الشيخ : وكذلك لو كان الابن الذي مات، مات عن أب لا يصلي وعن عم يصلي.
من الذي يرثه؟
الطلاب : العم.
الشيخ : عمه، الدليل : قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم ).
وهذا الحديث متفق عليه من حديث أسامة بن زيد رضي الله عنه.
بل هناك دليل في القرآن يشير إلى هذا.
قال نوح عليه الصلاة والسلام داعيا ربه : (( رب إن ابني من أهلي وإن وعدك الحق )) ، فقال الله له : (( إنه ليس من أهلك )) لأنه كان كافرا.
هذه ثمانية، سبعة أحكام.

الشيخ : الثامن : أنه لا يكون وليا على أحد من بناته، فلا يملك أن يزوج ابنته.
يعني لو أن رجلا له بنات وهو لا يصلي فخطبهن أحد من الناس، فإنه لا يعقد النكاح لهن، لأنه لا ولاية لكافر على مسلم، وإنما يزوجهن أقرب الأولياء بعده.
مثلا : امرأة لها أب لا يصلي وعم يصلي.
وخطبت هذه المرأة، من الذي يزوجها؟
عمها، لأنه لا ولاية لهذا الذي لا يصلي عليها.
طيب.

الشيخ : الحكم التاسع: أنه لا حضانة له على أحد من أولاده.
فلو كان هذا الرجل الذي لا يصلي له أولاد وانفسخ نكاحه من زوجته، من الذي يحضن هؤلاء الأولاد؟ الأم أو هذا الأب؟
الأم، لأنه لا حضانة لكافر على مسلم.

الشيخ : هذه أحكام الذي لا يصلي في الدنيا، وهناك أحكام أخرى لكنها أقل شأنا مما ذكرنا، مثل: وجوب هجره وأن لا يسلم عليه لأنه كافر.
وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم هجر كعب بن مالك وصاحبيه لتخلفهما عن غزوة تبوك.
وهذا العمل لايؤدي إلى الكفر.
فكيف بمن كان كافرا ؟

الشيخ : أما أحكامه الأخروية، فإنه يوم القيامة يحشر مع فرعون وهامان وقارون وأبي بن خلف، كما جاء في ذلك الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وإذا حشر مع هؤلاء الذين هم رؤوس الكفرة، فأين يكون مقره يوم القيامة؟
في نار جهنم خالدا مخلدا فيها، والعياذ بالله.
فيا إخواني الأمر شديد وعظيم.
وشأن الصلاة كبير جدا.

الشيخ : لو سألني سائل : أين ومتى وكيف فرضت الصلاة ؟
ثلاثة أسئلة.
أين فرضت الصلاة؟
فرضت على النبي صلى الله عليه وسلم ليلة المعراج وهو في السماء السابعة.
كيف فرضت؟
فرضت على النبي صلى الله عليه وسلم بدون واسطة، يعني من الله إلى الرسول.
وفرضت على أنها خمسون صلاة باليوم والليلة، ولكن الله عزوجل خفف على عباده فكانت خمسا بالفعل وخمسينا بالميزان.
بعد هذا نقول: قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( وإقام الصلاة ).

الشيخ : إقام الصلاة هو أن يأتي بها الإنسان مستقيمة على الوجه الذي جاءت به الشريعة، ويدخل في ذلك أمور:

الشيخ : الأمر الأول : أن يأتي بها في وقتها.
وأوقات الصلاة خمسة أشار الله إليها في القرآن إجمالاً، وجاءت بها السنة تفصيلاً.
أين الإشارة الإجمالية في القرآن؟
في قوله تعالى : (( أقمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ ))، (( لدلوك الشمس )) أي لزوالها، (( إلى غسق الليل )) أي إلى نصف الليل، لأن تمام الغسق – وهو الظلمة – يكون متى ؟
في وسط الليل.
هذا الوقت من نصف النهار إلى نصف الليل لا تخلو لحظة منه من وقت لصلاة.
وتفصيل ذلك جاءت به السنة.

