شرح باب الذكر بعد الصلاة
الطالب : ذكرنا أن الناس في يوم الجمعة كأنهم محبوسين عن البيع، فإذا قضيت الصلاة فكان يناسب كأنه يُفرج عنهم ويذهبوا للبيع إن شاؤوا، أما في الصلاة فهم قد خرجوا من الصلاة إلى ذكر الله عز وجل.
الشيخ : صحيح، المقام يقتضي هكذا، لأنهم أمروا أذا سمعوا النداء الجمعة أن يسعوا إلى ذكر الله ويذروا البيع، فكأنه إذا قضيت الصلاة فُرِّج عنهم وأذن لهم بالبيع، ولهذا قال بعد ذلك : (( واذكروا الله كثيراً ))، يعني : لا يشغلكم البيع ذكر الله.
الشاهد قوله : كنا نعرف انقضاء صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتكبير ، يعني هل المراد بالتكبير المقرون بالتسبيح والتحميد، أو يُقال إنه تكبير غير مقرون؟ يحتمل هذا وهذا، ولهذا بعض الإخوان قال : إنه تكبير مطلق غير المقرون بالتحميد والتسبيح، فكانوا إذا سلموا رفعوا أصواتهم بالتكبير، قالوا : الله أكبر الله أكبر الله أكبر ، ثم استغفروا وقالوا: الله أنت السلام، ولكن الظاهر أنه يبدأ بالاستغفار قبل كل شيء، ثم باللهم أنت السلام ومنك السلام، ثم يسبح، وإذا بدأ بالتكبير عند تسبيحه صار موالياً للصلاة أي : ليس بينه وبين انقضاء الصلاة إلا الشيء اليسير، ويحتمل أيضاً أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يبدأ بالتسبيح كما هو المعروف، التسبيح ثم التحميد ثم التكبير، لكن يرفع صوته بالتكبير أكثر، فيسمعه من كان بعيداً.
حدثنا بن أبي عمر حدثنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن أبي معبد مولى بن عباس أنه سمعه يخبر عن بن عباس قال ما كنا نعرف انقضاء صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بالتكبير قال عمرو فذكرت ذلك لأبي معبد فأنكره وقال لم أحدثك بهذا قال عمرو وقد أخبرنيه قبل ذلك
الشيخ : كيف تكون المسألة إذا كان الشيخ أنكر رواية التلميذ فمن نصدق ؟ نقول إذا كان التلميذ ثقة فإننا نصدقه أعرفتم ؟ لاحتمال أن يكون الشيخ نسي لكن كان على الشيخ إذا نسي أن يقول لا أذكر هذا والمشكل إذا أنكره وقال لم أحدثك بهذا نفيا جازما فهل يقال : إن التلميذ ترد روايته بأن مقتضى إنكار شيخه أن يكون قد افترى عليه والافتراء على الشيخ ولا سيما في حديث يسند إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لا شك أنه من الكبائر لكن يقال إن الأول هو الأغالب وهو أن الشيخ قد ينسى وكونه أنكره بلفظ لم أحدثك يرد حتى فيمن نسي يكون عنده في تلك الساعة جزم على أنه لم يحدث فيقول لم أحدثك لكن إذا كان الإنسان يعرف من نفسه النسيان وحدث أنه قال كذا أو فعل كذا فالأولى أن يقول لا أذكر لأنه ربما يتذكر ويذكر اللفظ الثالث.
