي أمامه بثياب جميلة وهي شابة وجميلة، ويمكن إذا عيى أخذوه حطوه فوقها ونقول ما يكره؟ هذا من أبلغ ما يكون من الإكراه، ومهما كان الإنسان بشر، والصّواب بلا شكّ أنّه لا حد عليه، وإذا لم تكن مثل هذه الصورة من الشبهة فأين الشبهة؟! هذه الشبهة الحقيقة، رجل معروف بأنّه إنسان تقي وبعيد من الشرّ وعفيف ولا أحد يمكن أن يجرحه بشيء، ويجيؤه واحد من عباد الله من شياطين الإنس يكرهه على أن يزني بامرأة ويهدده بالقتل وهو يمكن أن يقتله ثم يزني لدفع الإكراه لا لرغبة في الزنا ونقول والله هذا يجب أن يقام عليه الحد؟! له زوجة وسبعة أولاد وثلاثة بنات وبيت، وبعدين نرجمه رجم لأنّه لا يعذر بهذا الإكراه، وقد زنى في هذه الحال، والصّواب بلا شك أن الإكراه في حق الرّجل ممكن، وأنّ الإنسان بشر فإذا أكره على الزنا فإنه لا حد عليه ولكن المكره يحد حد الزنا؟ يعزّر، ولا يحد حد الزنا لأنه ما زنى، فإن قلت مر علينا في القصاص أنه إذا أكره إنسان رجلا آخر على قتل إنسان فالضمان عليهما جميعا على المكرِه والمكره؟ نقول هذا قصاص ولهذا لو تمالأ جماعة على قتل إنسان قتلوا جميعا لكن لو تمالأ رجال على يزنوا بامراة فزنى واحد فقط أقيم الحد على الزاني فقط، ففرق بين هذا وهذا.
الطلاب : ما عليها حد.
الشيخ : ما عليها حد، طيب والذي أكرهها؟
السائل : ... .
الشيخ : طيب طيب، هو الذي أكرهها يا جماعة.
السائل : ... .
الشيخ : كيف يجب الحد على واحد والثاني ما يجب عليه؟
السائل : ... .
الشيخ : هو يحد، المكره يحد لا شك، لو قيل بالحد والتعزير لكان أولى، يحدّ للزّنا ويعزّر للاعتداء، المهم المكره يحد ولا إشكال فيه، ولا مانع من أن يكون أحد الزانيين يقام عليه الحد والثاني لا يقام، لو زنى بامرأة دون البلوغ؟ هي لا تحد وهو يحد طيب، " أو أكرهت المرأة " هذا منطوق العبارة أن المرأة إذا أكرهت على الزنا فلا حد عليها، وإذا أكره الرجل على الزّنا؟ يعني واحد أكره إنسان على أن يزني بهذه الأمة، يعني إنسان عنده أمة ورأى هذا الرجل اللّبيب الشاب الجميل وقال أبيه يزني بها علشان يجيب ولد مثله أعوذ بالله، وجاءه وقال لازم تزني بهذه تجامعها فقال له يا ابن الحلال هذا حرام، فقال ما فيها إما هذا أو السيف، شوف السيف معي، يحد أو لا؟ المذهب يحد، شوف كلام المؤلف، ما قال أو أكره الإنسان على الزنا، المؤلف يقول " أو أكرهت المرأة على الزنا " وعلم من كلامه أنه لو أكره الرّجل أقيم عليه الحدّ، لماذا؟ قالوا لأنّ الإكراه في حق الرجل لا يتصوّر، ليش لا يتصور؟ قالوا لا جماع إلا بانتشار، صح أو لا؟
السائل : نعم.
الشيخ : ولا انتشار إلا بإرادة، الانتشار قيام الذكر يعني، يقولون ما يمكن يكره الرجل على الزنا، لأنه ما يمكن يجامع إلا بانتشار، ولا انتشار إلا بإرادة، والإرادة رضا أو إكراه؟ رضا، فلذلك لما لم يتصوّر الإكراه في حقّه صار الحد واجبا عليه، ولا يعارض هذا الحديث ( وما استكرهوا عليه ) لأنهم يقولون هذا الرجل ما استكره، أخيرا رضي، ولكن القول الرّاجح بلا شكّ أنه لا حد عليه وأنّ الإكراه موجود، رجل يقال افعل بهذا المرأة أو قتلناك وتأتي أمامه بثياب جميلة وهي شابة وجميلة، ويمكن إذا عيى أخذوه حطوه فوقها ونقول ما يكره؟ هذا من أبلغ ما يكون من الإكراه، ومهما كان الإنسان بشر، والصّواب بلا شكّ أنّه لا حد عليه، وإذا لم تكن مثل هذه الصورة من الشبهة فأين الشبهة؟! هذه الشبهة الحقيقة، رجل معروف بأنّه إنسان تقي وبعيد من الشرّ وعفيف ولا أحد يمكن أن يجرحه بشيء، ويجيؤه واحد من عباد الله من شياطين الإنس يكرهه على أن يزني بامرأة ويهدده بالقتل وهو يمكن أن يقتله ثم يزني لدفع الإكراه لا لرغبة في الزنا ونقول والله هذا يجب أن يقام عليه الحد؟! له زوجة وسبعة أولاد وثلاثة بنات وبيت، وبعدين نرجمه رجم لأنّه لا يعذر بهذا الإكراه، وقد زنى في هذه الحال، والصّواب بلا شك أن الإكراه في حق الرّجل ممكن، وأنّ الإنسان بشر فإذا أكره على الزنا فإنه لا حد عليه ولكن المكره يحد حد الزنا؟ يعزّر، ولا يحد حد الزنا لأنه ما زنى، فإن قلت مر علينا في القصاص أنه إذا أكره إنسان رجلا آخر على قتل إنسان فالضمان عليهما جميعا على المكرِه والمكره؟ نقول هذا قصاص ولهذا لو تمالأ جماعة على قتل إنسان قتلوا جميعا لكن لو تمالأ رجال على يزنوا بامراة فزنى واحد فقط أقيم الحد على الزاني فقط، ففرق بين هذا وهذا.
ذكرنا أن الخلاف سبب لعدم إقامة الحد لكونه شبهة لكن قلنا أن التعليل بالخلاف عليل فكيف.؟
السائل : ذكرنا أن الخلاف سبب لعدم إقامة الحد.
الشيخ : لأن الخلاف شبهة، أقول لك لأن الخلاف شبهة.
السائل : إي نعم، والقاعدة تقول التعليل بالخلاف عليل، فكيف؟
الشيخ : لا لا يا أخي، التعليل بالخلاف في ثبوت الأحكام لا في رفع العقوبات، يعني أحيانا نقول يكره هذا خروجا من الخلاف.
السائل : ... .
الشيخ : لا لا، لأن هذه تطبيق عقوبة، وما دام أن العلماء مختلفين في هذا الأمر فهم يرون أنه شبهة، ونحن ما علّلنا الآن وجوب شيء أو أثبتنا حكما بل أسقطنا عقوبة لأننا لم نتحقق أنها ثبتت أو ثبت موجبها.
الشيخ : لأن الخلاف شبهة، أقول لك لأن الخلاف شبهة.
السائل : إي نعم، والقاعدة تقول التعليل بالخلاف عليل، فكيف؟
الشيخ : لا لا يا أخي، التعليل بالخلاف في ثبوت الأحكام لا في رفع العقوبات، يعني أحيانا نقول يكره هذا خروجا من الخلاف.
السائل : ... .
الشيخ : لا لا، لأن هذه تطبيق عقوبة، وما دام أن العلماء مختلفين في هذا الأمر فهم يرون أنه شبهة، ونحن ما علّلنا الآن وجوب شيء أو أثبتنا حكما بل أسقطنا عقوبة لأننا لم نتحقق أنها ثبتت أو ثبت موجبها.
