تتمة شرح لباب ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فلأولى رجل ذكر
الشيخ : وعلى هذا إذا كان معهما زوج لا بد أن يختلف الحكم ، لأن الحكم المرتب على شرط أو وصف إذا تغير هذا الشرط أو الوصف لا بد أن يتغير الحكم ، إذا تغير الحكم نرجع إلى القياس ، فنقول : ما فضل عن الزوج فكأنه مالٌ مستقل. ومعلوم من الآية أنه إذا ورث الميت أبواه كيف يقتسمان المال؟ للأم الثلث والباقي للأب ، فنقول : ميراث الزوج في هذه الصورة كأنه وفاء غريم ، يعني كأن أحد يطلب نصف المال فنعطيه نصيبه ، ثم نقسم المال بعد ذلك على فرائض الله ، للأم الثلث والباقي للأب وبهذا نعرف أن هذه الصورة لا تخالف القرآن ، بل توافقه قياسًا ، ولا تخالفه مفهومًا. طيب مثال آخر : هلك رجل عن زوجة وأم أب ، كم للزوجة ؟ الربع ، أخذت الربع ، كم للأم؟ ظاهر القرآن يكون لها الثلث والباقي للأب هذا غير صحيح ، لأن نقول : إن الله عز وجل جعل للأم الثلث مع الأب إذا انفردا بميراثه ، وورثه أبواه ، وهنا لم ينفردا بالميراث ، فنقول : إذن إذا فقد الشرط فلا بد أن يتغير الحكم. إذا تغير فلنقدر أن الباقي بعد فرض الزوج يكون للأب والأم ، كأنه مالٌ مستقل ، وإذا ورثت الأم والأب مالًا مستقلًا صار للأم الثلث ، فنقول : الآن للأم الثلث الباقي ، والباقي للأب. وهذا قياس مضطرد على ما إذا ورثه أبواه ، وقياس مضطرد على أنه إذا اجتمع ذكر وأنثى في جهة واحدة ومنزلة واحدة فالقاعدة في الفرائض أن للذكر مثل حظ الأنثيين. هاتان المسألتان تسميان عند أهل الفرائض بالعمريتين، لأنهما أول ما وقعتا في عهد عمر رضي الله عنه ، يعني لم تقع في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولا في عهد أبي بكر ، وقعتا في عهد عمر فقضى بهما على أن للزوج فرضه سواء الزوجة أو الزوج ، وما بقي فللأم ثلثه وللأب الباقي.
ما وجه التفريق بين المولى الذي هلك عن بنت سيده أو ولد سيده؟
السائل : ... فلو هلك هذا المولى عن بنت سيده لا ترثه ، لكن لو هلك عن ابن سيده يرثه ، وجه التفريق ما فهمت ؟ الشيخ : لأن الولاء ما فيه ميراث للنساء إلّا المعتقة فقط ، وهذا فيه خلاف ، لكن هذا الذي عليه الجمهور.
السائل : ... ؟ الشيخ : ما في دليل أبدا حتى مثلًا إذا قدمت مثل الزوجة أن للأم الثلث فهنا تخالف الفرائض في كل وجه ، الأب الآن لا يرث ميراث للذكر مثل حظ الأنثيين ، ولا التساوي الذكر والأنثى ، أليس كذلك ؟ لأننا إذا قلنا من اثني عشر المسألة، للزوجة الربع ثلاثة ، بقي معنا تسعة ، للأم الثلث : أربعة ، ويش يبقى معنا ؟ خمسة : الآن الأب لا ورث ميراث للذكر ضعف الأنثى ولا تسوية الذكر والأنثى ، ولا نظير لهذا الحكم في الفرائض يكون هذا أشد مخالفة. السائل : ... . الشيخ : ما معهم ذكور يعني لأنه لو صار معهم ذكور صاروا عصبة بالغير. خرجنا عن القاعدة الظاهر.
السائل : قوله لأولى رجل ذكر إذا كان صغير يعطى هذا المال أم لا؟ الشيخ : يُعطى المال لأن العلة الذكورية وأما الرجل فهو بيان للحكمة والعلة ، المعتمد أنه ذكر.
السائل : التعبير بالعصبة بالغير والعصبة مع الغير ... ؟ الشيخ : لأن " بالغير " الباء للسببية فالبنات مع الأبناء والأخوات مع الإخوة ، صرن عاصبات بسبب هؤلاء ، أما المعية في قولنا : " عصبة مع الغير " فلأنه لا مناسبة بين البنات اللاتي يرثن بالفرض والأخوات يعني ما في أحد جعلهن عصبة إلا الاجتماع مع البنات ولهذا عبروا بهذا التعبير : " عصبة مع الغير ".
