فتاوى الحرم المكي-1409-05a
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
فتاوى الحرم المكي
تفسير آيات من سورة " ق " ومعنى قوله تعالى :" وجاءت سكرة الموت بالحق .ذلك ما كنت منه تحيد.".
الشيخ : بسم لله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد، خاتم النبيين وإمام المتقين، وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أما بعد : فإننا سمعنا ما تلاه إمامنا من هذه السورة العظيمة سورة ق التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ بها أحيانا في صلاة العيد، وذلك لأنها سورة عظيمة فيها آيات بينات ومواعظ مذكرات، وكان يخطب بها يوم الجمعة عليه الصلاة والسلام.
ونتكلم على جانب منها وهو قوله تعالى : (( وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد ونفخ في الصور ذلك يوم الوعيد )).
هذه السكرة التي يطيش فيها الإنسان ويفقد فيها عقله، ليست سكرة طرب ولا سكرة شرب، ولكنها سكرة فراق الدنيا، فإن الإنسان في تلك الحال يشعر بأنه قد ارتحل وأنه ترك أهله وولده وماله ولم يبق إلا عمله، ولهذا إذا كان مؤمنا -وأسأل الله عز وجل أن يجعلني وإياكم من المؤمنين - فإنه يقال لروحه : ( أخرجي أيتها النفس المطمئنة، أخرجي إلى روح وريحان ورب غير غضبان )، ويبشر بالجنة في تلك اللحظة الرهيبة العظيمة، فتخرج روحه منقادة سهلة الخروج، لأنها بشرت بما هو خير من الدنيا وما فيها، وينتقل من الدنيا دار الأكدار والأحزان والهموم إلى دار النعيم المقيم، كما قال الله تعالى : (( كذلك يجزي الله المتقين * الذين تتوفاهم الملائكة طيبين يقولون سلام عليكم ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون ))، وقال تعالى : (( فأما إن كان من المقربين فروح رويحان وجنة نعيم )).
يقول الله عز وجل : (( وجاءت سكرة الموت بالحق )) وثبت ما وعد الله وأيقن الإنسان أنه منتقل عن الدنيا إلى الاخرة (( ذلك ما كنت منه تحيد )) أي: ذلك الشيء أو ذلك هو الشيء الذي كنت تحيد عنه وتفر منه، ف(ما) اسم موصول، أي: ذلك الذي كنت منه تحيد وتفر، ولكن فرارك منه لن ينقذك منه (( أين ما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة ))، (( قل إن الموت الذي تفرون منه فإنه ملاقيكم )). ووالله إن شيئا تفر منه وهو يلاقيك لهو مدركك، ليس هذا الموت الذي تفر منه يمشي خلفك ويتبعك حتى تتوهم أنك تنجو منه، ولكنه ملاقيك، أنت تفر منه إليه ولا بد.
" فهن المنايا أي واد نزلته ***عليك القدوم أو عليها ستقدم ".
ولا بد من هذا، وقال بعض العلماء: إن (( ما )) نافية في قوله : (( ما كنت منه تحيد ))، أي: ذلك شيء لا محيد لك عنه.
والمعنيان لا يتنافيان، وقد سبق لنا قاعدة، وهي: أن النص إذا تضمن معنيين لا يتنافيان فالواجب حمله عليهما جميعا إلا إذا كان هناك مرجح يرجح أحد المعنيين فليعمل به.
الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد، خاتم النبيين وإمام المتقين، وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أما بعد : فإننا سمعنا ما تلاه إمامنا من هذه السورة العظيمة سورة ق التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ بها أحيانا في صلاة العيد، وذلك لأنها سورة عظيمة فيها آيات بينات ومواعظ مذكرات، وكان يخطب بها يوم الجمعة عليه الصلاة والسلام.
ونتكلم على جانب منها وهو قوله تعالى : (( وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد ونفخ في الصور ذلك يوم الوعيد )).
هذه السكرة التي يطيش فيها الإنسان ويفقد فيها عقله، ليست سكرة طرب ولا سكرة شرب، ولكنها سكرة فراق الدنيا، فإن الإنسان في تلك الحال يشعر بأنه قد ارتحل وأنه ترك أهله وولده وماله ولم يبق إلا عمله، ولهذا إذا كان مؤمنا -وأسأل الله عز وجل أن يجعلني وإياكم من المؤمنين - فإنه يقال لروحه : ( أخرجي أيتها النفس المطمئنة، أخرجي إلى روح وريحان ورب غير غضبان )، ويبشر بالجنة في تلك اللحظة الرهيبة العظيمة، فتخرج روحه منقادة سهلة الخروج، لأنها بشرت بما هو خير من الدنيا وما فيها، وينتقل من الدنيا دار الأكدار والأحزان والهموم إلى دار النعيم المقيم، كما قال الله تعالى : (( كذلك يجزي الله المتقين * الذين تتوفاهم الملائكة طيبين يقولون سلام عليكم ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون ))، وقال تعالى : (( فأما إن كان من المقربين فروح رويحان وجنة نعيم )).
يقول الله عز وجل : (( وجاءت سكرة الموت بالحق )) وثبت ما وعد الله وأيقن الإنسان أنه منتقل عن الدنيا إلى الاخرة (( ذلك ما كنت منه تحيد )) أي: ذلك الشيء أو ذلك هو الشيء الذي كنت تحيد عنه وتفر منه، ف(ما) اسم موصول، أي: ذلك الذي كنت منه تحيد وتفر، ولكن فرارك منه لن ينقذك منه (( أين ما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة ))، (( قل إن الموت الذي تفرون منه فإنه ملاقيكم )). ووالله إن شيئا تفر منه وهو يلاقيك لهو مدركك، ليس هذا الموت الذي تفر منه يمشي خلفك ويتبعك حتى تتوهم أنك تنجو منه، ولكنه ملاقيك، أنت تفر منه إليه ولا بد.
" فهن المنايا أي واد نزلته ***عليك القدوم أو عليها ستقدم ".
ولا بد من هذا، وقال بعض العلماء: إن (( ما )) نافية في قوله : (( ما كنت منه تحيد ))، أي: ذلك شيء لا محيد لك عنه.
والمعنيان لا يتنافيان، وقد سبق لنا قاعدة، وهي: أن النص إذا تضمن معنيين لا يتنافيان فالواجب حمله عليهما جميعا إلا إذا كان هناك مرجح يرجح أحد المعنيين فليعمل به.
1 - تفسير آيات من سورة " ق " ومعنى قوله تعالى :" وجاءت سكرة الموت بالحق .ذلك ما كنت منه تحيد.". أستمع حفظ
معنى قوله :" ونفخ في الصور ذلك يوم الوعيد " .
الشيخ : (( ونفخ في الصور ذلك يوم الوعيد )) والذي ينفخ في هذا الصور وهو قرن عظيم، سعته كما بين السماء والأرض، تكون فيه الأرواح، الذي ينفخ فيه هو إسرافيل عليه الصلاة والسلام، أحد حملة العرش، وهو مع جبريل وميكائيل، كل من الثلاثة موكل بما فيه الحياة. أما جبربل فموكل بما فيه حياة القلوب وهو الوحي، وأما ميكائيل فموكل بما فيه حياة الأرض والنبات، وهو القطر أي السيل.
