السائل : قوله : ( إنما أنا بشر مثلكم أنسى كما تنسون ) إلى أن قال : ( فإذا نسي أحدكم ) هنا تكلم بعد أن ذكر إذا سلم من خمسة ثم تكلم متعمدا بعد أن تذكر هل تبطل صلاته؟ الشيخ : لا تبطل صلاته، الصلاة لا تبطل حتى لو أحدث، بين سجدتين السهو وبين السلام لا تبطل الصلاة، وإذا طال الفصل فإنه لا يسجد، ولو توضأ بسرعة الظاهر أنه لا يسجد وإن سجد فهو أحسن.
حدثني عمرو الناقد وزهير بن حرب جميعا عن بن عيينة قال عمرو حدثنا سفيان بن عيينة حدثنا أيوب قال سمعت محمد بن سيرين يقول سمعت أبا هريرة يقول صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إحدى صلاتي العشي إما الظهر وإما العصر فسلم في ركعتين ثم أتى جذعا في قبلة المسجد فاستند إليها مغضبا وفي القوم أبو بكر وعمر فهابا أن يتكلما وخرج سرعان الناس قصرت الصلاة فقام ذو اليدين فقال يا رسول الله أقصرت الصلاة أم نسيت فنظر النبي صلى الله عليه وسلم يمينا وشمالا فقال ما يقول ذو اليدين قالوا صدق لم تصل إلا ركعتين فصلى ركعتين وسلم ثم كبر ثم سجد ثم كبر فرفع ثم كبر وسجد ثم كبر ورفع قال وأخبرت عن عمران بن حصين أنه قال وسلم
القارئ : حدثني عمرو الناقد وزهير بن حرب جميعا عن بن عيينة قال عمرو حدثنا سفيان بن عيينة حدثنا أيوب قال : سمعت محمد بن سيرين يقول سمعت أبا هريرة يقول : ( صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إحدى صلاتي العشي إما الظهر وإما العصر فسلم في ركعتين ثم أتى جذعا في قبلة المسجد فاستند إليها مغضبا، وفي القوم أبو بكر وعمر فهابا أن يتكلما وخرج سرعان الناس قصرت الصلاة فقام ذو اليدين فقال يا رسول الله : أقصرت الصلاة أم نسيت؟ فنظر النبي صلى الله عليه وسلم يمينا وشمالا، فقال : ما يقول ذو اليدين قالوا صدق لم تصل إلا ركعتين فصلى ركعتين وسلم ثم كبر ثم سجد ثم كبر فرفع ثم كبر وسجد، ثم كبر ورفع قال : وأخبرت عن عمران بن حصين أنه قال : وسلم ). الشيخ : هذا الحديث يعبر عنه العلماء بحديث ذا اليدي، لأنه -ذو اليدين- هو الذي حاور النبي صلى الله عليه وسلم في صلاته، فقد صلى النبي صلى الله عليه وسلم إحدى صلاتي العشي، والعشي من الزوال إلى الغروب، فيتعيّن أن تكون إما الظهر وإما العصر لكن سيأتي في بعض الألفاظ أنها العصر على التعيين، وعلى هذا فالشك من الراوي، سلم الرسول عليه الصلاة والسلام من ركعتين، فقام إلى خشبة معروضةٍ في المسجد فقام إليها مغضباً، وسبب هذا الغضب أن نفسه صلى الله عليه وعلى آله وسلم لم تنبسط، لأن عبادته لم تتم، وهذا من لطف الله تعالى بالعبد وللعبد، أنه إذا كان قصور في عبادته فإنه يظهر على نفسيته من غير أن يشعر، ولهذا لما لم تنقض الصلاة انقبض النبي عليه الصلاة والسلام وظهر كأنه مُغضب، ورسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقوم من مصلاه إلى هذه الخشبة ويستند إليها ويشبك بين أصابعه، ويضع خده على ظهر يده ويكون مغضبا ، لا شك أن هذا مشهد هيبة، مشهد هيبة، عظيمة، يقول : معهم أبو بكر وعمر، مع القوم أبو بكر وعمر، وهذان الرجلان هما أخص