الشيخ : وقت الظهر: من الزوال إلى أن يصير ظل كل شيء مثله.
ووقت العصر : من هذا الوقت إلى اصفرار الشمس اختيارا، وإلى الغروب اضطراراً.
ووقت المغرب : من غروب الشمس إلى مغيب الشفق، وهو الحمرة التي تعقب غروب الشمس. ووقت العشاء : من مغيب الشفق إلى نصف الليل.
انتهت الأوقات الأربعة المتصل بعضها ببعض.
الأول؟
الطالب : من الزوال إلى أن يصير ظل كل شيء مثله، هذا صلاة الظهر.
الشيخ : أحسنت، استرح.
الثاني؟ أي نعم.
الطالب : من أن يصير ظل كل شيء مثله إلى غروب الشمس اضطرارا أواصفرار الشمس اختيارا.
الشيخ : طيب، الوقت الثالث؟
الطالب : من غروب الشمس.
الشيخ : من غروب الشمس إلى مغيب الشفق الأحمر.
طيب، الرابع؟
الطالب : من غياب الشفق الأحمر إلى نصف الليل.
الشيخ : أحسنت.
هذه الأوقات الأربعة متصل بعضها ببعض، وقد دل عليها حديث عبد الله بن عمرو بن العاص الثابت في صحيح مسلم.

الشيخ : أما الوقت الخامس فقال الله تعالى : (( وَقُرْآنَ الْفَجْرِ )) فصله عما قبله (( وَقُرْآنَ الْفَجْرِ ))، لأن وقت الفجر منفصل عما قبله وعما بعده.
كيف ذلك؟
من نصف الليل إلى طلوع الفجر ليس وقتا لصلاة مفروضة.
من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس وقت للفجر.
من طلوع الشمس إلى زوالها ليس وقتا لصلاة مفروضة.
ومن ثم جاء القرآن مفردا لصلاة الفجر.
قال : (( وَقُرْآنَ الْفَجْرِ ))
لكن الله – عز وجل – عبر عن الفجر بقرآنه، لأن القراءة تطول في صلاة الفجر.
وبهذا نعرف أن ما بين نصف الليل إلى طلوع الفجر ليس وقتاً لصلاة مفروضة، فلو أن امرأة طهرت من الحيض بعد منتصف الليل.
هل تلزمها صلاة العشاء؟
لا، لأنها طهرت بعد الوقت، كما أنها لو طهرت بعد طلوع الشمس لم تلزمها صلاة الفجر، لأنها طهرت بعد الوقت.
طيب هذه الأوقات الخمسة بارك الله فيكم.

الشيخ : لو صلى الإنسان الصلاة قبل وقتها بقدر تكبيرة الإحرام، يعني كبر للصلاة قبل دخول وقتها ثم دخل الوقت بعد تكبيرة الإحرام مباشرة، هل تصح ؟
لا تصح، لأنه ابتدأها قبل الوقت.
طيب، لو أن أحداً أخر الصلاة عن وقتها بلا عذر شرعي، هل تصح؟
لا.
فلو أن رجلا تعمد أن لا يصلي الفجر إلا بعد طلوع الشمس وصلى الفجر، فإن الصلاة لا تقبل منه.
طيب، ماذا يصنع؟ يتركها الآن؟
نعم، يتركها لا يصلي، لأنه لو صلى لم تنفعه.
لكن يتوب إلى الله عز وجل توبة نصوحا صادقة والتوبة تجب ما قبلها.
وهذا -يا إخوة- كلامي هذا أنه إذا أخر الصلاة عن وقتها بلا عذر فإنها لا تقبل منه، ولايشرع له قضاؤها لأنه لا فائدة له من القضاء.
هذا مبني على قاعدة مؤسسة على دليل.
أرجو الانتباه ياجماعة لأنه أمر قد تستغربونه.
تأخير الصلاة عن وقتها بلا عذر محرم، ولو صلاها لا تقبل.
إذن لا يقضيها، لأنه لا فائدة من عمل لا يقبل.

الشيخ : قلت إن هذا الحكم مبني على قاعدة مؤسسة على دليل، ما هي القاعدة ؟
" كل عبادة مؤقتة إذا فعلها الإنسان في غير وقتها سواء قبله أو بعده فإنها لا تصح منه ولا تقبل "، لأن الله عز وجل قال اجعلها في هذا الوقت، مابين الوقتين أول الوقت وآخره، اجعلها في هذا.
فإذا أخرجتها عن الوقت أو قدمتها على الوقت،
فهل فعلت ما أمرت به؟
الجواب : لا.
وقد قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد ).
وهذا هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – بأن الإنسان إذا تعمد تأخير الصلاة عن وقتها لم تقبل منه، وإن صلاها ألف مرة، ولا يقضيها، لأنه لا فائدة من القضاء.

الشيخ : بخلاف من أخرها عن وقتها لعذر، فقد قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها لا كفارة لها إلا ذلك ).
ولهذا لما نام النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن صلاة الصبح في أحد أسفاره، فلم يستيقظ إلا بعد ارتفاع الشمس صلى الفجر.
أمر بلال فأذن ثم صليت النافلة، ثم صليت الفريضة، فصلى بهم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جماعة، وصنع كما يصنع كل يوم جهر في القراءة حين قضاها، مع أنه قضاه في الضحى، لأنه إنما يقضي شيئاً فائتاً فيقضيه على صفته.
طيب ، أرجو الانتباه.
الأوقات صارت خمسة، أربعة منها متصل بعضها ببعض وواحد منفرد.
إذا صلى الإنسان قبل الوقت لم تصح صلاته،
بعده بدون عذر لم تصح صلاته.

الشيخ : هل يمكن أن تجعل هذه الأوقات الخمسة ثلاثة أوقات؟
يمكن، لا مو بالقصر، الجمع.
قد يكون للإنسان عذر يبيح له أن يجمع بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء.
وحينئذ يكون وقت الظهر ووقت العصر وقتا واحدا، ووقت المغرب ووقت العشاء وقتا واحدا.
ويبقى الثالث وقت الفجر، ولهذا لا تجمع الفجر لا لما قبلها ولا لما بعدها.

الشيخ : هل يمكن أن نجعل الأوقات الخمسة وقتين ؟
انتبهوا، اصبروا علي شوية.
على مذهب العمال، مذهب العمال، لأنني سمعت أن بعض العمال يعمل ويشبك الظهر والعصر والمغرب والعشاء حتى ينتهي من الشغل،
ثم يصلي الأربع جميعا ويصلي الفجر إذا قام من النوم.
لكن هذا المذهب مذهب باطل، ما في شك.
ولهذا شرعا لا يمكن أن تكون الأوقات إلا ثلاثة أوقات فقط أو خمسة، خمسة بدون سبب يبيح الجمع، وثلاثة للسبب الذي يبيح الجمع.
واضح؟ طيب.

الشيخ : طيب ، ومن إقامة الصلاة أن يقوم الإنسان بما يجب لها من الطهارة.
دليل ذلك في كتاب الله، وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإجماع المسلمين.
فمن الكتاب يا أخ، أنت الدليل من الكتاب؟
الطالب : ...
الشيخ : أنا أريد أن تنتبه بارك الله فيك.
الطالب : جزاك الله خيرا.
الشيخ : طيب.
من الكتاب: قوله تعالى : (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ )).
وقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لا يقبل الله صلاة بغير طهور )، وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ ).

الشيخ : وقد بين الله تعالى في هذه الآية الكريمة أن الطهارة نوعان: أصل وبدل.
فالأصل طهارة الماء، والبدل طهارة التيمم.

الشيخ : وبين الله – عز وجل – أن طهارة الماء تنقسم إلى قسمين: كبرى، وصغرى.
أما طهارة التيمم فهي على صفة واحدة في الكبرى وفي الصغرى.
أنتم معي الآن؟
الطلاب : نعم.
الشيخ : طيب.

الشيخ : الطهارة الصغرى بالماء غسل أو تطهير أربعة أعضاء فقط هي:
الوجه واليدان والرأس والرجلان.

الشيخ : الوجه حده طولاً من منحنى الجبهة، إلى أسفل اللحية، وعرضاً من الأذن إلى الأذن.