2 - حدثنا بن أبي عمر حدثنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن أبي معبد مولى بن عباس أنه سمعه يخبر عن بن عباس قال ما كنا نعرف انقضاء صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بالتكبير قال عمرو فذكرت ذلك لأبي معبد فأنكره وقال لم أحدثك بهذا قال عمرو وقد أخبرنيه قبل ذلك أستمع حفظ
حدثنا محمد بن حاتم أخبرنا محمد بن بكر أخبرنا بن جريج ح قال وحدثني إسحاق بن منصور واللفظ له قال أخبرنا عبد الرزاق أخبرنا بن جريج أخبرني عمرو بن دينار أن أبا معبد مولى بن عباس أخبره أن بن عباس أخبره أن رفع الصوت بالذكر حين ينصرف الناس من المكتوبة كان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأنه قال قال بن عباس كنت أعلم إذا انصرفوا بذلك إذا سمعته
الشيخ : " ح " يعني: التحول من سند إلى آخر، وليس معنى ح حديث، لا هي كلها أحاديث.
القارئ : قال وحدثني إسحاق بن منصور واللفظ له قال أخبرنا عبد الرزاق أخبرنا بن جريج أخبرني عمرو بن دينار أن أبا معبد مولى ابن عباس أخبره ( أن ابن عباس أخبره أن رفع الصوت بالذكر حين ينصرف الناس من المكتوبة كان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأنه قال : قال ابن عباس : كنت أعلم إذا انصرفوا بذلك إذا سمعته ).
هذا السياق وهذا اللفظ أحسن الألفاظ، لأنه
الشيخ : قال: كان رفع الصوت بالذكر، وهذا عام، كان رفع الصوت بالذكر يشمل التكبير وغيره.
حين ينصرف الناس من المكتوبة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، قال ابن عباس :كنت أعلم إذا انصرفوا بذلك إذا سمعته : يوهم هذا الحديث أن ابن عباس رضي الله عنهما لا يسمع التسليم - أي تسليم النبي صلى الله عليه وسلم، وكأنه لا يسمعه لبُعده لكنّ أصوات الذكر حيث تمتد من الصف الأول إلى آخر الصف تكون بيِّنة واضحة، فيعرف انقضاء الصلاة بلك، وإلا فمن المعلوم أن النبي صلى اله عليه وسلم كان يجهر بالتكبير والتسليم، ويدل لهذا قصة مرضه صلوات الله وسلامه عليه، حين جاء وصف إلى جنب أبي بكر، فكان يكبر ويكبر أبو بكر بتكبيره لأجل أن يُبلغ الناس، فهذا مما يدل على أن المشروع في حق الإمام أن يرفع صوته بالتكبير.
3 - حدثنا محمد بن حاتم أخبرنا محمد بن بكر أخبرنا بن جريج ح قال وحدثني إسحاق بن منصور واللفظ له قال أخبرنا عبد الرزاق أخبرنا بن جريج أخبرني عمرو بن دينار أن أبا معبد مولى بن عباس أخبره أن بن عباس أخبره أن رفع الصوت بالذكر حين ينصرف الناس من المكتوبة كان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأنه قال قال بن عباس كنت أعلم إذا انصرفوا بذلك إذا سمعته أستمع حفظ
قراءة من الشرح
وحدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا ليث، عن خير بن نعيم الحضرمي، عن ابن هبيرة، عن أبي تميم الجيشاني، عن أبي بصرة الغفاري، قال : ( صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم العصر بالمخمص، فقال : إن هذه الصلاة عرضت على من كان قبلكم فضيعوها، فمن حافظ عليها كان له أجره مرتين، ولا صلاة بعدها حتى يطلع الشاهد )، والشاهد : النجم.
وحدثني زهير بن حرب، حدثنا يعقوب بن إبراهيم، حدثنا أبي، عن ابن إسحاق، قال : حدثني يزيد بن أبي حبيب، عن خير بن نعيم الحضرمي، عن عبد الله بن هبيرة السبائي وكان ثقة، عن أبي تميم الجيشاني، عن أبي بصرة الغفاري، قال : صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم العصر بمثله ".
الشيخ : لا بد من النظر في السند، وإلا إن صح السند فهو شاذ متناً، لأن فعل النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي المغرب إذا وجبت، يعني الشمس.
