تتمة شرح حديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال غزا نبي من الأنبياء فقال لقومه لا يتبعني رجل قد ملك بضع امرأة وهو يريد أن يبنى بها ولما يبن ولا آخر قد بنى بنيانا ولما يرفع سقفها ولا آخر قد اشترى غنما أو خلفات وهو منتظر ولادها قال فغزا فأدنى للقرية حين صلاة العصر أو قريبا من ذلك فقال للشمس أنت مأمورة وأنا مأمور اللهم احبسها علي شيئا فحبست عليه حتى فتح الله عليه قال فجمعوا ما غنموا فأقبلت النار لتأكله فأبت أن تطعمه فقال فيكم غلول فليبايعني من كل قبيلة رجل فبايعوه فلصقت يد رجل بيده فقال فيكم الغلول فلتبايعني قبيلتك فبايعته قال فلصقت بيد رجلين أو ثلاثة فقال فيكم الغلول أنتم غللتم قال فأخرجوا له مثل رأس بقرة من ذهب قال فوضعوه في المال وهو بالصعيد فأقبلت النار فأكلته فلم تحل الغنائم لأحد من قبلنا ذلك بأن الله تبارك وتعالى رأى ضعفنا وعجزنا فطيبها لنا
الشيخ : ومنها : جواز خطاب الجماد، بقصد العظة والعبرة، وبيان الحكم، لأنه قال للشمس : ( أنت مأمورة وأنا مأمور )، لكن لم يقل: انتظري، لأن الشمس لا تستطيع أن تنتظر بنفسها، ولكنه سأل الله عز وجل أن يحبس الشمس، فحُبسَت عليه حتى فتح الله عليه . وفيه ردّ لقول من يقول إن الشمس لا تدور على الأرض، وهي صيحة في أنها تدور ، والنصوص ظاهرة جدا في أنها أي الشمس تدور على الأرض، ففي القرآن الكريم، قال الله تبارك وتعالى : (( وترى الشمس إذا طلَعَت تزاور عن كهفهم ذات اليمين وإذا غربت تقرضهم ذات الشمال وهم في فجوة منه )) ويأتي بقية الكلام على الحديث غدا بإذن الله القارئ : نعيده ؟ الشيخ : إيه عيده . القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين قال الإمام مسلم فيما ترجم له : باب تحليل الغنائم لهذه الأمة خاصة . وحدثنا أبو كريب محمد بن العلاء، حدثنا ابن المبارك، عن معمر، ح وحدثنا محمد بن رافع، واللفظ له، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن همام بن منبه، قال: هذا ما حدثنا أبو هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكر أحاديث منها، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( غزا نبي من الأنبياء، فقال لقومه : لا يتبعني رجل قد ملك بضع امرأة، وهو يريد أن يبني بها، ولما يبن، ولا آخر قد بنى بنيانا، ولما يرفع سقفها، ولا آخر قد اشترى غنما - أو خلفات - وهو منتظر ولادها، قال : فغزا فأدنى للقرية حين صلاة العصر، أو قريبا من ذلك، فقال للشمس : أنت مأمورة، وأنا مأمور ، اللهم، احبسها علي شيئا، فحبست عليه حتى فتح الله عليه ، قال : فجمعوا ما غنموا، فأقبلت النار لتأكله، فأبت أن تطعمه، فقال : فيكم غلول، فليبايعني من كل قبيلة رجل، فبايعوه، فلصقت يد رجل بيده، فقال : فيكم الغلول، فلتبايعني قبيلتك، فبايعته ، قال : فلصقت بيد رجلين أو ثلاثة، فقال : فيكم الغلول، أنتم غللتم ، قال : فأخرجوا له مثل رأس بقرة من ذهب، قال : فوضعوه في المال وهو بالصعيد، فأقبلت النار فأكلته، فلم تحل الغنائم لأحد من قبلنا، ذلك بأن الله تبارك وتعالى رأى ضعفنا وعجزنا، فطيبها لنا ) . الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم هذا الحديث سبق الكلام على بعض الجمل التي فيه ، وانتهينا إلى قول النبي للشمس: ( أنت مأمورة وأنا مأمور ) وسؤاله ربه عز وجل أن يحبسها شيئا ما ، فأجاب الله دعاءه وحبسها ، وقلنا في هذا دليل على أن الشمس هي التي تدور على الأرض ، وهذا