حدثنا أحمد بن يوسف الأزدي قال سمعت عبد الرزاق يقول ما رأيت بن المبارك يفصح بقوله كذاب إلا لعبد القدوس فإني سمعته يقول له كذاب
القارئ : حدّثني أحمد بن يوسف الأزديّ ، قال : سمعت عبد الرّزّاق ، يقول : " ما رأيت ابن المبارك يفصح بقوله كذّابٌ إلّا لعبد القدّوس ، فإنّي سمعته يقول له : كذّابٌ ".
وحدثني عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي قال سمعت أبا نعيم وذكر المعلى بن عرفان فقال قال حدثنا أبو وائل قال خرج علينا بن مسعود بصفين فقال أبو نعيم أتراه بعث بعد الموت؟
القارئ : وحدّثني عبد الله بن عبد الرّحمن الدّارميّ ، قال : سمعت أبا نعيمٍ ، وذكر المعلّى بن عرفان ، فقال : قال : حدّثنا أبو وائلٍ ، قال : " خرج علينا ابن مسعودٍ بصفّين فقال أبو نعيمٍ : أتراه بعث بعد الموت ؟ ".
حدثني عمرو بن علي وحسن الحلواني كلاهما عن عفان بن مسلم قال كنا عند إسماعيل بن علية فحدث رجل عن رجل فقلت إن هذا ليس بثبت قال فقال الرجل اغتبته قال إسماعيل ما اغتابه ولكنه حكم أنه ليس بثبت
القارئ : حدّثني عمرو بن عليٍّ ، وحسنٌ الحلوانيّ ، كلاهما عن عفّان بن مسلمٍ ، قال : " كنّا عند إسماعيل بن عليّة ، فحدّث رجلٌ عن رجلٍ ، فقلت : إنّ هذا ليس بثبتٍ ، قال : فقال الرّجل : اغتبته ، قال إسماعيل : ما اغتابه ، ولكنّه حكم أنّه ليس بثبتٍ ". الشيخ : هذا يستفاد منه في الفقه أنّ الإخبار بحال الشخص -من هذا ومما سبق- هل هو ثقة أو غير ثقة ، كذاب أو صدوق ليس من الغيبة في شيء ، بل هو من النصيحة ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت قيس حين استشارته في الذين خطبوها قال : ( أما معاوية فصعلوك لا مال له ، وأما أبو جهم فضراب للناس ) فبين حالهما وهذا لا يعد من الغيبة بل هو من النصيحة.
وحدثنا أبو جعفر الدارمي حدثنا بشر بن عمر قال سألت مالك بن أنس عن محمد بن عبد الرحمن الذي يروي عن سعيد بن المسيب فقال ليس بثقة وسألته عن صالح مولى التوأمة فقال ليس بثقة وسألته عن أبي الحويرث فقال ليس بثقة وسألته عن شعبة الذي روى عنه بن أبي ذئب فقال ليس بثقة وسألته عن حرام بن عثمان فقال ليس بثقة وسألت مالكا عن هؤلاء الخمسة فقال ليسوا بثقة في حديثهم وسألته عن رجل آخر نسيت اسمه فقال هل رأيته في كتبي قلت لا قال لو كان ثقة لرأيته في كتبي
القارئ : وحدّثنا أبو جعفرٍ الدّارميّ ، حدّثنا بشر بن عمر ، قال : " سألت مالك بن أنسٍ عن محمّد بن عبد الرّحمن الّذي يروي عن سعيد بن المسيّب ، فقال : ليس بثقةٍ ، وسألته عن صالحٍ ، مولى التّوأمة ، فقال : ليس بثقةٍ ، وسألته عن أبي الحويرث ، فقال : ليس بثقةٍ ، وسألته عن شعبة الّذي روى عنه ابن أبي ذئبٍ ، فقال : ليس بثقةٍ ، وسألته عن حرام بن عثمان ، فقال : ليس بثقةٍ ، وسألت مالكًا عن هؤلاء الخمسة ، فقال : ليسوا بثقةٍ في حديثهم ، وسألته عن رجلٍ آخر نسيت اسمه ، فقال : هل رأيته في كتبي ؟ قلت : لا ، قال : لو كان ثقةً لرأيته في كتبي ". الشيخ : هذا كسوابقه في بيان أن ذكر الرجل بما تقتضيه حاله نصيحة لله وللمسلمين ، لا يعد هذا غيبة ، وفي قوله : لو ثقة لرأيته في كتبي يعني : لو كان ثقة لرأيته في كتبي ، يعني لو كان ثقة عندي ، وليس في هذا افتخارًا أو مدحًا للنفس ، بل بيان للواقع ، وكأنه يقول للسائل : لا تكثر من السؤال إذا لم تر الرجل في كتبي فإن حكمي عليه أنه ليس بثقة.
قوله:( وسألت مالكا عن هؤلاء الخمسة ) هل هو ابن أنس.؟
السائل : سألت مالك بن أنس ، ثم قال وسألت مالكاً عن هؤلاء الخمسة ؟ الشيخ : فيه نسخة سألت مالك بدون واو ، وفيه نسخة السائل : ... ؟ الشيخ : لا كرر الكلام ، سألت مالك بن أنس عن فلان وفلان ، سألت مالكا عن هؤلاء الخمسة ، يعني النسخة الثانية التي في الهامش أصح ، نعم ؟ إذا لم يكن حرف عطف ما فيه إشكال ، سألت مالكا عن فلان عن فلان عن فلان عن فلان سألته عن هؤلاء الخمسة ، النسخة التي عندنا لو تكتبونها في الهامش.
وحدثني محمد بن عبد الله بن قهزاد قال سمعت أبا إسحاق الطالقاني يقول سمعت بن المبارك يقول لو خيرت بين أن أدخل الجنة وبين أن ألقى عبد الله بن محرر لاخترت أن ألقاه ثم أدخل الجنة فلما رأيته كانت بعرة أحب إلي منه
القارئ : وحدّثني محمّد بن عبد الله بن قهزاذ ، قال : سمعت أبا إسحاق الطّالقانيّ ، يقول : سمعت ابن المبارك ، يقول : " لو خيّرت بين أن أدخل الجنّة ، وبين أن ألقى عبد الله بن محرّرٍ لاخترت أن ألقاه ، ثمّ أدخل الجنّة ، فلمّا رأيته كانت بعرةٌ أحبّ إليّ منه ".