3 - ذكرنا أن الخلاف سبب لعدم إقامة الحد لكونه شبهة لكن قلنا أن التعليل بالخلاف عليل فكيف.؟ أستمع حفظ
من أكره على الزنا فأبى فقتل فهل يأثم.؟
السائل : هذا رجل أكره على الزنا فأبى ولم يرض فقتل فهل يناله شيء من الإثم في ذلك؟
الشيخ : وش تقولون؟ يقول رجل أكره على الزنا فأبي فقتل، هل يكون آثما؟
السائل : لا يكون آثما.
الشيخ : طيب أيهما أعظم قتل النفس أو الزنا؟
السائل : قتل النفس.
الشيخ : قتل النفس أعظم.
السائل : إذا كان المكره محصنا؟
الشيخ : هو قتلها محصن أو شاب، قال ازن بهذه المرأة أو قتلتك؟ قال ما أزني، يعني كأن عبد الرحمن له ملحظ جيد يقول إذا كان محصن فهو سيقتل على كل حال فيجب أن يمتنع لأنه ما يستفيد من هذا، يعني ما يستفيد من الزنا بناء على المذهب بأنه يحد المكره، شوف ما أدري والله عاد هذه رمية من غير رام أو؟ من رامٍ؟ طيب، ملاحظة جيدة، يقول إذا كان المكره محصنا فإنه يمتنع لأنه على المذهب بناء على وجوب الحد على المكره إن زنى رجم وإن امتنع قتل وهو سالم من الإثم.
طيب، أما إذا كان غير محصن فيزني؟ والله على كل حال تحتاج إلى تأمل، ولكن لو قتل لهذا السبب فهو شهيد، نجيب المؤذن، والله أعلم.
الشيخ : وش تقولون؟ يقول رجل أكره على الزنا فأبي فقتل، هل يكون آثما؟
السائل : لا يكون آثما.
الشيخ : طيب أيهما أعظم قتل النفس أو الزنا؟
السائل : قتل النفس.
الشيخ : قتل النفس أعظم.
السائل : إذا كان المكره محصنا؟
الشيخ : هو قتلها محصن أو شاب، قال ازن بهذه المرأة أو قتلتك؟ قال ما أزني، يعني كأن عبد الرحمن له ملحظ جيد يقول إذا كان محصن فهو سيقتل على كل حال فيجب أن يمتنع لأنه ما يستفيد من هذا، يعني ما يستفيد من الزنا بناء على المذهب بأنه يحد المكره، شوف ما أدري والله عاد هذه رمية من غير رام أو؟ من رامٍ؟ طيب، ملاحظة جيدة، يقول إذا كان المكره محصنا فإنه يمتنع لأنه على المذهب بناء على وجوب الحد على المكره إن زنى رجم وإن امتنع قتل وهو سالم من الإثم.
طيب، أما إذا كان غير محصن فيزني؟ والله على كل حال تحتاج إلى تأمل، ولكن لو قتل لهذا السبب فهو شهيد، نجيب المؤذن، والله أعلم.
من خافت على عرضها فألقت بنفسها لتموت فهل تأثم.؟
السائل : من خافت على عرضها فألقت بنفسها في النهر فتموت خوفا من هتك عرضها ... ؟
الشيخ : أما فعلها بنفسها ما يجوز، أبدا، إذا هتك عرضها فهي مغصوبة لكن تروح تقتل نفسها بنفسها هذا ما يجوز أبدا، حتى لو قال إنسان لشخص اقتل نفسك أو قتلتك؟ ما يجوز له أن يقتل نفسه.
الشيخ : أما فعلها بنفسها ما يجوز، أبدا، إذا هتك عرضها فهي مغصوبة لكن تروح تقتل نفسها بنفسها هذا ما يجوز أبدا، حتى لو قال إنسان لشخص اقتل نفسك أو قتلتك؟ ما يجوز له أن يقتل نفسه.
من كان معروفا بالفساد فزنا وادعى الإكراه فهل نطالبه بالشهود.؟
السائل : من كان معروفا بالعفة والنزاهة وبعده عن الزنا ... وأكره بعدها هل نطالبه بإثبات وشهود أنه أكره على هذا، أو تكفي هذه القرينة ... ؟
الشيخ : إذا ادعى الإكراه يرفع عنه الحد.
السائل : ولو بدون شهود.
الشيخ : ولو بدون شهود.
السائل : لكن إذا كان معروفا بالفسق مثلا؟
الشيخ : هذا شيء ثانٍ، ومع ذلك ما نقيم عليه الحد، يمكن نعزره أو ما أشبه ذلك، الحد لا بد أن يكون باختياره.
السائل : لا بد بينة؟
الشيخ : ما هو شرط، لأن هذا محتمل، الإكراه محتمل.
الشيخ : إذا ادعى الإكراه يرفع عنه الحد.
السائل : ولو بدون شهود.
الشيخ : ولو بدون شهود.
السائل : لكن إذا كان معروفا بالفسق مثلا؟
الشيخ : هذا شيء ثانٍ، ومع ذلك ما نقيم عليه الحد، يمكن نعزره أو ما أشبه ذلك، الحد لا بد أن يكون باختياره.
السائل : لا بد بينة؟
الشيخ : ما هو شرط، لأن هذا محتمل، الإكراه محتمل.
ما هو الضابط في كون الخلاف معتبرا.؟
السائل : بالنسبة للاختلاف الذي ذكر، ما هو نوع هذا الخلاف؟ هذا إذا خالف عالم من العلماء هل يعتد بخلافه بغض النظر عن قوة الدليل الذي مع المخالف؟
الشيخ : لا، وعلى كل حال يراعى قوة الدليل، ويراعى أيضا اشتهار الخلاف بين الناس، قد يكون الخلاف ما هو معروف في هذه البلاد ولكن من كلام الفقهاء مهما كان ما دام الخلاف معتبرا، يعني ما هو واحد شاذ وما أشبه ذلك فهو خلاف.
الشيخ : لا، وعلى كل حال يراعى قوة الدليل، ويراعى أيضا اشتهار الخلاف بين الناس، قد يكون الخلاف ما هو معروف في هذه البلاد ولكن من كلام الفقهاء مهما كان ما دام الخلاف معتبرا، يعني ما هو واحد شاذ وما أشبه ذلك فهو خلاف.
امرأة دخلت إلى بيت إنسان وطلبت منه فعل الفاحشة وإلا فضحته فهل يكون هذا إكراها.؟
السائل : إذا أكره رجل من قبل امرأة، مثلا رجل عرف بالتقوى والخير ثم دخل إلى بيت بغير قصد فجاءته امرأة وقالت لا بد تفعل بي وإلا فضحتك في السوق، فهل يكون هذا إكراها من قبل المرأة للرجل؟
الشيخ : هذه تكون إكراه، كيف؟ هذه امرأة دخلت إلى بيت إنسان وقالت له إمّا أن يفعل بها وإمّا تصرّخ للناس وتقول هذا الرجل أكرهني، كذا؟
السائل : ... .
الشيخ : هذه وقعت لكن بغير هذه الصورة، امرأة وقفت لإنسان وقالت له أركبني في السيارة وأهلي قريبين، وبعدين ركبها، رق لها يقول الوقت حار القيلولة وشمس، ويقول ركبّتها وكلما قال لها وصلنا؟ تقول له امش، امش، امش حتى طلّعته عن البلد ودعته إلى نفسها فقال لها اتق الله، فقالت له إما أن تفعل أو أصرّخ وأقول أنت من أركبتني في السياة وغاصبني فماذا تقولون في هذا، هل هو إكراه؟
السائل : ... .
الشيخ : صاحب السيارة هذا خدعها قال لها نبي نصل البيت بيتنا ويعني أزين نفسي أنا على غير هيئة طيبة وكذا وكذا، قالت ما يخالف، وخدعها وبعدين قال لها انزلي أو بالسكين ببطنك، ونزلت المهم مثل هذه هل نقول إنها إكراه أو نقول يصبر ويخادعها مثل ما قال الأخ أحمد؟ يخادعها حتى تنتهي.