أصحابه به، ومع ذلك هابا أن يكلماه، لأن المشهد كما قلت لكم مشهد هيبة وعظمة، هابا أن يكلّماه، وخرج سَرَعان الناس، خرجوا والظاهر أنهم يعلمون أنه صلى ركعتين لكن ظنوا أن الصلاة قُصرت، خرجوا ولكن كان في القوم رجل يسميه النبي صلى الله عليه وسلم ذا اليدين، لأن يداه طويلتان، وهذا خِلقة، فإن غالب الناس والحمد لله تكون يداه مناسبة لجسمه، لكن أحياناً تكون اليدين قصيرتين، جداً قصيرتين، وأحياناً تكون طويلة، هذا الرجل كانت يداه طويلتين فكان الرسول صلى الله عليه وسلم يدعوه ذا اليدين، فكان منه جرأة أن يكلم النبي عليه الصلاة والسلام، لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يمزح معه وينبسط معه فقال هذا القول العجيب، الذي لو فكر فيه أكبر فيلسوف ما استطاع أن يعبر هذا التعبير السريع، حيث قال : ( يا رسول الله أقصُرت الصلاة أم نسيت؟ ) وليس فيه احتمال إلا احتمال لا يمكن أن يقع وهو أن يتعمد السلام قبل أن يتم، وهذا لم يأت به لأنه مستحيل، فهو إما ناسي، وإما أن الحكم نُسخ وإما أن يتعمد أن يسلم قبل أن تنتهي الصلاة، هذه هي القسمة العقلية، لكن الثالث ممتنع، ممتنع شرعاً على رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأنه لا يمكن أن يتعمد السلام قبل التمام، فلم يبق إلا احتمالان : النسيان والنسخ، النسخ هو القصر، نُسخ من الإتمام إلى القصر، فقال الرسول عليه الصلاة والسلام -كما في الألفاظ الأخرى- : ( لم أنس ولم تُقصر )، نفي القصر نفي حكم شرعي، يعني أنه نفى النسخ وهذا لا يمكن الخطأ فيه، لأنه لو ثبت النسخ ما نفاه، ونفى أيضاً : النسيان، فلما نفى النسخ وهو قصر الصلاة، قال ذو اليدين : بلى قد نسيت، بلى قد نسيت، لأن النسيان يرد، ونفي القصر مع ثبوته لا يمكن أن يرد، ولكن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لما كان على غلبة ظن أنه لم ينس سأل الصحابة، لأنه تعارض عنده الآن ما يعتقده في نفسه وقولُ ذي اليدين، فطلب المرجح، فقالوا له: بلى قد نسيت، فتقدم إلى مكانه عليه الصلاة والسلام، وصلى ما بقي من صلاته، ثم تكلم فيما بعد.
السائل : هناك رواية قد سبقت هذه الرواية، قال : ثم تحول رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم استنج إلى الجذع، وهذه الرواية تكلم بعد السجود. الشيخ : هذه قصة ثانية، ما نقص، حتى هنا زاد، السلام قبل أن يُتم يعتبر زيادة، لأنه سلم في غير محله. السائل : النبي صلى الله عليه وسلم لم يتكلم إلا بعد . الشيخ : تكلم، قال: أحق ما قال ذو اليدين؟ السائل : هل في مثل هذه الحال، يتم الإمام القعود أم القيام؟ الشيخ : نشوف الأحاديث حتى تتم الرواية.
حدثنا أبو الربيع الزهراني حدثنا حماد حدثنا أيوب عن محمد عن أبي هريرة قال صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إحدى صلاتي العشى بمعنى حديث سفيان
القارئ : حدثنا أبو الربيع الزهراني حدثنا حماد حدثنا أيوب عن محمد عن أبي هريرة قال : ( صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إحدى صلاتي العشى ) بمعنى حديث سفيان.
