الشيخ : الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد فإننا قبل أن نبدأ درس هذا الصباح نود أن نسأل عما ذكرنا في أول هذه الليلة بالمناقشة وذلك لأن العلم يحتاج إلى ترسيخ ومن أقوى أسباب الترسيخ أن يناقش الإنسان نفسه مع نفسه وأن يناقش مع غيره ذكرنا فيما سبق أن التوسل إلى الله سبحانه وتعالى عند الدعاء ينقسم إلى قسمين : جائز وممنوع وذكرنا أن الجائز سبعة أنواع أن الجائز سبعة أنواع النوع الأول إيه نعم .
الطالب : التوسل إلى الله بأسمائه .
الشيخ : التوسل إلى الله بأسمائه مثل كحديث ابن مسعود ( أسألك بكل اسم هو لك ) إلى أن قال : ( أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلبي ) طيب بارك الله فيك مثال للتوسل باسم معين تفضل ما حضرت .
الطالب : أسألك يا رحمن أن ترحمني .
الشيخ : أحسنت أسألك يا رحمن أن ترحمني وهنا يتوسل الإنسان إلى الله تعالى باسم مناسب لمطلوبه فإذا كان يريد أن يسأل الله المغفرة فليقل يا غفور وإذا كان يريد الرحمة يقول يا رحمن فيكون الاسم إيش ؟ مناسبا للمطلوب هذا واحد الثاني تفضل قائما .
الطالب : بصفاته جل وعلا .
الشيخ : التوسل إلى الله تعالى بصفاته مثاله .
الطالب : أن يقول الإنسان يا عليم يا رحمن .
الشيخ : هذا اسم يا عليم يا رحمن هذا اسم .
الطالب : يا عالم .
الشيخ : يا عالم أيضا وصف نريد التوسل بالصفة نفسها تفضل .
الطالب : حديث الاستخارة .
الشيخ : كحديث الاستخارة ( اللهم إني أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك ) إلى آخره ومثل ( اللهم بعلمك الغيب وقدرتك على الخلق أحيني ما علمت الحياة خيرا لي ) طيب بارك الله فيك الثالث تفضل .
الطالب : التوسل بأفعال الله عز وجل .
الشيخ : التوسل إلى الله بأفعاله دليله .
الطالب : قولنا في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم : اللهم صل على محمد وآل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم .
الشيخ : أحسنت دليله ومثاله أيضا قولنا في الصلاة على النبي صلى الله عليه وعلى آله سلم : اللهم صل على محمد وعلى آل محمد هذا دعاء التوسل كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد ولهذا نعرب الكاف هنا حرف إيش تشبيه ولا تعليل ؟ حرف تعليل وحينئذ لا نحتاج إلى الإشكالات التي أوردها بعض العلماء وقال كيف نشبه الصلاة على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بالصلاة على إبراهيم وآله مع أن محمدا أفضل ؟ نقول لا حاجة إلى هذا لأن الكاف هنا ليست للتشبيه بل هي للتعليل ولهذا جعلناها توسلا الرابع نعم .
الطالب : توسل بالإيمان بالله تعالى .
الشيخ : التوسل بالإيمان بالله دليله ومثاله .
الطالب : (( ربنا إننا آمنا فاغفر لنا ذنوبنا )) .
الشيخ : (( ربنا إننا آمنا فاغفر لنا ذنوبنا )) أحسنت الخامس .
الطالب : التوسل بالأعمال الصالحة .
الشيخ : التوسل بالأعمال الصالحة مثاله ودليله .
الطالب : أصحاب الغار .
الشيخ : قصة أصحاب الغار ثلاثة دخلوا في غار ثم انطبقت عليهم الصخرة لا يستطيعون إزالتها وزحزحتها فتوسلوا إلى الله تعالى بصالح أعمالهم بارك الله فيك سادسا .
الطالب : التوسل بدعاء الرجل الصالح .