وأما إسرافيل فموكل بما فيه حياة الأجساد عند البعث، وهو نفخ الصور.
ولهذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجمع بين هؤلاء الملائكة الثلاثة في استفتاح صلاة الليل حين يقول : ( اللهم رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل، فاطر السماوات والأرض، عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم )، فكان صلى الله عليه وسلم يستفتح بهذا الاستفتاح في صلاة الليل.
وقوله : (( نفخ في الصور )) ينفخ في الصور نفختان، أما الأولى فهي نفخة فزع وصعق، وأما الثانية فهي نفخة بعث وخروج، قال الله تعالى : (( ونفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون )) تخرج الأرواح من هذا الصور إلى أجسادها، ولا تخطئ روح جسدها بل تذهب إليه بإذن الله عز وجل، حتى تحل في الجسد، ثم يقوم الناس من قبورهم لرب العالمين.
وعبر الله عز وجل عن النفخ في الصور وهو أمر مستقبل بالفعل الماضي لتحقق وقوعه، والشيء المستقبل إذا كان متحقق الوقوع فلا بأس أن يعبر عنه بالفعل الماضي، كما قال الله تعالى : (( أتى أمر الله فلا تستعجلوه ))، فإن أتى أمر الله بمعنى يأتي وليس قد أتى ومضى بدليل قوله : (( فلا تستعجلوه )).
هذا النفخ في الصور الذي به يكون البعث، ويكون بعد هذا البعث الأمور العظيمة والأهوال الجسام (( يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات وبرزوا لله الواحد القهار )) يحشر الناس جميعا من ذكور وإناث وصغار وكبار على صعيد واحد، تمد الأرض مدا، بعد أن كانت مكورة في هذه الدنيا فإنها يوم القيامة تمد وتبسط، ليس فيها جبال ولا أودية ولا بناء ولا أشجار، وإنما يذرها الله عز وجل (( قاعا صفصفا لا ترى فيها عوجا ولا أمتا )).
ويحشر الناس على هذه الأرض عراة غير مكتسين، وحفاة غير منتعلين، وغرلا غير مختونين، وبهما غير ممولين، ليس مع الانسان مال ولا متاع، وإنما هي الأعمال الصالحة - أسأل الله أن يجعل لي ولكم منها نصيبا نبلغ به جنات النعيم -.
هذا اليوم العظيم الذي وصفه الله تعالى بأوصاف عظيمة في كتابه، ووصفه بها رسوله محمد صلى الله عليه وسلم ينقسم الناس فيه إلى قسمين : فريق في الجنة، وفريق في السعير.
وفي هذه السورة يقول الله عز وجل : (( ونفخ في الصور ذلك يوم الوعيد )).
وأما إسرافيل فموكل بما فيه حياة الأجساد عند البعث، وهو نفخ الصور.
ولهذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجمع بين هؤلاء الملائكة الثلاثة في استفتاح صلاة الليل حين يقول : ( اللهم رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل، فاطر السماوات والأرض، عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم )، فكان صلى الله عليه وسلم يستفتح بهذا الاستفتاح في صلاة الليل.
وقوله : (( نفخ في الصور )) ينفخ في الصور نفختان، أما الأولى فهي نفخة فزع وصعق، وأما الثانية فهي نفخة بعث وخروج، قال الله تعالى : (( ونفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون )) تخرج الأرواح من هذا الصور إلى أجسادها، ولا تخطئ روح جسدها بل تذهب إليه بإذن الله عز وجل، حتى تحل في الجسد، ثم يقوم الناس من قبورهم لرب العالمين.
وعبر الله عز وجل عن النفخ في الصور وهو أمر مستقبل بالفعل الماضي لتحقق وقوعه، والشيء المستقبل إذا كان متحقق الوقوع فلا بأس أن يعبر عنه بالفعل الماضي، كما قال الله تعالى : (( أتى أمر الله فلا تستعجلوه ))، فإن أتى أمر الله بمعنى يأتي وليس قد أتى ومضى بدليل قوله : (( فلا تستعجلوه )).
هذا النفخ في الصور الذي به يكون البعث، ويكون بعد هذا البعث الأمور العظيمة والأهوال الجسام (( يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات وبرزوا لله الواحد القهار )) يحشر الناس جميعا من ذكور وإناث وصغار وكبار على صعيد واحد، تمد الأرض مدا، بعد أن كانت مكورة في هذه الدنيا فإنها يوم القيامة تمد وتبسط، ليس فيها جبال ولا أودية ولا بناء ولا أشجار، وإنما يذرها الله عز وجل (( قاعا صفصفا لا ترى فيها عوجا ولا أمتا )).
ويحشر الناس على هذه الأرض عراة غير مكتسين، وحفاة غير منتعلين، وغرلا غير مختونين، وبهما غير ممولين، ليس مع الانسان مال ولا متاع، وإنما هي الأعمال الصالحة - أسأل الله أن يجعل لي ولكم منها نصيبا نبلغ به جنات النعيم -.
هذا اليوم العظيم الذي وصفه الله تعالى بأوصاف عظيمة في كتابه، ووصفه بها رسوله محمد صلى الله عليه وسلم ينقسم الناس فيه إلى قسمين : فريق في الجنة، وفريق في السعير.
وفي هذه السورة يقول الله عز وجل : (( ونفخ في الصور ذلك يوم الوعيد )).
معنى قوله :" وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد . لقد كنت في غفلة من هذا فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد ".
الشيخ : (( وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد لقد كنت في غفلة من هذا )) صدق ربنا عز وجل، والله إننا لفي غفلة من هذا اليوم، ولا يكاد يطرأ هذا اليوم على بالنا إلا نادرا، إلا من هدى الله عز وجل، وصارت الآخرة دائما نصب عينيه وموضع تفكيره، لكن أكثر أوقاتنا - نسأل الله أن يعاملنا بعفوه - يكون تفكيرنا في هذه الدنيا، فنحن ممن أخلد إلا الأرض إلا من شاء الله، ليس الواحد منا قد ارتفع في فكره وارتفع في قلبه حتى ينظر إلى عليين وينظر إلى ما أمامه، ولكننا بسطاء ضعفاء لا ننظر إلا إلى ما بين أيدينا من الدنيا، ولهذا قال عز وجل هنا : (( لقد كنت في غفلة من هذا فكشفنا عنك غطاءك )) وأزلنا هذا الغطاء وكان الأمر الموعود مشهودا، كان الأمر الموعود وهو يوم القيامة مشهودا، واتضح للناس رأي العيان.
(( فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد )) بعد أن كان كليلا شبه أعمى فهو اليوم حديد قوي، لأنه ينظر الحقائق أمامه رأي العين.
قال الله عز وجل : (( فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد )).
ثم ذكر في آخر السورة أهل النار وأهل الجنة.
(( فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد )) بعد أن كان كليلا شبه أعمى فهو اليوم حديد قوي، لأنه ينظر الحقائق أمامه رأي العين.
قال الله عز وجل : (( فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد )).
ثم ذكر في آخر السورة أهل النار وأهل الجنة.
3 - معنى قوله :" وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد . لقد كنت في غفلة من هذا فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد ". أستمع حفظ
معنى قوله :" يوم نقول لجهنم هل امتلئت وتقول هل من مزيد " .