السائل : وإذا أبت يا شيخ؟
الشيخ : لا ما تأبى، يسهل الله أمره، من يتق الله يجعل له فرجا.
الشيخ : هذه تكون إكراه، كيف؟ هذه امرأة دخلت إلى بيت إنسان وقالت له إمّا أن يفعل بها وإمّا تصرّخ للناس وتقول هذا الرجل أكرهني، كذا؟
السائل : ... .
الشيخ : هذه وقعت لكن بغير هذه الصورة، امرأة وقفت لإنسان وقالت له أركبني في السيارة وأهلي قريبين، وبعدين ركبها، رق لها يقول الوقت حار القيلولة وشمس، ويقول ركبّتها وكلما قال لها وصلنا؟ تقول له امش، امش، امش حتى طلّعته عن البلد ودعته إلى نفسها فقال لها اتق الله، فقالت له إما أن تفعل أو أصرّخ وأقول أنت من أركبتني في السياة وغاصبني فماذا تقولون في هذا، هل هو إكراه؟
السائل : ... .
الشيخ : صاحب السيارة هذا خدعها قال لها نبي نصل البيت بيتنا ويعني أزين نفسي أنا على غير هيئة طيبة وكذا وكذا، قالت ما يخالف، وخدعها وبعدين قال لها انزلي أو بالسكين ببطنك، ونزلت المهم مثل هذه هل نقول إنها إكراه أو نقول يصبر ويخادعها مثل ما قال الأخ أحمد؟ يخادعها حتى تنتهي.
السائل : وإذا أبت يا شيخ؟
الشيخ : لا ما تأبى، يسهل الله أمره، من يتق الله يجعل له فرجا.
على المذهب أن من زنا بميتة فلا حد عليه لأنه لم يحصل من جانبين فكيف فرقوا بينه وبين المكره.؟
السائل : من فعل الفاحشة بامرأة ميتة فعلى المذهب لا يقام عليه الحد لأنه ما تحقق الزنا من الجانبين لكن يعزر، يلزمه بهذا القول أيضا أنه في حال إكراه المرأة أنه ما حصل الزنا من الجانبين وإنما من جانب واحد فقط، فعلى قولهم ... ما يقام عليه الحد؟
الشيخ : هم يقولون يفرّقون بينها، بأن مسألة المرأة سقط الحد لوجود مانع وهو الإكراه، وإلا المرأة الحية أهل لكل شيء، أما الميتة ليست بأهل مثل لو جامع خشبة أو عمودا أو ما أشبه ذلك.
الشيخ : هم يقولون يفرّقون بينها، بأن مسألة المرأة سقط الحد لوجود مانع وهو الإكراه، وإلا المرأة الحية أهل لكل شيء، أما الميتة ليست بأهل مثل لو جامع خشبة أو عمودا أو ما أشبه ذلك.
9 - على المذهب أن من زنا بميتة فلا حد عليه لأنه لم يحصل من جانبين فكيف فرقوا بينه وبين المكره.؟ أستمع حفظ
قال المصنف :" الثالث: ثبوت الزنا ولا يثبت إلا بأحد أمرين أحدهما: أن يقر به أربع مرات "
الشيخ : يقول المؤلف رحمه الله " الثالث ثبوت الزنا ولا يثبت إلا بأحد أمرين "... وثلاثة طرق على القول الراجح، أما المذهب، فالطريق الأول الإقرار، والطريق الثاني البينة الشهود، والقول الراجح أن لثبوت الزنا ثلاثة طرق، هذان الطريقان، والطريق الثالث الحمل، وسيأتي إن شاء الله البحث فيه، أما الإقرار فيقول المؤلف رحمه الله: " الثالث ثبوت الزنا ولا يثبت إلا بأحد أمرين " وإن اجتمعا؟ من باب أولى، لكن واحد من أمرين يثبت به، الأول الإقرار، ودليل ذلك قوله تبارك وتعالى (( يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم )) والشهادة على النفس هي الإقرار، فأمر الله عز وجل الإنسان أن يقر بما عليه ولو كان على نفسه، ودليل من السنة أن النبي صلى الله عليه وسلم رجم بالإقرار وجلد بالإقرار، قال شيخ الإسلام ابن تيمية " ولم يثبت الزنا بطريق الشهادة " من فجر الإسلام إلى وقت شيخ الإسلام ابن تيمية ما ثبت بطريق الشهادة وإنما ثبت بطريق الإقرار لأنّ الشهادة صعبة كما سيتبين إن شاء الله.
وأمّا المعنى فلأنّ الإنسان لا يمكن أن يقرّ على نفسه بما يدنّس عرضه ويوجب عقوبته إلا والأمر كذلك.
فعندنا الآن ثبوت الزنا بالإقرار له أدلة ثلاثة: الكتاب والسنة والنظر الصحيح، وقد عرفتموها، الكتاب قوله تعالى (( يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم ))، وأما السنة فلأن الرسول عليه الصلاة والسلام رجم بالإقرار وجلد بالإقرار، وأما النظر الصحيح فلأن الإنسان لا يمكن أن يقر بشيء يدنّس به عرضه ويوجب على نفسه العقوبة إلا وهو ثابت، فالإقرار ... لكن له شروط قال المؤلف " أن يقر به أربع مرات " لا بد أن يقر أربع مرات فيقول إنه زنى، ثم يقول إنه زنى، ثم يقول إنه زنى، ثم يقول إنه زنى، وما الدليل على ذلك؟ الدليل على هذا النص والقياس، أما النص فلأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقم الحد على ماعز بن مالك حتى أقرّ أربع مرات، كان يأتي ويقر فيعرض عنه الرسول عليه الصلاة والسلام حتى أقر أربع مرات، فلما أقر أربع مرات قال ( ارجموه ).
وأما القياس فلأن الزنا لا يثبت إلا بشهادة أربعة رجال، كما قال الله تعالى (( لولا جاءوا عليه بأربعة شهداء فإذ لم يأتوا بالشهداء فأؤلئك عند الله هم الكاذبون )) فإذا لم يثبت إلاّ بأربعة شهداء فإنه يقاس عليه الإقرار فلا يثبت إلا بإقرارٍ أربع مرات.
وأما النظر فلأنّ الزّنا فاحشة وأمر عظيم ولا ينبغي أن يوصف به الإنسان إلا بزيادة تثبّت وذلك بأن يكرر أربع مرات، فهذا وجه كونه يشترط أن يكون الإقرار أربع مرات، هذا وجه اشتراطه فصار عندنا دليل من السنة، والثاني من القياس على الشهادة، والثالث الاحتياط لأنّ الزّنا أمره عظيم وهو فاحشة مدنّسة للعرض، ثم إنه يخشى إذا حصلت أن تهون في نفوس المجتمع فيؤدّي ذلك إلى فساده، ولهذا تجدون المنكرات إذا قل وقوعها في الناس ثم فعلت تجد النّاس يستنكرونها وينفرون من فاعلها، فإذا فعلها آخر وثالث ورابع وخامس هانت عند الناس، ولهذا من الأمثال المضروبة يقولون " مع كثرة المساس يقل الإحساس " وهذا أمر مشاهد، كنا قبل زمان نستنكر غاية الاستنكار أن نسمع العود والرّبابة وآلات اللّهو، نستنكرها ولا يفعلها أحد إلا في حجرة بعيدة أو في فلاة بعيدة من البر، وأصبحت الآن أمرا مألوفا لأنها كثرت.