حدثني أحمد بن إبراهيم الدورقي قال حدثني عبد السلام الوابصي قال حدثني عبد الله بن جعفر الرقي عن عبيد الله بن عمرو قال كان يحيى بن أبي أنيسة كذابا
القارئ : حدّثني أحمد بن إبراهيم الدّورقيّ ، قال : حدّثني عبد السّلام الوابصيّ ، قال : حدّثني عبد الله بن جعفرٍ الرّقّيّ ، عن عبيد الله بن عمرٍو ، قال : " كان يحيى بن أبي أنيسة كذّابًا ". حدّثني أحمد بن إبراهيم ، قال حدّثني سليمان بن حربٍ ، عن حمّاد بن زيدٍ ، قال : " ذكر فرقدٌ عند أيّوب ، فقال : إنّ فرقدًا ليس صاحب حديثٍ ". الشيخ : هذا يمكن الذي عنده تقريب التهذيب ويحب أن يعلق على التقريب الكلام الذي ذكره مسلم طيب ، بدلا من أن يكتب في كتاب مستقل.
كيف أخرج مالك لعبد الكريم بن أبي المخارق وهو يقول لا يكتب إلا عن ثقة.؟
السائل : كيف الإجابة أحسن الله إليكم عن إخراج الإمام مالك لعبد الكريم بن أبي المخارق وهو يقول لا يكتب إلا عن ثقة ؟ الشيخ : أليس قلنا بثقة عنده السائل : قد يكون ... الشيخ : لا لا الظاهر ثقة عنده ، لأنه قال له هل رأيته في كتبي ، الظاهر أنه مطلق
وحدثني عبد الرحمن بن بشر العبدي قال سمعت يحيى بن سعيد القطان ذكر عنده محمد بن عبد الله بن عبيد بن عمير الليثي فضعفه جدا فقيل ليحيى أضعف من يعقوب بن عطاء قال نعم ثم قال ما كنت أرى أن أحدا يروي عن محمد بن عبد الله بن عبيد بن عمير
القارئ : وحدّثني عبد الرّحمن بن بشرٍ العبديّ ، قال : سمعت يحيى بن سعيدٍ القطّان : " ذكر عنده محمّد بن عبد الله بن عبيد بن عميرٍ اللّيثيّ فضعّفه جدًّا ، فقيل ليحيى : أضعف من يعقوب بن عطاءٍ ؟ قال : نعم ، ثمّ قال : ما كنت أرى أنّ أحدًا يروي عن محمّد بن عبد الله بن عبيد بن عميرٍ ".
حدثني بشر بن الحكم قال سمعت يحيى بن سعيد القطان ضعف حكيم بن جبير وعبد الأعلى وضعف يحيى بن موسى بن دينار قال حديثه ريح وضعف موسى بن دهقان وعيسى بن أبي عيسى المدني قال وسمعت الحسن بن عيسى يقول قال لي بن المبارك إذا قدمت على جرير فاكتب علمه كله إلا حديث ثلاثة لا تكتب حديث عبيدة بن معتب والسري بن إسماعيل ومحمد بن سالم قال مسلم وأشباه ما ذكرنا من كلام أهل العلم في متهمي رواة الحديث وإخبارهم عن معايبهم كثير يطول الكتاب بذكره على استقصائه وفيما ذكرنا كفاية لمن تفهم وعقل مذهب القوم فيما قالوا من ذلك وبينوا وإنما ألزموا أنفسهم الكشف عن معايب رواة الحديث وناقلي الأخبار وأفتوا بذلك حين سئلوا لما فيه من عظيم الخطر إذ الأخبار في أمر الدين إنما تأتي بتحليل أو تحريم أو أمر أو نهي أو ترغيب أو ترهيب فإذا كان الراوي لها ليس بمعدن للصدق والأمانة ثم أقدم على الرواية عنه من قد عرفه ولم يبين ما فيه لغيره ممن جهل معرفته كان آثما بفعله ذلك غاشا لعوام المسلمين إذ لا يؤمن على بعض من سمع تلك الأخبار أن يستعملها أو يستعمل بعضها ولعلها أو أكثرها أكاذيب لا أصل لها مع أن الأخبار الصحاح من رواية الثقات وأهل القناعة أكثر من أن يضطر إلى نقل من ليس بثقة ولا مقنع
القارئ : حدّثني بشر بن الحكم ، قال : " سمعت يحيى بن سعيدٍ القطّان ، ضعّف حكيم بن جبيرٍ ، وعبد الأعلى ، وضعّف يحيى بن موسى بن دينارٍ قال : حديثه ريحٌ ، وضعّف موسى بن دهقان ، وعيسى بن أبي عيسى المدنيّ قال : وسمعت الحسن بن عيسى ، يقول : قال لي ابن المبارك : إذا قدمت على جريرٍ فاكتب علمه كلّه إلّا حديث ثلاثةٍ ، لا تكتب حديث عبيدة بن معتّبٍ ، والسّريّ بن إسماعيل ، ومحمّد بن سالمٍ " قال مسلمٌ : " وأشباه ما ذكرنا من كلام أهل العلم في متّهمي رواة الحديث ، وإخبارهم عن معايبهم كثيرٌ ، يطول الكتاب بذكره على استقصائه ، وفيما ذكرنا كفايةٌ لمن تفهّم وعقل مذهب القوم فيما قالوا من ذلك وبيّنوا ، وإنّما ألزموا أنفسهم الكشف عن معايب رواة الحديث ، وناقلي الأخبار ، وأفتوا بذلك حين سئلوا لما فيه من عظيم الخطر ، إذ الأخبار في أمر الدّين إنّما تأتي بتحليلٍ ، أو تحريمٍ ، أو أمرٍ ، أو نهيٍ ، أو ترغيبٍ ، أو ترهيبٍ ، فإذا كان الرّاوي لها ليس بمعدنٍ للصّدق والأمانة ، ثمّ أقدم على الرّواية عنه من قد عرفه ، ولم يبيّن ما فيه لغيره ممّن جهل معرفته كان آثمًا بفعله ذلك ، غاشًّا لعوامّ المسلمين ، إذ لا يؤمن على بعض من سمع تلك الأخبار أن يستعملها ، أو يستعمل بعضها ولعلّها ، أو أكثرها أكاذيب لا أصل لها ، مع أنّ الأخبار الصّحاح من رواية الثّقات وأهل القناعة أكثر من أن يضطرّ إلى نقل من ليس بثقةٍ ولا مقنعٍ. " الشيخ : كأنه يقول رحمه الله فيما صحّ من الأخبار غنى عما كان ضعيفًا وهو كذلك ، وهذا مما يدل على أنه لا تنبغي رواية الحديث الضعيف حتى في فضائل الأعمال ، اللهم إلّا رجلًا يسوق الحديث الضعيف ليبين أنه ضعيف حتى لا يغتر الناس به ، فهذا واجب أما أن يسوقه على أنه مثبتٌ لهذه الفضيلة أو أنه يثبت بها حكم الترغيب أو الترهيب فهذا لا يجوز ، لأن ما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم فيه الكفاية ، كلام مسلم رحمه الله في هذا جيد ، نعم