الشيخ : فقال عز وجل : (( يوم نقول لجهنم هل امتلأت وتقول هل من مزيد )) يعني: اذكر هذا اليوم العظيم الذي تعرض فيه النار، ويؤتى بها بسبعين ألف زمام، كل زمام يجره سبعون ألف ملك، وقوة الملائكة لا يعلمها إلا الله فيلقى فيها أهلها والعياذ بالله، (( كل ما ألقي فيها فوج سألهم خزنتها ألم يأتك نذير )) حتى يدخلوا النار وهم معترفون بذنوبهم (( قالوا بلى قد جاءنا نذير فكذبنا وقلنا مانزل الله من شيء إن أنتم إلا في ضلال كبير )).
معنى قوله :" هذا ما توعدون لكل أواب حفيظ . من خشي الرحمن بالغيب وجاء بقلب سليم ".
الشيخ : أما أهل الجنة - أسأل الله أن يجعلني وإياكم منهم بمنه وكرمه - فإنهم يقال لهم : (( هذا ما توعدون لكل أواب حفيظ من خشي الرحمان بالغيب وجاء بقلب منيب ادخلوها بسلام ذلك يوم الخلود )).
ما أعظم هذه البشارة (( ادخلوها بسلام ))، سلام يصحبكم أبد الآبدين، سلام من المرض، ومن الموت، ومن الجوع، ومن العطش، ومن الهم، ومن الغم، ومن كل المكدرات والمنغصات. (( ذلك يوم الخلود )).
وتأمل يا أخي قول الله عز وجل : (( لكل أواب حفيظ ))، من هو الأواب؟ الأواب هو الرجاع إلى الله عز وجل، الذي لا يبعد ولا يشطح، إن فعل معصية ذكر ربه فاستغفر لذنبه، وإن أخل بواجب ذكر ربه فقام بهذا الواجب، أواب إلى الله، رجاع إليه، حفيظ، حافظ لنفسه من كل شيء يكون به غضب الله عز وجل.
قال : (( من خشي الرحمن بالغيب )) خشيه أي: خافه عن علم، لأن الخشية ليست هي الخوف فقط، بل هي خوف ناتج عن علم، كما قال الله تعالى : (( إنما يخشى الله من عباده العلماء )) فهو يخشى ربه لأنه يعلم كمال الله عز وجل بأسمائه وصفاته، وعنده من صفات الله العظيمة ما ليس عند غيره، فهو عارف بالله سبحانه وتعالى، خائف من عقابه، خائف من ذلك اليوم الذي تقدم الحديث عنه.
وقوله : (( بالغيب )) يحتمل أن تكون حالا من الرحمن، ويحتمل أن تكون حالا من الخاشي للرحمان، والمعنييان لا يتنافيان.
يعني يحتمل أن يكون المعنى أنه خشي ربه والله تعالى غائب عنه، لكنه تيقنه بما علمه من صفاته وآياته.
ويحتمل أنه يخشى ربه وهو غائب عن الخلق، لأنه إنما يخشى الله لا يخشى عباد الله، ففيه كمال الإخلاص لله عز وجل، وكثير من الناس لا يخشون الله بالغيب، يخشون الله بالشهادة، إذا كان عندهم أحد خافوا، أو إذا كانوا عندهم أحد أقاموا الواجب وتركوا المحرم، وإذا لم يكن عندهم أحد لم يبالوا بالمخالفة.
نسمع أن بعض الناس والعياذ بالله لا يصلي إلا إذا كان عنده أحد، إن كان عنده أحد يصلي صلى، وإن كان ليس عنده أحد يصلي فإنه لا يصلي، فهل هذا الإنسان خشي الرحمان بالغيب؟ ما الجواب؟ لا.
نسمع أن بعض الناس يترك الغيبة إذا حضر مجلسه أحد من أهل العلم أو من أهل العبادة والتقوى، ولكن إذا حضره أحد من عامة الناس صار يغتاب الناس ويأكل لحومهم، نقول : هذا الرجل ليس ممن خشي الرحمن بالغيب، والعياذ بالله.
(( وجاء بقلب منيب )) جاء إلى أين؟ جاء إلى الآخرة، بقلب منيب إلى الله، مخبت إلى الله، مات على أحسن الأحوال، وذلك لأن الإنسان إذا مات انتقل إلى الآخرة، إذ أن دار العمل انتهت، ولهذا يقال : من مات فقد قامت قيامته، انتهى، فالقبور هي أول منزل للآخرة، لأن الإنسان ينتقل من دار العمل إلى دار الجزاء. ولهذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في كتابه العقيدة الواسطية، وهو كتاب مختصر في عقيدة أهل السنة والجماعة، وهو كتاب من أحسن ما صنفه رحمه الله في هذا الباب، قال : " ومما يدخل في الإيمان باليوم الآخر الايمان بكل ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم مما يكون بعد الموت ".
أخيرا أيها الإخوة: ينبغي للإنسان أن يقرأ هذه السورة سورة ق بتأمل ونظر، ويراجع كلام أهل العلم عليها، حتى يستفيد منها، لأنها كفى بها واعظا، ولهذا كان الرسول عليه الصلاة والسلام يقرأ بها يوم الجمعة يخطب الناس بها لما فيها من المواعظ العظيمة.
ونقتصر على هذا من التعليق على ما سمعناه من قراءة أئمتنا وفقهم الله.
ما أعظم هذه البشارة (( ادخلوها بسلام ))، سلام يصحبكم أبد الآبدين، سلام من المرض، ومن الموت، ومن الجوع، ومن العطش، ومن الهم، ومن الغم، ومن كل المكدرات والمنغصات. (( ذلك يوم الخلود )).
وتأمل يا أخي قول الله عز وجل : (( لكل أواب حفيظ ))، من هو الأواب؟ الأواب هو الرجاع إلى الله عز وجل، الذي لا يبعد ولا يشطح، إن فعل معصية ذكر ربه فاستغفر لذنبه، وإن أخل بواجب ذكر ربه فقام بهذا الواجب، أواب إلى الله، رجاع إليه، حفيظ، حافظ لنفسه من كل شيء يكون به غضب الله عز وجل.
قال : (( من خشي الرحمن بالغيب )) خشيه أي: خافه عن علم، لأن الخشية ليست هي الخوف فقط، بل هي خوف ناتج عن علم، كما قال الله تعالى : (( إنما يخشى الله من عباده العلماء )) فهو يخشى ربه لأنه يعلم كمال الله عز وجل بأسمائه وصفاته، وعنده من صفات الله العظيمة ما ليس عند غيره، فهو عارف بالله سبحانه وتعالى، خائف من عقابه، خائف من ذلك اليوم الذي تقدم الحديث عنه.
وقوله : (( بالغيب )) يحتمل أن تكون حالا من الرحمن، ويحتمل أن تكون حالا من الخاشي للرحمان، والمعنييان لا يتنافيان.
يعني يحتمل أن يكون المعنى أنه خشي ربه والله تعالى غائب عنه، لكنه تيقنه بما علمه من صفاته وآياته.
ويحتمل أنه يخشى ربه وهو غائب عن الخلق، لأنه إنما يخشى الله لا يخشى عباد الله، ففيه كمال الإخلاص لله عز وجل، وكثير من الناس لا يخشون الله بالغيب، يخشون الله بالشهادة، إذا كان عندهم أحد خافوا، أو إذا كانوا عندهم أحد أقاموا الواجب وتركوا المحرم، وإذا لم يكن عندهم أحد لم يبالوا بالمخالفة.