هو ظاهر القرآن ، واستشهدنا بآيات ، منها قوله تعالى : (( وترى الشمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين وإذا غربت تقرضهم ذات الشمال )) فإضافة الفعل إليها الأصل أنه واقع منها ، وأنها هي التي طلعت ، وهي التي غربت ، وهي التي تزاور ، وهي التي تقرض ، ولا يمكن أن يخرج عن هذا الظاهر الذي خاطبنا الله به لقول من قال من الفلكيين إنها ثابتة وأن اختلاف الليل والنهار بسبب دوران الأرض . وكذلك قال الله تعالى في قصة سليمان : (( إني أحببت حب الخير عن ذكر ربي حتى توارت بالحجاب )) يعني الشمس . وكذلك قول ذي القرنين في قصة ذي القرنين : (( حتى إذا بلغ مطلع الشمس وجدها تطلع على قوم لم نجعل لهم من دونها سترا )) ، وكذلك قول : (( حتى إذا بلغ مغرب الشمس وجدها تغرب في عين حمئة )) . وكذلك حديث أبي ذر أن النبي صلى الله عليه وسلم حين غابت الشمس قال له : ( أتدري أين تذهب ؟ قال : الله ورسوله أعلم )، ثم بين له ذلك . هذه النصوص لا يمكن أن ندعها لأقوال قوم إنما يحدسون ويظنون بدون قطع ، حتى لو فرض أنا نصدق أن الأرض تدور فإنه لا يلزم من ذلك ألا يكون اختلاف الليل والنهار بسبب الشمس ، لأن دوران الشمس غير دوران الأرض ، دوران الشمس معاكس ، ودوران الأرض إلى الشرق . ومعلون أن الشمس بعيدة جدا ، فلا يظهر للناس يعني سرعة دورانها ، فالواجب على كل مسلم أن يعتمد ظاهر القرآن والسنة ، ولا يلتفت إلى من سواهما ، إلا إذا ثبت ثبوتا قطعيا مثل الشمس فحينئذ يمكن أن نتأول ، فنقول إذا طلعت في رأي العين ، وإذا غربت في رأي العين ، وهكذا إذا ذهبت ، لكن مادام لم نجد دليلا حسيا يلزم أن نأخذ به فإن الأصل البقاء على ظاهر الكتاب والسنة . وفيه أيضا في هذا الحديث دليل على أن الأفلاك تتغير بأمر الله عز وجل ، فدوران الشمس وقف أو توقف بدعاء هذا النبي ، وكذلك إنشقاق القمر في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، لاشك أنه تغير جرم سماوي ، وقول الفلكيين إن الأفلاك والأجرام الفلكية لا تتغير غير صحيح ، لأنه إذا كان الذي غيرها الله فهو الذي خلقها ابتداء . وفيه أيضا أن القتال في النهار أحسن من القتال في الليل ، ولهذا سأل هذا النبي أن الله يحبس الشمس حتى يقاتل . وفيه أيضا أن الأمم السابقة لا تحل لها الغنائم ، فما هي الغنائم ؟. التي تأخذ من الكفار بقتال وما ألحق به ، هذه الغنيمة ، في الأمم السابقة لا تحل الغنائم وإنما تجمع فتنزل عليها نار من السماء فتحرقها . في هذه القصة أن النار لما نزلت أبت أن تحرقها ، لأن أحد المقاتلين غل من الغنيمة ، فالغنيمة إذا لم تكمل ، وإذا لم تكمل فإن النار لا تحرقها ، ولكن هذه الآية التي اتخذها هذا النبي من العجائب ، حيث الهمه الله عز وجل هذا الطريق ، أنه طلب من كل قبيلة عريفا ، يأتي ويسلم على النبي فمن لصقت يده بيد النبي فالغلول عند قومه ، حتى لصقت يد احد العرفاء فقال : فيكم الغلول ، ثم جاء بالقبيلة فلصقت أيدي ثلاثة منهم بيد النبي ، وإذا هم قد غلوا ذهبا كرأس الثور ، إما أن يكون المراد كرأس الثور أي صورة ، أو المراد مثل رأس الثور جرما بغض النظر عن كونه مصورا أو غير مصور . وفي الحديث أيضا دليل على فضيلة هذه الأمة ، حيث أحل الله لها الغنائم ، ولهذا جاء في الحديث الصحيح أنه : ( جعل رزقي تحت ظل رمحي ) ولا شك أن المسلمين يغنمون غنائم كثيرة كثيرة جدا ، حتى أنه يأتى بها في المسجد وتكون كوما كثيرة ، فيحصل بها خير كثير للأمة .