شرب الخمر، ومن يقول فلان شرب الخمر، إذا قيل فلان شرب الخمر انتشر خبره في جميع آفاق البلد في المملكة كلّها، ورأوا ذلك أمرا عظيما، والآن كما تشاهدون، يذكر لنا أنّه يوجد عند بعض الناس في الثلاجات كما توجد المشروبات المباحة، كل هذا مع كثرة الوقوع، فإذا إنسان أقر بالزنا ورجمناه أو أقمنا عليه الجلد فهذا ربما يسري في الناس ويتساهلون به، فلهذا احتطنا في الإقرار فقلنا لا بد أن يكون أربعا، حتى إذا جاء وقال زنيت قلنا ما زنيت أبدا، لأن الرسول عليه الصلاة والسلام قال لماعز ( لعلك قبلت أو نظرت أو غمزت ) لكنه يقول لا، إنه زنى، فهذا هو دليل هذه المسألة بأنه لا بد من تكرار الإقرار أربعا، وذهب بعض أهل العلم إلى أنه لا يشترط الإقرار أربعا وأن الإقرار بالزنا كغيره، إذا أقر به مرة واحدة وتمت شروط الإقرار بأن كان بالغا عاقلا ليس فيه بأس فإنه يثبت الزنا، واستدلوا بعموم قوله تعالى (( كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم ))، وهذا شاهد.
واستدلوا من السنة بقول النبي صلى الله عليه وسلم لأنيس رجل من الأنصار ( اغد يا أنيس إلى امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها ).
واستدلوا بالنظر بأنه إذا أقر على نفسه فإنه بالمرة الواحدة يثبت لأنه لا يمكن للإنسان أن يقرّ على نفسه بأمر يدنس عرضه ويوجب عقوبته إلاّ وهو صادق فيه، فإذا صدق بإقراره مرة انطبق عليه وصف الزنا، وإذا انطبق عليه وصف الزّنا فقد قال الله تعالى (( الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة )).
وأما مسألة الإشاعة فالإشاعة لا تزول بتكراره أربعا لأن الرجل إذا أقر أربعا وصمم عليه بان الأمر واتضح.
بقي علينا أن نجيب عن أدلة القائلين بالتكرار، وأقوى حديث لهم هو حديث ماعز، حديث ماعز رضي الله عنه يظهر من سؤال النبي صلى الله عليه وسلم له أن النبي صلى الله عليه وسلم أراد أن يستثبت الخبر لأنه سأله ( هل بك جنون؟ ) قال لا، فأرسل إلى قومه، وقال لهم ( هل ماعز به جنون؟ ) قالوا لا، إنه من صالح رجالنا في العقل، ثم قال ( هل شربت الخمر؟ ) فقال: لا، حتى إنه أمر رجلا أن يستنكهه يشم رائحته، وهذا يدل على أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان عنده بعض الشك في إقرار هذا الرجل، وأراد أن يستثبت ودليل هذا أنّ قصة العسيف ما فيها إلا أنه قال ( إن اعترفت فارجمها ) والفعل مطلق يصدق بالواحد، وكذلك قصة الرجلين اليهوديين الزانيين فإن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر برجمهما ولم يذكر أنهما كررا الإقرار، وكذلك الغامدية أمر النبي عليه الصلاة السلام برجمها ولم يذكر أنها كررت الإقرار، حتى إنها قالت يا رسول الله أتريد أن ترددني كما رددت ما ماعزا؟ وهذا القول أرجح أنه ليس بشرط لا سيما إذا كان الأمر قد اشتهر كما في قصة العسيف، فإن هذه القصة اشتهرت لأنّ أباه أي أبا العسيف ذهب يسأل النّاس وش اللي عليه؟ فقيل له إن على ابنك مائة شاة وليدة فافتداه بذلك حتى حصلت المخاصمة إلى الرسول عليه الصلاة والسلام وقضى بينهما بكتاب الله.
فالآن عندنا قولان في المسألة، القول الأول أنه لا يشترط تكرار الإقرار، والقول الثاني شرط، لكن القولين يتفقان في أنّه إذا قام عند الحاكم شبهة فإنّ الواجب التأكد والإستثبات، هذا متفق عليه.
ولو قال قائل بقول وسط بأنه إذا اشتهر الأمر واتضح بين الناس فإنه يكتفى فيه بإقرار المرة، بخلاف ما إذا لم يشتهر فإنه لا بد فيه من تكرار الإقرار أربعا، و على هذا يكون هذا القول آخذا بالقولين، فيشترط التكرار في حال، ولا يشترطه في حال أخرى.
وأمّا المعنى فلأنّ الإنسان لا يمكن أن يقرّ على نفسه بما يدنّس عرضه ويوجب عقوبته إلا والأمر كذلك.
فعندنا الآن ثبوت الزنا بالإقرار له أدلة ثلاثة: الكتاب والسنة والنظر الصحيح، وقد عرفتموها، الكتاب قوله تعالى (( يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم ))، وأما السنة فلأن الرسول عليه الصلاة والسلام رجم بالإقرار وجلد بالإقرار، وأما النظر الصحيح فلأن الإنسان لا يمكن أن يقر بشيء يدنّس به عرضه ويوجب على نفسه العقوبة إلا وهو ثابت، فالإقرار ... لكن له شروط قال المؤلف " أن يقر به أربع مرات " لا بد أن يقر أربع مرات فيقول إنه زنى، ثم يقول إنه زنى، ثم يقول إنه زنى، ثم يقول إنه زنى، وما الدليل على ذلك؟ الدليل على هذا النص والقياس، أما النص فلأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقم الحد على ماعز بن مالك حتى أقرّ أربع مرات، كان يأتي ويقر فيعرض عنه الرسول عليه الصلاة والسلام حتى أقر أربع مرات، فلما أقر أربع مرات قال ( ارجموه ).
وأما القياس فلأن الزنا لا يثبت إلا بشهادة أربعة رجال، كما قال الله تعالى (( لولا جاءوا عليه بأربعة شهداء فإذ لم يأتوا بالشهداء فأؤلئك عند الله هم الكاذبون )) فإذا لم يثبت إلاّ بأربعة شهداء فإنه يقاس عليه الإقرار فلا يثبت إلا بإقرارٍ أربع مرات.
وأما النظر فلأنّ الزّنا فاحشة وأمر عظيم ولا ينبغي أن يوصف به الإنسان إلا بزيادة تثبّت وذلك بأن يكرر أربع مرات، فهذا وجه كونه يشترط أن يكون الإقرار أربع مرات، هذا وجه اشتراطه فصار عندنا دليل من السنة، والثاني من القياس على الشهادة، والثالث الاحتياط لأنّ الزّنا أمره عظيم وهو فاحشة مدنّسة للعرض، ثم إنه يخشى إذا حصلت أن تهون في نفوس المجتمع فيؤدّي ذلك إلى فساده، ولهذا تجدون المنكرات إذا قل وقوعها في الناس ثم فعلت تجد النّاس يستنكرونها وينفرون من فاعلها، فإذا فعلها آخر وثالث ورابع وخامس هانت عند الناس، ولهذا من الأمثال المضروبة يقولون " مع كثرة المساس يقل الإحساس " وهذا أمر مشاهد، كنا قبل زمان نستنكر غاية الاستنكار أن نسمع العود والرّبابة وآلات اللّهو، نستنكرها ولا يفعلها أحد إلا في حجرة بعيدة أو في فلاة بعيدة من البر، وأصبحت الآن أمرا مألوفا لأنها كثرت.
شرب الخمر، ومن يقول فلان شرب الخمر، إذا قيل فلان شرب الخمر انتشر خبره في جميع آفاق البلد في المملكة كلّها، ورأوا ذلك أمرا عظيما، والآن كما تشاهدون، يذكر لنا أنّه يوجد عند بعض الناس في الثلاجات كما توجد المشروبات المباحة، كل هذا مع كثرة الوقوع، فإذا إنسان أقر بالزنا ورجمناه أو أقمنا عليه الجلد فهذا ربما يسري في الناس ويتساهلون به، فلهذا احتطنا في الإقرار فقلنا لا بد أن يكون أربعا، حتى إذا جاء وقال زنيت قلنا ما زنيت أبدا، لأن الرسول عليه الصلاة والسلام قال لماعز ( لعلك قبلت أو نظرت أو غمزت ) لكنه يقول لا، إنه زنى، فهذا هو دليل هذه المسألة بأنه لا بد من تكرار الإقرار أربعا، وذهب بعض أهل العلم إلى أنه لا يشترط الإقرار أربعا وأن الإقرار بالزنا كغيره، إذا أقر به مرة واحدة وتمت شروط الإقرار بأن كان بالغا عاقلا ليس فيه بأس فإنه يثبت الزنا، واستدلوا بعموم قوله تعالى (( كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم ))، وهذا شاهد.
