شرح :( فأجاز رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى عرفة فوجد القبة قد ضربت له بنمرة فنزل بها حتى إذا زاغت الشمس أمر بالقصواء فرحلت له فأتى بطن الوادي فخطب الناس وقال إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا ألا كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع ودماء الجاهلية موضوعة وإن أول دم أضع من دمائنا دم بن ربيعة بن الحارث كان مسترضعا في بني سعد فقتلته هذيل وربا الجاهلية موضوع وأول ربا أضع ربانا ربا عباس بن عبد المطلب فإنه موضوع كله فاتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمان الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله ولكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضربا غير مبرح ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به كتاب الله وأنتم تسألون عني فما أنتم قائلون قالوا نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت فقال بإصبعه السبابة يرفعها إلى السماء وينكتها إلى الناس اللهم اشهد اللهم اشهد ثلاث مرات)
والفرق أن الآية قال فيها تبارك وتعالى : (( واللاتي تخافون نشوزهن )) وأما هذا الحديث فقد وقعت المسألة المحقق منها ، فتضرب تأديبًا على ما مضى لا إصلاحًا للمستقبل ، الإصلاح هو قوله : (( فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن )) لكن هذا تأديب وتعزير على ما وقع من المرأة حيث أدخلت أو أوطأت فراش زوجها من يكرهه ، لكن ضربًا غير مبرح أي : غير شديد ولا جارح لجسدها ، ولا مؤلم لعظمها ، بل هو ضرب خفيف يحصل به التأديب وبيان سلطة الرجل عليها ، ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف ، الرزق : العطاء ، وهو ما يقوم به البدن من طعام وشراب ، وكسوتهن ما يستر به ظاهر الجسد ، على الزوج ، لكن بالمعروف ، أي : بما يتعارف به الناس ، مما يكون على الزوج الغني حسب غناه والفقير حسب فقره ، واختلف العلماء رحمهم الله : هل المعتبر حال الزوج ؟ أو حال الزوجة ؟ أو حالهما ؟
فالمشهور من المذهب المعتبر حالهما ، والقول الثاني : أن المعتبر حال الزوج ، والثالث : أن المعتبر حال الزوجة .
والصواب أن المعتبر حال الزوج ، لقول الله تبارك وتعالى : (( لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله )) .
فالغنية مع الغني نفقتها نفقة غني ، والفقيرة مع الفقير نفقة فقير ، والمتوسطة مع المتوسط نفقة المتوسط ، هذا واضح تتفق به الأقوال ،
والغنية مع الفقير نفقة فقير على القول بأن المعتبر حال الزوج ، ونفقة غني على القول بأن المعتبر حال الزوجة ، والمتوسط على القول بأن المعتبر حالهما ، لكن الصحيح أن المعتبر حال الزوج .
ثم قال : ( لقد تركت فيكم ما لم تضلوا بعدي ) يفهم من هذا الحديث أنه لا نفقة للزوج على الزوجة ، ولو كانت غنية وهو فقير لأن النبي صلى الله عليه وسلم أعلن في هذا المجمع أن الإنفاق على من على الزوج ، خلافا لابن حزم رحمه الله حيث قال لو كان الزوج فقيرا ، والزوجة غنية فإنه يلزمها أن تنفق عليه ، لعموم قوله تعالى : (( وعلى الوارث مثل ذلك )) والزوجة وارثة للزوج ، فيلزمها أن تنفق ، فيقال نعم هذا فيما إذا كان الإنفاق من أجل المواساة ، أما إذا كان معاوضة فلا يمكن أن نلزم الزوجة الإنفاق على زوجها ، لأن المستمتع من ؟ الزوج ، ولهذا سمى الله المهر أجرا كأنه دفعه المستأجر إلى الأجير ، فالإنفاق عليها معاوضة وليس من باب المواساة ، أما لو كان من باب المواساة ، كالإنفاق بين الأقارب ، فنعم يجب علي الغني أن تنفق على الفقير .
