تتمة شرح حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اجتنبوا السبع الموبقات قيل يا رسول الله وما هن قال الشرك بالله والسحر وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق وأكل مال اليتيم وأكل الربا والتولي يوم الزحف وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات
الشيخ :( وأكل الربا ) أكل الربا أيضا من الموبقات ، والربا في اللغة الزيادة ، وفي الشرع : تفاضل أو زيادة في أشياء منع الشرع من زيادتها وهذه الأشياء هي الأموال الربوية وقد سبق لنا هل هي معروفة بالعد أو معروفة بالحد؟ على قولين من العلماء، فأهل الظاهر يقولون إنها معروفة بالعد ، وهي الأصناف الستة التي ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: ( الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والتمر بالتمر، والبر بالبر، والشعير بالشعير ، والملح بالملح ) هذه ستة (مثلاً بمثل سواءً بسواء ) . ومنهم من قال -وهم أهل القياس- : إنها معروفة بالحد ثم اختلفوا ما هو الحد الذي تعرف به، فقيل هو الطعم والوزن ، وقيل: إنه الكيل والوزن وقيل: إنه القوت مع الكيل أو الوزن وذهب بعض القياسيين إلى الاقتصار على الأصناف الستة: الذهب والفضة والبر والشعير والتمر والملح. وعلل ذلك بأن العلماء اختلفوا في العلة ، وليس هناك نص فاصل فوجب أن تكون العلة مجهولة وأن يقتصر على ما جاء به النص. والربا يقول العلماء أنه قسمان: ربا فضل، وربا نسيئة، فإذا حصل التفاضل فهو ربا فضل ، وإذا حصل التساوي مع تأخير قبض ما يجب قبضه في محل العقد فهو ربا نسيئة. قال : ( والتولي يوم الزحف ) من كبائر الذنوب لقول الله تبارك وتعالى: (( يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفاً فلا تولوهم الأدبار ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفاً لقتال أو متحيزاً إلى فئة فقد باء بغضب من الله ومأواه جهنم وبئس المصير )) وعلى هذا فيكون القرآن الكريم قد خصص عموم الحديث ، بماذا ؟ بقوله : (( إلا متحرفاً لقتال أو متحيزاً إلى فئة )) فيستثنى من قوله: ( التولي يوم الزحف ) ما كان تحرفاً لقتال أو تحيزا إلى فئة. السابع: ( قذف المحصنات الغافلات المؤمنات ) القذف يعني الرمي بالزنا ، المحصنات: العفيفات ، الغافلات البعيدات عما رمين به ، المؤمنات : ضد الكافرات. وقيل : المحصنات الحرائر ، والغافلات : العفائف ، والمؤمنات : ضد الكافرات. وهل مثل ذلك قذف الرجل المحصن الغافل المؤمن ؟ الجواب : نعم مثله ، لكن ذكر النساء لأن قذفهن كثير بخلاف الرجال.
متى يكون التحيز في قوله تعالى:(( أو متحيزا إلى فئة )) .؟
الشيخ : ربما يحصل مصلحة مثل قول عمر لسارية الجبل، أو مثل رجوع خالد رضي الله عنه في غزوة مؤتة، يدخل في قوله متحيزاً إلى فئة، أو في قوله متحرفاً لقتال ربما يرى من المصلحة أن يتأخر.
السائل : ...؟ الشيخ : مسألة حل السحر بالسحر هذا غير مسألة السحر ، النشرة. قال الحسن: "لا يحل السحر إلا ساحر" وقال سعيد بن المسيب: "يجوز حل السحر بالسحر للضرورة" السائل : ...؟ الشيخ : ما نقدر نقول صحيح أو غير صحيح، هذا ما نفتي بها إلا في مسألة معينة.
السائل : ...؟ الشيخ : ما ذكر الكفر السائل : ...؟ الشيخ : ا لكفر من جنس الشرك، لكن الشرك أعظم، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : أعظم الذنب أن تجعل لله نداً وهو خلقك.
