كتاب الجمعة والعيدين والإستسقاء والكسوف والجنائز-06b
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
صحيح مسلم
الحجم ( 5.43 ميغابايت )
التنزيل ( 553 )
الإستماع ( 29 )
تتمة شرح حديث أبي موسى قال خسفت الشمس في زمن النبي صلى الله عليه وسلم فقام فزعا يخشى أن تكون الساعة حتى أتى المسجد فقام يصلي بأطول قيام وركوع وسجود ما رأيته يفعله في صلاة قط ثم قال إن هذه الآيات التي يرسل الله لا تكون لموت أحد ولا لحياته ولكن الله يرسلها يخوف بها عباده فإذا رأيتم منها شيئا فافزعوا إلى ذكره ودعائه واستغفاره وفي رواية بن العلاء كسفت الشمس وقال يخوف عباده
الشيخ : هل المراد بذلك يوم القيامة أو المراد ساعة العذاب يخشى أن الله عز وجل أنزل العذاب بالأمة أو المراد أن تخيل الناقل أنه من شدة فزعه كفزع من يخشى أن تكون الساعة قد قامت ، وبقي احتمال رابع أنه يخشى أن تكون الساعة التي هي يوم القيامة ، الاحتمال الرابع هذا غير وارد لأن النبي صلى الله عليه وسلم يعلم أن الساعة لها أشراط وعلامات تسبقها وأنها لن تقوم في هذا اليوم ، فيبقى علينا أن تكون ايش؟ الساعة ساعة العذاب، أو أن الراوي تخيل أن فزعه كان عظيماً كفزع من يخشى أن تكون الساعة . وقوله : يخشى أن تكون الساعة حتى أتى المسجد، سبق لنا أنه أمر منادياً ينادي فيقول: الصلاة جامعة،
وحدثني عبيد الله بن عمر القواريري حدثنا بشر بن المفضل حدثنا الجريري عن أبي العلاء حيان بن عمير عن عبد الرحمن بن سمرة قال بينما أنا أرمي بأسهمي في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ انكسفت الشمس فنبذتهن وقلت لأنظرن إلى ما يحدث لرسول الله صلى الله عليه وسلم في انكساف الشمس اليوم فانتهيت إليه وهو رافع يديه يدعو ويكبر ويحمد ويهلل حتى جلي عن الشمس فقرأ سورتين وركع ركعتين
وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا عبد الأعلى بن عبد الأعلى عن الجريري عن حيان بن عمير عن عبد الرحمن بن سمرة وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال كنت أرتمي بأسهم لي بالمدينة في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ كسفت الشمس فنبذتها فقلت والله لأنظرن إلى ما حدث لرسول الله صلى الله عليه وسلم في كسوف الشمس قال فأتيته وهو قائم في الصلاة رافع يديه فجعل يسبح ويحمد ويهلل ويكبر ويدعو حتى حسر عنها قال فلما حسر عنها قرأ سورتين وصلى ركعتين
القارئ : وحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، عَنِ الْجُرَيْرِيِّ، عَنْ حَيَّانَ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ، وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: ( كُنْتُ أَرْتَمِي بِأَسْهُمٍ لِي بِالْمَدِينَةِ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذْ كَسَفَتِ الشَّمْسُ، فَنَبَذْتُهَا، فَقُلْتُ: وَاللهِ لَأَنْظُرَنَّ إِلَى مَا حَدَثَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي كُسُوفِ الشَّمْسِ، قَالَ: فَأَتَيْتُهُ وَهُوَ قَائِمٌ فِي الصَّلَاةِ رَافِعٌ يَدَيْهِ، فَجَعَلَ يُسَبِّحُ، وَيَحْمَدُ، وَيُهَلِّلُ، وَيُكَبِّرُ، وَيَدْعُو، حَتَّى حُسِرَ عَنْهَا، قَالَ: فَلَمَّا حُسِرَ عَنْهَا، قَرَأَ سُورَتَيْنِ وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ). الشيخ : هذا فيه إشكال، بل إشكالات: الأول: أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم رافعٌ يديه رَافِعٌ يَدَيْهِ، يُسَبِّحُ، وَيَحْمَدُ، وَيُهَلِّلُ، وَيُكَبِّرُ، وَيَدْعُو، حَتَّى حُسِرَ عَنْهَا، والمعروف أنه كان يصلي ويقرأ ويركع، ويسجد، حتى حُسِر عنه. وثانياً: أن فيه أنه رفع يديه، ولم يُذكر ذلك في الأحاديث السابقة والثالث: أنه قال: فلما حُسِر عنها قرأ سورتين، وصلّى ركعتين، وهذا أيضاً مخالف لما سبق، لأن الرسول بدأ أول ما بدأ بالصلاة، ولم يترك الصلاة حتى انحسر الكسوف، لذلك، هذا من جملة ما سيتعرض له من يدخل المسابقة إن شاء الله، حتى يتبين معنى هذا الحديث أو شذوذ هذا الحديث. طيب، كيف يرمي بأسهمه يرمي من؟ الظاهر أنه يتدرب، ولهذا ينبغي على الإنسان أن يتدرّب على الأسلحة، كل وقت في وقته، في الوقت المناسب، لقوله تعالى: ((وأعدّوا لهم ما استطعتم من قوّة ))، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (ألا إن القوة الرمي) وجعل يكررها، ألا إن القوة الرمي، والرمي كما هو معروف في عهد النبي عليه الصلاة والسلام بالسهم والقوس، والأشياء السهلة التي ليست شيئاً الآن، أما اليوم فالرمي بالصواريخ، والقنابل وغير ذلك، نسأل الله أن يعيد لنا ذلك الوقت.
