تتمة حديث جنادة بن أبي أمية قال دخلنا على عبادة بن الصامت وهو مريض فقلنا حدثنا أصلحك الله بحديث ينفع الله به سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال دعانا رسول الله صلى الله عليه وسلم فبايعناه فكان فيما أخذ علينا أن بايعنا على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا وعسرنا ويسرنا وأثرة علينا وأن لا ننازع الأمر أهله قال إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم من الله فيه برهان
الشيخ : وقع باختيار المربي، وباختيار المستثمر فلا ظُلم فيه، إذن هو حلال، إذا صوروا هذا لولي الأمر، واستحل الربا بناءً على هذا التحليل هل يكون كافراً؟ لا يكون كافرا، لأن غالب الأمراء بعد القرن السابع والثامن لا يفهمون شيئاً في الفقه، فهنا نعتقد الذي يستحل الربا كافر، لأنه خالف نص القرآن الكريم : (( وأحل الله البيع وحرم الربا ))، لكن تنزيله على هذا الإمام لا يستقيم، لأنه قد غُرّ، لكن نحن نقول: الشرع كامل من جميع الوجوه: في العبادات، والمعاملات، والأخلاق وفي كل شيء، وأطول آية في القرآن الكريم تتعلق بالمعاملات، فهو كاف، ولا يمكن أن نغير أحكام الله عز وجل باختلاف الأحوال، أو باختلاف الأماكن، أو باختلاف الأمم، إلا ما اختل فيه الشرط الذي رُتّب عليه الحكم الشرعي، والربا محرّم سواء كان استثمارياً أو كان استغلالياً، والدليل على هذا : أنه لما جيء للنبي صلى الله عليه وسلم بتمر جيّد تعجّب منه، وقال من أين هذا؟ فقالوا كنا نأخذ هذا بالصاعين ونأخذ الصاعين بالثلاثة، وهذا فيه ظلم أو لا؟ لأن قيمة هذا من قيمة هذا، قيمة الصاعين هي قيمة الصاع، ما فيه ظلم ولا فيه استغلال، فقال: أوّه عين الربا عين الربا، ثم قال رُدّه، أمر بردّه، وهذا دليل واضح على أن الربا محرم سواء كان فه ظلم أم لم يكن. على كل حال : أعود إلى الحديث : ( إلا أن تروا كفراً ) لا بد أن نرى يعني نعلم علم اليقين على أنه كفر، وهذا يحتاج إلى شيئين : الأول : دلالة الكتاب والسنة على أنه كفر، والثاني : انطباقه على هذا الإمام. أيضاً ( أن تروا كفراً )، إذا رأينا فسقاً علمنا أنه فسق وأن هذا الإمام متحمل للفسق كأن يكون مثلاً يَهْوى الأغاني، يهوى شرب الخمر، يهوى الزنا، ويهوى اللواط، هذا لا يصل إلى حد الكفر، فهل يجوز أن نخرج عليه؟ لا يجوز أن نخرج عليه، لأنه لا بد أن نرى كُفْراً، الثالث : ( بواحا ) : البواح الشيء الواضح، وضوح الشمس في النهار، ليس بالكفر الخفي، بل هو واضح وضوحاً بيّناً، فمثلاً إذا رأينا هذا الإمام يستعمل الخمر مثلاً، يحتمل أنه يستحله، لأنه مُدمن له، ويحتمل أنه لا يستحلّه لكنه ابتُلي به، فهل يكون هذا كفراً بواحاً، لا، لأنا لا ندري هل يستحلّه أو لا، وفرق بين من يستحل الخمر فيكون كافراً، ومن يشربه ويعتقد أنه معصية فلا يكون كافراً. أيضاً : أن يكون عنكم من الله فيه برهان، وهذا شرط ثقيل، يعني أن تكون الأدلة دالة دلالة قاطعة على أنه كفر، فإن كانت تحتمل التأويل، وإن كان الراجح أنه كفر فلا يجوز الخروج عليه، لأن الرهان هو الدليل القاطع. الشروط الآن : العلم، وأن يكون كفراً، وأن يكون واضحًا، وأن يكون فيه دليل قاطع، هذا شرط لجواز المنابذة، بقي شرط مهم: وهو القدرة على التغيير، القدرة على التغيير لا بد منها فلا يمكن أن نقوم على هذا الرجل الكافر كفْراً بواحاً عندنا من الله فيه برهان ونحن ليس معنا قدرة، إذا كان هناك دبابات، وأسلحة ،وقنابل، والواحد منا معه عصا حمار، وسكين المطبخ، هل يمكن أن نقوم، لا يمكن ذلك، لأن معنى ذلك أننا عرضنا أنفسنا للسحق والمحق لا بد من القدرة واضح يا جماعة. إذن المسالة مُقيّدة بقيود شديدة حتى لا يحصل الفوضى، لأنه لو تُرك الأمر وما يراه الإنسان المنابذ لكان كل إنسان يعتقد أن هذا كفر على طول يقوم ، كل هذا الذي سمعتم لحفظ الأمن وعدم التسرع.