السائل : ...؟ الشيخ : مربعات، هذا حرام لا يجوز ، الظاهر أنه يدخل بالأول ، نعم الشياطين، لأنه لايمكن يوجد من يؤثر إلا إذا كان فيه شياطين . السائل : ...؟ الشيخ : إذا خاف الإنسان التلف أو الضرر في بدنه ، أو ما أشبه ذلك.
حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا الليث عن بن الهاد عن سعد بن إبراهيم عن حميد بن عبد الرحمن عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من الكبائر شتم الرجل والديه قالوا يا رسول الله وهل يشتم الرجل والديه قال نعم يسب أبا الرجل فيسب أباه ويسب أمه فيسب أمه
القارئ : حدثنا قتيبة بن سعيد ، حدثنا الليث ، عن ابن الهاد ، عن سعد بن إبراهيم ، عن حميد بن عبد الرحمن ، عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( من الكبائر شتم الرجل والديه قالوا : يا رسول الله ، وهل يشتم الرجل والديه؟ قال : نعم يسب أبا الرجل فيسب أباه ، ويسب أمه فيسب أمه ) .
وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ومحمد بن المثنى وابن بشار جميعا عن محمد بن جعفر عن شعبة ح وحدثني محمد بن حاتم حدثنا يحيى بن سعيد حدثنا سفيان كلاهما عن سعد بن إبراهيم بهذا الإسناد مثله
القارئ : وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، ومحمد بن المثنى ، وابن بشار جميعاً ، عن محمد بن جعفر ، عن شعبة ، ح وحدثني محمد بن حاتم ، حدثنا يحيى بن سعيد ، حدثنا سفيان ، كلاهما عن سعد بن إبراهيم ، بهذا الإسناد مثله. الشيخ : هذا الحديث يدل على أن شتم الإنسان لوالديه من الكبائر لأنه من العقوق ، وقد سبق في حديث أبي بكرة أن عقوق الوالدين من الكبائر ، لكن الصحابة استبعدوا أن الرجل يشتم والديه ، ولهذا قالوا : ( وهل يشتم الرجل والديه ؟ ! قال: نعم ) فبين صلى الله عليه وسلم أن المتسبب كالمباشر ، إذا سب أبا الرجل فسب الرجل أباه فيكون هو الذي سب أباه ، لأنه تسبب بذلك. فإن قال قائل : هل يُباح للرجل الذي سب أباه أن يسب أبا من سبه؟ وهل أبوه جان؟ نقول: ربما يدخل هذا في عموم قوله تعالى: (( وجزاء سيئةٍ سيئة مثلها )) ، ولأن العادة جرت بإن الإنسان إذا سب أبا الرجل فإن الرجل يسب أباه فإذا قال مثلاً : لعن الله أباك! قال الثاني : بل لعن الله أبوك أنت، وما أشبه ذلك. وعلى كل حال فيكون هذا من باب إضافة الشيء إلى سببه. فإن قال قائل : فهل تجرون السبب مجرى المباشرة في كل شيء؟ فالجواب : نرى ، إن كان المباشرة مبنية على السبب فإن السبب يجرى مجرى المباشر ، وإن لم تكن مبنية عليه فإن المباشر هو الذي يختص بالحكم. فمثلاً : لو أن رجلا دهس صبيا وكانت أمه مفرطة في حفظه ، فخرج الصبي إلى الشارع ودهسه صاحب السيارة ، فعلى من يكون الضمان؟ على صاحب السيارة، لأنه هو المباشر ، وكان عليه إذا رأى الصبي أن يقف ، اللهم إلا أن تلقيه أمه أمام السيارة في حال لا يملك السائق التصرف فهنا نقول : المباشرة باطلة. لا يمكن أن يسند إليه الحكم لعدم التمكن من التصرف. أما إذا كانت المباشرة مبنية على السبب ، فالضمان على السبب ، أو كان لا يمكن إحالة الضمان على المباشر ، فالضمان على المتسبب. مثال الأول : لو شهد جماعة على شخص بأنه فعل ما يوجب القتل ، فقتل. ثم رجعوا وقالوا : إنا تعمدنا قتله. فعلى من يكون الضمان ؟ على الشهود أو على القاضي أو على المنفذ؟ على الشهود، لأن هذه مباشرة كانت مبنية على شهادة الشهود. كذلك لو أن الإنسان ألقى شخصاً بين يدي أسد، فأكله الأسد، فالضمان على الأسد لأنه مباشر! لا ، لأنه لا يمكن إحالة الضمان عليه، فيكون الضمان هنا على الرجل الذي ألقى الرجل بين يدي الأسد. فهذه هي القواعد في المباشرة مع السبب، إذن الأصل أن الضمان على من؟ على المباشر ، إلا إذا كانت المباشرة مبنية على السبب أو كانت المباشرة لا يمكن إحالة الضمان فيها على المباشر. هذا الحديث أصل في هذه المسألة ، حيث جعل النبي صلى الله عليه وسلم من تسبب في سب أبيه فهو كالمباشر لسب أبيه.