قول أن الأرض تدور حول الشمس وغيره من الكلام يدرس في مدرسنا فهل ننكره.؟
السائل : أحسن الله إليكم بالنسبة لقول الفلكيين بأن الأرض تدور حول نفسها الشمس تدور حول الأرض هذا القول يدرس يمكن تقريبا في جميع أنحاء العالم فالواجب مثلا على المدرس وهو يدرس هذا هل ينكر هذا ؟ الشيخ : شف بارك الله فيك أما كون أن الأرض تدور أو لا تدور ؟ . هذه المسألة ظنية أنها لا تدور، بل قد نُرجّح أنها تدور، لأن الله تعالى قال : (( وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم ))، ونفي الأخص يدل على وجود الأعم، لأن قوله : (( أن تميد )) يعني خوفاً أن تميد، فلولا أن لها حركة، ما احتاج أن يقول أن تميد بكم. لكن الشيء الذي إلى الآن نحتاج أن ننكره أن يقال أن اختلاف الليل والنهار بسبب حركة الأرض، هذا غير مقبول لدينا، لأن ظاهر الكتاب والسنة أن سببه هو حركة الشمس، وهذا حتى في رؤية العين المحسوس يدلّ على هذا. السائل : الفلكييون يقولن أن الشمس سبب في دورانها إلى حدوث الفصول الأربعة أما اللليل والنهار أن الأرض تددور حول نفسها فالسؤال يا شيخ يعني في المدرس الذي يدرس هذه المادة يعني .. الشيخ : يجب أن يقال أن هذا رأيهم ، ولكن القرآن ظاهره خلاف ذلك ، الشمس هي التي تنطوي على الأرض هكذا، كما قال الله عز وجل : (( يكوّر الليل على النهار ويكور النهار على الليل )) والتكوير تدوير العمامة كما هو معروف.
هل النبي الذي يبايعه قومه فلصقت يد رجل بيده فقال فيكم الغلول هذه من معجزاته.؟
السائل : يقول هذا النبي ( فلتبايعني من كل قبيلة ) هل هذا معجزة من معجزات هذا النبي أم يمكن عمل هذا الفعل ؟ الشيخ : لا ، كون اليد تلصق هذا من آياته لا شك.
السائل : قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( رأى ضعفنا وعجزنا ) هل يستفاد منه شيخ أن يعني قصدي - الضعف والعجز هنا - من أي ناحية ؟ الشيخ : كيف السائل : يعني ضعف الإيمان الشيخ : لا لا ، الضعف المالي، ليس هناك مال ، وليس ضعف الإيمان، والعجز ضدّها القدرة.
وحدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا أبو عوانة عن سماك عن مصعب بن سعد عن أبيه قال أخذ أبي من الخمس سيفا فأتى به النبي صلى الله عليه وسلم فقال هب لي هذا فأبى فأنزل الله عز وجل يسألونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول
القارئ : وحدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا أبو عوانة، عن سماك، عن مصعب بن سعد، عن أبيه، قال : ( أخذ أبي من الخمس سيفا، فأتى به النبي صلى الله عليه وسلم، فقال : هب لي هذا ، فأبى ، فأنزل الله عز وجل : (( يسألونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول )) ) .
حدثنا محمد بن المثنى وابن بشار واللفظ لابن المثنى قالا حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن سماك بن حرب عن مصعب بن سعد عن أبيه قال نزلت في أربع آيات أصبت سيفا فأتى به النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله نفلنيه فقال ضعه ثم قام فقال له النبي صلى الله عليه وسلم ضعه من حيث أخذته ثم قام فقال نفلنيه يا رسول الله فقال ضعه فقام فقال يا رسول الله نفلنيه أأجعل كمن لا غناء له فقال له النبي صلى الله عليه وسلم ضعه من حيث أخذته قال فنزلت هذه الآية يسألونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول
القارئ : حدثنا محمد بن المثنى، وابن بشار، واللفظ لابن المثنى، قالا : حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن سماك بن حرب، عن مصعب بن سعد، عن أبيه، قال : ( نزلت في أربع آيات : أصبت سيفا، فأتى به النبي صلى الله عليه وسلم، فقال : يا رسول الله، نفلنيه، فقال : ضعه ، ثم قام، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : ضعه من حيث أخذته ، ثم قام، فقال : نفلنيه يا رسول الله، فقال : ضعه ، فقام، فقال : يا رسول الله، نفلنيه، أؤجعل كمن لا غناء له ؟ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : ضعه من حيث أخذته، قال : فنزلت هذه الآية : (( يسألونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول )). الشيخ : الأنفال هي ما يؤخذ من الغنائم، جعل الأنفال لله والرسول ، أي : جعل حكمها إلى الله والرسول. وكان الرسول صلى الله عليه وسلم مخيراً بين أن يقسمها بين الغانمين، أو يقسمها فيما يرى، حتى أنزل رسول اله صلى الله عليه وسلم التفصيل في ذلك بقوله : (( واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى ... )) . أن من أخذ شيئاً لا يحل له أخذه من مكان أنه يجب عليه ردّه إلى ذلك المكان، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( ضعه من حيث أخذته )، ولا يكفي أن يعطيه ولي الأمر، أو يعطيه صاحبه مثلاً، بل مؤونة رده إلى مكانه عليه. وفيه أيضا دليل على جواز مراجعة النبي صلى الله عليه وسلم في الأمور التي يحتاجها الإنسان، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كرر عليه قوله : ( ضعه )، وهذا من جنس مراجعة الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع لما أمر من لم يسق الهدي أن يجعلها عمرة ، راجعوه حتى قالوا : يا رسول الله قد سمّينا الحج كيف نجعله عمرة ؟، حتى قال بعضهم : ( يا رسول الله أنخرج إلى منى وذكر أحدنا يقطر منيًّا )، يعني : نجامع نساءنا بين العمرة والحج ونخرج هكذا. إلى هذا الحد من شدّة مراجعتهم، فلا حرج على الإنسان أن يراجع في أمر له فيه حاجة.
