كتاب الجمعة والعيدين والإستسقاء والكسوف والجنائز-04a
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
صحيح مسلم
الحجم ( 5.50 ميغابايت )
التنزيل ( 543 )
الإستماع ( 44 )
تتمة فوائد حديث جابر بن عبد الله قال شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة يوم العيد فبدأ بالصلاة قبل الخطبة بغير أذان ولا إقامة ثم قام متوكئا على بلال فأمر بتقوى الله وحث على طاعته ووعظ الناس وذكرهم ثم مضى حتى أتى النساء فوعظهن وذكرهن فقال تصدقن فإن أكثركن حطب جهنم فقامت امرأة من سطة النساء سفعاء الخدين فقالت لم يا رسول الله قال لأنكن تكثرن الشكاة وتكفرن العشير قال فجعلن يتصدقن من حليهن يلقين في ثوب بلال من أقرطتهن وخواتمهن
الشيخ : فدلّ هذا على أنّ الصدقة من أسباب النجاة من النّار. وفيه أيضاً: دليل على أنه لا يجب على المرأة أن تغطّي وجهها، لقوله :( فقامت امرأة من سطة النساء سفعاء الخدّين ) لأن سفع الخدين معناه أن يكون أسود مشْرباً بحمرة، وهذا يدلّ على أن جابراً رءاها، فيكون فيه دليل على جواز كشف المرأة وجهها حتّى في المحافل والمجامع، هكذا قال بعض أهل العلم ولكننا نقول: إذا جاء الحديث مشْتَبِهاً مع أحاديث صريحة وجب أن يحمل المشْتَبَه على الصّريح، لأنه محكم، والصواب أن كشْف المرأة وجهها في حضرة الرّحال لا يجوز، لما في ذلك من الفتنة، ولأدلّة أخرى ذُكرت في الكتب التي بحثَت في هذا. ويُحَمل ما ذُكِر: إما على أنّها امرأة كبيرة السِّن، وكبيرة السّن ليس عليها حرج إذا كشَفت وجهها لقوله تعالى: ((والقواعد من النّساء الاتي لا يرجون نكاحاً فليس عليهنّ جُناحٌ أن يضعن ثيابهنّ غير متبرّجاتٍ بزينة))، أو يُحمل على أن ذلك كان قبل وجوب الحجاب، لأن الناس كان لهم حالان: الحال الأولى قبل نزول الحجاب، وهو كشف الوجه، ثم نزل وجوب الحجاب. ومن فوائد هذا الحديث: جواز مراجعة العالِم في الأمر المشكل، لأنهنّ قلن: لمَ يا رسول الله، ولكن هل سؤالهنّ هنا سؤال اعتراض أم سؤال أردنَ أن يدفعن ما يكن به أكثر أهل النار؟ الجواب هو الثاني، سألن عن ذلك من أجل أن يتجنّبن، لا شك في هذا، لا اعتراضاً على قول الرسول عليه الصلاة والسلام. ومن فوائد هذا الحديث: أنه لا ينبغي للإنسان أن يُكثِر الشَّكاية، بل يصبر ويحتسب ولا يكون كالمرأة كلّما جاءه شيء جاء يشكي، هذا غلط، الإنسان العاقل والرجل الحازم يتصبَّر، ويدفع هذه بهذه حتى يزول ما به، وأما أن يبقى كلما حصل له شيء جاء يشكو هذا غلط، مما في ذلك من قلّة الصّبر، وإيذاء المرفوع إليه الشّكوى. وفيه أيضاً: ذم من يكفر العشير: يعني الصّاحب والملازم، ومعنى يكفره: أي يجحده حقّه ولا يقوم به، والنّساء كذلك، لإن النساء في الغالب لا تقوم المرأة بما يجب عليها لزوجها، لو أحسن إليها الدّهر كلّه ثمّ أصابها بسوء مرّة واحدة قالت: ما رأيت منك خيراً قط. وفيه أيضاً: فضيلة نساء الصحابة، لأن النبي صلى الله عليه وسلّم لما حثهن على ذلك جعلن يتصدّقن من حليّهن، وفيه دليل أيضاً على جواز تصرّف المرأة في مالها بغير إذن الزّوج، لقوله: تصدّقن من حليّهن، مع أنّ الحليّ مما يتعلّق به غرض الزّوج، ومع ذلك لم يمنعهنّ النبي صلى الله عليه وسلم من الصدقة، استدلّ بعض العلماء بهذا الحديث على أنه لا زكاة على الحليّ، لقوله: (يتصدّقن من حليّهن) لكن ليس فيه دلالة إطلاقاً، وأين الدلالة ؟ لو قلت مثلاً لأنسان صاحب ماشية الذي تجب عليه الزّكاة بالإجماع، لو قلت: تصدّق ولو من ماشيتك هل يدلّ على عدم الوجوب؟ لا يدل، ولكن سبحان الله، الإنسان إذا اعتقد قبل أن يستدل فإنه قد يضيع في الاستدلال. وفيه أيضاً جواز بسط الثّوب ليوضع فيه الصدقات والتّبرّعات، ولكن إن وُجِد بدله شيء فإنه يُكتفى به، كما لو حمل إنسان صندوقاً أو ... أو ما أشبه ذلك أو كيساً، يكتفى به لكن لعلّ بلالاً لم يستعد لذلك، ولا ظنّ أن هذا سيكون.