حدثنا قتيبة بن سعيد عن مالك بن أنس عن داود بن الحصين عن أبي سفيان مولى بن أبي أحمد أنه قال سمعت أبا هريرة يقول صلى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة في ركعتين فقام ذو اليدين فقال أقصرت الصلاة يا رسول الله أم نسيت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كل ذلك لم يكن فقال قد كان بعض ذلك يا رسول الله فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم على الناس فقال أصدق ذو اليدين فقالوا نعم يا رسول الله فأتم رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بقي من الصلاة ثم سجد سجدتين وهو جالس بعد التسليم
القارئ : حدثنا قتيبة بن سعيد عن مالك بن أنس عن داود بن الحصين عن أبي سفيان مولى بن أبي أحمد أنه قال سمعت أبا هريرة يقول : ( صلى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة في ركعتين فقام ذو اليدين فقال : أقصرت الصلاة يا رسول الله أم نسيت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كل ذلك لم يكن فقال قد كان بعض ذلك يا رسول الله فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم على الناس فقال : أصدق ذو اليدين ؟فقالوا نعم يا رسول الله فأتم رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بقي من الصلاة ثم سجد سجدتين وهو جالس بعد التسليم ). الشيخ :( كل ذلك لك يكن ) هل هناك فرق بين كونه كل ذلك لم يكن، أو لم يكن كل ذلك ؟ الطالب : إذا قدم النفي يكون الإخبار ... . الشيخ : إذا قدم الإثبات أو النفي؟ الطالب : إذا قدم النفي: لم يكن كل ذلك. الشيخ : خلّ العبارة من غير الحديث : إنسان قال : لم يكن كل ذلك، أو كل ذلك لم يكن؟ الفرق، أعطنا فرق، كل ذلك لم يكن. الطالب : أي أنه لا النسيان ولا القصر. الشيخ : يعني لم يكن شيء من ذلك. طيب: لم يكن كل ذلك؟ الطالب : معناه أن بعضه يكون. الشيخ : تمام، ولهذا قال له: قد كان بعض ذلك، لو أن الرسول قال: لم يكن كل ذلك، ما صح أن يقول: قد كان بعض ذلك، لأنه لو قال : لم يكن كل ذلك أي : بل بعضه، فإذا قال : كل ذلك لم يكن معناه لم يكن شيء منه، وهذه أيضاً مسألة خاض فيها أهل البلاغة والمتكلمون بكلام طويل، وهذا الرجل صحابي ما درس، عرف المعنى، لما قال : كل ذلك لم يكن قال، بل كان بعض ذلك، ولذلك يفرقون بين : كل ذلك لم يكن وبين لم يكن كل ذلك. وقوله : فصلى ما بقي : ظاهره أنه رجع إلى مكانه وجلس ثم قام، لأن القيام من الجلوس واجب، لكنه هل هو واجب لغيره أو واجب لذاته؟ الظاهر أنه واجب لذاته، لأن قيام الرسول صلى الله عليه وسلم أولاً لم يكن قياماً للصلاة، بل كان قياماً على أنه فرغ منها، وعليه نقول : إذا حصل مثل ذلك ارجع إلى مكانك واجلس ثم قم، لأن قيامك الأول ليس للوقوف في الصلاة، بل هو للانصراف، لكن ربما يقول بعض العلماء : إن هذا القيام مقصود لغيره، المقصود منه : أن يتوصل إلى الوقوف من القعود، وهذا الذي سلم وقام قد حصل المطلوب، فيكون تتميم الصلاة أن يمشي إلى مكانه ثم يتمم، ولكن هنا سؤال آخر، هل يكبر أو لا يكبر؟ فكروا، ها ؟ التكبير اللأول للجلوس، فلا بد من تكبير ثانٍ للقيام من الجلوس، إذن لا بد أن يكبر، بخلاف ما لو جلس في الركعة الأولى وظنها الثانية، ثم نُبِّه ثم أراد أن يقوم فلا يكبر، لأن التكبير قد حصل، انتبهوا إلى الفرق : هنا نقول : إذا جلس إلى التشهد الأول ثم سلم ظناً منه أن الصلاة قد انتهت فإنه إذا أراد أن يقوم لا بد أن يقوم بتكبير، لأن التكبير الأول كان للجلوس، بخلاف ما لو جلس في الثالثة أو في الأولى ثم نبِّه فأراد أن يقوم أنه يقوم بلا تكبير، لأن التكبير للانتقال قد حصل.
هل ظاهر حديث ذو اليدين أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأت بالأذكار بعد الصلاة.؟
السائل : ظاهر الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يذكر أذكار الصلاة؟ الشيخ : نعم، هذا ظاهره، والظاهر والله أعلم أن ذلك بسبب انقباضه عليه الصلاة والسلام، بسبب انقباض نفسه، كأن صدره ضيّق. السائل : لأن بعضهم كأنهم يحتجون بمثل هذا. الشيخ : بأيش؟ السائل : لأنهم يقولون إذا انصرف استغفر الإمام، ثم يقوم في ناحية المسجد. الشيخ : هذه قضية على خلاف العادة ولهذا كان مغضبا، إذن نقول أجل: قم مُغضَباً! ما يستقيم هذا.