نسمع أن بعض الناس والعياذ بالله لا يصلي إلا إذا كان عنده أحد، إن كان عنده أحد يصلي صلى، وإن كان ليس عنده أحد يصلي فإنه لا يصلي، فهل هذا الإنسان خشي الرحمان بالغيب؟ ما الجواب؟ لا.
نسمع أن بعض الناس يترك الغيبة إذا حضر مجلسه أحد من أهل العلم أو من أهل العبادة والتقوى، ولكن إذا حضره أحد من عامة الناس صار يغتاب الناس ويأكل لحومهم، نقول : هذا الرجل ليس ممن خشي الرحمن بالغيب، والعياذ بالله.
(( وجاء بقلب منيب )) جاء إلى أين؟ جاء إلى الآخرة، بقلب منيب إلى الله، مخبت إلى الله، مات على أحسن الأحوال، وذلك لأن الإنسان إذا مات انتقل إلى الآخرة، إذ أن دار العمل انتهت، ولهذا يقال : من مات فقد قامت قيامته، انتهى، فالقبور هي أول منزل للآخرة، لأن الإنسان ينتقل من دار العمل إلى دار الجزاء. ولهذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في كتابه العقيدة الواسطية، وهو كتاب مختصر في عقيدة أهل السنة والجماعة، وهو كتاب من أحسن ما صنفه رحمه الله في هذا الباب، قال : " ومما يدخل في الإيمان باليوم الآخر الايمان بكل ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم مما يكون بعد الموت ".
أخيرا أيها الإخوة: ينبغي للإنسان أن يقرأ هذه السورة سورة ق بتأمل ونظر، ويراجع كلام أهل العلم عليها، حتى يستفيد منها، لأنها كفى بها واعظا، ولهذا كان الرسول عليه الصلاة والسلام يقرأ بها يوم الجمعة يخطب الناس بها لما فيها من المواعظ العظيمة.
ونقتصر على هذا من التعليق على ما سمعناه من قراءة أئمتنا وفقهم الله.
تتمة شرح حديث عبد الله بن مسعود مع المناقشة وما يتعلق بالجنين في كل طور.
الشيخ : لننتقل إلى الدرس درس الحديث، وكنا نتكلم عن حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، وهو ما حدث به رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق حيث قال : ( إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما نطفة، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يبعث إليه الملك فينفخ فيه الروح، ويأمر بأربع كلمات : بكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أم سعيد ).
وتكلمنا البارحة تكلمنا عن أحكام الحمل، وقلنا إن للحمل أحكاما تختلف منذ أن كان نطفة إلى أن يخرج مستهلا حيا حياة مستقرة.
وذكرنا من أحكام الحمل إذا كان نطفة؟ الإجابة عندكم؟ تفضل.
الطالب : قال العلماء : لا يلزمه حرج ولا إثم إذا أسقط لأنه لم يتيقن أنه سينشأ ... وسيكون إنسانا هذا. ما زال نطفة قد تفسد وقد تصلح.
الشيخ : يعني جواز إسقاطه.
الطالب : جواز إسقاطه.
الشيخ : طيب، وهل إسقاطه وعدمه سواء؟ أو الأفضل أن لا يسقط؟
الطالب : الأولى أن لا يسقط.
الشيخ : الأولى أن لا يسقط لكن إذا دعت الحاجة فلا بأس بذلك، طيب. هذا واحد. نعم.
الطالب : إذا نزل ... فإن المرأة لا يكون عليها يعني إذا خرج الدم لا يكون دم نفاس.
الشيخ : أنه إذا حملت المرأة فالغالب أن الحيض ينقطع، هل تحفظ كلاما لأحد الأئمة في هذا الباب أو في هذه المسألة؟ طيب، تفضل.
الطالب : يقول الإمام أحمد : أن عادة النساء في الحمل.
الشيخ : في الحمل انقطاع الحيض.
قال الإمام أحمد : " إنما تعرف النساء الحمل بانقطاع الحيض ".
أيضا يترتب عليه حكم مهم جدا. نعم.
الطالب : توصف بأنها حامل وهنا جاز طلاقها.
الشيخ : تمام. استرح.
جواز طلاق المرأة في هذه الحال حتى بعد الجماع، فإذا ثبت أنها حامل جاز لزوجها أن يطلقها على أي حال كان، حتى وإن كانت لم تغتسل من جماعه.
وتكلمنا البارحة تكلمنا عن أحكام الحمل، وقلنا إن للحمل أحكاما تختلف منذ أن كان نطفة إلى أن يخرج مستهلا حيا حياة مستقرة.
وذكرنا من أحكام الحمل إذا كان نطفة؟ الإجابة عندكم؟ تفضل.
الطالب : قال العلماء : لا يلزمه حرج ولا إثم إذا أسقط لأنه لم يتيقن أنه سينشأ ... وسيكون إنسانا هذا. ما زال نطفة قد تفسد وقد تصلح.
الشيخ : يعني جواز إسقاطه.
الطالب : جواز إسقاطه.
الشيخ : طيب، وهل إسقاطه وعدمه سواء؟ أو الأفضل أن لا يسقط؟
الطالب : الأولى أن لا يسقط.
الشيخ : الأولى أن لا يسقط لكن إذا دعت الحاجة فلا بأس بذلك، طيب. هذا واحد. نعم.
الطالب : إذا نزل ... فإن المرأة لا يكون عليها يعني إذا خرج الدم لا يكون دم نفاس.
الشيخ : أنه إذا حملت المرأة فالغالب أن الحيض ينقطع، هل تحفظ كلاما لأحد الأئمة في هذا الباب أو في هذه المسألة؟ طيب، تفضل.
الطالب : يقول الإمام أحمد : أن عادة النساء في الحمل.
الشيخ : في الحمل انقطاع الحيض.
قال الإمام أحمد : " إنما تعرف النساء الحمل بانقطاع الحيض ".
أيضا يترتب عليه حكم مهم جدا. نعم.
الطالب : توصف بأنها حامل وهنا جاز طلاقها.
الشيخ : تمام. استرح.
جواز طلاق المرأة في هذه الحال حتى بعد الجماع، فإذا ثبت أنها حامل جاز لزوجها أن يطلقها على أي حال كان، حتى وإن كانت لم تغتسل من جماعه.
هل طلاق الحامل يقع مع الدليل.
الشيخ : وهنا سؤال، هل طلاق الحامل واقع؟
الطالب : نعم.
الشيخ : ما الدليل؟
الطالب : (( وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن )).
الشيخ : تمام، استرح.
طلاق الحامل يقع، خلافا لما يظنه بعض الناس أن طلاق الحامل لا يقع، لأن الله قال : (( يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن )) ثم قال : (( وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن )).
إذن فالحامل تطلق، وعدتها بوضع الحمل.
ما تقول؟ للي وراء، أنت قف حتى أعطيك السؤال.
الطالب : نعم.
الشيخ : ما الدليل؟
الطالب : (( وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن )).
الشيخ : تمام، استرح.
طلاق الحامل يقع، خلافا لما يظنه بعض الناس أن طلاق الحامل لا يقع، لأن الله قال : (( يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن )) ثم قال : (( وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن )).