1 - شرح :( فأجاز رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى عرفة فوجد القبة قد ضربت له بنمرة فنزل بها حتى إذا زاغت الشمس أمر بالقصواء فرحلت له فأتى بطن الوادي فخطب الناس وقال إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا ألا كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع ودماء الجاهلية موضوعة وإن أول دم أضع من دمائنا دم بن ربيعة بن الحارث كان مسترضعا في بني سعد فقتلته هذيل وربا الجاهلية موضوع وأول ربا أضع ربانا ربا عباس بن عبد المطلب فإنه موضوع كله فاتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمان الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله ولكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضربا غير مبرح ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به كتاب الله وأنتم تسألون عني فما أنتم قائلون قالوا نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت فقال بإصبعه السبابة يرفعها إلى السماء وينكتها إلى الناس اللهم اشهد اللهم اشهد ثلاث مرات) أستمع حفظ
بما أن الاستمتاع يحصل من الزوج والزوجة فلماذا لا تجب عليها النفقة على زوجها حالة كونه فقيرا.؟
الشيخ : كل يستمتع ، لكن من الذي بيده الأمر؟
السائل : سليم : الذي بيده الأمر الزوج ؟
الشيخ : الزوج إذن هو الأصل استمتاعها تبع ، ولهذا جاء : ( إذا دعا الرجل زوجته إلى فراشه فأبت أن تجيئه لعنتها الملائكة حتى تصبح أو تجيء )
لكن ما قال : إذا دعت المرأة زوجها إلى الفراش ، لأن الشأن على من على الزوج ، وقال الرسول صلى الله عليه وسلم : ( اتقوا الله في النساء فإنهن عوان عندكم ) ، عوان جمع عانية أي : أسيرة .
2 - بما أن الاستمتاع يحصل من الزوج والزوجة فلماذا لا تجب عليها النفقة على زوجها حالة كونه فقيرا.؟ أستمع حفظ
إاذ كانت الزوجة لها دخل من وظيفة سمح الزوج لها به فهل تجب عليها النفقة عليه لإعساره مقابل ما سمح لها.؟
الشيخ : هل شرط عليه عند العقد أن يمكنها من العمل ؟
السائل : طه : على الحالين ؟
الشيخ : أجب
السائل : طه : لا ما شُرط ؟
الشيخ : إذا شاء منعها أو قال : أعطيني من الراتب عرفت ، أما إذا كان شُرط عليه عند العقد فلا بد أن يمكنها وليس له من راتبها شيء .
3 - إاذ كانت الزوجة لها دخل من وظيفة سمح الزوج لها به فهل تجب عليها النفقة عليه لإعساره مقابل ما سمح لها.؟ أستمع حفظ
أئمة المساجد هل لهم أن ينبهوا الناس على كل ما يستجد لهم.؟
الشيخ : بارك الله فيك ، مَن هذا الإمام ؟
السائل : إمام المسجد العادي ؟
الشيخ : الإمام -بارك الله فيك- ما كل إمام إمام ، لو فتحنا الباب كان يجيء إنسان ما عنده ولا نصف علم ، يقول أنا من أنا .
السائل : إذن نشترط يا شيخ أنه يكون عنده علم ؟
الشيخ : لا بد من أن يكون عنده علم ، ما ليس عنده علم هذا يفسد أكثر مما يصلح .
ما هي الحكمة من النهي عن الوقوف في بطن عرنة.؟
الشيخ : لا مانهى لكن نهى عن النزول في الأوديه عمومًا .
السائل : قوله ارفعوا ؟
الشيخ : هذا في الوقوف لأنه إذا أبطئوا فيه ، ربما يأتي المطر والماء ويحصل به ما يحصل ... الأخرى .
شرح :( ثم أذن ثم أقام فصلى الظهر ثم أقام فصلى العصر ولم يصل بينهما شيئا )
ما هو موقف الإبن إذا كان الأب يأكل الربا.؟
الشيخ : وهل في المسألة تفصيل حتى تطلب التفصيل؟
السائل : مثلاً هل يتزوج من هذا المال ؟
الشيخ : نقول : إذا كان الأب يتعامل بالربا والإبن محتاج للنفقة ، للزواج للكتب العلمية فله أن يأخذ ولا حرج عليه ، وقد ذكرنا ذلك في قواعد مفيدة جدًّا ، وهو ما حرم كسبه فهو حرام على الكاسب فقط ، ولهذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم يعامل اليهود ، يقبل هداياهم ، ويبيع معهم ، ويشتري .
السائل : يعني يا شيخ لا يطلب العلم من هذا ؟
الشيخ : إيش ؟
السائل : لا يطلب العلم لأنه يأكل مال حرام ؟
الشيخ : هو حرام على من ؟ حرام على أبيه ، لكن إذا أعطاه أبوه مو حرام أما نعم لو سرقه من أبيه حرام ، عرفت أو أبوه كان يغير ... يضير على الناس ويسرق يجيب المسروق يعطيه الولد ، فهذا حرام أيضًا ، هذا محرم بعينه . فهمت .
السائل : إذن فهو حلال في كل الأوجه ؟
الشيخ : لكن قلت لك ، لا ينبغي إلَّا للحاجة ، فإذا كنت محتاجًا ، إذا احتجت إلى زوجة خذ منه مهرا ، فإن عفت أوطلبت الثانية خذ ثانية ، وإن طلبت ثالثة خذ ثالثة ، وإن طلبت رابعة خذ رابعة ، إن ما كفى ، قول له اشتري لي أمة .
