الشيخ : الحمد لله رب العالمين. وأصلي وأسلم على نبينا محمد خاتم النبيين وإمام المتقين وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد فإننا نشكر الله سبحانه وتعالى أن يسر هذا اللقاء الذي نرجو أن يكون مباركا في المسجد النبوي مسجد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم. ولقد استمعنا إلى ما قرأه إمامنا في هذه الليلة في صلاة المغرب. فما الذي قرأ؟ وش قرأ الإمام؟ أي نعم .
الطالب : (( والشمس وضحاها ))
الشيخ : قرأ (( والشمس وضحاها )) وفي الركعة الثانية (( والتين والزيتون )). بارك الله فيك. نتكلم بما يسر الله على.

الشيخ : السورة الأولى (( والشمس وضحاها )) أقسم الله تبارك وتعالى بالشمس لأنها من آيات الله تعالى كما سبق أن بيناه في هذا المجلس قبل هذا الدرس. أقسم بها مع أنها من المخلوقات. والقسم بالمخلوقات علينا محرم. لا يجوز أن يقسم الإنسان بأي مخلوق حتى بالنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لا يجوز أن تقسم به. فلا يجوز أن تقول ونبي الله لقد كان كذا وكذا. هذا حرام من الشرك. ولا يجوز أيضا أن تقسم بالكعبة بيت الله. فلا يجوز أن تقول والكعبة لقد كان كذا وكذا. ولا يجوز أن تقسم بالسماء أو الأرض أو النجوم أو غيرها. دليل هذا قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت ). وقال : ( من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك ). لكن هل يجوز أن يقسم الإنسان ببلده؟ أجيبوا. ببلده؟
الطالب : لا يجوز.
الشيخ : لا يجوز هل يجوز أن يقسم بعروبته؟ لا يجوز. هل يجوز أن يقسم بأمته؟ لا يجوز.

الشيخ : الحلف بغير الله شرك. لكن هل هو شرك أكبر مخرج من الملة أو هو شرك أصغر؟ نقول : الأصل أنه شرك أصغر إلا إذا اعتقد الحالف بغير الله أن لهذا المحلوف به من العظمة مثل ما لله. فحينئذ يكون شركا أكبر ، لأنه شرّك الله تعالى فيما يختص به غير الله يعني شرّك الله شرّك مع الله فيما يختص به الله عز وجل. فإذا قال قائل : فهمنا هذا أن الحلف بغير الله شرك إما أكبر وإما أصغر.

الشيخ : طيب كيف أقسم الله بالشمس؟ نقول : إن الله عز وجل يحكم ولا يحكم عليه. كما أنه يجير ولا يجار عليه. فالحكم لله (( إن الحكم إلا لله )) (( ألا له الحكم )). والآيات في هذا كثيرة. فإذا كان الرب عز وجل يحكم ولا يحكم عليه فله أن يحلف بما شاء من خلقه. وله أن يحلف بنفسه فقد حلف الله بنفسه وحلف بمخلوقاته وله الحكم في ذلك كما يشاء. أفهمتم؟ إذا لا منافاة بين النهي عن الحلف بغير الله وحلف الله عز وجل بمخلوقاته. ما وجه الجمع؟ الأخ. إش وجه الجمع ؟
الطالب : الحلف.
الشيخ : إيه نعم كيف يكون الحلف بغير الله شركا ومع ذلك يحلف الله تعالى بالمخلوقات؟
الطالب : ... .
الشيخ : إيش ؟
الطالب : نعم لأن الله يحكم ولا يحكم عليه.
الشيخ : لأن الله يحكم ولا يحكم عليه تمام. لله أن يحلف إيش؟ بما شاء من خلقه طيب لو سألتكم.

