تتمة شرح حديث جابر بن عبد الله قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خطب احمرت عيناه وعلا صوته واشتد غضبه حتى كأنه منذر جيش يقول صبحكم ومساكم ويقول بعثت أنا والساعة كهاتين ويقرن بين إصبعيه السبابة والوسطى ويقول أما بعد فإن خير الحديث كتاب الله وخير الهدى هدى محمد وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة ثم يقول أنا أولى بكل مؤمن من نفسه من ترك مالا فلأهله ومن ترك دينا أو ضياعا فإلي وعلي
( شر الأمور ) كلمة شر هي اسم تفضيل، لكنها حُذِفت منها الهمزة تخفيفاً لكثرة الاستعمال، ومثلها خير .
قال: ( وكل بدعة ضلالة ): كل بدعة ضلالة، لننظر في هذا الكلام ممن صدر؟ من النبي صلى الله عليه وسلم، أعلم الخلق بما يقول، وأنصح الخلق فيما يُرشدُ إليه، وأعلم الخلق بشريعة الله، فهو يدري ما يقول، ويدري عن الشريعة، وهو أصدق الخلق، وأنصح الخلق يقول: كل بدعة ضلالة، لا خير فيها، لأنها تخالف شريعة النبي عليه الصلاة والسلام، هذا واحد، وماذا بعد الحق إلا الضلال؟
ثانياً: أنها تتضمن القدح في الشريعة، حيث إن هذه البدعة المضافة تعني أن الشريعة قبل ذلك كانت ناقصة
ثالثاً: أنها تنافي قول الله عز وجل : (( اليوم أكملْتُ لكم دينكم )) ، لأن إحداث هذه البدعة، وجعلها من الدّين تنافي قوله : (( اليوم أكملت لكم دينكم ))، لأن ما كان كاملاً لا يحتاج إلى إكمال
الرابع: أنها تفتح على الأمة الإسلامية باب الأهواء، لأن كل إنسان يستحسن بذوقه أو فكره شيئاً يتعبّد به لله سوف يقوم به، وحينئذ تحصل الفوضى بين الأمة الإسلامية، ولا تتفق على دين واحد، ولهذا قال: ( كل بدعة ضلالة ).
ومن هنا نأخذ الحذر من مُحدثات الأمور، لقوله : (شر الأمور محدثاتها)، حتى وإن زانت في نفسك، وإن حصل في قلبك خشوع أو إنابة، فاعلم أن ذلك سيزول، ويعقبه البعد عن شريعة الله.
ويستفاد من هذا أن البدع لا تُقسَّم إطلاقاً، ولا يجوز أن نقول إن من البدع ما هو حسن أبداً، ولهذا من قال: إن من البدع ما هو حسن فإن فقوله لا يخلو من أحد أمرين: إما أنّ ما ظنه بدعة ليس ببدعة، وإما أن يكون بدعة وليس بحسن وهو ظنّه حسناً، وأما أن يثبت أنه بدعة ، وأنه حسن فهذا لا يمكن، لأن قول الصادق المصدوق عليه الصلاة والسلام يقول :(كل بدعة ضلالة)، فإن قال قائل: أليس أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين أمر أبيّ بن كعب، وتميم الداري أن يقوما للناس في رمضان، وأن يجتمع الناس على إمام واحد، فخرج ذات ليلة وهم يصلّون فقال :"نعمة البدعة هذه، والتي ينامون عنها أفضل من التي يقومونها" فأثنى على هذه البدعة
فالجواب: أن هذه البدعة نسبية أي باعتبار أنها تُركت مّدة من الزمن، وإلا فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد سنها بلا شك، فالرسول عليه والصلاة والسلام أقام بأصحابه ثلاث أو أربع ليالي في رمضان، ثمّ تخلّف خشية أنْ تُفرَض، وهذه الخشية بعد وفاته عليه الصلاة والسلام انتفت، وزالت، لكن انشغل الناس بعهد أبي بكر رضي الله عنه، على قِصَرِ مدّته، اشتغل الناس بالجهاد، والأمور العامة، وبقوا على ما هم عليه كلٌ يصل وحده، أو رجُلان أو ثلاثة، ثم إن عمر رضي الله عنه أمر تميم الداري وأبي بن كعب أن يقوما في الناس بإحدى عشر ركعة، فقال: "نعمة البدعة".