الشيخ : واليد حددها الله – عز وجل – فقال : (( وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ )).
كلمة ( إلى ) قال بعض العلماء إنها هنا بمعنى( مع )
يعني أيديكم مع المرافق، وقالوا إن ( إلى ) تأتي في اللغة العربية بمعنى ( مع )، مثل قوله تعالى (( وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ )) أي مع أموالكم.
ولا شك أن المرفق داخل في الغسل كما بينت ذلك السنة فإن أبا هريرة – رضى الله عنه – ( توضأ فغسل يديه حتى أشرع في العضد، وغسل رجليه حتى أشرع في الساق، قال رأيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يفعل هكذا ).
طيب ، أيديكم إلى المرافق، من أين يبتدئ الغسل؟
الطلاب : من اليد.
الشيخ : من أطراف الأصابع.
وهنا أقف لأنبه على مسألة يفعلها بعض الناس، إذا جاء يغسل يده لا يغسل إلا الذراع، خصوصاً إذا جعلها تحت البزبوز تجده يغسل هذا إلى المرفق ويدع الكف وهذا خطأ عظيم، لأنه إذا غسل الذراع فقط دون الكف، فإنه لا يصدق عليه أنه غسل يده، لأنه يقول : (( أَيْدِيَكُم إلى المرافق )).

الشيخ : (( وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ )) ، المسح بالرأس يعم جميع الرأس.
ولا يمسح بعضه إلا إذا كان عليه عمامة، فإنه يمسح العمامة وما خرج من الرأس، وحينئذ يكون مسح على بعض الرأس مع مسح العمامة.
طيب، (( امْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ )) نقول أنه لا بد أن يشمل المسح جميع الرأس.
لو مسح على الناصية فقط ما صح إلا إذا كان عليه عمامة.
وأنتقل من هذا إلى مدى غير بعيد وهو

الشيخ : تقصير الرأس في العمرة والحج، هل يكون تقصير بعضه أو تقصير جميعه؟
الطالب : تقصير جميعه.
الشيخ : تقصير جميعه، يعني أنه يقصر جميع الرأس.
وأما ما يفعله بعض الناس تقليدا لبعض أهل العلم من قص ثلاث شعرات أو ربع الرأس أو ما أشبه ذلك، فهذا قول ضعيف، لأن الله قال : (( محلقين رؤوسكم ومقصرين )).
فلا بد أن يقصر الإنسان رأسه على وجه يتبين به أن الرأس قد قصر.
ومعلوم أن أحدا لو قص ثلاث شعرات من جانب، هل يتبين أن رأسه مقصر؟
أبدا، ولهذا يجب علينا أن ننتبه لهذه المسألة التي أصبحت لعبا لأنه يأتي إليك صبي عند المروة ومعه هذا المقص ويقلك قص رأسك.
أحيانا يقابلوننا في منتصف السعي.
نعم، قبل أن نصل إلى المروة.
وهذه من الأمور التي يجب أن ينتبه لها الإنسان وأن يعرف أنه لا بد أن يكون التقصير شاملا لجميع الرأس.
طيب، المرأة من أسافل رأسها، من كل ظفيرة قدر أنملة.

الشيخ : (( أرجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ )) يعني اغسلوا أرجلكم إلى الكعبين.
فمن يبين لي أين الكعبين؟ أو أين الكعبان؟
الطالب : هذه العظمة الناتئة.
الشيخ : العظمة الناتئة في أسفل الساق.
طيب، والمرفق؟
أنت؟
الطالب : هذا.
الشيخ : هذا؟ متأكد؟
طيب، تغسل الرجل إلى الكعب.
والكعب داخل في الرجل أو لا؟
الطالب : داخل.
الشيخ : داخل في الآية الكريمة (( وَأَرْجُلَكُمْ )) فيها قراءتان: (( وَأَرْجُلِكُمْ )) بالكسر، وقراءة بالنصب (( وَأَرْجُلَكُمْ )).
وأوجه السؤال الآن إلى أهل العلم بالنحو.