الشيخ : ما حكم قتل الإنسان ابنه؟ هل يجوز أن يقتل الإنسان ابنه؟ لا. (( ولا تقتلوا أولادكم من إملاق )) (( لا تقتلوا أولادكم خشية إملاق )). وقتل الابن من أعظم ما يكون من قطيعة الرحم. لكن مع ذلك في يوم من الأيام كان قتل الابن طاعة لله. من يحفظ القصة؟ تحفظها؟ استرح. قم يا أخي. أتحفظ القصة؟ استرح. هي قصة إبراهيم الخليل أمره الله عز وجل أن يذبح ابنه ابنه الوحيد الذي أتاه على كبر وبلغ معه السعي. فرأى في المنام أنه يذبحه ورؤيا الأنبياء وحي. إذا رأى النبي شيئا فهو وحي. ولهذا قالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها : ( كان أول ما بدئ به الوحي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح ). طيب. رأى أنه يذبحه. فقال للابن والابن في شبابه صغير : (( يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك )) بهذه اللطافة يا بني لم يقل يا إسماعيل. قال يا بني بهذه اللطافة والرقة (( إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى )). ماذا كان جواب الابن؟ (( قال يا أبتي افعل ما تؤمر )). ما أكرم الأب! وما أكرم الابن! وإبراهيم عليه الصلاة والسلام لم يعرض هذا على ابنه من أجل أن يستشيره في أمر أمره الله به .كلا والله! لينفذن أمر الله على كل حال. لكن لينظر ماذا عند هذا الابن. فكان عنده هذا الجواب العظيم. قال : (( افعل ما تؤمر )). ولم يقل اذبحني. بل نبهه على الإخلاص والطاعة. (( افعل ما تؤمر )). ومعلوم أن الذي أمر به هو الذبح. لكن الابن لم يقل اذبحني. قال : (( افعل ما تؤمر )) من أجل أن ينبه أباه على أن ينفذ هذا امتثالا لأمر الله عز وجل. ثم قال : (( ستجدني إن شاء الله من الصابرين )). ولم يجزم لم يقل : ستجدني صابرا أو من الصابرين. بل قال : إن شاء الله ، لأن الإنسان إذا جزم على الفعل خذل. قال الله تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم : (( ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله )). فالابن قال لأبيه : (( ستجدني إن شاء الله من الصابرين )). ولم يجزم لئلا يخذل. وهذه مسألة أنبهكم عليها بارك الله فيكم ألا تجزم على شيء مستقبل إلا أنت قارنه بإيش؟ بمشيئة الله ، لأن الإنسان قد يجزم جزما أكيدا على الفعل. ثم لا يفعل إما لمرض يحدث له أو لشاغل يشغله أو لهمة انصرفت أو لغير ذلك. لكن قل إن شاء الله. يسهل لك الأمر. وسأذكر إن شاء الله قصة تبين لكم الموضوع بعد أن نكمل الكلام على الآية (( فلما أسلما )) أسلما يعني استسلما لأمر الله وعزما على التنفيذ (( وتله للجبين )) من التال ومن المتلول؟ التال إبراهيم والمتلول إسماعيل. (( تله للجبين )) أي على جبهته. وإنما تله على جبهته لئلا ينظر إلى وجه الابن حين يهوي بالسكين إلى رقبته فتمنعه الرقة. (( تله للجبين )). جاء الفرج من الله عز وجل الذي قال في كتابه : (( فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا )). والذي قال عنه نبيه محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( واعلم أن النصر مع الصبر وأن الفرج مع الكرب وأن مع العسر يسرا ). ولذلك قال الحكيم : " اشتدي أزمة تنفرجي ". في هذه اللحظة الرهيبة جاء الفرج من الله عز وجل وناداه عز وجل ( أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا )ونفذتها. لكن نفذها حكما لا واقعا ، لأن الله نسخ وجوب ذبح الابن. والشاهد من هذه القصة يا إخواني الشاهد هو أن الشيء المحرم الذي من كبائر الذنوب إذا أمر الله به ماذا يكون؟
الطالب : طاعة.
الشيخ : ماذا يكون؟ طاعة يكون طاعة مع أنه من أكبر الذنوب لأننا نحن عبيد لله يفعل ما شاء. يحكم علينا بالواجب سمع وطاعة ، بالمحرم نجتنبه سمعا وطاعة. وهلم جرا. فالرب سبحانه وتعالى حاكم وليس إيش؟ محكوما عليه. إذن له أن يحلف بما شاء.