ولا أحسب كثيرا ممن يعرج من الناس على ما وصفنا من هذه الأحاديث الضعاف والأسانيد المجهولة ويعتد بروايتها بعد معرفته بما فيها من التوهن والضعف إلا أن الذي يحمله على روايتها والاعتداد بها إرادة التكثر بذلك عند العوام ولأن يقال ما أكثر ما جمع فلان من الحديث وألف من العدد ومن ذهب في العلم هذا المذهب وَسَلَكَ هَذَا الطَّرِيقَ فَلا نَصِيبَ لَهُ فِيهِ وَكَانَ بِأَنْ يُسَمَّى جَاهِلا أَوْلَى مَنْ أَنْ يُنْسَبَ إِلَى عِلْمٍ
القارئ : " ولا أحسب كثيرًا ممّن يعرّج من النّاس على ما وصفنا من هذه الأحاديث الضّعاف ، والأسانيد المجهولة ويعتدّ بروايتها بعد معرفته بما فيها من التّوهّن والضّعف ، إلّا أنّ الّذي يحمله على روايتها والاعتداد بها إرادة التّكثّر بذلك عند العوامّ ، ولأن يقال : ما أكثر ما جمع فلانٌ من الحديث ، وألّف من العدد ، ومن ذهب في العلم هذا المذهب ، وسلك هذا الطّريق فلا نصيب له فيه ، وكان بأن يسمّى جاهلًا أولى من أن ينسب إلى علمٍ. " الشيخ : هذا صحيح ، ولكنه ليس منطبقًا على كل هؤلاء ، قد يكون بعضهم يرى أن نقل هذا الحديث الضعيف لأن له شاهدًا فيريد أن يقويه بالشاهد ، وما أشبه ذلك ، لكن لا شك أن ما ذكره مسلم أنه قد يكون عند بعضهم إرادة التكثير ، وأن يقال : ما أكثر ما جمع من الحديث ، وما أكثر حديثه ، هذا يروي ألف حديث ، وهذا يروي ألفي حديث ، وهذا يروي ألف ألف حديث وما أشبه ذلك والله أعلم بالنيات ، نعم
الطالب : بارك الله فيك ، هنا خطأ بيَّنه الإمام النووي في قول مسلم ، حدثني بشر بن الحكم ، قال سمعت يحيى بن سعيد القطان : ضعَّف حكيم بن جُبير ، وعبد الأعلى ، وضعَّف يحيى بن موسى بن دينار ، والصحيح يا شيخ أن كلمة يحيى ... هذه زائدة ، يقول النووي : " هكذا وقع في الأصول كلها ، وضعَّف يحيى بن موسى بإثبات لفظة بين يحيى وموسى وهو غلط بلا شك والصواب حذفها ، كذا قاله الحفاظ منهم أبو علي غسان الكيلاني وجماعة آخرون " ؟ الشيخ : عندي " وضعَّف يحيى بن موسى بن دينار صوابه وضعَّف يحيى موسى بن دينار ، نص عليه في الشرح ، قال والغلط فيه من رواة كتاب مسلم ، لا من مسلم ، ويحيى هو ابن سعيد القطَّان ، المذكور أولاً ، فضعَّف يحيى بن سعيد ، حكيم بن جُبير ، وعبد الأعلى ، وموسى بن دينار ، وموسى بن الدهقان وعيسى " ، أي نعم
وقد تكلم بعض منتحلي الحديث من أهل عصرنا في تصحيح الأسانيد وتسقيمها بقول لو ضربنا عن حكايته وذكر فساده صفحا لكان رأيا متينا ومذهبا صحيحا إذ الإعراض عن القول المطرح أحرى لإماتته وإخمال ذكر قائله وأجدر أن لا يكون ذلك تنبيها للجهال عليه غير أنا لما تخوفنا من شرور العواقب واغترار الجهلة بمحدثات الأمور وإسراعهم إلى اعتقاد خطأ المخطئين والأقوال الساقطة عند العلماء رأينا الكشف عن فساد قوله ورد مقالته بقدر ما يليق بها من الرد أجدى على الأنام وأحمد للعاقبة إن شاء الله
القارئ : "وقد تكلّم بعض منتحلي الحديث من أهل عصرنا في تصحيح الأسانيد وتسقيمها بقولٍ لو ضربنا عن حكايته ، وذكر فساده صفحًا لكان رأيًا متينًا ، ومذهبًا صحيحًا ، إذ الإعراض عن القول المطَّرح أحرى لإماتته ، وإخمال ذكر قائله ، وأجدر أن لا يكون ذلك تنبيهًا للجهّال عليه ، غير أنّا لمّا تخوّفنا من شرور العواقب ، واغترار الجهلة بمحدثات الأمور ، وإسراعهم إلى اعتقاد خطأ المخطئين ، والأقوال السّاقطة عند العلماء ، رأينا الكشف عن فساد قوله وردّ مقالته بقدر ما يليق بها من الرّدّ ، أجدى على الأنام ، وأحمد للعاقبة إن شاء الله " الشيخ الكلام هذا صحيح ، يعني : القول الضعيف يتردد الإنسان بين نشره والرد عليه وبين تركه ، فيقول : " تكلّم بعض منتحلي الحديث من أهل عصرنا في تصحيح الأسانيد وتسقيمها بقولٍ لو ضربنا عن حكايته ، وذكر فساده صفحًا لكان رأيًا متينًا ، ومذهبًا صحيحًا " ثم علل : " إذ الإعراض عن القول المطّرح أحرى لإماتته ، وإخماد ذكر قائله ، وأجدر أن لا يكون ذلك تنبيهًا للجهّال عليه غير أننا تخوفنا " وهذا صحيح ، ولذلك فإذا أردت للشيء أن ينتشر فردّ عليه فيأخذ الناس هذا الرد ويتجادلون فيه ، ويكون في ذلك نشرٌ للقول لكن يخشى كما قال مسلم أننا لو تركناه لاغترّ به الجهّال ، فكان مقتضى النصيحة أن يذكر ، وكونه يشتهر بأنه ضعيف وأنه مردود عليه ، خير من كونه يسكت عنه.
