صفة الجلسة بين السجدتين وما يقال فيها وتحريك السبابة فيها.
ثم ينهض من السجود مكبراً .
ويجلس بين السجدتين، وكيف يجلس؟
يجلس مفترشاً.
الافتراش : أن يجعل الرجل اليسرى فراشاً له، وينصب الرجل اليمنى من الجانب الأيمن، هذا هو الافتراش.
أما اليدان فيضع اليد اليمنى على الفخذ اليمنى أو على رأس الركبة، واليد اليسرى على الفخذ اليسرى أو يلقمها الركبة، كلتاهما صفتان واردتان عن النبي صلى الله عليه وسلم .
لكن اليد اليمنى يضم منها الخنصر والبنصر والوسطى والإبهام هكذا، أو تحلق الإبهام مع الوسطى، وأما السبابة فإنها تبقى مفتوحة غير مضمومة، ويحركها عند الدعاء فقط لا تحريكا دائما ولا سكونا دائما، ولكن يحركها يدعو بها.
فمثلاً إذا قال : ربي اغفر لي يرفعها، وارحمني يرفعها، واجبرني وعافني، كل جملة دعائية يرفعها.
أما اليد اليسرى فإنها مبسوطة.
اليد اليسرى مبسوطة على الفخذ أو ملقمة الركبة.
ولم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم – فيما أعلم – أن اليد اليمنى تكون مبسوطة، وإنما ورد أنها يقبض منها الخنصر والبنصر، ففي بعض ألفاظ حديث ابن عمر رضي الله عنهما : ( كان إذا قعد في الصلاة ).
وفي بعضها ( إذا قعد في التشهد ).
وتقييد ذلك بالتشهد لا يعني أنه لا يعم جميع الصلاة، لأن الراجح من أقوال الأصوليين
قاعدة :إذا ذكر العموم ثم ذكر أحد أفراده بحكم يطابقه فإن ذلك لا يقتضي التخصيص.
فمثلاً إذا قلت: أكرم الطلبة، ثم قلت: أكرم فلاناً – وهو من الطلبة – فهل ذكر فلان في هذه الحال يقتضي تخصيص الإكرام به ؟
أنا قلت: أكرم الطلبة، وعندي عشرون طالبا، ثم قلت أكرم فلانا وهو من العشرين، هل يقتضي أن تسعة عشر من هؤلاء لا يكرمون؟
لا، كما أنه لما قال الله تعالى : (( تنزل الملائكة والروح فيها )) لم يكن ذكر الروح مخرجاً لبقية الملائكة.
والمهم أن ذكر بعض أفراد العام بحكم يوافق العام لا يقتضي التخصيص، ولكن يكون تخصيص هذا الفرد بالذكر لسبب يقتضيه، إما للعناية به، أو لغير ذلك .
المهم، لأنه يكفي أن نقول إن الصفة التي وردت بالنسبة لليد اليمنى هو هذا القبض، ولم يرد أنها تبسط فنبقى على هذه الصفة حتى يتبين لنا من السنة أنها تبسط في الجلوس بين السجدتين.
وفي هذا الجلوس يقول : ( رب اغفر لي وارحمني واهدني، واجبرني وعافني وارزقني ) سواء كان إماماً أو مأموماً أو مفرداً .
حتى الإمام يقول : رب اغفر لي.
فإن قلت: كيف يفرد الإمام الضمير وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم ( في الرجل إذا كان إماماً وخص نفسه بالدعاء، فقد خان المأمومين ) ؟
فالجواب على ذلك : أن هذا في دعاء يؤمن عليه المأموم، فإن الإمام إذا أفرده يكون قد خان المأمومين، مثل: دعاء القنوت الآن، علمه النبي صلى الله عليه وسلم الحسن بن علي بصيغة الإفراد ( اللهم اهدني فيمن هديت ... ).