السائل : اللقيط يرثه الواجد هل هذا داخل في الولاء أو حساب مستقل ؟ الشيخ : مرت معنا ، يا ابن النور ، ماذا قلنا ؟ السائل : ... ؟ الشيخ : الزاد يقول : " وميراثه وديته لبيت المال " المذهب أنه لبيت المال ، القول الثاني عند شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أنه للاقط ، وفي السنن ثلاث مواريث والإشكال . السائل : يدخل في الولاء ... ؟ الشيخ : سببه مستقل. السائل : الأسباب التي ذكرناها ثلاثة ... ؟ الشيخ : فيه التحالف شيخ الإسلام يرى أنه سبب من أسباب الإرث ، وفيه التآخي ، ولكن ما تطمئن النفس.
السائل : امرأة لها ولاء ... ؟ الشيخ : هي موجودة المعتقة فصار عندا ابن وأب ، لو ماتت هذه المعتقة عن ابنها وأبيها ، فمن الوارث بالتعصيب الابن اجزم ؟ السائل : نعم . الشيخ : والأب كأنك على أرجوحة ما ثبت ثابت بعض الأئمة هنا يقول إن الميراث للابن فقط ، لأنه لا فرض في الولاء ، والصحيح أن للأب الثلث والابن الباقي وأنه في هذه الصورة يكون ميراث الفرض في الولاء.
القارئ : بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين ، وصلى اللهم وبارك على أشرف الأنبياء والمرسلين ، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين ، أما بعد فقد قال الإمام مسلم رحمه الله تعالى في صحيحه كتاب الفرائض ، في باب ميراث الكلالة.
حدثنا عمرو بن محمد بن بكير الناقد حدثنا سفيان بن عيينة عن محمد بن المنكدر سمع جابر بن عبد الله قال مرضت فأتاني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر يعوداني ماشيان فأغمي علي فتوضأ ثم صب علي من وضوئه فأفقت قلت يا رسول الله كيف أقضي في مالي فلم يرد علي شيئا حتى نزلت آية الميراث يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة
القارئ : حدّثنا عمرو بن محمّد بن بكيرٍ النّاقد ، قال حدّثنا سفيان بن عيينة ، عن محمّد بن المنكدر ، سمع جابر بن عبد الله ، قال : ( مرضت فأتاني رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأبو بكرٍ يعوداني ماشيين ، فأغمي عليّ ، فتوضّأ ، ثمّ صبّ عليّ من وضوئه ، فأفقت ، قلت : يا رسول الله ، كيف أقضي في مالي؟ فلم يردّ عليّ شيئًا ، حتّى نزلت آية الميراث : ((يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة )) [النساء : 176] ). الشيخ : بسم الله الرحمن الرحيم الكلالة هي أن يموت الإنسان وليس له أصل ولا فرع ، يعني أن الذي يرثه هم الحواشي ، دليل ذلك قول الله تبارك وتعالى : (( يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة إن امرؤ هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك )) وكونه له النصف يستلزم أنه ليس له والد ، لأنه لو كان له والد لحجبها ، أما عدم الفرع فقوله : (( ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك وهو يرثها إن لم يكن لها ولد )) إذن ليس لها أب ، لأنه لو كان لها أب لم يرثها أخوها. ثم ذكر الله تعالى بقية الآية. إذن فالكلالة : الرجل يموت وليس له أصل ولا فرع.