حدثنا محمد بن المثنى حدثنا سالم بن نوح أخبرنا الجريري عن حيان بن عمير عن عبد الرحمن بن سمرة قال بينما أنا أترمى بأسهم لي على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ خسفت الشمس ثم ذكر نحو حديثهما
وحدثني هارون بن سعيد الأيلي حدثنا بن وهب أخبرني عمرو بن الحارث أن عبد الرحمن بن القاسم حدثه عن أبيه القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق عن عبد الله بن عمر أنه كان يخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال إن الشمس والقمر لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته ولكنهما آية من آيات الله فإذا رأيتموهما فصلوا
وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ومحمد بن عبد الله بن نمير قالا حدثنا مصعب وهو بن المقدام حدثنا زائدة حدثنا زياد بن علاقة وفي رواية أبي بكر قال قال زياد بن علاقة سمعت المغيرة بن شعبة يقول انكسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم مات إبراهيم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته فإذا رأيتموهما فادعوا الله وصلوا حتى ينكشف
القارئ : وحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيْرٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا مُصْعَبٌ وَهُوَ ابْنُ الْمِقْدَامِ، حَدَّثَنَا زَائِدَةُ، حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ عِلَاقَةَ، وَفِي رِوَايَةِ أَبِي بَكْرٍ، قَالَ: قَالَ زِيَادُ بْنُ عِلَاقَةَ: سَمِعْتُ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ، يَقُولُ: ( انْكَسَفَتِ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ مَاتَ إِبْرَاهِيمُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللهِ، لَا يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ، وَلَا لِحَيَاتِهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمَا فَادْعُوا اللهَ وَصَلُّوا حَتَّى تَنْكَشِفَ ). الشيخ : نعم، انتهي الكلام على صلاة الكسوف، وسوف إن شاء الله آتي غداً بعناصر البحث المطلوب للمسابقة، ونؤجل البحث فيه والفحص إلى ما بعد الاختبار، يعني لا نلزمكم بأن تجيبوا في أيام الاختبار، أيام الاختبار عندكم شغل، نعم.
هل ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم وعظ النساء في الكسوف كما في العيد.؟
السائل : وقع في رواية مسلم رواها عن ابن عباس أن النبي عليه الصلاة والسلام وعظ النساء بعد الصلاة، وجاء أنه قال لهن: ( إنكن تكفرن العشير )، وهذه الرواية الوحيدة التي رواها مسلم في هذا السياق في باب الكسوف، ونفس صيغة الوعظه هي التي وقعت في صلاة العيد ؟ الشيخ : ما الإشكال، هو في صلاة الكسوف لم يخطب النساء، ما ذكر أنه ذهب إلى النساء، ولكن قال: إني رأيت النار ورأيت أكثر أهلها النساء، أما في العيد ما قال: إني رأيت النار، قال: تصدّقن فإنكن أكثر أهل النار، ما في إشكال.
السائل : بالنسبة للحركة، حركة الرجل في الصلاة، رجل يصلي وأمامه رجل ، تحرك هذا الرجل فهل للمصلي أن يتقدم ويتخذ سترة أخرى ؟ الشيخ : إي نعم، الظاهر أنه لا بأس، وقد يُقال مثلاً إن هذا من جنس المأموم إذا سلّم إمامه، سمعتم سؤال الأخ ؟يقول إنسان اتخذ رجلاً سترة ثم إن هذا الرجل قام، فهل للمصلي أن يتقدم إلى سترة أخرى أو نقول: هو ابتدأ الصلاة بسترة وامتثل الأمر، وإذا زالت السترة فلا عليه، كما لو كان مأموماً قد فاته بعض الصلاة فهو في سترة مع الإمام، وإذا انتهى الإمام فإنا لا نأمره أن يتقدم إلى سترة أو يذهب إليها، نقل صل كما أنت
هل صلاة النبي صلى الله عليه وسلم الكسوف خوفا من أن يكون عذابا.؟