السائل : ذكر الطحاوي أنه كان آخر الأمر من الرسول صلى الله عليه وسلم أنه ليس من كلام الرسول؟
الشيخ : لكن الحديث ، اقرأ واضح أنه من كلام الرسول.
السائل : والشاهد النجم كأنها مُدرجة وكأنها ليست من كلام النبي صلى الله عليه وسلم.
الشيخ : لا يخالف، الشاهد النجم يمكن أن تكون تفسيراً من الراوي، لكن قوله : حتى يطلع الشاهد لا يستقيم، لأنه لو قال حتى يغرب نقول: يمكن أن يريد بالشاهد الشمس.
السائل : لكن يمكن أن تكون مدرجة كما قال الحديث. يقول : ( صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم العصر بالمخمص، فقال: إن هذه الصلاة عرضت على من كان قبلكم فضيعوها، فمن حافظ عليها كان له أجره مرتين، ولا صلاة بعدها حتى يطلع الشاهد )، والشاهد : النجم. يمكن أن يكون يا شيخ كلها مدرجة؟
الشيخ : مشكلة، ولا صلاة بعدها، الأصل عدم الإدراج،
الطالب : يُنظر في الإلزامات والتتبع للدارقطني.
الشيخ : تقوم به أنت؟ طيب.
باب استحباب التعوذ من عذاب القبر
حدثنا هارون بن سعيد وحرملة بن يحيى قال هارون حدثنا وقال حرملة أخبرنا بن وهب أخبرني يونس بن يزيد عن بن شهاب قال حدثني عروة بن الزبير أن عائشة قالت دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وعندي امرأة من اليهود وهي تقول هل شعرت أنكم تفتنون في القبور قالت فارتاع رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال إنما تفتن يهود قالت عائشة فلبثنا ليالي ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم هل شعرت أنه أوحي إلي أنكم تفتنون في القبور قالت عائشة فسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد يستعيذ من عذاب القبر
6 - حدثنا هارون بن سعيد وحرملة بن يحيى قال هارون حدثنا وقال حرملة أخبرنا بن وهب أخبرني يونس بن يزيد عن بن شهاب قال حدثني عروة بن الزبير أن عائشة قالت دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وعندي امرأة من اليهود وهي تقول هل شعرت أنكم تفتنون في القبور قالت فارتاع رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال إنما تفتن يهود قالت عائشة فلبثنا ليالي ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم هل شعرت أنه أوحي إلي أنكم تفتنون في القبور قالت عائشة فسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد يستعيذ من عذاب القبر أستمع حفظ
وحدثني هارون بن سعيد وحرملة بن يحيى وعمرو بن يخلو قال حرملة أخبرنا وقال الآخران حدثنا بن وهب أخبرني يونس عن بن شهاب عن حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك يستعيذ من عذاب القبر
7 - وحدثني هارون بن سعيد وحرملة بن يحيى وعمرو بن يخلو قال حرملة أخبرنا وقال الآخران حدثنا بن وهب أخبرني يونس عن بن شهاب عن حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك يستعيذ من عذاب القبر أستمع حفظ
حدثنا زهير بن حرب وإسحاق بن إبراهيم كلاهما عن جرير قال زهير حدثنا جرير عن منصور عن أبي وائل عن مسروق عن عائشة قالت دخلت علي عجوزان من عجز يهود المدينة فقالتا إن أهل القبور يعذبون في قبورهم قالت فكذبتهما ولم أنعم أن أصدقهما فخرجتا ودخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت له يا رسول الله إن عجوزين من عجز يهود المدينة دخلتا علي فزعمتا أن أهل القبور يعذبون في قبورهم فقال صدقتا إنهم يعذبون عذابا تسمعه البهائم قالت فما رأيته بعد في صلاة إلا يتعوذ من عذاب القبر