هل يسن النزول في بطن وادي عرنة والصلاة فيه.؟
الشيخ : أي نعم يعني يسأل أن يصلي الظهر في ذلك المكان ، والآن فيه مسجد كما تعرفون ويصلي الإمام في هذا المسجد ويتبعه كثير من الناس .
السائل : النزول فقط دون الصلاة ؟
الشيخ : لأ السنة أن ينزل ويصلي الظهر، لكن الناس الآن الحمد لله عندهم مسجد يصلون فيه .
الشيخ : سم الله .
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد ، وعلى آله وأصحابه أجمعين..
أما بعد ، فقد قال الإمام مسلم رحمه الله تعالى في كتاب الحج ، في سياق حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه ، ثمّ أذّن ، ثمّ أقام فصلّى الظّهر ، ثمّ أقام فصلّى العصر ، ولم يصلّ بينهما شيئًا ،
تتمة الفوائد
وفيه دليل على أن القرآن عصمة ، إذا اعتصم به الإنسان عصم من الضلال في الدنيا والشقاء في الآخرة ، كما قال الله تبارك وتعالى : ? فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى? أي: لا يضل في الدنيا ولا يشقى في الآخرة ، وفيه الحث على الاعتصام بكتاب الله ، والرجوع إليه ، وأنه فيه العصمة من كل سوء .
فإن قال قائل : ما تقولون في السنة التي لم تكن موجودة في القرآن بعينها ؟
قلنا : كل سنة سنها الرسول صلى الله عليه وسلم فهي موجودة في القرآن ، لقول الله تبارك وتعالى : (( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة )) ، وقال تعالى : (( وما آتاكم الرسول فخذوه )) ، وقال تعالى : (( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله )) ، وقال تعالى : (( النبي الأمي الذين ... فاتبعوه )) فكل سنة سنها الرسول صلى الله عليه وسلم فهي في القرآن ولكن ليس من اللازم أن ينص عليها بعينها .
وقوله : ( وأنتم تسألون عني فما أنتم قائلون ) تسألون عن النبي صلى الله عليه وسلم يوم القيامة : هل بلغكم رسولي ؟ وإنما يسأل الناس عن ذلك إقامة للحجة عليهم ، وإلا فالرب عز وجل يعلم أن رسوله بلغ البلاغ المبين صلوات الله وسلامه عليه ، ولكن إقامة للحجة عليهم ، فهي شبيهة بقوله تعالى : (( وإذا الموءودة سؤلت بأي ذنب قتلت )) هي لا تسأل لأجل أن تعذب ، ولكن توبيخًا لمن وأدها .
وفيه أيضًا في قوله : ( نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت ) اعتراف الصحابة بالجميل لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهذه الشهادة التي شهدها الصحابة يجب على كل مؤمن أن يشهدها ، فنحن نشهد أنه قد بلغ وأدى ونصح عليه الصلاة والسلام .
وفيه أيضًا : ( اللهم اشهد ثلاث مرات ) يرفع يده إلى السماء وينكتها إلى الناس دليل على استشهاد الله تعالى على العباد بأن الرسول بلغ ، وعلى علو الله ، وعلى جواز الإشارة إلى مكان الله عز وجل وهو في السماء ، ولكن هل هذا المكان يحيط به ؟
الجواب : لا ، وسع كرسيه السموات والأرض ، ما فوق السموات والأرض فضاء ، لا نهاية له ، والرب عز وجل فوق السموات والأرض .
وفيه أيضًا : دليل على علم الله عز وجل ، وسمعه ، وبصره ، حيث كان يرفع أصبعه إلى السماء ثم ينكتها على الناس.
وفيه أيضًا دليل على علو الله عز وجل ، وجه الدلالة الإشارة إلى السماء .
وعلو الله تبارك وتعالى : الذاتي قد دل عليه الكتاب والسنة والإجماع والعقل والفطرة ، وقد تقدّم تقرير ذلك ، وبيناه ، والحمد لله .
وفيه : تكرار الأمر الهام ثلاث مرات ، حتى وإن كان المخاطب قد سمع ، فإنه يكرر لا من أجل إفهام المخاطب ، ولكن من أجل الاهتمام بهذا الشيء .
