وحدثنا زهير بن حرب حدثنا عمر بن يونس الحنفي حدثنا عكرمة بن عمار حدثني إياس بن سلمة حدثني أبي قال غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حنينا فلما واجهنا العدو تقدمت فأعلو ثنية فاستقبلني رجل من العدو فأرميه بسهم فتوارى عني فما دريت ما صنع ونظرت إلى القوم فإذا هم قد طلعوا من ثنية أخرى فالتقوا هم وصحابة النبي صلى الله عليه وسلم فولى صحابة النبي صلى الله عليه وسلم وأرجع منهزما وعلي بردتان متزرا بإحداهما مرتديا بالأخرى فاستطلق إزاري فجمعتهما جميعا ومررت على رسول الله صلى الله عليه وسلم منهزما وهو على بغلته الشهباء فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد رأى بن الأكوع فزعا فلما غشوا رسول الله صلى الله عليه وسلم نزل عن البغلة ثم قبض قبضة من تراب من الأرض ثم استقبل به وجوههم فقال شاهت الوجوه فما خلق الله منهم إنسانا إلا ملأ عينيه ترابا بتلك القبضة فولوا مدبرين فهزمهم الله عز وجل وقسم رسول الله صلى الله عليه وسلم غنائمهم بين المسلمين
السائل : كيف قال النبي صلى الله عليه وسلم الشعر ؟ الشيخ : المراد بالشعر الذي يقوله الناس أو يقوله هو، لأن غالب الشعراء كما قال الله عز وجل: (( والشعراء يتّبعهم الغاوون )) إلى أن قال: (( إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات )). فالأصل في الشعراء الذين هم الشعراء، ليس الذي يأتي ببيت أو بيتين أو عشرة ، غالبهم أنهم يتبعهم الغاوون، بالهجاء أحياناً، وبالثناء أحياناً. السائل : ... الشيخ : لا ، الأشعار العلمية لا تدخل في هذا ، يعني مثل ألفية ابن مالك لا إشكال فيها. الشيخ : إذن : ( منهزماً ) حال من أين ؟ من التاء في قوله : ( مررت ).
قوله أنا بن عبد المطلب هل هذا من التعبيد لغير الله.؟
السائل : قوله : أنا ابن عبد المطلب، هل هذا من التعبيد لغير الله ... ؟ . الشيخ : أي نعم ، هذا العلماء أجابوا عن ذلك بأحد وجهين : الأول : أن هذا مستثنى من تحريم التعبيد لغير الله. والثاني : أن هذا من باب الخبر وليس من باب الإنشاء ، والممنوع أن تُنشئ اسم عبد المطلب ، أما أن تُخبر فتقول : محمد بن عبد الله بن عبد المطلب ، فلا بأس ، أو عبد شمس أو ما أشبه هذا، لأن الإخبار ليس إنشاءً والمحرم الإنشاء. وهذا القول أصح وأرجح . السائل : ... الشيخ : هذا القول يؤيد قول القائلين باستثناء عبد المطلب .
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب وابن نمير جميعا عن سفيان قال زهير حدثنا سفيان بن عيينة عن عمرو عن أبي العباس الشاعر الأعمى عن عبد الله بن عمرو قال حاصر رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل الطائف فلم ينل منهم شيئا فقال إنا قافلون إن شاء الله قال أصحابه نرجع ولم نفتتحه فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم اغدوا على القتال فغدوا عليه فأصابهم جراح فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إنا قافلون غدا قال فأعجبهم ذلك فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم
القارئ : حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، وَابْنُ نُمَيْرٍ، جَمِيعًا عَنْ سُفْيَانَ، قَالَ زُهَيْرٌ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ،، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ الشَّاعِرِ الْأَعْمَى، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، قَال َ: ( حَاصَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَهْلَ الطَّائِفِ، فَلَمْ يَنَلْ مِنْهُمْ شَيْئًا، فَقَالَ : إِنَّا قَافِلُونَ إِنْ شَاءَ اللهُ ، قَالَ أَصْحَابُهُ : نَرْجِعُ وَلَمْ نَفْتَتِحْهُ فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : اغْدُوا عَلَى الْقِتَالِ ، فَغَدَوْا عَلَيْهِ، فَأَصَابَهُمْ جِرَاحٌ، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّا قَافِلُونَ غَدًا ، قَالَ : فَأَعْجَبَهُمْ ذَلِكَ، فَضَحِكَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ). الشيخ : وهذا من حكمته عليه الصلاة والسلام أن يعرفوا الضرر مباشرة، وهذا من جنس أنهم لما نهاهم عن الوصال أبوا إلا أن يواصلوا، فواصل بهم النبي عليه الصلاة والسلم، وتركهم يواصلون، وأعني بالوصال ألا يفطر الإنسان بين اليومين، فواصلوا وواصلوا حتى رؤية هلال شوال، فقال : ( لو تأخر الهلال لزدتكم )كالمنكّل لهم، حتى إن الإنسان يرى الشيء مباشرة .