8 - حدثنا زهير بن حرب وإسحاق بن إبراهيم كلاهما عن جرير قال زهير حدثنا جرير عن منصور عن أبي وائل عن مسروق عن عائشة قالت دخلت علي عجوزان من عجز يهود المدينة فقالتا إن أهل القبور يعذبون في قبورهم قالت فكذبتهما ولم أنعم أن أصدقهما فخرجتا ودخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت له يا رسول الله إن عجوزين من عجز يهود المدينة دخلتا علي فزعمتا أن أهل القبور يعذبون في قبورهم فقال صدقتا إنهم يعذبون عذابا تسمعه البهائم قالت فما رأيته بعد في صلاة إلا يتعوذ من عذاب القبر أستمع حفظ
حدثنا هناد بن السري حدثنا أبو الأحوص عن أشعث عن أبيه عن مسروق عن عائشة بهذا الحديث وفيه قالت وما صلى صلاة بعد ذلك إلا سمعته يتعوذ من عذاب القبر
9 - حدثنا هناد بن السري حدثنا أبو الأحوص عن أشعث عن أبيه عن مسروق عن عائشة بهذا الحديث وفيه قالت وما صلى صلاة بعد ذلك إلا سمعته يتعوذ من عذاب القبر أستمع حفظ
فوائد
هذه الأحاديث فيها فوائد، هو حديث واحد لكن بألفاظ مختلفة لكن فيه فوائد منها :
أن اليهود كانوا يعلمون ويؤمنون بفتنة القبر، بدليل أن هذا العلم حتى عند عجائزهم ونسائهم.
ومنها : أنه قد يكون عند المفضول ما ليس عند الفاضل من العلم، فالرسول عليه الصلاة والسلام لما أخبرته عائشة ارتاع، وقال : ( إنما تُفتن اليهود )، فحمل النبي صلى الله عليه وسلم الفتنة التي تحدَّثت عنها هذه المرأة على أنها من خصائص اليهود، لأنه لم يُنزَل عليه فيها شيء.
ومنها : أن معلومات النبي صلى الله عليه وسلم تتجد ولا علم له في الغيب إلا ما علمه الله عز وجل، لأنه بعد ذلك قال : هل شعرت أنه أوحي إليَّ أنكم تُتنون في القبور؟
ومنها : أن الناس يُفتنون في قبورهم، والفتنة الإختبار ،أي يُختبرون، وبأي شيء يُفتنون؟ يُفتنون بثلاثة أمور، من ربّك ،وما دينك، وما نبيك، وعلى هذه الثلاثة بنى الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله، بنى رسالةً صغيرة سماها : الأصول الثلاثة.
ومنها : إثبات عذاب القبر، كما هو صريحٌ في ذلك، وعذاب القبر هل يكون على الروح أو على البدن أو عليهما جميعاً؟ نقول : هو على الروح، لكن ربما تتصل بالبدن فيناله بعض الشيء من النعيم أو العذاب، والدليل على هذا : أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن الكافر يُضيَّق عليه القبر حتى تختلفَ أضلاعه، وهذا العذاب على البدن، هو الذي به الأضلاع، وتختلف من شدة الضيق والعياذ بالله.
فإن قال قائل : لماذا يُفتن الإنسان في قبره وهو قد مات على الإيمان؟ نقول: لأن من الناس من يموت على الإسلام ظاهراً لكنه منافق، ولهاذا إذا سئل يقول: ها ها لا أدري، سمعت الناس يقولون شيئاً فقلته، لأن الإيمان -نسأل الله السلامة والعافية- لم يصل إلى قلبه، نسأل الله أن لا يزيغ قلوبنا وأن يدخل الإيمان فيها.
هذا واحد ، أما الثاني : أن من الناس الذين ظهر صدقهم ويقينهم من لا يُسأل مثل : الشهداء فإنهم لا يُسألون، كما جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وأن بارقة السيوف على رأسه هي أعظم فتنة وامتحان، ومنها أيضاً : أن الأنبياء لا يُسألون، لأن الأنبياء أعظم درجةً من الأنبياء، ولأن السؤال عنهم فلا يُسألون.