إذن فالحامل تطلق، وعدتها بوضع الحمل.
ما تقول؟ للي وراء، أنت قف حتى أعطيك السؤال.
ما هي عدة المطلقة.
الشيخ : ما تقول في امرأة حامل طلقها زوجها، ثم وضعت الحمل بعد الطلاق بربع ساعة؟
الطالب : انتهت العدة.
الشيخ : تنتهي العدة أو لا؟
الطالب : تنتهي العدة.
الشيخ : طيب، ما دليلك؟
الطالب : (( وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن )).
الشيخ : (( أن يضعن حملهن ))، وكذلك لو مات زوجها وهي حامل ثم وضعت بعد موته بربع ساعة مثلا فإنها تنتهي العدة وينتهي الإحداد وكل شيء. طيب. استرح.
الطالب : انتهت العدة.
الشيخ : تنتهي العدة أو لا؟
الطالب : تنتهي العدة.
الشيخ : طيب، ما دليلك؟
الطالب : (( وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن )).
الشيخ : (( أن يضعن حملهن ))، وكذلك لو مات زوجها وهي حامل ثم وضعت بعد موته بربع ساعة مثلا فإنها تنتهي العدة وينتهي الإحداد وكل شيء. طيب. استرح.
الأحكام المترتبة على كون الجنين نطفة ثم علقة من حيث الإسقاط.
الشيخ : يترتب أيضا على كون الحمل نطفة أحكام، من يعرف شيئا منها؟ تفضل.
الطالب : ... إذا كانت غير مخلقة.
الشيخ : لا، ما هي مضغة، إذا كان علقة.
الطالب : علقة ...
الشيخ : لا، يترتب عليه إذا كان علقة.
الطالب : لا يجوز إسقاطه إذا كان علقة.
الشيخ : صح. استرح.
إذا كان علقة فقد قال العلماء - علماء الحنابلة خاصة - إنه لا يجوز إسقاطه بخلاف ما إذا كان نطفة فإنه يجوز، لكن كما قلت الأفضل أن لا يفعل إلا للحاجة، أما إذا كان علقة فإنه لا يجوز إسقاطه.
الطالب : ... إذا كانت غير مخلقة.
الشيخ : لا، ما هي مضغة، إذا كان علقة.
الطالب : علقة ...
الشيخ : لا، يترتب عليه إذا كان علقة.
الطالب : لا يجوز إسقاطه إذا كان علقة.
الشيخ : صح. استرح.
إذا كان علقة فقد قال العلماء - علماء الحنابلة خاصة - إنه لا يجوز إسقاطه بخلاف ما إذا كان نطفة فإنه يجوز، لكن كما قلت الأفضل أن لا يفعل إلا للحاجة، أما إذا كان علقة فإنه لا يجوز إسقاطه.
الأحكام المترتبة على كون الجنين مضغة.
الشيخ : إذا كان مضغة يترتب عليه أحكام أيضا؟ نعم.
الطالب : ... .
الشيخ : لا، ما في تفصيل؟ لا نقبل الإشارة بالإصبع . تفضل.
الطالب : إذا كان مضغة مخلقة.
الشيخ : أنه إذا كان مضغة مخلقة.
الطالب : يكون له.
الشيخ : يترتب عليه أحكام منها :
الطالب : أن يغسله.
الشيخ : انقضاء العدة، هذه أهم شي.
لو وضعت المرأة حملا لم يبلغ أن يكون مضغة فإنها لا تنقضي عدتها، بل لا بد أن يكون مضغة وقد تبين فيه خلق الإنسان، أي: مضغة مخلقة، فلو وضعت علقة أو وضعت مضغة غير مخلقة فإنها لا تنقضي العدة، وحينئذ تعود إلى الاعتداد بالحيض، إن كانت عدتها بالحيض، أو بالأشهر إن كان عدتها بالأشهر.
الطالب : ... .
الشيخ : لا، ما في تفصيل؟ لا نقبل الإشارة بالإصبع . تفضل.
الطالب : إذا كان مضغة مخلقة.
الشيخ : أنه إذا كان مضغة مخلقة.
الطالب : يكون له.
الشيخ : يترتب عليه أحكام منها :
الطالب : أن يغسله.
الشيخ : انقضاء العدة، هذه أهم شي.
لو وضعت المرأة حملا لم يبلغ أن يكون مضغة فإنها لا تنقضي عدتها، بل لا بد أن يكون مضغة وقد تبين فيه خلق الإنسان، أي: مضغة مخلقة، فلو وضعت علقة أو وضعت مضغة غير مخلقة فإنها لا تنقضي العدة، وحينئذ تعود إلى الاعتداد بالحيض، إن كانت عدتها بالحيض، أو بالأشهر إن كان عدتها بالأشهر.
الأحكام المترتبة على كون الجنين نفخ فيه الروح.
الشيخ : يترتب على نفخ الروح فيه أحكام؟ نعم، تفضل.
الطالب : لا يجوز إسقاطه.
الشيخ : طيب، تحريم إسقاطه على كل حال. طيب هذا واحد، استرح، نعم.
الطالب : ... .
الشيخ : لا، استرح، نعم يا.
الطالب : أنه يكون إنسانا.
الشيخ : أنه يكون إنسانا، وماذا يترتب على كونه إنسانا؟ أنه إذا سقط ميتا يغسل ويكفن ويصلى عليه ويدفن في المقابر مع المسلمين إذا كان أبواه مسلمين أو أحدهما، هذا واحد، نعم. قائما.
الطالب : يسمى.
الشيخ : يسمى؟ طيب. ماذا نسميه باسم ذكر أو اسم أنثى؟
الطالب : إن كان ذكرا يسمى باسم ذكر.
الشيخ : مخلق. نفخت فيه الروح الآن.
الطالب : إذا تبين أنه ذكر يسمى على اسم ذكر وإذا تبين أنه أنثى.
الشيخ : هو الآن تبين . ما تنفخ فيه الروح إلا وقد علم أنه ذكر أو أنثى.
الطالب : يسمى باسم صالح.
الشيخ : إذا كان ذكرا سمي باسم الذكور، وإن كان أنثى.
الطالب : ... .
الشيخ : إذا كان خنثى ؟
الطالب : يسمى باسم صالح.
الشيخ : باسم صالح لهما، مثل؟ مثل هبة الله، طيب، أحسنت.
الطالب : لا يجوز إسقاطه.
الشيخ : طيب، تحريم إسقاطه على كل حال. طيب هذا واحد، استرح، نعم.
الطالب : ... .
الشيخ : لا، استرح، نعم يا.
الطالب : أنه يكون إنسانا.
الشيخ : أنه يكون إنسانا، وماذا يترتب على كونه إنسانا؟ أنه إذا سقط ميتا يغسل ويكفن ويصلى عليه ويدفن في المقابر مع المسلمين إذا كان أبواه مسلمين أو أحدهما، هذا واحد، نعم. قائما.
الطالب : يسمى.
الشيخ : يسمى؟ طيب. ماذا نسميه باسم ذكر أو اسم أنثى؟
الطالب : إن كان ذكرا يسمى باسم ذكر.
الشيخ : مخلق. نفخت فيه الروح الآن.