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا عفان حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم شاور حين بلغه إقبال أبي سفيان قال فتكلم أبو بكر فأعرض عنه ثم تكلم عمر فأعرض عنه فقام سعد بن عبادة فقال إيانا تريد يا رسول الله والذي نفسي بيده لو أمرتنا أن نخيضها البحر لأخضناها ولو أمرتنا أن نضرب أكبادها إلى برك الغماد لفعلنا قال فندب رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس فانطلقوا حتى نزلوا بدرا ووردت عليهم روايا قريش وفيهم غلام أسود لبني الحجاج فأخذوه فكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يسألونه عن أبي سفيان وأصحابه فيقول مالي علم بأبي سفيان ولكن هذا أبو جهل وعتبة وشيبة وأمية بن خلف فإذا قال ذلك ضربوه فقال نعم أنا أخبركم هذا أبو سفيان فإذا تركوه فسألوه فقال مالي بأبي سفيان علم ولكن هذا أبو جهل وعتبة وشيبة وأمية بن خلف في الناس فإذا قال هذا أيضا ضربوه ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يصلي فلما رأى ذلك انصرف قال والذي نفسي بيده لتضربوه إذا صدقكم وتتركوه إذا كذبكم قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا مصرع فلان قال ويضع يده على الأرض ههنا وههنا قال فما ماط أحدهم عن موضع يد رسول الله صلى الله عليه وسلم
القارئ : حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، ( أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَاوَرَ حِينَ بَلَغَهُ إِقْبَالُ أَبِي سُفْيَانَ، قَالَ : فَتَكَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ، فَأَعْرَضَ عَنْهُ، ثُمَّ تَكَلَّمَ عُمَرُ، فَأَعْرَضَ عَنْهُ، فَقَامَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ، فَقَالَ : إِيَّانَا تُرِيدُ يَا رَسُولَ اللهِ ؟ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَوْ أَمَرْتَنَا أَنْ نُخِيضَهَا الْبَحْرَ لَأَخَضْنَاهَا، وَلَوْ أَمَرْتَنَا أَنْ نَضْرِبَ أَكْبَادَهَا إِلَى بَرْكِ الْغِمَادِ لَفَعَلْنَا، قَالَ : فَنَدَبَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّاسَ، فَانْطَلَقُوا حَتَّى نَزَلُوا بَدْرًا، وَوَرَدَتْ عَلَيْهِمْ رَوَايَا قُرَيْشٍ، وَفِيهِمْ غُلَامٌ أَسْوَدُ لِبَنِي الْحَجَّاجِ، فَأَخَذُوهُ، فَكَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْأَلُونَهُ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، وَأَصْحَابِهِ، فَيَقُولُ : مَا لِي عِلْمٌ بِأَبِي سُفْيَانَ، وَلَكِنْ هَذَا أَبُو جَهْلٍ، وَعُتْبَةُ، وَشَيْبَةُ، وَأُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ، فَإِذَا قَالَ ذَلِكَ ضَرَبُوهُ، فَقَالَ : نَعَمْ، أَنَا أُخْبِرُكُمْ، هَذَا أَبُو سُفْيَانَ، فَإِذَا تَرَكُوهُ فَسَأَلُوهُ، فَقَالَ مَا لِي بِأَبِي سُفْيَانَ عِلْمٌ، وَلَكِنْ هَذَا أَبُو جَهْلٍ، وَعُتْبَةُ، وَشَيْبَةُ، وَأُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ، فِي النَّاسِ، فَإِذَا قَالَ هَذَا أَيْضًا ضَرَبُوهُ، وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِمٌ يُصَلِّي، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ انْصَرَفَ، قَالَ : وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَتَضْرِبُوهُ إِذَا صَدَقَكُمْ، وَتَتْرُكُوهُ إِذَا كَذَبَكُمْ ، قَالَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : هَذَا مَصْرَعُ فُلَانٍ ، قَالَ : وَيَضَعُ يَدَهُ عَلَى الْأَرْضِ ، هَاهُنَا، هَاهُنَا ، قَالَ : فَمَا مَاطَ أَحَدُهُمْ عَنْ مَوْضِعِ يَدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ). الشيخ : غزوة بدر كلكم تعرفونها أو أكثركم، كانت في رمضان في السنة الثانية من الهجرة، وكان سببها أن أبا سُفيان فقدم من الشام إلى مكة بعير لهم، يعني جماعة من الإبل، عليهم الطعام وما يحتاجه أهل مكة، فعلم بهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فنَدَبَ أصحابَه إلى الخروج لأبي سفيان. ووجه جواز أخذ مال أبي سفيان أنهم حربيّون، أعني أهل مكة حربيون بالنسبة للرسول صلى الله عليه وسلم، أموالهم حلال للمسلمين، أبو سفيان كان رجلاً ذكيّاً، جنّب عن الطريق المعروف، وأخذ طريق الساحل، وأرسل إلى قريش يستنجدهم، أخذت قريشاً حميّة الجاهلية، فاجتمعوا بكبرائهم وشركائهم، ليخرجوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم للقضاء عليه. هكذا زعموا، وهم كما وصفهم الله في قوله : (( خرجوا من ديارهم بَطَراً ورئاء الناس ويصدّون عن سبيل الله )) حتى كان قائلهم يقول : " والله لا نرجع حتى نبلغ بدراً نُقيم فيها، ننحر الجزور، ونسقي الخُمُور، وتعزف علينا القيان، وتسمع بنا العرب فلا يزالون يهابوننا أبداً "، والحمد لله أن الأمر صار على خلاف ما قال من كل وجه. خرجوا بغيظهم والعياذ بالله ، والتقوا مع النبي صلى الله عليه وسلّم في هذا المكان ، أما أبو سفيان فنجا مع عيره، لكن هؤلاء أراد الله عز وجل ما فيه الخير للمسلمين، جمع الله بينهم وبين عدوّهم على غير ميعاد، فكانت النتيجة والحمد لله أنْ قُتلَ هؤلاء الزّعماء، والشّركاء. أما قضية الغُلام فهي عجيبة! الصحابة رضي الله عنهم يظنوا أنه يريد أن يلَبّس عليهم، يسألونه عن أبي سُفيان، وهو يقول : لا أدري، وهو صادق أو غير صادق ؟. صادق، لا يدري عنه ، ويذكر لهم أعيان قريش وهم لا يقبلون منه، ظنّاً منهم أنه يعب عليهم، فكانوا يضربونه، حتى إن النبي صلى الله عليه وسلم أخبرهم بأن هذا الغُلام يقول حقّاً .