لو قال الإمام : اللهم اهدني فيمن هديت يكون هذا خيانة، لأن المأموم سيقول: آمين، والإمام الآن دعا لنفسه وترك المأمومين، إذان فليقل : اللهم اهدنا فيمن هديت، فلا يخص نفسه بالدعاء دون المأمومين في دعاء يؤمن عليه المأموم، لأن ذلك خيانة للمأموم.
لو قال قائل : دع الإمام يقول : اللهم اهدني فيمن هديت، ونقول للمأموم قل وأنا مثلك.
يصلح أو ما يصلح؟
مايصلح، المأموم المشروع في حقه أن يقول: آمين، فلابد من صيغة تكون شاملة للإمام والمأموم.
طيب، ثم يسجد السجدة الثانية.
وكيفية السجود الثانية، ايش؟
كالسجود الأول، وما يقال فيه هو الذي يقال في السجود الأول.
الرفع إلى الركعة الثانية ومسألة جلسة الإستراحة.
وقيل: بل يجلس، ثم يقوم معتمداً على يديه، كما هو المشهور من مذهب الشافعي.
وهذه الجلسة مشهورة عند العلماء باسم وهو: جلسة الاستراحة.
وقد اختلف العلماء – رحمهم الله – في مشروعيتها، فقال بعضهم: إذا قمت إلى الثانية أو إلى الرابعة، فاجلس ثم انهض معتمداً على يديك، إما على صفة العاجن – إن صح الحديث في ذلك – أو على غير هذه الصفة عند من يرى أن حديث العجن ضعيف.
المهم أن العلماء اختلفوا في هذه الجلسة، منهم من يرى أنها مستحبة مطلقاً، ومنهم من يرى أنها غير مستحبة على سبيل الإطلاق، ومنهم من يفصل ويقول : إن احتجت إليها لضعف، أو كبر، أو مرض، أو ما أشبه ذلك فإنك تجلس، ثم تنهض، وأما إذا لم تحتج إليها فلا تجلس.
واستدل لذلك أن هذه الجلسة ليس لها دعاء، وليس لها تكبير عند الانتقال منها، بل التكبير واحد من السجود إلى القيام.
فلما لم يكن لها تكبير قبلها ولابعدها ولا ذكر فيها، دل على أنها غير مقصودة في ذاتها، لأن كل ركن مقصود في ذاته في الصلاة لابد فيه من ذكر مشروع، وتكبير سابق، وتكبير لاحق.
قالوا : ويدل لذلك أيضاً أن في الحديث حديث مالك ابن الحويرث : ( أنه يعتمد على يديه )، والاعتماد على اليدين لا يكون غالباً إلا من ايش؟ من حاجة وثقل بالجسم، لا يتمكن من النهوض.
فلهذا نقول: إن احتجت إليها فلا تكلف نفسك في القيام من السجود، في النهوض من السجود إلى القيام.
أعيد الكلمة نقول: إن احتجت إليها فلا تكلف نفسك في النهوض من السجود إلى القيام رأسا،
وإن لم تحتج فالأولى أن تقوم أن تنهض من السجود إلى القيام رأساً.
وهذا هو ما اختاره صاحب المغني – عبد الله بن أحمد ابن قدامة المعروف بالموفق رحمه الله – وهو من أكابر أصحاب الإمام أحمد، وأظنه اختيار ابن القيم في زاد المعاد أيضاً .
ويقول صاحب المغني : " إن هذا هو الذي تجتمع في الأدلة - الأدلة التي فيها إثبات هذه الجلسة ونفيها - "
والتفصيل هذا عندي أرجح من الإطلاق، وإن كان رجحانه عندي ليس بذلك الرجحان الجيد، لأنه يتعارض في فهمي مع الجلسة.
فالمراتب عندي ثلاث:
أولاً : مشروعية هذه الجلسة عند الحاجة إليها، وهذا لا إشكال فيه .
يليه: مشروعيتها مطلقاً، وليس بعيداً عنه في الرجحان .
والثالث : أنها لا تشرع مطلقاً، وهذا عندي ضعيف، لأن الأحاديث فيها ثابتة.
