قلنا أن ألفاظ العامة تحمل على ما هي عليه فقول القائل ما صدقت على الله لا يحمل على أنها ردة فهل يلحق بها الحلف بالني.؟
السائل : شيخ قلنا أن ألفاظ العامة تُحمل على ما هي عليه، كقول : " ما صدّقت على الله " ما يحمل ما صدقت الله ، لأنه لو حمل على هذا يكون كفرا ، فهل يقاس على هذا الحلف بالنبي ؟ . الشيخ : لا، لا ، هذا حُكم شرعي، معروف أنه قسم، حتى عند العوام هو قَسَم، وهنا ليس في بالهم أنهم ما صدّقوا الله، أبداً، أما هذا أراد القسم.
قلنا أن أمور العامة لا يغيرها إلا ذو سلطان فكيف بفعل شيخ الإسلام ابن تيمية عندما كسر المخامر.؟
السائل : قلنا أن أمور العامة لا يغيرها إلا ذو سلطان، فكيف بفعل شيخ الإسلام حين كسّر المخامر ؟. الشيخ : هذه المسائل قضايا أعيان، ليس لنا أن نحكم بها، ولا يُقتدى به.
حدثني عبيد الله بن معاذ العنبري حدثنا أبي حدثنا شعبة عن أبي إسحاق قال سمعت البراء بن عازب يقول كتب علي بن أبي طالب الصلح بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين المشركين يوم الحديبية فكتب هذا ما كاتب عليه محمد رسول الله فقالوا لا تكتب رسول الله فلو نعلم أنك رسول الله لم نقاتلك فقال النبي صلى الله عليه وسلم لعلي امحه فقال ما أنا بالذي أمحاه فمحاه النبي صلى الله عليه وسلم بيده قال وكان فيما اشترطوا أن يدخلوا مكة فيقيموا بها ثلاثا ولا يدخلها بسلاح إلا جلبان السلاح قلت لأبي إسحاق وما جلبان السلاح قال القراب وما فيه
الشيخ : هذا فيه دليل على أن النبي صلى الله عليه وسلم تنزّل عن بعض ما يستحقّه من أجل المصلحة العامة، لأن ناقته لما حرَنت علم النبي صلى الله عليه وسلم أن هناك شيئاً وراء ذلك، وقال : ( والذي نفسي بيده لا يسألوني خُطّة يُعظّمون فيها حُرُمات الله إلا أجبتهم عليها )، فكان من جملة ما حصل، أنه لما كتب : هذا ما كاتَبَ عليه محمد رسول الله، قالوا : لا تكتب : رسول الله . فلو نعلم أنك رسول الله لم نقاتلك. قال لعلي : أمْحه، لكن عليّاً أبى، لو أخذنا بظاهر هذا لكان إباء علي رضي الله عنه معصية، لكنه لم يُرد ذلك، أراد تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم، وفرض ذلك على قريش، والأعمال بالنيات.
حدثنا محمد بن المثنى وابن بشار قالا حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن أبي إسحاق قال سمعت البراء بن عازب يقول لما صالح رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل الحديبية كتب علي كتابا بينهم قال فكتب محمد رسول الله ثم ذكر بنحو حديث معاذ غير أنه لم يذكر في الحديث هذا ما كاتب عليه
حدثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي وأحمد بن جناب المصيصي جميعا عن عيسى بن يونس واللفظ لإسحاق أخبرنا عيسى بن يونس أخبرنا زكريا عن أبي إسحاق عن البراء قال لما أحصر النبي صلى الله عليه وسلم عند البيت صالحه أهل مكة على أن يدخلها فيقيم بها ثلاثا ولا يدخلها إلا بجلبان السلاح السيف وقرابة ولا يخرج بأحد معه من أهلها ولا يمنع أحدا يمكث بها ممن كان معه قال لعلي اكتب الشرط بيننا بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله فقال له المشركون لو نعلم أنك رسول الله تابعناك ولكن اكتب محمد بن عبد الله فأمر عليا أن يمحاها فقال علي لا والله لا أمحاها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أرني مكانها فأراه مكانها فمحاها وكتب بن عبد الله فأقام بها ثلاثة أيام فلما أن كان يوم الثالث قالوا لعلي هذا آخر يوم من شرط صاحبك فأمره فليخرج فأخبره بذلك فقال نعم فخرج وقال بن جناب في روايته مكان تابعناك بايعناك
القارئ : حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ جَنَابٍ الْمِصِّيصِيُّ، جَمِيعًا عَنْ عِيسَى بْنِ يُونُسَ، وَاللَّفْظُ لِإِسْحَاقَ، أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، أَخْبَرَنَا زَكَرِيَّا، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ، قَالَ : ( لَمَّا أُحْصِرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ الْبَيْتِ، صَالَحَهُ أَهْلُ مَكَّةَ عَلَى أَنْ يَدْخُلَهَا فَيُقِيمَ بِهَا ثَلَاثًا، وَلَا يَدْخُلَهَا إِلَّا بِجُلُبَّانِ السِّلَاحِ، السَّيْفِ وَقِرَابِهِ، وَلَا يَخْرُجَ بِأَحَدٍ مَعَهُ مِنْ أَهْلِهَا، وَلَا يَمْنَعَ أَحَدًا يَمْكُثُ بِهَا مِمَّنْ كَانَ مَعَهُ، قَالَ لِعَلِيٍّ : اكْتُبِ الشَّرْطَ بَيْنَنَا، بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ ، فَقَالَ لَهُ الْمُشْرِكُونَ : لَوْ نَعْلَمُ أَنَّكَ رَسُولُ اللهِ تَابَعْنَاكَ، وَلَكِنِ اكْتُبْ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، فَأَمَرَ عَلِيًّا أَنْ يَمْحَاهَا، فَقَالَ عَلِيٌّ : لَا وَاللهِ، لَا أَمْحَاهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَرِنِي مَكَانَهَا ، فَأَرَاهُ مَكَانَهَا فَمَحَاهَا، وَكَتَبَ ابْنُ عَبْدِ اللهِ ) . الشيخ : هذا دليل على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يقرأ ، لأنه قال أرني مكانها ، ولو كان يقرأ لعرفها بكتابتها ، لكنه ليس يقرأ ولا يكتب عليه الصلاة والسلام . القارئ : ( فَأَقَامَ بِهَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَلَمَّا أَنْ كَانَ يَوْمُ الثَّالِثِ قَالُوا لِعَلِيٍّ : هَذَا آخِرُ يَوْمٍ مِنْ شَرْطِ صَاحِبِكَ، فَأْمُرْهُ فَلْيَخْرُجْ فَأَخْبَرَهُ بِذَلِكَ، فَقَالَ : نَعَمْ ، فَخَرَجَ ). وقَالَ ابْنُ جَنَابٍ فِي رِوَايَتِهِ مَكَانَ تَابَعْنَاكَ : بَايَعْنَاكَ . الشيخ : وهذا من وفاء النبي صلى الله عليه وسلم بالشرط والعهد، وإلا فلا شك أنه أحق بالكعبة من قريش. لكن العهد الذي بينهم ألا يقيم في مكة إلا ثلاثة أيام .
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا عفان حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس أن قريشا صالحوا النبي صلى الله عليه وسلم فيهم سهيل بن عمرو فقال النبي صلى الله عليه وسلم لعلي اكتب بسم الله الرحمن الرحيم قال سهيل أما باسم الله فما ندري ما بسم الله الرحمن الرحيم ولكن اكتب ما نعرف باسمك اللهم فقال اكتب من محمد رسول الله قالوا لو علمنا أنك رسول الله لأتبعناك ولكن اكتب اسمك واسم أبيك فقال النبي صلى الله عليه وسلم اكتب من محمد بن عبد الله فاشترطوا على النبي صلى الله عليه وسلم أن من جاء منكم لم نرده عليكم ومن جاءكم منا رددتموه علينا فقالوا يا رسول الله أنكتب هذا قال نعم إنه من ذهب منا إليهم فأبعده الله ومن جاءنا منهم سيجعل الله له فرجا ومخرجا
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا عبد الله بن نمير ح وحدثنا بن نمير وتقاربا في اللفظ حدثنا أبي حدثنا عبد العزيز بن سياه حدثنا حبيب بن أبي ثابت عن أبي وائل قال قام سهل بن حنيف يوم صفين فقال أيها الناس اتهموا أنفسكم لقد كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية ولو نرى قتالا لقاتلنا وذلك في الصلح الذي كان بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين المشركين فجاء عمر بن الخطاب فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله ألسنا على حق وهم على باطل قال بلى قال أليس قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار قال بلى قال ففيم نعطي الدنية في ديننا ونرجع ولما يحكم الله بيننا وبينهم فقال يا بن الخطاب إني رسول الله ولن يضيعني الله أبدا قال فانطلق عمر فلم يصبر متغيظا فأتى أبا بكر فقال يا أبا بكر ألسنا على حق وهم على باطل قال بلى قال أليس قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار قال بلى قال فعلام نعطي الدنية في ديننا ونرجع ولما يحكم الله بيننا وبينهم فقال يا بن الخطاب إنه رسول الله ولن يضيعه الله أبدا قال فنزل القرآن على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالفتح فأرسل إلى عمر فأقرأه إياه فقال يا رسول الله أو فتح هو قال نعم فطابت نفسه ورجع
القارئ : حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ نُمَيْرٍ، ح وحَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، وَتَقَارَبَا فِي اللَّفْظِ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ سِيَاهٍ، حَدَّثَنَا حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، قَالَ : ( قَامَ سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ يَوْمَ صِفِّينَ، فَقَالَ : أَيُّهَا النَّاسُ، اتَّهِمُوا أَنْفُسَكُمْ، لَقَدْ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ وَلَوْ نَرَى قِتَالًا لَقَاتَلْنَا، وَذَلِكَ فِي الصُّلْحِ الَّذِي كَانَ بَيْنَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَيْنَ الْمُشْرِكِينَ، فَجَاءَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، فَأَتَى رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ، أَلَسْنَا عَلَى حَقٍّ وَهُمْ عَلَى بَاطِلٍ ؟ قَالَ : بَلَى ، قَالَ : أَلَيْسَ قَتْلَانَا فِي الْجَنَّةِ وَقَتْلَاهُمْ فِي النَّارِ ؟ قَالَ : بَلَى ، قَالَ : فَفِيمَ نُعْطِي الدَّنِيَّةَ فِي دِينِنَا، وَنَرْجِعُ، وَلَمَّا يَحْكُمِ اللهُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ، فَقَالَ : يَا ابْنَ الْخَطَّابِ، إِنِّي رَسُولُ اللهِ وَلَنْ يُضَيِّعَنِي اللهُ أَبَدًا ، قَالَ : فَانْطَلَقَ عُمَرُ فَلَمْ يَصْبِرْ مُتَغَيِّظًا، فَأَتَى أَبَا بَكْرٍ، فَقَالَ : يَا أَبَا بَكْرٍ أَلَسْنَا عَلَى حَقٍّ وَهُمْ عَلَى بَاطِلٍ ؟ قَالَ : بَلَى، قَالَ : أَلَيْسَ قَتْلَانَا فِي الْجَنَّةِ وَقَتْلَاهُمْ فِي النَّارِ ؟ قَالَ : بَلَى، قَالَ : فَعَلَامَ نُعْطِي الدَّنِيَّةَ فِي دِينِنَا، وَنَرْجِعُ وَلَمَّا يَحْكُمِ اللهُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ ؟ فَقَالَ : يَا ابْنَ الْخَطَّابِ، إِنَّهُ رَسُولُ اللهِ وَلَنْ يُضَيِّعَهُ اللهُ أَبَدًا ) . الشيخ : في هذا دليل على أن أبا بكر رضي الله عنه في حال الضيق والشّدة والضّنْك يكون إلى الصواب أقرب من عمر، لأن عمر أراد أن يكون القتال وهم على حدود الحرم، بل إنه لن يكون القتال إلا في مكة، كما قال الله عز وجل : (( وهو الذي كفّ أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكّة من بعد أن أظفركم عليهم )) . وكذلك كان رضي الله عنه عند موت رسول الله صلى الله عليه وسلم، حينما جاء عمر والناس في المسجد، فخطب فيهم خطبة وأنكر أن يكون النبي صلى الله عليه وسلّم قد مات، وقال : إن الله سيبعثه، ويقطّع أيدي منكم وأرجلهم من خلاف! ثم جاء أبو بكر ،وهو بلا شك أشد مصيبة من عمر برسول الله صلى الله عليه وسلم، جاء بتأن، صعد المنبر، وخطب الناس خطبته البليغة الشهيرة، والتي فيها : من كان يعبد محمداً فإن محمداً قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حيّ لا يموت. ثم تلى هذه الآية : (( إنك ميت وإنهم ميتون )) قال عمر : فعُقرت حتى ما تُقلَّني رجلاي ، هذا ثبات عظيم. وكذلك في تنفيذ جيش أسامة بن زيد رضي الله عنه وعن أبيه كان النبي صلى الله عليه وسلم قد عقد لواءه، وبات في خارج المدينة ، فلمّا توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم اقترح عمر وغيره من الصحابة أنَّ هذا الجيش لا ينفُذ، ويبقى في المدينة خوفاً ممن حولها من المنافقين، فقال : والله لا أحُلُّ رايةً عقدها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمضاهم، فكان في هذا نصرٌ عزيز . قالت العرب : لولا أن عند هؤلاء القوم قوة ما بعثوا البعوث إلى أطراف الشام، فهابوا منهم . فالحاصل أن أبا بكر رضي الله عنه مع كونه يحب اليُسر والتيسير، يكون في مواقع الظنك أقرب إلى الصواب من عمر، ولذلك تجد جوابه هنا كجواب النبي صلى الله عليه وسلم حرفاً بحَرف. القارئ : ( قَالَ : فَنَزَلَ الْقُرْآنُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْفَتْحِ، فَأَرْسَلَ إِلَى عُمَرَ، فَأَقْرَأَهُ إِيَّاهُ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللهِ، أَوْ فَتْحٌ هُو ؟ قَالَ : نَعَمْ ، فَطَابَتْ نَفْسُهُ وَرَجَعَ ) . الشيخ : لكن كيف كان هذا فتحاً، هذا الصُّلح، مع أن فيه شروطا قاسية ؟. لأن الناس أمنوا واطمأنوا واندمج بعضُهم ببعض ، وصارت قريش يأتون إلى المدينة، وأهل المدينة يذهبون إلى مكة، ومعلوٌم أن هذا الاختلاط سيؤدي إلى نتيجة، ثم إنه ما بقي هذا الصلح إلا سنتين فقط، فنقضت قريشٌ العهد، وصار الفتح الأعظم الذي يعتبر هذا الفتح مقدّمةً له .
حدثنا أبو كريب محمد بن العلاء ومحمد بن عبد الله بن نمير قالا حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن شقيق قال سمعت سهل بن حنيف يقول بصفين أيها الناس اتهموا رأيكم والله لقد رأيتني يوم أبي جندل ولو أني أستطيع أن أرد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم لرددته والله ما وضعنا سيوفنا على عواتقنا إلى أمر قط إلا أسهلن بنا إلى أمر نعرفه إلا أمركم هذا لم يذكر بن نمير إلى أمر قط
وحدثني إبراهيم بن سعيد الجوهري حدثنا أبو أسامة عن مالك بن مغول عن أبي حصين عن أبي وائل قال سمعت سهل بن حنيف بصفين يقول اتهموا رأيكم على دينكم فلقد رأيتني يوم أبي جندل ولو أستطيع أن أرد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ما فتحنا منه في خصم إلا انفجر علينا منه خصم
القارئ : وحَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ الْجَوْهَرِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ مَالِكِ بْنِ مِغْوَلٍ، عَنْ أَبِي حَصِينٍ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، قَالَ : سَمِعْتُ سَهْلَ بْنَ حُنَيْفٍ بِصِفِّينَ، يَقُولُ : ( اتَّهِمُوا رَأْيَكُمْ عَلَى دِينِكُمْ، فَلَقَدْ رَأَيْتُنِي يَوْمَ أَبِي جَنْدَلٍ وَلَوْ أَسْتَطِيعُ أَنْ أَرُدَّ أَمْرَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا فَتَحْنَا مِنْهُ فِي خُصْمٍ، إِلَّا انْفَجَرَ عَلَيْنَا مِنْهُ خُصْمٌ ). الشيخ : يشير إلى الصلح، وأن الصّلح ينبغي أن يُنَفّذ حتى وإن كان الإنسان يجد في نفسه غضاضة، ومن المعلوم أن الصّلح بين المتخاصمَين لا بد أن يكون الغضاضة على الطرفين، لأن كل واحد منهما سوف يتنازل عما فينفسه، لو بقي كل واحد منهما على ما في نفسه لا يكون هناك صُلح، وهذا في كل الصلح الواقع بين الناس، لا بد أن كل واحد يغُض مما في نفسه، وإلا لم يكن صلح . شرح الحديث النووي .