الشيخ : وفي هذا الحديث دليل على أن عيادة المريض سنة ، لفعل النبي صلى الله عليه وسلم ، وهي من حق المسلم على أخيه ، وهي واجبة على القول الراجح ، لكنها فرض كفاية ، إذا قام بها من يكفي سقط عن الباقين والمريض الذي يعاد هو الذي انقطع عن الخروج ، أما المريض الذي مرضه يسير يمشي في الناس ، كوجع الضرس ووجع العين ووجع الرأس اليسير فهذا لا يعاد ، إنما يعاد من غاب. ثم إن السنة في عيادة المريض أن تكون بحسب الحاجة ، يعني : ألا يطيل المقام عنده ، إلا أن يرى أنه يسر بذلك لأن المريض مشغول بنفسه ، وربما لا يحب أن أحدًا يأتي إليه ، يود أن يكون أهله عنده ، وما أشبه ذلك. فالنفس ضيقة ، والصدر ضيق ، فإذا أبطأت عنده ضيقت عليه ، لكن إذا علمت أنه يسر بذلك فإن إدخال السرور على أخيك المسلم ولا سيما المريض من أفضل الأعمال. ثم ينبغي للعائد للمريض أن يسأله عن حاله أولًا ، وعن عبادته : كيف تصلى ، كيف تطهر حتى يكون ذلك من بركتك لأن بعض المرضى إذا جاز لهم الجمع ظنوا أن القصر جائز ، وقد وقع ذلك عليّ ، زرت أحد المرضى فسألته عن حاله كيف صلاتك؟ قال : لي خمسة عشر يومًا أجمع وأقصر وهو في البلد ، يظن أنه من لازم الجمع القصر وهذا يخفى على كثير من الناس ، وكذلك تسأله عن الوضوء كيف يتوضأ كيف يتيمم، وكذلك تذكره باغتنام الوقت ، تقول : أنت الآن فارغ لا عندك شغل لا في الدكان ولا في البيت ولا في السوق ، وما أشبه ذلك ، اغتنم هذه الفرصة بكثرة العمل الصالح ، كالذكر وقراءة القرآن ، وما أشبه ذلك. وكذلك أيضًا إذا كان ممن يداخل الناس كثيرًا في البيع والشراء والأخذ والإعطاء ، تذكره فتقول : لا حرج عليك أن تذكر ما لك وما عليك ، لأنك لا تدري كم من إنسان مات وهو على فراشه صحيحًا ، فتذكره التوبة والوصية. وتنفس له في الأجل ، لا تقل : والله مرض كذا مرض خطير! فلان مرض هذا المرض وقعد يومين ومات! وما أشبه ذلك ، لأن بعض الناس يفعل هذا مسكين هذا غلط نفس له في الأجل قل : أنت اليوم خير من أمس ، وأنت صادق ، هو اليوم خير من أمس إذا كان صابرًا، لأنه يزداد أجرًا وخيرًا عند الله عز وجل. وأيضًا إذا كان أحد قد أصيب مثل مرضه وشفي تذكر له ، أو بغير مرضه تقول : كم من إنسان أتوا له بالحنوط ، ووعدوا الغاسل وحفروا القبر ثم بقي سنين من أجل أن تدخل عليه السرور وهل تزوره كل يوم؟ الجواب : هذا يختلف بحسب الناس ، بحسب قربه منك وصلته بك ، وبحسب رغبته في فترة الزيارة ، قد يكون بعض الناس له حق عليك ، إن لم تكن عنده كل زمن فلا أقل من الصباح والمساء ، وقد يكون أيضًا بعض الناس يرغب أن تزوره في الصباح والمساء ، فالمهم أن مثل هذه الأمور ترجع إلى حال الشخص. وفي هذا الحديث : دليل على ملازمة أبي بكر الصديق رضي الله عنه لرسول صلى الله عليه وسلم ، فإنه قلّ أن يوجد الرسول صلى الله عليه وسلم إلا ومعه أبو بكر مما يدل على كمال صداقته لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومحبته له وأنه كما قال عليه الصلاة والسلام : "لو كنت متخذًا من أمتي خليلًا لاتخذت أبا بكر". وقد يؤخذ منه أيضًا : استحباب العيادة ماشيًا وقد لا يؤخذ لأنك لا تستطيع أن تجزم بأن الرسول صلى الله عليه وسلم فعل ذلك تعبدًا وتقربًا إلى الله ، إذ لم يكون قد تيسّر له مركوب في ذلك الوقت ، وقد يكون المدى قصيرًا لا يحتاج إلى ركوب وما أشبه ذلك. وفيه أيضًا من فوائده : أن الرسول صلى الله عليه وسلم مبارك ، فإنه لما أغمي على جابر رضي الله عنه توضأ وصب عليه من وضوئه ، والظاهر أن المراد وضوئه الذي يتناثر منه لا الذي في الإناء، لأن الذي يتناثر منه أكثر مساسًا لجسد النبي صلى الله عليه وسلم مما يغترف منه إذ أن الذي يغترف منه لا يمس من جسده إلا الكفان. ومن فوائد هذا الحديث : استشارة أهل العلم والإيمان والثقة ، لأن جابر رضي الله عنه استشار النبي صلى الله عليه وسلم في ماله ماذا يقضي به. ومن فوائده : توقف الإنسان في الجواب عما لا يعلم لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يرد على جابر شيئًا ، وهو أعلم الخلق بشريعة الله ، ومع ذلك لم يرد شيئًا، حتى نزلت الآية وهذا -أعني التوقف فيما ليس لك به علم- واجب ، لقول الله تعالى : (( قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون )) وهذه الآية كما ترون انتقال من الأدنى إلى الأعلى ، ولهذا قال العلماء : إن القول على الله بلا علم أعظم من الشرك، لأن المشرك لا يتعدى ظلمه نفسه ، لكن القائل على الله بلا علم فيه جنايات : أولًا : التعدي في حق الله عز