الشيخ : القصة التي وعدتكم أن أقولها هي أن سليمان عليه الصلاة والسلام أحد الأنبياء الكرام الذين وهبهم الله الرسالة والملك. سليمان ملك نبي أعطاه الله تعالى ملكا لم يعطه أحدا غيره. سخر له حتى الشياطين حتى الشياطين تقوم بأمره (( كل بناء وغواص )). اللي يبني قصور فخمة عظيمة والذي يغوص في البحر ويأتي بالدراري وغيرها من الجواهر العظيمة. القسم الثالث من الشياطين (( وآخرين مقرنين في الأصفاد )). هؤلاء عصاة فقرّنهم سليمان بالأصفاد. غل أيديهم وأرجلهم لأن الله أعطاه إيش؟ ملكا ملكا عظيما. قال الله تعالى في دعائه لربه عز وجل : (( وهب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي )). ولما تفلت الشيطان على النبي صلى الله عليه وسلم في صلاته أراد أن يمسكه النبي عليه الصلاة والسلام ويربطه في سارية المسجد يلعب به صبيان أهل المدينة. لكن ذكر قول الله عن سليمان : (( وهب ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي إنك أنت الوهاب )) فتركه. أقول سليمان أعطاه الله إيش؟ ملكا ونبوة. في يوم من الأيام وكان يحب الجهاد أقسم قال : ( والله لأطوفن الليلة على تسعين امرأة تلد كل واحدة منهن غلاما يقاتل في سبيل الله ). الذي حمله على هذا رغبته في الجهاد. فقيل له قل إن شاء الله. فلم يقل إن شاء الله. لماذا لم يقل إن شاء الله؟ لأنه كان عنده عزم أكيد على أن يفعل. وفعل الذي من قبله حصل فعل. والذي من قبل الله؟ لم يحصل. أتدرون ماذا حصل؟ جامع تسعين امرأة وأتت واحدة منهن بشق إنسان. الله أكبر! شق إنسان نصف إنسان يعني ما حصل ولا واحد من التسعين. قال نبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( لو قال إن شاء الله لم يحنث وكان دركا لحاجته ولقاتلوا في سبيل الله ). إذن (( لا تقولنّ لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله )).

الشيخ : وأنت لو حلفت لو قال إنسان والله لأزورن فلان اليوم هكذا ومضى اليوم ولم يزره يجب عليه كفارة يمين. لكن لو قال والله لأزورن فلان اليوم إن شاء الله ولم يزره لا شيء عليه. مع أن هذه يغفل عنها كثير من الناس الآن. يحلفون بدون أن يقولوا إن شاء الله. وهم إذا قالوا إن شاء الله حصل لهم فائدتان عظيمتان : الفائدة الأولى : أن الله ييسر لهم ما حلفوا عليه كما قال النبي عليه الصلاة والسلام في قصة سليمان : ( لو قال إن شاء الله لم يحنث ).
الثاني : أنه لو حنث ولم يتم اليمين لم يكن عليه كفارة. قال الله تعالى نرجع إلى الآية : (( والشمس وضحاها )). ضحاها يعني ارتفاعها في الأفق حتى يحصل الضحى. وهذا لا شك أنه من آيات الله العظيمة.

الشيخ : (( والقمر إذا تلاها )) أقسم الله بالقمر لكنه مقيدا قال إذا : (( تلاها )). فمتى يكون القمر تاليا للشمس؟ تفضل.
الطالب : بعد الغروب.
الشيخ : لكن متى؟ في آخر الشهر في أول الشهر؟
الطالب : في نصفه.
الشيخ : في نصف الشهر خطأ. يكون تاليا للشمس في أول الشهر لأن أقرب ما يكون القمر إلى الشمس. نعم؟ متى؟ وهو تالٍ لها إذا كان في أول الشهر. في آخر الشهر صحيح أنه يكون قريبا لكنه سابق عليها. فيكون الله تعالى أقسم بأول النهار وأقسم بأول الشهر. من أين نأخذ أنه أقسم بأول النهار؟ من قوله : (( والشمس وضحاها )). من أول الشهر؟ الأخ. إيش ؟
الطالب : (( والقمر إذا تلاها )).
الشيخ : (( والقمر إذا تلاها )). بارك الله فيك. ومتى يكون القمر تاليا للشمس وأقرب ما يكون إلى الشمس؟ في أول الشهر. أول ليلة من الشهر يكون القمر أقرب إلى الشمس من بقية الليالي. فإذا قال إنسان : ألم يكن القمر قريبا من الشمس في آخر الشهر؟ في تسع وعشرين يكون قريب. فما الجواب؟ الجواب : أن هذا خارج بقوله إيش؟ (( إذا تلاها )) لأن القمر في آخر الشهر هل هو يتلو الشمس أو الشمس تتلوه؟ الشمس تتلوه. طيب (( والقمر إذا تلاها )).

