باب جواز الإقعاء على العقبين
حدثنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا محمد بن بكر ح قال وحدثنا حسن الحلواني حدثنا عبد الرزاق وتقاربا في اللفظ قالا جميعا أخبرنا بن جريج أخبرني أبو الزبير أنه سمع طاوسا يقول قلنا لابن عباس في الإقعاء على القدمين فقال هي السنة فقلنا له إنا لنراه جفاء بالرجل فقال بن عباس بل هي سنة نبيك صلى الله عليه وسلم
2 - حدثنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا محمد بن بكر ح قال وحدثنا حسن الحلواني حدثنا عبد الرزاق وتقاربا في اللفظ قالا جميعا أخبرنا بن جريج أخبرني أبو الزبير أنه سمع طاوسا يقول قلنا لابن عباس في الإقعاء على القدمين فقال هي السنة فقلنا له إنا لنراه جفاء بالرجل فقال بن عباس بل هي سنة نبيك صلى الله عليه وسلم أستمع حفظ
قراءة من الشرح مع التعليق
اعلم ) أن الإقعاء ورد فيه حديثان ، ففي هذا الحديث أنه سنة، وفي حديث آخر: النهي عنه، رواه الترمذي وغيره، من رواية علي، وبن ماجه، من رواية أنس، وأحمد بن حنبل، رحمه الله تعالى من رواية سمرة، وأبي هريرة، والبيهقي، من رواية سمرة، وأنس، وأسانيدها كلها ضعيفة وقد اختلف العلماء في حكم الإقعاء، وفي تفسيره اختلافا كثيراً لهذه الأحاديث، والصواب الذي لا معدل عنه: أن الإقعاء نوعان : أحدهما أن يلصق أليتيه بالأرض، وينصب ساقيه، ويضع يديه على الأرض كإقعاء الكلب، هكذا فسره أبو عبيدة معمر بن المثنى وصاحبه أبو عبيد القاسم بن سلام وآخرون من أهل اللغة. وهذا النوع هو المكروه الذي ورد فيه النهي.
والنوع الثاني : أن يجعل أليتيه على عقبيه بين السجدتين، وهذا هو مراد بن عباس بقوله : (سنة نبيكم صلى الله عليه وسلم )، وقد نص الشافعي رضي الله عنه في البويطي والإملاء على استحبابه في الجلوس بين السجدتين، وحمل حديث ابن عباس رضي الله عنهما عليه جماعات من المحققين منهم البيهقي والقاضي عياض وآخرون رحمهم الله تعالى، قال القاضي : وقد روي عن جماعة من الصحابة والسلف أنهم كانوا يفعلونه، قال وكذا جاء مفسرا عن ابن عباس رضي الله عنهما : من السنة أن تمس عقبيك ألييك، هذا هو الصواب في تفسير حديث ابن عباس، وقد ذكرنا أن الشافعي رضي الله عنه على استحبابه في الجلوس بين السجدتين، وله نص آخر وهو الأشهر أن السنة فيه الافتراش وحاصله : أنهما سنتان، وأيهما أفضل؟ فيه قولان : وأما جلسة التشهد الأول وجلسة الاستراحة فسنتهما الافتراش، وجلسة التشهد الأخير السنة فيه التورك، هذا مذهب الشافعي رضي الله عنه، وقد سبق بيانه مع مذاهب العلماء رحمهم الله تعالى.
وقوله : إنا لنراه جفاء بالرجل : ضبطناه بفتح الراء وضم الجيم، أي بالإنسان، وكذا نقله القاضي عن جميع رواة مسلم، قال: وضبطه أبو عمر ابن عبد البر بكسر الراء وإسكان الجيم، قال أبو عمر: ومن ضم الجيم فقد غلط. ورد الجمهور على ابن عبد البر وقالوا : الصواب الضم وهو الذي يليق به إضافة الجفاء إليه، والله أعلم ".
الشيخ : أي نعم، الإقعاء المذكور أن ينصب قدميه ويجلس على عقبيه عند الحنابلة مكروه، لأنه إقعاء في الواقع، تجد الرجل كلب، ولأنه لا يمكن أن يطمئن الاطمئنان التام، لأنه سوف ستعب ولا سيما إذا كان ثقيل الجسم، فلهذا نُهي عنه.