وحدثني محمد بن رافع حدثنا عبد الرزاق أخبرنا بن جريج أخبرني عطاء عن بن عباس وعن جابر بن عبد الله الأنصاري قالا لم يكن يؤذن يوم الفطر ولا يوم الأضحى ثم سألته بعد حين عن ذلك فأخبرني قال أخبرني جابر بن عبد الله الأنصاري أن لا أذان للصلاة يوم الفطر حين يخرج الإمام ولا بعدما يخرج ولا إقامة ولا نداء ولا شيء لا نداء يومئذ ولا إقامة
القارئ : وحدثني محمد بن رافع حدثنا عبد الرزاق أخبرنا بن جريج أخبرني عطاء عن ابن عباس وعن جابر بن عبد الله الأنصاري أنهما قالا: ( لم يكن يؤذن يوم الفطر ولا يوم الأضحى ثم سألته بعد حين عن ذلك فأخبرني قال أخبرني جابر بن عبد الله الأنصاري أن لا أذان للصلاة يوم الفطر حين يخرج الإمام ولا بعدما يخرج ولا إقامة ولا نداء ولا شيء لا نداء يومئذٍ ولا إقامة ). الشيخ : هذا أصرح مما سبق في أنه لا يُسنّ لها أن يُقال: الصّلاة جامعة، لأنه قال: لا نداء ولا شيء، أبداً يأتي الإمام ويتقدّم إلى مكان صلاته ويقوم الناس، ولكن هل قوله: لا نداء، ولا شيء هل يُنافي قول الإمام: استووا، سوّوا الصّفوف، أو لا؟ الظاهر: أنه لا يُنافيه، لأن هذا القول ليس لإقامة الصلاة، بل هو لإقامة الصفوف، فمراده (ولا شيء): يعني بما يتعلّق بإقامة الصلاة، أما الصفوف فلا علاقة لها بهذا، فيجوز للإمام بل يُسن للإمام في صلاة العيد أن يأمر الناس بتسوية الصّف، والتّراص، وسدّ الخلل كسائر الصلوات التي فيها صفوف.
وحدثني محمد بن رافع حدثنا عبد الرزاق أخبرنا بن جريج أخبرني عطاء أن بن عباس أرسل إلى بن الزبير أول ما بويع له أنه لم يكن يؤذن للصلاة يوم الفطر فلا تؤذن لها قال فلم يؤذن لها بن الزبير يومه وأرسل إليه مع ذلك إنما الخطبة بعد الصلاة وإن ذلك قد كان يفعل قال فصلى بن الزبير قبل الخطبة
القارئ : وحدثني محمد بن رافع حدثنا عبد الرزاق أخبرنا بن جريج أخبرني عطاء ( أن ابن عباس أرسل إلى بن الزبير أول ما بويع له أنه لم يكن يؤذن للصلاة يوم الفطر فلا تؤذن لها قال فلم يؤذن لها ابن الزبير يومه وأرسل إليه مع ذلك إنما الخطبة بعد الصلاة وإن ذلك قد كان يفعل قال فصلى ابن الزبير قبل الخطبة ). الشيخ : في هذا دليل على انقياد الخلفاء السابقين لما دلّت عليه السّنة، فإن ابن عبّاس كتب لابن الزّبير يبين له أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يؤذّن لصلاة العيد، فلم يؤذن لها، وكان أيضاً يخطب بعد الصلاة فيُقدّم الصلاة ففعل. وفيه دليل على المكاتبة بين الرّعية والراعي، وأنه يجب على الرّعية إذا دعَت الحاجة أن تكتب له، إقامةً للحجة، وإبراءً للذمة، والإنسان إذا كتب بنيّة صالحة لا بنية الانتقاد واللوم والذّم، فإن الله يجعل في كتابته بركة.
وحدثنا يحيى بن يحيى وحسن بن الربيع وقتيبة بن سعيد وأبو بكر بن أبي شيبة قال يحيى أخبرنا وقال الآخرون حدثنا أبو الأحوص عن سماك عن جابر بن سمرة قال صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مرة ولا مرتين بغير أذان ولا إقامة
القارئ : وحدثنا يحيى بن يحيى وحسن بن الربيع وقتيبة بن سعيد وأبو بكر بن أبي شيبة قال يحيى أخبرنا وقال الآخرون حدثنا أبو الأحوص عن سماك عن جابر بن سمرة قال: ( صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العيدين غير مرة ولا مرتين بغير أذان ولا إقامة )
وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا عبدة بن سليمان وأبو أسامة عن عبيد الله عن نافع عن بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر كانوا يصلون العيدين قبل الخطبة
القارئ : وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا عبدة بن سليمان وأبو أسامة عن عبيد الله عن نافع عن بن عمر ( أن النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر كانوا يصلون العيدين قبل الخطبة )
حدثنا يحيى بن أيوب وقتيبة وابن حجر قالوا حدثنا إسماعيل بن جعفر عن داود بن قيس عن عياض بن عبد الله بن سعد عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخرج يوم الأضحى ويوم الفطر فيبدأ بالصلاة فإذا صلى صلاته وسلم قام فأقبل على الناس وهم جلوس في مصلاهم فإن كان له حاجة ببعث ذكره للناس أو كانت له حاجة بغير ذلك أمرهم بها وكان يقول تصدقوا تصدقوا تصدقوا وكان أكثر من يتصدق النساء ثم ينصرف فلم يزل كذلك حتى كان مروان بن الحكم فخرجت مخاصرا مروان حتى أتينا المصلى فإذا كثير بن الصلت قد بنى منبرا من طين ولبن فإذا مروان ينازعني يده كأنه يجرني نحو المنبر وأنا أجره نحو الصلاة فلما رأيت ذلك منه قلت أين الابتداء بالصلاة فقال لا يا أبا سعيد قد ترك ما تعلم قلت كلا والذي نفسي بيده لا تأتون بخير مما أعلم ثلاث مرار ثم انصرف
القارئ : حدثنا يحيى بن أيوب وقتيبة وابن حجر قالوا حدثنا إسماعيل بن جعفر عن داود بن قيس عن عياض بن عبد الله بن سعد عن أبي سعيد الخدري ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخرج يوم الأضحى ويوم الفطر فيبدأ بالصلاة فإذا صلى صلاته وسلم قام فأقبل على الناس وهم جلوس في مصلاهم فإن كان له حاجة ببعث ذكره للناس أو كانت له حاجة بغير ذلك أمرهم بها وكان يقول تصدقوا تصدقوا تصدقوا وكان أكثر من يتصدق النساء ثم ينصرف فلم يزل كذلك حتى كان مروان بن الحكم فخرجت مخاصراً مروان حتى أتينا المصلى فإذا كثير بن الصلت قد بنى منبراً من طين ولبن فإذا مروان ينازعني يده كأنه يجرني نحو المنبر وأنا أجره نحو الصلاة فلما رأيت ذلك منه قلت: أين الابتداء بالصلاة فقال: لا يا أبا سعيد قد ترك ما تعلم قلت: كلا والذي نفسي بيده لا تأتون بخير مما أعلم ثلاث مرار ثم انصرف ). الشيخ : في هذا دليل على أن يوم العيد تكون الصلاة فيه قبل الخطبة، ولكن بعض أمراء بنو أميّة أحدثوا الخطبة قبل الصلاة، وبيّنت لكم أن السبب هو انصراف الناس عنهم.