حديث :( يسب أبا الرجل فيسب أباه ويسب أمه فيسب أمه ) هل يأثم الرجل الثاني.؟
السائل : ...؟ الشيخ : هذا الذي سب الرجل ، سب أبا الرجل، ثم إن الذي لاقاه سب أباه ، فيكون الأول هو المتسبب في سب أبيه. السائل : الثاني...؟ الشيخ : الثاني قلنا لكم ، قد يدخل في قوله (( وجزاء سيئة سيئة مثلها )) السائل : ... الشيخ : خلاص الدرس الماضي انتهينا منه ، أقول الدرس الماضي انتهينا منه . خلها بعد الأذان . السائل : لو رجل سب رجل آخر والآخر سب نفس الرجل الذي آذاه فه يأثم؟ الشيخ : لا يأثم هذا هو الأصل ، الأصل أن الثاني يسب من سبه ...
السائل : ...؟ الشيخ : المراد منه أنهم يجعلون أدوية معينة توجب العطف أو الصرف كما يقولون العطف معناه أن الزوج يعطف على زوجته كثيرا وتسبي عقله ، أو بالعكس : الصرف يكرهها ، فتجد يكرهها وهو يحبها في الواقع ، لكن إذا رآها كرهها جداً وهو في نفس الوقت يحبها فيكون... السائل : ... الشيخ : لا لا أدوية عقاقير يصنعونها ، وبما يكون أيضاً أمراض بغير هذا قد يكون أمراض بضيق الصدر، دون العطف والصرف لأن عطف الصرف قد يترجح أنه بسبب الشياطين لكن هو قد يكون بغير الشياطين، أما مثل ضيقة الصدر والأوجاع وغير ذلك فهذه من ... .
السائل : ...؟ الشيخ : هؤلاء الذين قالوا بالحد قالوا نحن نعلم العلة ما هي مجهولة فهي عندهم غير مجهولة ولهذا جعلوه معلوما بالحد. السائل : ...؟ الشيخ : نرجح كما قلنا قبل قليل في الجواب لكن ما أدري أين أنت يا كمال ، قلنا أنه يرجح أنه بالحد أليس كذلك؟ نعم أقرب شيء ما ذهب إليه مالك رحمه الله أنه مطعوم مكيل يعني جمع بين أمرين ، الوزن لا الوزن ما فيه إلا الذهب والفضة فقط . والظاهر أن هذا الذي يريده كمال فإن كان يريد هذا فهو معلوم لأنني ما قلت أنا قلت أنه يرجح أنه بالحد وسكت. السائل : ...؟ الشيخ : بعض العلماء قال بالعد وهو من القياسيين ، لأن العلة مجهولة ...، و لكن جعله هو بالعد قال لأن العلماء اختلفوا في العلة فحيئذٍ هي مجهولة فنقتصر على ما جاء في النص لكن أحياناً ترى الذهن يشرد شوي السائل : ... الشيخ : الكيل والطعم بالنسة للأربعة الأصناف ، أما الذهب والفضة فالعلة عين الذهب والفضة، سواء كان ديناراً أو تبراً أو حلياً أو غير ذلك. السائل : ...؟ الشيخ : الطعم والكيل.