وأما حديث ابن عباس فقيل إنه في أول الأمر ، وأن قول ابن عباس كقول ابن مسعود في مسألة التطبيق، ووقوف الإمام بين الرجلين، لكن حديث ابن مسعود ورد فيه النسخ صريحاً، ولا إشكال فيه، أما هذا فلم يرد صريحا، لكن إذا كان هذا من الإقعاء فإن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عنه، وأكثر الواصفين لصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم يصفون بأنه يفترش، بين السجدتين، وفي التشهد الأول، وكذلك الأخير الذي فيه تشهدان، وهذا هو الأقرب، إلا أن يحتاج إلى ذلك، إن احتاج إلى ذلك مثل أن يكون عليه سروال ضيق لا يستطيع معه أن يفترش فيكون ذلك حاجة ولا بأس به.
لماذا لا يقال في الإقعاء أنه من باب تنوع السنة.؟
الشيخ : نعم النهي لا يقتضي التنوع.
السائل : بعض الناس يشدد في جلسة الاستراحة ... كلام ابن عباس ... ووضع اليدين بين الركبتين سبحان الله العظيم ... .
الشيخ : على كل حال الناس لهم مشارب.
من حفظ حجة على من لم يحفظ فلماذا لا نقول حديث النهي عن الإقعاء عام وحديث ابن عباس هذا خاص؟
الشيخ : النهي عنه، قد يرد النهي بعد أن فعله الرسول.
5 - من حفظ حجة على من لم يحفظ فلماذا لا نقول حديث النهي عن الإقعاء عام وحديث ابن عباس هذا خاص؟ أستمع حفظ
باب تحريم الكلام في الصلاة ونسخ ما كان من إباحة
حدثنا أبو جعفر محمد وأبو بكر بن أبي شيبة وتقاربا في لفظ الحديث قالا حدثنا إسماعيل بن إبراهيم عن حجاج الصواف عن يحيى بن أبي كثير عن هلال بن أبي ميمونة عن عطاء بن يسار عن معاوية بن الحكم السلمي قال بينا أنا أصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ عطس رجل من القوم فقلت يرحمك الله فرماني القوم بأبصارهم فقلت واثكل أمياه ما شأنكم تنظرون إلي فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم فلما رأيتهم يصمتونني لكني سكت فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فبأبي هو وأمي ما رأيت معلما قبله ولا بعده أحسن تعليما منه فوالله ما كهرني ولا ضربني ولا شتمني قال إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت يا رسول الله إني حديث عهد بجاهلية وقد جاء الله بالإسلام وإن منا رجالا يأتون الكهان قال فلا تأتهم قال ومنا رجال يتطيرون قال ذاك شيء يجدونه في صدورهم فلا يصدنهم قال ابن الصباح فلا يصدنكم قال قلت ومنا رجال يخطون قال كان نبي من الأنبياء يخط فمن وافق خطه فذاك قال وكانت لي جارية ترعى غنما لي قبل أحد والجوانية فاطلعت ذات يوم فإذا الذيب قد ذهب بشاة من غنمها وأنا رجل من بنى آدم آسف كما يأسفون لكني صككتها صكة فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعظم ذلك علي قلت يا رسول الله أفلا أعتقها قال ائتني بها فأتيته بها فقال لها أين الله قالت في السماء قال من أنا قالت أنت رسول الله قال أعتقها فإنها مؤمنة