القارئ : " قوله : ما فتحنا منه في خصم إلا انفجر علينا منه خصم . هكذا وقع هذا الحديث في نسخ صحيح مسلم كلها ، وفيه محذوف وهو جواب لو تقديره : ولو أستطيع أن أرد أمره صلى الله عليه وسلم لرددته ، ومنه قوله تعالى : ولو ترى إذ المجرمون . ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت . ولو ترى إذ الظالمون موقوفون . ونظائره فكله محذوف جواب لو لدلالة الكلام عليه ، وأما قوله ما فتحنا منه خصما فالضمير في منه عائد إلى قوله : اتهموا رأيكم ، ومعناه ما أصلحنا من رأيكم وأمركم هذا ناحية إلا انفتحت أخرى ، ولا يصح إعادة الضمير إلى غير ما ذكرناه ، وأما قوله : ما فتحنا منه خصما فكذا هو في مسلم ، قال القاضي : وهو غلط أو تغيير وصوابه : ما سددنا منه خصما ، وكذا هو في رواية البخاري ما سددنا وبه يستقيم الكلام ، ،ويتقابل سددنا بقوله : إلا انفجر ، وأما الخصم فبضم الخاء ، وخصم كل شيء طرفه وناحيته ، وشبهه بخصم الراوية وانفجار الماء من طرفها أو بخصم الغرارة والخرج وانصباب ما فيه بانفجاره ، وفي هذه الأحاديث دليل لجواز مصالحة الكفار ". الشيخ : ... أول الحديث . القارئ : حديث سهل بن حنيف . الشيخ : يوم صفين . القارئ : " قَامَ سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ يَوْمَ صِفِّينَ فَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّهِمُوا أَنْفُسَكُمْ إِلَى آخِرِهِ . أَرَادَ بِهَذَا تَصْبِيرَ النَّاسِ عَلَى الصُّلْحِ وَإِعْلَامِهِمْ بِمَا يُرْجَى بَعْدَهُ مِنَ الْخَيْرِ فَإِنَّهُ يُرْجَى مَصِيرُهُ إِلَى خَيْرٍ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُهُ فِي الِابْتِدَاءِ مِمَّا تَكْرَهُهُ النُّفُوسُ كَمَا كَانَ شَأْنُ صُلْحِ الْحُدَيْبِيَةِ ، وَإِنَّمَا قَالَ سَهْلٌ هَذَا الْقَوْلَ حين الْكُفَّارِ ظَهَرَ مِنْ أَصْحَابَ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَرَاهَةَ التَّحْكِيمِ فَأَعْلَمَهُمْ بِمَا جَرَى يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ مِنْ كَرَاهَةِ أَكْثَرِ النَّاسِ الصُّلْحَ وَأَقْوَالِهِمْ فِي كَرَاهَتِهِ وَمَعَ هَذَا فَأَعْقَبَ خَيْرًا عَظِيمًا فَقَرَّرَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الصُّلْحِ مَعَ أَنَّ إِرَادَتَهُمْ كَانَتْ مُنَاجَزَةَ كُفَّارِ مَكَّةَ بِالْقِتَالِ ، وَلِهَذَا قَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَعَلَامَ نُعْطِي الدَّنِيَّةَ فِي دِينِنَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ ".
وحدثنا نصر بن علي الجهضمي حدثنا خالد بن الحارث حدثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة أن أنس بن مالك حدثهم قال لما نزلت إنا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك الله إلى قوله فوزا عظيما مرجعه من الحديبية وهم يخالطهم الحزن والكآبة وقد نحر الهدى بالحديبية فقال لقد أنزلت علي آية هي أحب إلي من الدنيا جميعا
وحدثنا عاصم بن النضر التيمي حدثنا الفاء قال سمعت أبي حدثنا قتادة قال سمعت أنس بن مالك ح وحدثنا بن المثنى حدثنا أبو داود حدثنا همام ح وحدثنا عبد بن حميد حدثنا يونس بن محمد حدثنا شيبان جميعا عن قتادة عن أنس نحو حديث بن أبي عروبة
القارئ : وحَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ النَّضْرِ التَّيْمِيُّ، حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبِي، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، ح وحَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، ح وحَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، جَمِيعًا عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، نَحْوَ حَدِيثِ ابْنِ أَبِي عَرُوبَةَ. الشيخ : ذُكر الفتح في عدة مواضع في القرآن منها : قوله تعالى : (( إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً ))، وقوله تعالى : (( لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل ))، وقوله تعالى : (( إذ اجاء نصر الله والفتح )). أما الأولان فهما فصلح الحديبية، وأما الأخير : (( إذا جاء نصر الله والفتح )) فهو فتح مكة .