وجل ، حيث قال عليه ما لم يقل وما لم يعلم. الثاني : إضلال الخلق ، فإن إضلال الخلق من أعظم الأمور. الثالث : التعدي على الشريعة ، لأنه سيقول : هذا حلال وهذا حرام ، أو هذا واجب في شريعة الله وهو لم يعلم عن ذلك. فكان القول على الله بغير علم أعظم من الشرك، وذلك لسوء آثاره. ومن فوائد هذا الحديث : أن القرآن نزل منجمًا لم ينزل دفعة واحدة ، وقد اعترض المكذبون لرسول الله صلى الله عليه وسلم على هذا ، (( وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة )) كما أنزلت الكتب السابقة ، فرد الله عليهم بقوله : (( كذلك )) يعني أنزلناه كذلك (( لنثبت به فؤادك )). وفائدة أخرى ذكرها الله تعالى في سورة الإسراء : (( وقرآنًا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلا )). ومن فوائد هذه الآية الكريمة : الإخبار عن الله تعالى بأنه مفتي ، (( قل الله يفتيكم )) وهو سبحانه وتعالى المفتي الذي نقض لفتواه ولا معقب لحكمه لأن الحكم لله عز وجل : (( إن الحكم إلا لله )). وذلك أن الأفعال- أفعال الله تعالى - لا منتهى لها ، فكل ما يمكن أن يفعله الله عز وجل فإنه يمكن أن تصفه به على أنه فعل من أفعاله يفعله متى شاء. ومن فوائدها : حرص الصحابة رضي الله عنهم على العلم ، لقوله : (( يستفتونك )) يعني الصحابة يستفتون النبي صلى الله عليه وسلم وهذا دأبهم رضي الله عنهم ، أنهم يستفتون النبي صلى الله عليه وسلم في كل ما لم يحيطوا به علمًا.
حدثني محمد بن حاتم بن ميمون حدثنا حجاج بن محمد حدثنا بن جريج قال أخبرني بن المنكدر عن جابر بن عبد الله قال عادني النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر في بني سلمة يمشيان فوجدني لا أعقل فدعا بماء فتوضأ ثم رش علي منه فأفقت فقلت كيف أصنع في مالي يا رسول الله فنزلت يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين
القارئ : حدّثني محمّد بن حاتم بن ميمونٍ ، حدّثنا حجّاج بن محمّدٍ ، حدّثنا ابن جريجٍ ، قال : أخبرني ابن المنكدر ، عن جابر بن عبد الله ، قال : ( عادني النّبيّ صلى الله عليه وسلم ، وأبو بكرٍ في بني سلمة يمشيان ، فوجدني لا أعقل ، فدعا بماءٍ فتوضّأ ، ثمّ رشّ عليّ منه ، فأفقت ، فقلت : كيف أصنع في مالي يا رسول الله؟ فنزلت : (( يوصيكم الله في أولادكم للذّكر مثل حظّ الأنثيين )) [النساء : 11]. الشيخ :(( يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين )) وسواء كانوا من الصلب الأبناء أو من الصلب الأنزل ، فابن وبنت للذكر مثل حظ الأنثيين ، وابن ابن وبنت ابن للذكر مثل حظ الأنثيين ، وهلم جرًّا وابن بنت وبنت بنت لا ، لأن أولاد البنات لا يرثون كأولاد الأولاد كما مر. ومن فوائد الآية الكريمة : (( يوصيكم الله في أولادكم )) أن الله عز وجل أرحم بنا من آبائنا وأمهاتنا هو أوصى آباءنا وأمهاتنا فينا وهذا شيء ثابت بالسنة الصريحة جاءت امرأة تبحث في السبي عن ولد لها ، فلما رأته أخذته وضمته على صدرها فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( أترون هذه تلقي ولدها في النار؟! ) وتعرفون الشفقة لما وجدته وأخذته بحنو وشفقة ، قد لا نتصور نحن هذه الصورة ، لكنها صورة عظيمة ( أترون هذه تلقي ولدها في النار قالوا : لا يا رسول الله قال : لله أرحم بعباده من هذه الوالدة بولدها ) وبهذا الحديث وبغيره من النصوص يتبين أن العقوبات التي فرضها الله على عبادة في الجرائم أنها رحمة ، وأنها ليست كما يقول أعداء الإسلام وحشية وهمجية ، بل هي الرحمة والحكمة. لكن أعداء الإسلام يقولون إن الرسول صلى الله عليه وسلم إنه ساحر ، شاعر ، كاهن ، مجنون ولا غرو أن يقولوا عن أحكام الإسلام أنها همجية ووحشية لكن يجب علينا أن نصمد أمام هذا وألا ننهزم وأن نقول : إن كانت إقامة حدود الله في عباد الله همجية ووحشية فنحن همج ووحش ولا يضرنا أن تقولوا هكذا. هنا سؤال قد يكون ليس من الحكمة أن نورده ، ولكن : لم قال (( للذكر مثل حظ الأنثيين )) ولم يقل : (( للأنثى نصف حظ الذكر )) لأن التعبير بالأكثر والحظ أولى من التعبير بالأنقص. وإلا لا يستقيم الكلام لو قال : ( للأنثى نصف حظ الذكر ) لكن للذكر مثل حظ الأنثيين ، هذا ذكر للزيادة وهو أولى من ذكر النقص هذا من جهة ، ومن جهة أخرى : ليتبين أن الرجل أحق بالتفضيل إذ أنه نص على تفصيله ، لكن لو قلنا : ( للأنثى نصف الذكر ) ليس نصًّا على تفضيله ولكنه يؤخذ باللازم ، لأنه إذا كان للأنثى النصف فمن اللازم من ذلك أن يكون الذكر مفضل عليها فالله أعلم بما أراد بكلامه.