حدثني أبو الربيع الزهراني حدثنا حماد حدثنا أيوب عن محمد عن أم عطية قالت أمرنا تعني النبي صلى الله عليه وسلم أن نخرج في العيدين العواتق وذوات الخدور وأمر الحيض أن يعتزلن مصلى المسلمين
القارئ : حدثني أبو الربيع الزهراني حدثنا حماد حدثنا أيوب عن محمد عن أم عطية قالت: ( أمرنا تعني النبي صلى الله عليه وسلم أن نخرج في العيدين العواتق وذوات الخدور وأمر الحيض أن يعتزلن مصلى المسلمين ) الشيخ : قول المبوِّب: "بَابُ ذِكْرِ إِبَاحَةِ خُرُوجِ النِّسَاءِ فِي الْعِيدَيْنِ" التعبير بالإباحة فيه تساهل، لأنه لا ينبغي أن يُقال في شيءٍ أمر به النبي صلى الله عليه وسلّم أنه مُباح، اللهم إلا إذا كان يريد أن يدفع به قول من يقول بالنّهي، فهنا يصح، فيكون القول بالإباحة لا يُنافي الاستحباب، ولكنّي لا أعلم أن أحداً قال بنهي المرأة أن تخرج إلى مصلَّى العيد، والصّواب أن المرأة في يوم العيد تخرج إلى لمصلّى، وأن ذلك سنّة تُثاب عليها، ويقرّبها إلى الله، لكن يجب ألا تكون متبرجة بزينة، ولا متطيّبة، بل تخرج على وجه العادة، (والعواتق ذوات الخُدور) العواتق: يعني ذوات الحسَب والنَّسب، وذوات الخدور: اللاتي يبقين في خدورهنّ ولا يخرجن إلى الأسواق، (وأمر الحيَّض أن يعتزلن مصلّى المسلمين) لأن الحائض لا يجوز لها أن تمكث في المسجد، وفي هذا دليل على أنَّ مصلّى العيد مسْجد، له أحكام المساجد، فإذا دخلته فصلِّ ركعتين، ولا تبِع، ولا تشترِ فيه، لأنه مسجد.
حدثنا يحيى بن يحيى أخبرنا أبو خيثمة عن عاصم الأحول عن حفصة بنت سيرين عن أم عطية قالت كنا نؤمر بالخروج في العيدين والمخبأة والبكر قالت الحيض يخرجن فيكن خلف الناس يكبرن مع الناس
القارئ : حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ، عَنْ حَفْصَةَ بِنْتِ سِيرِينَ، عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ، قَالَتْ: ( كُنَّا نُؤْمَرُ بِالْخُرُوجِ فِي الْعِيدَيْنِ، وَالْمُخَبَّأَةُ، وَالْبِكْرُ، قَالَتْ: الْحُيَّضُ يَخْرُجْنَ فَيَكُنَّ خَلْفَ النَّاسِ، يُكَبِّرْنَ مَعَ النَّاسِ ). الشيخ : في هذا دليل على ما سبق أن ذكرناه على أن مصلّى العيد مسجد، ولهذا أُمرْن الحيّض باعتزاله، واستدل بعض الناس بقوله : ( يكبّرن مع النّاس ) على أن التكبير يوم العيد في المسجد يكون جماعيّاً، وقد جاء : ( يُكبّرن بتكبيرهم )، وهذا لا شكّ أن اللفظ يحْتمله، يكبّرون جميعاً حتّى يكون الصوت أرفع، ويكون هذا أبلغ في إظهار الشّعيرة، ويحتمل أن تكون الباء بمعنى مع يعني يُكبّرون مع تكبيرهم، ولا يلزم من المعية لا يلزم منها المقارنة، بحيث يكون التّكبير ابتداءً وانتهاءً واحداً بفمٍ واحد، وما دامت المسألة مُحتمِلة فإنه لا يُنكر على من فعل هذا ولا من فعل هذا، يعني على من فعل التكبير جميعاً، ولا على من فعله أفراداً، لأن النصّ محتمل، ولكنّ الترجيح: أن يكون كل إنسان يكبّر وحده، لأن الأصل عدم الاجتماع فيكون كلّ واحد يكبّر. وفي هذا دليل على أن الناس في مصلى العيد يرفعون أصواتهم بالتكبير، لقوله : ( يكنَّ خلف الناس يُكبّرن مع الناس ) وهذا يدل على أنهم يرفعون أصواتهم فتسمعهم النساء اللاتي خلْف الرجال.