حدثنا شيبان بن فروخ حدثنا سليمان بن المغيرة حدثنا ثابت البناني عن عبد الله بن رباح عن أبي هريرة قال وفدت وفود إلى معاوية وذلك في رمضان فكان يصنع بعضنا لبعض الطعام فكان أبو هريرة مما يكثر أن يدعونا إلى رحله فقلت ألا أصنع طعاما فأدعوهم إلى رحلي فأمرت بطعام يصنع ثم لقيت أبا هريرة من العشي فقلت الدعوة عندي الليلة فقال سبقتني قلت نعم فدعوتهم فقال أبو هريرة ألا أعلمكم بحديث من حديثكم يا معشر الأنصار ثم ذكر فتح مكة فقال أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قدم مكة فبعث الزبير على إحدى المجنبتين وبعث خالدا على المجنبة الأخرى وبعث أبا عبيدة على الحسر فأخذوا بطن الوادي ورسول الله صلى الله عليه وسلم في كتيبة قال فنظر فرآني فقال أبو هريرة قلت لبيك يا رسول الله فقال لا يأتيني إلا أنصاري زاد غير شيبان فقال اهتف لي بالأنصار قال فأطافوا به ووبشت قريش أوباشا لها وأتباعا فقالوا نقدم هؤلاء فإن كان لهم شيء كنا معهم وإن أصيبوا أعطينا الذي سئلنا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ترون إلى أوباش قريش وأتباعهم ثم قال بيديه إحداهما على الأخرى ثم قال حتى توافوني بالصفا قال فانطلقنا فما شاء أحد منا أن يقتل أحدا إلا قتله وما أحد منهم يوجه إلينا شيئا قال فجاء أبو سفيان فقال يا رسول الله أبيحت خضراء قريش لا قريش بعد اليوم ثم قال من دخل دار أبي سفيان فهو آمن فقالت الأنصار بعضهم لبعض أما الرجل فأدركته رغبة في قريته ورأفة بعشيرته قال أبو هريرة وجاء الوحي وكان إذا جاء الوحي لا يخفى علينا فإذا جاء فليس أحد يرفع طرفه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى ينقضي الوحي فلما انقضى الوحي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا معشر الأنصار قالوا لبيك يا رسول الله قال قلتم أما الرجل فأدركته رغبة في قريته قالوا قد كان ذاك قال كلا إني عبد الله ورسوله هاجرت إلى الله وإليكم والمحيا محياكم والممات مماتكم فأقبلوا إليه يبكون ويقولون والله ما قلنا الذي قلنا إلا الضن بالله وبرسوله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله ورسوله يصدقانكم ويعذرانكم قال فأقبل الناس إلى دار أبي سفيان وأغلق الناس أبوابهم قال وأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أقبل إلى الحجر فاستلمه ثم طاف بالبيت قال فأتى على صنم إلى جنب البيت كانوا يعبدونه قال وفي يد رسول الله صلى الله عليه وسلم قوس وهو آخذ بسية القوس فلما أتى على الصنم جعل يطعنه في عينه ويقول جاء الحق وزهق الباطل فلما فرغ من طوافه أتى الصفا فعلا عليه حتى نظر إلى البيت ورفع يديه فجعل يحمد الله ويدعو بما شاء أن يدعو
القارئ : حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، حَدَّثَنَا ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ رَبَاحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ : ( وَفَدَتْ وُفُودٌ إِلَى مُعَاوِيَةَ وَذَلِكَ فِي رَمَضَانَ، فَكَانَ يَصْنَعُ بَعْضُنَا لِبَعْضٍ الطَّعَامَ، فَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ مِمَّا يُكْثِرُ أَنْ يَدْعُوَنَا إِلَى رَحْلِهِ، فَقُلْتُ : أَلَا أَصْنَعُ طَعَامًا فَأَدْعُوَهُمْ إِلَى رَحْلِي ؟ فَأَمَرْتُ بِطَعَامٍ يُصْنَعُ، ثُمَّ لَقِيتُ أَبَا هُرَيْرَةَ مِنَ الْعَشِيِّ، فَقُلْتُ : الدَّعْوَةُ عِنْدِي اللَّيْلَةَ، فَقَالَ : سَبَقْتَنِي، قُلْتُ : نَعَمْ، فَدَعَوْتُهُمْ، فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ : أَلَا أُعْلِمُكُمْ بِحَدِيثٍ مِنْ حَدِيثِكُمْ يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ، ثُمَّ ذَكَرَ فَتْحَ مَكَّةَ، فَقَالَ : أَقْبَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى قَدِمَ مَكَّةَ، فَبَعَثَ الزُّبَيْرَ عَلَى إِحْدَى الْمُجَنِّبَتَيْنِ، وَبَعَثَ خَالِدًا عَلَى الْمُجَنِّبَةِ الْأُخْرَى، وَبَعَثَ أَبَا عُبَيْدَةَ عَلَى الْحُسَّرِ، فَأَخَذُوا بَطْنَ الْوَادِي، وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي كَتِيبَةٍ، قَالَ : فَنَظَرَ فَرَآنِي، فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ : قُلْتُ : لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ، فَقَالَ : لَا يَأْتِينِي إِلَّا أَنْصَارِيٌّ - زَادَ غَيْرُ شَيْبَانَ -، فَقَالَ : اهْتِفْ لِي بِالْأَنْصَارِ ، قَالَ : فَأَطَافُوا