لكن هل هي ثابتة عند الحاجة أو مطلقاً ؟ هذا محل الإشكال، والذي يترجح عندي يسيراً أنها تشرع للحاجة فقط.
لا يستفتح في الركعة الثانية وأما التعوذ ففيه خلاف و الكلام على صفة التشهد وما يقال فيه.
وأما التعوذ ففيه خلاف بين العلماء، منهم من يرى أنه يتعوذ في كل ركعة، ومنهم من يرى أنه لا يتعوذ إلا في الركعة ا لأولى.
فإذا صلى الركعة الثانية جلس للتشهد.
وكيف يجلس؟
يجلس للتشهد كجلوسه بين السجدتين في كيفية الرجلين، وفي كيفية اليدين.
ويقرأ التشهد.
والتسهد ورد على صفات متعددة، وقولنا فيه كقولنا في دعاء الاستفتاح، أي أن الإنسان ينبغي له أن يأتي مرة بتشهد ابن عباس، ومرة بتشهد ابن مسعود، ومرة بما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم من غير هاتين الصفتين فيقول: ( التحيات لله والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله)).
فإن كان في ثنائية أتم التشهد.
وإن كان في ثلاثية أو رباعية قام بعد التشهد الأول وصلى بقية الصلاة.
تكون الصلاة بعد هذا التشهد تكون بالفاتحة فقط، لا يقرأ معها سورة أخرى، وإن قرأ أحياناً فلا بأس، لوروده في ظاهر حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه .
ثم يجلس إذا كان في ثلاثية أو رباعية للتشهد الثاني.
وهذا التشهد يختلف عن التشهد الأول في كيفية الجلوس، لأنه يجلس متوركاً.
والتورك له ثلاثة صفات :
الصفة الأولى : أن ينصب الرجل اليمنى ويخرج الرجل اليسرى من تحت الساق، ويجلس بإِليتيه على الأرض .
والصفة الثانية : أن يفرش رجليه جميعاً ويخرجها من الجانب الأيمن ، وتكون الرجل اليسرى تحت ساق اليمنى .
والصفة الثالثة : أن يفرش الرجل اليمنى ويجعل الرجل اليسرى بين الفخذ والساق .
فهذه ثلاثة صفات للتورك، ينبغي له أن يفعل هذا تارة، وأن يفعل هذا تارة أخرى.
طيب، كل هذا وردت به السنة بأن التورك يكون على هذا وعلى هذا.
ثم يقرأ التشهد الأخير فيكمل أو يضيف على التشهد الأول : ( اللهم صل على محمد، وعلى آل محمد ، كما صليت على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد، وعلى آل محمد ، كما باركت على إبراهيم ، إنك حميد مجيد ).
ويقول : ( أعوذ بالله من عذاب جهنم ومن عذاب القبر ومن فتنة المحيا والممات ومن فتنة المسيح الدجال ).
ويدعو بما أحب من خير الدنيا والآخرة .
والتعوذ بالله من هذه الأربع في التشهد الأخير أمر به النبي صلى الله عليه وسلم، كما ثبت ذلك في صحيح مسلم.
وقد ذهب بعض العلماء إلى وجوب التعوذ من هذه الأربع في التشهد الأخير، وقال : لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بها.
وكثير من الناس اليوم لا يبالي بها، تجده إذا صلى على النبي صلى الله عليه وسلم سَلّم مع أن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بأن نستعيذ بالله من هذه الأربع، وكان بعض السلف وهو طاووس رحمه الله من التابعين يأمر من لم يتعوذ بالله من هذه الأربع بإعادة الصلاة، كما أمر ابنه بذلك، فالذي ينبغي لك أن لا تدع التعوذ بالله من هذه الأربع لما في النجاة منها من السعادة في الدنيا والآخرة.
4 - لا يستفتح في الركعة الثانية وأما التعوذ ففيه خلاف و الكلام على صفة التشهد وما يقال فيه. أستمع حفظ
صفة التسليم ويستحب للمصلي أن يدعوا قبل التسليم بما شاء من أمر دنياه ودينه .
