كتاب الحج-01a
باب ما يباح للمحرم بحج أو عمرة وما لا يباح وبيان تحريم الطيب عليه
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين . وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين ، أما بعد .
فقد قال الإمام مسلم رحمه الله تعالى : (كتاب الحج . باب ما يباح للمحرم بحجٍ أو عمرةٍ وما لا يباح وبيان تحريم الطيب عليه ) .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم
قال المؤلف الذي كتب تراجم صحيح مسلم رحمه الله :
كتاب الحج: الحج هو أحد أركان الإسلام الخمسة ، وآخر ما فرض منها ، ولم يفرض إلا في السنة التاسعة أو العاشرة ، لأن مكة قبل ذلك كانت ولاية الكفار ، وإذا كان الكفار منعوا النبي صلى الله عليه وسلم من أداء العمرة فكيف يمكن أن يحج والسلطة فيها للكفار ، فكان من حكمة الله عز وجل تأخير فرض الحج إلى السنة التاسعة أو العاشرة .
فإن قلنا إنه فرض في العاشرة فلا إشكال ، وإن قلنا إنه فرض في التاسعة يبقى هناك إشكال على قول من يقول إن الحج واجب على الفور إذا تمت الشروط ، لأن النبي لم يحج إلا في السنة العاشرة ، والجواب عن هذا سهل .
يقال : إن النبي صلى الله عليه وسلم في السنة التاسعة كان مشتغلًا بتلقي الوفود ، الذين يفدون إلى المدينة من جهات متعددة يستقبلهم صلى الله عليه وسلم ويعلمهم دينهم ، فكان انشغاله بهذا أولى من المبادرة بالحج .
ثانيًا : أن السنة التاسعة لم تتمحض للمسلمين ، يعني أنه قد حج فيها من المشركين من حج ، فأراد الله عز وجل أو أراد النبي صلى الله عليه وسلم بإرادة الله أن يؤخر الحج إلى السنة العاشرة حين يتم إعلان أن لا يحج بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان .
وأما قول من قال أنه فرض في السنة السادسة في قوله تعالى : (( وأتموا الحج والعمرة لله )) فقول ضعيف ، لأن هذه الآية إنما فيها الأمر بالإتمام لا بالابتداء ، لكن في الآية دليلًا على أن نفل الحج يجب إتمامه دون سائر النوافل . لأن الله أمر بإتمام الحج والعمرة وقال : (( فإن أحصرتم )) يعني ولم تتموا (( فما استيسر من الهدي ))
فالآية فيها دليل على أن الحج والعمرة إذا شرع فيهما الإنسان وجب عليه الإتمام - فقط - أما الوجوب ابتداءً فلا .
ثم الحج -كما نعلم جميعًا فيما سبق- فيه مشقة شديدة على المسلمين ، يأتون على الرواحل وعلى الأقدام وعلى البغال وعلى الحمير ، فيكون في ذلك مشقة ، فلهذا نص الله تعالى على شرط الاستطاعة فيهما ، في قوله : (( ولله على النس حج البيت من استطاع إليه سبيلا )) وهذه الآية هي التي فيها فرضية الحج ، مع أن جميع الواجبات يشترط فيها الاستطاعة ، لكن نص على ذلك لأن العجز في الحج والعمرة متوقع أو واقع .
(( ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا )) .
وللحج شروط ذكرها العلماء : الإسلام ، والبلوغ ، والعقل ، والحرية ، والاستطاعة .
خمسة شروط ، أما الإسلام : فشرط للوجوب والصحة والإجزاء ، فلا يجب على كافر ، ولو حج لم يصح منه ، ولم يجزئه .
وأما البلوغ : فشرط للوجوب والإجزاء ، دون الصحة ، لقول البني صلى الله عليه وسلم حين رفعت إليه المرأة : ألهذا حج ؟ وهو صبي قال : (نعم ولك أجر ) .
وأما العقل : فشرط للوجوب والإجزاء والصحة ، فلا يجب على مجنون ولو كان عنده أموال كثيرة ، ولا يصح منه لو حج ، ولا يجزئه.
فصار الإسلام والعقل شرطين لأمور ثلاثة : الوجوب ، والصحة ، والإجزاء.
أما البلوغ فشرط للوجوب والإجزاء .
وأما الحرية : فهي شرط للوجوب والإجزاء دون الصحة . فالرقيق يصح منه الحج ، لكن لا يجب عليه ، ولا يجزئه عن حجة الإسلام .
وذلك لأنه مملوك ليس له مال ، فهو مملوك منفعته لسيده ، ولا يستطيع أن يستقل بها ، وهو أيضًا لا يملك فهو عاجز من الجهتين .
ولكن لو أذن له سيده أن يحج وأعطاه ما يتمكن من الحج به فهل يجب عليه الحج أو لا ؟ إن قلنا إن الرق مانع من الوجوب فإنه يجب عليه الحج ، إذا توفرت الشروط ، وأذن له سيده وأعطاه المال ، وذلك لأن الرق مانع لعدم القدرة ، والآن زالت ، فيجب عليه أن يحج .
وإن قلنا إنه وصف لا يصح الحج بدونه وهو الحرية ، فإنه وإن أعطي وملك وأذن له سيده لا يجب عليه ، ويصح منه .
وفي هذا حديث ابن عباس أن من حج وهو رقيق ثم أعتق فعليه حجة أخرى . لكن في هذا الحديث ضعف .
بقي عندنا : الاستطاعة ، وهي الشرط الخامس :
الاستطاعة نوعان : استطاعة بالمال ، واستطاعة بالبدن ، فأما الاستطاعة بالمال فهي شرط للوجوب أداء وإنابة ، بمعنى : أن من ليس عنده مال لا يجب عليه الحج لا بنفسه ولا بنائبه ، إلا إذا كان قريبًا أو في مكة فإنه يجب عليه الحج ببدنه ، وذلك لقدرة البدنية على أداء الحج .
وأما العجز البدني ، فإنه ينقسم إلى قسمين : عجز لا يرجى زواله ، كالكبر ، وعجز يرجى زواله ، فأما العجز الذي لا يرجى زواله ، فإنه يجب على العاجز الذي عنده مال أن ينيب من يحج عنه ، لأن النبي سألته امرأة قالت : يا رسول الله ، إن أبي أدركته فريضة الله على عبادة بالحج شيخًا لا يثبت على الراحلة ، أفأحج عنه ؟ قال : ( نعم ) .
فأقرها النبي صلى الله عليه وسلم على قولها : فريضة الله .
إذن فيجب عليه أن ينيب من يحج عنه ، إذا كان عجزه لا يرجى زواله ، أما إذا كان يرجى زواله ، فإننا نقول له : انتظر حتى يزول العجز ثم أد الحج بنفسك .
فإن قيل : أرأيتم لو أنه أقام من يحج عنه لكونه لا يرجو زوال عجزه ثم من الله عليه بزوال العجز ، فهل يلزمه أن يعيد ؟
الجواب : لأ ، لأن ذمته برئت ، حيث أتى بالأمر على ما شرع ، وكل إنسان يأتي بالأمر على ما شرع فإنه لا يلزم بالإعادة .
أرأيتم لو أن إنسانًا تيمم في الوقت وصلى ، ثم بعد صلاته وجد الماء ، فهل تلزمه الإعادة ؟
الجواب : لا تلزمه ، لأنه صلى على حسب ما أمر به .
والقاعدة : أن كل من أدى العبادة على الوجه الذي أمر به فإنه لا يلزم بالإعادة ، لأننا لو ألزمناه بالإعادة لأوجبنا عليه العبادة مرتين .
وهذا لا يوجد في الشريعة .
المؤلف رحمه الله بدأ أول ما بدأ فيما يباح للمحرم بحج أو عمرة وما لا يباح ، وبيان تحريم الطيب عليه ، قال : المحرم بحج أو عمرة ، وذلك لأن السؤال الذي ورد على النبي صلى الله عليه وسلم : ما يلبس المحرم ؟ لم يقل ما يلبس الحاج ولا ما يلبس المعتمر .
ثم إن العمرة سماها النبي صلى الله عليه وسلم حجًا أصغر كما في حديث عمرو بن حزم المشهور الذي تلقته الأمة بالقبول ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم سمى العمرة حجًا أصغر .
فقد قال الإمام مسلم رحمه الله تعالى : (كتاب الحج . باب ما يباح للمحرم بحجٍ أو عمرةٍ وما لا يباح وبيان تحريم الطيب عليه ) .
الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم
قال المؤلف الذي كتب تراجم صحيح مسلم رحمه الله :
كتاب الحج: الحج هو أحد أركان الإسلام الخمسة ، وآخر ما فرض منها ، ولم يفرض إلا في السنة التاسعة أو العاشرة ، لأن مكة قبل ذلك كانت ولاية الكفار ، وإذا كان الكفار منعوا النبي صلى الله عليه وسلم من أداء العمرة فكيف يمكن أن يحج والسلطة فيها للكفار ، فكان من حكمة الله عز وجل تأخير فرض الحج إلى السنة التاسعة أو العاشرة .
فإن قلنا إنه فرض في العاشرة فلا إشكال ، وإن قلنا إنه فرض في التاسعة يبقى هناك إشكال على قول من يقول إن الحج واجب على الفور إذا تمت الشروط ، لأن النبي لم يحج إلا في السنة العاشرة ، والجواب عن هذا سهل .
يقال : إن النبي صلى الله عليه وسلم في السنة التاسعة كان مشتغلًا بتلقي الوفود ، الذين يفدون إلى المدينة من جهات متعددة يستقبلهم صلى الله عليه وسلم ويعلمهم دينهم ، فكان انشغاله بهذا أولى من المبادرة بالحج .
ثانيًا : أن السنة التاسعة لم تتمحض للمسلمين ، يعني أنه قد حج فيها من المشركين من حج ، فأراد الله عز وجل أو أراد النبي صلى الله عليه وسلم بإرادة الله أن يؤخر الحج إلى السنة العاشرة حين يتم إعلان أن لا يحج بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان .
وأما قول من قال أنه فرض في السنة السادسة في قوله تعالى : (( وأتموا الحج والعمرة لله )) فقول ضعيف ، لأن هذه الآية إنما فيها الأمر بالإتمام لا بالابتداء ، لكن في الآية دليلًا على أن نفل الحج يجب إتمامه دون سائر النوافل . لأن الله أمر بإتمام الحج والعمرة وقال : (( فإن أحصرتم )) يعني ولم تتموا (( فما استيسر من الهدي ))
فالآية فيها دليل على أن الحج والعمرة إذا شرع فيهما الإنسان وجب عليه الإتمام - فقط - أما الوجوب ابتداءً فلا .
ثم الحج -كما نعلم جميعًا فيما سبق- فيه مشقة شديدة على المسلمين ، يأتون على الرواحل وعلى الأقدام وعلى البغال وعلى الحمير ، فيكون في ذلك مشقة ، فلهذا نص الله تعالى على شرط الاستطاعة فيهما ، في قوله : (( ولله على النس حج البيت من استطاع إليه سبيلا )) وهذه الآية هي التي فيها فرضية الحج ، مع أن جميع الواجبات يشترط فيها الاستطاعة ، لكن نص على ذلك لأن العجز في الحج والعمرة متوقع أو واقع .
(( ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا )) .
وللحج شروط ذكرها العلماء : الإسلام ، والبلوغ ، والعقل ، والحرية ، والاستطاعة .
خمسة شروط ، أما الإسلام : فشرط للوجوب والصحة والإجزاء ، فلا يجب على كافر ، ولو حج لم يصح منه ، ولم يجزئه .
وأما البلوغ : فشرط للوجوب والإجزاء ، دون الصحة ، لقول البني صلى الله عليه وسلم حين رفعت إليه المرأة : ألهذا حج ؟ وهو صبي قال : (نعم ولك أجر ) .
وأما العقل : فشرط للوجوب والإجزاء والصحة ، فلا يجب على مجنون ولو كان عنده أموال كثيرة ، ولا يصح منه لو حج ، ولا يجزئه.
فصار الإسلام والعقل شرطين لأمور ثلاثة : الوجوب ، والصحة ، والإجزاء.
أما البلوغ فشرط للوجوب والإجزاء .
وأما الحرية : فهي شرط للوجوب والإجزاء دون الصحة . فالرقيق يصح منه الحج ، لكن لا يجب عليه ، ولا يجزئه عن حجة الإسلام .
وذلك لأنه مملوك ليس له مال ، فهو مملوك منفعته لسيده ، ولا يستطيع أن يستقل بها ، وهو أيضًا لا يملك فهو عاجز من الجهتين .
ولكن لو أذن له سيده أن يحج وأعطاه ما يتمكن من الحج به فهل يجب عليه الحج أو لا ؟ إن قلنا إن الرق مانع من الوجوب فإنه يجب عليه الحج ، إذا توفرت الشروط ، وأذن له سيده وأعطاه المال ، وذلك لأن الرق مانع لعدم القدرة ، والآن زالت ، فيجب عليه أن يحج .
وإن قلنا إنه وصف لا يصح الحج بدونه وهو الحرية ، فإنه وإن أعطي وملك وأذن له سيده لا يجب عليه ، ويصح منه .
وفي هذا حديث ابن عباس أن من حج وهو رقيق ثم أعتق فعليه حجة أخرى . لكن في هذا الحديث ضعف .
بقي عندنا : الاستطاعة ، وهي الشرط الخامس :
الاستطاعة نوعان : استطاعة بالمال ، واستطاعة بالبدن ، فأما الاستطاعة بالمال فهي شرط للوجوب أداء وإنابة ، بمعنى : أن من ليس عنده مال لا يجب عليه الحج لا بنفسه ولا بنائبه ، إلا إذا كان قريبًا أو في مكة فإنه يجب عليه الحج ببدنه ، وذلك لقدرة البدنية على أداء الحج .
وأما العجز البدني ، فإنه ينقسم إلى قسمين : عجز لا يرجى زواله ، كالكبر ، وعجز يرجى زواله ، فأما العجز الذي لا يرجى زواله ، فإنه يجب على العاجز الذي عنده مال أن ينيب من يحج عنه ، لأن النبي سألته امرأة قالت : يا رسول الله ، إن أبي أدركته فريضة الله على عبادة بالحج شيخًا لا يثبت على الراحلة ، أفأحج عنه ؟ قال : ( نعم ) .
فأقرها النبي صلى الله عليه وسلم على قولها : فريضة الله .
إذن فيجب عليه أن ينيب من يحج عنه ، إذا كان عجزه لا يرجى زواله ، أما إذا كان يرجى زواله ، فإننا نقول له : انتظر حتى يزول العجز ثم أد الحج بنفسك .
فإن قيل : أرأيتم لو أنه أقام من يحج عنه لكونه لا يرجو زوال عجزه ثم من الله عليه بزوال العجز ، فهل يلزمه أن يعيد ؟
الجواب : لأ ، لأن ذمته برئت ، حيث أتى بالأمر على ما شرع ، وكل إنسان يأتي بالأمر على ما شرع فإنه لا يلزم بالإعادة .
أرأيتم لو أن إنسانًا تيمم في الوقت وصلى ، ثم بعد صلاته وجد الماء ، فهل تلزمه الإعادة ؟
الجواب : لا تلزمه ، لأنه صلى على حسب ما أمر به .
والقاعدة : أن كل من أدى العبادة على الوجه الذي أمر به فإنه لا يلزم بالإعادة ، لأننا لو ألزمناه بالإعادة لأوجبنا عليه العبادة مرتين .
وهذا لا يوجد في الشريعة .
المؤلف رحمه الله بدأ أول ما بدأ فيما يباح للمحرم بحج أو عمرة وما لا يباح ، وبيان تحريم الطيب عليه ، قال : المحرم بحج أو عمرة ، وذلك لأن السؤال الذي ورد على النبي صلى الله عليه وسلم : ما يلبس المحرم ؟ لم يقل ما يلبس الحاج ولا ما يلبس المعتمر .
ثم إن العمرة سماها النبي صلى الله عليه وسلم حجًا أصغر كما في حديث عمرو بن حزم المشهور الذي تلقته الأمة بالقبول ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم سمى العمرة حجًا أصغر .
حدثنا يحيى بن يحيى قال قرأت على مالك عن نافع عن بن عمر رضي الله عنهما أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يلبس المحرم من الثياب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تلبسوا القمص ولا العمائم ولا السراويلات ولا البرانس ولا الخفاف إلا أحد لا يجد النعلين فليلبس الخفين وليقطعهما أسفل من الكعبين ولا تلبسوا من الثياب شيئا مسه الزعفران ولا الورس
القارئ : حدثنا يحيى بن يحيى ، قال : قرأت على مالكٍ ، عن نافعٍ ، عن ابن عمر رضي الله عنهما : ( أن رجلًا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما يلبس المحرم من الثياب ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تلبسوا القمص ، ولا العمائم ، ولا السراويلات ، ولا البرانس ، ولا الخفاف، إلا أحدٌ لا يجد النعلين ، فليلبس الخفين ، وليقطعهما أسفل من الكعبين ، ولا تلبسوا من الثياب شيئًا مسه الزعفران ولا الورس ) .