إذن هي بدعةٌ باعتبار أنها تُركَت مدة من الزمن، خلافة كاملة وهي خلافة أبي بكر لم تَقُم هذه البدعة، لكن ابتدعها الناس فهي بدعة حقيقة نسبية، وليست هي البدعة التي أرادها النبي صلى الله عليه وسلم.
ثم يقول : (أنا أولى بكل مؤمن من نفسه ) عليه الصلاة والسلام، هو أولى بنا من أنفسنا، يعني أنه عليه الصلاة والسلام يرأف بنا، ويرحمنا أكثر مما نرأف بأنفسنا ونرحم أنفسنا، وربّه عز وجل، وهو الله تبارك وتعالى أشدّ وأشدّ، فالله ولي المؤمنين وولي المتّقين، وهو سبحانه وتعالى أرحم بعباده من الوالدة بولدها.
يقول: (من ترك مالاً فلأهله)، يعني من مات وترك مالاً فلأهله، والمراد بالأهل هنا: الورثة، وليسوا كل الأهل، وقد استدل بعض العلماء بهذا اللفظ - بأهله، وفي رواية فلورثته- استدلّوا بأنه يُرَدُّ على الزوجين إذا لم يكن عاصب، قالوا: لعموم قوله (فلورثته) مثال ذلك: لو هلكَ هالِكٌ عن زوجٍ وبنت، ولم نجد عاصِباً، فالمسألة من أربعة: للزوج الربع، وللبنت النّصف، الربع واحد والنصف اثنان، ويبقى واحد، لم نجِد عاصِباً، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: ( ألحِقوا الفرائض بأهلها فما بقي فهو لأولى رجُلٍ ذَكَر)، ما وجدنا عاصباً فماذا نصنع؟ يقول العلماء كلهم وقد حُكِيَ إجماعاً: أن الواحد يضاف إلى نصيب البنت، لأن الزوج ليس له إلا الربع في كتاب الله.
انتبهوا: البنت لها النصف في كتاب الله، فلماذا نضيف إليها الربع؟ يقال: هذا المسألة مسألة خلاف، يرى بعض العلماء أنه يُرَدّ على البنت، ويستدّلوا بقوله تعالى : (( وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله )) ويرى آخرون: أن هذا الربع الزائد يُلحَق ببيت المال، لقوله صلى الله عليه وسلّم : ( ألحقوا الفرائض بأهلها فما أبقت الفرائض فلأولى رجلٍ ذكر )، وقد ألحقنا الفرائض بأهلها، وقلنا للزوج الربع، وللبنت النصف، ولم نجد للزائد وارثاً فيُردّ لبيت المال، لأننا لو زدنا البنت لأعطيناها أكثر مما فرض الله لها.
المهم: أن أكثر العلماء وقد حُكِي إجماعاً أنه لا يُردّ على الزوج، ولا على الزوجة، إلا أن يكونا من العصبة، وطبعاً الزوجة لا تكون من العصبة إلا إذا كانت مُعتِقة، لأنه ليس في النساء عاصبة في النّفس إلا المعتعِقة، ولكنا نقول: ليست الدلالة واضحة من هذا الحديث أنه يُردّ على الزوجين، لأن قوله ( لورثته )، وصفٌ لا يُعْلَم انطباقه على أي واحد إلا عن طريق القرآن والسّنة، والقرآن والسّنة لا يدلّان على طريق الرّد على الزوج أو الزوجة، والقول الرجح في هذه المسألة، أنه لا يُردّ على الزوجين، إنما يُردّ على من معهما من ذوي الفروض إذا لمْ يوجد العاصب.
يقول : ( ومن ترك ديناً أو ضَيَاعاً فإليّ وعليّ)، اللهم صلَّ وسلّم عليه، من ترك ديناً: بمعنى مات وعليه دين، فهو إليّ وعليّ، الظاهر والله أعلم أن في هذا لفّاً ونشْراً غير مرتّب، لأن قوله (ديناً) يُناسبه قوله: عليّ، (ضياعاً) : وهم الأولاد الصّغار الذين يضيعون إذا لم يكن لهم وليّ يناسبه قوله: (إلي)، ويجوز أن يكون هذا وهذا، بمعنى أن يكون الدّين إليه وعليه يعني يوَجّه إله، وعليه التزامه، وكذلك الضّياع
1 - تتمة شرح حديث جابر بن عبد الله قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خطب احمرت عيناه وعلا صوته واشتد غضبه حتى كأنه منذر جيش يقول صبحكم ومساكم ويقول بعثت أنا والساعة كهاتين ويقرن بين إصبعيه السبابة والوسطى ويقول أما بعد فإن خير الحديث كتاب الله وخير الهدى هدى محمد وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة ثم يقول أنا أولى بكل مؤمن من نفسه من ترك مالا فلأهله ومن ترك دينا أو ضياعا فإلي وعلي أستمع حفظ
فوائد
وفي هذا الحديث أن خير الهدي هدي محمد عليه الصلاة والسلام، وأن جميع المناهج والطرق التّعبّديّة والمعاملات التي تخرج عن هديه فهي دونه، لأن خير الهدي هدي محمد عبادةً، وسلوكاً، ومعاملة هدي محمد صلى الله عليه وسلم.