الشيخ : التوسل بدعاء الرجل الصالح يعني أن تدعوه أو أن تطلب منه الدعاء ؟
الطالب : تطلب منه الدعاء .
الشيخ : أن تطلب منه الدعاء مثاله ودليله .
الطالب : دعاء عمر بالعباس .
الشيخ : توسل عمر بن الخطاب بدعاء العباس بن عبدالمطلب وكذلك توس الصحابة بدعاء الرسول صلى الله عليه وسلم طيب السابع .
الطالب : التوسل باتباع النبي صلى الله عليه وسلم .
الشيخ : التوسل باتباع الرسول صلى الله عليه وسلم .
الطالب : (( ربنا إننا آمنا بما أنزلت واتبعنا الرسول )) .
الشيخ : (( ربنا آمنا )) .
الطالب : (( ربنا آمنا بما أنزلت واتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين )) .
الشيخ : بارك الله فيك طيب هذه سبعة .
الطالب : التوسل بحب الرسول صلى الله عليه وسلم .
الشيخ : التوسل إلى الله بمحبة الرسول أسألك بحبي نبيك هذه ربما نجعلها تابعة للأعمال الصالحة من الأعمال الصالحة لأن محبة الرسول من أفضل الأعمال طيب استرح بقي علينا ثامن لم أذكره البارحة وهو التوسل بحال السائل التوسل بحال السائل يعني بمعنى أن يذكر الإنسان حاله يتوسل بها ويستعطف بها ربه عز وجل كقول موسى : (( رب إني لما أنزلت إليّ من خير فقير )) (( رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير )) وقد جمع هذا مع أنواع أخرى فيما علمه الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم أبا بكر رضي الله عنه حين قال : يا رسول الله علمني دعاء أدعو به في صلاتي قال قل : ( اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا ولا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم ) هذا فيه التوسل بحال السائل والتوسل بصفة من صفات الله والتوسل بأسماء الله فأين أين هي حال السائل ؟
الطالب : اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا .
الشيخ : أحسنت اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا الصفة من صفات الله .
الطالب : فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت .
الشيخ : ولا يغفر الذنوب إلا أنت لأن المغفرة صفة استرح وأسماء الله .
الطالب : إنك أنت الغفور الرحيم .
الشيخ : إنك أنت الغفور الرحيم قولنا التوسل بدعاء الرجل الصالح نحن نعلم كلنا أن المراد الرجل الصالح الحي الذي تطلب منه أن يدعو لك وليس المراد التوسل بدعاء الميت وذلك أن الميت لا يدعو إذ أن عمله قد انقطع لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث : صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له ) ولهذا لا يجوز أن تقف على قبر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فتقول يا رسول الله اشفع لي لأنه لا يملك هذا ولا يملك أن يدعو لك بالشفاعة فهو لا يملك أن يشفع ولا يملك أن يدعو بالشفاعة وهو ميت ودليل هذا قول الله تبارك وتعالى : (( من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه )) يعني لا أحد يشفع عند الله إلا بإذن الله أما كونه لا يملك أن يشفع في حال موته فلقوله تعالى فلقوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( إذا مات الإنسان انقطع عمله ) ومن العمل الدعاء فالدعاء عبادة ولا يمكن لرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن يدعو لأحد بالشفاعة بعد موته وأقرب طريق تحصل به على شفاعة الرسول عليه الصلاة والسلام أن تخلص التوحيد لله ولهذا قال أبو هريرة : ( يا رسول الله من أسعد الناس بشفاعتك ) ماذا قال ؟ قال : ( من قال لا إله إلا الله خالصا من قلبه ) هذا أسعد الناس بشفاعة الرسول فإذا كنت تريد شفاعة الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقل لا إله إلا الله خالصا من قلبك وأنت متى قلت لا إله إلا الله خالصا من قلبك فسوف تقوم بما تقتضيه هذه الشهادة العظيمة ألا وهو عبادة الله عز وجل .