7 - حدثنا أبو جعفر محمد وأبو بكر بن أبي شيبة وتقاربا في لفظ الحديث قالا حدثنا إسماعيل بن إبراهيم عن حجاج الصواف عن يحيى بن أبي كثير عن هلال بن أبي ميمونة عن عطاء بن يسار عن معاوية بن الحكم السلمي قال بينا أنا أصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ عطس رجل من القوم فقلت يرحمك الله فرماني القوم بأبصارهم فقلت واثكل أمياه ما شأنكم تنظرون إلي فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم فلما رأيتهم يصمتونني لكني سكت فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فبأبي هو وأمي ما رأيت معلما قبله ولا بعده أحسن تعليما منه فوالله ما كهرني ولا ضربني ولا شتمني قال إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت يا رسول الله إني حديث عهد بجاهلية وقد جاء الله بالإسلام وإن منا رجالا يأتون الكهان قال فلا تأتهم قال ومنا رجال يتطيرون قال ذاك شيء يجدونه في صدورهم فلا يصدنهم قال ابن الصباح فلا يصدنكم قال قلت ومنا رجال يخطون قال كان نبي من الأنبياء يخط فمن وافق خطه فذاك قال وكانت لي جارية ترعى غنما لي قبل أحد والجوانية فاطلعت ذات يوم فإذا الذيب قد ذهب بشاة من غنمها وأنا رجل من بنى آدم آسف كما يأسفون لكني صككتها صكة فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعظم ذلك علي قلت يا رسول الله أفلا أعتقها قال ائتني بها فأتيته بها فقال لها أين الله قالت في السماء قال من أنا قالت أنت رسول الله قال أعتقها فإنها مؤمنة أستمع حفظ
فوائد
منها ما أشار إليه المترجم، قال : وبينا أنا أصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ عطس رجل من القوم وفي رواية فحمد الله، قال الحمد لله، فقلت يرحمك الله إلى آخره، ففي هذا دليل على أن المصلي إذا عطس حمد الله عز وجل، وكذلك إذا أتاه الشيطان، ليلبس عليه صلاته فإنه يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم كما ثبت به السنة.
وهل يفعل هذا في كل سبب مقتضي للذكر أو لا؟ قال شيخ الإسلام رحمه الله : " إن كل ذكرٍ وُجد سببه في الصلاة فإنه يذكر الله به "، ومن ذلك : إجابة المؤذّن، فالمصلي على كلام الشيخ رحمه الله يجيب المؤذن، لكن الذي يظهر أنه إذا كان الذكر الذي وُجد سببه في الصلاة طويلاً فإنه لا يأتي به، لأن هذا يشغله عن الصلاة، أما إذا كان غير طويل فلا بأس، والتفرقة بين طول الشيء وقصره معروف في مسائل كثيرة، وإجابة المؤذن طويلة أو قصيرة ؟ طويلة فلا يجيب المؤذن.
طيب، ومن فوائد هذا الحديث أن الخطاب بالكاف يعتبر كلاماً، وإن كان دعاءً
فقوله : يرحمك الله هذا دعاء لكنه جاء بصيغة الخطاب لاقترانه بالكاف فصار كلاماً، ويتفرع على ذلك أننا إذا زرنا المقابر وقلنا : السلام عليكم فإن هذا يعتبر خطاباً لهم وكلاما معهم، يعتبر كلاما معهم، وهل يردون أو لا؟ يحتمل أنهم يسمعون ويردون ويحتمل خلاف ذلك، إلا من وقف على قبر يعرفه في الدنيا فإنه إذا سلم رد عليه السلام.
ومن فوائد هذا الحديث : جواز الالتفات للحاجة، وجهه : أن الصحابة رموا معاوية بأبصارهم، وقوله : رماني القوم بأبصارهم أشد من قوله: نظروا إليّ، لأن الرمي يقتضي قذفاً، كأنهم نظروا إليه بشدة لما تكلم في الصلاة، فأعاد فقال : وا ثكل أمياه، ثكل بمعنى فقد، وأمياه بمعنى أمي، وهذه كلمة يدعوا بها العرب لا يريدون معناها، ودليل ذلك : قول النبي لمعاذ : ( ثكلتك أمك يا معاذ )، لكن يريدون بذلك شحذ الهمة والانتباه.
ومن فوائد هذا الحديث : الضرب بالفخذ عند التنبيه، لقوله: يضربون أفخاذهم، لكن هذا نُسخ، وأرشدهم النبي عليه الصلاة والسلام إلى أن يسبِّحوا، وقوله : نسخ هذا إذا كان ضربهم بأفخادهم مبني على سنة سابقة، ما إذا كان من اجتهادهم في تلك الساعة فلا نقول أنه نسخ، ولكن نقول أنهم فعلوه ظنا منهم أن هذا هو المشروع.