الشيخ : (( والنهار إذا جلاها والليل إذا يغشاها )) النهار إذا جلّى البسيطة وأوضحها واتضح ما كان خفيا في الليل. فهذا من آيات الله. أنتم اليوم في المدن لا تعرفون مقدار النهار. لماذا؟ لماذا يا جماعة؟ للأضواء الكهرب ما يدري الإنسان. لكن لو كنتم في البر وليس عندكم إضاءة لوجدتم لظهور النهار طعما لذيذا. فالنهار يجلي يجلي البسيطة ويوضحها. ويتبين به ما كان خفيا. الآن نحن في أنوار عظيمة. هل يمكن أن نرى بهذه الأنوار ما نراه إذا طلعت الشمس؟ أجيبوا. لا حتى. وإن كان هناك أنوار قوية لكن لا تكون مثل الشمس (( والنهار إذا جلاها والليل إذا يغشاها )). يغشاها يعني يغطيها الليل سبحان الله! لباس. كما قال الله تعالى : (( وجعلنا الليل لباسا )) يستر الأرض. ولا يعرف الإنسان قدر هذا اللباس إلا إذا كان في الطائرة. إذا كان في الطائرة وقد غابت الشمس عن الأرض فإن الطائرة إذا ارتفعت تشاهد الشمس. إذا نظرت إلى الأرض في هذه الحال وجدت كأنها مغطاة بعباة سوداء. سبحان الله! الليل يغطيها وهذه من آيات الله سبحانه وتعالى. من الذي يستطيع أن يأتي بالنهار إذا ذهب؟
الطالب : الله.
الشيخ : وبالليل إذا ذهب؟ الله عز وجل.

