حدثنا زهير بن حرب حدثنا عمر بن يونس حدثنا عكرمة بن عمار حدثني إياس بن سلمة حدثني أبي قال غزونا فزارة وعلينا أبو بكر أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم علينا فلما كان بيننا وبين الماء ساعة أمرنا أبو بكر فعرسنا ثم شن الغارة فورد الماء فقتل من قتل عليه وسبى وأنظر إلى عنق من الناس فيهم الذراري فخشيت أن يسبقوني إلى الجبل فرميت بسهم بينهم وبين الجبل فلما رأوا السهم وقفوا فجئت بهم أسوقهم وفيهم امرأة من بني فزارة عليها قشع من آدم قال القشع النطع معها ابنة لها من أحسن العرب فسقتهم حتى أتيت بهم أبا بكر فنفلني أبو بكر ابنتها فقدمنا المدينة وما كشفت لها ثوبا فلقيني رسول الله صلى الله عليه وسلم في السوق فقال يا سلمة هب لي المرأة فقلت يا رسول الله والله لقد أعجبتني وما كشفت لها ثوبا ثم لقيني رسول الله صلى الله عليه وسلم من الغد في السوق فقال لي يا سلمة هب لي المرأة لله أبوك فقلت هي لك يا رسول الله فوالله ما كشفت لها ثوبا فبعث بها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهل مكة ففدى بها ناسا من المسلمين كانوا أسروا بمكة
القارئ : ( ثم لقيني رسول الله صلى الله عليه وسلم من الغد في السوق، فقال لي : يا سلمة، هب لي المرأة لله أبوك ، فقلت : هي لك يا رسول الله، فوالله ما كشفت لها ثوبا، فبعث بها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهل مكة، ففدى بها ناسا من المسلمين كانوا أسروا بمكة ).
الشيخ : في هذا دليل على جواز السؤال إذا كان لمصلحة المسلمين حتى وإن كان من أشراف ، فلا أشرف من النبي صلى الله عليه وسلم ، ومع ذلك كرر وألح في استيهاب هذه المرأة، لا من أجل أن تكون صفيّة له ، لكن من أجل أن يفدي بها أناساً من المسلمين كانوا أسروا في مكّة.
حدثنا أحمد بن حنبل ومحمد بن رافع قالا حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن همام بن منبه قال هذا ما حدثنا أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر أحاديث منها وقال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أيما قرية أتيتموها وأقمتم فيها فسهمكم فيها وأيما قرية عصت الله ورسوله فإن خمسها لله ولرسوله ثم هي لكم
القارئ : حدثنا أحمد بن حنبل، ومحمد بن رافع، قالا: حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن همام بن منبه، قال: هذا ما حدثنا أبو هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكر أحاديث منها، وقال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أيما قرية أتيتموها، وأقمتم فيها، فسهمكم فيها، وأيما قرية عصت الله ورسوله، فإن خمسها لله ولرسوله، ثم هي لكم ).
حدثنا قتيبة بن سعيد ومحمد بن عباد وأبو بكر بن أبي شيبة وإسحاق بن إبراهيم واللفظ لابن أبي شيبة قال إسحاق أخبرنا وقال الآخرون حدثنا سفيان عن عمرو عن الزهري عن مالك بن أوس عن عمر قال كانت أموال بني النضير مما أفاء الله على رسوله مما لم يوجف عليه المسلمون بخيل ولا ركاب فكانت للنبي صلى الله عليه وسلم خاصة فكان ينفق على أهله نفقة سنة وما بقي يجعله في الكراع والسلاح عدة في سبيل الله
القارئ : حدثنا قتيبة بن سعيد، ومحمد بن عباد، وأبو بكر بن أبي شيبة، وإسحاق بن إبراهيم، واللفظ لابن أبي شيبة، قال إسحاق : أخبرنا، وقال الآخرون : حدثنا سفيان، عن عمرو، عن الزهري، عن مالك بن أوس، عن عمر، قال : ( كانت أموال بني النضير مما أفاء الله على رسوله، مما لم يوجف عليه المسلمون بخيل ولا ركاب، فكانت للنبي صلى الله عليه وسلم خاصة، فكان ينفق على أهله نفقة سنة، وما بقي يجعله في الكراع والسلاح، عدة في سبيل الله ).
حدثنا يحيى بن يحيى قال أخبرنا سفيان بن عيينة عن معمر عن الزهري بهذا الإسناد
القارئ : حدثنا يحيى بن يحيى، قال : أخبرنا سفيان بن عيينة، عن معمر، عن الزهري بهذا الإسناد . الشيخ : الشاهد أن الفيء يكون لمصالح المسلمين، وأما الغنيمة فإنها تُقسم وتكون على خمسة أسهم، ثم أحد الأسهم يُقسم أيضا على خمسة أسهم، خمسه يكون فيئاً لله ولرسوله، وأربعة الأخماس تكون لمن ذكرهم الله عز وجل : لذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل .
السائل : أحسن الله إليكم، ما المراد : ( وكان ينفق على أهله نفقة سنة ) ... ؟ الشيخ : السنة العام. لأن الرسول يدخر قوت أهله لسنة، لكن ربما لا تأتي السنة إلا وقد أنفقه.