ومن فوائد الحديث: ان الهدْي يختلف ويتفاضل، فالسّنن الآن، والمناهج، والقوانين الكفْرية نجد أنها تتفاضل، بعضها أقرب إلى الإسلام من بعض، لكن خيْرها هدي محمد صلى الله عليه وسلم
ومن فوائد الحديث أيضاً: أن الأمور تختلف في الشّر، تؤخذ من أين؟ من قوله : (شرّ الأمور)، لأن شر بمعنى أشَر ، إذن الأمور تتفاوت في الشر كما تتفاوت في الخير، وهل ينسحب هذا على ما يقوم في قلب الإنسان من الإيمان؟ الجواب: نعم، ولهذا كان مذهب أهل السّنة والجماعة أن الإيمان يتفاضل، يتفاضل باعتبارين: الاعتبار الأول: العمل، يتفاضل بالعمل، فمن يصوم ثلاثة أيام أزيد إيماناً ممن لم يصم إلا يومين، ويزيد كذلك في اليقين، وهذا يختلف فيه الناس اختلافاً عظيماً، والإنسان نفسه يرى أنه يختلف ما بين حين وآخر، ولهذا قال إبراهم عليه السلام : (( أرني كيف تحيي الموتى قال أوَلَم تؤْمن قال بلا ولكن ليطمئنّ قلبي )) فليس الخبر كالمعاينة، وإبراهيم عليه الصلاة والسلام لم يشُكّ، حتى قال عليه الصلاة والسلام :( نحن أولى بالشكّ من إبراهيم )، يعني لو كان إبراهيم شاكّاً فنحن أولى بالشك منه لكنه لم يشكّ إنما أراد أن يشاهد بعينه، والمشاهدة بالعين ليست كالخبر مهما كان المخبر في الصّدق.
إذن: الخيرية والشّرية تنسحب حتى إلى الإيمان، فالإيمان يزيد وينْقص على ما ذهب إليه أهل السنة والجماعة، وبعضهم قال: نقول إنه يزيد ولا نقول إنه ينقص، وهذا فيه نظر، لكن حُجّة هذا: أن القرآن فيه آيات متعددة تدل على الزيادة، لكن ليس فيه آية تدل على النّقص، فيه الحديث : (ما رأيت من ناقصات عقْلٍ ودين)، لكن هذا يكون إن الدّين يشمل القول والعمل، ولهذا قال عليه الصلاة والسّلام : ( أليس إذا حاضت لمْ تُصلّي ، ولم تصُم )، ولا شكّ أن الإنسان الذي يصوم يومين ليس كالذي يصوم ثلاثة، فالأمر أحد يُنكره، لكن الكلام عن الإيمان في القلب هل يزيد وينقص؟ فالصحيح أنه يزيد وينْقص، ويختلف.
ومن فوائد الحديث: أن جميع البدع ضلالة، ليس فيها خير إطلاقاً، وإن راقت للإنسان، وإن انشرح بها صدره، وإن طابت بها نفسه، فإنه لا خير فيها.
ومن فوائد هذا الحديث: بيان رأفت النبي صلى الله عليه وسلم بلأمة، وأنه أولى بكلّ مؤمن من نفْسه، وبناءً على ذلك يجب أنْ نُكافئ هذا، فنجعله أولى من أنفسنا، ونحبه أكثر من محبة أنفسنا، لأنه عليه الصلاة والسلام جعل نفسه أولى بكل مؤمن من نفسه.
ومن فوائد هذا الحديث: أن المال مال الإنسان ينتقل إلى الورثة انتقالاً قهريّاً، ملكه إياهم الرب عز وجل، والنبي صلى الله عليه وسلم، يُؤخذ من قوله : (من ترك مالاً فلورثته) هذا التمليك من الرّسول عليه الصلاة والسلام وهو مثل قوله تعالى : ((يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين )).