الشيخ : (( والسماء وما بناها والأرض وما طحاها )) (( السماء وما بناها )) هل ما هنا بمعنى من؟ فيكون الله تعالى أقسم بالسماء وبمن بناها. وهو الله كما قال تعالى : (( وبنينا فوقكم سبعا شدادا )). أو المعنى (( والسماء وما بناها )) ما مصدرية ، أي والسماء وبنايتها. هذا أقرب ، لأن التعبير ب"ما" بدل "من" فيمن له علم وإرادة قليل. وعلى هذا نجعل الما مصدرية أي والسماء إيش؟ وبنايتها. (( والأرض وما طحاها )) كذلك نقول هكذا. ما مصدرية وما طحاها. ما معنى طحاها؟ فسرها الله في القرآن قال : (( والأرض بعد ذلك دحاها )) إيش؟ (( أخرج منها ماءها ومرعاها )). هذا هو طحوها. طيب سأل سائل عن الأرض : هل هي كروية أو غير كروية؟ فهل لهذا السؤال فائدة أو ليس له فائدة؟ اللي يجيب أبي أطالبه بالتعليل. إن قال فيه فائدة نقول بين الفائدة. إن قال ما فيه فائدة قلنا طيب ربما نجد فائدة. تفضل.
الطالب : فيه فائدة.
الشيخ : فيه فائدة. ما هي؟
الطالب : ذكر الله جل وعلا ... .
الشيخ : إيش ؟
الطالب : ذكر الله جل وعلا.
الشيخ : هذا حتى وإن لم تكن كروية يمكن الإنسان يذكر الله دائما. استرح. أسألكم الآن مات رجل في القصيم عن أخيه ولم يرثه أحد غيره ومات آخر في المدينة عن أخيه الذي في القصيم لم يكن له وارث غيره. أيهما الذي يرث الآخر؟ من يعرف؟ أيهما الذي يرث الآخر؟ كلهم ماتوا عند غروب الشمس. كلهم ماتوا عند غروب الشمس. فمن الذي يرث الآخر؟ تفضل هاه
الطالب : ... .
الشيخ : أجب يا أخي قل الذي في القصيم يرث اللي في المدينة أو بالعكس؟
الطالب : ... .
الشيخ : هذان أخوان شقيقان أحدهما في المدينة والثاني في القصيم. ماتا عند غروب الشمس. - اجلس يا ولد استرح بارك الله فيك حتى يؤذن لك- نعم أسألك الجواب محدد. قل يرث الذي في القصيم أو الذي في المدينة من في القصيم؟
الطالب : يرث القصيم الذي في المدينة.
الشيخ : يرث من في القصيم الذي في المدينة. هذا خطأ فادح. نعم. ما بقي إلا وحدة. استرح نعم.
الطالب : اللي في المدينة يرث.
الشيخ : يرث الذي في المدينة الذي في القصيم لماذا؟
الطالب : لأن ... .
الشيخ : كيف؟
الطالب : ... .
الشيخ : وهذا تعليل فاسد استرح. نعم.
الطالب : ... .
الشيخ : لا راح اليوم الآخر. وهذا أردى. لا حول ولا قوة إلا بالله. أقول بارك الله فيك يرث الذي في المدينة أخاه الذي في القصيم. لماذا؟ لأن الشمس تغرب في المدينة بعد غروبها في القصيم. وعلى هذا فيكون الوارث حيا بعد موت المورث. هذه الفائدة كونها كروية لأن الأرض لو كانت غير كروية لكان مغيب الشمس في جميع الأرض واحدا. وهذا واضح. هذا دليل حسي جدا وفيه فائدة. يعني لو قال قائل ما الفائدة من كوننا نعرف أنها سطحية وكروية؟ نقول له فوائد منها هذه منها هذه. ثم إن الدليل المحسوس واضح. لو أن طائرة قامت من مطار جدة متجهة نحو الغرب وسارت بهذا الاتجاه أين تأتي تعود إلى تعود إلى جدة. ولابد لأنها ستدور على الأرض هذا شيء معروف. ولا فيه إشكال. وقاله العلماء الأقدمون كابن حزم شيخ الإسلام ابن تيمية وغيرهما. ولا فيه إشكال. فيه أيضا سؤال ثاني هو الذي أرى أنه لا فائدة من إضاعة الوقت فيه وهو هل الأرض تدور أو لا؟
الطالب : تدور.
الشيخ : ما نقول تدور ولا ما تدور لأن البحث في هذا بحث لا فائدة منه. فيما أرى أنه لا فائدة منه. وعلى هذا فتركه أحسن.

الشيخ : (( والأرض وما طحاها ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها )) هذا القسم من أعظم ما يكون. (( نفس وما سواها )) يعني النفوس كلها سواها الله عز وجل في أحسن تسوية وأحسن استعداد لقبول الحق أو رفضه (( فألهمها فجورها وتقواها )) يعني بين لها الفجور وبين لها التقوى على أيدي من؟ على أيدي الرسل من وجه وعلى ما في النفوس من وجه آخر. ولهذا قال ابن مسعود رضي الله عنه فيما يروى عنه : ( ما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن وما رآه المسلمون قبيحا فهو عند الله قبيح ). النفوس ملهمة ملهمة للفجور والتقوى. تعرف الفجور وتعرف التقوى. والله تعالى هو الذي ألهمها. فمن المفلح من هؤلاء؟