وحدثني عبد الله بن محمد بن أسماء الضبعي حدثنا جويرية عن مالك عن الزهري أن مالك بن أوس حدثه قال أرسل إلي عمر بن الخطاب فجئته حين تعالى النهار قال فوجدته في بيته جالسا على سرير مفضيا إلى رماله متكئا على وسادة من آدم فقال لي يا مال إنه قد دف أهل أبيات من قومك وقد أمرت فيهم برضخ فخذه فاقسمه بينهم قال قلت لو أمرت بهذا غيري قال خذه يا مال قال فجاء يرفا فقال هل لك يا أمير المؤمنين في عثمان وعبد الرحمن بن عوف والزبير وسعد فقال عمر نعم فأذن لهم فدخلوا ثم جاء فقال هل لك في عباس وعلي قال نعم فأذن لهما فقال عباس يا أمير المؤمنين اقض بيني وبين هذا الكاذب الآثم الغادر الخائن فقال القوم أجل يا أمير المؤمنين فاقض بينهم وأرحهم فقال مالك بن أوس يخيل إلي أنهم قد كانوا قدموهم لذلك فقال عمر اتئدا أنشدكم بالله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض أتعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا نورث ما تركنا صدقة قالوا نعم ثم أقبل على العباس وعلي فقال أنشدكما بالله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض أتعلمان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا نورث ما تركناه صدقة قالا نعم فقال عمر إن الله جل وعز كان خص رسوله صلى الله عليه وسلم بخاصة لم يخصص بها أحدا غيره قال ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ما أدري هل قرأ الآية التي قبلها أم لا قال فقسم رسول الله صلى الله عليه وسلم بينكم أموال بني النضير فوالله ما استأثر عليكم ولا أخذها دونكم حتى بقي هذا المال فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأخذ منه نفقة سنة ثم يجعل ما بقي أسوة المال ثم قال أنشدكم بالله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض أتعلمون ذلك قالوا نعم ثم نشد عباسا وعليا بمثل ما نشد به القوم أتعلمان ذلك قالا نعم قال فلما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أبو بكر أنا ولي رسول الله صلى الله عليه وسلم فجئتما تطلب ميراثك من بن أخيك ويطلب هذا ميراث امرأته من أبيها فقال أبو بكر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما نورث ما تركنا صدقة فرأيتماه كاذبا آثما غادرا خائنا والله يعلم إنه لصادق بار راشد تابع للحق ثم توفي أبو بكر وأنا ولي رسول الله صلى الله عليه وسلم وولي أبي بكر فرأيتماني كاذبا آثما غادرا خائنا والله يعلم إني لصادق بار راشد تابع للحق فوليتها ثم جئتني أنت وهذا وأنتما جميع وأمركما واحد فقلتما ادفعها إلينا فقلت إن شئتم دفعتها إليكما على أن عليكما عهد الله أن تعملا فيها بالذي كان يعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذتماها بذلك قال أكذلك قالا نعم قال ثم جئتماني لأقضي بينكما ولا والله لا أقضي بينكما بغير ذلك حتى تقوم الساعة فإن عجزتما عنها فرداها إلي
القارئ : وحدثني عبد الله بن محمد بن أسماء الضبعي، حدثنا جويرية، عن مالك، عن الزهري، أن مالك بن أوس، حدثه، قال : ( أرسل إلي عمر بن الخطاب، فجئته حين تعالى النهار، قال : فوجدته في بيته جالسا على سرير مفضيا إلى رماله، متكئا على وسادة من أدم، فقال لي : يا مال، إنه قد دف أهل أبيات من قومك، وقد أمرت فيهم برضخ، فخذه فاقسمه بينهم، قال : قلت : لو أمرت بهذا غيري، قال : خذه يا مال، قال : فجاء يرفا، فقال : هل لك يا أمير المؤمنين في عثمان، وعبد الرحمن بن عوف، والزبير، وسعد ؟ فقال عمر : نعم، فأذن لهم فدخلوا، ثم جاء، فقال : هل لك في عباس، وعلي ؟ قال : نعم، فأذن لهما، فقال عباس : يا أمير المؤمنين، اقض بيني وبين هذا الكاذب الآثم الغادر الخائن، فقال القوم : أجل يا أمير المؤمنين، فاقض بينهم وأرحهم ، فقال مالك بن أوس : يخيل إلي أنهم قد كانوا قدموهم لذلك، فقال عمر : اتئدا، أنشدكم بالله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض، أتعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا نورث ما تركنا صدقة ، قالوا : نعم، ثم أقبل على العباس، وعلي، فقال : أنشدكما بالله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض، أتعلمان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال : لا نورث ما تركناه صدقة ، قالا : نعم، فقال عمر : إن الله جل وعز كان خص رسوله صلى الله عليه وسلم بخاصة، لم يخصص بها أحدا غيره، قال : ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول - ما أدري هل قرأ الآية التي قبلها أم لا - قال : فقسم رسول الله صلى الله عليه وسلم بينكم أموال بني النضير، فوالله، ما استأثر عليكم، ولا أخذها دونكم، حتى بقي هذا المال، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأخذ منه نفقة سنة، ثم يجعل ما بقي أسوة المال، ثم قال : أنشدكم بالله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض، أتعلمون ذلك ؟ قالوا : نعم، ثم نشد عباسا، وعليا، بمثل ما نشد به القوم، أتعلمان ذلك ؟ قال ا: نعم، قال : فلما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال أبو بكر : أنا ولي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجئتما تطلب ميراثك من ابن أخيك، ويطلب هذا ميراث امرأته من أبيها، فقال أبو بكر : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما نورث ما تركناه صدقة ، فرأيتماه كاذبا آثما غادرا خائنا، والله يعلم إنه لصادق بار راشد تابع للحق، ثم توفي أبو بكر وأنا ولي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وولي أبي بكر، فرأيتماني كاذبا آثما غادرا خائنا، والله يعلم إني لصادق بار راشد تابع للحق، فوليتها ثم جئتني أنت وهذا وأنتما جميع وأمركما واحد، فقلتما : ادفعها إلينا، فقلت : إن شئتم دفعتها إليكما على أن عليكما عهد الله أن تعملا فيها بالذي كان يعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخذتماها بذلك، قال : أكذلك ؟ قالا : نعم، قال : ثم جئتماني لأقضي بينكما، ولا والله لا أقضي بينكما بغير ذلك حتى تقوم الساعة، فإن عجزتما عنها فرداها إلي ). الشيخ : هذا الحديث العظيم، فيه أشياء مستغرَبة أن تقع ، نبدأ بالأول ، تقرأ جملة جملة : ( أَنَّ مَالِكَ بْنَ أَوْسٍ، حَدَّثَهُ، قَالَ : أَرْسَلَ إِلَيَّ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، فَجِئْتُهُ حِينَ تَعَالَى النَّهَارُ ) تعالى : يعني ارتفع، يعني في مبتدأ الضحى ، الوسط . قال : ( فَوَجَدْتُهُ فِي بَيْتِهِ جَالِسًا عَلَى سَرِيرٍ مُفْضِيًا إِلَى رُمَالِهِ ) مفضياً : يعني بجنبه، إلى رماله : يعني رمال السرير، وهي الحبال التي يربط بها حتى يجلس عليها. ( متكا على وسادة من أدَّم ) أي من جلود ، ( فَقَالَ لِي : يَا مَال ) يا مال : هذه يسمونها ترخيماً ، وهو حذف آخر الاسم عند النداء، وهو من التعظيم، والأصل : يا مالك . ولك فيه إعرابان : الإعراب الأول : أن تُبقيه على ما كان عليه، فتقول يا مالِ ، لأن أصلها : مالِك . والثاني : أن تبنيه على الضم من أجل النداء ، يعني أن تتناسى أن أصله : مالك، وتبنيه على الضم. نعم . ( فقال: يا مال إِنَّهُ قَدْ دَفَّ أَهْلُ أَبْيَاتٍ مِنْ قَوْمِكَ ) يعني أصابتهم دافَّة ، وهي الحاجة والفاقة. ( وَقَدْ أَمَرْتُ فِيهِمْ بِرَضْخٍ، فَخُذْهُ فَاقْسِمْهُ بَيْنَهُمْ ) الرضخ يعني أن يُقْسَمَ لهم شيء من بيت المال. ( قَالَ : قُلْتُ : لَوْ أَمَرْتَ بِهَذَا غَيْرِي، قَالَ : خُذْهُ يَا مَالُ، قَالَ : فَجَاءَ يَرْفَا ، فَقَالَ : هَلْ لَكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فِي عُثْمَانَ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَالزُّبَيْرِ، وَسَعْدٍ ) يرفأ هذا غلام لعمر بن الخطاب رضي الله عنه، وكأنه بواب، فجاء عمرَ يخبره أنه استأذن هؤلاء الأربعة : عُثْمَانَ، والثاني عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَالثالث الزُّبَيْرِ، وَسَعْدٍ الرابع . ( فَقَالَ عُمَرُ : نَعَمْ، فَأَذِنَ لَهُمْ فَدَخَلُوا، ثُمَّ جَاءَ، فَقَالَ : هَلْ لَكَ فِي عَبَّاسٍ، وَعَلِيٍّ ؟ قَالَ : نَعَمْ، فَأَذِنَ لَهُمَا، فَقَالَ عَبَّاسٌ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، اقْضِ بَيْنِي وَبَيْنَ هَذَا الْكَاذِبِ الْآثِمِ الْغَادِرِ الْخَائِنِ ) من هذا ؟ . العباس وعلي، وهذا الكلام يُستَغرب، لكن عند الخصوم تزول العقول ، عند المخاصمة يفقد الإنسان أحيانا عقله، والشيء الذي تشاجروا فيه ما هو إلا أمر دنيوي فقط ، شف النووي على هذا ؟. الإنسان يأسف جداً أن يقع مثل هذا الكلام من رجل كالعباس وعلي بن أبي طالب .
القارئ : " قوله : اقض بيني وبين هذا الكاذب إلى آخره . قال جماعة من العلماء معناه هذا الكاذب إن لم ينصف ، فحذف الجواب ، وقال القاضي عياض قال المازري : هذا اللفظ الذي وقع لا يليق ظاهره بالعباس وحاش لعلي أن يكون فيه بعض هذه الأوصاف فضلا عن كلها ولسنا نقطع بالعصمة إلا للنبي صلى الله عليه وسلم ولمن شهد له بها ، لكنا مأمورون بحسن الظن بالصحابة رضي الله عنهم أجمعين ونفي كل رذيلة عنهم ، وإذا انسدت طرق تأويلها نسبنا الكذب إلى رواتها ، قال : وقد حمل هذا المعنى بعض الناس على أن أزال هذا اللفظ من نسخته تورعا عن إثبات مثل هذا ، ولعله حمل الوهم على رواته ، قال المازري : وإذا كان هذا اللفظ لا بد من إثباته ولم نضف الوهم إلى رواته فأجود ما حمل عليه أنه صدر من العباس على جهة الإدلال على ابن أخيه لأنه بمنزلة ابنه وقال مالا يعتقده وما يعلم براءة ذمة بن أخيه منه ، ولعله قصد بذلك ردعه عما يعتقد أنه مخطئ فيه وأن هذه الأوصاف يتصف بها لو كان يفعل ما يفعله عن قصد ، وأن عليا كان لا يراها إلا موجبة لذلك في اعتقاده ، وهذا كما يقول المالكي شارب النبيذ ناقص الدين ، والحنفي يعتقد أنه ليس بناقص ، فكل واحد محق في اعتقاده ، ولا بد من هذا التأويل لأن هذه القضية جرت في مجلس فيه عمر رضي الله عنه وهو الخليفة وعثمان وسعد وزبير وعبد الرحمن رضي الله عنهم ، ولم ينكر أحد منهم