الشيخ : من بركة نشر العلم وتعليمه، أن فيه حفظاً لشريعة الله وحماية لها، لأنه لولا العلم لم تحفظ الشريعة.
أليس كذلك؟
الشريعة لا تحفظ إلا برجالها رجال العلم، ولا يمكن حماية الشريعة إلا بأهل العلم، فإذا نشرت العلم، وانتفع الناس بعلمك، حصل في هذا حماية لشريعة الله عز وجل، وحفظ لها.
ثالثاً : فيه أيضا أنك تحسن إلى هذا الذي علمته، لأنك تبصره في دين الله عز وجل.
فإذا عبد الله على بصيرة، كان لك من الأجر مثل أجره، لأنك أنت الذي دللته على الخير، والدال على الخير كفاعل الخير، شوف كيف بركة العلم، فالعلم في نشره خير وبركة لناشره ولمن نشر إليه.
رابعاً : أن في نشر العلم وتعليمه زيادة له، علم العالم يزيد إذا علم الناس، صح؟
الطالب : صح.
الشيخ : كيف يزيد؟
لأنه استذكار لما حفظ وانفتاح لما لم يحفظ، وما أكثر ما يستفيد العالم من طلبة العلم.
يعني طلابه الذين عنده أحيانًا يأتون بمعان ليست له على بال، ويستفيد منهم وهو يعلمهم، وهذا شيء مشاهد.
ولهذا ينبغي للمعلم إذا استفاد من الطالب، وفتح له الطالب شيئًا من أبواب العلم ينبغي له أن يشجع الطالب، وأن يشكره على ذلك، خلافًا لما يظنه بعض الناس أن الطالب إذا فتح عليه، وبيَّن له شيئًا كان خفيًّا عليه، زعل يزعل المعلم، يقول هذا صبي يعلم شيخًا، فيزعل وتجده يتحاشى أن يتناقش معه، خوفًا من أن يطلعه على أمر قد خفي عليه.
وهذا من قصور علمه بل هذا من قصور عقله، لأنه إذا منَّ الله عليك بطلبة يذكرونك ما نسيت ويفتحون عليك ما جهلت، فهذا من نعمة الله عليك.
هذا من فوائد نشر العلم أنه يزيد إذا علمت الناس لعلمك، كما قال القائل مقارنًا بين المال والعلم يقول في العلم:
" يزيد بكثرة الإنفاق منه *** وينقص إن به كفًّا شددتا "
إذا شددت به كفًّا، وأمسكته نقص، تنساه، لكن إذا نشرته يزداد أو لا؟
الطالب : يزداد.
الشيخ : يزداد، كما قلت.

الشيخ : وينبغي للإنسان عند نشر العلم أن يكون حكيمًا في التعليم، بحيث يلقي على الطلبة المسائل التي تحتملها عقولهم، لا يأتي إليهم بالمعضلات، يربيهم بالعلم شيئًا فشيئًا.
ولهذا قال بعضهم في تعريف العالم الرباني قال: العالم الرباني هو الذي يربي الناس بصغار العلم قبل كباره.
ونعْلَمُ نحن جميعًا أن البناء ليس يؤتى به جميعًا حتى يوضع على الأرض، فيصبح قصرًا مشيدًا، بل ايش؟ يبنى لبنة لبنة، حتى يتم البناء.
فينبغي للمعلم أن يراعي أذهان الطلبة بحيث يلقي إليهم ما يمكن لعقولهم أن تدركه،
ولهذا يؤمر [ العلماء ] أن يحدثوا الناس بما يعرفون، قال ابن مسعود رضي الله عنه : ( إنك لن تحدث قومًا حديثًا لا تبلغه عقولهم إلا كان لبعضهم فتنة ).
كذلك أيضًا ينبغي للمعلم أن يعتني بالأصول والقواعد، لأن الأصول والقواعد هي التي يبنى عليها العلم، وقد قال العلماء: من حُرم الأصول حُرم الوصول.
يعني: ما يصل إلى الغاية إذا حرم الأصول.
فينبغي أن يلقي على الطلبة القواعد والأصول التي تتفرع عليها المسائل الجزئية، لأن الذي يتعلم على المسائل الجزئية لا يستطيع أن يهتدي إذا أتته معضلة فيعرف حكمها، لأنه ليس عنده أصل.
الحقيقة أني أحيانا أستطرد لأمر قد لا يكون يشمله أو يقتضيه المقام، لكن اسمحوا لي بارك الله فيكم.
نحن نتكلم على ايش؟
الطالب : نشر العلم.
الشيخ : لا، أصل الكلام.
( وبارك لنا فيما أعطيت )، تسأل الله أن يبارك لك فيما أعطاك من مال وولد وعلم.