الطالب : إذا تبين أنه ذكر يسمى على اسم ذكر وإذا تبين أنه أنثى.
الشيخ : هو الآن تبين . ما تنفخ فيه الروح إلا وقد علم أنه ذكر أو أنثى.
الطالب : يسمى باسم صالح.
الشيخ : إذا كان ذكرا سمي باسم الذكور، وإن كان أنثى.
الطالب : ... .
الشيخ : إذا كان خنثى ؟
الطالب : يسمى باسم صالح.
الشيخ : باسم صالح لهما، مثل؟ مثل هبة الله، طيب، أحسنت.
يترتب على خروجه حيا ومستهلا أحكام .
الشيخ : يترتب على خروجه حيا أحكام؟
الطالب : ... .
الشيخ : لا.
الطالب : الإرث.
الشيخ : الإرث.
أنه إذا خرج حيا واستهل صارخا فإنه يرث ولو مات في الحال، طيب، واضح؟
فإن خرج ميتا فإنه لا يرث حتى وإن كان يغسل ويكفن ويصلى عليه لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إذا استهل المولود صارخا ورث ).
الطالب : ... .
الشيخ : لا.
الطالب : الإرث.
الشيخ : الإرث.
أنه إذا خرج حيا واستهل صارخا فإنه يرث ولو مات في الحال، طيب، واضح؟
فإن خرج ميتا فإنه لا يرث حتى وإن كان يغسل ويكفن ويصلى عليه لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إذا استهل المولود صارخا ورث ).
كم طورا للإنسان منذ خلق الله آدم .
الشيخ : كم طورا للإنسان منذ خلق آدم؟ كم طورا صار له منذ خلق آدم؟ نعم.
الطالب : خمسىة أطوار.
الشيخ : خمسة أطوار؟
الطالب : الطور الأول خلق أبينا آدم من الطين، خلق آدم الأول ونفخ فيه الروح، ثم أربع يختص بها كل إنسان، واحد ينفرد به آدم، وأربعة لكل إنسان.
الشيخ : استرح. استرح. أنا ما بينتها لكم البارحة، لكن نقرأ القرآن (( ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين )) هذه واحدة، (( ثم جعلناه نطفة في قرار مكين ))، (( ثم خلقنا النطفة علقة ))، (( فخلقنا العلقة مضغة ))، (( فخلقنا المضغة عظاما )) (( فكسونا العظام لحما )) (( ثم أنشأناه خلقا آخر ))، كم صارت الأطوار؟
سبعة، الأطوار التي ذكرت في هذه الآية سبعة أطوار، ولهذا قال ابن عباس : ( إن الله خلق الإنسان على سبعة أطوار )، ومراده منذ آدم إلى أن يخرج.
الطالب : خمسىة أطوار.
الشيخ : خمسة أطوار؟
الطالب : الطور الأول خلق أبينا آدم من الطين، خلق آدم الأول ونفخ فيه الروح، ثم أربع يختص بها كل إنسان، واحد ينفرد به آدم، وأربعة لكل إنسان.
الشيخ : استرح. استرح. أنا ما بينتها لكم البارحة، لكن نقرأ القرآن (( ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين )) هذه واحدة، (( ثم جعلناه نطفة في قرار مكين ))، (( ثم خلقنا النطفة علقة ))، (( فخلقنا العلقة مضغة ))، (( فخلقنا المضغة عظاما )) (( فكسونا العظام لحما )) (( ثم أنشأناه خلقا آخر ))، كم صارت الأطوار؟
سبعة، الأطوار التي ذكرت في هذه الآية سبعة أطوار، ولهذا قال ابن عباس : ( إن الله خلق الإنسان على سبعة أطوار )، ومراده منذ آدم إلى أن يخرج.
معنى قوله صلى الله عليه وسلم :" من أحب أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أثره فليصل رحمه ".
الشيخ : تكلمنا على حديث ابن مسعود رضي الله عنه إلى قوله: ( فأمر بأربع كلمات : بكتب رزقه، وأجله، وعمله، وشقي أو سعيد ).
وأوردنا على الرزق إشكالا، ثم حاولنا حله، والإشكال هو قول النبي عليه الصلاة والسلام : ( من أحب أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أثره فليصل رحمه ).
وقلنا هل معنى ذلك أن الأجل يتمدد، أم ماذا؟
فقلنا : لا، الأجل محدد، والإنسان الذي كتب له أن يموت في مدة معينة لا يتعداها ولا ينقص عنها، لكن إذا كان هذا الرجل قد وصل رحمه فقد كتب في الأصل ايش؟ أنه واصل وأن أجله ممدود.
إذن ما الفائدة من قول الرسول : ( من أحب )، قلنا الفائدة هو : حث الناس على صلة الرحم، لأجل أن يكتب له هذا، كغيره من الأسباب التي تترتب عليها مسبباتها فتذكر للإنسان من أجل أن يقوم بها حتى يحصل له النتيجة والثمرة.
وأوردنا على الرزق إشكالا، ثم حاولنا حله، والإشكال هو قول النبي عليه الصلاة والسلام : ( من أحب أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أثره فليصل رحمه ).
وقلنا هل معنى ذلك أن الأجل يتمدد، أم ماذا؟
فقلنا : لا، الأجل محدد، والإنسان الذي كتب له أن يموت في مدة معينة لا يتعداها ولا ينقص عنها، لكن إذا كان هذا الرجل قد وصل رحمه فقد كتب في الأصل ايش؟ أنه واصل وأن أجله ممدود.
إذن ما الفائدة من قول الرسول : ( من أحب )، قلنا الفائدة هو : حث الناس على صلة الرحم، لأجل أن يكتب له هذا، كغيره من الأسباب التي تترتب عليها مسبباتها فتذكر للإنسان من أجل أن يقوم بها حتى يحصل له النتيجة والثمرة.
14 - معنى قوله صلى الله عليه وسلم :" من أحب أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أثره فليصل رحمه ". أستمع حفظ
الأعمال التي تكتب للجنين بعد نفخ الروح فيه.
الشيخ : طيب يكتب له أيضا، يكتب عمل الجنين، أي الأعمال، الصالح أو السيئ؟ الصالح والسيء، لأن كلمة (عمل) مفرد مضاف، والمفرد المضاف يكون للعموم، والدليل على هذا قوله تعالى : (( وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا )). فنعمة الله مفرد، ولما قال : (( لا تحصوها )) علم أن هذا المفرد يعم الجمع، فكل مفرد مضاف فإنه يفيد العموم.
طيب عمل الإنسان من خير وشر مكتوب وهو في بطن أمه، وهل كتب قبل ذلك؟ نعم، كتب قبل ذلك، كتب قبل أن تخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة، ولهذا سئل النبي صلى الله عليه وسلم عما نعمله في هذه الدنيا من أعمال دنيا وأخرى، هل هو شيء مستأنف أو شيء قد فرغ منه؟ فأخبر صلى الله عليه وسلم ( أنه قد فرغ منه )، وقال عليه الصلاة والسلام : ( ما منكم من أحد إلا وقد كتب مقعده من الجنة ومقعده من النار ).
قالوا: يا رسول الله، أفلا ندع العمل ونتكل على الكتاب الأول؟ قال : (لا، اعملوا فكل ميسر لما خلق له ).
إذن عملك مكتوب.