حدثنا عبيد الله بن عمر القواريري حدثنا عبد الرحمن يعني بن مهدي حدثنا سفيان قال سمعت محمد بن المنكدر قال سمعت جابر بن عبد الله يقول عادني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا مريض ومعه أبو بكر ماشيين فوجدني قد أغمي علي فتوضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم صب علي من وضوئه فأفقت فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله كيف أصنع في مالي فلم يرد علي شيئا حتى نزلت آية الميراث
القارئ : حدّثنا عبيد الله بن عمر القواريريّ ، حدّثنا عبد الرّحمن يعني ابن مهديٍّ ، حدّثنا سفيان ، قال : سمعت محمّد بن المنكدر ، قال : سمعت جابر بن عبد الله ، يقول : ( عادني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا مريضٌ ، ومعه أبو بكرٍ ماشيين ، فوجدني قد أغمي عليّ ، فتوضّأ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثمّ صبّ عليّ من وضوئه ، فأفقت ، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقلت : يا رسول الله ، كيف أصنع في مالي؟ فلم يردّ عليّ شيئًا حتّى نزلت آية الميراث ). الشيخ : هذا صريح فيأن رسول الله صلى الله عليه وسلم صب عليه من الماء الذي توضأ منه ، وعلى هذا يكون ما شرحناه أولًا مخالفًا لظاهر اللفظ ويكون البركة التي حصلت بماذا؟ بغمس النبي صلى الله عليه وسلم كفه في الإناء لأن المعروف أن الرسول صلى الله عليه وسلم عند الوضوء إنما يكفئ الإناء عند أول غسل الكفين في أول الوضوء ، والباقي يغترف.
حدثني محمد بن حاتم حدثنا بهز حدثنا شعبة أخبرني محمد بن المنكدر قال سمعت جابر بن عبد الله يقول دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا مريض لا أعقل فتوضأ فصبوا علي من وضوئه فعقلت فقلت يا رسول الله إنما يرثني كلالة فنزلت آية الميراث فقلت لمحمد بن المنكدر يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة قال هكذا أنزلت
القارئ : حدّثني محمّد بن حاتمٍ ، حدّثنا بهزٌ ، حدّثنا شعبة ، أخبرني محمّد بن المنكدر ، قال : سمعت جابر بن عبد الله ، يقول : ( دخل عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا مريضٌ لا أعقل ، فتوضّأ ، فصبّوا عليّ من وضوئه ، فعقلت ، فقلت : يا رسول الله ، إنّما يرثني كلالةٌ ، فنزلت آية الميراث ، فقلت لمحمّد بن المنكدر : (( يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة )) [النساء : 176] ، قال : هكذا أنزلت ). الشيخ : شرح الجملة هذه كأن فيه إشكال في هذا اللفظ أو ليس بهذا اللفظ ، قوله : ( هكذا أنزلت ) إلا أن يريد ( هكذا أنزلت ) يعني بيان سبب النزول ، يعني أنها أنزلت لسبب وهو أن جابرًا سأل النبي صلى الله عليه وسلم . السائل : لكن ما يكون الإشكال أحسن الله إليك بناء على أنه جاء في اللفظ (( يوصيكم الله في أولادكم )) بناء على ما تقدم أن الذي نزل في أحد الأسباب (( يوصيكم الله في أولادكم )) وفي السبب الآخر (( يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة )) ؟ الشيخ : اللفظ الأول ما ذكر الكلالة. السائل : إلا نزلت آية الميراث (( يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة )). الشيخ : لا الذي فيه الأولاد (( يوصيكم الله في أولادكم )) ما ذكر الكلالة لا في الثانية. السائل : إي أنا أقول إنه قال هكذا أنزلت يعني (( يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة )) ليس (( يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين )) . الشيخ : هذاك يقول فنزلت (( يوصيكم الله )) ما أدري ما هي بظاهرة. السائل : لأن وجود (( يوصيكم الله في أولادكم )) ما يعكر عليه جابر ليس له أولاد ؟ الشيخ : لا قصده الآيات المتتالية يعني يعبرون بأول لأن أول الكلالة (( يوصيكم الله في أولادكم )) ثم ذكر (( وإن كان رجل يورث كلالة )) في الآية التي بعدها ما هي بواضحة.
حدثنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا النضر بن شميل وأبو عامر العقدي ح وحدثنا محمد بن المثنى حدثنا وهب بن جرير كلهم عن شعبة بهذا الإسناد في حديث وهب بن جرير فنزلت آية الفرائض وفي حديث النضر والعقدي فنزلت آية الفرض وليس في رواية أحد منهم قول شعبة لابن المنكدر
القارئ : حدّثنا إسحاق بن إبراهيم ، أخبرنا النّضر بن شميلٍ ، وأبو عامرٍ العقديّ ، ح وحدّثنا محمّد بن المثنّى ، حدّثنا وهب بن جريرٍ ، كلّهم عن شعبة ، بهذا الإسناد في حديث وهب بن جريرٍ : فنزلت آية الفرائض ، وفي حديث النّضر ، والعقديّ : فنزلت آية الفرض ، وليس في رواية أحدٍ منهم قول شعبة لابن المنكدر.
حدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي ومحمد بن المثنى واللفظ لابن المثنى قالا حدثنا يحيى بن سعيد حدثنا هشام حدثنا قتادة عن سالم بن أبي الجعد عن معدان بن أبي طلحة أن عمر بن الخطاب خطب يوم جمعة فذكر نبي الله صلى الله عليه وسلم وذكر أبا بكر ثم قال إني لا أدع بعدي شيئا أهم عندي من الكلالة ما راجعت رسول الله صلى الله عليه وسلم في شيء ما راجعته في الكلالة وما أغلظ لي في شيء ما أغلظ لي فيه حتى طعن بإصبعه في صدري وقال يا عمر ألا تكفيك آية الصيف التي في آخر سورة النساء وإني إن أعش أقض فيها بقضية يقضي بها من يقرأ القرآن ومن لا يقرأ القرآن
القارئ : حدّثنا محمّد بن أبي بكرٍ المقدّميّ ، ومحمّد بن المثنّى ، واللّفظ لابن المثنّى ، قالا : حدّثنا يحيى بن سعيدٍ ، حدّثنا هشامٌ ، حدّثنا قتادة ، عن سالم بن أبي الجعد ، عن معدان بن أبي طلحة ، ( أنّ عمر بن الخطّاب ، خطب يوم جمعةٍ ، فذكر نبيّ الله صلى الله عليه وسلم ، وذكر أبا بكرٍ ، ثمّ قال : إنّي لا أدع بعدي شيئًا أهمّ عندي من الكلالة ، ما راجعت رسول الله صلى الله عليه وسلم في شيءٍ ما راجعته في الكلالة ، وما أغلظ لي في شيءٍ ما أغلظ لي فيه ، حتّى طعن بإصبعه في صدري ، وقال : يا عمر ، ألا تكفيك آية الصّيف الّتي في آخر سورة النّساء ، وإنّي إن أعش أقض فيها بقضيّةٍ يقضي بها من يقرأ القرآن ، ومن لا يقرأ القرآن ). الشيخ : هذا يدل على ورع عمر رضي الله عنه ، وعدم تقدمه في شيء لم يدركه يقينًا ، وإلا فآية الكلالة آخر النساء كما قال النبي صلى الله عليه وسلم واضحة ، ولهذا أغلظ له عليه الصلاة والسلام ، حتى طعن بأصبعه في صدره.
وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا إسماعيل بن علية عن سعيد بن أبي عروبة ح وحدثنا زهير بن حرب وإسحاق بن إبراهيم وابن رافع عن شبابة بن سوار عن شعبة كلاهما عن قتادة بهذا الإسناد نحوه
القارئ : وحدّثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، حدّثنا إسماعيل ابن عليّة ، عن سعيد بن أبي عروبة ، ح وحدّثنا زهير بن حربٍ ، وإسحاق بن إبراهيم ، وابن رافعٍ ، عن شبابة بن سوّارٍ ، عن شعبة ، كلاهما عن قتادة بهذا الإسناد نحوه.