الشيخ : ( وقنا شر ما قضيت ).
الله عز وجل يقضي بالخير ويقضي بالشر.
أما قضاؤه بالخير فهو: خير محض في القضاء والمقضي.
انتبه، قضاء الله تعالى بالخير خير محض في قضائه ومقضيه.
مثاله ، ويش مثال قضاء الله بالخير؟
أن يقضي الله تعالى للناس بالرزق الواسع والأمن والطمأنينة والعلم والهداية والنصر ... وإلخ.
فهذا خير في القضاء ايش بعد؟
الطالب : والمقضي.
الشيخ : والمقضي.
القضاء بالشر خير في القضاء، شر في المقضي.
انتبه، حتى لا تنسب الشر إلى الله سبحانه وتعالى.
القضاء بالشر خير باعتبار القضاء، شر باعتبار المقضي.
مثال ذلك: القحط، تعرفون القحط؟ امتناع المطر، هذا شر، لكن قضاء الله به خير.
كيف يكون القضاء بالقحط خيرا؟
لو قال قائل : إن الله يقدر علينا القحط والجدب فتموت المواشي وتفسد الزروع.
ويش الخير؟
طيب، استمع إلى قول الله تعالى : (( ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ )) أتموا الآية؟
(( لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا )) مو كل الي عملوا ، لأن الله لو يؤاخذ الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة (( لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ )).
إذن، لهذا القضاء غاية حميدة، وهي: الرجوع إلى الله تعالى من معصيته إلى طاعته، فصار المقضي شراً، والقضاء خيراً.
نحن نقول : ( قنا شر ما قضيت ) : "ما" هنا اسم موصول، أو مصدرية؟
الطلاب : موصول.
الشيخ : اسم موصول صح؟ يعني شر الذي قضيته، فإن الله تعالى قد يقضي بالشر لحكمة بالغة حميدة.
طيب، ( وقنا شر ما قضيت ).

الشيخ : ( إنك تقضي ولا يقضى عليك )، فالله تعالى يقضي على كل شيء، لأن له الحكم التام الشامل.
ولا يقضى عليه : لا يقضي عليه أحد.
فالعباد لا يحكمون على الله، والله يحكم عليهم.
العباد يسألون عما عملوا، وهو لايسأل ، (( لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ )).

الشيخ : ( إنه لا يذل من واليت ولا يعز من عاديت ) وهذا كالتعليل لقولنا فيما سبق: ( وتولنا فيمن توليت ).
فإذا تولى الله الإنسان فإنه لا يذل، وإذا عادى الله الإنسان فإنه لا يعز.
ومعنى ذلك أننا نطلب العز من الله، ونتقي من الله تعالى من الذل بالله عز وجل.
ونقتصر على هذا القدر مما يقال في دعاء القنوت.

الشيخ : وفي دعاء القنوت جملة يكثر السؤال عنها مما يدعو به أئمتنا في قنوتهم، يقولون : "هب المسيئين منا للمحسنين".
ونحن إذا قالوها قلنا ايش؟
قلنا : آمين.
ندري ويش معناها؟ يعني حسب الأسئلة التي ترد أن أكثر الذين يقولون آمين لايدرون ما معناها.
نعم ، لأنهم يسألون عنها كثيرا.
ويش معنى هب المسيئين منا للمحسنين؟
نعم ، أقول : نقول : آمين بناء على إحسان الظن بالداعي، وأنه لا يدعو إلا بما هو خير.
أليس كذلك؟
وإلا لو سألنا سائل واش معناها، قلت : والله ما نعرف.
ولذلك يكثر السؤال عنها، فمن الذي يعرف معناها؟ "هب المسيئين منا للمحسنين".
تفضل، لو سمحت، وش معناها؟
الطالب : قال صلى الله عليه وسلم : (( إن الله لينصر هذا الدين بالرجل الفاجر )).
الشيخ : ليؤيد.
الطالب : ليؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر. فالفجور إساءة والله تبارك وتعالى يؤيد هذا الدين ويؤيد المحسنين أحيانا بفجور الفجار وإساءتهم، والله أعلم.
الشيخ : طيب ، هذا ، فهمتم المعنى؟
يقول : "هب المسيئين منا للمحسنين" يعني اجعل المسيئين ينصرون المحسنين.
هبهم لهم، هب بمعنى أعط.
فاجعل المسيء للمحسن، يعني أن المحسن ينصر بالمسيء، واستدل بقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن الله ليؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر ).
عندكم معنى آخر؟ لأن أنا أحكي قوله.
الطالب : يراد به والله أعلم أن الله تعالى يشفع المحسنين بالمسيئين. وكما يقبل من المحسنين يقبل من المسيئين ويغفر لهم، والله أعلم.
الشيخ : طيب في معنى ثالث؟
هذا سمعتموه يقول : "هب المسيئين منا للمحسنين" بمعنى أن تجعل المسيئين في شفاعة المحسنين كما في الحديث : ( هم القوم لا يشقى بهم جليسهم ). نعم .طيب.
الطالب : أقول المعنى والله أعلم أي اهد المسيئين إلى المحسنين كي يبينوا لهم الطريق.
الشيخ : طيب. فتكون اللام بمعنى إلى.
الطالب : نعم.
الشيخ : طيب استرح.
هذا يقول المعنى أنك تجعل المسيئين يأخذون من المحسنين الهداية.
فيكون هب المسيئين للمحسنين يعني اهد المسيئين بالمحسنين، يدلونهم على الخير والحق.
هذه ثلاثة معاني.
من عنده؟ طيب تفضل.
الطالب : يكون معناها وهب المسيئين لأجل المحسنين.
الشيخ : والمعنى؟ ايش معنى هب المسيئين لأحل المحسنين؟
الطالب : هب المسيئين رحمة لأجل المحسنين.
الشيخ : كما قال الأخ مشاري، أي من باب الشفاعة.
طيب ، تفضل.
الطالب : قد يكون المعنى والله أعلم.
اجعل المسيئين يا ربنا تحت سلطة المحسنين فيمتنعون بذلك عن شرهم.
الشيخ : يعني اجعل السيطرة للمحسنين على المسيئين كي يأمروهم بالإحسان.
إذن، هذه أربعة أقوال من أهل العلم منكم.
والبقية سكوت ليس عندهم علم، مع أن الجميع كلنا نقول: آمين.
مشكلة، يعني كون الإنسان يأمن على شيء ما يدري وش معناه؟
الطالب : إحسان الظن.
الشيخ : ما فيه إلا إحسان الظن.
أنا عندي أقرب الأقوال وأقول مثلكم والله أعلم.
أقرب الأقوال أنه من باب الشفاعة، يعني أن هذا الجمع الكثير فيهم المحسن، وفيهم المسيء.
فاجعل المسيء هدية للمحسن يشفع فيه، ويقبل الله سبحانه وتعالى شفاعته فيه.
هذا أقرب الأقوال عندي، والله أعلم.
طيب، ننتهي الآن من الكلام على ما يتعلق بما سمعناه من أئمتنا.
وأظن أن هذه الطريقة إن شاء الله مفيدة، كوننا نتكلم على ماسمعنا، يعني على شيء من غررهم.