الشيخ : ومن فوائد هذا الحديث : أن مسائل الأحكام يجوز أن يُقرن فيها اسم النبي صلى الله عليه وسلم مع اسم الله بالواو، لقوله تعالى : (( قل الانفال لله والرسول ))، ولقوله تعالى : (( ولو أنهم رضوا ما آتاهم الله ورسوله ))، أما مسائل القدر فلا ، إذا أضيف اسم الرسول إلى الله فإنه لا بدّ من ثم، لأنه لا أحد يستطيع أن يتصرف في الكون مع الله عز وجل، أما الأحكام الشرعية فإنها ترجع إلى الله وإلى الرسول. ولهذا كان حكم الرسول كحكم الله ، نعم . شف ماذا علّق على قوله : ( فأنزل الله )، أول الحديث .
القارئ : " قوله : عن مصعب بن سعد عن أبيه قال ( أخذ أبي من الخمس سيفا فأتى به النبي صلى الله عليه وسلم فقال : هب لي هذا ، فأبى قال : فأنزل الله تعالى : (( يسألونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول )) ). فقوله عن أبيه قال : أخذ أبي . هو من تلوين الخطابي وتقديره عن مصعب بن سعد أنه حدث عن أبيه بحديث قال فيه : قال : أبي أخذت حكم الغنائم من الخمس سيفا إلى آخره ". الشيخ : الظاهر أن حكم زائدة ، أخذت من الغنائم سيفا ، لعلها . القارئ : " قال القاضي : يحتمل أن يكون هذا الحديث قبل نزول الآية وإباحتها ، قال : وهذا هو الصواب وعليه يدل الحديث ، وقد روي في تمامه ما بينه من كلام النبي صلى الله عليه وسلم لسعد بعد نزول الآية : خذ سيفك إنك سألتنيه وليس لي ولا لك وقد جعله الله لي وجعلته لك . قال : واختلفوا في هذه الآية فقيل هي منسوخة بقوله تعالى : واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول . وأن مقتضى آية الأنفال والمراد بها أن الغنائم كانت للنبي صلى الله عليه وسلم خاصة كلها ثم جعل الله أربعة أخماسها للغانمين بالآية الأخرى ، وهذا قول ابن عباس وجماعة ، وقيل هي محكمة وأن التنفيل من الخمس وقيل هي محكمة وللإمام أن ينفل من الغنائم ما شاء لمن شاء بحسب ما يراه . وقيل محكمة مخصوصة والمراد أنفال السرايا ". الشيخ : يعني الذي يظهر والله أعلم أنها كانت في الأول إلى الله والرسول، يفعل فيها الرسول عليه الصلاة والسلام فيها ما شاء، ثم بعد ذلك نزل التفصيل، وهذا هو مقتضى ترتيب السورة، لأن قوله : (( قل الأنفال لله والرسول )) في أول السورة، (( واعلموا أنما غنمتم من شيء )) في أثناء السورة . فلما وزّعت الغنائم وصار أربعة أخماسها للغانمين، فإن الخمس لله والرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين، يكون حق الله والرسول راجعا إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، إن شاء أعطى منه ، وإن شاء منع .
حدثنا يحيى بن يحيى قال قرأت على مالك عن نافع عن بن عمر قال بعث النبي صلى الله عليه وسلم سرية وأنا فيهم قبل نجد فغنموا إبلا كثيرة فكانت سهمانهم اثني عشر بعيرا أو أحد عشر بعيرا ونفلوا بعيرا بعيرا
القارئ : حدثنا يحيى بن يحيى، قال : قرأت على مالك، عن نافع، عن ابن عمر، قال : ( بعث النبي صلى الله عليه وسلم سرية وأنا فيهم قبل نجد، فغنموا إبلا كثيرة، فكانت سهمانهم اثنا عشر بعيرا ). الشيخ : اثني عشر بعيرا . القارئ : ( فكانت سهمانهم اثني عشر بعيرا أو أحد عشر بعيرا، ونفلوا بعيرا بعيرا ).
وحدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا ليث ح وحدثنا محمد بن رمح أخبرنا الليث عن نافع عن بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث سرية قبل نجد وفيهم بن عمر وأن سهمانهم بلغت اثني عشر بعيرا ونفلوا سوى ذلك بعيرا فلم يغيره رسول الله صلى الله عليه وسلم
القارئ : وحدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا ليث، ح وحدثنا محمد بن رمح، أخبرنا الليث، عن نافع، عن ابن عمر، ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث سرية قبل نجد، وفيهم ابن عمر، وأن سهمانهم بلغت اثني عشر بعيرا، ونفلوا سوى ذلك بعيرا، فلم يغيره رسول الله صلى الله عليه وسلم )
وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا علي بن مسهر وعبد الرحيم بن سليمان عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن بن عمر قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية إلى نجد فخرجت فيها فأصبنا إبلا وغنما فبلغت سهماننا اثني عشر بعيرا اثني عشر بعيرا ونفلنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعيرا بعيرا
القارئ : وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا علي بن مسهر، وعبد الرحيم بن سليمان، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، قال : ( بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية إلى نجد، فخرجت فيها، فأصبنا إبلا وغنما، فبلغت سهماننا اثني عشر بعيرا، اثني عشر بعيرا، ونفلنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعيرا بعيرا ).
وحدثناه أبو الربيع وأبو كامل قالا حدثنا حماد عن أيوب ح وحدثنا بن المثنى حدثنا بن أبي عدي عن بن عون قال كتبت إلى نافع أسأله عن النفل فكتب إلي أن بن عمر كان في سرية ح وحدثنا بن رافع حدثنا عبد الرزاق أخبرنا بن جريج أخبرني موسى ح وحدثنا هارون بن سعيد الأيلي حدثنا بن وهب أخبرني أسامة بن زيد كلهم عن نافع بهذا الإسناد نحو حديثهم
القارئ : وحدثناه أبو الربيع، وأبو كامل، قالا: حدثنا حماد، عن أيوب، ح وحدثنا ابن المثنى، حدثنا ابن أبي عدي، عن ابن عون، قال : ( كتبت إلى نافع، أسأله عن النفل، فكتب إلي أن ابن عمر كان في سرية )، ح وحدثنا ابن رافع، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا ابن جريج، أخبرني موسى، ح وحدثنا هارون بن سعيد الأيلي، حدثنا ابن وهب، أخبرني أسامة بن زيد، كلهم عن نافع، بهذا الإسناد نحو حديثهم .
وحدثنا سريج بن يونس وعمرو الناقد واللفظ لسريج قالا حدثنا عبد الله بن رجاء عن يونس عن الزهري عن سالم عن أبيه قال نفلنا رسول الله صلى الله عليه وسلم نفلا سوى نصيبنا من الخمس فأصابني شارف والشارف المسن الكبير
القارئ : وحدثنا سريج بن يونس، وعمرو الناقد، واللفظ لسريج، قالا: حدثنا عبد الله بن رجاء، عن يونس، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه، قال : ( نفلنا رسول الله صلى الله عليه وسلم نفلا سوى نصيبنا من الخمس، فأصابني شارف )، والشارف المسن الكبير .
وحدثنا هناد بن السري حدثنا بن المبارك ح وحدثني حرملة بن يحيى أخبرنا بن وهب كلاهما عن يونس عن بن شهاب قال بلغني عن بن عمر قال نفل رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية بنحو حديث بن رجاء
القارئ : وحدثنا هناد بن السري، حدثنا ابن المبارك، ح وحدثني حرملة بن يحيى، أخبرنا ابن وهب، كلاهما عن يونس، عن ابن شهاب، قال : ( بلغني عن ابن عمر، قال : نفل رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية ) بنحو حديث ابن رجاء .
وحدثنا عبد الملك بن شعيب بن الليث حدثني أبي عن جدي قال حدثني عقيل بن خالد عن بن شهاب عن سالم عن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد كان ينفل بعض من يبعث من السرايا لأنفسهم خاصة سوى قسم عامة الجيش والخمس في ذلك واجب كله
القارئ : وحدثنا عبد الملك بن شعيب بن الليث، حدثني أبي، عن جدي، قال : حدثني عقيل بن خالد، عن ابن شهاب، عن سالم، عن عبد الله، ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد كان ينفل بعض من يبعث من السرايا، لأنفسهم خاصة، سوى قسم عامة الجيش، والخمس في ذلك واجب كله ). الشيخ : ولكن يجب أن يكون هذا التنفيل ليس من أجل محاباة قريب أو غني أو ما أشبه ذلك، بل يكون سببه الغناء ، يعني المنفعة التي تحصل من هذا المقاتل الذي نُفّل . نعم يا سليم ؟. السائل : ... الشيخ : ...
الشيخ : أربعة أخماس للغانمين، تقسم بينهم حسب ما جاءت به السنة. السائل : خمس الخمس ما هو يا شيخ ؟ . الشيخ : خمس الخمس الفيء الذي يكون لله والرسول ، لأن الذي يكون لله والرسول هو الفيء .