ومن فوائد هذا الحديث : أن الصجابة رضي الله عنهم يبادرون إلى ترك المنكر عند النهي عنه، لقوله : فلما رأيتهم يصمتونني لكني سكت.
ومن فوائد هذا الحديث أن الإشارة والضرب ونحوه لا يعد كلاما، وجهه؟
السائل : أنهم أشاروا إليه ... .
الشيخ : ما أشاروا إليه.
السائل : أن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينكر عليهم.
الشيخ : لم ينكر عليهم الضرب بالفخذ؟ قد يقال أنكر عليهم وقال سبحوا.
السائل : في هذا الحديث.
الشيخ : نعم.
السائل : لم يأمرهم بالعادة.
الشيخ : لم يأمرهم بالإعادة، تمام، طيب، في التركيب في قوله : فلما رأيتهم يصمتونني لكني سكت فيه إشكال وهو دخول لكنَّ الاستدراكية على قوله: فلما رأيتهم يصمتونني، فيقال في الكلام محذوف، والتقدير : فلما رأيتهم يصمتونني لم أتكلم لكني سكت.
ومن فوائد هذا الحديث : جواز فداء النبي صلى الله عليه وسلم بالأب والأم، لقول معاوية : بأبي هو وأمي، وهل يجوز ذلك لغير الرسول؟ لا، لأن أعظم الناس حقا عليك بعد النبي صلى الله عليه وسلم هم الأب والأم.
ومن فوائد هذا الحديث : حسن تعليم النبي صلى الله عليه وسلم ودعوته الخلق إلى الحق، لقول معاوية : ما رأيت قبله ولا بعده أحسن تعليماً منه، ومن فوائد الحديث : أنه لا ينبغي نهر الجاهل أو كهره، والنهر في القول، والكهر بالحال، وقيل معناهما واحد، يعني الكهر يكون بالتقطيب مقطِّب، والنهر معروف باللسان، وقيل المعنى واحد، ولكن كلما صار الكلام للتأسيس كان أولى من التأكيد، والعطف يقتضي المغايرة، طيب ولا ضربني ولا شتمني، لكن أنا قلت ما نهرني وما كهرني، هي في بعض الألفاظ لكنها غير موجودة، أقل هناك رواية : ( ما نهرني ) وأنا شرحت عليها، لكن الآن ما كهرني ولا ضربني
ولا شتمني.
ومن فوائد هذا الحديث : بطلان الصلاة بكلام الناس، لقوله صلى الله عليه وسلم : ( إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس )، كذا؟ سواء كان مركَّباَ من حرف، أو حرفين أو أكثر، وسواء كان بصوت جهوري أو أقل، أي كلام فإنه لا يصح في الصلاة، فلو قلت لإنسان (عِ) حرف واحد لكنه جملة ، هذا كلام تام، فإذا قلت لإنسان : عِ، رأيت إنساناً يقرأ فقلت له : عِ، تبطل الصلاة؟ نعم، لماذا؟ لأن هذا كلاماً، رأيتَ شخصا يماطل أخاه الذي وعده فقلت : فِ، كلام تبطل الصلاة به.
إذن كلام سواء كان من حرف أو حرفين او أكثر، أردت أن تقول لإنسان : انظر إلى كذا فقلت : رَ، هذا كلام.
ومن فوائد هذا الحديث أن الصلاة لبها وروحها ما ذكره النبي عليه الصلاة والسلام في قوله : إنما شأنها التسبيح، والتهليل، وقراءة القرآن، وهذا الحصر كما نعلم ليس حقيقيا في الواقع، إذ أن في الصلاة ما ليس بتسبيح ولا تكبير ولا قراءة، مثل الدعاء، لأنه لا يدخل في هذا.
ومن فوائد هذا الحديث : جواز نقل الحديث بالمعنى، ويشير إلى ذلك لقوله : أو كما قال، ويجوز أن تقول هذا هو الحديث أو معناه، فلا تتعين هذه الكلمة المهم إذا كنت لا تضبط اللفظ فقل : هذا الحديث أو معناه.