لو قال الوارث: أنا لا أريد، فإن كان استنكافاً عن الشريعة فهو على خطر عظيم ربما يكون كافراً بذلك، وإن قال أنا لا أريد لأني في غِناً عنه، فهذا لا يُلزَم بذلك، هل نقول هكذا لا يلزم أو نقول بل يُلزَم؟ نقول: يُلزَم بذلك، لأن الوارث يملك مال الموروث مُلكاً قهريّاً لا اختيار له فيه. إذا قال يا ناس أنا لا أريد، قُلنا هو يريدُك، وحينئذٍ إذا شئت أن تتفضّل به على أحد فلا بأس، أو أنْ تتنازل به عنه لأحد الورثة فلا بأس، ولكن في هذا الحال يُشْترط للمُتَنازَل له أن يرضى ويقبل، لو قال أنا أتنازل عن ميراثي لأخي، وقال الأخ: أنا لا أقبل هل يُلزَم الأخ؟ لا يُلزَم، وذلك لأن الملك انتقلَ من المورث إلى الوارث قهراً.
ومن فوائد هذا الحديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتولّى قضاء الديون، وذلك متى؟ بعد أن فتح الله عليه صار يتولى قضاء ديون الناس إذا ماتوا وعليهم دين.
ومن فوائده أيضاً: أن للنبي صلى الله عليه وسلم الولاية دون أن يولّى، لقوله :(من ترك ضياعاً فإليّ وعليّ)، يعني لو مات ميّت في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام، وليس وراءه من ولآه على صغاره فالذي يتولّاه الرسول عليه الصلاة والسّلام ،لكن هل نقول إن هذا ثابت لأولياء الأمور من بعده؟ فالجواب: نعم، ولهذا لو مات إنسان وليس له أقارب، ولمْ يوصي لأحد أن يتولّى صغاره وجب على وليّ الأمر أو من يُنيبه من القضاة أن يتولّوا هؤلاء الصّغار.
تتمة شرح حديث بن عباس أن ضمادا قدم مكة وكان من أزد شنوءة وكان يرقي من هذه الريح فسمع سفهاء من أهل مكة يقولون إن محمدا مجنون فقال لو أنى رأيت هذا الرجل لعل الله يشفيه على يدي قال فلقيه فقال يا محمد إني أرقي من هذه الريح وإن الله يشفي على يدي من شاء فهل لك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الحمد لله نحمده ونستعينه من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله أما بعد قال فقال أعد علي كلماتك هؤلاء فأعادهن عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات قال فقال لقد سمعت قول الكهنة وقول السحرة وقول الشعراء فما سمعت مثل كلماتك هؤلاء ولقد بلغن ناعوس البحر قال فقال هات يدك أبايعك على الإسلام قال فبايعه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى قومك قال وعلى قومي قال فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية فمروا بقومه فقال صاحب السرية للجيش هل أصبتم من هؤلاء شيئا فقال رجل من القوم أصبت منهم مطهرة فقال ردوها فإن هؤلاء قوم ضماد
(فهل لك): يعني فهل لك حاجة فأرقيَك لعل الله يشفيك؟ بناءً على ايش؟ على أنه مجنون، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن الحمد لله نحمد ونستعينه، من يهده الله فلا مضلَّ له، ومن يُضلِل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله )، وما أحسن أن تُقرأ هذه الخطبة على من أصيبوا بالمس أو من يقرأون على أهل المس.
( إن الحمد لله نحمد ونستعينه ): سبق الكلام في شرحها.
(من يهده الله فلا مضلَّ له، ومن يُضلِل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله أما بعد قال فقال: أعد عليّ كلماتك ) من القائل: ضماد أعجبته هذه الكلمات أعد علي كلماتك هؤلاء، ( فأعادهنّ عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثلاث مرّات، قال فقال) من القائل : ضماد ( فقال : لقد سمعت قول الكَهنة، وقول السّحرة، وقول الشّعراء، فما سمعت مثل كلماتك هؤلاء ) إلى آخره ، ذكر ثلاثة أصناف من الناس، الأول: الكهنة، جمع كاهن، والكاهن هو الذي يُخبر عن المغيّبات في المستقبل، هذا الكاهن، هذا هو الأصل، وأصل هؤلاء الكهنة أن لهم أصحاب من الجن يسترقون السمع من السماء، ويأتون بما سمعوا من السماء إلى هؤلاء الكهنة يُخبرونهم، فيكذب الكاهن معها مئة كذبة، ويتحدّث بذلك، فإذا وقع ما يُطابق قوله اغترّ الناس به، وظنّوا أنه يعلم الغيب، وأما الذي يُخْبر عن شيء واقع ليس مسْتقبلاً فهذا يُسمّى عرّافاً لأنه يدّعي المعرفة، (وقول السّحرة) السّحرة جمع ساحر، وهم الذين يسحرون الناس، والسّحر عبارة عن عُقَد، ورُقى، ونفْث، يستعملها السّاحر، ولكن هذه الرّقى، والعُقد، والنّفث تُسخّر له الجِن، حتّى يقوم الجنّيّ بإيذاء المسْحور إما في فكره ، وإما في بدنه، وإما في نفسه، حسب ما يحصل من السّاحر، والثالث: الشعراء: الشّعراء أيضاً سَحَرة بطريق البيان، لأن من البيان سِحراً.