وحدثنا عمرو الناقد حدثنا عيسى بن يونس حدثنا هشام عن حفصة بنت سيرين عن أم عطية قالت أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نخرجهن في الفطر والأضحى العواتق والحيض وذوات الخدور فأما الحيض فيعتزلن الصلاة ويشهدن الخير ودعوة المسلمين قلت يا رسول الله إحدانا لا يكون لها جلباب قال لتلبسها أختها من جلبابها
القارئ : وحَدَّثَنَا عَمْرٌو النَّاقِدُ، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ حَفْصَةَ بِنْتِ سِيرِينَ، عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ، قَالَتْ: ( أَمَرَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنْ نُخْرِجَهُنَّ فِي الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى، الْعَوَاتِقَ، وَالْحُيضَ، وَذَوَاتِ الْخُدُورِ، فَأَمَّا الْحُيَّضُ فَيَعْتَزِلْنَ الصَّلَاةَ، وَيَشْهَدْنَ الْخَيْرَ، وَدَعْوَةَ الْمُسْلِمِينَ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ إِحْدَانَا لَا يَكُونُ لَهَا جِلْبَابٌ، قَالَ: لِتُلْبِسْهَا أُخْتُهَا مِنْ جِلْبَابِهَا ) الشيخ : في هذا دليل على أن الاجتماع على الخير مظنّة الإجابة، لقولها رضي الله عنها : ( يشهدن الخير، ودعوة المسلمين ) وهذا لا شكّ أنه كلّما اجتمع الناس على الخير فهو أقرب للإجابة. وفيه أيضاً: أنه لا يجوز للمرأة أن تخرج إلا بجلباب، والجلباب كالعباءة عندنا، فلا بد أن يكون عليها جلباب يسترها، ويدل لذلك: أنها لما قالت إحدانا لا يكون لها جلباب لم يقل فلتخرج لأن هذا منتهى قُدرتها، بل قال (فلتلبسها أختها من جلبابها). وفي هذا أيضاً دليل على جواز إعارة الثياب ونحوها، لأنها لا تلبسها أختها من الجلباب إلا على سبيل العاريَّة، ولهذا قال: لتلبسها ولم يقل لتعطها. ولا شكّ أن إعارة مثل الثياب والأواني، والسّاعات والأقلام لا شك أن فيه خيراً كثيراً، ولهذا ذمّ الله عز وجل الذين يمنعون الماعون لكونهم لا يُعيرون الشّيء الذي يُسْتفاد منه ولا ضرر، أما إذا كان الإنسان يخاف من ضرر فلا بأس أنْ يمتنع عن الإعارة، كما لو كان بعض الناس إذا استعار أفسد المعار، فهذا لا بأس أن تمتنع منه، بعض الناس إذا أعرْته كتاباً وجدته معلِّقاً عليه، على الهوامش، والحواشي، وبين الأسطر، ثمَّ إذا تأملت بعض التعليقات فإذا هي غلط، فيجتمع جنايتان: جناية التّصرف في مُلْك الغير، وجناية الغلط، ولهذا لا يجوز للإنسان إذا استعار كتاباً أن يُعلِّق عليه ولا كلِمة، إلا بإذن صاحبه، أما تصحيح الخطأ فقد يُقال بالجواز وقد لا يُقال بالجواز، أما القول بالجواز فلأن تصحيح الخطأ فيه مصلحة، أما القول بعدم الجواز: فلأن بعض مُلَّاك الكُتب لا يحبّون أن يكون في الكتاب كتابة غريبة، بل تجده لو وجد خطأ ضربه بالطّامس وما أشبه ذلك.
هل على من امتنع من إعارة سيارته خوفا من وقوع حادث حرج.؟
السائل : بعض الناس يستعير السيارة من أخيه وتكون الحاجة شديدة، لكن صاحب السيارة قد يخشى مثلا من وقوع حادث فتكون المسؤولية على صاحب السيارة؟ الشيخ : لا بأس أن يمتنع، السيّارات الآن لا تعرها إلا لإنسان تثق به تماماً، من حيث العقل، وعدم الطّيش، لأن بعض الناس إذا لم تكن السّيارة له تجده يعبث فيها عبَثاً ربّما يُخلُّ بالمروءة.