وزعم القائل الذي افتتحنا الكلام على الحكاية عن قوله والإخبار عن سوء رويته أن كل إسناد لحديث فيه فلان عن فلان وقد أحاط العلم بأنهما قد كانا في عصر واحد وجائز أن يكون الحديث الذي روى الراوي عمن روى عنه قد سمعه منه وشافهه به غير أنه لا نعلم له منه سماعا ولم نجد في شيء من الروايات أنهما التقيا قط أو تشافها بحديث أن الحجة لا تقوم عنده بكل خبر جاء هذا المجيء حتى يكون عنده العلم بأنهما قد اجتمعا من دهرهما مرة فصاعدا أو تشافها بالحديث بينهما أو يرد خبر فيه بيان اجتماعهما وتلاقيهما مرة من دهرهما فما فوقها فإن لم يكن عنده علم ذلك ولم تأت رواية صحيحة تخبر أن هذا الراوي عن صاحبه قد لقيه مرة وسمع منه شيئا لم يكن في نقله الخبر عمن روى عنه ذلك والأمر كما وصفنا حجة وكان الخبر عنده موقوفا حتى يرد عليه سماعه منه لشيء من الحديث قل أو كثر في رواية مثل ما ورد
القارئ : "وزعم القائل الّذي افتتحنا الكلام على الحكاية عن قوله ، والإخبار عن سوء رويّته ، أنّ كلّ إسنادٍ لحديثٍ فيه فلانٌ عن فلانٍ ، وقد أحاط العلم بأنّهما قد كانا في عصرٍ واحدٍ ، وجائزٌ أن يكون الحديث الّذي روى الرّاوي عمّن روى عنه قد سمعه منه وشافهه به غير أنّه لا نعلم له منه سماعًا ، ولم نجد في شيءٍ من الرّوايات أنّهما التقيا قطّ ، أو تشافها بحديثٍ ، أنّ الحجّة لا تقوم عنده بكلّ خبرٍ جاء هذا المجيء ، حتّى يكون عنده العلم بأنّهما قد اجتمعا من دهرهما مرّةً فصاعدًا ، أو تشافها بالحديث بينهما ، أو يرد خبرٌ فيه بيان اجتماعهما وتلاقيهما مرّةً من دهرهما فما فوقها ، فإن لم يكن عنده علم ذلك ، ولم تأت روايةٌ صحيحة تخبر أنّ هذا الرّاوي عن صاحبه قد لقيه مرّةً ، وسمع منه شيئًا لم يكن في نقله الخبر عمّن روى عنه ذلك والأمر كما وصفنا حجّةٌ وكان الخبر عنده موقوفا " الشيخ :( حجة ) هذه اسم يكن ، يعني : لم يكن في نقل الخبر عمن روى عنه ذلك والأمر كما وصفنا ، يعني أنه لم يجتمع به ولم يشافهه لم يكن فيه حجة ، نعم القارئ : " وكان الخبر عنده موقوفًا حتّى يرد عليه سماعه منه لشيءٍ من الحديث ، قلّ أو كثر في روايةٍ مثل ما ورد " الشيخ : من قال هذا ؟ هذا قول البخاري رحمه الله ، وعجب أن يقول مسلم هذا القول في شيخه ، مع أنه أصوب من مسلم لا شك أن مجرد المعاصرة لا يكون حجة ، لجواز أن يكون بينهما واسطة ، وهذه المسألة تنقسم إلى أقسام : القسم الأول : مجرد المعاصرة. والقسم الثاني : ثبوت الملاقاة. وهذا تثبت به المعاصرة أو لا تثبت ؟ من باب أولى القسم الثالث : أن يكون قد سمع منه شيئًا ، ولكن لا يعلم أنه سمع هذا الحديث بعينه. القسم الرابع : أن يكون سمع منه هذا الحديث بعينه ، القسم الرابع متفق على أنه حجة ، ولا أحد يخالف في هذا الشيء ، والقسم الثالث أيضًا قول الجمهور أنه حجة ، لأنه إذا ثبت أنه سمع منه فالأصل أن ما حدث به عنه فهو مسموع ، والقسم الثاني مجرد الملاقاة لكن لم يثبت أنه سمع هذا محمول على حسن الظن ، وأنه لن يحدث عمن لاقاه إلا ما سمع منه ، والقسم الأول أضعفها ، فمسلم رحمه الله يحمله على اللقاء والسماع ، والبخاري لا يحمله على اللقاء والسماع ، ولهذا كان شرط البخاري أمتن وأصح ، أنه يشترط لصحة الحديث الملاقاة ، وكما عرفتم أن الملاقاة يعني عقلًا قد يقول قائل : لا يلزم من ملاقاته أن يحدثه قد يلاقيه ويتحدثان بحديث وقد لا يتحدثان وقد يتحدثان في أمر دنيوي ، لكن مع ذلك من أجل إحسان الظن بالرواة نقول : إنه إذا ثبت ملاقاته وحدث عنه بلفظ ليس فيه التصريح بأنه حدّثه أو سمع منه فإنه يحمل على السماع ، نعم
كيف يقول مسلم في شيخه البخاري :(وقد تكلم بعض منتحلي الحديث ).؟
السائل : الإمام مسلم رحمه الله أنه كان يقول للبخاري أنت أستاذ الأستاذين وقبل رأسه كيف يقول أنه ينتحل ... يقال في البخاري ؟ الشيخ : لا تقل كيف ، هذا هو الواقع السائل : يمكن ما يقصد البخاري ، لأنه يقول منتحلي الشيخ : أليس البخاري رحمه الله يرى هذا الرأي ؟ السائل : يمكن يتكلم بغيره الشيخ : طيب إذا تكلم بغيره وهو مذهبه السائل : يكون تناقض الشيخ : الله أعلم الله أعلم ما ندري ، النيات عند الله ، نعم
هل صحيح أن شرط البخاري هو قول الجمهور وشرط مسلم هو الغريب.؟
السائل : بعض أهل الحديث يقول إن قول البخاري هو قول الجمهور ، وقول مسلم الغريب ؟ الشيخ : هو لا شك هو قول الجمهور أولى لكن لا شك أن مجرد المعاصرة لا يثبت الملاقاة والسماع أبدا ، فقول البخاري هو الصواب قطعًا ، نعم
باب صحة الاحتجاج بالحديث المعنعن إذا أمكن لقاء المعنعنين ولم يكن فيهم مدلس