كذلك من مات مُرابطاً في سبيل الله فإنه لا يُسأل لصدق إيمانه لما ظهر عمله.
ومن فوائد هذا الحديث : أن الرسول عليه الصلاة والسلام صار لا يصلي صلاتاً بعد هذا الحديث إلا تعوَّذ بالله من عذاب القبر، ولكن متى؟ في السجود؟ بين السجدتين؟ في التشهد؟ سيأتينا إن شاء الله في هذا الكتاب أن موضع هذا التعوُّذ في التشهد الأخير.
السائل : ... .
الشيخ : ما فيه شك، الإنسان على ما شب عليه، ولهذا على الإنسان أن يديمه -يديم الذكر- ذكر الله عز وجل، حتى يختم له به، وذكر ابن القيم في الجواب الكافي أن رجلاً من التجار كان يتعامل في الربا ويرابي، فلما حضرته الوفاة جعلوا يلقنونه الشهادة وهو يقول : العشرة بإحدى عشر، العشرة بإحدى عشر، نسأل الله العافية.
طيب في الحديث أيضاً من الفوائد : أن يُكذّب الإنسان أخبار بني إسرائيل، لأن عائشة قالت : فكذبتهما. وأخبار بني إسرائيل تنقسم إلى ثلاثة أقسام : الأول : ما عُلم تصديقه بشريعتنا، فهذا يجب تصديقه، لأن شريعتنا جاءت به، كما صدّق النبي صلى الله عليه وسلم الحبر - يعني العالم اليهودي - الذي قال : إنا نجد في التوراة أن الله يجعل السماوات على إصبع، والأرضين على إصبع ، والثرى على إصبع، وذكر تمام الحديث، فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه تصديقاً لقوله.
والثاني ما علمنا كذبه، فيجب علينا أن نكذبه ، يجب أن نكذبه، مثل كثير من الإسرائيليات التي تذكر في التفاسير، وحشّي منها في كثير من التفاسير مع الأسف كقصة داود عليه الصلاة والسلام أنه فتن بامرأة أحد الجنود ، وأنه طلبها ولم تتيسر فأرسل زوجها في إحدى المعارك لعله يُقتل فيتزوجها، هذه كذِبة، كذبة عظيمة شنيعة ، والعجيب أن رئيس اليهود هذه الأيام تكلم حول هذا الموضوع، فثارت عليه الثائرة من الحاخامات، كبارهم، ليش يطعن في الملك داود - هم أيضاً لا يرونه نبياً يرونه ملكا لكنهم يرونه ملكاً صالحاً - كيف يطعن فيه، ومع الأسف بعض كتب التفسير التي لنا للمسلمين يوجد فيها مثل هذه القصة، وهي قصة منكرة لا شك فيها.
فهذه يجب علينا أن نكذبها، أخبار بني إسرائيل التي يشهد شرعنا بكذبها يجب أن نكذَها .
الثالث : ما لم يرد شرعنا بتصديقه ولا بتكذيبه فنحن غير ملزمين بالتصديق ولا بالتكذيب، ولا سيمى أن نتحدث بذلك عنهم لا سيما إذا كان في ذلك مصلحة، لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال : ( لا تصدقوهم ولا تكذّبوهم )، فإن قيل : كيف كذبتهم عائشة رضي الله عنها ؟ فالجواب أن يقال: إما أنه لم يبلغه الخبر في قوله : ( لا تصدقوهم ولا تكذّبوهم )، أو أنها رأت أن هذا مما يُخالف شريعتنا فكذّبتهم.
وفي هذا دليل على أن عذاب القبر تسمعه البهائم، لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال : ( يُعذّبون عذاباً تسمعه البهائم )، كل بهيمة تسمعهم، حتى إن بعض البغال أو الخيل إذا مرّت بقبر يُعذب جفلت، لأنها تسمع هذا القبر يُعذّب نسأل الله العافية.