الشيخ : هذا السؤال الذي أورد على النبي صلى الله عليه وسلم كان في المدينة ، قبل أن يرحل إلى مكة ، والظاهر والله أعلم أنه عليه الصلاة والسلام كان إبان خروجه للحج كان يتحدث عن الحج وعن الإحرام بدليل حديث ابن عباس قال: سمعت النبي ؟ يخطب يقول : ( لا يخلون أحد بامرأة إلا مع ذي محرم ، ولا تسافرن امرأة إلا مع ذي محرم ) فقام رجل فقال : يا رسول الله ، إن امرأتي خرجت حاجة وإني اكتتبت في غزوة كذا وكذا . قال : انطلق فحج مع امرأتك .
فالظاهر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكثر الكلام عن الحج إبان خروجه ، لأنه يعلم أن الناس في هذه الحال يحتاجون إلى بيان الحكم .
وسئل : ما يلبس المحرم ؟
و ( ما ) نعربها على أنها اسم استفهام .
عما يلبس أو عما لا يلبس ؟
عما يلبس ، ما يلبس ؟ أي : أي ثوب يلبس ، فتجدون الآن أن السؤال ورد عما يلبس .
الجواب : قال : لا يلبس .كان المتوقع أن يقول : يلبس كذا وكذا ، لكنه قال : لا يلبس.
ومن المعلوم أن الإثبات والنفي متقابلان ، فإذا نفي ما يلبس فالمعنى أن الباقي يلبس ، وعدل النبي صلى الله عليه وسلم عن الجواب بالإثبات إلى الجواب بالنفي ، لأن ما لا يلبس أقل مما يلبس .
فيكون ما لا يلبس يمكن حصره ، وما يلبس لا يمكن حصره . وهذا من حسن الإجابة ، أن يجاب السائل بغير ما يتوقع إذا كان الحال تقتضي ذلك ، مع أن الجواب وإن كان على خلاف ما يتوقع كان وافيًا تمامًا .
فلننظر: لا يلبس القمص . جمع قميص وهي هذه الثياب المعروفة التي يتقمصها الإنسان ، وهي ذات أكمام . ولا العمائم : وهي لباس الرءوس ، وهي جمع عمامة . ولا السراويلات ، السراويلات جمع ، ولا جمع جمع ؟ جمع فقط هي جمع فقط جمع فقط على اللغة الفصحى ، لأن السراويل على اللغة الفصحى مفرد ، قال ابن مالك رحمه الله :
وللسراويل في هذا الجمع شبه اقتضى عموم المنع
وعلى كل حال سواء كان جمع سروال كما قيل به ، وهي لغة ، أو كانت جمع أو كان مفرد السراويل معروفة ، وهو لباس الرجلين ، وهو ذو الأكمام .
ولا البرانس : البرانس جمع برنس وهو لباس معروف ، يقال إنه لباس يكون لباس الرأس فيه متصلًا بلباس البدن . يعني قميص له غطاء للرأس متصل به . ولكنه ليس معروفًا إلا عند المغاربة . والجزائريين . كل المغرب ، ويستثنى من ذلك المصريون والسودانيون أظن . نعم على كل حال البرانس هذه .
ويقال : عجبًا أن يتحدث النبي صلى الله عليه وسلم عن البرانس مع أنها ليست موجودة في العرب في ذلك الوقت ، فيقال : إما أن يكون الرسول صلى الله عليه وسلم شاهدها أيام كان في مكة ممن يقدمون إليها أو ذكرت له ، المهم أنه لا إشكال في هذا ولا ينبغي أن يعل الحديث بذلك ، فيقال : كيف يتحدث الرسول عن شيء لم يكن معروفًا في العرب ؟!
نقول: هذا لا يوجب أن يكون معلل ، أو يقال إن هذه الكلمة منكرة أو شاذة . ولا الخفاف : الخفاف جمع خف ، وهو لباس الرجلين .
إذن نجد أن الرسول صلى الله عليه وسلم ذكر لباس الرأس ، ولباس البدن ، ولباس الرجلين ، ولباس القدمين .كم ؟ أربعة . لكن انتبه لقوله : لا يلبس . يعني لو استعملت هذه الأشياء لغير اللبس فإنه لا بأس بها، يعني : لو جعل القميص رداءً يلتف به ، فلا حرج .
يقول : ( إلا أحد لا يجد ) إلا أحد لا يجد ، كيف رفعت أحد مع أن الكلام قبلها تام ؟
( لا تلبسوا القميص ) .
الطالب : لأ نه نفي .
الشيخ : وإذا كان منفيا ؟
الطالب : ... القواعد ... .
الشيخ : أي وأيهما أولى ؟
الطالب : الإتباع .
الشيخ : الإتباع أولى طيب ، إلا إذا كان الاستثناء منقطع . إلا أحد لا يجد النعلين فليبس الخفين . ( لا يجد النعلين ) ، يعني نفي الوجود للنعلين يشمل ما إذا وجد الثمن ولم يجد النعل ، أو وجد النعل ولم يجد الثمن . لأن كليهما نفي وجود . فليلبس الخفين . اللام في قوله فليلبس للإباحة ، وليست للوجوب ، ولا للاستحباب ، لأنها ذكرت في مقابل المنع ، والأمر في مقابل المنع يكون للإباحة ، أي : أنه يرتفع المنع . فليلبس الخفين وليقطعهما أسفل من الكعبين .
اللام هنا للوجوب ( وليقطعهما ) وذلك لأنه إذا قطعهما أسفل من الكعبين صارا شبيهين بالنعلين ، فلم يكن بعيدًا عن لبس النعلين .
( ولا تلبسوا من الثياب شيئًا مسه الزعفران ولا الورس ) .
( لا تلبسوا ) : نهي دليل على أنه نهي أنه حذفت منه النون ، ( لا تلبسوا شيئًا ) وكلمة شيئًا نكرة في سياق النهي فتعم كل شيء .
( مسه الزعفران ) أي : أصابه الزعفران وهو طيب أصفر معروف .
(ولا الورس) : وهو نبت معروف باليمن له رائحة زكية تشبه أو تقارب رائحة الزعفران .
هنا بين الرسول صلى الله عليه وسلم ما لا يلبس ، وعلى هذا فيكون ما يلبس كل ما سوى ذلك ، كل ما سوى ذلك فإنه يلبس .
ولكن هل نقتصر على هذه المذكورات لفظًا أو نلحق بها ما يشبهها معنًى ؟
أما على طريقة الظاهرية فإننا نقتصر عليها ، ولا نلحق بها ما يشبهها .
وأما على رأي القياسيين وأصحاب النظر ، فإنهم يلحقون بها ما يشبهها .
فلنعد مرة أخرى : يقول : ( القمص ) ما الذي يشبه القميص ؟
الطالب : البرانس ؟
الشيخ : لا البرانس منصوص عليها .
الطالب : المشلح ؟
الشيخ : المشلح يشبه البرنس ، لكن فيه ثياب ليست قمصًا لكنها تشبهها من بعض الوجوه ، بمعنى تكون مفصلة على سائر البدن كله ، هذه لا تلبس . ويوجد في الإفريقيين ثياب لها أكمام واسعة لكنها ليست على الذراع ، إنما هي فتحة . هذه تلحق بالقمص . وإن لم تكن قميصًا لكنها تلحق بها .
( والعمائم ) العمائم يلحق بها الطاقية والشماغ والقبع . وبل يلحق بها لا قياسًا ولكن نصًا من حديث آخر ما يغطى به الوجه ، ولو بالمنديل ، ما يغطى به الرأس ولو بالمنديل ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الذي وقصته راحلته : ( لا تخمروا رأسه ) ، لا تخمروا رأسه ، وعلى هذا فيكون الرأس من بين سائر الأعضاء ، يختص باللباس المعهود وهو العمائم ، وبغير اللباس المعهود وهو تغطيته بأي شيء ، ولكن هل يشترط في المغطي أن يكون مباشرًا للرأس ؟ أو لا فرق بين المباشر وغير المباشر ؟
في هذا قولان للعلماء : الأول : يقول إن ستر الرأس ولو بغير مباشر محرم ، وعلى هذا الرأي - وهو المذهب - لا يستظل بالشمسية ، ولا تركب السيارة التي لها سقف كالجمس والصغيرة والأوتوبيس الكبير .
الطالب : والطيارة .