شرح :( ثم ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى الموقف فجعل بطن ناقته القصواء إلى الصخرات وجعل حبل المشاة بين يديه واستقبل القبلة فلم يزل واقفا حتى غربت الشمس وذهبت الصفرة قليلا حتى غاب القرص وأردف أسامة خلفه ودفع رسول الله صلى الله عليه وسلم )
الشيخ : قوله : ( ثم ركب حتى أتى الموقف ) يعني حتى أتى عرفة ، وفيه إشارة إلى أن بطن عرنة ليس من الموقف ، لأن النبي ركب منها حتى أتى الموقف ، أي أتى عرفة التي هي الموقف ، والدليل على ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم : وقفت ههنا وعرفة كلها موقف ، لكنه صلى الله عليه وسلم اختار أقصى عرفة من الناحية الشرقية الشمالية ، وهذا والله أعلم لأن من عادته صلى الله عليه وسلم أن يكون في الساقة مع قومه ، في آخره ، ليتفقد من احتاج إلى معونة أو مساعدة أو ما أشبه ذلك ،
وليس هذا من أجل اختصاص هذا المكان المعين بخصيصة ، بل كل عرفة موقف ، ولهذا قال : وقفت ههنا وعرفة كلها موقف ، كأنه يقول للناس : لا تشقوا على أنفسكم ، لا تتكلفوا الحضور إلى هذا المكان ، فأنتم في أمكنتهم على موقف صحيح ، والصخرات معروفة إلى الآن لا تزال موجودة معروفة ، وحبل المشاة يعني طريقهم ، وسمي حبلًا لأنه إذا طرق المكان صار علامة كالحبل .
وقوله رضي الله عنه : ( حتى غربت الشمس وذهبت الصفرة قليلًا حتى غاب القرص ) هذا من باب التأكيد على أن النبي صلى الله عليه وسلم بقي إلى تحقق غروب الشمس .
ويفهم من هذا الحديث أنه في ذلك اليوم كان الجو صحوًا ليس فيه سحاب يحول بين الناس ورؤية الشمس عند غروبها ، واستدل بهذا الحديث على أنه لا يجوز الدفع من عرفة نهارًا ن، وجه الدلالة : أن النبي صلى الله عليه وسلم تأخّر حتى غابت الشمس مع أنه لو تقدّم ودفع قبل الغروب لكان ذلك أسمح له وللناس ، فكونه يتأخر حتى يأتي الليل ويظلم الجو ، يدل على أنه لا مناص من البقاء إلى أن تغرب الشمس ، وأيضًا : لو دفع قبل الغروب لكان في ذلك مشابهة للمشركين ، الذين يدفعون من عرفة إذا صارت الشمس على الجبال كعمائم الرجال ، فدفع النبي صلى الله عليه وسلم بعد الغروب .
وأما حديث عروة بن المضرس : ( من شهد صلاتنا هذه ووقف معنا حتى ندفع ، وقد وقف قبل ذلك بعرفة ليلًا أو نهارًا فقد تم حجه وقضى تفثه ) فلا ينافي الوجوب لأنه إنما سأل ( يعني عروة ) عن وقوفه هل هو صحيح أو غير صحيح ، وربما يكون فيه دليل على قول من قال أنه لا يجب البقاء إلى غروب الشمس .
وقوله : ( أردف أسامة ) من أسامة ؟ ابن زيد ، لم يردف أكابر الصحابة ، ولا أقاربه ، أو أكابر أقاربه ، وإنما أردف هذا المولى ، إشارة إلى تواضعه صلى الله عليه وسلم ، وتجنبه الأبهة والتفخيم ، أردف هذا المولى من بين سائر الصحابة ، ولا يلزم من فضيلة أسامة بهذه الخصيصة أن يكون أفضل من غيره مطلقًا ، لأن الفضل منه مقيد ومنه مطلق ، فأفضل الصحابة على الإطلاق هو أبو بكر رضي الله عنه ، ولكن لا يلزم أن يفضله غيره في بعض الخصائص ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لعلي بن أبي طالب : ( أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي ) هذه خصيصة لم تكن لغيره رضي الله عنه .
10 - شرح :( ثم ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى الموقف فجعل بطن ناقته القصواء إلى الصخرات وجعل حبل المشاة بين يديه واستقبل القبلة فلم يزل واقفا حتى غربت الشمس وذهبت الصفرة قليلا حتى غاب القرص وأردف أسامة خلفه ودفع رسول الله صلى الله عليه وسلم ) أستمع حفظ
شرح :( وقد شنق للقصواء الزمام حتى إن رأسها ليصيب مورك رحله ويقول بيده اليمني أيها الناس السكينة السكينة كلما أتى حبلا من الحبال أرخى لها قليلا حتى تصعد حتى أتى المزدلفة فصلى بها المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين ولم يسبح بينهما شيئا ثم اضطجع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى طلع الفجر وصلى الفجر حين تبين له الصبح بأذان وإقامة ثم ركب القصواء حتى أتى المشعر الحرام فاستقبل القبلة فدعاه وكبره وهلله ووحده فلم يزل واقفا حتى أسفر جدا فدفع قبل أن تطلع الشمس وأردف الفضل بن عباس)
الشيخ : هذه الجملة من الحديث تدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم دفع من عرفة بسكينة ، لا بسرعة وعجلة ، وقد شنق للقصواء الذمام حتى إن رأسها ليصيب مورك رحله ، من شدة شنقه لها ، يعني جذب رأسها ورده إلى مورك الرحل ، لئلا تسرع لأن البعير إذا أطلق عنقها أسرعت ، ولكن مع ذلك كان إذا أتى حبلًا من الحبال أرخى لها قليلًا حتى تصعد ، الحبل مثل ما نقول : الطلعة الصغيرة أرخى لها قليلًا حتى تصعد ، وفي حديث أنس أنه ( كلما وجد فجوة نصّ ) أي : أسرع وفي هذا دليل على حسن رعاية النبي صلى الله عليه وسلم حتى أنه ليحسن رعاية في البهائم فإنه إذا أتى حبلًا من الحبال وقد شنق ذمامها فإنه ربما يتعبها ، لكنه يرخي لها قليلًا حتى تصعد .