وبهذا تنتهي الصلاة .
وينبغي للإنسان إذا كان يحب أن يدعو الله عز وجل أن يجعل دعاءه قبل أن يسلم، أي بعد أن يكمل التشهد، وما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم من التعوذ، يدعو بما شاء من خيري الدنيا والآخرة .
هل يصح أن يدعو بشيء يتعلق بالدنيا؟
فيقول اللهم ارزقني زوجة صالحة، نعم أوزوجة جميلة، أو اللهم ارزقني دارا واسعة، أو سيارة نظيفة، أو ما أشبه ذلك؟
الجواب: نعم، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال لابن مسعود : ( ثم ليتخير من الدعاء ما شاء )، والإنسان مفتقر إلى ربه في حوائج دينه وحوائج دنياه، أي فيما يحتاجه في أمر الدين، وفيما يحتاجه في أمر الدنيا.
ومن قال من أهل العلم إنه لا يدعو بأمر يتعلق بالدنيا، فقوله ضعيف، لأنه يخالف عموم قول الرسول عليه الصلاة والسلام : ( ثم ليتخير من الدعاء ما شاء ).
فأنت إذا كنت تريد الدعاء فادع الله قبل أن تسلّم.
وبه نعرف أي بذلك نعرف أن ما اعتاده كثير من الناس اليوم كلما سلّم من التطوع ذهب يدعو الله عز وجل، حتى يجعله من الأمور الراتبة والسنن اللازمة، فهذا أمر لا دليل عليه، والسنة إنما جاءت بالدعاء قبل السلام.
إي نعم، هذه صفة الصلاة فيما نعلمه من سنة الرسول صلى الله عليه وسلم.
مواضع رفع اليدين في الصلاة .
فتكون مواضع رفع اليدين أربعة : عند تكبيرة الإحرام، وعند الركوع، وعند الرفع من الركوع ، وعند القيام من التشهد الأول.
وليس هناك مواضع أخرى ترفع فيها اليد.
طيب، وحينئذ.
عدد التكبيرات في الصلوات الخمس.
التكبيرات الي في الصلاة؟ كل التكبيرات ؟
مثلا الفجر كم فيها ؟ الفجر كم فيها من تكبيرة ؟
ما نعرف تكبيرات الفجر، ونحن كل يوم نصلي الفجر!
الطالب : ثلاث.
الشيخ : ثلاث تكبيرات يا أخي!
طيب، تكبيرة الإحرام، تكبيرة الركوع، تكبيرة السجود، تكبيرة الرفع من السجود، تكبيرة السجود مرة ثانية،كم هذه؟
الطالب : خمسة.
الشيخ : تكبيرة القيام، هذه ستة، تكبيرة الركوع، تكبيرة السجود، تكبيرة الرفع من السجود للجلوس، وتكبيرة السجود مرة ثانية، وتكبيرة السجود للتشهد.
إحدى عشر؟
الطالب : نعم.
الشيخ : طيب.
في صلاة الظهر ممكن نعدها على هذا النمط، وفي صلاة العصر، وفي صلاة المغرب.
المهم أن كل انتقال من ركن إلى ركن ففيه تكبير، إلا الرفع من الركوع فليس فيه تكبير، بل فيه سمع الله لمن حمده للإمام والمنفرد، أو ربنا ولك الحمد للمأموم.
السائل : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، مالو صفة ثانية مثل السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، السلام عليكم ورحمة الله؟
الشيخ : طيب.
السائل : زيادة وبركاته.
الشيخ : انتهى، لاتكثروا لأن الآن هذا يسجل. خلوا الناس يستمعون إلى شيء مضطرد، ما فيه إشكال، ما فيه أسئلة ولا شيء.
الأسئلة تأتي، الأسئلة إن شاء الله في دور الأسئلة، يكتب ورقة وعلى العين والرأس.