الشيخ : استمع (( قد أفلح من زكاها )) أي زكى نفسه بأن قام بطاعة الله فعلا للمأمورات وتركا للمنهيات. (( قد أفلح من زكاها )) أي زكى نفسه طهرها من أدران المعاصي والشرك حسب الاستطاعة. إن الله سبحانه وتعالى لم يكلفنا ما لا نطيق. قال الله تعالى : (( لا يكلف الله نفسا إلا وسعها )). وقال الله تبارك وتعالى : (( فاتقوا الله ما استطعتم )). إذن نحن مأمورون بأن نزكي نفوسنا ما استطعنا. التزكية للنفوس تكون في حق الله وفي حق الآدميين. تزكية في حق الله أن تقوم بطاعة الله وأن تترك ما نهى الله عنه بصدر منشرح ونفس راضية. التزكية بالنسبة للمخلوقين أن تعاملهم بما تحب أن يعاملوك به. هذا الميزان. أن تعامل الناس بماذا؟ قم لا خاص أحسنت. بارك الله فيك. دليل هذا قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : ( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه ). فنفى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كمال الإيمان حتى يحب الإنسان لأخيه ما يحبه لنفسه. وقال عليه الصلاة والسلام استمع قال : ( من أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة ). وكلنا نحب هذا. أليس كذلك ؟
الطالب : بلى.
الشيخ : كلنا نحب هذا ونسأل الله تعالى أن يعطينا إياه. ( من أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر ). هذا بحق الله. ( وليأت إلى الناس ما يحب أن يؤتى إليه ). الكلام على الأخير ( وليأت إلى الناس ما يحب أن يؤتى إليه ). فأنت الآن إذا وجدت أخاك في ضيق وحرج قدر نفسك أنك أنت الذي في ضيق وحرج قدر نفسك بهذا حتى تحاول أن ترفع عن هذا الأخ الضيق والحرج. إذا رأيت الله أنعم على أخيك بنعمة هل تفرح بها أو تحزن؟ لا يتم إيمانك حتى تفرح بها لأنك تحب أن ينعم الله عليك نعمة. فأحب لأخيك ما تحب لنفسك. عكس الحسدة - والعياذ بالله - عكس الحسدة الذين إذا أنعم الله على غيرهم نعمة كرهوا ذلك وتمنوا أن تزول بل وحاولوا فعلا أن يزيلوها. تجد الرجل مثلا يتكلم عن شخص أتاه الله تعالى مالا. وصار هذا الرجل ينفق المال في سبل الخير تجد الحسدة يقول والله فلان ما شاء الله ينفق المال في سبيل الخير لكنه يكذب في المقال بعض الأحيان. يتحدث بالكذب إيش جاب هذا لهذا؟ ما دام ينفق أمواله في سبل الخير أثنٍ عليه ولا تأت بلكن. لكن هذه تقطع العنق. لكن بعض الناس والعياذ بالله يحسد من أتاه الله تعالى خيرا فإي نعم. يحسد من أتاه الله تعالى خيرا فإذا ذكر الخير أتى بالاستدراك. الاستدراك بإيش؟ بلكن. لكن والله رجل ينفق المال بكثرة وطيب وخير لكن فيه كذيبات. نعم ويجيبها بتصغير. نعم. أو يقول فلان والله طيب ينفق كثيرا في سبل الخير لكنه أحمق يغضب عند كل كلمة. طيب وش علينا منه؟ لكن الحسد - والعياذ بالله - هل ترضى أن أحدا يقدح فيك وأنت تعمل الخير؟ أجب.
الطالب : لا.
الشيخ : لا. إذن لا تفعل أنت بأخيك. فصارت تزكية النفس فيما يتعلق بحق الله وما يتعلق بحق من الخلق. زك نفسك مع الناس ، أحسن الخلق ، أحب لهم ما تحب لنفسك ، أعنهم على فعل الخير ، حذرهم عن فعل الشر. كل هذا من واجبات الأخ لأخيه. نعم.

الشيخ : (( وقد خاب من دساها )) أي من أهلكها وحرمها الخير. فهذا خائب خاسر دنياه وأخراه.