واستدلوا من السنة بقول النبي صلى الله عليه وسلم لأنيس رجل من الأنصار ( اغد يا أنيس إلى امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها ).
واستدلوا بالنظر بأنه إذا أقر على نفسه فإنه بالمرة الواحدة يثبت لأنه لا يمكن للإنسان أن يقرّ على نفسه بأمر يدنس عرضه ويوجب عقوبته إلاّ وهو صادق فيه، فإذا صدق بإقراره مرة انطبق عليه وصف الزنا، وإذا انطبق عليه وصف الزّنا فقد قال الله تعالى (( الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة )).
وأما مسألة الإشاعة فالإشاعة لا تزول بتكراره أربعا لأن الرجل إذا أقر أربعا وصمم عليه بان الأمر واتضح.
بقي علينا أن نجيب عن أدلة القائلين بالتكرار، وأقوى حديث لهم هو حديث ماعز، حديث ماعز رضي الله عنه يظهر من سؤال النبي صلى الله عليه وسلم له أن النبي صلى الله عليه وسلم أراد أن يستثبت الخبر لأنه سأله ( هل بك جنون؟ ) قال لا، فأرسل إلى قومه، وقال لهم ( هل ماعز به جنون؟ ) قالوا لا، إنه من صالح رجالنا في العقل، ثم قال ( هل شربت الخمر؟ ) فقال: لا، حتى إنه أمر رجلا أن يستنكهه يشم رائحته، وهذا يدل على أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان عنده بعض الشك في إقرار هذا الرجل، وأراد أن يستثبت ودليل هذا أنّ قصة العسيف ما فيها إلا أنه قال ( إن اعترفت فارجمها ) والفعل مطلق يصدق بالواحد، وكذلك قصة الرجلين اليهوديين الزانيين فإن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر برجمهما ولم يذكر أنهما كررا الإقرار، وكذلك الغامدية أمر النبي عليه الصلاة السلام برجمها ولم يذكر أنها كررت الإقرار، حتى إنها قالت يا رسول الله أتريد أن ترددني كما رددت ما ماعزا؟ وهذا القول أرجح أنه ليس بشرط لا سيما إذا كان الأمر قد اشتهر كما في قصة العسيف، فإن هذه القصة اشتهرت لأنّ أباه أي أبا العسيف ذهب يسأل النّاس وش اللي عليه؟ فقيل له إن على ابنك مائة شاة وليدة فافتداه بذلك حتى حصلت المخاصمة إلى الرسول عليه الصلاة والسلام وقضى بينهما بكتاب الله.
فالآن عندنا قولان في المسألة، القول الأول أنه لا يشترط تكرار الإقرار، والقول الثاني شرط، لكن القولين يتفقان في أنّه إذا قام عند الحاكم شبهة فإنّ الواجب التأكد والإستثبات، هذا متفق عليه.
ولو قال قائل بقول وسط بأنه إذا اشتهر الأمر واتضح بين الناس فإنه يكتفى فيه بإقرار المرة، بخلاف ما إذا لم يشتهر فإنه لا بد فيه من تكرار الإقرار أربعا، و على هذا يكون هذا القول آخذا بالقولين، فيشترط التكرار في حال، ولا يشترطه في حال أخرى.
10 - قال المصنف :" الثالث: ثبوت الزنا ولا يثبت إلا بأحد أمرين أحدهما: أن يقر به أربع مرات " أستمع حفظ
قال المصنف :" في مجلس أو مجالس ويصرح بذكر حقيقة الوطء ولا ينزع عن إقراره حتى يتم عليه الحد "
الشيخ : الشرط الثاني له قال " أربع مرّات في مجلس أو مجالس " أشار المؤلف إلى مجلس أو مجالس لأنّ بعض أهل العلم يقول لا بد أن يكون ذلك في مجلس واحد، وأما إذا كان في مجالس فلا يصح، كما يأتي في الشهادة.
قال: " ويصرح بذكر حقيقة الوطء " يصرح من؟
السائل : ... .
الشيخ : المقر، " بذكر حقيقة الوطء " لا كناية الوطء، يعني النيك، فيقول إنه ناكها ولا يكفي أن يقول أتيتها أو جامعتها أو زنيت بها، ليش؟ لأن أتيتها يمكن أتاها زائرا، جامعتها يعني اجتمعت معها، ولهذا يقال التنوين لا يجامع الإضافة بمعنى لا يصاحبها ولا يجتمع معها، ربما يقول جامعها يعني اجتمع بها في مكان، زنيت بها ما يكفي أيضا ربما يظن ما ليس بزنا زنا مثل أن يظن التقبيل زنا، النظر زنا، الاستمتاع بما دون الفرج زنا، وما أشبه ذلك، فلهذا لا بد أن يصرح، لما قال الرسول صلى الله عليه وسلم لماعز ( لعلك قبلت أو لمست أو نظرت أو غمزت ) قال لا، فقال له النّبي عليه الصلاة والسلام ( أكنتها؟ ) بهذا اللفظ، لا يكني، الرسول ما كنى، مع أنه ما عهد عنه أنه تكلم صلى الله عليه وسلم بصريح الجماع إلاّ في هذه المسألة، يعني ما في أي حديث أنه صلى الله عليه وسلم تكلم بصريح الوطء إلا في هذه المسألة، قال له ( أنكتها؟ ) لا يكني، قال: ( أتدري ما الزنا؟ ) قال: نعم، أتيت منها حراما ما يأتي الرجل من امراته حلالا، وفي رواية لأبي داود ( هل غيبت فيها كما يغيب الرشاء في البئر، والمرود في المكحلة؟ ) يعني واضح صريح باللفظ وضرب المثل، كل هذا يدل على أن الرسول صلى الله عليه وسلم أراد أن يستثبت من هذا الرجل ويتأكد منه وهل يعرف الزنا أو لا يعرفه، فلا بد من أن يصرح بذكر حقيقة الوطء، والدليل هو ما سمعتم أن الرسول صرح لماعز بذلك، وأما التعليل فظاهر لأنه ربما يظن ما ليس زنا زنا موجبا للحد فاشترط فيه التصريح.
الشرط الثالث للإقرار " أن لا بنزع عن إقراره حتى يتم عليه الحد " لا ينزع يعني لا يرجع عن إقراره حتى يتم عليه الحد، فإن رجع عن إقراره حرم إقامة الحد عليه، حتى ولو كان في أثناء الحد قال إنه ما زنى ما زنى يجب أن يرفع عنه الحد، حتى لو كتب الإقرار بيده أربع مرات ورجع فإنه يقبل رجوعه، ولا يجوز أن يقام عليه الحد، وحينئذ نحتاج إلى الدليل لهذه المسألة، الدليل هو أن ماعز بن مالك رضي الله عنه لما بدؤوا يرجمونه وأذلقته الحجارة وذاق مسها هرب حتى أدركوه فأتموا رجمه فقال النبي صلى الله عليه وسلم لما علم بهذا ( هلا تركتموه يتوب فيتوب الله عليه ) قال أهل العلم وهذا دليل على جواز رجوع المقر وأنه إذا رجع عن إقراره حرم إقامة الحد عليه، حتى ولو كان قد شرع في ذلك، وحتى لو أنه لقن أن يرجع ورجع فإنه يترك ولا يقام عليه الحد، هذا دليل.