الشيخ : أما التوسل الممنوع فهو أن يتوسل الإنسان بما لم يجعله الله وسيلة مثل أن تتوسل بجاه الرسول توسل بجاه الرسول جاه الرسول يعني المنزلة التي له عند الله ونحن نشهد ونؤمن بأن أعظم الخلق أعظم الناس جاها هو الرسول عليه الصلاة والسلام فإذا كان موسى صلى الله عليه وسلم وجيها عند الله وإذا كان عيسى وجيها في الدنيا والآخرة فإن محمدا صلى الله عليه وسلم أولى بذلك بلا شك ولكن ماذا تنفعني وجاهته عند الله ؟ لا تنفعني لأن وجاهته عند الله إنما هي منزلة جعلها الله له نفسه أي لنفس الرسول عليه الصلاة والسلام فهو لا ينفعني ولهذا نقول من توسل إلى الله بجاه الرسول فقد شبه الله في خلقه ليش ؟ لأنه لا يتوسل بالجاه إلا في المخلوقين أنا مثلا أجد هذا الرجل له منزلة عند شخص من الناس وأقول أقول أتوسل إليك بجاه فلان أو أسألك بجاه فلان للرجل أما عند الله عز وجل فلا لا تنفع الوجاهة إلا من جعلها الله له أما بالنسبة لغيره فلا تنفعهم ، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم وهو ينادي الأقربين من أقاربه : ( يا فاطمة بنت محمد لا أغني عنك من الله شيئا ) وفاطمة بضعة منه ومع ذلك لا يغني عنها من الله شيئا ولو كان الرسول وجيها عند الله عز وجل فإنه لا يغني شيئا عند الله .

الشيخ : ومن ذلك أيضا من الشفاعة الممنوعة ما ادعاه المشركون من قولهم : (( إنما نعبدهم ليقربونا إلى الله زلفى )) فهم يدعون أنهم بعبادة الأصنام من أجل أن تقربهم إلى الله سبحان الله هل هذا يقرب إلى الله أو يبعد ؟
الطالب : يبعد .
الشيخ : يبعد إلى الله ولا يمكن أن تتقرب إلى الله بمعصيته إطلاقا ولهذا لو أن إنسان أراد أن يقوم ويصلي بعد صلاة العصر نفلا مطلقا لا سبب له هل هذا يقربه إلى الله ؟
الطالب : لا يقرب .
الشيخ : ليش ؟
الطالب : لأنه لا صلاة بعد العصر .
الشيخ : لأنه محرم مع أنها صلاة عبادة يقوم الإنسان فيها لله عز وجل يكبر الله ويتلو كتابه ويركع ويسجد ومع ذلك نقول هذا الرجل لا تقربه هذه الصلاة إلى الله لأنها معصية فلا يمكن أن يتقرب الإنسان إلى الله بمعصية إطلاقا فهؤلاء المشركون الذين يقولون إنما نعبدهم ليقربونا إلى الله زلفى نقول هؤلاء ضالون لأن عبادة الأصنام لا تقرب إلى الله بل تعبد من الله عز وجل .