الشيخ : إذا قلنا (( أَرْجُلَكُمْ )) صارت معطوفة على (( وُجُوهَكُمْ )) يعني واغسلوا أرجلكم.
وحينئذ لا إشكال في الآية.
إذا قرأنا (( وَأَرْجُلِكُمْ )) كما هي قراءة أخرى سبعية، ويش معطوفة عليه؟ واحد يقوم بس، أنت تفضل.
الطالب : على رؤوسكم.
الشيخ : على رؤوسكم.
يعني وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم.
كذا؟
يعني وامسحوا برؤوسكم وبأرجلكم.
الطالب : معطوف على الرأس.
طيب، إذن يكون المعنى، لأن المعطوف والمعطوف عليه مشتركان في العامل.
يكون المعنى: وامسحوا برؤوسكم وبأرجلكم.
كذا، إذن تمسح الرجل.
الطالب : تمسح الرجل.
الشيخ : يا ناس، وش معنى معطوفة على رؤوسكم؟ يعني حدد الحكم بمقتضى اللفظ، ما هو بحسب ما تعرف.
أنت الآن تقصد رجلك ما في إشكال.
لكن إذا قلت امسحوا برؤوسكم وأرجلكم حدد الحكم بناء على هذه القراءة.
يا جماعة خلونا نتفاهم، هذه مناقشة، والمناقشة هذه للجميع.
لكن هو سيكون نائبا عنكم كلكم.
نعم.
الطالب : ...
الشيخ : وأرجلكم بالكسرة، يعني وامسحوا بأرجلكم.
إي نعم يا رجل.
الطالب : من الناحية ...وامسحوا بأرجلكم لأنها معطوفة على الرأس.
الشيخ : إذن، فتكون الرجلان ممسوحتين.
الطالب : ...
الشيخ : يا خي هذا كلام الله عز وجل هو الذي قال : ( وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم ).
تكون الرجلان ممسوحتين، كذا ؟
وهل أنت تفعل هكذا؟
طيب. استرح.
أنتم توافقون على أن تكون أرجلكم معطوفة على رؤوسكم، وتكون الرجلين ممسوحة؟
طيب، ياجماعة لا.
يجب أن نقول : نعم.
هذا مدلول كلام ربنا عز وجل، أن تكون الرجل ممسوحة (( امسحوا برؤوسكم وأرجلكم )).
أقول : ائتني بزيد وعمرو يكون عمرو مأتيا به أو لا؟
طيب، ائتني بثوب وكتاب، يكون الكتاب مأتيا به أو لا؟
طيب، امسح برأسك ورجلك تكون الرجل ممسوحة.
دعونا نأتي بالحكم على حسب اللفظ، لكن يبقى العمل مع هذا المدلول يبقى مشكلا، لأن عملنا أننا نغسل.
ونعتقد أن الإنسان لو مسح رجله بدلا عن غسلها لم يصح وضوؤه.
فكيف يلتئم هذا مع مدلول الآية الكريمة؟
نقول في الجواب على ذلك.

الشيخ : سنة النبي صلى الله عليه وسلم بيان للقرآن.
قال الله تعالى : (( وأنزلنا عليك الذكر لتبين للناس مانزل إليهم ))، فما قاله الرسول عليه الصلاة والسلام من تفصيل لمجمل أو فعله من بيان لمجمل، فإنه يفسر به القرآن.
دعونا نتأمل سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في تطهير رجليه.
نجد إذا كانت رجلاه مستورتين بالخفاف والجوارب، ماذا يصنع؟ يمسح.
وإذا كانت الرجلان غير مستورتين بذلك يغسل.
فنقول ننزل آية الكسر أو الجر على حال الرجل إذا كانت مستورة بالخف أو بالجوارب.
وقراءة النصب (( أرجلكم )) عطفا على وجوهكم إذا كانت مكشوفة.
والسنة تبين القرآن.
فنقول : إن قراءة الفتح في حال الغسل، وذلك إذا كانت الرجل مكشوفة.
وقراءة الجر إذا كانت مستورة في الخف أو الجوارب.

الشيخ : إذن يكون في القرآن دلالة على جواز المسح على الجوارب والخفين.
وكذلك السنة قد دلت على جواز المسح على الجوارب والخفين.
وقد أنشدوا في ذلك بيتين جمعوا فيهما ما تواترت به السنة، ومنه المسح على الخفين.
وهذان البيتان مشهوران على كثير من الطلبة أو محفوظان عند كثير من الطلبة، فمن الذي يحفظهما؟
في بيتان جمع فيهما بعض ما تواتر عن النبي عليه الصلاة والسلام.
الطالب :
" مما تواتر حديث من كذب *** ومن بنى لله بيتا واحتسب
ورؤية شفاعة والحوض *** ومسح خفين وهذه بعض "
الشيخ : مسموعة الآن؟
يقول : " مما تواتر حديث من كذب *** ومن بنى لله بيتا واحتسب
ورؤية شفاعة والحوض *** ومسح خفين وهذه بعض ".
الشاهد : قوله : " ومسح خفين ".
فقد تواترت السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم في جواز المسح على الخفين في الوضوء.
انتبه.
إذا كان الإنسان جنبا فكيف يتطهر؟
قال الله تعالى: (( وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا )) ولم يبين شيئاً أكثر من قوله : (( فَاطَّهَّرُوا )).
إذن، فالجنب يغسل جميع جسمه، مرتبا أو غير مرتب؟
غير مرتب، يعني لو غسل رجليه قبل رأسه جاز.