الدليل الثاني: قالوا إن هذا هو ما قضى به الخلفاء الراشدون رضي الله عنهم، ومعلوم أن للخلفاء الراشدين سنة متبعة لقول النبي صلى الله عليه وسلم ( عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي )، فإذا قضوا بأن رجوع المقر عن الإقرار موجب لرفع الحد عنه وجب علينا أن لا نقيم عليه الحد، وحرم علينا إقامة الحد، ثالثا: قالوا إن المعنى يقتضي رفع الحد عنه، لأنه إذا رجع وقال إنه لم يزن، فكيف نقيم الحد على رجل يقول ويصرخ بأعلى صوته إنه لم يزن، فنحن الآن نقيم عليه الحد لأنه هو ينكره، الآن يقول نعم أنا كتبت إقراري وأثبته في المحكمة لكن الآن هونت راجع عن إقراري، نقول ما يمكن أن نقيم عليه الحد، كيف نقيم الحد عليه وهو الآن يقول ما زنى؟! والأمر جاء من قبل من؟ من قبله هو، ما دام جاء من قبله ما يمكن نحده وهو ينكره الآن.
الأمر الرابع: القياس على رجوع البينة، لأنه لو شهد عليه أربعة رجال بالزنا وحكم الحاكم بإقامة الحد بمقتضى هذه الشهادة ثم رجعوا، قالوا والله نحن شهدنا ولكن نستغفر الله ونتوب إليه، رجعنا عن شهادتنا، فإنه لا يجوز إقامة الحد عليه، لأن رجوع هؤلاء الشهود قدح فيهم لأنهم كاذبون في إحدى الشهادتين، أو لا؟ إن كان في الأول فهم كاذبون فلا تقبل، وإن كان في الثاني فهم كاذبون فلا تقبل شهادتهم، فقالوا إن هذا يقاس عليه، أي أن رجوع المقر عن إقراره يرفع عنه الحد كرجوع الشهود عن شهادتهم، فالأدلة كم صارت الآن؟
السائل : أربعة.
الشيخ : أربعة من السنة، ومن أقوال الخلفاء الراشدين، والثالث القياس، والرابع المعنى، فكيف نقيم الحد على إنسان ينكر ذلك وهذا هو مذهب الإمام أحمد وأبي حنيفة والشافعي ومالك في بعض الأحوال.
وقالت الظاهرية لا يقبل رجوعه عن الإقرار ويجب عليه إقامة الحد، وبيننا وبينكم كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، تقبلون التحاكم إليهما؟ نقبل ولا بد، قالوا إن الله عز وجل يقول (( يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله بالقسط شهداء ولو على أنفسكم )) فإذا شهد على نفسه بالزنا فقد قام بالقسط وشهد على نفسه وصدق عليه وصف الزاني، وقد قال الله تعالى (( الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة )) فكيف نرفع هذا الحكم الذي أمر الله به معلقا على وصف ثبت بإقرار من اتصف به، هذا لا يمكن لأن هذا حكم معلق على وصف ثبت أو ما ثبت؟ ثبت، فبمجرد ما ثبت الإقرار فما الذي يرفعه؟ قالوا وأما .. نعم، قالوا لأن الرسول .. السن بالسنة، قالوا لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال لأنيس (( اغد إلى امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها )) ولم يقل ما لم ترجع، وإذا كان لم يقله مع أن الحاجة تدعو إليه علم أنه ليس بشرط أن لا يرجع عن إقراره حتى يتم عليه الحد، لأن الشرط لا بد أن يتم وإلا لا يمكن أن يطبق الحكم بغير تمام الشرط قالوا وأما قولكم إن ماعزا رضي الله عنه رجع عن إقراره فهذا قول بلا علم، وماعز رضي الله ما رجع عن إقراره، وهرب وهذا لا يدل على رجوعه عن إقراره إطلاقا، ومن ادعى أن ذلك رجوع عن إقراره فقد قال قولا بلا علم، وقد حرم الله علينا أن نقول بلا علم في قوله (( ولا تقف ما ليس لك به علم ))، نعم ماعز هربه قد يكون رجوعا عن طلب إقامة الحد عليه، فهو في الأول يريد أن يقام عليه الحد، وفي الثاني أراد أن لا يقام عليه الحد وتكون التوبة بينه وبين الله، ولهذا قال رسول الله (( هلا تركتموه يتوب فيتوب الله عليه )) فدل هذا على أن حكم الإقرار باق أو لا؟
السائل : نعم.
الشيخ : لأنه لا توبة إلا من زنا، فحكم الإقرار باق، ما قال الرسول هلا تركتموه لأنه ارتفع إقراره، قال (( هلا تركتموه يتوب فيتوب الله عليه )) ونحن نقول إن قصة ماعز ما فيها دليل إطلاقا على رجوعه عن الإقرار لكن فيها دليل على أنه رجع عن طلب إقامة الحد عليه وأراد أن يكون ذلك بينه وبين ربه، وهذا هو معنى قوله عليه الصلاة والسلام (( هلا تركتموه يتوب فيتوب الله عليه )) وحينئذ لا يكون في الحديث دليل على ما زعمتم بل إن لم يكن دليلا عليكم لم يكن دليلا لكم، وكونه دليلا عليهم أقرب من كونه دليلا لهم، لأن إقرار الرسول أنه يتوب دليل على ثبوت الذنب في حقه، ولو كان ذلك مقتضى إقراره لارتفع عنه حكم الذنب، ولهذا لو جاءنا رجل يقر بأنه زنى ويطلب إقامة الحد، ولما هيئنا الآلة لنقيم عليه الحد وأتينا بالقلاب مملوءا حصى لأجل أن نرجمه ونظر إلى الحصى قال يا جماعة دعوني أتوب إلى الله وش نقول له؟ يجب أن ندعه يتوب إلى الله لأن الرسول قال (( هلا تركتموه يتوب فيتوب الله عليه )) حينئذ نقول ندعه يتوب فيتوب الله عليه، أما لو قال ما زنى فرق بين المعنيين، لأن هذا الرجل يريد أن يرفع عن نفسه وصفا ثبت عليه بإقراره، ولو أننا قلنا بقبول رجوع الجاني عن إقراره كان ما يقام حد في الدنيا لأنه كل من عرف أنه سيحد في الدنيا ربما يرجع إلا أن يشاء الله كما أشار إلى ذلك شيخ الإسلام في الفتاوي أنه لو قلنا إن الإنسان يقبل رجوعه في إقراره، كل إنسان يخشى من العقوبة كان بالأول عنده عزم أن يطهر نفسه بالعقوبة ولكن تأخر يقول ما حصل منه هذا الشيء، فهناك فرق بين الرجوع بالإقرار وبين الرجوع عن طلب إقامة الحد وهو ظاهر جدا.
طيب، وأما قولكم إنه يقاس على الشهادة فهذا قول في غاية الضعف، قياس في غاية الضعف لأن الشهود خطؤهم أو عدوانهم ممكن أو لا؟ خطؤهم بحيث يظنون أن هذا الرجل هو الذي زنى وهو غيره، لكنه شبيه به فيعتقدون اعتقادا جازما بأن هذا هو الرجل فيشهدون على ما اعتقدوه والواقع أنه غيره، ممكن هذا أو لا؟ لكن هل يمكن للإنسان أن يخطأ في نفسه؟ يقول إنه زنى وهو ما زنى؟
السائل : لا.