قال : ( فما سمعت مثل كلماتك هؤلاء، ولقد بلغْنا ناعوس البحر ) يعني معناه: أن هذه الكلمات لها نفوذٌ قويّ وبعيد، وناعوس البحر: هو عمْقه، ولجّته، وهذا لا يكون قريباً من السّواحل، هذا يكون بعيداً من السّواحل، والمعنى: أن هذه الكلمات كان لها تأثيرٌ بالغ.
( قال فقال: هات يدك أبايعك )، القائل هات يدك: ضماد، لأنه تبين له أن النبي صلى الله عليه وسلم ليس بمجنون، بل هو صادق فيما قاله من النبوة.
( قال : فبايعه، فقال عليه الصلاة والسلام: وعلى قومك؟ قال: وعلى قومي )، لأنه كان زعيماً فيهم ورئيساً فبايع عنهم.
( قال وعلى قومي، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سريّة فمرّوا بقومٍ، فقال صاحب السّرية للجيش: هل أصبتم من هؤلاء شيئاً؟ قال رجلٌ من القوم: أصبت منهم مطْهرة ) عني: إناءً يُتطهّر به، وهذا دليل على أنهم أصابوا شيئاً حقيراً، فقال: رُدّوها، فإن هؤلاء قوم ضماد، ويأتي إن شاء الله البحث عن فوائده .
3 - تتمة شرح حديث بن عباس أن ضمادا قدم مكة وكان من أزد شنوءة وكان يرقي من هذه الريح فسمع سفهاء من أهل مكة يقولون إن محمدا مجنون فقال لو أنى رأيت هذا الرجل لعل الله يشفيه على يدي قال فلقيه فقال يا محمد إني أرقي من هذه الريح وإن الله يشفي على يدي من شاء فهل لك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الحمد لله نحمده ونستعينه من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله أما بعد قال فقال أعد علي كلماتك هؤلاء فأعادهن عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات قال فقال لقد سمعت قول الكهنة وقول السحرة وقول الشعراء فما سمعت مثل كلماتك هؤلاء ولقد بلغن ناعوس البحر قال فقال هات يدك أبايعك على الإسلام قال فبايعه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى قومك قال وعلى قومي قال فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية فمروا بقومه فقال صاحب السرية للجيش هل أصبتم من هؤلاء شيئا فقال رجل من القوم أصبت منهم مطهرة فقال ردوها فإن هؤلاء قوم ضماد أستمع حفظ
قوله :( فقال هات يدك أبايعك على الإسلام ) ألا يحتمل أن القائل هو النبي صلى الله عليه وسلم.؟
الشيخ : لا، لأن الضمائر كلها تعود على ضماد.
السائل : أن الرسول طلب أن يبايعه على الإسلام
الشيخ : ربما لكن هذا كون الضمائر مجراها واحد أوفَق.
4 - قوله :( فقال هات يدك أبايعك على الإسلام ) ألا يحتمل أن القائل هو النبي صلى الله عليه وسلم.؟ أستمع حفظ
هل خطبة الحاجة كانت في غالب كلام النبي صلى الله عليه وسلم.؟
الشيخ : الظاهر أن الرسول لا يستعملها في كل شيء، وإنما في الأمور الهامة، وإلا فظاهر النصوص: (قام فحمد الله وأثنى عليه) تدل على أنه حمد وثناء.