كيف قال سهيل لو نعلم أنك رسول الله ما قاتلناك والله يقول:(( فإنهم لا يكذبونك )) .؟
السائل : كيف قال سهيل : لو نعلم أنك رسول ما قاتلناك، والله يقول : (( فإنهم لا يكذبونك )) ... ؟. الشيخ : مثل ما قال الله تعالى، يجحدون ، هو يقول لو نعلم جاحداً ، لكنه في قرارة نفسه يعلم أنه رسول، مثل قوله تعالى في آل فرعون : (( وجحدوا بها واستيقنتها أنفُسُهُم )). السائل : ... الشيخ : لا حتى الرسول ، يعلمون أنه رسول الله ولكنهم يجحدون ، يعني معه آيات يؤمن على مثلها البشر.
وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا أبو أسامة عن الوليد بن جميع حدثنا أبو الطفيل حدثنا حذيفة بن اليمان قال ما منعني أن أشهد بدرا إلا أني خرجت أنا وأبي حسيل قال فأخذنا كفار قريش قالوا إنكم تريدون محمدا فقلنا ما نريده ما نريد إلا المدينة فأخذوا منا عهد الله وميثاقه لننصرفن إلى المدينة ولا نقاتل معه فأتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرناه الخبر فقال انصرفا نفي لهم بعهدهم ونستعين الله عليهم
القارئ : وحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ جُمَيْعٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الطُّفَيْلِ، حَدَّثَنَا حُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ، قَالَ : ( مَا مَنَعَنِي أَنْ أَشْهَدَ بَدْرًا إِلَّا أَنِّي خَرَجْتُ أَنَا وَأَبِي حُسَيْلٌ، قَالَ : فَأَخَذَنَا كُفَّارُ قُرَيْشٍ، قَالُوا : إِنَّكُمْ تُرِيدُونَ مُحَمَّدًا، فَقُلْنَا : مَا نُرِيدُهُ، مَا نُرِيدُ إِلَّا الْمَدِينَةَ، فَأَخَذُوا مِنَّا عَهْدَ اللهِ وَمِيثَاقَهُ لَنَنْصَرِفَنَّ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَلَا نُقَاتِلُ مَعَهُ، فَأَتَيْنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَخْبَرْنَاهُ الْخَبَرَ، فَقَالَ : انْصَرِفَا، نَفِي لَهُمْ بِعَهْدِهِمْ، وَنَسْتَعِينُ اللهَ عَلَيْهِمْ ). الشيخ : وهكذا الدين الإسلامي مبني على الوفاء، قال الله تعالى : (( وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلاً ))، ومثل هذين الرجلان صرفهما النبي صلى الله عليه وسلم عن الجهاد لأنهما عاهدا قريشاً ألا يريدا المدينة، ، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يفيا بالعهد ، وقال : ( نفي لهم بعهدهم ونستعين الله عليهم )، الله أكبر .
حدثنا زهير بن حرب وإسحاق بن إبراهيم جميعا عن جرير قال زهير حدثنا جرير عن الأعمش عن إبراهيم التيمي عن أبيه قال كنا عند حذيفة فقال رجل لو أدركت رسول الله صلى الله عليه وسلم قاتلت معه وأبليت فقال حذيفة أنت كنت تفعل ذلك لقد رأيتنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الأحزاب وأخذتنا ريح شديدة وقر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا رجل يأتيني بخبر القوم جعله الله معي يوم القيامة فسكتنا فلم يجبه منا أحد ثم قال ألا رجل يأتينا بخبر القوم جعله الله معي يوم القيامة فسكتنا فلم يجبه منا أحد ثم قال ألا رجل يأتينا بخبر القوم جعله الله معي يوم القيامة فسكتنا فلم يجبه منا أحد فقال قم يا حذيفة فأتنا بخبر القوم فلم أجد بدا إذ دعاني باسمي أن أقوم قال اذهب فأتني بخبر القوم ولا تذعرهم علي فلما وليت من عنده جعلت كأنما أمشي في حمام حتى أتيتهم فرأيت أبا سفيان يصلي ظهره بالنار فوضعت سهما في كبد القوس فأردت أن أرميه فذكرت قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا تذعرهم علي ولو رميته لأصبته فرجعت وأنا أمشي في مثل الحمام فلما أتيته فأخبرته بخبر القوم وفرغت قررت فألبسني رسول الله صلى الله عليه وسلم من فضل عباءة كانت عليه يصلي فيها فلم أزل نائما حتى أصبحت فلما أصبحت قال قم يا نومان
القارئ : حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، جَمِيعًا عَنْ جَرِيرٍ، قَالَ زُهَيْرٌ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ : ( كُنَّا عِنْدَ حُذَيْفَةَ، فَقَالَ رَجُلٌ : لَوْ أَدْرَكْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَاتَلْتُ مَعَهُ وَأَبْلَيْتُ، فَقَالَ حُذَيْفَةُ : أَنْتَ كُنْتَ تَفْعَلُ ذَلِكَ ؟ لَقَدْ رَأَيْتُنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ الْأَحْزَابِ، وَأَخَذَتْنَا رِيحٌ شَدِيدَةٌ وَقُرٌّ ). الشيخ : قُر: يعني برد . القارئ : ( فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَلَا رَجُلٌ يَأْتِينِي بِخَبَرِ الْقَوْمِ جَعَلَهُ اللهُ مَعِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ ؟ فَسَكَتْنَا فَلَمْ يُجِبْهُ مِنَّا أَحَدٌ، ثُمَّ قَالَ : أَلَا رَجُلٌ يَأْتِينَا بِخَبَرِ الْقَوْمِ جَعَلَهُ اللهُ مَعِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ ؟ فَسَكَتْنَا فَلَمْ يُجِبْهُ مِنَّا أَحَدٌ، ثُمَّ قَالَ : أَلَا رَجُلٌ يَأْتِينَا بِخَبَرِ الْقَوْمِ جَعَلَهُ اللهُ مَعِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ ؟ ، فَسَكَتْنَا فَلَمْ يُجِبْهُ مِنَّا أَحَدٌ، فَقَالَ : قُمْ يَا حُذَيْفَةُ، فَأْتِنَا بِخَبَرِ الْقَوْمِ ، فَلَمْ أَجِدْ بُدًّا إِذْ دَعَانِي بِاسْمِي أَنْ أَقُومَ، قَالَ : اذْهَبْ فَأْتِنِي بِخَبَرِ الْقَوْمِ، وَلَا تَذْعَرْهُمْ عَلَيَّ ، فَلَمَّا وَلَّيْتُ مِنْ عِنْدِهِ جَعَلْتُ كَأَنَّمَا أَمْشِي فِي حَمَّامٍ حَتَّى أَتَيْتُهُمْ، فَرَأَيْتُ أَبَا سُفْيَانَ يَصْلِي ظَهْرَهُ بِالنَّارِ، فَوَضَعْتُ سَهْمًا فِي كَبِدِ الْقَوْسِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَرْمِيَهُ، فَذَكَرْتُ قَوْلَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَلَا تَذْعَرْهُمْ عَلَيَّ ، وَلَوْ رَمَيْتُهُ لَأَصَبْتُهُ فَرَجَعْتُ وَأَنَا أَمْشِي فِي مِثْلِ الْحَمَّامِ، فَلَمَّا أَتَيْتُهُ فَأَخْبَرْتُهُ بِخَبَرِ الْقَوْمِ، وَفَرَغْتُ قُرِرْتُ ) . الشيخ : قُررت يعني : أصابني البرد . وهذا من آيات الله عز وجل ، وفيه أيضا أن طاعة الله ورسوله فيها الوقاية من كل شر، ولهذا لما قام رضي الله عنه حيث أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكره باسمه قام كأنه في حمّام يعني في حر، مع أن الريح شديدة وباردة، شرقية ، ولكن طاعة الله ورسوله فيها الوقاية من كل شر. لما انتهى غرضه ورجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم أصابه القُرّ، يعني البرد. وفيه أيضا دليل على كمال عقل الصحابة رضي الله عنهم، وأن الغيرة التي في قلوبهم لا تحملهم على مخالفة أمر النبي صلى الله عليه وسلم، لو كان من أهل الطيش الذين يدّعون أنهم ذو غيره، لقتله لأنه تمكن منه بسرعة، ولكن حبس النفس على طاعة الله ورسوله هذا هو الجهاد، وليس الجهاد هو التهوّر، وأن الإنسان يتقدّم وينفعل في موضع قد يكون يُنْهى عن التقدم فيه، ولكن الجهاد هو أن يجاهد الإنسان نفسه ويَصْبرها على طاعة الله ورسوله. في ظني والله أعلم لو وقع مثل هذا لكثير من شبان اليوم لقتله، ثم تأول، لكن هؤلاء القوم أعني الصحابة، يعلمون أن طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم هي الخير كله. القارئ : ( فَأَلْبَسَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ فَضْلِ عَبَاءَةٍ كَانَتْ عَلَيْهِ يُصَلِّي فِيهَا، فَلَمْ أَزَلْ نَائِمًا حَتَّى أَصْبَحْتُ، فَلَمَّا أَصْبَحْتُ قَالَ : قُمْ يَا نَوْمَانُ ). الشيخ : هذا من حُسن خُلُقه صلى الله عليه وسلم أنه يمزح، ولا يقول إلا حقّاً، والنومان : كثير النوم .
وحدثنا هداب بن خالد الأزدي حدثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد وثابت البناني عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أفرد يوم أحد في سبعة من الأنصار ورجلين من قريش فلما رهقوه قال من يردهم عنا وله الجنة أو هو رفيقي في الجنة فتقدم رجل من الأنصار فقاتل حتى قتل ثم رهقوه أيضا فقال من يردهم عنا وله الجنة أو هو رفيقي في الجنة فتقدم رجل من الأنصار فقاتل حتى قتل فلم يزل كذلك حتى قتل السبعة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لصاحبيه ما أنصفنا أصحابنا
قوله :( هو رفيقي في الجنة ) هل يكون في منزلة الأنبياء.؟
السائل : قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( هو رفيقي في الجنة )، هل يبلغ منزلة الأنبياء ... ؟. الشيخ : يحتمل أن يكون في منزلته وقتاً ما ثم يكون إلى منزلته التي هو عليها ، أو يكون المراد مُطلق الرفقة والصاحبة، وإن لم يكن في منزلته، لأن منزلة الأنبياء لا يبلغها أحد، أو أن المعنى : رفيقي، وصاحبي أي عند دخولي الجنة . السائل : ... الشيخ : لا ، ليس المعنى هذا ، يعني هذه غرف عالية لكن ليس كمنازل الأنبياء ، منازل الأنبياء أعلى وأتم . السائل : ... الشيخ : المعية لا تقتضي المصاحبة في المنزلة ، الآن المسلمون كلهم في معية واحدة وهي معية الإسلام ، لكن يختلفون اختلافا عظيما .