وفيه أيضًا : الإشارة من قائد القوم مع القوم ، لقوله يقول : ( بيده اليمنى : أيها الناس ، السكينة السكينة ) .
وفيه : إطلاق القول على الفعل ، يقول بيده ، لأنه يفعل وليس يقول .
ومثل ذلك قول الرسول صلى الله عليه وسلم لعمار بن ياسر في التيمم : ( إنما كان يكفيك أن تقول بيديك هكذا ) لكن لا بد من قرينة .
وقوله : السكينةَ السكينةَ ، بالنصب ، أي : إلزموا السكينة يعني : لا تسرعوا ، لا تعجلوا ، وقد جاء في الحديث الآخر : ( فإن البر ليس بالإيضاع ) يعني ليس بالسرعة .
وقوله : حتى أتى المزدلفة : فيه أن الرسول صلى الله عليه وسلم في غير هذا الحديث أنه في أثناء الطريق ( نزل وبال وتوضأ وضوءًا خفيفًا ) ، وقال له أسامة : الصلاة يا رسول الله ؟ قال :( الصلاة أمامك ) .
وأخذ ابن حزم رحمه الله من هذا أنه لو صلى المغرب ليلة العيد في غير المزدلفة فصلاته غير صحيحة ، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : ( الصلاة أمامك ) لكن هذا ليس بصواب ، أعني أخذه هذه الفائدة من الحديث ، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم إنما قال : ( الصلاة أمامك ) لعدم تأتي الوقوف والناس سائرون إلى المزدلفة ، فإنه لو أوقف الحجيج حصل بذلك مشقة عليهم ، بالمكث والنزول ثم إن المزدلفة قريبة يحتاج أن ينزلوا مرتين في هذه المسافة القريبة ففيه مشقة ، فلهذا قال : ( الصلاة أمامك ) .
وفيه أيضًا : أنه ينبغي للإنسان أن يكون على وضوء دائمًا ، لأن الرسول ( توضأ وضوءًا خفيفًا ) ثم واصل السير إلى المزدلفة .
وسميت ( مزدلفة ) وأصلها مستلفة أي مقتربة وذلك لقربها من الكعبة ، لأنها قريبة من الكعبة ، وإن كان ( منى ) أقرب منها ، لكن الأسماء لا يشترط فيها مطابقة الاسم للمعنى الذي اشتقت منه .
وأيضًا منى تشتهر بما هو أولى من القرب من الكعبة ، وهو إراقة الدماء فيها ، يعني الهدايا ، ولهذا سمىت منى ، لكثرة ما يمنى فيها من الدماء أي : ما يراق .
يقول : ( فصلى بنا المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين ) فيه دليل على أنه يسن أن يصلي المغرب والعشاء جمعًا ، ولكن هل هو جمع تقديم أو تأخير ؟
إن من المعلوم أن الرسول صلى الله عليه وسلم جمع جمع تأخير ، لأنه لم يصل إلى المزدلفة إلا بعد أن دخل وقت العشاء ، لكن لو وصلها الإنسان قبل العشاء فهل نأمره بصلاة المغرب بدون جمع أو نقول لك أن تجمع إما تأخيرًا وإما تقديمًا ؟
أكثر العلماء على الثاني ، أنه يجمع جمع تأخير ، إلا إذا وافاها وقت الغروب فإنه يجمع جمع تقديم ، ولكن ابن مسعود رضي الله عنه لما بلغ المزدلفة قبل العشاء صلى المغرب ثم طلب عشاءه فتعشّى ، ثم أذن للعشاء وصلى العشاء .
وهذا يدل على أنه لم يجمع ، لأنه لا حاجة إلى الجمع في هذه الحال ، إذ أنه وصل إلى المزدلفة عند غروب الشمس قبل أن يدخل وقت العشاء ، لكن لو كان الإنسان يشق عليه إذا صلى المغرب في وقتها والعشاء في وقتها لقلة الماء ولكثرة الناس والضجيج وخوف الضياع ، فهنا لا بأس أن يجمع من حين أن يصل إلى المزدلفة ، يجمع جمع تأخير .