هل الآيتان وهما قوله تعالى( يستفتونك ....) وقوله تعالى (يوصيكم الله في أولادكم)نزلتا في سبب واحد؟
السائل : ... هل الآيتان نزلتا في سبب واحد ؟ الشيخ : أحيانًا يتعدد السبب ، وأحيانًا يقول آية الميراث ، وأحيانًا آية الفرائض ، وأحيانًا آية الفرض ، هذا مع اختلاف الرواة ، لكن الأصل لا يختلف ، وهو أن جابر رضي الله عنه أشكل عليه فنزلت الآية في الكلالة. السائل : ... ؟ الشيخ : عندنا ثلاثة آيات : (( يوصيكم الله في أولادكم ))(( وإن كان رجل يورث كلالة أو امرأة ))(( ويستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة )). وآية الكلالة الوحيدة التي بينت هي (( يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة )).
استدلال بعض أهل العلم بحديث جابرعلى طهارة الماء المستعمل لم يرد فيه أنه توضأ؟
السائل : استدلال بعض أهل العلم بحديث جابر ( توضأ فصب علي من وضوءه ) على أن الماء المستعمل في الوضوء طهور ، مع أن الحديث ليس فيه ذكر أن جابر توضأ منه ؟ الشيخ : لكن هل نحن في حاجة إلى أن نستدل على أن الماء المستعمل طهور لسنا فس حاجة ، الذي يقول بأنه انتقل من الطهورية إلى أن كان طاهرا هو الذي عليه الدليل .
يستدل بعض الصوفيه بهذا الحديث في جواز التبرك بالصالحين فإذا قيل لهم هو خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم قالواما الدليل على الخصوصية فكيف الجواب؟
السائل : بعض الصوفية يقولون ... ؟ الشيخ : نعم صدقوا الخصوصية تحتاج إلى دليل ، الدليل أن أبا بكر وعمر وعثمان وعلي وابن مسعود وابن عباس أفضل من أوليائهم ، ومع ذلك يتبركون بهم أو لا مع قيام المقتضي وانتفاء المانع يكفي هذا ولا ما يكفي.
السائل : ... ؟ الشيخ :" ح " يعني تحويل في السند ، يريد بذلك اختصارًا بدلًا ما يسوقون السند والحديث يسوقون السند ثم يقول : " ح " يعني تحول من السند الأول إلى السند الثاني أما حدثنا وأخبرنا فهذه عند المتقدمين لا فرق بينهما وعند المتأخرين من علماء الحديث يفرقون بين الحديث لمن سمعه من الشيخ والخبر أخبرنا أوسع من هذا ، قد يطلق على من قرأ على الشيخ ، وقد يطلق على من سمع من الشيخ.
حدثنا علي بن خشرم أخبرنا وكيع عن بن أبي خالد عن أبي إسحاق عن البراء قال آخر آية أنزلت من القرآن يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة
القارئ : حدّثنا عليّ بن خشرمٍ ، أخبرنا وكيعٌ ، عن ابن أبي خالدٍ ، عن أبي إسحاق ، عن البراء ، قال : ( آخر آيةٍ أنزلت من القرآن : (( يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة )) [النساء : 176] ).
حدثنا محمد بن المثنى وابن بشار قالا حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن أبي إسحاق قال سمعت البراء بن عازب يقول آخر آية أنزلت آية الكلالة وآخر سورة أنزلت براءة
القارئ : حدّثنا محمّد بن المثنّى ، وابن بشّارٍ ، قالا : حدّثنا محمّد بن جعفرٍ ، حدّثنا شعبة ، عن أبي إسحاق ، قال : سمعت البراء بن عازبٍ ، يقول : ( آخر آيةٍ أنزلت : آية الكلالة ، وآخر سورةٍ أنزلت : براءة ).
حدثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي أخبرنا عيسى وهو بن يونس حدثنا زكريا عن أبي إسحاق عن البراء أن آخر سورة أنزلت تامة سورة التوبة وأن آخر آية أنزلت آية الكلالة
القارئ : حدّثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظليّ ، قال أخبرنا عيسى وهو ابن يونس ، قال حدّثنا زكريّا ، عن أبي إسحاق ، عن البراء ( أنّ آخر سورةٍ أنزلت تامّةً : سورة التّوبة ، وأنّ آخر آيةٍ أنزلت : آية الكلالة ).