الشيخ : ونعود الآن إلى إيش ؟
إلى المتابعة، المتابعة لا تتحقق إلا بستة أوصاف:
أن تكون العبادة موافقة للشريعة في سببها وجنسها وقدرها وكيفيتها وزمانها ومكانها.
تكلمنا فيما سبق على السبب، وقلنا إن أي إنسان يتعبد لله بعبادة مبنية على سبب لم يثبت بالشرع فإنها عبادة مردودة، ليس عليها أمر الله ورسوله.
وذكرنا فيما سبق الاحتفال بمولد الرسول صلى الله عليه وسلم.
وهناك أمثلة من هذا النوع.

الشيخ : الذين يحتفلون بالليلة السابعة والعشرين من رجب يدّعون أن النبي صلى الله عليه وسلم عرج به في تلك الليلة .
ماذا نقول في هذا الاحتفال؟
غير موافق للشرع، فهو مردود .
أولا : لأنه لم يثبت من الناحية التاريخية أن معراج الرسول عليه الصلاة والسلام ليلة سبعة وعشرين.
والكتب بين أيدينا، راجع البخاري، راجع مسلما ، راجع السنن ، راجع كتب الحديث، ليس فيها حرف واحد يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم عرج به في ليلة سبع وعشرين من رجب.
ومعلوم أن هذا من باب الخبر الذي لا يثبت إلا بالأسانيد الصحيحة.
ثانيا : وعلى تقدير ثبوته فهل من حقنا أن نحدث فيه عبادة أو نجعله عيدا ؟
أبدا، ولهذا لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة، ورأى الأنصار لهم يومان يلعبون فيهما قال : ( إن الله أبدلكم بخير منهما ) وذكر لهم عيد الفطر وعيد الأضحى، وهذا يدل على كراهة النبي صلى الله عليه وسلم لأي عيد يحدث في الإسلام سوى الأعياد الإسلامية.
أي عيد يحدث في الإسلام فالرسول صلى الله عليه وسلم راغب عنه، لا يريده، إلا الأعياد الشرعية وهي ثلاثة : عيدان سنويان، وعيد أسبوعي.
العيدان السنويان عيد الفطر والأضحى، والعيد الأسبوعي هو عيد الجمعة.
أقول : على تقدير ثبوت أن الرسول عليه الصلاة والسلام عرج به ليلة سبع وعشرين من رجب - وهذا دون ثبوته خرط القتاد - لا يمكن أن نحدث فيه شيئا بدون إذن من الشارع .

الشيخ : وكما قلت لكم إن البدع أمرها عظيم، وأثرها على القلوب سيئ، حتى وإن كان الإنسان في تلك اللحظة يجد من قلبه رقة ولينا فإنه سيكون الأمر فيما بعد بالعكس، قطعا، لأن فرح القلب بالباطل لا يدوم، بل يعقبه الألم والندم والحسرة.
وفيها أيضا خطورة،كل البدع الدينية فيها خطورة لأنها تتضمن القدح في الرسالة، لأن مقتضى هذه البدعة أن الرسول عليه الصلاة والسلام لم يتم الشريعة، أو لا؟
انتبهوا، مقتضى هذه البدعة أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يتم الشريعة. أليس كذلك؟ لأنه يقال : أين هي في شريعة الله؟
أي هي في سنة الرسول صلى الله عليه وسلم؟
غير موجودة.
إذن ، الرسول صلى الله عليه وسلم ما أتم الشريعة.
ثم نرتقي إلى ماهو أشد، ونقول إن في قوله تعالى : (( اليوم أكملت لكم دينكم )) واش فيه؟
انتقاض، أين الدين وهذه البدعة منه ولم توجد؟
إذن لم يكمل.
أقول : أين كمال الدين وهذه البدعة منه، ولم توجد؟
إذن تكون البدع تتضمن أن قول الله سبحانه وتعالى : (( اليوم أكملت لكم دينكم )) ليس بصحيح، وهذا خطر عظيم.
والغريب أن بعض المبتلين بهذه البدع تجدهم يحرصون غاية الحرص على تنفيذها، مع أنهم متساهلون فيما هو أنفع وأصح وأجدى، تجدهم فيها متساهلين.
لذلك نقول: إن الاحتفال ليلة سبع وعشرين على أنها الليلة التي عرج فيها برسول الله صلى الله عليه وسلم هذه بدعة، لأنها بنيت على سبب لم يأت به الشرع .