الشيخ : (( كذبت ثمود بطغواها )) ثمود أتعرفهم يا أخ؟ تعرف ثمود؟ تعرف ثمود؟ من هم ؟
الطالب : قوم صالح.
الشيخ : قوم من؟
الطالب : قوم صالح.
الشيخ : أحسنت بارك الله فيك. ثمود هم قوم صالح. ومدائنهم معروفة الآن في الحجر مدائن صالح. هؤلاء كذبّوا وطغوا وسيأتي ذكر طغيانهم. هذه المدائن الآن موجودة ومعروفة يكثر تردد الناس إليها. لكن مع الأسف أن كثيرا من الناس يذهب إليها للاعتبار بقوة هؤلاء القوم ونحتهم المساكن من الجبال ويرون هذا من الآثار. وهذا والله عين الخطأ. إن النبي صلى الله عليه وسلم - أي ولا من تحت صح -. إن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم مر في طريقه إلى تبوك بهذه المدائن. أتدرون كيف صنع؟ قنع رأسه غطاه وخفضه وأسرع السير. وقال : ( لا تدخلوا على هؤلاء المعذبين إلا أن تكونوا باكين خشية أن يصيبكم ما أصابهم فإن لم تكونوا باكين فلا تدخلوا عليهم ). أين الذين يدخلون على هذه المدائن باكين؟ أين هم؟ قليلون. وإن شئت فقل معدومون. أكثرهم يذهب للفرجة واستبيان قوة هؤلاء. وهذا عين الخطأ.
فإن قال قائل : إن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( أن يصيبكم ما أصابهم ). وهذه الأمة محمية أن تصاب بعقوبة عامة. من نعمة الله عز وجل. نقول : إن قول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( أن يصيبكم ما أصابهم ) لا يعني الرجفة والصيحة يعني الاستكبار عن الحق وقبول الحق. فربما هذا الرجل الذي ذهب إلى هذه المدائن ليرى قوة هؤلاء القوم المعذبين ربما يقع في قلبه تعظيم لهؤلاء وآثارهم. وحينئذ يهلك ، يهلك كما هلكوا لأنه إذا عظمهم سوف يكون استكبارهم في نفسه قليلا ويتسلط عليه الشيطان فيقول هؤلاء عذبوا على غير ذنب والعياذ بالله. وحينئذ يهلك لأن بعض الناس قال : كيف الرسول يقول عليه الصلاة والسلام : ( أن يصيبكم ما أصابهم ) وهذه الأمة محروسة أن يصيبها عذاب عام. فنقول : الإصابة هنا ليست إصابة العقوبة بل إصابة إيش؟ التكذيب بالحق والاستكبار عنه. قد يبتلى الإنسان بهذا ولذلك أنا أنصح إخواني الذين يذهبون إلى هذه الأماكن ألا يذهبوا إلا بالشرط الذي قاله النبي عليه الصلاة والسلام. ما هو؟ أن يكونوا باكين. فإن لم يكونوا باكين فلا يدخلوا عليهم ولا يقربونهم طيب.

الشيخ : (( كذبت ثمود بطغواها * إذ انبعث أشقاها )) أي أشقى هذه القبيلة. وأشقى هنا فعل أو ماذا؟ أشقاها أي أشقى القوم. فهي هل هي فعل أو صيغة غير فعلية؟ تفضل.
الطالب : صيغة غير فعلية.
الشيخ : هذه اسم تفضيل. أحسنت بارك الله فيك. أشقاها يعني أشقى القوم. وهو اسم تفضيل وليس فعلا. انبعث يعني لما طُلب منه أن يعقر الناقة عقرها. وهو شيطانهم وكبيرهم كما قال عز وجل : (( فنادوا صاحبهم )) إيش؟ (( فتعاطى فعقر )). هذه الناقة آية من آيات الله أعطاه الله تبارك وتعالى صالحا ليتبين أنه رسول الله حقا. ناقة لها شرب ولهم شرب يوم معلوم. تأتي إلى هذا البئر بئر الناقة وهو معروف الآن بهذا الاسم وتشرب منه يوما كاملا. في اليوم الثاني لهم شرب شرب في هذا البئر. قال بعض العلماء : إنها في اليوم الذي تأتي وتشرب يأتي الإنسان ويسقيها دلوا من ماء ويأخذ بدله دلوا من لبن من حليب. هذه من آيات الله أعطاهم الله سبحانه وتعالى هذه الآية. لكنهم كفروا بها عقروها. قال لهم نبيهم : (( تمتعوا في داركم ثلاثة أيام ذلك وعد غير مكذوب )). فأنذروا بالعذاب إنذار أمر واقع. فبقوا ثلاثة أيام فأخذتهم الرجفة والصيحة حتى هلكوا عن آخرهم.

الشيخ : (( فقال لهم رسول الله ناقة الله وسقياها )) أنا بسأل كيف نُصبت ناقة بدون أن يتبين لنا فعل نصبها؟ أين النحويون؟ واحد.