على كل حال هذه صفة الصلاة، وأسأل الله تعالى أن يوفقنا لما فيه الخير.
يقول الرسول عليه الصلاة والسلام : ( صلوا كما رأيتموني أصلي ).
إذن فينبغي للإنسان أن يحرص على تطبيق ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في كيفية الصلاة ليكون ممتثلاً لقوله : ( صلوا كما رأيتموني أصلي ).
أهمية حضور القلب في الصلاة.
انتهى الوقت الآن.
هات الأسئلة.
طيب، قبل أن أبدأ بالأسئلة بارك الله فيكم في الصباح إن شاء الله مافي دراسة، لأنه يوم الجمعة، يعني بعد الفجر ليس فيه دراسة الليلة لأنه يوم الجمعة ونحب أن الناس يستريحون حتى يأتوا إلى الجمعة مبكرين.
لا، يوم السبت في دراسة، على الأصل.
يقول السائل : لدي والدة محبة للخير وعمل الطاعات ولكن هذا العمل يشوبه بعض الأخطاء مثلا تداوم الصيام مع أن الأطباء ينصحونها بالتقليل من ذلك وكذا كثرة القيام فإنه يؤدي إلى ضرر بصحتها وقد نصحناها بعدم القيام لما يسببه لها من تعب ولكنها تلجأ إلى بعض الأدوية التي تساعدها على ذلك وهي تضر بالصحة وهي تريد دائما الذهاب إلى الحرم والطواف فيه خاصة يوم الخميس والجمعة وتعود إلي البيت وهي أشد تعبا علما أني أمتنع عن إيصالها للحرم كنوع احتجاج عما تقوم به فتقوم بالذهاب مع السائق بدون محرم معها فما رأيكم فيما تقوم به وبما أقوم به جزاكم الله خيرا.؟
وثانيا هي دائمة القيام، ولكن هذا يؤدي إلى ضررها والإضرار بالصحة، وقد نصحناها بعدم القيام لما يسببه لها من تعب، ولكنها تلجأ إلى بعض الأدوية التي تساعدها على ذلك،
وهي مضرة بالصحة.
وكذلك تريد دائما الذهاب إلى الحرم والطواف بالبيت وخاصة يومي الخميس والجمعة، فتتعب نفسها بالطواف والصلاة، وتعود إلى بيتها وهي في أشد حالات التعب، علما أني أمتنع عن إيصالها للحرم كنوع من الاحتجاج عما تقوم به، فتقوم بالذهاب مع السائق، وكذلك العودة بدون مرافق معها.
فما رأيك فضيلتكم فيما تقوم به، وبما أقوم به، وجزاكم الله خيرا؟
الشيخ : -أنا ترى غير مسؤول على... لو خرب أو شيء-.
هذا السؤال يتضمن خلاصته: أن لديهم أما حريصة على فعل الخير، لكنها تشق على نفسها في ذلك، وهذا خلاف المشروع، فإنه ليس من المشروع، بل ولا من المطلوب من المرء أن يتعبد لله تعالى بعبادات تشق عليه، لقول النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عمرو بن العاص وقد قال رضي الله عنه : إنه يقوم الليل ولا ينام، ويصوم النهار ولا يفطر، قال له النبي عليه الصلاة والسلام : ( إِنَّ لِرَبِّكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإن لِنَفْسِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإن لِأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، فَأَعْطِ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ ).
فالإنسان نفسه عنده أمانة، يجب عليه أن يرعاها حق رعايتها.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( اكْلَفُوا مِنْ الْعَمَلِ مَا تُطِيقُونَ، فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَا يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا ).
وإذا كان الإنسان في الشيء الواجب إذا كان يشق عليه فإنه يعفى له عنه، فمابالك بالشيء المستحب؟
الشيء الواجب يقول الرسول صلى الله عليه وسلم لعمران بن حصين : ( صَلِّ قَائِمًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْب ). -انتبه يا أخ- ( صل قائما ) والقيام في الفرض ها؟
الطلاب : واجب.