الشيخ : أما موضوع لقائنا هذا اليوم فإننا نتكلم بما تيسر على ما سمعناه من قراءة إمامنا سورة الرحمن هذه السورة عظيمة من أعظم السور ففيها ابتدأ الله تعالى بهذا الاسم الكريم (( الرحمن )) وهو مبتدأ وجملة (( علم القرآن )) خبر المبتدأ فما الرحمن ؟ الرحمن اسم من أسماء الله من أشرف أسمائه وأعظمها والعجب أن المشركين ينكرونه يقولون : ما الرحمن ولا ندري ما الرحمن حتى عند كتابة الصلح بينه وبين الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديبية لما قال : ( اكتب بسم الله الرحمن الرحيم ) قاله النبي عليه الصلاة والسلام قال : ما نعرف الرحمن ولكن اكتب باسمك اللهم فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( اكتب باسمك اللهم ) انتبه ثم قال : ( هذا ما قاضى محمد رسول الله ) وذكر بقية الحديث قال : ما نقبل لو نعلم أنك رسول الله ما قاتلناك ولكن اكتب محمد بن عبد الله فقال الرسول : ( اكتب محمد بن عبد الله ) ثم ذكر الشروط انظر يا أخي كيف كان النبي صلى الله عليه وسلم يراعي المصلحة في أمر عظيم في عدم كتابة اسم من أسماء الله وفي عدم كتابة رسالته مع أنه حق ولهذا قال : ( إني والله لرسول الله وإن كذبتموني ) تنازل عن اسم من أسماء الله وعن الإقرار برسالة الرسول عليه الصلاة والسلام كله من أجل إيش ؟ من أجل المصلحة ولهذا لما بلغ النبي صلى الله عليه وسلم الحديبية بركت الناقة بركت الناقة فزجرها فلم تقم فقال الناس : خلأت القصواء يعني حرنت ولم تقدم فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( والله ما خلأت القصواء وما ذاك لها بخلق ) دافع حتى عن البهائم الظلم لا أحد يرضاه تظلم الناقة ويقال خلأت وهي ليس من عادتها ولكن يقول الرسول عليه الصلاة والسلام : ( ولكن حبسها حابس الفيل والذي نفسي بيده لا يسألوني خطة يعظمون فيها شعائر الله إلا أجبتهم عليها ) وفعلا هذا اللي حصل أجابهم على هذا الأمر العظيم محو اسم الرحمن من البسملة والثاني محو وصفه بالرسالة عليه الصلاة والسلام كل هذا لتعظيم حرمات الله وتعرفون أيضا أنه ذكر شروط شروط صعبة على المسلمين ومع ذلك قبلها من أعظم الشروط أن يرجع ولا يتمم العمرة وأن يأتي من العام القادم وألا يبقى إلا ثلاثة أيام وأن من جاء منهم مسلما رددناه إليهم ومن ذهب منا إليهم لا يردونه ما تقولون في هذا الشرط ؟ ظاهره إيش ؟ الحيف والجور كيف نقول من جاء منكم مسلما رددناه إليكم ومن جاءكم منا لا تردونه ولهذا حاول عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلغاء هذا الشرط وناقش الرسول عليه الصلاة والسلام وقال : ( يا رسول الله ألسنا على الحق وعدونا على الباطل ؟ قال : بلى قال : فلم نعطي الدنية في ديننا قال : إني رسول الله ولن أعصيه وهو ناصري ) فدل هذا على أن الشروط هذه كانت بإقرار من الله عز وجل ثم ذهب عمر إلى أبي بكر لأن أبا بكر أخص الناس برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الذي اتخذه خليلا ولم نعم وهو الذي قال عنه : ( لو كنت متخذا من أمتي خليلا لاتخذت أبا بكر ) ذهب إلى أبي بكر يناقش أبا بكر فكان جواب أبي بكر رضي الله عنه كجواب النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم سواء بسواء وكتبت الشروط وقال النبي صلى الله عليه وسلم مدافعا عن هذا الشرط الثقيل : ( أما من جاء منهم مسلما فرددناه إليهم فسيجعل الله له فرجا ومخرجا وأما من ذهب منا إليهم فلا رده الله ) لأن من ذهب من المسلمين إلى الكفار يعني أنه اختار إيش ؟ اختار الكفر على الإيمان لكن من جاء منهم مسلما ثم رددناه فإنه سيجعل الله له فرجا ومخرجا ووقع الأمر كذلك ما الذي حصل بعد هذا ؟ قصة أبي بصير رضي الله عنه حين جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم مسلما فألحقت به قريش رجلين يطلبانه من الرسول عليه الصلاة والسلام فلما وصل المدينة وإذا برجلين يلحقان فطلب من الرسول عليه الصلاة والسلام أن يرده إليهما وقال للرسول الشرط الشرط يا رسول الله أو قال الشرط يا محمد رده إليهم لما رده إليهم ورجعا به إلى مكة في أثناء الطريق جلسوا يطعمون فأخذ سيف واحد منهم وجعل يمدح السيف بعد أن سله جعل يمدحه ثم ضرب به رقبة صاحبه ولما فعل هرب هرب صاحبه الذي لم يقتل إلى الرسول عليه الصلاة والسلام فذهب أبو بصير بأثره حتى بلغ الرسول عليه الصلاة والسلام وقال : ( يا رسول الله إن الله تعالى قد أبرأك ذمتك إنك أعطيتني إياهم ولكن الله أنقذني ) أو كلمة نحوها فقال الرسول صلى الله عليه وسلم : ( ويل أمه مسعر حرب لو يجد من ينصره ) فعرف أبو بصير أن الرسول سيرده مرة ثانية فخرج من المدينة ونزل في سيف البحر على جادة قريش إذا ذهبوا بعيرهم إلى الشام راجعين إلى مكة فصار كل ما أتى فصار كل ما أتى عير من قريش أخذها لأن قريش في ذلك الوقت كانوا حربيين بالنسبة لهذا الرجل وإن كان بينهم وبين الرسول عهد لكن هذا الرجل رد إليهم فسمع به أناس من الصحابة في مكة فخرجوا إليه واجتمعوا حتى كانوا عصابة في النهاية رضخت قريش وقالت : يا محمد كف عنا هؤلاء وردهم فرجعوا إلى المدينة فالمهم على كل أننا نقول إن الرسول عليه الصلاة والسلام كان لا يمكن أن يدع شيئا تعظم فيه حرمات الله إلا فعله وأن أسعد الناس بشفاعته من ؟ من قال : لا إله إلا الله خالصا من قلبه فنسأل الله سبحانه وتعالى أن يدخلنا في شفاعته وأن يسقينا من حوضه وأن يجمعنا به في جنات النعيم .

الشيخ : يقول الله عز وجل : (( الرحمن )) والرحمن اسم من أسماء الله وكل اسم من أسماء الله فإنه يتضمن صفة من صفات الله كل اسم من أسماء الله يتضمن صفة من صفات الله وليس في أسماء الله ما لا يدل على صفة إطلاقا لكن أسماء المخلوقين هل تدل على الصفات ؟ لا قد يقال هذا عبد الله وهو من أكفر عباد الله ليس فيه شيء من صفة العبودية وقد يقال فلان اسمه صالح وهو من أفسد عباد الله لكن أسماء الله لا بد أن تتضمن صفة دل عليها هذا الاسم ولذلك نقول : كل اسم متضمن لصفة وليس كل صفة متضمنة لاسم وبهذا نعرف أن الصفات أوسع من الأسماء إذ قد يوصف الله عز وجل بصفة ولكن لا يشتق منها اسم لله لكن كلما وجدت اسما فإنه متضمن لصفة مثلا : الرحمن متضمن لإيش ؟ للرحمة السميع للسمع البصير للبصر الحكيم للحكمة وهلم جرا ولذلك غلط المعتزلة الذين يقولون : إنهم عقلاء خالفوا العقل في قولهم : إن أسماء الله مجردة عن الصفات نقول كيف يمكن أن يوصف السميع أن يسمى السميع ولا سمع له ؟ هل هذا معقول ؟ أبدا ليس معقول نطقا ولا معقول عقلا الرحمن من رحمة الله عز وجل ما نراه من النعم الكثيرة واندفاع النقم فكم لله علينا من نعمة (( وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها )) كلها من آثار رحمته المطر من رحمته نبات الأرض من رحمته الأمن من رحمته الرخاء في العيش من رحمته وما بكم من نعمة فمن الله .