هذا الكلام مع تشددهم في إنكار المنكر ، وما ذلك إلا لأنهم فهموا بقرينة الحال أنه تكلم بما لا يعتقد ظاهره مبالغة في الزجر ، قال المازري : وكذلك قول عمر رضي الله عنه إنكما جئتما أبا بكر فرأيتماه كاذبا آثما غادرا خائنا وكذلك ذكر عن نفسه أنهما رأياه كذلك ، وتأويل هذا على نحو ما سبق ، وهو أن المراد أنكما تعتقدان أن الواجب أن نفعل في هذه القضية خلاف ما فعلته أنا وأبو بكر فنحن على مقتضى رأيكما لو أتينا ما أتينا ونحن معتقدان ما تعتقدانه لكنا بهذه الأوصاف ، أو يكون معناه أن الإمام إنما يخالف إذا كان على هذه الأوصاف ويتهم في قضاياه ، فكأن مخالفتكما لنا تشعر من رآها أنكم تعتقدان ذلك فينا والله أعلم ، قال المازري : وأما الاعتذار عن علي والعباس رضي الله عنهما في أنهما ترددا إلى الخليفتين مع قوله صلى الله عليه وسلم : لا نورث ما تركناه فهو صدقة . وتقرير عمر رضي الله عنه أنهما يعلمان ذلك ، فأمثل ما فيه ما قاله بعض العلماء أنهما طلبا أن يقسماها بينهما نصفين ينفقان بها على حسب ما ينفعهما الإمام بها لو وليها بنفسه ". الشيخ : ... القارئ : ... الشيخ : أنا عندي في هذه المسالة أن الإنسان عند الخصومة يغضب ويغتاظ ويغيب ، ألم يقل الرجل للنبي عليه الصلاة والسلام وهو أنصاري لما حكم لهم في شراج الحرَّة قال للزبير : ( اسْق ثم أرسل لجارك )، قال له الرجل : أن كان ابن عمّتك يا رسول الله ؟ وهذه كلمة أعظم من الكلمة التي قالها العباس لعلي، لأن معناها أنك حكمت له لكونه ابن عمّتك لا لأن هذا هو الحق، لكن الإنسان عند الخصومة يغضب، ويخرج عن طوره، ويتكلّم بكلام لا يليق، وإذا قُلنا بهذا وهو أمر فطري معلوم، فلا حاجة لهذه الأجوبة الطويلة التي هي متكلّفة في الواقع. نعم.
تتمة شرح الحديث :( فقال القوم أجل يا أمير المؤمنين فاقض بينهم وأرحهم فقال مالك بن أوس يخيل إلي أنهم قد كانوا قدموهم لذلك فقال عمر اتئدا أنشدكم بالله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض أتعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا نورث ما تركنا صدقة قالوا نعم ثم أقبل على العباس وعلي فقال أنشدكما بالله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض أتعلمان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا نورث ما تركناه صدقة قالا نعم فقال عمر إن الله جل وعز كان خص رسوله صلى الله عليه وسلم بخاصة لم يخصص بها أحدا غيره قال ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ما أدري هل قرأ الآية التي قبلها أم لا قال فقسم رسول الله صلى الله عليه وسلم بينكم أموال بني النضير فوالله ما استأثر عليكم ولا أخذها دونكم حتى بقي هذا المال فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأخذ منه نفقة سنة ثم يجعل ما بقي أسوة المال ثم قال أنشدكم بالله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض أتعلمون ذلك قالوا نعم ثم نشد عباسا وعليا بمثل ما نشد به القوم أتعلمان ذلك قالا نعم قال فلما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أبو بكر أنا ولي رسول الله صلى الله عليه وسلم فجئتما تطلب ميراثك من بن أخيك ويطلب هذا ميراث امرأته من أبيها فقال أبو بكر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما نورث ما تركنا صدقة فرأيتماه كاذبا آثما غادرا خائنا والله يعلم إنه لصادق بار راشد تابع للحق ثم توفي أبو بكر وأنا ولي رسول الله صلى الله عليه وسلم وولي أبي بكر فرأيتماني كاذبا آثما غادرا خائنا والله يعلم إني لصادق بار راشد تابع للحق فوليتها ثم جئتني أنت وهذا وأنتما جميع وأمركما واحد فقلتما ادفعها إلينا فقلت إن شئتم دفعتها إليكما على أن عليكما عهد الله أن تعملا فيها بالذي كان يعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذتماها بذلك قال أكذلك قالا نعم قال ثم جئتماني لأقضي بينكما ولا والله لا أقضي بينكما بغير ذلك حتى تقوم الساعة فإن عجزتما عنها فرداها إلي)
القارئ : ( فَقَالَ الْقَوْمُ : أَجَلْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَاقْضِ بَيْنَهُمْ وَأَرِحْهُم ) . الشيخ : وكأن هذا الخلاف والنزاع بين العباس وعلي كان مشهوراً بين الناس، ولهذا قالوا : اقض بينهم وأرحهم ، وهذا هو الظاهر، لأنهما أتيا إلى أبي بكر رضي الله عنه في الأول ثم إلى عمر، ومثل هذه لا بد أن تشتهر بين الناس، وأن يطلب الحاضرون قضاء عمر بينهما حتى يستريحا. القارئ : ( فَقَالَ مَالِكُ بْنُ أَوْسٍ : يُخَيَّلُ إِلَيَّ أَنَّهُمْ قَدْ كَانُوا قَدَّمُوهُمْ لِذَلِكَ، فَقَالَ عُمَرُ : اتَّئِدَا ). الشيخ : اتّئدا من الإتّآد وهو الانتظار، يعني انتظرا، وسيتكلم رضي الله عنه. القارئ : ( أَنْشُدُكُمْ بِاللهِ الَّذِي بِإِذْنِهِ تَقُومُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ، أَتَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَة ، قَالُوا : نَعَمْ ) . الشيخ : قوله لا نورث ، يعني معاشر