القارئ : " وهذا القول يرحمك الله في الطعن في الأسانيد قول مخترع ، مستحدث غير مسبوق صاحبه إليه ، ولا مساعد له من أهل العلم عليه ، وذلك أن القول الشائع المتفق عليه بين أهل العلم بالأخبار والروايات قديماً وحديثاً ، أن كل رجل ثقة روى عن مثله حديثا ، وجائز ممكن له لقاؤه والسماع منه لكونهما جميعا كانا في عصر واحد ، وإن لم يأت في خبر قط أنهما اجتمعا ولا تشافها بكلام فالرواية ثابتة ، والحجة بها لازمة ، إلا أن يكون هناك دِلالة بينة أن هذا الراوي لم يلق من روى عنه ، أو لم يسمع منه شيئاً ، فأما والأمر مبهم على الإمكان الذي فسرنا ، فالرواية على السماع أبداً حتى تكون الدلالة التي بينا .. " الشيخ : قوله رحمه الله هذا لا شك أن فيه مجازفة ، أنه القول الشائع المتفق عليه بين أهل العلم بالأخبار والروايات هذا ما فيه شك أنه مجازفة ، بل لو قيل بالعكس لكان أقرب إلى الصواب ، والله المستعان ، نعم القارئ : " فيقال لمخترع هذا القول الذي وصفنا مقالته أو للذاب عنه ، قد أعطيت في جملة قولك أن خبر الواحد الثقة عن الواحد الثقة حجة يلزم به العمل ثم أدخلت فيه الشرط بعد ، فقلت حتى نعلم أنهما قد كانا التقيا مرة فصاعدا أو سمع منه شيئا ، فهل تجد هذا الشرط الذي اشترطته عن أحد يلزم قوله وإلا فهلم دليلا على ما زعمت ، فإن ادعى قول أحد من علماء السلف من إدخال الشريطة في تثبيت الخبر طولب به ولن يجد هو ولا غيره إلى إيجاده سبيلا " الشيخ : هاه ؟ ردوا على هذا القول ، السائل : هل يليق بمسلم ... البخاري بهذا الرد ؟ الشيخ : أولا نسأل هل البخاري يشترط اللقاء ولا لأ ؟ يشترط اللقاء ، هل هذا الكلام من مسلم ينصب على من يشترط اللقاء ولا لأ ؟ ينصب ... يقول ما هو شرط اللقاء ، إذا تعاصرا فهو محمول على اللقاء ، إلا إذا كان هناك بينة أنهما لم يلتقيا فهذا شيء معروف القارئ : يا شيخ في الشرح قال هذا ، ذكر في شرح النووي أنه المقصود البخاري وعلي بن المديني وجماعة ، الذين قصدهم مسلم الشيخ : معروف هذا ، هاه ؟ السائل : الإخبار بسوء نيته ؟ الشيخ : الله المستعان ، مسلم رحمه الله حتى قوله في الضعفاء قبل قليل أنهم يريدون التكثير والإكثار وما أشبه ذلك ما يجوز ، بعضهم قد لا يريد هذا ، ما يمكن نحكم بهذا على كل واحد ، الله المستعان ، نعم السائل : الظاهر ... كما ذكر الذهبي أنه رحمه الله في خلقه حدة الشيخ : أي بس نود لو أن لم يكن في قلبه إساءة ظن ، لكن على كل حال نسأل الله له الرحمة ، هو مجتهد نعم
وهذا القول يرحمك الله في الطعن في الأسانيد قول مخترع مسبوق صاحبه إليه ولا مساعد له من أهل العلم عليه وذلك أن القول الشائع المتفق عليه بين أهل العلم بالأخبار والروايات قديما وحديثا أن كل رجل ثقة روى عن مثله حديثا وجائز ممكن له لقاؤه والسماع منه لكونهما جميعا كانا في عصر واحد وإن لم يأت في خبر قط أنهما اجتمعا ولا تشافها بكلام فالرواية ثابتة والحجة بها لازمة إلا أن يكون هناك دلالة بينة أن هذا الراوي لم يلق من روى عنه أو لم يسمع منه شيئا فأما والأمر مبهم على الإمكان الذي فسرنا فالرواية على السماع أبدا حتى تكون الدلالة التي بينا فيقال لمخترع هذا القول الذي وصفنا مقالته أو للذاب عنه قد أعطيت في جملة قولك أن خبر الواحد الثقة عن الواحد الثقة حجة يلزم به العمل ثم أدخلت فيه الشرط بعد فقلت حتى نعلم أنهما قد كانا التقيا مرة فصاعدا أو سمع منه شيئا فهل تجد هذا الشرط الذي اشترطته عن أحد يلزم قوله وإلا فهلم دليلا على ما زعمت فإن ادعى قول أحد من علماء السلف بما زعم من إدخال الشريطة في تثبيت الخبر طولب به ولن يجد هو ولا غيره إلى إيجاده سبيلا
وإن هو ادعى فيما زعم دليلا يحتج به قيل له وما ذاك الدليل فإن قال قلته لأني وجدت رواة الأخبار قديما وحديثا يروي أحدهم عن الآخر الحديث ولما يعاينه ولا سمع منه شيئا قط فلما رأيتهم استجازوا رواية الحديث بينهم هكذا على الإرسال من غير سماع والمرسل من الروايات في أصل قولنا وقول أهل العلم بالأخبار ليس بحجة احتجت لما وصفت من العلة إلى البحث عن سماع راوي كل خبر عن راويه فإذا أنا هجمت على سماعه منه لأدنى شيء ثبت عنه عندي بذلك جميع ما يروي عنه بعد فإن عزب عني معرفة ذلك أوقفت الخبر ولم يكن عندي موضع حجة لإمكان الإرسال فيه فيقال له فإن كانت العلة في تضعيفك الخبر وتركك الاحتجاج به إمكان الإرسال فيه لزمك أن لا تثبت إسنادا معنعنا حتى ترى فيه السماع من أوله إلى آخره وذلك أن الحديث الوارد علينا بإسناد هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة فبيقين نعلم أن هشاما قد سمع من أبيه وأن أباه قد سمع من عائشة كما نعلم أن عائشة قد سمعت من النبي صلى الله عليه وسلم وقد يجوز إذا لم يقل هشام في رواية يرويها عن أبيه سمعت أو أخبرني أن يكون بينه وبين أبيه في تلك الرواية إنسان آخر أخبره بها عن أبيه ولم يسمعها هو من أبيه لما أحب أن يرويها مرسلا ولا يسندها إلى من سمعها منه وكما يمكن ذلك في هشام عن أبيه فهو أيضا ممكن في أبيه عن عائشة وكذلك كل إسناد لحديث ليس فيه ذكر سماع بعضهم من بعض وإن كان قد عرف في الجملة أن كل واحد منهم قد سمع من صاحبه سماعا كثيرا فجائز لكل واحد منهم أن ينزل في بعض الرواية فيسمع من غيره عنه بعض أحاديثه ثم يرسله عنه أحيانا ولا يسمي من سمع منه وينشط أحيانا فيسمي الرجل الذي حمل عنه الحديث ويترك الإرسال وما قلنا من هذا موجود في الحديث مستفيض من فعل ثقات المحدثين وأئمة أهل العلم