حدثني سريج بن يونس حدثنا عبد الرحمن بن عبد الملك بن أبجر عن أبيه عن واصل بن حيان قال قال أبو وائل خطبنا عمار فأوجز وأبلغ فلما نزل قلنا يا أبا اليقظان لقد أبلغت وأوجزت فلو كنت تنفست فقال إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن طول صلاة الرجل وقصر خطبته مئنة من فقهه فأطيلوا الصلاة واقصروا الخطبة وإن من البيان سحرا
6 - حدثني سريج بن يونس حدثنا عبد الرحمن بن عبد الملك بن أبجر عن أبيه عن واصل بن حيان قال قال أبو وائل خطبنا عمار فأوجز وأبلغ فلما نزل قلنا يا أبا اليقظان لقد أبلغت وأوجزت فلو كنت تنفست فقال إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن طول صلاة الرجل وقصر خطبته مئنة من فقهه فأطيلوا الصلاة واقصروا الخطبة وإن من البيان سحرا أستمع حفظ
فوائد
وقوله عليه الصلاة والسلام : ( وإن من البيان لسحراً ) إشارة إلى أن الخطيب ينبغي أن يكون ذا بيان وفصاحة، حتى يجذب الناس.
والبيان قد يكون بتركيب الجمل بعضها مع بعض، وقد يكون في صفة الأداء، وانفعال النفس عند الخطبة والتوجيه، لأنه ربما يخطب رجلان في موضوع واحد، وفي جمل واحدة، لكن يؤثّر أحدهما ما لا يؤثّر الآخر بناءً على صفة الأداء، وهذه مسألة ينبغي التّنبه لها، ثمّ إنه أيضاً لا يكون صفة الأداء واحداً في كلّ موضوعٍ من موضوعات الخُطب، إذا كانت الخطبة يراد بها بيان أحكام شرعية، ولنقل أحكام الصيام في استقبال رمضان، هل هذا كرجلٍ يريد أن يُحذّر الناس من أمرٍ هم واقعون فيه من المحرّمات؟ الجواب: لا، لكلّ مقام مقال، ولهذا لو أنه أبْدى الأحكام الشرعية الفقهية بانفعال وغضب لخرج الناس وهم يقولون: هذا الرّجل يهاوشنا ويزجرنا، لكن لو جاء في موعظة، لكان له مناسبة.
إذن: فالبيان الذي فيه السّحر: هو مراعات الحال في موضوع الخطبة، وفي أحوال، المخاطَبين أيضاً. فإن قال قائل: أليس النبي صلى الله عليه وسلم يخطب الناس أحياناً بسورة ((ق))؟ قلنا: بلا مع أنه كان في الغالب يرتّل القراءة، فنقول: هذا ليس بتطويل، وقاف ليس فيها تكرار، والذي يُنْهى عنه ويُخْشى منه أن يطول ويكرر إلا إذا دعت الحاجة، المهم أنه يجب على الإنسان أن يراعي أحوال الناس والبيان.
وقولهم : ( لو كنت تنفّست ) يعني أطلت بعض الشيء.
هل السنة تطويل الصلاة إلا في صلاة الجمعة.؟
الشيخ : أمر بالتطويل بالنسبة، يعني بالنسبة للخطبة، ثم إن الأمر بالتخفيف ليس معناه التخفيف الذي يوافق أذواق الناس، التخفيف هو المطابق للسنة، ولهذا قال أنس رضي الله عنه : ( ما صلّيت وراء إمامٍ قط أخف صلاةً ولا أتمّ صلاةً من النبي صلى الله عليه وسلم )، فمثلاً في فجر يوم الجمعة (( ألم السجدة )) (( وهل أتى على الإنسان)) تُعدّ عند بعض الناس تطويلاً، ولهذا بعض الأئمة نسأل الله لنا ولهم الهداية يخضعون لضغط الناس فتجده يقسم ((الم تنزيل السجدة )) نصفين، فيُخالف السّنة، ويشطب السنة، ونحن نقول: أما أن تقرأها كاملة كما قرأها عليه الصلاة والسلام وإما أن تتركها، فالتطويل مقاسه فعل الرسول عله الصلاة والسلام.
هل تطويل الخطبة من البدع.؟
الشيخ : لا نقول إنه من البدعة لكن نقول: إنه خلاف ما أرشد إليه النبي عليه الصلاة والسلام، وخلاف الحكمة أيضاً.