قوله :( إلا أن تروا كفرا بواحا ) هل المراد الرؤية البصرية.؟
السائل : قوله : ( إلا أن تروا كفرا بواحا ) ما وجه تفسير الرؤية بالعلم؟ الشيخ : لأنه قد لا يكون منوطاً بالرؤية البصرية، قد يكون مسموعاً، فإذا فسرناه بالعلم شمل ما عُلم بالبصر، أو ما عُلم بالسمع.
قوله:( عندكم من الله فيه برهان ) هل يشمل الآيات الثلاثة من سورة المائدة.؟
السائل : قوله : ( إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم من الله فيه برهان ) هل ينزل عليه الآيات الثلاث التي في سورة المائدة؟ الشيخ : كل شيء كل ما كان للتكفير، والآيات الثلاث معروفٌ خلاف أهل العلم فيها : هل هي أوصاف لموصوف واحد؟ أو أوصاف لعدة موصوفين على حسب حال الحاكم بغير ما أنزل الله، أو أنها ليست في هذه الأمة أصلاً، وإنما هي في أهل الكتاب.
السائل : بالنسبة للاستحلال إذا أقدم شخصٌ على أي معصية كانت سواء كبيرة أم غيرها وأصر عليها، هل بمجرد عمله وإصراره يُحكم عليه بالاستحلال أم أن الاستحلال عمل قلبي لا يظهر إلا إذا تفوّه بلسانه؟ الشيخ : الثاني هو الحق، لأنه كثير من الناس يصرون على المعاصي ويعتقدون أنها حرام، ويقولون عجزنا أن نفتَكَّ منها، وتجده إذا فعل المعصية يستغفر الله منها بل إن بعض الناس ينذر نذراً مُغلّظاً ألا يفعل هذه المعصية ولكنه يعجز، لا بد من هذا، والاستحلال لا يشترط فيه أن يكون الدليل قاطعاً، فلو قال قائل : نعم هذا الحديث قاله الرسول عليه الصلاة والسلام، وصرح بأنه حرام، لكن أرى أنه حلال، يكفر أو لا يكفر؟ يكفر حتى وإن كان من أخبار الآحاد، ما دام يعتقد أن الرسول عليه الصلاة والسلام قاله، ولكنه يقول لا أنا أرى أنه حلال فهو كافر.
هل القدرة على الجهاد لا بد فيها من القدرة كفلسطين.؟
السائل : الحاكم إذا كان مستعمر مثل اليهود في فلسطين، وكسوفا وكشمير وغيرها، إذا لم تكن لدينا قدرة لمقاومتهم هل نمتنع؟ الشيخ : لكن هؤلاء المستعمرون ليسوا من أمرائنا، اللي داخل حدود اليهود ما يستطيعون. السائل : حتى أن بعضهم أفتى في الحملة الفرنسية على مصر أفتى بعدم مقاومة الحملة الفرنسية بسبب عدم القدرة. الشيخ : كل الواجبات لا بد فيها من القدرة كل الواجبات، لقول الله تعالى : (( فاتقوا الله ما استطعتم )). لا ليسوا أعداء بشهادة العالم كله أبدا بل هم أصدقاء لكثير من العالم بل أنا أقول اليهود أصدقاء للأوربيين والأمريكان أصدقاء بلا شك كذلك الصرب أصدقاء والحرب الدائرة الآن بين الصرب والبوسنيين إذا تأمل الإنسان يقول لعلها خطّة متفق عليها، الحلف الأطلسي يضرب الصرب، وهم يضربون الكوسوفيين، ثم إذا خلا إقليم كوسوفا من أهله، عمّروا ما دمّروا على الصرب، والصرب استحلّوا هذا وهو الذي يسمّى التطهير العرقي، نحن لا ندري. السائل : لماذا لا يكون هناك مقاومة لأنه سيذهب الحق مثل موقف الإمام أحمد، ذاك عَقَدي، وهذا أيضا يا شيخ حقوق المسلمين؟ الشيخ : لكن المشكلة الآن المقاومة ليست فكرية، ولا معنوية، المقاومة الآن بدنية، فإذا كانوا أقوى منا لو تحرّكنا لأبادونا، نعم نتربص بهم الدوائر، ونشوف الوقت المناسب.