حدثنا يحيى بن يحيى التميمي أخبرنا هشيم عن يحيى بن سعيد عن عمر بن كثير بن أفلح عن أبي محمد الأنصاري وكان جليسا لأبي قتادة قال قال أبو قتادة واقتص الحديث
القارئ : حدثنا يحيى بن يحيى التميمي، أخبرنا هشيم، عن يحيى بن سعيد، عن عمر بن كثير بن أفلح، عن أبي محمد الأنصاري، وكان جليسا لأبي قتادة، قال : قال أبو قتادة : واقتص الحديث .
وحدثنا أبو الطاهر وحرملة واللفظ له أخبرنا عبد الله بن وهب قال سمعت مالك بن أنس يقول حدثني يحيى بن سعيد عن عمرو بن كثير بن أفلح عن أبي محمد مولى أبي قتادة عن أبي قتادة قال خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام حنين فلما التقينا كانت للمسلمين جولة قال فرأيت رجلا من المشركين قد علا رجلا من المسلمين فاستدرت إليه حتى أتيته من ورائه فضربته على حبل عاتقه وأقبل علي فضمني ضمة وجدت منها ريح الموت ثم أدركه الموت فأرسلني فلحقت عمر بن الخطاب فقال ما للناس فقلت أمر الله ثم إن الناس رجعوا وجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال من قتل قتيلا له عليه بينة فله سلبه قال فقمت فقلت من يشهد لي ثم جلست ثم قال مثل ذلك فقال فقمت فقلت من يشهد لي ثم جلست ثم قال ذلك الثالثة فقمت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لك يا أبا قتادة فقصصت عليه القصة فقال رجل من القوم صدق يا رسول الله سلب ذلك القتيل عندي فأرضه من حقه وقال أبو بكر الصديق لا ها الله إذا لا يعمد إلى أسد من أسد الله يقاتل عن الله وعن رسوله فيعطيك سلبه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم صدق فأعطه إياه فأعطاني قال فبعت الدرع فابتعت به مخرفا في بني سلمة فإنه لأول مال تأثلته في الإسلام وفي حديث الليث فقال أبو بكر كلا لا يعطيه أضيبع من قريش ويدع أسدا من أسد الله وفي حديث الليث لأول مال تأثلته
القارئ : وحدثنا أبو الطاهر، وحرملة، واللفظ له، أخبرنا عبد الله بن وهب، قال : سمعت مالك بن أنس، يقول : حدثني يحيى بن سعيد، عن عمر بن كثير بن أفلح، عن أبي محمد، مولى أبي قتادة، عن أبي قتادة، قال : ( خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام حنين، فلما التقينا كانت للمسلمين جولة، قال : فرأيت رجلا من المشركين قد علا رجلا من المسلمين، فاستدرت إليه حتى أتيته من ورائه، فضربته على حبل عاتقه، وأقبل علي فضمني ضمة وجدت منها ريح الموت، ثم أدركه الموت، فأرسلني، فلحقت عمر بن الخطاب، فقال : ما للناس ؟ فقلت : أمر الله، ثم إن الناس رجعوا وجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال : من قتل قتيلا له عليه بينة، فله سلبه ، قال : فقمت، فقلت : من يشهد لي ؟ ثم جلست، ثم قال مثل ذلك، فقال : فقمت، فقلت من يشهد لي ؟ ثم جلست، ثم قال ذلك الثالثة، فقمت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما لك يا أبا قتادة ؟ فقصصت عليه القصة، فقال رجل من القوم : صدق يا رسول الله، سلب ذلك القتيل عندي، فأرضه من حقه، وقال أبو بكر الصديق : لا ها الله، إذا لا يعمد إلى أسد من أسد الله، يقاتل عن الله وعن رسوله فيعطيك سلبه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : صدق، فأعطه إياه ، فأعطاني، قال : فبعت الدرع، فابتعت به مخرفا في بني سلمة، فإنه لأول مال تأثلته في الإسلام )، وفي حديث الليث، فقال أبو بكر : ( كلا لا يعطيه، أصيبغ من قريش ويدع أسدا من أسد الله )، وفي حديث الليث : ( لأول مال تأثلته ). الشيخ : قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( من قتل قتيلا فله سلبه )، السلب ما معه من سلاح ودروع ولباس وسلاح، ودابة، وما أشبه ذلك. وهل هذا تشريع أو تنظيم ؟ . فإن قلنا إنه تشريع ثبت لكل قاتل سلبُ القتيل سواء قاله القائد أم لم يقله . وإن قلنا إنه تنظيم، فإن سلب القتيل يكون مع الغنائم، إلا إذا رأى قائد الجيش من المصلحة أن يقول ذلك فليقله . والظاهر أنه ليس تشرعاً ، ولكنه تشريع بمعنى أنه يجوز للقائد أن يفعل ذلك، ولكنه ليس ثابت للقاتل سواء شُرطَ له أم لا. وفيه دليل على استعمال بذل المال في التنشيط على الخير، لأن هذا لا شك أنه ينشط المجاهد، إذا كان يؤمّل السَّلب . فيؤخذ منه أن ما يُبذل للأئمة ، والمؤذنين وللمعلمين، والدارسين، من بيت المال جائز ولا شُبهة فيه. خلافاً لمن يتورّعون ورعاً مُظْلماً، ويقولون إنه ليس بجائز، لأنه أخذ مال في مُقابلة عوَضٌ ديني. فيقال هذا من باب التشجع. وفي هذا استعمال أبو بكر : ( لا ها الله ) دليل على أن من حروف القسم هاء، لكنها قليلة الاستعمال. وهل تستعمل كما وردت ، أي مسبوقة بـ : لا ، المؤكّدة، أم أنها يجوز أن تُستعمل حتى في غير هذا ؟. يُحتمل الأمرين عندي والله أعلم . في الحديث يقول : ( لا يُعطيه وصيبُها من قريش )، ما معناها ؟. القارئ : عندنا : أضيبع ، فيها روايات . الشيخ : بالباء ؟.