الشيخ : (( علم القرآن )) شف بدأ بالعلم قبل ذكر الخلق لأن الإنسان بلا علم ليس بإنسان (( علم القرآن خلق الإنسان )) فبدأ بالعلم ولم يذكر إلا تعليم القرآن لأن تعليم القرآن أفضل تعليم أفضل من أي تعليم كان جميع العلوم بالنسبة لعلم القرآن لسيت بشيء كعلم العجائز بالنسبة لعلم العلماء بل أعظم فالقرآن هو كل شيء إذا وفق الله العبد لتعليمه نال سعادة الدنيا والآخرة إذا عمل به (( الذين أتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته أولئك يؤمنون به )) فما هو القرآن ؟ القرآن هو الذي نزل على محمد صلى الله عليه وسلم كما قال الله تعالى : (( وإنه لتنزيل رب العالمين نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين بلسان عربي مبين )) أي : بلغة عربية بينة واضحة فصيحة يبتدئ بإيش ؟ يبتدئ القرآن بإيش ؟ يعني أول القرآن ما هو هاه الاستعاذة انتظر بارك الله فيك .
الطالب : البسملة .
الشيخ : ليش ما نقول يبتدئ بالفاتحة وينتهي بسورة الناس استرح هذا هو القرآن الذي نزل على محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم والذي قال الله عنه : (( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون )) ولهذا لا زيادة فيه ولا نقص هذا القرآن الذي نزل على محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم تلقاه الأصاغر عن الأكابر وسيبقى بإذن الله على هذا إلى أن يأذن الله بخراب العالم فإذا أذن الله بخراب العالم فإنه ينزع من المصاحف وينزع من الصدور إذا أعرض الناس عنه إعراضا كليا حينئذ لا يبقى ليس من الحكمة أن يبقى بين قوم لا يقدرونه قدره فينزع إذا نقول : القرآن هو أشرف علم يتعلمه الإنسان ولهذا لم يذكر الله سواه لأنه أشرف العلوم وفي البارحة حثثتكم حثا حثيثا على تعلم القرآن حفظا يعني تلاوة ومعنى وعملا وذكرت لكم أن هذا هو عمل الصحابة ( كانوا لا يتجاوزون عشر آيات حتى يتعلموها وما فيها من العلم والعمل ) .

الشيخ : (( خلق الإنسان )) الإنسان هنا مفرد لكن المراد به العموم لأنه اسم جنس والإنسان هو البشر وأول ما خلق الله البشر أو وأول من خلقه الله من البشر هو آدم عليه الصلاة والسلام ولم يذكر خلق غيره لأن أشرف المخلوقات جنسا هم البشر من حيث الجنس لا من حيث الأفراد لأن بعض البشر أخس من الأنعام قال الله تعالى : (( إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا )) لكن البشر من حيث الجنس هو أفضل أجناس المخلوقات (( علمه البيان )) يعني علم الإنسان البيان ما معنى البيان ؟ البيان التعبير عن ما في نفسه ولهذا نجد أن الإنسان هو الذي يعبر عما في نفسه بعبارة واضحة بينة فإن قال قائل : هل البيان مختص باللغة العربية ؟ بمعنى أن من ليس ينطق العربية فليس عنده بيان ؟ الجواب : لا بيان كل قوم بلغتهم وعلى حسب ما يفهمونه قال الله تبارك وتعالى : (( وما أرسلنا من رسول إلا )) إيش ؟ (( بلسان قومه ليبين لهم )) فالبيان في اللغة العربية أو البيان عند العرب هو النطق باللغة العربية الفصحى البيان عند غير العرب على حسب لغتهم ولذلك نجد أن من الناس من يقوم خطيبا في الناس ثم يسحرهم بخطبته يتحولون من الرأي الذي كانوا عليه والذي أراد هذا الخطيب أن يمحوه من نفوسهم يتحولون إليه بسبب البيان وفي الحديث ( إن من البيان لسحرا وإن من الشعر لحكمة ) .