السائل : هل في الحديث أنه يجب الوفاء بالشرط حتى في الحرب ... ؟ الشيخ : يمكن أن نقول : يفي بالشرط، ويمكن أن نقول : إن هذا الشرط مُكرهٌ عليه، ولكن ظاهر حديث حذيفة أنه يلزم الوفاء بالشرط.
حدثنا يحيى بن يحيى التميمي حدثنا عبد العزيز بن أبي حازم عن أبيه أنه سمع سهل بن سعد يسأل عن جرح رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد فقال جرح وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم وكسرت رباعيته وهشمت البيضة على رأسه فكانت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم تغسل الدم وكان علي بن أبي طالب يسكب عليها بالمجن فلما رأت فاطمة أن الماء لا يزيد الدم إلا كثرة أخذت قطعة حصير فأحرقته حتى صار رمادا ثم ألصقته بالجرح فاستمسك الدم
القارئ : حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ سَمِعَ سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ، يَسْأَلُ عَنْ جُرْحِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ أُحُدٍ، فَقَالَ : ( جُرِحَ وَجْهُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكُسِرَتْ رَبَاعِيَتُهُ، وَهُشِمَتِ الْبَيْضَةُ عَلَى رَأْسِهِ، فَكَانَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَغْسِلُ الدَّمَ، وَكَانَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ يَسْكُبُ عَلَيْهَا بِالْمِجَنِّ، فَلَمَّا رَأَتْ فَاطِمَةُ أَنَّ الْمَاءَ لَا يَزِيدُ الدَّمَ إِلَّا كَثْرَةً، أَخَذَتْ قِطْعَةَ حَصِيرٍ فَأَحْرَقَتْهُ حَتَّى صَارَ رَمَادًا، ثُمَّ أَلْصَقَتْهُ بِالْجُرْحِ، فَاسْتَمْسَكَ الدَّمُ ). الشيخ : في هذا دليل على مسائل منها : ما ابتُلي به النبي صلى الله عليه وسلم من مثل هذه المصائب، وصبر عليها، صبر الكرام، وقد أوذي إيذاءً شديدا سوى ذلك. ومنها جواز الاستعانة بالنساء في الحرب، في تغسيل الجرحى وضمد جراحهم، وما أشبه ذلك. ومن فوائده أيضاً أن دم الآدمي نجس، لأن فاطمة رضي الله عنها كانت تغسل جرح النبي صلى الله عليه وسلم، هكذا استدل بعض أهل العلم، ولكن لا دلالة فيه على استدلوا عليه : أولاً : أن مجرّد الفعل لا يدل على الوجوب، الوجوب يحتاج إلى أمر، وهنا ليس هناك أمر. ثانياً : إنما فعلت هذا، لأنه ليس من اللائق أن يبقى الدم في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم متلوّثاً، فتغسيله من باب التنظيف، وليس من باب التطهير، وإذا دار الأمر بين أن يكون إما للتطهير أو التنظيف فما هو الأصل ؟ . أنه للتنظيف، لماذا ؟. لأن الأصل الطهارة، حتى يتبين أن الدم نجس وأن غسله هنا للتطهير. وأيضاً : جميع الأجزاء المنفصلة عن الآدمي طاهرة، لو قُطع منه أصبع فهو طاهر، أو عُضو فهو طاهر، كل الأجزاء التي تنفصل من الأدمي طاهرة، لأن ميتة الآدمي طاهرة، فما بال الدم يكون نجساً، فالدم كغيره مما ينفصل من الجسم، هو طاهر. نعم، دم الحيض نتن له رائحة كريهة نجس، يجب أن يتطهر كما كانت نساء الصحابة رضي الله عنهن يفعلن ذلك، بأمر النبي صلى الله عليه وسلم. دم الاستحاضة بعض أهل العلم يقول هو طاهر، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إنه دم عرق )، ودم العروق طاهر، وبعضهم يقول إنه ليس بطاهر، لأنه خارج من السبيلين، فله حكم الخارج من السبيلين، وكل ما خرج من السبيلين -على قاعدتهم- فهو نجس، إلا ما دل الليل على طهارته، كالمني، والريح. ولا شك أن الاحتياط وجوب تطهير دم الاستحاضة كدم الحيض.
الشيخ : ومن فوائد هذا الحديث أيضاً : استعمال الأدوية العادية، لأنها رضي الله عنها جعلت على محل نبع الدم هذا الحصير المحرَّق . ومنها أن هذا نافع في إيقاف الدم، وقد كان الناس يفعلونه فيما سبق، أدركناهم يفعلون هذا، إلا أنهم لا يستعملون الحصير يستعملون قطعة الثياب ، خرقة يحرقونها ثم يُذَرُّون رمادها على محل نبع الدم فيقف، مع أن الدم إذا أدركته في حرارته، وضغطت على محل نبعه بالأصبع فأنه يتوقف.
السائل : ما معنى : ( ما أنصفنا أصحابنا ) في الحديث ؟ . الشيخ : معناه أنه لما كان الأنصار رضي الله عنهم السبعة يتوالون في القتال والذب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، والقُرشيّان لم يتقدم ، فكأنه يقول عليه الصلاة والسلام : ينبغي أن يكون من القُرشيان أحدٌ يتقدم، كما تقدم الأنصار .