الأنبياء لا يورَثون، ما تركوه فهو صدقة، وأما قوله تبارك وتعالى عن زكريا : (( هب لي من لدنك وليّاً يرثني ويرث من آل يعقوب )) فالمراد بذلك إرْث العلم ، فإن العلماء ورثة الأنبياء . وقوله : ( لا نورث ما تركنا صدقة ) أوَّلها الرافضة الذين يسبون أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، بأن المعنى ( لا نورث ما تركنا صدقة ) أي أن الصدقة التي نتركها لا تورث. لكن لو كان هذا هو المعنى لم يكن للأنبياء مزية، لأن كل إنسان يترك صدقة بعد موته فإنها لا تورث، بل المعنى : إنا لا نورث، انقطع الكلام، ثم قال : ما تركنا صدقة، ما بمعنى الذي، أي الذي نتركه يكون صدقة، ويُحتَمَل أن تكون شرطية، بمعنى : ما تركنا فهو صدقة. نعم القارئ : ( ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى الْعَبَّاسِ، وَعَلِيٍّ، فَقَال : أَنْشُدُكُمَا بِاللهِ الَّذِي بِإِذْنِهِ تَقُومُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ، أَتَعْلَمَانِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال : لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَاهُ صَدَقَة ، قَالَا : نَعَم ). الشيخ : يعني استشهد أولاً بالحاضرين، وناهيك بهم أمانة وثقة، ثم استشهد استشهادًا خاصاً بالمتخاصمين . القارئ : ( فَقَالَ عُمَرُ : إِنَّ اللهَ جَلَّ وَعَزَّ كَانَ خَصَّ رَسُولَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخَاصَّةٍ، لَمْ يُخَصِّصْ بِهَا أَحَدًا غَيْرَهُ، قَالَ : مَا أَفَاءَ اللهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ - مَا أَدْرِي هَلْ قَرَأَ الْآيَةَ الَّتِي قَبْلَهَا أَمْ لَا - ) الشيخ : الراوي يقول : ما أدري ، هل قرأ الآية التي قبلها أم لا. القارئ : ( قَالَ : فَقَسَمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَكُمْ أَمْوَالَ بَنِي النَّضِيرِ، فَوَاللهِ، مَا اسْتَأْثَرَ عَلَيْكُمْ، وَلَا أَخَذَهَا دُونَكُم ). الشيخ : ما استأثر : أي زاد، ولا أخذها دونكم : أي انفرد بها. القارئ : ( حَتَّى بَقِيَ هَذَا الْمَالُ، فَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْخُذُ مِنْهُ نَفَقَةَ سَنَةٍ، ثُمَّ يَجْعَلُ مَا بَقِيَ أُسْوَةَ الْمَالِ، ثُمَّ قَال : أَنْشُدُكُمْ بِاللهِ الَّذِي بِإِذْنِهِ تَقُومُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ، أَتَعْلَمُونَ ذَلِك ؟ قَالُوا : نَعَمْ، ثُمَّ نَشَدَ عَبَّاسًا، وَعَلِيًّا، بِمِثْلِ مَا نَشَدَ بِهِ الْقَوْمَ، أَتَعْلَمَانِ ذَلِك ؟ قَالَا : نَعَمْ، قَال : فَلَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ أَبُو بَكْر : أَنَا وَلِيُّ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجِئْتُمَا تَطْلُبُ مِيرَاثَكَ مِنِ ابْنِ أَخِيكَ، وَيَطْلُبُ هَذَا مِيرَاثَ امْرَأَتِهِ مِنْ أَبِيهَا ). الشيخ : من هذا ؟ علي، لأنه لا يكون عاصباً للرسول صلى الله عليه وسلم مع وجود عمه، لأن العم أولى بالميراث من ابن العم، لكن علياً جاء يطلب ميراث زوجته من أبيها. القارئ : ( فَقَالَ أَبُو بَكْر : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم : مَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَاهُ صَدَقَة ، فَرَأَيْتُمَاهُ كَاذِبًا آثِمًا كَاذِبًا آثِمًا غَادِرًا خَائِنًا، وَاللهُ يَعْلَمُ إِنَّهُ لَصَادِقٌ بَارٌّ رَاشِدٌ تَابِعٌ لِلْحَقِّ ). الشيخ : الله أكبر! والله هذا هو الحق . القارئ : ( ثُمَّ تُوُفِّيَ أَبُو بَكْرٍ وَأَنَا وَلِيُّ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَوَلِيُّ أَبِي بَكْرٍ، فَرَأَيْتُمَانِي كَاذِبًا آثِمًا غَادِرًا خَائِنًا، وَاللهُ يَعْلَمُ إِنِّي لَصَادِقٌ بَارٌّ رَاشِدٌ تَابِعٌ لِلْحَق ). الشيخ : في هذا الدفاع عن الغير بالحق ، والدفاع عن النفس بالحق أيضا، فهو دافع عن أبي بكر أولاً، ثم دافع عن نفسه. وهو والله صادق بار راشد متبع للحق، الله المستعان. القارئ : ( فَوَلِيتُهَا ثُمَّ جِئْتَنِي أَنْتَ وَهَذَا وَأَنْتُمَا جَمِيعٌ وَأَمْرُكُمَا وَاحِدٌ، فَقُلْتُمَا : ادْفَعْهَا إِلَيْنَا ). الشيخ : كانا في الأول متّفقين، يطلبان من عمر رضي الله عنه أن يدفع لهما ما استحقه النبي صلى الله عليه وسلم من أموال بني النضير، وجاءا يسألان وأمرهما جميع أمرهما واحد، وهما مجتمعان عليه. القارئ : ( فَقُلْت : إِنْ شِئْتُمْا دَفَعْتُهَا إِلَيْكُمَا عَلَى أَنَّ عَلَيْكُمَا عَهْدَ اللهِ أَنْ تَعْمَلَا فِيهَا بِالَّذِي كَانَ يَعْمَلُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَخَذْتُمَاهَا بِذَلِكَ، قَال : أَكَذَلِكَ ؟ قَالَا : نَعَمْ، قَال : ثُمَّ جِئْتُمَانِي لِأَقْضِيَ بَيْنَكُمَا، وَلَا وَاللهِ لَا أَقْضِي بَيْنَكُمَا بِغَيْرِ ذَلِكَ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ، فَإِنْ عَجَزْتُمَا عَنْهَا فَرُدَّاهَا إِلَيّ ). الشيخ : كلام فصل، وعقل .