الشيخ : في جنسها، ذكرنا مثالا فيما سبق، مثل أن يضحي بفرس.
وهل من المخالفة في الجنس أن يرفع الإنسان يده اليسرى بدل اليمنى ؟
... لكن مع ذلك ينبغي للإنسان أن يقدم اليمنى إلا في مواضع الأذى فيقدم اليسرى.

الشيخ : القدر، تكلمنا عليه ؟
ما تكلمنا عليه.
لو أن أحدا من الناس قال: إنه يصلي الظهر ستا، تكون هذه العبادة موافقة للشريعة ؟
غير موافقة، في أي شيء؟ في القدر.
طيب، لو أن أحدا من الناس قال: سبحان الله والحمد لله والله أكبر خمسا وثلاثين مرة دبر الصلاة المكتوبة، ما تقولون في هذا؟
الطالب : مخالف للشرع.
الشيخ : مخالف الشرع في ايش؟
في العدد ، في القدر يعني.
فنقول إن قصدت التعبد لله تعالى بهذا العدد فأنت مخطئ، وإن قصدت الزيادة على ما شرع الرسول صلى الله عليه وسلم، ولكنك تعتقد أن المشروع ثلاث وثلاثون فالزيادة لا بأس بها هنا، لأنك فصلتها عن التعبد بذلك.
طيب، رجل أخرج في الفطرة صاعين عن نفسه.
ما تقولون في هذا؟
زاد في القدر أو لا؟
طيب، نقول : إذن ينوي الصاع الأول عن الفطرة الواجبة، والثاني تطوع، والزيادة من الخير خير.

الشيخ : والكيفية
لو أن الإنسان فعل العبادة بجنسها وقدْرها وسببها، لكن خالف الشرع في كيفيتها.
مثال ذلك : رجل أحدث حدثا أصغر، وتوضأ.
الحدث سبب للوضوء أو لا؟
سبب شرعي ورد به الشرع، أجيبوا بارك الله فيكم؟
الطلاب : نعم.
الشيخ : الحدث سبب شرعي لوجوب الوضوء عند الصلاة، ورد به الشرع.
توضأ الرجل لكنه غسل رجليه ثم مسح رأسه، ثم غسل يديه، ثم غسل وجهه.
أتى بفروض الوضوء الأربعة، فهل يصح وضوؤه؟
الطلاب : لا.
الشيخ : ليش؟
خالف الشرع في الكيفية .
طيب، رجل يصلي، فلما انتهى من القراءة سجد ثم قام فركع، تصح صلاته؟
الطلاب : لا.
الشيخ : ليش؟
خالف الشرع في الكيفية .
طيب، لوفعل هذا سهوا ؟ سجد ثم ذكر فقام ثم ركع، يصح؟
تصح صلاته لكن يسجد للسهو.
طيب.