الشيخ : واحد عليه جنابة مثلا يبي يغتسل، فبدأ بالرجلين قبل الرأس، يجوز أو لا؟
يجوز.
طيب، انغمس في ماء، يعني نوى الاغتسال وانغمس في الماء وخرج، يصح أو لا؟
يصح.
الطالب : بنية.
الشيخ : معلوم لا بد من النية، لأن الله تعالى قال : (( إن كنتم جنبا فاطهروا )).
لكن قد يقول قائل : إن الله قال : (( اطهروا )) والنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( كان في اغتساله يبدأ فيتوضأ، ثم يحثو على رأسه الماء ثلاثاً، ثم يغسل بقية بدنه ).
أفلا يمكن أن يقال: إن هذا الإجمال أو الإطلاق الذي في الآية يجب أن يحمل على ما فصلته السنة وبينته.
نقول : نعم، هذا وارد، وهو إيراد قوي أن يقول القائل : القرآن أجمل (( واطهروا )) والسنة فصلت وبينت، فيحمل المجمل على المفصل. وهذا -كما قلت- إيراد قوي ومنهج أصولي.
لكننا نقول : إنما ثبت في صحيح البخاري من حديث عمران بن الحصين في قصة [نقص الماء عليهم، حتى وجدوا الماء] مع امرأة مشركة، وجيء به إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومعه الصحابة، واستقوا وسقوا الإبل، وكان فيهم رجل-في الصحابة- رجل رآه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ معتزلاً لم يصل مع القوم، فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( ما منعك أن تصلي معنا؟ فقال يا رسول الله: أصابتني جنابة ولا ماء، فقال: عليك بالصعيد، فإنه يكفيك ).
ولما جاء الماء وبقي منه بقية قال للرجل : ( خذ هذا فأفرغه على نفسك ) ولم يقل افعل كذا وكذا في اغتسالك.
فدل هذا على أن الجنب لا يلزمه ترتيب.

الشيخ : التيمم إذا عدم الإنسان الماء فإنه ايش؟
يتيمم.
قال تعالى : (( وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ ))، فإذا لم يجد الإنسان الماء فإنه يتيمم.
وكيف التيمم؟ يضرب التراب بيديه، أو الأرض، وإن لم يكن تراباً ويمسح وجهه كله ويديه، إلى أين؟
إلى المرافق؟ لا، الكفان فقط، لأن اليد إذا أطلقت يراد بها الكف فقط، قال تعالى : (( وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا ))، ومعلوم أن السارق إنما يقطع من مفصل الكف.
طيب.
التيمم يختلف بالنسبة للحدث الأكبر _وهو الجنابة_ والأصغر أو لا يختلف؟
الطالب : لا يختلف.
الشيخ : لا يختلف، ولهذا قال عز وجل : (( فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً )) بعد ذكر الطهارتين الصغرى والكبرى.

الشيخ : وفي قوله تعالى: (( مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ )) دليل على أن التيمم مطهر، وليس مبيحاً كما ذهب إليه بعض العلماء.
-انتبه يا أخ-
التيمم مطهر وليس مبيحا.
الفرق بين القولين : الذين قالوا إنه مبيح يقولون: إنه مقيد بالزمن والنوع.
كيف مقيد بالزمن والنوع؟
يقول : مثلا إذا تيممت للصلاة وخرج الوقت بطل تيممك، وإذا تيممت للنافلة لا تصلي الفريضة، لأن نوع الفرائض أعلى من نوع النوافل.
لكن الصحيح أن التيمم مطهر، وعلى هذا إذا تيممت للنافلة فصل به الفريضة.
إذا تيممت للصلاة وخرج وقتها ولم تحدث، فإن التيمم لا يبطل.
ولهذا يمكن للإنسان أن يصلي بالتيمم الواحد كل الصلوات الخمس، لو تيمم رجل لصلاة الفجر وبقي على طهارته إلى الظهر، ثم جاء العصر، ثم جاء المغرب، ثم جاء العشاء، وهو لم تتنقض طهارته، فإن يصلي كل الصلوات.
دقيقة.