وحدثنا محمد بن المثنى ومحمد بن بشار وإبراهيم بن دينار جميعا عن يحيى بن حماد قال بن المثنى حدثني يحيى بن حماد أخبرنا شعبة عن أبان بن تغلب عن فضيل الفقيمي عن إبراهيم النخعي عن علقمة عن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر قال رجل إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنا ونعله حسنة قال إن الله جميل يحب الجمال الكبر بطر الحق وغمط الناس
القارئ : وحدثنا محمد بن المثنى ، ومحمد بن بشار ، وإبراهيم بن دينار ، جميعا عن يحيى بن حماد ، قال ابن المثنى: حدثني يحيى بن حماد ، أخبرنا شعبة ، عن أبان بن تغلب ، عن فضيل الفقيمي ، عن إبراهيم النخعي ، عن علقمة ، عن عبد الله بن مسعود ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر قال رجل : إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنا ونعله حسنة ، قال : إن الله جميل يحب الجمال ، الكبر بطر الحق ، وغمط الناس ). الشيخ : قوله صلى الله عليه وسلم: إن الله جميل يحب الجمال ، وجمال الله عز وجل لا يمكن أن يكون مثل جمال المخلوق ، بل هو أمر فوق ما نتصور ، ولا يمكن نتصور هذا الجمال كما أننا لا يمكن أن نتصور بقية صفاته جل وعلا ، لكن هو جميل على الوجه الذي يليق بعظمته وجماله ، ومعطي الجميل أولى بالجمال. أما قوله صلى الله عليه وسلم : ( يحب الجمال ) فهل المراد به التجمل أو جمال الصورة ؟ الأول ، لأن الكلام لما قال ( رجل: يحب أن يكون ثوبه حسن ونعله حسنة قال: إن الله جميل يحب الجمال ) أي : يحب التجمل وليس المراد بذلك جمال الصورة ، لأن جمال الصورة ليس للإنسان فيه أي قدرة ولا يمكن للإنسان القبيح في الصورة أن يجعل نفسه جميلا ، ولا الجميل أن يجعل نفسه قبيحا ، والنبي صلى الله عليه وسلم إنما رتب محبة الله على أمر يمكن للإنسان أن يدركه لينال محبة الله عز وجل. وفي هذا رد على الذين يتقربون إلى الله بالتقشف ، فإن بعض الناس يأخذ بالتقشف ، يتقرب إلى الله بذلك ، فنقول لهذا الرجل: إن هذا الثاني الذي تجمل أحب إلى الله منك بتجمله ، من كونك أنت تقشفت ، يعني : التقشف والتجمل أيهما أحب إلى الله ؟ التجمل. فنقول هذا العمل الذي عملت مفضول عند الله عز وجل ، اللهم إلا أن يتواضع الإنسان إذا كان في بيئة فقيرة ، ويقول : أخشى أن أكسر قلوبهم فألبس ثيابا مناسبة لهؤلاء ، فهذا قد يقال إن ترك الفاضل من أجل ما يترتب على المفضول من المصالح أولى. أما إذا كان الناس مستويين فإن الإنسان ينبغي له أن يظهر نعمة الله عليه بحسن ثيابه. وكذلك أيضا لو فرضنا أن التجمل يؤدي إلى الفتنة ، كشاب جميل مثلا لو أنه تجمل بالثياب لافتتن الناس به، ففي هذه الحال نقول: الأولى ألا تتجمل، لأن ذلك فتنة للناس بك، وربما تصاب من جراء هذه الفتنة بأمر أنت تكرهه. فإذا قال قائل: هل يكون التجمل بالثوب أي: بالقميص أو بالغترة ، أو بالنعل ، أو بالإزار ، أو السروال ، فالجواب: هو عام. فإذا قال قائل : وهل يكون التجمل باللحية؟ ليس في إبقاء اللحية ولكن فيما يقال من تسوية اللحية ، يعني بدل ما تكون بعضها طويل وبعضها قصير على وج عادي يقو لأريد أن أقص الطويل لأجل أن تتساوى فالجواب : لا، لأنه ربما يقص الطويل لتتساوي فيجور عليه بعض الشيء ، وحينئذ يحتاج إلى قص القصير فيجور عليه ويحتاج إلى قص الطويل كما يذكر عن الثعلب في قصة مشهورة لا تخفى على كثير منكم.