ومن فوائد الحديث : أن من تكلم جاهلاً فإن صلاته لا تبطل، يؤخذ من أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمره بالإعادة، وأمر المسيء في صلاته بالإعادة، لأن المسيء في صلاته ترك مأموراً، وهذا فعل محظوراً، ولهذا يفرق العلماء بين ترك المأمور جاهلاً وفعل المحظور جاهلاً، فالأول يقولون : يستدرك إذا أمكنه الاستدراك والثاني يقولون : لا يستدرك لا يؤثر عليه شيئٌ، طيب وهل يقاس على الجاهل الناسي ؟ الجواب : نعم، لأن النسيان قرين الجهل في كتاب الله، (( ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ))، فمن نسي وتكلم وهو يصلي فإن صلاته لا تبطل، كما لو سأله زميله وهو يصلي -أعني المسؤول- قال أين كتابي؟ قال : كتابك في الدرج ، وهو يصلي لكنه ناسي، طيب وهل يقاس على ذلك ما لا يُقصد؟ الظاهر نعم، مثل أن يسقط عليه شيء فيقول: أح! هل تبطل صلاته ؟ لا، لأنه ما قصد هذا يأتي طبيعي، وهل يُقاس على ذلك الضحك؟ يعني لو ضحك ناسياً أنه في صلاة، حصل شيء يوجب الضحك فضحك ناسيا أنه في صلاة؟ إذن القاعدة عندنا أن من فعل محظوراً في الصلاة من كلام أو غيره ناسياً أو جاهلاً أو غير قاصد فلا شيء عليه.
ومن فوائد هذا الحديث : تحريم إتيان الكُهَّان، لقوله صلى الله عليه وسلم : ( فلا تأتهم ) فمن هو الكاهن ؟ الكاهن هو الذي يخبر عن المغيبات في المستقبل، بخلاف العراف انتبه، العراف هو الذي يخبر عن المغيبات ولو كانت حاضرة أو ماضية لكن الكاهن هو الذي يخبر عن المغيبات في المستقبل، يقول لك مثلاً: غدا سيحصل كذا وكذا، نقول هذا كاهن طيب إذن ما نسمعه في الإذاعات الآن من أنه ستكون الحرارة غدا كذا، أو أنه سيكون هناك مطر من الكهانة، الأخ: قل، قل، هذا من الكهانة أم لا ؟ الشيخ : إذا قال غدا ستكون درجة الحرارة مثلا كذا وكذا، أو غداً سينزل مطر من الكهانة، أليس أخبر عن مغيَّب؟ سليم ؟
السائل : هذا فيه التفصيل إن كان قالها على تحري فهذا لا إشكال فيه، وإن كان قالها جازماً .
الشيخ : نعم جازم، يقول غدا ستكون أمطار على الجهة الفلانية، هل هو كاهن أم لا؟
السائل : هذا ليس من الكهانة لأنه مبني عندهم على دراسات.
الشيخ : على دراسات مخصوصة تخفى علينا ولا تخفى عليهم.
ومن فوائد هذا الحديث : أن التطير يقع في القلب، ودليله قوله : ( ذلك شيء يجدونه في قلوبهم )، وحديث ابن مسعود قال : ( وما منا إلا )، يعني إلا وحصل له تطير، لكن الله يُذهبه بالتوكل، والتطير معناه التشاؤم بمسموع أو مرئي أو معلوم، انتبه مسموع أو مرئي أو معلوم، هذا هو التطير وأصله مأخوذ من الطير، لأن العرب أغلب ما يتطيرون به الطيور، طيب بمرئي : كالطير، أو مسموع : مثل أن يهمَّ الإنسان بشيء فيسمع قولاً يستلزم نفوره منه، هذا مسموع، معلوم : مثل تطير بعض العرب بشوال، أو صفر أو الآربعاء يوم الآربعاء، هذا ليس مسموعا ولا مرئياً ولكنه معلوم، وكانت العرب تتشاءم بالتزوج في شوال، فكانت عائشة تقول لهم: تزوج بي النبي صلى الله عليه وسلم في شوال، وبنى بي في شوال، فأيتكن كانت أحظى عنده؟ معلوم أن أحظى النساء عنده عائشة رضي الله عنها، تزوجها في شوال وبنى بها في شوال.