السائل : بارك الله فيكم، الفرق بين الحديث هذا وكونه يكبر إذا جلس للأولى أو الثالثة؟ الشيخ : لا، لو جلس في الأولى فالتكبير للقيام. السائل : لكنه جلس؟ الشيخ : خطأ أخطأ السائل : لكنه بنية الجلوس؟ الشيخ : أخطأ، ليس في محله، وهو أيضاً للرفع من السجود ليقوم، وجلس، فتبين أنه هذا الجلوس في غير محله، إذن فالتكبير يكون للرفع من السجود.
السائل : التكبير بارك الله فيك للغضب، غضب النبي صلى الله عليه وسلم لما عرف أنه أخل بشيء في العبادة؟ الشيخ : هو كأنه مغضب كأنه غضبان. السائل : ألا يكون هذا مدخل للمؤوّلة بحيث أنهم يقولون أن الحديث لا يدل على ذلك؟ الشيخ : كيف ما يدل ، كان مُغضباً، وفي بعض الألفاظ : غضبان. السائل : يقولون: قد يكون الغضب هذا قبل الصلاة فيكون انشغل في الصلاة. الشيخ : ما الأصل؟ أنه طارئ أم سابق؟ طارئ، لا شك، لأنه لو كان سابقاً لكان من حين دخل عرفوا أنه غضبان.
وحدثني حجاج بن الشاعر حدثنا هارون بن إسماعيل الخزاز حدثنا علي وهو بن المبارك حدثنا يحيى حدثنا أبو سلمة حدثنا أبو هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى ركعتين من صلاة الظهر ثم سلم فأتاه رجل من بنى سليم فقال يا رسول الله أقصرت الصلاة أم نسيت وساق الحديث
القارئ : وحدثني حجاج بن الشاعر حدثنا هارون بن إسماعيل الخزاز حدثنا علي وهو بن المبارك حدثنا يحيى حدثنا أبو سلمة حدثنا أبو هريرة ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى ركعتين من صلاة الظهر ثم سلم فأتاه رجل من بنى سليم فقال : يا رسول الله أقصرت الصلاة أم نسيت ) وساق الحديث. الشيخ : اللفظ الذي قبله أنه صلاة العصر جزماً، وهذا صلاة الظهر، وكأن هذا والله أعلم هو السبب أن سفيان قال : إحدى صلاتي العشي، جمعاً بين الروايتين.
وحدثني إسحاق بن منصور أخبرنا عبيد الله بن موسى عن شيبان عن يحيى عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال بينا أنا أصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الظهر سلم رسول الله صلى الله عليه وسلم من الركعتين فقام رجل من بني سليم واقتص الحديث
القارئ : وحدثني إسحاق بن منصور أخبرنا عبيد الله بن موسى عن شيبان عن يحيى عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال : ( بينا أنا أصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الظهر سلم رسول الله صلى الله عليه وسلم من الركعتين فقام رجل من بني سليم ) واقتص الحديث.
وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب جميعا عن بن علية قال زهير حدثنا إسماعيل بن إبراهيم عن خالد عن أبي قلابة عن أبي المهلب عن عمران بن حصين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى في ثلاث ركعات ثم دخل منزله فقام إليه رجل يقال له الخرباق وكان في يديه طول فقال يا رسول الله فذكر له صنيعه وخرج غضبان يجر رداءه حتى انتهى إلى الناس فقال أصدق هذا قالوا نعم فصلى ركعة ثم سلم ثم سجد سجدتين ثم سلم