الشيخ : والطيارة ، ما فيها طيارة ياشيخ ، باين عليها مكة طيارة لكن فيه إذا احرم من الميقات ، يمكن ، على كل حال : المشهور من المذهب أن تغطية الرأس بالملاصق وغير الملاصق محرم .
ولكن هذا القول ضعيف ، ولم نر أحد يعمل به من أصحاب المذاهب إلا الرافضة ، فالرافضة الآن لهم سيارات مخصوصة يكشفونها ولم أعهد هذا أنا فيما سبق .
لكن أخيرًا صاروا يستعملون هذه السيارات لأنهم يرون ما يرون فقهاؤنا أيضا من أنه ، لا يجوز أن يستر الرأس ولو بغير ملاصق .
لكن الرواية الثانية عن أحمد أنه لا بد من أن يكون بملاصق ، وهذا هو الذي مشى عليه صاحب الزاد ، زاد المستقنع ، فقال : ( وما غطى رأسه بملاصق فذا ) .
طيب : إذا كان الملاصق مما جرت العادة بستر الرأس به واضح ، لكن إذا لم تجر العادة بستر الرأس به كالعفش يحمله الإنسان على رأسه هل يلحق بذلك أو لا ؟
فيه تفصيل على رأي ، ولا يلحق مطلقًا على رأي آخر ، من العلماء من قال: إذا قصد بحمل العفش التغطية مثل أن يمكنه أن يحمله على كتفه ولكنه حمله على رأسه ليتقي بذلك حر الشمس أو المطر مثلًا ، فإنه يحرم عليه .
وأما إذا لم يقصد الستر ولكنه قصد أن يحمله وحمله على رأسه أهون عنده من حمله على كتفه فإن ذلك لا بأس به.
لكن كلام الفقهاء رحمهم الله يقولون : لا فرق بين أن ينوي بذلك الستر أو لا ، لأنه وإن نوى الستر فإنه نوى ما لا يعرف عادة فلا يكون لهذه النية أثر ، وعلى هذا لا بأس أن يحمل المتاع على رأسه بقصد التغطية .
لكن ينبغي أن يقال هنا : إذا كان هذا الشيء مما لا يحمل إلا على الرأس فنعم ، وهذا جرت به العادة ويكون أراد الإنسان التغطية والحمل ، أما إذا كان خفيفًا يمكن أن يعلقه بيده مثلا ولكنه رأى أن يغطي رأسه فهذا لا يجوز وإن كانت ما جرت العادة به .
( ولا السراويلات ) : السراويل لا تلبس ، وظاهر الحديث أن لا فرق بين التبان وبين طويل الأكمام ، التبان الذي له أكمام قصيرة ، ويسمى عندهم (....) المهم السروال قصير الأكمال ظاهر الحديث أنه يدخل في النهي ، وأنه لا يلبس .
الإزار : يلحق به ؟ لا يلحق به .
طيب : الإزار يلحق به ؟ لإزار لا يلحق به ، الإزار المفتوح لا يلحق به ، والذي يمكن أن يتزر به بربطه لكن إذا كان الإزار مخيطًا فهل يلحق بالسروال ؟ لأ ، لا يلحق بالسروال ، هو إزار ، السروال لا بد أن يكون ذا أكمام ، فلو أن الإنسان خاط الإزار خياطة وجعل تكة من فوق وربطه فإن ذلك ليس سروالًا ، هو إزار بكل حال .
( ولا البرانس ) : البرانس يشبهها المشلح أقرب ما يكون إليها المشلح .
وأما ( الكوت ) فبماذا نلحقه ؟ طيب عندنا البرانس بعيد منها الكوت ، الظاهر هو للقميص أقرب ، هو للقميص أقرب ولكن العلماء رحمهم الله يقولون : إذا طرحه على كتفيه طرحًا فإنه لا يعد لبسًا ، فلو طرح الإنسان على كتفيه ( كوتًا ) فإن لا يعد لبسًا . ومثله القباء ، إذا طرحه طرحًا ليس على لبسه في العادة فلا بأس ، فلو أنه قلب المشلح مثلًا وجعل أكمامه أسفل وأسفله أعلى ، فإن ذلك لا يعد لبسًا فلا بأس به .
( الخفاف ) ، ماذا يلحق بها ؟
الطالب : الكنادر والشراريب ؟
الشيخ : الكنادر هي الخفاف لكن يلحق بها الجوارب يعني ( الشراب ) ، وكل ما يلبس على الرجل ، مما يغطي الكعب .
أما ما دون الكعب فهنا اختلف العلماء فيه هل يجوز للمحرم أو لا ؟
الحديث يدل على أنه يجوز للمحرم إذا لم يجد النعلين ، لقوله : ( فليبس الخفين وليقطعهما حتى أسفل من الكعبين ) .
ثم هل يشترط لجواز لبس الخفين عند عدم النعلين بعد القطع ، هل يشترط القطع أم لا ؟
الحديث هنا صريح أنه لا بد من القطع ، لكن هل القطع هنا على سبيل الإباحة أم على سبيل الوجوب ؟
ذكرنا قبل قليل أن اللام للأمر ، وهو للوجوب ، ولا شك أنه للوجوب ، الدليل : أن المحرم لا يستباح إلا بواجب ، وقطعهما إفساد لهما ، وإضاعة للمال ، وهذا حرام ، ولا يستباح الحرام إلا بواجب ، وهذه قاعدة تنفعك في الفقه وأصوله .
وبها استدللنا على وجوب الختان .
بهذه القاعدة وهي إن المحرم لا يستباح إلا بواجب ، استدلنا على وجوب الختان ، لأن الختان قطع جلد من الإنسان وهو محرم ، ولا يستباح محرم إلا بواجب .
المهم ، أن هذا الحديث أعني حديث ابن عمر يدل على وجوب قطع الخفين إذا احتاج الإنسان إلى لبسهما حتى يكونا أسفل من الكعبين ، فهل هذا الحكم باق أو هو منسوخ ؟
اختلف العلماء في هذه المسألة ، فمن العلماء من قال إن هذا الشرط - أعني قطعهما - منسوخ ، واستدل لذلك بحديث ابن عباس رضي الله عنهما ، أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يخطب في عرفات في المحرم يقول : ( لا يلبس الخفين إلا أن لا يجد النعلين ) يقول : ( من لم يجد النعلين فليلبس الخفين ، ومن لم يجد الإزار فليلبس السراويل ) ولم يذكر القطع .
من العلماء من قال : حديث ابن عباس مطلق ، وحديث ابن عمر مقيد ، والقاعدة الشرعية : أن المطلق يحمل على المقيد . ويكون ما سكت عنه الرسول صلى الله عليه وسلم من الأمر بالقطع في حديث ابن عباس معلومًا من قبل من حديث ابن عمر رضي الله عنه ، وإلى هذا ذهب الموفق رحمه الله صاحب المغني .
والقول الثاني : أن حديث ابن عباس رضي الله عنهما ناسخ لحديث ابن عمر ، وهذا أفقه من الأول ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم خطب الناس بعرفة والذين في عرفة أكثر بكثير من الذين سمعوه في المدينة ، ولو كان القطع واجبًا لبينه الرسول صلى الله عليه وسلم لأن المسلمين الذين سمعوه في عرفة سوف يتلقون الحكم على أنه غير مقيد بالقطع ، فيكون عموم حديث بن عباس ناسخا لقيد ، أو إطلاق حديث ابن عباس ناسخًا لقيد حديث ابن عمر . وهذا ما ذهب إليه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وهو أفقه ، من حيث ما ذكرنا ، وهو الجمع الكثير الذين سمعوا حديث ابن عباس دون حديث ابن عمر .
ومن فوائد الحديث : تحريم لبس ما مسه الزعفران ، ( لا تلبسوا شيئًا مسه الزعفران ) وظاهر الحديث أنه لا يلبس سواء كان ذلك قبل الإحرام أو بعده ، وبناء على ذلك لو طيب إحرامه قبل أن يعقد النية فإنه لا يلبسه ، حتى يغسله .
لقوله : ( ولا تلبسوا من الثياب شيئًا مسه الزعفران ) .
ويكون هنا القول بتحريم تطييب ثوب الإحرام أصح من القول بكراهته ، لأن الحكم في هذه المسألة تطييب البدن عند الإحرام سنة ، تطييب ثياب الإحرام مكروه ، على المشهور من المذهب ، وقيل إنه محرم ، والصواب أنه محرم ، لعموم قوله : ( لا تلبسوا من الثياب شيئًا مسه الزعفران ولا الورس ) .