السائل : خروج النساء في الحرب هل يُشترط أن يكون معهن محارم ؟. الشيخ : لا أدري علي بن أبي طالب محرم لفاطمة أم لا ؟. ثم تعرف أن أحداً قريبة من المدينة، لا يكون الذهاب إليها سفراً إذا قلنا إن العبرة بالمسافر.
حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا يعقوب يعني بن عبد الرحمن القاري عن أبي حازم أنه سمع سهل بن سعد وهو يسأل عن جرح رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أما والله إني لأعرف من كان يغسل جرح رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن كان يسكب الماء وبماذا دووي جرحه ثم ذكر نحو حديث عبد العزيز غير أنه زاد وجرح وجهه وقال مكان هشمت كسرت
وحدثناه أبو بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب وإسحاق بن إبراهيم وابن أبي عمر جميعا عن بن عيينة ح وحدثنا عمرو بن يخلو العامري أخبرنا عبد الله بن وهب أخبرني عمرو بن الحارث عن سعيد بن أبي هلال ح وحدثني محمد بن سهل التميمي حدثني بن أبي مريم حدثنا محمد يعني بن مطرف كلهم عن أبي حازم عن سهل بن سعد بهذا الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث بن أبي هلال أصيب وجهه وفي حديث بن مطرف جرح وجهه
حدثنا عبد الله بن مسلمة بن قعنب حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كسرت رباعيته يوم أحد وشج في رأسه فجعل يسلت الدم عنه ويقول كيف يفلح قوم شجوا نبيهم وكسروا رباعيته وهو يدعوهم إلى الله فأنزل الله عز وجل ليس لك من الأمر شيء
القارئ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، ( أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُسِرَتْ رَبَاعِيَتُهُ يَوْمَ أُحُدٍ، وَشُجَّ فِي رَأْسِهِ، فَجَعَلَ يَسْلُتُ الدَّمَ عَنْهُ، وَيَقُولُ : كَيْفَ يُفْلِحُ قَوْمٌ شَجُّوا نَبِيَّهُمْ، وَكَسَرُوا رَبَاعِيَتَهُ، وَهُوَ يَدْعُوهُمْ إِلَى اللهِ ؟ ، فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ : (( لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ )) ). الشيخ : هكذا يقول الله عز وجل لنبيه عليه الصلاة والسلام، يقول : (( ليس لك من الأمر شيء ))، فما بال أولئك القوم الذين يأتون إلى الرسول عليه الصلاة والسلام، يستغيثون به ويدعونه، ولا يسألونه إلا عند أصعب الأحوال، ربما يدعون الله تعالى بالأشياء الهيّنة، والأشياء الصعبة يدعون الرسول صلى الله عليه وسلم، فكيف بمن ييدعون من دون الرسولَ عليه الصلاة والسلام! ؟ كالذين يدعون علي بن أبي طالب عند الشدائد، ويحلفون بعلي بن أبي طالب عند تغلظ الأيمان ، ولو قيل لهم احلفوا بالله لحلفوا، ولو قيل لهم احلفوا بعلي ما حلفوا، إنما يحلفون به عند الأشياء الهامة العظيمة. وهكذا يقول الله عز وجل للنبي عليه الصلاة والسلام : (( ليس لك من الأمر شيء )) فهم إذا حصل منهم هذا الفعل فأمرهم إلى الله عز وجل، وما عليك إلا أن تصبر وتنتظر النصر من الله تعالى.
حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير حدثنا وكيع حدثنا الأعمش عن شقيق عن عبد الله قال كأني أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يحكي نبيا من الأنبياء ضربه قومه وهو يمسح الدم عن وجهه ويقول رب اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون
القارئ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ : ( كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَحْكِي نَبِيًّا مِنَ الْأَنْبِيَاءِ ضَرَبَهُ قَوْمُهُ، وَهُوَ يَمْسَحُ الدَّمَ عَنْ وَجْهِهِ، وَيَقُولُ : رَبِّ اغْفِرْ لِقَوْمِي فَإِنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ). الشيخ : شف شرح الحديث هذا ، من أوله ؟. القارئ : " فِيهِ مَا كَانُوا عَلَيْهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ مِنَ الْحِلْمِ وَالتَّصَبُّرِ وَالْعَفْوِ وَالشَّفَقَةِ عَلَى قَوْمِهِمْ وَدُعَائِهِمْ لَهُمْ بِالْهِدَايَةِ وَالْغُفْرَانِ وَعُذْرِهِمْ فِي جِنَايَتِهِمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ، وَهَذَا النَّبِيُّ الْمُشَارُ إِلَيْهِ مِنَ الْمُتَقَدِّمِينَ ، وَقَدْ جَرَى لِنَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلُ هَذَا يَوْمَ أُحُدٍ ". الشيخ : لا ، لكن هل قال الرسول صلى الله عليه وسلم : ( رب اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون ) ؟ . القارئ : ... الشيخ : الإشكال هل قال النبي صلى الله عليه وسلم هذا في يوم أحد أو لا ؟ ... القارئ : لكن النووي قال : " وَقَدْ جَرَى لِنَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلُ هَذَا يَوْمَ أُحُدٍ ". الشيخ : لكن هل الذي جرى أنه شج وجهه أو أنه قال هذا الكلام ؟. من معه شرح آخر ؟. هل الرسول قالها أو حكاها عن غيره .