هل يستحب التعوذ من عذاب القبر في الصلاة.؟
الشيخ : نعم لأن الرسول ما أمر بذلك، بل كان يتعوذ هو بنفسه.
هل كل أمة تسأل عن نبيها وهل يسأل أهل الفترة والأطفال.؟
الشيخ : أما الصغار فالظاهر أنهم لا يُفتون الصغار تبعاً لأبائهم، وأما أهل الفترة فإنهم يُفتنون، حسب ما أراد الله عز وجل، وكل أمّة تُسأل عن رسول.
يمكن أن نأخذمن هذا الحديث أيضاً: تصديق الخبر من الكافر إذا كان حقّا، لقوله : ( صدقتا )، بل يُصدق الخبر إذا كان حقا ولو من الشيطان، لقول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث أبي هريرة : ( صدقك وهو كذوب ).
باب ما يستعاذ منه في الصلاة
حدثني عمرو الناقد وزهير بن حرب قالا حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد قال حدثنا أبي عن صالح عن بن شهاب قال أخبرني عروة بن الزبير أن عائشة قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يستعيذ في صلاته من فتنة الدجال
الشيخ : قولها : ( يستعيذ من فتنة الدجال )، الدجال : صيغة مبالغة من الدّجْل، أو نسبة صيغة نسبة، كالنجار لمن يمتهن النجارة، والحداد لمن يمتهن الدجل، ويكون الدجل صنعته، والحقيقة أن هذا الرجل -الدجال- جامعٌ بين الأمرين : فهو كثير الدجل والدجل أيضاً حرفته ومهنته.
يستعيذ النبي صلى الله عليه وسلم منه لأن فتنته أعظم فتنة تكون منذ آدم إلى قيام الساعة، فتنة عظيمة، وهو رجل من بني آدم أعور، كما وصفه النبيعليه الصلاة والسلام، مكتوبٌ بين عينيه : كافر، يقرؤها المؤمن وإن كان غير قارئ، وتغيب عن المنافق ولو كان قارئاً، ويُبعث من جهة المشرق بين الشام والعراق، ويتبعه من يهود أصبهان سبعون ألفاً، ويعيث في الأرض، ويسير فيها سريعاً كالغيث استدبرته الريح، ويمكث فيها أربعين سنة، يوم كسنة، ويوم كشهر، ويوم كأسبوع، وسائر أيامه كأيامنا، فإذا جمعنا هذه الأيام، الآن عندنا سنة وشهر، وأسبوع، يعني: سبعة وثلاثين يوما، سنة وسبعة وثلاثين يوما، وسبعة وثلاثين يوماً، لأنه راح ثلاثة أيام اليوم الأول كسنة، ويوم كشهر، ويوم كأسبوع، كم يكون؟ اربع وسبعون، سنة، وأربعة وسبعين يوماً، ثم ينزل عيسى عليه السلام في الشام، عند باب اللد، والشام في الأصل تشمل فَلَسْطِين، فيقتله هناك وينتهي شره.
14 - حدثني عمرو الناقد وزهير بن حرب قالا حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد قال حدثنا أبي عن صالح عن بن شهاب قال أخبرني عروة بن الزبير أن عائشة قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يستعيذ في صلاته من فتنة الدجال أستمع حفظ
بما أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر فتنة الدجال أليس من السهل أن تجتنب فتنته.؟
الشيخ : هو بارك الله فيك ينزل بالإنسان من الفتنة ما يذهله عما قيل، من شدة الهول، رجل يأمر السماء فتُمطر، والأرض فتنبت، وتصبح النعم تعود إلى أهلها أوفر ما تكون فروعاً وأكثر ما تكون لحماً ، وإذا لم يجبه أحد منع السماء أن تُمطر والأرض أن تنبت وأصبحوا منحولين، هذا الشيء يوجب من الإنسان أن يذهل وينسى، ولكن من ثبته الله ثبت، فهذا الشاب الذي يثبت ويقول : أشهد أنك أنت الدجال الذي أخبرنا عنك رسول الله يثبت، ويقتله، ويفرّق فرقتين ويمشي بينهما ويشاهده الناس، ثم يناديه فيقول : أقبل، فيُقبل يتهادى ثم يقتله في الثالثة يعجز عنه.