ما معنى قوله:( فقلتما ادفعها إلينا فقلت إن شئتم دفعتها إليكما ) .؟
السائل : قول عمر : ( فدفعتها إليكم )، ما الذي دفعه عمر إليهما ؟ الشيخ : دفع إليهما هذا، المال الذي للنبي صلى الله عليه وسلم من بني النضير. على أنهما يعملان فيه كما يعمل الرسول صلى الله عليه وسلم، لكنهما في النهاية تنزاعا، كل واحد يريد نصيبه .
حدثنا إسحاق بن إبراهيم ومحمد بن رافع وعبد بن حميد قال بن رافع حدثنا وقال الآخران أخبرنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري عن مالك بن أوس بن الحدثان قال أرسل إلي عمر بن الخطاب فقال إنه قد حضر أهل أبيات من قومك بنحو حديث مالك غير أن فيه فكان ينفق على أهله منه سنة وربما قال معمر يحبس قوت أهله منه سنة ثم يجعل ما بقي منه مجعل مال الله عز وجل
القارئ : حدثنا إسحاق بن إبراهيم، ومحمد بن رافع، وعبد بن حميد، قال ابن رافع : حدثنا، وقال الآخران : أخبرنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن الزهري، عن مالك بن أوس بن الحدثان، قال : ( أرسل إلي عمر بن الخطاب، فقال : إنه قد حضر أهل أبيات من قومك ) بنحو حديث مالك، غير أن فيه : ( فكان ينفق على أهله منه سنة، وربما قال معمر: يحبس قوت أهله منه سنة، ثم يجعل ما بقي منه مجعل مال الله عز وجل ) .
حدثنا يحيى بن يحيى قال قرأت على مالك عن بن شهاب عن عروة عن عائشة أنها قالت إن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم حين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم أردن أن يبعثن عثمان بن عفان إلى أبي بكر فيسألنه ميراثهن من النبي صلى الله عليه وسلم قالت عائشة لهن أليس قد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا نورث ما تركنا فهو صدقة
القارئ : حدثنا يحيى بن يحيى، قال: قرأت على مالك، عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة، أنها قالت : ( إن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم حين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم أردن أن يبعثن عثمان بن عفان إلى أبي بكر، فيسألنه ميراثهن من النبي صلى الله عليه وسلم، قالت عائشة لهن : أليس قد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا نورث ما تركنا فهو صدقة ). الشيخ : في هذا الحديث دليل على فضل عائشة رضي الله عنها، وورعها، وعلمها، فكان عندها من العلم ما ليس عند زوجات النبي صلى الله عليه وسلم، ولهذا ذكرت لهن هذا الحديث ليمتنعن عن المطالبة بالميراث . وهذا من الحكمة لا شك وهو أن الأنبياء لا يورَثون، لأنهم لو ورثوا وصار هناك شيء كثير من الغنائم لاتهمهم الناس وقالوا : هؤلاء إنما يجمعون لأنفسهم وذريتهم وورثتهم، فصارت الحكمة ألا يورث الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، يعني لا يورثون المال ولكن يورثون العلم .
ما هو سبب تأخير البيان للحديث :( لا نورث ما تركنا صدقة ) .؟
السائل : ما سبب تأخير البيان للحديث : ( لا نورث، ما تركن صدقة ) ؟ الشيخ : عند الحاجة إليه حدّثوا به ، وهذا من حين مات الرسول عليه الصلاة والسلام ، أردن أن يرسلن عثمان إلى أبي بكر .