حدثنا إبراهيم عن مسلم حدثني زهير بن حرب حدثنا شبابة حدثني ورقاء عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إنما الإمام جنة يقاتل من ورائه ويتقى به فإن أمر بتقوى الله عز وجل وعدل كان له بذلك أجر وإن يأمر بغيره كان عليه منه
القارئ : حَدَّثَنِى زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا شَبَابةُ، حَدَّثَنِي وَرْقَاءُ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ : ( إِنَّمَا الْإِمَامُ جُنَّةٌ، يُقَاتَلُ مِنْ وَرَائِهِ، وَيُتَّقَى بِهِ، فَإِنْ أَمَرَ بِتَقْوَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَدَلَ، كَانَ لَهُ بِذَلِكَ أَجْرٌ، وَإِنْ يَأْمُرْ بِغَيْرِهِ كَانَ عَلَيْهِ مِنْهُ ). الشيخ : الشاهد قوله صلى الله عليه وسلم : ( وَإِنْ يَأْمُرْ بِغَيْرِهِ كَانَ عَلَيْهِ مِنْهُ ) أي من الإثم الذي أمر به.
حدثنا محمد بن بشار حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن فرات القزاز عن أبي حازم قال قاعدت أبا هريرة خمس سنين فسمعته يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء كلما هلك نبي خلفه نبي وإنه لا نبي بعدي وستكون خلفاء فتكثر قالوا فما تأمرنا قال فوا ببيعة الأول فالأول وأعطوهم حقهم فإن الله سائلهم عما استرعاهم
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وعبد الله بن براد الأشعري قالا حدثنا عبد الله بن إدريس عن الحسن بن فرات عن أبيه بهذا الإسناد مثله
القارئ : حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ بَرَّادٍ الْأَشْعَرِيُّ، قَالَا : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ إِدْرِيسَ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ فُرَاتٍ، عَنْ أَبِيهِ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ مِثْلَهُ. الشيخ : يقول في الحديث : ( كَانَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ تَسُوسُهُمُ الْأَنْبِيَاءُ، كُلَّمَا هَلَكَ نَبِيٌّ خَلَفَهُ نَبِيٌّ ) ، فيه دليل على أن ما جاءت به الرسل هو السياسة، التي يُساس بها الخلق، وتُدَبر شؤونهم، ويُوجّهون إليها، ومن زعم أن الشريعة قسيمُ السياسة فقد أخطأ وضل، بل الشريعة حقيقة هي السياسة، سياسة الرسل عليهم الصلاة والسلام التي جاؤوا بها من عند الله تعالى ، وهي خير السياسات بلا شك. قوله : ( كلما هلك نبي خلفه نبي وَإِنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي )، لا النافية للجنس، فتنفي أي نبي، يعني لا من كانت نبوته خاصة أو عامة ، ومن ادعى أنه نبي بعد النبي صلى الله عليه وسلم فهو كافر، ومن صدّقه في نبوته فهو كافر، لأنه تكذيب لصريح القرآن، وصريح السنة. ( وَسَتَكُونُ خُلَفَاءُ فَتَكْثُرُ ، قَالُوا : فَمَا تَأْمُرُنَا؟ قَالَ : فُوا بِبَيْعَةِ الْأَوَّلِ، فَالْأَوَّلِ، وَأَعْطُوهُمْ حَقَّهُمْ، فَإِنَّ اللهَ سَائِلُهُمْ عَمَّا اسْتَرْعَاهُمْ ) : يعني إذا تعدّدوا فإنا نأخذ بالأول، مثال ذلك : استولى إنسان على المسلمين، ثم نشأ آخر في مكان ما وطلب البيعة لنفسه فإننا لا نمكنه من ذلك، ونأخذ ببيعة الأول ونقاتل معه هذا الذي قام يريد الخلافة، ولكن هذا مشروط فيما إذا كانت لدينا القدرة، فإذا لم تكن لدينا القدرة ، وإنما تراق دماء وتُهتك أعراض فإنه يجب الصبر.
إذا كان المبايع له الآخر أفضل من الأول فهل يقاتل .؟
السائل : حتى لو كان الآخر أفضل من الأول؟ الشيخ : نعم حتى وإن كان أفضل، فإنه يقاتَل ويُقتَل. الكافر ما له ولاية على المسلمين أصلا وإنما نتربص به الدوائر حتى يقضى عليه حسب القدرة.
السائل : هل من ادّعى النبوة يُقتَل؟ الشيخ : نعم، من ادّعى النبوة يجب قتله لكن من الذي يقتله؟ هل كل أحد يقتله، لا، لا يقتله إلا من له إقامة الحدود، نعم لو فُرض أن إنسان انفرد به في مكان ما وقتله وهو آمن من أن يترتب على ذلك فتنة فلا بأس لأنه مباح الدم.