الشيخ : على كل حال ننظر ما معناها . القارئ : " قوله : أضيبع . قال القاضي : اختلف رواة كتاب مسلم في هذا الحرف على وجهين : أحدهما رواية السمرقندي : أصيبغ بالصاد المهملة والغين المعجمة ، والثاني رواية سائر الرواة أضييع بالضاد المعجمة والعين المهملة ، قال : وكذلك اختلف فيه رواة البخاري فعلى الثاني هو تصغير ضبع على غير قياس كأنه لما وصف أبا قتادة بأنه أسد صغر هذا بالإضافة إليه وشبهه بالضبيع لضعف افتراسها وما توصف به من العجز والحمق ، وأما على الوجه الأول فوصفه به لتغير لونه ، وقيل حقره وذمه بسواد لونه ، وقيل معناه أنه صاحب لون غير محمود ، وقيل وصفه بالمهانة والضعف ، قال الخطابي : الأصيبغ نوع من الطير ، قال : ويجوز أنه شبهه بنبات ضعيف يقال له الصيبغا أول ما يطلع من الأرض يكون مما يلي الشمس منه أصفر ". الشيخ : المعنى الأول هو الأصح شبهه بالضبع الصغير في مقابلة الأسد، هذا أنسب ما يكون، نعم . في سؤال ؟
كيف يوزع الخمس بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم.؟
السائل : أحسن الله إليكم، ما الراجح في توزيع الخمس بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم .؟ الشيخ : هو في الفيء تبع الإمام، يعني ينظر فيه الإمام في مصالح المسلمين .
السائل : أحسن الله إليكم بعض الفقهاء يقولون : أن من شروط استحقاق القاتل للسلب، هل هو صحيح الشيخ : ما هو السائل : يقولون نقتله هو مدبر غير منهزم، وأن يخاطر المقاتل بنفسه ؟ الشيخ : لا ليس بشرط، الصواب أن التغرير بنفسه ليس بشرط ، الحديث ظاهره العموم، وإذا قلنا إنه من باب التنظيم، فلا بأس أن يزيد القائد أو الإمام شروطاً، حسب ما يرى المصلحة فيها .
حدثنا يحيى بن يحيى التميمي أخبرنا يوسف بن الماجشون عن صالح بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف عن أبيه عن عبد الرحمن بن عوف أنه قال بينا أنا واقف في الصف يوم بدر نظرت عن يميني وشمالي فإذا أنا بين غلامين من الأنصار حديثة أسنانهما تمنيت لو كنت بين أضلع منهما فغمزني أحدهما فقال يا عم هل تعرف أبا جهل قال قلت نعم وما حاجتك إليه يا بن أخي قال أخبرت أنه يسب رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي نفسي بيده لئن رأيته لا يفارق سوادي سواده حتى يموت الأعجل منا قال فتعجبت لذلك فغمزني الآخر فقال مثلها قال فلم أنشب أن نظرت إلى أبي جهل يزول في الناس فقلت ألا تريان هذا صاحبكما الذي تسألان عنه قال فابتدراه فضرباه بسيفهما حتى قتلاه ثم انصرفا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبراه فقال أيكما قتله فقال كل واحد منهما أنا قتلت فقال هل مسحتما سيفيكما قالا لا فنظر في السيفين فقال كلاكما قتله وقضى بسلبه لمعاذ بن عمرو بن الجموح والرجلان معاذ بن عمرو بن الجموح ومعاذ بن عفراء
القارئ : حدثنا يحيى بن يحيى التميمي، أخبرنا يوسف بن الماجشون، عن صالح بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، عن أبيه، عن عبد الرحمن بن عوف، أنه قال : ( بينا أنا واقف في الصف يوم بدر، نظرت عن يميني وشمالي، فإذا أنا بين غلامين من الأنصار حديثة أسنانهما، تمنيت لو كنت بين أضلع منهما، فغمزني أحدهما، فقال : يا عم، هل تعرف أبا جهل ؟ قال : قلت : نعم، وما حاجتك إليه يا ابن أخي ؟ قال : أخبرت أنه يسب رسول الله صلى الله عليه وسلم، والذي نفسي بيده، لئن رأيته لا يفارق سوادي سواده حتى يموت الأعجل منا، قال : فتعجبت لذلك، فغمزني الآخر، فقال : مثلها، قال : فلم أنشب أن نظرت إلى أبي جهل يزول في الناس، فقلت : ألا تريان ؟ هذا صاحبكما الذي تسألان عنه، قال : فابتدراه فضرباه بسيفيهما حتى قتلاه، ثم انصرفا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبراه، فقال : أيكما قتله ؟. فقال كل واحد منهما : أنا قتلت، فقال : هل مسحتما سيفيكما ؟ قالا : لا، فنظر في السيفين، فقال : كلاكما قتله ، وقضى بسلبه لمعاذ بن عمرو بن الجموح، والرجلان معاذ بن عمرو بن الجموح، ومعاذ بن عفراء ).