حدثني محمد بن رافع أخبرنا حجين حدثنا ليث عن عقيل عن بن شهاب عن عروة بن الزبير عن عائشة أنها أخبرته أن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسلت إلى أبي بكر الصديق تسأله ميراثها من رسول الله صلى الله عليه وسلم مما أفاء الله عليه بالمدينة وفدك وما بقي من خمس خيبر فقال أبو بكر إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا نورث ما تركنا صدقة إنما يأكل آل محمد صلى الله عليه وسلم في هذا المال وإني والله لا أغير شيئا من صدقة رسول الله صلى الله عليه وسلم عن حالها التي كانت عليها في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولأعملن فيها بما عمل به رسول الله صلى الله عليه وسلم فأبى أبو بكر أن يدفع إلى فاطمة شيئا فوجدت فاطمة على أبي بكر في ذلك قال فهجرته فلم تكلمه حتى توفيت وعاشت بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ستة أشهر فلما توفيت دفنها زوجها علي بن أبي طالب ليلا ولم يؤذن بها أبا بكر وصلى عليها علي وكان لعلي من الناس وجهة حياة فاطمة فلما توفيت استنكر علي وجوه الناس فالتمس مصالحة أبي بكر ومبايعته ولم يكن بايع تلك الأشهر فأرسل إلى أبي بكر أن ائتنا ولا يأتنا معك أحد كراهية محضر عمر بن الخطاب فقال عمر لأبي بكر والله لا تدخل عليهم وحدك فقال أبو بكر وما عساهم أن يفعلوا بي إني والله لآتينهم فدخل عليهم أبو بكر فتشهد علي بن أبي طالب ثم قال إنا قد عرفنا يا أبا بكر فضيلتك وما أعطاك الله ولم ننفس عليك خيرا ساقه الله إليك ولكنك استبددت علينا بالأمر وكنا نحن نرى لنا حقا لقرابتنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يزل يكلم أبا بكر حتى فاضت عينا أبي بكر فلما تكلم أبو بكر قال والذي نفسي بيده لقرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب إلي أن أصل من قرابتي وأما الذي شجر بيني وبينكم من هذه الأموال فإني لم آل فيها عن الحق ولم أترك أمرا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنعه فيها إلا صنعته فقال علي لأبي بكر موعدك العشية للبيعة فلما صلى أبو بكر صلاة الظهر رقي على المنبر فتشهد وذكر شأن علي وتخلفه عن البيعة وعذره بالذي اعتذر إليه ثم استغفر وتشهد علي بن أبي طالب فعظم حق أبي بكر وأنه لم يحمله على الذي صنع نفاسة على أبي بكر ولا إنكارا للذي فضله الله به ولكنا كنا نرى لنا في الأمر نصيبا فاستبد علينا به فوجدنا في أنفسنا فسر بذلك المسلمون وقالوا أصبت فكان المسلمون إلى علي قريبا حين راجع الأمر المعروف
القارئ : حدثني محمد بن رافع، أخبرنا حجين، حدثنا ليث، عن عقيل، عن ابن شهاب، عن عروة بن الزبير، عن عائشة، أنها أخبرته، ( أن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسلت إلى أبي بكر الصديق تسأله ميراثها من رسول الله صلى الله عليه وسلم، مما أفاء الله عليه بالمدينة، وفدك، وما بقي من خمس خيبر، فقال أبو بكر : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال : لا نورث ما تركنا صدقة، إنما يأكل آل محمد صلى الله عليه وسلم في هذا المال ، وإني والله لا أغير شيئا من صدقة رسول الله صلى الله عليه وسلم عن حالها التي كانت عليها في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولأعملن فيها بما عمل به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأبى أبو بكر أن يدفع إلى فاطمة شيئا، فوجدت فاطمة على أبي بكر في ذلك، قال : فهجرته، فلم تكلمه حتى توفيت ) الشيخ : اللهم اعف عنها، وإلا فأبو بكر ما استند إلى رأي، وإنما استند إلى نص، وكان عليها أن تقبل قول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إنا لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا فَهُوَ صَدَقَة )، لكن كما قلت لكم قبل قليل، عند المخاصمة لا يبقى للإنسان عقل يُدرك به ما يقول، أو يفعل، أو يتصرّف فيه، فنسأل الله أن يعفو عنها عن هجرها لخليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم. القارئ : ( وعاشت بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ستة أشهر، فلما توفيت دفنها زوجها علي بن أبي طالب ليلا، ولم يؤذن بها أبا بكر، وصلى عليها علي، وكان لعلي من الناس وجهة حياة فاطمة، فلما توفيت استنكر علي وجوه الناس، فالتمس مصالحة أبي بكر ومبايعته، ولم يكن بايع تلك الأشهر، فأرسل إلى أبي بكر أن ائتنا ولا يأتنا معك أحد، كراهية محضر عمر بن الخطاب، فقال عمر لأبي بكر : والله، لا تدخل عليهم وحدك، فقال أبو بكر : وما عساهم أن يفعلوا بي ؟ إني والله لآتينهم، فدخل عليهم أبو بكر، فتشهد علي بن أبي طالب، ثم قال : إنا قد عرفنا يا أبا بكر فضيلتك، وما أعطاك الله، ولم ننفس عليك خيرا ساقه الله إليك، ولكنك استبددت علينا بالأمر، وكنا نحن نرى لنا حقا لقرابتنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم يزل يكلم أبا بكر حتى فاضت عينا أبي بكر، فلما تكلم أبو بكر، قال : والذي نفسي بيده، لقرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب إلي أن أصل من قرابتي، وأما الذي شجر بيني وبينكم من هذه الأموال، فإني لم آل فيها عن الحق، ولم أترك أمرا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنعه فيها إلا صنعته، فقال علي لأبي بكر : موعدك العشية للبيعة، فلما صلى أبو بكر صلاة الظهر، رقي على المنبر، فتشهد وذكر شأن