حدثنا منجاب بن الحارث التميمي وسويد بن سعيد كلاهما عن علي بن مسهر قال منجاب أخبرنا بن مسهر عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يدخل النار أحد في قلبه مثقال حبة خردل من إيمان ولا يدخل الجنة أحد في قلبه مثقال حبة خردل من كبرياء
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم . الحمد لله رب العالمين. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين قال الإمام مسلم رحمه الله تعالى في كتاب الإيمان. في : باب تحريم الكبر وبيانه حدثنا منجاب بن الحارث التميمي وسويد بن سعيد ، كلاهما عن علي بن مسهر ، قال منجاب : أخبرنا ابن مسهر ، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، عن علقمة ، عن عبد الله ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا يدخل النار أحد في قلبه مثقال حبة خردل من إيمان ، ولا يدخل الجنة أحد في قلبه مثقال حبة خردل من كبرياء ) .
وحدثنا محمد بن بشار حدثنا أبو داود حدثنا شعبة عن أبان بن تغلب عن فضيل عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر
القارئ : وحدثنا محمد بن بشار ، حدثنا أبو داود ، حدثنا شعبة ، عن أبان بن تغلب ، عن فضيل ، عن إبراهيم ، عن علقمة ، عن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر ). الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم. مثل هذا الحديث يقال فيه : الدخول نوعان ، دخول المطلق ومطلق الدخول ، فالمنفي هنا هو الدخول المطلق ، يعني الذي لم يسبق بعذاب بالنسبة لدخول الجنة ، ولم يسبق بنعيم بالنسبة لدخول النار ، يعني كقوله : لا يدخل النار أحد في قلبه مثقال حبة خردل يعني لا يدخلها دخولا يخلد فيها ، لكن يدخلها بقدر ذنبه ثم يخرج منها وكذلك يقال: ( لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال حبة من خردل من كبر ) أي لا يدخلها دخولاً مطلقاً ، بمعنى أنه لا يدخلها إلا بعد عذاب على ما معه من كبر ثم يدخل الجنة. وإنما حملنا هذا الحديث على خلاف ظاهره ، للأدلة الكثيرة الدالة على أنه لا يخلد في النار إلا الكافر المحض. وكذلك لا يمنع دخول الجنة إلا الكافر المحض ، فتعين أن يحمل على ما ذكرنا ، أن يقال : لا يدخل النار من في قلبه مثقال حبة خردل من إيمان ، يعني الدخول المطلق بمعنى أنه لا يخلد فيها ، وإلا فقد يدخلها ولو كان في قلبه مثقال حبة خردل من إيمان ، والدليل على ذلك حديث الشفاعة ، أنه يخرج من كان في قلبه مثقال حبة خردل من إيمان من النار ، وكذلك يقال: لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال حبة من خردل من كبرياء. أي : لا يدخل الدخول المطلق الذي لم يسبق بعذاب ، بل لا بد أن يعذب. ثم هذا الذي يدل عليه الحديث يقيد أيضا بقوله تعالى: (( إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء )) إلا أن يقال: إن الكبر لا يغفر.
السائل : ...؟ الشيخ : معروف حبة الخردل: الحبة الصغيرة السائل : ...؟ الشيخ : الإيمان: الذي هو التصديق لذا قال: ( من في قلبه ) والقلب هو محل الإيمان الذي هو التصديق. السائل : ...؟ الشيخ : لابد يكون عنده إيمان، إذا كان عنده شك معناه أنه ما عنده إيمان أبدًا لكن يكون إيمان ناقص بفعل المعاصي أو ما أشبه ذلك. السائل : ...؟ الشيخ : المتردد هل هذا صحيح، أم غير صحيح ما عنده إيمان هذا لا بد من إيمان ... ولو قل.