الشيخ : ما يمكن هذا أيضا قد يكون الشهود ما عندهم خطأ لكن عندهم عدوان، أرادوا أن يورطوا هذا المشهود عليه فشهدوا عليه بالزنى وهو ما زنى أصلا، ممكن هذا أو لا؟ يمكن العدوان، لكن عدوان الإنسان على نفسه بعيد، عدوان الإنسان على نفسه بأن يروح يشهد ويلطخ نفسه بالزنا ويرضى بالعقوبة وهو كاذب هذا من أبعد ما يكون، لكن كذب الشهود ممكن أو غير ممكن؟ ممكن، يمكن يكذبون ويشهدون ثم بعد ذلك يندمون فيقولون كيف نشهد؟ نلطخ عرضه ونعرضه للعقوبة ريما تكون رجما فيرجعون، فقياس هذا على هذا من أبعد ما يكون وأما قولهم إن المعنى يقتضيه فكيف نقيم الحد على رجل يصرخ بأعلى صوته إنه ما فعل، فنقول والله نحن ما جنينا عليه، نحن أقمنا عليه الحد باعترافه، ما جنينا عليه، وكونه يكذب في الرجوع أقرب من كونه يكذب في الإقرار أو لا؟ أو ما هو بظاهر؟ كذبه في الرجوع أقرب من كذبه في الإقرار، لأنه بعيد أن الإنسان يقر على نفسه بأنه زنى وهو ما زنى، لكن قريب أن يرجع عن إقراره إذا رأى أنه سيقام عليه الحد وهو قد اعترف فالقول الراجح عندي في هذه المسألة قول الظاهرية وأنه لا يقبل رجوعه عن الإقرار.
وأما قضاء الخلفاء الراشدين فأنا ما اطلعت على نصوصهم، فربما يكون هناك أشياء تشبه ما وقع لماعز فحكموا بها فظنها أهل العلم الذين قالوا بهذا القول أنها من باب الرجوع عن الإقرار وليست رجوعا عن الإقرار كما عرفتم.
يحتاج أن نقف على النصوص الواردة عن الخلفاء الراشدين، لأن مخالفة الخلفاء الراشدين ما هي بالأمر الهين، نحن نتهم رأينا في مقابل قولهم، إنما من حيث النظر في الأدلة فلا شك أن القول الراجح هو قول الظاهرية ولا سيّما إذا وجد قرائن تدل على ذلك مثل لو أن هذا الرجل سارق، سرق ومسكناه، وجاء وأقر، نحن ما شهدناه يوم يسرق، سرق المتاع لكن ما شهدناه ومسكناه، وقال نعم إنه سرق، قالوا كيف سرقت؟ قال تعال أوريك.
قال: " ويصرح بذكر حقيقة الوطء " يصرح من؟
السائل : ... .
الشيخ : المقر، " بذكر حقيقة الوطء " لا كناية الوطء، يعني النيك، فيقول إنه ناكها ولا يكفي أن يقول أتيتها أو جامعتها أو زنيت بها، ليش؟ لأن أتيتها يمكن أتاها زائرا، جامعتها يعني اجتمعت معها، ولهذا يقال التنوين لا يجامع الإضافة بمعنى لا يصاحبها ولا يجتمع معها، ربما يقول جامعها يعني اجتمع بها في مكان، زنيت بها ما يكفي أيضا ربما يظن ما ليس بزنا زنا مثل أن يظن التقبيل زنا، النظر زنا، الاستمتاع بما دون الفرج زنا، وما أشبه ذلك، فلهذا لا بد أن يصرح، لما قال الرسول صلى الله عليه وسلم لماعز ( لعلك قبلت أو لمست أو نظرت أو غمزت ) قال لا، فقال له النّبي عليه الصلاة والسلام ( أكنتها؟ ) بهذا اللفظ، لا يكني، الرسول ما كنى، مع أنه ما عهد عنه أنه تكلم صلى الله عليه وسلم بصريح الجماع إلاّ في هذه المسألة، يعني ما في أي حديث أنه صلى الله عليه وسلم تكلم بصريح الوطء إلا في هذه المسألة، قال له ( أنكتها؟ ) لا يكني، قال: ( أتدري ما الزنا؟ ) قال: نعم، أتيت منها حراما ما يأتي الرجل من امراته حلالا، وفي رواية لأبي داود ( هل غيبت فيها كما يغيب الرشاء في البئر، والمرود في المكحلة؟ ) يعني واضح صريح باللفظ وضرب المثل، كل هذا يدل على أن الرسول صلى الله عليه وسلم أراد أن يستثبت من هذا الرجل ويتأكد منه وهل يعرف الزنا أو لا يعرفه، فلا بد من أن يصرح بذكر حقيقة الوطء، والدليل هو ما سمعتم أن الرسول صرح لماعز بذلك، وأما التعليل فظاهر لأنه ربما يظن ما ليس زنا زنا موجبا للحد فاشترط فيه التصريح.
الشرط الثالث للإقرار " أن لا بنزع عن إقراره حتى يتم عليه الحد " لا ينزع يعني لا يرجع عن إقراره حتى يتم عليه الحد، فإن رجع عن إقراره حرم إقامة الحد عليه، حتى ولو كان في أثناء الحد قال إنه ما زنى ما زنى يجب أن يرفع عنه الحد، حتى لو كتب الإقرار بيده أربع مرات ورجع فإنه يقبل رجوعه، ولا يجوز أن يقام عليه الحد، وحينئذ نحتاج إلى الدليل لهذه المسألة، الدليل هو أن ماعز بن مالك رضي الله عنه لما بدؤوا يرجمونه وأذلقته الحجارة وذاق مسها هرب حتى أدركوه فأتموا رجمه فقال النبي صلى الله عليه وسلم لما علم بهذا ( هلا تركتموه يتوب فيتوب الله عليه ) قال أهل العلم وهذا دليل على جواز رجوع المقر وأنه إذا رجع عن إقراره حرم إقامة الحد عليه، حتى ولو كان قد شرع في ذلك، وحتى لو أنه لقن أن يرجع ورجع فإنه يترك ولا يقام عليه الحد، هذا دليل.
الدليل الثاني: قالوا إن هذا هو ما قضى به الخلفاء الراشدون رضي الله عنهم، ومعلوم أن للخلفاء الراشدين سنة متبعة لقول النبي صلى الله عليه وسلم ( عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي )، فإذا قضوا بأن رجوع المقر عن الإقرار موجب لرفع الحد عنه وجب علينا أن لا نقيم عليه الحد، وحرم علينا إقامة الحد، ثالثا: قالوا إن المعنى يقتضي رفع الحد عنه، لأنه إذا رجع وقال إنه لم يزن، فكيف نقيم الحد على رجل يقول ويصرخ بأعلى صوته إنه لم يزن، فنحن الآن نقيم عليه الحد لأنه هو ينكره، الآن يقول نعم أنا كتبت إقراري وأثبته في المحكمة لكن الآن هونت راجع عن إقراري، نقول ما يمكن أن نقيم عليه الحد، كيف نقيم الحد عليه وهو الآن يقول ما زنى؟! والأمر جاء من قبل من؟ من قبله هو، ما دام جاء من قبله ما يمكن نحده وهو ينكره الآن.
الأمر الرابع: القياس على رجوع البينة، لأنه لو شهد عليه أربعة رجال بالزنا وحكم الحاكم بإقامة الحد بمقتضى هذه الشهادة ثم رجعوا، قالوا والله نحن شهدنا ولكن نستغفر الله ونتوب إليه، رجعنا عن شهادتنا، فإنه لا يجوز إقامة الحد عليه، لأن رجوع هؤلاء الشهود قدح فيهم لأنهم كاذبون في إحدى الشهادتين، أو لا؟ إن كان في الأول فهم كاذبون فلا تقبل، وإن كان في الثاني فهم كاذبون فلا تقبل شهادتهم، فقالوا إن هذا يقاس عليه، أي أن رجوع المقر عن إقراره يرفع عنه الحد كرجوع الشهود عن شهادتهم، فالأدلة كم صارت الآن؟
السائل : أربعة.
الشيخ : أربعة من السنة، ومن أقوال الخلفاء الراشدين، والثالث القياس، والرابع المعنى، فكيف نقيم الحد على إنسان ينكر ذلك وهذا هو مذهب الإمام أحمد وأبي حنيفة والشافعي ومالك في بعض الأحوال.