11 - شرح :( وقد شنق للقصواء الزمام حتى إن رأسها ليصيب مورك رحله ويقول بيده اليمني أيها الناس السكينة السكينة كلما أتى حبلا من الحبال أرخى لها قليلا حتى تصعد حتى أتى المزدلفة فصلى بها المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين ولم يسبح بينهما شيئا ثم اضطجع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى طلع الفجر وصلى الفجر حين تبين له الصبح بأذان وإقامة ثم ركب القصواء حتى أتى المشعر الحرام فاستقبل القبلة فدعاه وكبره وهلله ووحده فلم يزل واقفا حتى أسفر جدا فدفع قبل أن تطلع الشمس وأردف الفضل بن عباس) أستمع حفظ
ما معنى :( حبلا من الحبال ) .؟
الشيخ : لا عندنا حبلا ، عندكم جبلا ؟
الطالب : حبلا حبلا .
الشيخ : ما في الشرح إشارة للروايات الثانية .
القارئ : " قوله : ( وجعل حبل المشاة بين يديه ) ، فروي حبل بالحاء المهملة وإسكان الباء ، وروي جبل بالجيم وفتح الباء ، قال القاضي عياض رحمه الله : الأول أشبه بالحديث ، وحبل المشاة أي : مجتمعهم ، وحبل الرمل ما طال منه وضخم ، وأما بالجيم فمعناه طريقهم ، وحيث تسلك الرجّالة "
الشيخ : جبل المشاة لا مو هذه ، كلما أتى حبل من الحبال اللي بعده .
القارئ : نعم : قوله " كلما أتى حبلًا من الحبال أرخى لها قليلًا حتى تصعد ، حتى أتى المزدلفة : الحبال هنا بالحاء المهملة المكسورة جمع حبل وهو التل اللطيف من الرمل الضخم ، وقوله : حتى تصعد هو بفتح التاء المثناة فوق وضمها يقال : صعدت الحبل وأصعد ، ومنه قوله تعالى : (( إذ تصعدون )) وأما المزدلفة فمعروفة ، سميت بذلك من التزلف والازدلاف وهو التقرب ، لأن الحجاج إذا أفاضوا من عرفات ازدلفوا إليها أي : مضوا إليها وتقربوا منها ، وقيل سميت بذلك لمجيء الناس إليها في زلف من الليل أي ساعات ، وتسمى جمعًا بفتح الجيم وإسكان الميم ، سميت بذلك لاجتماع الناس فيها ، وعلم أن المزدلفة كلها من الحرم قال الأزرقي في تاريخ مكة والماوردي وأصحابنا في كتب المذهب وغيرهم : حد مزدلفة ما بين مأزمي عرفة ووادي محسر ليس الحدان منها ويدخل في المزدلفة جميع تلك الشعاب ، والحبال الداخلة في الحد المذكور " .
أليس البقاء في عرفة إلى غروب الشمس مستحب .؟
الشيخ : أنه ؟
السائل : فعل النبي صلى الله عليه وسلم ، بقائه إلى غروب الشمس أو الفعل عموما ، فعل النبي صلى الله عليه وسلم لا يدل على الوجوب ، وحديث عروة فيه سؤاله النبي صلى الله عليه وسلم ، ولوكان واجبا لأخبره بذلك ، لما تقرر من أن لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة ، ولو قال كذلك في هذا الوقت يا شيخ ، نظرا لسماحة الشريعة ، لو قيل للناس بجواز الدفع حتى في النهار ، لسهل الدفع أكثر مماهو موجود الآن ؟
الشيخ : أنا أرى أنه لا ترفع الأحكام بأحوال الناس ، وإلا لتفلت الأحكام ، لكن يقال : هذا الرجل صادف النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الفجر ، كل الليل وهو يقف ، فلا ندري هل وقف بالليل أو وقف بالنهار ، ففعله مجمل ما هو واضح ، لكن عموم الحديث : وقد وقف بعرفة قبل ذلك ليلًا أو نهارًا ، فيُقال: ليلًا أو نهارًا في الوقت الذي وقف فيه الرسول عليه الصلاة والسلام .
ولذلك كان أكثر العلماء على أنه لا يدخل وقت الوقوف إلا بعد الزوال ، مع أن ظاهر الحديث أنه يدخل من الفجر كما اختاره الإمام أحمد رحمه الله .
هل جمع عرفة ومزدلفة جمع قصر أو جمع نسك.؟
الشيخ : جمعه بعرفة والمزدلفة جمع سفر ، وليس جمه نسك ، بديل أنه كان عليه الصلاة والسلام ، متنسكًا من حين أحرم من ذي الحليفة ، ومع ذلك لم يكن يجمع في نزوله في الأبطح ، ولا في منى .