طيب عمل الإنسان من خير وشر مكتوب وهو في بطن أمه، وهل كتب قبل ذلك؟ نعم، كتب قبل ذلك، كتب قبل أن تخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة، ولهذا سئل النبي صلى الله عليه وسلم عما نعمله في هذه الدنيا من أعمال دنيا وأخرى، هل هو شيء مستأنف أو شيء قد فرغ منه؟ فأخبر صلى الله عليه وسلم ( أنه قد فرغ منه )، وقال عليه الصلاة والسلام : ( ما منكم من أحد إلا وقد كتب مقعده من الجنة ومقعده من النار ).
قالوا: يا رسول الله، أفلا ندع العمل ونتكل على الكتاب الأول؟ قال : (لا، اعملوا فكل ميسر لما خلق له ).
إذن عملك مكتوب.
إبطال الله حجة من احتج بالقدر على شركه.
الشيخ : ولكن أسألك هل تعلم ماذا كتب لك من العمل؟ وش تقولون؟
الطلاب : لا.
الشيخ : لا، لا ندري ماذا كتب لنا من العمل، بل لا ندري ماذا يكون لنا في الغد (( وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا )).
فإذا كنت لا تعلم فإنه يبطل احتجاجك بالقدر، ولهذا أبطل الله سبحانه وتعالى حجة الذين يحتجون على شركهم بالقدر، فقال سبحانه وتعالى : (( سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ لَوْ شَاء اللّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلاَ آبَاؤُنَا وَلاَ حَرَّمْنَا مِن شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم حَتَّى ذَاقُواْ بَأْسَنَا ))
ووجه إبطال هذه الحجة قوله : (( حتى ذاقوا بأسنا ))، ولو كان لهم حجة في ذلك ما أذاقهم الله بأسه.
المهم أنك إذا كنت لا تدري ماذا كتب لك فلا احتجاج لك بالقدر، ولهذا أنت لا تدري ماذا كتب لك من الرزق، أليس كذلك؟ وهل تسعى لطلب الرزق؟ نعم تسعى لطلب الرزق، تضرب الأرض شرقا وغربا وجنوبا وشمالا لأجل أن تحصل على الرزق، إذن العمل كالرزق تماما مجهول لك، ولكن يجب عليك كما تسعى للرزق أن تسعى كذلك للعمل، وأن تقوم بطاعة الله عز وجل.
الطلاب : لا.
الشيخ : لا، لا ندري ماذا كتب لنا من العمل، بل لا ندري ماذا يكون لنا في الغد (( وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا )).
فإذا كنت لا تعلم فإنه يبطل احتجاجك بالقدر، ولهذا أبطل الله سبحانه وتعالى حجة الذين يحتجون على شركهم بالقدر، فقال سبحانه وتعالى : (( سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ لَوْ شَاء اللّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلاَ آبَاؤُنَا وَلاَ حَرَّمْنَا مِن شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم حَتَّى ذَاقُواْ بَأْسَنَا ))
ووجه إبطال هذه الحجة قوله : (( حتى ذاقوا بأسنا ))، ولو كان لهم حجة في ذلك ما أذاقهم الله بأسه.
المهم أنك إذا كنت لا تدري ماذا كتب لك فلا احتجاج لك بالقدر، ولهذا أنت لا تدري ماذا كتب لك من الرزق، أليس كذلك؟ وهل تسعى لطلب الرزق؟ نعم تسعى لطلب الرزق، تضرب الأرض شرقا وغربا وجنوبا وشمالا لأجل أن تحصل على الرزق، إذن العمل كالرزق تماما مجهول لك، ولكن يجب عليك كما تسعى للرزق أن تسعى كذلك للعمل، وأن تقوم بطاعة الله عز وجل.
لا يجوز الاحتجاج بالقدر على المعاصي.
الشيخ : ولا احتجاج لك بالقدر على معصية الله أبدا.
نحن نشاهد بعض الناس تأمره بالطاعة، ثم يجيبك ببرودة يقول: عسى الله يهديني، كلمة حق أريد بها باطل، كلمة حق، لأن كل إنسان إذا سأل الهداية فهو محق، لكنه أراد بها دفع اللوم عن نفسه.
يعني لا تقلي شيء ، هذا من الله، عسى الله يهديني.
لو كان صادقاً في طلب الهداية لجد في الهداية وعمل لها.
لو أننا رأينا شخصا يقول: والله إني أحب أن الله يرزقني ولدا صالحا، ماذا نقول له؟ تزوج، ولا يمكن أن يأتيك بدون زواج.
هذا الذي يقول عسى الله يهديني نقول : التفت إلى ربك، اتجه إلى الله، وأنت إذا اتجهت إلى الله فثق أن ما يأتيك من الله عز وجل أكثر من عملك.
استمع إلى قول الله في الحديث القدسي : ( من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، ولئن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه ).
شوف الآن ماذا يعطيك الله سبحانه وتعالى إذا تقربت إليه، يكون سمعك، وبصرك، ويدك ورجلك، أي يسددك في جميع أعمالك، فيما تدركه بالبصر، وما تدركه بالسمع، وما تدركه باليد، وما تدركه بالرجل، يسددك غاية التسديد. وإذا سألت الله ايش؟ أعطاك، وإذا استعذته؟ أعاذك.
وثبت عنه صلى الله عليه وسلم : ( أنه أخبر عن ربه تبارك وتعالى: أن من تقرب إلى الله شبراً تقرب الله إليه ذراعاً، ومن تقرب إليه ذراعاً تقرب إليه باعاً، ومن أتى الله يمشي، أتاه الله هرولة ).
إذن أقبل على ربك تجد أن ما يحصل لك نتيجة هذا الإقبال أكثر بكثير من عملك، وجرب تجد. أما أن تقول: عسى الله أن يهديني وأنت معرض عن الله، فهذا أشبه ما يكون بالاستهزاء بالله عز وجل.
لو قال قائل : إذا كان العمل مكتوبا؟ فلا فائدة من العمل؟ من أن أتحرك؟ لأنه إن كان قد كتب لي عمل صالح فسيكون، وإن كان قد كتب لي عمل سيء فسيكون، فما جوابنا على هذا؟ جوابنا على هذا حصل بكلام الرسول عليه الصلاة والسلام، ماذا قال؟ قال : ( اعملوا فكل ميسر لما خلق له ).
نقول: اعمل، اترك المكتوب وغير المكتوب، اعمل، جاءتك الرسل، ونزلت الكتب، وبيِّن الخير، وبين الشر، ورغب في الخير، وحذر من الشر، وأوتيت عقلاً، فما عليك إلا أن تقوم بما يقتضيه ذلك العقل من اتباع ما جاءت به الرسل.
ولهذا قال : ( اعملوا فكل ميسر لما خلق له )، ثم تلا صلى الله عليه وسلم قوله تعالى : (( فَأَمَّا مَن أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَى وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى )).
ولهذا نجد هؤلاء الكسالى وهؤلاء المعتدون لا يرضون أن يحتج عليهم أحد بالقدر إذا ضربهم أو أخذ مالهم.