كيف أمر النبي صلى الله عليه وسلم العواتق بالخروج للعيد مع أنها سنة.؟
السائل : بارك الله فيكم شيخ ذكرنا أن صلاة النساء يوم العيد سنة مستحبة، فكيف توجيه أمر النبي لأم عطية يعني ذهب بعض العلماء إلى الوجوب مستدلين بهذا الأمر وبقرينة أمره صلى الله عليه وسلم للحيَّض والعواتق ، ما توجيهكم ؟ الشيخ : من قال بالوجوب؟ السائل : الحقيقة سمعت بعض طلاب العلم.. الشيخ : من قال بالوجوب، اترك طلاب العلم، طلاب العلم الآن بنوا على أن الأصل في الأمر الوجوب لكنهم لا يعبؤون، ولا يهتمّون بكلام العلماء السّابقين، وهذا خطأ وضرر، أولاً: العلماء مختلفون هل الأمر للوجوب أو الأصل أنه للاستحباب، هذه واحدة، ليس هو محل إجماع حتّى يستدل به ويقول هذا أمر للوجوب، وثانياً: يجب على الإنسان أن يرجع أن يرجع إلى كلام العلماء السّابقين، هل أحد قال بهذا القول؟ أما صبيّ في العلم، يأتيه الأمر يُعْرَف بإجماع العلماء أنه ليس للوجوب، ويقول إنه للوجوب! مع أنك لو تبحث معه في أدنى شيء من أصول الفقه ما عرَف شيئاً، فقط مسَك ب"الأمر للوجوب والنهي للتحريم"، وخلاص كل أمر فهو للوجوب وربّما يجعله من أركان الإسلام، وكل نهي فهو للتحريم وربما يجعله من كبائر الذّنوب، هذا غلط، هذا مسلكٌ ليس بجيّد، فهل أحد من العلماء السّابقين قال إنها للوجوب، حتى نقول هذا هو الأصل؟ إن قلنا بأن الأصل للوجوب، أما إذا قلنا بأن الأصل للاستحباب، وأن أوامر الله ورسوله إذا لم يقم دليل على وجوبها فالأصل براءة الذمة وعدم التأثيم، هذا هو الأصل، وعلى هذا فيكون الأمر للاستحباب.
وحدثنا عبيد الله بن معاذ العنبري حدثنا أبي حدثنا شعبة عن عدي عن سعيد بن جبير عن بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج يوم أضحى أو فطر فصلى ركعتين لم يصل قبلها ولا بعدها ثم أتى النساء ومعه بلال فأمرهن بالصدقة فجعلت المرأة تلقي خرصها وتلقي سخابها
القارئ : وحَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَدِيٍّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، ( أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ يَوْمَ أَضْحَى، أَوْ فِطْرٍ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، لَمْ يُصَلِّ قَبْلَهَا وَلَا بَعْدَهَا، ثُمَّ أَتَى النِّسَاءَ وَمَعَهُ بِلَالٌ، فَأَمَرَهُنَّ بِالصَّدَقَةِ، فَجَعَلَتِ الْمَرْأَةُ تُلْقِي خُرْصَهَا، وَتُلْقِي سِخَابَهَا ) الشيخ : الخُرْص: ما يُعلَّق في الأذن، والسَّخاب: القلادة التي تتقلّد بها المرأة، وقوله في هذا الحديث : ( فصلّى ركعتين لم يصلّ قبلها ولا بعدها ) يدلّ على أنه ليس قبل صلاة العيد سنة، ولا بعدها سنة، وهو كذلك فإنه لم يرد لها راتبة قبلها ولا بعدها، وأما إذا كان لسبب، فما كان لسبب فإنه يتقيّد به، وعلى هذا فلا ينفي ذلك استحباب سنّة المسجد، يعني تحيّة المسجد لمن جاء قبل الإمام، أما الإمام فمعلوم أنه لا يمكن أن يصلّي تحيّة المسجد، لأنه إذا جاء سيباشر الصلاة، وبعد الصلاة سوف يعظ الناس ويوجههم ويخطب فيهم، ثم ينصرف الناس، فلا مكان للصلاة قبلها، ولا بعدها بالنسّبة للإمام، أما المأموم فإنه إذا جاء قبل الإمام فيُقال له: لا تجلس حتّى تصلّي ركعتين، لأن هذا مصلّى مسجد فيدخل في العموم.
حدثنا يحيى بن يحيى قال قرأت على مالك عن ضمرة بن سعيد المازني عن عبيد الله بن عبد الله أن عمر بن الخطاب سأل أبا واقد الليثي ما كان يقرأ به رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأضحى والفطر فقال كان يقرأ فيهما ب ق والقرآن المجيد واقتربت الساعة وانشق القمر
القارئ : حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ، عَنْ ضَمْرَةَ بْنِ سَعِيدٍ الْمَازِنِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ: ( أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ سَأَلَ أَبَا وَاقِدٍ اللَّيْثِيَّ: مَا كَانَ يَقْرَأُ بِهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْأَضْحَى وَالْفِطْرِ؟ فَقَالَ: كَانَ يَقْرَأُ فِيهِمَا بِ (( ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ)) وَ ((اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ )) ) الشيخ : وسبق أنهه يقرأ فيهما أحياناً بالأعلى والغاشية، وعلى هذا فإنه ينبغي للإمام أن يقرأ تارة بهذا وتارة بهذا، وينبغي له أن يلاحظ بذلك أحوال الناس، احوال الجو مثلاً، فإذا كان الجوّ بارداً فهنا قد نقول أن الأفضل أن تقرأ بسبح والغاشية، وإذا كان الجو معتدلاً فليقرأ ب (( ق )) ، و (( اقترت الساعة ))، لئلا يشق على الناس، فيحصل على السّنة بدون مشقّة.
السائل : مر علينا في الدرس أن النساء يكبرن بتكبير الناس، ألا يخشى من ذلك أن تعلو أصوات النساء ؟ الشيخ : لا، بدون علو، المرأة في مجامع الرجال الأفضل لها ألا ترفع صوتها، ولهذا أمرت المرأة إذا حصل سهو من الإمام أمرت بالتصفيق، لكن المراد أن يكبرن يسعني يتابعن، السائل : ... الشيخ : لا بتكبيرهم ، تكبيرهم يعني الذكور.