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا أبو الأحوص ووكيع ح وحدثني أبو سعيد وعثمان حدثنا وكيع ح وحدثنا أبو كريب وابن نمير قالا حدثنا أبو معاوية ح وحدثنا إسحاق بن إبراهيم وعلي بن خشرم قالا أخبرنا عيسى بن يونس كلهم عن الأعمش ح وحدثنا عثمان بن أبي شيبة واللفظ له حدثنا جرير عن الأعمش عن زيد بن وهب عن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنها ستكون بعدي أثرة وأمور تنكرونها قالوا يا رسول الله كيف تأمر من أدرك منا ذلك قال تؤدون الحق الذي عليكم وتسألون الله الذي لكم
القارئ : حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ، وَوَكِيعٌ، ح وحَدَّثَنِي أَبُو سَعِيدٍ الْأَشَجُّ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، ح وحَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، وَابْنُ نُمَيْرٍ، قَالَا : حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، ح وحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَعَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ، قَالَا : أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، كُلُّهُمْ عَنِ الْأَعْمَشِ، ح وحَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَاللَّفْظُ لَهُ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّهَا سَتَكُونُ بَعْدِي أَثَرَةٌ وَأُمُورٌ تُنْكِرُونَهَا، قَالُوا : يَا رَسُولَ اللهِ، كَيْفَ تَأْمُرُ مَنْ أَدْرَكَ مِنَّا ذَلِكَ؟ قَالَ : تُؤَدُّونَ الْحَقَّ الَّذِي عَلَيْكُمْ، وَتَسْأَلُونَ اللهَ الَّذِي لَكُمْ ). الشيخ : انظر إلى هذا التوجيه السليم، إذا رأينا هذه الأمور التي ننكرها من ولاة أمورنا، فإننا ما يجب علينا لهم، ونسأل الله حقّنا، ولا نقول : إنا لا نطيعكم إلا إذا أعطيتمونا حقّنا، لأنهم إذا منعونا حق فقد ظلموا ، ولكن ليس ظلمهم بمبيح لنا ألا نعطيهم حقهم، لأنه لو كان كذلك لحصل فتن عظيمة.
حدثنا زهير بن حرب وإسحاق بن إبراهيم قال إسحاق أخبرنا وقال زهير حدثنا جرير عن الأعمش عن زيد بن وهب عن عبد الرحمن بن عبد رب الكعبة قال دخلت المسجد فإذا عبد الله بن عمرو بن العاص جالس في ظل الكعبة والناس مجتمعون عليه فأتيتهم فجلست إليه فقال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فنزلنا منزلا فمنا من يصلح خباءه ومنا من ينتضل ومنا من هو في جشره إذ نادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة جامعة فاجتمعنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إنه لم يكن نبي قبلي إلا كان حقا عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم وينذرهم شر ما يعلمه لهم وإن أمتكم هذه جعل عافيتها في أولها وسيصيب آخرها بلاء وأمور تنكرونها وتجيء فتنة فيرقق بعضها بعضا وتجيء الفتنة فيقول المؤمن هذه مهلكتي ثم تنكشف وتجيء الفتنة فيقول المؤمن هذه هذه فمن أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر وليأت إلى الناس الذي يحب أن يؤتى إليه ومن بايع إماما فأعطاه صفقة يده وثمرة قلبه فليطعه إن استطاع فإن جاء آخر ينازعه فاضربوا عنق الآخر فدنوت منه فقلت له أنشدك الله آنت سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم فأهوى إلى أذنيه وقلبه بيديه وقال سمعته أذناي ووعاه قلبي فقلت له هذا بن عمك معاوية يأمرنا أن نأكل أموالنا بيننا بالباطل ونقتل أنفسنا والله يقول يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما قال فسكت ساعة ثم قال أطعه في طاعة الله واعصه في معصية الله