إذا غسلناه ، هل لا بد أن تزول الرائحة ، أو يكتفى بزوال الجرم ؟ الجواب الأول ، لأن هذا ليس من النجاسة ، النجاسة إذا غسلها الإنسان وذهب أثرها وبقيت رائحتها ولونها فإنها تطهر ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم في دم الحيض : ( يكفيك الماء ولا يضرك أثره ) لكن في الإحرام المدار على التطيب أو على الطيب ، فلا بد من ذهاب الرائحة ، بأي سبب ، بأي حيلة ، حتى لو أضاف الإنسان شيئًا قوي الرائحة لكنه ليس طيبًا فذهب برائحة الطيب كفى .
نسأل أسئلة عن هذا الحديث :
هل يجوز للإنسان أن يلبس الخاتم ؟
نعم ، لأنه ليس منصوصًا عليه ولا في معنى المنصوص . طيب
هل يجوز أن يلبس الساعة ؟
الطلبة : نعم .
الشيح : نعم لأنه ليس من المنصوصً عليه ، ولا في معناه .
الشبخ : هل يجوز أن يلبس نظارة في العين ؟
الشيخ : نعم . والعلة ما ذكرناه .
الشيخ : هل يجوز أن يلبس سماعة في الأذن ؟
الطلبة : نعم .
هل يجوز أن يتقلد بالقلادة ؟
الطالب : ويش هي القلادة ؟
الشيخ : القلادة إنسان بيحتطب وتقلد بقلادة ، حبل .
الطالب : أي أي نعم نعم .
الشيخ : يجوز يجوز ما في إشكال . طيب .
الشيح : هل يجوز أن يعقد إزاره ؟
الطلبة : نعم .
الشيخ : نعم ، ولا يحتاج توقف .
الشيخ : هل يجوز أن يعقد رداءه ؟
الطلبة : نعم .
الشيح : نعم ، ولا يحتاج توقف ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أعطي جوامع الكلم ، وعليه البلاغ ؟ وقد بلغ ، وأما ما روي عن ابن عمر رضي الله عنهما وغيره من السلف من كراهة عقد الرداء ، فهذا كراهة لا تعتبر كراهة شرعية ، بحيث إن الإنسان يقال إنه ارتكب منهيًا عنه .
هل يجوز أن نجعل أزارير في الرداء من النحر إلى العانة ؟
الطلبة : لأ ما يجوز .
الشيخ : ما أسرع الجواب ، نعم يوجد الآن أردية نعم يزرونها ، أزرة ما هي شبك ، أزرة من النحر إلى العانة ، الظاهر أن هذا لا يجوز ، لأنه يذهب صورة الإحرام والمحرم . طيب .
الشيخ : هل يجوز أن يلبس الفانيلة ؟
الطلبة : لأ ما يجوز .
الشيخ : طيب فانيلة كتافية .
الطالب : ويش كتافية ؟
الشيخ : كتافية معناها السير يمسك ، ما لها أكمام .
الطالب : ما يجوز .
الشيح : إذا قلت إنه ليس فيها خياطة إطلاقا يعني منسوجة نسجًا على هذا الوضع ، نقول أصل كلمة المخيط لم ترد عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ما ورد عن الرسول لا تلبسوا المخيط إطلاقًا ، وعلى حسب ظني أن أول من تكلم به فقيه التابعين إبراهيم النخعي رحمه الله ، ثم تلقاه الناس عنه ، فصار العامة الآن يظنون أن كل ما فيه خياطة فهو حرام ، حتى النعل المخروزة يسألون عنها لأنها مخيطة ، وهذا بسبب العدول عن الألفاظ الشرعية ، ولو قلنا : لا تلبس كذا وكذا مما جاء به النص أو كان في معناه لكان أبين وأوضح ، لأن بقيت هذه الكلمة لا تلبس المخيط أو حرام على الرجل لبس المخيط بقيت يدخل فيها ما لا يريده العلماء بهذه الكلمة . طيب
هل يجوز أن يلبس الكمر اللي فيه النفقة ؟
الطالب : نعم .
الشيخ : ولو كان مخيطًا ؟
الشيخ : ولو كان مخيطًا ، لأنه ليس منصوصًا عليه ولا في معنى المنصوص .
هل يجوز أن يتقلد القربة يحمل عليها الماء ؟
الطالب : نعم .
الشيح : نعم .
هل يجوز أن يتقلد وعاء النفقة ؟
الطالب : هو الكمر .
الشيخ : لأ ، الكمر يربط على البطن ، وهذا يعلق على الكتف ، هذا أيضًا جائز على القول الراجح .
هل يجوز أن يتقلد السيف ؟
الطلبة : نعم .
الشبخ : نعم ، هل يجوز أن يتقلد الرشاش ؟
الطلبة : نعم .
لكن لاحظ أن حمل السلاح في الحرم منهيٌ عنه ، إلا إذا دعت الحاجة إليه ، فيكون النهي هنا ليس من قبل الإحرام ولكن من قبل الحرم ، حتى يأمن الناس . ولا يخاف من أحد إلا إذا دعت الحاجة إلى ذلك .
على كل حال عندنا - الحمد لله - هذا الأساس الذي أسسه النبي ؟ فيما لا يلبس المحرم ، فما عدا ذلك فهو جائز .
السائل : السراويل .... النعلين ؟
الشيخ : ما يجوز السراويل ، السراويل متفق حديث ابن عمر وحديث بن عباس ما فيها خلاف . طيب
إذا لم يجد نعلين قلنا يلبس خفين وعلى القول الراجح يلبسهما بلا قطع ، إذا ام يجد الإزار ، يلبس السراويل .
هنا مسألة تقع كثيرًا في الطائرة ، ينسى الإنسان ثياب الإحرام في الشنطة مع العفش ، وهو يريد أن يحرم ، وقرب من الميقات، فماذا يصنع ؟ هل نقول : إعقد النية وعليك ثيابك المعتادة أو ماذا ؟
نقول : يمكنك أن تلبس ثياب الإحرام وأنت على هذه الحال ، القميص إجعله إزارًا ، يمكن يتلفف به أو الغترة إجعلها إزارًا .
والسراويل إجعله رداءً أو الغترة ، وانو الإحرام .
الطلبة : لكن يا شيخ .
الشيح : لا لا أبدا ... من نعمة الله عز وجل أنه في باب الإحرام لا أحد يُضحك عليه إطلاقًا وإلا لكان الإنسان يفشل ... ما في شيء ياجماعة نعم ،
الطالب : ... ما يكفي ؟
الشيح : لالا يكفي الغالب أن عرضه يستر ما بين السرة والركبة .
الطالب : ما أحد يا شيخ يتحمل هذا ؟!
على كل حال هذا الواجب . هذا الواجب
لكن لو فرض أن الإنسان ليس معه إلا قميص فقط ، ليس معه سراويل ولا معه غترة ولا شيء ، هل نقول يلزمه أن يخلعه ويجعله إزارًا ؟ نعم يمكن ، والطائرة فيها دورة مياه يمكن أن يستتر بها الإنسان ثم يلبس هذا القميص يجعله إزارًا ، لكن غالب الناس لا يفهمون مثل هذه الأمور ، اللي يفهم هذه الأمور طلبة العلم .
تجده إما أن يؤخر الإحرام حتى ينزل ويخرج الإزار والرداء من الشنطة ، وإما أن يحرم على ما هو عليه .
أما الأول فيكون قد ترك واجبًا ، الذي أخر الإحرام حتى نزل وقدر على الإزار والرداء . فيكون ترك واجبا ، وترك الواجب عند الفقهاء فيه دم .
وإذا كان جاهلًا يسقط عنه الإثم ، لكن لا يسقط عنه البدل الذي هو الدم .
وأما الثاني الذي أحرم وعليه لباسه فيكون هنا لبس ما يلبس من الثياب الممنوعة وهو جاهل وارتكاب المحظور جهلًا لا يترتب عليه شيء، لا إثم ولا دم ، فأيهما أسهل وأحسن ؟ الثاني الذي يحرم وعليه ثيابه . نعم ، هذا هو الأحسن ، ولهذا ينبغي لطلبة العلم ، بل يجب عليهم في حال الحاجة إلى بيان هذه الأمور أن يبينوا للناس هذا الأمر ، لأن أكثر من يسألون إذا نسي ثياب الاحرام في الشنطة داخل الطائرة ، أكثر من يسألون يقولون: إنه لم يحرم .