السائل : هل صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في الكسوف خوفاً من أن يصاحب هذا الحدث عذاب ...؟ الشيخ : لا بل خاف، لا شك أنه خاف، إذا كان الرسول إذا رأى السحاب، والغيم قال: أخشى أن يكون عذاب، هذا من باب أولى. السائل : لو قال قائل إن هذه حركات كونية فلكية ما فيها شيء ... الشيخ : نقول هذا كقول الكفار (( وإن يروا كسفاً من السماء ساقطاً يقولوا سحاب مركوم ))
هل العبث بالأنف في الصلاة يعد من الكركة المكروهة.؟
السائل : إدخال الإصبع في الأنف، هل يعتبر من الحركة المباحة أم المكروهة؟ الشيخ : لا هذه من المكروهة في الصلاة إلا إذا كان لسبب كأن يكون رعف أنفُه وأمسكه، ثم إنها من ناحية أدبية غير لائقة يعني، الناس يشمئزون، ويتقززون إذا رأوا إنساناً أدخل أصبعه في أنفه. السائل : لو كان فيه مثلاً جفاف. الشيخ : المهم إذا كان لحاجة لا بأس، لكن إذا كان يصلي وفي جفاف في أنفه وأدخل أصبعه من أين يأتيه ...؟
السائل : هل نستفيد من حديث ابن عباس السابق جواز استقبال النار؟ الشيخ : هذا سؤال مهم، سؤال مهم ونرجو أن يكون مفيداً، يقول: هل يُستفاد منه لما عُرضت النار على الرسول عليه الصلاة والسلام في صلاة الكسوف أنه لا بأس أن يستقبل المصلي النار؟ وتكون في قبلته؟ أو لا؟ أو نقول: هذه نارٌ رءاها الرسول عليه الصلاة والسلام، وهي خاصّةٌ به؟ ولسبب، فلا تدل على كراهة الصلاة إلى النار، ولا إلى إباحته، هذا هو الأقرب، لكن يُقال: ما هو الدليل على كراهة الصلاة إلى النار، هذا الذي يحتاج إلى دليل، الدليل: كرِه العلماء ذلك رحمهم الله، وعلّلوه، في أن هذا يُشبه صلاة المجوس إلى النار، لأن المجوس يُصلون إلى النار يعبدونها، فهل نُعدّي ذلك إلى لمبات المساجد وإلى مباخر الطيب؟ وإلى المدفأة؟ أو نقول: إن هذه ليست كالنار التي يعبدها المجوس حيث يُشعلونها، حتى يكون لها لهيب ويصلون إليها، الظاهر الثاني، وأن الذي ليس له لهيب لا يُعدّ تشبّهاً بالمجوس.
ما معنى قوله :( ما من شيء لم أكن رأيته إلا قد رأيته في مقامي هذا ) .؟
السائل : مر علينا حديث عائشة أنه صلى الله عليه وسلم قال في خطبته : ( أما بعد فإنه ما من شيء إلا قد رأيته في مقامي هذا ) كيف الجمع بين هذا وبين رؤيته صلى الله عليه وسلم للجنة ...؟ الشيخ : ليس هناك تعارضٌ أصلاً، القصّتان منفردتان ، كل واحدة رأى فيها النبي صلى الله عليه وسلم ما لم يره في الآخر.
السائل : رجل في الصلاة أراد أن يأخذ منديلاً، هو قائم يصلي فنزل وأخذ منديل وعاد قائما، فيقول أحد الأخوة ... لأنه بقي بمقدار تكبيرة الإحرام وقراءة الفاتحة الشيخ : بقي وهو جالس؟ السائل : لا، بقي وهو واقف، الشيخ : يعني أتى بالركن ؟ السائل : نعم. الشيخ : ما تقولون في هذا؟، هل هو حتى ظهره كالراكع أم أنه نزل جالساً؟ السائل : لا ما نزل جالساً لكنه كان على هيئة الراكع وظهره أقل . الشيخ : أنزل يعني ، هذا لا يصح قيامه، لأنه ترك ركناً من أركان الصلاة وهو القيام، ولهذا إذا كنت تعرفه فمره أن يعيد الصلاة، نعم
السائل : عدم اتفاق الرواة على صلاة الكسوف في تعيين السورة التي قرأها النبي صلى الله عليه وسلم، هل يدل على أنه لم يتعمد قراءة سورة معينة؟ الشيخ : ليس فيه سورة معيّنة تُقرأ ، أما قول ابن عبّاس : نحواً من سورة البقرة، أو سورة البقرة ونحوها، فهذا لا يدل على أنه يُسن شيء معيّن، لكن بعض الأخوة يختارون السّور التي فيها فواصل مؤثّرة، وفيها إشارة إلى الآيات مثل سورة الإسراء، سورة مريم، سورة طه، نعم، هذه كلها تؤثّر، تأخذ بالنّفس.
السائل : قوله صلى الله عليه وسم : ( يكفرن العشير ) هل المراد بالكفر هذا الكفر دون كفر، الذي يقابل الكفر الأكبر ؟ الشيخ : لا، لا ،أي تجحدْنَ حقّه، أصل الكفر نوعان: كفر شرعي، وكفر لغوي، أما الكفر اللفظي هو أن يستر الإنسان حقّ غيره، ولا يقوم به، فالمراد هنا الكفر اللغوي. السائل : أما الذنب فقد يكون صغيرة الشيخ : كيف يكون صغيرة شلون؟ السائل : ... الشيخ : قد يكون من الكبائر.