لو لاقيت شخصا ومعه مال، فضربته وأخذت ماله، فحاجك، فقلت له : والله يا أخي هذا قضاء وقدر، هل أحد يقبل هذا أو لا؟ أبدا، حتى هذا المحتج بالقدر لو جاءه واحد وضربه وأخذ ماله، قال : والله هذا قضاء وقدر، أنا والله مابيدي حيلة، الله قضى وقدر إني أضربك وآخذ مالك، يرضى بهذا أو ما يرضى؟ ما يرضى، ولهذا لو احتججنا بالقدر لأبطلنا للشرع.
الزاني إذا زنى يقول هذا قضاء وقدر، لا تلومونني، السارق يقول هذا قضاء وقدر لا تلومونني، شارب الخمر يقول هذا قضاء وقدر لاتلومونني.
لو أننا قبلنا الاحتجاج بالقدر لفسد الشرع، بل لفسدت الأرض.
ولهذا يذكر أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه جيء إليه بسارق فأمر بقطع يده، فقال : ( مهلاً يا أمير المؤمنين، والله ما سرقت إلا بقضاء الله وقدره، فقال عمر: ونحن لا نقطع يدك إلا بقضاء الله وقدره )، فاحتج عليه عمر بما احتج به هو على عمله السيء.
المهم أنه لا احتجاج بالقدر على معصية الله أبدا.
نحن نشاهد بعض الناس تأمره بالطاعة، ثم يجيبك ببرودة يقول: عسى الله يهديني، كلمة حق أريد بها باطل، كلمة حق، لأن كل إنسان إذا سأل الهداية فهو محق، لكنه أراد بها دفع اللوم عن نفسه.
يعني لا تقلي شيء ، هذا من الله، عسى الله يهديني.
لو كان صادقاً في طلب الهداية لجد في الهداية وعمل لها.
لو أننا رأينا شخصا يقول: والله إني أحب أن الله يرزقني ولدا صالحا، ماذا نقول له؟ تزوج، ولا يمكن أن يأتيك بدون زواج.
هذا الذي يقول عسى الله يهديني نقول : التفت إلى ربك، اتجه إلى الله، وأنت إذا اتجهت إلى الله فثق أن ما يأتيك من الله عز وجل أكثر من عملك.
استمع إلى قول الله في الحديث القدسي : ( من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، ولئن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه ).
شوف الآن ماذا يعطيك الله سبحانه وتعالى إذا تقربت إليه، يكون سمعك، وبصرك، ويدك ورجلك، أي يسددك في جميع أعمالك، فيما تدركه بالبصر، وما تدركه بالسمع، وما تدركه باليد، وما تدركه بالرجل، يسددك غاية التسديد. وإذا سألت الله ايش؟ أعطاك، وإذا استعذته؟ أعاذك.
وثبت عنه صلى الله عليه وسلم : ( أنه أخبر عن ربه تبارك وتعالى: أن من تقرب إلى الله شبراً تقرب الله إليه ذراعاً، ومن تقرب إليه ذراعاً تقرب إليه باعاً، ومن أتى الله يمشي، أتاه الله هرولة ).
إذن أقبل على ربك تجد أن ما يحصل لك نتيجة هذا الإقبال أكثر بكثير من عملك، وجرب تجد. أما أن تقول: عسى الله أن يهديني وأنت معرض عن الله، فهذا أشبه ما يكون بالاستهزاء بالله عز وجل.
لو قال قائل : إذا كان العمل مكتوبا؟ فلا فائدة من العمل؟ من أن أتحرك؟ لأنه إن كان قد كتب لي عمل صالح فسيكون، وإن كان قد كتب لي عمل سيء فسيكون، فما جوابنا على هذا؟ جوابنا على هذا حصل بكلام الرسول عليه الصلاة والسلام، ماذا قال؟ قال : ( اعملوا فكل ميسر لما خلق له ).
نقول: اعمل، اترك المكتوب وغير المكتوب، اعمل، جاءتك الرسل، ونزلت الكتب، وبيِّن الخير، وبين الشر، ورغب في الخير، وحذر من الشر، وأوتيت عقلاً، فما عليك إلا أن تقوم بما يقتضيه ذلك العقل من اتباع ما جاءت به الرسل.
ولهذا قال : ( اعملوا فكل ميسر لما خلق له )، ثم تلا صلى الله عليه وسلم قوله تعالى : (( فَأَمَّا مَن أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَى وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى )).
ولهذا نجد هؤلاء الكسالى وهؤلاء المعتدون لا يرضون أن يحتج عليهم أحد بالقدر إذا ضربهم أو أخذ مالهم.
لو لاقيت شخصا ومعه مال، فضربته وأخذت ماله، فحاجك، فقلت له : والله يا أخي هذا قضاء وقدر، هل أحد يقبل هذا أو لا؟ أبدا، حتى هذا المحتج بالقدر لو جاءه واحد وضربه وأخذ ماله، قال : والله هذا قضاء وقدر، أنا والله مابيدي حيلة، الله قضى وقدر إني أضربك وآخذ مالك، يرضى بهذا أو ما يرضى؟ ما يرضى، ولهذا لو احتججنا بالقدر لأبطلنا للشرع.
الزاني إذا زنى يقول هذا قضاء وقدر، لا تلومونني، السارق يقول هذا قضاء وقدر لا تلومونني، شارب الخمر يقول هذا قضاء وقدر لاتلومونني.
لو أننا قبلنا الاحتجاج بالقدر لفسد الشرع، بل لفسدت الأرض.
ولهذا يذكر أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه جيء إليه بسارق فأمر بقطع يده، فقال : ( مهلاً يا أمير المؤمنين، والله ما سرقت إلا بقضاء الله وقدره، فقال عمر: ونحن لا نقطع يدك إلا بقضاء الله وقدره )، فاحتج عليه عمر بما احتج به هو على عمله السيء.
المهم أنه لا احتجاج بالقدر على معصية الله أبدا.
الرد على استدلال من احتج بالقدر على المعاصي بحديث محاجة آدم لموسى عليهما الصلاة والسلام.
الشيخ : فإن قال قائل : إن نفيكم هذا معارض بما جاءت به السنة من الاحتجاج بالقدر؟ أي: أننا وجدنا الاحتجاج بالقدر في كلام الرسول عليه الصلاة والسلام أو في سنة الرسول صلى الله عليه وسلم؟
أولا : أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن محاجة وقعت بين آدم وموسى، قال موسى لآدم : ( خيبتنا، أخرجتنا ونفسك من الجنة ) بعد أن ذكره بنعمة الله عليه، وقال : ( أنت آدم أبو البشر، خلقك الله بيده، وأسجد لك ملائكته، وعلمك أسماء كل شيء، فخيبتنا وأخرجتنا ونفسك من الجنة ) فقال له آدم : ( أتلومني على شيء كتبه الله علي قبل أن أخلق ).
قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( فحج آدم موسى ).
أولا : أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن محاجة وقعت بين آدم وموسى، قال موسى لآدم : ( خيبتنا، أخرجتنا ونفسك من الجنة ) بعد أن ذكره بنعمة الله عليه، وقال : ( أنت آدم أبو البشر، خلقك الله بيده، وأسجد لك ملائكته، وعلمك أسماء كل شيء، فخيبتنا وأخرجتنا ونفسك من الجنة ) فقال له آدم : ( أتلومني على شيء كتبه الله علي قبل أن أخلق ).
قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( فحج آدم موسى ).
اضيفت في - 2006-04-10