الشيخ : (( الشمس والقمر بحسبان )) إلى آخر ما ذكر الله في هذه السورة وفي النهاية قال : (( ولمن خاف مقام ربه جنتان )) وذكر الجنتين ثم ذكر جنتين أخريين وقد اختلف العلماء أيهما أفضل الجنتان الأوليان أو الأخريان ؟ والصواب أن الجنتين الأوليين أفضل إذا تدبرتها وجدت (( فيهما من كل فاكهة زوجان )) وفي الأخريين (( فيهما فاكهة ونخل ورمان )) أيهما أعم ؟ الأولى (( فيهما عينان تجريان )) وهناك (( فيهما عينان نضاختان )) والنضخ أقل من الجريان (( فيهن قاصرات الطرف )) وهناك قال : (( حور مقصورات في الخيام )) وفرق بين قاصرات الطرف والمقصورات قاصرات الطرف يعني أن أزواجهن لا ينظرون إلى غيرهن تقصر طرف زوجها عن غيرها لأنها قد ملأت قلبه سرورا وملأت بصره نظرا أما هناك مقصورات في الخيام ومع هذا نقول إن الحور المذكورات في الأوليين والأخريين هم أوصافهن للجميع ولهذا تجد (( فيهما عينان تجريان )) (( فيهما عينان نضاختان )) (( فيهما من كل فاكهة زوجان )) (( فيهما فاكهة ونخل ورمان )) كلها بلفظ تثنية فيهما فيهما لكن لما تكلم عن الحور قال : (( فيهن )) فأتى بالجمع فيستفاد منه والله أعلم أن هذه الأوصاف أوصاف الحور العين ثابتة في كل من الجنتين .

الشيخ : وآخر الأمر قال : (( تبارك اسم ربك ذي الجلال والإكرام )) وقال في أثناء السورة : (( كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام )) وهنا نسأل أهل النحو لماذا قال : (( ويبقى وجه ربك ذو الجلال )) وقال : (( تبارك اسم ربك ذي الجلال )) نعم .
الطالب : في قوله تعالى (( ويبقى وجه ربك ذو الجلال )) الصفة لربك .
الشيخ : كيف ؟
الطالب : الصفة لربك .
الشيخ : في قوله .
الطالب : ذو الجلال .
الشيخ : كيف الصفة لربك وهي ذو ؟
الطالب : ... .
الشيخ : (( ويبقى وجه ربك ذو الجلال )) .
الطالب : ... لوجه .
الشيخ : إيه نعم الصفة لوجه ووجه مرفوع على أنه فاعل طيب (( وتبارك اسم ربك ذي الجلال )) .
الطالب : الصفة لرب .
الشيخ : الصفة لرب وهو بالإضافة مجرور بالإضافة فكانت الصفة ذي ولم تكن ذو استرح لماذا ؟ لأن الموصوف بالجلال والإكرام هو وجه الله عز وجل أما اسمه فهو اسم ليس ذا الجلال ولا ذا الإكرام الإكرام ذو الجلال والإكرام هو الرب ووجه الرب وفي الآية (( ويبقى وجه ربك )) إثبات صفة من صفات الله وهي الأخ قم .
الطالب : الوجه لله سبحانه وتعالى .
الشيخ : الوجه لله عز وجل هل فيه آية أخرى تثبت الوجه لله ؟
الطالب : ... .
الشيخ : فيه ولكن لا تذكر طيب آفة العلم النسيان استرح نعم .
الطالب : قول الله عز وجل : (( كل شيء هالك إلا وجهه )) .
الشيخ : قول الله عز وجل : (( كل شيء هالك إلا وجهه )) استرح فيه آية ثالثة .
الطالب : نعم .
الشيخ : يالله عطنا إياها .
الطالب : (( فأينما تولوا فثم وجه الله )) .
الشيخ : (( ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله )) طيب .