الشيخ : الخامس في الزمان.
وأظن ضربنا له مثلا في الليلة الماضية.
مثل أن يصوم الإنسان رمضان في شعبان، أو في شوال، أو أن يصلي الظهر قبل الزوال، أو بعد أن يصير ظل كل شيء مثله، لأنه إن صلى قبل الزوال صلاها قبل الوقت، وإن صلى بعد أن يصير ظل كل شيء مثله صلاها بعد الوقت.
تصح الصلاة أو لا؟
ما تصح صلاته .

الشيخ : ولهذا نقول: إذا ترك الإنسان الصلاة عمدا حتى خرج وقتها بدون عذر، فإن صلاته لا تقبل منه، لو صلى ألف مرة. انتبه لهذا ياولد.
لو ترك الإنسان الصلاة حتى خرج وقتها عمدا بدون عذر وصلاها لم تقبل صلاته ولو صلاها ألف مرة، مردودة عليه.
لكن إذا قال: أنا والله تأخرت في النوم، وبدل ما أركب الساعة على ثلاثة ونصف أبركبها على سبعة ونصف بعد طلوع الشمس متعمد ثم قام فصلى.
هل تصح صلاته؟ لا، لا تصح.

الشيخ : وهنا نأخذ قاعدة مهمة في هذا الباب : كل عبادة مؤقتة إذا أخرجها الإنسان عن وقتها بدون عذر فهي غير مقبولة، بل مردودة.
القاعدة هذه مفهومة أو لا؟
كل عبادة مؤقتة أخرجها الإنسان عن وقتها بدون عذر فهي مردودة عليه.
ويش الدليل؟
الدليل : حديث عائشة رضي الله عنها : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد ).

الشيخ : طيب، في المكان.
أيضا ، ذكرنا مثالا له.
لو أن إنسانا وقف يوم عرفة بمزدلفة، لم يصح الوقوف، لماذا؟ لعدم موافقة العبادة للشرع في مكانها .
طيب الاعتكاف، اعتكف في منزله؟ لا يصح لماذا؟ لأن مكان الاعتكاف هو المسجد، ولهذا لا يصح للمرأة أن تعتكف في بيتها، لأن ذلك ليس مكانا للاعتكاف.
والنبي صلى الله عليه وسلم لما رأى بعض زوجاته ضربن أخبية لهن في المسجد أمر بنقض الأخبية وإلغاء الاعتكاف، ولم يرشدهن إلى أن يعتكفن في بيوتهن، وهذا يدل على أنه ليس للمرأة اعتكاف في بيتها لمخالفة الشرع في المكان.
تمت أظن الأوصاف الستة التي لا تتحقق المتابعة إلا باجتماعها في العبادة.

الشيخ : الثاني : إقام الصلاة.
وما أدراك ما الصلاة.
تلك العبادة العظيمة، التي استهان بها كثير من الناس اليوم حتى حق عليهم قول الله تعالى: ((فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ )).
وإنه ليحدث للإنسان العجب الذي لا ينقضي أن تجد بعض الناس يحرصون غاية الحرص على الصيام، ولكنهم لا يحرصون على الصلاة، حتى إنه قيل لي إن بعض الناس يصوم ولا يصلي.