الشيخ : هذا السؤال الذي أورد على النبي صلى الله عليه وسلم كان في المدينة ، قبل أن يرحل إلى مكة ، والظاهر والله أعلم أنه عليه الصلاة والسلام كان إبان خروجه للحج كان يتحدث عن الحج وعن الإحرام بدليل حديث ابن عباس قال: سمعت النبي ؟ يخطب يقول : ( لا يخلون أحد بامرأة إلا مع ذي محرم ، ولا تسافرن امرأة إلا مع ذي محرم ) فقام رجل فقال : يا رسول الله ، إن امرأتي خرجت حاجة وإني اكتتبت في غزوة كذا وكذا . قال : انطلق فحج مع امرأتك .
فالظاهر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكثر الكلام عن الحج إبان خروجه ، لأنه يعلم أن الناس في هذه الحال يحتاجون إلى بيان الحكم .
وسئل : ما يلبس المحرم ؟
و ( ما ) نعربها على أنها اسم استفهام .
عما يلبس أو عما لا يلبس ؟
عما يلبس ، ما يلبس ؟ أي : أي ثوب يلبس ، فتجدون الآن أن السؤال ورد عما يلبس .
الجواب : قال : لا يلبس .كان المتوقع أن يقول : يلبس كذا وكذا ، لكنه قال : لا يلبس.
ومن المعلوم أن الإثبات والنفي متقابلان ، فإذا نفي ما يلبس فالمعنى أن الباقي يلبس ، وعدل النبي صلى الله عليه وسلم عن الجواب بالإثبات إلى الجواب بالنفي ، لأن ما لا يلبس أقل مما يلبس .
فيكون ما لا يلبس يمكن حصره ، وما يلبس لا يمكن حصره . وهذا من حسن الإجابة ، أن يجاب السائل بغير ما يتوقع إذا كان الحال تقتضي ذلك ، مع أن الجواب وإن كان على خلاف ما يتوقع كان وافيًا تمامًا .
فلننظر: لا يلبس القمص . جمع قميص وهي هذه الثياب المعروفة التي يتقمصها الإنسان ، وهي ذات أكمام . ولا العمائم : وهي لباس الرءوس ، وهي جمع عمامة . ولا السراويلات ، السراويلات جمع ، ولا جمع جمع ؟ جمع فقط هي جمع فقط جمع فقط على اللغة الفصحى ، لأن السراويل على اللغة الفصحى مفرد ، قال ابن مالك رحمه الله :
وللسراويل في هذا الجمع شبه اقتضى عموم المنع
وعلى كل حال سواء كان جمع سروال كما قيل به ، وهي لغة ، أو كانت جمع أو كان مفرد السراويل معروفة ، وهو لباس الرجلين ، وهو ذو الأكمام .
ولا البرانس : البرانس جمع برنس وهو لباس معروف ، يقال إنه لباس يكون لباس الرأس فيه متصلًا بلباس البدن . يعني قميص له غطاء للرأس متصل به . ولكنه ليس معروفًا إلا عند المغاربة . والجزائريين . كل المغرب ، ويستثنى من ذلك المصريون والسودانيون أظن . نعم على كل حال البرانس هذه .
ويقال : عجبًا أن يتحدث النبي صلى الله عليه وسلم عن البرانس مع أنها ليست موجودة في العرب في ذلك الوقت ، فيقال : إما أن يكون الرسول صلى الله عليه وسلم شاهدها أيام كان في مكة ممن يقدمون إليها أو ذكرت له ، المهم أنه لا إشكال في هذا ولا ينبغي أن يعل الحديث بذلك ، فيقال : كيف يتحدث الرسول عن شيء لم يكن معروفًا في العرب ؟!
نقول: هذا لا يوجب أن يكون معلل ، أو يقال إن هذه الكلمة منكرة أو شاذة . ولا الخفاف : الخفاف جمع خف ، وهو لباس الرجلين .
إذن نجد أن الرسول صلى الله عليه وسلم ذكر لباس الرأس ، ولباس البدن ، ولباس الرجلين ، ولباس القدمين .كم ؟ أربعة . لكن انتبه لقوله : لا يلبس . يعني لو استعملت هذه الأشياء لغير اللبس فإنه لا بأس بها، يعني : لو جعل القميص رداءً يلتف به ، فلا حرج .
يقول : ( إلا أحد لا يجد ) إلا أحد لا يجد ، كيف رفعت أحد مع أن الكلام قبلها تام ؟
( لا تلبسوا القميص ) .
الطالب : لأ نه نفي .
الشيخ : وإذا كان منفيا ؟
الطالب : ... القواعد ... .
الشيخ : أي وأيهما أولى ؟
الطالب : الإتباع .
الشيخ : الإتباع أولى طيب ، إلا إذا كان الاستثناء منقطع . إلا أحد لا يجد النعلين فليبس الخفين . ( لا يجد النعلين ) ، يعني نفي الوجود للنعلين يشمل ما إذا وجد الثمن ولم يجد النعل ، أو وجد النعل ولم يجد الثمن . لأن كليهما نفي وجود . فليلبس الخفين . اللام في قوله فليلبس للإباحة ، وليست للوجوب ، ولا للاستحباب ، لأنها ذكرت في مقابل المنع ، والأمر في مقابل المنع يكون للإباحة ، أي : أنه يرتفع المنع . فليلبس الخفين وليقطعهما أسفل من الكعبين .
اللام هنا للوجوب ( وليقطعهما ) وذلك لأنه إذا قطعهما أسفل من الكعبين صارا شبيهين بالنعلين ، فلم يكن بعيدًا عن لبس النعلين .
( ولا تلبسوا من الثياب شيئًا مسه الزعفران ولا الورس ) .
( لا تلبسوا ) : نهي دليل على أنه نهي أنه حذفت منه النون ، ( لا تلبسوا شيئًا ) وكلمة شيئًا نكرة في سياق النهي فتعم كل شيء .
( مسه الزعفران ) أي : أصابه الزعفران وهو طيب أصفر معروف .
(ولا الورس) : وهو نبت معروف باليمن له رائحة زكية تشبه أو تقارب رائحة الزعفران .
هنا بين الرسول صلى الله عليه وسلم ما لا يلبس ، وعلى هذا فيكون ما يلبس كل ما سوى ذلك ، كل ما سوى ذلك فإنه يلبس .
ولكن هل نقتصر على هذه المذكورات لفظًا أو نلحق بها ما يشبهها معنًى ؟
أما على طريقة الظاهرية فإننا نقتصر عليها ، ولا نلحق بها ما يشبهها .
وأما على رأي القياسيين وأصحاب النظر ، فإنهم يلحقون بها ما يشبهها .
فلنعد مرة أخرى : يقول : ( القمص ) ما الذي يشبه القميص ؟
الطالب : البرانس ؟
الشيخ : لا البرانس منصوص عليها .
الطالب : المشلح ؟
الشيخ : المشلح يشبه البرنس ، لكن فيه ثياب ليست قمصًا لكنها تشبهها من بعض الوجوه ، بمعنى تكون مفصلة على سائر البدن كله ، هذه لا تلبس . ويوجد في الإفريقيين ثياب لها أكمام واسعة لكنها ليست على الذراع ، إنما هي فتحة . هذه تلحق بالقمص . وإن لم تكن قميصًا لكنها تلحق بها .
( والعمائم ) العمائم يلحق بها الطاقية والشماغ والقبع . وبل يلحق بها لا قياسًا ولكن نصًا من حديث آخر ما يغطى به الوجه ، ولو بالمنديل ، ما يغطى به الرأس ولو بالمنديل ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الذي وقصته راحلته : ( لا تخمروا رأسه ) ، لا تخمروا رأسه ، وعلى هذا فيكون الرأس من بين سائر الأعضاء ، يختص باللباس المعهود وهو العمائم ، وبغير اللباس المعهود وهو تغطيته بأي شيء ، ولكن هل يشترط في المغطي أن يكون مباشرًا للرأس ؟ أو لا فرق بين المباشر وغير المباشر ؟
في هذا قولان للعلماء : الأول : يقول إن ستر الرأس ولو بغير مباشر محرم ، وعلى هذا الرأي - وهو المذهب - لا يستظل بالشمسية ، ولا تركب السيارة التي لها سقف كالجمس والصغيرة والأوتوبيس الكبير .
الطالب : والطيارة .
الشيخ : والطيارة ، ما فيها طيارة ياشيخ ، باين عليها مكة طيارة لكن فيه إذا احرم من الميقات ، يمكن ، على كل حال : المشهور من المذهب أن تغطية الرأس بالملاصق وغير الملاصق محرم .