خطبة العيد هل مثل الجمعة في تقصيرها وتطويل الصلاة.؟
السائل : بارك الله فيك ، من المعلوم أن خطبة يوم العيد الغالب أن الإمام يتكلم عن أصول الإسلام والأمور التي يقع فيها الناس غالباً، فهل الأحسن لو قرأ ق والقمر ، يعني يقصر الخطبة ، لأن الناس يملون من التطويل؟ الشيخ : أن عرفت أنه مر علينا ( أن طول صلاة الرجل، وقصر خطبته مئنّة من فقهه )، فليجعلها على وجهٍ لا يُملّ، لكن لا يدع السّنة من أجل أن يطوّل الخطبة، بل نقول: افعل السّنة والخطبة حسب الحال. السائل : والعكس يا شيخ ؟ الشيخ : كيف؟ السائل : قراءة الشيخ : العكس ايش؟ السائل : يقرأ ق والقمر ،... الشيخ : لا ما هو صحيح ، ما أحد يقصر يعني يقول : الحمد لله رب العالمين وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمد عبده ورسوله أما بعد : يا أيها الناس اتقوا الله والسلام وعليكم. السائل : عشر دقائق الشيخ : عشر دقائق كثير.
قوله :( يكبرن مع الناس) هل يحتمل الجماعة ويحتمل الإفراد .؟
السائل : قوله : ( يكبّرن مع الناس ) ألا نقول هذا مشتبه ويرجع فيه إلى المحكم ؟ الشيخ : وهو ؟ السائل : يكبرن مع الناس، التكبير الجماعي يحتمل الإفراد الشيخ : وما هو المحكم؟ السائل : المحكم هو فمنا المكبر ومنا المهل الشيخ : هذا في الحج. السائل : وغيرها من الأحاديث. الشيخ : أين ؟ لك إلى أن يأتي الدرس بعد ليلة أنا رجّحت الإفراد لأن الأصل عدم الاجتماع، هذا الأصل أن كل إنسان يكبّر بنفسه. السائل : على القول بالاجتماع هل يكون خاص بالمسجد؟ الشيخ : اي ما في شك الناس جالسين ينتظرون الصلاة.
وحدثنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا أبو عامر العقدي حدثنا فليح عن ضمرة بن سعيد عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن أبي واقد الليثي قال سألني عمر بن الخطاب عما قرأ به رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم العيد فقلت باقتربت الساعة وق والقرآن المجيد
القارئ : وحدثنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا أبو عامر العقدي حدثنا فليح عن ضمرة بن سعيد عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن أبي واقد الليثي قال: ( سألني عمر بن الخطاب عما قرأ به رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم العيد فقلت ب ((اقتربت الساعة)) و (( ق، القرآن المجيد )) ) الشيخ : السّياق الأول أحسن، لأن الأول ذكر ق، واقتربت، وهذا قدّم اقتربت.
الشيخ : وفي هذا الحديث دليل على تواضع أمير المؤمنين عمر بن الخطّاب رضي الله عنه، حيث سـأل أبا واقد الليثي، وفيه أيضاً: أنه قد يكون عند الأصاغر من العلم ما ليس عند الأكابر، ((وفوق كلّ ذي علمٍ عليم))، وفيه أيضاً: أنه ينبغي للإنسان أن يتواضع للحق، إذا أشكل عليه شيء يسأل ولو كان المسؤول دونه علماً، ورتبةً، لأنه قد يكون عند الصغير ما ليس عند الكبير، ومن أظرف ما مرّ بي: أنا كنّا نختبر صغاراً فيما سبق مدّة طويلة، فسألته: أين الضمير فيما إذا قلت: زيدٌ قام، الضمير في قام ؟ فقال: الضّمير خفي، يعني مستتراً، فرأيت أن أعطيه نمرةكاملة على هذا الجواب، لأنه أجاب بالمعنى الذي ربّما أن يكون مثل تعبير النّحويين أو أحسن، استفدنا من هذا الطالب.
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا أبو أسامة عن هشام عن أبيه عن عائشة قالت دخل علي أبو بكر وعندي جاريتان من جواري الأنصار تغنيان بما تقاولت به الأنصار يوم بعاث قالت وليستا بمغنيتين فقال أبو بكر أبمزمور الشيطان في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وذلك في يوم عيد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أبا بكر إن لكل قوم عيدا وهذا عيدنا
القارئ : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا أبو أسامة عن هشام عن أبيه عن عائشة قالت: ( دخل علي أبو بكر وعندي جاريتان من جواري الأنصار تغنيان بما تقاولت به الأنصار يوم بعاث قالت وليستا بمغنيتين فقال أبو بكر أبمزمور الشيطان في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وذلك في يوم عيد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أبا بكر إن لكل قوم عيداًوهذا عيدنا ).
حدثني هارون بن سعيد الأيلي حدثنا بن وهب أخبرني عمرو أن بن شهاب حدثه عن عروة عن عائشة أن أبا بكر دخل عليها وعندها جاريتان في أيام منى تغنيان وتضربان ورسول الله صلى الله عليه وسلم مسجى بثوبه فانتهرهما أبو بكر فكشف رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه وقال دعهما يا أبا بكر فإنها أيام عيد وقالت رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسترني بردائه وأنا أنظر إلى الحبشة وهم يلعبون وأنا جارية فاقدروا قدر الجارية العربة الحديثة السن
القارئ : حدثني هارون بن سعيد الأيلي حدثنا بن وهب أخبرني عمرو أن بن شهاب حدثه عن عروة عن عائشة: ( أن أبا بكر دخل عليها وعندها جاريتان في أيام منى تغنيان وتضربان ورسول الله صلى الله عليه وسلم مسجى بثوبه فانتهرهما أبو بكر فكشف رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه وقال دعهما يا أبا بكر فإنها أيام عيد وقالت: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسترني بردائه وأنا أنظر إلى الحبشة وهم يلعبون وأنا جارية فاقدروا قدر الجارية العربة الحديثة السن ).