وقالت الظاهرية لا يقبل رجوعه عن الإقرار ويجب عليه إقامة الحد، وبيننا وبينكم كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، تقبلون التحاكم إليهما؟ نقبل ولا بد، قالوا إن الله عز وجل يقول (( يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله بالقسط شهداء ولو على أنفسكم )) فإذا شهد على نفسه بالزنا فقد قام بالقسط وشهد على نفسه وصدق عليه وصف الزاني، وقد قال الله تعالى (( الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة )) فكيف نرفع هذا الحكم الذي أمر الله به معلقا على وصف ثبت بإقرار من اتصف به، هذا لا يمكن لأن هذا حكم معلق على وصف ثبت أو ما ثبت؟ ثبت، فبمجرد ما ثبت الإقرار فما الذي يرفعه؟ قالوا وأما .. نعم، قالوا لأن الرسول .. السن بالسنة، قالوا لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال لأنيس (( اغد إلى امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها )) ولم يقل ما لم ترجع، وإذا كان لم يقله مع أن الحاجة تدعو إليه علم أنه ليس بشرط أن لا يرجع عن إقراره حتى يتم عليه الحد، لأن الشرط لا بد أن يتم وإلا لا يمكن أن يطبق الحكم بغير تمام الشرط قالوا وأما قولكم إن ماعزا رضي الله عنه رجع عن إقراره فهذا قول بلا علم، وماعز رضي الله ما رجع عن إقراره، وهرب وهذا لا يدل على رجوعه عن إقراره إطلاقا، ومن ادعى أن ذلك رجوع عن إقراره فقد قال قولا بلا علم، وقد حرم الله علينا أن نقول بلا علم في قوله (( ولا تقف ما ليس لك به علم ))، نعم ماعز هربه قد يكون رجوعا عن طلب إقامة الحد عليه، فهو في الأول يريد أن يقام عليه الحد، وفي الثاني أراد أن لا يقام عليه الحد وتكون التوبة بينه وبين الله، ولهذا قال رسول الله (( هلا تركتموه يتوب فيتوب الله عليه )) فدل هذا على أن حكم الإقرار باق أو لا؟
السائل : نعم.
الشيخ : لأنه لا توبة إلا من زنا، فحكم الإقرار باق، ما قال الرسول هلا تركتموه لأنه ارتفع إقراره، قال (( هلا تركتموه يتوب فيتوب الله عليه )) ونحن نقول إن قصة ماعز ما فيها دليل إطلاقا على رجوعه عن الإقرار لكن فيها دليل على أنه رجع عن طلب إقامة الحد عليه وأراد أن يكون ذلك بينه وبين ربه، وهذا هو معنى قوله عليه الصلاة والسلام (( هلا تركتموه يتوب فيتوب الله عليه )) وحينئذ لا يكون في الحديث دليل على ما زعمتم بل إن لم يكن دليلا عليكم لم يكن دليلا لكم، وكونه دليلا عليهم أقرب من كونه دليلا لهم، لأن إقرار الرسول أنه يتوب دليل على ثبوت الذنب في حقه، ولو كان ذلك مقتضى إقراره لارتفع عنه حكم الذنب، ولهذا لو جاءنا رجل يقر بأنه زنى ويطلب إقامة الحد، ولما هيئنا الآلة لنقيم عليه الحد وأتينا بالقلاب مملوءا حصى لأجل أن نرجمه ونظر إلى الحصى قال يا جماعة دعوني أتوب إلى الله وش نقول له؟ يجب أن ندعه يتوب إلى الله لأن الرسول قال (( هلا تركتموه يتوب فيتوب الله عليه )) حينئذ نقول ندعه يتوب فيتوب الله عليه، أما لو قال ما زنى فرق بين المعنيين، لأن هذا الرجل يريد أن يرفع عن نفسه وصفا ثبت عليه بإقراره، ولو أننا قلنا بقبول رجوع الجاني عن إقراره كان ما يقام حد في الدنيا لأنه كل من عرف أنه سيحد في الدنيا ربما يرجع إلا أن يشاء الله كما أشار إلى ذلك شيخ الإسلام في الفتاوي أنه لو قلنا إن الإنسان يقبل رجوعه في إقراره، كل إنسان يخشى من العقوبة كان بالأول عنده عزم أن يطهر نفسه بالعقوبة ولكن تأخر يقول ما حصل منه هذا الشيء، فهناك فرق بين الرجوع بالإقرار وبين الرجوع عن طلب إقامة الحد وهو ظاهر جدا.
طيب، وأما قولكم إنه يقاس على الشهادة فهذا قول في غاية الضعف، قياس في غاية الضعف لأن الشهود خطؤهم أو عدوانهم ممكن أو لا؟ خطؤهم بحيث يظنون أن هذا الرجل هو الذي زنى وهو غيره، لكنه شبيه به فيعتقدون اعتقادا جازما بأن هذا هو الرجل فيشهدون على ما اعتقدوه والواقع أنه غيره، ممكن هذا أو لا؟ لكن هل يمكن للإنسان أن يخطأ في نفسه؟ يقول إنه زنى وهو ما زنى؟
السائل : لا.
الشيخ : ما يمكن هذا أيضا قد يكون الشهود ما عندهم خطأ لكن عندهم عدوان، أرادوا أن يورطوا هذا المشهود عليه فشهدوا عليه بالزنى وهو ما زنى أصلا، ممكن هذا أو لا؟ يمكن العدوان، لكن عدوان الإنسان على نفسه بعيد، عدوان الإنسان على نفسه بأن يروح يشهد ويلطخ نفسه بالزنا ويرضى بالعقوبة وهو كاذب هذا من أبعد ما يكون، لكن كذب الشهود ممكن أو غير ممكن؟ ممكن، يمكن يكذبون ويشهدون ثم بعد ذلك يندمون فيقولون كيف نشهد؟ نلطخ عرضه ونعرضه للعقوبة ريما تكون رجما فيرجعون، فقياس هذا على هذا من أبعد ما يكون وأما قولهم إن المعنى يقتضيه فكيف نقيم الحد على رجل يصرخ بأعلى صوته إنه ما فعل، فنقول والله نحن ما جنينا عليه، نحن أقمنا عليه الحد باعترافه، ما جنينا عليه، وكونه يكذب في الرجوع أقرب من كونه يكذب في الإقرار أو لا؟ أو ما هو بظاهر؟ كذبه في الرجوع أقرب من كذبه في الإقرار، لأنه بعيد أن الإنسان يقر على نفسه بأنه زنى وهو ما زنى، لكن قريب أن يرجع عن إقراره إذا رأى أنه سيقام عليه الحد وهو قد اعترف فالقول الراجح عندي في هذه المسألة قول الظاهرية وأنه لا يقبل رجوعه عن الإقرار.
وأما قضاء الخلفاء الراشدين فأنا ما اطلعت على نصوصهم، فربما يكون هناك أشياء تشبه ما وقع لماعز فحكموا بها فظنها أهل العلم الذين قالوا بهذا القول أنها من باب الرجوع عن الإقرار وليست رجوعا عن الإقرار كما عرفتم.
يحتاج أن نقف على النصوص الواردة عن الخلفاء الراشدين، لأن مخالفة الخلفاء الراشدين ما هي بالأمر الهين، نحن نتهم رأينا في مقابل قولهم، إنما من حيث النظر في الأدلة فلا شك أن القول الراجح هو قول الظاهرية ولا سيّما إذا وجد قرائن تدل على ذلك مثل لو أن هذا الرجل سارق، سرق ومسكناه، وجاء وأقر، نحن ما شهدناه يوم يسرق، سرق المتاع لكن ما شهدناه ومسكناه، وقال نعم إنه سرق، قالوا كيف سرقت؟ قال تعال أوريك.
اضيفت في - 2006-04-10