ما الحكمة في قول مثل هذه الأحاديث أحيانا وأحيانا ما هو أصرح منها.؟
السائل : ...؟ الشيخ : الحكمة من ذلك أن لكل مقام مقالا، فقد يكون المقام يقتضي التهديد والوعيد والزجر ، فيطلق الرسول صلى الله عليه وسلم هذه النصوص الوعيدية، كما أنه أحيانا يقتضي الترغيب فيطلق أحاديث الترغيب والثواب. السائل : ...؟ الشيخ : تحمل على النصوص واضحة، لأن كلام الرسول واحد صلى الله عليه وسلم .
الشيخ : والخلاصة الآن يقول : لا يدخل الدخول المطلق ، فمثلا لا يدخل النار أحد في قلبه مثقال حبة خردل من إيمان ، ما معنى لا يدخلها؟ الدخول المطلق الذي يخلد فيه، وإلا قد يدخلها كما في حديث الشفاعة. وكذلك لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال حبة خردل من كبر يعني : الدخول المطلق الذي لم يسبق بعذاب ، فقد يعذب ثم يدخل الجنة.
حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير حدثنا أبي ووكيع عن الأعمش عن شقيق عن عبد الله قال وكيع قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال بن نمير سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من مات يشرك بالله شيئا دخل النار وقلت أنا ومن مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة
القارئ : حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير، قال حدثنا أبي، ووكيع ، عن الأعمش، عن شقيق ، عن عبد الله قال وكيع: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال ابن نمير : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( من مات يشرك بالله شيئاً دخل النار ) وقلت أنا: ( ومن مات لا يشرك بالله شيئاً دخل الجنة ) .
وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب قالا حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر قال أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل فقال يا رسول الله ما الموجبتان فقال من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة ومن مات يشرك بالله شيئا دخل النار
القارئ : وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، وأبو كريب، قالا : حدثنا أبو معاوية ، عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر قال: ( أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل فقال : يا رسول الله ، ما الموجبتان؟ فقال : من مات لا يشرك بالله شيئاً دخل الجنة، ومن مات يشرك بالله شيئاً دخل النار ) .
وحدثني أبو أيوب الغيلاني سليمان بن عبد الله وحجاج بن الشاعر قالا حدثنا عبد الملك بن عمرو حدثنا قرة عن أبي الزبير حدثنا جابر بن عبد الله قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من لقي الله لا يشرك به شيئا دخل الجنة ومن لقيه يشرك به دخل النار قال أبو أيوب قال أبو الزبير عن جابر
القارئ : وحدثني أبو أيوب الغيلاني سليمان بن عبيد الله ، وحجاج بن الشاعر، قالا: حدثنا عبد الملك بن عمرو ، قال حدثنا قرة، عن أبي الزبير، قال: حدثنا جابر بن عبد الله، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( من لقي الله لا يشرك به شيئا دخل الجنة، ومن لقيه يشرك به دخل النار ) قال أبو أيوب : قال أبو الزبير: عن جابر.
وحدثنا محمد بن المثنى وابن بشار قال بن المثنى حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن واصل الأحدب عن المعرور بن سويد قال سمعت أبا ذر يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال أتاني جبريل عليه السلام فبشرني أنه من مات من أمتك لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة قلت وإن زنى وإن سرق قال وإن زنى وإن سرق
القارئ : وحدثنا محمد بن المثنى ، وابن بشار، قال ابن المثنى: حدثنا محمد بن جعفر ، قال حدثنا شعبة، عن واصل الأحدب ، عن المعرور بن سويد ، قال : سمعت أبا ذر يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( أتاني جبريل عليه السلام فبشرني أنه من مات من أمتك لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة قلت: وإن زنى وإن سرق؟ قال: وإن زنى وإن سرق ) .