القارئ : " وإن هو ادعى فيما زعم دليلاً يُحتج به ، قيل له : وما ذاك الدليل ؟ فإن قال : قلته لأني وجدت رواة الأخبار قديماً وحديثاً يروي أحدهم عن الآخر الحديث ، ولما يعاينه ولا سمع منه شيئا قط ، فلما رأيتهم استجازوا رواية الحديث بينهم هكذا على الإرسال من غير سماع ، والمرسل من الروايات في أصل قولنا وقول أهل العلم بالأخبار ليس بحجة ، احتجت لما وصفت من العلة إلى البحث عن سماع راوي كل خبر عن راويه ، فإذا أنا هجمت على سماعه منه لأدنى شيء ثبت عندي بذلك جميع ما يروى عنه بعد ، فإن عزب عني معرفة ذلك أوقفت الخبر ، ولم يكن عندي موضع حجة لإمكان الإرسال فيه ، فيقال له : فإن كانت العلة في تضعيفك الخبر ، وتركك الاحتجاج به إمكان الإرسال فيه ، لزمك أن لا تثبت إسناداً معنعناً حتى ترى فيه السماع من أوله إلى آخره ، وذلك أن الحديث الوارد علينا بإسناد هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة فبيقين نعلم أن هشاماً قد سمع من أبيه ، وأن أباه قد سمع من عائشة ، كما نعلم أن عائشة قد سمعت من النبي صلى الله عليه وسلم ، وقد يجوز إذا لم يقل هشام في رواية يرويها عن أبيه : سمعت ، أو أخبرني ، أن يكون بينه وبين أبيه في تلك الرواية إنسان آخر ، أخبره بها عن أبيه ، ولم يسمعها هو من أبيه ، لما أحب أن يرويها مرسلاً ، ولا يُسندها إلى من سمعها منه ، وكما يمكن ذلك في هشام ، عن أبيه ، فهو أيضاً ممكن في أبيه عن عائشة ، وكذلك كل إسناد لحديث ليس فيه ذكر سماع بعضهم من بعض ، وإن كان قد عرف في الجملة أن كل واحد منهم قد سمع من صاحبه سماعا كثيراً ، فجائز لكل واحد منهم أن ينزل في بعض الرواية ، فيسمع من غيره عنه بعض أحاديثه ، ثم يرسله عنه أحياناً ، ولا يسمي من سمع منه ، وينشط أحياناً فيسمي الرجل الذي حمل عنه الحديث ويترك الإرسال ، وما قلنا من هذا موجود في الحديث مستفيض ، من فعل ثقات المحدثين وأئمة أهل العلم. " الشيخ : لكن هذا الذي قاله ليس بلازم ، يعني هو يريد أن يلزم بأنه إذا حدث بالعنعنة وهو قد علم أنه اجتمع به ولاقاه فإنه يكون مرسلاً ، لاحتمال أن يكون بينهما واسطة ، فيُقال: هذا الاحتمال غير وارد لماذا ؟ لأنه من المعلوم أن الراوي بالعنعنة حديثه متصل إلا من عرف بالتدليس ، والكلام فيمن لم يعرف بالتدليس ، وعلى هذا فما ذكره رحمه الله ليس بلازم.
الراوي الثقة الغير مدلس ما فائدة اشتراط اللقي بعد المعاصرة .؟
السائل : إذا عُلم أن المحدث ليس بمدلس ، وأنه ثقة ، فما فائدة اشتراط اللقي بعد المعاصرة بعد علمنا أنه ثقة وغير مدلس ؟ الشيخ : لأنا إذا لم نعلم أنه لاقاه ، فإنا نعلم أن الأصل عدم اللقاء ، لكن إذا علمنا أنه لاقاه فالأصل أنه سمعه منه السائل : لكن ما فائدة اللقي إذا كان المحدث ثقة ولا يُدلس ؟ الشيخ : الفائدة لإمكان أن يكون سمعه السائل : طيب هو ثقة إذا قال عن ... الشيخ : لكن إذا لم نعلم أنه لقيه ففيه احتمال.. السائل : احتمال ماذا ؟ احتمال تدليس ؟ الشيخ : أي نعم احتمال التدليس السائل : هو معروف أنه ثقة لا يدلس الشيخ : أي لكن لما لم يلقه وهو معاصر فيوجد احتمال ، وهذا هو المرسل الخفي الذي ذكره ابن حجر في "النخبة" المرسل الخفي من معاصر لم يلقه ، هو مرسل خفي في الواقع ، نعم
السائل : في كلام الإمام مسلم كأنه يُلزم البخاري أنه يشترط السماع في كل حديث ، وهو لا يشترط هذا ، يشترط أن يروي الراوي .. ؟ الشيخ : يُلزمه أنه إذا عنعن فإنه لا يصح عنده لاحتمال أن يكون بينهما واسطة ، لكن هذا ليس بلازم السائل : هذا ما يلتزمه البخاري ؟ الشيخ : أبد ما يلزمه ، حتى نحن نرى أنه لا يلزمه .
وسنذكر من رواياتهم على الجهة التي ذكرنا عددا يستدل بها على أكثر منها إن شاء الله تعالى فمن ذلك أن أيوب السختياني وابن المبارك ووكيعا وابن نمير وجماعة غيرهم رووا عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت كنت أطيب رسول الله صلى الله عليه وسلم لحله ولحرمه بأطيب ما أجد فروى هذه الرواية بعينها الليث بن سعد وداود العطار وحميد بن الأسود ووهيب بن خالد وأبو أسامة عن هشام قال أخبرني عثمان بن عروة عن عروة عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم وروى هشام عن أبيه عن عائشة قالت كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أعتكف يدني إلي رأسه فأرجله وأنا حائض فرواها بعينها مالك بن أنس عن الزهري عن عروة عن عمرة عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم وروى الزهري وصالح بن أبي حسان عن أبي سلمة عن عائشة كان النبي صلى الله عليه وسلم يقبل وهو صائم فقال يحيى بن أبي كثير في هذا الخبر في القبلة أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن أن عمر بن عبد العزيز أخبره أن عروة أخبره أن عائشة أخبرته أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبلها وهو صائم وروى بن عيينة وغيره عن عمرو بن دينار عن جابر قال أطعمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لحوم الخيل ونهانا عن لحوم الحمر فرواه حماد بن زيد عن عمرو عن محمد بن علي عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم وهذا النحو في الروايات كثير يكثر تعداده وفيما ذكرنا منها كفاية لذوي الفهم فإذا كانت العلة عند من وصفنا قوله من قبل في فساد الحديث وتوهينه إذا لم يعلم أن الراوي قد سمع ممن روى عنه شيئا إمكان الإرسال فيه لزمه ترك الاحتجاج في قياد قوله برواية من يعلم أنه قد سمع ممن روى عنه إلا في نفس الخبر الذي فيه ذكر السماع لما بينا من قبل عن الأئمة الذين نقلوا الأخبار أنهم كانت لهم تارات يرسلون فيها الحديث إرسالا ولا يذكرون من سمعوه منه وتارة ينشطون فيها فيسندون الخبر على هيئة ما سمعوا فيخبرون بالنزول فيه إن نزلوا وبالصعود إن صعدوا كما شرحنا ذلك عنهم وما علمنا أحدا من أئمة السلف ممن يستعمل الأخبار ويتفقد صحة الأسانيد وسقمها مثل أيوب السختياني وابن عون ومالك بن أنس وشعبة بن الحجاج ويحيى بن سعيد القطان وعبد الرحمن بن مهدي ومن بعدهم من أهل الحديث فتشوا عن موضع السماع في الأسانيد كما ادعاه الذي وصفنا قوله من قبل وإنما كان تفقد من تفقد منهم سماع رواة الحديث ممن روى عنهم إذا كان الراوي ممن عرف بالتدليس في الحديث وشهر به فحينئذ يبحثون عن سماعه في روايته ويتفقدون ذلك منه كي تنزاح عنهم علة التدليس فمن ابتغى ذلك من غير مدلس على الوجه الذي زعم من حكينا قوله فما سمعنا ذلك عن أحد ممن سمينا ولم نسم من الأئمة