بِهِ، وَوَبَّشَتْ قُرَيْشٌ أَوْبَاشًا لَهَا، وَأَتْبَاعًا، فَقَالُوا : نُقَدِّمُ هَؤُلَاءِ، فَإِنْ كَانَ لَهُمْ شَيْءٌ كُنَّا مَعَهُمْ، وَإِنْ أُصِيبُوا أَعْطَيْنَا الَّذِي سُئِلْنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : تَرَوْنَ إِلَى أَوْبَاشِ قُرَيْشٍ، وَأَتْبَاعِهِمْ ، ثُمَّ قَالَ بِيَدَيْهِ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى، ثُمَّ قَالَ : حَتَّى تُوَافُونِي بِالصَّفَا ، قَالَ : فَانْطَلَقْنَا فَمَا شَاءَ أَحَدٌ مِنَّا أَنْ يَقْتُلَ أَحَدًا إِلَّا قَتَلَهُ، وَمَا أَحَدٌ مِنْهُمْ يُوَجِّهُ إِلَيْنَا شَيْئًا، قَالَ : فَجَاءَ أَبُو سُفْيَانَ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ، أُبِيحَتْ خَضْرَاءُ قُرَيْشٍ، لَا قُرَيْشَ بَعْدَ الْيَوْمِ، ثُمَّ قَالَ : مَنْ دَخَلَ دَارَ أَبِي سُفْيَانَ فَهُوَ آمِنٌ ، فَقَالَتِ الْأَنْصَارُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ : أَمَّا الرَّجُلُ فَأَدْرَكَتْهُ رَغْبَةٌ فِي قَرْيَتِهِ، وَرَأْفَةٌ بِعَشِيرَتِهِ ) . قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ : ( وَجَاءَ الْوَحْيُ وَكَانَ إِذَا جَاءَ الْوَحْيُ لَا يَخْفَى عَلَيْنَا، فَإِذَا جَاءَ فَلَيْسَ أَحَدٌ يَرْفَعُ طَرْفَهُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى يَنْقَضِيَ الْوَحْيُ، فَلَمَّا انْقَضَى الْوَحْيُ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ ، قَالُوا : لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ : قُلْتُمْ : أَمَّا الرَّجُلُ فَأَدْرَكَتْهُ رَغْبَةٌ فِي قَرْيَتِهِ ؟. قَالُوا : قَدْ كَانَ ذَاكَ، قَالَ : كَلَّا، إِنِّي عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ، هَاجَرْتُ إِلَى اللهِ وَإِلَيْكُمْ، وَالْمَحْيَا مَحْيَاكُمْ وَالْمَمَاتُ مَمَاتُكُمْ ، فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَبْكُونَ وَيَقُولُونَ : وَاللهِ، مَا قُلْنَا الَّذِي قُلْنَا إِلَّا الضِّنَّ بِاللهِ وَبِرَسُولِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ اللهَ وَرَسُولَهُ يُصَدِّقَانِكُمْ، وَيَعْذِرَانِكُمْ ، قَالَ : فَأَقْبَلَ النَّاسُ إِلَى دَارِ أَبِي سُفْيَانَ، وَأَغْلَقَ النَّاسُ أَبْوَابَهُمْ، قَالَ : وَأَقْبَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أَقْبَلَ إِلَى الْحَجَرِ، فَاسْتَلَمَهُ ثُمَّ طَافَ بِالْبَيْتِ، قَالَ : فَأَتَى عَلَى صَنَمٍ إِلَى جَنْبِ الْبَيْتِ كَانُوا يَعْبُدُونَهُ، قَالَ : وَفِي يَدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْسٌ وَهُوَ آخِذٌ بِسِيَةِ الْقَوْسِ، فَلَمَّا أَتَى عَلَى الصَّنَمِ جَعَلَ يَطْعُنُهُ فِي عَيْنِهِ، وَيَقُولُ : جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ طَوَافِهِ أَتَى الصَّفَا، فَعَلَا عَلَيْهِ حَتَّى نَظَرَ إِلَى الْبَيْتِ، وَرَفَعَ يَدَيْهِ فَجَعَلَ يَحْمَدُ اللهَ وَيَدْعُو بِمَا شَاءَ أَنْ يَدْعُو ). الشيخ : في هذا الحديث مباحث : أولا : غزوة الفتح كانت في رمضان وكانت في السنة الثامنة ، يعني قبل انتهاء مدة المعاهدة التي بين النبي صلى الله عليه وسلم والمشركين، وكانت المدة عشر سنوات، ولكن نقضت قريش العهد بمساعدتهم حلفائها على حلفاء النبي صلى الله عليه وسلم، فغزاهم النبي صلى الله عليه وسلم في رمضان ، وفتح الله عليه مكة والحمد لله . ولكن في هذا الحديث مباحث نقرأه من أول : القارئ : فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ : ( أَلَا أُعْلِمُكُمْ بِحَدِيثٍ مِنْ حَدِيثِكُمْ يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ، ثُمَّ ذَكَرَ فَتْحَ مَكَّةَ، فَقَالَ : أَقْبَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى قَدِمَ مَكَّةَ، فَبَعَثَ الزُّبَيْرَ عَلَى إِحْدَى الْمُجَنِّبَتَيْنِ، وَبَعَثَ خَالِدًا عَلَى الْمُجَنِّبَةِ الْأُخْرَى، وَبَعَثَ أَبَا عُبَيْدَةَ عَلَى الْحُسَّرِ ). الشيخ : المجَنّبات، يعني التي على جانب الجيش، والحُسّر الذين يظهر لي أن معناها الذين ليس معهم سلاح، ننظر في الشرح . القارئ : " الحُسّر : الذين لا دُ رُوع لهم ". الشيخ : لا دروع لهم ، نعم . القارئ : ( فَأَخَذُوا بَطْنَ الْوَادِي، وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي كَتِيبَةٍ، قَالَ : فَنَظَرَ فَرَآنِي، فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ : قُلْتُ : لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ، فَقَالَ : لَا يَأْتِينِي إِلَّا أَنْصَارِيٌّ - زَادَ غَيْرُ شَيْبَانَ -، فَقَالَ : اهْتِفْ لِي بِالْأَنْصَارِ ). الشيخ : وإنما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا كما فعل في بدر، لما تكلم أبو بكر وعمر أعرض النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عنهما، لأن الأنصار إنما بايعوا الرسول صلى الله عليه وسلم على الدفاع عنه في المدينة، فأراد أن يستوثقَ منهم، لأنهم الآن في مكة، ومن قبل في بدر، أراد عليه الصلاة والسلام أن ينظر ما عندهم، فكانوا رضي الله عنهم أوفياء. القارئ : ( قَالَ : فَأَطَافُوا بِهِ، وَوَبَّشَتْ قُرَيْشٌ أَوْبَاشًا لَهَا، وَأَتْبَاعًا، فَقَالُوا : نُقَدِّمُ هَؤُلَاءِ، فَإِنْ كَانَ لَهُمْ شَيْءٌ كُنَّا مَعَهُمْ، وَإِنْ أُصِيبُوا أَعْطَيْنَا الَّذِي سُئِلْنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : تَرَوْنَ إِلَى أَوْبَاشِ قُرَيْشٍ، وَأَتْبَاعِهِمْ ، ثُمَّ قَالَ بِيَدَيْهِ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى ). الشيخ : شف صفة هذا ؟. القارئ : قال النووي : " أي أشار إلى هيأتهم المجتَمعة، " . الشيخ : اقرأ النص ... القارئ : " قوله : ثم قال بيديه إحداهما على الأخرى ، فيه استعارة القول بالفعل والمراد أنه أشار بيديه إشارة تدل على الأمر منه صلى الله عليه وسلم بقتل من يعرضُ لهم من أوباش قُريش ". الشيخ : ... القارئ : وهنا تعليق على الحاشية : " قوله : ثم قال بيديه إحداهما على الأخرى : احصدوهم حصداً أشار إلى قتلهم " في رواية أخرى ... الشيخ : معناه هكذا ، ولهذا قال : ( حتى توافوني بالصفا ). القارئ : ( ثُمَّ قَالَ : حَتَّى تُوَافُونِي بِالصَّفَا ، قَالَ : فَانْطَلَقْنَا فَمَا شَاءَ أَحَدٌ مِنَّا أَنْ يَقْتُلَ أَحَدًا إِلَّا قَتَلَهُ، وَمَا أَحَدٌ مِنْهُمْ يُوَجِّهُ إِلَيْنَا شَيْئًا ). الشيخ : هذا هو الذّل والعياذ بالله، حتى الواحد ما يُدافع عن نفسه ! القارئ : ( قَالَ : فَجَاءَ أَبُو سُفْيَانَ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ، أُبِيحَتْ خَضْرَاءُ قُرَيْشٍ، لَا قُرَيْشَ بَعْدَ الْيَوْمِ، ثُمَّ قَالَ : مَنْ دَخَلَ دَارَ أَبِي سُفْيَانَ فَهُوَ آمِنٌ ). الشيخ : لأن أبا سفيان كان في ذلك الوقت كان زعيمهم، وفي حديث آخر : ( ومن دخل بيته، وأغلق عليه بابه فهو آمن ، ومن دخل المسجد فهو آمن )، فطيّب قلبَ أبا سفيان بأن جعل بيته ملاذاً للناس، وأما غير أبي سفيان فإنه لا يكون بيته ملاذاً إلا لنفسه فقط. القارئ : ( فَقَالَتِ الْأَنْصَارُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ : أَمَّا الرَّجُلُ فَأَدْرَكَتْهُ رَغْبَةٌ فِي قَرْيَتِهِ، وَرَأْفَةٌ بِعَشِيرَتِهِ ). الشيخ : أما القرية فهي مكة، والمراد بالرجل رسول الله صلى الله عليه وسلم. القارئ : قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ : ( وَجَاءَ الْوَحْيُ وَكَانَ إِذَا جَاءَ الْوَحْيُ لَا يَخْفَى عَلَيْنَا، فَإِذَا جَاءَ فَلَيْسَ أَحَدٌ يَرْفَعُ طَرْفَهُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى يَنْقَضِيَ الْوَحْيُ، فَلَمَّا انْقَضَى الْوَحْيُ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ . قَالُوا : لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ : قُلْتُمْ : أَمَّا الرَّجُلُ فَأَدْرَكَتْهُ رَغْبَةٌ فِي قَرْيَتِهِ ؟ قَالُوا : قَدْ كَانَ ذَاكَ، قَالَ : كَلَّا، إِنِّي عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ، هَاجَرْتُ إِلَى اللهِ وَإِلَيْكُمْ، وَالْمَحْيَا مَحْيَاكُمْ وَالْمَمَاتُ مَمَاتُكُمْ ، فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَبْكُونَ وَيَقُولُونَ : وَاللهِ، مَا قُلْنَا الَّذِي قُلْنَا إِلَّا الضِّنَّ بِاللهِ وَبِرَسُولِهِ ). الشيخ : قوله عليه الصلاة والسلام لما استقررهم فأقروا ، قال : ( كلا ) أي لن يكون هذا أبداً أن أرجع إلى قريتي وإلى قومي، إني عبد الله ورسوله، هاجرت إلى الله وإليكم ، يعني : هاجرت إلى الله ، إلى المدينة بأمر الله عزو جل، وإليكم : لأنهم بايعوه رضي الله عنهم، على أن يمنعوه ويعصموه، كما يعصمون نساءهم وأبناءهم. وقوله : ( وَالْمَحْيَا مَحْيَاكُمْ وَالْمَمَاتُ مَمَاتُكُمْ ) يعني أني سأحيى فيكم وأموت