القارئ : وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب جميعا عن بن علية قال زهير حدثنا إسماعيل بن إبراهيم عن خالد عن أبي قلابة عن أبي المهلب عن عمران بن حصين : ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى في ثلاث ركعات ثم دخل منزله فقام إليه رجل يقال له الخرباق وكان في يديه طول فقال يا رسول الله فذكر له صنيعه وخرج غضبان يجر رداءه حتى انتهى إلى الناس فقال : أصدق هذا ؟ قالوا نعم فصلى ركعة ثم سلم ثم سجد سجدتين ثم سلم ). الشيخ : ظاهر هذا السياق أن هذه قصة ثانية غير قصة أبي هريرة، ولا مانع من أن يكون الذي نبهه في القصة الأولى ذو اليدين، وكذلك في القصة الثانية، ولكن قول أبي هريرة : فنُبِّئتُ أن عمران بن حصين قال : ثم سلم لما ذكر السجدتين، يوحي بأن القصة واحدة، وحينئذ يقع إشكال، إشكال كبير، أولا : أن هذا ذكر أنها صلاة العصر، وهذا سهل، إذ يمكن الجمع بينه وبين حديث أبي هريرة أن أبا هريرة قال فيه : الحديث جاء فيه أنه إحدى صلاتي العشي، والعصر صالحة لأن تكون هي، هذا الإشكال انفككنا منه، الإشكال الثاني : أنه سلم في ثلاث ركعات، وفي حديث أبي هريرة : أنه سلم في ركعتين، وهذا يحتاج إلى الجمع بينهما، ثالثاً : في حديث عمران : أنه دخل البيت، قام ودخل بيته، وفي حديث أبي هريرة أنه لم يخرج من المسجد، لكنه تقدم إلى خشبة معروضة واتكأ عليها إلخ. وهذا الاختلاف البين يرجّح أنهما قضيتان، ويُجاب عن قوله : نبئت أن عمران بن حصين قال : ثم سلم يعني : في مثل هذه القضية، لا فيها نفسها، ويزول الإشكال، وذلك لأن المخالفات بين حديث عمران وحديث أبي هريرة مخالفات جوهرية وقوية فحمله على تعدد القضية أولى من محاولة الجمع على وجه مستكره. وفي هذا الحديث من الفوائد زيادة على ما سبق : أن الكلام بعد السلام ناسياً لا يبطل الصلاة، ولو كان كلام آدميين، لأن النبي صلى الله عليه وسلم تكلم وذا اليدين تكلم، والصحابة تكلموا، لكن يُقال : لماذا لم يُبطل الصلاة؟ نقول : لأنهم تكلموا وهم يعتقدون أن الصلاة قد تمت، ولهذا كان يسألهم الرسول، فإن قال قائل : إن النبي صلى الله عليه وسلم سألهم أصدق ذو اليدين؟ فقالوا نعم، بعد أن علموا أن الصلاة لم تتم، فالجواب : أنه قد ورد في هذا الحديث أن بعضهم أومأ وبعضهم تكلم قال : نعم، فأما الذي أومأ فلا إشكال أن الإيماء لا يبطل الصلاة، وأما الذين تكلموا فتكلموا بناءً على أنهم لا يعلمون أن الكلام في مثل هذا الحال يبطل الصلاة، فيُعذرون بجهلهم. وفي هذا الحديث من الفوائد أيضاً : أنه لا يمنع بناء الصلاة بعضها على بعض الخروج من المسجد، لكن هل يُشترط أن يكون الرجوع بعد مدة قصيرة، أو إذا لم يذكر إلا بعد مدة طويلة فإنه يبني؟ جمهور العلماء على أنه لا بد أن يكون تذكره في مدة قصيرة، لاشتراط الموالاة، وأنه لو طال الوقت فإنه لا بد من استئناف الصلاة، ومن العلماءؤ من قال: يبني ولو طالت المدة، لكن على الاحتياط لا يبني إذا طالت المدة، والمرجع في ذلك إلى العرف.
السائل : ... لمصلحة الصلاة في نفسها وخارج الصلاة . الشيخ : نعم، إذا تكلم لمصلحة الصلاة في نفس الصلاة بطلت صلاته، إلا إذا تكلم بما لا يُبطلها، كما لو تلى آية يفهم الإمام منها ما حصل فهذا لا بأس به. السائل : لكن كلام الرسل والصحابة كله في مصلحة الصلاة؟ الشيخ : لكن بعد أن سلموا منها، لأن الرسول عليه الصلاة والسلام سلم ظناً منه أنها تمت . السائل : ... أن الرسول صلى الله عليه وسلم أقرهم على ذلك. الشيخ : إلى الآن في مراجعة، ليسوا في نفس الصلاة، فلو فرضنا أن الإمام قام من السجدة الأولى إلى الركعة التي تليها، وقالوا : سبحان الله فلم يفهم، هل نقول له : إنك لم تسجد السجدة الثانية؟ لا نقول هذا، لكن ربما نشير عليه يعني نقرأ آية تدل على هذا، مثل: (( اسجد واقترب ))، (( كلا لا تطعه واسجد واقترب )).