هل أهل مكة لا يقصرون في منى.؟
الشيخ : ليش ؟
السائل : لأنه ليس سفر ؟
الشيخ : لا ، هو عند شيخ الإسلام سفر ، هو عند شيخ الإسلام رحمه الله سفر ، واستدل بهذا على أن السفر لا يتحدد بالأميال ، إنما يتحدد بما سمي سفرًا ، والحجاج مسافرون ، لأنهم يتأهبون لعدة السفر من نقل المتاع ، والماء ، وغير ذلك .
السائل : وكذلك في منى ومزدلفة علطول ؟
الشيخ : وكذلك في منى ومزدلفة .
الحبل عندنا هو المستطيل من كل شيء فهل يتعارض مع كونه الجبل الصغير.؟
الشيخ : يعني عبارة عن الشيء الممتد يسمى حبل الظاهر أنها الطلعة الصغيرة تسمى حبل ، وقد تكون ممتدة طويلة وقد لا تكون كذلك .
منى هل هي من الحرم.؟
الشيخ : بلى .
السائل : إذن غير مسافر ؟!
الشيخ : لكنها خارج مكة ، منى خارج مكة ، كانت إلى عهد قريب بينها وبين مكة صحراء ، محلات بعيدة ، أنا أدركت الناس يضربون الخيام بين ريع الحجون وبين منى ، بر ، ما في أحد ، كلها خيام ، فإذا كان اليوم الثامن شدوا من هذا المكان إلى منى .
السائل : والآن بالنسبة للعزيزية ؟
الشيخ : أما الآن فا كنت أظن أن منى من مكة ، لكن قالوا : إن الجبال بينها وبين مكة تحجزها عن مكة فلا تجعلها من مكة .
تتمة الفوائد
وقوله : ( لم يسبح بينهما شيئًا ) أي : لم يصلِّ بينهما شيئًا .
شرح :( ثم اضطجع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى طلع الفجر وصلى الفجر حين تبين له الصبح بأذان وإقامة ثم ركب القصواء حتى أتى المشعر الحرام فاستقبل القبلة فدعاه وكبره وهلله ووحده فلم يزل واقفا حتى أسفر جدا فدفع قبل أن تطلع الشمس وأردف الفضل بن عباس وكان رجلا حسن الشعر أبيض وسيما فلما دفع رسول الله صلى الله عليه وسلم مرت به ظعن يجرين فطفق الفضل ينظر إليهن فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده على وجه الفضل فحول الفضل وجهه إلى الشق الآخر ينظر فحول رسول الله صلى الله عليه وسلم يده من الشق الآخر على وجه الفضل يصرف وجهه من الشق الآخر ينظر حتى أتى بطن محسر فحرك قليلا ثم سلك الطريق الوسطى التي تخرج على الجمرة الكبرى حتى أتى الجمرة التي عند الشجرة فرماها بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة منها مثل حصى الخذف رمى من بطن الوادي ثم انصرف إلى المنحر فنحر ثلاثا وستين بيده ثم أعطى عليا فنحر ما غبر وأشركه في هديه ثم أمر من كل بدنة ببضعة فجعلت في قدر فطبخت فأكلا من لحمها وشربا من مرقها ثم ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأفاض إلى البيت فصلى بمكة الظهر فأتى بني عبد المطلب يسقون على زمزم فقال انزعوا بني عبد المطلب فلولا أن يغلبكم الناس على سقايتكم لنزعت معكم فناولوه دلوا فشرب منه )
الشيخ : في هذه الجملة من الحديث : أن النبي صلى الله عليه وسلم اضطجع حتى طلع الفجر ، ولم يذكر جابر رضي الله عنه أنه أوتر ، أو أنه قام في الليل ، ولكن عدم ذكره له لا يدل على عدم فعل الرسول صلى الله عليه وسلم له فهو شاهد ما رأى ، ونقل ما رأى وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان لا يترك الوتر حضرًا ولا سفرًا ، وعلى هذا فنأخذ بما ثبت عنه أنه لا يتركه حضرًا ولا سفرًا ، ونقول : يوتر ، لكن لا يحيي هذه الليل بالقيام ، إعطاءً للنفس حظها ، لأنهم كما تعلمون الرسول صلى الله عليه وسلم وقف طيلة النهار من بعد صلاة الظهر إلى أن غربت الشمس ، ثم أتى على الإبل ، فسوف يكون في ذلك مشقة عليه ، فرأى أن أرفق بنفسه أن يضطجع ولا يتهجد حتى يطلع الفجر ، لأن لنفس الإنسان عليه حقًّا .
وفيه أن الرسول صلى الله عليه وسلم صلّى الفجر مبادرًا بها ، ولهذا قال : حين تبين له الصبح
وفيه أيضًا : أنه لا يجوز أن يصلي الفجر قبل أن يتبين الصبح ، وهذا يؤخذ من أدلة أخرى .