فيكم ، وقد كان ذلك . وقولهم : ( وَاللهِ، مَا قُلْنَا الَّذِي قُلْنَا إِلَّا الضِّنَّ بِاللهِ وَبِرَسُولِهِ ) الظّن هذه بالصاد، لأنها من الشفقة ، يعني إلا أننا نشفَق أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم معنا ، وقلنا هذا الكلام وكأنهم يقولون : إننا لم نريد ظاهره . وانظر الفرق بين قولهم هذا وبين وقول المنافقين : ( ما رأينا مثل قُرّائنا هؤلاء أرغب بطوناً ولا أكذبَ ألسنة ، ولا أجبنَ عند اللقاء )، يعنون رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأن هؤلاء المنافقين يسخرون ويستهزئون، وهؤلاء إنما قالوا هذا الكلام مع خطورته العظيمة،، شَفَقَةً على رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبقى في مكة. السائل : عندنا بالكسر : ( قُلْنَا إِلَّا الضِّنَّ ). الشيخ : بالكسر عندكم ؟، انظر إلى الشرح ... القارئ : "بكسر الضاد معناها : الشح ، أي شُحّاً بك أن تُفارقنا، ويختص بك غيرُنا ". الشيخ : بكسر الضاد ... القارئ : فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ اللهَ وَرَسُولَهُ يُصَدِّقَانِكُمْ، وَيَعْذِرَانِكُمْ ، قَالَ : فَأَقْبَلَ النَّاسُ إِلَى دَارِ أَبِي سُفْيَانَ، وَأَغْلَقَ النَّاسُ أَبْوَابَهُمْ ، قَالَ: وَأَقْبَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أَقْبَلَ إِلَى الْحَجَرِ، فَاسْتَلَمَهُ ثُمَّ طَافَ بِالْبَيْتِ ). الشيخ : استلمه يعني : مسحه بيده. وقوله : ( إلا الضّن ) إعرابها أنها مفعولٌ لأجله، ولهذا جاءت منصوبة. القارئ : ( قَالَ : فَأَتَى عَلَى صَنَمٍ إِلَى جَنْبِ الْبَيْتِ كَانُوا يَعْبُدُونَهُ، قَالَ : وَفِي يَدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْسٌ وَهُوَ آخِذٌ بِسِيَةِ الْقَوْسِ، فَلَمَّا أَتَى عَلَى الصَّنَمِ جَعَلَ يَطْعُنُهُ فِي عَيْنِهِ، وَيَقُولُ : جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ طَوَافِهِ أَتَى الصَّفَا، فَعَلَا عَلَيْهِ حَتَّى نَظَرَ إِلَى الْبَيْتِ، وَرَفَعَ يَدَيْهِ فَجَعَلَ يَحْمَدُ اللهَ وَيَدْعُو بِمَا شَاءَ أَنْ يَدْعُوَ ). الشيخ : الظاهر أنه ما سعى، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأت بعمرة، ولكن جرت عادتهم إذا أرادوا أن يُعلنوا شيئا يصعدون إلى الصفا ويعلنون، لأن البيوت كانت قريبة، والصفا مُرتَفع.
وحدثنيه عبد الله بن هاشم حدثنا بهز حدثنا سليمان بن المغيرة بهذا الإسناد وزاد في الحديث ثم قال بيديه إحداهما على الأخرى احصدوهم حصدا وقال في الحديث قالوا قلنا ذاك يا رسول الله قال فما اسمي إذا كلا إني عبد الله ورسوله
حدثني عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي حدثنا يحيى بن حسان حدثنا حماد بن سلمة أخبرنا ثابت بن عبد الله بن رباح قال وفدنا إلى معاوية بن أبي سفيان وفينا أبو هريرة فكان كل رجل منا يصنع طعاما يوما لأصحابه فكانت نوبتي فقلت يا أبا هريرة اليوم نوبتي فجاؤوا إلى المنزل ولم يدرك طعامنا فقلت يا أبا هريرة لو حدثتنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يدرك طعامنا فقال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفتح فجعل خالد بن الوليد على المجنبة اليمنى وجعل الزبير على المجنبة اليسرى وجعل أبا عبيدة على البياذقة وبطن الوادي فقال يا أبا هريرة ادع لي الأنصار فدعوتهم فجاءوا يهرولون فقال يا معشر الأنصار هل ترون أوباش قريش قالوا نعم قال انظروا إذا لقيتموهم غدا أن تحصدوهم حصدا وأخفى بيده ووضع يمينه على شماله وقال موعدكم الصفا قال فما أشرف يومئذ لهم أحد إلا أناموه قال وصعد رسول الله صلى الله عليه وسلم الصفا وجاءت الأنصار فأطافوا بالصفا فجاء أبو سفيان فقال يا رسول الله أبيدت خضراء قريش لا قريش بعد اليوم قال أبو سفيان قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من دخل دار أبي سفيان فهو آمن ومن ألقى السلاح فهو آمن ومن أغلق بابه فهو آمن فقالت الأنصار أما الرجل فقد أخذته رأفة بعشيرته ورغبة في قريته ونزل الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال قلتم أما الرجل فقد أخذته رأفة بعشيرته ورغبة في قريته ألا فما اسمى إذا ثلاث مرات أنا محمد عبد الله ورسوله هاجرت إلى الله وإليكم فالمحيا محياكم والممات مماتكم قالوا والله ما قلنا إلا ضنا بالله ورسوله قال فإن الله ورسوله يصدقانكم ويعذرانكم