الشيخ : وإنني أشهد الله أن هذا الذي يصوم ولا يصلي أن صومه باطل غير مقبول منه، أشهد الله على ذلك بما أعلمه من دلالة الكتاب والسنة، وأقوال الصحابة، والنظر الصحيح من أن تارك الصلاة كافراً كفرا مخرجاً عن الملة.
وإذا كان كافراً كفراً مخرجاً عن الملة، لم ينفعه صوم، ولا صدقة، ولا حج، ولا أي عمل صالح.
يقول الله تبارك وتعالى : (( وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُوراً )).
ويقول تعالى : (( وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولهِ )).
النفقات التي نفعها متعد، لا تقبل إذا صدرت من كافر مع أن نفعها متعد، فكيف بالعبادات القاصرة كالصوم؟
فإنه لا يقبل من باب أولى.
هذه الصلاة التي هي أعمال يسيرة، وذات آثار حميدة لو أنكم الآن بارك الله فيكم ، لو أنكم أحصيتم المدة التي يكون فيها أداء الصلاة بشرائطها وفروضها من أوقاتكم.
كم تكون نسبة وقتها إلى أوقاتنا؟
الطالب : واحد بالمائة.
الشيخ : لا تبالغ ، لا تقول واحد بالمائة.
اصبروا بارك الله فيكم.
الصلوات كم؟
الطلاب : خمسة.
الشيخ : لنفرض أن كل واحدة تحتاج إلى وضوء.
كم زمن الوضوء؟
الذي يقول زمن الوضوء دقيقة هذا مو متوضي.
طيب كم زمن الوضوء؟
الطالب : خمس دقائق.
الشيخ : خمس دقائق، صحيح يمكن خمس دقائق ، أربع دقائق ، خمسة دقائق.
خذ هذه أربعة دقائق.
كم زمن الصلاة؟
صلاة الظهر عشر دقائق ممكن. أنا أريد أدنى مجزئ، عشر دقائق مع خمس دقائق هذه ربع ساعة.
هل يمكن أن نجعل بقية الصلوات على هذا ؟
يمكن.
خلونا نجعلها على هذا. كم تكون؟
الطالب : ساعة وربع.
الشيخ : ساعة وربع من أربع وعشرين ساعة.
كم النسبة؟
خليها ساعة ونصف كما قال الأخ، عشان يكون النسبة واضحة.
ساعة ونصف نصف الثمن.
الطالب : واحد على 16.
الشيخ : واحد على 16 ، صح ، واحد من ستة عشر.
نصف الثمن.طيب.
يعني بالمائة: ستة وربع.
صح؟
الطالب : نعم.
الشيخ : بالمية ، من وقتك ستة وربع في المائة.

الشيخ : فهذا جزء بسيط في عمل عظيم جليل، له آثار حميدة على الإنسان في حياته، وفي قبره، وفي حشره، قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( الصلاة نور )، بالله عليكم نور في ايش؟
في القلب، وإذا استنار القلب استنار الوجه وانشرح الصدر، ولهذا قال الله تعالى : (( وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ )).
وإذا حزب الإنسان أمر وضاق عليه فإنه يفزع إلى الصلاة، لأن القلب يستنير بالصلاة، فيستنير الوجه وينشرح الصدر، ويجد الإنسان الدنيا أمامه سعة لا نهاية لها.
نور في القبر، والقبر ظلمة، لا يرى الإنسان شمساً ولا قمراً، لكن إذا كان من المصلين كان قبره نوراً.
كذلك نور في الحشر، قال تعال : (( يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ )).
فهي إذن نور في القلب والوجه والقبر والحشر،
ولها آثار عظيمة.

الشيخ : لماذا أيها الإخوة ؟
أرجو أن تجيلوا أفكارهم، لماذا كانت نورا؟
لأن الإنسان يتصل بها بالله – عز وجل – أنت عندما تقف تصلي، ألم تعلم أنك تناجي ربك عز وجل، وهو على عرشه يسمعك ويجيبك، كما قال الله تعالى في الحديث القدسي : (قسمت صلاة بيني وبين عبدي نصفين ).
انتبه يا غافل.
( قسمت صلاة بيني وبين عبدي نصفين، فإذا قال: الحمد لله رب العالمين، _استمع للجواب _ قال الله: حمدني عبدي ).
والله لو نشعر بهذا المعنى الجليل ماكانت الهواجيس ترد علينا من كل جانب إذا دخلنا في الصلاة. يقول الله تعالى : ( حمدني عبدي ).
( فإذا قال: الرحمن الرحيم ، قال الله عز وجل: أثنى علي عبدي، فإذا قال: مالك يوم الدين، قال الله: مجدني عبدي. _ مناجاة_
فإذا قال: إياك نعبد وإياك نستعين، قال الله: هذا بيني وبين عبدي نصفين، فإذا قال: اهدنا الصراط المستقيم، قال الله: هذا لعبدي ولعبدي ما سأل ).
والله إن أثر هذه المناجاة لأثر عظيم لا يعدله شيء، ولكن نشكو إلى الله – عز وجل – ما نجده في قلوبنا من الغفلة واللهو، لا سيما إذا وقفنا بين يديه في الصلاة، لا نجد الوساوس والهواجيس التي تعتبر لغواً من التفكيرات، إلا إذا دخلنا في الصلاة، لأن الشيطان في تلك الحال يحرص غاية الحرص على أن يصدنا عن الله – عز وجل -، وعن الصلة به، من أجل هذه الصلة كانت الصلاة نوراً يكتسب بها الإنسان نوراً في قلبه، ويبدو ذلك على وجهه، ثم في قبره وحشره.
وسيأتي إن شاء الله تعالى بقية الكلام على آثار الصلاة وثمراتها في الدرس المقبل بعون الله تعالى وتوفيقه ومشيئته.
ونتجه الآن إلى الأسئلة، لأن الظاهر أن لدينا أسئلة، نسأل الله أن يوفقنا فيها للصواب.