القارئ : " وسنذكر من رواياتهم على الجهة التي ذكرنا عددا يستدل بها على أكثر منها إن شاء الله تعالى ، فمن ذلك : أن أيوب السختياني وابن المبارك ووكيعا وابن نمير ، وجماعة غيرهم ، رووا عن هشام بن عروة ، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها قالت : ( كنت أطيب رسول الله صلى الله عليه وسلم لحله، ولحرمه بأطيب ما أجد ) فروى هذه الرواية بعينها الليث بن سعد، وداود العطار، وحميد بن الأسود، ووهيب بن خالد، وأبو أسامة، عن هشام، قال: أخبرني عثمان بن عروة، عن عروة، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم وروى هشام، عن أبيه، عن عائشة، قالت : ( كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا اعتكف، يدني إلي رأسه فأرجله وأنا حائض ) ، فرواها بعينها مالك بن أنس، عن الزهري، عن عروة، عن عمرة، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وروى الزهري، وصالح بن أبي حسان، عن أبي سلمة، عن عائشة قالت ( كان النبي صلى الله عليه وسلم يقبل وهو صائم ) فقال يحيى بن أبي كثير في هذا الخبر في القبلة، أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن، أن عمر بن عبد العزيز، أخبره أن عروة أخبره، أن عائشة أخبرته ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبلها وهو صائم ) ، وروى ابن عيينة، وغيره، عن عمرو بن دينار، عن جابر، قال : ( أطعمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لحوم الخيل ، ونهانا عن لحوم الحمر ) ، فرواه حماد بن زيد ، عن عمرو ، عن محمد بن علي ، عن جابر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وهذا النحو في الروايات كثير يكثر تعداده ، وفيما ذكرنا منها كفاية لذوي الفهم ، فإذا كانت العلة عند من وصفنا قوله من قبل في فساد الحديث وتوهينه ، إذا لم يعلم أن الراوي قد سمع ممن روى عنه شيئاً ، إمكان الإرسال فيه ، لزمه ترك الاحتجاج في قياد قوله برواية من يعلم أنه قد سمع ممن روى عنه ، إلا في نفس الخبر الذي فيه ذكر السماع ، لما بينا من قبل عن الأئمة الذين نقلوا الأخبار أنهم كانت لهم تارات يرسلون فيها الحديث إرسالاً ، ولا يذكرون من سمعوه منه ، وتارات ينشطون فيها ، فيسندون الخبر على هيئة ما سمعوا ، فيخبرون بالنزول فيه إن نزلوا ، وبالصعود إن صعدوا ، كما شرحنا ذلك عنهم ، وما علمنا أحدا من أئمة السلف ممن يستعمل الأخبار ، ويتفقد صحة الأسانيد وسقمها ، مثل أيوب السختياني وابن عون ، ومالك بن أنس ، وشعبة بن الحجاج ، ويحيى بن سعيد القطان ، وعبد الرحمن بن مهدي ، ومن بعدهم من أهل الحديث ، فتشوا عن موضع السماع في الأسانيد ، كما ادعاه الذي وصفنا قوله من قبل ، وإنما كان تفقد من تفقد منهم سماع رواة الحديث ممن روى عنهم ، إذا كان الراوي ممن عرف بالتدليس في الحديث وشهر به ، فحينئذ يبحثون عن سماعه في روايته ، ويتفقدون ذلك منه كي تنزاح عنهم علة التدليس ، فمن ابتغى ذلك من غير مدلس ، على الوجه الذي زعم من حكينا قوله ، فما سمعنا ذلك عن أحد ممن سمينا ، ولم نسم من الأئمة .. " الشيخ : في الأخير هنا انتقل إلى شيء آخر وهو ثبوت السماع ، وكما قلت لكم إن المسألة أربعة أقسام ، فالأول : المعاصرة ، والثاني : اللقاء ، والثالث : السماع منه مطلقاً ، والرابع : سماع الحديث بعينه ، ففي الأخير تحدث عن السماع ، وفي الأول كان عن اللقي ، ولا شك أنه إذا ثبت السماع فهو أقوى مما إذا ثبت مجرد اللقي ، وإذا ثبت سماع الحديث بعينه فهو أقوى مما إذا ثبت سماعه على سبيل الإطلاق دون سماعه لهذا الحديث بعينه ، ولهذا نجد أن أكثر الحديث والحمد لله كلها فيها سمعت فلانا حدثنا فلان ، أخبرنا فلان ، والمسألة الآن إنما تكون فيما كان معنعنا ، أما ما صرح فيه بالتحديث والإخبار والسماع فهو لا إشكال فيه ، والناس متفقون عليه لكن الكلام على من عنعن هذا هو هل يحمل على الاتصال أو لا ؟ ، فمسلم يرى أنه متصل ما دامت المعاصرة ثابتة ما لم نعلم أنهم لم يتصلوا ، مثل لو كان أحدهما في المشرق والثاني في المغرب ونعلم أنهما لم يحصل اتفاق بينهما ، والآخرون يرون أنه لا يحمل على الاتصال ، حتى يثبت أنه لاقاه ، فإذا ثبت أنه لاقاه فحينئذ نقول : إذا حدث عنه بلفظ عن فهو سمعه منه السائل : أحسن الله إليكم إذا كان هذا شرط مسلم يقتضي ... كثير من الأحاديث المتكلم فيها في صحيحه ؟ الشيخ : هذا ينظر أو ينظر فيها ، يعني : إذا عنعن بين اثنين ثبت بينهما المعاصرة دون الملاقاة فينظر ، قد يأتي من حديث آخر مصرح فيه بالتحديث ، وقد يعرف الأئمة أنه متصل ، لها طرق ، نعم