الشيخ : في هذا الحديث وما يأتي بعده دليل على يُسْر الإسلام وسهولته، وأنه يعطي النفوس بعض الحظ مما لا يكون سائغاً في غير هذه المناسبة. العيد يوم فرح، يفرح المسلمون بالعيد، أما عيد الفطر فيفرحون بأنهم أدوا ركناً من أركان الإسلام الذي فرضه الله عليهم، فيفرحون بذلك، ويريدون أن يحصل لهم نوع من اللعب والترويح عن النفس، فرخّص النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك، وقال في الجاريتين: إنها أيام عيد، فهنا علل النبي صلى الله عليه وسلّم بشيء واحد وهو أن الأيام أيام عيد فهل نقول هذا التعليل يُضمّ إلى قوله: ( جاريتان )؟ فنقول: لا بد من شرطين أن يكون الضّارب بالدّف والمغني من صغار الناس، والثاني: أن يكون في أيام العيد، يحتمل هذ وهذا، إن بنينا الحكم على السّبب قلنا لا بد أن تكون جاريتين، وإن أخذنا بالعموم، وقلنا: إن الرسول عليه الصلاة والسلام لا يُمكن أن يُهمل شيئاً شرطاً في الجواز بدون أن يُقيّده، يعني الرسول عليه الصلاة والسّلام لمّا قال :( إنها أيام عيد ) ولم يقل وهما جاريتان فهذا يدلّ على أن العلّة المبيحة لمثل هذا كونها أيام عيد، لأجل أن يُعطي الإنسان نفسه حظّها من الفرح والسّرور، ونظير ذلك ولكنه ضدّه: أن تُعطى النّفس حظّها من الحزن والتَّحزّن وذلك أن الشارع أذِن للإنسان أن يُحدّ على الميت ثلاثة أيام، لأن النفس تكون منقبضة مع المصيبة، تحتاج إلى شيء يخفف عنها الحزن، ويُخرج ما في النّفس من الحزن فأذِن لها بثلاثة أيام فقط، وهذه من حكمة الشّرع، أن الشرع لا يشق على النّفوس والحمد لله ومن ثَمَّ وبالمناسبة أودّ أنه إذا بكى الصّبي أن تسكّته، وتقول له: اسكت اسكت، بل خلِّه يصيح، حتّى يقضي وطره، وبعدين يسكت، لأنه في صدره شيء، يحتاج إلى تفريج، خليه يفرّج عنه أحسن من كونك تقهره وتقول له اسكت وإلا ضربتك، أو بعض الناس يقول: اسكت وإلا يأتيك الذئب أو يأتيك الكلب، فينزعج، حقيقةً بعض الناس والعياذ بالله لا يعرف أن يربي، على كلّ حال هذا مما يدلّنا على أن الإسلام دين فطرة. وفي هذا الحديث دليل على أن الغناء مع الدّف من مزامير الشّيطان، والدّليل أن النبي صلى الله عليه وسلّم أقرّ أبا بكر على ذلك، وفيه دليل على أن هذه المزامير تجوز في أيام العيد، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أقر الجاريتين حتّى إنه كان مسجّىً نائماً عليه الصلاة والسلام فكشف عن وجهه حتّى قال لأبي بكر: إنها أيام عيد. وفيه أيضاً: جواز الدّف يعني أن يُضرب بالدّف مع أنه من آلات اللهو والمعازف، فهل نقتصر على الدّف أو نقول: يجوز الضّرب بالطّبل، والتّنكة، والصحن، وما أشبه ذلك، يحتمل هذا وهذا، يحتمل أن المستعمل في عهدهم أكثر ما يُستعمل الدُّف، فلهذا استعملوه، ويحتمل أن يُقال: الدُّف أخف نغمة من الطّبل وأسهل، ولْنقتصر على ما هو أخف: لأن الأصل هو المنع والتّحريم، فنقتصر على ما ورد، ونقول: لا يجوز ن المعازف إلا الدف فقط، أما الطّبل والمزمار فلا يجوز، التّنكة: ننظر هل هي أشدّ وقعاً وتأثيراً من الدّف أو دونه، إما أن تكون مثله، أو دونه، أو أكثر، فإن كانت أكثر منعناها كما نمنع الطّبل، وإلا فلا. وكذلك الصّحن، الصّحن أظنّه دون الدُّف، ما يحصل للنفوس من الطّرب مثل ما يحصل للدف، وعلى هذا فيتقيّد بالدُّف دون الطّبل وقولها رضي الله عنها : ( ليستا بمغنيّتين ) : نفت وصفهما بذلك، لا الفعل، لأن هناك فرق بين أن يفعل الإنسان الشيء مرّة فلا يُقال إنه مغني، ولكن يُقال: غنّى، المغنّي من اتّخذ الغناء مهنة له، هذا المغنّي. وفيه أيضاً أن دين الإسلام ولله الحمد شارك غيره من الأديان في مشروعيّة الأعياد، وأنه ليس هناك عيد في الإسلام إلا الأعياد الشرعية لقوله صلى الله عليه وسلّم : (هذا عيدنا)، فلا عيد لتولّي الملك السّلطة، ولا عيْد أيضاً لأي شيء من الأشياء إلا ما كان مشروعاً مثل: لأضحى، والفطر، والجمعة، ثلاثة أعياد، أما غيرها فلا، لأننا نعلم أن الصحابة رضي الله عنهم انتصروا في بدر، ومع ذلك لم يُقيموا للانتصار عيداً، لا بعد تمام الحول، ولا بعد تمام العشرة أحوال ولا غير ذلك، ومعلوم أن انتصار المسلمين في يوم بدر ليس له نظير حتّى أن الله تعالى سمّاه يوم الفرقان، ولا نظير له، ومع هذا لم يُقم الله له عيداً. طيب، العيد بمولد النبي عليه الصلاة والسّلام مثله؟ نعم مثله، ليس بعيد، وليس بمشروع، كل عيد سوى الأعياد الثلاثة الأضحى والفطر، والجمعة ليست بمشروعة. في آخر الحديث قالت: ( رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتُرُنِي بِرِدَائِهِ، وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَى الْحَبَشَةِ، وَهُمْ يَلْعَبُونَ وَأَنَا جَارِيَةٌ، فَاقْدِرُوا قَدْرَ الْجَارِيَةِ الْعَرِبَةِ الْحَدِيثَةِ السِّنِّ ). في هذا دليل على أن بعض الألعاب يرخّص فيها للصغار ما لا يرخص للكبار، وهذا كثير، يوجد ألعاب هي حرام بالنسبة للكبار لكن بالنسبة للصغار لا بأس بها، لأن الصغير لا بدّ أن يُعطى شيئاً من الفسحة حتّى ينطلق، ... وفيه دليل على أن الإنسان يجب أن يعطي الصغار شيئاً من الحرّة، في اللعب الذي ليس بحرام وفيه أيضاً دليل على جواز نظر المرأة للرجل، لأن النبي صلى الله عليه وسلّم أقرّ عائشة على النّظر للحبشة وهم يلعبون، وفيه دليل على ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم من حسن الخلق، حيث مكّن أهله أن ينظروا إلى هؤلاء وهم يلعبون، لأنها تريد هذا، كانت صغيرة، لمّا توفي النبي صلى الله عليه وسلّم كان سنها؟ ثمانية عشر سنة، صغية ، فهي تريد أن ترى هؤلاء وهم يلعبون. وفي هذا دليل على أن الحبشة يحبّون اللعب، أليس كذلك ؟ نعم، ولهذا كانوا يلعبون في المسجد، ومكنهم الرسول صلى الله عليه وسلم من ذلك ، وذلك لخفّة نفوسهم، نفوسهم خفيفة، تحب اللعب وتحب المرح كثيراً، فهل نعطيهم الحرّة فيما كان مباحاً؟ نعم ، نعطيهم الحرية فيما كان مباحاً.
وحدثني أبو الطاهر أخبرنا بن وهب أخبرني يونس عن بن شهاب عن عروة بن الزبير قال قالت عائشة والله لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم على باب حجرتي والحبشة يلعبون بحرابهم في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم يسترني بردائه لكي أنظر إلى لعبهم ثم يقوم من أجلي حتى أكون أنا التي أنصرف فاقدروا قدر الجارية الحديثة السن حريصة على اللهو
القارئ : وحدثني أبو الطاهر أخبرنا بن وهب أخبرني يونس عن بن شهاب عن عروة بن الزبير قال: قالت عائشة: ( والله لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم على باب حجرتي والحبشة يلعبون بحرابهم في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم يسترني بردائه لكي أنظر إلى لعبهم ثم يقوم من أجلي حتى أكون أنا التي أنصرف فاقدروا قدر الجارية الحديثة السن حريصة على اللهو ). الشيخ : الله أكبر ، شيء عجيب ، يعني قومٌ يعرِضون في المسجد، لأن اللعب بالحِراب كاللعب بالبنادق عندنا والسّيوف، العرْضَة يفعلونها في المسجد، ما ظنّكم لو فُعِلت الآن؟، لكان بعض الناس يهدم المسجد على من فيه، لأن هذا عندهم من أعظم المنكر، وهذا النبي عليه الصلاة والسلام إمام الأمّة مكّنهم أن يلعبوا في المسجد. وفيه أيضاً دليل على حسن خلق النبي عليه الصلاة والسلام، وذلك لأنه قام حتّى قضت نهمتها، يقوم حتّى تكون هي التي تنصرف، يعني لا يقول خلاص، أتني رأيتيهم أول مرة، وانتهى لا، يجعها تبقى حتّى تقضي نهمتها، ولا غرابة في ذلك، فإن النبي عليه الصلاة والسّلام أحسن الناس خُلُقاً، كان ساجداً ذات يوم وجاءه الحسن أو الحُسين وارتحَلَه، فارتحله ركب عليه، كما يفعل الصّبيان الآن، فأطال السجود، وأخبر أنه ارتحله ابنه فأراد أن يقضيَ نهمَتَه، وهذا من حُسن الخلق نسأل الله أن يعيننا على ذلك. وفيه أيضاً: على أن الألعاب من اللهو، ولكنّها لهوٌ مُباح، والظّاهر والله أعلم من سياق مسلم لحديث هؤلاء الظاهر أن ذلك كان أيام العيد. القارئ : حدثني هارون بن سعيد الأيلي ويونس بن عبد الأعلى واللفظ لهارون قالا: حدثنا بن وهب أخبرنا عمرو أن محمد بن عبد الرحمن حدثه عن عروة عن عائشة قالت: ( دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم وعندي جاريتان تغنيان بغناء بعاث فاضطجع على الفراش وحول وجهه فدخل أبو بكر فانتهرني وقال مزمار الشيطان عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقبل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال دعهما فلما غفل غمزتهما فخرجتا وكان يوم عيد يلعب السودان بالدرق والحراب فإما سألت ... )