القارئ : حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّارِمِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، أَخْبَرَنَا ثَابِتٌ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ رَبَاحٍ، قَالَ : ( وَفَدْنَا إِلَى مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، وَفِينَا أَبُو هُرَيْرَةَ، فَكَانَ كُلُّ رَجُلٍ مِنَّا يَصْنَعُ طَعَامًا يَوْمًا لِأَصْحَابِهِ، فَكَانَتْ نَوْبَتِي، فَقُلْتُ : يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، الْيَوْمُ نَوْبَتِي ). الشيخ :( اليومَ نوبتي )، هي مشكولة بالضمة غلط . القارئ : ( فَقُلْتُ : يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، الْيَوْمَ نَوْبَتِي ، فَجَاءُوا إِلَى الْمَنْزِلِ وَلَمْ يُدْرِكْ طَعَامُنَا، فَقُلْتُ : يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، لَوْ حَدَّثْتَنَا عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى يُدْرِكَ طَعَامُنَا، فَقَالَ : كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْفَتْحِ، فَجَعَلَ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ عَلَى الْمُجَنِّبَةِ الْيُمْنَى، وَجَعَلَ الزُّبَيْرَ عَلَى الْمُجَنِّبَةِ الْيُسْرَى، وَجَعَلَ أَبَا عُبَيْدَةَ عَلَى الْبَيَاذِقَةِ، وَبَطْنِ الْوَادِي، فَقَالَ : يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، ادْعُ لِي الْأَنْصَارَ ، فَدَعَوْتُهُمْ، فَجَاءُوا يُهَرْوِلُونَ، فَقَالَ : يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ، هَلْ تَرَوْنَ أَوْبَاشَ قُرَيْشٍ ؟ قَالُوا : نَعَمْ، قَالَ : انْظُرُوا، إِذَا لَقِيتُمُوهُمْ غَدًا أَنْ تَحْصُدُوهُمْ حَصْدًا ، وَأَخْفَى بِيَدِهِ وَوَضَعَ يَمِينَهُ عَلَى شِمَالِهِ، وَقَالَ : مَوْعِدُكُمُ الصَّفَا ، قَالَ : فَمَا أَشْرَفَ يَوْمَئِذٍ لَهُمْ أَحَدٌ إِلَّا أَنَامُوهُ، قَالَ : وَصَعِدَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّفَا، وَجَاءَتِ الْأَنْصَارُ فَأَطَافُوا بِالصَّفَا، فَجَاءَ أَبُو سُفْيَانَ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ، أُبِيدَتْ خَضْرَاءُ قُرَيْشٍ لَا قُرَيْشَ بَعْدَ الْيَوْمِ، قَالَ أَبُو سُفْيَانَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَنْ دَخَلَ دَارَ أَبِي سُفْيَانَ فَهُوَ آمِنٌ، وَمَنْ أَلْقَى السِّلَاحَ فَهُوَ آمِنٌ، وَمَنْ أَغْلَقَ بَابهُ فَهُوَ آمِنٌ ، فَقَالَتِ الْأَنْصَارُ : أَمَّا الرَّجُلُ فَقَدْ أَخَذَتْهُ رَأْفَةٌ بِعَشِيرَتِهِ، وَرَغْبَةٌ فِي قَرْيَتِهِ، وَنَزَلَ الْوَحْيُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ : قُلْتُمْ : أَمَّا الرَّجُلُ فَقَدْ أَخَذَتْهُ رَأْفَةٌ بِعَشِيرَتِهِ، وَرَغْبَةٌ فِي قَرْيَتِهِ، أَلَا فَمَا اسْمِي إِذًا ؟ - ثَلَاثَ مَرَّاتٍ - أَنَا مُحَمَّدٌ عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ، هَاجَرْتُ إِلَى اللهِ وَإِلَيْكُمْ، فَالْمَحْيَا مَحْيَاكُمْ، وَالْمَمَاتُ مَمَاتُكُمْ . قَالُوا : وَاللهِ، مَا قُلْنَا إِلَّا ضَنًّا بِاللهِ وَرَسُولِهِ، قَالَ : فَإِنَّ اللهَ وَرَسُولَهُ يُصَدِّقَانِكُمْ وَيَعْذِرَانِكُمْ ). الشيخ : في هذا دليل على أن الألفاظ تعتُبر بمعانيها، لا بظواهرها، لأن هذا القول الذي قالوه لو أخذنا بظاهره لكان مثل قول المنافقين، الذين قالوا : ( ما نرى أحدا مثل قرائنا هؤلاء ) ولكن لمّا كان النبي صلى الله عليه وسلّم يعلم صدقَهم، وأن الذي حملهم على ذلك هو الشّح برسول الله صلى الله عليه وسلم صدّقهم، وعذرهم . وهذا ينفعك في كلمات يُطلقها العامة ولكنهم لا يريدون معناها، ولا يعرفون المعنى الذي يدلّ عليها ظاهرها، فمن الناس من يُعاتب العامة في هذا ويأخذ بظاهر اللفظ مع أنه غير مراد، ومن الناس من يقول : اترك الناس على ما يفهمون من كلماتهم ، وتكون هذه الجملة مثلاً حقيقة عرفيةً في نُطق الناس، ورأيت في هذا كلاماً لابن عقيل جيّد، على أن العوام يُتركون على ما يعرفون من معاني ألفاظهم . فمثلاً قول بعض الناس : ما صدّقت على الله أن يكون هكذا، يعني إذا وقع الشيء ويُستَغرب ولا يظنه الإنسان يقول : ما صدّقت على الله ان يكون هكذا، معناه عندهم : ما ظننت أن هذا يقع، ولا يعرفون أن المعنى أني ما صدّقت الله، بل المعنى عندهم : ما ظننت أن هذا واقع، فنقول الجملة هذه تكون منتقلة من الحقيقة اللغوية إلى الحقيقة العرفية . وهذا يقيد يا سمير ...