فمن ذلك أن عبد الله بن يزيد الأنصاري وقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم قد روى عن حذيفة وعن أبي مسعود الأنصاري وعن كل واحد منهما حديثا يسنده إلى النبي صلى الله عليه وسلم وليس في روايته عنهما ذكر السماع منهما ولا حفظنا في شيء من الروايات أن عبد الله بن يزيد شافه حذيفة وأبا مسعود بحديث قط ولا وجدنا ذكر رؤيته إياهما في رواية بعينها ولم نسمع عن أحد من أهل العلم ممن مضى ولا ممن أدركنا أنه طعن في هذين الخبرين اللذين رواهما عبد الله بن يزيد عن حذيفة وأبي مسعود بضعف فيهما بل هما وما أشبههما عند من لاقينا من أهل العلم بالحديث من صحاح الأسانيد وقويها يرون استعمال ما نقل بها والاحتجاج بما أتت من سنن وآثار وهي في زعم من حكينا قوله من قبل واهية مهملة حتى يصيب سماع الراوي عمن روى
القارئ : " فمن ذلك أنّ عبد الله بن يزيد الأنصاريّ ، وقد رأى النّبيّ صلى الله عليه وسلم ، قد روى عن حذيفة ، وعن أبي مسعودٍ الأنصاريّ ، وعن كلّ واحدٍ منهما حديثًا يسنده إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم ، وليس في روايته عنهما ذكر السّماع منهما ، ولا حفظنا في شيءٍ من الرّوايات أنّ عبد الله بن يزيد شافه حذيفة ، وأبا مسعودٍ بحديثٍ قطّ ، ولا وجدنا ذكر رؤيته إيّاهما في روايةٍ بعينها ، ولم نسمع عن أحدٍ من أهل العلم ممّن مضى ، ولا ممّن أدركنا أنّه طعن في هذين الخبرين اللّذين رواهما عبد الله بن يزيد ، عن حذيفة وأبي مسعودٍ بضعفٍ فيهما ، بل هما وما أشبههما عند من لاقينا من أهل العلم بالحديث من صحاح الأسانيد وقويّها ، يرون استعمال ما نقل بها ، والاحتجاج بما أتت من سننٍ وآثارٍ ، وهي في زعم من حكينا قوله من قبل واهيةٌ مهملةٌ ، حتّى يصيب سماع الرّاوي عمّن روى ، ولو ذهبنا نعدّد الأخبار الصّحاح عند أهل العلم ممّن يهن بزعم هذا القائل ، ونحصيها لعجزنا عن تقصّي ذكرها وإحصائها كلّها .. " الشيخ : هذا لا ينطبق على المثال الذي ذكره ، لأن المثال الذي ذكره بين من ؟ صحابي ، والصحابي لا يمكن احتمال التدليس في حقه ، ولهذا يكون من رأى النبي صلى الله عليه وسلم فإذا روى عن حذيفة وابن مسعود وقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم فهو صحابي ، والصحابي يبعد جدًّا في حقه التدليس ، وحينئذٍ لا يرد علينا هذا المثال.
الأمثلة التي ساقها مسلم ألا يحتمل أن يقال أنهم حدثوا عن الشيخ وعمن سمعوا منه.؟
السائل : الأمثلة التي ساقها مسلم رحمه الله تعالى من المحتمل أن يقال هؤلاء سمعوا مرة ممن سمع من شيوخهم فحدثوا مرة عن الشيخ نفسه ومرة عمن سمع منه ؟ الشيخ : يمكن هذا اقول يمكن أن يسوق السند عاليًا ويسوقونه نازلًا. السائل : ... ؟ الشيخ : والحديث في المثال الأخير غير وارد إطلاقًا ، والأوائل أيضًا يمكن أن يحتمل ما قلت السائل : ... التدليس عن غير الثقة ؟ الشيخ : عن غير الصحابي قليل التدليس ، الصحابي لا يدلس ، لا لا حدث عن حذيفة وابن مسعود وهو صحابي ، ولم يثبت أنه لقيهما ، كلام مسلم رحمه الله يقول : لم يثبت أنه لقيهما ، فنقول : إذا روى عنهما فهو أيضا مدلس ، نعم ؟ يحمل على الاتصال.
السائل : شرط البخاري هل عمل به علماء المصطلح ؟ مسلم أخرج أحاديث على شرطه وصححها علماء المصطلح .. ؟ الشيخ : أي نعم نعم ، يصححونه من جهة أخرى ، الحديث يكون له طرق ، ويكون له شواهد ، أما المعتمد عند الجمهور هو رأي البخاري ، ولهذا رجحوا البخاري على مسلم في هذا الطريق. السائل : مسألة خارجية يا شيخ الشيخ : الخارجية تكون في السوق لا تدخل المسجد ههه السائل : لحوم الخيل يا شيخ استدل بها على الأحاديث روى ابن عيينة وغيره عن عمرو بن دينار عن جابر قال ( أطعمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لحوم الخيل ونهانا عن لحوم الحمر ) فرواه حماد بن زيد عن محمد بن علي عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم الشيخ : نعم أحسنت
السائل : يقول إن بعض الناس ما يسلم إذا مر إلا على مَن يعرف ؟ الشيخ : فنقول : هذا خلاف السنة ، وقد نبهنا مرارًا على هذه المسألة ، وبينا أن السنة أن تسلم على من عرفت ومن لم تعرف.
الشيخ : يقول : ما رأيك فيما يسميه بعض الإخوان الخروج في سبيل الله بمقصد إصلاح النفس وتربيتها على الصبر في سبيل الدعوة ، ويرون أن الإنسان ... ويستدلون بخروج النبي صلى الله عليه وسلم إلى الطائف. نقول : لا شك أن الخروج للدعوة إلى الله أنه من هدي النبي صلى الله عليه وسلم ، لكنه ليس هو الجهاد في سبيل الله ، الجهاد في سبيل الله هو جهاد الكفار ، في الحرب والقتال ، أما هذا فالدعوة إلى الله لا شك أنها من هدي النبي صلى الله عليه وسلم ومتى رأى الإنسان في هذا مصلحة فليفعل. القارئ : بعض الإخوة جاء ببحث فيمن قصد مسلم ، في هذا الاحتجاج بالحديث المعنعن ، من قصد علي بن المديني ولا البخاري ولا غيره ، نقرأه يا شيخ ... الشيخ : طويل ولا ؟ القارئ : طويل يا شيخ ، طويل الشيخ : خله يكتب الخلاصة ويعطينا إياها ، سم بالله القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين قال مسلم رحمه الله تعالى : " ولو ذهبنا نعدّد الأخبار الصّحاح عند أهل العلم ممّن يهن بزعم هذا القائل ، ونحصيها لعجزنا عن تقصّي ذكرها وإحصائها كلّها ، ولكنّا أحببنا أن ننصب منها عددًا يكون سمةً لما سكتنا عنه منها ، وهذا أبو عثمان النّهديّ ، وأبو رافعٍ الصّائغ ، وهما ممّن أدرك الجاهليّة ، وصحبا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من البدريّين هلمّ جرًّا ، ونقلا عنهم الأخبار حتّى نزلا إلى مثل أبي هريرة ، وابن عمر ، وذويهما قد أسند كلّ واحدٍ منهما عن أبيّ بن كعبٍ عن النبي صلى الله عليه وسلم حديثا ، ... "