وقوله عليه الصلاة والسلام : ( فلأصدَّنَّهم ) هذا من دواء الطيرة ألا تصدَّك عما تريد، لا تقول أنا والله متشائم، نعم مثلا أردت أن تسافر لما خرجت هبت عاصفة ، وقلت خلاص معناه لا يصلح هذا السفر ارجع، نقول : لا تفعل هذا، اترك هذا التطير امضِ، ولهذا قال : لا يصدنهم، والإنسان إذا مشى على هذا استراح مما يجد في قلبه من التطير، يُقال : إن بعض الناس يتطير بالرجل إذا قابله ولم يكن جميلاً في نظره، فإذا جاء يفتح الدُّكان وفتح الدكان ووقف عنده أول من يقف رجلٌ ليس جميلاً يقول : اليوم خلاص سكر الدكان يا ولد، اليوم يوم أسود، هذا حرام ولا يجوز، وإذا قلتَ : اللهم لا طير إلا طيرك، ولا خير إلا خيرك، ولا إله غيرك، آمنت بالله، واعتصمت بالله وما أشبه ذلك أزال الله عنك ما تجد.
ومن فوائد هذا الحديث : إثبات الخط بالرمل، وهو نوع من السحر، الساحر له عدة طرق يتوصل بها إلى سحره، منها : خطوط يخطها في الأرض، لكن هذا قال فيه النبي عليه الصلاة والسلام : (كان نبيٌ من الأنبياء يخط، فمن وافق خطه فذاك )، وهل أحد يعلم أنه وافق هذا الخط؟ لا، إذن علق الشيء بالمستحيل، وإذا عُلِّق الشيء بالمستحيل كان مستحيلاً، فالخط الصواب الآن لا يمكن، لأنه لا يمكن إلا بموافقة هذا النبي، وهذا موافقته مستحيلة، لأنه مجهولة لنا، لم نعلمها عن طريق يثبت ذلك، ولهذا لم يبينه الرسول صلى الله عليه وسلم.
ومن فوائد هذا الحديث : جواز استرعاء الغنم من الجارية، أي الأنثى، ولكن هذا مشروط بما إذا لم نخشَ عليها، فإن خشينا عليها وجب منعها، فالمرأة في البادية تسرح في الغنم ترعاها إذا كنا نخاف عليها من سطوة الفجَرة فإنا نمنعها، أما إذا كنا في أمن فلا بأس.
ومن فوائد هذا الحديث : عداوة الذئب للشاة، أليس كذلك؟ من أين يؤخذ، لما أكل الشاة، فهو عدو للغنم، ولهذا جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( ما ذئبان جائعان أطلقا في الغنم بأفسد لها من حرص المرء على المال والشرف لدينه )، يعني : حرص الإنسان على المال والشرف يفسد الدين كما يفسد الذئبان الجائعان أرسلا في غنم.
ومن فوائد هذا الحديث : صراحة معاوية رضي الله عنه معاوية بن الحكم، حيث قال : إني آسَف كما يأسف بنو آدم، والأسف بمعنى الغضب، ويطلق أيضاً على الحزن، لكن هنا بمعنى الغضب ، بدليل أنه صكَّها، ومما جاء فيه الأسف بمعنى الغضب : (( فلما آسفونا انتقمنا منهم ))، معنى آسفونا يعني : أغضبونا وليس المعنى أحزنونا.
ومن فوائد هذا الحديث : أن معاوية عفا الله عنه صكّها صكا، ومعنى صكاً : قوية ضربها بيد مبسوطة هكذا من شدة الغضب، ولهذا يقول : عظُم ذلك علي.
ومن فوائد هذا الحديث : أنه لا يُشرع عتق غير المؤمن، لأنه لما استأذن النبي صلى الله عليه وسلم ليعتقها قال : ائتني بها لينظر هل هي مؤمنة أو لا، - وجه ذلك يا آدم إياك والإلتفات فإنه غير جيد -، ووجه ذلك أن إعتاق غير المؤمن ربما يكون سببا في فساده، لأنه يتحرر ويكون طليقاً. وربما فر إلى الكفار إذا كان من سبي وما أشبه هذا.