علي وتخلفه عن البيعة، وعذره بالذي اعتذر إليه، ثم استغفر وتشهد علي بن أبي طالب، فعظم حق أبي بكر، وأنه لم يحمله على الذي صنع نفاسة على أبي بكر، ولا إنكارا للذي فضله الله به، ولكنا كنا نرى لنا في الأمر نصيبا، فاستبد علينا به، فوجدنا في أنفسنا، فسر بذلك المسلمون، وقالوا : أصبت، فكان المسلمون إلى علي قريبا حين راجع الأمر المعروف ). الشيخ : شيء عجيب، ولا يمكن أن يخطئ الصحابة رضي الله عنهم في بيعة أبي بكر ونصوّب علياً فيما رأى، لأن ما رآه علي رضي الله عنه مخالف لظاهر ما جاءت به لسنة ، يعني أنه أحق من أبي بكر وغيره لقرابته من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وذلك لوجوه : أولا : أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين استخلف لمرضه في صلاته ، من خلّف ؟ خلّف أبا بكر رضي الله عنه، وإمامة الصلاة إمامة صّغرى، ولهذا يجب على المأمومين أن يتابعوا الإمام كما يجب على الرعية أن تطيع الإمام. ثانيا : لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم خلفه في قيادة الحجيج في السنة التاسعة، ولو كان غيره أولى منه في خلافة الرسول صلى الله عليه وسلم لاستخلفه ولم يستخلف أبا بكر . ثالثا : أن رسول صلى الله عليه وسلم في مرضه قال : ( إن أمنّ الناس علي في مالي وصحبتي أبو بكر، ولم يبقى باب في المسجد إلا سُدّ إلا باب أبا بكر ). وهذا إشارة إلى أن أبا بكر سيكون هو الخليفة الذي يدخل إلى المسجد من باب بيته. وأيضا : ( أتت النبي صلى الله عليه وسلم امرأةٌ فوعدها العام المقبل فقالت : أرأيت إن لم أجدك ؟ قال : إن لم تجديني فأتي أبا بكر ). وهذا واضح أن له الخلافة بعده. وأيضا قال : ( يأبى الله ورسوله والمؤمنون إلا أبا بكر )، وهذه كلها نصوص . ثم يأتي بعد ذلك إجماع الصحابة رضي الله عنهم على بيعته، بعد أن تداولوا الأمر، وتنازعوا بعض الشيء في سقيفة بني ساعدة وفي النهاية أجمعوا على خلافة أبي بكر، وكان لعلي رضي الله عنه كان في نفسه شيء من هذا لأنه ظن أن أبا بكر استأثر بالأمر من دون قرابة الرسول عليه الصلاة والسلام، وهو رأي، لكن هذا الرأي لا يمكن أن يُقّدم على رأي الصحابة ، ومن قبل ذلك النص من الرسول صلى الله عليه وسلم .
ما حكم من يجد في صدره شيئا على علي أو فاطمة لما لم يبايعوا أبا بكر.؟
السائل : بعضهم يذكر هذا الحديث، والذي حصل من فاطمة، فوجدوا في صدورهم كثيراً على فاطمة وعلي، فكيف نتصرف مع هؤلاء ؟ . الشيخ : يقال: إن هذا رأيهم وهو رأي خاطئ. السائل : ... الشيخ : ما يجوز لأن هذا حسب اجتهادهم ، أو أنهم يريدون الدنيا والإنسان بشر.
السائل : حديث أبي هريرة في مسلم، ( لا تصلوا إلى القبور ولا تجلسوا عليها ) ... ؟. الشيخ : هو قال : ( لا تصلوا إليها ) ولم يقل : عليها ، يعني لا تجعلوها بينكم وبين القبلة، سواء عند المقبرة أو في بر لوحده. السائل : ... الشيخ : لئلا يقع في قلبه أنه صلى لهذا القبر ... السائل : ... الشيخ : يصلون على القبر ليس عنده ، عليه ، صلاة جنازة . السائل : ... الشيخ : يصلون كما صلى النبي صلى الله عليه وسلم على قبر المرأة التي كانت تقم المسجد .
ما هو الدافع الذي جعل عليا يشترط ألا يأتي مع أبي بكر عمر.؟
السائل : ما هو الدافع الذي جعلهم يشترطون ألا يأتي عمر معهم ؟ . الشيخ : لأن عمر رضي الله عنه كان شديداً قويا فيهابونه . انظر مثلاً ما يرد عن بعض المنافقين أو غيرهم أول من يقول دعني أضرب عنقه عمر رضي الله عنه. و كان شديداً حتى أن ابن عباس رضي الله عنه أفتى في مسألة في الفرائض في عهد عمر رضي الله عنه، ثم أفتى بخلافه بعد موته، فقيل له في ذلك : فقال : إن عمر كان مهيباً فهبته. هكذا نقلوا عنه ، والله أعلم بصحة الأثر. نعم.
حدثنا إسحاق بن إبراهيم ومحمد بن رافع وعبد بن حميد قال بن رافع حدثنا وقال الآخران أخبرنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري عن عروة عن عائشة أن فاطمة والعباس أتيا أبا بكر يلتمسان ميراثهما من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهما حينئذ يطلبان أرضه من فدك وسهمه من خيبر فقال لهما أبو بكر إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وساق الحديث بمثل معنى حديث عقيل عن الزهري غير أنه قال ثم قام علي فعظم من حق أبي بكر وذكر فضيلته وسابقته ثم مضى إلى أبي بكر فبايعه فأقبل الناس إلى علي فقالوا أصبت وأحسنت فكان الناس قريبا إلى علي حين قارب الأمر المعروف
القارئ : حدثنا إسحاق بن إبراهيم، ومحمد بن رافع، وعبد بن حميد، قال ابن رافع : حدثنا، وقال الآخران : أخبرنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، ( أن فاطمة والعباس أتيا أبا بكر يلتمسان ميراثهما من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهما حينئذ يطلبان أرضه من فدك، وسهمه من خيبر ) الشيخ : فاطمة تطلب ميراثها بالفرض، والعباس بالتعصيب، بقي الزوجات ، وعظتهن عائشة رضي الله عنها كما سبق ، والظاهر أنهن تركن هذا ولم يطالبن . القارئ : ( فقال لهما أبو بكر : إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ) وساق الحديث بمثل معنى حديث عقيل، عن الزهري غير أنه قال : ( ثم قام علي فعظم من حق أبي بكر وذكر فضيلته وسابقته، ثم مضى إلى أبي بكر فبايعه، فأقبل الناس إلى علي، فقالوا : أصبت وأحسنت، فكان الناس قريبا إلى علي حين قارب الأمر المعروف ).