الشيخ : هذا الحديث فيه فوائد : منها بيان شجاعة هاذين الغلامين، والتعبير بالغلامين، يدل على أنهما صغار، لكن لا بد أن يكونا قد بلغا، لأنه لا يمكن أن يدخل في القتال إلا البالغ. ومنها أن الإنسان قد يحتقر الشيء ولكنه يكون على خلاف ظنه، وعلى هذا فلا تحكم على الشيء حتى يتبين لك الأمر، ولا تحقرن أحداً حتى يتبين لك أمره . كم من مسالة يعرفها الأستاذ الذي بدرجة أستاذ من تلميذ في المتوسط. ومنها بلاغة هاذين الغلامين، فانظر كيف أقسم أنه لا يفارق سوادي سواده حتى يموت الأعجل منا. أي حتى أقتله أو يقتلني. ومنها بيان غيرة هاذين الغلامين، لأن الذي حملهما على قتله أنه كان يسب النبي صلى الله عليه وسلم . وسب النبي صلى الله عليه وسلّم لا شك أنه ردّة مُخرجٌ عن الإسلام . واختلف أهل العلم هل تُقبل توبة من سب النبي صلى الله عليه وسلم أو لا تُقبَل ؟ وسب الله أعظم بلا شك . فمن العلماء من قال إن من سب الله أو رسوله لم تُقبل توبته ولو حسُنت حاله، بل يجب قتله مرتداً، فلا يُغَسل، ولا يُكَفّن، ولا يُدفن مع أموات المسلمين ، ومنهم من قال بل تُقبل توبته بكل حال، لعموم قول الله تبارك وتعالى في الآيات الكثيرة : أن كل من تاب تاب الله عليه. ومنهم من قال أما التوبة فتُقبَل، وأما القتل فإن كان سبّ الله سقط قتله، لأنه تاب إلى الله وقد أخبر الله تعالى أنه يتوب على من تاب، وأما من سب النبي صلى الله عليه وسلّم فإنه يُقتَل، ولكنه يقتَل مسْلماً بعد أن يتوب، وهذا القول هو الراجح . ووجه رجحانه أن القاعدة العامة أن من تاب من ذنب فإن الله يتوب عليه ، (( قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً ))، ولقوله تعالى : (( والذين لا يدعون مع الله إله آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلقَ أثاماً * يُضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهاناً * إلا من تاب )). ولأن المشركين كانوا يسبون الله ورسوله، وقبل الله توبتهم، فإذا تاب، صار معصوم الدم، ففي حق الله يُرفع عنه القتل، لكن في حق الرسول صلى الله عليه وسلم، قتله أعني هذا الذي سب الرسول صلى الله عليه وسلم لحقّ الرسول، ولا نعلم إذا تاب يعفُ عنه الرسول صلى الله عليه وسلم أم لا ؟، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد مات ، فنحن نأخذ بالثأر لرسول الله صلى الله عليه وسلم . ولشيخ الإسلام رحمه الله كتاب مجلد ضخم اسمه : " الصارم المسلول في تحتم قتل ساب الرسول ". ومن فوائد هذا الحديث العمل بالقرينة، وجه ذلك أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم طلب أن يُحضر سيفيهما، من أجل أن ينظر الدم ، هل هو سيف واحد منهما أو في سيفيهما جميعاً. فقال : ( كلاكما قتله وقضى بسلبه لمعاذ بن عمرو بن الجموح ). يحتاج أن ننظر إلى الشرح ؟.