الشيخ : هذه آيات في القرآن الكريم والحكم يثبت بخبر واحد عن الله عز وجل أو عن الرسول عليه الصلاة والسلام فكيف إذا تكرر ومن هنا نأخذ إثبات صفة وجه الله إثبات الوجه صفة لله عز وجل وهذا الوجه هل يمكن أن يكون مماثلا لأوجه المخلوقين ? لا لقول الله تعالى : (( ليس كمثله شيء وهو السميع البصير )) ولأنه باتفاق العقلاء إذا اشترك اثنان في اسم فإنه لا يلزم تماثل المسمى يعني الاشتراك في الأسماء لا يلزم منه تماثل المسميات كلام معلوم ولا غير معلوم الاشتراك في الأسماء لا يلزم منه تماثل المسميات لأنا نعلم أن للفرس وجها وللبعير وجها هل يمكن أن يكون هذا مثل هذا ? حسب الواقع لا لكن لو شاء الله لكان سواء إذا قاعدة مفيدة في الأسماء والصفات لا يلزم من اشتراك من الاشتراك في الأسماء إيش ? تماثل تماثل المسميات إذا نقول لله وجه يليق بجلاله ولا يشبه أوجه المخلوقين طيب ولعلنا نقتصر على هذا حتى نأتي على الأسئلة حتى تشرق الشمس نعم .
السائل : بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على خير خلق الله سيدنا محمد وعلى آله وصحبه .

السائل : سائل يقول ماذا يستحب عند زيارة القبور ?
الشيخ : نعم زيارة القبور نهى عنها النبي صلى الله عليه وسلم في أول الأمر دفعا للشرك فلما رسخ الإيمان في قلوب الناس أمر بها قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فإنها تذكر الآخرة ) وفي لفظ ( تذكر الموت ) فإذا زار الإنسان القبور فليزرها متعظا لا عاطفة يعني بعض الناس يزور القبر قبر أبيه قبر أمه عاطفة وحنان محبة وهذا وإن كان من طبيعة البشر لكن الأولى أن تزورها للعلة التي ذكرها النبي عليه الصلاة والسلام وهي تذكر الآخرة تذكر الموت هؤلاء الذين في القبور الآن هم كانوا بالأمس مثلك على ظهر الأرض والآن أصبحوا في بطونها مرتهنين بأعمالهم لا يملكون زيادة حسنة ولا إزالة سيئة فتذكر وهل بينك وبين هذه الحال هل بينك وبينها مدى معلوم ? أسألكم هل بينك وبين أن تكون في القبر مدى معلوم ? لا لأنك لا تدري متى يفجؤك الموت قال النبي عليه الصلاة والسلام : ( يوشك أن يأتيني داعي الله فأجيب ) الإنسان لا يدري متى يموت فإذا تذكر يا أخي تذكر أليس من الناس من خرج لعمل حاملا حقيبته ورجع محمولا ميتا أليس كذلك ?
السائل : بلى .
الشيخ : طيب إذا نقول تذكر الموت تذكر الآخرة فهذا هو المطلوب من زيارة القبور طيب لو قال قائل : هل للدعاء عند القبور مزية على الدعاء في غير ذلك المكان ? فالجواب : لا ومن قصد القبور ليدعو الله عندها فقد ابتدع وأخطأ لأن أقرب مكان يجاب فيه الدعاء هو المساجد بيوت الله أما القبور فلا فإذا كان هذا هو حال القلب عند الزيارة التذكر فماذا يقول باللسان ? يقول ما جاء عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( السلام عليكم دار قوم مؤمنين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون يرحم الله المستقدمين منكم والمستأخرين نسأل الله لنا ولكم العافية الله لا تحرمنا أجرهم ولا تفتنا بعدهم واغفر لنا ولهم ) وينصرف وأما ما يوجد الآن من كتبيات تقال عند زيارة البقيع فكلها بدعة إلا ما وافق السنة ولا ينبغي أن يتعب الإنسان نفسه بشيء لم يرد عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقصد التعبد به لله لأنه إذا فعل ذلك فإنه لا يزداد من الله إلا بعدا نعم .