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وعمرو الناقد وابن أبي عمر واللفظ لابن أبي شيبة قالوا حدثنا سفيان بن عيينة عن بن أبي نجيح عن مجاهد عن أبي معمر عن عبد الله قال دخل النبي صلى الله عليه وسلم مكة وحول الكعبة ثلاثمائة وستون نصبا فجعل يطعنها بعود كان بيده ويقول جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا جاء الحق وما يبدي الباطل وما يعيد زاد بن أبي عمر يوم الفتح
وحدثناه حسن بن علي الحلواني وعبد بن حميد كلاهما عن عبد الرزاق أخبرنا الثوري عن بن أبي نجيح بهذا الإسناد إلى قوله زهوقا ولم يذكر الآية الأخرى وقال بدل نصبا صنما
القارئ : وَحَدَّثَنَاهُ حَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيُّ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، كِلَاهُمَا عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيُّ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ إِلَى قَوْلِهِ : زَهُوقًا، وَلَمْ يَذْكُرِ الْآيَةَ الْأُخْرَى، وَقَالَ : ( بَدَلَ نُصُبًا صَنَمًا ) . الشيخ : وهذا من جهل قريش وغيرهم ممن يعبدون هذه الأصنام ويتخذونها آلهة، ولهذا جعلوا هذه الأصنام في هذا المكان المحترم لاحترامها، ورفعة شأنها، ولكن الحمد لله بعد الفتح كُسّرت هذه الأصنام ، كسّرها النبي صلى الله عليه وسلّم بيده، يقول في الحديث : ( يطعُنها بعود كان بيده، فتهوي )، وهذا من آيات النبي عليه الصلاة والسلام، لأنه ليس من العادة أن هذه الأصنام المحكمة المتقنة إذا طُعنت بعود أن تتهاوى، ولكن هذا من آيات النبي صلى الله عليه وسلم، ويستشهد بالآية : (( جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا ))، (( جَاءَ الْحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ )). وفيه دليل على وجوب تكسير الأوثان والأصنام، ولكن من يتولّى هذا التكسير ؟ . يتولّاه من له الأمر، لأنه لو تولّاه عامّة الناس لحصل في ذلك مفسدة عظيمة ، لكن يتولّاه من له الأمر والسلطان، وهكذا كل الأمور العامة إنما يتولاها من له الأمر.
في قوله تعالى:(( جاء الحق وما يبدي الباطل وما يعيد)) هل ما هنا نافية.؟
السائل : قوله تعالى : (( جَاءَ الْحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ ))، ما استفهامية أم نافية ؟ الشيخ : لا ، ما : نافية نعم، يعني : لا يمكن أن يأتي باطل ابداءً ولا باطل إعادة ... فهذا أرجح .
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا علي بن مسهر ووكيع عن زكريا عن الشعبي قال أخبرني عبد الله بن مطيع عن أبيه قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول يوم فتح مكة لا يقتل قرشي صبرا بعد هذا اليوم إلى يوم القيامة
حدثنا بن نمير حدثنا أبي حدثنا زكريا بهذا الإسناد وزاد قال ولم يكن أسلم أحد من عصاة قريش غير مطيع كان اسمه العاصي فسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم مطيعا
القارئ : حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، بِهَذَا الْإِسْنَادِ . الشيخ : قوله : ( لا يُقتَل ) المعنى : لا يُقَتلُ شرعاً، قرشيٌ صبراً، وليس المعنى لا يُقتل قدَراً، لأنه قُتل قدرا من قُريش كثير، وإنما المراد : لا يُقتل شرعا بعد هذا اليوم، والشرع قد يخالفه بعض الناس ولا يمتثل به، بخلاف لو كان يُقتَل قَدراً فإنه لا يمكن أن يقع هذا، والواقع أنه حاصل، فيكون المراد : لا يُقتَل شرعاً. القارئ : حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا، بِهَذَا الْإِسْنَادِ . وَزَادَ قَالَ : ( وَلَمْ يَكُنْ أَسْلَمَ أَحَدٌ مِنْ عُصَاةِ قُرَيْشٍ غَيْرَ مُطِيعٍ، كَانَ اسْمُهُ الْعَاصِي، فَسَمَّاهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُطِيعًا ). الشيخ : شف الحديث الأول : ( لا يقتل ) واش قال عليه ؟ ...
القارئ : قال النووي رحمه الله تعالى : " قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَا يُقْتَلُ قُرَشِيٌّ صَبْرًا بَعْدَ هَذَا الْيَوْمِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ . قَالَ الْعُلَمَاءُ : مَعْنَاهُ الْإِعْلَامُ بِأَنَّ قُرَيْشًا يُسْلِمُونَ كُلُّهُمْ وَلَا يَرْتَدُّ أَحَدٌ مِنْهُمْ كَمَا ارْتَدَّ غَيْرُهُمْ بَعْدَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّنْ حُورِبَ وَقُتِلَ صَبْرًا ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُمْ لَا يُقْتَلُونَ ظُلْمًا صَبْرًا فَقَدْ جَرَى عَلَى قُرَيْشٍ بَعْدَ ذَلِكَ مَا هُوَ مَعْلُومٌ ". الشيخ : يحتاج إلى تثبّت، هل صحيح لم يرتد أحد من قريش ؟ ... الطالب : ... الشيخ : حتى كلمة صبراً ليس معناها ،أنه لا يُقَتل ردّة، الذي يظهر لي المعنى الأول، أنه يُنهى عن قتل القرشيين صبراً يعني : حبساً ، يُحبس ويُقطَعون. السائل : يكون هذا خاص بقريش ؟ . الشيخ : نعم، خاص بقريش .