ولكن هذا القول ضعيف ، ولم نر أحد يعمل به من أصحاب المذاهب إلا الرافضة ، فالرافضة الآن لهم سيارات مخصوصة يكشفونها ولم أعهد هذا أنا فيما سبق .
لكن أخيرًا صاروا يستعملون هذه السيارات لأنهم يرون ما يرون فقهاؤنا أيضا من أنه ، لا يجوز أن يستر الرأس ولو بغير ملاصق .
لكن الرواية الثانية عن أحمد أنه لا بد من أن يكون بملاصق ، وهذا هو الذي مشى عليه صاحب الزاد ، زاد المستقنع ، فقال : ( وما غطى رأسه بملاصق فذا ) .
طيب : إذا كان الملاصق مما جرت العادة بستر الرأس به واضح ، لكن إذا لم تجر العادة بستر الرأس به كالعفش يحمله الإنسان على رأسه هل يلحق بذلك أو لا ؟
فيه تفصيل على رأي ، ولا يلحق مطلقًا على رأي آخر ، من العلماء من قال: إذا قصد بحمل العفش التغطية مثل أن يمكنه أن يحمله على كتفه ولكنه حمله على رأسه ليتقي بذلك حر الشمس أو المطر مثلًا ، فإنه يحرم عليه .
وأما إذا لم يقصد الستر ولكنه قصد أن يحمله وحمله على رأسه أهون عنده من حمله على كتفه فإن ذلك لا بأس به.
لكن كلام الفقهاء رحمهم الله يقولون : لا فرق بين أن ينوي بذلك الستر أو لا ، لأنه وإن نوى الستر فإنه نوى ما لا يعرف عادة فلا يكون لهذه النية أثر ، وعلى هذا لا بأس أن يحمل المتاع على رأسه بقصد التغطية .
لكن ينبغي أن يقال هنا : إذا كان هذا الشيء مما لا يحمل إلا على الرأس فنعم ، وهذا جرت به العادة ويكون أراد الإنسان التغطية والحمل ، أما إذا كان خفيفًا يمكن أن يعلقه بيده مثلا ولكنه رأى أن يغطي رأسه فهذا لا يجوز وإن كانت ما جرت العادة به .
( ولا السراويلات ) : السراويل لا تلبس ، وظاهر الحديث أن لا فرق بين التبان وبين طويل الأكمام ، التبان الذي له أكمام قصيرة ، ويسمى عندهم (....) المهم السروال قصير الأكمال ظاهر الحديث أنه يدخل في النهي ، وأنه لا يلبس .
الإزار : يلحق به ؟ لا يلحق به .
طيب : الإزار يلحق به ؟ لإزار لا يلحق به ، الإزار المفتوح لا يلحق به ، والذي يمكن أن يتزر به بربطه لكن إذا كان الإزار مخيطًا فهل يلحق بالسروال ؟ لأ ، لا يلحق بالسروال ، هو إزار ، السروال لا بد أن يكون ذا أكمام ، فلو أن الإنسان خاط الإزار خياطة وجعل تكة من فوق وربطه فإن ذلك ليس سروالًا ، هو إزار بكل حال .
( ولا البرانس ) : البرانس يشبهها المشلح أقرب ما يكون إليها المشلح .
وأما ( الكوت ) فبماذا نلحقه ؟ طيب عندنا البرانس بعيد منها الكوت ، الظاهر هو للقميص أقرب ، هو للقميص أقرب ولكن العلماء رحمهم الله يقولون : إذا طرحه على كتفيه طرحًا فإنه لا يعد لبسًا ، فلو طرح الإنسان على كتفيه ( كوتًا ) فإن لا يعد لبسًا . ومثله القباء ، إذا طرحه طرحًا ليس على لبسه في العادة فلا بأس ، فلو أنه قلب المشلح مثلًا وجعل أكمامه أسفل وأسفله أعلى ، فإن ذلك لا يعد لبسًا فلا بأس به .
( الخفاف ) ، ماذا يلحق بها ؟
الطالب : الكنادر والشراريب ؟
الشيخ : الكنادر هي الخفاف لكن يلحق بها الجوارب يعني ( الشراب ) ، وكل ما يلبس على الرجل ، مما يغطي الكعب .
أما ما دون الكعب فهنا اختلف العلماء فيه هل يجوز للمحرم أو لا ؟
الحديث يدل على أنه يجوز للمحرم إذا لم يجد النعلين ، لقوله : ( فليبس الخفين وليقطعهما حتى أسفل من الكعبين ) .
ثم هل يشترط لجواز لبس الخفين عند عدم النعلين بعد القطع ، هل يشترط القطع أم لا ؟
الحديث هنا صريح أنه لا بد من القطع ، لكن هل القطع هنا على سبيل الإباحة أم على سبيل الوجوب ؟
ذكرنا قبل قليل أن اللام للأمر ، وهو للوجوب ، ولا شك أنه للوجوب ، الدليل : أن المحرم لا يستباح إلا بواجب ، وقطعهما إفساد لهما ، وإضاعة للمال ، وهذا حرام ، ولا يستباح الحرام إلا بواجب ، وهذه قاعدة تنفعك في الفقه وأصوله .
وبها استدللنا على وجوب الختان .
بهذه القاعدة وهي إن المحرم لا يستباح إلا بواجب ، استدلنا على وجوب الختان ، لأن الختان قطع جلد من الإنسان وهو محرم ، ولا يستباح محرم إلا بواجب .
المهم ، أن هذا الحديث أعني حديث ابن عمر يدل على وجوب قطع الخفين إذا احتاج الإنسان إلى لبسهما حتى يكونا أسفل من الكعبين ، فهل هذا الحكم باق أو هو منسوخ ؟
اختلف العلماء في هذه المسألة ، فمن العلماء من قال إن هذا الشرط - أعني قطعهما - منسوخ ، واستدل لذلك بحديث ابن عباس رضي الله عنهما ، أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يخطب في عرفات في المحرم يقول : ( لا يلبس الخفين إلا أن لا يجد النعلين ) يقول : ( من لم يجد النعلين فليلبس الخفين ، ومن لم يجد الإزار فليلبس السراويل ) ولم يذكر القطع .
من العلماء من قال : حديث ابن عباس مطلق ، وحديث ابن عمر مقيد ، والقاعدة الشرعية : أن المطلق يحمل على المقيد . ويكون ما سكت عنه الرسول صلى الله عليه وسلم من الأمر بالقطع في حديث ابن عباس معلومًا من قبل من حديث ابن عمر رضي الله عنه ، وإلى هذا ذهب الموفق رحمه الله صاحب المغني .
والقول الثاني : أن حديث ابن عباس رضي الله عنهما ناسخ لحديث ابن عمر ، وهذا أفقه من الأول ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم خطب الناس بعرفة والذين في عرفة أكثر بكثير من الذين سمعوه في المدينة ، ولو كان القطع واجبًا لبينه الرسول صلى الله عليه وسلم لأن المسلمين الذين سمعوه في عرفة سوف يتلقون الحكم على أنه غير مقيد بالقطع ، فيكون عموم حديث بن عباس ناسخا لقيد ، أو إطلاق حديث ابن عباس ناسخًا لقيد حديث ابن عمر . وهذا ما ذهب إليه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وهو أفقه ، من حيث ما ذكرنا ، وهو الجمع الكثير الذين سمعوا حديث ابن عباس دون حديث ابن عمر .
ومن فوائد الحديث : تحريم لبس ما مسه الزعفران ، ( لا تلبسوا شيئًا مسه الزعفران ) وظاهر الحديث أنه لا يلبس سواء كان ذلك قبل الإحرام أو بعده ، وبناء على ذلك لو طيب إحرامه قبل أن يعقد النية فإنه لا يلبسه ، حتى يغسله .
لقوله : ( ولا تلبسوا من الثياب شيئًا مسه الزعفران ) .
ويكون هنا القول بتحريم تطييب ثوب الإحرام أصح من القول بكراهته ، لأن الحكم في هذه المسألة تطييب البدن عند الإحرام سنة ، تطييب ثياب الإحرام مكروه ، على المشهور من المذهب ، وقيل إنه محرم ، والصواب أنه محرم ، لعموم قوله : ( لا تلبسوا من الثياب شيئًا مسه الزعفران ولا الورس ) .
إذا غسلناه ، هل لا بد أن تزول الرائحة ، أو يكتفى بزوال الجرم ؟ الجواب الأول ، لأن هذا ليس من النجاسة ، النجاسة إذا غسلها الإنسان وذهب أثرها وبقيت رائحتها ولونها فإنها تطهر ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم في دم الحيض : ( يكفيك الماء ولا يضرك أثره ) لكن في الإحرام المدار على التطيب أو على الطيب ، فلا بد من ذهاب الرائحة ، بأي سبب ، بأي حيلة ، حتى لو أضاف الإنسان شيئًا قوي الرائحة لكنه ليس طيبًا فذهب برائحة الطيب كفى .