ثم إن بين يديه جنة ونار في رؤيا العين، فمن عصاه قذف به في النار ، ومن أطاعه قذف فيه في الجنة وهي في الحقيقة نار.
فالفتنة عظيمة.
السائل : قلت ... الذي يُقبل عليه وفعله مثل هذه الأشياء هل هو على سبيل الخيال أو الحقيقة؟
الشيخ : لا ، حقيقة.
السائل : ... .
الشيخ : الآيات لها شيء آخر، لها حكم خاص، كان عيسى يحيي الموتى بإذن الله، وصاحب البقرة أحياه الله، والذين خرجوا من بيوتهم وهم ألوف أحياهم الله، والذي مر على القرية أحياه الله، هذه مسائل خارجة عن العموم، تكون من آيات الله عز وجل.
السائل : في مسند أحمد أن عائشة تقول للنبي صلى الله عليه وسلم أن الدجال معه جبل من ... فقال : هو أهون من ذلك، مع أن الجنة والنار عند الرائي هي أعظم من الجبل، فكيف يكون أهون من ذلك؟
الشيخ : أراد ألا يقع في قلبها تعظيم هذا الدجال، وحدث به عن الجنة والنار في مقام آخر.
وحدثنا نصر بن علي الجهضمي وابن نمير وأبو كريب وزهير بن حرب جميعا عن وكيع قال أبو كريب حدثنا وكيع حدثنا الأوزاعي عن حسان بن عطية عن محمد بن أبي عائشة عن أبي هريرة وعن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا تشهد أحدكم فليستعذ بالله من أربع يقول اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم ومن عذاب القبر ومن فتنة المحيا والممات ومن شر فتنة المسيح الدجال
الشيخ : هذه زيادة على ما سبق : ( اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن شر فتنة المسيح الدجال )، فإن قال قائل : إذا أعيذ من عذاب جهنم ألا يعاذ من عذاب القبر؟ فالجواب: لا، قد يُعذب في القبر بقدر ذنوبه وتكون ذنوبه لا تحيط به فلا يدخل النار، فإن قال : أليس وقي من عذاب القبر وقي من عذاب النار؟ قلنا : لا، قد يوقى عذاب القبر وتؤخر العقوبة له حتى يلقى الله يوم القيامة.
وقوله : ( ومن فتنة المحيا والممات )، فتنة المحيا تدور على شيئين : شُبهة وشهوة، أما الشبهة : أن يلتبس الحق بالباطل عند الإنسان فلا يميز بين الحق والباطل، فيرتكب الباطل ويظنه حقاً، ويدع الحق ويظنه باطلاً، هذه فتة أيش؟ الشبهة. فتنة شهوة : أن يكون عنده علم ويميز لكن شهوته وإرادته - ويراد بالشهوة هنا ليس شهوة النكاح، الشهوة هنا الإرادة، عنده إرادة يريد ألا يتبع الحق، يعلم الحق فلا يتبعه ويعلم الباطل فلا يجتنبه، وهذه تقع كثيراً، وأيهما أشد الأولى أو الثانية؟ الشبهة أو الشهوة ؟ الشهوة أعظم، لأنها تصدر عن علم والعياذ بالله،، بخلفا الأول فإن الأول قد يتعلم ويستقيم.