وحدثناه أبو كامل الجحدري فضيل بن حسين وعثمان بن أبي شيبة كلاهما عن بشر قال أبو كامل حدثنا بشر بن المفضل حدثنا عمارة بن غزية حدثنا يحيى بن عمارة قال سمعت أبا سعيد الخدري يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لقنوا موتاكم لا إله إلا الله
القارئ : وحَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ الْجَحْدَرِيُّ فُضَيْلُ بْنُ حُسَيْنٍ، وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، كِلَاهُمَا عَنْ بِشْرٍ، قَالَ أَبُو كَامِلٍ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، حَدَّثَنَا عُمَارَةُ بْنُ غَزِيَّةَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُمَارَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( لَقِّنُوا مَوْتَاكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ ). الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم كتاب الجنائز الجنائز: جمع جَنازة، ويقال: جِنازة وكلاهما بمعنى، وقال بعضهم: الجَنازة بالفتح: الميّت فوق النّعش، والجِنازة بالكسر: النعش. وذكر العلماء رحمهم الله كتاب الجنائز ذكروه في كتاب الصلاة، لأن أهم ما يُفعل بالميت هو الصلاة، الصلاة عليه، وإلا فلها علاقة في كتاب الوصايا، وكتاب الفرائض وما أشبه ذلك. ثم ذكر المؤلف رحمه الله حديث أبي سعيد الخدري رضي لله عنه، قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لَقِّنُوا مَوْتَاكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ). قال لقّنوا: والتّلقين هو التّعليم، ويكون في الغالب فيمن لا يعقل من الصّغار ونحوهم، يُلقّن يعني يُقال له الشّيء ليَقوله، وذلك أن المحتَضر غالب الناس غالباً يكونون قد سَكِروا، كما قال تعالى: ((وجاءت سكرت الموت بالحق))، أي غابوا، وغابت عقولهم، من شدّة ما نزل بهم ما بين خوفٍ من عذاب الآخرة، وحزن على فراق الدنيا، والأهل، والأولاد وما أشبه ذلك، فيكون الإنسان في سَكَر، فلذلك قال: لقّنوا موتاكم، والموتى هنا معناه المحتَضرون، الذين حضرهم الموت، وليس المراد بعد موتهم، لأن بعد موتهم لا ينفعهم التّلقين، وأما حديث أبي أمامة الذي يُروى عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه ( إذا مات الميّت، ودُفن لقّنه يا فلان ابن فلانة، فلانة ينسبه إلى أمه، اذكر ما خرجت عليه من الدّنيا، شهادة ألا إله إلا الله وأن محمد رسول الله ) فهذا حديث ضعيف لا تقوم به حُجّة، والتلقين: قال العلماء: إنه لا يُؤمر أمراً، يعني لا يُقال: قل لا إله إلا الله، لأنه رُبما يقول: لأ، من شدّة ما نزل به وضيق صدره، فيأتي إنسان يأمره يقول له قل لا إله إلا الله، قد يقول لا، قد يقول لا، فلهذا قال العلماء: ينبغي أن يذكرَ الله عنده، فيقول: لا إله إلا الله، وهو إذا سمع ومعه ذِهنه سيقولها، لأنه يعرف ما نزل به. فإذا قال قائل: أليس النبي صلى الله عليه وسلم قال لعمه قل لا إله إلا الله؟ قلنا بلا، لكن عمّه كان كافراً، فلو قال لا إله إلا الله لم نكن صددناه عن دينه، لأنه ما زال كافراً، ومن العلماء من فرّق بين رجلٍ يكون قويّ الجأش، قوي العزيمة، يعرف أنه ميت وأنه منتقلٌ من الدّنيا، فهذا لو قيل له لا إله إلا الله فلا بأس، لكن الأولى أن يُذكر اللهَ عنده، فإن ذكر الله فهذا المطلوب، وإلا أعيد ثانية وثالثة، فإن قال: لا إله إلا الله ثم تكلّم، فإنه يُعاد تلقينه، ليكون آخر ما يقول: لا إله إلا الله، ومعنى لا إله إلا الله عند المتكلّمين، والأشاعرة ، وغيرهم: لا قادر على الخلق إلا الله، وبهذا نعرف أن توحيد المتكلّمين هو توحيد المشركين، لأن المشركين يقولون: لا خالق إلا الله، ومع ذلك قاتلهم النبي عليه الصلاة والسلام، وجعلهم مشركين، لكن المعنى الحقيقي لها: لا معبود حق إلا الله ، فكل المعبودات باطلة إلا الله عز وجل، ودليل هذا قوله تعالى: ((ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يَدعون من دونه هو الباطل)) وهذا يبين لنا معنى لا إله إلا الله الصحيح، لا معبود حقٌّ إلا الله، ويجب أن نقول "حقٌّ"، لأننا لو قلنا لا معبود إلا الله، ، إلا الله هي خبر لا، لكانت المعبودات هي الله، إذا قلنا لا معبود إلا الله، صار كل معبود هو الله، وهذا معنىً باطل لا يمكن أن يقرره أحد. وعلى هذا فخبر لا محذوف والتقدير: حقٌّ ، وهذا أحسن من تقدير بعضهم: لا معبود موجودٌ إلا الله، هذا غلط أيضاً، لأنا نقول: هناك معبود موجود غير الله، وهو أيضاً أولى من قول بعضهم لا معبود بحقٍّ إلا الله، لأنا إذا قلنا لا معبود حقٌ طابق الآية تماماً، والآية ما هي: ((ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه هو الباطل))، إذن: قدّم الخبر محذوفاً بكلمة حق، أما الله فهو علمٌ على الله عز وجل، لا يُسمّى به غيره. فإن قال قائل: من الذي يُلقّنه؟ قلنا: يلقّنه من حضره، ويُقدّم من هو أحب إلى الميّت من غيره، نعم، وليس الأقرب، لأن الأقرب قد يكون ليس بينه وبينه علاقة تامّة ويكون أقوى علاقة، فالذي يُرى أنه أحب إلى الميت هو الذي يُلقّنه.
وحدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا عبد العزيز يعني الدراوردي ح وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا خالد بن مخلد حدثنا سليمان بن بلال جميعا بهذا الإسناد
القارئ : وحدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا عبد العزيز يعني الدراوردي ح وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا خالد بن مخلد حدثنا سليمان بن بلال جميعاً بهذا الإسناد.
وحدثنا أبو بكر وعثمان ابنا أبي شيبة ح وحدثني عمرو الناقد قالوا جميعا حدثنا أبو خالد الأحمر عن يزيد بن كيسان عن أبي حازم عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لقنوا موتاكم لا إله إلا الله
القارئ : وحدثنا أبو بكر وعثمان ابنا أبي شيبة ح وحدثني عمرو الناقد قالوا جميعاً حدثنا أبو خالد الأحمر عن يزيد بن كيسان عن أبي حازم عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لقنوا موتاكم لا إله إلا الله ) الشيخ : ... مروياً من طريقين رواه الصحابيان أبو هريرة وأبو سعيد .
حدثنا يحيى بن أيوب وقتيبة وابن حجر جميعا عن إسماعيل بن جعفر قال بن أيوب حدثنا إسماعيل أخبرني سعد بن سعيد عن عمر بن كثير بن أفلح عن بن سفينة عن أم سلمة أنها قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما من مسلم تصيبه مصيبة فيقول ما أمره الله إنا لله وإنا إليه راجعون اللهم أجرني في مصيبتي وأخلف لي خيرا منها إلا أخلف الله له خيرا منها قالت فلما مات أبو سلمة قلت أي المسلمين خير من أبي سلمة أول بيت هاجر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم إني قلتها فأخلف الله لي رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت أرسل إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم حاطب بن أبي بلتعة يخطبني له فقلت إن لي بنتا وأنا غيور فقال أما ابنتها فندعو الله أن يغنيها عنها وأدعو الله أن يذهب بالغيرة
القارئ : حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، وَقُتَيْبَةُ، وَابْنُ حُجْرٍ، جَمِيعًا عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ جَعْفَرٍ، قَالَ ابْنُ أَيُّوبَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، أَخْبَرَنِي سَعْدُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ كَثِيرِ بْنِ أَفْلَحَ، عَنْ ابْنَ سَفِينَةَ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: ( مَا مِنْ مُسْلِمٍ تُصِيبُهُ مُصِيبَةٌ، فَيَقُولُ مَا أَمَرَهُ اللهُ: (( إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ))، اللهُمَّ أْجُرْنِي فِي مُصِيبَتِي، وَأَخْلِفْ لِي خَيْرًا مِنْهَا، إِلَّا أَخْلَفَ اللهُ لَهُ خَيْرًا مِنْهَا قَالَتْ: فَلَمَّا مَاتَ أَبُو سَلَمَةَ، قُلْتُ: أَيُّ الْمُسْلِمِينَ خَيْرٌ مِنْ أَبِي سَلَمَةَ؟ أَوَّلُ بَيْتٍ هَاجَرَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ إِنِّي قُلْتُهَا، فَأَخْلَفَ اللهُ لِي رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَتْ: أَرْسَلَ إِلَيَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَاطِبَ بْنَ أَبِي بَلْتَعَةَ يَخْطُبُنِي لَهُ، فَقُلْتُ: إِنَّ لِي بِنْتًا وَأَنَا غَيُورٌ، فَقَالَ: أَمَّا ابْنَتُهَا فَنَدْعُو اللهَ أَنْ يُغْنِيَهَا عَنْهَا، وَأَدْعُو اللهَ أَنْ يَذْهَبَ بِالْغَيْرَةِ ). الشيخ : هذا حديث عجيب! أم سلمة رضي الله عنها، إحدى أمهات المؤمنين في الآخرة، لها زوجٌ هو أبو سلمة وهو ابن عمّها ومن أحب الناس إليها، وقد سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ما من مسلم ( مَا مِنْ مُسْلِمٍ تُصِيبُهُ مُصِيبَةٌ، فَيَقُولُ مَا أَمَرَهُ اللهُ: (( إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ)) ... ) الخ. اولاً في هذا إشكال، وهو قوله: ما أمر الله به، فإننا لا نذكر في القرآن أمراً بذلك، وإنما فيه: ((وبشّر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون)) فليس هذا أمراً، إنما هو ثناء، فيُقال: إن المقصود بالثناء هو الفعل، أن يفعل الناس ذلك، فالثناء إذاً متضمّنٌ للأمر، وعلى هذا نقول: يحصل الأمر بالشيء بصيغته المعروفة وهي افعل أو لِتفعل، وبالثناء على فاعله، فإنه بالثّناء على فاعله هو التّرغيب فيه فيكون الأمر به ضِمْناً، وقوله: إنا لله: أي مُلكاً، وخلقاً يفعل بنا ما شاء، وإنا إليه راجعة: أي في الآخرة جزاءً وحُكماً. اللهم آجرني في مصيبتي: ويصح أأجرني فير مصيبتي وأخلفني خيراً منها، ولا يصح: واخلف، لأن أخْلف بمعنى اجعل لي خلَفاً خيراً منها. إلا أخلفه الله خيراً منها، هكذا سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول. فَلَمَّا مَاتَ أَبُو سَلَمَةَ، قُلْتُ: أَيُّ الْمُسْلِمِينَ خَيْرٌ مِنْ أَبِي سَلَمَةَ؟ أَوَّلُ بَيْتٍ هَاجَرَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يعني كأنها رضي الله عنها تفكّر من سيكون خيرٌ من أبي سلمة، ولم يكن يخطر ببالها أنه سيتزوّجها رسول الله صلى الله عليه وسلم، لكن لثقتها بكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت ذلك . ثُمَّ إِنِّي قُلْتُهَا، فَأَخْلَفَ اللهُ لِي رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ولا شك أن رسول الله خير من أبي سلمة، لا إشكال في هذا قَالَتْ: ( أَرْسَلَ إِلَيَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَاطِبَ بْنَ أَبِي بَلْتَعَةَ يَخْطُبُنِي ) يعني حاطباً للرسول، حاطب جرى له قصة، وهي أنه صار جاسوساً لقريش، حين أراد النبي عليه الصلاة والسلام أن يغزوهم، وأرسل جارية بورقة يخبرهم بأن الرسول قادمٌ عليهم يغزوهم، فبلغ ذلك النبيَّ صلى الله عليه وسلم فأرسل في إثْرها عليَّ بن أبي طالب ورجلاً معه فصادفوها في روضة خاخ، وأمروها أن تُخرج ما معها من الورقة، فأنكرت وقالوا: لا، إما أن تُخرجيها، وإما أن نفعل ونفعل، يريدون أن يفتشوا كلَّ شيء منها، فأخرجتها، وفيها: أن حاطباً رضي الله عنه أخبر قريشاً بذلك، ثم قال له النبي صلى الله عليه وسلم: ما هذا؟ فأخبره بعذره وإن كان ليس بعذر، فقام عمر أو غيره: قال : ألا أقتله يا رسول الله؟ قد نافَق، يُخبر بأخبار المسلمين أعداءهم، فقال: أما إنه من أهل بدر، وما يدريك لعل الله اطّلع على أهل بدرِ فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم. فدلّ هذا الحديث على أن حاطباً قد غُفر له ما فعل، بسبب أنه فعل هذه الحسنة العظيمة، غزوة بدر، ودلّ هذا على أن الجاسوس يُقتَل ولو كان مسلماً، لأن الرسول لم يقل: إنه مسلم فلا أقتله بل قال: إنه شهد بدراً ، وأي الناس شهد بدراً الآن؟ لا أحد، فلو اطلعنا على أحد كان جاسوساً بأخبار المسلمين للكفّار وجب أن نقتله، إما أن يقتله السلطان إذا قدِر عليه، أو يقتله غيره، إذا كان لا يستطيع السلطان أن يقتله، فيقتله غيره في أي مكان كان. المهم أنه أرسله إليها الرسول عليه الصلاة والسلام ( فَقُلْتُ: إِنَّ لِي بِنْتًا وَأَنَا غَيُورٌ ) قال: ماذا أفعل بها؟ يعني هذه البنت، فَقَالَ: ( أَمَّا ابْنَتُهَا فَنَدْعُو اللهَ أَنْ يُغْنِيَهَا عَنْهَا، وَأَدْعُو اللهَ أَنْ يَذْهَبَ بِالْغَيْرَةِ ) وهذا إنه لمن أعظم الأمور، أن تنجوَ من الغَيرة، والغيرة لا يسلم منها أحد، حتى الرجال، والنساء والصغار والكبار، كلهم عندهم غَيرة، الصغير إذا أعطيت صغيراً آخر شيئاً احتج، وغار، وصاح، فإن تيسّر له مثلها وإلا ذهب إلى الثاني وأخذها منه، كل إنسان فيه غَيرة، هذا أمر طبيعي. الشرح عندك أن يغنيها عنها ؟ السائل : لا ما في يا شيخ الشيخ : وش عند يا عبيد الله ؟
وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا أبو أسامة عن سعد بن سعيد قال أخبرني عمر بن كثير بن أفلح قال سمعت بن سفينة يحدث أنه سمع أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم تقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما من عبد تصيبه مصيبة فيقول إنا لله وإنا إليه راجعون اللهم أجرني في مصيبتي وأخلف لي خيرا منها إلا أجره الله في مصيبته وأخلف له خيرا منها قالت فلما توفي أبو سلمة قلت كما أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخلف الله لي خيرا منه رسول الله صلى الله عليه وسلم
وحدثنا محمد بن عبد الله بن نمير حدثنا أبي حدثنا سعد بن سعيد أخبرني عمر يعني بن كثير عن بن سفينة مولى أم سلمة عن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول بمثل حديث أبي أسامة وزاد قالت فلما توفي أبو سلمة قلت من خير من أبي سلمة صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم عزم الله لي فقلتها قالت فتزوجت رسول الله صلى الله عليه وسلم
القارئ : وحدثنا محمد بن عبد الله بن نمير حدثنا أبي حدثنا سعد بن سعيد أخبرني عمر يعني بن كثير عن بن سفينة مولى أم سلمة عن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : بمثل حديث أبي أسامة وزاد: ( قالت فلما توفي أبو سلمة قلت من خير من أبي سلمة صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم عزم الله لي فقلتها قالت: فتزوجت رسول الله صلى الله عليه وسلم )
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب قالا حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن شقيق عن أم سلمة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حضرتم المريض أو الميت فقولوا خيرا فإن الملائكة يؤمنون على ما تقولون قالت فلما مات أبو سلمة أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله إن أبا سلمة قد مات قال قولي اللهم اغفر لي وله وأعقبني منه عقبى حسنة قالت فقلت فأعقبني الله من هو خير لي منه محمدا صلى الله عليه وسلم
القارئ : حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَأَبُو كُرَيْبٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( إِذَا حَضَرْتُمُ الْمَرِيضَ، أَوِ الْمَيِّتَ، فَقُولُوا خَيْرًا، فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ يُؤَمِّنُونَ عَلَى مَا تَقُولُونَ، قَالَتْ: فَلَمَّا مَاتَ أَبُو سَلَمَةَ أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ أَبَا سَلَمَةَ قَدْ مَاتَ، قَالَ: قُولِي: اللهُمَّ اغْفِرْ لِي وَلَهُ، وَأَعْقِبْنِي مِنْهُ عُقْبَى حَسَنَةً ، قَالَتْ: فَقُلْتُ، فَأَعْقَبَنِي اللهُ مَنْ هُوَ خَيْرٌ لِي مِنْهُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) الشيخ : في هذا دليل على أن الإنسان إذا حضر الميت يعني عند موته، وأصيب به يعني يدعو بالخير، لأن الملائكة تؤمّن عند الدّعاء، وكذلك عند المريض لأن أو هنا يحتمل أن تكون للشك ويحتمل أن تكون للتنويع، والأصل عدم الشّك، وقولها: وَأَعْقِبْنِي مِنْهُ، من هنا بدلية، وهي كقوله تعالى: ((ولو نشاء لجعلنا منكم ملائكةً في الأرض يخلُفون)) منكم: يعني بدَلكم، ولا يمكن أن تكون من للتبعيض ولا للجنس، لأنا لو قلنا للتبعيض صار معناه أن الملائكة بعضُ البشر، وكذلك لو قلنا أنها للجنس صار معناه أن الملائكة من جنس البشر، وعلى هذا فتكون "مِن" هنا: بدلية، أي بدلكم.