نسأل أسئلة عن هذا الحديث :
هل يجوز للإنسان أن يلبس الخاتم ؟
نعم ، لأنه ليس منصوصًا عليه ولا في معنى المنصوص . طيب
هل يجوز أن يلبس الساعة ؟
الطلبة : نعم .
الشيح : نعم لأنه ليس من المنصوصً عليه ، ولا في معناه .
الشبخ : هل يجوز أن يلبس نظارة في العين ؟
الشيخ : نعم . والعلة ما ذكرناه .
الشيخ : هل يجوز أن يلبس سماعة في الأذن ؟
الطلبة : نعم .
هل يجوز أن يتقلد بالقلادة ؟
الطالب : ويش هي القلادة ؟
الشيخ : القلادة إنسان بيحتطب وتقلد بقلادة ، حبل .
الطالب : أي أي نعم نعم .
الشيخ : يجوز يجوز ما في إشكال . طيب .
الشيح : هل يجوز أن يعقد إزاره ؟
الطلبة : نعم .
الشيخ : نعم ، ولا يحتاج توقف .
الشيخ : هل يجوز أن يعقد رداءه ؟
الطلبة : نعم .
الشيح : نعم ، ولا يحتاج توقف ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أعطي جوامع الكلم ، وعليه البلاغ ؟ وقد بلغ ، وأما ما روي عن ابن عمر رضي الله عنهما وغيره من السلف من كراهة عقد الرداء ، فهذا كراهة لا تعتبر كراهة شرعية ، بحيث إن الإنسان يقال إنه ارتكب منهيًا عنه .
هل يجوز أن نجعل أزارير في الرداء من النحر إلى العانة ؟
الطلبة : لأ ما يجوز .
الشيخ : ما أسرع الجواب ، نعم يوجد الآن أردية نعم يزرونها ، أزرة ما هي شبك ، أزرة من النحر إلى العانة ، الظاهر أن هذا لا يجوز ، لأنه يذهب صورة الإحرام والمحرم . طيب .
الشيخ : هل يجوز أن يلبس الفانيلة ؟
الطلبة : لأ ما يجوز .
الشيخ : طيب فانيلة كتافية .
الطالب : ويش كتافية ؟
الشيخ : كتافية معناها السير يمسك ، ما لها أكمام .
الطالب : ما يجوز .
الشيح : إذا قلت إنه ليس فيها خياطة إطلاقا يعني منسوجة نسجًا على هذا الوضع ، نقول أصل كلمة المخيط لم ترد عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ما ورد عن الرسول لا تلبسوا المخيط إطلاقًا ، وعلى حسب ظني أن أول من تكلم به فقيه التابعين إبراهيم النخعي رحمه الله ، ثم تلقاه الناس عنه ، فصار العامة الآن يظنون أن كل ما فيه خياطة فهو حرام ، حتى النعل المخروزة يسألون عنها لأنها مخيطة ، وهذا بسبب العدول عن الألفاظ الشرعية ، ولو قلنا : لا تلبس كذا وكذا مما جاء به النص أو كان في معناه لكان أبين وأوضح ، لأن بقيت هذه الكلمة لا تلبس المخيط أو حرام على الرجل لبس المخيط بقيت يدخل فيها ما لا يريده العلماء بهذه الكلمة . طيب
هل يجوز أن يلبس الكمر اللي فيه النفقة ؟
الطالب : نعم .
الشيخ : ولو كان مخيطًا ؟
الشيخ : ولو كان مخيطًا ، لأنه ليس منصوصًا عليه ولا في معنى المنصوص .
هل يجوز أن يتقلد القربة يحمل عليها الماء ؟
الطالب : نعم .
الشيح : نعم .
هل يجوز أن يتقلد وعاء النفقة ؟
الطالب : هو الكمر .
الشيخ : لأ ، الكمر يربط على البطن ، وهذا يعلق على الكتف ، هذا أيضًا جائز على القول الراجح .
هل يجوز أن يتقلد السيف ؟
الطلبة : نعم .
الشبخ : نعم ، هل يجوز أن يتقلد الرشاش ؟
الطلبة : نعم .
لكن لاحظ أن حمل السلاح في الحرم منهيٌ عنه ، إلا إذا دعت الحاجة إليه ، فيكون النهي هنا ليس من قبل الإحرام ولكن من قبل الحرم ، حتى يأمن الناس . ولا يخاف من أحد إلا إذا دعت الحاجة إلى ذلك .
على كل حال عندنا - الحمد لله - هذا الأساس الذي أسسه النبي ؟ فيما لا يلبس المحرم ، فما عدا ذلك فهو جائز .
السائل : السراويل .... النعلين ؟
الشيخ : ما يجوز السراويل ، السراويل متفق حديث ابن عمر وحديث بن عباس ما فيها خلاف . طيب
إذا لم يجد نعلين قلنا يلبس خفين وعلى القول الراجح يلبسهما بلا قطع ، إذا ام يجد الإزار ، يلبس السراويل .
هنا مسألة تقع كثيرًا في الطائرة ، ينسى الإنسان ثياب الإحرام في الشنطة مع العفش ، وهو يريد أن يحرم ، وقرب من الميقات، فماذا يصنع ؟ هل نقول : إعقد النية وعليك ثيابك المعتادة أو ماذا ؟
نقول : يمكنك أن تلبس ثياب الإحرام وأنت على هذه الحال ، القميص إجعله إزارًا ، يمكن يتلفف به أو الغترة إجعلها إزارًا .
والسراويل إجعله رداءً أو الغترة ، وانو الإحرام .
الطلبة : لكن يا شيخ .
الشيح : لا لا أبدا ... من نعمة الله عز وجل أنه في باب الإحرام لا أحد يُضحك عليه إطلاقًا وإلا لكان الإنسان يفشل ... ما في شيء ياجماعة نعم ،
الطالب : ... ما يكفي ؟
الشيح : لالا يكفي الغالب أن عرضه يستر ما بين السرة والركبة .
الطالب : ما أحد يا شيخ يتحمل هذا ؟!
على كل حال هذا الواجب . هذا الواجب
لكن لو فرض أن الإنسان ليس معه إلا قميص فقط ، ليس معه سراويل ولا معه غترة ولا شيء ، هل نقول يلزمه أن يخلعه ويجعله إزارًا ؟ نعم يمكن ، والطائرة فيها دورة مياه يمكن أن يستتر بها الإنسان ثم يلبس هذا القميص يجعله إزارًا ، لكن غالب الناس لا يفهمون مثل هذه الأمور ، اللي يفهم هذه الأمور طلبة العلم .
تجده إما أن يؤخر الإحرام حتى ينزل ويخرج الإزار والرداء من الشنطة ، وإما أن يحرم على ما هو عليه .
أما الأول فيكون قد ترك واجبًا ، الذي أخر الإحرام حتى نزل وقدر على الإزار والرداء . فيكون ترك واجبا ، وترك الواجب عند الفقهاء فيه دم .
وإذا كان جاهلًا يسقط عنه الإثم ، لكن لا يسقط عنه البدل الذي هو الدم .
وأما الثاني الذي أحرم وعليه لباسه فيكون هنا لبس ما يلبس من الثياب الممنوعة وهو جاهل وارتكاب المحظور جهلًا لا يترتب عليه شيء، لا إثم ولا دم ، فأيهما أسهل وأحسن ؟ الثاني الذي يحرم وعليه ثيابه . نعم ، هذا هو الأحسن ، ولهذا ينبغي لطلبة العلم ، بل يجب عليهم في حال الحاجة إلى بيان هذه الأمور أن يبينوا للناس هذا الأمر ، لأن أكثر من يسألون إذا نسي ثياب الاحرام في الشنطة داخل الطائرة ، أكثر من يسألون يقولون: إنه لم يحرم .
2 - حدثنا يحيى بن يحيى قال قرأت على مالك عن نافع عن بن عمر رضي الله عنهما أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يلبس المحرم من الثياب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تلبسوا القمص ولا العمائم ولا السراويلات ولا البرانس ولا الخفاف إلا أحد لا يجد النعلين فليلبس الخفين وليقطعهما أسفل من الكعبين ولا تلبسوا من الثياب شيئا مسه الزعفران ولا الورس أستمع حفظ
اضيفت في - 2006-04-10