حدثني زهير بن حرب وأحمد بن خراش قالا حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث حدثنا أبي قال حدثني حسين المعلم عن بن بريدة أن يحيى بن يعمر حدثه أن أبا الأسود الديلي حدثه أن أبا ذر حدثه قال أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو نائم عليه ثوب أبيض ثم أتيته فإذا هو نائم ثم أتيته وقد استيقظ فجلست إليه فقال ما من عبد قال لا إله إلا الله ثم مات على ذلك إلا دخل الجنة قلت وإن زنى وإن سرق قال وإن زنى وإن سرق قلت وإن زنى وإن سرق قال وإن زنى وإن سرق ثلاثا ثم قال في الرابعة على رغم أنف أبي ذر قال فخرج أبو ذر وهو يقول وإن رغم أنف أبي ذر
القارئ : حدثني زهير بن حرب ، وأحمد بن خراش ، قالا : حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث حدثنا أبي ، قال: حدثني حسين المعلم ، عن ابن بريدة ، أن يحيى بن يعمر حدثه أن أبا الأسود الديلي حدثه أن أبا ذر حدثه، قال: ( أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو نائم عليه ثوب أبيض، ثم أتيته فإذا هو نائم ، ثم أتيته وقد استيقظ فجلست إليه ، فقال: ما من عبد قال: لا إله إلا الله ، ثم مات على ذلك إلا دخل الجنة قلت: وإن زنى وإن سرق؟ قال: وإن زنى وإن سرق قلت: وإن زنى وإن سرق؟ قال: وإن زنى وإن سرق ثلاثا، ثم قال في الرابعة: على رغم أنف أبي ذر قال: فخرج أبو ذر وهو يقول: وإن رغم أنف أبي ذر )
الشيخ : هذه الأحاديث تدل على فضيلة الإخلاص، والبراءة من الشرك ، وأنه سبب لدخول الجنة، وأن الإنسان قد يعطى بإخلاصه التام ما لم يعط العابد زمناً طويلاً فيغفر له. ففي الحديث الأول :حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه فيه اختلاف راويين، قال وكيع: قال رسول الله وقال نمير: سمعت رسول الله، والفرق بينهما أن الثاني فيه التصريح بالسماع، والأول فيه الرواية بلفظ يحتمل السماع وعدمه، ومن المعلوم أن الصحابة رضي الله عنهم تعتبر روايتهم المحتملة السماع تعتبر سماعاً، وذلك لأنه لا تدليس عندهم، بخلاف المدلس، فالمدلس إذا قال عن شيخه الذي روى عنه قال فلان. ولم يصرح بالتحديث لا يكون الحديث متصلا ، أما من لم يعرف بالتدليس فإذا قال: ( قال ) فهو متصل ولكن ليس ما حكم باتصاله كالذي صرح فيه بالسماع. ولهذا اختلف الراويين. قوله صلى الله عليه وسلم: ( من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة ) التوحيد له شروط وله علامات، وهنا نفى الشرك المتضمن لكمال التوحيد، لأن النفي قد يراد به كمال الضد كما هي القاعدة في أسماء الله عز وجل، فـ( لا يشرك ) معناه أنه عنده توحيد خالص ومن عنده توحيد خالص ليس فيه شرك لا يمكن أن يدع فرائض الإسلام أبداً، يعني: لا يمكن أن يدع الصلاة مثلاً ، بل ولا أن يدع الزكاة والصوم والحج ، ولهذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم : ( من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة ) لأن نفي الشرك يعني كمال الإخلاص والتوحيد. ولهذا انظر إلى الحديث الثاني اللفظ الثاني قال: ( من لقي الله لا يشرك به شيئاً دخل الجنة ، ومن لقيه يشرك به شيئاً دخل النار ) قال ابن مسعود قلت أنا: ومن مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة. وإنما قال ذلك أخذاً بالمفهوم ، وهو قوله : ( ومن مات يشرك بالله شيئا دخل النار ) وقلت أنا: ( ومن مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة ) أخذه بالمفهوم. وكما قلت لكم : إن نفي الشرك يدل على كمال التوحيد والإخلاص.. ثم ذكر المؤلف حديث جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ( من لقي الله لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة ، ومن لقيه يشرك به دخل النار ) فهو كحديث ابن مسعود تماما. وحديث أبي ذر رضي الله عنه مثل الحديثين السابقين، لكن أبا ذر راجع النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: ( وإن زنى وإن سرق ) قال: وإن زنى وإن سرق، وذلك لأن الزنا والسرقة من كبائر الذنوب ، ولا توجب الخلود في النار ، فيكون مآله إلى جنة، وقد تمسك بهذا الحديث وأمثاله المرجئة. الذين قالوا : إنه لا تضر مع الإيمان معصية ، يزني الإنسان ، يسرق، يقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، يشرب الخمر كل هذا لا يضر ولا ينقص من إيمانه ، ولا يكون به مستوجباً لدخول النار. ولكن أهل الإرجاء تمسكوا بأحاديث الوعد وإن شئت فتمسكوا بنصوص الوعد وتركوا نصوص الوعيد ، وعلى عكسهم الخوارج والمعتزلة ، تمسكوا بنصوص الوعيد وتركوا نصوص الوعد. وتوسط أهل السنة والجماعة بحمد الله وفضله ، فقالوا : إن أحاديث الوعيد ثابتة ، وأحاديث الوعد ثابتة ، وكل منهما ينزل على القواعد العامة ، فأحاديث الوعيد ينظر إذا كان الوعيد يقتضي شيئاً لا يستحقه إلا الكافر المحض ، فإنه يحمل على معنى أنه من باب التهديد ومن باب استحقاق هذا الوعيد لكن لا على وجه الكمال، وكذلك أحاديث الوعد يقال فيها : إن العاصي بكبيرة من الكبائر يعذب بحسب ذنوبه إلا أن يغفر الله له. وفي حديث أبي ذر دليل على قبح الزنا والسرقة، لأن الزنا اعتداء على الأعراض، والسرقة اعتداء على الأموال. ولهذا قال: وإن زنا وإن سرق. وفيه أيضا دليل على أنه يجوز للإنسان المفتي إذا جادله أحد وأراد منه أن يعدل أن يقابله بمثل ما قابل النبي صلى الله عليه وسلم أبا ذر فيقول مثلاً إذا سأله عن حكم شيء هل هذه جائزة أم حرام؟ فقال جائزة ، فيقول المستفتي: أجائزة؟ فيقول: جائزة. جائزة؟ جائزة فإذا كرر ثلاثا يقول: جائزة وإن رغم أنفك. لأن بعض الناس يحاول أن يضيق ما جعله الله واسعا ، فإذا أراد ذلك نقول : وإن رغم أنفك. ومعنى رغم أنفك أي: تمرغ في الرغام وهو التراب، وهو كناية عن الذل أي: ذل الإنسان، لأنه لا يتمرغ أنفه على التراب إلا بذل.
السائل : ...؟ الشيخ : ما تقولون في هذا يقول: هل يحدث العوام بمثل حديث أبي ذر؟ إن كان المحدث يريد أن يبين لهم فلا بأس، وإلا فيخشى أن يفتتنوا. ومثل ذلك أيضًا تحديث العامة عن قصة الرجل الذي قتل تسعة وتسعين نفسًا، ثم سأل عابدًا هل له من توبة، فقال العابد: ليس لك من توبة. استعظم تسعة وتسعين نفسًا، فقتل العابد وأكمل به المائة. ثم سأل عالمًا فقال: هل له من توبة؟ قال: نعم، ومن يحول بينك وبين التوبة، ولكن أنت في بلد أهلها ظالمون. أخرج إلى القرية الفلانية. يعني لتصحح توبتك فخرج فحصل أن جاءه الموت في أثناء الطريق وتخاصم فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب وأنزل الله تعالى ملك فحكم بينهم، وكان الخاصم ملائكة الرحمة، فقبضته ملائكة الرحمة. هذا الحديث أيضًا لا ينبغي أن تحدث به الناس، ولقد سمعت إنسانًا يحدث به الناس، في موسم الحج هذه السنة، ما أيسر على الحاج إذا رأى عدوًّا له ولو على غير حق أن يقتله ويقول أتوب.