الشيخ : واجب، بل ركن، لا تصح الصلاة إلا به.
( فإن لم تستطع فقاعدا فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ ).
فنقول لهذه المرأة – نسأل الله تعالى أن يزيدها من فضله رغبة في طاعته – لكننا نقول لها : ينبغي لها أن تتمشى في طاعة الله على ما جاء في شريعة الله عز وجل، وألا تكلف نفسها، حتى النبي صلى الله عليه وسلم لما رفع الصحابة رضي الله عنهم أصواتهم بالذكر، ماذا قال لهم؟
قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ارْبَعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ ) لا تكلفوها، امشوا بطمأنينة، كما يمشي الناس في الربيع.
والناس في الربيع يمشون بطمأنينة لا يستعجلون في المشي حتى ترتع الإبل، ولا تتكلف المشي.
فالحاصل أن نصيحتي لهذه الأم - ولعل السائل يبلغها ذلك عن طريق المسجلات - أن تتقي الله في نفسها، وأن لا تشق على نفسها لا بالصيام ولا بالقيام ولا بغيره .
وأما ركوبها مع السائق وحدها فهذا محرم، لأنه لا يجوز للمرأة أن تخلو برجل في السيارة غير محرم لها ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ ) وهذا النهي عام.
أما السفر فلا تسافر المرأة بلا محرم، ولو كان معها غيرها.
فهنا أمران : خلوة هذه حرام في الحضر والسفر، وسفر هذا حرام إلا بمحرم، لكن حرام في السفر فقط.
الحاصل : أن مايفعله بعض الناس من ركوب المرأة وحدها مع السائق حرام ولا يحل.
لا يحل للمرأة أن تركب وحدها مع السائق، لأنها في خلوة مع الرجل.
يقول بعض الناس إن هذا ليس بخلوة، لأنها تمشي في السوق!!
فيقال : بل هو خلوة، بل وأعظم، لأن غالب السيارات الآن تغلق الزجاجات.
فلو تكلم معها الرجل بكل كلام لم يسمعه أحد، ولأنه في الواقع خال بها في غرفتها، لأن السيارة بمنزلة الغرفة، ولأننا نسأل كثيرا عن مثل هذه المسائل يحدث فيها حوادث خطيرة جدا.
نحن على حسب ما يأتينا من استفسارات أو سؤالات عن هذا يحدث حوادث خطيرة للغاية، حتى سئلنا عن مسائل وقعت في هذا الشهر في شهر رمضان من هذا النوع من الذين يذهبون بالنساء في السيارات وحدهن فيها خطيرة لا أحب أن أذكرها في هذا المقام، لأنها دنيئة جدا تفسد عليهم صيامهم إذا أركبوا المرأة وحدها معهم.
فالمهم أنه لا يستريب عاقل بأن ركوب المرأة مع السائق وحدها حرام لدخوله في الخلوة، ولأنه يفضي إلى مفاسد وفتن كثيرة.
فهذه المرأة الآن مسكينة تذهب إلى الحرم مع السائق وحدها يخلو بها فتقع فيما حرم الله عز وجل لإدراك أمر ليس بواجب عليها.
السائل : بالنسبة للابن يا شيخ؟ يعني يمتنع؟
الشيخ : أما بالنسبة لامتناع الابن عن إيصالها إلى المسجد الحرام، فإن هذا إذا كان قصده لعلها تمتنع، فهذا طيب.
لكن المشكلة أنها مصرة على الذهاب، فأرى أن لا يمتنع ما دامت إذا لم يذهب بها طلبت من السائق أن يذهب بها، وهو غير محرم، فالذي أرى ألا يمتنع إذا كانت مصممة على الذهاب.