قوله :( فصلى ركعة ثم سلم ثم سجد سجدتين ثم سلم ) هل هذا غير حديث ذو اليدين.؟
السائل : ذكر الإمام ... قال واحد ذو الشمالين، والآخر ذو اليدين ؟ الشيخ : نحن ذكرنا أن الذي يظهر أنهما قضيتان. السائل : قال الزهري : حديث ذي اليدين منسوخ، لأنه ذكر ذو اليدين ... ، وأبو هريرة ... . الشيخ : نعم، لا يهمنا هذا.
الشيخ : طيب : في حديث عمران بن حصين: خرج غضبان يجر رداءه: هل معناه أنه كان لابسه فيجره؟ أم أنه كان بيده يجره ثم لبسه بعد؟ الظاهر الثاني، لأن الرداء إذا لُبس لا يُجر، لأنه لا يصل إلى الأرض.
وحدثنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا عبد الوهاب الثقفي حدثنا خالد وهو الحذاء عن أبي قلابة عن أبي المهلب عن عمران بن الحصين قال سلم رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثلاث ركعات من العصر ثم قام فدخل الحجرة فقام رجل بسيط اليدين فقال أقصرت الصلاة يا رسول الله فخرج مغضبا فصلى الركعة التي كان ترك ثم سلم ثم سجد سجدتي السهو ثم سلم
القارئ : وحدثنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا عبد الوهاب الثقفي حدثنا خالد وهو الحذاء عن أبي قلابة عن أبي المهلب عن عمران بن الحصين قال : ( سلم رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثلاث ركعات من العصر ثم قام فدخل الحجرة فقام رجل بسيط اليدين فقال أقصرت الصلاة يا رسول الله فخرج مغضبا فصلى الركعة التي كان ترك ثم سلم ثم سجد سجدتي السهو ثم سلم ). الشيخ : قوله : بسيط اليدين يعني: طويلهما، يعني البسط هو التطويل، أو الطول، كما في القرآن الكريم أن الله تعالى : (( يبسط الرزق لمن يشاء ويقتر ))، يعني يضيِّق، وما اشتهر عُرفاً بين الناس اليوم من قولهم هذا بسيط : يعني قليلاً أو صغيراً أو نحو ذلك غلط من حيث اللغة العربية، لأن البسيط هو الواسع.
حدثني زهير بن حرب وعبيد الله بن سعيد ومحمد بن المثنى كلهم عن يحيى القطان قال زهير حدثنا يحيى بن سعيد عن عبيد الله قال أخبرني نافع عن بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ القرآن فيقرأ سورة فيها سجدة فيسجد ونسجد معه حتى ما يجد بعضنا موضعا لمكان جبهته
القارئ : حدثني زهير بن حرب وعبيد الله بن سعيد ومحمد بن المثنى كلهم عن يحيى القطان قال زهير حدثنا يحيى بن سعيد عن عبيد الله قال أخبرني نافع عن ابن عمر : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ القرآن فيقرأ سورة فيها سجدة فيسجد ونسجد معه حتى ما يجد بعضنا موضعا لمكان جبهته ). الشيخ : هذا فيه دليل على مشروعية سجود التلاوة، وسجود التلاة هو الذي سببه التلاوة، ولكنه ليس مجرد التلاوة يكون سبباً، بل مواضع السجود في القرآن محددة معروفة، في بعض الآيات يَمر ذكر السجدة ولا يُشرع السجود، مثل قوله : (( فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين، واعبد ربك حتى يأتيك اليقين )) هذه ما فيها سجود، فسجود التلاوة محدد توقيفي، فيها أحاديث وقد جُمعت وكُتبت ووزعناها على الطلبة سابقاً، ولا أدري توجد الآن أو لا، توجد؟ الحمد لله. هذا السجود اختلف العلماء أولاً في مشروعيته هل هو مشروعية وجوب أو مشروعية استحباب؟ فذهب شيخ الإسلام رحمه الله إلى أن السجود واجب، وأن من لم يسجد فهو آثم، لأن الله ذم من لم يفعل في قوله : (( وإذا قُرء عليهم القرآن لا يسجدون ))، فهذا ذم، (( فما لهم لا يؤمنون وإذا قُرء عليهم القرآن لا يسجدون ))، وذهب أكثر العلماء إلى أنها -أي سجدة التلاوة- مستحبة، وهو الصحيح، أنها مستحبة، لأنه ثبت أن زيد بن ثابت قرأ على النبي صلى الله عليه وسلم سورة النجم فلم يسجد فيها زيد، فلو كان السجود واجباً ما أقره النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم على ترك السجود، وأما الآية فإما ان يُقال: (( فما لهم لا يؤمنون وإذا قُرء عليهم القرآن لا يسجدون ))، لأنهم كفار، حيث قال : (( لا يؤمنون ))، أو يقال : إن المراد بالسجود هنا ما هو أعم من الهيئة المعروفة، وأنه سجود التذلل، كقوله تعالى : (( ولله يسجد من في السماوات والأرض ))، وذكر الله تعالى: الشمس والقمر والنجوم والجبال وكثير من الناس، وهذا أقرب للصواب، أن المراد بقوله : (( لا يسجدون )) أي : لا يتذللون لما جاء في القرآن. المسألة الثانية : هل هذا السجود حكمه حكم الصلاة، بحيث يُشترط له ما يشترط للصلاة من الطهارة، والستارة، واستقبال القبلة، والتسبيح، وما أشبه ذلك؟ أو هو سجودٌ مُستقل ليس له حكم الصلاة، في هذا أيضاً خلاف بين العلماء منهم من قال : إنه صلاة، وقال : لا بد أن يُكبر إذا سجد، ويسبح، ويكبر إذا قام، ويُسلم، ولكن اختار شيخ الإسلام رحمه الله أنه ليس بصلاة، وأنه سجودٌ مجرّد يُقصد به التذلل، واستدل لذلك بأن النبي صلى الله عليه وسلم في سورة النجم، وسجد معه المسلمون والمشركون، والمشرك لا تُقبل منه الصلاة ، وأيضاً لم يثبت أنه عليه الصلاة والسلام كان يكبر للسجود ويسلم، وهذا يدل على أنه ليس بصلاة، وما ذهب إليه رحمه الله هو الصحيح -أنه ليس بصلاة-، يعني ليس له حكم الصلاة، لكن لا شك أنه لا ينبغي أن يُقال : اسجد ولو كانت القبلة خلف ظهرك، أو يُقال : اسجد ولو كنت على غير وضوء، فإن الإنسان لا يجرأ أن يُقال هذا، وإن كان شيخ الإسلام رحمه الله يقول بذلك، لكن الإنسان يتهيَّب أن يسجد لله وهو قد ولّى بيته دُبُرَه، أو يسجد لله على غير طهارة، أو على غير ستارة. المسألة الثالثة : هل يُكبر أو لا يُكبر؟ قلنا في معرض سياقنا لقول شيخ الإسلام رحمه الله أنه لا يكبر، لكن قد روى أهل السنن حديثاً عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يكبر إذا سجد فقط، لا إذا رفع، ولا يسلم، إذن ليس فيها إلا تكبير السجود يعني الهوي فقط، وليس فيها تسليم، إلا إذا كانت السجدة في الصلاة، فلا بد من التكبير إذا سجد وإذا رفع، لأن الذين وصفوا صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكروا أنه كان يكبر كلما خفض وكلما رفع، ومن المعلوم أنه عليه الصلاة والسلام يقرأ آية السجد في في الصلاة ويسجد فيها، ولم يستثنوا سجود التلاوة، فدل ذلك على أنه لا بد من التكبير عند السجود وعند الرفع إذا كان ذلك في أثناء الصلاة. السألة الخامسة : هل يسجد في أوقات النهي؟ الجواب على هذا سهل : إن قلنا إنها ليس لها حكم الصلاة فليسجد، لأن النهي عن الصلاة لا عما سواها، وإذا قلنا إنها صلاة ينبني السجود في أوقات النهي على الخلاف في جواز النافلة ذات السبب، فإذا قلنا بجواز النافلة ذات السبب جاز أن يسجد وقت النهي، وإذا قلنا لا فإنه لا يسجد وقت النهي، والمذهب عند الحنابلة أنه لا يسجد للتلاوة وقت النهي، لأن سجود التلاوة صلاة وصلاة النافلة لا تجوز وقت النهي، ولكن الصحيح أنه يسجد للتلاوة، في أي وقت يتلو، سواء في أوقات النهي أو في غير أوقات النهي. طيب المسألة السادسة في سجود التلاوة : هل يسجد السامع، والمستمع، وهل إذا قلنا بالسجود أنهما يسجدان وإن لم يسجد التالي أو لا؟ نقول : السامع لا يسجد، لأن السامع لا يُشارك القارئ في الأجر، والمستمع يسجد لكن إذا سجد القارئ، ويدل لذلك أن أسامة بن زيد لما لم يسجد لم يسجد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ولأنه -أي القارئ- هو الأصل، فهو إمام المستمع، فإذا لم يسجد الإمام لم يسجد التابع، وهذا هو الصحيح، لكن قد تقولون : ما الفرق بين السامع والمستمع؟ السامع : الذي يشتغل لنفسه بقراءة أو صلاة أو غيرها ويسمع شخصاً يقرأ القرآن ويمر بسجدة، والمستمع هو الذي يُصغي إليه، ويُنصت إليه ويُتابعه بقلبه. السائل : لكن قول ابن عمر : حتى لا يجد بعضنا موضعاً لمكان جبهته، ويش معناها يا شيخ؟ الشيخ : الظاهر أنها مبالغة، مبالغة ولوصف ضيق المكان. السائل : أما يدل يا شيخ على أنهم كانوا حلقة ؟ الشيخ : فيه احتمال أنهم كانوا حلقة وأنهم تقابلت رؤوسهم، هذا يدل على جواز أن استقبال القبلة ليس بشرط لكنه ليس يقيناً لا يحتمل الأمر سواه وإلا لكان الأمر واضح.