الشيخ : لكن هذا التطهير مخصوص بما إذا وجد الماء، فإنه إذا وجد الماء فلا بد أن يستعمله.
فإن كان تيممه عن جنابة، ثم وجد الماء وجب عليه أن يغتسل.
والدليل على ذلك حديث؟ عندكم الجواب.
الطلاب : عمران بن الحصين.
الشيخ : حديث عمران بن الحصين الذي ذكرناه آنفاً، فإن هذا الرجل قد تيمم عن الجنابة، ومع ذلك أمره الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يغتسل لما جاء الماء.
وكذلك أيضاً حديث أبي هريرة : ( الصعيد الطيب وضوء المسلم وإن لم يجد الماء عشر سنين، فإذا وجده فليتق الله وليمسه بشرته ).
فعلى هذا نقول: إذا وجد الماء، أو برئ من المرض وجب عليه إعادة الطهارة.
لو أن مريضاً صار عليه جنابة، وقال له الأطباء بأن الغسل يضرك، ماذا نقول له : تيمم.
تيمم الرجل وصار يصلي، ثم شفاه الله تعالى من هذا المرض، يجب أن يغتسل؟
نعم يجب أن يغتسل، لأن هذه الطهارة مؤقتة.

الشيخ : إذا قدر أن رجلاً لم يجد ماء ولا تراباً مثل أن يكون محبوساً و مأسوراً على سرير أو ما أشبه ذلك، ماذا نقول : اصبر حتى تقدر على التيمم أو الوضوء، أو نقول صل على حسب حالك؟
نقول: صل على حسب حالك، لأن الوقت أهم شروط الصلاة.
صل على حسب حالك.
صل ما توضأت ولا تيممت، نقول : صل على حسب حالك.
وهذ مسألة- بارك الله فيكم- يجب أن تنتبهوا لها بالنسبة للمرضى.
كثير من المرضى في المستشفيات لا يستطيعون الوضوء، وليس عندهم تراب، ولا يستطيعون التيمم، وربما يكون على ثيابهم نجاسة.
فتجد الواحد منهم يقول: أصبر حتى يعافيني الله – عز وجل – وأتوضأ وأغسل ثيابي وما أشبه ذلك.
نقول لهذا: إن تأخير الصلاة حرام عليك، وما يدريك فلعلك تموت من هذا المرض قبل أن تصلي؟
فالواجب أن تصلي على حسب حالك، ولو كان عليك نجاسة لا تستطيع إزالتها، ولو كان ليس عندك ماء تتوضأ به، ولا يمكن أن تتيمم.
صل على حسب حالك.

الشيخ : من أهم إقامة الصلاة: المحافظة على ستر العورة.
فإن الواجب على الإنسان عند الصلاة أن يلبس ثيابه، لقوله تعالى : (( يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ )).
وذكر ابن عبد البر – رحمه الله – أن العلماء أجمعوا على فساد صلاة من صلى عرياناً وهو قادر على ستر عورته.
وعورة الرجل كما قال الفقهاء : ما بين السرة والركبة، أو من السرة إلى الركبة؟
الطلاب : من السرة إلى الركبة.
الشيخ : الصح ما بين السرة والركبة؟
طيب، ما الفرق بين العبارتين؟
الطالب : من السرة إلى الركبة تعني أن العورة إذا تعدت الركبة بانت العورة.
ومابين السرة والركبة تعني أن الأمر جائز إذا تجاوز ستر الركبة.
الشيخ : ما هو ظاهر.
طيب، تفضل، الي وراء.
الطالب : ما بين السرة والركبة أخرجت السرة والركبة.
الشيخ : من العورة.
الطالب : فتبدو السرة وتبدو الركبتين والعورة هي مابينهما.
الشيخ : ومن السرة إلى الركبة؟
الطالب : ...
الشيخ : استرح.
الفرق بينهما : إذا قلنا ما بين السرة والركبة فالسرة والركبة ليستا من العورة.