هل تقصر الخطبة الثانية بالنسبة للأولى.؟
الشيخ : الظاهر من عمل الخطباء من قديم الزمان، ومن مشايخنا الكبار أنه عملٌ صحيح، لأن الخطبة الثانية تأتي إلى الناس وقد ملّو وسئموا، فكونك تطيل عليهم ليس مناسب،
السائل : يعني ألا يقابل بقصر الخطبة الأولى لئلا يملوا؟
الشيخ : ما يخالف نقصر الخطبة الأولى لكن نجعل هذه أقصر ، لأنه مهما كان سوف يملون ، لاسيما وأن الناس اعتادوا هذا، وأحياناً بعض الخطباء أسمع أنهم يطيلون في الخطبة الثانية أيضاً، ربما يأخذون موضوعاً ارتجاليّاً، والرجل اذا تكلم ارتجالاً ربما يطيل في الكلام.
إذا طلب المصلون من الإمام إطالة الخطبة هل يفعل.؟
الشيخ : قد يقال إن قول الرسول : ( مئنة من فقهه ) يدل على أنه إذا كان الحكمة تقتضي الإطالة ،كما لو طلبوا هم أن يطيل قد يقال أنه لا بأس بالإطالة، لكن في ظنّي أن الناس إذا خرجوا من موعظة أو خطبة وهم يقولون ليته أطال أحسن من كونهم يقولون: هذا أتعبنا وأطال عليهم وهذا أتقى لهم.
ما حكم الموعظة بعد صلاة الجمعة.؟
الشيخ : لا هذا غلط، الكلام بعد صلاة الجمعة غلط، لأنه يؤدي إلى أن تكون الخطَب ثلاثاً، لا سيّما إذا اعتيدت، ولأنه إن أتى بموضوع هو موضوع الخطبتين فهذا تكرار لا فائدة منه، وربّما يُشعر بغمْط الإمام وأنه مقصّر في الأداء، وإن أتى بموضوعٍ آخر نسي الناس موضوع الخطبة التي هي المشروعة في الواقع، ولهذا قال الإمام أحمد رحمه الله: إذا تكلّم أحد بعد الصلاة فلا يستمع إليه، إلا أن يكون كتاب السّلطان أو كلمة نحوها، يعني شيء جاء من السلطان يُقرأ على الناس، وإلا فلا نستمع إليه.
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ومحمد بن عبد الله بن نمير قالا حدثنا وكيع عن سفيان عن عبد العزيز بن رفيع عن تميم بن طرفة عن عدي بن حاتم أن رجلا خطب النبي صلى الله عليه وسلم فقال من يطع الله ورسوله فقد رشد ومن يعصهما فقد غوى فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بئس الخطيب أنت قل ومن يعص الله ورسوله قال بن نمير فقد غوي
13 - حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ومحمد بن عبد الله بن نمير قالا حدثنا وكيع عن سفيان عن عبد العزيز بن رفيع عن تميم بن طرفة عن عدي بن حاتم أن رجلا خطب النبي صلى الله عليه وسلم فقال من يطع الله ورسوله فقد رشد ومن يعصهما فقد غوى فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بئس الخطيب أنت قل ومن يعص الله ورسوله قال بن نمير فقد غوي أستمع حفظ
فوائد
وفي هذا الحديث دليل على أن الرّشد كله بطاعة الله ورسوله، وهو كذلك، والرّشد معناه: إحسان التّصرّف في كلّ موضع بحسبه، فالرّشد في المال إحسان التّصرّف فيه، والرّشد في العبادة إحسان العبادة، وهلمّ جرّا. المهم أنك إذا أردت الرّشد فعليك بطاعة الله ورسوله، وفيه أيضاً أن من أسباب الغيّ والضلال معصية الله ورسوله.
وفيه أيضاً دليل على الثناء على الإنسان بما يستحق من مدح أو قدح، لكن هذا في وجهه أما في خلفه فيكون هذا من الغيبة التي لا تحلّ إلا إذا كان فيها مصلحة كما هو معروف.
حدثنا قتيبة بن سعيد وأبو بكر بن أبي شيبة وإسحاق الحنظلي جميعا عن بن عيينة قال قتيبة حدثنا سفيان عن عمرو سمع عطاء يخبر عن صفوان بن يعلى عن أبيه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ على المنبر ونادوا يا مالك
الشيخ : عندكم شيء في النسخ؟
القارئ : هنا يقول : " فيه القراءة في الخطبة وهي مشروعة بلا خلاف، واختلفوا في وجوبها والصحيح عندنا وجوبها وأقلها آية ".