وقوله : فتنة الممات : قيل إن المراد بفتنة الممات : الفتنة التي تكون بعد الموت وهي فتنة القبر، وعلى هذا لا إشكال، لأن العطف هنا عطف متغايرن، لأن فتنة المحيا قبل الممات بعد الموت، وقيل إن فتنة الممات التي تكون عند الموت، يعني آخر الحياة، وحينئذ يكون عطفها على ما سبق من باب عطف الخاص على العام، وخصها بالذكر لأنها أعظم خطراً مما سبقها، إذ أن تلك الساعة هي مفترق الطرق، إما أن يُختم له بخير، وإما أن يُختم له بشر.
16 - وحدثنا نصر بن علي الجهضمي وابن نمير وأبو كريب وزهير بن حرب جميعا عن وكيع قال أبو كريب حدثنا وكيع حدثنا الأوزاعي عن حسان بن عطية عن محمد بن أبي عائشة عن أبي هريرة وعن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا تشهد أحدكم فليستعذ بالله من أربع يقول اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم ومن عذاب القبر ومن فتنة المحيا والممات ومن شر فتنة المسيح الدجال أستمع حفظ
أسئلة
هل تستحسنون وضع ألواح تبين إتجاه القبلة في مصلى النساء.؟
في إشكال هنا؟ أحد يعرف؟ ننظر إن شاء الله ننظر في الموضوع.
هل تصح النية المعلقة في الصيام.؟
نعم بعض العلماء يصحح هذا كشيخ الإسلام ابن تيمية، وبعضهم يقول لا، ينتظر حتى يثبت، وأما صوم يوم الشك فالإنسان جازم في صيامه، ليس معلِّقاً، بل هو جازم، ولهذا الراجح أنه إذا نام قبل أن يأتي الخبر، وقال : أنا صائم إن جاء الخبر ، ولم يستيقظ إلا بعد الفجر فصيامه صحيح.
تتمة الشرح
الطالب : الشبهات معناها : أن يلتبس على الإنسان الحق والباطل، فلا يميز هذا من هذا.
الشيخ : أحسنت، تمام. وفتنة الشهوات حامد؟
أن يكون عالماً بالحق لكن لا يتبعه، وعالما بالباطل لكن يتبعه، لمجرد شهوة النفس. أما الممات لها معنيان: المعنى الأول: عند الموت، فإن الشيطان أحرص ما يكون على إغواء بني آدم عند الموت، لأنها ساعة الصفر -كما يقولون - إما إلى جنة وإما إلى نار، وربما يُفتن الإنسان فتنةً أخرى -كما ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية - بعرض الأديان عليه عند مماته نسأل الله السلامة والعافية، تُعرض عليه اليهودية، والنصراينة والإسلام، ويتمثّل الشيطان له بصورة ابيه، ويقول له : خذ بدين اليهود أو بدين النصارى فتنة عظيمة، ولهذا الحي لا تُؤمن عليه الفتنة، وذكروا عن الإمام أحمد رحمه الله أنه كان يقول في سياق الموت : بعد بعد، فلما أفاق قيل له : ما قولك: بعد بعد؟ قال : إن الشيطان أمامي يعض أنامله ويقول : فُتَّني يا أحمد، يعني : أنه فات عليه فقال: بعد بعد، ويعني بعد بعد: أن الإنسان ما دامت روحه في بدنه معناها أنه على خطر نسأل الله لنا ولكم العافية.
هذه فتنة عظيمة، والثاني : فتنة الممات بعد الدفن، يُفتن الإنسان بسؤال من ملكين كريمين يسألانه عن ربه ودينه ونبيه، فيثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا والآخرة فيقول المؤمن : ربي الله ، ديني الإسلام، نبي محمد.
وهذه أيضاً فتنة عظيمة قبل ساعات وهو في أهله، والآن في قبره مُنفردا بعمله، فهذه فتنة عظيمة، يحتاج إلى تثبيت، ولهذا استعاذ الرسول صلى الله عليه وسلم، بل أمر بأن نستعيذ من هذه الأربعة، ومن شر فتنة المسيح الدجال مر علينا.