السائل : كثيراً ما نجد رسائل مثل هذه، فما رأيك فيمن اعتقدها وكتبها ووضعها، وذلك في أستار الكعبة، يقول على ظهر الرسالة : " إلى المولى عز وجل ، إلى الله الكريم "، وبداخل الرسالة " بسم الله الرحمن الرحيم، يا حبيب الله، نتمنى زيارة بيتك والقرب منك ، نتمنى الصلاة في حرمك الشريف، وأرجوك يا حبيب الله اقبل طلبنا هذا، وقربنا منك مع حرمي وزوجي، لأكون بقربك أسعد بالصلاة عليك يا حبيب الله، خادمك المطيع علوية بنت عائشة ".
الشيخ : هذه الرسالة موجهة من خديجة؟ من علوية عائشة إلى النبي صلى الله عليه وسلم - فيما يظهر -.
أقول: إن هذه الرسالة تتضمن دعاء غير الله عز وجل، ودعاء غير الله عز وجل سبق لنا في الدرس الماضي أنه شرك أكبر مخرج عن الملة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم نفسه لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضراً، ولا يملك لغيره نفعاً ولا ضراً، قال الله تعالى : (( قُلْ )) يخاطب النبي صلى الله عليه وسلم (( قل لاَ أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلاَ أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلاَ أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ )) ليس عنده خزائن الله فيعطيها من شاء، ولايعلم الغيب فيحذر ما يأتي به الغيب، ولاأقول إني ملك، بل هو عليه الصلاة والسلام بشر، بل هو عبد من عباد الله، ولهذا قال بعدها : (( إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيّ )) فهو صلى الله عليه وسلم متبع لما أوحي إليه، بل إن وصفه صلى الله عليه وسلم بالعبودية إنما جاء في مقام الإكرام له، في مقام إنزال القرآن، والإسراء، والدفاع عنه.
على كل حال هذه الرسالة وما أشبهها شرك أكبر مخرج عن الملة، والنبي صلى الله عليه وسلم لا يملك لهذه المرأة ولا لغيرها أن يدفع ضرراً أو يجلب نفعاً، (( قُلْ إِنِّي لاَ أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلاَ رَشَدًا )).
وهو صلى الله عليه وسلم جمع عشيرته الأقربين وسار يناديهم بأسمائهم، ويقول : ( لا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنْ اللهِ شَيْئًا ).
فعلى هذه المرأة أن تتوب إلى الله عز وجل، وأن تجعل دعاءها إلى الله سبحانه، فهو الذي يكشف السوء، وهو الذي يجيب المضطر إذا دعاه.
وفي كلامها نقطة نحب أن نبحثها معكم، وهي قولها في الرسول عليه الصلاة والسلام.