القارئ : حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا، وقَالَ زُهَيْرٌ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ رَبِّ الْكَعْبَةِ، قَالَ : ( دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ فَإِذَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ جَالِسٌ فِي ظِلِّ الْكَعْبَةِ، وَالنَّاسُ مُجْتَمِعُونَ عَلَيْهِ، فَأَتَيْتُهُمْ فَجَلَسْتُ إِلَيْهِ، فَقَالَ : كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ، فَنَزَلْنَا مَنْزِلًا فَمِنَّا مَنْ يُصْلِحُ خِبَاءَهُ، وَمِنَّا مَنْ يَنْتَضِلُ، وَمِنَّا مَنْ هُوَ فِي جَشَرِهِ، إِذْ نَادَى مُنَادِي رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : الصَّلَاةَ جَامِعَةً، فَاجْتَمَعْنَا إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ : إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ نَبِيٌّ قَبْلِي إِلَّا كَانَ حَقًّا عَلَيْهِ أَنْ يَدُلَّ أُمَّتَهُ عَلَى خَيْرِ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ، وَيُنْذِرَهُمْ شَرَّ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ، وَإِنَّ أُمَّتَكُمْ هَذِهِ جُعِلَ عَافِيَتُهَا فِي أَوَّلِهَا، وَسَيُصِيبُ آخِرَهَا بَلَاءٌ، وَأُمُورٌ تُنْكِرُونَهَا، وَتَجِيءُ فِتْنَةٌ فَيُرَقِّقُ بَعْضُهَا بَعْضًا، وَتَجِيءُ الْفِتْنَةُ فَيَقُولُ الْمُؤْمِنُ: هَذِهِ مُهْلِكَتِي، ثُمَّ تَنْكَشِفُ وَتَجِيءُ الْفِتْنَةُ، فَيَقُولُ الْمُؤْمِنُ: هَذِهِ هَذِهِ، فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُزَحْزَحَ عَنِ النَّارِ، وَيُدْخَلَ الْجَنَّةَ، فَلْتَأْتِهِ مَنِيَّتُهُ وَهُوَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَلْيَأْتِ إِلَى النَّاسِ الَّذِي يُحِبُّ أَنْ يُؤْتَى إِلَيْهِ، وَمَنْ بَايَعَ إِمَامًا فَأَعْطَاهُ صَفْقَةَ يَدِهِ، وَثَمَرَةَ قَلْبِهِ، فَلْيُطِعْهُ إِنِ اسْتَطَاعَ، فَإِنْ جَاءَ آخَرُ يُنَازِعُهُ فَاضْرِبُوا عُنُقَ الْآخَرِ، فَدَنَوْتُ مِنْهُ، فَقُلْتُ لَهُ : أَنْشُدُكَ اللهَ آنْتَ سَمِعْتَ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَأَهْوَى إِلَى أُذُنَيْهِ، وَقَلْبِهِ بِيَدَيْهِ، وَقَالَ : سَمِعَتْهُ أُذُنَايَ، وَوَعَاهُ قَلْبِي، فَقُلْتُ لَهُ : هَذَا ابْنُ عَمِّكَ مُعَاوِيَةُ، يَأْمُرُنَا أَنْ نَأْكُلَ أَمْوَالَنَا بَيْنَنَا بِالْبَاطِلِ، وَنَقْتُلَ أَنْفُسَنَا، وَاللهُ يَقُولُ : (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا )) قَالَ : فَسَكَتَ سَاعَةً، ثُمَّ قَالَ : (أَطِعْهُ فِي طَاعَةِ اللهِ، وَاعْصِهِ فِي مَعْصِيَةِ اللهِ ). الشيخ : هذا الحديث فيه فوائد منها : أنه إذا حدث أمر مهم فإنه يُنادى الصلاة جامعة، وإن لم يكن صلاة، وهي في الأصل صلاة الكسوف، لأن الشمس كسفت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في تسع وعشرين من شوال في السنة العاشرة يوم مات ابنه إبراهيم، فقالت الناس : كسفت الشمس لموت إبراهيم، على حسب ما كانوا يعتقدون في الجاهلية ، فنادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم : الصلاة ُ جامعةً، قال أهل اللغة : تجوز الصلاةَ جامعةً، ويجوز الصلاةُ جامعة. فعلى الوجه الأول تكون الصلاة مفعولاً لفعل محذوف تقديره احضروا، وجامعةً تكون حالاً من الصلاة، وعلى الوجه الثاني تكون مُبتدأ وخبر، والأوْلى الثاني، لأنه لا يحتاج إلى تقدير، وكل إعراب لا يحتاج إلى تقدير فهو أولى من الإعراب الذي يحتاج إلى تقدير لأن الأصل عدم الحذف، إلا أن يكون هناك نُكتة بلاغية لا تحصل إلا بالتقدير فيؤخذ بالتقدير. المهم أن أصل الصلاة جامعة هي صلاة الكسوف، الصلوات الأخرى لا تقال فيها الصلاة جامعة حتى صلاة العيدين، وصلاة الاستسقاء لا يقال فيها الصلاة جامعة، خلافاً