وفيه أيضًا أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يكن مبيته في مزدلفة في نفس المشعر الحرام ، بل في مكان آخر ولهذا لما صلى الفجر أمر بالقصواء فرحلت له ، ثم أتى المشعر ركب حتى أتى المشعر الحرام فوقف عليه ووحد الله وكبره وهلله ، ودعا حتى أسفر جدًّا ، يعني حتى أسفر إسفارًا قويًا بيّنًا ظاهرًا ، ودفع قبل أن تطلع الشمس .
وكانت قريش تقول : أشرق ثبير كيما نغير ، ولا تدفع من مزدلفة إلا إذا تطلع الشمس ، فخالفهم النبي صلى الله عليه وسلم في الدفع ، ودفع قبل أن تطلع الشمس كما خالفهم في الدفع من مزدلفة ، فقد كانوا يدفعون متى ؟ قبل الغروب من عرفة ، وخالفهم في المزدلفة فكان لا يدفعون إلا بعد طلوع الشمس ، ولكنه دفع قبل طلوع الشمس صلوات الله وسلامه عليه ، ثم ذكر قصة النساء وما حصل من الفضل ابن العباس رضي الله عنه فإنه كان حسن الشعر وسيمًا فجعل ينظر إلى هؤلاء النسوة ، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم خاف عليه الفتنة منه وبه فصرف وجهه إلى الشق الآخر ، فجعل ينظر فصرف وجهه مرة أخرى ولم يتكلم عليه بشيء ، وإنما اقتصر على صرف وجهه
فإما أن يقال : إن الرسول صلى الله عليه وسلم أراد أن يهون الأمر عليه ، وإما أن يقال أراد أن يهجره باللفظ وينكر عليه بالفعل ، فالله أعلم لكن ظني والله أعلم أن الفضل ابن عباس لا ينظر إليهن هنا نظر شهوة جنسية ، ولكنه ينظر إلى عملهن وقوتهن لأنهن كن يجرين ، وهذا يدل على نشاطهن .
واستدل النووي رحمه الله وغيره من العلماء بهذا الحديث على أنه لا يجوز للرجل أن ينظر إلى المرأة بل يجب عليه صرف نظره عنها لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقر الفضل ، ولا شك أنه إن كان لشهوة فهو حرام ، وإذا كان لغير شهوة فإن الذي يدل عليه النصوص الأخرى أنه لا يجوز له النظر إليها ، وأنه يجب عليها أن تحتجب لئلا ينظر إليها .
وفيه أيضًا : أن الرسول صلى الله عليه وسلم حرك في بطن محسر ، ومحسر هذا وادٍ يفصل بين مزدلفة ومنى ، وسمي محسّرًا لأنه يحسر سالكه ، أي : يتعبه ، وذلك لكثرة الرمل الذي فيه ، فلماذا حرّك ، هل لأنه أسهل على الناقة لأنه إذا مشت بسرعة سار أسهل لها في مجاوزة الرمل الذي حمله السيل في مجرى هذا الوادي ، أو حرّك لأن الفيل أهلك فيه ، أو حرّك لأن قريشًا كانت تقف هناك وتذكر أمجاد آبائها وأجدادها .
19 - شرح :( ثم اضطجع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى طلع الفجر وصلى الفجر حين تبين له الصبح بأذان وإقامة ثم ركب القصواء حتى أتى المشعر الحرام فاستقبل القبلة فدعاه وكبره وهلله ووحده فلم يزل واقفا حتى أسفر جدا فدفع قبل أن تطلع الشمس وأردف الفضل بن عباس وكان رجلا حسن الشعر أبيض وسيما فلما دفع رسول الله صلى الله عليه وسلم مرت به ظعن يجرين فطفق الفضل ينظر إليهن فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده على وجه الفضل فحول الفضل وجهه إلى الشق الآخر ينظر فحول رسول الله صلى الله عليه وسلم يده من الشق الآخر على وجه الفضل يصرف وجهه من الشق الآخر ينظر حتى أتى بطن محسر فحرك قليلا ثم سلك الطريق الوسطى التي تخرج على الجمرة الكبرى حتى أتى الجمرة التي عند الشجرة فرماها بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة منها مثل حصى الخذف رمى من بطن الوادي ثم انصرف إلى المنحر فنحر ثلاثا وستين بيده ثم أعطى عليا فنحر ما غبر وأشركه في هديه ثم أمر من كل بدنة ببضعة فجعلت في قدر فطبخت فأكلا من لحمها وشربا من مرقها ثم ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأفاض إلى البيت فصلى بمكة الظهر فأتى بني عبد المطلب يسقون على زمزم فقال انزعوا بني عبد المطلب فلولا أن يغلبكم الناس على سقايتكم لنزعت معكم فناولوه دلوا فشرب منه ) أستمع حفظ