السائل : يا شيخ كأن هذه الليلة بك وعكة؟ الشيخ : أبداً ، ليس في وعكة، والحمد لله، يدي باردة وكل جسمي بارد والحمد لله. أريد أن أعلمكم فائدة : الإنسان إذا ركن إلى الكسل يكسل، لأن النفس تنفعل، وإذا استعان بالله وتنشط يمكن أن يزول ما أحس به وينساه، ألم أبلغكم قصة معلم الكتاتيب، قال بعض الأولاد لبعض : اليوم ودّنا لا ندرس، قالوا : إيش الطريق؟ قالوا : أنت قل إذا دخل العم قل: يا عم عسى ما شر؟ وجهك اليوم متغير، قالوا طيب ، دخل الأول : قالوا: يا عم عسى ما شر وجهك اليوم متغير ، قال : بس اقعد اقعد ليس بي إلا العافية، دخل الثاني ، قال : يا عم عسى ما شر وجهك اليوم متغيير، لا تكلف نفسك، قال: اقعد -لكنها أقل لهجة من الأولى- كانه دخله الوسواس-، دخل الثالث فقال : يا عم وجهك اليوم متغير، ارفق بنفسك، إن لنفسك عليك حقاً، ونحن لا يضرنا إن شاء الله يوم لوتأخرنا ندركه فيما يأتي من أيام، قال : والله شهد شاهدان من قبلك، لكن اطلعوا، في أمان الله، فالإنسان إذا كسل أو تصور الشيء فإنه يقع، لكن إذا استعان بالله.
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا محمد بن بشر حدثنا عبيد الله بن عمر عن نافع عن بن عمر قال ربما قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن فيمر بالسجدة فيسجد بنا حتى ازدحمنا عنده حتى ما يجد أحدنا مكانا ليسجد فيه في غير الصلاة
القارئ : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا محمد بن بشر حدثنا عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال : ( ربما قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن فيمر بالسجدة فيسجد بنا حتى ازدحمنا عنده حتى ما يجد أحدنا مكانا ليسجد فيه في غير الصلاة ). الشيخ : قوله : في غير الصلاة أي أن السجود مستقل، ليس هذا في الصلاة ،فيه دليل على أن سجود التلاوة تصح فيه الجماعة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسجد بهم، وهو كذلك، ولكن هل لا بد من مراعاة الصفوف، وألا يتقدم المأموم على الإمام، هذا ينبني على الخلاف هل سجود التلاوة صلاة أو لا، فإن قلنا إنه صلاة فلا بد من مراعاة ذلك، وإن قلنا إنه ليس بصلاة فالأمر في ذلك واسع، نعم. القارئ : حدثنا محمد بن المثنى ومحمد بن بشار قالا : حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن أبي إسحاق قال سمعت الأسود يحدث عن عبد الله ( عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قرأ والنجم فسجد فيها وسجد من كان معه غير أن شيخا أخذ كفا من حصى أو تراب فرفعه إلى جبهته وقال : يكفيني هذا، قال عبد الله : لقد رأيته بعد قتل كافرا ).