9 - يقول السائل : لدي والدة محبة للخير وعمل الطاعات ولكن هذا العمل يشوبه بعض الأخطاء مثلا تداوم الصيام مع أن الأطباء ينصحونها بالتقليل من ذلك وكذا كثرة القيام فإنه يؤدي إلى ضرر بصحتها وقد نصحناها بعدم القيام لما يسببه لها من تعب ولكنها تلجأ إلى بعض الأدوية التي تساعدها على ذلك وهي تضر بالصحة وهي تريد دائما الذهاب إلى الحرم والطواف فيه خاصة يوم الخميس والجمعة وتعود إلي البيت وهي أشد تعبا علما أني أمتنع عن إيصالها للحرم كنوع احتجاج عما تقوم به فتقوم بالذهاب مع السائق بدون محرم معها فما رأيكم فيما تقوم به وبما أقوم به جزاكم الله خيرا.؟ أستمع حفظ
يقول السائل : هل يجوز للمرء أن يترك عمله ويتفرغ لطلب العلم ويكون عالة على أبيه أو أخيه أو من يطلب منه العلم .؟
الشيخ : لا شك أن طلب العلم من أفضل الأعمال، بل هو من الجهاد في سبيل الله، ولا سيما في وقتنا هذا حين بدأت البدع تظهر في المجتمع الإسلامي وتنتشر وتكثر، وبدأ الجهل الكثير ممن يتطلع إلى الإفتاء بغير علم، وبدأ الجدل من كثير من الناس، فهذه ثلاثة أمور كلها تحتم على الشباب أن يحرص على طلب العلم.
أولاً: بدع بدأت تنجم نجومها.
ثانياً: أناس يتطلعون إلى الإفتاء بغير علم.
ثالثاً: جدل كثير في مسائل قد تكون واضحة لأهل العلم، لكن يأتي من يجادل فيها بغير علم. فمن أجل ذلك فنحن في ضرورة إلى طلب علم، إلى أهل علم عندهم رسوخ وسعة اطلاع، وعندهم أيضاً فقه في دين الله، وعندهم حكمة في توجيه عباد الله، لأن كثيراً من الناس الآن يحصلون على علم نظري في مسألة من المسائل، ولا يهمهم النظر إلى إصلاح الخلق وإلى تربيتهم، وأنهم إذا أفتوا بكذا وكذا صار وسيلة إلى شرٍّ أكبر لا يعلم مداه إلا الله.
وهاهم الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ أحياناً يُلْزَمون بأشياء قد تكون النصوص دالة على عدم الإلزام بها من أجل تربية الخلق .
عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ ألزم الناس بإمضاء الطلاق الثلاث، كان الطلاق الثلاث في عهد الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ وعهد أبي بكر وسنتين من خلافة عمر، كان الطلاق الثلاث واحدا، يعني أن الرجل إذا طلق امرأته ثلاثا في مجلس واحد ـ فإنه يكون واحدة، لكن هو محرم يعني طلاق المرأة ثلاثاً في مجلس واحد حرام، لأنه من تعدي حدود الله ـ عز وجل ـ .
قال عمر ـ رضي الله عنه ـ : ( أرى الناس قد تتايعوا في أمر كانت لهم فيه أناة فلو أمضيناه عليهم )، فأمضاه عليهم، وجعل الطلاق الثلاث ثلاثاً لا واحداً بعد أن مضى عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وعهد أبي بكر وسنتان من خلافته ـ رضي الله عنه ـ ألزم الناس بالطلاق الثلاث، مع أن الإنسان لو راجع زوجته بعد هذا الطلاق لكان رجوعه صحيحاً في العهدين السابقين لعهد عمر وسنتين من خلافته، لكن رأى أن المصلحة تقتضي، ايش؟
تقتضي إمضاء الطلاق الثلاث ومنع الإنسان من الرجوع إلى زوجته.
أيضاً عقوبة الخمر في عهد النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ يؤتى بالرجل الشارب فيضرب بطرف الثوب أو بالجريد أو النعال نحواً من أربعين جلدة، وفي عهد أبي بكر يجلد أربعين، وفي عهد عمر يجلد أربعين، لكنه لما كثر الشرب ( جمع رضي الله عنه الصحابة واستشارهم، فقال عبدالرحمن بن عوف : أخف الحدود ثمانون، فجعل عمر عقوبة شارب الخمر ثمانين جلدة ).