ومن فوائد هذا الحديث : جواز الاستفهام بأين مضافا إلى الله عز وجل، لقوله: أين الله، وأين يُستفهم بها عن المكان، وليس يُستفهم بها عن الذات وأنها بمعنى من الله، بل بمعنى أين هو في السماء أو في الأرض قالت : في السماء، فعرف أنها مؤمنة، لأنها لو كانت مشركة لقالت : الله في الأرض، لأن المشركين يعبدون أصنامهم يعتقدون أنها آلهة.
ومن فوائد هذا الحديث : إثبات علو الله عز وجل لقولها : في السماء، فأقرَّها، فإن قال قائل : في للظرفية وهذا التعبير يقتضي أن السماء محيطة به لأن الظرف أوسع من المظروف، إذا قلت الماء في الإناء أيهما أوسع؟ الإناء، وهذا يقتضي أن السماء أوسع من الله عز وجل، قلنا هذا لا يمكن ولا يصلح، لأن الله وسع كرسيه السماوات والأرض، الكرسي وسع السماوات والأرض، فكيف بالعرش، فكيف بالرب عز وجل؟ والسماوات مطويات بيمينه والأرض جميعا قبضته، فلا يتصور أحد أن في هنا للظرفية، وأن السماء هي الأجرام المعروفة لأن ذلك مستحيل، إذن فعلى أي وجه يتخرّج هذا التعبير؟ نقول : يتخرج على أحد وجهين: الوجه الأول : أن نجعل في بمعنى على فيكون المعنى : في السماء أي على السماء، والثاني أن تكون السماء بمعنى العلو فتكون في للظرفية ومعناها أن الله في العلو أي فوق كل شيء، ولكل من الوجهين شواهد نذكرها إن شاء الله بعد متابعة المؤذّن.
فمن الشواهد على أن في تأتي بمعنى على قوله تبارك وتعالى عن فرعون : (( ولأصلبنكم في جذوع النخل )) أي : على جذوع النخل، لأن ليس المعنى أن يصلبهم في جوف النخلة، ومن ذلك أيضا قوله تعالى : (( قل سيروا في الأرض )) يعني : على الأرض، ومن إتيان السماء بمعنى العلو : قول الله تعالى : (( أنزل من السماء ماءً فسالت أودية بقدرها ))، من السماء يعني من العلو، وليس من السماء السقف المحفوظ، لقوله تعالى : (( والسحاب المسخر بين السماء والأرض ))، وكلا الوجهين صحيحين إن شئت قل بهذا وإن شئت قل بهذا، المهم ألا يقع في نفسه أن السماء محيطة بالله أبدا.
ومن فوائد هذا الحديث : أن الإتيان بما يدل على الشهادتين كاف وإن لم ينطق بالشهادة، من أين يؤخذ؟ من قولها : في السماء وقولها : أنت رسول الله، دون أن تقول : أشهد ألا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله، فاكتفى النبي صلى الله عليه وسلم بهذا وحكم أنها مؤمنة.
ومن فوائد هذا الحديث : أن كل ما دل على المعنى حُكم له بمقتضى ذلك المعنى الذي يدل عليه، يؤخذ من قولنا إنه يُكتفى عن النطق بالشهادتين بمثل هذه الصيغة : الله في السماء، وأنت رسول الله، وهذه القاعدة تنفعك في صيغ البيع، والإجارة والرهن والنكاح والطلاق، وغيرها، كل ما دل على المعنى المقصود فإنه يُثبت به ذلك المعنى، سواء كان باللفظ الموضوع له أو بلفظ آخر، هذه القاعدة.
ومن فوائد الحديث : التعليل للأحكام لقوله : ( أعتقها فإنها مؤمنة ).
ومن فوائد هذا الحديث أيضاً : أنه لا يشرع إعتاق غير المؤمن، لكونه علل بالإذن في إعتاقها لكونها مؤمنة.
وربما يكون في الحديث فوائد أخرى تظهر للمتأمل لكن الشاهد من هذا الحديث للباب : هو تحريم الكلام على المصلي.