في قول أم سلمة :( وأعقبني منه عقبة حسنة ) هل يشرع هذا عند فقد الوالدين.؟
السائل : أحسن الله إليك، في قول أم سلمة: ( وأعقبني منه عقبة حسنة ) هل يُشرع قول هذا عند فقد الصديق والأخ والابن بخلاف الوالدين؟ الشيخ : لا، في كلها حتى الوالدين، لأن الوالدين قد تكون معاملتهم لابنهما أو لابنتيهما ليست مما تَقَرُّ به العين، والحديث عامّ ( إلا ىجره الله في مصيبته وأخلفه خيراً منها )
في قول أم سلمة :( ومن خير من أبي سلمة ) هل هذا عام.؟
السائل : في قول أم سلمة: ( ومَن خير من أبي سلمة صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ) ألا يدل على أنها كانت تعتقد أنه لا أحد أفضل من زوجها؟ الشيخ : من المسلمين السائل : نعم الشيخ : فيه احتمال، لكن الذي يظهر لي ما قررناه أولاً
حدثني زهير بن حرب حدثنا معاوية بن عمرو حدثنا أبو إسحاق الفزاري عن خالد الحذاء عن أبي قلابة عن قبيصة بن ذؤيب عن أم سلمة قالت دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبي سلمة وقد شق بصره فأغمضه ثم قال إن الروح إذا قبض تبعه البصر فضج ناس من أهله فقال لا تدعوا على أنفسكم إلا بخير فإن الملائكة يؤمنون على ما تقولون ثم قال اللهم اغفر لأبي سلمة وارفع درجته في المهديين واخلفه في عقبة في الغابرين واغفر لنا وله يا رب العالمين وأفسح له في قبره ونور له فيه
القارئ : حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الْفَزَارِيُّ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، قَالَتْ: ( دَخَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَبِي سَلَمَةَ وَقَدْ شَقَّ بَصَرُهُ، فَأَغْمَضَهُ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ الرُّوحَ إِذَا قُبِضَ تَبِعَهُ الْبَصَرُ، فَضَجَّ نَاسٌ مِنْ أَهْلِهِ، فَقَالَ: لَا تَدْعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ إِلَّا بِخَيْرٍ، فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ يُؤَمِّنُونَ عَلَى مَا تَقُولُونَ، ثُمَّ قَالَ: اللهُمَّ اغْفِرْ لِأَبِي سَلَمَةَ وَارْفَعْ دَرَجَتَهُ فِي الْمَهْدِيِّينَ، وَاخْلُفْهُ فِي عَقِبِهِ فِي الْغَابِرِينَ، وَاغْفِرْ لَنَا وَلَهُ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ، وَافْسَحْ لَهُ فِي قَبْرِهِ، وَنَوِّرْ لَهُ فِيهِ ). الشيخ : كان من عادة النبي صلى الله عليه وسلم أن يعود المرضى، فعاد أبا سلمة رضي الله عنه، وق شقّ بصرُه، يعني انفتَح، فأغمضه ثم قال: إن الروح إذا قبض تَبِعَهُ الْبَصَرُ، فضجّ الناس من أهله، لأنه لمّا قال: فإذا قُبِض فهم أهل البيت أنه قد مات، فضجّوا بالبكاء، والصّياح فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لَا تَدْعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ إِلَّا بِخَيْرٍ )، لأنهم كانوا إذا أصيبوا في الجاهلية يقول الواحد منهم: وا ثبوراه، يا ويلاه وما أشبه ذلك، فقال: ( لَا تَدْعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ إِلَّا بِخَيْرٍ، فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ يُؤَمِّنُونَ عَلَى مَا تَقُولُونَ )، يعني يقولون :آمين والملائكة موكّلون بهذه الأحوال. ثم قال: ( اللهُمَّ اغْفِرْ لِأَبِي سَلَمَةَ وَارْفَعْ دَرَجَتَهُ فِي الْمَهْدِيِّينَ، وَاخْلُفْهُ فِي عَقِبِهِ فِي الْغَابِرِينَ) يعني في الباقين، ( وَاغْفِرْ لَنَا وَلَهُ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ، وَافْسَحْ لَهُ فِي قَبْرِهِ، وَنَوِّرْ لَهُ فِيهِ ) هذه جُمَلٌ من الدّعاء لو وزِنت بها الدّنيا لوزنتها! قال: اللهم اغفر لأبي سلمة، سأل اللهَ أن يغفر له، والملائكة تؤمّن على هذا الدّعاء، لأن الدعاء عند المصائب في مثل هذه تؤمّن تؤمن عليه الملائكة، وَارْفَعْ دَرَجَتَهُ فِي الْمَهْدِيِّينَ: أي في جملتهم، وَاخْلُفْهُ فِي عَقِبِهِ: أي كن خليفةً عنه في عقبه، أي في أهله من زوجة وأولاد وغيرهم وقوله: فِي الْغَابِرِينَ: لم توجد في بعض الروايات، لكن لا مانع منها، أي في الباقين منهم. ، ( وَاغْفِرْ لَنَا وَلَهُ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ ) الظاهر أنها زيادة من بعض الرواة، لأن الرسول دعا في أول الأمر اللهم اغفر لأبي سلمة ، ويحتمل أن لا تكون زائدة وأن يكون ذلك توطئةً لقوله: اغفر لنا وله، فأشرك نفسه في الدعاء. وافسح له في قبره: أي وسّع له، ونوّر له فيه، فعلمنا تحقق بعض هذه الجمل، وهو: أن الله خَلَفهم في عقبه، والباقي: هو ما نرجوه من الله عز وجل، أن الله أجاب لنبيه صلى الله عليه وسلم هذا الدعاء الذي دعاه لأبي سلمة. فيسْتفاد من هذا فوائد: أولاً : أن الميت إذا مات شقّ بصره يعني انفتح، وكأنه ينظر إلى شيء، وأنه ينظر إلى الروح، روح الإنسان تخرج من جسده، والبصر يبقى حيّاً، ينظر إلى روحه قد خرجت منه، وهذا قد شهد به الطب الحديث، وأن حياة الأعين تبقى بعد خروج الروح من الجسد. وفيه أيضاً: أنه يُسَنّ تغميض الميّت، لأن النبي صلى الله عليه وسلم فعله، ولأن ذلك أحفَظ لعينيه من دخول الماء فيهما عند التغسيل، أو التراب عند الدفن، أو ما أشبه ذلك. ومن فوائده: أنه لا يُنكر على أهل الميت إذا ضجوا عند موته.