كل هذا من أجل إصلاح الخلق، فينبغي للمسلم أو المفتي والعالم في مثل هذه الأمور أن يراعي أحوال الناس وما يصلحهم .
10 - يقول السائل : هل يجوز للمرء أن يترك عمله ويتفرغ لطلب العلم ويكون عالة على أبيه أو أخيه أو من يطلب منه العلم .؟ أستمع حفظ
كلمة للشيخ حول الزكاة مع ذكر فوائدها.
نأسف للتأخر قليلا لأننا صلينا في جانب آخر.
وبعد فإننا تكلمنا فيما سبق عن الصلاة وشيء من أحكامها وشيء من أحكامها وصفاتها، ونظرا لضيق الوقت فإننا نقتصر على ما تكلمنا عليه سابقا، ونجعل درسنا هذه الليلة في الزكاة.
الزكاة التي هي أحد أركان الإسلام العظيمة، بل هي الركن الثالث من أركان الإسلام، وهي قرينة الصلاة في كتاب الله ـ عزّ وجل .
وقد قال الله ـ تعالى ـ مبيناً فوائدها لرسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ( خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم والله سميع عليم ).
فبين الله ـ سبحانه وتعالى ـ فوائد الزكاة، ذكر فيها فائدتين :
الفائدة الأولى من فوائد الزكاة : الطهارة من الذنوب.
فهي تطهر الإنسان من ذنبه لأن الذنوب نجس وقذر كما قال الله تعالى : (( يا أيها الذين آمنوا إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام )). لكن المشرك لما لم يكن عنده عمل صالح صارت نجاسته نجاسة مطلقة.
أما غيره، أما المؤمن ذو المعاصي فإن نجاسته بحسب ما فيه من المعصية.
ولعلكم تذكرون الآن ما سبق من صفة الاستفتاح أن يقول الإنسان : ( اغسلني من خطاياي بالماء والثلج والبرد )، فالصدقة تطهر الإنسان من ذنبه وتكفر عنه سيئاته.
الفائدة الثانية : التزكية وتنمية الأخلاق.
وهي أيضاً تزيد في أخلاقه، فإنها تلحق المزكي بأهل الكرم والجود والإحسان .
فيما تجب فيه الزكاة .
نعم، انتبه للسؤال وللدرس.
إنما تجب في أموال معينة.
الأول : في الذهب والفضة مع الدليل.
المهم أن الذهب والفضة تجب فيهما الزكاة بكل حال لقول الله تعالى : (( والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم * يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباهم وجنوبهم وظهورهم )).
ويقال لهم : (( هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون )).
عقوبة مانعي الزكاة.
العذاب الجسمي تكوى بها جباهم وجنوبهم وظهورهم.
العذاب القلبي يقال لهم : (( هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون )).
فالتوبيخ والتنديم لا شك أنه يؤلم القلب، ويؤلم النفس، فيعذبون عليها ـ والعياذ بالله ـ على منع ما يجب عليهم في أموالهم ظاهراً وباطناً.
قوله : (( تكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم )).
كم الجهات التي تكوى؟
الطالب : ثلاثة.
الشيخ : أربعة، جباههم وجنوبهم كم الجنوب؟
الطالب : اثنان.
الشيخ : اثنان، وظهورهم فإذن يكوون بها من كل جانب والعياذ بالله، لأنهم منعوا ما أوجب الله عليهم فيها.
معنى الكنز في قوله "الذين يكنزون.... ".
قال أهل العلم : كل من لا يؤدي زكاة الذهب والفضة فهو كانز لها، وإن كانت على قمم الجبال.
وكل من أدى زكاة الذهب والفضة فهو غير كانز لها وإن كانت في قعر الأرض، فليس الكنز هو الدفن، الكنز أن تمنع ما يجب عليك من زكاة أو غيرها في مالك.