لمن استحب ذلك من الفقهاء رحمهم الله. لما قال الصلاة جامعة اجتمع الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ( إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ نَبِيٌّ قَبْلِي إِلَّا كَانَ حَقًّا عَلَيْهِ أَنْ يَدُلَّ أُمَّتَهُ عَلَى خَيْرِ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ، وَيُنْذِرَهُمْ شَرَّ مَا يَعْلَمُهُ لَهُم )، وهذا حق على كل الرسل، حتى على النبي صلى الله عليه وسلم، وهو حقٌّ على ورثة الرسل أهل العلم، يجب عليهم أن يدلوا الناس على خير ما يعلمونه لهم، لا على ما يهوى الناس ويريدونه، لكن على خير ما يعلمه لهم، وكذلك أيضاً يحَذّرهم شر ما يعلمه لهم، لأن العلماء ورثة الأنبياء، وقد سبق أن النبي صلى الله عليه وسلم بايع الصحابة على أن يقولوا بالحق أينما كانوا، ولا يخافوا في الله لومة لائم. ومن فوائد الحديث : أن سلف هذه الأمة جُعلَت عافية الأمة فيها، يعني أنهم سلموا من الفتن والشرور، ثم حدثت الفتن والشرور بعد أول هذه الأمة، قال: ( وَسَيُصِيبُ آخِرَهَا بَلَاءٌ، وَأُمُورٌ تُنْكِرُونَهَا ) وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن الفتن منذ قُتل عثمان رضي الله عنه بدأت والعياذ بالله تموج بين المسلمين، كما يموج البحر الهائج. ومن فوائد قوله : ( سيصيب آخرها بلاء وأمور ) من فوائدها أن ذلك من آيات النبي صلى الله عليه وسلم، حيث أخبر فوقع بما أخبر، وما أكثر الآيات من هذا النوع، أي إخبار النبي صلى الله عليه وسلم في أمور مستقبلة فتقع كما أخبر. ( وَتَجِيءُ فِتْنَةٌ فَيُرَقِّقُ بَعْضُهَا بَعْضًا ) : المراد بالفتنة هنا الفتن المتعددة، لأن قوله : ( يرقق بعضها بعضاً ) يدل على التعدد، تجيء الفتنة ثم الأخرى ثم الثالثة فيرقّق بعضُها بعضاً أي أن الثانية تجعل الأولى رقيقة، هيّنة، لأن الثانية أشد من الأولى. ( وَتَجِيءُ الْفِتْنَةُ فَيَقُولُ الْمُؤْمِنُ : هَذِهِ مُهْلِكَتِي ) : والمراد فتنة الدين، وهلاك الدين، فتأتي الفتنة فيقول هذه المُهلكة، وسواء نسب الهلاك إلى نفسه أو إلى الأمة فيقول هذه مهلكة الأمة. ( ثُمَّ تَنْكَشِفُ وَتَجِيءُ الْفِتْنَةُ، فَيَقُولُ الْمُؤْمِنُ : هَذِهِ هَذِهِ ) : هذا من باب التعظيم، يعني هذه هي الشديدة، القوية لأنها اقوى من سابقتها، ثم أرشد النبي صلى الله عليه وسلم إلى الخلاص من هذه الفتن : ( فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُزَحْزَحَ عَنِ النَّارِ، وَيُدْخَلَ الْجَنَّةَ، فَلْتَأْتِهِ مَنِيَّتُهُ وَهُوَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَلْيَأْتِ إِلَى النَّاسِ الَّذِي يُحِبُّ أَنْ يُؤْتَى إِلَيْهِ ) : من فوائد هذا الحديث : أنه إذا عظُمت الفتن فإن الإنسان يُصلح نفسه، كما جاء في حديث فيه مقال : ( إذا رأيت شحّاً مُطاعاً، وهوىً متّبعاً، ودنيا مؤثرة، وإعجاب كلّ ذي رأي برأيه، فعليك بنفسك أو قال بخاصة نفسك، ودع عنك أمر العوام )، فهذا الحديث يدل على ما دل عليه الحديث الذي سقته الآن، قال : ( فلتأته منيّته، وهو يؤمن بالله واليوم الآخر ) أي : ثابت على إيمانه لم تُزَعْزعه الفتن، وليأت الناس الذي يحب أن يؤتى إليه، الذي مفعول يأتي، وقوله : إلى الناس، هل المراد إلى الناس أهل الإيمان، أو إلى عموم الناس؟ الجواب : إلى العموم، ويُستثنى من ذلك من بيننا وبينهم حروب، فإنا لا نأتي لهم ما نحب أن يؤتى إلينا لأنهم حربيون ليس بيننا وبينهم عهد ولا ذمّة. قوله : ( الذي يُحب أن يؤتى إليه ) هذا مثل قوله صلى الله عليه وسلم : ( لا يؤمن أحدكم حتى يجب لأخيه ما يحب لنفسه ). ثم قال النبي صلى الله علي وسلم : ( وَمَنْ بَايَعَ إِمَامًا فَأَعْطَاهُ صَفْقَةَ يَدِهِ، وَثَمَرَةَ قَلْبِهِ، فَلْيُطِعْهُ إِنِ اسْتَطَاعَ، فَإِنْ جَاءَ آخَرُ يُنَازِعُهُ فَاضْرِبُوا عُنُقَ الْآخَرِ ) : أعطاه صفقة يده: لأن المبايعة تكون باليد، وثمرة قلبه، لأن القلب هو الذي يريد، وهو الذي يكون فيه العداوة والبغضاء، والولاية والمحبة، فليطعه، وقوله : ( إن استطاع ) هذا من باب الحث على طاعته، لأن كل إنسان في الغالب لا يعجز عن طاعة ولي الأمر، فيكون هذا من باب الحث على طاعته. ( فَإِنْ جَاءَ آخَرُ يُنَازِعُهُ فَاضْرِبُوا عُنُقَ الْآخَرِ ) : في هذه القطعة التي سبقت أنه يجب على كل من بايع إماماً أن يُطيعه، ولكن لو قال قائل : إذا كان هذا الرجل لم يبايع لأنه من عامة الناس الذين لا يؤبه لهم، ولا يُنظر إليهم، والجواب : أنه إذا بايع أهل الحل والعقد في البلد فإن المبايعة تكون للجميع. وقوله : ( فَإِنْ جَاءَ آخَرُ يُنَازِعُهُ فَاضْرِبُوا عُنُقَ الْآخَرِ ) : ينازع الإمامة، يريد أن يأخذها منه فاضربوا عنق الآخر، وفي هذا التعبير ( فاضربوا عنقه ) : دليل على المبالغة في القضاء عليه، فإن قال قائل : هذا الأمر هل يُقَّد بما إذا استطعنا؟ الجواب : نعم، لأن جميع الأوامر مقيّدة بالاستطاعة. ( فَدَنَوْتُ مِنْهُ، فَقُلْتُ لَهُ : أَنْشُدُكَ اللهَ آنْتَ سَمِعْتَ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَأَهْوَى إِلَى أُذُنَيْهِ، وَقَلْبِهِ بِيَدَيْهِ، وَقَالَ : سَمِعَتْهُ أُذُنَايَ، وَوَعَاهُ قَلْبِي ) : وهذا من باب التأكيد وإلا يكفي أن يقول نعم، لكنه أراد أن يؤكد هذا الخبر بأنه سمعه في أذنه ووعاه قلبه فحفظه. القارئ : " ( فقلت له هذا بن عَمِّكَ مُعَاوِيَةُ يَأْمُرُنَا أَنْ نَأْكُلَ أَمْوَالَنَا بَيْنَنَا بِالْبَاطِلِ وَنَقْتُلَ أَنْفُسَنَا وَاللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ وَلَا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إِلَى آخِرِهِ) الْمَقْصُودُ بِهَذَا الْكَلَامِ أَنَّ هَذَا الْقَائِلَ لَمَّا سَمِعَ كَلَامَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْروِ بْنِ الْعَاصِ وَذِكْرَ الْحَدِيثِ فِي تَحْرِيمِ مُنَازَعَةِ الْخَلِيفَةِ الْأَوَّلِ وَأَنَّ الثَّانِيَ يُقْتَلُ فَاعْتَقَدَ هَذَا الْقَائِلُ هَذَا الْوَصْفَ فِي مُعَاوِيَةَ لِمُنَازَعَتِهِ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَكَانَتْ قَدْ سَبَقَتْ بَيْعَةُ عَلِيٍّ فَرَأَى هَذَا أَنَّ نَفَقَةَ مُعَاوِيَةَ عَلَى أَجْنَادِهِ وَأَتْبَاعِهِ فِي حَرْبِ عَلِيٍّ وَمُنَازَعَتِهِ وَمُقَاتَلَتِهِ إِيَّاهُ مِنْ أَكْلِ الْمَالِ بِالْبَاطِلِ وَمِنْ قَتْلِ النَّفْسِ لِأَنَّهُ قِتَالٌ بِغَيْرِ حَقٍّ فَلَا يَسْتَحِقُّ أَحَدٌ مَالًا فِي مُقَاتَلَتِهِ. قَوْلُهُ : ( أَطِعْهُ فِي طَاعَةِ اللَّهِ وَاعْصِهِ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ) هَذَا فِيهِ دَلِيلٌ لِوُجُوبِ طَاعَةِ الْمُتَوَلِّينَ لِلْإِمَامَةِ بِالْقَهْرِ مِنْ غَيْرِ إِجْمَاعٍ وَلَا عَهْدٍ قَوْلُهُ : عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ رَبِّ ". الشيخ : معاوية رضي الله عنه من المعلوم أنه ما أمر بأكل أموال الناس بالباطل وقال : أيها الناس كلوا أموالكم بينكم بالباطل، ولا أمر أيضا أن نقتل بعضنا بعضاً، لكن هذا الحرب الذي وقع مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وقع عن اجتهاد، وظنّ أنه على صواب ، ولكن علي أقرب إلى الصواب منه بلا شك، إلا أن هذه الأمة والحمد لله إذا اجتهد المجتهد وأصاب له أجران، وإذا اخطأ فله أجواحد، ولهذا سكت، ثم ذكر ما يترتب على هذا وقال : أطعه بطاعة الله واعصه بمعصية الله، بمعنى أنه إذا أمرك بشيء فأطعه إلا إذا كان بمعصية فلا تطعه.