إذا كان الخط من أنواع السحر فكيف فعله ذلك النبي.؟
الشيخ : ليس بسحر، الذي وقع من النبي ليس بسحر الذي وقع من النبي قالوا إنه نوع من الفراسة.
من قال أن الجواب بأن الله في السماء غير كاف عن لا إله إلا الله لأن الكفار يعرفون أن الله في السماء.؟
الشيخ : أين الله، استفهام من أفصح الخلق.
السائل : لا تفيد التفريق.
الشيخ : كيف لا تفيد التفريق المشرك يقول : إلهي في الأرض، نعم ، وكذلك له إله آخر لكن هذا حصر.
10 - من قال أن الجواب بأن الله في السماء غير كاف عن لا إله إلا الله لأن الكفار يعرفون أن الله في السماء.؟ أستمع حفظ
ما حكم من إذا رأى شيئا في الصلاة أعجبه يقول سبحان الله.؟
الشيخ : ما ذُكر له، على كل حال، حديث : ((إذا نابكم شيء فليسبّح الرجال )) يعم لكننا لا نرى الإنسان يعني يتحسس لكل ما يقع ثم يقول سبحان الله والله أكبر.
ما حكم من يبتسم في الصلاة.؟
الشيخ : لا لا، مثل بمثال صحيح.
السائل : مثلا الأطفال الصغار يقف أمام ... .
الشيخ : على كل حال كما قلنا لكم الشيء الذي بغير اختيار وقصد فإن هذا لا يضر.
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب وابن نمير وأبو سعيد وعثمان وألفاظهم متقاربة قالوا حدثنا بن فضيل حدثنا الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله قال كنا نسلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في الصلاة فيرد علينا فلما رجعنا من عند النجاشي سلمنا عليه فلم يرد علينا فقلنا يا رسول الله كنا نسلم عليك في الصلاة فترد علينا فقال إن في الصلاة شغلا
13 - حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب وابن نمير وأبو سعيد وعثمان وألفاظهم متقاربة قالوا حدثنا بن فضيل حدثنا الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله قال كنا نسلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في الصلاة فيرد علينا فلما رجعنا من عند النجاشي سلمنا عليه فلم يرد علينا فقلنا يا رسول الله كنا نسلم عليك في الصلاة فترد علينا فقال إن في الصلاة شغلا أستمع حفظ
فوائد
وفي هذا دليل أيضا على أن ما رواه البخاري عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : ( كنا نقول والرسول صلى الله عليه وسلم حي السلام عليك أيها النبي، فلما مات قلنا السلام على النبي )، فهذا الحديث يدل على أن فهم ابن مسعود رضي الله تعالى عنه غير صحيح، لأن السلام عليك أيها النبي في حياته ليس هو السلام المعهود الذي يحتاج إلى جواب، وإنما هو سلام على غائب لكن لقوة استحضاره صار كأنه بمنزلة الحاضر، ويدل لهذا أن الناس في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم كانوا يسلمون عليه وهم بعيدون من المدينة، وليسوا معه في مصلَّاه، بل الذين معه في الصلاة لا يجهرون بالسلام.
ويدل على خطأ هذا فهم من ابن مسعود رضي الله عنه : أن عمر بن الخطاب خطب وهو في خلافته وهو على المنبر يعلم الناس التشهد خطب يقول : السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، كما أخرجه مالك في الموطأ بإسناد صحيح، وفي قوله: ( إن في الصلاة لشغلاً )، وهي أنه ينبغي للإنسان أن يشتغل بصلاته بأذكارها وأحوالها وأفعالها، عما سواها، ونحن - عاملنا الله وإياكم بعفوه- لا نشتغل بهذا، بل إذا دخلنا في الصلاة جاءتنا الأشغال الخارجية وكأنها فروق من الطير مختلفة الألوان والأشكال، فينبغي لنا أن نحرص على استحضار القلب ما استطعنا لقول الله تعالى : (( فاتقوا الله ما استطعتم ))، فإن قلتم : لو أن الإنسان انشغل بهذه الوساوس من أول الصلاة إلى آخرها فهل تبطل الصلاة؟ قال بعض أهل العلم إنها تبطل، لأن لب الصلاة وروحها فقدت من الصلاة، هذه حركات .