الشيخ : على كلّ حال قراءة الآية في الخطية أمرٌ مشروع لا إشكال فيه، لكن كنت أحسب أنه يقول: ونادوا يا مالي على سبيل الترخيم، فإن فيها قراءة لكن لا يحضرني الآن هل هي سبعية أو شاذّة، على كل حال فيها دليل على ما قاله الشّارح رحمه الله، وفي الحديث الذي بعده ما يدلّ على ذلك.
15 - حدثنا قتيبة بن سعيد وأبو بكر بن أبي شيبة وإسحاق الحنظلي جميعا عن بن عيينة قال قتيبة حدثنا سفيان عن عمرو سمع عطاء يخبر عن صفوان بن يعلى عن أبيه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ على المنبر ونادوا يا مالك أستمع حفظ
وحدثني عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي أخبرنا يحيى بن حسان حدثنا سليمان بن بلال عن يحيى بن سعيد عن عمرة بنت عبد الرحمن عن أخت لعمرة قالت أخذت ق والقرآن المجيد من في رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة وهو يقرأ بها على المنبر في كل جمعة
16 - وحدثني عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي أخبرنا يحيى بن حسان حدثنا سليمان بن بلال عن يحيى بن سعيد عن عمرة بنت عبد الرحمن عن أخت لعمرة قالت أخذت ق والقرآن المجيد من في رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة وهو يقرأ بها على المنبر في كل جمعة أستمع حفظ
وحدثنيه أبو الطاهر أخبرنا بن وهب عن يحيى بن أيوب عن يحيى بن سعيد عن عمرة عن أخت لعمرة بنت عبد الرحمن كانت أكبر منها بمثل حديث سليمان بن بلال
17 - وحدثنيه أبو الطاهر أخبرنا بن وهب عن يحيى بن أيوب عن يحيى بن سعيد عن عمرة عن أخت لعمرة بنت عبد الرحمن كانت أكبر منها بمثل حديث سليمان بن بلال أستمع حفظ
حدثني محمد بن بشار حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن خبيب عن عبد الله بن محمد بن معن عن بنت لحارثة بن النعمان قالت ما حفظت ق إلا من في رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب بها كل جمعة قالت وكان تنورنا وتنور رسول الله صلى الله عليه وسلم واحدا
18 - حدثني محمد بن بشار حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن خبيب عن عبد الله بن محمد بن معن عن بنت لحارثة بن النعمان قالت ما حفظت ق إلا من في رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب بها كل جمعة قالت وكان تنورنا وتنور رسول الله صلى الله عليه وسلم واحدا أستمع حفظ
وحدثنا عمرو الناقد حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد حدثنا أبي عن محمد بن إسحاق قال حدثني عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم الأنصاري عن يحيى بن عبد الله بن عبد الرحمن بن سعد بن بينها عن أم هشام بنت حارثة بن النعمان قالت لقد كان تنورنا وتنور رسول الله صلى الله عليه وسلم واحدا سنتين أو سنة وبعض سنة وما أخذت ق والقرآن المجيد إلا عن لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرؤها كل يوم جمعة على المنبر إذا خطب الناس
19 - وحدثنا عمرو الناقد حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد حدثنا أبي عن محمد بن إسحاق قال حدثني عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم الأنصاري عن يحيى بن عبد الله بن عبد الرحمن بن سعد بن بينها عن أم هشام بنت حارثة بن النعمان قالت لقد كان تنورنا وتنور رسول الله صلى الله عليه وسلم واحدا سنتين أو سنة وبعض سنة وما أخذت ق والقرآن المجيد إلا عن لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرؤها كل يوم جمعة على المنبر إذا خطب الناس أستمع حفظ
فوائد
وفي هذا الحديث دليل على أن الإنسان الذي يقرأ قد يأخذ الناس القراءة من فمه، فهل نقول بناءً على ذلك ينبغي للإنسان أن يُكثر من قراءة بعض السّور التي فيه الموعظة، حتى يأخذها الناس من لسانه ويستفيدوا من ذلك، ربّما نقول بذلك، وإن كان بعض الأئمة في عصرنا هذا اختاروا أن الإنسان يقرأ من القرآن كله، وبعضهم ربما يقرأ القرآن من أوله إلى آخره، فيقرأ من أول البقرة إلى أن يختم القرآن ثم يعود، وبعضهم لا يفعل هذا لكنه تجده يقرأ هذا اليوم من وسط القرآن واليوم والثاني من أوله، والثالث من آخره.
هذه السورة أولها "ق"، "ق*والقرآن المجيد" حرف هجائي فهل له معنى في نفسه أو لا؟ الصحيح لا أنه ليس..