حدثنا أبو كريب حدثنا يحيى يعني بن آدم حدثنا عمار وهو بن رزيق عن أبي إسحاق عن البراء أنه قال آخر سورة أنزلت كاملة
القارئ : حدّثنا أبو كريبٍ ، حدّثنا يحيى يعني ابن آدم ، حدّثنا عمّارٌ وهو ابن رزيقٍ ، عن أبي إسحاق ، عن البراء ، بمثله ، غير أنّه قال : ( آخر سورةٍ أنزلت كاملةً ).
حدثنا عمرو الناقد حدثنا أبو أحمد الزبيري حدثنا مالك بن مغول عن أبي السفر عن البراء قال ثم آخر آية أنزلت يستفتونك
القارئ : حدّثنا عمرٌو النّاقد ، حدّثنا أبو أحمد الزّبيريّ ، حدّثنا مالك بن مغولٍ ، عن أبي السّفر ، عن البراء ، قال : ( آخر آيةٍ أنزلت : يستفتونك ). الشيخ : الأحاديث في آخر ما نزل مختلفة ، لكن أقرب ما يقال إن هذا الاختلاف باعتبار النسبة ، يعني : آخر ما نزل من آيات المواريث : (( يستفتونك )) ، وآخر ما نزل من آيات الربا (( واتقوا يومًا ترجعون فيه إلى الله )) ، وآخر ما نزل في الحديث عن المنافقين سورة براءة وهكذا وبهذا تجتمع الأدلة. وإلا فإذا كان هناك تعارض فيقال : إن الآخرية هنا آخرية نسبية. إذا قال قائل : ما الفائدة من قول الصحابة رضي الله عنهم يذكرون آخر ما نزل؟ الفائدة هو أن الآخر يكون ناسخًا للأول ، فنستفيد بذلك إذا كان هناك تعارض بين الأول والآخر.
وحدثني زهير بن حرب حدثنا أبو صفوان الأموي عن يونس الأيلي ح وحدثني حرملة بن يحيى واللفظ له قال أخبرنا عبد الله بن وهب أخبرني يونس عن ابن شهاب عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يؤتى بالرجل الميت عليه الدين فيسأل هل ترك لدينه من قضاء فإن حدث أنه ترك وفاء صلى عليه وإلا قال صلوا على صاحبكم فلما فتح الله عليه الفتوح قال أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم فمن توفي وعليه دين فعلي قضاؤه ومن ترك مالا فهو لورثته
القارئ : وحدّثني زهير بن حربٍ ، حدّثنا أبو صفوان الأمويّ ، عن يونس الأيليّ ، ح وحدّثني حرملة بن يحيى ، واللّفظ له ، قال : أخبرنا عبد الله بن وهبٍ ، قال أخبرني يونس ، عن ابن شهابٍ ، عن أبي سلمة بن عبد الرّحمن ، عن أبي هريرة ، ( أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كان يؤتى بالرّجل الميّت عليه الدّين ، فيسأل : هل ترك لدينه من قضاءٍ ؟ فإن حدّث أنّه ترك وفاءً ، صلّى عليه ، وإلّا قال : صلّوا على صاحبكم، فلمّا فتح الله عليه الفتوح ، قال : أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم ، فمن توفّي وعليه دينٌ فعليّ قضاؤه ، ومن ترك مالًا فهو لورثته ).
الشيخ : الشاهد من الحديث قوله : ( فهو لورثته ) وفي هذا الحديث تعظيم الدين ، وأن الصلاة عليه وإن كانت شفاعة أي على الميت المدين وإن كانت شفاعة فإنها لا تنفع من الدين ، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أوتي بالرجل عليه الدين سأل : هل ترك قضاءً ؟ إذا قالوا نعم صلى عليه ، إذا ضمنه أحد صلى عليه ، كما في قصة أبي قتادة رضي الله عنه. وإذا لم يضمنه أحد ولم يخلف لم يصلّ عليه لأن صلاة النبي صلى الله عليه وسلم عليه شفاعة ، والمدين لا تنفع فيه الشفاعة باعتبار الدين ، لأنه حق للآدمي لا بد من استيفائه فأحب النبي صلى الله عليه وسلم ألا يصلي على أحد إلا إذا كانت صلاته - أي النبي صلى الله عليه وسلم - تنجيه من كل شيء. وفيه أيضًا : أن الإنسان إذا مات وعليه دين وقد خلّف رهنًا فإنه لا يؤثر عليه ، وهذا يقع كثيرًا بالنسبة لنا هنا في السعودية ، كثير من الناس الآن مدينون لصندوق التنمية العقارية ، ويموتون وعليهم أقساط لم توف هؤلاء نقول : إذا كانوا قد وفوا ما حلّ في حياتهم فهم بريئون من الدين الباقي ، لماذا؟ لأن به رهنا ، أما إذا كان بقي عليهم شيء لم يوفوه في حياتهم من الأقساط التي حلت.