إذا كان أمر اختلف في كونه طاعة أو معصية وأمر به الحاكم فهل يطاع.؟
السائل : إذا كان أمر اختلف في كونه طاعة أو معصية وأمر به الحاكم فهل يطاع؟ الشيخ : ذكرنا قبل البارحة أن حكم الحاكم يرفع الخلاف، فإذا كان المسألة مسألة اجتهادية فإنه يُتبعُ الإمام في أمره، لأن حكم الحاكم يرفع الخلاف، من ذلك مثلاً لو قُدّر أن الإمام أمر بصوم يوم الشك، فيوم الشك صومه حرام، لكن العلماء اختلفوا في يوم الشك ما هو؟ هل هو اليوم الذي تكون فيه ليلة الثلاثين من شعبان غائمة، أو مُقترة، أو أن يوم الشك هو أن تكون الليلة صاحية ولا يُرى الهلال؟، فيها خلاف، فإذا كان يرى الرأي الثاني فإنه يُتّبع، على الأقل يتّبع ظاهراً، بمعنى ألا تُعلن الإفطار، ولهذا كان في رواية عن أحمد في هذه المسألة : أن الناس تبع للإمام، فإن صام صاموا وإن أفطر أفطروا.
السائل : كيف خرج معاوية على علي وحصل بينهما قتال؟ الشيخ : يوجه كلامه أولا معاوية رضي الله عنه ومن كان معه لا يرون لعليّ خلافة، ويقولون لا يمكن أن نبايعك حتى تقتل قتلة عثمان، فهم لا يرونه أصلاً خليفة. السائل : ... . الشيخ : لا ماهو صحيح، كما قلت لكم أن في هذا الحديث مقال فبعض العلماء ضعّفه، لكن على تقدير صحته نقول : لا تُتْعب نفسك في هدايتهم، لأن بعض الناس الآن يُتعب نفسه في هدايتهم، وينسى نفسه، تجده حتى في صلاته عنده هواجس، ماذا نقول اليوم ، ماذا نفعل اليوم، وهذا لا ينبغي.
القارئ : قال القرطبي رحمه الله في * المفهم * : " ما ذكره عبد الرحمن عن معاوية إغياء في الكلام على حسب ظنه وتأويله، وإلا فمعاوية رضي الله عنه لم يُعرف من حاله ولا من سيرته شيء مما قاله له، وإنما هذا كما قال بعض الأعراب : إن ناساً من المصدّقينَ يظلموننا، فسمّوا أخذ الصدقة ظُلمًا حسب ما وقع لهم ". الشيخ : بس النووي كلامه أجود.
وحدثني محمد بن رافع حدثنا أبو المنذر إسماعيل بن عمر حدثنا يونس بن أبي إسحاق الهمداني حدثنا عبد الله بن أبي السفر عن عامر عن عبد الرحمن بن عبد رب الكعبة الصائدي قال رأيت جماعة عند الكعبة فذكر نحو حديث الأعمش
حدثنا محمد بن المثنى ومحمد بن بشار قالا حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة قال سمعت قتادة يحدث عن أنس بن مالك عن أسيد بن حضير أن رجلا من الأنصار خلا برسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ألا تستعملني كما استعملت فلانا فقال إنكم ستلقون بعدي أثرة فاصبروا حتى تلقوني على الحوض
وحدثني يحيى بن حبيب حدثنا خالد يعني بن الحارث حدثنا شعبة بن الحجاج عن قتادة قال سمعت أنسا يحدث عن أسيد بن حضير أن رجلا من الأنصار خلا برسول الله صلى الله عليه وسلم بمثله
هل البخيل بالصدقة لم يعمل بحديث:( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه ) .؟
السائل : هل البخيل بالصدقة لا يعمل بقوله : ( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يُحب لنفسه )؟ الشيخ : إن كان بخل بالنفقة الوجبة، أو الصدقة الواجبة فإنه حرامٌ عليه، الآخذ والمعطي لا يدخل في هذا، وإلا لقلنا : كل غني يجب عليه أن ينفق على الفقراء حتى يساووه في الغنى، مثلاً : أنت تحب لنفسك أن يرزقك الله علماً أحبه لأخيك، تحب أن يرزقك مالاً أحبه لأخيك، أن ييسر الله أمرك أحبه لأخيك هذا معنى الحديث. السائل : ... . الشيخ : هذه تختلف الولاة الآن كما تعرف ما هو والي واحد على المسلمين .